الكتاب: تفسير العز بن عبد السلام
المؤلف: الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي
الجزء: ٢
الوفاة: ٦٦٠
المجموعة: مصادر التفسير عند السنة
تحقيق: الدكتور عبد الله بن إبراهيم الوهبي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٦ / ١٩٩٦م
المطبعة: بيروت - دار ابن حزم
الناشر: دار ابن حزم
ردمك:
ملاحظات:

سورة التوبة
سورة التوبة مدنية اتفاقا، أو إلا آيتين في آخرها، 8 (لقد جاءكم) 8 [128، 129]، نزلتا بمكة، وكانت تسمى على عهد الرسول [صلى الله عليه وسلم] الفاضحة ' ع '، وسورة البحوث لبحثها عن أسرار المنافقين وفضحها لهم، وسميت في عهده وبعده المبعثرة لما كشفت من السرائر. وتركت البسملة في أولها، لأنها مع الأنفال كسورة واحدة الأنفال في العهود وبراءة في رفع العهود، وكانتا تدعيان القرينتين، أو البسملة أمان، وبراءة نزلت برفع الأمان. ونزلت سنة تسع / فأنزلها [69 / أ] الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع علي - رضي الله تعالى عنه - وكان أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - صاحب الموسم فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يبلغ عني إلا رجل مني '، أو
5

أنفذه بعشر آيات من أولها، أو بتسع تقرأ في الموسم، فقرأها علي - رضي الله تعالى عنه - يوم النحر على جمرة العقبة. * (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين) *
1 - * (براءة من الله ورسوله) * انقطاع للعصمة منهما، أو انقضاء عهدهما.
2 - * (فسيحوا) * أمان * (في الأرض) * تصرفوا كيف شئتم، أو سافروا حيث أردتم، والسياحة: السير على مهل، أو البعد على وجل. * (أربعة أشهر) * أمان لمن له عهد مطلق، أو أقل من الأربعة، ومن لا أمان له فهو حرب، أو من كان له عهد أكثر من الأربعة حط إليها، ومن كان دونها رفع إليها ومن لا عهد له فله أمان خمسين ليلة من يوم النحر إلى سلخ المحرم لقوله تعالى - * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) * ' ع '، أو الأربعة لجميع الكفار من كان له عهد، أو لم يكن، أو هي أمان لمن لا عهد له ومن له عهد فأمانه إلى مدة عهده. وأول المدة يوم الحج الأكبر يوم النحر إلى انقضاء العاشر من ربيع الآخر، أو شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، أو أولها يوم العشرين من ذي القعدة وآخرها يوم العشرين من ربيع الأول لأن الحج وقع تلك السنة في ذلك اليوم من ذي القعدة لأجل النسئ وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد أقره حتى نزل تحريم النسئ، فقال ' ألا إن الزمان قد استدار '.
6

* (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برىء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين) *
3 - * (وأذان) * قصص، أونداء بالأمن يسمع بالأذن، أو إعلام عند الكافة. * (يوم الحج الأكبر) * يوم عرفة خطب فيه الرسول [صلى الله عليه وسلم] وقال: ' هذا يوم الحج الأكبر '، أو يوم النحر، وهو مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو أيام الحج كلها كيوم صفين ويوم الجمل عبر باليوم عن الأيام * (الأكبر) * القران والأصغر الإفراد، أو الأكبر الحج والأصغر العمرة، أو سمي به لأنه اجتمع فيه حج
7

المسلمين والمشركين ووافق عيد اليهود والنصارى، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -. * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) *
5 - * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) * رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم عند الجمهور، أو أشهر السياحة عشرون من ذي الحجة إلى العشر من ربيع الآخر، قاله الحسن - رضي الله عنه * (وجدتموهم) * في حل أو حرم، أو في أشهر الحرم وغيرها. * (وخذوهم) * الواو بمعنى ' أو ' خذوهم أو تقديره: ' فخذوا المشركين حيث وجدتموهم واقتلوهم ' مقدم ومؤخر. * (واحصروهم) * بالاسترقاق، أو بالفداء. * (كل مرصد) * اطلبوهم في كل مكان، فالقتل إذا وجدوا والطلب إذا بعدوا، أو افعلوا بهم كل ما أرصده الله لهم من قتل أو استرقاق أو من، أو فداء. * (تابوا) * أسلموا * (وأقاموا الصلاة) * / أدوها، أو اعترفوا بها * (وآتوا الزكاة) * اعترفوا بها لا غير إذ لا يقتل تاركها لا بل تؤخذ منه قهرا. * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) *
6 - * (استجارك) * استعانك، أو استأمنك. * (كلام الله) * القرآن كله، أو براءة خاصة ليعرف ما فيها من أحكام العهد والسيرة مع الكفار. * (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين) *.
8

7 - * (الذين عاهدتم عند المسجد) * خزاعة، أو بنو ضمرة، أو قريش ' ع '، أو قوم من بكر بن كنانة. * (فما استقاموا) * دوموا على عهدهم ما داموا عليه. * (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون اشتروا بئايت الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون) *.
* (يظهروا) * يقووا عليكم بالظفر. * (لا يرقبوا) * لا يخافوا، أو لا يراعوا * (الآ) * عهدا أو قرابة، قال:
فأقسم إن إلك من قريش.
أو جوارا، أو يمينا، أو هو اسم لله عز وجل. * (ذمة) * عهدا، أو جوارا، أو التذمم ممن لا عهد له. * (وأكثرهم فاسقون) * بنقض العهد، أو فاسق في دينه وإن كان دينهم فسقا.
9 - * (بآيات الله) * دلائله وحججه، أو التوراة التي فيها صفة الرسول [صلى الله عليه وسلم]
9

* (قليلا) *، لأنه حرام، أو لأنه من عرض الدنيا وبقاؤها قليل نزلت في الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان على طعامه، أو في قوم من اليهود عاهدوا ثم نقضوا. * (
فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) *.
12 - * (نكثوا أيمانهم) * نقضوا العهد الذي عقدوه بأيمانهم. * (أئمة الكفر) * رؤساء المشركين، أو زعماء قريش ' ع '، أو الذين هموا بإخراج الرسول [صلى الله عليه وسلم]. * (لا أيمان لهم) * بارة و * (لا أيمان) * من الأمان، أو التصديق. * (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون) *.
16 - * (وليجة) * خيانة، أو بطانة، أو دخولا في ولاية المشركين، ولج في كذا: دخل فيه. * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك
10

حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من ءآمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وءاتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) *
17 - * (يعمروا مسجد الله) * بالزيارة والدخول إليه، أو بالكفر، لأن المسجد إنما يعمر بالإيمان. * (شاهدين) * لما دلت أموالهم وأفعالهم على كفرهم تنزل ذلك منزلة شهادتهم على أنفسهم، أو شهدوا على رسولهم بالكفر لأنهم كذبوه وكفروه وهو من أنفسهم، أو إذا سئل اليهودي ما أنت يقول: يهودي، وكذلك النصارى [و] المشركون وكلهم كفرة وإن لم يقروا بالكفر.
18 - * (مساجد الله) * مواضع السجود من المصلي، أو البيوت المتخذة للصلوات. * (فعسى أولئك) * كل عسى من الله واجبة ' ع '، أو ذكره ليكونوا على خوف ورجاء. * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم الأخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين الذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم) *
11

19 - * (سقاية الحاج وعمارة المسجد) * بسدانته والقيام به، لما فضلت قريش ذلك على الإيمان بالله - تعالى - نزلت أو نزلت في العباس صاحب السقاية، وشيبة بن عثمان صاحب السدانة وحاجب الكعبة، لما أسرا ببدر عيرهما المهاجرون بالكفر والإقامة بمكة فقالا نحن أفضل أجرا منكم بعمارة المسجد وحجب الكعبة وسقي الحاج. * (يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون * 23 * قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال أقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين 7 * *) *
24 - * (إن كان آباؤكم) * نزلت في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا ميلا إلى ما ذكر في هذه الآية. * (اقترفتموها) * اكتسبتموها. * (وتجارة) * أموال التجارة
12

تكسد سوقها وينقص سعرها، أو البنات الأيامى يكسدن على أبائهن فلا يخطبن. * (بأمره) * بعقوبة عاجلة أو آجلة، أو بفتح مكة. * (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم) *
26 - * (سكينة) * الوقار، أو الطمأنينة، أو الرحمة. * (جنودا لم تروها) * الملائكة، أو بتكثيرهم في أعين أعدائهم، وهو محتمل * (وعذب الذين كفروا) * بالخوف، أو بالقتل والسبي. * (يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم * 28 *) *
28 - * (نجس) * نجاسة الأبدان كالكلب والخنزير، قاله عمر بن عبد العزيز والحسن رضي الله تعالى عنهما - وأوجب الوضوء على من صافحهم، أو لأنهم لا يغتسلون من الجنابة فصاروا كالأنجاس، أو عبر عن
13

اجتنابنا لهم ومنعهم من المساجد بالنجس كما يفعل ذلك بالأنجاس، أو نجاستهم خبث ظواهرهم بالكفر وبواطنهم بالعداوة. * (المسجد الحرام) * الحرم كله. * (عامهم هذا) * سنة تسع، أو سنة عشر، ويمنع منه الحربي والذمي عند الجمهور، أو يمنعون إلا الذمي والعبد المملوك لمسلم. * (عيلة) * فقرا وفاقة، أو ضيعة من يقوته من عياله. * (يغنيكم الله) * تعالى بالمطر في النبات، أو بالجزية المأخوذة منهم، أو عام في كل ما يغني. * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) *
29 - * (الذين لا يؤمنون) * دخل فيه أهل الكتاب وإن آمنوا باليوم الآخر إذ لا يعتد بإيمانهم فصار كالمعدوم، أو ذمهم ذم من لا يؤمن به، * (ولا يحرمون ما حرم الله) * بنسخه من شرائعهم، أو ما حرمه وأحله لهم. * (دين الحق) * الإسلام عند الجمهور، أو العمل بما في التوراة من اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] والحق هنا هو الله * (من الذين أوتوا) * من أبناء الذين أوتوا، أو الذين أوتوه بين أظهرهم. * (يعطوا الجزية) * يضمنوها، أو يدفعوها، والجزية مجملة، أو عامة تجري على العموم إلا ما خصه الدليل. * (عن يد) * غنى وقدرة، أو لا يقابلها جزاء، أولنا عليهم يد نأخذها لما فيه من حقن دمائهم، أو يؤدونها بأيديهم دون
رسلهم كما يفعل المتكبرون * (صاغرون) * قياما وآخذها جالس، أو يمشوا بها كارهين ' ع ' أو أذلاء مقهورين، أو دفعها هو الصغار، أو إجراء أحكام الإسلام عليهم. * (وقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
14

والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) *
30 - * (وقالت اليهود عزير ابن الله) * لما حرق بختنصر التوراة ولم يبق بأيديهم شيء منها ولم يكونوا يحفظونها ساءهم ذلك وسألوا الله ردها فقذفها في قلب عزير فقرأها عليهم فعرفوا، فلذلك قالوا: إنه ابن الله. وكان ذلك قول جميعهم ' ع '، أو قول طائفة من سلفهم، أومن معاصري الرسول [صلى الله عليه وسلم]، فنحاص وحده، أو جماعة سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف ' ع '، وأضيف إلى جميعهم لما لم ينكروه. * (وقالت النصارى) * بأجمعهم * (المسيح ابن الله) * لأنه ولد من غير أب، أو لأنه أحيا الموتى، وأبرأ من الأسقام. * (بأفواههم) * لما لم يكن عليه دليل قيده
15

بأفواههم لا يتجاوزها * (يضاهون) * يشابهون، والتي لم تحض ' ضهياء ' لشبهها بالرجل. يضاهون بقولهم عبدة الأوثان في اللات والعزى ومناة وأن [70 / ب] الملائكة / بنات الله، أو ضاهت النصارى بقولهم المسيح ابن الله قول اليهود عزير ابن الله، أو ضاهوا في تقليد أسلافهم من تقدمهم. * (قاتلهم الله) * لعنهم ' ع '، أو قتلهم، أو هو كالمقاتل لهم بما أعده من عذابهم وأبانه من عداوتهم. * (يؤفكون) * يصرفون عن الحق إلى الإفك وهو الكذب.
31 - * (أحبارهم) * جمع حبر، لتحبيره المعاني، وهو التحسين بالبيان عنها، والرهبان: جمع راهب، من رهبة الله وخشيته، وكثر استعماله في نساك النصارى. * (أربابا) * آلهة يطيعونهم فيما حرموه وأحلوه دون العبادة وهو مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم]. * (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين
16

كله ولو كره المشركون) *
32 - * (نور الله) * القرآن والإسلام، أو دلائله التي يهتدى بها كما يهتدى بالنور.
33 - * (بالهدى) * الهدي: البيان، * (ودين الحق) * الإسلام، أو كلاهما واحد، أو الهدي: الدليل، ودين الحق المدلول، أو بالهدى إلى دين الحق. * (ليظهره على الدين كله) * عند نزول عيسى 0 عليه السلام - فلا يعبد الله - تعالى - إلا بالإسلام، أو يطلعه على شرائع الدين كله، أو يظهر دلائله وحججه، أو يرعب المشركين من أهله، أو لما أسلمت قريش انقطعت رحلتاهم إلى الشام واليمن لتباينهم في الدين فذكروا ذلك للرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت * (ليظهره على الدين) * في الشام واليمن وقد أظهره الله - تعالى - أو الظهور: الاستعلاء، والإسلام أعلى الأديان كلها. * (يا أيها الذين ءامنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) *
34 - * (بالباطل) * جميع الوجوه المحرمة، أو الرشا في الحكم. * (يكنزون) * الكنز الذي توعد عليه كل ما لم تؤد زكاته مدفونا أو غير مدفون، أو ما زاد على أربعة آلاف درهم أديت زكاته أو لم تؤد، والأربعة آلاف فما دونها
17

ليست بكنز، قاله علي رضي الله تعالى عنه، أو ما فضل من المال عن الحاجة، ولما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' تبا للذهب والفضة، فقال له عمر - رضي الله تعالى عنه -: إن أصحابك قد شق عليهم وقالوا فأي المال نتخذ، فقال: لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دينه، مات رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره دينار، فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: كية ومات آخر فوجد في مئزره ديناران، فقال كيتان. والكنز في اللغة كل مجموع بعضه إلى بعض ظاهرا كان أو مدفونا، ومنه كنز التمر. * (ولا ينفقونها) * الكنوز، أو الفضة اكتفى بذكر أحدهما، قال:
* إن شرخ الشباب والشعر الأسود
* ما لم يعاص كان جنونا
*
18

ولم يقل: يعاصيا. * (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين 3 * *) *
36 - * (حرم) * لعظم انتهاك الحرمات فيها، * (الدين القيم) * الحساب المستقيم، أو القضاء الحق. * (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) * بالمعاصي في الاثني عشر، أو في الأربعة، أو فلا تظلموها في الأربعة بعد تحريم الله - تعالى - [71 / أ] لها، أو لا تظلموها / بترك قتل عدوكم فيها. * (إنما النسىء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدى القوم الكافرين * 37 *) *
37 - * (النسىء) * كانوا يؤخرون السنة أحد عشر يوما حتى يجعلوا المحرم صفرا أو كانوا يؤخرون الحج في كل سنتين شهرا، قال مجاهد: حج
19

المشركون في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين ثم في ذي القعدة عامين الثاني منهما حجة أبي بكر، ثم حج الرسول [صلى الله عليه وسلم] من قابل في ذي الحجة، وقال: ' إن الزمان قد استدار كهيئته '. وكان ينادي بالنسيء في الموسم بنو كنانة قال شاعرهم:
* ألسنا الناسئين على معد
* شهور الحل نجعلها حراما
* وأول من نسأ الشهور [سرير] بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة
20

أو القلمس الأكبر، وهو عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث، وآخر من نسأها إلى أن نزل تحريمها سنة عشر أبو ثمامة جنادة بن عوف، وكان ينادي إذا نسأها في كل عام ألا إن أبا ثمامة لا يحاب ولا يعاب. * (ليواطئوا) * ليوافقوا عدة الأربعة فيحرموا أربعة كما حرم الله - تعالى - أربعة. * (سوء أعمالهم) * من تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم، أو الربا. * (يا أيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شىء قدير) *
38 - * (انفروا) * لما دعوا إلى غزوة تبوك تثاقلوا، فنزلت. * (الأرض) *
21

الإقامة بأوطانكم وأرضكم، دعوا إلى ذلك في شدة الحر وإدراك الثمار، أو اطمأنوا إلى الدنيا فسماها [أرضا] * (أرضيتم) * بمنافع الدنيا بدلا من ثواب الآخرة.
39 - * (عذابا أليما) * احتباس القطر ' ع '، ولا تضروا الله بترك النفير، أو لا تضروا الرسول، لأن الله - تعالى - تكفل بنصره. * (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم) *
40 - * (إلا تنصروه) * إن لا تنصروا الرسول بالنفير معه فقد نصره الله بالملائكة، أو بإرشادة إلى الهجرة حتى أغناه من إعانتكم. * (أخرجه الذين كفروا) * من مكة أعلمهم أنه غني عن نصرهم، دخل الرسول [صلى الله عليه وسلم]، وأبو بكر - رضي الله تعالى عنه - الغار فأقاما فيه ثلاثا وجعل الله - تعالى - على بابه ثمامة وهي شجيرة صغيرة، وألهمت العنكبوت فنسجت على بابه، ولما ألم الحزن قلب أبي بكر - رضي الله تعالى - عنه بما تخيله من وهن الدين بعد الرسول [صلى الله عليه وسلم] قال له الرسول [صلى الله عليه وسلم]: لا تحزن إن الله معنا بالنصر عليهم. * (سكينته عليه) * النبي [صلى الله عليه وسلم] أو أبو بكر - رضي الله تعالى عنه -، لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] قد علم أنه منصور، والسكينة الرحمة، أو الطمأنينة، أو الوقار، أو شيء سكن الله - تعالى -
22

به قلوبهم. * (بجنود لم تروها) * الملائكة، أو الثقة بوعده واليقين بنصره وتأييده بإخفاء أثره في الغار لما طلب، أو بمنعهم من التعرض له لما هاجر. * (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) *
41 - * (خفافا وثقالا) * شبابا وشيوخا، أو فقراء وأغنياء، أو مشاغيل وغير [71 / ب] مشاغيل، أو نشاطا وغير نشاط / ' ع ' أو ركبانا ومشاة، أو ذا ضيعة وغير ذي ضيعة، أو ذوي عيال وغير ذوي عيال، أو أصحاء ومرضى، أو خفة النفير وثقله، أو خفافا إلى الطاعة ثقالا عن المخالفة. * (وجاهدوا) * الجهاد بالنفس فرض كفاية متعين عند هجوم العدو. وبالمال بالزاد والراحلة إذا قدر بنفسه، وإن عجز لزمه بذل المال بدلا عن نفسه، أو لا يلزمه ذلك عند الجمهور، لأن المال تابع للنفس. * (خير لكم) * الجهاد خير من القعود المباح، أو الخير في الجهاد لا في تركه * (تعلمون) * صدق وعد الله - تعالى - بثواب الجهاد، أو أن الخير في الجهاد. * (لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين لا يستئذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون) *
42 - * (لو كان) * الذي دعوا إليه * (عرضا) * غنيمة، أو أمرا سهلا. * (قاصدا) * سهلا مقتصدا. * (لاتبعوك) * في الخروج. * (الشقة) * القطعة من الأرض
23

يشق ركوبها لبعده. * (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين 2 * * لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأ وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين) *
46 - * (عده) * صحة عزم ونشاط نفس، أوالزاد والراحلة ونفقة الحاضرين من الأهل. * (كره الله انبعاثهم) * لوقوع الفشل بتخاذلهم كابن أبي والجد بن قيس. * (وقيل اقعدوا) * قاله بعضهم لبعض، أو قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم] غضبا عليهم لعلمه بذلك منهم. * (القاعدين) * بغير عذر، أو بعذر كالنساء والصبيان.
47 - * (خيالا) * فسادا ' ع '، أو اضطرابا استثناء منقطع، لأن المسلمين لم يكونوا في خبال فيزدادوا منه. * (ولأوضعوا) * الإيضاع: سرعة السير، والخلال: الفرج، المعنى لأسرعوا في اختلالكم، أو لأوقعوا الخلف بينكم. * (الفتنة) * الكفر، أو اختلاف الكلمة وتفريق الجماعة. * (سماعون) * مطيعون، أو عيون منكم ينقلون أخباركم إليهم، أو ' عيون منهم ينقلون أخباركم إلى المشركين '. * (لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهو كارهون ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنى ألا في الفتنة
24

سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) *
48 - * (ابتغوا الفتنة) * الاختلاف وتفريق الكلمة. * (وقلبوا لك الأمور) * بمعاونتهم ظاهرا وممالأة المشركين باطنا، أو قالوا بأفواههم ما ليس في قلوبهم، أو
توقعوا الدوائر وانتظروا الفرص، أو حلفهم لو استطعنا لخرجنا. * (جاء الحق) * (النصر) * (وظهر أمر الله) * (دينه) * (وهم كارهون) * لهما.
49 - * (ولا تفتني) * لا تكسبني الإثم بمخالفتي في القعود، أو لا تصرفني عن شغلي، أو نزلت في الجد بن قيس قال: * (ائذي لي ولا تفتني) * ببنات الأصفر فإني مستهتر بالنساء. * (في الفتنة) * جهنم، أو محبة النفاق والشقاق. * (إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) *
25

50 - * (حسنة) * نصر، أو النصر ببدر، والمصيبة: النكبة يوم أحد * (أمرنا) * حذرنا وسلمنا * (فرحون) * بمصيبتك وسلامتهم.
51 - * (كتب الله لنا) * في اللوح المحفوظ من خير، أو شر وليس ذلك بأفعالنا فنذم أونحمد، أو ما كتب لنا في نصرنا في العاقبة وإعزاز الدين بنا. * (مولانا) * مالكنا وحافظنا وناصرنا. * (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) * في معونته وتدبيره. * (قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون) * [72 / أ]
52 - * (الحسنيين) * النصر والشهادة / في النصر ظهور الدين وفي الشهادة الجنة. * (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) *
55 - * (أموالهم ولا أولادهم) * في الحياة الدنيا * (إنما يريدالله ليعذبهم بها) * في الآخرة، فيه تقديم وتأخير ' ع '، أو يعذبهم بالزكاة فيها، أو بمصائبهم فيهما، أو بسبي الأبناء وغنيمة الأموال، يعني المشركين، أو يعذبهم بجمعها وحفظها والبخل بها والحزن عليها. * (وتزهق) * تهلك، * (وزهق الباطل) * [الإسراء: 81]. * (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو
26

يجدون ملجئا أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون) *
57 - * (ملجأ) * حرزا ' ع '، أو حصنا، أو موضعا حزنا من الجبل، أو مهربا. * (مغارات) * غارات في الجبال ' ع '، أو مدخل يستر من دخله. * (مدخلا) * سربا في الأرض، أو المدخل الضيق الذي يدخل فيه بشدة. * (لولوا إليه) * هربا من القتال، وخذلانا للمؤمنين. * (يجمحون) * يهربون، أو يسرعون. * (ومنهم من يلمزوك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون) *
58 - * (يلمزك) * يغتابك، أو يعيبك، نزلت في ثعلبة بن حاطب كان يتكلم بالنفاق ويقول: إنما يعطي محمد من شاء فإن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، أو في ذي الخويصرة لما أتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] وهو يقسم قسما فقال:
27

اعدل - يا محمد - فقال: ويلك فمن يعدل إن لم أعدل، فاستأذن عمر - رضي الله تعالى عنه - في ضرب عنقه، فقال دعه فنزلت. * (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) *
60 - * (للفقراء والمساكين) * الفقير المحتاج العفيف عن السؤال، والمسكين المحتاج السائل ' ع '، أو الفقير المحتاج الزمن، والمسكين المحتاج الصحيح، أو الفقراء هم المهاجرون، والمساكين غير المهاجرين، أو الفقراء من المسلمين والمساكين من أهل الكتاب، أو الفقير الذي لا شيء له لانكسار فقاره بالحاجة والمسكين له ما لا يكفيه لكن يسكن إليه، أو الفقير له ما لا يكفيه والمسكين لا شيء له يسكن إليه. * (العاملين) * السعاة لهم ثمنها، أو أجر مثلهم. * (والمؤلفة) * كفار ومسلمون، فالمسلمون منهم ضعيف النية في الإسلام فيتألف تقوية لنيته كعيينة بن بدر
28

والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس، ومنهم من حسن إسلامه لكنه يعطى تألفا لعشيرته من المشركين كعدي بن حاتم، والمشركون منهم من يقصد أذى المسلمين فيتألف بالعطاء دفعا لأذاه كعامر بن الطفيل، ومنهم من يميل إلى الإسلام فيتألف بالعطاء ليؤمن كصفوان بن أمية، فهذه أربعة أصناف، وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يعطي هؤلاء وبعد هل يعطون؟ فيه قولان: لأن الله - تعالى - قد أعز الدين * (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * [الكهف: 29]. * (الرقاب) * المكاتبون، أو عبيد يشترون ويعتقون. * (الغارمين) * من لزمه غرم دين. * (سبيل الله) * الغزاة الفقراء والأغنياء. * (ابن السبيل) * المسافر لا يجد نفقة سفره
29

وإن كان غنيا في بلده، قاله الجمهور، أو الضيف. * (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين ءامنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم) *
61 - * (إذن) * يصغي إلى كل أحد فيسمع قوله، كان المنافقون يقولون فيه ما لا يجوز ثم عابوه بأنه أذن يسمع جميع ما يقال له، أو عابوه، فقال أحدهم: [72 / ب] كفوا / فإني أخاف أن يبلغه فيعاقبنا، فقالوا: هو أذن إذا جئناه وحلفنا له صدقنا فنسبوه إلى قبول العذر في الحق والباطل. * (يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم) *
63 - * (يحادد) * يخالف، أو يجاوز حدودهما، أو يعاديهما مأخوذ من حد السلاح لاستعماله في المعاداة. * (جهنم) * لبعد قعرها، بئر جهنام بعيدة القعر. * (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءأياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) *
64 - * (يحذر المنافقون) * خبر، أوامر بصيغة الخبر. * (بما في قلوبهم) *
30

من النفاق، أو قولهم في غزوة تبوك: أيرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات، فأطلع الله - تعالى - رسوله [صلى الله عليه وسلم] على ما قالوه. * (استهزءوا) * تهديد. * (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم) *
67 - * (بعضهم من بعض) * في الدين * (بالمنكر) * كل ما أنكره العقل من الشر. والمعروف: كل ما عرفه العقل من الخير، أو المعروف في
31

كتاب الله كله الإيمان، والمنكر في كتاب الله كله الشرك قاله أبو العالية. * (ويقبضون أيديهم) * عن النفقة في سبيل الله، أو عن كل خير، أو عن الجهاد مع النبي [صلى الله عليه وسلم]، أو عن رفعها إلى الله - تعالى - في الدعاء * (فنسيهم) * تركوا أمره فترك رحمتهم، قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: كان المنافقون ثلاثمائة رجل ومائة وسبعين امرأة. * (كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) *
69 - * (بخلاقهم) * بنصيبهم من خيرات الدنيا. * (وخضتم) * في شهوات الدنيا، أو في قول الكفر. * (كالذي خاضوا) * فارس والروم، أو بنو إسرائيل. * (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها
32

الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم) *
72 - * (ومساكن طيبة) * قصور مبنية باللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر، أو يطيب العيش بسكناها وهو محتمل. * (عدن) * خلود وإقامة، والمعدن لإقامة الجوهر فيه، أو كروم وأعناب بالسريانية، أو عدن اسم لبطنان الجنة ووسطها، أو اسم قصر في الجنة، أو جنة في السماء العليا لا يدخلها إلا نبي، أو صديق أو شهيد، أو إمام عدل، أو محكم في نفسه، وجنة المأوى في السماء الدنيا تأوي إليها أرواح المؤمنين. * (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولى ولا نصير) *
73 - * (جاهد الكفار) * بالسيف * (والمنافقين) * بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فليكفهر في وجوههم، أو يجاهدهم
33

باللسان، أو بإقامة الحدود وكانوا أكثر من يصيب الحدود.
74 - * (يحلفون) * نزلت في ابن أبي لما قال: * (لئن رجعنا إلى المدينة) * [المنافقون: 8]، أو قال الجلاس بن سويد إن كان ما جاء به محمد حقا فنحن شر من الحمير ثم حلف بالله ما قال، أو قال ذلك جماعة من اليهود. * (كلمة الكفر) * هو ما حلفوا أنهم ما قالوه فأكذبهم الله، أو قولهم محمد ليس بنبي. * (وهموا) * بقتل الرسول في غزاة تبوك، أو بإخراج الرسول بقولهم * (لئن رجعنا إلى المدينة) * الآية [المنافقون: 8] أو هموا بقتل الذي أنكر عليهم.
34

* (ومنهم من عاهد الله لئن ءاتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون 3 * * ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب) *
75 - * (ومنهم من عاهد الله) * نزلت والتي بعدها في حاطب بن أبي بلتعة كان له مال بالشام فنذر أن يتصدق منه فلما قدم عليه بخل، قاله الكلبي، أو قتل مولى لعمر حميما لثعلبة فوعد إن أوصل الله إليه الدية أن يخرج حق الله - تعالى - منها فلما وصلت بخل بحق الله - تعالى - فنزلت، / فلما بلغته أتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] بصدقته فلم يقبلها منه، وقال إن الله - تعالى - منعني أن أقبل
35

صدقتك فجعل يحثو التراب على رأسه، فمات الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأتى أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - ثم عمر - رضي الله تعالى عنه - بعده، ثم عثمان رضي الله تعالى عنه - لم يقبلوها.
36

* (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم) *
79 - * (الذين يلمزون) * لما حث الرسول [صلى الله عليه وسلم] على النفقة في غزوة تبوك، جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم، وقال هذه شطر مالي، وجاء عاصم بن عدي بمائة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل بصاع من تمر وقال أجرت نفسي بصاعين فذهبت بأحدهما إلى عيالي وجئت بالآخر، فقال الحاضرون من المنافقين أما عبد الرحمن وعاصم فما أعطيا إلا رياء، وأما صاع
37

أبي عقيل فإن الله - تعالى - غني عنه. فنزلت. الجهد والجهد واحد، أو بالضم الطاقة وبالفتح المشقة. * (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين) *
80 - * (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) * آيسه من الغفران لهم. * (سبعين مرة) * ليس بحد لوجود المغفرة بما بعدها، والعرب تبالغ بالسبع والسبعين، لأن التعديل في نصف العقد وهو خمسة فإذا زيد عليه واحد كان لأدنى المبالغة وإن زيد اثنان كان لأقصى المبالغة، وقيل للأسد سبع لأن قوته تضاعفت سبع مرات، قاله علي
بن عيسى. وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] سوف استغفر لهم أكثر من سبعين فنزلت * (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم) * الآية [المنافقون: 6] فكف.
38

فارغة
39

* (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون) *
81 - * (المخلفون) * المتركون كانوا أربعة وثمانين نفسا. * (خلاف) * بعد، أو مخالفة عند الأكثر. * (لا تنفروا في الحر) * قاله بعضهم لبعض، أو قالوه للمؤمنين ليقعدوا معهم.
82 - * (فليضحكوا) * تهديد * (قليلا) *، لأن ضحك الدنيا فان، أو لأنه قليل بالنسبة إلى ما فيها من الأحزان والغموم. * (كثيرا) * في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، أو في النار أبدا يبكون من ألم العذاب. * (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستئذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين) *
83 - * (أول مرة) * دعيتم، أو قبل استئذانكم. * (الخالفين) * النساء
40

والصبيان، أول الرجال المعذورين بأمراض أو غيرها ' ع '. * (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) *
84 - * (ولا تصل) * نزلت في ابن أبي لما صلى عليه الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو أراد الصلاة عليه فأخذ جبريل - عليه السلام - بثوبه، وقال: ولا تصل على أحد ولا تقم على قبره قيام زائر، أو مستغفر. * (وإذا أنزلت سورة أن ءامنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين 6 * * رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهو لا يفقهون) *
41

86 - * (إن آمنوا) * دوموا على الإيمان، أو افعلوا فعل المؤمن، أو أمر المنافقين أن يؤمنوا باطنا كما آمنوا ظاهرا. * (الطول) * الغنى، أو القدرة، قيل نزلت في ابن أبي والجد بن قيس.
87 - * (الخوالف) * النساء، أو المنافقين، أو الأدنياء الأخساء، فلان خالفة أهله إذا كان دونهم. * (لكن الرسول والذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم) *
88 - * (الخيرات) * جمع خيرة، غنائم الدنيا ومنافع الجهاد، أو ثواب الآخرة، أو فواضل العطايا، أو الحور * (فيهن خيرات حسان) * [الرحمن: 70]. * (وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم) *
90 - * (المعذرون) * مخفف الذين اعتذروا بحق، وبالتشديد الذين كذبوا [73 / ب] في اعتذارهم فالعذر حق، والتعذير كذب، قيل هم بنو أسد وغطفان. * (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على
42

الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون * 93 * يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) *
91 - * (الضعفاء) * الصغار لضعف أبدانهم، أو المجانين لضعف عقولهم أو العميان لضعف تصرفهم * (وإنا لنراك فينا ضعيفا) * [هود: 91] ضريرا. * (نصحوا) * برئوا من النفاق، أو إذا قاموا بحفظ المخلفين والمنازل، فيرجع إلى من لا يجد النفقة خاصة، قيل نزلت في عائذ بن عمرو وعبد الله بن مغفل.
43

92 - * (لا أجد ماأحملكم عليه) * زادا لأنهم طلبوه، أو نعالا لأنهم طلبوها، وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] في هذه الغزوة: أكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما كان منتعلا، نزلت في العرباض بن سارية، أو عبد الله بن الأزرق، أو في بني مقرن من مزينة، أو في سبعة من قبائل شتى، أو في أبي موسى وأصحابه.
93 - * (السبيل) * الإنكار، أو المأثم. * (الخوالف) * المتخلفون بالنفاق، أو الذراري من النساء والأطفال.
44

* (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم) *
97 - * (أشد كفرا ونفاقا) * كفرهم أكثر وأشد لجفاء طباعهم وغلظ قلوبهم، أو الكفر فيهم أكثر لعدم وقوفهم على الكتاب والسنة. * (وأجدر) * أقرب مأخوذ من الجدار بين المتجاورين. * (حدود ما أنزل الله) * من فروض العبادات، أو من الوعيد على مخالفة الرسول [صلى الله عليه وسلم] والتخلف عن الجهاد.
98 - * (ما ينفق) * في الجهاد، أو الصدقات. * (مغرما) * المغرم: التزام ما لا يلزم * (عذابها كان غراما) * [الفرقان: 65] لازما. * (الدوائر) * انقلاب النعمة إلى غيرها من الدور.
99 - * (وصلوات الرسول) * استغفاره لهم ' ع '، أو دعاؤه. * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) *
100 - * (والسابقون) * أهل بيعة الرضوان، أو أهل بدر، أو الذين صلوا إلى القبلتين، أو الذين سبقوا بالموت والشهادة من المهاجرين والأنصار سبقوا إلى الثواب وحسن الجزاء * (رضي الله عنهم) * بالإيمان * (ورضوا عنه) * بالثواب، أو رضي عنهم بالعبادة ورضوا عنه بالجزاء، أو رضي عنهم بطاعة الرسول [صلى الله عليه وسلم] ورضوا عنه بالقبول.
45

* (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم) *
101 - * (حولكم) * حول المدينة، مزينة وجهينة وأسلم وغفار وأشجع كان فيهم بعد إسلامهم منافقون كما في الأنصار، وإنما نافقوا لدخول جميعهم تحت القدرة فميزوا بالنفاق وإن عمتهم الطاعة. * (مردوا) * أقاموا وأصروا، أو مرنوا عليه وعتوا فيه * (شيطانا مريدا) * [النساء: 117] عاتيا، أو تجردوا فيه وتظاهروا به * (لا تعلمهم) * حتى نعلمك بهم، أو لا تعلم عاقبتهم فلا تحكم على أحد بجنة ولا نار. * (مرتين) * إحداهما بالفضيحة في الدنيا والجزع من المسلمين، والثانية بعذاب القبر ' ع '، أو إحداهما بالأسر والأخرى بالقتل، أو إحداهما بالزكاة والأخرى أمرهم بالجهاد، لأنهم يرونه عذابا لنفاقهم، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - أو إحداهما عذاب الدنيا والأخرى عذاب الآخرة. * (عذاب عظيم) * بأخذ الزكاة، أو بإقامة الحدود في الدنيا، أو بالنار في الآخرة. * (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم 10 * *) *
102 - * (وآخرون اعترفوا) * نزلت في أبي لبابة في قضيته مع بني قريظة. / [74 / أ] أو في سبعة أنصار من العشرة المتخلفين في غزوة تبوك أبو لبابة بن
46

عبد المنذر وأوس بن ثعلبة ووديعة بن حرام فلما ندموا على تخلفهم وربطوا أنفسهم إلى سواري المسجد ليطلقهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] إن عفا عنهم، فلما مر بهم وكانوا على طريقه فسأل عنهم فأخبر بحالهم فقال: لا أعذرهم ولا أطلقهم حتى يكون الله - تعالى - هو الذي يعذرهم ويطلقهم فنزلت ' ع '. * (عملا صالحا وآخر سيئا) * الصالح: الجهاد، والسيء التخلف عنه، أو السيء الذنب والصالح التوبة، أو ذنبا وسوطا لا ذاهبا فروطا ولا ساقطا سقوط. قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -. * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم) * \ 103 - * (خذ من أموالهم) * لما تاب الله - تعالى - على أبي لبابة وأصحابه قالوا: يا رسول الله خذ منا صدقة تطهرنا وتزكينا، فقال: لا أفعل حتى أؤمر
47

فنزلت، صدقة بذلوها تطوعا، أو الزكاة الواجبة * (تطهرهم) * من ذنوبهم، وتزكي أعمالهم * (وصل) * استغفر، أو أدع قاله ' ع '. * (سكن) * قربة ' ع '، أو وقار، أو أمن، أو تثبيت، والدعاء واجب على الآخذ أو مستحب، أو يجب في التطوع ومستحب في الفرض، أو يستحب للوالي ويجب على الفقير، أو بالعكس، أو إن سأل الدافع الدعاء وجب وإن لم يسأل استحب، قال عبد الله بن أبي أوفى لما أتيت الرسول [صلى الله عليه وسلم] بصدقات قومي قلت يا رسول الله صل على، فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى.
48

* (وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى علام الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون * 105 * وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم) *
106 - * (وآخرون) * هم الثلاثة الباقون من العشرة المتخلفين في غزوة تبوك لم يربطوا أنفسهم وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع. * (مرجون) * لما يرد من أمر الله فيهم. * (ليعذبهم) * يميتهم على حالهم، أو يأمر بعذابهم إن لم يعلم صحة توبتهم * (عليم) * بما يؤول إليه حالهم، * (حكيم) * في إرجائهم.
49

* (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) *
107 - * (والذين اتخذوا مسجدا) * هم بنو عمرو بن عوف اثنا عشر رجلا من الأنصار بنوا مسجد الضرار. * (وتفريقا بين المؤمنين) * لئلا يجتمعوا في مسجد قباء. * (وإرصادا) * انتظارا لسوء يتوقع، أو لحفظ مكروه يفعل. * (لمن حارب الله ورسوله) * بمخالفتهما، أو عداوتهما، وهو أبو عامر الراهب والد حنظلة بن الراهب، وكان قد حزب على الرسول [صلى الله عليه وسلم] فبنوه له ليصلي فيه إذا رجع من عند هرقل اعتقادا منهم أنه إذا صلى فيه نصروا، ابتدءوا بنيانه والرسول [صلى الله عليه وسلم] خارج إلى تبوك فسألوه أن يصلي فيه فقال: أنا على سفر ولو قدمنا - إن شاء الله تعالى - أتيناكم وصلينا لكم فيه، فلما رجع أتوه وقد فرغوا منه وصلوا فيه الجمعة والسبت والأحد وقالوا: قد فرغنا منه، فأتاه خبره وأنزل الله - تعالى - فيه ما أنزل. * (لا تقم فيه) * لا تصل فيه فعند ذلك أمر / [74 / ب] الرسول [صلى الله عليه وسلم] بهدمه فحرق، أو انهار في يوم الاثنين ولم يحرق.
50

108 - * (أسس على التقوى) * مسجد الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو مسجد قباء، وهو أول مسجد بني في
الإسلام ' ع '، أو كل مسجد بني في المدينة أسس على التقوى. * (يتطهروا) * بالتوبة من الذنوب. * (والله يحب المطهرين) * بالتوبة، أو أراد الاستنجاء بالماء، أو المتطهرين من أدبار النساء. * (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين * 109 * لا يزال
51

بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم) *
109 - * (أفمن أسس بنيانه) * مسجد قباء، أو قوله: * (لمسجد أسس على التقوى) * مسجد المدينة، وقوله * (أفمن أسس بنيانه) * مسجد قباء. * (جرف) * حرف الوادي الذي لا يثبت عليه البناء لرخاوته. * (هار) * هائر، وهو الساقط. * (فانهار به في نار جهنم) * سقطوا ببنيانهم في جهنم، أو سقط المسجد بنفسه مع بقعته في جهنم، قال جابر بن عبد الله: رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار حتى انهار، وقيل حفرت فيه بقعة فرئي فيها الدخان.
110 - * (ريبة) * حين بنوه شك، أو غطاء، أو بعد هدمه حزازة، أو ندامة. * (تقطع) * يموتوا ' ع '، أو يتوبوا، أو تقطع في القبور. * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعتكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الأمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) *
111 - * (اشترى) * لما جوزوا بالجنة على ذلك عبر عنه بلفظ الشراء تجوزا.
112 - * (التائبون) * من الذنوب. * (العابدون) * بالطاعة، أو بالتوحيد، أو بطول الصلاة. * (الحامدون) * على السراء والضراء، أو على الإسلام. * (السائحون) * المجاهدون واستؤذن الرسول [صلى الله عليه وسلم] في السياحة فقال: ' سياحة أمتي
52

الجهاد، أو الصائمون، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' سياحة أمتي الصوم ' ' ع '، أو المهاجرون، أو طلبة العلم. * (بالمعروف) * التوحيد، أو الإسلام. * (المنكر) * الشرك، أو الذين لم ينهوا عنه حتى انتهوا عنه. * (والحافظون لحدود الله) * القائمون بأمره، أو بفرائض حلاله وحرامه، أو لشرطه في الجهاد. * (المؤمنين) * المصدقين بما وعدوا في هذه الآيات، أو بما ندبوا إليه فيها. لما نزل * (إن الله اشترى) * جاء رجل من المهاجرين فقال: يا رسول الله، وإن زنا وإن سرق وإن شرب الخمر فنزلت * (التائبون) * * (ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه
53

حليم) * \ 113 - * (ما كان للنبي) * لما زار الرسول [صلى الله عليه وسلم] قبر أمه، وقال: استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي واستأذنته في الدعاء لها فلم يأذن لي فنزلت، أو نزلت في أبي طالب لما قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] لأستغفرن لك ما لم أنه عنك أو،
54

سمع علي - رضي الله تعالى عنه - رجلا يستغفر لأبويه فقال: أتستغفر لهما وهما مشركان فقال أو لم يستغفر إبراهيم لأبويه فذكره على - رضي الله تعالى عنه - للرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت.
114 - * (موعدة) * وعد إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أبوه أنه إن استغفر له آمن، أو وعدإبراهيم عليه الصلاة / والسلام - إياه أن يستغفر له لرجائه إيمانه فلما مات على شركه تبرأ من أفعاله ومن الاستغفار له. * (أواه) * دعاء، أو رحيم، أو موقن، أو مؤمن بلغة الحبشة ' ع '، أو مسبح، أو مكثر من تلاوة القرآن، أو متأوه، أو فقيه أو متضرع خاشع مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو إذا ذكره ذنوبه استغفر منها. وأصل التأوه التوجع * (حليم) * صبور على الأذى، أو صفوح عن الذنب. * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله
55

بكل شيء عليم إن الله له ملك السماوات والأرض يحي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير * 116 *) *
115 - * (وما كان الله ليضل) * أسلم قوم من الإعراب ورجعوا إلى بلادهم يعملون بما شاهدوه من الرسول [صلى الله عليه وسلم] من صوم أيام البيض والصلاة إلى بيت المقدس ثم قدموا إليه فوجدوه يصوم رمضان ويصلي إلى الكعبة، فقالوا: يا رسول الله دنا بعدك بالضلالة إنك على أمر وإنا على غيره فنزلت. * (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم * 117 * وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *
117 - * (تاب الله على النبي والمهاجرين) * توبة لعونه بإنقاذهم من شدة العسرة، أو تخليصهم من نكاية العدو وغيره، أي رجعهم إلى ما كانوا فيه من الحالة الأولى. * (العسرة) * في غزوة تبوك كانوا في قلة من الظهر فيتناوب الرجلان والثلاثة على بعير واحد، وتعسر الزاد فيشق الرجلان التمرة بينهما، أو يمص النفر التمرة الواحدة ثم يشربون عليها الماء وذلك في شدة الحر، واشتد عطشهم حتى نحروا الإبل وعصروا أكراشها فشربوا ماءها. * (يزيغ قلوب فريق) * يتلف بالجهد والشدة، أو يعدل عن المتابعة [والنصرة] * (ثم تاب عليهم) *
56

التوبة الأولى في الذهاب والثانية في الرجوع، أو الأولى في السفر، والثانية بعد الرجوع إلى المدينة.
118 - * (وعلى الثلاثة) * وتاب على الثلاثة. * (خلفوا) * عن التوبة فأخرت توبتهم حتى تاب الله - على الذين ربطوا أنفسهم مع أبي لبابة، أو خلفوا عن بعث
الرسول [صلى الله عليه وسلم]. * (ضاقت عليهم الأرض) * لامتناع المسلمين من كلامهم. * (وضاقت عليهم أنفسهم) * بما لقوه من جفوة الناس * (وظنوا) * أيقنوا أنهم لا يلجؤون في قبول توبتهم والصفح عنهم إلا إلى ربهم، ثم تاب عليهم بعد خمسين ليلة من مقدم الرسول [صلى الله عليه وسلم] * (ليتوبوا) * ليستقيموا، لأن توبتهم قد تقدمت ' ع ' وامتحنوا بذلك إصلاحا لهم ولغيرهم.
119 - * (يا أيها الذين آمنوا) * بموسى، أو عيسى - عليهما الصلاة والسلام - * (اتقوا الله) * - تعالى - في الإيمان بمحمد [صلى الله عليه وسلم]. * (وكونوا مع الصادقين) * الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه - تعالى - رضي الله عنهم - أجمعين في الجهاد، أو يا أيها المسلمين اتقوا الله - تعالى - في الكذب، أو اتقوا الله في طاعة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا أمركم بالجهاد * (الصادقين) * أبو بكر وعمر - رضى الله تعالى عنهما - أو الثلاثة الذين خلفوا وصدقوا / الرسول في تخلفهم، أو المهاجرين، لأنهم لم يتخلفوا عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] في الجهاد، أو من صدقت نيته وقوله وعمله وسره وعلانيته. * (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن الرسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة فى سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون
57

نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون 3 * *) *
122 - * (وما كان المؤمنون) * ما كان عليهم أن ينفروا جميعا لأن الجهاد صار فرض كفاية. نسخت قوله - تعالى: * (انفروا خفافا وثقالا) * [41] ' ع '، أو ما كان لهم إذا بعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] سرية أن يخرجوا جميعا ويتركوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة وحده بل يقيم بعضهم. لما عيروا بالتخلف عن غزوة تبوك خرجوا في سرايا الرسول [صلى الله عليه وسلم] وتركوه وحده بالمدينة فنزلت. * (فلولا نفر) * مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] طائفة لتتفقه في الجهاد معه، أو هاجرت إليه في إقامته لتتفقه، أو لتتفقه الطائفة المقيمه مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] معناه فهلا إذا نفروا أن تقيم مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] طائفة لأجل التفقه في الدين في أحكامه، ومعالمه ويتحملوا ذلك لينذروا به قومهم إذا رجعوا إليهم، أو ليتفقهوا فيما يشاهدونه من المعجزات والنصر المصدق للوعد السابق ليقوي إيمانهم ويخبروا به قومهم.
* (يا أيها الذين ءامنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلطة واعلموا أن الله مع المتقين) *
123 - * (الذين يلونكم) * العرب، أو الروم، أو الديلم، أو عام في قتال الأقرب فالأقرب.
58

* (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فإما الذين ءامنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون 2 * * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) *
124 - * (أيكم زادته) * قاله المنافقون بعضهم لبعض على وجه الإنكار، أو قالوه لضعفاء المسلمين استهزاء. * (فزادتهم إيمانا) * بها لأنهم لم يؤمنوا بها قبل نزولها أو زادتهم خشية.
125 - * (رجسا) * إثما، أو شكا، أو كفرا.
* (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون) *
126 - * (يفتنون) * يبتلون، أو يضلون، أو يختبرون بالجوع والقحط، أو بالجهاد والغزو في سبيل الله، أو ما يلقونه من الكذب على الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو ما هتكه الله - تعالى - من أسرارهم.
* (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) *
128 - * (من أنفسكم) * لم يبق من العرب بطن إلا ولده، أو من المؤمنين لم يصبه شرك، أو من نكاح لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية، أو ممن تعرفونه بينكم. * (عزيز عليه ما عنتم) * شديد عليه ما شق عليكم ' ع ' أو شديد عليه ما ضللتم، أو عزيز عليه عنت مؤمنكم. * (حريص عليكم) * أن تؤمنوا. * (رؤوف
59

رحيم) * بما يأمرهم به من الهدى ويؤثره من صلاحهم، نزلت هذه الآية والتي بعدها بمكة، أو هما آخر ما نزلت ' ع '.
129 - * (فإن تولوا) * عنك، أو عن طاعة الله - تعالى -.
60

سورة يونس
مكية كلها، أو إلا ثلاث آيات * (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) * إلى آخرهن (94 - 96).
بسم الله الرحمن الرحيم
* (ألر تلك ءايآت الكتاب الحكيم أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين ءامنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين) *
1 - * (الر) * أنا الله أرى ' ع ' أو حروف من الرحمن، وقيل ' الر ' و ' حم ' و ' ن ' اسم الرحمن مقطع، أو اسم للقرآن، أو فواتح افتتح الله - تعالى - بها القرآن. * (تلك) * هذه * (آيات الكتاب) *.
* تلك خيلي منه وتلك ركابي
* هن صفر أولادها كالزبيب
*
أي هذه خيلي. * (الكتاب) * التوراة والإنجيل، أو الزبور، أو القرآن. * (الحكيم) * المحكم، أو لأنه كالناطق بالحكمة.
[76 / أ] 2 / - * (أكان للناس) * لما بعث محمد [صلى الله عليه وسلم] قالت العرب: الله أعظم من أن
61

يكون رسوله بشرا فنزلت. * (قدم صدق) * ثوابا حسنا بما قدموه من العمل الصالح ' ع '، أو سابق صدق سبقت لهم السعادة في الذكر الأول، أو شفيع صدق هو محمد [صلى الله عليه وسلم] أو سلف صدق تقدموهم بالإيمان، أو لهم السابقة بإخلاص الطاعة. * (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون) *
3 - * (يدبر الأمر) * يقضيه وحده، أو يأمر به ويمضيه. * (ما من شفيع) * يشفع إلا أن يأذن له، أو لا يتكلم عنده إلا بإذن، أو ثان له من الشفع، لأنه خلق السماوات والأرض وهو فرد لا حي معه، ثم خلق الملائكة والبشر. * (من بعد إذنه) * أمره كن فكان. * (إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده ليجزى الذين ءامنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لأيات
62

لقوم يتقون) *
4 - * (يبدأ الخلق) * ينشئه ثم يفنيه أو يحييه ثم يميته ثم يبدؤه ثم يحييه. * (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون) *
7 - * (يرجون لقاءنا) * يخافون عقابنا، أو يطمعون في ثوابنا. * (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) *
9 - * (يهديهم ربهم بإيمانهم) * يجعل لهم نورا يمشون به، أو يهديهم بعملهم إلى الجنة، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' يتلقى المؤمن عمله في أحسن صورة فيؤنسه ويهديه، ويتلقى الكافر عمله في أقبح صورة فيوحشه ويضله ' أو يهديهم إلى طريق الجنة، أو مدحهم بالهداية. * (من تحتهم) * تحت منزلهم، أو بين أيديهم وهم يرونها من عل، قال مسروق: أنهارها تجري في غير أخدود.
10 - * (دعواهم) * إذا دعوا شيئا يشتهونه قالوا: * (سبحانك اللهم) * فيأتيهم ذلك وإذا سألوا الله شيئا قالوا: * (سبحانك اللهم) * * (وتحيتهم) * ملكهم سالم، التحية: الملك. أو يحيي بعضهم بعضا بالسلام أي سلمت مما بلى به أهل النار
63

* (وآخر دعواهم أن الحمد) * كما أن أول دعائهم * (سبحانك الهم) * كان آخره بالحمد له. أو إذا أجاب سؤالهم فيما ادعوه وأتاهم ما اشتهوه شكروا بالحمد له. * (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزى القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) *
11 - * (ولو يعجل) * للكافر عذاب كفره كما عجل له المال والولد لقضي أجله ليعجل له عذاب الآخرة. أو لو استجيب للرجل إذا غضب فدعا على نفسه أو ماله، أو ولده فقال: لا بارك الله فيه، أو أهلكه * (لقضي إليهم أجلهم) * لهلكوا. * (الذين لا يرجون لقاءنا) * خاص بمشركي مكة، أو عام. * (طغيانهم) * شركهم ' ع ' أو ضلالتهم أو ظلمهم. * (يعمهون) * يترددون، أو يتمادون، أو يلعبون.
12 - * (مس الإنسان الضر) * لجنبه يتعلق بدعانا، أو بمس. * (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرءان غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقائى نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا
64

أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون) *
15 _ * (الذين لا يرجون لقاءنا) * كفار مكة. * (بقرآن غير هذا أو بدله) * إذا أتى بغيره جاز أن يبقى معه وإذا بدله فلا يبقى المبدل معه، طلبوا تحويل الوعد وعيدا والوعيد وعدا والحلال حراما والحرام حلالا، أو طلبوا إسقاط عيب آلهتهم وتسفيه أحلامهم، أو إسقاط ما فيه من ذكر البعث والنشور. * (ما يوحى إلي) * من وعد ووعيد وأمر ونهي وتحليل / [76 / ب] وتحريم * (إن عصيت ربي) * بتبديله
وتغييره 16 - * (أدراكم) * أعلمكم، أو أنذركم. * (عمرا) * أراد ما بقدم من عمره، أو أربعين سنة، لأنه بعث عن الأربعين، وهو المطلق من عمر الإنسان. * (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بئاياته إنه لا يفلح المجرمون ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هاولاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله
بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إنى معكم من المنتظرين) * * (أتنبئون الله) * أتخبرونه بعبادة من لا يعلم ما في السماوات ولا ما في الأرض، أوليس يعلم الله له شريكا
19 _ * (وما كان الناس) * آدم - عليه الصلاة والسلام -، أو أهل السفينة، أو من كان على عهد إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أو بنو آدم. * (أمة واحدة) * على الإسلام حتى اختلفوا ' ع ' أو على الكفر، أو على دين واحد فاختلفوا في
65

الدين فمؤمن وكافر، أو اختلف بنو آدم لما قتل قابيل أخاه. * (سبقت) * بتأجيل العذاب إلى الآخرة، لعجل العذاب في الدنيا، أو بأن لا يعاجل العصاة * (لقضي بينهم) * باضطرارهم إلى معرفة المحق من المبطل. * (وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون) *
21 _ * (رحمة) * رخاء بعد شدة، أو عافية بعد سقم، أو خصابة بعد جدب، أو إسلاما بعد كفر، وهو المنافق، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - * (مكر) * كفر وجحود، أو استهزاء وتكذيب، لما أجيب دعاء الرسول [صلى الله عليه وسلم] بسبع كسبع يوسف - عليه الصلاة والسلام - أتاه [أبو سفيان] وسأله أن يدعو لهم بالخصب وقال: إن أجابك وأخصبنا صدقناك، فدعا بذلك فأخصبوا فنقضوا ما قالوه وأقاموا على كفرهم فنزلت هذه الآية. * (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلهآ أنهم قادرون عليهآ
66

أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الأيات لقوم يتفكرون والله يدعوا إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم) *
24 - * (حصيدا) * ذاهبا، أو يابسا. * (تغن) * تعمر أو تعيش، أو تقم غني بالمكان: أقام به، أو تنعم.
25 _ * (دار السلام) * السلامة، أو اسم الله _ تعالى - والجنة داره. * (يهدي) * بالتوفيق والإعانة، أو بإظهار الأدلة. * (صراط مستقيم) * القرآن، أو الإسلام، أو الحق، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] وصاحباه - رضي الله تعالى عنهما - من بعده. * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من اليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *
26 - * (أحسنوا) * عبادة ربهم * (الحسنى) * الجنة، والزيادة: النظر إلى الله - تعالى -، أو الحسنى واحدة الحسنات والزيادة مضاعفتها إلى عشرة ' ع ' أو الحسنى حسنة بحسنة، والزيادة: مغفرة ورضوان، أو الحسنى: جزاء الآخرة، والزيادة: ما أعطوا في الدنيا، أو الحسنى: الثواب والزيادة: الدوام * (يرهق) * يعلو، أو يلحق، غلام مراهق: لحق بالرجال. * (قتر) * سواد الوجه ' ع ' أو الجزاء، أو الدخان، قتار اللحم والعود دخانهما، أو الغبار في محشرهم إلى الله. * (ذلة) * هوان أو خيبة.
67

* (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون * 28 * فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون) *
30 - * (تتلو) * تقرأ كتاب الحسنات والسيئات، أو تتبع ما قدمته في الدنيا، أو تعاين جزاءه * (تبلو) * تسلم كل نفس، أو تختبر * (مولاهم) * مالكهم * (الحق) * لأن الحق منه كالعدل لأنه العدل منه. * (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى للحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغنى من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون) *
68

36 - * (إلا ظنا) * تقليدا للرؤساء. * (وما كان هذا القرءان أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فأنظر كيف كان عاقبة الظالمين ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين) *
37 - * (تصديق الذي بين يديه) * من التوراة والإنجيل والزبور أو البعث والجزاء والنشور.
39 - * (بعلمه) * بعلم التكذيب لشكهم فيه، أو بعلم ما فيه من الوعد والوعيد. * (تأويله) * ما فيه من البرهان، أو ما يؤول إليه من عقابهم. * (وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون * 43 * إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين) *
45 - * (لم يلبثوا) * في الدنيا، أو القبور. * (يتعارفون) * أنهم كانوا على الباطل، أو يعرف بعضهم بعضا إذا خرجوا من القبور ثم تنقطع المعرفة.
69

* (وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون قل أرءيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع ءامنتم به ءآلئن وقد كنتم به تستعجلون ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون) *
47 - * (فإذا جاء رسوله) * يوم القيامة ليشهد عليهم قضي بيهم، أو إذا جاء في الدنيا ودعا عليهم قضي بينهم في الدنيا بالانتقام منهم، أو إذا جاء في الآخرة قضي بينهم وبينه لتكذيبهم في الدنيا. * (ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون هو يحيي ويميت وإليه ترجعون) *
53 - * (أحق هو) * البعث، أو عذاب الآخرة. * (بمعجزين) * بممتنعين، أو بمسابقين. 54 - * (أسروا الندامة) * أظهروها، أو أخفوها من رؤسائهم، أو أخفاها
70

الرؤساء منهم، أو بدت بالندامة أسرة وجوههم، وهي تكاسير الجبهة قاله المبرد. * (وقضي بينهم) * وبين الرؤساء، أو قضي عليهم بالعذاب. * (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين * 57 * قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون قل أرءيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل أألله أذن لكم أم على الله تفترون وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرءان ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) *
58 - * (بفضل الله) * الإسلام. ورحمته: القرآن، أو عكسه ' ع ' * (فليفرحوا) * بهما، أو فلتفرح قريش أن كان محمد [صلى الله عليه وسلم] منهم ' ع '. * (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين ءامنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا
71

يخرصون هو الذي جعل لكم اليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لأيات لقوم يسمعون قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم الينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرين) *
62 - * (أولياء الله) * أهل ولايته المستحقون لكرامته ' ع '، أو الذين آمنوا وكانوا يتقون، أو الراضون بالقضاء والصابرون على البلاء والشاكرون على النعماء، أو من توالت أفعالهم على متابعة الحق، أو المتحابون في الله - تعالى -.
64 - * (البشرى) * في الدنيا عند الموت بتعريف مكانه وفي الآخرة الجنة، أو في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها، أو ترى له وفي الآخرة الجنة، * (لا تبديل لكلمات الله) * لا خلف لوعده، أو لا نسخ لخبره. * (واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بئايات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين) *
71 - * (فأجمعوا) * أعزموا، أو أعدوا أمركم مع شركائكم على التناصر، أو
72

ادعوا شركاءكم لتنصركم. * (غمة) * مغطى مستورا، غم الهلال استتر، أو ضيق الأمر الموجب للغم * (لا يكن أمركم) * آلهتكم، أو ما عزمتم عليه. * (اقضوا) * ما أنتم قاضون، أو انهضوا ' ع '، أو أفضوا إلي ما في أنفسكم.
73 - * (ومن معه) * ثمانون رجلا أحدهم جرهم وكان عربي اللسان، وحمل من كل زوجين اثنين، وأول ما حمل الذرة وآخره الحمار فدخل إبليس متعلقا بذنبه ' ع ' * (خلائف) * لمن غرق. * (وأغرقنا) * قيل: عاشوا في الطوفان أربعين يوما، قال ابن إسحاق: بقي الماء بعد الغرق مائة وخمسين يوما، وكان بين إرسال الطوفان إلى غيض الماء ستة أشهر وعشرة أيام، وقال: استوت على الجودي لسبع عشرة ليلة من الشهر السابع. * (ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملإئه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه ءاباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين) *
78 - * (لتفتنا) * لتلوينا، لفت عنقه: لواها، أو لتصدنا، أو لتصرفنا لفته لفتا: صرفه. * (الكبرياء) * الملك، أو العظمة، أو العلو، أو الطاعة. * (وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون 12 * * فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون فما ءامن لموسى
73

إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملإيهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين) * \ 83 - * (ذرية) * قليل ' ع '، أو الغلمان لأن
فرعون كان يذبحهم فأسرعوا إلى الإيمان أو أولاد الزمنى، أو قوم أمهاتهم من / [77 / ب] بني إسرائيل وآباؤهم من القبط * (يفتنهم) * يقتلهم، أو يكرههم على استدامة ما هم عليه. * (لعال) * متجبر، أو طاغ باغ. * (وقال موسى يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين) *
85 - * (فتنة) * لا تسلطهم علينا فيفتنونا، أو يفتتنوا بنا لظنهم بتسليطهم أنهم على حق. * (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين) *
87 - * (تبوءا) * تخيرا واتخذا * (بمصر) * المعروفة، أو الإسكندرية، قاله
74

مجاهد * (بيوتا) * قصورا، أو مساجد. * (بيوتكم قبلة) * مساجد يصلون فيها لأنهم كانوا يخافون فرعون إذا صلوا في الكنائس، أو اجعلوا مساجدكم [قبل] الكعبة ' ع '، أو يقابل بعضها بعضا، أو اجعلوا بيوتكم التي بالشام قبلة لكم في الصلاة فهي قبلة اليهود إلى اليوم * (وبشر المؤمنين) * بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة. * (وقال موسى ربنا إنك ءاتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) *
88 - * (اطمس على أموالهم) * اهلكها، فصارت زروعهم وأموالهم حجارة منقوشة. * (واشدد على قلوبهم) * بالعمى عن الرشد، أو بالقسوة، أو بالموت، أو بالضلالة ليهلكوا كفارا فيعذبوا في الآخرة. * (العذاب الأليم) * الغرق.
89 - * (دعوتكما) * أمن هارون على دعاء موسى عليهما الصلاة والسلام فسماه داعيا، ومعنى آمين: اللهم استجب، أو اسم من أسماء الله - تعالى - بإضمار حرف النداء تقديره يا آمين استجب، وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين ' أي يمنع من وصول الأذى والضرر إليهم كما يمنع الختم من الوصول إلى المختوم، أو معناه بعد الدعاء اللهم استجب
75

وبعد الفاتحة كذلك أمنة تكون ' ع '، وتأخر فرعون بعد الإجابة أربعين عاما. * (فاستقيما) * فامضيا لأمري فخرجا في قومهما، أو فاستقيما في الدعاء على فرعون وقومه، قيل ليس لنبي أن يدعو إلا بإذن لأن دعاءه يوجب النقمة وقد يكون فيهم من يتوب. * (وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إله إلا الذي ءامنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين ءالئان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك ءاية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) *
92 - * (ننجيك) * نلقيك على نجوة وهي المكان المرتفع. * (ببدنك) * بجسدك لا روح فيه، أو بدرعك وكانت من حديد يعرف بها، وكان من تخلف من قومه ينكر غرقه، فرمي به على الساحل فرآه بنو إسرائيل، وكان قصيرا أحمر كأنه ثور. * (خلفك) * بعدك عبرة وموعظة. * (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) *
93 - * (مبوأ صدق) * لأنه كالصدق في الفضل، أو تصدق به عليهم، الشام وبيت المقدس، أو الشام ومصر. * (فما اختلفوا) * بنو إسرائيل في نبوة محمد [صلى الله عليه وسلم] * (حتى جاءهم العلم) * القرآن، أو محمد [صلى الله عليه وسلم] فيكون العلم بمعنى المعلوم لأنهم عرفوه من كتبهم. * (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد
76

جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بئايات الله تكون من الخاسرين 2 * * إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل ءاية حتى يروا العذاب الأليم) *
94 - * (في شك) * من إرسالك، أو من أنك مكتوب في التوراة والإنجيل * (الذين يقرءون) * أهل الصدق والتقوى منهم، أو من آمن كعبد الله بن سلام، خوطب به الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمراد أمته، أو على عادتهم في التنبيه على أسباب الطاعة كقول الوالد لولده: إن كنت ولدي فبرني، والسيد لعبده: إن كنت عبدي [78 / أ] فأطعني، ولا يشك في ولده أو عبده، وقال الرسول / [صلى الله عليه وسلم]: ' لا أشك ولا أسأل '. * (فلولا كانت قرية ءامنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما ءامنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) *
98 - * (فلولا كانت) * أي لم تؤمن قرية بعد أن حقت عليهم كلمة ربك. * (قوم يونس) * أهل نينوى من بلاد الموصل وعدهم يونس - عليه الصلاة والسلام - بالعذاب بعد ثلاث، فقالوا: انظروا فإن خرج يونس فوعيده حق فلما خرج فزعوا إلى شيخ منهم، فقال: توبوا وقولوا يا حي حين لا حي، ويا حي محي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت، فلبسوا المسوح، وفرقوا بين كل والدة وولدها وخرجوا عن القرية تائبين داعين فكشف عنهم، وكان ذلك يوم
77

عاشوراء. * (كشفنا) * حصوله بقبوله التوبة بعد رؤية العذاب فكشف عنهم بعد أن تدلى عليهم ولم يكن بينه وبينهم إلا ميل، أورأوا دلائل العذاب ولم يروه، ولو رأوه لما قبلت توبتهم كفرعون. * (حين) * أجلهم، أو مصيرهم إلى الجنة أو النار ' ع '. * (ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغنى الأيات والنذر عن قوم لا يؤمنون فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ثم ننجى رسلنا والذين ءامنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين) *
100 - * (بإذن الله) * بأمره، أو معونته، أو إعلامه إياها سبيل الهدى والضلال، * (الرجس) * السخط ' ع '، أو الإثم، أو العذاب، أو ما لا خير فيه، أو
الشيطان. * (قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين وأن أ قم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت
78

فإنك إذا من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم) *
105 - * (أقم وجهك) * استقم بإقبال وجهك على ما أمرت به، أوأراد بالوجه النفس. * (حنيفا) * حاجا ' ع '، أو متبعا أو مستقيما، أو مخلصا، أو مؤمنا بالرسل، أو سابقا إلى الطاعة، من حنف الرجلين وهو أن تسبق إحداهما الأخرى. * (قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين) *
108 - * (الحق من ربكم) * القرآن، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم].
79

سورة هود
مكية أو إلا آية * (وأقم الصلاة) * [114] ' ع '.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فأني أخاف عليكم عذاب يوم كبير إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير) *
1 - * (كتاب) * القرآن، * (أحكمت آياته) * بالأمر والنهي * (ثم فصلت) * بالثواب والعقاب، أو أحكمت من الباطل ثم فصلت بالحلال والحرام والطاعة والمعصية، أو آيات هذه السورة كلها محكمة، * (فصلت) * فسرت، أو أحكمت آياته للمعتبرين وفصلت للمتقين، أو أحكمت آياته في القلوب وفصلت أحكامه على الأبدان. * (حكيم) * في أفعاله * (خبير) * بمصالح عباده، أو حكيم فيما أنزل خبير بمن يتقبل.
2 - * (ألا تعبدوا) * يعني أني كتبت في الكتاب أن لا تعبدوا إلا الله، أو أمر رسوله [صلى الله عليه وسلم] أن يقول ذلك. * (نذير) * من النار * (وبشير) * بالجنة.
3 - * (وأن استغفروا ربكم) * مما سلف ثم توبوا إليه في المستأنف متى وقعت منكم ذنوب، أو قدم الاستغفار، لأنه المقصود وأخر التوبة لأنها سبب
80

إليه. * (متاعا حسنا) * في الدنيا بطيب النفس وسعة الرزق، أو بالرضا بالميسور والصبر على المقدور، أو بترك الخلق والإقبال على الحق قاله سهل رضي الله تعالى عنه * (أجل مسمى) * الموت، أو القيامة، أو وقت لا يعلمه إلا الله - تعالى - ' ع ' * (ويؤت كل ذي فضل فضله) * يهديه إلى [87 / ب] العمل الصالح ' ع '، أو يجزيه به في الآخرة. * (كبير) * يوم القيامة لكبر الأمور فيه. * (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور) *
5 - * (يثنون صدورهم) * على الكفر * (ليستخفوا) * من الله - تعالى أو على عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] ليخفوها عنه، أو على ما أضمروه ليخفوه على الناس، أو كان المنافقون إذا مروا بالرسول [صلى الله عليه وسلم] غطوا رؤوسهم وحنوا صدورهم لئلا يراهم أو قال رجل إذا أغلقت بابي وأرخيت ستري وتغشيت ثوبي وثنيت صدري فمن يعلم بي فأخبر الله - تعالى - بذلك. * (يستغشون) * يلبسون ويتغطون، قال:
* أرعى النجوم ما كلفت رعيتها
* وتارة أتغشى فضل أطماري
*
كنى باستغشاء الثياب عن الليل، لأنه يسترهم بظلمته كما يستترون
81

بالثياب وكانوا يخفون أسرارهم ليلا، أو كانوا يغطون وجوههم وآذانهم بثيابهم بغضا للرسول [صلى الله عليه وسلم] حتى لا يروه ولا يسمعوا كلامه، أو أراد المنافقين لأنهم لسترهم ما في قلوبهم كالمستغشي ثيابه، أو كان قوم من المسلمين يتنسكون بستر أبدانهم فلا يكشفونها تحت السماء فبين الله - تعالى - أن النسك بالاعتقاد والعمل. * (ما يسرون) * في قلوبهم * (وما يعلنون) * بأفواههم، أو ما يسرون الإيمان وما يعلنون العبادات، أو ما يسرون عمل الليل، وما يعلنون عمل النهار ' ع ' * (بذات الصدور) * بأسرارها، نزلت في الأخنس بن شريق ' ع '. * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) *
6 - * (مستقرها) * حيث تأوي * (مستودعها) * حيث تموت أو مستقرها الرحم ومستودعها الصلب، أو مستقرها في الدنيا ومستودعها في الآخرة. * (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء
82

ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى إنه لفرح فخور إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا انزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل أم يقولون أفتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين
فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون) *
7 - * (أحسن عملا) * أتم عقلا، أو أزهد في الدنيا، أو أكثر شكرا، أو أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعته، قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم].
83

8 - * (أمة) * فناء أمة، أو الأجل عند الجمهور، الأمة: الأجل. * (ما يحبسه) * أي العذاب، قالوا ذلك تكذيبا له لتأخره، أو استعجالا واستهزاء * (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) *
17 - * (بينه) * القرآن، أو دلائل التوحيد ووجوب الطاعة، أو محمد [صلى الله عليه وسلم] * (شاهد منه) * لسانه يشهد له بتلاوة القرآن، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] شاهد من الله - تعالى - أو جبريل - عليه السلام - ' ع '، أو قال علي - رضي الله عنه - ما في قريش أحد إلا وقد نزلت فيه آية قيل: فما نزل فيك قال: ' ويتلوه شاهد منه ' * (قبله) * الضمير للقرآن، أو للرسول [صلى الله عليه وسلم] * (إماما) * للمؤمنين لاقتدائهم به * (ورحمة) * لهم، أو إماما متقدما علينا ورحمة لهم. * (أولئك يؤمنون به) * أي
84

من كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه * (الأحزاب) * أهل الأديان كلها، أو المتحزبون على الرسول [صلى الله عليه وسلم] وحربه، قريش، أو اليهود والنصارى، أو أهل الملل كلها. * (موعدة) * مصيره. * (فلا تك في مرية) * من القرآن، أو من أن النار موعد الكافرين به. * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون * 19 * أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون) *
18 - * (كذبا) * / بأن ادعى إنزال ما لم ينزل عليه، أو نفى ما أنزل عليه. * (يعرضون) * يحشرون إلى موقف الحساب. * (الأشهاد) * الأنبياء، أو الملائكة، أو الخلائق، أو الأنبياء والملائكة والمؤمنون والأجساد، الأشهاد: جمع شهيد كشريف وأشراف، أو جمع شاهد كصاحب وأصحاب.
19 - * (الذين يصدون) * قريش صدوا الناس عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو عن الدين ' ع '، * (ويبغونها عوجا) * يرجون بمكة غير الإسلام دينا، أو يبغون محمدا هلاكا، أو يتأولون القرآن تأويلا باطلا.
22 - * (لا جرم) * لا بد، أو ' لا ' صلة، جرم: حقا، أو لا نفي لدفع العذاب عنهم، ثم استأنف جرم بمعنى كسب أي كسبوا استحقاق النار، قال:
* نصبنا رأسه في رأس جذع
* بما جرمت يداه وما اعتدينا
*
85

* (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون) *
23 - * (أخبتوا) * خافوا ' ع '، أو اطمأنوا، أو أنابوا، أو خشعوا وتواضعوا، أو أخلصوا. * (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين) *
27 - * (أراذلنا) * جمع أرذل وأرذل جمع رذل وهو الحقير يعنون الفقراء وأصحاب الصنائع الدنيئة. * (بادي الرأي) * ظاهره، أي إنك تعمل بأول الرأي من غير فكر، أو إنما في نفسك من الرأي ظاهر تعجيزا له، أو اتبعوك بأول الرأي ولو فكروا لرجعوا عن اتباعك. * (قال يا قوم أرءيتم إن كنت على بينة من ربي وءاتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ويا قوم لا أسئلكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين ءامنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكنى أراكم قوما تجهلون
86

ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتكم أفلا تذكرون ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أ قول للذين تزدرى أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين) *
28 - * (بينة) * ثقة، أو حجة * (رحمة) * إيمانا، أو نبوة ' ع '. * (فعميت عليكم) * البينة خفيت فعميتم عنها، أراد بذلك بيان تفضيله عليهم لما قالوا * (وما نرى لكم علينا من فضل) * * (أنلزمكموها) * البينة، أو الرحمة. * (كارهون) * أي لا يصح قبولكم لها مع الكراهية، وقال قتادة: لو استطاع نبي الله [صلى الله عليه وسلم] لألزمها قومه، ولكنه لم يملك ذلك.
29 - * (تجهلون) * أنهم أفضل منكم لإيمانهم وكفرهم، أو لاسترذالكم وطلب طردهم.
30 - * (خزائن الله) * الأموال فأدفعها إليكم على أيمانكم، أو الرحمة فأسوقها إليكم ' ع '. * (تزدري) * تحتقر، أزريت عليه عبته، وزريت عليه حقرته. * (قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحى إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامي وأنا برئ مما تجرمون) *
87

35 - * (افتراه) * أي النبي [صلى الله عليه وسلم] اختلق ما أخبر به عن نوح وقومه. * (إجرامي) * عقاب إجرامي وهي الذنوب المكتسبة أو الجنايات المقصودة. * (وأوحينا إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) *
36 - * (لن يؤمن من قومك) * لما أخبره بذلك قال: * (لا تذر على الأرض) * الآية [نوح: 26] * (تبتئس) * تحزن، أو تأسف، والابتئاس حزن في استكانة، لا تحزن لهلاكهم، أو كفرهم المفضي إلى هلاكهم.
37 - * (بأعيننا) * بحيث نراك فعبر عن الرؤية بالأعين لأنها بها تكون، أو بحفظنا إياك حفظ من يراك، أو أعين أوليائنا من الملائكة. * (ووحينا) * أمرنا بصنعتها، أو بتعليمنا لك صنعتها.
38 - * (ويصنع الفلك) * مكث مائة سنة يغرس الشجر ويقطعها وييبسها، ومائة سنة يعملها، وكان طولها ألفا ومائتي ذراع وعرضها [79 / ب] / ستمائة ذراع وكانت مطبقة، أو طولها أربعمائة ذراع، وعلوها ثلاثون ذراعا وعرضها خمسون ذراعا وكانت ثلاثة أبيات، أو طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها مائة وخمسين ذراعا، وعلوها ثلاثين ذراعا في أعلاها الطير وفي أوسطها الناس وفي أسفلها السباع، ودفعت من عين وردة يوم الجمعة لعشر مضين من رجب، ورست
88

ببارقردى على الجودي يوم عاشوراء، وكان بابها في عرضها. * (سخروا منه) * لما رأوه يصنعها في البر، قالوا: صرت بعد النبوة نجارا، أو لم يكونوا رأوا قبلها سفينة فقالوا ما تصنع قال: بيتا يمشي على الماء فسخروا منه * (إن تسخروا) * من قولنا فسنسخر من غفلتكم، أو إن تسخروا منا اليوم عند بناء السفينة فإنا نسخر منكم غدا عند الغرق، سمى جزاء السخرية باسمها، أو عبر بها عن الاستجهال. * (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن ءامن وما ءامن معه إلا قليل) *
40 - * (التنور) * وجه الأرض، تسمي العرب وجه الأرض تنورا، أو التنور عين وردة التي بالجزيرة، أو مسجد الكوفة قبل أبواب كندة، أو التنور ما زاد على الأرض فأشرف منها، أو تنور الخبز، قال الحسن - رضي الله تعالى عنه - كان من حجارة وكان لحواء وصار لنوح - عليه الصلاة والسلام -، أو التنور تنوير الصبح قالوا: نور الصبح تنويرا * (زوجين) * من الآدميين والبهائم ذكرا وأنثى. * (من سبق عليه القول) * من الله بالهلاك ابنه كنعان وامرأته كانا كافرين * (قليل) * ثمانون رجلا منهم جرهم، أو سبعة نوح وأولاده سام وحام ويافث
89

[وثلاث كنات له]، أو السبعة وزوجته فصاروا ثمانية، فأصاب حام امرأته في السفينة فدعا نوح - عليه الصلاة والسلام - أن يغير الله - تعالى - نطفته فجاءوا سودان، ولما نزل يوم عاشوراء من السفينة قال: من كان صائما فليتم صومه ومن لم يكن صائما فليصم. * (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سئاوى إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين * 43 *) *
41 - * (بسم الله مجراها) * سيرها * (ومرساها) * ثبوتها ووقوفها، كان إذا أراد السير قال: بسم الله مجراها فتسير، وإذا أراد الوقوف قال: بسم الله مرساها فتقف.
43 - * (سآوي إلى جبل) * قال ذلك لبقائه على كفره تكذيبا لأبيه، قيل الجبل طور زيتا. * (عاصم) * معصوم من الغرق. * (إلا من رحم) 8 الله تعالى فأنجاه من الغرق، أو إلا من رحمه نوح - عليه الصلاة والسلام - فحمله في السفينة. * (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين) *
44 - * (ابلعي ماءك) * بلعت ماءها وماء السماء، أو ماءها وحده وصار ماء السماء بحارا وأنهارا، لأنه قال: * (ابلعي ماءك) * () * (اقلعي) * عن المطر، أقلع عن الشئ تركه. * (وغيض الماء) * نقص فذهبت زيادته عن الأرض. * (وقضي) *
90

الأمر) * بإهلاكهم بالغرق. * (الجودي) * جبل بالموصل، أو الجزيرة أو اسم لكل جبل. * (ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال رب إني أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين) *
46 - * (ليس من أهلك) * ولد على فراشه لغير رشده، أو كان ابن امرأته، أو كان ابنه وما بغت امرأة نبي قط / [80 / أ] ' ع '، فقوله: * (ليس من أهلك) * أي أهل دينك وولايتك عند الجمهور، أو من أهلك الذين وعدتك بإنجائهم. * (إنه عمل غير صالح) * سؤالك إياي أن أنجيه، أو إن ابنك عمل غير صالح لغير رشدة
، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -، أو إن ابنك عمل عملا غير صالح ' ع '، * (أعظك) * أحذرك أو أرفعك.
91

* (وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون يا قوم لا أسئلكم عليه أجرا إن أجرى إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين) *
52 - * (مدرارا) * المطر في إبانه، أو المتتابع ' ع ' * (قوة) * شدة إلى شدتكم أو خصبا إلى خصبكم، أو غزأ إلى عزكم بكثرة عددكم وأموالكم أو ولد الولد. * (قالوا يا يهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني برئ مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو ءاخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين ءامنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بئايات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة إلا أن عادا كفروا ربهم إلا بعدا لعاد قوم هود) * \ 56 - * (صراط مستقيم) * الحق، أو تدبير محكم. * (وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو أنشأكم من
92

الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريب قال يا قوم أرءيتم إن كنت على بينة من ربي وءاتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير) *
61 - * (من الأرض) * في الأرض، أو خلقهم من آدم - عليه الصلاة والسلام - وآدم من ترابها. * (واستعمركم) * أبقاكم فيها مدة أعماركم من العمر، أو أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه من مسكن وغرس أشجار، أو أطال أعماركم كانت أعمارهم من ألف إلى ثلاثمائة سنة.
62 - * (مرجوا) * يرجى خيرك، أو حقيرا من الإرجاء والتأخير.
63 - * (بينة) * (دين) * (رحمة) * نبوة وحكمة. * (فما تزيدونني) * في احتجاجكم باتباع آبائكم إلا خسارا تخسرونه أنتم، أو ما تزيدونني على الرد والتكذيب - إن أطعتكم - إلا خسارا لاستبدال الثواب بالعقاب. * (ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين ءامنوا معه برحمة منا ومن خزي يؤمئذ إن ربك هو القوي العزيز وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود) *
67 - * (الصيحة) * صيحة جبريل - عليه السلام -، أو أحدثها الله - تعالى - في حيوان، أو في غير حيوان. * (ديارهم) * منازلهم وبلادهم كديار بكر وربيعة،
93

أو في الدنيا لأنها دار الخلائق. * (جاثمين) * ميتين، أو هلكى بالجثوم، وهو السقوط على الوجه، أو القعود على الركب.
68 - * (يغنوا) * يعيشوا، أو ينعموا. * (كفروا) * وعيد ربهم، أو بأمر ربهم. * (بعدا) * قضى بالاستئصال فهلكوا جميعا إلا أبا رغال كان بالحرم فمنعه الحرم من العذاب. * (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حينئذ فلما رءا أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا: أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) *
69 - * (رسلنا) * رسلنا جبريل وميكائيل وإسرافيل واثنا عشر ملكا مع جبريل ' ع ' و * (إبراهيم) * أعجمي عند الأكثرين، أو عربي من البرهمة وهي إدامة النظر. * (بالبشرى) * بإسحاق - عليه الصلاة والسلام - أو النبوة، أو بإخراج محمد [صلى الله عليه وسلم] من صلبه وأنه خاتم الأنبياء، أو بهلاك قوم لوط. * (سلاما) * حيوه فرد عليهم، أو قالوا: سلمت أنت وأهلك من هلاك قوم لوط، قوله: سلام: أي الحمد لله الذي سلمني، والسلم والسلام واحد أو السلم من المسالمة والسلام من السلامة. * (فما لبث) * مدحه بالإسراع بالضيافة لأنه ظنهم ضيوفا لمجيئهم على صور الناس. * (حنيذ) * حار، أو مشوي نضيجا بمعنى
94

محنوذ كطبيخ ومطبوخ، وهو الذي حفر له في الأرض ثم غم فيها، أو الذي تجعل الحجارة المحماة بالنار في جوفه ليسرع نضاجه.
70 - * (نكرهم) * نكر وأنكر واحد، أو نكر إذا لم يعرفهم وأنكرهم وجدهم على منكر. ونكرهم لأنهم [لم] يتحرموا بطعامه وشأن العرب إذا لم يتحرم بطعامهم أن يظنوا السوء، أو نكرهم لأنه لم يكن لهم أيدي. * (وأوجس) * أضمر. * (إنا أرسلنا) * أعلموه بذلك ليأمن / [80 / ب] منهم، أو لأنه كان يأتي قوم لوط فيقول ويحكم أنهاكم عن الله - تعالى - أن تتعرضوا لعقوبته فلا يطيعونه.
71 - * (قائمة) * تصلي، أو في خدمتهم، أو من وراء الستر تسمع كلامهم. * (فضحكت) * حاضت يقولون: ضحكت المرأة إذا حاضت. والضحك في كلامهم: الحيض وافق ذلك عادتها، أو لذعرها وخوفها تغيرت عادتها، أو ضحكت: تعجبت سمي به لأنه سبب له، عجبت من أنها وزوجها يخدمانهم إكراما وهم لا يأكلون، أو من مجيء العذاب إلى قوم لوط وهم غافلون، أو من مجيء الولد مع كبرها وكبر زوجها، أو من إحياء العجل الحنيذ، لأن جبريل - عليه السلام - مسحه بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمه وكانت أمه في الدار أو هو الضحك المعروف قاله الجمهور، ضحكت سرورا بالولد، أو بالسلامة، أو لما رأت بزوجها من الروع، أو ظنا أن الرسل يعملون عمل قوم لوط. * (وراء) * بعد، أو الوراء ولد الولد ' ع '،
95

وخصوها بالبشرى لما اختصت بالضحك، أو كافؤوها بذلك استعظاما لخدمتها، أو لأن المرأة أفرح بالولد من الرجل.
72 - * (يا ويلتي) * لم تدع بالويل ولكنها كلمة تخف على ألسنة النساء عند تعجبهن، استغربت مجيء ولد من عجوز لها تسع وتسعون سنة، وشيخ له مائة سنة، أو لها تسعون، وله مائة وعشرون. * (بعلي شيخا) * قيل عرضت بذلك عن ترك غشيانه لها، والبعل السيد والبعل المعبود، وسمي الزوج بعلا لتطاوله على المرأة كتطاول السيد على المسود. * (عجيب) * منكر. * (وعجبوا أن جاءهم منذر) * [ص: 4].
73 - * (أتعجبين من أمر الله) * أنكروا ما قالته استغرابا لا تكذيبا وإنكارا. * (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم ءاتيهم عذاب غير مردود * 76 *) *
74 - * (الروع) * الفزع والروع: النفس ' ألقى في روعي ' * (يجادلنا) * بقوله: إن فيها لوطا، أو سأل هل يعذبونهم استئصالا، أو على سبيل التخويف ليؤمنوا، أو قال: أتعذبونهم إن كان فيهم خمسون من المؤمنين قالوا: لا، قال: أربعون قالوا: لا، فما زال حتى نزلهم على عشرة فقالوا: لا، فذلك جداله، ولم يؤمن به إلا ابنتاه. * (ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر
96

لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) *
77 - * (سئ بهم) * ساء ظنه بقومه وضاق ذرعا بأضيافه، * (عصيب) * شديد لأنه يعصب الناس بالشر، خاف على الرسل أن يفضحهم قومه.
78 - * (يهرعون) * الإهراع الإسراع بين الهرولة والجمز قال: الكسائي والفراء: ولا يكون إلا مع رعدة، أسرعوا لما أعلمتهم امرأة لوط بجمال الأضياف. * (ومن قبل) * إسراعهم كانوا ينكحون الذكور، أو كانت اللوطية فيهم في النساء قبل كونها في الرجال بأربعين سنة. * (بناتي) * نساء الأمة، أو لصلبه لجوازه في شريعته وكان ذلك في صدر الإسلام ثم نسخ، قاله الحسن - رضي الله عنه -، أو على شرط الإيمان كان يشترط العقد، أو رغبهم بذلك في الحلال دفعا لبادئتهم لا أنه بذل نكاحهن ولا عرض بخطبتهن. * (ولا تخزون) * [81 / أ] تذلوني بعار الفضيحة، أو تهلكوني بعواقب فسادكم، أو أراد الحياء خزي الرجل: استحيا. * (رشيد) * مؤمن ' ع '، أو آمر بالمعروف ناه عن المنكر، تعجب من اتفاقهم على المنكر، وأراد بالرشيد من يدفع عن أضيافه.
79 - * (من حق) * حاجة، أو لسن لنا بأزواج، * (ما نريد) * من الرجال، أو بألا نتزوج إلا بواحد وليس منا إلا من له امرأة. * (قال لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من اليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) *
80 - * (قوة) * أنصارا، قال ' ع ': أراد الولد. * (ركن شديد) * عشيرة مانعة
97

فوجدت عليه الرسل، وقالوا: إن ركنك لشديد. وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' رحم الله - تعالى - لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، وقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: فما بعث الله تعالى بعده نبيا إلا في ثروة من قومه.
81 - * (رسل ربك) * وقف على الباب ليمنعهم من الأضياف فلما أعلموه أنهم رسل مكنهم من الدخول، وطمس جبريل - عليه السلام - أعينهم وغل أيديهم فجفت. * (فأسر) * السرى: سير الليل وسرى وأسرى واحد، أو أسرى من أول الليل وسرى من آخره، ولا يقال في النهار إلا سار. * (بقطع) * سواد، أو نصف الليل من قطعه بنصفين، أو السحر الأول أو قطعه ' ع '. * (ولا يلتفت) * لا يتخلف ' ع '، أو لا ينظر وراءه، أو لا يشتغل بما خلفه من مال ومتاع. * (امرأتك) * بالنصب استثناء من ' فأسر '، أو من ' لا يلتفت ' عند من رفع بدل من ' أحد ' * (مصيبها) * خرجت مع لوط من القرية فسمعت الصوت فالتفتت فأرسل عليها حجر فأهلكها. * (موعدهم) * لما علم أنهم رسل قال: فالآن إذن،
98

فقال جبريل - عليه السلام - إن موعدهم الصبح. * (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد) *
82 - * (جاء أمرنا) * للملائكة، أو وقوع العذاب بهم، أو القضاء بعذابهم. * (عاليها) * صعد بها جبريل - عليه السلام - على جناحه حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ثم قلبها وجعل عاليها سافلها وأتبعها الحجارة حتى أهلكها وما حولها، وكن خمس قرى أعظمهن سدوم، أو ثلاث قرى يقال لها سدوم بين المدينة والشام، وكان فيها أربعة آلاف ألف. * (سجيل) * حجارة صلبة، أو مطبوخة، حتى صارت كالأرحاء، أو من جهنم واسمها سجين فقلبت النون لاما، أومن السماء واسمها سجيل، أو من السجل وهو الكتاب كتب الله - تعالى - عليها أن يعذب بها، أو سجيل مرسل من السجل وهو الإرسال أسجلته أرسلته، والدلو سجيل لإرساله، أو من السجل وهو العطاء سجلت له سجلا من العطاء كأنهم أعطوا البلاء إذرارا، أو فارسي معرب من سنك وهو الحجر وكل وهو الطين. * (منضود) * نضد بعضه على بعض، أو مصفوف.
83 - * (مسومة) * معلمة ببياض في حمرة ' ع '، أو مختمة على كل حجر اسم صاحبه. * (عند ربك) * في علمه، أو في خزائنه لا يتصرف فيها سواه [81 / ب] * (الظالمين) * من قريش، أو العرب، أو ظالمي هذه الأمة، أو كل ظالم وأمطرت الحجارة على المدن حين رفعها، أو على من كان خارجا عنها من أهلها. * (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط) *
84 - * (مدين) * بنو مدين بن إبراهيم كمضر لبني مضر، أو مدين مدينتهم
99

نسبوا إليها ثم اقتصر على اسمها تخفيفا، وهو أعجمي، أوعربي من مدن بالمكان أقام فيه عند من زعم أنه اسم المدينة، أو من دنت أي ملكت بزيادة الميم عند من جعله اسم رجل. * (شعيبا) * تصغير شعب وهو الطريق في الجبل، أو القبيلة العظيمة، أو من شعب الإناء المكسور. * (بخير) * رخص السعر ' ع '، أو المال وزينة الدنيا. * (يوم محيط) * غلاء السعر ' ع ' أو عذاب النار في الآخرة، أو الاستئصال في الدنيا. * (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ * 86 *) *
86 - * (بقية) * رزقه، أو طاعته، أو وصيته، أو رحمته، أو حظكم منه، أو ما أبقاه لكم بعد إيفاء الكيل والوزن. * (قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاؤا إنك لأنت الحليم الرشيد) *
87 - * (أصلواتك) * المعروفة، أو قراءتك، أو دينك الذي تتبعه، أصل الصلاة الاتباع ومنه المصلي في الخيل. * (تأمرك) * تدعوك، أو فيها أن تأمرنا أن نترك عبادة الأصنام. * (ما نشاء) * من البخس والتطفيف، أو الزكاة التي أمرهم
100

بها، أو قطع الدراهم والدنانير لأنه نهاهم عن ذلك. * (الحليم الرشيد) * استهزاء، أو نفي ' ع '، أو حقيقة ما نبتغي لك هذا مع حلمك ورشدك. * (قال يا قوم أرءيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) *
88 - * (رزقا حسنا) * مالا حلالا، قال ' ع ': وكان شعيب كثير المال، أو نبوة فيه حذف تقديره أفأعدل عن عبادته. * (أنيب) * أرجع، أو أدعو. * (ويا قوم لا يجرمنكم شقاقى أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود) *
89 - * (يجرمنكم) * يحملنكم، أو يكسبنكم. * (شقاقي) * عداوتي، أو إصراري، أو فراقي. * (ببعيد) * بعد الدار لدنوهم منهم، أو بعد الزمان لقرب العهد وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] إذا ذكر شعيبا قال: ' ذاك خطيب الأنبياء '. * (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز قال يا قوم أرهطى أعز عليكم من الله اتخذتموه
101

وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط) *
91 - * (ما نفقه) * ما نفهم صحة ما تقول من البعث والجزاء، أو قالوه إعراضا عن سماعه، أو احتقارا لكلامه، * (ضعيفا) * أعمى، أو ضعيف البصر، أو البدن، أو وحيدا، أو ذليلا مهينا، أو قليل العقل، أو قليل المعرفة بمصالح الدنيا وسياسة أهلها. * (رهطك) * عشيرتك عند الجمهور، أو شيعتك، * (لرجمناك) * بالحجارة، أو بالشتم. * (بعزيز) * بكريم، أو بممتنع لولا رهطك.
92 - * (أرهطي أعز عليكم) * أتراعون رهطي في ولا تراعون الله في. * (ظهريا) * أطرحتم أمره وراء ظهوركم لا تلتفتون إليه ولا تعملون به، أو حملتم أوزار مخالفته على ظهوركم، أو إن احتجتم إليه استعنتم به وإن اكتفيتم تركتموه كالذي يتخذ من الجمال ظهرا إن احتيج إليه حمل عليه وإن استغني عنه ترك، أو جعلهم الله وراء ظهورهم ظهريا. * (محيط) * حفيظ، أو خبير، أو مجازي. * (ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين ءامنوا معه برحمة منا واخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها إلا بعد لمدين كما بعدت ثمود) *
102

93 - * (مكانتكم) * ناحيتكم ' ع '، أو تمكنكم أي اعملوا في هلاكي فإني عامل في هلاككم قال ذلك ثقة بربه. * (عذاب) * الفرق * (يخزيه) * يذله، أو يفضحه. * (فارتقبوا) * انتظروا العذاب / [82 / أ] * (إني معكم) * منتظر. * (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملإيه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) *
99 - * (في هذه) * الدنيا لعنة المؤمنين ويوم القيامة لعنة الملائكة أو لعنة الدنيا الفرق ولعنة الآخرة النار. * (الرفد المرفود) * العون المعان، أو الرفد الزيادة لأنهم زيدوا على الفرق بالنار، أو ذم لشرابهم فيها لأن الرفد بالكسر ما في القدح من الشراب والرفد بالفتح القدح. * (ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم ءالهتهم التي يدعون من دون الله من شىء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) *
100 - * (نقصه) * نخبرك، أو نتبع بعضه بعضا. * (قائم) * عامر * (وحصيد) * خاوي ' ع '، أو القائم الآثار والحصيد الدارس.
101 - * (تتبيب) * تخسير، أو هلاك، أو شر.
103

* (إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقى وسعيد) *
105 - * (لا تكلم) * لا تشفع، أو لا تكلم بشيء من جائز الكلام، أو يمنعون في بعض أوقات القيامة من الكلام إلا بإذنه. * (شقي وسعيد) * محروم ومرزوق، أو معذب ومنعم، ابتدأ بالسعادة والشقاوة من غير جزاء أو جوزيا بها على أعمالهما. * (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) *
106 - * (زفير وشهيق) * الزفير الصوت الشديد والشهيق الصوت الضعيف ' ع '، أو الزفير في الحلق والشهيق في الصدر، أو الزفير تردد النفس من شدة الحزن والشهيق النفس الطويل، جبل شاهق طويل، أو الزفير أول شهيق الحمار والشهيق آخره.
107 - * (خالدين فيها ما دامت) * سماء الدنيا وأرضها * (إلا ما شاء ربك) * من الزيادة عليها بعد فناء مدتها، أو ما دامت سماوات الآخرة وأرضها إلا ما شاء من قدر وقوفهم في القيامة، أو إلا من شاء ربك إخراجه منها من أهل التوحيد ' ع '، أو ' إلا من شاء أن لا يدخله إليها من أهل التوحيد ' مروي عن
104

الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو إلا من شاء أن يخرجه منها من موحد ومشرك إذا شاء ' ع '، أو الاستثناء من الزفير والشهيق إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي ليست بزفير ولا شهيق مما سماه أو لم يسمه ثم أستأنف فقال: * (ما دامت) *، أو المعنى لو شاء أن لا يخلدهم لفعل ولكنه شاء ذلك وحكم به. وقدر خلودهم بسماوات الدنيا وأرضها على عادة العرب وعرفها. زهير:
* ألا لا أرى الحوادث باقيا
* ولا خالدا إلا الجبال الرواسيا
*
108 - * (سعدوا ففي الجنة) * إلا ما شاء ربك من مدة مكثهم في النار، أو * (الآ) * بمعنى الواو. * (مجذوذ) * مقطوع، أو ممنوع. * (فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم وإنهم لفى شك منه مريب وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير) *
109 - * (نصيبهم) * من خير أو شر ' ع '، أو الرزق، أو العذاب. * (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير ولا تركنوا
105

إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) *
113 - * (تركنوا) * تميلوا، أو تدنوا، أو ترضوا أعمالهم، أو تداهنوهم في القول فتوافقوهم سرا ولا تنكروا عليهم علانية. * (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من اليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين واصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين) *
114 - * (طرفي النهار) * الأول أصبح اتفاقا والثاني الظهر والعصر، أو العصر وحدها، أو المغرب ' ع '، * (زلفا) * جمع زلفة والزلفة المنزلة أي ومنازل من الليل أي ساعات، ومزدلفة لأنها منزل بعد عرفة، أو لازدلاف آدم - عليه الصلاة والسلام - من عرفة إلى حواء وهي بها. وأراد عشاء الآخرة، أو المغرب والعشاء. * (الحسنات) * الصلوات الخمس ' ع '، أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهن الباقيات الصالحات، أو الحسنات المقبولة تذهب السيئات / [82 / ب] المغفورة، أو ثواب الطاعة يذهب عقاب المعصية. * (ذكرى للذاكرين) * توبة للتائبين، أو بيان للمتعظين. * (فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) *
116 - * (أترفوا) * انظروا ' ع ' * (بقية) * طاعة، أو تمييز، أو حظ من الله - تعالى - * (الفساد) * الكفر أو الظلم.
106

* (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) *
118 - * (أمة واحدة) * على الإسلام، أو على دين واحد من ضلالة أو هدى، * (مختلفين) * في الأديان.
119 - * (إلا من رحم ربك) * من أهل الحق، أو في الحق والباطل إلا من رحم بالطاعة، أو في الرزق غني وفقير إلا من رحم بالقناعة، أو في السعادة والشقاوة إلا من رحم بالتوفيق، أو في المغفرة إلا من رحم بالجنة، أو يخلف بعضهم بعضا يأتي قوم بعد قوم، خلفوا واختلفوا كقتلوا واقتتلوا * (ولذلك) * للاختلاف، أو للرحمة، أو للشقاوة والسعادة ' ع '، أو للجنة والنار. * (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون) *
120 - * (في هذه) * السورة ' ع '، أو في الدنيا، أو الأنباء * (الحق) * صدق الأنباء إذا كانت الإشارة للسورة، أو النبوة إذا كانت الإشارة للدنيا.
107

سورة يوسف
مكية، أو إلا أربع آيات ' ع '.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (الر تلك آيات الكتاب المبين 2 * * إنا أنزلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرءان وإن كنت من قبله لمن الغافلين) *
1 - * (تلك آيات) * هذه السورة، أو السورة التي قبلها، أو إشارة إلى ما افتتح به السورة من الحروف، علامات * (الكتاب) * العربي * (المبين) * حلاله وحرامه، أو هداه ورشده، أو المبين للأحرف الساقطة من ألسنة الأعاجم وهي ستة قاله معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه -.
2 - * (أنزلناه) * خبر يوسف - عليه الصلاة والسلام -، أو الكتاب عند الجمهور.
2 - * (نقص) * نبين والقاص الذي يأتي بالقصة على حقيقتها. * (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قال يا بني لا تقصص رءياك على إخواتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم
108

نعمته عليك وعلىءال يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم) *
4 - * (رأيت) * رأى أبويه وإخوته ساجدين له فعبر عنهم بالشمس والقمر والكواكب فالشمس أبوه والقمر أمه راحيل ' ع ' أو رأى الكواكب والشمس والقمر فتأولهم بإخوته والقمر بأمه والشمس بأبيه عند الأكثرين، أو الشمس أمه والقمر أبوه لتأنيثها وتذكير القمر، * (رأيتهم) * تأكيد ل * (رأيت) * الأول لبعد ما بينهما، أو رؤيته الأولى لهم والثاني لسجودهم، * (ساجدين) * كسجود الصلاة إعظاما لا عبادة، أو عبر عن الخضوع بالسجود. وكانت رؤياه ليلة القدر في ليلة الجمعة، فلما قصها على يعقوب خاف عليه حسد إخوته، فقال: هذه رؤيا ليل فلا تعمل عليها، فلما خلا به قال: * (لا تقصص رؤياك) * الآية [5]، وقيل كان عمره عند الرؤيا سبع عشرة سنة. ويوسف أعجمي عبراني، أو عربي من الأسف لأنه حزن وأحزن.
6 - * (يجتبيك) * بالنبوة، أو بحسن الخلق فالخلق أو بترك الانتقام. * (تأويل الأحاديث) * عواقب الأمور، أو عبارة الرؤيا، أو العلم والحكمة. * (ويتم نعمته عليك) * بالنبوة، أو بإعلاء كلمتك وتحقيق رؤياك * (وعلى آل يعقوب) * بأن 3 يجعل فيهم النبوة * (كما أتمها على أبويك) * نعمته على إبراهيم بالنجاة من النار وعلى إسحاق بالنجاة من الذبح. * (لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى
109

أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفى ضلال مبين اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابات الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين) *
7 - * (آيات) * عبر، أو زواجر بما ظهر في يوسف من عواقب البغي عليه، أو بصدق رؤياه وصحة تأويله، أو بقهره شهوته / [83 / أ] حتى سلم من المعصية، أو بحدوث الفرح بعد شدة الإياس، قال ابن عطاء: ما سمع سورة يوسف محزون إلا استروح إليها.
8 - * (ليوسف وأخوه) * كانا أخوين للأبوين ثم ماتت أمهما فكفلهما أبوهما وزاد لذلك في مراعاتهما فحسدوهما وكان عطفه على يوسف أكثر فلذلك كان حسده أكثر ثم اشتد بسبب رؤياه. * (عصبة) * العصبة، الجماعة أو ستة أو سبعة، أو من عشرة إلى خمسة عشرة، أو إلى أربعين. * (ضلال مبين) * محبة ظاهرة، أو خطأ في رأيه، أو جور في فعله لتفضيله الصغير على الكبير والقليل على الكثير ومن لا يراعي ماله على من يراعيه وكانوا حينئذ بالغين مؤمنين ليسوا بأنبياء لقولهم: * (استغفر لنا ذنوبنا) * (إلي) * (خاطئين) * [97]، أو لم يبلغوا لقولهم: * (ويلعب) * [12].
9 - * (أرضا) * لتأكله السباع، أو ليبعد عن أبيه، * (صالحين) * بالتوبة، أو في دنياكم دون الدين.
10 - * (قائل) * شمعون، أو يهوذا، أو أكبرهم روبيل بن خالة يوسف * (غيابة الجب) * قعره، أو ظلمته التي تغيب عن الأبصار. سمي غيابة لأنه يغيب فيه أثره، أو خبره، وكان رأسه حنيفا وأسفله واسعا. والجب بئر في بيت المقدس، أو بئر غير معينة، أو الجب ما عظم من الآبار سواء كان فيه ماء أو لم يكن، أو ما لا طي له لأنها قطعت ولم يحدث فيها غير القطع قاله الزجاج. * (يلتقطه) * يأخذه من
110

اللقطة. * (السيارة) * المسافرون لسيرهم، أو مارة الطريق. * (قالوا يا آبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون قالوا إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون) *
12 - * (نرتع) * نلهوا ونلعب، أو نسعى وننشط، أو نتحافظ ويلهو، أو يرعى ويتصرف، أو نطعم ونتنعم من الرتعة وهي سعة المطعم والمشرب. ولم ينكر أبوهم اللعب لأنهم أرادوا المباح منه.
13 - * (وأخاف) * خافهم عليه فكنى عنهم بالذئب ' ع ' أو خاف الذئب لغلبته في الصحارى. فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون وجاءوا أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق
111

* (وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب ومآ أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين وجآءو على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) *
15 - * (وأوحينا إليه) ألهمناه، أو نبأه في الجب * (لتنبئنهم) * لتوبخنهم بفعلهم، بشره بخلاصه من الجب، أو أخبره بما يصنعون به قبل إلقائهم إياه في الجب إنذارا له. * (لا يشعرون) * بأنك أخوهم، أو بأن الله - تعالى - أوحى إليه بالنبوة ' ع '.
17 - * (نستبق) * على الأقدام أو بالنضال، أو في اقتناص الصيد، أو في عملهم الذي تشاغلوا به من الرعي والاحتطاب. * (صادقين) * وإن صدقنا أو إن كنا أهل صدق لما صدقتنا.
18 - * (بدم) * سخلة، أو ظبية. فلما رأى القميص غير مشقوق قال: يا بني والله ما عهدت الذئب حليما أفأكل ابني وأبقى عليه قميصه. * (كذب) * وصفه بالمصدر، وكان في القميص ثلاث آيات: حين جاءوا عليه بالدم، وحين قد، وحين ألقي على وجه أبيه. * (سولت) * زينب، أو أمرت ' ع '، قاله عن وحي، أو عن علم تقدم له به، أو عن حدس وفراسة * (فصبر جميل) * ومن الجميل أن أصبر، أو أمر نفسه بصبر جميل / لا جزع فيه، أو لا شكوى فيه، وسئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عنه فقال: ' صبر لا شكوى فيه، من بث فلم يصبر ' * (المستعان) * على الصبر الجميل، أو على احتمال ما تصفون أو تكذبون ابتلي يعقوب
في كبره ويوسف في صغره. * (وجآءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله
112

عليم بما يعملون وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين) *
19 - * (فأدلى دلوه) * أرسلها ليملأها، ودلاها أخرجها ملأى فلما أرسلها تعلق بها يوسف * (بشراي) * بشرهم بذلك، أو نادى رجلا اسمه * (بشرى) * يعلمه بالغلام، وألقي فيه وهو ابن سبع عشرة سنة، أو ست سنين. أخرجته السيارة بعد ثلاثة أيام * (وأسروه) * كان إخوته بقرب الجب فلما أخرج قالوا: هذا عبدنا أوثقناه فباعوه وأسروا بيعه بثمن جعلوه بضاعة لهم ' ع '، أو أسر ابتياعه الذين وردوا الجب من أهل الرفقة لئلا يشركوهم وتواصوا أنها بضاعة استبضعناها من أهل الماء، أو أسر مشتروه بيعه من الملك لئلا يعلم أصحابهم وذكروا أنه بضاعة.
20 - * (وشروه) * باعه إخواته من السيارة ' ع '، أو السيارة من الملك. * (بخس) * حرام لأنه ثمن حر ' ع '، أو ظلم أو قليل * (معدودة) * عشرين اقتسمها العشرة كل واحد درهمين ' ع '، أو اثنين وعشرين اقتسمها الأحد عشر كل واحد درهمين، أو أربعين درهما: قال السدي: اشتروا بها خفافا ونعالا * (معدودة) * غير موزونة لزهدهم فيه، أو كانوا لا يزنون أقل من أوقية وهي أربعون وكان ثمنه أقل منها. * (وكانوا فيه) * إخوته زهدوا فيه لما صنعوا به، أو السيارة لأنهم باعوه بما باعوا لعلمهم حريته، أو ظنوه عبدا فخافوا أن يظهر عليهم مالكه فيأخذه، قال عكرمة أعتق يوسف لما بيع. * (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا
113

وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين) * 21 - * (الذي اشتراه) * العزيز ملك مصر ' أطيفر بن روجيب '. وامرأته ' راعيل '، أو اسمه ' قطفير ' وكان على خزائن مصر، والملك حينئذ ' الوليد بن الرياني ' من العماليق ' ع '، وباعه مالك بن دعر بعشرين دينارا وزاده املك بغلة ونعلين * (أكرمي) * أجملي منزله، أو أحلي منزلته بطيب الطعام ولين المرقد واللباس. * (ينفعنا) * بالربح في ثمنه، أو نعتقه ونتبناه. قال ابن مسعود: أحسن الناس فراسة ثلاثة: العزيز وابنة شعيب وأبو بكر - رضي الله تعالى عنه - في استخلافه عمر - رضي الله تعالى عنه - * (مكنا ليوسف في الأرض) * بإخراجه من الجب، أو باستخلاف الملك له * (على أمره) * أمر الله - تعالى - فيما أراده فيقول له كن فيكون، أو أمر يوسف حتى يبلغ فيه مراده.
22 - * (أشده) * أشد يوسف عشرون سنة، أو ثلاثون سنة، والأشد قوة الشباب وهو الحلم، أو ثماني عشرة سنة ' ع '، أو خمس وعشرون أو ثلاثون، أو ثلاث وثلاثون، وآخر الأشد أربعون، أو ستون * (حكما) * على الناس، أو عقلا، أو حكمة في أفعاله، أو القرآن، أو النبوة * (وعلما) * فقها، أو نبوة * (المحسنين) * المطيعين، أو المهتدين ' ع '.
114

* (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ولقد همت به وهم بها لولا أن رءا برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) *
23 - * (والتي هو في بيتها) * ' راعيل ' امرأة العزيز ' أطفير ' أو زليخة وكان العزيز لا يأتي النساء. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: اقتسم يوسف وحواء الحسن نصفين. * (وغلقت / [84 / أ] الأبواب) * بكثرة الأغلاق، أو بشدة الاستيثاق * (هيت لك) * هلم لك * (هئت لك) * تهيأت لك، و ' هيت ' قبطية ' ع '، أو سريانية، أو عربية. * (إنه ربي) * الله * (أحسن مثواي) *، فلا أعصيه، أو العزيز أو أطفير ربي سيدي أحسن مثواي فلا أخونه.
24 - * (همت به) * شهوة، أو استلقت له وتهيأت لوقوعه * (وهم) * بضربها، أو التقدير لولا أن رأى برهان ربه لهم بها، أو كان همه عظة، أو كان همه حديث نفس من غير عزم، أو همه ما في طباع الرجال من شهوة النساء وإن كان قاهرا له، أو عزم على وقاعها فحل الهميان وهو السراويل وجلس منها مجلس الرجل من المرأة ' ع '، وجمهور المفسرين، وابتلاء الأنبياء بالمعاصي ليكونوا على وجل ويجدوا في الطاعة، أو ليعرفهم نعمته عليهم بالصفح والغفران، أو
115

ليقتدي بهم المذنبون في الخوف والرجاء عند التوبة. * (برهان ربه) * نودي أتزني فتكون كطائر وقع ريشه فذهب يطير فلم يستطع، أو رأى صورة أبيه يقول أتهم بفعل السفهاء وأنت مكتوب في الأنبياء فخرجت شهوته من أنامله، وولد لكل من أولاد يعقوب اثنا عشر ذكرا إلا يوسف لم يولد له إلا غلامين ونقص بتلك الشهوة ولده، أو رأى مكتوبا على الحائط * (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) * [الإسراء: 32]، أو رأى أطفير سيده، أو ما أتاه الله - تعالى - من العفاف والصيانة وترك الفساد والخيانة، أو رأى سترا فقال: ما وراء هذا فقالت: صنمي الذي أعبده سترته حياء منه فقال: إذا استحييت ممن لا يسمع ولا يبصر فأنا أحق أن أستحي من إلهي وأتوقاه. * (السوء) * الشهوة * (والفحشاء) * المباشرة، أو * (السوء) * الثناء القبيح، * (والفحشاء) * الزنا. * (المخلصين) * للطاعة و * (المخلصين) * للرسالة. * (واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد
116

بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رءا قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين) *
25 - * (واستبقا الباب) * ليخرج منه هربا وأسرعت إليه طلبا * (وقدت) * أدركته وقد فتح بعض الأغلاق فجذبته فشقت قميصه إلى ساقه فسقط عنه وتبعته. * (وألفيا) * (وجدا) * (سيدها) * زوجها بلسان القبط.
26 - * (هي راودتني) * لما كذبت عليه دافع عن نفسه بالصدق ولو كفت عن كذبها لكف عن الصدق، ولو خلص حبها من الشهوة لما كذبت عليه * (شاهد) *
صبي أنطقه الله - تعالى - في مهده، أو خلق من خلق الله - تعالى - ليس بإنس ولا جن، أو حكيم * (من أهلها) * ابن عمها، أو شهادة القميص المقدود لو كان مقدودا من قبل لدل على الطلب لكنه قد من دبر فدل على الهرب.
28 - * (كيدكن) * كذبها، أو إرادتها السوء، قاله الزوج، أو الشاهد.
29 - * (أعرض عن هذا) * الأمر تسليه له إذ لا إثم فيه، أو عن هذا القول تصديقا له في براءته قاله الزوج، لأنه لم يكن غيورا، أو سلبه الله - تعالى - الغيرة إبقاء على يوسف حفظا / [84 / ب] له من بادرته، وأمر زوجته الإقلاع عن مثل ذلك بالاستغفار * (الخاطئين) * خطئ إذا قصد الذنب وأخطأ إذا لم يقصده
117

وكذلك الصواب والصوب.
* لعمرك إنما خطئي وصوبي
* علي وإنما أهلكت مالي
* * (وقال نسوة في المدينة أمرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا وإنا لنراها في ضلال مبين فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا وءاتت كل واحدة منهن سكينا وقالت أخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما ءامره ليسجنن وليكونا من الصاغرين قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم) *
30 - * (نسوه) * أربع، امرأة الحاجب، وامرأة الساقي، وامرأة الخباز، وامرأة القهرمان، أو الخامسة امرأة السجان. * (في المدينة) * مصر، أوعين شمس شغاف * (تراود فتاها) * برأن يوسف وذممنها وطعن فيها * (شغفها) * ولج حبه شغاف قلبها وهو حجابه، أو غلافه: جلدة رقيقة بيضاء تكون عليه وتسمى لباس القلب، أو باطن القلب، أو حبته، أو داء يكون في الجوف، أو الذعر والفزع الحادث عن شدة الحب، والشغف: الحب القاتل والشغف دونه ' ع '، أو الشغف الجنون والشغف الحب * (ضلال) * عن الرشد، أو محبة شديدة.
118

31 - * (بمكرهن انكارهن، أو أسرت إليهن حبها له فأذعنه، * (وأعتدت) * من الإعتاد، أو العدوان * (متكأ) * مجلسا، أوالنمارق والوسائد التي يتكأ عليها، أو الطعام من قولهم: أتكأنا عند فلان أي طعمنا عنده لأنهم كانوا يعدون المتكأ للمدعو إلى الطعام فسمي به الطعام توسعا والمراد به هنا البزماورد، أو الأترج ' ع '، ' والمتك ' مجفف الأترج، أو كل ما يحز بالسكين، أو عام في كل الطعام. * (أكبرنه) * أعظمنه ' ع '، أو وجدن شبابه في الحسن والجمال كبيرا، أو حضن، والمرأة إذا جزعت أو خارت حاضت والإكبار الحيض، قال:
* نأتي النساء على أطهارهن ولا
* نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
*
* (قطعن أيدهن) * حتى بانت، أو جرحنها حتى دميت. * (حاش لله) * معاذ الله أو سبحان الله. مأخوذ من المراقبة، ما أحاشي في هذا الأمر أحدا أني ما أراقبه، أو من قولهم: كنت في حشا فلان أي ناحيته، فحاشى فلانا أي أعزله في حشا وهو الناحية * (بشرا) * أهل للمباشرة، أو من جملة البشر لما علمن من عفته إذ لو كان بشرا لأطاعها، أو شبهنه بالملائكة حسنا وجمالا * (كريم) * مبالغة في تفضيله في جنس الملائكة.
119

33 - * (أصب) * أتابع، أو أميل، قال:
* إلى هند صبا قلبي
* وهند مثلها يصبى
* * (ثم بدا لهم من بعد ما ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أرني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) *
35 - * (الآيات) * قد القميص وقطع الأيدي، أو ما ظهر من عفته وجماله * (حين) * هنا ستة أشهر، أو سبع سنين، أو زمان غير محدود، قالت لزوجها: قد فضحي هذا العبد العبراني، وقال: إني راودته عن نفسي فإما أن تطلقني حتى أعتذر وإما أن تحبسه كما حبستني فحبسه.
36 - * (فتيان) * عبدان والعبد يسمى فتى صغيرا كان أو كبيرا، كان أحدهما على طعام الملك الأكبر ' الوليد بن الريان ' والآخر ساقيه فاتهما بسمه، فلما دخلا معه سألاه عن علمه فقال: عابر، فسألاه عن رؤياهما صدقا منهما، أو كذبا ليجربا علمه فلما أجابهما قالا: كنا نلعب فقال: * (قضي الأمر) * الآية [41]، أو كان المصلوب كاذبا والآخر صادقا. * (خمرا) * / [85 / أ] عنبا سماه بما يؤول إليه، أو أهل عمان يسمون العنب خمرا. * (المحسنين) * قالوه لأنه كان يعود مريضهم ويعزي حزينهم ويوسع على من ضاق مكانه منهم، أو كان يأمرهم بالصبر ويعدهم بالأجر، أو كان لا يرد عذر معتذر ويقضي حق غيره ولا يقضي حق نفسه، أو ممن أحسن العلم، أو نراك من المحسنين إن نبأتنا بتأويل هذه الرؤيا. * (قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي
120

إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالأخرة هم كافرون واتبعت ملة ءاباءى إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا وعلى
الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون) *
37 - * (ترزقانه) * لا يأتيكما في النوم إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة قبل إتيانه، أو لا يأتيكما في اليقظة إلا أخبرتكما به لأنه كان يخبر عن الغيب كعيسى، أو كان الملك إذا أراد قتل إنسان أرسل إليه طعاما معروفا فكره يوسف تعبيرها لئلا يحزنه فوعده بتأويلها عند وصول الطعام إليه فلما ألح عليه عبرها له، قاله ابن جريج * (ذلكما) * تأويل الرؤيا، وعدل عن العبارة إلى قوله: * (تركت ملة قوم) * لما كان في عبارتها من الكراهة، ورغبهما في طاعة الله - تعالى -.
38 - * (فضل الله علينا) * بالنبوة * (وعلى الناس) * بأن بعثنا إليهم ' ع '. * (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) *
40 - * (القيم) * المستقيم، أو الحساب البين، أو القضاء الحق ' ع '. * (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذي فيه تستفتيان وقال الذي ظن أنه ناج منهما
121

أذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين) *
41 - * (قضي الأمر) * السؤال والجواب. أو استقصى التأويل، ويجوز أن يكون قوله ذلك عن وحي.
42 - * (ظن) * تيقن، أو على بابه لأن عبارة الرؤيا ظن فلم يقطع بها، أو لم يقطع بصدقها فكان ظنه لشكه في صدقهما * (ربك) * سيدك ' الوليد بن الريان ' رجاء للخلاص بذكره عنده * (فأنساه) * الضمير للساقي نسي ذكر يوسف عند ربه،
سيده، أو ليوسف نسي ذكر الله - تعالى - بالاستغاثة به، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]
' رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال أذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث ' قال ' ع ': عوقب بطول السجن بضع سنين بكلمته ولو ذكر ربه لخصله. وكانت مدة لبثه في السجن سبع سنين، أو ثنتي عشرة سنة، أو أربع عشرة سنة والبضع منها مدة عقوبته على الكلمة لا مدة الحبس كله، قيل لبث سبعا عقوبة بعد الخمس. والبضع من ثلاث إلى سبع، أو تسع، أو عشر ' ع '، أو إلى الخمس حكاه الزجاج، ولا يذكر البضع إلا مع العشر أو العشرين إلى التسعين ولا يذكر بعد المائة، قاله الفراء، ورأى الملك الأكبر الوليد رؤياه
122

لطفا بيوسف ليخرج من السجن ونذيرا بالجدب ليتأهبوا له. * (وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رءياي إن كنتم للرؤيا تعبرون قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون * 47 * ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) *
44 - * (أضغاث) * أخلاط، أو ألوان، أو أهاويل، أو أكاذيب، أو شبهة أحلام، أبو عبيدة: الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا، قال: كضغث حلم غر منه حالمه والضغث حزمه الحشيش المجموع بعضه إلى بعض، وقيل ما ملأ الكف.
123

والأحلام في النوم مأخوذة من الحلم وهو الأناة والسكون، لأن النوم حال أناة وسكون، ويجوز أن يكونوا صرفوا عن عبارتها لطفا بيوسف ليكون سببا في / [85 / ب] خلاصه.
45 - * (أمة) * حين ' ع '، أو نسيان. أو أمة من الناس، قال الحسن رضي الله تعالى عنه - ألقوه في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان في العبودية والسجن والملك ثمانين سنة، وعاش بعد جمع شمله ثلاثا وعشرين سنة. * (فأرسلون) * لم يكن السجن في المدينة فانطلق إليه وذلك بعد أربع سنين من فراقه.
46 - * (سنبلات خضر) * بقر الخصب سمان وسنابله خضر، وبقر الجدب عجاف وسنابلها يابسات فعبر ذلك بالسنين. * (الناس) * الملك وقومه، ويحتمل أنه عبر بالناس عن الملك تعظيما له.
47 - * (دأبا) * تباعا، أوالعادة المألوفة في الزراعة. * (تزرعون) * خبر أو أمر لأنه نبي يأمر بالمصالح. * (فذروه) * أمرلأن ما في السنبل مدخر لا يؤكل.
48 - * (شداد) * على أهلها لجدبها، كان يوسف يضع طعام اثنين فيقربه إلى رجل فيأكل نصفه ويدع نصفا، فقربه إليه يوما فأكله كله فقال يوسف هذا أول يوم من السبع الشداد، * (قدمتم) * أدخرتم لهن. * (تحصنون) * تدخرون، أو تخزنون في الحصون.
49 - * (يغاث الناس) * بنزول الغيث ' ع '، أو بالخصب * (يعصرون) * العنب والزيتون من خصب الثمار، أو يحلبون الماشية من خصب المرعى، أو يعصرون السحاب بنزول الغيث وكثرة المطر * (من المعصرات ماء ثجاجا) * [النبأ: 14] أو
124

ينجون من العصرة وهي النجاة، قاله أبو عبيدة والزجاج، أو يحبسون ويفضلون. وليس هذا من تأويل الرؤيا وإنما هو خبر أطلعه الله - تعالى - عليه علما لنبوته. * (وقال الملك أئتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة الآتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم قال ماخطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت أمرأت العزيز الئان حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد
الخائنين وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) *
50 - * (ارجع إلى ربك) * توقف عن الخروج لئلا يراه الملك خائنا ولا مذنبا. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' رحم الله يوسف أن كان ذا أناة لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إلي لخرجت سريعا ' * (ما بال النسوة) * سأل عنهن دونها إرادة أن لا
125

يبتذلها بالذكر، أو لأنهن شاهدات عليه. * (إن ربي) * الله - تعالى - أو سيده العزيز. 51 - * (راودتن) * راودنه على طاعتها فيما طلبت منه، أو راودته وحدها فجمعهن احتشاما. * (ما علمنا) * شهدن على نفي علمهن لأنه نفى * (حصحص الحق) * وضع وبان ' ع '، وفيه زيادة تضعيف مثل كبو وكبكوا قاله الزجاج، مأخوذ من حص شعره إذا استأصل قطعه، والحصة من الأرض قطعة منها، فحصحص الحق انقطع عن الباطل بظهوره وبيانه. * (أنا راودته) * برأه الله - تعالى - عند الملك بشهادة النسوة وبإقرار امرأة العزيز واعترافها بذلك توبه بما قرفته به.
52 - * (ذلك ليعلم) * يوسف أني لم أكذب عليه الآن في غيبته.
53 - * (وما أبرئ نفسي) * لأني راودته، لأن النفس باعثة على السوء إذا غلبت الشهوة، قالته امرأة العزيز، أو قال يوسف بعد ظهور صدقه * (ذلك ليعلم) * العزيز أني لم / أخنه في زوجته، فقالت امرأة العزيز: ولا حين حللت السراويل، فقال: * (ما أبرئ نفسي) *، أو غمزه جبريل - عليه السلام - فقال: ولا حين هممت، فقال: * (وما أبرئ نفسي) * ' ع ' أو قال الملك الذي مع يوسف: اذكر ما هممت به، فقال: * (وما أبرئ نفسي) * قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه -، أو قال العزيز * (ذلك ليعلم) * يوسف * (أني لم أخنه بالغيب) * وأغفل عن مجازاته على أمانته * (وما أبرئ نفسي) * من سوء الظن به. * (وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال
126

اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) *
54 - * (أستخلصه) * لما علم الملك الأكبر أمانته طلب استخدامه في خاص خدمته * (مكين) * وجيه، أو متمكن في الرفعة والمنزلة * (أمين) * آمن لا يخاف العواقب، أو ثقة مأمون، أو حافظ * (فلما كلمه) * استدل بكلامه على عقله، وبعفته على أمانته.
55 - * (خزائن) * الأموال، أو الطعام، أو الخزائن: الرجال، لأن الأقوال والأفعال مخزونة فيهم، وهذا تعمق مخالف للظاهر، وهذا مجوز لطلب الولاية لمن هو أهل لها، فإن كان المولى ظالما جاز تقلد الولاية منه إذا عمل الوالي بالحق لأن يوسف قبل من فرعون، أو لا يجوز ذلك لما فيه من تولي الظالمين ومعونتهم بالتزكية وتنفيذ أعمالهم، وإنما قبل يوسف من الملك ولاية ملكه الخاص به، أو كان فرعون يوسف صالحا وكان فرعون موسى طاغيا، والأصح أن ما جاز لأهله توليه من غير اجتهاد في تنفيذه جازت ولايته من الظالم كالزكوات المنصوصة، وما لا يجوز أن ينفردوا به كأموال الفيء لا يجوز توليه من الظالم، وما يجوز أن يتولاه أهله وللاجتهاد فيه مدخل كالقضاء فإن كان حكما بين متراضيين أو توسطا بين مجبورين جاز، وإن كان إلزام إجبار لم يجز. * (حفيظ) * لما استودعتني. * (عليم) * بما وليتني، أو * (حفيظ) * (بالكتاب) * (عليم) * بالحساب، وهو أول من كتب في القراطيس، أو * (حفيظ) * للحساب * (عليم) * بالألسن أو * (حفيظ) * بما وليتني، * (عليم) * بسني المجاعة، فيه دليل على جواز تزكية النفس عند حاجة تدعو إلى ذلك. * (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين ءامنوا وكانوا يتقون) *
56 - * (مكنا ليوسف) * استخلفه الوليد على عمل أطيفر وعزله، قال مجاهد: وأسلم على يده، قال ' ع ': ملك بعد سنة ونصف. ثم مات أطفير
127

فزوجه الملك بامرأته راعيل فوجدها يوسف عذراء، وولدت له ولدين، أفرائيم وميشا، ومن زعم أنها زليخا قال لم يتزوجها يوسف، ولما رأته في فوكبه بكت ثم قالت: الحمد لله الذي جعل الملوك بالمعصية عبيدا والحمد لله الذي جعل العبيد بالطاعة ملوكا فضمها إليه فكانت من عياله حتى ماتت ولم يتزوجها. * (يتبوأ) * يتخذ من أرض مصر منزلا حيث شاء، أو يصنع في الدنيا ما يشاء لتفويض / [88 / ب] الأمر إليه. * (برحمتنا) * نعمة الدنيا، * (ولا نضيع) * ثواب * (المحسنين) * في الآخرة، أو كلاهما في الدنيا، أو كلاهما في الآخرة، ونال يوسف ذلك ثوابا على بلواه، أو تفضلا من الله - تعالى - وثوابه باق في الآخرة بحاله.
57 - * (ولأجر الآخرة خير) * من أجر الدنيا لأنه دائم وأجر الدنيا منقطع، أو خير ليوسف من التشاغل بملك الدنيا لما فيه من التبعة. * (وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين * 59 * فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون) *
58 - * (فعرفهم) * من غير تعريف، أو ما عرفهم حتى تعرفوا إليه، أو عرفهم بلسانهم العبراني، قال ' ع '،: لما عبر أبوهم بهم فلسطين فنزل وراء النهر سموا عبرانيين. وجاءو ليمتاروا في سني القحط التي ذكرها يوسف في عبارته فدخلوا عليه لأنه كان يتولى بيع الطعام لعزته. * (منكرون) * لأنهم فارقوه صغيرا فكبر، وفقيرا فاستغنى، وباعوه عبدا فصار ملكا.
59 - * (بجهازهم) * كال لكل واحد منهم بعيرا بعدتهم. * (ائتوني بأخ لكم) * خلا بهم وقال قد ارتبت بكم وأخشى أن تكونوا عيونا فأخبروني من أنتم؟
128

فذكروا حالهم وحال أبيهم وإخواتهم يوسف وبنيامين، فقال: ائتوني بهذا الأخ يظهر أنه يستبرئ بذلك أحوالهم، أو ذكروا له أنه أحب إلى أبيهم منهم فأظهر
لهم محبة رؤيته * (المنزلين) * المضيفين من النزل وهو الطعام، أو خير من نزلتهم عليه من المنزل وهو الدار، وطلب منهم رهينة حتى يرجعوا فرهنوا شمعون، واختاره لأنه كان يوم الجب أجملهم قولا ورأيا.
61 - * (سنراود) * المراودة: الاجتهاد في الطلب مأخوذ من الإرادة * (لفاعلون) * العود بأخيهم، أو المرادوة وطلب أخاه وإن كان فيه إحزان أبيه لجواز أن يكون أمر بذلك ابتلاء ومحنة أو لتتضاعف له المسرة برجوع الابنين، أو ليتنبه أبوه على حاله، أو ليقدم سرور أخيه بلقائه قبل إخوته لميله إليه.
62 - * (لفتيته) * الذين كالوا الطعام، أو غلمانه * (بضاعتهم) * الورق التي اشتروا بها الطعام، أو ثمانية جرب فيها سويق المقل. * (فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون قال هل ءامنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين) *
63 - * (رجعوا إلى أبيهم) * بالعربات من فلسطين، أو بالأولاج من ناحية الشعب أسفل من [حسمى]، وكانوا بادية أهل إبل وشاء * (منع) * سيمنع * (نكتل) * أي إن أرسلته أمكننا أن نعود فنكتال
64 - * (هل آمنكم) * لما ضمنوا حفظ يوسف وأضاعوه قال لهم ذلك في حق أخيه.
129

* (ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتننى به إلا أن يحاط بكم فلما ءاتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل) *
65 - * (ما نبغي) * استفهام أي ما نبغي بعد هذا الذي عاملنا به أو ما نبغي بالكذب فيما أخبرناك به عن الملك. * (كيل بعير) * الذي نحمل عليه أخانا، أو كان يوسف قسط الطعام فلا يعطي لأحد أكثر من بعير * (يسير) * لا يقنعنا، أو يسير على من يكتله لنا.
66 - * (موثقا) * إشهادهم الله على أنفسهم، أو حلفهم بالله، أوكفيل يكفل * (يحاط بكم) * يهلك جميعكم، أو تغلبوا على أمركم. * (وقال يابني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغنى عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغنى عنهم من الله من شىء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون) *
67 - * (لا تدخلوا) * مصر من باب من أبوابها عند الجمهور، أو عبر عن الطريق / [87 / أ] بالباب فأراد طريقا من طرقها خشي عليهم العين لجمالهم، ' ع '، أو خاف عليهم الملك أن يرى عددهم وقوتهم فيبطش بهم حسدا. * (وما أغني عنكم) * من شيء أحذره أشار بالرأي أولا، وفوض إلى الله أخيرا.
130

68 - * (حاجة) * سكون نفسه بالوصية لحذره العين * (لذوعلم) * متيقن وعدنا، أو حافظ لوصيتنا، أو عامل بما علم. * (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إنى أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون) *
69 - * (أنا أخوك) * مكان أخيك الهالك، أو أخوك يوسف * (فلا تبتئس) * لا تحزن، أو لا تأيس. * (يعملون) * بك وبأخيك فيما مضى، أو باستبدادهم دونك بمال أبيك. * (فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) *
70 - * (بجهازهم) * الطعام وحمل البعير لأخيهم * (السقاية) * والصواع واحد ' ع '، وكل شيء يشرب فيه فهو صواع، قال:
* نشرب الخمر بالصواع جهارا
* وترى المتك بيننا مستعارا
*
وكان إناء الملك الذي يشرب فيه من فضة، أو ذهب، كال به طعامهم مبالغة في إكرامهم، أو هو المكوك العادي الذي تلتقي طرفاه. * (إذن) * نادى مناد * (العير) * الرفقة، أو الإبل المرحولة المركوبة. * (لسارقون) * جعل السقاية في رحل أخيه عصيان، فعله الكيال ولم يأمر به يوسف، أو فعله يوسف فلما فقد الكيال السقاية ظن أنهم سرقوها فقال: * (إنكم لسارقون) *، أو كانت خطيئة ليوسف جوزي عليها بقولهم: * (إن يسرق فقد سرق أخ له) * [77] أو كان النداء
131

بأمر يوسف وعني بالسرقة سرقتهم ليوسف من أبيه وذلك صدق، لأنهم كالسارق لخيانتهم لأبيهم.
72 - * (صواع) * الصواع والصاع واحد، وكانت مشربة للملك أو كالمكوك يكال به. (بعير) * (جمل عند الجمهور، أو حمار في لغة. بذله المنادي عن نفسه لقوله: * (وأنا به زعيم) *، أو بذله عن الملك من طعام الملك ويجوز أن يكون الحمل معلوما عندهم كالوسق فيكون جعلا معلوما، ويمكن أن يكون مجهولا. * (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما جزاءه إن كنتم كاذبين قالوا جزاءه من وجد في رحله فهو جزاءه كذلك نجزي الظالمين فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) *
73 - * (لقد علمتم) * ذكروا ذلك لأنهم عرفوا أمانتهم بردهم البضاعة التي وجدوها في رحالهم * (لنفسد) * لنسرق.
75 - * (جزاؤه) * جزاء من سرق أن يسترق كذلك يجزي السارق بالاسترقاق، كان هذا دين يعقوب.
76 - * (استخراجها) * الضمير للسرقة، أو للسقاية، أو الصاع يذكر ويؤنث قاله الزجاج * (كدنا) * صنعنا، أو دبرنا، أو أردنا..
* كادت وكدت وتلك خير إرادة
* لو عاد من لهو الصبابة ما مضى
*
132

* (دين الملك) * سلطانه ' ع '، أو قضاؤه، أو عادته، كان الملك يضاعف غرم السارق ولا يسترقه. * (إلا أن يشاء الله) * أن يسترق السارق، أو أن يجعل ليوسف عذرا فيما فعل. * (درجات من نشاء) * بالتقوى، أو بإجابة الدعاء، أو
بمكابدة النفس وقهر الشهوة، أو بالتوفيق والعصمة، أو بالعمل * (وفوق كل) *
عالم من هو أعلم منه حتى ينتهي إلى الله - تعالى - فيوسف أعلم من إخوته وفوقه من هو أعلم منه، أو أراد تعظيم العلم أن يحاط به، أو أن يستصغر العالم نفسه ولا يعجب بعلمه / [87 / أ] وعرض أخاه لتهمة السرقة إذ لم يجد سبيلا إلى أخذه إلا بها، أو كان أخوه يعلم الحال فلم يقع منه موقعا، أو أشار بذلك إلى سرقة تقدمت منهم، أو نبه بجعل بضاعتهم في رحالهم على المخرج من جعل الصواع في رحل أخيهم فتزول بذلك التهمة. * (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون) *
77 - * (سرق أخ له) * كلمة أجراها الله على ألسنتهم عقوبة ليوسف، أو أرادوا أنه جذبه عرق أخيه يوسف في السرقة لأنه كان من أبويه، والاشتراك في النسب يوجب الاشتراك في الأخلاق، وكان يوسف سرق صنما لجده أبي أمه فكسره وألقاه في الطريق. أو كان مع إخوته على طعام فأخذ عرقا فخبأه فعيروه بذلك، أو كان يسرق من طعام المائدة للمساكين، أو كذبوا عليه في ذلك، أو كانت منطقة إسحاق للكبير من ولده وكانت عند عمة يوسف لأنها الكبرى فلما أراد يعقوب أخذ يوسف من كفالتها جعلت المنطقة في ثوبه ثم أظهرت ضياعها واتهمته بها فصارت في حكمهم أحق به، وفعلت ذلك لشدة ميلها إليه. * (فأسرها) * قولهم: * (إن يسرق) *، أو قوله: * (أنتم شر مكانا) * ' ع ' (شر مكانا) * بظلم أخيكم. وعقوق أبيكم، أو شر منزلة عند الله ممن نسبتموه إلى هذه السرقة. * (تصفون) * تقولون، أو تكذبون. * (قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من
133

المحسنين قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون) *
78 - * (شيخا كبيرا) * في السن، أو القدر. * (مكانه) * عبدا بدله * (من المحسنين) * في هذا إن فعلته، أو بإكرامنا وتوفية كيلنا ورد بضاعتنا.
79 - * (لظالمون) * إن أخذنا برئيا بسقيم، أو حكمنا عليكم بغير حكم أبيكم في إرقاق السارق. * (فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون) *
80 - * (استيئسوا) * من رد أخيكم عليهم، أو تيقنوا أنه لا يرد * (خلصوا نجيا) * انفردوا يتناجون ويتشاورون لا يختلط بهم غيرهم * (كبيرهم) * في العقل والعلم شمعون الذي ارتهنه يوسف لما رجعوا إلى أبيهم، أو في السن روبين ابن خالة يوسف، أو في الرأي والتمييز يهوذا. * (موثقا) * عند إنفاذ ابنه معكم * (فرطتم في يوسف) * ضيعتموه * (فلن أبرح) * أرض مصر حتى يأذن لي أبي بالرجوع، أو يحكم الله لي بالخروج منها عند الجمهور، أو بالسيف والمحاربة لأنهم هموا بذلك.
81 - * (وما شهدنا) * بأن السارق يسترق إلا بما علمنا، أو ما شهدنا عندك
134

بسرقته إلا بما علمنا من وجود السرقة في رحلة * (للغيب) * من سرقته، أو استرقاقه.
82 - * (القرية) * مصر سل أهلها، أو سلها نفسها لتنطق وإن كانت جمادا * (والعير) * القافلة وتسمى الإبل تشبيها، أو الحمير سل أهلها أو سلها فإن الله - تعالى - ينطقها معجزة لك. * (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين قال إنما أشكوا بثى وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون) *
83 - * (سولت) * زينت، أو سهلت. * (أمرا) * قولكم إنه سرق. * (بهم جميعا) * يوسف وبنيامين والأخ المتخلف بمصر.
84 - * (يا أسفا) * يا حزنا ' ع '، أو يا جزعا شكا إلى الله ولم يشك منه، أو أضمر الدعاء تقديره ' يا رب ارحم أسفي ' * (وابيضت) * ضعف بصره لبياض حصل فيه من كثرة بكائه، أو ذهب بصره * (كظيم) * بالكمد، أو مخفي حزنه، كظم غيظه: أخفاه.
85 - * (تفتأ) * لا تزال * (حرضا) * هرما أو دنفا من المرض وهو ما دون / [88 / أ] الموت ' ع '، أو فاسد العقل، وأصل الحرض فساد الجسم والعقل بمرض أو عشق، قال:
* إني امرؤ لج بي حب فأحرضني
* حتى بليت وحتى شفني السقم
*
135

* (الهالكين) * الميتين اتفاقا.
86 - * (بثي) * همي ' ع ' أو حاجتي، والبث تفريق الهم بإظهار ما في النفس * (ما لا تعلمون) * صدق رؤيا يوسف وأني أسجد له، أو أحست نفسه لما أخبروه بدعاء الملك وقال: لعله يوسف، وقال: لا يكون في الأرض صديق إلا نبي. دخل على يعقوب رجل فقال ما بلغ بك ما أرى، قال: طول الزمان وكثرة الأحزان
فأوحى الله - تعالى - إليه يا يعقوب تشكوني فقال: خطيئة أخطأتها فاغفرها لي، فكان بعد ذلك يقول إنما أشكو بثي وحزني إلى الله. * (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تايئسوا من روح الله إنه لا يائس من روح الله إلا القوم الكافرون فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين) *
87 - * (فتحسسوا) * استعلموا وتعرفوا، أخذ من طلب الشيء بالحس * (روح الله) * فرجه، أو رحمته من الريح التي تأتي بالنفع. أمرهم بذلك، لأنه تنبه على يوسف برد البضاعة واحتباس أخيه وإظهار الكرامة، وسأل يعقوب ملك الموت هل قبضت روح يوسف قال: لا.
88 - * (مسنا وأهلنا الضر) * استعطفوه ليرد أخاهم، أو ليوفي كيلهم ويحابيهم. * (العزيز) * الملك، أو كان اسما لكل من ملك مصر. * (ببضاعة) * صوف وسمن أو حبة الخضراء والصنوبر، أو خلق الحبل والغرارة، أو دراهم * (مزجاة) * رديئة، أو كاسدة، أو قليلة، وأصل الإزجاء السوق بالدفع،
136

* (فأوف لنا الكيل) * الذي قد كان كاله لأخيهم، أو مثل الكيل الأول، لأن بضاعتهم الثانية أقل. * (وتصدق) * تفضل بما بين سعر الجياد والردئية، لأن الصدقة محرمة على الأنبياء، أو تصدق بالزيادة على حقنا ولا تحرم الصدقة إلا على محمد وآله لا غير، أو برد أخينا، أو تجوز عنا. وكره مجاهد أن يقال في الدعاء: اللهم تصدق علي، لأن الصدقة لمن يبتغي الثواب. * (قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا اءنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد ءاثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) *
89 - * (هل علمتم) * قد علمتم ك * (هل أتى) * [الإنسان: 1] لما قالوا مسنا وأهلنا الضر رق لهم فقال: * (هل علمتم) * * (جاهلون) * جهل الصغر، أو جهل المعاصي.
90 - * (من الله علينا) * بالسلامة ثم بالكرامة * (من يتق) * الزنا * (ويصبر) * على الغربة، أو يتقي الله ويصبر على بلائه. * (لا يضيع أجر المحسنين) * في الدنيا أو الآخرة.
91 - * (آثرك) * فضلك، من الإيثار: وهو إرادة تفضيل أحد النفسين على الآخر، وإنما قالوا: * (لخاطئين) * وإن كانوا إذ ذاك صغارا لأنهم خطئوا بعد البلوغ بإخفاء صنعهم.
92 - * (لا تثريب) * لا تعيير، أو لا تأنيب. أو [لا] إباء عليكم في قبولكم.
137

* (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) *
93 - * (بصيرا) * من العمى ولولا أن الله أعلمه بأنه يبصر بعد العمى لم يعلم يوسف أنه يرجع إليه بصره، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - أو مستبصرا بأمري لأنه إذا شم القميص عرفني قال أخوه يهوذا: أنا حملت إلى أبيك قميصك بدم كذب فأحزنته فأنا / أحمل القميص الآن لأسره ويعود إليه بصره فحمله * (بأهلكم) * ليتخذوا مصر دارا.
94 - * (فصلت) * خرجت من مصر إلى الشام. قال: أبوهم لأولاد بنيه لأن بنيه كانوا غيبا * (تفندون) * تسفهون ' ع '، أو تكذبون، وجد ريح القميص من مسافة عشرة أيام، أو ثمانية أيام ' ع '، أو ستة أيام.
95 - * (ضلالك) * خطئك، أو جنونك قال الحسن - رضي الله تعالى عنه -: وهذا عقوق. أو في محبتك. * (فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) *
96 - * (البشير) * يهوذا، سمي بذلك لأنه جاءه ببشارة، * (بصيرا) * من العمى، أو بخبر يوسف * (ما لا تعلمون) * من صحة رؤيا يوسف، أو قول ملك الموت ما قبضت روحه، أو من بلوى الأنبياء بالمحن ونزول الفرج ونيل الثواب.
138

97 - * (استغفر) * طلبوا أن يحللهم لما أدخلوا عليه من آلام الحزن، أو لأنه نبي تجاب دعوته، أقام يعقوب وبنوه عشرين سنة يطلبون التوبة لإخوة يوسف فيما فعلوه بيوسف لا يقبل ذلك منهم حتى لقي جبريل - عليه السلام - يعقوب - عليه الصلاة والسلام - فعلمه هذا الدعاء، يا رجاء المؤمنين لا تخيب رجائي، ويا غوث المؤمنين أغثني، ويا عون المؤمنين أعني، ويا حبيب التوابين تب علي. فاستجيب له.
98 - * (سوف أستغفر) * أخره إلى صلاة الليل، أو السحر أو ليلة الجمعة ' ع ' مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو دافعهم بالتأخير، قال عطاء: طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها عند الشيوخ ألا ترى قول يوسف * (لا تثريب عليكم اليوم) * الآية [92] وقول يعقوب * (سوف أستغفر) *
139

* (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله ءامنين ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رءياى من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاءبكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم رب قد ءاتينى من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت ولى في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصاحين) *
99 - * (فلما دخلوا) * خرج يوسف وأهله والملك الأكبر واستقبلوا يعقوب على يوم من مصر فقال لهم: ادخلوا مصر آمنين من فرعون، أو من الجدب والقحط. أو لم يجتمعوا به إلا بعد دخولهم عليه بمصر فقوله: ادخلوا أي استوطنوا مصر - إن شاء الله - استيطانكم، أو الاستثناء متعلق بقوله: (سوف أستغفر لكم ربي) دخلوا
مصر وهي ثلاثة وتسعون ما بين رجل وامرأة، وخرجوا مع موسى وهم ستمائة وتسعون ألفا [أ] ودخلوا وهم اثنان وسبعون، وخرجوا منها مع موسى وهم ستمائة ألف.
100 - * (أبويه) * أبوه وأمه، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - وابن إسحاق، أو أبوه وخالته وكانت وكانت أمه قد ماتت في نفاسها بأخيه بنيامين * (العرش) * السرير. * (سجدا) * سجدوا له بأمر الله - تعالى - تحقيقا لرؤياه، أو كان السجود تحية من قبلنا وأعطيت هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة * (تأويل رؤياي) * كان بين رؤياه وتأويلها ثمانون سنة، أو أربعون، أو ستة وثلاثون، أو اثنان وعشرون، أو ثماني عشر، ورؤيا الأنبياء لا تكون إلا صادقة، وإنما أمره يعقوب بكتمانها لأنه رآها صغيرا فلم تكن كرؤيا الأنبياء، أو خاف طول المدة مع مكابدة البلوى وخشي تعجيل الأذى بكيد الإخوة * (من السجن) * / [8 / أ] شكر على
140

الإخراج من السجن ولم يذكر الجب لئلا يكون معرضا بتوبيخ إخوته بعد قوله: * (لا تثريب) * أو لأنه ما تخوفه في السجن من المعرة لم يكن في الجب فكانت النعمة فيه أتم، أو لأنه انتقل من بلوى السجن إلى نعمة الملك بخلاف الجب فإنه انتقل منه إلى الرق. * (من البدو) * كانوا بادية بأرض كنعان أهل مواشي أو جاءوا في البادية وكانوا أهل مدن بفلسطين، أو ناحية حران من أهل الجزيرة قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - * (نزغ) * حرش وأفسد. * (لطيف) * لطف بيوسف بإخراجه من السجن ومجئ أهله من البدو، ونزع عن قلبه نزغ الشيطان.
101 - * (من الملك) * لأنه كان على مصر من قبل فرعون. * (تأويل الأحاديث) * عبار الرؤيا، أو الإخبار عن حوادث الزمان * (مسلما) * مخلصا للطاعة، أو على ملة الإسلام، قال السدي: ' كان أول نبي تمنى الموت ' ولما لقي البشير يعقوب قال: على أي دين خلفت يوسف قال على الإسلام قال الآن تمت النعمة. * (بالصالحين) * أهل الجنة. * (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذا أجمعوا أمرهم وهم يمكرون وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وما تسئلهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين) *
102 - * (ذلك) * قصة يوسف وإخوته من أخبار الغيب * (لديهم) * مع إخوة يوسف * (إذ أجمعوا أمرهم) * في إلقائه في الجب. * (وكأين من ءاية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا هم مشركون أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة
141

أنا ومن أتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) *
106 - * (مشركون) * يقولون: الله ربنا وآلهتنا ترزقنا، أو المنافق يؤمن بظاهره ويكفر بباطنه ' ح '، أو قول الرجل لولا الله وفلان لهلك فلان.
108 - * (سبيلي) * دعوتي، أو سنتي * (بصيرة) * هدى، أو حق. * (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شىء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) *
109 - * (من أهل القرى) * الأمصار دون البوادي لأنهم أعلم وأحكم. ولم يبعث الله - تعالى - نبيا من البادية قط ولا من النساء ولا من الجن ' ح '.
110 - * (استيأس) * من تصديق قومهم ' ع '، أومن تعذيبهم ' م '. * (وظنوا) * ظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم ' ع '، أو تيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم * (جاءهم نصرنا) * جاء الرسل نصر الله، أو جاء قومهم عذاب الله ' ع ' * (فنجي) * الأنبياء ومن آمن معهم.
111 - * (قصصهم) * قصص يوسف وإخوته اعتبار للعقلاء بنقل يوسف من الجب والسجن والذل والرق إلى العز والملك والنبوة فالذي فعل ذلك قادر على نصر محمد [صلى الله عليه وسلم] وإعزاز دينه وإهلاك عدوه. * (ما كان) * (القرآن) * (حديثا) * يختلق * (ولكن تصديق الذي بين يديه) * من التوراة والإنجيل وسائر الكتب، أو ما كان القصص المذكور حديثا يختلق ولكن تصديق الذي بين يديه من الكتب.
142

سورة الرعد
مكية، أو مدنية إلا آيتين نزلتا بمكة * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) * [31] وما بعدها.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (المر تلك آيات الكتب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 3 * * الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقآء ربكم توقنون) *
1 - * (آيات الكتاب) * الزبور، أو التوراة والإنجيل، أو القرآن.
2 - * (بغير عمد) * لها عمد لا ترى ' ع '، أو لا عمد لها. * (وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى اليل النهار إن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * (
3 - * (رواسي) * جبالا ثوابت، واحدها راسية لأن الأرض ترسو بها
143

* (وأنهارا) * ينتفع بها شربا وإنباتا ومغيضا للأمطار ومسالك للفلك * (زوجين اثنين) * / [89 / ب] أحدهما ذكر وأنثى كفحال النخل وإناثها، وكذلك كل النبات
وإن خفي. والزواج الآخر حلو وحامض، أو عذب وملح، أو أبيض وأسود، أو أحمر وأصفر فإن كل جنس من الثمار نوعان فكل ثمرة ذات نوعين زوجين فصارت أربعة أنواع * (يغشى) * ظلمة الليل ضوء النهار، ويغشي ضوء النهار ظلمة الليل.
4 - * (متجاورات) * في المدى مختلفات عذية تنبت وسبخة لا تنبت * (صنوان) * مجتمع وغيره مفترق، أو صنوان نخلات أصلها واحد وغيرها أصولها شتى، أو الصنوان الأشكال وغيره المختلف، أو صنوان الفسيل يقطع من أمهاته فهو معروف وغيره ما ينبت من النوى فهو مجهول حتى يعرف، وأصل النخل الغريب من هذا. * (ونفضل) * فمنه الحلو والحامض والأحمر والأصفر والقليل والكثير * (إن في) * اختلافها * (لآيات) * على عظم قدرته. أو ضربه مثلا لبني آدم أصلهم واحد واختلفوا في الخير والشر والإيمان والكفر كالثمار المسقية بماء واحد ' ح '.
* (وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا لفى خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعماقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
5 - * (وإن تعجب) * من تكذيبهم لك فأعجب منه تكذيبهم بالبعث، ذكر ذلك ليعجب رسوله [صلى الله عليه وسلم] والتعجب تغير النفس بما خفيت أسبابه ولا يجوز ذلك على الله عز وجل.
144

* (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلاث وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) *
6 - * (بالسيئة) * بالعقوبة قبل العافية، أو الشر قبل الخير، أو الكفر قبل الإجابة * (المثلات) * الأمثال المضروبة لمن تقدم، أو العقوبات التي مثل الله بها من مضى من الأمم. وهي جمع مثلة * (على ظلمهم) * يغفر الظلم السالف للتوبة في المستأنف، أو يعفو عن تعجيل العذاب مع ظلمهم بتعجيل العصيان، أو يغفر لهم بالإنظار توقعا للتوبة، ولما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] ' لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد '.
7 - * (هاد) * الله ' ع '، أو نبي، أو قادة، أو دعاة، أو عمل، أو سابق يسبقهم إلى الهدى.
* (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده
145

بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال) *
8 - * (ما تحمل) * (من ذكر أو أنثى) * (ما تغيض) * بالسقط الناقص. * (وما تزداد) * بالولد التام ' ع '، أو بالوضع لأقل من تسعة أشهر * (وما تزداد) * بالوضع لأكثر من التسعة، قال الضحاك: حملتني أمي سنتين ووضعتني وقد خرجت سني، أو بانقطاع الحيض مدة الحمل غذاء للولد * (وما تزداد) * بدم النفاس بعد الوضع، أو بظهور الحيض على الحمل، لأنه ينقص الولد * (وما تزداد) * في مقابلة أيام الحيض من أيام الحمل، لأنها كلما حاضت على حملها يوما زادت في طهرها يوما حتى يستكمل حملها تسعة أشهر طهرا قاله عكرمة وقتادة * (وكل شيء) * من الرزق والأجل * (عنده بمقدار) *. * (سوآء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف باليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مردله وما لهم من دونه من وال) *
10 - * (سواء منكم) * في علمه * (من أسر) * خيرا أو شرا، أو جهر بهما * (مستخف) * بعمله في ظلمة الليل ومن أظهره بضوء النهار، أو يرى ما أخفاه المرعى وهو بالعشي، والرواح بالغداة.
11 - * (معقبات) * / ملائكة الليل والنهار يتعاقبون صعودا ونزولا، اثنان بالنهار واثنان بالليل يجتمعون عند صلاة الفجر، أو حراس الأمراء يتعاقبون
146

الحرس ' ع ' أو ما يتعاقب من أوامر الله وقضائه في عباده. * (من بين يديه ومن خلفه) * أمامه وورائه، أو هداه وضلاله. * (يحفظونه من أمر الله) * بأمر الله، أو تقدبره معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، أو معقباته من الحرس يحفظونه عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا دافع لقضائه ' ع '، أو يحفظونه حتى يأتي أمر الله فيكفوا ' ع '، أو أمر الله: الجن والهوام المؤذي تحفظه الملائكة منه ما لم يأت قدر، أو يحفظونه من أمر الله وهو الموت ما لم يأت أجل وهي عامة في جميع الخلائق عند الجمهور، أو خاصة في الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما أزمع عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة على قتله فمنعه الله - تعالى - ونزلت * (سوءا) * عذابا * (وال) * ملجأ، أو ناصر.
147

* (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) *
12 - * (خوفا) * من صواعقه * (وطمعا) * في نزول غيثه، أو خوفا للمسافر من أذيته وطمعا للمقيم في بركته. * (الثقال) * بالماء.
13 - * (الرعد) * الصوت المسموع، أو ملك و الصوت المسموع تسبيحه * (خيفته) * الضمير لله - تعالى -، أو للرعد، * (الصواعق) * نزلت في رجل أنكر القرآن وكذب الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأخذته صاعقة، أو في أربد لما هم بقتل الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع عامر بن الطفيل فيبست يده على سيفه ثم انصرف فأحرقته صاعقة فقال أخوه لبيد:
* أخشى على أربد الحتوف ولا
* أرهب نوء السماك والأسد
*
148

* فجعني البرق والصواعق بالفا
* رس يوم الكريهة النجد
*
أو نزلت في يهودي قال للرسول [صلى الله عليه وسلم] أخبرني عن ربك من أي شيء هو من لؤلؤ أو ياقوت فجاءت صاعقة فأحرقته ' ع '، * (يجادلون) * قول اليهودي، أو جدال أربد لما هم بقتل الرسول [صلى الله عليه وسلم] * (المحال) * العداوة ' ع '، أو الحقد ' ح ' أو القوة ' م ' أو الغضب أو الحيلة أو الحول ' ع '، أو الهلاك بالمحل وهو القحط ' ح '، أو الأخذ أوالانتقام. * (له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها ولظلالهم بالغذو والأصال) *
14 - * (دعوة الحق) * لا إله إلا الله ' ع '، أو الله هو الحق فدعاؤه دعوة الحق، أو الإخلاص في الدعاء * (لا يستجيبون) * لا يجيبون دعاءهم ولا يسمعون
149

نداءهم والعرب يمثلون كل من سعى فيما لا يدركه بالقابض على الماء قال:
* فأصبحت مما كان بيني وبينها
* من الود مثل القابض الماء باليد
*
* (كباسط) * الظمآن يدعو الماء ليبلغ إلى فيه، أو يرى خياله في الماء وقد بسط كفيه فيه * (ليبلغ فاه وما هو ببالغه) * لكذب ظنه وسوء توهمه ' ع '، أو كباسط كفيه ليقبض عليه فلا يحصل في كفه منه شيء.
15 - * (طوعا) * المؤمن * (وكرها) * الكافر، أو طوعا من أسلم راغبا وكرها من أسلم بالسيف راهبا / [90 / ب] * (وظلالهم) * يسجد ظل المؤمن معه طائعا وظل الكافر كارها. * (والآصال) * جمع أصل وأصل جمع أصيل وهو العشي ما بين العصر والمغرب. * (قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار) *
16 - * (لا يملكون) * إذ لم يملكوا لأنفسهم جلب نفع ولا دفع ضر فأولى أن لا يملكوا ذلك لغيرهم. * (الأعمى والبصير) * المؤمن والكافر * (والظلمات والنور) * الضلالة والهدى * (فتشابه) * لما لم تخلق آلهتهم خلقا يشتبه عليهم بخلق الله فلم اشتبه عليهم حتى عبدوها كعبادة الله؟ * (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء
150

وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) *
17 - * (بقدرها) * الكبير بقدره والصغير بقدره * (رابيا) * مرتفعا * (حلية) * (الذهب والفضة) * (أو متاع) * الصفر والنحاس. * (زبد) * خبث كزبد الماء الذي لا ينتفع به * (جفاء) * منتشفا، أو جافيا على وجه الأرض، أو ممحقا ومن قرأ * (جفالا) * أخذه من قولهم: انجفلت القدر إذا قذفت بزبدها. شبه الله - تعالى - الحق بالماء وما خلص من المعادن فإنهما يبقيان للانتفاع بهما، وشبه الباطل بزبد الماء وخبث الحديد الذاهبين غير منتفع بهما. * (للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد) *
18 - * (الحسنى) * الحياة والرزق، أو الجنة مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] * (سوء الحساب) * المؤاخذة بكل ذنب فلا يعفى عن شيء من ذنوبهم، أو المناقشة بالأعمال، أو التقريع والتوبيخ عند الحساب.
151

* (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ءابائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) *
21 - * (ما أمر الله به أن يوصل) * الرحم * (ويخشون ربهم) * في قطعها * (ويخافون سوء الحساب) * في المعاقبة عليها. أو الإيمان بالنبيين والكتب كلها * (ويخشون ربهم) * فيما أمرهم بوصله * (ويخافون سوء الحساب) * في تركه، أو صلة محمد [صلى الله عليه وسلم] قاله ' ح '.
22 - * (بالحسنة السيئة) * يدفعون المنكر بالمعروف، أو الشر بالخير، أو سفاهة الجاهل بالحلم، أو الذنب بالتوبة، أو المعصية بالطاعة.
24 - * (بما صبرتم) * على الفقر، أو الجهاد في سبيل الله، أو على ملازمة الطاعة وترك المعصية، أو عن فضول الدنيا، أو عما تحبونه حين فقدتموه * (فنعم عقبى الدار) * الجنة عن الدنيا، أو الجنة من النار. * (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع * 26 *) *
26 - * (متاع) * قليل ذاهب، أو كزاد الراكب.
152

* (ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه ءاية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئاب) *
28 - * (بذكر الله) * بأفواههم، أو بنعمه عليهم، أو بوعده لهم، أو بالقرآن.
29 - * (طوبى) * اسم للجنة، أو لشجرة فيها، أو اسم الجنة بالحبشية، أو حسنى لهم، أو نعم مالهم، أو خير، أو غبطة، أو فرح وقرة عين ' ع '، أو العيش الطيب، أو طوبى فعلى من الطيب كالفضلى من الأفضل. * (كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب) *
30 - * (بالرحمن) * لما قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالحديبية للكاتب: ' اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم '، قالوا ما ندري ما الرحمن، ولكن أكتب باسمك اللهم، أو قالوا بلغنا أن الذي يعلمك ما تقول رجل من أهل اليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لن نؤمن به أبدا فنزلت * (لا إله إلا هو) * وإن اختلفت أسماؤه فهو واحد * (متاب) * توبتي. * (ولو أن قرءانا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر
153

جميعا أفلم يائس الذين ءامنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب) *
31 - * (ولو أن قرآنا) * لما قالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] إن سرك أن نتبعك فسير جبالنا / [91 / أ] تتسع أرضنا فإنها ضيقة، وقرب لنا الشام فإنا نتجر إليها، وأخرج لنا الموتى من القبور نكلمهم، أنزلها الله - تعالى - * (سيرت) * (أخرت) * (قطعت) * قربت * (كلم به الموتى) * أحيوا، جوابه: ' لكان هذا القرآن ' فحذف للعلم به * (ييأس الذين آمنوا) * من إيمان هؤلاء المشركين، أو من حصول ما سألوه لأنهم لما طلبوا ذلك اشرأب المسلمون إليه ' ع '، أو بيأس: يعلم، قال:
* ألم بيأس الأقوام أني أنا ابنه
* وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا
*
أو ييأس قيل هي لغة جرهم. * (لهدى الناس) * إلى الإيمان، أو الجنة * (قارعة) * تقرعهم من العذاب والبلاء، أو سريا الرسول [صلى الله عليه وسلم] * (أو تحل) * أنت يا محمد ' ع '، أو القارعة * (وعد الله) * القيامة، أو فتح مكة ' ع '.
154

* (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار) *
33 - * (بظاهر) * بباطل، أو ظن، أو كذب، أو بالقرآن قاله السدي.
35 - * (مثل الجنة) * شبهها أو نعتها إذ لا مثل لها * (أكلها دائم) * ثمرتها لا تنقطع، أو لذتها في الأفواه باقية قاله إبراهيم التيمي. * (والذين ءاتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه ادعوا وإليه مآب وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق) *
36 - * (الذين آتيناهم الكتاب) * الصحابة، أو مؤمنو أهل الكتاب، أو اليهود والنصارى فرحوا بما في القرآن من تصديق كتبهم. * (من ينكر بعضه) *
155

قريش، أو اليهود والنصارى والمجوس * (بعضه) * عرفوا صدق الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأنكروا تصديقه، أو عرفوا نعته وأنكروا نبوته. * (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بئاية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) *
38 - * (أزواجا وذرية) * أي هم كسائر البشر فلم أنكروا نبوتك وأنت كمن تقدم، أو نهاه بذلك عن التبتل، أو عاب اليهود الرسول [صلى الله عليه وسلم] بكثرة الأزواج فأخبرهم بأن ذلك سنة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - * (أن يأتي بآية) * لما سألت قريش تسيير الجبال وغير ذلك نزلت. * (لكل أجل) * لك قضاء قضاه الله تعالى * (كتاب) * كتبه فيه، أولكل أجل من آجال الخلق كتاب عن الله، أو لكل كتاب نزل من السماء أجل على التقديم والتأخير.
39 - * (يمحو الله ما يشاء) * من أمور الخلق فيغيرها إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران ' ع '، أو له كتابان أحدهما أم الكتاب لا يمحو منه شيئا، والثاني يمحو منه ما يشاء ويثبت كلما أراد أن ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، أو يمحو ما جاء أجله ويثبت من لم يأت أجله، أو يمحو ما يشاء من الذنوب بالمغفرة ويثبت ما يشاء فلا يغفره، أو يختم للرجل بالشقاء فيمحو ما سلف من طاعته أو يمحو بخاتمته من السعادة ما تقدم من معصيته ' ع ' * (أم الكتاب) * حلاله وحرامه، أو جملة الكتاب، أو علم الله - تعالى - بما خلق وما هو خالق، أو الذكر ' ع ' أو الكتاب الذي لا يبدل، أو أصل الكتاب في اللوح المحفوظ.
156

* (وإن مانرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم
ومن عنده علم الكتاب) *
41 - * (ننقصها) * بالفتوح على المسلمين من بلاد المشركين، أو بخرابها بعد عمارتها، أو بنقصان بركتها وبمحيق ثمرتها، أو بموت فقهائها وخيارها [91 / ب] ' ع '.
43 - * (شهيدا) * بصدقى وكذبكم. * (ومن عنده علم الكتاب) * ابن سلام وسلمان وتميم الداري، أو جبريل - عليه السلام -، أو الله - عز وجل - عن الحسن - رضي الله تعالى عنه - وكان يقرأ * (ومن عنده علم الكتاب) * ويقول: ' هذه السورة مكية وهؤلاء أسلموا بالمدينة '.
157

سورة إبراهيم
مكية، أو إلا آيتين مدنية، * (ألم تر إلى الذين بدلوا) * [28] والتي بعدها.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد) *
1 - * (الظلمات) * الضلالة والكفر، و * (النور) * الإيمان والهدى * (بإذن ربهم) * بأمره. آمن بعيسى قوم وكفر به آخرون فلما بعث محمد [صلى الله عليه وسلم] آمن به من كفر بعيسى وكفر به الذين آمنوا بعيسى فنزلت ' ع '.
3 - * (يستحبون) * يختارون، أو يستبدلون * (سبيل الله) * دينه * (و يبغونها عوجا) * العوج بالكسر في الأرض والدين وكل ما لم يكن قائما وبالفتح كل ما كان قائما كالرمح والحائط. * (يبغون) * يرجون بمكة دينا غير الإسلام ' ع '، أو يقصدون بمحمد [صلى الله عليه وسلم] هلاكا.
158

* (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور 3 * *) *
5 - * (بآياتنا) * التسع، أو بالحجج والبراهين * (وذكرهم) * عظهم بما سلف لهم في الأيام الماضية، أو بالأيام التي انتقم فيها بالقرون الأول، أو بنعم الله لأنها تسمى بالأيام.
* وأيام لنا غر طوال
*..............................
* * (صبار شكور) * كثير الصبر والشكر إذا ابتلي صبر وإذا أعطي شكر، وأخذ الشعبي من هذه الآية أن الصبر نصف الإيمان والشكر نصفه. * (وإذ قال موسى لقومه أذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم 8 * * وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد) *
159

6 - * (بلاء) * نعمة ' ع '، أو شدة بلية، أو اختبار وامتحان. \ 7 - * (تأذن) * قال، أو أعلم * (شكرتم) * نعمتي * (لأزيدنكم) * من أفضالي أو طاعتي ' ح '. * (ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب) *
9 - * (بالبينات) * الحجج. * (فردوا) * عضوا الأصابع غيظا على الرسل، أو كذبوهم بأفواههم، أو عجبوا لما سمعوا كتاب الله - تعالى - ووضعوا أيديهم في أفواههم ' ع '، أو أشاروا بذلك إلى رسولهم لما ادعى الرسالة بأن يسكت تكذيبا له وردا لقوله، أو وضعوا أيديهم على أفواه الرسل ردا لقولهم ' ح '، أو الأيدي: النعم ردوها بأفواههم حجودا، أو عبر بذلك عن ترك قبولهن للحق يقال لمن أمسك عن الجواب: رد يده في فيه. * (قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما لنا ألا
160

نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما ءاذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون) *
10 - * (أفي الله) * أفي توحيده، أو طاعته، * (من ذنوبكم) * من زائدة، أو يجعل المغفرة بدلا من ذنوبكم، * (ويؤخركم) * إلى الموت فلا يعذبكم في الدنيا. * (وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورآئه عذاب غليظ) *
14 - * (مقامي) * مقامه بين يدي. * (وعيد) * عذابي أو زواجر القرآن.
15 - * (واستفتحوا) * الرسل بطلب النصر ' ع '، أو الكفار استفتحوا بالبلاء. * (جبار) * (متكبر) * (عنيد) * معاند للحق، أو بعيد عنه.
16 - * (من ورائه) * من بعد هلاكه جهنم، أو أمامه جهنم.
17 - * (من كل مكان) * من جسده لشدة آلامه، أو يأتيه أسباب الموت عن يمين وشمال وفوق وتحت وقدام وخلف ' ع '، أو تأتيه شدائد الموت من كل مكان. * (
ومن ورائه) * فيه الوجهان المذكوران. * (عذاب غليط) * الخلود في النار.
161

* (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز) *
18 - * (مثل) * أعمال * (الذين كفروا) * في حبوطها وبطلانها وأنه لا يحصل منها على شيء بالرماد المذكور. * (عاصف) * شديدة وصف اليوم بالعصوف لوقوعه فيه كما يقال يوم حار ويوم بارد / [92 / أ] أو أراد عاصف الريح فحذف لتقدم ذكر الريح، أو العصوف من صفة الريح المذكورة فلما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه. * (وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاؤا للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شىء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) *
21 - * (وبرزوا لله) * ظهروا بين يديه في القيامة، والضعفاء: الأتباع والذين استكبروا: قادتهم. * (تبعا) * في الكفر * (مغنون) * دافعون، أغنى عنه: دفع عنه الأذى وأغناه: أوصل إليه النفع * (لو هدانا الله) * إلى الإيمان لهديناكم إليه، أو إلى الجنة لهديناكم إليها، أو لو نجانا من العذاب لنجيناكم منه. * (محيص) * ملجأ ومنجى يقول بعضهم لبعض: إن قوما جزعوا وبكوا ففازوا فيجزعون ويبكون، ثم يقولون: إن قوما صبروا في الدنيا ففازوا فيصبرون فعند ذلك يقولون: * (سواء علينا) * الآية. * (وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا
162

أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم وأدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام) *
22 - * (وقال الشيطان) * يقوم إبليس خطيبا يوم القيامة فيسمعه الخلائق جميعا * (قضي الأمر) * بحصول أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار. * (وعد الحق) * الجنة والنار والبعث والثواب والعقاب. * (ووعدتكم) * بأن لا بعث ولا ثواب ولا عقاب * (بمصرخي) * بمنجي أو بمغيثي * (إني كفرت) * (قبلكم) * (بما أشركتموني) * من بعدي لأن كفره قبل كفرهم.
23 - * (تحيتهم) * ملكهم دائم السلامة، ومنه التحيات لله أي الملك، أو التحية المعروفة إذا تلاقوا سلموا بها. * (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) *
24 - * (كلمة طيبة) * الإيمان، أو المؤمن * (كشجرة طيبة) * النخلة قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو شجرة في الجنة ' ع ' * (ثابت) * (في الأرض) * (وفرعها) * نحو السماء.
163

25 - * (أكلها) * ثمرها * (حين) * عبارة عن الوقت في اللغة. يراد بها ها هنا سنة لأنها تحمل في السنة مرة، أو ثمانية أشهر لأنها مدة الحمل ظاهرا وباطنا، أو ستة أشهر لأنها مدة الحمل ظاهرا، أو أربعة أشهر لأنها مدة صلاحها وبروزها من طلعها إلى جذاذها، أو شهرين لأنها مدة صلاحها إلى جفافها، أو غدوة وعشية لأنه وقت اجتنائها ' ع '. شبه ثبوت الكلمة في الأرض بثبوت النخلة في الأرض فإذا ظهرت عرجت إلى السماء كما تعلو النخلة نحو السماء فكلما ذكرت نفعت كما أن النخلة إذا أثمرت نفعت.
26 - * (كلمة خبيثة) * الكفر، أو الكافر * (كشجرة خبيثة) * الحنظل أو الأكشوث، أو شجرة لم تخلق ' ع '، * (اجتثت) * اقتلعت من أصلها. * (قرار) * ثبوت، أو أصل. شبه الكلمة الخبيثة التي ليس لها أصل يبقى ولا ثمرة حلوة بأنه ليس لها عمل في الأرض يبقى ولا ذكر في السماء يرقى. * (يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله
164

الظالمين ويفعل الله ما يشاء) *
27 - * (يثبت الله الذين آمنوا) * يديمهم على القول الثابت * (بالقول الثابت) * الشهادتان، أو العمل الصالح * (في الحياة الدنيا) * زمن الحياة * (وفي الآخرة) * عند المساءلة في القبر، أو الحياة الدنيا: مساءلة القبر والآخرة: مساءلة القيامة. * (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * 28 * جهنم يصلونها وبئس القرار وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار * 30 *) *
28 - * (الذين بدلوا) * قريش بدلوا نعمة إرسال الرسول [صلى الله عليه وسلم] منهم كفرا به وجحودا، أو نزلت في بني أمية وبني مخزوم، فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين، وأما بنو مخزوم / [92 / ب] فأهلكوا يوم بدر، أوهم قادة المشركين يوم بدر. أو جبلة بن الأيهم وتابعوه من العرب الذين لحقوا بالروم ' ع ' أو عامة في جميع
165

المشركين. * (دار البوار) * جهنم، أو يوم بدر، والبوار: الهلاك.
قل لعبادي الذين ءامنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم اليل والنهار وءاتاكم من كل ما
سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) *
31 - * (سرا وعلانية) * خفية وجهرة عند الأكثرين، أو السر: التطوع والعلانية: الفرض. * (لا بيع) * لا فدية في العاصي، ولا شفاعة للكفار، أو لا تباع الذنوب ولا تشترى الجنة. * (خلال) * مصدر خاللت خلالا كقاتلت قتالا، أو جمع خلة كقلة وقلال أي لا مودة بين الكفار لتقاطعهم. * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد ءامنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم
166

يشكرون ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شىء في الأرض ولا في السماء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) *
37 - * (بيتك) * الذي لا يملكه غيرك. * (المحرم) *، لأنه يحرم فيه ما يباح في غيره * (أفئدة) * جمع فؤاد وهو القلب، أو جمع وفود. * (تهوي) * تحن، أو تهواهم، أو تنزل عليهم. طلب ذلك ليميلوا إلى سكناها فتصير بلدا محرما ' ع '، أو ليحجوا قال ' ع ': لولا أنه قال: من الناس لحجه اليهود والنصارى وفارس والروم * (من الثمرات) * أجابه بما في الطائف من الثمار وما يجلب إليهم من الأمصار. * (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعى رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هوآء) *
43 - * (مهطعين) * مسرعين أهطع إهطاعا أسرع، أو الدائم النظر لا يطرق، أو المطرق لا يرفع رأسه. * (مقنعي) * ناكسي بلغة قريش أو رافعي، إقناع الرأس رفعه * (طرفهم) * الطرف: النظر وبه سميت العين لأنه بها يكون * (هواء) * خالية من الخير ' ع '، أو تردد في أجوافهم ليس لها مكان تستقر به فكأنها تهوي، أو زالت عن أماكنها فبلغت الحناجر فلا تنفصل ولا تعود. * (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم
167

وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) *
44 - * (زوال) * عن الدنيا إلى الآخرة، أو زوال عن العذاب.
46 - * (مكرهم) * الشرك ' ع '، أو بالعتو والتجبر، وهي فيمن تجبر في ملكه وصعد مع النسرين في الهواء، قاله علي وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهما - * (وعند الله مكرهم) * يحفظه ليجازيهم عليه، أو يعلمه فلا يخفى عنه * (لتزول) * وما كان مكرهم لتزول منه الجبال احتقارا لمكرهم ' ع '، * (لتزول) * وكاد أن يزيلها تعظيما لمكرهم، والجبال: جبال الأرض، أو الإسلام والقرآن لأنه في ثبوته كالجبال.
168

* (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ليجزى الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا إنما هو إله واحد وليذكروا أولوا الألباب) *
48 - * (تبدل الأرض) * بأرض بيضاء كالفضة لم تعمل عليها خطيئة، أو بأرض من فضة بيضاء، أو هي هذه الأرض تبدل صورتها ويطهر دنسها * (والسماوات) * تبدل بغيرها كالأرض فتصير جنانا والبحار نارا، أو بجعل السماوات ذهبا والأرض فضة، قاله علي - رضي الله تعالى عنه -، أو بتناثر نجومها وتكوير شمسها، أو طيها كطي السجل، أو إنشقاقها.
49 - * (الأصفاد) * الأغلال، أو القيود والصفد العطاء، لأنه يقيد المودة.
50 - * (سرابيلهم) * جمع سربال وهو القميص * (قطران) * الذي تهنأ به الإبل لإسراع النار إليها، أو النحاس الحامي ' ع '.
53 - * (هذا بلاغ) * هذا الإنذار كاف للناس، أو هذا القرآن كاف للناس. * (ولينذروا) * بالقرآن * (وليعلموا) * بما فيه من الدلائل على التوحيد * (أنما هو إله واحد وليذكر) * بمواعظه ذوو العقول، قيل نزلت في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - وأصحابه.
169

سورة الحجر
مكية اتفاقا.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (ألر تلك آيات الكتاب وقرءان مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون) *
1 - / [93 / أ] * (الكتاب) * القرآن، أو التوراة والإنجيل.
2 - * (ربما يود الذين) * إذا رأوا المسلمين دخلوا الجنة أن يكونوا أسلموا، وربما ها هنا للتكثير. * (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستئخرون) *
5 - * (ما تسبق من أمة) * رسولها وكتابها فتعذب قبلهما، ولا يستأخر الرسول والكتاب عنهم. * (وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) *
170

8 - * (إلا بالحق) * القرآن، أو الرسالة، أو بالقضاء عند الموت بقبض أرواحهم، أو العذاب إن لم يؤمنوا.
9 - * (الذكر) * القرآن، * (وإنا له) * لمحمد [صلى الله عليه وسلم] * (لحافظون) * ممن أراده بسوء، أو للقرآن حتى يجزي به يوم القيامة أو بحفظه من زيادة الشيطان فيه باطلا، أو نقصه منه حقا. * (ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) *
10 - * (شيع) * أمم، أو القرى، أو جمع شيعة، والشيعة: الفرقة المتآلفة المتفقة الكلمة، مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار يوقد بها الكبار، فهو عون للنار.
12 - * (نسلكه) * الاستهزاء، أو التكذيب، أو نسلك القرآن في قلوبهم وإن لم يؤمنوا به، أو إذا كذبوا به سلكنا في قلوبهم أن لا يؤمنوا به.
13 - * (سنة الأولين) * بالعذاب، أو بألا يؤمنوا برسلهم إذا عاندوا، والسنة: الطريقة.
14 - * (يعرجون) * المشركون، أو الملائكة وهم يرونهم.
15 - * (سكرت) * سدت، أو عميت، أو أخذت، أو غشيت وغطيت،
171

أو حبست * (مسحورون) * سحرنا فلا نبصر، أو معللون، أو مفسدون. * (ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين * 20 *) *
16 - * (بروجا) * قصورا فيها الحرس، أو منازل الشمس والقمر، أو الكواكب العظام أي السبعة السيارة، أو النجوم، أو البروج الإثنا عشر، وأصله الظهور برجت المرأة أظهرت محاسنها.
17 - * (رجيم) * ملعون، أو مرجوم بقول أو فعل.
18 - * (استرق السمع) * بأخبار الأرض دون الوحي فإنه محفوظ منهم. ويسترقون السمع من الملائكة في السماء، أو في الهواء عند نزولهم من السماء. * (فأتبعه شهاب) * قبل سماعه، أو بعد سماعه فيجرحهم ويحرقهم ويخبلهم و لا يقتل ' ع '، أو يقتلهم قبل إلقائه إلى الجن فلا يصل إلى أخبار السماء إلا الأنبياء ' ع '، ولذلك انقطعت الكهانة، أو يقتلهم بعد إلقائه إلى الجن ولذلك [ما] يعودون لاستراقه، ولو لم يصل لقطعوا الاستراق. والشهب نجوم يرجمون بها ثم تعود إلى أماكنها، أو نور يمتد بشدة ضيائه فيحرقهم ولا يعود كما إذا أحرقت النار لم تعد.
19 - * (مددناها) * بسطناها من مكة لأنها أم القرى * (موزون) * بقدر معلوم عبر عنه بالوزن، لأنه آلة لمعرفة المقادير، أو أراد الأشياء التي توزن في أسواقها، أو مقسوم، أو معدود.
172

20 - * (معايش) * ملابس، أو التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة، أو المطاعم والمشارب التي يعيشون بها. * (ومن لستم له برازقين) * الدواب والأنعام، أو الوحش. * (وإن من شىء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم * 21 * وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين وإنا لنحن نحي ونميت ونحن الوارثون ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستئخرين وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم * 25 *) *
21 - * (وإن من شيء) * من أرزاق الخلق * (إلا عندنا خزائنه) * المطر المنزل من المساء إذ به نبات كل شيء * (بقدر معلوم) * قال ابن مسعود - رضي الله تعالى - / [93 / ب] عنه - ما عام بأمطر من عام ولكن الله - تعالى - يقسمه حيث يشاء فيمطر قوما ويحرم آخرين.
22 - * (لواقح) * السحاب حتى يمطر، كل الرياح الواقح والجنوب ألقح، أو لواقح للشجر حتى يثمر ' ع '.
24 - * (المستقدمين) * الذين خلقوا * (والمستأخرين) * من لم يخلق، أو من مات ومن لم يمت، أو أول الخلق وآخره، أو من تقدم أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] والمستأخر من أمته، أو المستقدمين في الخير والمستأخرين عنه، أو في صفوف الحرب والمستأخرين فيها، كانت امرأة من أحسن الناس تصلي خلف الرسول [صلى الله عليه وسلم] فيقدم بعضهم لئلا يراها ويتأخر بعضهم إلى الصف المؤخر فإذا ركع نظر إليها من تحت إبطه فنزلت.
173

* (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذ سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبي أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال فأخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) *
26 - * (الإنسان) * آدم - عليه الصلاة والسلام - * (صلصال) * طين يابس لم تصبه نار، إذا نقر صل فسمعت له صلصلة، وهي الصوت الشديد المسموع من
174

غير الحيوان كالقعقعة في الثوب ' ع '، أوطين خلط برمل، أو منتن، صل اللحم وأصل أنتن. * (حما) * جمع حمأة وهي الطين الأسود المتغير * (مسنون) * منتن متغير، أو أسن الماء تغير ' ع '، أو منصوب قائم من قولهم: وجه مسنون، أو المصبوب، سن الماء على وجهه صبه عليه، أو الذي يحك بعضه بعضا، سننت الحجر بالحجر حككت أحدهما بالآخر ومنه سن الحديد لحكه به، أو الرطب، أو المخلص سن سيفك أي: أجله.
27 - * (والجان) * إبليس، أو الجن، أو أبو الجن * (من قبل) * آدم * (نار السموم) * لهب النار، أو نار الشمس، أو حر السموم، والسموم: الريح الحارة
.
38 - * (المعلوم) * عند الله - تعالى - وحده، أو النفخة الأولى بينها وبين النفخة الثانية أربعون سنة هي مدة موته، وأراد بسؤاله الأنظار أن لا يموت فلم يجبه إلى ذلك، وأنظره إلى النفخة الأولى تعظيما لبلائه وتعريفا أنه لا يضر بفعله غير نفسه. ولم يكرمه بتكليمه بل كلمة بذلك على لسان رسول، أو كلمه تغليظا ووعيدا لا إكراما وتقريبا. * (قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين * 40 * قال هذا صراط على مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) *
39 - * (أغويتني) * أضللتني ' ع '، أو خيبتني من رحمتك، أو نسبتني إلى الإغواء.
40 - * (المخلصين) * لعباداتهم من الفساد والرياء، سأل الحواريون
175

عيسى - عليه الصلاة والسلام - عن المخلص، فقال: الذي يعمل لله ولا يحب أن يحمده الناس.
41 - * (هذا صراط) * يستقيم بصاحبه حتى يهجم به على الجنة ' ع '، أو صراط إلي ' ح '، أو تهديد ووعيد كقولك لمن تتوعده: ' على طريقك '، أو هذا صراط على استقامته بالبيان والبرهان. * (إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام ءامنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخونا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم) *
46 - * (بسلام) * بسلامة من النار، أو بسلامة تصحبكم من كل آفة * (أمنين) * من الخروج منها، أو الموت، أو الخوف والمرض.
47 - * (ونزعنا) * بالإسلام * (ما في صدورهم من غل) * الجاهلية، أو نزعنا في الآخرة ما فيها من غل الدنيا ' ح ' وروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] * (سرر) *
176

جمع أسرة، أو سرور * (متقابلين) * بوجوههم لا يصرفون أبصارهم تواصلا وتحاببا، أو متقابلين بالمحبة والمودة لا يتفاضلون فيها ولا يختلفون، أو متقابلين / [94 / ب] في المنزلة لا يفضل بعضهم بعضا لاتفاقهم على الطاعة أو استوائهم في الجزاء، أو متقابلين في الزيادة والتواصل، أو أقبلوا على أزواجهم بالمودة وأقبلن عليهم، قيل نزلت في العشرة، قال علي - رضي الله تعالى عنه -: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير منهم. * (ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون قالوا لا
177

توجل أنا نبشرك بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) *
53 - * (لا توجل) * (لا تخف) * (بغلام عليم) * في كبره وهو إسحاق لقوله - تعالى - * (فضحكت فبشرناها بإسحاق) * [هود: 71] * (عليم) * حليم، أو عالم عند الجمهور.
54 - * (أبشرتموني) * (تعجب) * (فبم تبشرون) * تعجبا من قولهم، أو استفهم هل بشروه بأمر الله - تعالى - ليكون أسكن لقلبه.
55 - * (القانطين) * الآيسين من الولد. * (قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين) *
59 - * (آل لوط) * أتباعه وناصروه.
60 - * (قدرنا) * قضينا، أو كتبنا * (الغابرين) * الباقين في العذاب، أو الماضين فيه. * (فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون * 62 * قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق وإنا لصادقون فأسر بأهلك بقطع من اليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) *
65 - * (بقطع من الليل) * ببعضه، أو آخره، أو ظلمته.
178

66 - * (قضينا) * أوحينا * (دابر هؤلاء) * آخرهم، أو أصلهم. * (وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وأنها لبسبيل مقيم 5 * * إن في ذلك لآية للمؤمنين) *
72 - * (لعمرك) * وعيشك ' ع '، أو وحياتك ' ع '، وما أقسم الله - تعالى - بحياة غيره، أو وعملك * (سكرتهم) * ضلالهم، أو غفلتهم * (يعمهون) * يترددون ' ع '، أو يتمادون، أو يلعبون، أو يمضون.
75 - * (للمتوسمين) * للمتفرسين، أو المعتبرين، أو المتفكرين، أو الناظرين أو المتبصرين، أو الذين يتوسمون الأمور فيعلمون أن الذي أهلك قوم لوط قادر على إهلاك الكفار.
76 - * (لبسبيل) * لهلاك ' ع '، أو لبطريق معلم. * (وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين) *
78 - * (لظالمين) * بتكذيبهم شعيبا، أرسل إلى مدين فأهلكوا بالصيحة وإلى أصحاب الأيكة فاحترقوا بنار الظلة، الأيكة: الغيضة، أو الشجر الملتف
179

كان أكثرهم شجرهم الدوم وهو المقل، أو الأيكة اسم البلد وليكة اسم المدينة كبكة من مكة.
79 - * (وإنهما) * أصحاب الأيكة وقوم لوط * (لبإمام) * لبطريق واضح. سمي الطريق إماما لأن سالكه يأتم به حتى يصل إلى مقصده، أو لفي كتاب مستبين، سمي إماما لتقدمه على سائر الكتب، وقال مؤرج: هو الكتاب بلغة حمير. * (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ءامنين فأخذتهم الصيحة مصبحين فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) *
80 - * (الحجر) * الوادي، أو مدينة ثمود، أو أرض بين الشام والحجاز وأصحابه ثمود.
82 - * (أمنين) * أن تسقط عليهم بيوتهم، أو من خرابها، أومن العذاب، أو الموت. * (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لاتية فاصفح الصفح الجميل * 85 إن ربك هو الخلاق العليم) *
85 - * (الصفح الجميل) * الإعراض من غير جزع، أو العفو بغير توبيخ
180

ولا تعنيف، ثم نسخ صفحه عن حق الله - تعالى - بآية السيف، فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: بعد ذلك: ' لقد أتيتكم بالذبح وبعثت بالحصاد ولم أبعث بالزراعة، أو أمر بالصفح عنهم في حق نفسه فيما بينه وبينهم. * (ولقد ءاتيناك سبعا من المثاني والقرءان العظيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين 4 * *) *
87 - [* (سبعا من المثاني) *] السبع المثاني: الفاتحة، لأنها تثنى كلما قرأ القرآن وصلى، أو السبع الطوال البقرة، وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس ' ع ' سميت مثاني لما تردد فيها من الأمثال والخبر والعبر، أو لأنها تجاوز المائة الأولى إلى المائة الثانية، أو المثاني القرآن كله، أو معانيه السبعة أمر ونهي وتبشير وإنذار وضرب أمثال وتعديد نعم وأنباء قرون.
88 - * (أزواجا) * أشباها، أو أصنافا أو الأغنياء / [94 / ب] * (ولا تحزن عليهم) * بما أنعمت عليهم في الدنيا أو بما يصيرون إليه من كفرهم * (واخفض) * عبر به عن الخضوع، أو عن إلانة الجانب، نزل بالرسول [صلى الله عليه وسلم] ضيف فلم يكن عنده ما يصلحه فأرسل إلى يهودي يستسلف منه دقيقا إلى هلال رجب، فأبى إلا برهن فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني لأديت إليه فنزلت * (لا تمدن) *
181

وقل إني أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرءان عضين فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون) *
90 - * (المقتسمين) * اليهود والنصار اقتسموا القرآن أعضاء أي أجزاء فآمنوا ببعض منها وكفروا ببعض ' ع '، أو اقتسموه استهزاء به فقال بعضهم: هذه السورة لي، وقال بعضهم: هذه لي، أو اقتسموا كتبهم فآمن بعضهم ببعضها وكفر ببعضها وكفر آخرون بما آمن به أولئك وآمنوا بما كفروا به، أو قوم صالح تقاسموا على قتله، قاله ابن زيد، أو قوم من قريش اقتسموا طرق مكة لينفروا على الرسول [صلى الله عليه وسلم] من يرد من القبائل بأنه ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون حتى لا يؤمنوا به فنزل عليهم عذاب فأهلكهم، أو قوم من قريش اقتسموا القرآن فجعلوا بعضه شعرا وبعضه سحرا وبعضه كهانة وبعضه أساطير الأولين، أو قوم
182

اقتسموا أيمانا تحالفوا عليها.
91 - * (عضين) * فرقا بعضه شعرا وبعضه سحرا وبعضه أساطير الأولين، جعلوا أعضاء كما تعضى الجزور، وعضين جمع عضو من عضيت الشيء تعضية إذا فرقته ' ع '.
وليس دين الله - تعالى - بالمعضى.
أي المفرق أو العضين جمع عضة وهو البهت لأنهم بهتوا كتاب الله - تعالى - فيما رموه به، عضهت الرجل أعضهه عضها بهته، وقال: إن العضيهة ليست فعل أحرار
أوالعضة: السحر بلسان قريش ومنه ' لعن الرسول [صلى الله عليه وسلم] العاضهة والمستعضهة أراد الساحرة والمتسحرة، أو لما ذكر في القرآن الذباب والبعوض والعنكبوت والنمل قال أحدهم: أنا صاحب البعوض، وقال آخر: أنا صاحب الذباب وقال آخر أنا صاحب النمل استهزاء منهم بالقرآن.
93 - * (عما كانوا يعملون) * يعبدون، أو ما عملوا فيما علموا، أو عما عبدوا وما أجابوا الرسل. * (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين أنا كفيناك المستهزءين الذين يجعلون مع الله إلاها ءاخر فسوف يعلمون ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون
183

فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) *
94 - * (فاصدع) * فامض، أو أظهر، أو اجهر بالقرآن في الصلاة، أو أعلن بالوحي حتى يبلغهم ' ع '، أو أفرق به بين الحق والباطل، أو فرق القول فيهم مجتمعين وفرادى، * (وأعرض) * منسوخ بآية السيف ' ع ' أو أعرض عن الاهتمام باستهزائهم.
95 - * (المستهزئين) * خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأبو زمعة والأسود بن عبد يغوث والحارث بن غيطلة أهلكهم الله - تعالى - قبل بدر لاستهزائهم برسوله [صلى الله عليه وسلم].
184

97 - * (صدرك) * قلبك لأنه محل القلب * (بما يقولون) * من الاستهزاء، أو التكذيب بالحق.
98 - * (الساجدين) * المصلين.
99 - * (اليقين) * الحق الذي لا ريب فيه، أو الموت الذي لا محيد عنه ' ح '.
185

سورة النحل
مكية أو إلا ثلاث آيات * (ولا تشتروا بعهد الله) * إلى قوله * (بأحسن ما كانوا يعملون) * [95 - 97] ' ع '.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين) *
1 - * (أتي) * دنا، أو سيأتي، أو على حقيقة إتيانه في ثبوته واستقراره. * (أمر الله) * القيامة، أو وعيد المشركين، أو فرائض الله - تعالى - وأحكامه.
2 - * (بالروح) * الوحي ' ع ' أو كلام الله - تعالى -، أو الحق الواجب الاتباع، أو أرواح الخلق لا ينزل ملك إلا معه روح قاله مجاهد
4 - * (خصيم) * محتج في الخصومة. ذكر ذلك تعريفا لقدرتهن أو لنعمته، أو لقبح ما ضيعه من شكر النعمة بمخاصمته في الكفر ' ح ' قيل نزلت في أبي بن خلق الجمحي أخذ عظاما نخرة فذراها وقال أنعاد إذا صرنا كذا؟
186

والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين) *
5 - * (دفء) * لباس ' ع '، أو ما استدفأت به من أصوافها وأوبارها وأشعارها. * (ومنافع) * الركوب والعمل * (تأكلون) * اللحم واللبن.
8 - * (ما لا تعلمون) * من الخلق عند الجمهور، أو نهر تحت العرش ' ع '. * (هو الذي انزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون
187

ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون وسخر لكم اليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لايات لقوم يعقلون وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لأية لقوم يذكرون وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون.
14 - * (مواخر) * تشق الماء عن يمين وشمال، والمخر: شق الماء وتحريكه، أو ما تمخر الريح من السفن و المخر صوت هبوب الريح، أو تجري بريح واحدة مقبلة ومدبرة، أو تجري معترضة، أو المواخر: المواقد. * (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات والنجم هم يهتدون أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم) *
16 - * (وعلامات) * معالم الطرق بالنهار * (والنجم هم يهتدون) * بالليل ' ع '، أو النجوم منها ما يهتدى به ومنها ما هو علامة لا يهتدى بها، أو الجبال.
18 - * (لا تحصوها) * لا تحفظوها، أو لا تشكروها. * (والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون إلهكم إله واحد
188

فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركاءى الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين) *
26 - * (فأتى الله بنيانهم) * هدمه من أساسه، أومثل ضربه الله - تعالى - لاستئصالهم * (السقف) * أتاهم من السماء التي هي سقفهم ' ع '، أو سقطت أعالي بيوتهم وهم تحتها فلذلك قال: * (من فوقهم) * إذا لا يكون فوقهم إلا وهم تحته. وهم نمروذ بن كنعان وقومه ' ع '، أو بختنصر وأصحابه، أو المقتسمين المذكورن في سورة الحجر. * (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى ان الله عليم بما كنتم تعملون فأدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين) * 28 - * (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) * قيل نزلت فيمن أسلم بمكة ولم يهاجر فأخرجتهم قريش إلى بدر فقتلوا * (تتوفاهم) * تقبض أرواحهم
189

* (ظالمي أنفسهم) * بالمقام بمكة وترك الهجرة * (فألقوا السلم) * في خروجهم معهم * (من سوء) * كفر * (بلي) * علمكم أعمال الكفار، والسلم: الصلح، أو الاستسلام، أو الخضوع. * (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار
190

لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزى الله المتقين الذي تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) *
32 - * (طيبين) * (صالحين) * (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشىء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبؤئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعملون الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون) * 41 - * (ظلموا) * ظلمهم أهل مكة
بإخراجهم إلى الحبشة بعد العذاب
191

والإبعاد. * (حسنة) * نزول المدينة ' ع '، أو الرزق الحسن نزلت في أبي جندل بن سهيل، أو في بلال وعمار وخباب بن الأرت عذبوا حتى قالوا ما أراده الكفار فلما خلوهم هاجروا. * (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون * 44 *) *
43 - * (الذكر) * العلماء بأخبار القرون الخالية يعلمون أن الله - تعالى - ما بعث رسولا إلا من رجال الأمة ولم يبعث ملكا أو أهل الكتاب خاصة
192

' ع '، أو أهل القرآن.
44 - * (إليك الذكر) * القرآن، أوالعلم. * (أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم) *
46 - * (تقلبهم) * سفرهم.
47 - * (تخوف) * تنقص يهلك واحدا بعد واحد فيخافون الفناء ' ع '، أو على تقريع وتوبيخ بما قدموه / [95 / ب] من ذنوبهم ' ع '، أو يهلك قرية فتخاف القرية الأخرى. * (أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون * 50 *) * 48 - * (يتفيأ ظلاله) * يرجع، والفيء: الرجوع وبه سمي الظل بعد الزوال لرجوعه، أو يتميل ' ع '، أو يدور، أو يتحول. * (اليمين والشمائل) * تارة جهة اليمين وتارة إلى جهة الشمال ' ع '، أو اليمين أول النهار والشمال آخره * (سجدا) * ظل كل شيء سجوده، أو سجود الظل بسجود شخصه، أو سجود الظلال كسجود الأشخاص تسجد خاضعة لله * (داخرون) * صاغرون خاضعون.
50 - * (ربهم من فوقهم) * عذاب ربهم لأنه ينزل من فوقهم من السماء، أو قدرته التي هي فوق قدرتهم. * (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا
193

مسكم الضر فإليه تجئرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) *
52 - * (الدين) * الإخلاص، أو الطاعة * (واصبا) * واجبا ' ع '، أو خالصا أو دائما ' ح '، عذاب واصب: دائم.
53 - * (الضر) * القحط، أو الفقر * (تجأرون) * تضرعون بالدعاء، أو تضجون وهو الصياح من جؤار الثور وهو صياحه. * (ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسئلن عما كنتم تفترون ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب إلا ساء ما يحكمون للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم) *
58 - * (مسودا) * أسود اللون عند الجمهور، أو متغير اللون بسواد أو غيره. * (كظيم) * حزين ' ع '، أو كظم غيظه فلا يظهره، أو مغموم انطبق فوه من الغم، من الكظامة وهو شد فم القربة.
59 - * (هون) * الهوان بلغة قريش، أو القليل بلغة تميم * (يدسه) * يريد الموءودة.
194

* (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون تا لله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون) *
62 - * (ما يكرهون) * البنات * (الحسنى) * البنين، أو جزاء الحسنى * (لا جرم) * حقا أو قطعا، أو اقتضى فعلهم أن لهم النار [أو] بلى إن لهم النار ' ع ' * (مفرطون) * منسيون، أو مضيعون، أو مبعدون في النار، أو متروكون فيها أو مقدمون إليها ومنه ' أنا فرطكم على الحوض ' أي متقدمكم، * (مفرطون) *
195

مسرفون في الذنوب من الإفراط فيها، * (مفرطون) * في الواجب. * (وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون) *
67 - * (سكرا) * السكر: الخمر، والرزق الحسن: التمر والرطب والزبيب، نزلت قبل تحريم الخمر، أو السكر: ما حرم من شرابه والرزق الحسن: ما حل من ثمرته، أو السكر: النبيذ، والرزق الحسن: التمر والزبيب، أو السكر: الخل بلغة الحبشة والرزق الحسن: الطعام، أو السكر ما طعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل والأعناب وهو الرزق الحسن.
وجعلت عيب الأكرمين سكرا
أي جعلت ذمهم طعما. * (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) *
68 - * (وأوحي) * ألهمها، أو سخرها أو جعله في غرائزها بما يخفي مثله إلى غيرها * (يعرشون) * يبنون، أو الكروم.
196

69 - * (ذللا) * مذللة، أو مطيعة، أو لا يتوعر عليها مكان تسلكه، أو الذلل صفة للنحل بانقيادها إلى أصحابها وذهابها حيث ذهبوا. * (مختلف ألوانه) *
لاختلاف أغذيته * (فيه شفاء) * الضمير للقرآن، أو للعسل. * (والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون) *
70 - * (أرذل العمر) * أوضعه وأنقصه عند الجمهور، أو الهرم، أو ثمانون سنة، أو خمس وسبعون.
71 - * (فضل بعضكم على بعض) * السادة على العبيد، أو الأحرار بعضهم على بعض عند الجمهور * (في الرزق) * بالغنى والفقر والضيق والسعة * (فهم فيه سواء) * لما لم يشركهم عبيدهم في أموالهم لم يجز أن يشاركوا الله - تعالى - في ملكه ' ع '، أو هم وعبيدهم سواء في أن الله - تعالى - رزق الجميع، وأن أحدا لا يقدر على رزق عبده / [96 / أ] إلا أن يرزقه الله - تعالى - إياه كما لا يقدر على رزق نفسه. * (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون) * 72 - * (من أنفسكم أزواجا) * خلق حواء من آدم * (وحفدة) * أصهار الرجل على بناته، أو أولاد الأولاد ' ع '، أو بنو زوجة الرجل من غيره ' ع ' أو الأعوان، أو الخدم، و الحفدة جمع حافد وهو المسرع في العمل، ' نسعى ونحفد ': نسرع إلى العمل بطاعتك.
197

ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شىء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لايأت بخير هل يستوى وهو ومن يأمر بالعدل هو على صراط مستقيم * 76 *) *
75 - * (ضرب الله مثلا عبدا) * مثل للكافر والمؤمن، فالكافر لا يقدر على شيء من الخير، والرزق الحسن مما عند المؤمن من الخير ' ع '، أو مثل للأوثان التي لا تملك شيئا تعبد دون الله - تعالى - الذي يملك كل شيء.
76 - * (رجلين) * مثل لله - تعالى - وللوثن الأبكم الذي لا يقدر على شيء، والذي يأمر بالعدل هو الله - عز وجل -، أو الأبكم: الكافر، والذي يأمر بالعدل المؤمن ' ع ' أو الأبكم غلام لعثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - كان يعرض عليه الإسلام فيأبى والذي يأمر بالعدل عثمان - رضي الله تعالى عنه -. * (ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شىء قدير والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لأيات لقوم يؤمنون) *
77 - * (وما أمر الساعة) * سألت قريش الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن الساعة استهزاء
198

فنزل * (ولله غيب السماوات والأرض) * يريد قيام الساعة وسميت ساعة لأنها جزء من يوم القيامة وأجزاء اليوم ساعاته. * (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون فإنما تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون وإذا رءا الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون وإذا رءا الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون * 86 * وألقوا إلى الله يؤمئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) *
81 - * (مما خلق ظلالا) * الشجر * (أكنانا) * يستكن فيها جمع كن
199

* (سرابيل) * ثياب الكتان والقطن والصوف، والتي تقي الناس: دروع الحرب، ذكر الجبال والحر ولم يذكر السهل والبرد لغلبة الجبال والحر على بلادهم دون البرد والسهل، فمن عليهم بما يختص بهم، أو اكتفى بذكر الجبال والحر عن ذكر السهل والبرد فالمنة فيهما آكد.
83 - * (نعمة الله) * محمد [صلى الله عليه وسلم] يعرفون نبوته ثم يكذبونه، أو نعمه المذكورة في هذه السورة ثم ينكرونها بقولهم: ورثناها عن آبائنا، أو إنكارها قولهم: لولا فلان لما أصبت كذا وكذا، أو معرفتهم: اعترافهم أن الله رزقهم وإنكارهم قولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا، قال الكلبي تسمى هذه السورة سورة النعيم لتعديد النعم فيها. * (وأكثرهم الكافرون) * أراد جميعهم، أو فيهم من حكم بكفرة تبعا كالصبيان والمجانين فذكر المكلفين. * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتائ ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) *
90 - * (بالعدل) * شهادة التوحيد * (والإحسان) * الصبر على طاعته في أمره ونهيه سرا وجهرا * (وإيتاء ذي القربى) * صلة الرحم، والفحشاء: الزنا. والمنكر: القبائح، والبغي: الكبر والظلم، أو العدل: القضاء بالحق، والإحسان: التفضل بالإنعام، وإيتاء ذي القربى: صلة الأرحام، والفحشاء: ما يسر من القبائح، والمنكر: ما يظهر منها فينكر، والبغي ما يتطاول به من ظلم وغيره، أو العدل استواء السريرة والعلانية في العمل لله، والإحسان فضل السريرة على العلانية، والمنكر والبغي فضل العلانية على السريرة. * (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به ولبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء
200

الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون و لا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن
سبيل الله ولكم عذاب عظيم ولا تشتروا بعد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) *
91 - * (وأوفوا بعهد الله) * نزلت في بيعة الرسول [صلى الله عليه وسلم] على الإسلام أو في الحلف الواقع في الجاهلية بين أهل الشرك والإسلام فجاء الإسلام بالوفاء به، أو في كل يمين / [96 / ب] منعقدة يجب الوفاء بها ما لم تدع ضرورة إلى الحنث، وقول الرسول [صلى الله عليه وسلم] ' فليأت الذي هو خير ' محمول على الضرورة دون المباح، وأهل الحجاز يقولون: وكدت توكيدا وأهل نجد أكدت تأكيدا.
92 - * (كالتي نقضت غزلها) * امرأة حمقاء بمكة كانت تغزل الصوف ثم تنقضه بعد إبرامه. فشبه ناقض العهد بها في السفه والجهل تنفيرا من ذلك
201

* (غزلها) * عبر عن الحبل بالغزل، أو أراد الغزل حقيقة * (قوة) * إبرام، أو القوة: ما غزل على طاقة ولم تثن * (أنكاثا) * أنقاضا واحدها نكث، وكل شيء نقض بعد الفتل فهو أنكاث * (دخلا) * غرورا، أو دغلا وخديعة، أو غلا وغشا، أو أن يكون داخل القلب من الغدر غير ما في الظاهر من الوفاء، أو الغدر والخيانة. * (اربي) * أكثر عددا وأزيد مددا فتغدر بالأقل. * (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) *
97 - * (حياة طيبة) * بالرزق الحلال ' ع '، أو القناعة، أو الإيمان بالله - تعالى - والعمل بطاعته، أو السعادة ' ع '، أو الجنة. * (فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون * 100 *) *
98 - * (قرأت) * أردت، أو إذا كنت قارئا فاستعذ، أو تقديره فإذا استعذت بالله فاقرأ على التقديم والتأخير.
99 - * (سلطان) * قدرة على حملهم على ذنب لا يغفر، أو حجة على ما يدعوهم إليه من المعصية، أو لا سلطان له عليهم لاستعاذتهم بالله - تعالى - لقوله - تعالى -: * (وإما ينزغنك) * [الأعراف: 200]، أو لا سلطان له عليهم بحال لقوله - سبحانه وتعالى: * (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك) * [الحجر: 42].
100 - * (به مشركون) * بالله، أو أشركوا الشيطان في أعمالهم، أو لأجل
202

الشيطان وطاعته أشركوا. * (وإذا بدلنا ءاية مكان ءاية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون * 101 * قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت بالذين ءامنوا وهدى وبشرى للمسلمين) *
101 - * (بدلنا) * نسخناها حكما وتلاوة، أو حكما دون التلاوة * (لا يعلمون) * جواز النسخ والله - تعالى - أعلم بالمصلحة فيما ينزله ناسخا ومنسوخا. * (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربي مبين إن الذين لا يؤمنون بئايات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بئايات الله وأولئك هم الكاذبون) *
103 - * (بشر) * بلعام فتى بمكة كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يدخل عليه ليعلمه فاتهموا الرسول [صلى الله عليه وسلم] بأنه يتعلم منه، أو يعيش عبد بني الحضرمي كان
203

الرسول [صلى الله عليه وسلم] يلقنه القرآن، أو غلامان صيقلان لبني الحضرمي من أهل عين التمر كانا يقرآن التوراة فربما جلس إليهما الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو سلمان الفارسي * (يلحدون) * يميلون، أو يعرضون به. والعرب يعبرون عن الكلام باللسان. * (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون * 109 * ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون) *
106 - * (من كفر بالله) * نزلت في عبد الله بن أبي سرح ومقيس بن صبابة
204

وعبد الله بن خطل وقيس بن الوليد بن المغيرة كفروا بعد إيمانهم * (إلا من أكره) * نزلت في عمار وأبويه ياسر وسمية، أوفي بلال وصهيب وخباب أظهروا الكفر وقلوبهم مطمئنة بالإيمان.
205

وضرب الله مثلا قرية كانت ءامنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون وقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون) *
112 - * (قرية كانت آمنة) * مكة، وسمي الجوع والخوف لباسا، لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس، بلغ بهم القحط أن أكلوا القد والعلهز وهو الوبر يخلط بالدم ' والقراد ثم ' يؤكل ' ع '، أو المدينة آمنت بالرسول [صلى الله عليه وسلم] ثم كفرت بعده بقتل عثمان - رضي الله تعالى عنه - وما حدث فيها من الفتن قالته حفصة، أو كل مدينة كانت على هذه [97 / أ] الصفة من سائر القرى. * (فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله
206

به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا
يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم 3 * * وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) *
119 - * (بجهالة) * أنه سوء، أو بغلبة الشهوة مع العلم بأنه سوء.
إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين * 120 * شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن أتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) *
120 - * (أمة) * إماما يؤتم به، أو معلما للخير، أو أمة يقتدى به سمي بذلك لقيام الأمة به * (قانتا) * مطيعا، أو دائما على العبادة * (حنيفا) * مخلصا، أو حاجا، أو مستقيما على طريق الحق.
112 - * (حسنة) * نبوة، أو لسان صدق، أو كل أهل الأديان يتولونه ويرضونه، أو ثناء الله - تعالى - عليه.
123 - * (اتبع ملة إبراهيم) * في الإسلام والبراءة من الأوثان، أو في جميع ملته إلا ما أمر بتركه. * (إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة
207

فيما كانوا فيه يختلفون) *
124 - * (اختلفوا فيه) * فقال بعضهم: السبت أعظم الأيام حرمة، لأن الله - تعالى - فرغ من خلق الأشياء فيه، أو قال بعضهم: الأحد أفضل، لأن الله - تعالى - ابتدأ الخلق فيه، أوعدلوا عما أمروا به من تعظيم الجمعة تغليبا لحرمة السبت أو الأحد. * (ادع إلى سبيل ربك بالحكم والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) *
125 - * (سبيل ربك) * (الإسلام) * (بالحكمة) * (بالقرآن) * (والموعظة الحسنة) * القرآن في لين من القول، أو بما فيه من الأمر والنهي. * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين ات قوا والذين هم محسنون) *
126 - * (وإن عاقبتم) * نزلت في قريش لما مثلوا بقتلى أحد ثم نسخت بقوله - تعالى - * (واصبر وما صبرك إلا بالله) * [127] أو هي
208

محكمة، أو نزلت في كل مظلوم أن يقتص بقدر ظلامته. * (واصبر) * عن المعاقبة بمثل ما عاقبوا به قتلى أحد من المثلة.
128 - * (اتقوا) * المحرمات، وأحسنوا بالفرائض والطاعات.
209

سورة الإسراء
سورة بني إسرائيل
مكية أو إلا ثمان آيات * (وإن كادوا ليفتنونك) * [73] * (سلطانا نصيرا) * [80] ' ع '.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) *
1 - * (سبحان) * تنزيه لله - تعالى - من السوء، أو براءة الله - تعالى - من السوء. وهو تعظيم لا يصلح لغير الله. أخذ من السبح في التعظيم وهو الجري فيه، وقيل هو هنا تعجيب أي أعجبوا للذي أسرى، لما كان مشاهدة العجب سببا للتسبيح صار التسبيح تعجبا. ويطلق التسبيح على الصلاة. وعلى الاستثناء * (لولا تسبحون) * [القلم: 28]، وعلى النور ' سبحات وجهه '، وعلى التنزيه، سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن التسبيح فقال: ' إنزاه الله - تعالى - عن السوء '.
210

* (بعبده) *: محمد [صلى الله عليه وسلم]. والسري: سير الليل. * (المسجد الحرام) * الحرم كله، أو المسجد نفسه، سرت روحه وجسده فصلى في بيت المقدس بالأنبياء ثم عرج إلى السماء ثم رجع إلى المسجد الحرام فصلى به الصبح آخر ليلته، أو لم يدخل القدس ولم ينزل عن البراق حتى عرج به ثم عاد إلى مكة، أو أسرى بروحه دون جسده فكانت رؤيا من الله - تعالى - صادقة: * (الأقصى) * لبعده من المسجد الحرام. * (باركنا) * بالثمار ومجرى الأنهار، أو بمن جعل حوله من الأنبياء والصالحين * (من آياتنا) * عجائبنا، أومن رأيهم من الأنبياء حتى وصفهم واحدا واحدا * (السميع) * لتصديقهم بالإسراء وتكذيبهم * (البصير) * بما فعل من الإسراء والمعراج. * (وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا) *
2 - * (وكيلا) *:، شريكا، أو ربا يتوكلون عليه في أمورهم، أو كفيلا بأمورهم.
3 - * (ذرية من حملنا) * هم موسى وبنو إسرائيل: * (شكورا) * نوح يحمد
211

ربه على الطعام، أو لا يستجد ثوبا إلا حمد الله على لبسه. * (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) *
4 - / * (وقضينا) * أخبرنا * (لتفسدن) * بقتل الناس وأخذ أموالهم وتخريب ديارهم. * (علوا) *: بالاستطالة والغلبة.
5 - * (بعثنا) * خلينا بينكم وبينهم خذلانا بظلمكم، أو أمرناهم بقتالكم * (عبادا) * جالوت إلى أن قتله داود ' ع ' أو بختنصر، أو سنحاريب أوالعمالقة وكانوا كفارا، أو قوم من أهل فارس يتحسسون أخبارهم. * (فجاسوا) * مشوا وترددوا بين الدور والمساكن ' ع '، أو قتلوهم بين الدور والمساكن قال:
* ومنا الذي لا قى بسيف محمد
* فجاس به الأعداء عرض العساكر
*
أو طلبوا، أو نزلوا.
6 - * (الكرة) *: الظفر بهم بقتل جالوت، أو غزو ملك بابل فاستنقذوا ما بيده من الأسرى والأموال، أو أطلق لهم ملك بابل الأسرى والأموال.
212

* (وأمددناكم) * جدد عليهم النعمة فبقوا بها مائة وعشرين سنة، وبعث فيهم أنبياء.
7 - * (لأنفسكم) *: ثواب إحسانكم * (وإن أسأتم) * عاد العقاب عليكم، رغب في الإحسان وحذر من الإساءة. * (وعد الآخرة) *: بعث عليهم بختنصر، أو انطيا خوس الرومي ملك نينوي * (المسجد) *: بيت المقدس. يتبروا: يهلكوا ويدمروا، أو يهدموا ويخربوا.
8 - * (يرحمكم) *: مما حل بكم من النقمة * (وإن عدتم) * إلى الفساد عدنا إلى الانتقام، فعادوا فبعث عليهم المؤمنون يذلونهم بالجزية والمحاربة إلى القيامة ' ع ' * (حصيرا) * فراشا من الحصر المفترش أو حبسنا من الحصر، والملك حصير لاحتجابه. * (إن هذا القرءان يهدى للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة اعتدنا لهم عذابا أليما) *
9 - * (للتي هي أقوم) * شهادة التوحيد، أو أوامره ونواهيه. وأقوم: أصوب. * (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا) *
11 - * (ويدع الإنسان) * إذا ضجر وغضب على نفسه وولده بالهلاك،
213

ولو أجيب كما يجاب في دعاء الخير لهلك، أو يطلب النفع عاجلا بالضرر آجلا. * (عجولا) * بدعائه على نفسه وولده عند ضجره ' ع '، أو أراد آدم نفخت الروح فيه فبلغت سرته فأراد أن ينهض عجلا. * (وجعلنا اليل والنهار ءايتين فمحونا آية اليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا ومن ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شىء فصلناه تفصيلا) *
12 - * (فمحونا آية الليل) * ظلمة الليل التي لا تبصر فيها المرئيات كما لا يبصر ما أنمحى من الكتابة ' ع '، أو اللطخة السوداء في القمر ليكون ضوءه أقل من ضوء الشمس ليتميز الليل من النهار. * (آية النهار مبصرة) * الشمس مضيئة للإبصار، أو أهله بصراء فيه. * (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلاقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) *
13 - * (طائره) *: عمله من الخير والشر * (في عنقه) * لأنه كالطوق أو حظه ونصيبه طار سهم فلان بكذا خرج نصيبه وسهمه منه.
14 - * (كتابك) * كتابه: طائره الذي في عنقه * (حسيبا) * شاهدا، أو حاكما عليها بعملها من خير أو شر. ولقد أنصفك من جعلك حسبيا على نفسك بعملك.
15 - * (ولا تزر) *: لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، أو لا يجوز أن يعصي لمعصية غيره * (معذبين) *: في الدنيا والآخرة على شرائع الدين حتى نبعث
214

رسولا مبينا، أو على شيء من المعاصي حتى نبعث رسولا داعيا. * (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا) *
16 - * (أردنا) * صلة تقديره إذا أهلكنا، أو حكمنا لهلاك قرية. * (أمرنا مترفيها) * بالطاعة * (ففسقوا) * بالمخالفة ' ع ' * (أمرنا) * جعلناهم أمراء مسلطين. / [98 / أ] * (أمرنا) * كثرنا عددهم، أمر القوم كثروا وإذا كثروا احتاجوا إلى أمراء * (مترفيها) * الجبارون، أو الرؤساء.
17 - * (القرون) * مدة القرن مائة وعشرون سنة، أو مائة سنة، أو أربعون سنة. * (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا لا تجعل مع الله إلها ءاخر فتقعد مذموما مخذولا) *
20 - * (هؤلاء وهؤلاء) * نمد البر والفاجر * (من عطاء ربك) * في الدنيا * (محظورا) * منقوصا، أو ممنوعا.
215

* (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا) *
23 - * (وقضي) * أمر ' ع ' قال الضحاك: كانت في المصحف ' ووصى ' فألصق الكاتب الواو بالصاد فصارت وقضى قلت: هذا هوس * (ولا تقل لهما اف) * إذا رأيت بهما الأذى أو أمطت عنهما الخلاء فلا تضجر كما لم يضجرا في صغرك لما أماطاه عنك، أف: كل ما غلظ وقبح من الكلام أو استقذار للنتن وتغير الرائحة، أو كلمة دالة على التبرم والضجر. ويقولون: أف وتف فالأف وسخ الأظفار والتف ما رفعته بيدك من الأرض من شيء حقير. * (كريما) * لينا، أو حسنا. نزلت
والتي بعدها في سعد بن أبي وقاص ' ع '.
216

25 - * (للأوابين) * المسبحون ' ع '، أو المطيعون، أو مصلو الضحى، أو المصلون بين المغرب والعشاء، أو التائبون من الذنوب، أو التائب مرة بعد أخرى كلما أذنب بادر التوبة. * (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) *
26 - * (القربى) * قرابة الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أمر الولاة بدفع حصتهم من الفيء والغنيمة، أو قرابة المرء من قبل أبويه يدفع له نفقته الواجبة، أو الوصية لهم عند الوفاة.
28 - * (وإما تعرضن) * عمن سألك من هؤلاء * (ابتغاء رحمة) * طلبا لرزق الله * (فقل لهم قولا ميسورا) * عدهم خيرا ورد عليهم جميلا، أو إن
217

أعرضت حذرا أن ينفقوا ذلك في المعصية فمنعته * (ابتغاء رحمة) * له * (ميسورا) * لينا سهلا قاله ابن زيد. * (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وأياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا) *
31 - * (ولا تقتلوا) * يريد وأد البنات خوف الفقر * (خطا) *: العدول عن الصواب تعمدا والخطأ: العدول عنه سهوا، أو الخطء: ما فيه إثم والخطا: ما لا إثم فيه.
33 - * (بالحق) * بما يستحق به القتل. * (سلطانا) * بالقود، أو بالتخيير بين القود والديه والعفو * (فلا يسرف) * يقتل غير القاتل، أو يقتل الجماعة بالواحد * (إنه كان منصورا) * إن الولي، أو القتيل كان منصورا بقتل قاتله. * (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا) *
34 - * (التي هي أحسن) * التجارة بماله، أو حفظ أصله وتثمير فرعه * (أشده) * ثمان عشرة سنة، أو الاحتلام والعقل والرشد. * (بالعهد) * العقود بين المتعاقدين، أو الوصية بمال اليتيم، أو كل ما أمر الله به ونهى عنه * (مسؤولا) * عنه الذي عهد به، أو تسأل العهد لما نقضت كما تسأل الموءودة بأي ذنب قتلت.
35 - * (بالقسطاس) *: القبان، أو الميزان صغيرا أو كبيرا وهو العدل بالرومية.
218

ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها ءاخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا) *
36 - * (ولا تقف) *: لا تقل، أو لا ترم أحدا بما لا يعلم ' ع '، أو من القيافة وهو اتباع الأثر كأنه يتبع قفا / المتقدم.
37 - * (مرحا) * شدة الفرح، أو الخيلاء في المشي، أو التكبر فيه، أو البطر والأشر، أو تجاوز الإنسان قدره. * (لن تخرق الأرض) * من تحت قدمك * (ولن تبلغ الجبال) * بتطاولك، زجره عن التطاول الذي لا يدرك به غرضا، أو يريد كما أنك لا تخرق الأرض ولا تبلغ الجبال طولا فلذلك لا تبلغ ما تريده، بكبرك وعجبك إياسا له من بلوغ إرادته. * (أفأصفكم ربكم بالبنين وأتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما وقد صرفنا في هذا القرءان ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا قل لو كان معه ءالهه كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) *
44 - * (وإن من شيء) * حي إلا يسبح دون ما ليس بحي، أو كل شيء حي أو غيره حتى صرير الباب. أو تسبيحها ما ظهر فيها من آثار الصنعة وبديع القدرة فكل من رآه سبح وقدس. * (وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا
219

على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرءان وحده ولو على أدبارهم نفورا نحن أعلم بما يستمعون به إذا يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا) *
45 - * (حجابا مستورا) * شبههم في إعراضهم بمن بينهم وبينه حجاب، أو نزلت في قوم كانوا يؤذونه إذا قرأ ليلا فحال الله - تعالى - بينهم وبين أذاه.
47 - * (وإذ هم نجوى) *: كان جماعة من قريش منهم الوليد بن المغيرة يتناجون بما ينفر الناس عن اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنجواهم قولهم: إنه ساحر أو مجنون أو يأتي بأساطير الأولين * (مسحورا) * سحر فاختلط عليه أمره، أو مخدوعا، أو له سحر يعنون يأكل ويشرب فهو مثلكم وليس بملك. * (وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا) *
49 - * (رفاتا) * ترابا، أو ما أرفت من العظام مثل الفتات.
50 - * (حجارة) * إن عجبتم من إنشائكم لحما ودما فكونوا حجارة أو
220

حديدا إن قدرتم، أو لو كنتم حجارة أو حديدا لم تفوتوا الله - تعالى - إذا أرادكم إلا أنه أخرجه مخرج الأمر لأنه أبلغ إلزاما.
51 - * (مما يكبر في صدوركم) * السماوات والأرض والجبال، أو الموت ' ع '، أو البعث لأنه أكبر شيء عندهم، أو جميع ما تستعظمونه من خلق الله - تعالى - فإن الله يميتكم ثم يحييكم * (فيسنغضون) * يحركون رؤوسهم استهزاء.
52 - * (يدعوكم) * الله للخروج إلى أرض المحشر بكلام تسمعه جميع العباد، أو يسمعون الصيحة فتكون داعية إلى اجتماعهم في أرض القيامة. * (بحمده) * فتستجيبون حامدين بألسنتكم، أو على ما يقتضي حمده من أفعالكم. * (لبثتم) *: في الدنيا لطول لبث الآخرة، أو احتقروا أمر الدنيا لما عاينوا القيامة، أو لما يرون من سرعة الرجوع يظنون قلة لبثهم في القبور، أو عبر بذلك عن تقريب الوقت لقول الحسن - رضي الله تعالى عنه - كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل. * (وقل لعبادى يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا * 53 *) *
53 - * (التي هي أحسن) *: تصديق الرسول [صلى الله عليه وسلم] لأن الشيطان ينزغ في تكذيبه، أو امتثال الأوامر والنواهي ' ح ' أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو أن يرد خيرا على من شتمه، قيل نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه - شتمه بعض كفار قريش فهم به. * (ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبين على بعض وآتينا داود
221

زبورا) *
54 - * (يرحمكم) * (بالهدى و) * (يعذبكم) * بالضلال، أو بالتوبة ويعذبكم بالإصرار، أو بإنجائكم من عدوكم ويعذبكم بتسليطهم عليهم. * (وكيلا) * يمنعهم من الكفر، أو كفيلا لهم يؤخذ بهم. * (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) *
57 - * (أولئك الذين يدعون) * نزلت فيمن عبد الجن - فأسلم الجن - ابتغاء / [99 / أ] الوسيلة وبقي الإنس على كفرهم، أو الملائكة عبدها قبائل من العرب، أو عزير
222

وعيسى وأمه ' ع '، وهم المعنيون بقوله: * (ادعوا الذين زعمتم) * [56]. * (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرءيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرءان ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) *
60 - * (أحاط) * علم، أو عصمك منهم أن يقتلوك حتى تبلغ الرسالة أو أحاطت بهم قدرته فهم في قبضته. * (فتنة للناس) * لما أخبرهم أنه أسري به إلى بيت المقدس رؤيا عين ارتد جماعة من المسلمين افتتانا بذلك، أو رأى في النوم أنه يدخل مكة فلما رجع عام الحديبية افتتن قوم برجوعه، أو رأى قوما ينزون على منابره نزوان القردة فساءه ذلك قاله سهل بن سعد * (الشجرة الملعونة) * شجرة الزقوم طعام الأثيم. افتتنوا بها فقال أبو جهل وشيعته: النار تأكل الشجر فكيف تنبته، أو هي الكشوث الذي يلتوى على الشجر ' ع '. * (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرءيتك هذا الذي كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا) *
62 - * (لأحتنكن) * لأستولين عليهم، أو لأضلنهم، أو لأستأصلنهم بالإغواء، أو لأستميلنهم، أو لأقودنهم إلى العصيان كما تقاد الدابة بحنكها إذا
223

شد فيه حبل يجذبها، أو لأقتطعنهم إلى المعاصي. * (قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا 2 * * واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا) *
64 - * (واستفزز) * استخف واستنزل * (بصوتك) * الغناء واللهو، أو بدعائك إلى المعصية ' ع '، * (وأجلب) * الجلب السوق بجلبة من السائق * (بخيلك ورجلك) *: كل راكب وماشي في المعصية * (وشاركهم) * في الأموال التي أخذوها بغير حلها، أو أنفقوها في المعاصي، أو ما حرموه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ' ع '، أو ما ذبحوه لآلهتهم. * (الأولاد) * يريد أولاد الزنا، أو قتل المؤءودة ' ع '، أو صبغة أولادهم في الكفر حتى هودوهم ونصروهم أو تسميتهم بعبيد الآلهة كعبد الحارث وعبد شمس وعبد العزى وعبد اللات. * (ربكم الذي يزجى لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا أم آمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا
224

من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا) *
66 - * (يزجي) * يسوق ويسير.
67 - * (حاصبا) * حجارة من السماء، أو الحاصب الريح لرميها بالحصباء والقاصف الريح التي تقصف الشجر. * (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) * 70 - * (كرمنا بني آدم) *: بالإنعام عليهم، أو بأن جعلنا منهم خير أمة أخرجت للناس، أو بأكلهم الطعام بأيديهم وغيرهم يتناوله بفمه. * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فهن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا * 71 * ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) *
71 - * (بإمامهم) *: نبيهم، أو كتابهم المنزل عليهم، أو بكتب أعمالهم من خير أو شر ' ع '، أو بمن اقتدوا به في الدنيا. * (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا
إليك لتفترى علينا غيره وإذا لا تخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * 74 * إذا لأدقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا 11 * *) *
225

73 - * (وإن كادوا) * كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يطوف فمنعوه أن يستلم الحجر حتى يلم بآلهتهم فحدث نفسه فقال: ما علي إذ ألم بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر والله يعلم أني كاره، فأبى الله ذلك فنزلت، أو قالت ثقيف: أجلنا سنة حتى نأخذ ما يهدى لآلهتنا فإذا أخذناه كسرنا الآلهة وأسلمنا فهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] فإجابتهم فنزلت.
75 - * (ضعف الحياة) * ضعف عذاب الحياة * (وضعف) * عذاب الممات أو ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة. فلما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' اللهم لا تكلني إلى / [99 / أ] نفسي طرفة عين '.
76 - * (يستفزونك) * يقتلونك، أو يزعجونك باستخفاف، أراد اليهود إخراجه من المدينة فقالوا: أرض الأنبياء الشام وليست هذه أرض الأنبياء، أو أرادت قريش إخراجه من مكة قبل هجرته، أو أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة * (خلفك) * * (وخلافك) * بعدك * (إلا قليلا) * ما
226

بين إخراجهم له إلى أن قتلوا ببدر إن جعلناهم قريشا، أو ما بين ذلك وقتل بني قريظة وإجلاء بين النضير إن جعلناهم اليهود. * (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق اليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وننزل من القرءان ما هو شفاء للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) *
78 - * (لدلوك الشمس) * غروبها يريد صلاة المغرب ' ع '، أو زوالها يريد صلاة الظهر ' ع ' والعين تدلك بالراحة عند الغروب لترى الشمس وعند الزوال لشدة شعاعها. * (غسق الليل) * ظهور ظلامه، أودنوه وإقباله ' ع ' يريد المغرب ' ع '، أو العصر. * (وقرآن الفجر) * سمى الصلاة قرآنا لتأكد القراءة في الصلاة. أو أقم القراءة في صلاة الفجر * (مشهودا) * تشهده ملائكة الليل والنهار.
79 - * (فتهجد) * الهجود النوم، والتهجد السهر بعد النوم، * (نافلة لك) * فضيلة لك ولغيرك كفارة، أو مكتوبة عليك مستحبة لغيرك ' ع ' أو حضضه بالترغيب فيها لحيازة فضلها لكرامته عليه * (محمودا) * الشفاعة للناس في القيامة، أو إجلاسه على العرش يوم القيامة، أو إعطاؤه لواء الحمد يومئذ.
80 - * (مدخل صدق) * دخول المدينة لما هاجر و * (مخرج صدق) * من مكة للهجرة، أو أدخلني الجنة وأخرجني من مكة إلى المدينة، أو مدخل فيما أرسلتني به من النبوة وأخرجني منه بتبليغ الرسالة مخرج صدق، أو أدخلني مكة وأخرجني منها آمنا، أو أدخلني في قبري وأخرجني منه ' ع ' أو أدخلني في
227

طاعتك وأخرجني من معصيتك، أو أدخلني في الإسلام وأخرجني من الدنيا. * (سلطانا) * ملكا عزيزا أقهر به العصاة، أو حجة بينة.
81 - * (الحق) * القرآن * (والباطل) * الشيطان، أو الحق: الجهاد والباطل: الشرك * (زهوقا) * ذاهبا، ولما دخل الرسول [صلى الله عليه وسلم] الكعبة أمر بثوب فبل بالماء وجعل يضرب به تلك التصاوير ويمحوها ويقول * (جاء الحق وزهق الباطل) * الآية. * (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) *
83 - * (الشر) * الفقر، أو السقم.
84 - * (شاكلته) * حدته، أو طبيعته ' ع '، أو نيته، أو دينه، أو أخلاقه.
228

* (ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ولقد صرفنا للناس في هذا القرءان من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا) *
85 - * (الروح) * جبريل عليه السلام ' ع '، أو ملك له سبعون ألف وجه بكل وجه سبعون ألف لسان، يسبح الله - تعالى - بجميع ذلك قاله علي - رضي الله تعالى عنه -، أو القرآن ' ح ' * (روحا من أمرنا) * [الشورى: 52]، أو روح الحيوان، سأله عنها قوم من اليهود إذ كان في كتابهم أنه إن أجاب عن الروح فليس بنبي * (قليلا) * في معلومات الله، أو قليلا بحسب ما تدعو إليه
229

الحاجة حالا فحالا. * (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتى بالله والملائكة قبيلا 3 * * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) *
90 - * (تفجر) * تشقق، الفجر لانشقاقه عن عمود الصبح، والفجور شق الحق بالخروج إلى الفساد. * (ينبوعا) * عينا ينبع منها / [100 / أ] الماء طلبوا الجنان والعيون ببلدهم إذ لم يكن ذلك ببلدهم.
92 - * (كسفا) * قطعا ' ع '، كسفة الثوب قطعته، والكسوف لانقطاع النور منه. * (قبيلا) * كل قبيلة على حدتها، أو مقابلة نعاينهم ونراهم، أو كفيلا، القبيل: الكفيل تقبلت بكذا تكفلته.
93 - * (زخرف) * الزخرف النقوش، أو الذهب ' ع '، من الزخرفة وهي تحسين الصورة. سأله ذلك عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان والأسود بن المطلب
والوليد بن المغيرة وأبو جهل وعبد الله بن [أبي] أمية والعاص بن
230

وائل وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج.
* (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم
231

سعيرا ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا
97 - * (من يهدي الله) * يحكم بهدايته * (فهو المهتدي) *، بإخلاصه وطاعته. * (ومن يضلل) * بحكم بضلاله فلا ولي له يهديه، أو يقضي بعقوبته فلا ناصر يمنعه من عقابه * (عميا وبكما وصمتا) * حقيقة زيادة في عقابهم ثم أبصروا لقوله: * (ورأى المجرمون النار) * [الكهف: 53] وتكلموا فدعوا هنالك بالثبور، و * (سمعوا لها تغيظا وزفيرا) * [الفرقان: 12]، أو لا يزول حواسهم فهم عمي عما يسرهم، بكم عما ينفعهم، صم عما يمتعهم. ' عح '
232

* (خبت) * سكن لهبها * (زدناهم سعيرا) * التهابا ولا يخف عذابهم إذا خبت. * (قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربى إذا لأمستكم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا) *
100 - * (لو أنتم تملكون) * عام عند الجمهور، أو خاص بالمشركين * (لأمسكتم) * خوف الفقر * (قتورا) * مقترا، أو بخيلا ' ع '. * (ولقد آياتنا موسى تسع آيات بينات فسئل بنى إسرآئيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصآئر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا وقلنا من بعده لبنى إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الأخرة جئنا بكم لفيفا * 104 *) *
101 - * (تسع آيات) * يده وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ' ع '، أو نحو من ذلك إلا آيتين [بدل] منها الطمسة والحجر، أو نحو من ذلك وزيادة السنين [ونقص من] الثمرات أو سأل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عنها قوم من اليهود فقال: لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة، ولا تفروا من الزحف، وأنتم
233

يا يهود عليكم خاصة لا تعدوا في السبت فقبلوا يده ورجله * (مسحورا) * سحرت لما تحمل عليه نفسك من هذا القول والفعل المتسعظمين، أو ساحرا لغرائب أفعالك، أو مخدوعا، أو مغلوبا.
102 - * (مثبورا) * هالكا، أو مغلوبا.
103 - * (يستفزهم من الأرض) * يزعجهم بالنفي منها، أو يهلكهم فيها بالقتل.
104 - * (وعد الآخرة) * القيامة وهي الكرة الآخرة، أو تحويلهم إلى الشام، أو نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - * (لفيفا) * مختلطين لا يتعارضون، أو جميعا ' ع '، * (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا قل ءامنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى
234

عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا) *
106 - * (فرقناه) * فرقنا فيه بين الحق والباطل و * (فرقناه) * أنزلناه مفرقا آية آية * (مكث) * تثبت وترتيل، أو كان ينزل منه شيء ثم يمكثون بعده ما شاء الله ثم ينزل شيء آخر، أو أن يمكث في قراءته عليهم مفرقا شيئا بعد شيء.
107 * (الذين أوتوا العلم) * أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] أو قوم من اليهود، والمتلو عليهم كتابهم إيمانا بما فيه من تصديق / [100 / ب] محمد [صلى الله عليه وسلم] [أو] القرآن، كان ناس من أهل الكتاب قالوا: * (سبحان ربنا) * الآية [108] * (للأذقان) * الذقن مجتمع اللحيين، أو الوجوه ها هنا، أو اللحى ' ح '. * (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا) *
110 - * (أو ادعوا الرحمن) * كان ذكر الرحمن قليلا في القرآن كثيرا في التوراة فلما أسلم ابن سلام وأصحابه آثروا أن يكون ذكر الرحمن كثيرا في القرآن فنزلت، أو دعا الرسول [صلى الله عليه وسلم] في سجوده فقال: يا رحمن يا رحيم،
235

فقالوا: هذا يزعم أن له إلها واحدا وهو يدعو مثنى مثنى فنزلت ' ع ' * (بصلاتك) * بدعائك أو بالصلاة المشروعة، كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يجهر في القراءة فيها بمكة فإذا سمعوه سبوه فنهي عن شدة الجهر وعن المخافتة لئلا يسمع أصحابه ويبتغي بينهما سبيلا ' ع '، أو نهي أن يجهر في الجميع ويسر في الجميع وأمر بالجهر في صلاة الليل والإسرار في صلاة النهار، أو عن الجهر يتشهد الصلاة، أو عن الجهر بفعل الصلاة، لأنه كان يجهر بها فتؤذيه قريش فخافت بها فأمر أن لا يجهر بها كما كان وأن لا يخافت بها كما صارت ويتخذ بينهما سبيلا، أو الجهر بها تحسينها رياء والمخافتة إساءتها في الخلوة، أولا يصليها رياء ولا يتركها حياء.
111 - * (لم يكن له ولي) * لم يحالف أحدا، أو لا يطلب نصر أحد، أو لا ولي له من اليهود والنصارى لأنهم أذل الناس * (وكبره) * عن كل ما لا يجوز عليه،
أو صفه بأنه أكبر من كل شيء، أو عظمه تعظيما.
236

سورة الكهف
مكية أو إلا آية * (واصبر نفسك) * [28].
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر الذين قالوا أتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لأبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) *
1 - * (عبده) * محمد [صلى الله عليه وسلم]، والكتاب: القرآن تمدح بإنزاله عليه خصوصا وعلى الخلق عموما. * (عوجا) * ملتبسا، أو مختلفا، أو عادلا عن الحق والاستقامة والبلاغة إلى الباطل والفساد والعي، والعوج بكسر العين في الدين والطريق وما ليس بقائم منتصب، وبفتحها في القناة والخشبة وما كان قائما منصبا.
2 - * (قيما) * مستقيما معتدلا، أو قيم على كتب الله يصدقها وينفي الباطل عنها، أو يعتمد عليه ويرجع إليه كقيم الدار، وفيه تقديم تقديره ' أنزل الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا ' قاله الجمهور، أو التقدير لم يجعل له عوجا لكن جعله قيما * (بأسا) * يحتمل الاستئصال بعذاب الدنيا، أو جهنم.
237

* (فلعلك باخع نفسك علىءاثرهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا) *
6 - * (باخع) * قاتل، أو متحسر أسف على آثار قريش * (إن لم يؤمنوا) * بالقرآن * (أسفا) * غضبا، أو جزعا، أو ندما، أو حزنا.
7 - * (ما على الأرض) * أشجارها وأنهارها، أو الأنبياء والعلماء، أو الرجال، أو كل ما عليها، أو زينة لها: شهوات لهم زينت في أعينهم وأنفسهم * (أحسن عملا) * تركا لها وإعراضا عنها، أو أصفى قلبا وأهدى سمتا، أو توكلا علينا فيها، ويحتمل / اعتبارا بها وتركا لحرامها.
8 - * (صعيدا) * أرضا مستوية، أو وجه الأرض لصعوده، أو التراب * (جرزا) * بلقعا أو ملسا، أو محصورة، أو يابسة لا نبات بها ولا زرع. قد جرفتهن السنون الأجرار. * (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا ءاتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فضربنا علىءاذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا) *
9 - * (الكهف) * غار في الجبل الذي أووا إليه، * (والرقيم) * اسم ذلك الجبل، أو اسم قريتهم، أو كلبهم، أو لكل كلب، أو الوادي، وقيل هو واد بالشام نحو أيلة، أو الكتاب الذي فيه شأنهم من رقم الثوب، وكان لوحا من
238

رصاص على باب الكهف، أو في خزائن الملوك لعجيب أمرهم، أو الدواة بالرومية، أو قوم من أهل السراة كانت حالهم كحال أصحاب الكهف، قاله سعيد * (عجبا) * ما حسبت أنهم كانوا عجبا لولا أخبرناك وأوحينا إليك، أو أحسبت أنهم أعجب آياتنا وليسوا بأعجب خلقنا.
10 - * (أوى الفتية) * قوم فروا بدينهم إلى الكهف، أو أبناء أشراف خرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد فقال: أسنهم أجد في نفسي شيئا ما أظن أحدا يجده ' إن ربي رب السماوات والأرض ' فقالوا جميعا: * (ربنا رب السماوات والأرض) * الآية [14] ثم دخلوا اكاهف فلبثوا فيه ثلاثمائة وتسعا، أو من أبناء الروم دخلوا الكهف قبل عيسى - عليه الصلاة والسلام - وضرب على آذانهم فلما بعث عيسى - عليه الصلاة والسلام - أخبر بخبرهم ثم بعثوا بعده في الفترة التي بينه وبين محمد [صلى الله عليه وسلم].
14 - * (شططا) * كذبا، أو غلوا، أو جورا.
11 - * (فضربنا) * الضرب على الآذان منعها من السماع، يدل على أنهم كانوا نياما وضرب على آذانهم لئلا يسمعوا من يوقظهم * (عددا) * محصية، أو كاملة ليس فيها شهور ولا أيام.
12 - * (بعثناهم) * أيقظناهم * (أمدا) * عددا، أو أجلا، أو غاية * (الحزبين) * من قوم الفتية، أو أحدهما الفتية والآخر من حضرهم من أهل زمانهم، أو أحدهما مؤمنون والآخر كفار، أو أحدهما الله والآخر الخلق تقديره أأنتم أعلم أم الله. أ
239

* (نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية ءامنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه ءالهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأوءا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيء لكم من أمركم مرفقا) *
14 - * (وربطنا) * ثبتنا، أو ألهمناها صبرا * (شططا) * غلوا، أو تباعدا.
15 - * (بسلطان) * حجة، أو عذر، أو كتاب.
16 - * (مرفقا) * سعة، أو معاشا، بكسر الميم إذا وصل إليك من غيرك، وبفتحها، إذا وصلته إلى غيرك. * (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) *
17 - * (تزاور) * تعرض عنه فلا تصيبه، أوتميل عنه ذات اليمين * (تقرضهم) * تحاذيهم، القرض: المحاذاة، أو تجوزهم منحرفة وتقطعهم قرضته بالمقراض قطعته، أو تعظيهم القليل من شعاعها ثم تأخذه بانصرافها، من قرض
240

الدراهم التي ترد، لأنهم كانوا في مكان موحش، أو لم يكن عليهم سقف فلو أطلعت عليهم لأحرقتهم، كان كهفهم بإزاء بنات نعش فلم تصبهم عند شروقها وغروبها، أو صرفها الله - تعالى - عنهم لتبقى أجسادهم عبرة لمن شاهدهم. * (فجوة) * فضاء، أو داخل منه، أو مكان موحش، أو مكان متسع. * (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لو ليت منهم فرار ولملئت منهم رعبا) *
18 - * (وتحسبهم أيقاظا) *، لأن أعينهم مفتوحة يتنفسون ولا يتكلمون، أو لأنهم يقلبون يمينا وشمالا. * (ونقلبهم) * تقليب النيام لئلا تأكلهم الأرض، أو كل ستة أشهر على جنب ' ع '، أو لم يقلبوا إلا في التسع بعد الثلاثمائة * (وكلبهم) * من جملة الكلاب اسمه ' حمران ' أو ' قطمير ' أو هو إنسان طباخ لهم، أو راعي * (بالوصيد) * لعله العتبة، أو الفناء ' ع '، أو الصعيد والتراب، أو الباب أوالحظيرة. * (رعبا) * فزعا لطول أظفارهم وأشعارهم ولما ألبسوا من الهيبة لئلا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله، ولما غزا ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - مع معاوية بحرالروم فانتهوا إلى الكهف عزم معاوية أن يدخل عليهم فينظر إليهم، فقال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: ليس هذا لك فقد منعه الله - تعالى - من هو خير منك، فقال: * (لو اطلعت عليهم) * الآية فأرسل إليهم جماعة فلما دخلوا الكهف أرسل الله - تعالى - ريحا
241

فأخرجتهم قيل كان رئيسهم نبيا اتبعوه وآمنوا به فكان ذلك معجزة له. * (وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا) *
19 - * (بعثناهم) * أيقظناهم، وكان الكلب قد نام معهم * (لبثنا يوما) * لما أنيموا أول النهار وبعثوا آخر نهار آخر قالوا لبثنا يوما لأنه أطول مدة النوم المعتاد فلما رأوا الشمس لم تغرب قالوا: أو بعض يوم * (قالوا ربكم أعلم) * لما رأى كبيرهم اختلافهم قال: ذلك، أو هو حكاية عن الله - تعالى - أنه أعلم بمدة لبثهم. * (بورقكم) * بكسر الراء وسكونها الدراهم، وبفتحها الإبل والغنم * (أزكى) * أكثر، أو أحل أو خير، أو أطيب، أو أرخص. * (برزق) * يحتمل بما ترزقون أكله، أو بما يحل أكله * (وليتلطف) * في إخفاء أمركم، أو ليسترخص فيه دليل على جواز المناهدة وكان الجاهلية يستقبحونها فأباحها الشرع.
242

20 - * (يرجموكم) * بأيديهم استنكارا لكم، أو بألسنتهم غيبة وشتما أو يقتلوكم لأن الرجم من أسباب القتل. * (وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) *
21 - * (أعثرنا) * أظهرنا أهل بلدهم عليهم، أو أطلعنا برحمتنا إليهم * (ليعلموا) * يحتمل ليعلم أهل بلدهم أن وعد الله بالبعث حق لأنه لما خرق العادة في إنامتهم كان قادرا على إحياء الموتى، أو ليرى أهل الكهف بعد علمهم أن وعد الله حق * (إذ يتنازعون) * لما دخل أحدهم المدينة لشراء الطعام استنكر أهل المدينة شخصه وورقه لبعد العهد فحمل إلى الملك وكان صالحا مؤمنا لما نظر إليه قال: لعله من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك، وقد كنت ادعوا الله أن يرينيهم، وسأل الفتى فأخبره، فانطلق والناس معه إليهم فلما دنا من الكهف وسمع الفتية كلامهم خافوا وأوصى بعضهم بعضا بدينهم فلما دخلوا عليهم ماتوا ميتة الحق، فتنازعوا هل هم أحياء، أو موتى؟، أو علموا موتهم وتنازعوا في هل يبنون عليهم بناء يعرفون به، أو يتخذون عليهم مسجدا. * (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا) *
22 - * (وثامنهم) * أدخل الواو على انقطاع القصة وأن الخبر / قد تم، والذين اختلفوا في عددهم أهل بلدهم قبل الظهور عليهم، أو أهل الكتاب بعد طول العهد بهم * (رجما بالغيب) * قذفا بالظن * (قليل) * ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ' أنا من القليل الذي استثنى الله - تعالى - كانوا سبعة وثامنهم
243

كلبهم '، ابن جريح: ' كانوا ثمانية ' وقوله: ثامنهم كلبهم أي صاحب كلبهم ولما غابوا عن قومهم كتبوا أسماءهم، فلما بان أمرهم كتبت أسماؤهم على باب الكهف. * (مراء ظاهرا) * ما أظهرنا لك من أمرهم، أو حسبك ما قصصناه عليك فلا تسأل عن إظهار غيره، أو بحجة واضحة وخبر صادق، أو لا تجادل أحدا إلا أن تحدثهم به حديثا ' ع '، أو هو أن تشهد الناس عليه * (ولا تستفت) * يا محمد فيهم أحدا من أهل الكتاب، أو هو خطاب للرسول [صلى الله عليه وسلم] ونهي لأمته. * (ولا تقولن لشاىء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشدا) *
24 - * (إلا أن يشاء الله) * فيه إضمار إلا أن تقول: لأنه إذا علق بالمشيئة لم يكن كاذبا بإخلافه، ولا كفارة عليه إن كان يمين مع ما فيه من الإذعان لقدرة الله - تعالى - * (إذا نسيت) * الشيء فاذكر الله - تعالى - ليذكرك إياه فإن فعل برئت ذمتك وإلا فسيدلك على أرشد منا نسيته، أو اذكره إذا غضبت ليزول غضبك، أو إذا نسيت الاستثناء فاذكر ربك بقولك * (عسى أن يهديني ربي) * الآية، أو اذكره بالاستثناء، ويصح الاستثناء إلى سنه فتسقط الكفارة ولا يصح بعدها ' ع '، أو في مجلس اليمين ولا يصح بعد فراقه، أو يصح ما لم يأخذ في كلام غير اليمين، أو مع قرب الزمان دون بعده، أو مع الاتصال باليمين دون الانفصال.
244

ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولى ولا يشرك في حكمه أحدا) *
25 - * (ولبثوا) * من قول نصارى نجران، أو اليهود فرده الله - تعالى - بقوله: * (قل الله أعلم بما لبثوا) *، أو أخبر الله - تعالى - بذلك عن مدة لبثهم فيه من حين دخلوه إلى أن ماتوا فيه * (تسعا) * هو ما بين السنين الشمسية ' والقمرية '.
26 - * (أعلم بما لبثوا) * بعد موتهم إلى نزول القرآن فيهم، أو بالمدة التي ذكرها عن اليهود * (أبصر به وأسمع) * الله أبصر بما قال وأسمع لما قالوا، أو أبصرهم وأسمعهم ما قال الله - تعالى - فيهم * (ولي) * ناصر، أو مانع * (حكمه) * علم الغيب، أو الحكم. * (واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل
لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) *
27 - * (ملتحدا) * ملجا، أو مهربا أو معدلا، أو وليا.
28 - * (يريدون وجهه) * تعظيمه، أو طاعته نزلت على الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة فقال: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر معهم * (يدعون) * رغبة ورهبة، أو يحافظون على صلاة الجماعة، أو الصلوات المكتوبة ' ع '.
245

وخص عمل النهار، لأن عمل النهار إذا كان لله - تعالى - فعمل الليل أولى، * (ولا تعد) * لا تتجاوزهم بالنظر إلى أهل الدنيا طلبا لزينتها * (ولا تطع) * قال عيينة بن حصن للرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل أن يسلم لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلسا منك لا يجامعونا فيه ولهم مجلسا لا نجامعهم فيه فنزلت * (أغفلنا) * جعلناه غافلا، أو وجدناه غافلا * (وابتع هواه) * في طلبه التمييز على [102 / ب] غيره، أو في / شهواته وأفعاله * (فرطا) * ضياعا أو متروكا، أو ندما، أو سرفا وإفراطا، أو سريعا، أفرط أسرف وفرط قصر. * (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) *
29 - * (فمن شاء) * الله فليؤمن * (ومن شاء) * الله فليكفر، أوتهديد ووعيد أو المعنى لا تنفعون الله بإيمانكم ولا تضرونه بكفركم، أومن شاء أن يعرض نفسه للجنة بالإيمان ومن شاء أن يعرضها للنار بالكفر * (سرادقها) * حائطها الذي يحيط بها، أو دخانها ولهبها قبل وصولهم إليها * (ظل ذي ثلاث شعب) * [المرسلات: 30] أو البحر المحيط بالدينا مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] سرادق:
246

فارسي معرب أصله سرادر * (بماء كالمهل) * القيح والدم، أو كدردي الزيت، أو كل شيء أذيب حتى انماع، أو الذي انتهى حره وسماه إغاثة لاقترانه بالاستغاثة * (مرتفقا) * مجتمعا من المرافقة، أو منزلا من الارتفاق أو المتكأ مضاف إلى المرفق، أو من الرفق. * (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا) *
30 - * (إن الذين آمنوا) * قال أعرابي للرسول [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع: أخبرني عن هذه الآية * (إن الذين آمنوا) *، فقال: ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم
31 - * (سندس) * ما لطف من الديباج، أو رق منه واحده سندسة، * (وإستبرق) * الديباج المنسوج بالذهب، أو ما غلظ منه، فارسي معرب أصله
247

استبرة وهو الشديد * (الأرائك) * الحجال، أو الفرش في الحجال، أو السرير في الحجال. * (واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين ءاتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا) *
33 - * (أكلها) * ثمرها وزرعها * (وفجرنا خلالهما نهرا) * فجره بينهما ليكون أقل مؤنة من سوقه إليهما وأكثر ريعا، وهما رجلان ورثا عن أبيهما ثمانية آلاف دينار فأخذ المؤمن حقه منها فتقرب به إلى الله - تعالى - بشيء منها فأفضى أمره إلى ما ذكره الله - تعالى - أو هو مثل ضرب لهذه الأمة ليزهدوا في الدنيا ويرغبوا في الآخرة وليس خبر عن حال تقدمت.
34 - * (ثمر) * بالفتح والضم واحد هو الذهب والفضة لإثمارهما، أو المال الكثير من صنوف الأموال ' ع '، لأن تثميره أكثر، أو الأصل الذي له نماء، لأن النماء تثمير، أو بالفتح جمع ثمرة وبالضم جمع ثمار، أو بالفتح ما كان نماؤه من أصله وبالضم ما كان نماؤه من غيره، أو بالفتح ثمار النخل خاصة
248

وبالضم جميع الأموال، أو بالضم الأصل وبالفتح الفرع، وهذا ثمر الجنتين المذكورتين عند الجمهور، أو ثمر تملكه من غيره دون أصوله ' ع '. * (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا * 37 * لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا) *
37 - * (يحاوره) * يناظره في الإيمان والكفر، أو في طلب الدنيا وطلب الآخرة. 40 - * (يؤتيني) * في الدنيا خيرا من جنتك، أو في الآخرة * (حسبانا) * عذابا، أو نارا، أو بردا، أو عذاب حساب لأنه جزاء كفره وجزاء الله بحساب، أو مرامي كثيرة من الحسبان وهي السهام التي ترمي بمجرى في طلق واحد فكان من رمي الأكاسرة * (زلقا) * أرضا بيضاء لا تنبت ولا يثبت عليها قدم.
41 - * (غورا) * ذا غور و ' أو ' بمعنى الواو. * (وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا) *
42 - / * (وأحيط بثمره) * أحيط بهلاكه * (خاوية) * متقلبة على أعاليها.
43 - * (فئة) * جند، أو عشيرة * (منتصرا) * ممتنعا، أو مستردا ما ذهب منه. وهذان مذكوران في الصافات * (إني كان لي قرين) * [51] وضربا مثلا لسلمان
249

وخباب وصهيب مع أشراف مشركي قريش. 44 - * (هنالك) * في القيامة * (الولاية) * لا يبقى مؤمن ولا كافر إلا يتولون الله - تعالى - أو الله جزاءهم، أو يعترفون بأن الله - تعالى - هو الولي فالولاية مصدر الولي، أو النصير. والولاية بالفتح للخالق وبالكسر للمخلوقين، أو بالفتح في الدين وبالكسر في السلطان. * (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) * \ 45 - * (هشيما) * ما تفتت بعد اليبس من أوراق الشجر والزرع مثل لزوال الدنيا بعد بهجتها، أو لأحوال أهلها في أن مع كل فرحة ترحة.
46 - * (المال) * بجماله ونفعه * (والبنون) * بقوتهم ودفعهم زينة الحياة * (والباقيات) * الصلوات الخمس، أو الأعمال الصالحة، أوالكلام الطيب، أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] وزاد بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. * (الصالحات) * المصلحات، أوالنافعات عبر عن المنفعة بالصلاح. * (عند ربك) * في الآخرة * (وخير أملا) *
250

عند نفسك، لأن وعد الله - تعالى - واقع لا محالة فلا تكذب أملك فيه. * (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) *
47 - * (نسير الجبال) * بنقلها عن أماكنها، أو بتقليلها حتى لا يبقى منها إلا اليسير، أو بجعلها هباء منثورا * (بارزة) * برز ما فيها من الموتى، أو صارت فضاء لا يسترها جبل ولا نبات * (نغادر) * نترك، أو نخلف، الغدير: ماتخلفه السيول.
48 - * (صفا) * بعد صف كصفوف الصلاة.
49 - * (الكتاب) * كتاب أعمالهم يوضع في أيديهم، أوعبر عن الحساب بالكتاب لأنهم يحاسبون على ما كتب * (صغيرة) * الضحك ' ع '، أو الصغائر التي تغفر باجتناب الكبائر * (كبيرة) * المنصوص تحريمه، أو ما قرنه الوعيد، أو الحد * (ولا يظلم ربك) * بنقصان ثواب ولا زيادة عقاب. * (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ما
251

أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا) *
50 - * (من الجن) * حقيقة، لأن له ذرية ولا ذرية للملائكة، ولأن الملائكة رسل لا يجوز عليهم الكفر وقد كفر إبليس وهو أصل الجن كما آدم - عليه الصلاة والسلام - أصل الإنس، أوكان من ملائكة يقال لهم: الجنة، أو من ملائكة يدبرون أمر السماء الدنيا وهم خزان الجنة كما يقال: مكي وبصري، أو كان من سبط من ملائكة خلقوا من نار يقال: لهم الجن وخلق سائر الملائكة من نور، أو لم يكن من الجن ولا من الإنس ولكن من الجان * (ففسق) * خرج، فسقت الرطبة خرجت من قشرها، والفأرة فويسقة لخروجها من جحرها، أو أتسع في محارم الله تعالى - والفسق: الاتساع * (بدلا) * من الجنة بالنار، أو من طاعة الله - تعالى - بطاعة إبليس.
51 - * (ما أشهدتهم) * إبليس وذريته، أو جميع الخلق ما استعنت بهم / [101 / ب] في خلقها، أو ما وقفتهم عليها حتى يعلموا من قدرتي ما لا يكفرون معه * (خلق أنفسهم) * ما استعنت ببعضهم على خلق بعض، أو ما أشهدت بعضهم خلق بعض * (عضدا) * أعوانا في خلق السماوات والأرض، أو أعوانا لعبدة الأوثان * (المضلين) * عام، أو إبليس وذريته. * (ويوم يقول نادوا شركاءى الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا) *
52 - * (موبقا) * محبسا، أو مهلكا أو موعدا، أو عداوة، أو واد في جهنم، أو واد يفصل بين الجنة والنار، أو بينهم تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة.
252

* (فظنوا) * علموا أو كانوا على رجاء العفو قبل دخولهم إليها * (مصرفا) * ملجأ، أو معدلا ينصرفون إليه، لم يجد المشركون عنها انصرافا، أو لم تجد الأصنام صرفا لها عن المشركين. * (ولقد صرفنا في هذا القرءان للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا وما منع الناس ان يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما انذروا هزوا) *
55 - * (وما منع الناس) * أنفسهم، أو الشياطين أن يؤمنوا * (سنة الأولين) * عادتهم في عذاب الاستئصال * (قبلا) * تجاها، أو جمع قبيل يريد أنواعا من العذاب * (قبلا) * مقابلة، أو معاينة.
56 - * (ليدحضوا) * ليزيلوا ويذهبوا، أو ليبطلوا القرآن، أو ليهلكوا الحق، من الدحض وهو المكان الذي لا يثبت عليه خف ولا حافر ولا قدم. * (ومن أظلم ممن ذكر بئايات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخدهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم وموعد لن يجدوا من دونه موئلا وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) *
253

58 - * (ذو الرحمة) * العفو، أو الثواب، أو النعمة، أو الهدى. * (موعد) * أجل، أو جزاء يحاسبون عليه * (موئلا) * ملجأ، أو محرزا، أو وليا أو منجى، لا وألت نفسه: لا نجت.
59 - * (أهلكناهم) * وكلناهم إلى سوء تدبيرهم لما ظلموا بترك الشكر، أو أهلكناهم بالعذاب لما ظلموا بالكفر * (موعدا) * أجلا يؤخرون إليه، أو وقتا يهلكون فيه. * (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا فما جاوزا قال لفتاه ءاتنا غدآءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا 6 * * قال أرءيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما انسانية إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا * 63 * قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا علىءاثارهما قصصا فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) *
60 - * (لفتاه) * يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى - عليه الصلاة والسلام - وسمي فتاه لملازمته له في العلم، أو الخدمة، وهو خليفة موسى على قومه من بعده، وهو موسى بن عمران عند الجمهور، وقال محمد بن إسحاق هو موسى بن ميشا بن يوسف كان نبيا لبني إسرائيل قبل موسى بن عمران * (البحرين) * الخضر وإلياس بحران في العلم قاله السدي، أو بحر الروم وبحر فارس أحدهما في الغرب، والآخر في الشرق، أو بحر أرمينية مما يلي الأبواب، وعد أنه يلقى الخضر عند مجمعهما * (لا أبرح) * لا أزال، أو لا أفارقك * (حقبا) * زمانا، أو دهرا، أو سنة بلغة قيس، أو ثمانون سنة، أو سبعون.
61 - * (مجمع بينهما) * إفريقية * (نسيا حوتهما) * عبر بالنسيان عن ضلاله
254

عنهما لما اتخذ سبيله في البحر، أو غفلا عنه فنسي يوشع ونسي موسى أن يأمر فيه بشيء، أو نسيه يوشع وحده فأضيف إليهما كما يقال نسي القوم أزوادهم إذا نسيها أحدهم * (فاتخذ سبيله) * أحيا الله - تعالى - الحوت فطفر إلى البحر فاتخذ طريقه فيه * (سربا) * مسلكا، أو يبسا، أو عجبا.
62 - * (جاوزا) * مكان الحوت * (نصبا) * تعبا، أو وهنا.
63، 64 - * (الصخرة) * بشروان أرض على ساحل بحر أيلة عندها عين تسمى عين الحياة، أو الصخرة التي دون نهر الزيت على الطريق * (نسيت الحوت) * / [104 / أ] أن احمله، أو أخبرك بأمره * (أنسانيه إلا الشيطان) * بوسوسته لي وشغله لقلبي * (عجبا) * كان لا يسلك طريقا في البحر إلا صاره ماءه صخرا فعجب موسى لذلك، أو رأى دائرة الحوت وأثره في البحر كالكوة فعجب من حياة الحوت، وقيل لموسى إنك تلقى الخضر حيث تنسى بعض متاعك فعلم أن مكان الحوت موضع الخضر ف * (قال ذلك ما كنا نبغي) * * (قصصا) * يقصان أثر الحوت.
65 - * (رحمة) * نبوة، أو نعمة، أو طاعة، أو طول الحياة، وكان ملكا، أمر الله - تعالى - موسى أن يأخذ عنه علم الباطن، أو نبيا، قيل هو اليسع سمي به لأنه وسع علمه ست سماوات وست أرضين، أو عبدا صالحا عالما ببواطن الأمور سمي خضرا لأنه كان إذا صلى في مكان أخضر ما حوله.
255

* (قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاءالله صابرا ولا أعصى لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شىء حتى أحدث لك منه ذكرا) *
66 - * (رشدا) * علما، أو كان في علمه غي يجتنب ورشد يؤتى فطلب منه تعليم الرشد الذي لا يعرفه ولم يطلب تعلم الغي لأنه كان يعرفه أو يعني لإرشاد الله - تعالى - لك بما علمك.
68 - * (خبرا) * لم تجد له سبيلا إذ لم تعرف له علما، علما منه أن موسى لا يصبر إذا رأى ما ينكر ظاهره فعلق موسى - عليه الصلاة والسلام - صبره بالمشيئة حذرا مما وقع منه. 69 - * (ولا أعصي) * بالبداية بالإنكار حتى تبتدىء بالإخبار، أو لا أفشي سرك ولا أدل عليك بشرا. * (فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخدني بما نسيت ولا ترهقني من أمرى عسرا) *
71 - * (خرقها) * أخذ فأسا ومنقارا فخرقها حتى دخلها الماء أو قلع لوحين منها فضج ركبانها من الغرق * (لتغرق أهلها) * خصهم بالذكر دون نفسه لأنها شفقة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - * (أمرا) * منكرا، أو عجبا، أو داهية عظيمة من الأمر وهو الفاسد الذي يحتاج إلى الصلاح، رجل إمر إذا كان ضعيف الرأي يحتاج أن يؤمر فيقوى رأيه.
73 - * (نسيت) * غفلت عنه، أو تركه من غير غفلة، أو كأني نسيته وإن لم ينسه، جعله من معاريض الكلام ' ع ' * (عسرا) * لا تعنفني على ترك وصيتك، أو
256

لا يغشاني منك العسر، غلام مراهق قارب أن يغشاه البلوغ، أرهقوا القبلة اغشوها واقربوا منها، أو لا تكلفني الاحتراز عن السهو والنسيان فإنه غير مقدور، أو لا تطردني عنك. * (فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغيرنفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنى عذرا) *
74 - * (غلاما) * شابا بالغا قبض على لحيته، لأن غير البالغ لا يجوز قتله ' ع '، أو غير بالغ عند الأكثرين كان يلعب مع الصبيان فأخذه من بينهم فأضجعه وذبحه بالسكين، أو قتله بحجر، لأنه طبع كافرا، أو ليصلح بذلك حال أبويه ونسلهما * (أقتلت) * استخبار، لأنه علم أنه لا يتعدى حدود الله، أو إنكار لقوله: * (جئت شيئا نكرا) *. * (زاكية) * * (زكيه) * واحد عند الأكثرين، نامية، أو طاهرة، أو مسلمة ' ع '، أو لم يحل دمها، أو لم تعمل خطيئة، أو الزكية أشد مبالغة من الزاكية، أو الزكية في البدن والزكية في الدين، أو الزكية من لم تذنب والزكية من أذنبت، * (نكرا) * منكرا أو فظيعا قبيحا، أو يجب أن ينكر فلا يفعل، أو هو أشد من الإمر.
76 - * (فلا تصاحبني) * لا تتابعني، أو لا تتركني أصحبك [104 / ب]، أو لا تصحبني علما، أو لا تساعدني على ما أريد. * (فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية
استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا
257

يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) *
77 - * (قرية) * أنطاكية، أو الأيلة، أو باجروان بأرمينية * (يريد) * (يكاد) * (ينقض) * يسقط بسرعة، وينقاض ينشق طولا * (فأقامه) * بيده فاستقام، وأصل الجدار الظهور، والجدري لظهروه.
78 - * (هذا) * الذي قتله * (فراق) *، أو هذا الوقت فراق، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' رحم الله موسى لو صبر لاقتبس عنه ألف باب '. * (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) *
79 - * (لمساكين) * فقراء، أو كانت بهم زمانة وعلل، أو عجزوا عن الدفع عن أنفسهم لقلة حيلتهم، أو سموا به لشدة ما يقاسونه في البحر كما يقال لقي هذا المسكين جهدا * (وراءهم) * خلفهم وكان رجوعهم عليه ولم يعلموا، أو أمامهم، فوراء من الأضداد، أو يستعمل وراء موضع أمام في المواقيت والأزمان، لأن الإنسان يجوزها فتكون وراءه دون غيرها، أو يجوز في الأجسام
258

التي لا وجه لها كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر ولا يجوز في غيرها، وعابها الخضر، لان الملك كان لا يغصب إلا السفن الجيدة. * (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبد لهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما) *
80 - * (الغلام) * اسمه ' حيسورا ' أو ' شمعون ' وكان سداسيا؛ وله ست عشرة سنة، أو طوله ستة أشبار، وكان لصا يقطع الطريق بين قرية أبيه وقرية أمه فيبصره أهل القريتين ويمنعون منه * (فخشينا) * فكرهنا، أو علمنا، أو خفنا * (يرهقهما) * يكلفهما، أو يحملهما على الرهق وهو الجهد.
81 - * (زكاة) * إسلاما، أو علما، أو ولدا وكانت أمه حبلى فولدت غلاما مسلما صالحا، أو جارية تزوجها نبي فولدت نبيا هديت به أمة من الأمم * (رحما) * أكثر برا بوالديه من المقتول، أو أعجل تعطفا ونفعا، أو أقرب أن يرحما به، والرحم الرحمة. * (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأوي ما لم تسطع عليه صبرا * 83 *) *
82 - * (الجدار) * حقيقة ما أحاط بالدار فمنع منها وحفظ بنيانها ويستعمل في غيره من حيطانها مجازا * (كنز) * ذخيرة من ذهب وفضة، أو لوح ذهب مكتوب فيه حكم، أو لوح ذهب مكتوب فيه ' بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يوقن بالدنيا بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله
259

محمد رسول الله قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم] - * (صالحا) * حفظا لصلاح أبيهما السابع. والخضر باق لشربه من عين الحياة، أو غير باق إذ لا نبي بعد الرسول [صلى الله عليه وسلم]. * (ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شىء سببا فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين أما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى سنقول له من أمرنا يسرا) *
83 - * (ذي القرنين) * نبي مبعوث فتح الله - تعالى - على يده الأرض، أو عبد صالح ناصح لله، فضربوه هلى قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر، لم يكن له قرنان كقرني الثور، وسمي ذا القرنين للضربتين، أو لضقيرتين كانتا له، أو لاستيلائه على قرني الأرض المشرق والمغرب، أو رأى في نومه أنه أخذ بقرني الشمس في شرقها وغربها فقصها على قومه فسمي ذا القرنين. وهو عبد الله بن الضحاك بن معد ' ع '، أو من أهل مصر اسمه مرزبان يوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح، أو / رومي
260

اسمه الاسكندروني أو هو الإسكندر الذي بنى الإسكندرية.
84 - * (من كل شيء سببا) * علما يتسبب به إلى إرادته، أو ما يستعين به على لقاء الملوك وقتل الأعداء وفتح البلاد.
85 - * (فأتبع سببا) * منازل الأرض ومعالمها، أو طرقا بين المشرق والمغرب، أو قفا الأثر، أو طريقا إلى ما أريد منه.
86 - * (حمئة) * ذات حمأة، أو طينة سوداء * (حامية) * حارة فكانت حارة ذات حمأة، وجدها تغرب في نفس العين، أو وراءها كأنها تغرب فيها * (وإما أن تعذب) * خير بين عقابهم والعفو عنهم، أو تعذبهم بالقتل لشركهم، أو تتخذ فيهم حسنا بإمساكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدى وتنقذهم من العمى، قيل لم يسلم منهم إلا رجل واحد. * (ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا) *
89 - * (اتبع) * و * (اتبع) * واحد، أو بالقطع إذا لحق وبالوصل إذا كان على الأثر وإن لم يلحق.
90 - * (مطلع) * ومطلع واحد، أو بالفتح الطلوع وبالكسر موضع الطلوع
261

يريد بالمطلع والمغرب ابتداء العمارة وانتهائها * (سترا) * من بناء، أو شجر، أو لباس، يأوون إذا طلعت إلى أسراب لهم فإذا زالت خرجوا لصيد ما يقتاتونه من وحش وسمك قيل: هم الزنج، أو تاريش، وتأويل ومنسك. * (ثم اتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال لم ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا) *
93 - * (السدين) * و * (السدين) * واحد، أو بالضم من فعل الله - تعالى - وبالفتح فعل الآدمي، ' أو بالضم إذا كان مستورا عن بصرك وبالفتح إذا شاهدته ببصرك '، أو بالضم الاسم وبالفتح المصدر. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وهما جبلان، قيل جعل الردم بينهما، وهما بأرمينية وأذربيجان، أو في منقطع أثر الترك مما يلي المشرق.
94 - * (يأجوج ومأجوج) * من تأجج النار واختلفوا في تكليفهم، وهما من ولد يافث بن نوح، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يموت الرجل [منهم] حتى يولد لصلبه ألف رجل ' * (خرجا) *
262

أجرة و * (خراجا) * الغلة، أو الخراج ما خرج من الأرض، والخرج مصدر ما يخرج من المال، أو الخراج ما يؤخذ عن الأرض والخرج ما يؤخذ عن الرقاب، أو الخرج ما أخذ دفعة والخراج ما كان ثابتا يؤخذ كل سنة.
95 - * (بقوة) * بآلة، أو برجال * (ردما) * حجابا شديدا، أو سدا متراكبا بعضه على بعض.
96 - * (زبر الحديد) * قطعه، أو فلقه، أو الحديد المجتمع ومنه الزبور لاجتماع حروفه * (الصدفين) * جبلان ' ع '، أو رأسا جبلين، أو ما بين الجبلين إذا كانا متحاذيين من المصادفة في اللقاء، أو إذا انحرف كل واحد منهما عن الآخر كأنه صدف عنه فساوى بينهما بما جعله بينهما حتى وارى رؤوسهما وسوى بينهما * (انفخوا) * في نار الحديد حتى إذا جعل الحديد نارا أي كالنار في الحمى واللهب * (قطرا) * نحاسا، أورصاصا أو حديدا مذابا، فكانت حجارته الحديد وطينه النحاس. * (فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا وتركنا بعضهم يؤمئذ يموج في بعض ونفخ في الصور
263

فجمعناهم جمعا) *
97 - * (يظهروه) * يعلوه * (نقبا) * من أسفله، وهو وراء بحر الروم بين جبلين هنا مؤخرهما البحر المحيط، ارتفاعه مائتا ذراع، عرضه نحو خمسين ذراعا، وهو حديد شبه المصمت، وذكر رجل / للرسول [صلى الله عليه وسلم] أنه رآه فقال: انعته لي، فقال: هو كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء، قال: قد رأيته.
98 - * (وعد ربي) * القيامة، أو وقت خروجهم بعد قتل الدجال * (دكاء) * أرضا، أو قطعا، أو انهدم حتى اندك بالأرض فاستوى معها.
99 - * (بعضهم) * القوم الذين ذكرهم ذو القرنين يوم فتح السد، أو الكفار يوم القيامة، أو الجن والإنس عند فتح السد * (يموج) * يخلتط، أو يدفع بعضهم بعضا من موج البحر. * (وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دونى أولياء إنا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا) *
101 - * (سمعا) * على ظاهره، أو عقلا فلا يستطيعون سمعه استثقالا، أو مقتا.
102 - * (نزلا) * طعاما، أومنزلا.
264

* (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * 104 * أولئك الذين كفروا بئايات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا) *
103 - * (بالأخسرين) * القسيسون والرهبان، أو اليهود والنصارى، أو الحرورية الخوارج، أو أهل الأهواء، أو من يصنع المعروف ويمن به.
105 - * (وزنا) * أي لا قدر لهم، أو لخفتهم بالسفه والجهل صاروا ممن لا وزن له. أو ذهبت المعاصي بوزنهم فلا يوازنون لخفتهم [شيئا] أو لما حبط أعمالهم بالكفر صار الوزن عليهم لا لهم. * (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا) *
107 - * (الفردوس) * وسط الجنة وأطيب موضع فيها، أو أعلاها وأحسنها، أو بستانها، أو البستان الجامع لمحاسن كل بستان، أوكل بستان محوط فردوس، وهو عربي أو رومي، أو سرياني وبالنبطية فرداسا.
108 - * (حولا) * بدلا، أو تحويلا، أو حيلة منزل غيرها. * (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) *
109 - * (كلمات ربي 9 " وعده بالثواب والعقاب، أو ذكر ما خلق وما هو خالق، أو علم القرآن، عجز الخلق عن إحصاء معلوماته ومقدوراته.
265

* (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعباده ربه أحدا) *
110 - * (يرجو) * يخاف، أو يأمل، أو يصدق به * (لقاء ربه) * لقاء ثواب ربه، أو لقاءه بالبعث والوقوف بين يديه * (صالحا) * خالصا من الرياء، أو إذا لقي الله - تعالى - به لم يستحي منه، أو عمل الطاعة وترك المعصية * (بعبادة ربه) * يريد بالرياء، أو بالشرك بالأصنام، قيل نزلت في جندب بن زهير أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله إنا نعمل العمل نريد به وجه الله - تعالى - فيثنى به علينا فيعجبنا، وإني لأصلي الصلاة فأطولها رجاء أن يثنى بها علي فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: إن الله - تعالى - يقول: أنا خير شريك فمن شاركني في علم يعمله لي أحدا من خلقي تركته وذلك الشريك ونزلت هذه الآية فتلاها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقيل إنها آخر آية نزلت من القرآن والله - تعالى - أعلم. والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلامه، وحسبنا الله - تعالى ونعم الوكيل.
266

سورة مريم
مكية اتفاقا.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (كهيعص ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإني خفت المولى من ورآءى وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) *
1 - كهيعص) * اسم للسورة أو للقرآن أو لله - تعالى - أو استفتاح للسورة أو تفسير ' لا إله إلا الله ' من حروف الجمل، الكاف عشرون، والهاء خمسة والياء عشرة، والعين سبعون، والصاد تسعون، كذلك عدد / حروف لا
267

إله إلا الله، أو حروف من حروف أسماء الرب، الكاف من كبير أو كاف أو كريم، والهاء من هاد، والياء من حكيم أو يمين أو أمين أو يا من يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه، أو يا من يجير ولا يجار عليه، قاله الربيع بن أنس، والعين من عزيز أو عالم أو عدل، والصاد من صادق.
268

3 - * (خفيا) * لا رياء فيه، أو أخفاه لئلا يستهزأ به لبعد ما طلبه.
4 - * (وهن) * ضعف وإذا وهن العظم مع قوته فوهن اللحم والجلد أولى، أو شكا ضعف البطش الذي يقع بالعظم دون اللحم * (واشتعل) * شبه انتشار الشيب في الرأس بانتشار النار في الحطب. * (شقيا) * خائبا، كنت لا تخيبني إذا دعوتك.
5 - خفت الموالى) * العصبة، أو الكلالة، أو بنو العم وكانوا شرار بني إسرائيل، سموا موالي لأنهم يلونه في النسب بعد الصلب، أو الأولياء أن يرثوا علمي دون نسلي، وخافهم على الفساد في الأرض، أو على نفسه في حياته، وعلى أسبابه بعد موته * (ورائي) * قدامي، أو بعد موتي.
6 - * (يرثني) * (مالي) * (ويرث من آل يعقوب) * النبوة، أو يرثهما العلم والنبوة، أو منه النبوة ومن آل يعقوب الأخلاق، أو يرث مني العلم ومن آل يعقوب الملك، فأجيب إلى وراثة العلم دون الملك، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - روي الرسول [صلى الله عليه وسلم] قال: ' يرحم الله زكريا ما كان عليه من ورثة '. * (رضيا) * مرضي الأخلاق والأفعال، أو راضيا بقضائك وقدرك.
269

* (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب إنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا قال رب اجعل لي ءاية قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا) *
7 - * (نبشرك) * بإجابة الدعوة، وإعطاء الولد، وتفرد الرب - عز وجل - بتسميته اختصاصا له واصطفاء، سمي يحيى، لأنه حي بين شيخ وعجوز. * (سميا) * لم تلد العواقر مثله فلا مثل له ولا نظير، أو لم نجعل لزكريا قبل يحيى ولدا، أو لم نسم أحدا قبله باسمه.
8 - * (عاقرا) * لا تلد؛ لأنها تعقر النسل أي تقطعه، أو لعقر رحمها للمني وإفساده وسأل عن أن الولد يأتيهما شابين أو شيخين. * (عتيا) * يبسا وجفافا، أو نحول العظم، أو سنا.
قال:
* إنما يعذر الوليد ولا يعذر
* من كان الزمان عتيا
*
10 - * (أيه) * دالة على الحمل، أو على أن البشرى من الله دون إبليس
270

لأن الشيطان أوهمه ذلك، قال الضحاك * (ثلاث ليال) * اعتقل لسانه ثلاثا من غير مرض ولا خرس عن كلام الناس دون ذكر الله - تعالى - * (سويا) * صحيحا من غير خرس، أو يرجع إلى الليالي أي متتابعات.
11 - * (فخرج) * أشرف على قومه. * (من المحراب) * المصلى، أو ما ينصب ليصلى بإزائه لأن المصلي كالمحارب للشيطان، أو من مجلس الأشراف الذي يحارب دونه ذبا عن أهله فكأن الملائكة تحارب عن المصلى ذبا عنه.
* (فأوحى) * أومى، أو أشار، أو كتب على الأرض، والوحي الكتابة قال:
* كأن أخا اليهود يخط وحيا
* بكاف من منازلها ولام
* * (سبحوا) * صلوا سميت به لاشتمالها على التسبيح. * (ييحيى خذ الكتاب بقوة وءاتينه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان
271

تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) *
12 - * (خذ الكتاب) * قاله زكريا - عليه الصلاة والسلام - ليحيى حين نشأ، أو قاله الله - تعالى - حين بلغ، والكتاب: التوراة، أو صحف إبراهيم. * (بقوة)
* بجد واجتهاد، أو بامتثال الأوامر واجتناب المناهي. * (الحكم) * اللب، أو الفهم، أو العلم أو الحكمة، قال له الصبيان: اذهب بنا نلعب فقال: ما للعب خلقت قيل كان ابن ثلاث سنين.
13 - * (وحنانا) * رحمة قال:
* أبا منذر فاستبق بعضنا
* حنانيك بعض الشر أهون من بعض
*
أو تعطفا، أو محبة، أو بركة أو تعظيما، أو آتيناه تحننا على العباد. * (وزكاة) * عملا زاكيا، أو صدقة به على والديه، أو زكيناه بثنائنا عليه. * (تقيا) * مطيعا، أو برا بوالديه. * (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم
272

حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله ءاية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا) *
16 - * (انتبذت) * انفردت، أو اتخذت، * (شرقيا) * جهة المشرق فاتخذتها النصارى قبلة أو مشرقة الدار التي تظلها الشمس، أو مكانا بعيدا. \ 17 - * (حجابا) * من الجدران، أو من الشمس جعله الله - تعالى - لها ساترا قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو حجابا من الناس، انفردت في ذلك المكان للعبادة، أو كانت تعتزل فيه أيام حيضها. * (روحنا) * الروح الذي خلق منها المسيح حتى تمثل بشرا، أو جبريل - عليه السلام - لأنه روحاني لا يشوبه غير الروح، أو لحياة الأرواح به، فنفخ جبريل - عليه السلام - في جيب درعها وكمها فحملت، أو ما كان إلا أن حملته فولدته، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وكان حملها تسعة أشهر، أو ستة أشهر، أو يوما واحدا، أو ثمانية أشهر، ولم يعش لثمانية سواه آية له.
273

18 - * (تقيا) * اسم رجل إسرائيلي مشهور بالعهر، لما دنا منها - جبريل عليه السلام - خافت فاستعاذت من ذلك العاهر، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو إن كنت تقيا لله امتنعت خوفا من استعاذتي به. * (فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا 5 * * فكلي واشربي وقرى عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا) *
23 - * (فأجاءها) * ألجأها، أو جاء بها. * (ليتني مت) * تمنت الموت حياء من التهمة، أو لئلا يأثم الناس بقدفها، أو لأنها لم تر في قومها رشيدا ذا فراسة يبرئها من السوء. * (نسيا منسيا) * لم أخلق، أو لا يدري من أنا، أو سقطا، أو إذا ذكرت لم أطلب، والنسي ما أغفل من شيء حقير.
24 - * (فناداها) * جبريل، أو عيسى * (من تحتها) * من مكان أسفل من
274

مكانها، أو من بطنها بالقبطية * (سريا) * عيسى، السروات: الأشراف، أو السري النهر بالنبطية أو العربية من السراية لأن الماء يسري فيه، قيل يطلق السري على ما يعبره الناس من الأنهار وثبا.
25 - * (النخلة) * برنية، أو عجوة، أو صرفانه أو قرينا ولم يكن لها رأس وكان الشتاء فجعلت آية، قيل اخضرت وحملت ونضجت وهي تنظر * (جنيا) * مترطب البسر، أو الذي لم يتغير، أو الطري بغبار.
26 - * (فكلي) * الجني * (واشربي) * من السري * (وقري عينا) * بالولد، طيبي نفسا، أو لتسكن عينك سرورا أو لتبرد عينك سرورا، دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة * (صوما) * صمتا أو صوما عن الطعام والشراب / [107 / أ] وصمتا عن الكلام، تركت الكلام ليتكلم عنها ولدها ببرءاتها، أو كان من صام لا يكلم الناس فأذن لها في هذا القدر من الكلام. * (فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله ءاتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا) *
27 - * (فريا) * قبيحا من الافتراء، أو عجيبا، أو عظيما، أو باطلا، أو متصنعا من الفرية وهي الكذب.
275

28 - * (أخت هارون) * لأبويه أو نسبت إلى رجل صالح كان اسمه هارون تنسب إليه من تعرف بالصلاح مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو نسبت إلى هارون أخي موسى لأنها من ولده كما يقال: يا أخا فلان أو كان رجلا معلنا بالفسق فنسبت إليه.
29 - * (فأشارت) * إلى الله - تعالى - فلم يفهموا إشاراتها، أو إلى عيسى على الأظهر ألهمهما الله - تعالى - ذلك بأنه سيبرئها، أو أمرها به * (من كان) * صلة، أو بمعنى يكون * (المهد) * سرير الطفل، أو حجرها غضبوا لما أشارت إليه وقالوا: لسخريتها بنا أعظم من زناها، فلما تكلم قالوا: إن هذا لأمر
276

عظيم.
30 - * (آتاني) * سيؤتيني * (وجعلني) * سيجعلني، أو كان وقت كلامه في المهد نبيا كامل العقل، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - وكلمهم وهو ابن أربعين يوما.
31 - * (مباركا) * نفاعا، أو معلما للخير، أو عارفا بالله - تعالى - داعيا إليه، أو آمرا بالعرف ناهيا عن المنكر. * (بالصلاة) * ذات الركوع والسجود، أو الدعاء * (والزكاة) * للمال، أو التطهير من الذنوب.
32 - * (جبارا) * جاهلا بأحكامه * (شقيا) * متكبرا عن عبادته، أو الجبار الذي لا ينصح والشقي الذي لا يقبل النصح.
33 - * (والسلام علي يوم ولدت) السلامة لي في الدنيا وفي القبر وفي البعث، لأن له أحوالا ثلاثة: حياة الدنيا والموت مقبورا والبعث فسلم في هذه من الأحزان، أو سلم في الولادة من همزة الشيطان إذ لا مولود إلا يهمزه * (ويوم أموت) * سلامته من ضغطة القبر لأنه غير مدفون في الأرض، ويوم البعث: يحتمل سلامته من العرض والحساب. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - ثم انقطع كلامه حتى بلغ مبلغ الغلمان. * (ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط
277

مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم) *
34 - * (الحق) * الله، أو عيسى سماه حقا، لأنه جاء بالحق، أو القول الذي قاله عيسى من قبل * (يمترون) * يشكون، أو يختلفون فتقول فرقة هو الله وأخرى هو ابن الله وأخرى هو ثالث ثلاثة هذا قول النصارى، وقال المسلمون: عبد الله ورسوله، وقالت اليهود: لغير رشدة عند من قرأ تمترون. * (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين 5 * * وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون) *
38 - * (أسمع بهم وأبصر) * اليوم كيف يصنع بهم يوم القيامة، أو عجبه من سماعهم وإبصارهم في الآخرة.
39 - * (قضي الأمر) * بعذابهم يوم البعث، أو قضي بانقطاع توبتهم وتحقق الوعيد يوم الموت. * (واذكر في الكتاب إبراهيم أنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا يا أبت إني قد جآءني من العلم ما لم يأتك فاتبعنى أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني
278

أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا قال أراغب أنت عن ءالهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربى عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا) *
46 - * (لأرجمنك) * بالذم والسب، أو بالأحجار لتبعد عني. * (مليا) * دهرا طويلا مؤبدا، أو سويا سليما من عقوبتي، أو غنيا.
47 - * (سلام) * توديع وهجر، أو سلام: إكرام وبر، قابل جفوته بالإحسان رعاية لحق الأبوة وهو أظهر * (سأستغفر لك) * إن تركت عبادة الأوثان، أو أدعو لك بالهدى المقتضي للغفران / [107 / ب] * (حفيا) * مقربا، أو مكرما، أو رحيما، أو عليما، أو متعهدا. * (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا) *
50 - * (لسان صدق) * ثناء جميلا، أو جعلناهم كراما على الله - تعالى - اللسان بمعنى الرسالة. قال:
279

* أتتني لسان بني عامر
* أحاديثها بعد قول نكر
* * (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا) *
52 - * (الطور الأيمن) * جبل بالشام نودي من يمين الجبل، أو من يمين موسى * (وقربناه نجيا) * قرب من المكان الذي شرفه فيه وعظمة ليسمع كلامه، أو قربه من أعلى الحجب حتى سمع صريف القلم، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - وقال غيره سمع صريف القلم الذي كتبت به التوراة، أو قربه باصطفائه واجتبائه * (نجيا) * ناجاه من النجوى التي لا يكون إلا في خلوة، أو رفعه بعد التقريب من النجوة وهي الارتفاع، أو نجاه بصدقه مأخوذ من النجاة. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - لم يبلغ موسى من الكلام الذي ناجاه به شيئا. * (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله
280

بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا) *
54 - * (صادق الوعد) * وعد رجلا أن ينتظره فانتظره ثلاثة أيام أو اثنين وعشرين يوما أو حولا كاملا قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. \ 55 - * (أهله) *، قومه، أو أهله يبدأ بهم، وهو إسماعيل بن إبراهيم عند الجمهور، أو إسماعيل بن حزقيل بعثه الله - تعالى - إلى قومه فسلخوا جلدة رأسه فخيره الله - تعالى - فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوض أمرهم إليه في عفوه وعقوبته لأن إسماعيل مات قبل أبيه إبراهيم. * (واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا) *
281

56 - * (إدريس) * أول من أعطي النبوة وأول من خط بالقلم.
57 - * (ورفعناه) * إلى السماء الرابعة، أو السادسة وهو في السماء حي لم يمت كعيسى، أو مات في السماء وهو فيها ميت، أو مات بين الرابعة والخامسة وهو أول من اتخذ السلاح، وجاهد في سبيل الله - تعالى - وقتل بني قابيل وأول من وضع الوزن والكيل وأثار علم النجوم، وأول من لبس الثياب وإنما كانوا يلبسون الجلود.
58 - * (وبكيا) * سجودهم رغبة وبكاؤهم رهبة. * (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من
282

تاب وءامن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا) *
59 - * (خلف) * بالسكون إذا خلفه من ليس من أهله وبالفتح إذا كان من أهله، أو بالسكون في الذم وبالفتح في الحمد * (من بعدهم) * اليهود بعد متقدمي الأنبياء، أو المسلمون بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] من عصر الصحابة إلى قيام الساعة، أو من بعد عصر الصحابة قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' يكون بعد الستين خلف أضاعوا الصلاة ' الآية * (أضاعوا الصلاة) * بتركها، أو تأخيرها عن وقتها * (غيا) * واد في جهنم أو خسرانا، أو ضلالا عن الجنة، أو شرا أو خيبة.
*..............................
* ومن يغو لا يعدم.................
*
أي يخب.
62 - * (لغوا) * كلاما فاسدا، أو خلفا * (سلاما) * سلامة، أو تسليم الملائكة عليهم * (بكرة وعشيا) * كان يعجبهم إصابة الغداء والعشاء فأخبروا أن ذلك في الجنة، أو أراد مقدار البكرة والعشي من أيام الدنيا، قيل: يعرفون مقدار الليل
283

بإرخاء الحجب وغلق الأبواب، ومقدار النهار برفع الحجب / [108 / أ] وفتح الأبواب. * (وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) *
64 - * (ومانتنزل) * موضعا من الجنة إلا بأمر الله - تعالى - من كلام أهل الجنة أو نزلت لما أبطأ جبريل - عليه السلام - على الرسول [صلى الله عليه وسلم] اثنتي عشرة ليلة فلما أتاه قال: ' لقد غبت حتى ظن المشركون كل ظن '، * (ما بين أيدينا) * الدنيا * (وما خلفنا) * الآخرة * (وما بين ذلك) * ما بين النفختين، أو ما مضى من الدنيا * (وما خلفنا) * ما يكون بعدنا من الدنيا والآخرة * (وما بين ذلك) * ما بين ما مضى من قبل وما يكون من بعد * (نسيا) * ذا نسيان، أو ما نسيك.
65 - * (سميا) * مثلا من المساماة، أو من يسمى الله أو لا يستحق اسم
284

الإله غيره، أو ولدا. * (ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يكن شيئا فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) *
68 - * (جهنم) * اسم للنار أو لأعمق موضع فيها كالفردوس اسم لأعلى الجنة * (جثيا) * جماعات، أو بروكا على الركب.
69 - * (شيعة) * الشيعة: الجماعة المتعاونون، الأمة شيعة لاجتماعهم وتعاونهم. * (لنزعن) * لنبدأن أو لنستخرجن * (عتيا) * افتراء بلغة تميم، أو جرأة أو كفرا، أو تمردا، أو معصية.
70 - * (صليا) * دخولا أو لزوما.
71 - * (واردها) * الحمى والأمراض، عاد الرسول [صلى الله عليه وسلم] رجلا ثم قال: ' إن الله - تعالى - يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار
285

في الآخرة '، أو جهنم يردها الكفار خاصة، أنتقل من معاتبتهم إلى خطابهم، أو عامة في المؤمن والكافر يردانها فتمس الكافر دون البر، أو يردها المؤمن بمروره عليها ونظره إليها سرورا بما أنجاه الله - تعالى - منه * (ولما ورد ماء مدين) * [القصص: 23] * (حتما) * قضاء مقضيا، أو قسما واجبا. * (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين ءامنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورءيا قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا) *
73 - * (مقاما) * منزل إقامة في الجنة أو النار، أو كلاما قائما بحجة معناه، من فلجت حجته خير أم من دحضت حجته. * (نديا) * أفضل مجلسا أو أوسع عيشا.
74 - * (أثاثا) * متاعا * (ورئيا) * منظرا ' ع '، أو الجديد من ثياب البيت
286

والري الارتواء من النعمة، أو ما لا يراه الناس والرئي ما يرونه، أو أكثر أموالا وأحسن صورا.
76 - * (ويزيد الله) * يزيدهم هدى بالمعونة على الطاعة والتوفيق لمرضاته، أو الإيمان بالناسخ والمنسوخ. * (أفرءيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم أتخذ عند الرحمن عهدا كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فردا) *
77 - * (لأوتين مالا) * نزلت في العاص بن وائل، أو في الوليد بن المغيرة، * (لأوتين) * في الدنيا على قول الجمهور، أو في الجنة استهزاء
287

منه * (وولدا) * وولدا واحد كعدم وعدم، أو بالضم جمع وبالفتح واحد لغة قيس.
78 - * (عهدا) * عملا صالحا، أو قولا عهد به الله إليه.
80 - * (ونرثه) * نسلبه ما أعطيناه في الدنيا من مال وولد، أو نحرمه ما تمناه منهما في الآخرة * (فردا) * بلا مال ولا ولد، أو بلا ولي ولا ناصر. * (واتخذوا من دون الله ءالهة ليكونا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا فلا تعجل عليهم إنما نعدلهم عدا) *
82 - * (سيكفرون) * سيجحد العابدون عبادتها لما رأوا من سوء عاقبتها، أو يكفر المعبود بالعابد ويكذبه * (ضدا) * عونا من الخصومة، أو بلاء أو أعداء
288

أو قرناء في النار يلعنونهم، أو على ضد ما أملوه فيهم ' ح '.
83 - * (تؤزهم) * / [108 / ب] تزعجهم إلى المعاصي، أو تغويهم أو تغريهم بالشر.
84 - * (نعد لهم) * أعمالهم، أو أيام حياتهم، أو مدة انتظارهم إلى الانتقام منهم بالسيف والجهاد. * (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا وقالوا أتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا 6 * * إن كل من في السماوات والأرض إلا ءاتى الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم ءاتيه يوم القيامة
289

فردا) *
85 - * (وفدا) * ركبانا، أو جماعة، أو زوارا.
86 - * (وردا) * مشاة، أو عطاشا من ورود الإبل عطاشا، أو أفرادا.
87 - * (عهدا) * وعدا من الله - تعالى -، أو إيمانا به.
89 - * (إدا) * منكرا، أو عظيما. * (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) *
96 - * (ودا) * محبة في الدنيا من الأبرار وهيبة عند الفجار، أو يحبهم الله - تعالى - ويحببهم إلى الناس، قال ' ع ' نزلت في علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه -.
290

97 - (لدا) * فجارا، أو أهل لجاج وخصام من اللدود للزومهم الخصام كما يحصل اللدود في الأفواه أو الجدل في الباطل من اللدد وهو شدة الخصومة.
98 - * (ركزا) * صوتا، أو حسا، أو ما لا يفهم من صوت أو حركة.
291

سورة طه
مكية اتفاقا.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (طه ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى) *
1 - * (طه) * اسم لله - تعالى - أقسم به. أو اسم للسورة أو اختصار كلام خص الرسول [صلى الله عليه وسلم] بعلمه، أو حروف يدل كل حرف منها معنى، أو طوبى لمن اهتدى، أوطأ الأرض بقدميك ولا تقم على أحدهما في
292

الصلاة، أو يا رجل بلغة عك أوطيء أو بالنبطية.
* إن السفاهة طه من خليفتكم
* لا قدس الله أرواح الملاعين
*
2 - * (لتشقى) * بالتعب والسهر في قيام الليل، أو بالأسف والحزن على كفرهم، أو جواب لهم لما قالوا: إنه بالقرآن شقي.
3 - * (تذكرة) * إنذارا لمن يخشى الله، أو زجرا لمن يتقي الذنوب والخوف ما ظهرت أسبابه، والخشية ما لم تظهر أسبابه.
2 - * (له ما في السماوات) * ملكهما، أو تدبيرهما، أو علم ما فيهما * (الثرى) * كل شيء مبتل، أو التراب عند الجمهور، والذي تحته: ما واراه التراب في بطن الأرض أو الصخرة الخضراء التي تحت الأرض السابعة وهي
293

سجين التي فيها كتاب الفجار.
7 - * (السر) * ما ساررت به غيرك، * (وأخفى) * ما أضمرته ولم تحدث به ' ع ' أو ما أضمرته في نفسك وأخفى ما لم يكن ولا أضمره أحد في نفسه، أو أسرار عباده وأخفى سر نفسه عن خلقه، أو ما أسره الناس وأخفى الوسوسة أو ما أسره من علمه [و] عمله السالف، وأخفى: ما يعمله في المستأنف، أو العزيمة،
وأخفى الهم دون العزيمة. * (وهل أتاك حديث موسى إذ رءا نارا فقال لأهله امكثوا إنىءانست نارا لعلىءاتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى) *
9 - * (وهل أتاك حديث موسى) * باصطفائه للنبوة وتحميله للرسالة.
10 - * (رأى نارا) * في ظنه وهي نور عند الله، وكانت ليلة الجمعة في الشتاء * (امكثوا) * أقيموا، أو الإقامة تدوم والمكث لا يدوم * (آنست) * أبصرت، أو آنست بنار * (هدى هاديا يهديني على الطريق، أو علامة استدل بها على الطريق، وكانوا قد ضلوا عن الطريق، فأقاموا بمكانهم [بعد ذهاب موسى] ثلاثة أيام فمر بهم راعي القرية فأخبرهم بمسير موسى - عليه الصلاة والسلام - فعادوا مع الراعي إلى قريتهم وأقاموا بها أربعين سنة حتى أنجز موسى أمر ربه.
294

* (فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى إن الساعة ءاتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى) *
12 - * (اخلع نعليك) * لتباشر بقدميك بركة الوادي، أو لأنهما / [109 / أ] من جلد حمار ميت فخلعهما ورمى بهما وراء الوادي * (المقدس) * المبارك، أو المطهر * (طوى) * اسم الوادي، أو لأنه مر به ليلا فطواه ' ع '، أو لأنه نودي به مرتين، طوى في كلامهم بمعنى مرتين، لأن الثانية كالمطوية على الأولى، أو لأن الوادي قدس مرتين، أوطأ الوادي بقدميك.
14 - * (لذكرى) * لتذكرني فيها، أو لا تدخلفيها إلا بذكر، أو حين تذكيرها
15 - * (أخفيها) * لا أظهر عليها أحدا فيكون ' أكاد ' بمعنى أريد، أو أخفيها من نفسي ' ع ' مبالغة في تبعيد إعلامه بها، أو أخفيها أظهرها أخفيته
295

كتمته وأظهرته من الأضداد، وأسررته كتمته وأظهرته أيضا، أو المعنى آتية: أكاد آتي بها فحذف للعلم به ثم استأنف * (أخفيها لتجزى كل نفس) * قال:
* هممت ولم أفعل وكدت وليتني
* تركت على عثمان تبكي حلائله
*
أي وكدت أقتله. * (بما تسعى) * من خير أو شر، أقسم أنه يأتي بها للجزاء، أو أخبر بذلك.
16 - * (فتردى) * فتشقى، أو تزل. * (وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مئارب أخرى قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى واضمم يديك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء ءاية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى) *
17، 18 - * (وما تلك) * سؤال تقرير وجوابه * (هي عصاي) * ولكنه أضافها إلى ملكه ليكفي الجواب إن سئل عنها ثم ذكر احتياجه إليها لئلا يكون عابثا بحملها * (وأهش) * أخبط ورق الشجر، والهش والهس واحد، أو المعجم
296

خبط الشجر، وغير المعجم زجر الغنم * (مآرب) * حاجات نص على لوازم الحاجات وكنى عن عارضها من طرد السباع، أو قدح النار واستخراج الماء أو كانت تضيء له بالليل.
22 - * (جناحك) * عضدك، أو جنبك، أو جيبك عبر عنه بالجناح لأنه مائل في جهته. * (اذهب إلى فرعون إنه طغى قال رب اشرح لي صدرك ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزرى وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا) *
27 - * (عقدة) * من الجمرة التي ألقاها في فمه صغيرا، أو حدثت عند مناجاته ربه فلا يكلم غيره إلا بإذنه، أو استحياؤه من الله - تعالى - أن يكلم غيره بعد مناجاته.
31 - * (أزري) * الظهر من موضع الحقوين، أو يكون عونا يستقيم به أمري وكان هارون أكبر منه بثلاث سنين، ' وأكثر لحما وأتم طولا وأبيض جسما وأفصح لسانا ومات قبل موسى بثلاث سنين ' وكان بجبهته شامة وعلى أرنبة أنف موسى شامة، وعلى طرف لسانه شامة ' لم تكن على أحد قبله ولا تكون
297

على أحد بعده قيل إنها سبب العقلة في لسانه '. * (قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ولقد مننا عليك مرة أخرى * 37 * إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه أليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني إذ تمشى أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى) *
39 - * (محبة مني) * حببتك إلى عبادي، أو حسنا و ملاحة، أو رحمتي، أو من رآك حتى أحبك فرعون فخلصت منه، وأحبتك آسية بنت مزاحم فتبنتك * (ولتصنع) * لتغذى على اختياري، أو تصنع بك أمك ما صنعت في اليم بعيني ومشاهدتي.
40 - * (فتونا) * اختبارا حتى صلحت للرسالة، أو بلاء بعد بلاء خلصناك من محنة بعد محنة، أولها حملته أمه في سنة الذبح، ثم ألقي في
298

اليم ثم منع الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم جر بلحية فرعون فهم بقتله فتناول الجمرة / بدل الدرة فتركه، ثم جاءه رجل يسعى لما عزموا عليه من قتله ' ع ' أو أخلصناك إخلاصا * (على قدر) * موعد، أو قدر من النبوة والرسالة. * (واصطنعتك لنفسي اذهب أنت وأخوك بئاياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى 4 * * فقولا له قولا لينا لعله يتذكروا أو يخشى) *
41 - * (لنفسي) * لمحبتي أو لرسالتي.
42 - * (ولا تنيا) * تفترا في أمري، أو تضعفا في رسالتي، أو تبطئا ' ع '، أو لا تزالا.
44 - * (لينا) * لطيفا رفيقا، أو كنياه وكنيته أبو مرة أو أبو الوليد قيل كان لحسن تربية موسى فجعل الله - تعالى - رفقه به مكافأة له لما عجز موسى عن مكافأته. * (قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع
299

وأرى فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بئاية من ربك والسلام على من اتبع الهدى إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى) *
45 - * (يفرط) * يعجل، أو يعذبنا عذاب الفارط في الذنب وهو المتقدم فيه، أفرط إذا أكثر من الشيء وفرط إذا نقص منه * (أو أن يطغى) * يقتلنا. * (قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) *
50 - * (كل شيء) * زوجه من جنسه ثم هداه لنكاحه، أو صورته ثم هداه إلى معيشته وطعامه وشرابه، أو ما يصلحه ثم هداه له.
51 - * (القرون) * ' القرن: أهل كل عصر لاقترانهم فيه، أو أهل كل عصر فيه نبي، أو طبقة عالية في العلم لاقترانهم بأهل العلم '، قاله الزجاج، سأله عنهم هل كانوا على مثل ما يدعوا إليه، أو بخلافه، أو ذكره دفعا للجواب وقطعا لما دعا إليه وعنتا، أو سأل عن بغيهم للجزاء، أولما دعاه إلى الإيمان بالبعث قال: فما بال القرون لم يبعثوا.
300

52 - * (في كتاب) * اللوح الحفوظ * (لا يضل ربي) * لا يخطئ فيه ولا يتركه أو لا يضل الكتاب عن ربي ولا ينسى ربي ما في الكتاب ' ع ' ولم يكن موسى يعلم علم القرون لأن التوراة إنما نزلت بعد هلاك فرعون. * (الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزوجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى) *
54 - * (النهى) * الحكم أو العقل، أو الورع لأنه ينتهي إلى رأيهم، أو لأنهم ينهون النفس عن القبيح.
56 - * (آياتنا) * الدالة على التوحيد، أو على نبوة موسى [صلى الله عليه وسلم]. * (فكذب) * الخبر * (وأبي) * الطاعة. * (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى) *
58 - * (سوى) 6 منصفا بينهم، أو عدلا وسطا، أو مستويا يتبين للناس ما بيننا فيه، وسوى بالضم والكسر واحد، أو بالضم المنصف وبالكسر العدل.
301

59 - * (يوم الزينة) * عيد كان لهم، أو يوم السبت، أو عاشوراء، أو يوم سوق كانوا يتزينون فيه. * (فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى * 61 * فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى) *
61 - * (لا تفتروا) * بسحركم، أو بقولكم إني ساحر * (فيسحتكم) * يستأصلكم بالهلاك.
62 - * (أمرهم) * فيما هيؤوه من الحبال والعصي، أو أيهم يبدأ بالإلقاء. * (النجوى) * قولهم: إن كان ساحرا فسنغلبه وإن كان من السماء فله أمره، أو لما قال: * (ويلكم) * الآية، قالوا ما هذا كلام ساحر، أو أسروها دون موسى وهارون * (إن هذين لساحران) * الآيات، أو قالوا: إن غلبنا موسى اتبعناه.
63 - * (إن هذان) * رفع الاثنين ونصبهما وخفضهما بالألف على لغة بلحارث بن كعب وكنانة وزبيد، قال:
302

* فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى
* مساغا لناباه الشجاع لصمما
*
* إن أباها وأبا أباها
* قد بلغا في المجد غايتاها
*
أو تقديره ' إنه هذان ' فحذف الهاء وإن لم تكن هذه اللغة فصحى فيجوز ورود القرآن بالأفصح وبما عداه قاله متقدموالنجاة / [110 / ب] أو هذان مبني كبناء الذين لا يتغير في أحوال الإعراب، أو إن بمعنى نعم.
* ويقلن شيب قد علاك
* وقد كبرت فقلت إنه
*
وهو قول السحرة، أو قول فرعون أشير به إلى جماعة، أو قول قومه. * (بطريقتكم) * أهل العقل والشرف والأسنان. أو بنو إسرائيل كانوا ذوي عدد
303

ويسار، أو بسيرتكم، أو بدينكم وعبادتكم لفرعون، أو بأهل طريقتكم المثلى، والمثلي تأنيث الأمثل وهو الأفضل.
64 - * (فأجمعوا كيدكم) * أجمعوا جماعتكم على أمرهم في كيد موسى وهارون، أو أحكموا أمركم. * (قالوا يا موسى أما أن تلقى وإما أن نكون أول من ألقى قال
بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى * 66 * فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى فألقى السحرة سجدا قالوا ءامنا برب هارون وموسى 6 * *) *
66 - * (بل ألقوا) * إنما أمر بذلك لإظهار حجته وبطلان كيدهم وإلا فهو كفر لا يجوز الأمر به، أو هو خبر بصيغة الأمر تقديره ' إن كان إلقاؤكم حجة فألقوا '. وكانوا سبعين ألف ساحر أو تسعمائة ثلاثمائة من العريش وثلاثمائة من الفيوم ويشكون في الثلاثمائة من الإسكندرية، أو اثنين وسبعين اثنان من القبط وسبعون من بني إسرائيل، كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء.
304

67 - * (فأوجس) * فأسر * (خيفة) * أن يلتبس الأمر على الناس فيظنوا أن الذي فعلوه مثل فعله، أو وجد ما هو مركوز في الطباع من الحذر.
69 * (تلقف) * تبتلع بسرعة فابتلعت حمل ثلاثمائة بعير من الحبال والعصي ثم أخذها موسى فرجعت كما كانت وكانت من عوسج، أو من آس الجنة ' ع ' وبها قتل موسى - عليه الصلاة والسلام - عوج بن عناق.
70 * (سجدا) * طاعة لله - تعالى - وتصديقا بموسى فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلهما، فلذلك * (قالوا لن نؤثرك) *، وسألت امرأة فرعون عن الغالب فقيل: موسى وهارون، فقالت: آمنت برب موسى وهارون، فأمر فرعون بأن يلقى عليها أعظم صخرة توجد إن أقامت على قولها فلما أتوها رفعت رأسها إلى السماء فرأت منزلها في الجنة، فمضت على قولها فانتزعت روحها فألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه.
305

* (قال ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا إنا ءامنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى.) *
72 - * (والذي فطرنا) * قسم، أومعطوف * (فاقض) * فاصنع ما أنت صانع أو احكم ما أنت حاكم.
73 - * (والله خير) * منك * (وأبقى) * ثوابا إن أطيع وعقابا إن عصي، أو * (خير) * ثوابا منك إن أطيع و [* (وأبقى) *] عقابا إن عصي. * (ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ماغشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى * 79 *) *
77 - * (لا تخاف دركا) * من فرعون * (ولا تخشى) * غرقا من البحر. * (يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم ووعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن
306

والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبى ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى * 81 * وإنى لغفار لمن تاب وءامن وعمل صالحا ثم اهتدى) *
81 - * (ولا تطغوا فيه) * لا تكفروا به، ولا تستعينوا برزقي على معصيتي أو لا تدخروا منه لأكثر من يوم وليلة فادخروا فدود ولولا ذلك لما دود طعام أبدا ' ع ' * (فيحل بالضم) * ينزل وبالكسر يجب. * (هوى) * في النار، أو هلك في الدنيا.
82 - * (لمن تاب) * من الشرك * (وآمن) * بالله - تعالى - ورسوله [صلى الله عليه وسلم] * (ثم اهتدى) * لم يشك في إيمانه ' ع ' أو لزم الإيمان حتى يموت، أو أخذ بسنة نبيه [صلى الله عليه وسلم] أو أصاب العمل، أو عرف جزاء عمله من ثواب، أوعقاب، أو اهتدى / [110 / ب] في ولائه أهل بيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. * (ومآ أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك رب لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم
307

العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقدفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا) *
86 - * (أسفا) * شديد الغضب، أو الحزين، أو الجزع، أو المتندم، أو المتحسر * (وعدا حسنا) * النصر والظفر، أو قوله - تعالى - * (وإني لغفار) * الآية أو ثواب الآخرة، أو التوراة يعملون بما فيها فيستحقون ثوابه * (موعدي) * ' وعدهم أن يقيموا على أمره فاختلفوا، أو بالمسير ' على أثره للميقات فتوقفوا.
87 - * (بملكنا) * بطاقتنا، أو بملك أنفسنا عند البلية التي وقعت بنا، أو لم يملك المؤمنون منع السفهاء من ذلك، وعدهم أربعين ليلة فعدوا عشرين يوما وظنوا أنهم أكملوا الميعاد بالليالي وأوهمهم السامري ذلك. * (أوزارا) * أثقالا من زينة * (القوم) * قوم فرعون لأن موسى أمرهم أن يستعيروا حليهم.
88 - * (فأخرج لهم عجلا) * لما استبطؤوا موسى قال السامري: إنما احتبس عنكم من أجل ما عندكم من الحلي، فجمعوه ودفعوه للسامري فصاغ منه عجلا، وألقى عليه قبضة من أثر فرس جبريل - عليه السلام -، وهو الحياة فصار له خوار * (خوار) * لما ألقى قبضة أثر الرسول حي العجل وخار ' ح '
308

أو لم يصر فيه حياة ولكن جعل فيه خروقا إذا دخلتها [الريح] سمع لها صوت كالخوار * (فنسي) * السامري إسلامه وإيمانه، أو قال السامري قد نسي موسى إلاهه عندكم، أو نسي السامري أن قومه لا يصدقونه في عبادة عجل لا يضر ولا ينفع، أو نسي موسى أن قومه عبدوا العجل بعده.
89 - * (أفلا يرون) * أفلا يرى بنو إسرائيل أن العجل لا يرد إليهم جوابا، قيل: لما مضى من الموعد خمس وثلاثون أمر السامري بجمع الحلي وصاغه عجلا في
السادس والثلاثين والسابع والثامن ودعاهم إلى عبادته في التاسع فأجابوه وجاء موسى بعد كمال الأربعين. * (ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمرى قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي) *
92 - * (ضلوا) * بعبادة العجل.
93 - * (تتبعني) * في الخروج من بينهم، أو في منعهم والإنكار عليهم * (أمري) * قوله * (اخلفني في قومي) * الآية [142 من الأعراف],
309

94 - * (يا ابن أم) * كان أخاه لأبويه، أو لأبيه دون أمه، وقاله اسرقاقا واستعطافا. * (بلحيتي) * أخذ شعره بيمينه ولحيته بيساره ' ع '، أو بلحيته وأذنه، فعبر عن الأذن بالرأس، فعل ذلك ليسر إليه نزول الألواح عليه في تلك المناجاة إرادة إخفائها على بني إسرائيل قبل التوبة، أو وقع عنده أن هارون مايلهم في أمر العجل، قلت: وهذا فجور من قائله لأن ذلك لا يجوز على الأنبياء، أو فعل ذلك لتركه الإنكار على بني إسرائيل ومقامه بينهم وهو الأشبه. * (فرقت) * بينهم بما وقع من اختلاف معتقدهم، أو بقتال من عبد العجل منهم، قيل: عبدوه كلهم إلا اثني عشر ألفا بقوا مع هارون لم يعبدوه * (ولم ترقب) * لم تعمل بوصيتي، أو لم تنتظر عهدي. * (قال فما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثرالرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا * 97 * إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شىء علما) *
95 - * (فما خطبك) * الخطب ما يحدث من الأمور الجليلة التي يخاطب عليها، وكان السامري كرمانيا تبع موسى، ' أو من عظماء بني إسرائيل ' اسمه
310

موسى بن ظفر من قبيلة يقال لها سامرة، أو قرية يقال لها: سامرة.
96 - * (بصرت) * نظرت، أو فظنت، بصرت وأبصرت واحد، أو أبصرت نظرت، وبصرت فطنت والقبضة بجميع الكف وبغير إعجام بأطراف الأصابع * (الرسول) * جبريل - عليه السلام - عرفه لأنه رآه يوم فلق البحر حين قبض القبضة من أثره، أوعرفه لأنه كان يغذوه صغيرا لما ألقته أمه خوفا أن يقتله فرعون لما كان يقتل بني إسرائيل فعرفه في كبره فأخذ التراب من تحت حافر فرسه * (فنبذتها) * ألقاها فيما سكه من الحلي فخار بعد صياغته، أو ألقاها في جوفه بعد صياغته فظهر خواره، أو الرسول موسى وأثره شريعته، قبض قبضة من شريعته نبذها وراء ظهره ثم اتخذ العجل إلاها، ونبذها ترك العمل بها. * (سولت) * حدثت، أو زينت.
97 - * (فاذهب) * وعيد من موسى، فخاف فهرب يهيم في البرية مع الوحش لا يجد أحدا من الناس يمسه، فصار كالقائل لا مساس لبعده عن الناس وبعدهم عنه أو حرمه موسى بهذا القول، فكان بنو إسرائيل لا يخالطونه ولا يؤاكلونه فكان لا يمس ولا يمس.
98 - * (وسع) * أحاط علمه بكل شيء فلم يخرج عن علمه شيء، أو لم يخل شيء من علمه به. * (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد ءاتيناك من لدنا ذكرا 11 * * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما) *
311

102 - * (زرقا) * عميا، أو عطاشا، ازرقت أعينهم من العطش أو شوه خلقهم بزرقة الأعين وسواد الوجوه، أو الطمع الكاذب إذا تعقبته الخيبة وهو نوع من العذاب، أو شخوص البصر من شدة الخوف، ' أو الزرق الأعداء يعادي بعضهم بعضا من قولهم: عدو أزرق '.
103 - * (يتخافتون) * يتسارون * (إن لبثتم) * في الدنيا، أو القبور * (إلا عشرا) * على التقريب دون التحديد.
104 - * (أمثلهم طريقة) * أكثرهم سدادا، أو أوفرهم عقلا * (إن لبثتم) * في الدنيا، أو القبور * (إلا يوما) * لأنه كان عنده أقصر زمانا وأقل لبثا. * (ويسئونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * 105 * فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعى لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا) *
105 - * (ينسفها) * يجعلها كالرمل تنسفه الرياح، أو تصير كالهباء.
106 - * (قاعا) * موضعا مستويا لا نبات فيه، أو أرضا ملساء، أو مستنقع الماء قاله الفراء * (صفصفا) * موضعا لا نبات فيه ولا مستويا كأنه على وصف واحد في استوائه.
312

107 - * (عوجا) * واديا * (أمتا) * رابية ' ع '، أو عوجا: صدعا، أمتا: أكمة، أو عوجا: ميلا، أمتا: اثرا، أو الأمت الحدب والانثناء، أو الصعود والارتفاع من الأمت في العصا والحبل وهو أن يغلظ في مكان منه ويدق في مكان.
108 - * (وخشعت) * خضعت بالسكون * (همسا) * صوتا خفيا، أو تحريك الشفة واللسان، أو نقل الأقدام. * (يؤمئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما 110 وعنت الوجوه للحى القيوم وقد خاب من حمل ظلما ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) *
111 _ * (وعنت) * ذلت، أو خشعت، الذليل أن يكون ذليل النفس والخشوع أن يتذلل لذي طاعة أوعملت أو استسلمت، أو وضع الجبهة والأنف على الأرض في السجود * (القيوم) * القائم على كل نفس بما كسبت، أو بتدبير الخلق، أوالدائم الذي لا يزول ولا يبيد * (حمل ظلما) * شركا.
112 - * (فلا يخاف ظلما) * بالزيادة / [111 / ب] في سيئاته * (ولا هضما) * بالنقصان من حسناته ' ع '. * (وكذلك أنزلناه قرءانا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرءان من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب
313

زدني علما) *
113 - * (لهم ذكرا) * جدا، أو شرفا لإيمانهم به أو ذكرا يعتبرون به.
114 - * (ولا تعجل بالقرآن) * لا تسأل إنزاله قبل أن يأتيك وحيه، أو لا تلقه إلى الناس قبل أن يأتيك بيان تأويله، أو لا تعجل بتلاوته قبل فراغ جبريل من إبلاغه خوف نسيانه * (زدني علما) * علما: قرآنا. * (ولقد عهدنا إلىءادم من قبل فنسى ولم نجد له عزما وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمؤا فيها لا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصىءادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) *
115 - * (فنسي) * ترك أو سها * (عزما) * صبرا، أو حفظا، أو ثباتا قال أبو أمامة لو وزنت أحلام بني آدم لرجح حلمه على حلمهم وقد قال الله -
314

تعالى - * (ولم نجد له عزما) * أو عزما في العود إلى الذنب ثانيا.
117 - * (فتشقى) * ' بأن تأكل من كد يدك وما تكسبه بنفسك وتصنعه بيدك ' أراد فيشقيا لاستوائهما في العلة، وخصه بالذكر لأنه المخاطب دونها، أو لأنه الكاد عليها الكاسب لها. * (قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * 123 * ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بئايات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) *
123 - * (فمن اتبع هداي) * ضمن الله - تعالى - لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ' ع '.
124 - * (ضنكا) * كسبا حراما، أو إنفاق من لا يؤمن بالخلف ' ع ' أو عذاب القبر، قاله الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو طعام الضريع والزقوم في جهنم. والضنك:
315

الضيق. * (أعمى) * في حال بصيرا في أخرى، أو أعمى عن الحجة، أو عن جهات الخير لا يهتدي لشيء منها. * (أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن ءانائ اليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى) *
129 - * (ولولا كلمة سبقت) * بجعل الجزاء يوم القيامة، أو بتأخيرهم إلى يوم بدر * (لزاما) * عذابا لازما، أو فصلا * (وأجل مسمى) * يوم بدر، أو يوم القيامة. تقديره ' ولولا كلمة وأجل لكان لزاما '.
130 - * (ما يقولون) * من الأذى والافتراء * (قبل طلوع الشمس) * صلاة الفجر * (وقبل غروبها) * صلاة العصر * (آناء الليل) * ساعاته واحدها إني صلاة الليل كله، أو المغرب والعشاء * (وأطراف النهار) * صلاة الظهر لأنها آخر النصف
316

الأول وأول النصف الثاني، أو صلاة التطوع * (ترضى) * تعطى و ' ترضى ' بالكرامة، أو الشفاعة. * (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسئلك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى وقالوا لولا يأتينا بئاية من ربه أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصرط السوى ومن اهتدى) *
131 - * (تمدن) * لا تأسفن، أو لا تنظرن. * (أزواجا) * أشكالا من المزاوجة * (زهرة الحياة) * زينتها * (لنفتنهم) * لنعذبهم * (ورزق ربك) * القناعة بما تملكه والزهد فيما لا تملكه، أو ثواب الآخرة * (خير وأبقى) * مما متعوا به، نزلت لما أبى اليهودي أن يسلف الرسول [صلى الله عليه وسلم] الطعام إلا برهن فشق ذلك على الرسول [صلى الله عليه وسلم].
132 - * (أهلك) * نسباؤك، أو من أطاعك لتنزلهم منزلة الأهل في الطاعة * (والعاقبة) * حسن العاقبة لذوي التقوى.
317

سورة الأنبياء
مكية اتفاقا
بسم الله الرحمن الرحيم
* (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بئاية كما أرسل الأولون ما ءامنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون) *
1 - * (حسابهم) * عذاب بدر، أو حساب القيامة لأن كل آت قريب، أو لقلة ما بقي من الزمان وكثرة ما مضى.
2 - * (محدث) * تنزله سورة بعد سورة وآية بعد آية.
3 - * (لاهية) * غافلة باللهو عن الذكر أو مشتغله بالباطل عن الحق * (وأسروا) * أخفوا، أو أظهروا.
5 - * (أضغاث) * أهاويل أحلام، أو تخاليط، أو ما لا تأويل له * (أحلام) *
318

ما لاتأويل له ولا تفسير، أو الرؤيا الكاذبة. * (وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين) *
7 - * (أهل الذكر) * التوراة والإنجيل، أو مؤمنوا أهل الكتاب، أو المسلمون.
8 - * (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون) * ولا يموتون فنجعلك كذلك رد لقولهم * (هل هذا إلا بشر) * الآية [3] أو جعلناهم جسدا إلا ليأكلوا للطعام فلذلك خلقناك جسدا مثلهم، جسدا: هو المجسد الذي فيه روح ويأكل ويشرب، أو ما لا يأكل ولا يشرب. * (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما ءاخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) *
10 - * (ذكركم) * شرفكم إن عملتم به، أو حديثكم، أو ما تحتاجون إليه من أمر دينكم، أو مكارم أخلاقكم ومحاسن أعمالكم.
12 - * (أحسوا) * عاينوا عذابنا * (منها) * من القرية، أو العذاب * (يركضون) * يسرعون.
319

13 - * (وارجعوا) * استهزاء بهم وتوبيخ * (أترفتم) * نعمتم * (تسألون) * شيئا من دنياكم استهزاء بهم، أو عما عملتم، أو تفيقون بالمسئلة.
15 - * (حصيدا) * قطعا بالاستئصال كحصاد الزرع * (خامدين) * بالعذاب، أو بالسيف لما قتلهم بختنصر، والخمود: الهمود تشبيها لخمود الحياة بخمود النار إذا طفئت كما يقال لمن مات طفىء تشبيها بانطفاء النار. * (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون اليل والنهار لا يفترون 7 * *) *
17 - * (لهوا) * ولدا [رد] لقولهم في عيسى، أو المرأة بلغة أهل اليمن [رد] لقولهم في مريم، أو داعي الهوى ونازع الشهوة * (من لدنا) * لا تخذنا نساء وولدا من أهل السماء لا من أهل الأرض * (إن كنا) * نفي، أو شرط تقديره لا تخذناه عندنا بحيث لا يصل علمه إليكم.
18 - * (بالحق) * المتبوع على الباطل المدفوع، أو بالقرآن، والباطل إبليس * (زاهق) * ذاهب، أوهالك.
320

19 - * (يستحسرون) * يملون، أو يعبون، أو يستنكفون، أو ينقطعون والبعير المنقطع بالإعياء حسير.
* بها جيف الحسى............
* * (أم اتخذوا ءالهة من الأرض هم ينشرون لو كان فيهما ءالهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون
21 - * (من الأرض) * مما خلق في الأرض * (ينشرون) * يخلقون، أو يحيون الموتى من النشر بعد الطي.
22 - * (إلا الله) * سوى الله، أو ' إلا ' بمعنى الواو * (لفسدتا) * هلكتا بالفساد.
23 - * (لا يسأل) * عن قضائه وهو يسأل الخلق عن أعمالهم، أو لا يحاسب على أفعاله وهم يحاسبون، أو لا يسأل عن أفعاله لأنها صواب ولا يريد بها الثواب * (وهم يسألون) * لأن في اعمالهم غير الصواب وقد لا يريدون بها الثواب، وإن كانت صوابا. * (أم اتخذوا من دونه ءالهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون وقالوا أتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد
321

مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إنى إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين * 29 *) * \ 24 - * (ذكر من معي) * يما يلزمهم من حلال وحرام * (وذكر من قبلي) * ممن نجا بالإيمان وهلك بالشرك، أو ذكر من معي بإخلاص التوحيد في القرآن وذكر من قبلي في التوراة والإنجيل.
28 - * (ما بين أيديهم) * من أمر الآخرة * (وما خلفهم) * من الدنيا، أو ما قدموا وأخروا من أعمالهم، أو ما عملوا وما لم يعملوا * (ولا يشفعون) * في الدنيا أو الآخرة في القيامة / [112 / ب] * (ارتضى) * عمله، أو رضي عنه. * (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شىء حي أفلا يؤمنون وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن ءاياتها معرضون وهو الذي خلق اليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون) * \ 30 - * (رتقا) * ملتصقتين ففتق الله - تعالى - عنهما بالهواء ' ع ' أو كانت
322

السماوات مرتتقة مطبقة ففتقها سبعا وكذلك الأرض، أو السماء رتقا لا تمطر ففتقها بالمطر، والأرض لا تنبت ففتقها بالنبات، أرتق: السد، والفتق: الشق. * (كل شيء) * خلق كل شيء من الماء، أو حفظ حياة كل حي بالماء، أو أراد ماء الصلب.
31 - * (رواسي) * لأنها رست في الأرض وثبتت، أو لأن الأرض رست بها فالرواسي الثوابت، أو الثقال * (تميد) * تزول، أو تضطرب * (فجاجا) * أعلاما يهتدى بها، أو جمع فج وهو الطريق الواسع بين الجبلين * (سبلا) * للاعتبار، أو مسالك للسابلة * (يهتدون) * بالاعتبار بها إلى دينهم، أو ليهتدوا طرق
بلادهم.
32 - * (محفوظا) * أن يقع على الأرض، أو مرفوعا، أو من الشياطين.
33 - * (فلك) * الفلك السماء، أو القطب المستدير الدائر بما فيه من القمرين والنجوم ومنه فلكة المغزل لاستدارتها ودورانها. واستدارة الفلك كدور الكرة، أو كدور الرحى والفلك السماء تدور بالقمرين والنجوم، أو استدارة في السماء تدور بالنجوم مع ثبوت السماء، أو استدارة بين السماء والأرض تدور فيها النجوم. * (يسبحون) * يجرون، أو يدروون ' ع '. * (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) *
35 - * (بالشر) * الشدة والرخاء، أو بالفقر والمرض * (والخير) * الغنى والصحة أوالشر: غلبة الهوى، والخير: العصمة من المعاصي، أو ما تحبون
323

وما تكرهون لنعلم شكركم على ما تحبون وصبركم على ما تكرهون * (فتنة) * ابتلاء واختبارا. * (وإذا رءاك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر ءالهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتي فلا تستعجلون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون) *
37 - * (الإنسان) * آدم خلق بعجل يوم الجمعة آخر الأيام الستة قبل غروب الشمس أو لما نفخ الروح في عينيه ولسانه بعد إكمال صورته سأل ربه أن يعجل تمام خلقه وإجراء الروح في جسده قبل الغروب، أوالعجل الطين. قال:
* والنبع في الصخرة الصماء منبته
* والنخل ينبت بين الماء والعجل
*
أو الإنسان الناس كلهم فخلق الإنسان عجولا، أو خلق على حب العجلة، أو خلقت العجلة فيه، والعجلة تقديم الشيء قبل وقته، والسرعة
324

تقديمه في أول أوقاته. * (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون قل من يكلؤهم باليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون أم لهم ءالهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون) *
42 - * (يكلؤكم) * يحفظكم استفهام نفي.
43 - * (يصحبون) * يجارون، إن لك من فلان صاحبا أي مجيرا، أو يحفظون، أو ينصرون أو لا يصحبون من الله بخير. * (بل متعنا هؤلاء وءاباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون * 44 * قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن ياويلنا إنا كنا ظالمين ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) *
44 - * (ننقصها) * بالظهور عليها وفتحها بلدا بعد بلد ' ح ' أو بنقصان أهلها وقلة بركتها، أو بالقتل والسبي أو بموت فقهائها وعلمائها.
325

ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون) *
48 - * (الفرقان) * التوراة الفارقة بين الحق والباطل، أو البرهان الفارق بين حق موسى وباطل فرعون، أو النصر والنجاة الفارقان بين موسى وفرعون. * (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا ءاباءانا لها عابدين قال لقد كنتم أنتم وءباؤكم في ضلال مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين) *
51 - * (رشده) * النبوة، أو هدايته في الصغر * (من قبل) * إرساله نبيا، أو من قبل: موسى وهارون * (عالمين) * بأهليته للرشد، أو للنبوة. * (وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليها يرجعون قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم * 60 * قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون قالوا أأنت فعلت هذا بئالهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم
326

هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون) *
58 - * (جذاذا) * حطاما ' ع '، جذاذا: قطعا مقطوعة، قال الضحاك: هو أن يأخذ من كل عضوين عضوا ويدع عضوا. من الجذ وهوالقطع.
61 - * (أعين الناس) * بمرأى منهم * (يشهدون) * عقابه ' ع ' أو يشهدون عليه بما فعل كرهوا عقابه بغير بينة ' ح ' أو بما يقول من حجة وما يقال له من جواب.
63 - * (فسألوهم) * جعل سؤالهم مشروطا بنطقهم، أو أخرجه مخرج الخبر يريد من اعتقدها آلهة لزمه السؤال فلعلها تجيبه إن كانت ناطقة، وقوله * (ينطقون) * أي يخبرون. * (فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * 64 * ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) *
64 - * (إلى أنفسهم) * رجع بعضهم إلى بعض، أو رجع كل واحد إلى نفسه مفكرا فيما قاله إبراهيم. * (أنتم الظالمون) * بسؤاله لأنها لو كانت آلهة لم يصل إليها، حادوا عما أرادوه من الجواب وأنطقهم الله بالحق.
327

65 - * (نكسوا) * رجعوا إلى الشرك بعد اعترافهم بالحق، أو رجعوا إلى احتجاجهم على إبراهيم بقولهم * (لقد علمت) * ' الآية ' أو خفضوا رؤوسهم. * (قالوا حرقوه وانصروا ءالهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين) *
68 - * (قالوا حرقوه) * أشار عليهم بذلك رجل من أكراد فارس، أو هيزون فخسفت به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، ولما أوثق ليلقى فيها قال: لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك ولا شريك لك، فلما ألقي فيها قال: ' حسبي الله ونعم الوكيل ' فلم يحرق منه إلا وثاقة، وكان ابن ست وعشرين سنة ' ولم يبق يومئذ في الأرض دابة إلا كانت تطفئ النار عنه إلا الوزغ كان ينفخها فأمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] بقتله ' قال
328

الكلبي: بنوا له أتونا ألقوه فيه وأوقدوا عليه النار سبعة أيام ثم أطبقوه عليه وفتحوه من الغد فإذا هو عرق أبيض لم يحترق، وبردت نار الأرض مما أنضجت يومئذ كراعا. * (ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين 3 * * ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلواة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين وأدخلناه في رحمتنآ إنه من الصالحين) *
71 - * (ونجيناه ولوطا) * كان ابن أخي إبراهيم فآمن به فنجا معه * (إلى الأرض) * مكة، أو أرض القدس، أو الشام * (باركنا) * ببعث أكثر الأنبياء منها أو بكثرة خصبها ونمو نباتها، أو بعذوبة مائها وتفرقه في الأرض منها فتهبط المياه العذبة من السماء إلى صخرة بيت المقدس ثم تتفرق في الأرض.
72 - * (نافلة) * غنيمة، أو النافلة ابن الابن، أو زيادة العطاء فالنافلة
329

يعقوب لأنه دعا بالولد فزاده الله - تعالى - ولد الولد ' ع ' أو النافلة إسحاق ويعقوب لأنهما زيادة على ما تقدم من الإنعام عليه.
74 - * (ولوطا آتيناه حكما) * نبوة أو قضاء بين الناس ' ع ' * (وعلما) * فقها * (الخبائث) * اللواط، أو الضراط والقرية: سدوم. * (ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين) *
76 - (نادى) * دعانا على قومه من قبل إبراهيم * (الكرب العظيم) * / [113 / ب] الغرق بالطوفان. * (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمرة إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين) *
330

78، 79 - * (الحرث) * زرع، أو كرم نبتت عناقيده * (نفشت) * النفش رعي الليل والهمل رعي النهار، قال بعض المتكلمين كان حكمهما صوابا متفقا إذ لا يجوز الخطأ على الأنبياء فقوله: * (ففهمناها سليمان) * لأنه أوتي الحكم في صغره وأوتيه داود في كبره، وهذا شاذ، أو أخطأ داود وأصاب سليمان على قول الجمهور فحكم داود لصاحب الحرث بالغنم، وحكم سليمان بأن تدفع الغنم إلى صاحب الحرث لينتفع بدرها ونسلها ويدفع الحرث إلى صاحب الغنم ليعمره فإذا عاد في القابل ردت الغنم إلى صاحبها والحرث إلى مالكه فرجع داود إلى حكمه، ويجوز أن يكون ذلك اجتهادا من سليمان ويكون من داود فتيا عبر عنها بالحكم لئلا تكون نقضا للاجتهاد بالاجتهاد، ويجوز أن يكون حكم سليمان عن وحي فيجب على داود نقض الحكم عملا بالنص، قلت: ويمكن أن يجوز في شرعهم نقض الاجتهاد بالاجتهاد والخطأ جائز على جميع الأنبياء، أو يستثنى منهم محمد [صلى الله عليه وسلم] إذ لا نبي بعده يستدرك غلطه، وهذا مبني على جواز اجتهاد الأنبياء، وشرعنا موافق لشرعهما في ضمان ما أتلفته البهائم ليلا وإن اختلف الشرعان في صفة الضمان وكيفيته * (وخرنا مع داود) * ذللنا، أو ألهمنا * (يسبحن) * يسرن من السبح، أو يصلين، أو يسبحن تسبيحا كان مسموعا كان يفهمه.
80 - * (لبوس) * الدروع، أو جمع السلاح لبوس عند العرب * (بأسكم) *
331

سلاحكم، أو حرب أعدائكم.
81 - * (عاصفة) * العصوف شدة حركتها، والتبن عصف لأنها تعصفة بشدة تطييرها له * (الأرض) * الشام بورك فيها بمن بعث فيها من الأنبياء، أو بأن مياه أنهار الأرض تجري منها، أو بما أودعها من الخيرات فما نقص من الأرض زيد في الشام وما نقص من الشام زيد في فلسطين. * (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) * 83 - * (وأيوب) * كان ذا مال وولد فهلك ماله، ومات أولاده، ثم بلي في بدنه فقرح وسعى فيه الدود واشتد بلاؤه فطرح على مزبلة بني إسرائيل ولم يبق أحد يدنو منه إلا امرأته. * (الضر) * المرض، أو البلاء الذي بجسده حتى
332

كانت الدود تسقط منه فيردها ويقول كلي مما رزقك الله، أو الشيطان لقوله * (مسني الشيطان بنصب) * [ص: 41] أو وثب ليصلي فلم يقدر فقال: * (مسني الضر) * إخبارا عن حاله لا شكوى لبلائه، أو انقطع عنه الوحي أربعين يوما فخاف هجران ربه فقال: * (مسني الضر وأنت أرحم) * تقديره أيمسني الضر وأنت أرحم الراحمين، أو أنت أرحم بي أن يمسني الضر، أو قاله استقالة من ذنبه ورغبا إلى ربه، أو شكا ضره استعطافا / [114 / أ] لرحمته وكشف بلائه.
84 - * (أهله ومثلهم) * رد إليه أهله الذين أهلكهم بأعيانهم وأعطاه مثلهم
333

معهم قاله ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه -، أو كان له سبع بنين وسبع بنات فماتوا في بلائه، فلما كشف بلاؤه رد عليه بنوه وبناته، وولد له بعد ذلك مثلهم، قال الحسن - رضي الله تعالى عنه - ماتوا قبل آجالهم فأحياهم الله - تعالى - فوفاهم آجالهم وأبقاه حتى أعطاه من نسلهم مثلهم. * (وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين) *
85 - * (وذا الكفل) * عبد صالح كفل لليسع بصوم النهار وقيام الليل وأن لا يغضب ويقضي بالحق فوفى بذلك، أو كان نبيا كفل بأمر فوفى به ' ح ' سمي ذا الكفل لوفائه بما كفل به، أو لغير سبب، أو لأن ثوابه ضعف ثواب غيره من أهل زمانه. * (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدرعليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) *
87 - * (النون) * الحوت * (مغاضبا) * مراغما للملك حزقيا ولم يكن به بأس، أو لقومه، أو لربه من غير مراغمة لأنها كفر، بل مغاضبته خروجة بغير إذنه. وذهب لأن خلقه كان ضيقا فلما أثقلته أعباء النبوة ضاق بهم فلم يصبر،
334

أو كان من عادة قومه قتل الكاذب فلما أخبرهم بنزول العذاب ثم رفعه الله تعالى عنهم قال: لا أرجع إليهم كذابا وخاف القتل فخرج هاربا * (فظن أن لن نقدر) * نضيق * (عليه) * طرقه ' ع ' * (ومن قدر عليه رزقه) * [الطلاق: 7] ضيق، أو ظن أن لن نحكم عليه بما حكمنا، أو ظن أن لن نقدر عليه من العقوبة ما قدرنا من القدر وهو الحكم دون القدرة، ولذلك قرأ ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ' نقدر عليه '، أو تقديره أفظن أن لن نقدر عليه، ولا يجوز أن يحمل على ظن العجز لأنه كفر. * (الظلمات) * ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الحوت ' ع ' أو الحوت في بطن الحوت * (من الظالمين) * لنفسي بخروجي بغير إذنك ولم يكن ذلك عقوبة له لأن الأنبياء لا يعاقبون بل كان تأديبا وقد يؤدب من لا يستحق العقاب كالصبيان.
88 - * (فاستجبنا) * إجابة الدعاء ثواب من الله - تعالى - للداعي ولا تجوز أن تكون غير ثواب، أو هي استصلاح قد يكون ثوابا وقد يكون غير ثواب أوحى الله - تعالى - إلى الحوت لا تكسري له عظما ولا تخدشي له جلدا فلما صار في بطنها قال: يا رب اتخذت لي مسجدا في موضع ما اتخذه أحد، ولبث في بطنه أربعين يوما، أو ثلاثة أيام، أو من ارتفاع النهار إلى آخره، أو أربع ساعات، ثم فتح الحوت فاه فرأى يونس ضوء الشمس، فقال: * (سبحانك إني كنت من الظالمين) * فلفظة الحوت.
335

* (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) *
89 - * (فردا) * خليا من عصمتك، أو عادلا عن طاعتك، أو وحيدا بغير ولد عند الجمهور.
90 - * (وأصلحنا له زوجه) * كانت عاقرا فصارت ولودا فولدت له وهو ابن اثنتين وسبعين سنة وهي قريبة من سنه، أو كان في لسانها طول فحسنا خلقها * (يسارعون) * / [114 / ب] يبادرون بالأعمال الصالحة، * (رغبا) * في ثوابنا * (ورهبا) * من عقابنا أو رغبا في الطاعات ورهبا من المعاصي، أو رهبا بظهور الأكف ورغبا ببطونها، أو طمعا وخوفا * (خاشعين) * متواضعين، أو راغبين راهبين، أو وضع اليمنى على اليسرى والنظر إلى موضع السجود في الصلاة. * (والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين) *
91 - * (أحصنت فرجها) * بالعفاف من الفاحشة، أو جيب درعها منعت منه جبريل - عليه السلام - قبل أن تعلم أنه رسول الله * (من روحنا) * أجرينا فيها روح المسيح - عليه الصلاة والسلام - كما يجري الهواء بالنفخ، أو أمر جبريل
336

- عليه السلام - فمد جيب درعها بإصبعه ثم نفخ فيه فحبلت من وقتها وولدته يوم عاشوراء * (أيه) * خلقه من غير ذكر، وكلامه ببراءتها. * (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون) *
92 - * (أمتكم) * دينكم دين واحد.
93 - * (وتقطعوا) * اختلفوا في الدين، أو تفرقوا فيه. * (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون * 95 * حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين) *
95 - * (وحرام على قرية) * وجدناها هالكة بالذنوب * (أنهم لا يرجعون) * إلى التوبة، أو أهلكناها بالعذاب * (أنهم لا يرجعون) * إلى الدنيا ' * (وحزم) * وجب على قرية ' * (أهلكناها) * أنهم لم يكونوا ليؤمنوا.
337

96 - * (فتحت) * فتح لها السد، ويأجوج ومأجوج: أخوان لأب من ولد يافث بن نوح، من أجة النار، أو من الماء الأجاج * (حدب) * الفجاج والطرق أو الجوانب، أو التلاع والآكام من حدبة الظهر * (ينسلون) * يخرجون.
*...........................
*............... من ثيابك تنسلي
*
أو يسرعون وهم يأجوج ومأجوج أو الناس يحشرون إلى الموقف. * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء ءالهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون 6 * * إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) *
98 - * (حصب جهنم) * وقودها، أو حطبها، أو يرمون فيها كما ترمى
338

الحصباء فكأنها تحصب بهم، ' وحضب جهنم ' بالإعجام يقال: حضبت النار إذا خبت وألقيت فيها ما يشعلها من الحطب.
101 - * (الحسنى) * طاعة الله - تعالى - أو السعادة منه، أو الجنة، يريد به عيسى والعزير والملائكة الذين عبدوا وهم كارهون، أو عثمان وطلحة والزبير، أو عامة في كل من سبقت له الحسنى، لما نزلت * (إنكم وما تعبدون) * الآية قال المشركون: إن المسيح والعزير والملائكة قد عبدوا فنزلت * (إن الذين سبقت) * الآية.
103 - * (الفزع الأكبر) * النفخة الأخيرة ' ح ' أو ذبح الموت، أو حين تطبق جهنم على أهلها.
339

* (يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبالغا لقوم عابدين وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) *
104 - * (السجل) * الصحيفة تطوى على ما فيها من الكتابة، أو ملك يكتب أعمال العباد، أو اسم رجل كان يكتب للرسول [صلى الله عليه وسلم] ' ع '.
105 - * (الزبور) * الكتب المنزلة على الأنبياء - صلوات الله تعالى عليهم وسلامه - والذكر: الكتاب الذي في السماء، أو الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة ' والذكر التوراة ' ع '، أو زبور داود - عليه الصلاة والسلام -، والذكر: التوراة ' * (الأرض) * أرض الجنة * (يرثها) * أهل الطاعة، أو أرض الشام يرثها بنو إسرائيل، أو أرض الدنيا يرثها أمه محمد [صلى الله عليه وسلم] بالفتوح ' ع '.
106 - * (إن في هذا) * القرآن أو السورة * (لبلاغا) * إليهم يكفهم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة أو يبلغهم إلى رضوان الله - تعالى - وثوابه. * (عابدين) * مطيعين، أو عاملين.
340

107 - * (رحمة) * هداية * (للعالمين) * المؤمنين، أو رفعا لعذاب الاستئصال عن كافة الخلق. * (قل إنما يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون فإن تولوا فقل ءاذنتكم على سواء وإن أدرى أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين * 111 * قل رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون) *
109 - * (تولوا) * أعرضوا عنك، أو عن القرآن * (آذنتكم على سواء) * أمر سوي، أو مهل، أو عدل، أو بيان علانية غير سر، أو على سواء في الإعلام فلا يظهر لبعضهم ما كتمه عن بعض، أو لتستووا في الإيمان به، أو من كفر به فهم سواء في قتالهم وجهادهم ' ح '.
111 - * (لعله) * رفع الاستئصال، أو تأخير العذاب. * (فتنة) * هلاك، أو ابتلاء، أو اختبار * (إلى حين) * القيامة، أو الموت، أو أن يأتي قضاء الله - تعالى - فيهم.
122 - * (احكم بالحق) * عجل الحكم بالحق، أو أفصل بيننا وبين المشركين بما يظهر به الحق للجميع * (تصفون) * تكذبون، أو تكتمون، كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] إذا شهد قتالا قرأ هذه الآية.
341

فارغة.
342

سورة الحج
مدنية، أو ألا أربع آيات مكيات * (وما أرسلنا من قبلك) * [52] إلى آخر الأربع ' ع ' أو كلها مكية إلا آيتين مدنية * (ومن الناس من يعبد الله على حرف) * [11] وما بعدها.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (يا أيها الناس أتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) *
1 - * (زلزلة الساعة) * زلزلة من أشراط الساعة تكون في الدنيا أو نفخة البعث أو عند القضاء بين الخلق.
2 - * (تذهل) * تسلو كل والدة عن ولدها، أو تشتغل، أو تلهى أو تنساه. * (سكارى) * من الخوف * (وما هم بسكارى) * من الشرب. * (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه
343

أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) *
3 - * (يجادل) * يرد النص بالقياس أو يخاصم في الدين بالهوى، نزلت في النضر بن الحارث ' ع '. * (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نظفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحى الموتى وأنه على كل شىء قدير وأن الساعة ءاتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور) *
5 - * (من تراب) * يريد آدم * (ثم من نطفة) * يريد ذريته فتصبر النطفة علقة ثم تصير العلقة مضغة بقدر ما يمضغ من اللحم * (مخلقة) * صارت خلقا * (وغير مخلقة) * دفعتها الأرحام فلم تصر خلقا، أو تامة الخلق وغير تامة أو مصورة وغير مصورة، أو لتمام شهوره وغير تمام * (لنبين لكم) * في القرآن بدو
خلقكم وتنقل أحوالكم * (يتوفى) * قبل الأشد، أو قبل أرذل العمر، * (أرذل العمر) * الهرم، أو حالة ضعف كحال خروجه من بطن أمه، أو ذهاب العقل
344

* (لكيلا يعلم) * شيئا وينسى ما كان يعلمه، أو لا يعقل بعد عقله الأول شيئا. * (هامدة) * غبراء متهشمة، أو يابسة لا تنبت شيئا، أو دراسة والهمود: الدروس * (اهتزت) * استبشرت، أو اهتز نباتها لشدة حركته * (وربت) * أضعف نباتها، أو انتفخت لظهور نباتها على التقديم والتأخير ربت واهتزت. * (زوج) * نوع، أو لون أصفر وأحمر وأخضر وغير ذلك * (بهيج) * حسن الصورة. * (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * 8 * ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد) *
9 - * (ثاني عطفه) * لاوي عنقه إعراضا عن الله ورسوله، ' أو عادلا جانبه ' كبرا عن الإجابة ' ع ' والعطف / [115 / ب] الجانب، ومنه نظر في أعطافه، نزلت في النضر بن الحارث. * (ليضل) * بتكذيبه الرسول [صلى الله عليه وسلم] ' واعتراضه على القرآن '، أو كان رأى راغبا في الإسلام أحضره ' طعامه وشرابه وغناء قينة له ' وقال هذا خير لك مما يدعوك إليه محمد [صلى الله عليه وسلم].
345

* (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد) *
11 - * (حرف) * ميل، أو متحرفا بين الإيمان والكفر، أو على ضعف في العبادة كالقائم على حرف، نزلت في المنافق يعبد الله - تعالى - بلسانه ويعصيه بقلبه ' ح '، أو في ناس من القبائل وفيمن حول المدينة كانوا يقولون نأتي محمد فإن صادفنا عنده خيرا اتبعناه وإلا لحقنا بأهالينا * (الخسران) * لذهاب الدنيا والآخرة.
13 - * (لبئس المولى) * الناصر والعشير: المخالط، أو المولى: المعبود والعشير: الخليط والزوج لمخالطته من المعاشرة. * (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدى من يريد 10 * * إن الذين ءامنوا والذين هادوا الصائبين والنصارى والمجوس
346

والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد) *
15 - * (ينصره) * من ظن أن الله - تعالى - لا ينصر محمدا [صلى الله عليه وسلم] على أعدائه في الدنيا بالغلبة وفي الآخرة بظهور الحجة * (فليمدد) * بحبل إلى سماء الدنيا * (ليقطع) * عنه الوحي ثم لينظرهل يذهب هذا الكيد منه ما يعطيه من نزول الوحي، أو ينصره الله - تعالى - يرزقه والنصر: الرزق، أو أن لن يمطر الله - تعالى - أرضه، يقال للأرض الممطورة منصورة * (فليمدد) * بحب إلى سقف بيته، ثم ليختنق به فلينظر هل يذهب ما يغيظه من أن الله - تعالى - لا يرزقه. * (ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء) *
18 - * (ومن يهن الله) * بإدخال النار * (فماله من مكرم) * يدخله الجنة * (إن الله يفعل ما يشاء) * من ثواب وعقاب، أو من يهنه بالشقاء فلا مكرم له بالسعادة * (إن الله يفعل ما يشاء) * من شقاوة وسعادة. * (هاذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود 10 * * ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق) *
347

19 - * (خصمان) * المسلمون والمشركون لما اقتتلوا ببدر، أونزلت في ثلاثة مسلمين بارزوا ثلاثة من المشركين فقتلوهم، أو أهل الكتاب قالوا: نبينا وكتابنا قد تقدما نبيكم وكتابكم ونحن خير منكم وقال المسلمون: نبينا خاتم الأنبياء ونحن أولى بالله منكم، أو المؤمنون والمشركون اختلفوا في البعث والجزاء، أو الجنة والنار اختصمتا فقالت النار خلقني الله - تعالى - لنقمته وقالت الجنة: خلقني الله - تعالى - لرحمته قاله عكرمة * (قطعت) * عبر بتقطيع الثياب عن إحاطة النار بهم إحاطة الثوب بلابسه * (الحميم) * الماء الحار لأنه ينضج لحومهم والنار تحرقها، قيل نزلت في مبارزي بدر فقتل حمزة عتبة بن ربيعة، وقتل على الوليد بن عتبة بن ربيعة، وقتل عبيدة بن الحارث شيبة بن ربيعة.
20 - * (يصهر) * يذاب صهرت الألية أذبتها، أو يحرق، أو يقطع به، أو ينضج.
348

21 - * (مقامع) * جمع مقمعة، والقمع: ضرب الرأس حتى يقعى فينكب، أو ينحط. * (إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد) *
24 - * (الطيب من القول) * لا إله إلا الله، أو الإيمان، أو القرآن، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. * (صراط الحميد) * / [116 / أ] الإسلام، أو الجنة. * (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم
25 - * (المسجد الحرام) * المسجد نفسه * (جعلناه للناس) * قبلة ومنسكا للحج فحاضره والبادي سواء في حكم المسجد، أو في حكم النسك، أو أراد جميع الحرم فالحاضر والبادي سواء في الأمن فيه وأن لا يقتلا به صيدا ولا يعضدا شجرا، أو سواء في دوره ومنازله فليس العاكف أولى بها من البادي * (بإلحاد) * الإلحاد: الميل عن الحق، الباء زائدة. قال الشاعر:
* نحن بنو جعدة أصحاب الفلج
* نضرب بالسيف ونرجوا بالفرج
*
349

* (بظلم) * بشرك، أو باستحلال الحرام، أو باستحلال الحرم تعمدا ' ع ' أو احتكار الطعام بمكة، أو نزلت في أبي سفيان وأصحابه لما صدوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] عام الحديبية ' ع '. * (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) *
26 - * (بوأنا) * وطأنا، أو عرفناه بعلامة سحابة تطوقت حيال الكعبة فبنى على ظلها أو ريح فكنست حول البيت يقال لها: الخجوج * (وطهر بيتي) * من الشرك وعبادة الأوثان. أو من الأنجاس كالفرث والدم الذي كان يطرح حول البيت، أو قول الزور * (للطائفين) * بالبيت * (والقائمين) * في الصلاة، أو المقيمين بمكة * (والركع السجود) * في الصلاة.
27 - * (وأذن في الناس) * أعلمهم وناد فيهم، خوطب به محمد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، أو إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - فقام إبراهيم على أبي
350

قبيس فقال: عباد الله إن الله - تعالى - قد بنى بيتا، وأمركم بحجه فحجوا فأجابوه من أصلاب الرجال وأرحام النساء. لبيك داعي ربنا فلا يحجه إلى يوم القيامة إلا من أجاب إبراهيم قيل أول من أجابه به أهل اليمن فهم أكثر الناس حجا * (رجالا) * جمع راجل * (ضامر) * جمع مهزول * (عميق) * بعيد. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) *
28 - * (ليشهدوا منافع) * شهود المواقف وقضاء المناسك، أو المغفرة، أو التجارة في الدنيا والأجر في الآخرة، * (معلومات) * عشر ذي الحجة آخرها يوم النحر ' ع '، أو أيام التشريق، أو يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر * (على ما رزقهم) * على نحر ما رزقهم من الأزواج الثمانية من الضحايا والهدايا * (فكلوا) * الأكل والإطعام واجبان، أو مستحبان، أو يجب الإطعام دون الأكل، * (البائس الفقير) * الذي جمع الفقر والزمانة، أو الفقر وضر الجوع أو الفقر والطلب، أو الذي ظهر عليه أثر البؤس، أو الذي يؤنف من مجالسته.
29 - * (تفثهم) * مناسك الحج ' ع '، أو حلق الرأس، أو إزالة قشف
351

الإحرام بالتقليم والطيب وأخذ الشعر وتقليم الأظفار والغسل ' ح ' * (نذورهم) * من نحر، أو غيره * (وليطوفوا) * طواف الإفاضة * (العتيق) * عتقه الله - تعالى - من الجبابرة ' ع '، أو عتيق لم يملكه أحد من الناس، أو من الغرق زمن الطوفان، أو قديم أول بيت وضع للناس بناه آدم - عليه الصلاة / والسلام -، وأعاده بعد الطوفان إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -. * (ذلك ومن يعظم الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق) *
352

30 - * (حرمات الله) * فعل المناسك، أو منهيات الإحرام * (ما يتلى عليكم) * من * (المنخنقة) * إلى قوله * (على النصب) * [المائدة: 3]، أو * (غير محلي الصيد وأنتم حرم) *، [المائدة: 1] * (الرجس من الأوثان) * من للجنس، أو اجتنبوا منها رجسها وهو عبادتها * (قول الزور) * الشرك، أو الكذب، أو شهادة الزور، أو أعياد المشركين.
31 - * (حنفاء) * مسلمين، أومخلصين أو مستقيمين، أو حجاجا، * (غير مشركين) * مرائين بعبادته، أو شهادة الزور، أو قولهم في التلبية: ' إلا شريكا هو لك '. * (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 6 * * لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق) *
32 - * (شعائرالله) * فروضه، أو معالم دينه يريد مناسك الحج تعظيمها: بإتمامها.
33 - * (لكم فيها منافع) * بالتجارة، والأجل المسمى: العود، ومحلها: محل المناسك - هي الحج والعمرة - الطواف بالبيت العتيق، أو يريد بالشعائر البدن المشعرة تعظيمها باستسمانها واستحسانها، والمنافع الركون والدر والنسل، والأجل المسمى: ' إيجابها ' ' ع '، أو نحرها، ومحلها: مكة، أو
353

الحرم كله، أو يريد بالشعائر دين الله كله نعظمه بالتزامه ' ح '، والمنافع: الأجر والأجل المسمى: القيامة ومحلها إلى البيت: ' يحتمل إلى رب البيت '، أو ما اختص منها بالبيت ' كالصلاة إليه وقصده بالحج والعمرة '. * (تقوى القلوب) * [32] إخلاصها. * (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) *
34 - * (منسكا) * حجا، أو ذبحا، أو عيدا، والمنسك في كلامهم الموضع المعتاد، مناسك الحج لاعتياد مواضعها * (بهيمة الأنعام) * الهدي إن جعلنا المنسك الحج، أو الأضاحي إن جعلناه العيد * (المختبين) * المطمئنين إلى ذكر الله - تعالى - أو المتواضعين، أو الخاشعين، الخشوع في الأبدان والتواضع في الأخلاق، أو الخائفين، أو المخلصين، أو الرقيقة قلوبهم، أو المجتهدون في العبادة، أو الصالحون المقلون، أو الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا قاله الخليل. * (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا
354

وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين) *
36 - * (والبدن) * الإبل عند الجمهور، أو الإبل والبقر، أو ذوات الخف من الإبل والبقر والغنم حكاه ابن شجرة سميت بدنا لأنها مبدنة بالسمن * (شعائر الله) *
معالم دينه، أو فروضه * (فيها خير) * أجر، أو ركوبها عند الحاجة وشرب لبنها عند الحلب * (صواف) * مصطفة، أو قائمة تصف بين أيديها بالقيود، أو معقوله، قرأ الحسن ' صوافي ' أي خالصة لله - تعالى - من الصفوة، ابن مسعود ' صوافن ' معقولة إحدى يديها فتقوم على ثلاث صفن الفرس ثنى إحدى يديه وقام على ثلاث. وقال:
* ألف الصفون فما يزال كأنه
* مما يقوم على الثلاث كسيرا
*
355

* (وجبت جنوبها) * سقطت إلى الأرض، وجب الحائط سقط، وجبت الشمس غربت * (فكلوا) * يجب الأكل من المتطوع به، أو يستحب عند الجمهور ولا يجب، كانوا في الجاهلية يحرمون أكلها على أنفسهم. * (القانع) * السائل و * (المعتر) * المتعرض بغير سؤال ' ح ' / أوالقانع الذي لا يسأل والمعتر يعتري فيسأل، أو القانع المسكين الطواف والمعتر الصديق الزائر، أو القانع: الطامع، والمعتر الذي يعتري بالبدن ويتعرض للحم لأنه ليس عنده لحم.
37 - * (لن ينال الله) * لن يتقبل الدماء وإنما يتقبل التقوى، أو لن يصعد إلى الله - تعالى - اللحم والدم وإنما يصعد إليه التقوى والعمل الصالح، كانوا في الجاهلية إذا نحروا البدن استقبلوا الكعبة بدمائها فنضحوها نحو البيت فأراد المسلمون فعل ذلك فنزلت ' ع ' * (هداكم) * أرشدكم إليه من حجكم. * (إن الله يدافع عن الذين ءامنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور إذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا
356

الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) *
38 - * (يدفع) * بالكفار عن المؤمنين وبالعصاة عن المطيعين، وبالجهال عن العلماء، ' أو يدفع عنهم هواجس النفس ووسواس الشيطان '، أو يدفع بنور السنة ظلمات البدعة.
40 - * (بعضهم ببعض) * دفع المشركين بالمسلمين، أو عن الدين بالمجاهدين، أو بالنبيين عن المؤمنين، أو بالصحابة عن التابعين، أو دفعه عن الحقوق بالشهود قاله مجاهد، أو عن النفوس بالقصاص * (صوامع) * الرهبان، أو مصلى الصابئة سميت بذلك لانصمام طرفيها، المتصمع المنصم ومنه أذن صمعاء، * (وبيع) * النصارى، أو كنائس اليهود، * (وصلوات) * كنائس اليهود يسمونها صلوتا فعرب، أو تركت صلوات * (ومساجد) * المسلمين، لهدمها المشركون الآن لولا دفع الله بالمسلمين، أو لهدمت صوامع أيام شرع موسى، وبيع أيام شرع عيسى ومساجد أيام شرع محمد [صلى الله عليه وسلم] وعليهم أجمعين يعني لهدم في كل شريعة الموضع الذي يعبد الله - فيه. * (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم
357

لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو ءاذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) *
45 - * (معطلة) * خالية من أهلها، أو من دلائها وأرشيتها، أو غائرة الماء * (مشيد) * حصين، أو رفيع أو مجصص، الشيد: الجص أصحاب القصور أهل الحضر وأصحاب الآبار أهل البدو، أهلك الطائفتين.
46 - * (يعقلون بها) * يعبرون، أو يعلمون، يدل على أن العقل علم وأن محله القلب * (يسمعون) * يفهمون * (لا تعمى الأبصار) * قيل نزلت في ابن أم مكتوم. * (ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما
358

تعدون وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلى المصير) *
47 - * (وإن يوما) * من الأيام التي خلقت فيها السماوات والأرض، أو طول يوم من أيام الآخرة كطول ألف سنة من أيام الدنيا، أو ألم العذاب في يوم من أيام الآخرة كألم ألف سنة من الأيام الدنيا في الشدة وكذلك النعيم. * (قل يا أيها إنما أنا لكم نذير مبين 4 * * فالذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم) *
51 - * (سعوا في آياتنا) * تكذيبهم بالقرآن، أو عنادهم في الدين * (معجزين) * مثبطين من أراد اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو مثبطين في اتباعه، أو مكذبين، أو مظهرين لمن آمن به تعجيزه في إيمانه * (معاجزين) * مشاقين ' ع '، أو متسارعين، أو معاندين، أو يظنون أنهم يعجزون الله هربا. * (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفى
359

شقاق بعيد وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين ءامنوا إلى صراط مستقيم) *
52 - * (تمنى) * حدث نفسه فألقى الشيطان في نفسه، أو قرأ فألقى الشيطان في قراءته، لما نزلت: النجم قرأها الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى قومه * (ومناة الثالثة الأخرى) * [النجم: 20] ألقى الشيطان / [117 / ب] على لسانه ' تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لترتجى '، ثم ختم السورة وسجد [وسجد معه]
المسلمون والمشركون ورضي بذلك كفار قريش فأنكر جبريل - عليه السلام - ما قرأه وشق ذلك على الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. وألقاه الشيطان على لسانه فقرأه ساهيا، أو كان ناعسا
360

فقرأه في نعاسه، أو تلاه بعض المنافقين عن إغواء الشيطان فتخيل لهم أنه من تلاوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] أوعني بقوله: ' الغرانيق العلا ' الملائكة ' وإن شفاعتهم لترتجى ' في قولكم ' ح ' * (رسول) * الرسول والنبي واحد، أو الرسول من
361

يوحى إليه الملك والنبي من يوحي إليه في نومه، أو الرسول هو المبعوث إلى أمة والنبي محدث لا يبعث إلى أمة، أو الرسول هوالمتبدئ بوضع الشريعة والأحكام والنبي هو الذي يحفظ شريعة غيره قاله الجاحظ.
53 - * (فتنة) * محنة، أو اختبارا * (مرض) * نفاق، أو شك * (والقاسية قلوبهم) * المشركون * (شقاق بعيد) * ضلال طويل، أو فراق للحق بعيد إلى يوم القيامة. * (ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب
362

يوم عقيم الملك يؤمئذ لله يحكم بينهم فالذين ءامنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين) *
55 - * (مزية منه) * شك من القرآن * (الساعة) * القيامة على من تقوم عليه من المشركين ' ح ' أو ساعة موتهم * (يوم عقيم) * القيامة، أو يوم بدر والعقيم: الشديد، أوالذي لا مثل له لقتال الملائكة فيه. * (والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور) *
60 - * (ومن عاقب) * لقي قوم من المسلمين قوما من المشركين لليلتين بقيتا من المحرم فحملوا عليهم فناشدهم المسلمون أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبوا فأظفر الله - تعالى - المسلمين بهم فنزلت، أو لما مثلوا بالمسلمين بأحد عاقبهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بمثله فنزلت * (لينصرنه الله) * - تعالى -
363

في الدنيا بالقهر والغلبة وفي الآخرة بالحجة والبرهان. * (ذلك بأن الله يولج اليل في النهار ويولج النهار في اليل وأن الله سميع بصير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور) *
62 - * (هو الحق) * اسم من أسماء الله - تعالى - أو ذو الحق، أو عبادته حق * (ما يدعون) * الأوثان، أو إبليس. * (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها
364

الله الذين كفروا وبئس المصير) *
67 - * (منسكا) * عيدا، أو موضعا معتادا لمناسك الحج والعمرة، أو مذبحا، أو متعبدا، النسك: العبادة، والناسك العابد ' ح '. * (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز) *
73 - * (ضرب مثل) * مثلهم في عبادة غير الله كمن عبد من لا يخلق ذبابا أو لا مثل ها هنا والمعنى ضربوا لله مثلا بعبادة غيره، وسمي ذبابا، لأنه يذب استقذارا له واحتقارا، وخصه بالذكر لمهانته وضعفه واستقذاره وكثرته.
74 - * (ما قدروا) * نزلت في اليهود لما قالوا: استراح الله في السبت ما عظموه حق تعظيمه، أو ما عرفوه حق معرفته، أو ما وصفوه حق صفته. * (الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور) *
76 - * (ما بين أيديهم) * ما كان قبل خلق الملائكة والأنبياء * (وما خلفهم) *
365

ما يكون بعد خلقهم، أو أول أعمالهم وما خلفهم آخرها، أو أمر الآخرة وما خلفهم أمر الدنيا. * (يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفى هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) *
78 - * (حق جهاده) * اعملوا له حق عمله، أو أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر نسخها * (فاتقوا الله ما استطعتم) * [التغابن: 16] أو هي محكمة لأن حق جهاده ما لا حرج فيه. / [118 / أ] * (اجتباكم) * اختاركم * (حرج) * ضيق فخلصكم من المعاصي بالتوبة، أو من الأيمان بالكفارة، أو بتقديم الأهلة وتأخيرها في الصوم والفطر والأضحى ' ع ' أو رخص السفر القصر والفطر، أو عام إذ ليس في الإسلام ما لا سبيل إلى الخلاص من الإثم فيه * (ملة أبيكم) * وسع دينكم كما وسع ملة إبراهيم، أو افعلوا الخير كفعل إبراهيم، أو ملة
366

إبراهيم وهي دينه لازمة لأمة محمد [صلى الله عليه وسلم] داخلة في دينه، أو عليكم ولاية إبراهيم ولا يلزمكم حكم دينه * (هو سماكم) * الله سماكم المسلمين قبل
القرآن، أو إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لقوله * (أمة مسلمة لك) * [البقرة: 128] * (شهيدا) * ليشهد الرسول عليكم أنه بلغكم وتشهدوا على بعدكم أنكم بلغتموهم ما بلغكم، أو يشهد الرسول عليكم بأعمالكم، وتشهدوا على الناس أن رسلهم بلغوهم * (فأقيموا الصلاة) * المكتوبة * (وآتوا الزكاة) * المفروضة * (واعتصموا بالله) * امتنعوا به، أو تمسكوا بدينه * (مولاكم) * مالككم، أو المتولي لأموركم * (فنعم المولى) * لما لم يمنعكم الرزق إذ عصيتموه * (ونعم النصير) * لما أعانكم حين أطعمتوه.
367

سورة المؤمنون
مكية اتفاقا
بسم الله الرحمن الرحيم
* (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) *
1 - * (أفلح المؤمنون) * سعدوا، أو بقيت لهم أعمالهم، أو بقوا في الجنة الفلاح: البقاء أو أدركوا ما طلبوا، و نجوا من شر ما منه هربوا ' ع '.
368

2 - * (خاشعون) * خائفون، أو خاضعون، أو ساكنون، أو غض البصر وخفض الجناح، أو النظر إلى موضع السجود، وأن لا يجاوز بصره مصلاه.
3 - * (اللغو) * الباطل ' ع ' أو الكذب، أو الحلف، أو الشتم شتمهم كفار مكة فنهوا عن إجابتهم، أو المعاصي كلها.
10 - * (الوارثون) * قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' ما منكم من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فإن دخل النار ورث أهل الجنة منزله، وإن دخل الجنة ورث أهل النار منزله فذلك قوله * (أولئك هم الوارثون) *
11 - * (الفردوس) * اسم للجنة ' ح ' أو أعلى الجنان، أو جبل الجنة
369

الذي تنفجر منه أنهارها، أو البستان رومي عرب، قاله الزجاج. أو عربي وهو الكرم. * (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا ءاخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون) * \ 12 - * (الإنسان) * آدم - عليه الصلاة والسلام - أستل من الطين، أو بنوه لرجوعهم إليه. * (سلالة) * سلالة كل شيء صفوته التي تستل منه، أو القليل مما يستل وتسمى النطفة والولد سلالة لأنهما صفوتان، أو ينسلان، أو السلالة الطين الذي إذا عصرته بين أصابعك خرج منه شيء، أوالتراب.
13 - * (قرار) * الرحم * (مكين) * متمكن هيء لاستقراره.
14 - * (علقة) * الدم الطري سمي به لأنه أول أحوال العلوق * (مضغة) * قدر ما يمضغ من اللحم، ذكر ذلك ليعلم الخلق أن الإعادة أهون من النشأة * (خلقا آخر) * بأن نفخ فيه الروح ' ع '، أو بنبات الشعر / [118 / ب]، أو بأنه ذكر، أو أنثى
370

' ح '، أو استوى شبابه ' * (فتبارك) * تعظيم * (أحسن الخالقين) * أصنع الصانعين '. * (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين) * \ 17 - * (طرائق) * سماوات لأن كل طبقة طريقة للملائكة أو طباقا بعضها فوق بعض ومنه طراق النعل إذا أطبق عليها ما يمسكها، أو كل طبقة منها على طريقة من الصنعة والهيئة. * (غافلين) * من نزول المطر عليهم من السماء أو من سقوطها عليهم، أو عاجزين عن رزقهم. * (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون) *
371

20 - * (وشجرة) * الزيتون خصت بالذكر لكثرة نفعها وقلة تعاهدها * (سيناء) * البركة كأنه قال: جبل البركة ' ع '، أو الحسن المنظر أو الكثير [الشجر]، أو الجبل الذي كلم عليه موسى - عليه الصلاة والسلام - أو المرتفع من السناء وهو الارتفاع فيكون عربيا وعلى ما سبق سريانيا ' ع ' أو نبطيا، أو حبشيا * (تنبت بالدهن) * بالمطر ليصح دخول الباء. أو الزيت أي تثمر الدهن فالباء صلة.
*...........................
*......... ونرجو بالفرج
*
أو معناه تنبت وفيها الدهن، وهذه عبرة تشرب الماء وتنبت الدهن * (وصبغ) * أدم يصطبغ به، وقيل الصبغ كل ما يؤتدم به سوى اللحم. * (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملؤا الذين كفروا من قومه ما هذ إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو
372

شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في ءابائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين 2 * *) *
24 - * (ما سمعنا) * بمثل دعوته، أو ببشر أتى برسالة ربه * (الأولين) * أول أب ولدك أو أقرب آبائك إليك.
25 - [* (حتى حين) *] الحين: موته، أو ظهور جنونه. * (قال رب انصرني بما كذبون فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور
فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين إن في ذلك لأيات وإن كنا لمبتلين) *
27 - * (التنور) * تنور الخبز، أو أحر مكان في دارك، أو طلوع الفجر أو عبر به عن شدة الأمر كقولهم: حمى الوطيس.
373

29 - * (أنزلني) * في السفينة * (منزلا مباركا) * بالنجاة، أو أنزلني منها منزلا مباركا بالماء والشجر. * (ثم أنشأنا من بعدهم قرنا ءاخرين فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الأخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون أيعدكم إنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين قال رب انصرني بما كذبون * 39 * قال عما قليل ليصبحن نادمين فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين) *
37 - * (نموت) * يموت قوم ويولد آخرون، أو يموت قوم ويحيا آخرون، أو فيه تقديم وتأخير، أو يموت الآباء ويحيا الأبناء.
41 - * (غثاء) * البالي من الشجر ' ع '، أو ورق الشجر إذا وقع في الماء ثم جف، أو ما حمله الماء من الزبد والقذى * (فبعدا) * لهم من الرحمة باللعنة، أو بعدا لهم في العذاب زيادة في هلاكهم. * (ثم أنشأنا من بعدهم قرونا ءاخرين ما تسبق من أمة أجلها وما يستئخرون ثم أرسلنا رسلنا تترا كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث
374

فبعدا لقوم لا يؤمنون) * 44 - * (تترا) * منون متواترين يتبع بعضهم بعضا ' ع '، أو متقطعين بين كل اثنين دهر طويل، تترا: اشتق من وتر القوس لاتصاله بمكانه منه أو من الوتر لأن كل واحد يبعث فردا بعد صاحبه، أو من التواتر. * (ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملإئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون فكذبوهما فكانوا من المهلكين ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون) *
46 - * (عالين) * متكبرين، أو مشركين، أو قاهرين، أوظالمين.
47 - * (عابدون) * مطيعون، أو خاضعون، أو مستعبدون، أو كان بنو إسرائيل يعبدون فرعون، وفرعون يعبد الأصنام. * (وجعلنا ابن مريم وأمه ءاية وءاويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) *
50 - * (آية) * بخلفه من غير والد وكلامه في المهد ببراءة أمه * (ربوة) * المكان المرتفع إذا اخضر بالنبات فإن لم يكن فيه نبات فهو نشز، أو ربوة وإن لم يكن به نبات، والمراد بها الرملة، أو دمشق، أو مصر، أو بيت القدس،
375

قال كعب: هي أقرب إلى السماء بثمانية عشر ميلا * (قرار) * استواء، أو ثمار، أو معيشة تقوتهم ' ح '، أو منازل يستقرون فيها * (ومعين) * الماء الجاري، أو الظاهر، اشتق من العيون لجريانه منها فهو مفعول من العيون، أو من المعونة، أو الماعون. * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إنى بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون * 56 *) *
52 - * (أمتكم) * دينكم، أو جماعتكم، أو خلقكم.
53 - * (فتقطعوا) * فتقرقوا أمر دينهم * (زبرا) * فرقا وجماعات، أو كتبا أخذ كل فريق كتابا / [119 / أ] آمن به وكفر بما سواه * (بما لديهم) * من دين وكتاب أو أموال وأولاد * (فرحون) * معجبون، أو مسرورون.
376

54 - * (غمرتهم) * ضلالتهم، أو جهلهم، أو غفلتهم، أو حيرتهم * (حتى حين) * الموت، أو يوم بدر، أو تهديد كقول القائل ' لك يوم ' قاله الكلبي.
55 - * (نمدهم) * نعطيهم ونزيدهم.
56 - * (نسارع) * بجعله خيرا لهم عاجلا، أو نريد لهم به خيرا * (لا يشعرون) * أنه استدراج، أو اختبار. * (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بئايات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) *
60 - * (يوتون) * الزكاة، أو أعمال البر كلها * (وجلة) * خائفة، قيل وجل العارف من طاعته أكثر من وجله من مخالفته، لأن التوبة تمحو المخالفة والطاعة تطلب بتصحيح الغرض * (أنهم إلى ربهم) * يخافون أن لا ينجوا من عذابه إذا قدموا عليه، أو أن لا يقبل عملهم إذا عرضوا عليه.
61 - * (وهم لها سابقون) * لمن تقدمهم من الأمم. * (ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون * 63 * حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب
377

إذا هم يجئرون لا تجئروا اليوم إنكم منا لا تنصرون قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون) *
63 - * (غمرة) * غطاء، أوغفلة من هذا القرآن، أو الحق * (أعمال) * خطايا من دون الحق، أو أعمال أخر سبق في اللوح المحفوظ أنهم يعملونها.
64 - * (مترفيهم) * الموسع عليهم بالخصب، أو الأموال والأولاد * (يجأرون) * يجزعون، أو يستغيثون ' ع '، أو يضجون، أو يصرخون إلى الله - تعالى - بالتوبة فلا تقبل منهم ' ح ' قيل نزلت في قتلى بدر * (إذا هم يجأرون) * الذين بمكة.
66 - * (تنكصون) * تستأخرون، أو تكذبون، أو رجوع القهقرى عبر به عن ترك القبول.
67 - * (مستكبرين به) * بحرم الله أن يظهر عليهم فيه أحد * (سامرا) * فاعل من السمر وهو الحديث ليلا، أو ظل القمر يقولون حلف بالسمر
378

والقمر، لأنهم يسمرون في ظلمة الليل وضوء القمر ويقولون: لا أكلمك السمر والقمر أي الليل والنهار، قال الزجاج: أخذت سمرة اللون من السمر. * (تهجرون) * تعرضون عن الحق أو ' تهجرون ' القول بالقبيح من الكلام وبالضم من هجر القول، أنكر تسامرهم بالإزراء على الحق مع ظهوره لهم، أو أنكر تسامرهم آمنين والخوف أحق بهم. * (أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ولو أتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون أم تسئلهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ولو رحمانهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون) * * (71 - * (اتبع الحق) * الله عند الأكثرين، أو التنزيل * (أهواءهم) * فيما
379

يشتهون، أو يعبدون. * (ومن فيهن) * الثقلان والملائكة، أو ما بينهما من خلق * (بذكرهم) * بيان الحق لهم، أو شرفهم، لأن الرسول [صلى الله عليه وسلم] منهم والقرآن بلسانهم، فهم عن شرفهم، أو عن القرآن * (معرضون) *.
72 - * (فخراج ربك) * فرزق ربك في الدنيا والآخرة، أو أجره في ألآخرة، الخرج: ما يؤخذ عن الرقاب، والخراج ما يؤخذ عن الأرض قاله أبو عمرو بن العلاء.
74 - * (لناكبون) * عادلون، أو حائدون، أو تاركون، أو معرضون. * (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون وهو الذي يحيى ويميت وله اختلاف اليل والنهار أفلا تعقلون بل قالوا مثل ما قال الأولون قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون لقد وعدنا نحن وءاباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين) *
380

77 - * (بابا ذا عذاب شديد) * السبع التي دعا بها الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقحطوا سبع سنين حتى أكلوا العلهز من الجوع وهو الوبر بالدم، أو قتلهم يوم بدر ' ع ' أو بابا من عذاب جهنم.
79 - * (ذرأكم) * خلقكم، أونشركم.
80 - * (اختلاف الليل والنهار) * بالزيادة والنقصان، أو تعاقبهما. * (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون 5 * * قل من بيده ملكوت كل شىء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون * 89 * بل أتيناهم بالحق
381

وإنهم لكاذبون) *
88 - * (ملكوت كل شيء) * خزائن كل شيء، أو ملك كل شيء وهو مبالغة كالجبروت والرهبوت، * (يجير) * يمنع ولا يمنع منه.
89 - * (تسحرون) * تصرفون عن التصديق بالبعث، أو تكذبون فيخيل إليكم أن الكذب حق. * (ما أتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) *
96 - * (بالتي هي أحسن) * ادفع بالإغضاء والصفح إساءة المسئ، أو الفحش بالسلام، أو المنكر بالموعظة، أو امح بالحسنة السيئة، أو قابل أعداءك بالنصح وأولياءك بالموعظة.
97 - * (همزات الشياطين) * نزغاتهم، أو إغوائهم، أو أذاهم، أو الجنون.
382

98 - * (يحضرون) * يشهدون، أو يقاربون. * (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) *
100 - * (ورائهم) * أمامهم * (بزرخ) * حاجز بين الموت والبعث، أو بين الدنيا والآخرة، أو بين الموت والرجوع إلى الدنيا، أو الإمهال إلى يوم القيامة، أو ما بين النفختين وهو أربعون سنة. * (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * 101 * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون) *
101 - * (فلا أنساب) * يتواصلون بها، أو لا يتعارفون للهول * (ولا يتساءلون) * أن يحمل بعضهم عن بعض ولا أن يعين بعضهم بعضا، أو لا يتساءلون لانشغال كل منهم بنفسه. * (ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) *
106 - * (شقوتنا) * الهوى، أو حسن الظن بالنفس، وسوء الظن
383

بالخلق. * (قال اخسئوا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا ءامنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الرحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكرى وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون) *
108 - * (اخسئوا) * اصغروا، الخاسئ: الصاغر ' ح '، أو الساكت الذي لا يتكلم، أو ابعدوا بعد الكلب * (ولا تكلمون) * في دفع العذاب، أو زجرهم عن الكلام غضبا عليهم ' ح '، فهو آخر كلام يكلمون به.
110 - * (سخريا) * هزوا بالضم والكسر، أو بالضم من السخرة والاستعباد وبالكسر الاستهزاء ' ح '.
384

* (قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم) *
112 - * (لبثتم) * في الدنيا، أو القبور، استقلوا ذلك لما صاروا إليه من العذاب الطويل.
133 - * (العادين) * الملائكة، أو الحساب. * (ومن يدع مع الله إلها ءاخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين) *
117 - * (لا برهان له) * أن مع الله إلاها آخر، أ و صفة الإله المعبود [من دون الله] أنه لا برهان له * (حسابه) * محاسبته عند الله يوم القيامة، أو مكافأته، والحساب المكافأة ' حسبي الله ' أي كافيني الله.
385

سورة النور
مدنية اتفاقا.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) *
1 - هذه * (سورة) * * (وفرضناها) * مخففا قدرنا فيها الحدود، أو فرضنا فيها إباحة الحلال وحظر الحرام، وبالتشديد بيناها ' ع ' أو كثرنا ما فرض من الحلال والحرام * (آيات بينات) * حججا دالة على التوحيد ووجوب الطاعة، أو الحدود والأحكام.
2 - * (الزانية) * بدأ بها لأن شهوتها أغلب وزناها أعر ولأجل الحبل أضر * (فاجلدوا) * أخذ الجلد من وصول الضرب إلى الجلد، وهو أكبر حدود الجلد، لأن الزنا أعظم من القذف، وزادت السنة التغريب وحد المحصن بالسنة
386

بيانا لقوله * (أو يجعل الله لهن سبيلا) * [النساء: 15] أو ابتداء فرض * (في دين الله) * في طاعته * (رأفة) * رحمة نهى عن آثارها من تخفيف الضرب إذ لا صنع للمخلوق في الرحمة. * (تؤمنون) * تطيعونه طاعة المؤمنين * (عذابهما) * حدهما * (طائفة) * أربعة فما زاد أو ثلاثة، أو اثنان، أو واحد، وذلك للزيادة في نكاله. * (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) * \ 3 - * (الزاني لا ينكح) * خاصة برجل استأذن الرسول [صلى الله عليه وسلم] في نكاح أم مهزول كانت بغيا في الجاهلية / [120 / أ] من ذوات الرايات وشرطت له أن تنفق عليه فنزلت فيهما، قال ابن عمرو ومجاهد - رحمهما الله تعالى -، أو في أهل الصفة من المهاجرين، كان في المدينة بغايا معلنات بالفجور فهموا بنكاحهن ليأووا إلى مساكنهن وينالوا من طعامهن وكسوتهن وكن مخاصيب
387

الرحال بالكسوة والطعام، أو الزانية لا يزني بها إلا زان والزاني لا يزني إلا بزانية ' ع '، أوالزانية محرمة على العفيف والعفيف محرم على الزانية ثم نسخ بقوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * [النساء: 3]، أو خاص بالزاني المحدود لا ينكح إلا زانية محدودة ولا ينكح غير محدودة ولا عفيفة، والزانية المحدودة لا ينكحها غير محدود ولا عفيف ' ح ' * (حرم) * الزنا، أو نكاح الزواني * (على المؤمنين) *. * (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) *
4 - * (ثمانين جلدة) * حد القذف حق الآدمي لوجوبه بطلبه وسقوطه بعفوه، أو حق الله، أو مشترك بينهما. ويتعلق به الحد والفسق ورد الشهادة.
5 - * (إلا الذين تابوا) * فيزول فسقهم ولا يسقط الحد عنهم وتقبل شهادتهم قبل الحد وبعده لارتفاع فسقه قاله الجمهور، أو لا تقبل بحال، أو تقبل قبل الحد ولا تقبل بعده، أو عكسه وتوبته بإكذابه نفسه، أو بالندم و الاستغفار وترك العود إلى مثله.
388

* (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم) *
6 - * (والذين يرمون أزواجهم) * أي هلال بن أمية جاء الرسول [صلى الله عليه وسلم] وهو جالس مع أصحابه فقال: يا رسول الله جئت عشيا فوجدت رجلا مع أهلي رأيت بعيني وسمعت بأذني فكره الرسول [صلى الله عليه وسلم] ذلك وثقل عليه فنزلت، أو أتاه عويمر فقال: يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه به أم كيف يصنع فنزلت فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: قد نزل فيك وفي صاحبتك ولاعن بينهما، * (فشهادة أحدهم) * عبر عن اليمين بالشهادة.
389

قال قيس:
* وأشهد عند الله أني أحبها
* فهذا لها عندي فما عندها ليا
*
أو هو شهادة فلا يلاعن الكافر والرقيق.
8 - * (ويدرأ) * يدفع * (العذاب) * الحد، أو الحبس، وإذا تم اللعان وقعت الفرقة بلعان الزوج، أو بلعانهما، أو بلعانهما وتفريق الحاكم، أو بطلاق يوقعه الزوج. ثم تحرم أبدا، فإن أكذب نفسه ففي حلها مذهبان
10 - * (فضل الله) * الإسلام * (ورحمته) * القرآن، أو فضله: منته، ورحمته: نعمته تقديره ورحمته بإمهالكم حتى تتوبوا لهلكتم، أو لولا فضله ورحمته لنال الكاذب منكم عذاب عظيم. * (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) *
11 - * (الذين جاءوا بالإفك) *: عبد الله بن أبي، ومسطح بن أثاثة،
390

وحسان بن ثابت وزيد بن رفاعة وحمنة بنت جحش، والإفك: الكذب أو الإثم * (خير لكم) * لأن الله تعالى برأ منه وأثاب عليه، يريد عائشة وصفوان، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر، وعائشة - رضي الله تعالى عنهما - * (ما اكتسب) * / [120 / ب] عقاب ما اكتسب * (والذي تولى كبره) * عبد الله بن أبي، أو حسان ومسطح، والعذاب العظيم: العمى. * (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون) *
12 - * (لولا) * هلا * (إذ سمعتموه) * أي الإفك * (بأنفسهم) * ظن بعضهم ببعض، أو ظنوا بعائشة - رضي الله تعالى عنها - كظنهم بأنفسهم * (إفك مبين) * كذب بين، ولم يحد الرسول [صلى الله عليه وسلم] أحدا من أهل الإفك؛ لأن الحد لا يقام إلا
391

ببينة أو إقرار ولم ينفذ بإقامته بإخبار الله تعالى كما لا يقتل المنافق بإخباره بنفاقه، أو حد حسان وابن أبي ومسطحا وحمنة فيكون العذاب العظيم الحد.
وقال فيهم بعض المسلمين:
* لقد ذاق حسان الذي كان أهله
* وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح
*
* تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم
* وسخطة ذي العرش العظيم فأبرحوا
*
* وآذوا رسول الله فيها فجللوا
* مخازي تبقى عمموها وفضحوا
*
* كما ابن سلول ذاق في الحد خزية
* كما خاض في قول من الإفك يفصح
*
* فصبت عليهم محصدات كأنها
* شآبيب مزن من ذرى المزن تسفح
*
وقال حسان يعتذر من إفكه:
392

* حصان رزان ما تزن بريبة
* وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
*
* مطهرة قد طيب الله خلقها
* وطهرها من كل سوء وباطل
*
* عقيلة حي من لؤي بن غالب
* كرام المساعي مجدهم غير زائل
*
* فإن كنت قد قلت الذي قد أتاكم
* فلا رفعت سوطي إلي أناملي
*
* وكيف وودي ما حييت ونصرتي
* لآل رسول الله زين المحافل
*
* وإن الذي قد قيل ليس بلائط
* ولكنه قول امرئ غير ماحل
* * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم
393

الآيات والله عليم حكيم إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون لولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم) *
15 - * (تلقونه) * بالقبول من غير إنكار، أو تتحدثون به وتلقونه حتى ينتشر. * (يا أيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكى من يشاء والله سميع عليم) *
21 - * (خطوات الشيطان) * خطاياه، أو أثره، أوتخطبه من الطاعة والحلال إلى المعصية والحرام، أو النذر في المعاصي. * (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) *
22 - * (يأتل) * ويتأل واحد أي لا يقسم، أو لا يقصر، ما ألوت جهدا
394

أي ما قصرت، أو يأتل: يقصر، ويتأل: يقسم، كان أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - ينفق على مسطح - وكان ابن خالته - فلما تكلم في الإفك أقسم أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - أن لا ينفق عليه، فنزلت. * (وليعفوا) * عن الأفعال * (وليصفحوا) * عن الأقوال، أو العفو: ستر الذنوب من غير مؤاخذة والصفح: الإغضاء عن المكروه * (ألا تحبون) * كما تحبون أن تغفر ذنوبكم فاغفروا لمن أساء إليكم فلما سمعها أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - رد إليه النفقة. * (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم) *
26 - * (الخبيثات) * خبيثات النساء لخبيثي الرجال، وخبيثوا الرجال لخبيثات النساء، وطيبات النساء لطيبي الرجال، وطيبو الرجال لطيبات النساء، أو أراد بالخبيثات والطيبات: الأعمال الخبيثة والطيبة لخبيثي الناس وطيبيهم. أو أراد الكلمات الخبيثات والطيبات لخبيثي الناس وطيبيهم * (أولئك مبرءون) * أزواج الرسول [صلى الله عليه وسلم] مبرآت / من الفواحش، أو عائشة، وصفوات مبرآن من الإفك، أو الطيبون والطيبات مبرءون من الخبيثين والخبيثات. * (يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها
395

ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون) * \ 27 - * (تستأنسوا) * تستأذنوا قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أخطأ الكاتب فكتب ' تستأنسوا '، أو عبر عن الاستئذان بالاستئناس لأنه مؤنس، أو تؤنسوا أهل البيت بالتنحنح ليعلموا بالدخول عليهم، أوتعلموا فيها من يأذن لكم؛ لقوله * (فإن آنستم) * [النساء: 6] أو الاستئناس: الاستخبار
396

والإيناس: اليقين * (وتسلموا) * السلام مسنون بعد الاستئذان على ظاهر الآية، ولأنه تحية للقاء واللقاء بعد الإذن، أو السلام قبل الاستئذان على ما تضمنته السنة، وإن كان قريبا فإن لم يكن محرما لزم الاستئذان عليه كالأجانب، وإن كانوا محارم فإن كان ساكنا معهم في المنزل لزمه إنذارهم بدخوله بوطئ أو نحنحة مفهمة إلا الزوجة فلا يلزم ذلك في حقها بحال لارتفاع العورة بينهما وإن لم يكن ساكنا معهم في المنزل لزم الاستئذان بوطئ أو نحنة، أوهم كالأجانب.
29 - * (بيوتا غير مسكونة) * الخانات المشتركة ذوات البيوت المسكونة، أو حوانيت التجار، أومنازل الأسفار ومناخات الرحال التي يرتفق بها المسافرون، أو الخرابات العاطلة، أو بيوت مكة * (متاع لكم) * عروض الأموال ومتاع التجارة، أو الخلاء والبول؛ لأنه متاع لهم، أوالمنافع كلها. فلا يلزم الاستئذان فيها. * (
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) *
30 - * (من أبصارهم) * من صلة، أويغضوها عما لا يحل، أوهي للتبعيض؛ لأن البصر إنما يجب غضه عن الحرام * (ويحفظوا فروجهم) * بالعفاف عن الزنا، أو بسترها عن الأبصار، وكل موضع فيه حفظ فالمراد به عن الزنا، إلا في هذا الموضع قال أبو العالية، وسميت فروجا؛ لأنها منافذ للبدن.
397

* (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءابائهن أو ءاباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون) *
31 - * (زينتهن) * الزينة ما أدخلته على بدنها حتى زانها وحسنها في العيون كالحلي والثياب، والكحل والخضاب، وهي ظاهرة وباطنة فالظاهرة لا يجب سترها ولا يحرم النظر إليها * (إلا ما ظهر منها) * الثياب، أو الكحل و الخاتم ' ع '، أو الوجه والكفان، والباطنة: القرط والقلادة، والدملج والخلخال وفي السوار مذهبان وخضاب القدمين باطن، وخضاب الكفين ظاهر، والباطنة يجب سترها عن الأجانب ولا يجوز لهم النظر إليها. * (وليضربن بخمرهن) * بمقانعهن على صدورهن تغطية لنحورهن وكن يلقينها على ظهورهن بادية نحورهن، أو كانت قمصهن مفرجة الجيوب كالدراعة يبدو منها صدورهن فأمرن بإلقاء الخمر عليها لسترها وكنى عن الصدور بالجيوب لأنها ملبوسة عليها / [121 / ب] * (ولا يبدين زينتهن) * الباطنة * (إلا لبعولتهن) *، * (أو نسائهن) * المسلمات، أو عام فيهن وفي الكافرات * (ما ملكت أيمانهن) * من العبيد والأماء، أو خاص بالإماء قاله ابن
398

المسيب ومجاهد وعطاء * (غير أولي الإربة) * الصغير لا إرب له فيهن لصغره، أو العنين لا إرب له لعجزه، أو المعتوه الأبله لا إرب له لجهله، أو المجبوب لفقد إربه مأثور، أو الشيخ الهرم لذهاب إربه، أو الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرجل، أو المستطعم الذي لا يهمه إلا بطنه، أو تابع القوم يخدمهم لطعام بطنه فهو مصروف الشهوة لذله ' ح '، وأخذت الإربة من الحاجة، أو من العقل من قولهم رجل أريب * (لم يظهروا على عورات النساء) * لم يكشفوها لعدم شهوتهم، أو لم يعرفوها لعدم تمييزهم، أو لم يطيقوا الجماع، وسميت العورة عورة لقبح ظهورها وغض البصر عنها أخذا من عور العين * (ولا يضربن بأرجلهن) * كن إذا مشين ضربن بأرجلهن لتسمع قعقعة خلاخلهن فنهين عن ذلك. * (وأنكحوا الإيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وءاتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين) *
32 - * (وأنكحوا) * خطاب للأولياء، أو للأزواج أن يتزوجوا ندبا عند الجمهور أو إيجابا * (الأيامى) * المتوفى عنها زوجها، أو من لا زوج لها من
399

الثيب والأبكار، رجل أيم وامرأة أيم * (والصالحين) * أنكحوا الأيامى بالصالحين من رجالكم، أو أمر بإنكاح العبيد والإماء كما أمر بإنكاح الأيامى * (فقراء) * إلى النكاح يغنهم الله به عن السفاح، أو فقراء من المال يغنهم الله - تعالى - بقناعة الصالحين، أو باجتماع الرزقين * (واسع) * الغنى * (عليم) * بالمصالح، أو واسع الرزق عليم بالخلق.
33 - * (فكاتبوهم) * ندبا، أو وجوبا إذا طلب العبد * (خيرا) * قدرة على الاحتراف والكسب ' ع ' أو مالا، أو دينا وأمانة، أو وفاء وصدقا أو الكسب والأمانة. * (وآتوهم) * من الزكاة من سهم الرقاب أو بحط بعض نجومه ندبا، أو إيجابا فيحط ربعها، أو سهما غير مقدر ' ع '، كان لحويطب بن عبد العزى عبد سأله الكتابة فامتنع فنزلت، * (فتيانكم) * الإماء * (البغاء) * الزنا * (تحصنا) * عفة * (إن أردن تحصنا) * لا يتحقق الإكراه إلا عند إرادة التحصن لأن من لا تبغي التحصن تسارع إلى الزنا بغير إكراه، أو ورد على سبب فخرج على صفة السبب وليس بشرط فيه كان ابن أبي يكره أمته على الزنا فزنت ببرد فأخذه وقال: ارجعي فازني على آخر فقالت: لا والله وأخبرت الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. وكان
400

ذلك مستفيضا من عادتهم طلبا للولد والكسب * (لتبتغوا) * لتأخذوا أجورهن على الزنا * (غفور رحيم) * للمكرهات دون المكرهين. * (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شىء عليم) *
35 - * (نور السماوات والأرض) *: هاديهما أو مدبرهما، أو ضياؤهما / [122 / أ] أو منورهما؛ نور السماء بالملائكة والأرض بالأنبياء، أو السماء بالهيبة والأرض بالقدرة، أو نورهما بالشمس والقمر والنجوم * (مثل نوره) * نور المؤمن في قلبه، أو نور محمد [صلى الله عليه وسلم] في قلب المؤمن، أو نور القرآن في قلب محمد [صلى الله عليه وسلم] أو نور الله - تعالى - في قلب محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو قلب المؤمن * (كمشكاة) * كوة لا تنفذ * (والمصباح) * السراج، أو قنديل [و] المصباح: الفتيلة، أو موضع الفتيلة من القنديل وهو الأنبوب والمصباح: الضوء ' ع '، أو السلسلة والمصباح: القنديل، أو صدر المؤمن والمصباح: القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه والمشكاة، حبشي معرب، * (المصباح في زجاجة) * القنديل؛ لأنه فيها أضوأ قاله الأكثرون، أو الصباح القرآن والإيمان والزجاجة قلب المؤمن * (كوكب) * الزهرة، أو كوكب غير معين عند الأكثر
401

* (درئ) * يشبه الدر في صفائه، درئ: مضئ، درئ: متدافع قوي الضوء من درأ دفع درى: جار درأ الوادي إذا جرى، والنجوم الدراري الجواري * (شجرة
مباركة) * إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، والزجاجة: محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو صفة لضياء دهن المصباح * (مباركة) *؛ لأنها من زيتون الشام وهو أبرك من غيره، أو لأن الزيتون يورق غصنه من أوله إلى آخره * (لا شرقية) * ليست من شجر الشرق ولا من شجر الغرب لقلة زيت الجهتين وضعف نوره ولكنها من شجر ما بينهما كالشام لاجتماع القوتين فيه، أو لا شرقية تستتر عن الشمس عند الغروب ولا غربية تستتر عنها وقت الطلوع بل هي بارزة من الطلوع إلى الغروب فإنه أقوى لزيتها وأضوأ، أوهي وسط الشجر لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك أجود لزيتها، أوليس في شجر الشرق ولا في شجر الغرب مثلها، أوليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية، أو غربية وإنما هي من شجر الجنة ' ح ' أو مؤمنة ليست بنصرانية تصلي إلى الشرق ولا يهودية تصلي إلى الغرب، أو الإيمان ليست بشديد ولا لين؛ لأن في أهل الشرق شدة وفي أهل الغرب لين * (يكاد زيتها يضيء) * صفاؤه كضوء النهار * (ولو لم تمسسه نار) * أو يكاد قلب المؤمن من يعرف الحق قبل أن يبين له، أو يكاد العلم يفيض من فم المؤمن العالم قبل أن يتكلم به ' ح ' أو تكاد أعلام النبوة تشهد للرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل أن يدعو إليها * (نور على نور) * ضوء النار على ضوء الزيت
402

على ضوء الزجاجة، أو نور النبوة على نور الحكمة، أو نور الرجاء على نور الخوف، أو نور الإيمان على نور العمل، أو نور مؤمن هو حجة لله يتلوه مؤمن هو حجة لله حتى لا تخلو الأرض منهم، أونور نبي من نسل نبي * (لنوره) * نبوته، أو دينه، أو دلائل هدايته * (ويضرب / [122 / ب] الله الأمثال) * هذا مثل ضربه للمؤمن في وضوح الحق له وفيه، أو ضربه لطاعته وسماهما نورا لتجاوزهما عن محلهما، أو قالت اليهود يا محمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله - تعالى - ذلك مثلا لنوره ' ع '. * (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغيرحساب) *
36 - * (بيوت) * المساجد ' ع '، أو سائر البيوت * (ترفع) * تبنى، أو تطهر من الأنجاس والمعاصي، أو تعظم، أو ترفع فيها الحوائج إلى الله - تعالى - * (ويذكر فيها اسمه) * يتلى كتابه ' ع '، أو تذكر أسماؤه الحسنى، أو توحيده بأن لا إله غيره، * (في بيوت) * متعلق بقوله كمشكاة، أو بقوله - تعالى - ' يسبح ' * (يسبح) * يصلي له ' ع ' أو ينزهه * (والآصال) * العشايا.
403

37 - * (تجارة) * التجار: الجلاب المسافرون، والباعة: المقيمون. * (عن ذكر الله) * بأسمائه الحسنى، أو عن الاذان * (تتقلب فيه القلوب والأبصار) * على جمر جهنم، أوتتقلب أحوالها بأن تلحقها النار ثم تنضجها ثم تحرقها، أو تقلب القلوب: وجيبها وتقلب الأبصار نظرها إلى نواحي الأهوال، أو تقلب القلوب: بلوغها الحناجر وتقلب الأبصار الزرق بعد الكحل والعمى بعد الإبصار، أو يتقلب قلب الكافر عن الكفر إلى الإيمان ويتقلب بصره عما كان يراه غيا فيراه رشدا
38 - * (بغير حساب) * بغير جزاء بل يبتديه تفضلا، أو غير مقدر بالكفاية حتى لا يزيد عليها، أو غير قليل ولا مضيق، أو غير ممنون به. * (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) *
39 - * (كسراب) *: هو الذي يتخيل لرائيه أنه ماء جار والآل مثله إلا أنه يرتفع عن الأرض ضحى حتى يصير كأنه بين السماء والأرض، وقيل السراب بعد الزوال والآل قبل الزوال، والرقراق بعد العصر (بقيعة) * جمع قاع كجيرة
404

وجار وهو ما انبسط من الأرض واستوى. مثل مضروب لاعتماد الكافر على ثواب عمله فإذا قدم على الله - تعالى - وجد ثوابه حابطا بكفره ووجد أمر الله عند حشره، أو وجد الله - تعالى - عند عرضه، نزلت في شيبة بن ربيعة ترهب في الجاهلية ولبس الصوف وطلب الدين وكفر في الإسلام.
40 - * (كظلمات) * ظلمة البحر وظلمة السحاب وظلمة الليل * (لجي) * واسع لا يرى ساحله، أو كثير الموج، أو عميق، ولجة البحر: وسطه * (لم يكد) * لم يرها ولم يكد قاله الزجاج، أو رآها بعد أن كاد لا يراها، أو لم يطمع أن يراها، أو يكد صلة * (ومن لم يجعل الله له نورا) * سبيلا إلى النجاة فلا سبيل له إليها، أو من لم يهده الله إلى الإسلام لم يهتد إليه. مثل للكافر والظلمات ظلمة الشرك وظلمة الشك وظلمة المعاصي، والبحر اللجي قلبه يغشاه موج عذاب الدنيا من فوقه موج عذاب الآخرة. * (ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون) *
41 - * (صافات) * مصطفه الأجنحة في الهواء * (صلاته) * الصلاة: للإنسان والتسبيح: لسائر الخلق، أو هذا في الطير؛ ضرب أجنحتها صلاة وأصواتها تسبيح، أو للطير صلاة لا ركوع فيها ولا سجود، قاله سفيان، علم الله
405

صلاته وتسبيحه، أو علمها هو. * (ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار) *
43 - * (يزجي) * يسوق * (ركاما) * يركب بعضه بعضا * (الودق) * البرق يخرج من / [123 / أ] خلال السحاب، أو المطر عند الجمهور * (من الجبال) * أي في السماء جبال برد فينزل من السماء من تلك الجبال ما يشاء من البرد، أو ينزل من السماء بردا يكون كالجبال، أو السماء: السحاب والسماء صفة للسحاب سمي جبالا لعظمتة فينزل منه بردا * (سنا برقه) * صوت برقه، أو ضوؤه، أو لمعانه. * (يقلب الله اليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شئ قدير لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم) *
44 - * (يقلب الله الليل والنهار) * بتعاقبهما، أو بنقص كل واحد منهما وزيادة الآخر، أو يغير النهار بظلمة السحاب تارة وبضوء الشمس أخرى ويغير الليل بظلمة السحاب تارة وبضوء القمر أخرى.
45 - * (من ماء) * النطفة، أو أصل الخلق كله الماء ثم قلب إلى النار فخلق
406

منها الجن وإلى الريح فخلق منها الملائكة وإلى الطين فخلق منه ما خلق * (على بطنه) * كالحوت والحية * (على رجلين) * كالإنسان والطير * (على أربع) * كالأنعام ولم يذكر ما زاد لأنه كالماشي على أربع لأنه يعتمد في مشيته على أربع.
* (ويقولون ءامنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك ومآ أولئك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظلمون إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولائك هم الفائزون
48 - * (معرضون) * كان بين بشر المنافق وبين يهودي خصومة فدعاه اليهودي إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] ودعا بشر إلى كعب بن الأشراف؛ لأن الحق إذا توجه على المنافق دعا إلى غير الرسول [صلى الله عليه وسلم] - [ليسقط عنه] وإن كان الحق له حاكم
407

إليه ليستوفيه له فنزلت * (وإذا دعوا) *
49 - * (مذعنين) * طائعين، أو خاضعين، أو مسرعين، أو مقرين.
50 - * (مرض) * شرك، أو نفاق.
* (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) *
54 - * (ما حمل) * من إبلاغكم * (ما حملتم) * من طاعته * (تهتدوا) * إلى الحق * (البلاغ) * بالقول للطائع وبالسيف للعاصي.
* (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولائك هم الفاسقون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة أطيعوا الرسول لعلكم ترحمون لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير * 57
55 - * (الأرض) * بلاد العرب والعجم، أو أرض مكة؛ لأن المهاجرين سألوا الله - تعالى - ذلك * (الذين من قبلهم) * بنو إسرائيل في أرض الشام، أو
408

داود وسليمان - عليهما الصلاة والسلام - * (وليمكنن لهم دينهم) * بإظهاره على كل دين * (لا يشركون) * لا يعبدون إلها غيري، أو لا يراؤون بعبادتي، أو لا يخافون غيري ' ع '، أو لا يحبون غيري. قيل هي في الخلفاء الأربعة. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' الخلافة بعدي ثلاثون '. * (يا أيها الذين ءامنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الأيات والله عليم حكيم وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم والقواعد من النساء التي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة أن يستعففن خير لهن والله سميع عليم) *
58 - * (الذين ملكت أيمانكم) * النساء يستأذن في الأوقات الثلاث خاصة ويستأذن الرجال في جميع الأوقات، أو العبيد والإماء فيستأذن العبد دون الأمة
409

على سيده في هذه الأوقات، أو الأمة وحدها؛ لأن العبد يلزمه الاستئذان في كل وقت ' ع '، أو العبد والأمة جميعا * (والذين لم يبلغوا الحلم) * الصغار الأحرار فإن كان لا يصف ما رأى فليس من أهل الاستئذان وإن كان يصفه فيستأذن في الأوقات الثلاث ولا يلزمهم الاستئذان فيما وراء الثلاث. وخصت هذه الأوقات لخلوة الرجل فيها بأهله وربما ظهر منه فيها / [123 / ب] ما يكره أن يرى من جسده. وبعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى عمر - رضى الله تعالى عنه - وقت القائلة غلاما من الأنصار فدخل بغير إذن فاستيقظ عمر - رضي الله تعالى عنه - بسرعة فانكشف منه شيء فرآه الغلام فحزن عمر - رضي الله تعالى عنه - لذلك وقال: وددت أن الله - تعالى - بفضله نهى أن يدخل علينا في هذه الساعات إلا بإذننا فانطلق إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] فوجد هذه الآيات قد نزلت فخر ساجدا. * (ثلاث عورات) * لما اشتملت الساعات الثلاث على العورات سماهن عورات إجراء لعورات الزمان مجرى عورات الأبدان فلذلك خصها بالإذن * (ليس عليكم) * جناح في تبذلكم في هذه الأوقات، أو من منعهم فيها * (ولا عليهم جناح) * في ترك الاستئذان فيما سواهن. * (طوافون عليكم) * بالخدمة فلم يحرج عليهم في دخول منازلكم، والطواف: الذي يكثر الدخول والخروج.
59 - * (الذين من قبلهم) * الرجال أوجب الاستئذان على من بلغ؛ لأنه صار رجلا.
60 - * (والقواعد) * جمع قاعد قعدت بالكبر عن الحيض والحمل، أو
410

لأنها تكثر القعود بعد الكبر، أو لأنها لا فتقعد تراد عن الاستماع * (لا يرجون) * لا يردن لأجل كبرهن الرجال ولا يريدهن الرجال * (ثيابهن) * رداؤها الذي فوق خمارها تضعه إذا سترها باقي ثيابها، أو خمارها ورداءها * (متبرجات) * مظهرات من زينتهن ما يستدعي النظر إليهن فإنه حرام على القواعد وغيرهن، وجاز لهن
وضع الجلباب لانصراف النفوس عنهن، وتمنع الشواب من وضع الجلباب ويؤمرن بلباس أكثف الجلابيب لئلا تصفهن ثيابهن * (وأن يستعففن) * تعفف القاعدة من وضع الجلابيب أفضل لها وأولى بها من وضعه وأن كان جائزا.
* (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت ءابآئكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الأيات لعلكم تعقلون) *
61 - * (ليس على الأعمى) *.... إلى * (المريض) * كان الأنصار يتحرجون من الأكل مع هؤلاء إذا دعوا إلى طعام ويقولون الأعمى لا يبصر أطيب الطعام، والأعرج لا يقدر على الزحام عند الطعام، والمريض عن المشاركة الصحيح في الطعام، فكانوا يعزلون طعامهم، ويرون أنه أفضل من مشاركتهم
411

فنزلت الآية رافعة للحرج في مؤاكلتهم ' ع '، أو كان الأنصار يستخلفون أهل الزمانة المذكورين في منازلهم إذا خرجوا للجهاد فكانوا يتحرجون أن يأكلوا منها فرخص لهم أن يأكلوا من بيوت من استخلفهم، أو نزلت في سقوط الجهاد عنهم ' ح '، أو لا جناح على من دعي منهم إلى وليمة أن يأخذ معه قائده * (بيوتكم) * أموال عيالكم وزوجاتكم لأنهم في بيته، أو أولادكم فنسبت بيوت الأولاد إليهم كقوله: ' أنت ومالك لأبيك ' ولذلك لم تذكر بيوت / [124 / أ] الأبناء، أو البيوت التي أنتم ساكنوها خدمة لأهلها واتصالا بأربابها كالأهل والخدم * (أو بيوت آبائكم) *... إلى * (خالاتكم) * أباح الأكل من بيوت هؤلاء إذا كان الطعام مبذولا غير محرز، فإن كان محرزا فلا يجوز هتك الحرز، ولا يتعدى إلى غير المأكول ولا يتجاوز الأكل إلى الادخار * (ملكتهم مفاتحه) * وكيل الرجل وقيمه في ضيعته يجوز أن يأكل مما يقوم [عليه] من ثمار الضيعة ' ع '، أو
412

يأكل من منزل نفسه ما ادخره، أو أكله من ماله عبده * (صديقكم) * في الوليمة خاصة، أو في الوليمة وغيرها إذا كان الطعام غير محرز، والصديق واحد يعبر به عن الجمع، قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' قد جعل الله في الصديق البار عوضا من الرحم المذمومة '، والصديق: من صدقك عن مودته، أو من وافق باطنه باطنك كما يوافق ظاهره ظاهرك، وما تقدم ذكره محكم لم ينسخ منه شيء، قاله قتادة: أو نسخ بقوله - تعالى -: * (لا تدخلوا بيوت النبي) * [الأحزاب: 53] وبقوله: ' لا يحل مال امرئ مسلم ' الحديث * (أن تأكلوا جميعا) * كان بنو كنانة في الجاهلية يرى أحدهم أنه يحرم عليه الأكل وحده حتى أن أحدهم ليسوق الذود الحفل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه فنزلت فيهم، أو في قوم من العرب كانوا يتحرجون إذا نزل بهم ضيف أن يتركوه يأكل وحده حتى يأكلوا معه، أو في قوم تحرجوا من الاجتماع على الأكل ورأوا ذلك دينا، أو في قوم مسافرين اشتركوا في أزوادهم فكان إذا تأخر أحدهم أمسك
413

الباقون حتى يحضر فرخص لهم في الأكل جماعة وفرادى * (بيوتا) * المساجد، أو جميع البيوت * (على أنفسكم) * إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلكم وعيالكم، أو المساجد، فسلموا على من فيها ' ع '، أو بيوت غيركم فسلموا عليهم ' ح '، أوبيوتا فسلموا على أهل دينكم، أو بيوتا فارغة فسلموا على أنفسكم: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أو سلام علينا من ربنا تحية من الله * (تحية من عند الله) * السلام اسم من أسماء الله - تعالى -، أو الملائكة ترد عليه إذا سلم فيكون ثوابا من عند الله * (مباركة) * بما فيها من الثواب الجزيل، أو لما يرجى من قبول دعاء المجيب. * (إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستئذنوه إن الذين يستئذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فإذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم 8 * *) *
62 - * (أمر جامع) * الجهاد، أو طاعة الله، أو الجمعة، أو الاستسقاء والعيدان وكل شيء تكون فيه الخطبة * (لمن شئت) * على حسب ما ترى من أعذارهم ونياتهم. قيل نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه - استأذن الرسول [صلى الله عليه وسلم] في غزوة تبوك / [124 / ب] أن يرجع إلى أهله، فأذن له وكان المنافقون إذا استأذنوه نظر إليهم ولم يأذن، فيقول بعضهم لبعض إن محمدا يزعم أنه بعث بالعدل وهكذا يصنع بنا * (واستغفر) * لمن أذنت له لتزول عنه مذمة الانصراف. * (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين
414

يتسللون منكم لو أذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما علموا والله بكل شئ عليم) *
63 - * (لا تجعلوا دعاء الرسول) * نهى عن التعرض لدعائه بإسخاطه فإن دعاءه يوجب العقوبة وليس كدعاء غيره ' ع '، أو لا تدعونه بالغلطة والجفاء ولكن بالخضوع والتذلل؛ يا رسول الله، يا نبي الله، أو لا تتأخروا عن أمره ولا تقعدوا عن استدعائه إلى الجهاد كما يتأخر بعضهم عن إجابه بعض * (الذين يتسللون) * المنافقون يتسللون عن صلاة الجمعة يلوذ بعضهم ببعض استتارا من الرسول [صلى الله عليه وسلم] ولم يكن أثقل عليهم من الجمعة وحضور الخطبة، أو كانوا يتسللون في الجهاد برجوعهم عنه يلوذ بعضهم ببعض * (لواذا) * فرارا من الجهاد ' ح ' * (يخالفون) * يعرضون، أو ' عن ' صلة * (عن أمره) * أمر الله - تعالى -، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] * (فتنة) * كفر، أوعقوبة، أو بلية تظهر نفاقهم * (عذاب أليم) * جهنم، أو القتل في الدنيا.
415

سورة الفرقان
مكية أو إلا ثلاث آيات * (والذين لا يدعون) * [68] إلى * (غفورا رحيما) * [70]
بسم الله الرحمن الرحيم
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا واتخذوا من دونه ءالهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا) *
1 - * (تبارك) * تفاعل من البركة ' ع '، أو خالق البركة، أو الذي تجيء منه البركة وهي العلو، أو الزيادة، أو العظمة * (الفرقان) * القرآن؛ لأنه فيه بيان الحلال والحرام، أوالفرقة بين الحق والباطل، وقيل الفرقان اسم لكل منزل * (ليكون) * محمدا [صلى الله عليه وسلم] أو الفرقان * (للعالمين) * الجن والإنس؛ لأنه أرسل
416

إليهم * (نذيرا) * محذرا من الهلاك، ولم تعم رسالة نبي قبله إلا نوح - عليه الصلاة والسلام - فإنه عم الإنس برسالته بعد الطوفان وقبل الطوفان مذهبان. * (وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم ءاخرون فقد جاءو ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما) *
4 - * (وقال الذين كفروا) * مشركو مكة، أوالنضر بن الحارث ' ع ' * (أفك) * كذب اختلقه وأعانه * (قوم) * من اليهود، أو عبد الله بن الحضرمي، أو عداس مولى عتبة ' وجبر مولى عامر بن الحضرمي '، أو أبو فكيهة الرومي. * (وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك
417

الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهارويجعل لك قصورا بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا) *
7 - * (يأكل الطعام) * أنكروا أن يكون الرسول مثلهم محتاجا إلى الطعام متبذلا في الأسواق، أو ينبغي كما اختص بالرسالة فكذلك يجب أن لا يحتاج إلى الطعام كالملائكة ولا يتبذل في الأسواق كالملوك * (أنزل عليه ملك) * دليلا على صدقه، أو وزيرا يرجع إلى رأيه.
8 - * (كنز) * ينفق منه على نفسه وأتباعه كأنهم استقلوه لفقره * (وقال الظالمون) * مشركو مكة، أو عبد الله بن الزبعرى * (مسحورا) * سحر فزال عقله، أو سحركم فيما يقوله.
9 - * (ضربوا لك الأمثال) * بما تقدم من قولهم * (فضلوا) * عن الحق في ضربها، أو فناقضوا / [125 / أ] في ذلك لأنهم قالوا: افتراه ثم قالوا يملى عليه * (سبيلا) * مخرجا من الأمثال التي ضربوها، أو سبيلا لطاعة الله - تعالى - أو سبيلا إلى الخير.
13 - * (ضيقا) * تضيق جهنم على الكافر كمضيق الزج على الرمح * (مقرنين) * مكتفين، أو قرن كل واحد منهم إلى شيطانه. * (ثبورا) * ويلا أو هلاكا، أو وانصرافاه عن طاعة الله كقول الرجل واحسرتاه وانداماه.
418

قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا
16 - * (ما يشاءون) * من النعيم وتصرف المعاصي عن شهواتهم * (وعدا مسئولا) * وعدهم الله الجزاء فسألوه الوفاء فوفى ' ع '، أو يسأله لهم الملائكة فيجابون إلى مسألتهم، أو سألوه في الدنيا أن يرزقهم الجنة فأجابهم. * (ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل 5 * * قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وءاباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا
17 - * (يحشرهم) * حشر الموت، أو البعث ' ع ' * (وما يعبدون) * عيسى وعزير والملائكة * (فيقول) * للملائكة، أو لعيسى وعزير والملائكة * (أأنتم) * تقرير لإكذاب المدعين عليهم ذلك.
18 - * (من أولياء) * نواليهم على عبادتنا، أو نتخذهم لنا أولياء * (متعتهم) * بتأخير العذاب، أو بطول العمر، أو بالأموال والأولاد * (بورا) * هلكى، البوار: الهلاك ' ع '، أو لا خير فيهم، بارت الأرض: تعطلت من الزرع فلم يكن
419

فيها خير، أو البوار: الفساد بارت السلعة: كسدت كسادا فاسدا.
19 - * (فقد) * كذبكم الكفار أيها المؤمنون * (بما تقولون) * من نبوة محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو كذب الملائكة والرسل الكفار بقولهم إنهم اتخذوهم أولياء من دونه * (صرفا) * للعذاب عنهم ولا ينصرون أنفسهم، أو صرف الحجة * (ولا نصرا) * على آلهتهم في تكذيبهم، أو صرفك يا محمد عن الحق ولا نصر أنفسهم من عذاب التكذيب، أو الصرف: الحيلة من قولهم إنه ليتصرف أي يحتال، وفي الحديث ' لا يقبل منه صرف أي نافلة ولا عدل أي فريضة '، * (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا) *
20 - * (فتنة) * اختبارا يقول الفقير لو شاء لجعلني غنيا مثل فلان وكذلك يقول الأعمى والسقيم للبصير، والسليم، أو العداوات في الدين أو صبر الأنبياء على تكذيب قومهم، أو أسلم بلال وعمار وصهيب وأبو ذر
420

وعامر بن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم من الفقراء والموالي قال: المستهزئون من قريش انظروا إلى أتباع محمد من فقرائنا وموالينا فنزلت، والفتنة: البلاء، أو الاختبار * (أتصبرون) * على ما أمتحنتم به من الفتنة تقديره أم لا تصبرون * (بصيرا) * بمن يجزع. * (وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة
أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا * 22 * وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا * 24 *) *
21 - * (لا يرجون) * لا يخافون، أو لا يأملون، أو لا يبالون * (الملائكة) * ليخبرونا بنبوة محمد، أو رسلا بدلا من رسالته * (استكبروا) * باقتراحهم رؤية ربهم ونزول الملائكة، أو بإنكارهم إرسال محمد [صلى الله عليه وسلم] إليهم / [125 / ب] * (عتوا) * تجبرا، أو عصيانا، أو سرفا في الظلم، أو غلوا في القول، أو شدة الكفر ' ع '، نزلت في عبد الله بن أبي أمية ومكرز بن حفص في جماعة من قريش قالوا: لولا
421

أنزل علينا الملائكة، أو نرى ربنا.
22 - * (يوم يرون) * يوم الموت، أو القيامة * (لا بشرى) * للمجرمين بالجنة * (ويقولون) * الملائكة للكفار، أو الكفار لأنفسهم * (حجرا محجورا) * معاذ الله أن تكون لكم البشرى، أو حراما محرما أن تكون لكم البشرى، أو منعنا أن يصل إلينا شيء من الخير.
23 - * (وقدمنا) * عمدنا * (من عمل) * خير فأحبطناه بالكفر، أو عمل صالح لا يراد به وجه الله. * (هباء) * رهج الدواب ' غبار يسطع من تحت حوافرها '، أو كالغبار يكون في شعاع الشمس إذا طلعت في كوة، أو ما ذرته الريح من أوراق الشجر، أو الماء المهراق ' ع ' أو الرماد.
24 - * (وأحسن مقيلا) * المستقر في الجنة، والمقبل دونها، أو عبر به عن الدعة وإن لم يقيلوا، أو مقيلتهم الجنة على الأسرة مع الحور، ومقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين ' ع '، أو يفرغ من حسابهم وقت القائلة وهو نصف النهار.
422

ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا * 26 * ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * 28 * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا) *
25 - * (بالغمام) * المعهود لأنه لا يبقى بعد انشقاق السماء، أوغمام أبيض يكون في السماء ينزله الله - تعالى - على الأنبياء فيشقق السماء فيخرج منها * (ونزل الملائكة) * ليبشروا المؤمن بالجنة والكافر بالنار، أو ليكون مع كل نفس سائق وشهيد.
27 - * (الظالم) * قيل عقبة بن أبي معيط * (سبيلا) * طريقا إلى النجاة أو بطاعة الله، أو وسيلة عند الرسول [صلى الله عليه وسلم] تكون صلة إليه.
28 - * (فلانا) * لا يثنى ولا يجمع. وهو هنا الشيطان، أو أبي بن خلف، أو أمية بن خلف كان خليلا لعقبة وكان عقبة يغشى مجلس الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقال: أمية بلغني أنك صبوت إلى دين محمد، فقال: ما صبوت، فقال: وجهي من وجهك حرام حتى تأتيه فتتفل في وجهه وتبرأ منه، فأتاه عقبة وتفل في وجهه وتبرأ منه فاشتد ذلك على الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرءان مهجورا وكذلك جعلنا لكل نبى
423

عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا) *
30 - * (مهجورا) * أعرضوا عنه، أو قالوا: فيه هجرا وقبيحا، أو جعلوه هجرا من الكلام وهو ما لا فائدة فيه كالعبث والهذيان. * (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا) *
32 - * (وقال الذين كفروا) * قريش، أو اليهود: هلا نزل القرآن جملة واحدة كالتوراة * (لنثبت) * لنشجع به قلبك؛ لأنه معجزة تدل على صدقك، أو أنزلناه متفرقا لنثبت به فؤادك؛ لأنه أمي لا يقرأ فنزل مفرقا ليكون أثبت في فؤاده وأعلق بقلبه، أو ليثبت فؤاده باتصال الوحي فلا يصير بانقطاعه مستوحشا * (ورتلناه) * رسلناه شيئا بعد شيء ' ع '، أو فرقناه، أو فصلناه، أو فسرناه، أو بيناه ' ع '. * (ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس ءاية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا
424

تتبيرا ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا) *
39 - * (الرس) * المعدن، أو قرية من قرى اليمامة يقال: لها الفلج من ثمود، أو ما بين نجران واليمن إلى حضرموت، أو بئر بأذريبجان ' ع '، أو بأنطاكية الشام قتل بها صاحب ياسين، أو كل بئر لم تطو فهي / [126 / أ] رس. وأصحابها قوم شعيب، أو قوم رسو نبيهم في بئر، أو قوم نزلوا على بئر وكانوا يعبدون الأوثان فلا يظفرون بأحد يخالف دينهم إلا قتلوه ورسوه فيها وكان الرس بالشام، أو قوم أكلوا نبيهم.
40 - * (القرية) * سدوم. و * (مطر السوء) * (الحجارة) * (يرونها) * يعتبرون بها * (لا يرجون) * لا يخافون بعثا. * (وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا أرءيت من اتخذ إلاهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا
43 - * (من اتخذ إلاهه هواه) * قوم كانوا يعبدون ما يستحسنونه من
425

الحجارة فإذا رأوا أحسن منه عبدوه وتركوا الأول ' ع '، أو الحارث بن قيس كان إذا هوى شيئا عبده، أو التابع هواه في كل ما دعاه إليه ' ح '.
* (وكيلا) * ناصرا، أو حفيظا، أو كفيلا، أو مسيطرا. * (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا
يسيرا وهو الذي جعل لكم اليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا) *
45 - * (مد) * بسط * (الظل) * الليل يظل الأرض يدبر بطلوع الشمس ويقبل بغروبها، أوظلال النهار بما حجب عن شعاع الشمسن والظل: ما قبل الزوال والفيء بعده أو الظل: قبل طلوع الشمس والفيء بعد طلوعها. ' * (ساكنا) * دائما. * (دليلا) * برهانا على الظل، أو تاليا يتبعه حتى يأتي عليه كله '.
46 - * (قبضناه) * قبضنا الظل بطلوع الشمس، أوبغروبها * (يسيرا) * سريعا ' ع '، أو سهلا، خفيا.
47 - * (لبأسا) * غطاء كاللباس * (سباتا) * راحة لقطع العمل فيه، أو لأنه مسبوت فيه كالميت لا يعقل. * (نشورا) * باليقظة كالنشور بالبعث، أو ينتشر فيه للمعاش.
426

* (وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا) *
48 - * (الرياح) * قال أبي بن كعب: كل شيء من ذكر الرياح في القرآن فهو رحمة وكل شيء من الريح فهو عذاب، قيل لأن الرياح جمع وهي الجنوب والشمال والصبا لأنها لواقح، والعذاب ريح واحدة، وهي الدبور؛ لأنها لا تلقح. * (نشرا) * تنشر السحاب ليمطر، أو تحيي الخلق كما يحيون بالنشور. * (بشرا) * لتبشيرها بالمطر. أو لأنهم يستبشرون بالمطر. * (رحمته) * بالمطر.
49 - * (بلدة ميتا) * لا عمارة بها ولا زرع، وإحياؤها إنبات زرعها وشجرها * (أناسي) * جمع إنسان، أو جمع إنسي.
50 - * (صرفناه) * الفرقان، أو المطر. قسمة بينهم فلا يدوم على مكان فيهلك، ولا ينقطع عن آخر فيفسد، أو يصرفه في كل عام من مكان إلى مكان، قال ابن عباس. رضي الله تعالى عنهما: ليس عام بأمطر من عام ولكن الله تعالى يصرفه بين عباده * (كفورا) * قولهم: مطرنا بالأنواء. * (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان
427

ربك قديرا) *
52 - * (فلا تطع الكافرين) * في تعظيم آلهتهم، أو موادعتهم * (وجاهدهم به) * بالقرآن أو الإسلام. * (كبيرا) * بالسيف، أو الغلظة.
53 - * (مرج البحرين) * أرسل أحدهما في الآخر، أو خلاهما مرجت الشيء خليته، ومرج الوالي الناس تركهم، ومرجت الدابة تركتها ترعى، فهما بحر السماء وبحر الأرض، أو بحر فارس والروم، أو بحر العذب وبحر الملح. * (فرات) * عذب أو أعذب العذب * (أجاج) * ملح، أو أملح الملح، أو مر، أو حار متوهج من تأجج النار * (برزخا) * حاجزا من اليبس ' ح ' أو التخوم، أو الأجل ما بين الدنيا والآخرة. * (حجرا) * مانعا أن يختلط العذب بالمالح.
54 - * (نسبا) * / [126 / ب] كل من ناسب بولد أو والد وكل شيء أضيف إلى آخر ليعرف به فهو يناسبه. * (وصهرا) * الرضاع، أو المناكح، أو النسب ما لا يحل نكاحه من قريب وغيره والصهر ما يحل نكاحه من قريب وغيره، أصل الصهر الملاصقة، أو الاختلاط لاختلاط الناس بها. * (ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا وما
428

أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا قل ما أسئلكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فسئل به خبيرا وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) *
55 - * (على ربه) * أولياء ربه. * (ظهيرا) * عونا، أو الكافر هين على الله، ظهر فلان بحاجتي استهان بها، ومنه " 0 وراءكم ظهريا) * [هود: 92] قيل نزلت: في أبي جهل.
60 - * (قالوا وما الرحمن) * لم تكن العرب تعرف هذا الاسم لله تعالى فلما دعوا إلى السجود له بهذا الاسم سألوا عنه مسألة الجاهل، أو لأن مسيلمة يسمى بالرحمن فلما سمعوه في القرآن ظنوه مسيلمة فأنكروا السجود له، أو ورد في قوم لا يعرفون الصانع ولا يقرون فلما دعوا إلى السجود ازدادوا نفورا على نفورهم وإلا فالعرب كانت تعرف الرحمن قبل ذلك. * (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل اليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) *
61 - * (بروجا) * نجوما عظاما أو قصورا فيها الحرس، أو مواضع
429

الكواكب، أو منازل الشمس * (سراجا) * الشمس، سرجا: النجوم، وسمى الشمس سراجا لاقتران نورها بالحرارة كالسراج، وسمى القمر بالنور لعدم ذلك فيه.
62 - * (خلفه) * ما فات في أحدهما قضي في الآخر، أو يختلفان ببياض أحدهما وسواد الآخر، أو يخلف كل واحد منهما الآخر بالتعاقب. * (يذكر) * يصلي بالليل صلاة النهار، وبالنهار صلاة الليل. * (شكورا) * النافلة بعد الفرض قيل نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه. * (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) *
63 - * (هونا) * علماء حلماء ' ع '، أو أعفاء أتقياء، أو بالسكينة
430

والوقار، أو متواضعين غير متكبرين * (الجاهلون) * الكفار، أو السفهاء، * (سلاما) * سدادا، أو طلبا للمسالمة، أو وعليك السلام.
65 - * (غلاما) * غراما ملازما، والغريم لملازمته، أو شديدا وشدة المحنة غرام، أو ثقيلا. مغرمون: مثقلون، أو أغرموا بنعيم الدنيا عذاب النار.
67 - * (يسرفوا) * النفقة في المعاصي ' ع '، أو لم يكثروا حتى يقول الناس قد أسرفوا، أو لا يأكلون الطعام لإرادة النعيم ولا يلبسون الثياب للجمال وهم أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] كانت قلوبهم كقلب رجل واحد، أو لم ينفقوا نفقة في غير حقها. * (يقتروا) * يمنعوا حق الله ' ع '، أو لا يجيعهم ولا يعريهم، أو لم يمسكوا عن طاعة الله تعالى، أو لم يقتصروا في الحق قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' من منع في حق فقد أقتر ومن أعطى في غير حق فقد أسرف ' * (قواما) * عدلا، أو إخراج شطر الأموال في الطاعة، أو ينفق في الطاعة ويكف عن محارم الله تعالى. والقوام بالفتح الاستقامة والعدل، وبالكسر ما يدوم
431

عليه الأمر ويستقر. * (والذين لا يدعون مع الله إلها ءاخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وءامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا * 71 *) *
68 - * (إلا بالحق) * كفر بعد الإيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل / نفس بغير نفس. / [127 / أ] * (أثاما) * عقوبة، أو جزاء، أو اسم واد في جهنم.
69 - * (يضاعف) * عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أو يجمع له بين عقوبات الكبائرالتي فعلها، أو استدامة العذاب بالخلود.
70 - * (من تاب) * من الزنا * (وآمن) * من الشرك وعمل صالحا بعد السيئات * (حسنات) * يبدلون في الدنيا بالشرك إيمانا وبالزنا إحصانا، وذكر الله تعالى بعد نسيانه وطاعته بعد عصيانه، أو في الآخرة من غلبت سيئاته
432

حسناته بدلت سيئاته حسنات، أو يبدل عقاب سيئاته إذا تاب منها بثواب حسناته التي انتقل إليها. * (غفورا) * لما سبق على التوبة. * (رحيما) * بعدها. لما قتل وحشي حمزة كتب إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] هل لي من توبة فإن الله تعالى أنزل بمكة إياسي من كل خير. * (والذين لا يدعون مع الله) * الآية [68] وأن وحشيا قد زنا وأشرك وقتل النفس فأنزل الله تعالى: * (إلا من تاب) * من الزنا وآمن بعد شرك وعمل صالحا بعد السيئات الآية. فكتب بها الرسول [صلى الله عليه وسلم] اليه فقال: هذا شرط شديد ولعلي لا أبقى بعد التوبة حتى أعمل صالحا. فكتب إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] هل من شيء أوسع من هذا. فنزلت * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * الآية [النساء: 66] فكتب بها الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى وحشي فقال: إني أخاف أن لا أكون من مشيئة الله فنزل في وحشي وأصحابه * (قل يا عبادي الذين أسرفوا) * الآية [الزمر: 53] فبعث بها إلى وحشي فأتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأسلم.
433

* (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا ذكروا بئايات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) *
72 - * (الزور) * الشرك بالله، أو أعياد أهل الذمة وهو الشعانين، أو الغناء، أو مجالس الخنا، أو لعب كان في الجاهلية، أو الكذب، أومجلس كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يشتم فيه. * (باللغو) * كان المشركون إذا سبوهم وآذوهم أعرضوا عنهم وإذا ذكروا النكاح كفوا عنه، ويكنون عن الفروج إذا ذكروها، أو إذا مروا بإفك المشركين أنكروه، أو المعاصي كلها ومرورهم بها * (كراما) * تركها والإعراض عنها.
73 - * (لم يخروا) * لم يقيموا، أو لم يتغافلوا. * (صما وعميانا) * لكنهم سمعوا الوعظ وأبصروا الرشد.
74 - * (من أزواجنا) * اجعل أزواجنا وذريتنا قرة أعين أو ارزقنا من أزواجنا
434

اولادا ومن ذريتنا أعقابا، وقرة العين: أن تصادف العين ما يرضيها فتقر على النظر إليه دون غيره، أو القر البرد معناه برد الله دمعها، دمع السرور بارد، ودمع الحزن حار، وضد قرة العين سخنة العين. * (قرة أعين) * أهل طاعة تقر أعيننا في الدنيا بصلاحهم وفي الآخرة / [127 / ب] بالجنة * (إماما) * أئمة هدى يهتدى بنا ' ع '، أو نأتم بمن قبلنا حتى يأتم بنا من بعدنا، أو أمثالا، أو قادة إلى الجنة، أو رضا. * (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما) *
75 - * (الغرفة) * الجنة، أو أعلى منازل الجنة * (صبروا) * على الطاعة، أو عن شهوات الدنيا. * (تحية) * بقاء دائما، أو ملكا عظيما، * (وسلاما) * جميع السلامة والخير، أو يحيي بعضهم بعضا بالسلام.
77 - * (ما يعبأ) * ما يصنع، أو ما يبالي بكم. * (دعاؤكم) * عبادتكم له وإيمانكم به، أو لولا دعاؤه لكم إلى الطاعة. * (لزاما) * القتل ببدر أو عذاب القيامة، أو الموت، أو لزوم الحجة لهم في الآخرة على تكذيبهم في الدنيا. وأظهر الوجوه أن اللزام الجزاء للزومه.
435

سورة الشعراء
مكية، أو إلا أربع آيات نزلت بالمدينة * (والشعراء يبتعهم) * [224] إلى آخرها.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (طسم تلك آيات الكتاب المبين لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء ءاية فظلت أعناقهم لها خاضعين وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث
إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنبؤا ما كانوا به يستهزءون أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *
1 - * (طسم) * اسم لله تعالى أقسم به جوابه * (إن نشأ ننزل) * [4] ' ع '، أو اسم للقرآن، أو من الفواتح التي افتتح بها كتابه، أو حروف من أسماء الله تعالى وصفاته مقطعة الطاء من طول،
436

أو طاهر، والسين من قدوس أو سميع، أوسلام. والميم من مجيد، أو رحيم، أو ملك.
3 - * (باخع) * قاتل أو مخرج، والبخع: القتل.
4 - * (أيه) * ما عظم من الأمور القاهرة، أو ما ظهر من الدلائل الواضحة * (أعناقهم) * لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية، أو أراد أصحاب الأعناق، أو الأعناق الرؤساء، أو العنق الجماعة من الناس، أتاني عنق من الناس أي جماعة.
7 - * (زوج) * نوع معه قرينه من أبيض وأحمر وحلو وحامض * (كريم) * حسن، أو مما يأكل الناس والأنعام، أو النافع المحمود، أو الناس نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم قاله الشعبي، * (والله أنبتكم من الأرض نباتا) * [نوح: 17]. * (وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * 13 * ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون قال لكلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون
437

فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بني إسرائيل) *
13 - * (ويضيق صدري) * لتكذيبهم، أو للضعف من إبلاغ الرسالة. * (ولا ينطلق لساني) * من مهابته، أو للعقدة التي كانت به.
14 - * (ولهم علي) * عندي ذنب، أوعقوبة ذنب هو قتل النفس.
16 - * (رسول) * بمعنى رسولا، أو كل واحد منا رسول، أو إنا رسالة ومنه
*.........................
* وما أرسلتهم برسول
*
18 - * (ولبثت فينا) * لأنه كان لقيطا في دار ' لبث فيهم ثلاثين سنة '
438

وغاب عنهم عشر سنين، ثم دعاه ثلاثين سنة، وعاش بعد غرقه خمسين سنة. ذكر ذلك امتنانا عليه.
19 - * (فعلتك) * قتل النفس * (من الكافرين) * أي على ديننا الذي تقول إنه كفر، أو من الكافرين لإحساني إليك.
20 - * (الضالين) * الجاهلين لأنه لم يعلم أنها تبلغ النفس، أو من الضالين عن النبوة، أو من الناسين كقوله * (أن تضل إحداهما) * [البقرة: 282].
22 - * (وتلك نعمة) * اتخاذك بني إسرائيل عبيدا قد أحبط نعمتك التي تمن علي بها، لما ظلمت بني إسرائيل ولم تظلمني اعتددت بذلك نعمة تمن بها علي أو لم يكن لفرعون على موسى نعمة وإنما رباه بنو إسرائيل بأمر فرعون لاستعباده لهم فأبطل موسى نعمته لبطلان استرقاقه، أو أنفق فرعون على تربية موسى من / [128 / أ] أموال بني إسرائيل التي أخذها منهم لما استعبدهم فأبطل موسى نعمته وأبطل منته لأنها أموال بني إسرائيل لا أموال فرعون ' ح ' والتعبيد الحبس والإذلال والاسترقاق لما فيه من الذل.
439

* (قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب ءابائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين قال أولو جئتك بشىء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * 32 * ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم * 37 *) *
32 - * (ثعبان) * الحية الذكر، أو أعظم الحيات، أو أعظم الحيات الصفر شعرالعنف. * (مبين) * أنها ثعبان، أو أنها آية وبرهان، قيل كان اجتماعهم بالإسكندرية. قيل كان السحرة أثني عشر ألفا، أو تسعة عشر ألفا.
35 - * (تأمرون) * تشيرون.
36 - * (أرجه) * أخره، أو احبسه. ولم يأمروا بقتله لأنهم رأوا منه ما بهر عقولهم فخافوا الهلاك من قبله، أو صرفوا عن ذلك تأييدا للدين وعصمة لموسى عليه الصلاة والسلام، أو خافوا أن يفتن الناس بما شاهدوا منه ورجوا أن يغلبه السحرة. * (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع
440

السحرة إن كانوا هم الغالبين فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون فألقى السحرة ساجدين 4 * * قالوا ءامنا برب العالمين رب موسى
وهارون قال ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشر ذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل) *
54 - * (شرذمة: سفلة الناس، أو العصبة الباقية من ' عصب كبيرة '؛ شرذمة كل شيء بقيته القليلة، والقميص إذا أخلق شراذم، وما قطع من فضول النعال حتى تحذى شراذم. وكان عدد بني إسرائيل لما قال ذلك ستمائة ألف وتسعين ألفا، أو ستمائة وعشرين ألفا لا يعدون ابن عشرين لصغره ولا ابن ستين لكبره، أو ستمائة ألف مقاتل، أو خمس مائة ألف وثلاثة آلاف
441

وخمسائة مقاتل واستقل هذا العدد لكثرة من قتل منهم، أو لكثرة من معه، كان على مقدمته هامان في ألف وتسعمائة ألف حصان أشهب ليس فيها أنثى، أو كانوا سبعة آلاف ألف.
55 - * (لغائظون) * لأنهم استعاروا حلي القبط وذهبوا به مغايظة لهم، أو لقتلهم أبكارهم وهربهم منهم، أو بخلاصهم من رقهم واستخدامهم.
56 - * (حذرون) * وحاذرون واحد، أو الحذر الخائف والحاذر المستعد أو الحذر المطبوع على الحذر والحاذر فاعل الحذر، أو الحذر المتيقظ والحاذر آخذ السلاح لأن السلاح حذر.
58 - * (وكنوز) * الخزائن، أوالدفائن، أو الأنهار * (ومقام كريم) * المنابر ' ع ' أو مجالس الأمراء، أو المنازل الحسان، أو مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عدة وزينة. * (فأتبعوهم مشرقين فلما ترءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرون وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم
442

أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو لعزيز الرحيم) *
60 - * (مشرقين) * حين أشرقت الشمس بالشعاع، أو أشرقت الأرض بالضياء، أو ناحية الشرق شرقت الشمس: طلعت وأشرقت: أضاءت وتأخر فرعون وقومه عنهم لاشتغالهم بدفن أبكارهم لأن الوباء تلك الليلة وقع فيهم، أو لأن سحابة أظلتهم فخافوها حتى أصبحوا فانقشعت عنهم.
61 - * (لمدركون) * ملحوقون لأنهم رأوا فرعون وراءهم والبحر أمامهم.
62 - * (كلا) * زجر وردع * (سيهدين) * إلى الطريق، أو سيكفيني.
63 - * (فانفلق) * أثني عشر طريقا لكل سبط طريق عرض كل طريق / [128 / ب] فرسخان وكان ذلك ضحوة النهار يوم الاثنين عاشر المحرم بعد أربع ساعات من النهار. والبحر بحر النيل ما بين أيلة ومصر، وقطعوه في ساعتين فصار ست ساعات * (كالطود) * كالجبل.
64 - * (وأزلفنا) * قربنا فرعون وقومه إلى البحر ' ع '، أو جمعنا فرعون وقومه في البحر.
443

واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوانعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا ءاباءنا كذلك يفعلون قال أفرءيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الذين) *
78 - * (خلقني) * (بنعمته) * (فهو يهدين) * لطاعته، أو خلقني لطاعته فهو يهدين لجنته. * (رب هب لي حكما وألحقني بالصالحات واجعل لي لسان صدق في الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لأبي إنه كان من الضالين ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) *
83 - * (حكما) * لبا، أو علما، أو نبوة، أو القرآن " 0 بالصالحين) * الأنبياء والمؤمنين.
84 - * (لسان صدق) * ثناء حسنا من الأمم كلها، أو أن يؤمن به أهل كل ملة، أو يجعل من ولده من يقوم بالحق بعده.
86 - * (لأبي) * كان يسر الإيمان ويظهر الكفر فيصح استغفاره له. والأظهر أنه كان كافرا في الباطن أيضا فسأل أن يغفر له في الدنيا ولا يعاقبه فيها أو يغفر
444

له جنايته عليه التي تسقط بعفوه.
89 - * (سليم) * من الشك، أو الشرك ' ح ' أو المعاصي، أو مخلص، أوناصح لله تعالى في خلقه. * (وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون * 92 * من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون فكبكبوا فيهاهم والغاون وجنود إبليس أجمعون * 95 * قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *
94 - * (فكبكبوا) * جمعوا في النار، أو طرحوا فيها على وجوههم، أو نكسوا فيها على رؤوسهم، أو قلب بعضهم على بعض. * (هم) * يعني الآلهة. * (والغاوون) * المشركون، أو الشياطين.
95 - * (وجنود إبليس) * أعوانه من الجن أو أتباعه من الإنس.
100 - * (شافعين) * من الملائكة، أو الناس.
101 - * (حميم) * شفيق، أو قريب نسيب، حم الشيء قرب والحمى
445

لتقريبها من الأجل قال الشاعر:
* لعل لبنى اليوم حم لقاؤها
* ببعض بلاد إن ما حم واقع
*
أو سمي القريب حميما من الحمية لأنه يحمى لغضب صاحبه، ذهبت يومئذ مودة الصديق ورقة الحميم. * (كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسئلكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين) *
111 - * (الأرذلون) * الذين يسألون ولا يقنعون، أو المتكبرون، أو السفلة، أو الحاكة، أو الأساكفة. * (قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو
446

العزيز الرحيم) *
116 - * (المرجومين) * بالحجارة، أو بالشتم أو القتل.
118 - * (فافتح) * فاقض ولم يدع عليهم إلا بعد ما قيل له * (لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) * [هود: 36]. * (كذبت عاد المرسلين * 123 * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين أتبنون بكل ريع ءاية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) *
128 - * (ريع) * طريق، أو الثنية الصغيرة، أو السوق، أو الفج بين الجبلين، أو الجبال، أو المكان المشرف من الأرض ' ع ' * (آية) * بنيانا، أو أعلاما ' ع ' أو أبراج الحمام. * (تعبثون) * باللهو واللعب، أوعبث العشارين بأموال من يمر بهم.
129 - * (مصانع) * قصورا مشيدة، أو مآخذ الماء تحت الأرض، أو أبراج الحمام. * (لعلكم) * كأنكم تخلدون وهي كذلك في بعض القراءات.
447

130 - * (جبارين) * أقوياء ' ع ' أوبضرب السياط، أو القتل بالسيف في غير حق، أو القتل على الغضب. * (قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين إن هذا إلا خلق الأولين وما نحن بمعذبين 3 * * فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *
138 - * (خلق الأولين) * دينهم أو كذبهم، أو عادتهم، أو كان الأولون يموتون فلا يبعثون ولا يحاسبون. * (كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح الأ تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين أتتركون في ما هاهنا ءامنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين * 149 * فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون * 152 *) *
148 - * (هضيم) * رطب لين ' ع '، أو المذنب من الرطب، أو ما لا نوى له ' ح ' أو المتهشم المتفتت، أو الملاصق بعضه ببعض، أو الطلع حين
448

يتفرق ويخصر / [129 / أ] أو اليانع النضيج ' ع '، أو المكتنز قبل أن ينشق عنه القشر، أو الرخو، أو اللطيف، والطلع من الطلوع وهو الظهور، ومنه طلعت الشمس والقمر.
149 - * (فرهين) * شرهين أو معجبين، أو آمنين، أو فرحين، أو بطرين اشرين ' ع '، أومتخيرين * (فارهين) * كيسين، أو حاذقين من فراهة الصنعة ' ع '، أو قادرين، أو جمع فاره وهو المرح. * (قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بئاية إن كنت من الصادقين * 154 * قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم فعقروها فأصبحوا نادمين أخذهم العذاب إن في ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *
153 - * (المسحرين) * المسحورن، أو الساحرين، أو المخلوقين ' ع '، أو المخدوعين، أو الذي ليس له شيء ولا ملك، أو ممن له سحر وهو الرئة، أو ممن يأكل ويشرب.
449

* (كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسئلكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين قال إني لعملكم من القالين رب نجني وأهلي مما يعملون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذب أصحاب لئيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطعيون وما أسئلكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * 183 * واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين) *
182 - * (بالقسطاس) * القبان ' ح '، أو الحديد، أو المعيار، أو الميزان، أو العدل بالرومية، أو بالعربية من القسط وهو العدل.
183 - * (ولا تعثوا) * لا تمشوا فيها بالمعاصي، أو بالظلم.
184 - * (والجبلة) * الخليقة. قال أمرؤا القيسس:
450

* والموت أكبر حادث
* مما يمر على الجبلة
* * (قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *
187 - * (كسفا) * جانبا، أو قطعا، أوعذابا. * (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) *
193 - * (الروح الأمين) * جبريل عليه السلام.
195 - * (عربي مبين) * لسان جرهم، أو قريش. * (وإنه لفى زبر الأولين أو لم يكن لهم ءاية أن يعلمه علموا بني إسرائيل ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين) *
196 - * (وإنه) * ذكر القرآن، أو ذكر محمد [صلى الله عليه وسلم] وصفته، أو ذكر دينه وصفة أمته. * (لفي زبر الأولين) * التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب.
451

* (كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرءيت إن متعناهم سنين * 205 * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين) *
200 - * (سلكناه) * أدخلنا الشرك، أو التكذيب، أوالقسوة في قلوب المجرمين * (وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون) *
212 - * (عن السمع) * عن سمع القرآن لمصروفون، أو عن فهمه وإن سمعوه، أو عن العمل به وإن فهموه. * (فلا تدع مع الله إلها ءاخر فتكون من المعذبين وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني برىء مما تعملون وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم * 220 *) *
218 - * (حين تقوم) * في الصلاة ' ع '، أو من فراشك ومجلسك، أو قائما وجالسا وعلى حالتك، أو حين تخلو عبر بالقيام عن الخلوة لوصوله
452

إليها بالقيام عن ضدها.
219 - * (في الساجدين) * من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبيا ' ع '، أو تقلبك في سجود صلاتك وركوعها، أو ترى بقلبك في صلاتك من خلفك كما ترى بعينك من قدامك، أو تصرفك في الناس، أو تقلب ذكرك وصفتك على ألسنة الأنبياء قبلك، أو حين تقوم إلى الصلاة منفردا وتقلبك في الساجدين إذا صليت جماعة، قاله قتادة. * (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون 223 والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) *
224 - * (والشعراء) * يعني الذين إذا غضبوا سبوا، وإذا قالوا كذبوا * (يتبعهم الغاوون) * الشياطين، أو المشركون، أو السفهاء، أوالرواة ' ع '.
225 - * (واد يهيمون) * في كل فن من الكلام يأخذون ' ع '، أو في كل لغو يخوضون، أو يمدحون قوما بباطل، ويذمون قوما بباطل. والهائم المخالف في القصد، أو المجاوز للحد.
453

226 - * (يقولون ما لا يفعلون) * من كذب في شعرهم بمدح، أو ذم، أو تشبيه، أو تشبيب.
227 - * (إلا الذين آمنوا) * فإنه لا يتبعهم الغاوون، ولا يقولون ما لا يفعلون. ولما نزلت * (والشعراء) * جاء عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وكنا عند الرسول [صلى الله عليه وسلم] / [129 / أ] وقالا هلكنا يا رسول الله فنزلت * (إلا الذين آمنوا) *. فقرأها عليهم، وقال: أنتم هم * (وذكروا الله) * في شعرهم، أو في كلامهم، * (وانتصروا) * بردهم على المشركين ما هجوا به المسلمين * (منقلب) * مصير يصيرون إليه من النار والعذاب، والمنقلب الانتقال إلى ضد ما هو فيه، والمرجع العود من حال هو عليها إلى حال كان فيها.
454

سورة النمل
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
* (طس تلك آيات القرءان وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون وإنك لتلقى القرءان من لدن حكيم عليم) *
1 - * (تلك) * أي هذه آيات القرآن وآيات الكتاب والإشارة بتلك عائد إلى السورة، أو إلى الحروف التي هي * (طس) * المبين حلاله وحرامه وأمره ونهيه ووعده ووعيده.
2 - * (هدى) * إلى الجنة * (وبشرى) * بالثواب، أو هدى من الضلالة وبشرى بالجنة.
3 - * (يقيمون الصلاة) * المفروضة باستيفاء فروضها وسننها ' ع '، أو بالمحافظة على مواقيتها. * (الزكاة) * زكاة المال، أو زكاة الفطر، أو طاعة الله تعالى والإخلاص، أو تطهير أجسادهم من دنس المعاصي ' ع '.
4 - * (يعمهون) * يترددون ' ع '، أو يتمادون أو يلعبون، أويتحيرون ' ح '.
455

6 - * (لتقلى) * لتأخذ، أو لتؤتى، أو لتلقن، أو لتلقف. * (حكيم) * في أمره. * (عليم) * بخلقه. * (إذ قال موسى لأهله إني ءانست نارا سئاتيكم منها بخبر أو ءاتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك فلما رءاها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدى المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) *
7 - * (آنست) * رأيت، أو أحسست، الإيناس: الإحساس من جهة يؤنس بها. * (بخبر) * بخبر الطريق لأنه كان ضلها ' ع '، أو سأخبركم عنها بعلم * (بشهاب) * الشعاع المضيء ومنه شهب السماء. * (قبس) * قطعة من نار، اقتبس النارأخذ قطعة منها، واقتبس العلم لاستضاءته به كما يستضيء بالنار. * (لعلكم) * لكي تصطلوا من البرد وكان شتاء.
8 - * (جاءها) * جاء النور الذي ظنه نارا وقف قريبا منها فوجدها تخرج من
456

شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق، لا تزداد النار إلا تضرما ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسنا * (بورك) * قدس ' ع '، أو تبارك، أو البركة في النار. * (النار) * نار فيها نور، أو نور لا نار فيه عند الجمهور * (من في النار) * من: صلة تقديره بوركت النار، أو بورك النور الذي في النار، أو بورك الله الذي في النور أو الملائكة، أوالشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق. * (ومن حولها) * الملائكة، أو موسى عليه الصلاة والسلام. * (وسبحان الله) * من كلام الله تعالى لموسى، أو قاله موسى لما سمع الكلام وفزع استعانة بالله تعالى وتنزيها له، وسمع موسى كلام الله تعالى من السماء عند الشجرة وحكى النقاس أن الله تعالى خلق في الشجرة كلاما حتى خرج
457

منها فسمعه موسى عليه الصلاة والسلام ولا خبر فيما ذكره من ذلك قال وهب لم يمس موسى عليه الصلاة والسلام امرأة بعد ما كلمه ربه.
10 - * (جان) * الحية الصغيرة سميت بذلك لاختفائها واستتارها، أو / [130 / أ] الشيطان لأنهم يشبهون كل ما استهولوه بالشياطين لقوله: * (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) * [الصافات: 65] وقد كان انقلابها إلى أعظم الحيات وهو الثعبان
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ولما توجه إلى مدين أعطاه العصا
458

ملك من الملائكة. * (ولم يعقب) * لم يرجع، أو لم ينتظر، أو لم يلتفت. * (لا يخاف لدي) * أي لا يخافون في الموضع الذي يوحى إليهم فيه وإلا فهم أخوف الخلق لله تعالى.
11 - * (إلا من ظلم) * من غيرالمرسلين فيكون الاستثناء منقطعا، أو أراد آدم ظلم نفسه بأكل الشجرة، أو يخافون مما كان منهم قبل النبوة كقتل موسى للقبطي، أو يخافون من الصغائر بعد النبوة لأنهم غير معصومين منها. * (ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) *
15 - * (علما) * فهما، أو قضاء، أو علم الدين، أو منطق الطير، أو بسم الله الرحمن الرحيم، أو صنعة الكيمياء. وهو شاذ * (فضلنا) * بالنبوة، أو الملك، أو العلم.
16 - * (وورث سليمان) * نبوة داود وملكه، أوسخر له الشياطين والرياح، أو استخلفه في حياته على بني إسرائيل فسمي ذلك وراثه، وكان لداود تسعة عشر ابنا.
459

17 - * (يوزعون) * يساقون، أو يدفعون، أو يدفع أخراهم ويوقف أولاهم، أو يسحبون، أويجمعون، أو يحبسون، أو يمنعون، وزعه عن الظلم: منعه منه، وقالوا لا بد للسلطان من وزعه: أي من يمنع الناس عنه، وقال عثمان: ما وزع الله بالسلطان أكثر مما وزع بالقرآن، والمراد بهذا المنع أن يرد أولهم على آخرهم ليجتمعوا ولا يتفرقوا.
18 - * (واد النمل) * بالشام، وكان للنمله جناحان فعلم منطقها لأنها من الطير ولولا ذلك لما علمه، قاله الشعبي. * (يحطمنكم) * يهلكنكم * (وهم) * والنمل * (لا يشعرون) * بسليمان وجهوه، أو سليمان وجنوده لا يشعرون بهلاك النمل، قيل سمع كلامها من ثلاثة أميال حملته الريح إليه. وسميت نملة لتنملها، وهو كثرة
حركتها وقلة قرارها.
19 - * (تبسم) * من حذرها بالمبادرة أو من ثنائها عليه، أومن إستبقائها النمل قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما! فوقف سليمان وجنوده حتى دخل النمل مساكنه. * (أوزعني) * ألهمني، أو اجعلني ' ع '، أو حرضني * (أن أشكر) * سبب شكره علمه بمنطق الطير حتى فهم قولها أو حمل الريح صوتها إليه حتى سمعه من ثلاثة أميال فأمكنه الكف. * (صالحا) * شكر ما أنعم عليه به. * (برحمتك) * بنبوتك، أو بمعونتك التي أنعمت بها علي * (في عبادك الصالحين) * الأنبياء، أو الجنة التي هي دار الأولياء. * (وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتينى بسلطان مبين) *
20 - * (وتفقد الطير) * كان إذا سافر أظله الطير من الشمس، فلما غاب الهدهد / [130 / ب] أتت الشمس من مكانه وكانت الأرض للهدهد كالزجاج يرى ما تحتها
460

فيدل على مواضع الماء حتى تحفر * (أم كان من الغائبين) * أي انتقل عن مكانه، أو غاب.
21 - * (لأعذبنه) * بنتف ريشه حتى لا يمتنع من شيء ' ع '، أو بإحواجه إلى جنسه، أو بجعله مع أضداده. * (بسلطان) * حجة بينة أوعذر ظاهر. * (فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنيإ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون) *
22 - أحطت) * بلغت، أو علمت، أو اطلعت ' ع '، والإحاطة: العلم بالشيء من جميع جهاته. * (سبأ) * مدينة باليمن يقال لها مأرب بينها وبين صنعاء ثلاث ليالي، أو حي من اليمن سموا باسم أمهم، أو سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن سبأ فقال: ' هو رجل ولد له عشرة أولاد باليمن منه ستة وبالشام أربعة فأما اليمانيون؛ فمذحج وحمير وكندة وأنمار والأزد والأشعريون. وأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان ' وقيل هو سبأ بن يعرب بن قحطان سمي سبأ
461

لأنه أول من سبى.
23 - * (امرأة) * بلقيس بني شراحيل أو شرحبيل بن مالك بن الريان وأمها جنية. * (من كل شيء) * في أرضها، أو من أنواع الدنيا كلها. * (عرش) * سرير، أو كرسي، أو مجلس، أو ملك. * (عظيم) * كريم، أو حسن الصنعة، أو كان ذهبا مسترا بالديباج والحرير قوائمه لؤلؤ وجوهر. وكان يخدمها ستمائة امرأة، وأهل مشورتها ثلاثمائة واثنا عشر رجلا؛ كل رجل على عشرة آلاف رجل.
25 - * (الخبء) * غيب السماوات والأرض، أو خبء السماوات المطر وخبء الأرض: النبات، والخبء المخبوء وصفه بالمصدر، والخبء في اللغة ما غاب واستتر. * (ألا يسجدوا) * من قول الله، أمر خلقه بالسجود أو من قول الهدهد تقديره يا هؤلاء اسجدوا. * (قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون قالت يا أيها الملؤا إنى ألقى إلى كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا على وأتوني مسلمين) *
28 - * (ثم تول عنهم) * كن قريبا منهم ' ع ' أو تقديره ' فألقه إليهم فأنظر
462

ماذا يرجعون ثم تول عنهم ' أخذ الهدهد الكتاب بمنقاره وجعل يدور في بهوها، فقالت: ما رأيت خيرا منذ رأيت هذا الطير في بهوي فألقى الكتاب إليها، أو ألقاه على صدرها وهي نائمة.
29 - * (كريم) * لحسن ما فيه، أو مختوم، أو لكرم صاحبه وأنه ملك، أو لتسخيره الهدهد لحمله.
30 - وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يكتب باسمك اللهم فلما نزلت * (بسم الله مجراها) * [هود: 41] كتب بسم الله فلما نزلت * (أو ادعوا الرحمن) * [الإسراء: 110] كتب بسم الله الرحمن فلما نزلت * (إنه من سليمان) * الآية كتب بسم الله الرحمن الرحيم.
31 - لا تعلوا: لا تخافوا، أو لا تتكبروا، أو لا تمتنعوا * (مسلمين) * مستسلمين، أو موحدين ' ع '، أو مخلصين، أو طائعين. * (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين * 33 * قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون وإنى مرسلة إليهم بهدية فناطرة بم يرجع المرسلون) *
32 - * (أفتوني) * أشيروا علي. * (قاطعة) * ممضية * (تشهدون) * تشيروا، أو تحضروا.
463

33 - * (قوة) * عدد وعدة. * (بأس) * شجاعة وآله / [131 / أ] تفويضا منهم الأمر إليها، أو إجابة منهم إلى قتاله.
34 - * (دخلوا قرية) * أخذوها عنوة ' ع '. * (أفسدوها) * أخربوها. * (أذلة) * بالسيف، أو الاستعباد. * (وكذلك يفعلون) * من قول الله إنهم يفسدون القرى ' ع '، أو قالت بلقيس وكذلك يفعل سليمان إذا دخل بلادنا.
35 - * (بهدية) * لبنة من ذهب ' ع '، أو صحائف الذهب في أوعية الديباج، أو جوهر، أو غلمان ولباسهم لباس الجواري وجواري لباسهم لباس الغلمان، ثمانون غلاما وجارية أو ثمانون غلاما وثمانون جارية وقصدت بالهدية استعطافه لعلمها بموقع الهدايا من الناس، أو اختبرته فإن قبل هديتها فهو ملك فتقاتله وإن لم يقبلها فهو نبي فلا طاقة لها به، أو أختبرته بأن يميز الجواري من الغلمان فأمرهم بالوضوء فاغترف الغلام بيده وأفرغت الجارية على يدها فميزهم بذلك، أو بغسل الغلمان ظهور السواعد قبل بطونها وغسل الجواري بطون السواعد قبل ظهورها، وبدأ الغلمان بغسل المرافق إلى الأكف وبدأ الجواري من الأكف إلى المرفق. * (فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما ءاتان الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون) *
36 - * (فلما جاء) * رسلها، أو هداياها * (أتمدونن بمال) * أمر الشياطين فموهوا لبن المدينة وحيطانها بالذهب والفضة وبعثت إليه بعصا كان يتوارها ملوك حمير
، وطلبت أن يميز أعلاها من أسفلها، وبقدح ألتمست أن يملأه ماء فريدا لا من الأرض ولا من السماء وبخرزتين ليثقب أحدهما وليدخل في ثقب
464

الأخرى خيطا وكان ثقبها أعوج فلما جاء رسلها وكانوا رجالا أو نساء قال * (أتمدونن بمال فما آتاني الله) * من النبوة والملك * (خير مما آتاكم) * من المال. ثم ميز الجواري من الغلمان وأرسل العصا إلى الهواء وقال أي الرأسين سبق إلى الأرض فهو أسفلها وأجريت الخيل حتى عرفت فملأ القدح من عرقها، وثقب إحدى الخرزتين وأدخل الخيط في الأخرى فهال الرسل ما شاهدوه منه.
37 - * (ارجع إليهم) * أيها الرسول بما جئت به من الهدايا، أو أمر الهدهد بالرجوع وأن يقول: * (فلنأتينهم بجنود لا قبل) * لا طاقة، وصدق لأن من / [131 / ب] جنوده الجن والإنس والطير والريح. * (ولنخرجنهم منها) * أخبرهم بما يصنع بهم ليبادروا إلى الإسلام. فلما رجعت إليها الهدايا قالت: قد والله علمت ما هذا بملك ولا طاقة لنا به ثم أرسلت إليه إني قادمة عليك بملوك قومي وأمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات بعضها في بعض وأغلقت عليه الأبواب وشخصت إليه في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن فلما علم بقدومها. قال يا أيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوك مسلمين قال عفريت من الجن أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربى غني كريم) *
38 - * (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها) * أراد أن يعلم بذلك صدق
465

الهدهد ' ع ' أو أعجبه لما وصفه الهدهد فأراد أخذه قبل أن يحرم عليه بإسلامها، أو أراد أن يعايها، وكانت الملوك يتعايون بالملك والقدرة، قاله ابن زيد، أو أراد اختبار فطنها هل تعرفه أو تنكره، أو أراد أن يعرفها بذلك صحة نبوته قال وهب بن منبه. * (مسلمين) * طائعين أو على دين الحق.
39 - * (عفريت) *، وهو المارد القوي والعفريت البالغ من كل شيء أخذ من قولهم فلان عفرية نفرية إذا كان مبالغا في الأمور. أو من العفر وهو الشديد فزيدت فيه الهاء فقيل عفريه وعفريت. * (مقامك) * مجلسك، أو يوما كان يقوم فيه سليمان عليه الصلاة والسلام خطيبا يعظهم ويذكرهم وكان مجيء ذلك اليوم قريبا أو أراد قبل أن تسير إليهم من ملكك محاربا، * (لقوي) * على حمله * (امين) * على ما فيه من جوهر ولؤلؤ أو لا آتيك بغيره بدلا منه أو أمين على فرج المرأة.
40 - * (قال الذي عنده علم) * ملك أيد به سليمان عليه الصلاة والسلام والعلم الذي عنده هو ما كتب الله تعالى لبني آدم وقد أعلم الله تعالى الملائكة كثيرا منه فأذن الله له أن يعلم سليمان ذلك وأن يأتيه بالعرش أو بعض جنوده من الإنس أو الجن، وعلم الكتاب: علمه بكتاب سليمان إلى بلقيس وعلم أن الريح مسخرة لسليمان وأن الملائكة تعينه فوثق بذلك وأخبره أن يأتيه به قبل
466

ارتداد طرفه، أو هو سليمان قال ذلك للعفريت، أو هو بعض الإنس: مليخا أو اسطوم أو آصف بن برخيا وكان صديقا، أو ذو النون مصر، أو الخضر * (علم الكتاب) * هو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب * (يرتد إليك طرفك) * يأتيك أقصى من تنظر إليه أو: قبل أن يعود طرفك إلى مد بصرك أو يعود طرفك إلى مجلسك أو قبل الوقت الذي ينتظر وروده فيه من قولهم أنا ممتد الطرف إليك أي منتظر أو قبل أن يرجع إليك طرف رجائك خائبا لأن الرجاء يمد الطرف والإياس يقصره، أو قبل أن يقبض طرفك بالموت أخبره أنه سيأتيه به قبل موته ودعا بالاسم الأعظم وعاد طرف سليمان عليه الصلاة والسلام إليه فإذا العرش بين يديه ولم يكن سليمان عليه الصلاة والسلام يعلم ذلك الاسم * (هذا من فضل ربي) * وصول العرش قبل ارتداد طرفي، * (أأشكر) * على وصوله * (أم أكفر) * فلا أشكر إذا رأيت من هو أعلم مني في الدنيا وكان ذلك معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام أجراها الله تعالى على يد بعض أوليائه وكان العرش باليمن وسليمان بالشام قيل خرق الله تعالى به الأرض حتى صار بين يديه. * (قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إن ظلمت نفسي وأسلمت مع
467

سليمان لله رب العالمين) *
41 - * (نكروا) * غيروه بانتزاع ما عليه من فصوص وجواهر ومرافق ' ع ' / [132 / أ] أو بجعل ما كان أحمر أخضر وما كان أخضر أحمر، أو بالزيادة فيه والنقصان منه، أو بجعل أعلاه أسفله مقدمه مؤخرة أو جعل فيه تمثال السمك * (أتهتدي) * إلى الحق بعقلها أم تكون من الذين لا يعقلون، أو تعرف العرش بفطنتها أم تكون ممن لا يفطن ولا يعرف.
42 - * (كأنه هو) * لما خلفته وراءها فوجدته أمامها منعها معرفتها به من إنكاره وتركها له خلفها من إثباته، أو لأنها رأت فيه ما تعرفه فلم تنكره وما غير وبدل فلم تثبته، أو شبهوا عليها بقولهم * (أهكذا عرشك) * فشبهت عليهم بقولها: * (كأنه هو) * ولو قالوا هذا عرشك لقالت نعم. * (وأوتينا) * قاله سليمان عليه الصلاة والسلام، أو بعض قومه. * (العلم) * بمعرفة الله تعالى وتوحيده، أو النبوة، أو علمنا أنه عرشها قبل أن نسألها. * (مسلمين) * طائعين لله تعالى بالاستسلام له، أو مخلصين له بالتوحيد.
43 - * (وصدها) * عبادة الشمس أن تعبد الله تعالى، أو صدها كفرها أن تهتدي للحق، أو صدها سليمان عما كانت تعبد في كفرها، أو صدها الله تعالى عن الكفر بتوفيقها للإيمان.
44 - * (الصرح) * بركة بنيت من قوارير، أو صحن الدار، وصرحة الدار وساحتها وباحتها وقاعتها كلها واحد من التصريح وهو الإظهار، أو القصر. * (
حسبته لجة) * لأنه أمر الجن أن يبنوه من قوارير في ماء فبنوه وجعلوا حوله أمثال السمك فأمرها بالدخول إليه لأنها وصفت له فأحب أن يراها وكانت
468

هلباء الشعر وقدماها كحافر حمار وأمها جنية وخافت الجن إن تزوجها أن تطلعه على أشياء كانت الجن تخفيها ويبعد أن يتولد بين الإنس والجن ولد لأن الجن لطيف والإنس كثيف. * (وكشفت عن ساقيها) * فرأهما شعراوين فصنعت له الجن النورة وقصد بدخولها الصرح. وكشف ساقيها اختبار عقلها، أو أخبر أن ساقيها ساقا حمار فأراد أن يعلم ذلك، أو أراد تزوجها فأحب مشاهدتها. * (ممرد) * مملس، أو واسع في طوله وعرضه. * (ظلمت نفسي) * بالشرك، أو ظنت أن سليمان أراد تغريقها لما أمرها بدخول الصرح فلما بان أنه صرح علمت أنها ظلمت نفسها بذلك الظن، قاله سفيان. * (وأسلمت) * استسلمت طاعة لله قبل تزوجها سليمان عليه الصلاة والسلام، واتخذ لها بالشام حماما و نورة، وكان أول من اتخذ ذلك. * (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون قالوا أطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون) *
45 - * (فريقان) * مؤمن وكافر، أو مصدق ومكذب. * (يختصمون) * بقولهم * (أتعلمون أن صالحا / [132 / ب] مرسل من ربه) * [الأعراف: 75]، أو يقول كل فريق: نحن على الحق دونكم.
46 - * (بالسيئة) * بالعذاب قبل الرحمة؛ لقولهم: * (فأتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين) * [الأعراف: 77]، أو بالبلاء قبل العافية. * (تستغفرون) * بالتوبة، أو بالدعاء. * (ترحمون) * بالكفاية أو الإجابة.
47 - * (اطيرنا) * تشاءموا به لافتراق كلمتهم، أو للشر الذي نزل بهم. * (طائركم) * مصائبكم ' ع '، أو عملكم * (تفتنون) * بالطاعة والمعصية، أو
469

تصرفون عن الإسلام الذي أمرتم به. * (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لاية لقوم يعلمون وأنجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) *
48 - * (رهط) * الرهط: جمع لا واحد له وهم عاقروا الناقة: فساق من أشراف قومهم. * (يفسدون) * بالكفر ولا يصلحون بالإيمان، أو بالمنكر ولا يصلحون بالمعروف، أو بالمعاصي ولا يصلحون بالطاعة، أو بقطع الدنانير والدراهم ولا يصلحون بتركها صحاحا، أو يتبعون عورات الناس ولا يسترون عليهم.
49 - * (تقاسموا) * تخالفوا. * (لنبيتنه) * لنقتلنه ليلا. البيات قتل الليل. * (لوليه) * لرهط صالح * (مهلك أهله) * قتلهم * (لصادقون) * في إنكار القتل.
50 - * (ومكروا) * عزموا على بياته * (ومكر الله) * بهم فرماهم بصخرة فهلكوا أو أظهروا أنهم خرجوا مسافرين فاستتروا في غار ليعودوا في الليل فيقتلوه فألقى الله تعالى صخرة فسدت عليهم فم الغار * (لا يشعرون) * بمكرنا أو بالملائكة الذين أرسلوا لحفظ صالح من قومه لما دخلوا عليه ليقتلوه فرموا كل رجل منهم بحجر فقتلوهم جميعا.
470

* (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين) *
54 - * (تبصرون) * أنها فاحشة، أو يبصر بعضكم بعضا. * (قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفىءالله خير أما يشركون أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أءلة مع الله بل هم قوم يعدلون) *
60 - * (حدائق) * النخل، أو الحائط من الشجر والنخل * (بهجة) * غضاضة، أو حسن * (ما كان لكم أن تنبتوا) * لا تقدرون على خلق مثلها * (أإله مع الله) * يفعل هذا، أو نفي للآلهة. * (يعدلون) * عن الحق، أو يشركون فيجعلون له عدلا. * (أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون) *
471

61 - * (قرارا) * مستقرا. * (خلالها) * في مسالكها ونواحيها * (البحرين) * بحر السماء وبحر الأرض، أو بحر فارس والروم، أو بحر الشام والعراق، أو العذب والمالح. * (حاجزا) * مانعا من الله تعالى لا يبغي أحدهما على صاحبه، أو حاجزا من الأرض أن يختلطا. * (لا يعلمون) * التوحيد، أو لا يعقلون، أو لا يتفكرون. * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون) *
62 - * (السوء) * الضر، أو الجور. * (خلفاء) * خلفا بعد خلف، أولادكم خلفا منكم، أو خلفا من الكفار ينزلون أرضهم بطاعة الله تعالى بعد كفرهم. * (ما تذكرون) * النعم. * (أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أءله مع الله تعالى الله عما يشركون) *
63 - * (يهديكم في ظلمات) *: يرشدكم إلى مسالك البحر والبر، أو يخلصكم من أهوالهما، * (البر) * الأرض و * (البحر) * السماء، أو البر بادية الأعراب والبحر الأمصار والقرى * (نشرا) * منشرة، أو ملحقات. * (رحمته) * المطر اتفاقا.
472

* (أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون بل أدارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون) *
66 - * (ادارك علمهم) * هذا ذم أي غاب علمهم ' ع '، أو لم يدرك علمهم، أو اضمحل / [133 / أ] أو ضل، أو هو مدح لعلمهم وإن كانوا مذمومين أي أدرك
علمهم، أو أجمع، أو تلاحق. * (وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وءاباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وءاباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين) *
72 - * (ردف لكم) * قرب منكم ' ع '، أو أعجل لكم، أو تبعكم، وردف المرأة لأنه تبع لها من خلفها. * (بعض الذي تستعجلون) * يوم بدر، أوعذاب القبر.
75 - * (غائبة) * جمع ما خفي عن الخلق، أو القيامة، أو ما غاب عنهم
473

من عذاب السماء والأرض. * (كتاب مبين) * اللوح المحفوظ، أو الفضاء المحتوم. * (إن هذا القرءان يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين إن ربك يقضى بينهم بحكمه وهو العزيز العليم فتوكل على الله إنك على الحق المبين إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) *
82 - * (وقع القول) * حق عليهم القول أنهم لا يؤمنون، أو وجب الغضب، أو وجب السخط عليهم إذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، أو نزل العذاب * (دابة) * سئل عنها علي رضي الله تعالى عنه فقال: ' أما والله ما لها ذنب وإن لها للحية ' إشارة إلى أنها من الإنس، أوهي من دواب الأرض عند الجمهور ذات زغب وريش لها أربع قوائم ' ع '، أو ذات وبر تناغي السماء، أو لها رأس ثور وعينا خنزير وأذنا فيل وقرن أيل وعنق نعامة وصدر أسد ولون نمر وخاصرة هر وذنب كبش وقوائم بعير بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا رأسها في السحاب. معها عصا موسى وخاتم سليمان فتنكت في مسجد المؤمن نكتة بيضاء فتبيض وجهه. وتنكت في وجه الكافر بخاتم سليمان فتسود وجهه. قاله أبو الزبير. * (من الأرض) * بعض أودية تهامة ' ع '، أو
474

صخرة من شعب أجياد، أو الصفا، أو بحر سدوم * (تكلمهم) * مخففا تسم وجوههم بالبياض والسواد حتى يتنادون في الأسواق يا مؤمن يا كافر، قال: الرسول [صلى الله عليه وسلم]: تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم، أو تجرحهم فيختص هذا بالكافر والمنافق، وجرحهما بإظهار الكفر والنفاق كجرح الشهود بالتفسيق * (تكلمهم) * عبر عن ظهور الآيات منها بالكلام من غير نطق، أو تنطق فتقول هذا مؤمن وهذا كافر، أو تقول * (أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) * قاله ابن مسعود وعطاء، قال ابن عمر - رضي الله تعالى عنه -: تخرج ليلة النحر والناس يسيرون إلى منى. * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون حتى إذا جاءوا وقال أكذبتم بئاياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعلمون ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ألم يروا أنا جعلنا اليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لايات لقوم يؤمنون) *
83 - * (من كل أمة فوجا) * وهم كفارها. * (بآياتنا) * محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو بالرسل عند الأكثرين. * (يوزعون) * يجمعون، أو يدفعون، أو يساقون، أويرد أولاهم على أخراهم.
475

* (ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ضنع الله الذي أتقن كل شىء إنه خبير بما تفعلون من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ ءامنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) *
87 - * (ويوم ينفخ) * يوم النشور من القبور. * (الصور) * جمع صورة ينفخ فيها أرواحها، أو شيء كالبوق يخرج منه صوت يحيى به الموتى، أو مثل ضرب لخرج الموتى في وقت واحد كخروج الجيش عند نفخ البوق. * (ففزع) * أسرع إلى إجابة النداء فزعت إليك في كذا أسرعت إلى ندائك / [133 / ب] في معونتك. * (إلا من شاء الله) * استثناء من الإسراع والإجابة إلى النار، أو الفزع الخوف والحذر لأنهم أزعجوا من أجداثهم فخافوا * (إلا من شاء الله) * فلا يفزعون وهم الملائكة أو الشهداء، وقيل إن إسرافيل هو النافخ في الصور. * (داخرين) * راغمين، أو صاغرين ' ع ' فالفزع في النفخة الأولى وإتيانهم صاغرين في النفخة الثانية.
88 - * (جامدة) * واقفة * (تمر مر السحاب) * لا يرى سيرها لبعد أطرافها، مثل ضرب للدنيا تظن أنها واقفة كالجبال وهي آخذة بحظها من الزوال، أو للإيمان تحسبه ثابتا في القلب وعمله صاعدا إلى السماء * (أتقن) * أحكم، أو
476

أحصى، أو أحسن، أو أوثق سريانية، أو عربية من إتقان الشيء إذا أوثق وأحكم، وأصله التقن وهو ما ثقل في الحوض من طينة.
89 - * (بالحسنة) * أداء الفرائض كلها، أوالتوحيد والإخلاص. * (خير منها) * الجنة، أو أفضل: بالحسنة عشر، أو فله منها خير للثواب العائد عليه ' ع ' * (من فزع) * القيامة. * (آمنون) * في الجنة، أو من فزع الموت في الدنيا آمنون في الآخرة.
90 - * (بالسيئة) * الشرك ' ع '. * (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شىء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلوا القرءان فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعلمون) *
91 - * (البلدة) * مكة، أومنى * (حرمها) * بتعظيم حرمتها والكف عن صيدها وشجرها * (وله كل شيء) * ملكه فيحل منه ما يشاء ويحرم ما يشاء.
93 - * (سيريكم آياته) * في الآخرة * (فتعرفونها) * على ما قال في الدنيا ' ح ' أو يريكم في الدنيا آيات السماوات والأرض فتعرفون أنها حق. * (تعملون) * من خير وشر فيجازي عليه.
477

سورة القصص
مكية أو إلا آية * (إن الذي فرض عليك القرآن) * [85] نزلت بالجحفة.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون 3 * * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين ونريد أن نمن على الذن استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) *
4 - * (علا) * بملكه وسلطانه، أو بقتله أبناء بني إسرائيل واستعبادهم، أو بإدعائه الربوبية وكفره. * (الأرض) * مصر. لأنه لم يملك الأرض كلها. وعلوه لغلبته وقهره، أو لكبره وتجبره. * (شيعا) * فرقا؛ فرق بني إسرائيل والقبط، استضعف طائفة بني إسرائيل بالاستعباد والأعمال القذرة * (يذبح أبناءهم) * رأى في نومه نارا أقبلت من القبلة واشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط
478

وتركت بني إسرائيل فسأل عن تأويلها، فقيل يخرج من هذا البلد رجل يكون على يده هلاك مصر. فأمر بذبح أبنائهم وأسرع الموت في شيوخ بني إسرائيل. فقيل له قد فني شيوخ بني إسرائيل بالموت وصغارهم بالقتل فاستبقهم لعملنا وخدمتنا فأمر أن يقتلوا عاما ويتركوا عاما فولد هارون عام الاستحياء وموسى عام القتل، وعاش فرعون أربعمائة سنة وهو أول من خضب بالسواد. وكان قصيرا دميما. وعاش موسى عليه الصلاة والسلام مائة وعشرين سنة.
5 - * (الذين استضعفوا) * بنو إسرائيل، أو يوسف / [134 / أ] وولده: قاله قتادة. * (أئمة) * ولاة الأمر، أو قادة متبوعين، أو أنبياء لأن الأنبياء بين موسى وعيسى كانوا من بني إسرائيل وكان بينهما ألف ألف نبي. قاله الضحاك * (الوارثين) * للملك، أو لأرض فرعون. * (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تخزني إنا رآدوه إليك وجاعلوه من المرسلين فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين وقالت امرأة فرعون قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون) *
7 - * (وأوحينا) * ألهمنا، أو رؤيا نوم أو وحي مع الملك كوحي الأنبياء. أوحى إليها برضاعه قبل الولادة، أو بعدها. * (خفت عليه) * القتل، أو أن يسمع
479

جيرانك صوته. * (أليم) * البحر وهو النيل. * (ولا تخافي) * عليه الغرق، أو الضيعة. * (ولا تحزني) * لفراقه، أو أن يقتل. فجعلته في تابوت طوله خمسة أشبار وعرضه مثلها. وجعلت المفتاح مع التابوت وألقته في اليم بعد أن أرضعته أربعة أشهر، أو ثلاثة أشهر، أو ثمانية أشهر، ولما فرغ النجار منه أخبر فرعون به، فبعث معه من يأخذه فطمس الله تعالى على عينيه وقلبه فلم يعرف الطريق. فعلم أنه المولود الذي خافه فرعون فآمن ذلك الوقت وهو مؤمن آل فرعون. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنها: فلما غاب عنهما ندمها الشيطان فقالت. لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من إلقائه في دواب البحر و حيتانه فقال الله تعالى: * (إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) *.
8 - * (فالتقطه آل فرعون) * خرجت جواري امرأة فرعون لاستقاء الماء فوجدن تابوته فحملنه إليها ' ع '، أو خرجت امرأة فرعون إلى البحر وكانت برصاء فوجدته فأخذته فبرئت من برصها فقالت هذا صبي مبارك.
9 - * (قرة عين) * لما علم أصحاب فرعون بموسى جاءوا ليذبحوه فمنعتهم وأتت فرعون وقالت قرة عين لي ولك. فقال فرعون لها: قرة عين لك أما لي فلا. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' لو أقر بأنه يكون قرة عين له لهداه الله تعالى به كما هداها به '. وقرة العين بردها بالسرور من القر وهو البرد، أو قر دمعها فلم
480

يخرج بالحزن مأخوذ من القرار * (لا يشعرون) * أن هلاكهم على يديه. * (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون) *
10 - * (فارغا) * من كل شيء إلا من ذكر موسى ' ع '، أو من الوحي بنسيانه ' ح ' أو من الحزن لعلمها أنه لم يغرق، أو نافرا، أو ناسيا، أو والها، أو فازعا من الفزع. * (وأصبح) * لأنها ألقته ليلا فأصبح فؤادها فارغا، أو ألقته نهارا فيكون أصبح يعني صار. * (لتبدي به) * لتصيح به عند إلقائه وابناه ' ع '، أو تقول لما حملت لإرضاعه وحضانته هو ابني لأنه ضاق صدرها لما قيل هو ابن فرعون، أو لتبدي بالوحي. * (ربطنا على قلبها) * بالإيمان، أو العصمة، * (من المؤمنين) * برده وجعله من المرسلين.
481

11 - * (قصيه) * تتبعي أثره واستعلمي خبره. * (جنب) * جانب / [134 / ب] ' ع ' أو بعد، أو شوق بلغة جذام جنبت إليك اشتقت إليك. * (لا يشعرون) * أنها أخته.
12 - * (وحرمنا) * منعناه * (المراضع) * فلا يؤتى بمرضع فيقبلها. * (من قبل) * مجيء أخته أو قبل رده إلى أمه.
13 - * (فرددناه) * انطلقت أخته إلى أمه فأخبرتها فجاءت فوضعته في حجرها فترامى إلى ثديها فامتصه حتى امتلأ جنباه ريا ' ع '. فقيل لها: كيف ارتضع منك دون غيرك. قالت لأني طيبة الريح طيبة اللبن لا أكاد أوتى بصبي إلا أرتضع مني فسخر الله تعالى فرعون لتربيته وهو يقتل الخلق لأجله وكان إلقاؤه في البحر وهو سبب لهلاكه سببا لنجاته. * (إن وعد الله) * في رده إليها وجعله من المرسلين حق. * (لا يعلمون) * ما يراد بهم. أو مثل علمها به. * (ولما بلغ أشده
واستوىءاتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين * 14 * ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثاه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين) *
14 - * (أشده) * أربعون سنة، أو أربع وثلاثون، أو ثلاث وثلاثون ' ع ' أو ثلاثون أو خمس وعشرون، أو عشرون، أو ثماني عشرة، أو خمس عشر، أو
482

الحلم، أو الأشد جمع لا واحد له، أو واحد شد. * (واستوى) * باعتدال القوة، أو نبات اللحية، أو انتهاء شبابه، أو بأربعين سنة ' ع '. * (حكما) * عقلا، أو نبوة، أو القرآن، أو الفقه * (وعلما) * بما في دينه وحدوده وشرائعه، أو فهما أو فقها.
15 - * (المدينة) * مصر، أو منف، أو عين شمس. * (حين غفلة) * نصف النهار وهم قائلون، أو بين المغرب والعشاء ' ع '، أو يوم عيد لهم وهم في لهوهم، أو لأنهم غفلوا عن ذكره لبعد عهدهم به * (من شيعته) * إسرائيلي ومن عدوه قبطي ' ع ' أو من شيعته مسلم ومن عدوه كافر. سخر القبطي الإسرائيلي ليحمل حطبا إلى مطبخ فرعون فامتنع، واستغاث بموسى وكان خبازا لفرعون * (فوكزه) * ولكزه واحد إلا أن الوكز الدفع في الصدر واللكز الدفع في الظهر. ولم يرد موسى بذلك قتله. * (فقضى عليه) * أي قتله ولم يكن مباحا حينئذ لأنها حال كف عن القتال ' ع ' * (عمل الشيطان) * إغوائه.
17 - * (أنعمت علي) * من المغفرة، أو الهداية. * (فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين) *
483

18 - * (خائفا) * من الله تعالى، أو من قومه، أو أن يؤخذ بقتل النفس، * (يترقب) * يتلفت من الخوف، أو ينتظر عقوبة الله تعالى إن جعلنا خوفه منه، أو أن يسلمه قومه للقتل إن كان خوفه منهم، أو أن يطلب بقتل النفس إن كان خوفه من الأخذ بها. * (يستصرخه) * على قبطي آخر خاصمه. * (لغوي) * قاله للإسرائيلي لأنه أغواه حتى قتل النفس، أو قاله للقطبي فظن الإسرائيلي أنه عناه فخافه ' ع '.
19 - * (أن يبطش) * أخذت موسى الرقة على الإسرائيلي فهم بالقبطي فظن الإسرائيلي أنه يريد قتله لما رأى من غضبه وسمع من قوله * (إنك لغوي) * الآية فقال الإسرائيلي: أتريد أن تقتلني / [135 / أ]، أو ظن الإسرائيلي أن موسى يقتل القبطي فيقتل به الإسرائيلي فقال ذلك دفعا لموسى عنه. قيل هذا الإسرائيلي هو السامري، فتركه القبطي وذهب فأشاع أن المقتول بالأمس إنما قتله موسى. * (جبارا) * قتالا. قال عكرمة: ولا يكون الإنسان جبارا حتى يقتل نفسين. * (وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملآ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إنى لك من الناصحين) *
20 - * (وجاء رجل) * هو مؤمن آل فرعون قيل ابن عم فرعون أخي أبيه. * (يأتمرون) * يتشاورون، أو يأمر بعضهم بعضا. * (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ولما توجه تلقاء مدين قال
484

عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير) *
22 - * (تلقاء مدين) * عرض له أربع طرق فلم يدر أيها يسلك فقال * (عسى ربي) * الآية، أو قال ذلك بعد أخذه طريق مدين. * (سواء السبيل) * قصد الطريق إلى مدين قاله قتادة. ومدين ماء كان عليه قوم شعيب قال ' ع ' وكان بينه وبينها ثمان مراحل ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر وخرج حافيا فما وصل إليها حتى وقع خف قدميه.
23 - * (أمة) * جماعة قال ابن عباس: الأمة أربعون. * (تذودان) * تحبسان، أو تطردان غنمهما عن الماء لضعفهما عن الزحام، أو يمنعان الغنم أن تختلط بغنم الناس، أو يذودان الناس عن غنمهما. * (ما خطبكما) * ماشأنكما. والخطب تفخيم للشيء والخطبة لأنها من الأمر المعظم * (يصدر) 6 ينصرف ومنه الصدر لأن التدبير يصدر عنه فعلتا ذلك تصونا عن مزاحمة الرجال، أو لضعفهما عن الزحام * (الرعاء) * جمع راع * (وأبونا شيخ) * قالتا ذلك ترقيقا لموسى ليعينهما أو اعتذارا من معاناتهما السقي بأنفسهما.
24 - * (فسقى لهما) * بأن زحم القوم فأخرجهم عن الماء ثم سقى لهما، أو أتى بئرا فاقتلع عنها صخرة لا يقلها إلا عشرة من أهل مدين وسقى لهما ولم يستق
485

إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم * (ثم تولي) * إلى ظل سمرة. * (فقال رب) * قال ذلك وقد لصق بطنه بظهره جوعا وهو فقير إلى شق تمرة ولو شاء إنسان لنظر إلى خضرة أمعائه من الجوع ' ع '، أو مكث سبعة أيام لا يذوق إلا بقل الأرض. فعرض لهما بحاله * (من خير) * شبعة من طعام ' ع '، أو شبعة يومين. * (فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين قالت إحداهما يا أبت استئجره إن خير من استئجرت القوى الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين قال ذلك بيني وبينك إيما الأجلين قضيت فلا عدوان على والله على ما نقول وكيل) *
25 - * (فجاءته إحداهما) * استكثر أبوهما سرعة صدورهما بالغنم حفلا بطانا فقال إن لكما لشأنا فأخبرتاه بصنع موسى فأمر إحداهما أن تدعوه. * (على استحياء) * مستترة بكم درعها، أو لبعدها من النداء له، واستحيت لأنها دعته لتكافئه وكان الأجمل مكافأته من غير إعناء، أو لأنها كانت رسول أبيها، أو ما قاله عمر ليست بسلفع من النساء خراجة ولا
486

ولاجة. أراد تمشي مشي من لم تتعود الخروج حياء وخفرا وكان أبوهما شعيبا، أو يثرون ابن أخي شعيب قاله الكلبي وأبو عبيدة / [135 / ب] * (ليجزيك) * ليكافئك فمشت أمامه فوصفت الريح عجيزتها فقال: أمشي خلفي ودليني للطريق إن أخطأت. * (القصص) * خبره مع آل فرعون * (نجوت) * إذ لسنا من مملكة فرعون.
26 - * (قالت إحداهما) * الصغرى التي دعته استأجره لرعي الغنم * (القوي) * فيما ولي * (الأمين) * فيما استودع. ' ع ' أو القوي في بدنه الأمين في عفافه.
27 - * (ثماني حجج) * أي رعي الغنم ثماني حجج كانت هي الصداق أو
487

شرطا للأب في الإنكاح وليست بصداق. * (عشرا فمن عندك) * كانت الثمان واجبة والعشر عدة فوفى بالعشر ' ع '. * (من الصالحين) * في حسن الصحبة، أو فيما وعده به. وكان جعل له كل سخلة توضع على خلاف شبه أمها. فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام أن الق عصاك في الماء فولدن كلهن خلاف شبههن، أو جعل له كل بلقاء تولد فولدن كلهن بلقا.
28 - * (فلا عدوان) * فلا سبيل. * (وكيل) * شهيد، أو حفيظ، أو رقيب. * (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ءانس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني ءانست نارا لعلىءاتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني انا الله رب العالمين وأن ألق عصالك فلما رءاها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الأمنين أسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملإيه إنهم كانوا قوما فاسقين) *
29 - * (قضى موسى الأجل) * وفى العمل. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' أجر موسى نفسه لعفة فرجه وطعمة بطنه. فقيل: أي الأجلين قضى. قال أبرهما
488

وأوفاهما '. * (آنس) * رأى * (امكثوا) * أقيموا مكانكم * (جذوة) * أصل شجرة فيها نار، أو عود في بعضه نار وليست في بعضه، أو عود في بعضه نار ليس له لهب، أو شهاب من نار ذو لهب ' ع '. * (تصطلون) * تستدفئون.
30 - * (أنا الله رب العالمين) * عرف وحدانيته ولم يصر بذلك رسولا. لأنه لم يأمره بالرسالة وإنما صار بذلك من أصفيائه * (الشجرة) * العليق وهو العوسج ' ع '.
31 / 32 - * (وألق عصاك) * ليعلم بذلك أن الذي سمعه كلام الله تعالى. * (ولم يعقب) * لم يثبت مأخوذ من العقب الذي يثبت به القدم أو لم يتأخر لسرعة مبادرته. * (الآمنين) * من الخوف فلا يصير رسولا إلا بقوله * (فذانك برهانان من ربك إلى فرعون) *، أو الآمنين المرسلين لقوله: * (لا يخاف لدي المرسلون) * فيصير بذلك رسولا. * (برهانان) * اليد والعصا * (الرهب) * الكم، أو الخوف.
489

* (قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن أتبعكما الغالبون.) *
34 - * (ردءا) * عونا، أو زيادة والردء: الزيادة. * (فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في ءابائنا الأولين وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيمامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) *
38 - * (ما علمت لكم) * كان بينها وبين قوله * (أنا ربكم الأعلى) * أربعون سنة ' ع ' * (على الطين) * هو أول من طبخ الآجر. * (صرحا) * قصرا عاليا وهو
490

أول من صنع الصرح فصعده ورمى نشابة نحو السماء فعادت ملتطخة دما فقال قتلت إله موسى.
40 - * (أليم) * بحر يقال له أساف من وراء مصر غرقوا فيه.
41 - * (أئمة) * يقتدى بهم في الكفر، أو يأتم بهم المعتبرون ويتعظ بهم ذوو البصائر * (إلى النار) * إلى عملها، أو إلى ما يوجب دخولها.
42 - * (لعنه) * خزيا وغضبا، أو طردا منها / [136 / أ] بالهلاك فيها. * (المقبوحين) * بسواد الوجوه وزرقة الأعين، أو المشوهين بالعذاب، أو المهلكين، أو الملعونين. * (ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون) *
43 - * (الكتاب) * ست من المثاني السبع المنزلة على محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو التوراة وهي أول كتاب نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام. * (ما أهلكنا القرون الأولى) * قال أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ' لم تهلك قرية ولا أمة ولا قرن بعذاب من السماء ولا من الأرض بعد نزول التوراة، إلا الذين مسخوا قردة ' * (بصائر) * بينات * (وهدى) * دلالة * (ورحمة) * نعمة * (يتذكرون) * هذه
491

النعم فيثبتون على إيمانهم. * (وما كنت بجانب الغربى إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلوا عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ولولا أن تصيبهم مصيبة
بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين) *
46 - * (وما كنت) * يا محمد * (بجانب الطور إذ نادينا) * يا أمة محمد استجبت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني، أو نودوا في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت. * (ولكن رحمة) * ما نودي به موسى من جانب الطور من ذكرك نعمة من ربك، أو إرسالك إلى قومك نعمة مني. * (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهر وقالوا إنا بكل كافرون قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى
492

من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) *
48 - * (قالوا) * موسى ومحمد * (ساحران) * قاله مشركو العرب، أو موسى وهارون قالته اليهود من ابتداء الرسالة، أو عيسى ومحمد وهو قول اليهود اليوم * (سحران) *. التوراة والقرآن، أو التوراة والإنجيل، أو القرآن والإنجيل وقائل ذلك اليهود. أو قريش.
51 - * (وصلنا) * بينا، أو أتممنا كصلتك الشيء بالشيء، أو أتبعنا بعضه بعضا. * (القول) * الخبر عن أمر الدنيا والآخرة، أو الخبر عمن أهلكناهم بماذا أهلكناهم من أنواع العذاب * (يتذكرون) * محمدا فيؤمنون به ' ع '، أو يتذكرون فيخافون أن ينزل بهم كما نزل بمن قبلهم، أو يتعظون بالقرآن عن عبادة الأوثان. * (الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذ يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين 8 * * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) *
52 - * (الكتاب) * (التوراة والإنجيل) * (قبله) * من قبل محمد هم بمحمد يؤمنون، أو من قبل القرآن هم بالقرآن يؤمنون. نزلت والتي بعدها في تميم الداري والجارود العبدي وسلمان الفارسي، أو في أربعين رجلا من أهل
493

الإنجيل. آمنوا بالرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل مبعثه. اثنان وثلاثون من الحبشة قدموا مع جعفر بن أبي طالب على الرسول [صلى الله عليه وسلم] وثمانية قدموا من الشام منهم بحيرا أو أبرهة
54 - * (أجرهم مرتين) * لإيمانهم بالكتاب الأول، والكتاب الآخر، * (بما صبروا) * على الإيمان، أو الأذى أو الطاعة وعن المعصية * (بالحسنة) * يدفعون بالعمل الصالح ما سلف من الذنب، أو بالحلم جهل الجاهل، أو بالسلام قبح اللقاء، أو بالمعروف المنكر، أو بالخير الشر. * (ينفقون) * الزكاة ' ع '، أو نفقة الأهل وهذا قبل نزول الزكاة، أو يتصدقون من أكسابهم.
55 - * (وإذا سمعوا اللغو) * / [136 / ب] قوم أسلموا من اليهود فكان اليهود يلقونهم بالسب والأذى فيعرضون، أو أسلم منهم قوم فكانوا إذا سمعوا ما غير من التوراة. من نعت الرسول [صلى الله عليه وسلم] كرهوه وأعرضوا عنه، أو المؤمنون إذا سمعوا الشرك أعرضوا عنه، أو ناس من أهل الكتاب ليسوا يهود ولا نصارى وكانوا على دين الأنبياء ينتظرون مبعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] فلما سمعوا بظهوره بمكة أتوه فعرض عليهم القرآن فأسلموا فكان أبو جهل ومن معه يلقونهم فيقولون لهم: ' أف لكم من قوم منظور إليكم تبعتم غلاما قد كرهه قومه وهم أعلم به منكم ' فإذا قالوا ذلك أعرضوا عنهم. * (أعمالنا) * لنا ديننا ولكم دينكم، أو لنا حلمنا ولكم سفهكم. * (لا نبتغي الجاهلين) * لا نتبعهم أو لا نجازيهم.
494

* (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرما ءامنا يجبي إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون) *
56 - * (من أحببت) * هدايته، أو أحببته لقرابته نزلت في أبي طالب. * (يهدي من يشاء) * قال قتادة: يعني العباس * (بالمهتدين) * بمن قدر له الهدى.
57 - * (وقالوا إن نتبع الهدى) * نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] إنا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك مخافة أن يتخطفنا العرب في أرضنا يعني مكة وإنما نحن أكلة رأس للعرب ولا طاقة لنا بهم. * (آمنا) * بما طبعت عليه النفوس من السكون إليه حتى لا يفر الغزال من الذئب والحمام من الحدأ، أو أمر بأن يكون آمنا لمن دخله ولاذ به يقول كنتم آمنين في حرمي تأكلون رزقي وتعبدون غيري. أفتخافون إذا عبدتموني
495

وآمنتم بي. * (يجبى) * يجمع * (ثمرات كل) * أرض وبلد * (لا يعلمون) * لا يعقلون، أو لا يتدبرون. * (وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوا عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) *
58 - * (بطرت) * البطر: الطغيان بالنعمة * (معيشتها) * في معيشتها قاله الزجاج أو أبطرتها معيشتها.
59 - * (أمها) * أوائلها ' ح '، أو معظم القرى من سائر الدنيا، أو مكة. * (وما أوتيتم من شىء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين) *
61 - * (أفمن وعدناه) * الرسول [صلى الله عليه وسلم] * (وعدا حسنا) * النصر في الدنيا والجنة في الآخرة أو حمزة بن عبد المطلب، والوعد الحسن الجنة وملاقاتها دخولها. * (كمن متعناه) * أبو جهل * (المحضرين) * للجزاء، أو في النار، أو المجهولين.
496

* (ويوم يناديهم فيقول أين شركاءى الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون فأما من تاب
وءامن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين) *
66 - * (الأنباء) * الحجج، أو الأخبار. * (لا يتساءلون) * بالأنساب، أو لا يسأل بعضهم بعضا عن حاله، أو أن يحمل من ذنوبه شيئا. * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون قل أرءيتم إن جعل الله عليكم اليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرءيتم إن جعل الله عليكم ألنهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم اليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) *
68 - * (يخلق ما يشاء) * كان قوم في الجاهلية يجعلون خير أموالهم
497

لآلهتهم. فقال * (وربك يخلق ما يشاء) * من خلقه * (ويختار) * منهم ما يشاء لطاعته، أو يخلق ما يشاء من الخلق ويختار من يشاء للنبوة، أو يخلق ما يشاء النبي ويختار الأنصار لدينه * (وما كان لهم الخيرة) * أي يختار للمؤمنين الذي فيه خيرتهم، أو ' ما ' نافية أن يكون للخلق على الله تعالى خيرة نزلت في الذين / [137 / أ] * (جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا) * [الأنعام: 136]، أو في الوليد بن المغيرة قال * (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) * [الزخرف: 31] يعني نفسه وأبا مسعود الثقفي فقال الله تعالى ما كان لهم أن يتخيروا على الله الأنبياء. * (ويوم يناديهم فيقول أين شركاءى الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون) *
75 - * (ونزعنا) * أخرجنا * (من كل أمة) * رسولا مبعوثا إليها، أو أحضرناه ليشهد عليها أن قد بلغها الرسالة. * (برهانكم) * حجتكم، أو بينتكم. * (الحق لله) * التوحيد، أو العدل، أو الحجة. * (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين * 77 *) *
76 - * (قارون) * كان ابن موسى أخي أبيه وقطع البحر مع بني إسرائيل
498

ونافق كما نافق السامري. * (فبغى) * كفر بالله، أو زاد في طول ثيابه شبرا، أو علا بكثرة ماله وولده، أو كان غلاما لفرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم، أو نسب ما آتاه الله تعالى من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته، أو لما أمر موسى برجم الزاني دفع قارون إلى بغي مالا قيل الفي درهم وأمرها أن تدعي على موسى أنه زنا بها ففعلت فعظم ذلك على موسى فأحلفها بالله تعالى الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى إلا صدقت. فقالت: أشهد أنك برئ وأن قارون أعطاني مالا وحملني على ذلك ' ع ' * (من الكنوز) * أصاب كنزا، أو كان يعمل الكيمياء * (مفاتحه) * خزائنه، أو أوعيته، أو مفاتيح خزائنة وكانت من جلود يحملها أربعون بغلا، أو مفاتيحها: إحاطة علمه بها. * (لتنوء) * لتثقل العصبة ' ع '، أو لتمر بالعصبة من النأي وهو البعد، أو ينهض بها العصبة * (العصبة) * الجماعة يتعصب بعضهم لبعض مهم سبعون رجلا، أو ما بين العشرة إلى الأربعين، أو ما بين العشرة إلى الخمسة عشر، أو ستة أو سبعة، أو ما بين الثلاثة والتسعة وهم النفر، أو عشرة قال أبو عبيدة: هذا من المقلوب تأويله أن العصبة لتنوء بالمفاتيح * (القوة) * الشدة * (إذ قال له
499

قومه) * مؤمنوا قومه، أو موسى * (لا تفرح) * لا تبغ، أو لا تبخل، أو لا تبطر.
77 - * (وابتغ فيما آتاك) * بطلب الحلال في الكسب ' ح '، أو بالصدقة وصلة الرحم * (ولا تنس) * حظك من الدنيا أن تعمل فيه لآخرتك ' ع '، أولا تنس الغناء بالحلال عن الحرام أو لا تنس ما أنعم الله عليك فيها أن تشكر الله بطاعته. * (وأحسن) * فيما فرض عليك كما أحسن الله تعالى في نعمه عليك، أو في طلب الحلال. كما أحسن إليك بالإحلال، أو أعط فضل مالك كما زادك على قدر حاجتك. * (لا يحب المفسدين) * لا يقربهم، أو لا يحب أعمالهم. * (قال إنما أوتيته على علم عندي أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون) *
78 - * (علم عندي) * بقوتي وعملي، أو خير عندي، أو لرضا الله عني وعلمه باستحقاقي، أو علم بوجه المكاسب، أو صنعة الكيمياء علمه موسى ثلث الصنعة ويوشع الثلث وهارون / [137 / ب] الثلث. فخدعهما قارون وكان على إيمانه فعلم ما عندهما فعمل الكيمياء وكثرت أمواله. * (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) * سؤال استعتاب، أو لا تسأل عنهم الملائكة لأنهم يعرفونهم بسيماهم، أو يعذبون ولا يحاسبون، أو لا يسألون عن إحصاء أعمالهم ويعطون
500

الصحائف فيعرفونها ويعترفون بها. * (فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون) *
79 - * (في زينته) * حشمه، أو تبعه سبعين ألفا عليهم المعصفرات وهو أول يوم رؤيت فيه المعصفرات وكان أول من خضب بالسواد، أو جوار بيض على بغال بيض بسروج من ذهب على قطف أرجوان * (حظ) * درجة، أو جد. * (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون) *
81 - * (فخسفنا) * قيل شكاه موسى عليه الصلاة والسلام إلى الله تعالى فأمر الأرض أن تطيع موسى فأقبل قارون وشيعته فقال موسى عليه الصلاة والسلام ' يا أرض خذيهم ' فأخذتهم إلى أعقابهم، ثم قال: خذيهم فأخذتهم إلى أوساطهم ثم قال: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم فخسف بهم وبدار قارون وكنوزه، أو قال بنو إسرائيل: إنما أمر الأرض بابتلاعه ليرث ماله لأنه كان ابن
501

عمه فخسف بداره وبجميع أمواله بعد ثلاثة أيام.
82 - * (ويكأن) * أو لا يعلم أن الله، أو لا يرى أن الله، أو ولكن الله بلغة حمير، أو الياء صلة تقديره كأن الله، أو الياء والكاف صلتان تقديره وأن الله، أو الكاف صلة والياء للتنبيه، أو ويك مفصولة بمعنى ويح فأبدل الحاء كافا، أو ويلك فحذف اللام، أو وي منفصلة على جهة التعجب ثم استأنف كأن الله. قاله الخليل. * (ويقدر) * يختار له. ' ع '، أو ينظر له إن كان الغنى خيرا له أغناه وإن كان الفقير خيرا له أفقره. ' ح ' أو يضيق. * (تلك الدار الأخرة نجعلها للذين لا يردون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون
83 - * (علوا) * بغيا، أو تكبرا، أو شرفا وعزا، أو ظلما، أو شركا أو لا يجزعون من ذلها ولا يتنافسون في عزها. * (فسادا) * أخذها بغير حق، أو المعاصي، أو قتل الأنبياء والمؤمنين. * (والعاقبة) * الثواب، أو الجنة. * (إن الذي فرض عليك القرءان لرآدك إلى معاد قل ربى أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع
502

إلى ربك ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إلاها اخر لا إلاه إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعوني) *
85 - * (فرض عليك القرآن) * أنزله، أو أعطاكه، أو ألزمك العمل به، أو حملك تأديته وتبليغه، أو بينه على لسانك. * (معاد) * مكة، أو بيت المقدس، أو الموت. ' ع '، أو يوم القيامة، أو الجنة.
88 - * (إلا وجهه) * إلا هو، أو ملكه، أو ما أريد به وجهه، أو إلا موت العلماء فإن علمهم باق، أو إلا جاهه، لفلان جاه ووجه بمعنى، أو العمل، * (له الحكم) * القضاء في خلقه بما شاء، أوليس للعباد أن يحكموا إلا بأمره * (ترجعون) * في القيامة فتجزون بأعمالكم.
503

سورة العنكبوت
مكيه أو إلا عشر آيات من أولها مدنية إلى * (وليعلمن المنافقين) * [11]، أو كلها مدنية وقال علي رضي الله تعالى عنه نزلت بين مكة والمدنية.
بسم الله الرحمن الرحيم
* (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون) *
2 - * (أحسب) * أظن قائلوا لا إله إلا الله * (أن يتركوا) * فلا يختبر صدقهم وكذبهم، أو أظن المؤمنون أن لا يؤمروا ولا ينهوا، أو أن لا يؤذوا ولا يقتلوا أو خرج قوم للهجرة فعرض لهم المشركون فرجعوا فنزلت فيهم فلما سمعوها خرجوا فقتل بعضهم وخلص آخرون فنزلت * (والذين جاهدوا فينا) * [الآية: 69]. أو نزلت في عمار ومن كان يعذب في الله تعالى بمكة، أو في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه عذبه أبو جهل على إسلامه حتى تلفظ بالشرك مكرها، أو في قوم أسلموا قبل فرض الزكاة والجهاد فلما فرضا شق
504

عليهم * (لا يفتنون) * لا يهلكون، أو لا يختبرون في أموالهم وأنفسهم بالصبر على أوامر الله تعالى وعن نواهيه.
3 - * (فتنا الذين من قبلهم) * بما فرض عليهم، أو بما بلاهم به. * (فليعلمن الله) * فليميزن الصادق من الكاذب، أو ليظهرن لرسوله صدق الصادق. قيل نزلت في مهجع مولى عمر أول قتيل بين الصفين من المسلمين ببدر. فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] ' سيد الشهداء مهجع '. وقيل هو أول من يدعى إلى الجنة من شهداء المسلمين.
4 - * (الذين يعملون السيئات) * اليهود. والسيئات الشرك * (يسبقونا) * يعجزونا فلا نقدر عليهم، أو يسبقوا ما كتب عليهم من محتوم القضاء. * (يحكمون) * يظنون، أو يقضون لأنفسهم على أعدائهم. * (من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لات وهو السميع العليم ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون) *
5 - * (يرجوا) * يخاف، أو يأمل. * (لقاء الله) * لقاء ثوابه، أو البعث إليه * (أجل الله) * بالجزاء في القيامة. * (السميع) * لأقوالكم * (العليم) * باعتقادكم. * (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما
505

إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين) *
8 - * (ووصينا الإنسان) * ألزمناه أن يبرهما، أو ما أوصيناه به من برهما * (حسنا) * * (ليس لك به علم) * حجة، أو لا يعلم أحد أن لله تعالى شريكا. نزلت في سعد بن أبي وقاص حلفت أمه أن لا تأكل طعاما حتى يرجع عن دين محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو في عياش بن أبي ربيعة حلفت أمه كذلك وخدعه أخوه لأمه أو جهل حتى أوثقه وعاقبه. * (ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذى في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين وليعلمن الله الذين ءامنوا وليعلمن المنافقين وقال الذين كفروا للذين ءامنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من
506

خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون 2 * *) *
13 - * (وليحملن أثقالهم) * أعوان الظلمة، أو المبتدعة إذا تبعوا على بدعهم، أو محدثو السنن الجائرة إذا عمل بها بعدهم. * (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون * 14 * فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها ءاية للعالمين) *
14 - * (نوحا) * هو أول رسول بعث وبعث من الجزيرة. * (ألف سنة إلا خمسين عاما) * وهي مبلغ عمره لبث قبل دعائهم ثلاثمائة ودعاهم ثلاثمائة وبقى بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين، أو بعث لأربعين ودعاهم ألفا إلا خمسين وبقي بعد الطوفان ستين فذلك ألف وخمسون ' ع '، أو لبث فيهم ألفا إلا خمسين وعاش بعد ذلك سبعين فذلك ألف وعشرون، أو بعث على ثلاثمائة وخمسين ودعاهم ألفا إلا خمسين وبقى بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين فذلك ألف وستمائة وخمسون * (الطوفان) * المطر ' ع '، أو الغرق، أو الموت مأثور قيل كان
507

الطوفان في نيسان. * (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الأخرة إن الله على كل شىء قدير يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير والذين كفروا بئايات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم) *
21 - * (يعذب من يشاء) * بالانقطاع إلى الدنيا * (ويرحم من يشاء) * بالإعراض عنها، أو يعذب بسوء الخلق ويرحم بحسنه، أو يعذب بالحرص / [138 / ب] ويرحم بالقناعة، أو يعذب ببغض الناس له ويرحم بحبهم، أو يعذب بمتابعة البدعة ويرحم بملازمة السنة.
508

* (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لايات لقوم يؤمنون وقال إنما أتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين فأمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) *
26 - * (لوط) * كان ابن أخيه وآمنت به سارة وكانت بنت عمه، أو كانت سارة أخت لوط. * (مهاجر) * للظالمين. فهاجر من الجزيرة إلى حران، أو من كوثى وهي سواد الكوفة إلى الشام.
27 - * (أجره في الدنيا) * الذكر الحسن ' ع '، أو رضا أهل الأديان به، أو النية الصالحة التي اكتسب بها أجر الآخرة ' ح '، أو لسان صدق، أو ما أوتي في الدنيا من الأجر، أو الولد الصالح حتى إن أكثر الأنبياء من ولده.
509

* (ولوطا إذا قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين قال رب انصرني على القوم المفسدين ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ولما أن جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض
510

ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) *
29 - * (وتقطعون السبيل) * لأن الناس انقطعوا عن الأسفار حذرا من فعلهم الخبيث، أو قطعوا الطريق على المسافرين، أو قطعوا سبيل النسل بترك النساء إلى الرجال * (ناديكم) * مجلسكم * (المنكر) * كانوا يتضارطون أو يحذفون من يمر بهم ويسخرون منه مأثور، أو يأتي بعضهم بعضا، أو الصفير ولعب الحمام والجلاهق ومضغ العلك وبصاق بعضهم على بعض والسؤال وحل أزرار القباء في المجلس. * (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت أتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شىء وهو العزيز الحكيم وتلك الأمثال
511

نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) *
41 - * (كمثل العنكبوت) * كما لا يغني عنها بيتها كذلك لا تغني عبادة الأصنام شيئا وقيل العنكبوت شيطان مسخها الله عز وجل. * (خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين أتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون) *
45 - * (أتل) * يا محمد على أمتك القرآن. * (وأقم الصلاة) * المفروضة ' ع ' أو القرآن، أو الدعاء إلى أمر الله تعالى. * (الفحشاء) * الزنا * (والمنكر) * الشرك ' ع '، تنهى الصلاة عنهما ما دام المصلي فيها، أو تنهى عنهما قبلهما وبعدها ' ع ' قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله تعالى إلا بعدا '، أو ما تدعوهم إليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
512

نهاهم عن الفحشاء والمنكر * (ولذكر الله) * إياكم أكبر من ذكركم إياه ' ع '، أو ذكره أفضل من كل شيء، أو ذكره في الصلاة أفضل مما نهت عنه من الفحشاء والمنكر، أو ذكره في الصلاة أكبر من الصلاة، أو ذكره أكبر أن تحويه عقولكم، أو ذكره أكبر من قيامكم بطاعته، أو أكبر من أن يبقي على صاحبه عقاب الفحشاء والمنكر. * (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلاهكم واحد ونحن له مسلمون
46 - * (بالتي هي أحسن) * قول لا إله إلا الله ' ع '، أو الكف عند بذل الجزية والقتال عند منعها، أو إن قالوا شرا قلنا لهم خيرا. * (الذين ظلموا) * أهل الحرب، أو من منع الجزية، أو من ظلم بالإقامة على الكفر بعد ظهور الحجة، أو الذين ظلموا في جدلهم فأغلظوا لهم، منسوخة، أو محكمة. * (وقولوا آمنا) * كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية للمسلمين فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم * (وقولوا آمنا) * (الآية) * (مسلمون) * بقوله لأهل الكتاب، أو لمن آمن.
513

* (وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين ءاتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هاؤلاء من يؤمن به وما يجحد بأياتنا إلا الكافرون وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون بل هو آيات بينات في صدور الذين أتوا العلم وما يجحد بأياتنا إلا الظالمون
48 - * (وما كنت تتلوا) * قبل القرآن كتابا من الكتب المنزلة ولا / تكتبه بيمينك فتعلم ما فيه حتى يشكوا في إخبارك عنه أنه من وحي الله إليك، أو كان نعته في الكتب المنزلة أن لا يكتب ولا يقرأ فكان ذلك دليلا على صحة نبوته. * (المبطلون) * مكذبو اليهود، أو مشركوا العرب، أو قريش لأنه لو كتب وقرأ قالوا تعلمه من غيره
49 - * (بل هو آيات) * يعني النبي [صلى الله عليه وسلم] في كونه لا يقرأ ولا يكتب آيات بينات في صدور العلماء من أهل الكتاب لأنه في كتبهم بهذه الصفة، أو القرآن آيات بينات في صدور النبي [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنين به خصوا لحفظه في صدورهم بخلاف من قبلهم فإنهم كانوا لا يحفظون كتبهم عن ظهر قلب إلا الأنبياء * (الظالمون) * (المشركون) * (وقالوا لولا أنزل عليه ءايات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون قل كفى بالله بين وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين ءامنوا بالباطل وكفروا بالله
514

أولئك هم الخاسرون) *
50، 51 - * (لولا أنزل) * اقترحوا عليه الآيات ليجعل الصفا ذهبا وتفجير الأنهار، أو سألوه مثل آيات الأنبياء كالناقة والعصا واليد وإحياء الموتى * (الآيات) * عند الله تعالى يخص بها من شاء من الأنبياء * (وإنما أنا نذير) * لا يلزمني الإتيان بالمقترح من الآيات وإنما يلزمني أنه يشهد على تصديقي وقد فعل الله تعالى ذلك وأجابهم بقوله: * (أو لم يكفهم) * دلالة على نبوتك القرآن بإعجازه واشتماله على الغيوب والوعود الصادقة، أو أراد بذلك ما روي أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أتي بكتاب في كتف فقال: ' كفى بقوم حمقا أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى غير نبيهم، أو كتاب غير كتابهم ' فنزلت * (أو لم يكفهم) * * (لرحمة) * استنقاذا من الضلال. * (وذكرى) * إرشادا إلى الحق * (لقوم يؤمنون) * يقصدون الإيمان دون العناد.
52 - * (شيهدا) * لي بالصدق ' ع ' والإبلاغ وعليكم بالكذب والعناد. * (بالباطل) * إبليس، أو عبادة الأصنام * (الخاسرون) * لأنفسهم بإهلاكها، أو لنعيم الجنة بعذاب النار. * (ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعلمون) *
515

53 - * (ويستعجلونك بالعذاب) * عنادا، أو استهزاء كقول النضر * (إن كان هذا هو االحق) * الآية: [32 الأنفال] * (أجل مسمى) * القيامة، أو أجل الحياة إلى الموت وأجل الموت إلى البعث، أو النفخة الأولى أو الوقت الموقت لعذابهم. * (بغتة) * فجأة. * (لا يشعرون) * بنزوله قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: تقوم الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم الساعة '. * (يا عبادي الذين ءامنوا إن أرضى واسعة فإياي فاعبدون كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم.) *
56 - * (أرضي واسعة) * فجانبوا العصاة بالخروج من أرضهم، أو اطلبوا أولياء الله تعالى، أو رحمتي واسعة، أو رزقي واسع. * (فاعبدون) * بالهجرة إلى المدينة، أو بأن لا تطيعوا أحدا في معصيتي، أو فارهبون.
57 - * (ذائقة الموت) * كل حي ميت، أو تجد كرب الموت وشدته إرهابا
516

لهم ليدعوا المعاصي، أو إعلاما أن الرسل يموتون فلا تضلوا بموت من مات منهم.
58 - * (لنثوينهم) * / [139 / ب] من الثواء وهو طول المقام والباء لنسكننهم * (غرقا) * الغرف أعالي البيوت وهي أنزه وأطيب من البيوت.
60 - * (لا تحمل رزقها) * بل ما تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئا، أو تأكل لوقتها ولا تدخر لغذها ' ح '، أو يأتيها بغير طلب وذكر النقاش شيئا لا يحل ذكره ولبئس ما قال وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الحيوان كل ما دب لا يحمل رزقه ولا يدخر إلا ابن آدم والنمل والفأر. * (يرزقها وإياكم) * يسوي بين القادر والعاجز والحريص والقانع ليعلم أن ذلك يقدره الله تعالى دون حول وقوة قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لما أمرهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالهجرة خافوا الضيعة والجوع وقال بعضهم نهاجر إلى بلدة ليس فيها معاش فنزلت هذه الآية فهاجروا. * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها لقولن الله قل
517

الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون) *
64 - * (الحيوان) * الحياة الدائمة. قال أبو عبيدة: الحيوان والحياة واحد. * (أو لم يروا أنا جعلنا حرما ءامنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون * 67 * ومن أظلم ممن أفترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) *
67 - * (ويتخطف الناس) * بالقتل والسبي * (أفبالباطل) * الشرك، أو إبليس * (وبنعمة الله) * بعافيته ' ع '، أو عطائه و إحسانه أو بالهدى الذي جاء به الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو بإطعامهم من جوع وأمنهم من خوف.
67 - * (أفترى على الله كذبا) * جعل له شريكا وولدا. * (بالحق) * التوحيد أو القرآن، أو محمد [صلى الله عليه وسلم]. * (مثوى) * مستقر.
518

69 - * (جاهدوا) * أنفسهم في هواها، أو العدو بالقتال، أو اجتهدوا في الطاعة وترك المعصية، أو تابوا من ذنوبهم جهادا لأنفسهم. * (سبلنا) * طريق الجنة، أو دين الحق، أو نعلمهم ما لا يعلمون، أو نخلص نياتهم في الصوم والصلاة والصدقة. * (لمع المحسنين) * بالنصر والمعونة.
519

سورة الروم
مكية اتفاقا
بسم الله الرحمن الرحيم
* (ألم غلبت الروم في اذني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصرمن يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولاكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الأخرة هم غافلون
1، 2، 3 - كان المسلمون يؤثرون ظهور الروم على فارس لأنهم أهل كتاب، وآثر المشركون ظهور فارس على الروم لأنهم أهل أوثان فلما غلبت فارس سر المشركون وقالوا للمسلمين إنكم تزعمون أنكم تغلبونا لأنكم أهل كتاب وقد غلبت فارس الروم وهم أهل كتاب وكان آخر فتوح كسرى فتح فيه القسطنطينية بنى فيها بيت النار فبلغ الرسول [صلى الله عليه وسلم] فساءه ذلك فنزلت هاتان الآيتان فبادر أبو بكر رضي الله عنه فأخبر المشركين بذلك فاقتمر المسلمين
520

والكفار على أنهم يغلبون إلى ثلاث سنين، أو خمس سنين، أو سبع سنين. قامر عن المسلمين أبو بكر رضي الله تعالى عنه. وعن المشركين أبو سفيان بن حرب، أو أبي بن خلف وذلك قبل تحريم القمار وكان العوض خمس قلائص، أو سبع قلائص فلما علم الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن أبا بكر قدر المدة أمره أن يزيد في الخطر فزاد قلوصين وازداد سنتين وكانت الزيادة بعد انقضاء الأجل الأول قبل الغلبة، أو قبل انقضاء الأجل الأول. وغلبت الروم فارس عام بدر في يوم بدر، أو / قبل الهجرة بسنتين، أو عام حديبية. * (أدنى الأرض) * أدنى أرض فارس، أو أدنى أرض الروم عند الجمهور بأطراف الشام ' ع '، أو أذرعات الشام كانت بها الوقعة، أو الجزيرة أقرب أرض الروم إلى فارس، أو الأردن وفلسطين.
4، 5 - * (بضع) * ما بين الثلاث إلى العشر. مأثور، أو ما بين العقدين من الواحد إلى العشرة. قاله بعض أهل اللغة، فيكون من الثاني إلى التاسع، أو ما بين الثلاث والتسع. والنيف ما بين الواحد إلى التسعة، أو ما بين الواحد والثلاثة عند الجمهور. * (من قبل) * ما غلبت الروم * (ومن بعد) * ما غلبت، أو قبل دولة فارس على الروم وبعد دولة الروم على فارس. * (يفرح المؤمنون) * جاءهم الخبر بهلاك كسرى يوم الحديبية ففرحوا * (بنصر الله) * لضعف فارس وقوة العرب، أو فرحوا بنصر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب مثلهم، أو لأنه مقدمة لنصرهم على المشركين، أو لما فيه من تصديق خبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] بذلك.
521

* (ينصر من يشاء) * من أوليائه ونصره مختص بهم وغلبة الكفار ليست بنصر منه وإنما هي بلاء ومحنة * (العزيز) * في نقمته من أعدائه * (الرحيم) * بأوليائه.
7 - * (ظاهرا) * أمر معاشهم متى يزرعون ويحصدون وكيف ينبتون ويغرسون ' ع ' وكبنيان قصورها وشق أنهارها وغرس أشجارها، أو يعلمون ما ألقته الشياطين إليهم باستراق السمع من أمور الدنيا. * (أو لم يتفكرون في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى إن كثيرا من الناس بلقآئ ربهم لكافرون أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجآءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولاكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم كان عاقبة الذين أسائوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون) *
8 - * (بالحق) * بالعدل، أو الحكمة، أو بأن استحق عليهم الطاعة والشكر، أو للثواب والعقاب. * (وأجل مسمى) * القيامة ' ع ' أو أجل كل مخلوق.
10 - * (أساءوا) * كفروا. * (السوأى) * جهنم، أو عقاب الدارين ' ح '. * (أن كذبوا) * لأن كذبوا. * (بآيات الله) * محمد [صلى الله عليه وسلم] والقرآن، أو معجزات الرسل، أو نزول العذاب بهم. * (الله يبدؤا الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون ويوم تقوم الساعة يبلس
522

المجرمون ولم يكن لهم من شركائهم شفعاؤا وكانوا بشركائهم كافرين ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقائ الآخرة فأولئك في العذاب محضرون) *
12 - * (يبلس) * يفتضح، أو يكتئب، أو ييأس، أو يهلك، أو يندم، أو يتحير.
14 - " 0 يتفرقون) * في المكان بالجنة والنار، أو بالجزاء بالثواب والعقاب.
15 - * (روضة) * البستان المتناهي منظرا وطيبا. * (يحبرون) * يكرمون ' ع '، أو ينعمون، أو يلتذون بالسماع والغناء، أو يفرحون. والحبرة: السرور والفرح.
16 - * (محضرون) * نازلون، أو مقيمون، أو يدخلون، أو مجموعون. * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون) *
17 - * (فسبحان الله) * سبحوه، أو صلوا له سميت الصلاة تسبيحا لاشتمالها عليه في الركوع والسجود، أو من السبحة وهي الصلاة * (تمسون) * المغرب والعشاء المساء بدو الظلام بعد المغيب * (تصبحون) * صلاة الصبح.
18 - * (وله الحمد) * على نعمه، أو الصلاة لاختصاصها بقراءة حمده بالفاتحة وخص صلاة النهار باسم الحمد لأن تقلب النهار يكثر فيه الإنعام الموجب للحمد والليل وقت فراغ وخلوة يوجب تنزيه الله تعالى من الأسواء فيها. * (وعشيا) * العصر والعشي آخر النهار عند ميل الشمس للمغيب لنقص
523

نورها / [140 / ب] أخذ من عشا العين وهو نقص نورها * (تظهرون) * صلاة الظهر. نزلت هذه الآية بعد الإسراء به قبل الهجرة وكل آية نزلت تذكر الصلاة قبل الإسراء فليست من الصلوات الخمس لأنهن إنما فرضن ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة.
19 - * (يخرج) * الإنسان الحي من النطفة الميتة والنطفة الميتة من الإنسان الحي ' ع '، أو المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، أو الدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة، أو النخلة من النواة والنواة من النخلة والسنبلة من الحبة والحبة من السنبلة. * (تخرجون) * كما أحيى الموات وأخرج النبات فكذلك تبعثون. * (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) *
21 - * (أزواجا) * حواء من ضلع آدم، أو سائر الأزواج من أمثالكم من الرجال. * (لتسكنوا) * لتأنسوا * (مودة) * محبة * (ورحمة) * شفقة، أو المودة: الجماع والرحمة: الولد ' ح '، أو المودة حب الكبير والرحمة والرحمة الحنو على الصغير، أو الرحمة بين الزوجين. * (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ومن آياته منامكم باليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لايات لقوم يسمعون) *
524

22 - * (خلق السماوات والأرض) * بما فيهما من العبر، أو لعجز الخلق عن إيجاد مثلهما. * (ألسنتكم) * لغاتكم كالعربية والرومية والفارسية * (وألوانكم) * أبيض وأحمر وأسود، أو اختلاف النغمات والأصوات وألوانكم صوركم فلا يشتبه صورتان ولا صوتان. كيلا يشتبهوا في المناكح والحقوق. * (للعالمين) * الإنس والجن وبالكسر العلماء.
23 - * (منامكم بالليل) * * (وابتغاؤكم من فضله) * بالنهار، أو منامكم وابتغاؤكم فيهما جميعا لأن منهم من يتصرف في المعاش ليلا وينام نهارا وابتغاء الفضل بالتجارة، أو بالتصرف في العمل. فالنوم كالموت والتصرف نهارا كالبعث * (يسمعون) * الحق فيتبعونه، أو الوعظ فيخافونه، أو القرآن فيصدقونه. * (ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحى به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون) *
525

24 - * (خوفا) * للمسافر * (وطمعا) * للمقيم، أو خوفا من الصواعق وطمعا في الغيث، أو خوفا من البرد أن يهلك الزرع وطعما في الغيث أن يحييه، أو خوفا أن يكون خلبا لا يمطر وطمعا أن يمطر.
25 - * (تقوم السماء والأرض) * تكون، أو تثبت * (بأمره) * بتدبيره وحكمته، أو بإرادته أن تقوم بغير عمد. * (دعاكم) * من السماء فخرجتم من الأرض من قبوركم عبر عن النفخة الثانية بالدعاء، أو أخرجهم بدعاء دعاهم به، أو بما هو بمنزلة الدعاء وبمنزلة قوله كن. * (وله من في السماوات والأرض كل له قانتون وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم) *
26 - * (قانتون) * مطيعون. مأثور، أو مصلون ' ع '، أو مقرون بالعبودية، أو قائمون له يوم القيامة، أو قائمون بالشهادة أنهم عباده ' ع ' أو مخلصون.
27 - * (يبدأ الخلق) * بعلوقه في الرحم ثم يعيده بالبعث استدلالا بالنشأة على الإعادة. * (أهون عليه) * إعادة الخلق أهون على الله تعالى من ابتدائه لأن
526

الإعادة أهون من البدأة عرفا وإن كانا هينين على الله تعالى، أو الإعادة أهون على المخلوق لأنه يقلب نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم رضيعا ثم فطيما وفي الإعادة يصاح به فيعود سويا ' ع ' أو أهون بمعنى هين قال:
* إن الذي سمك السماء بنى لنا
* بيتا دعائمه أعز وأطول
*
وأهون / [141 / أ] أيسر وأسهل * (المثل الأعلى) * الصفة العليا ليس كمثله شيء ' ع ' أو شهادة أن لا إله إلا الله، أو يحيي ويميت * (العزيز) * المنيع في قدرته أو القوي في انتقامه * (الحكيم) * في تدبيره، أو في إعذاره وحجته إلى عباده. * (ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين) *
28 - * (ضرب لكم مثلا) * سبب ضربه إشاركهم في عبادته، أو قولهم في التلبية إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك، أو كانوا يورثون آلهتهم أي لما لم يشرككم
عبيدكم في أموالكم لملككم إياهم فالله تعالى أولى أن لا يشاركه أحد في العبادة لأنه مالك كل شيء * (تخافونهم) * أن يشاركوكم في أموالكم كما تخافون ذلك من شركائكم، أو تخافون أن يرثوكم كما تخافون ورثتكم، أو تخافون لأئمتهم كما يخاف بعضكم بعضا.
527

* (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون منيبين إليه وأتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) *
30 - * (وجهك) * قصدك، أودينك، أوعملك، * (حنيفا) * مسلما، أو مخلصا، أو متبعا، أو مستقيما، أو حاجا ' ع ' أو مؤمنا بجميع الرسل. * (فطرة الله) * صنعة الله، أو دينه الإسلام ' ع ' الذي خلق الناس عليه
528

* (الخلق الله) * لدين الله، أو لا يتغير بخلقه من البهائم أن يخصى فحولها ' ع ' أو لا خالق غير الله كخلقه * (الدين القيم) * الحساب البين، أو القضاء المستقيم ' ع '.
31 - * (منيبين) * مقبلين، أو داعين، أو مطيعين، أو تائبين من الذنوب والإنابة من القطع وهي الانقطاع إلى الله تعالى بالطاعة ومنه الناب لقطعه، أو من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد مرة ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة. \ 32 - * (فرقوا دينهم) * بالاختلاف فصاروا فرقا و * (فارقوا دينهم) * وهم اليهود، أو اليهود والنصارى، أو خوارج هذه الأمة مأثوره، أو أهل الأهواء والبدع مأثور. * (شيعا) * فرقا، أو أديان * (بما لديهم) * من الضلالة * (فرحون) *
529

مسرورون عند الجمهور، أو معجبون أو متمسكون. * (وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون) *
35 - * (سلطانا) * كتابا، أو عذرا، أو برهانا، أو رسولا.
36 - * (رحمة) * عافية وسعة، أو نعمة ومطر * (سيئة) * بلاء وعقوبة، أو قحط المطر. * (يقنطون) * القنوط اليأس من الرحمة والفرج عند الجمهور أو ترك فرائض الله تعالى في السر ' ح '. * (فأت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون وما ءاتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما ءاتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شىء سبحانه وتعالى عما يشركون) *
38 - * (ذا القربى) * قرابة الرجل يصلهم بماله ونفسه، أو قرابة الرسول [صلى الله عليه وسلم]
530

بنو هاشم وبنو المطلب يعطون حقهم من الفيء والغنيمة. * (وابن السبيل) * المسافر، أو الضيف ' ع '.
39 - * (من ربا) * هو أن يهدي الهدية ليكافأ بأفضل منها ' ع '، أو رجل خدم في السفر فجعل له جزء من الربح لخدمته لا لوجه الله تعالى، أو رجل وهب قريبه ليصير غنيا ذا مال ولا يفعله طلبا للثواب. * (فلا يربو) * لا يكون له ثواب عند الله * (زكاة) * مفروضة، أو صدقة. * (وجه الله) * ثوابه * (المضعفون) * الحسنة بعشر، أو يضاعف أموالهم في الدنيا بالنمو والبركة. * (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون 6 * * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين) *
41 - * (الفساد) * الشرك، أو المعاصي أو قحط المطر، أو فساد البر قتل ابن آدم أخاه وفساد البحر أخذ السفينة غصبا * (البر) * الفيافي * (والبحر) * القرى. العرب تسمى الأمصار / [141 / ب] البحر، أو البر أهل العمود والبحر أهل القرى والريف، أو البر بادية الأعراب والبحر الجزائر، أو البر ما كان من المدن والقرى على غير نهر والبحر ما كان منها على شاطئ نهر ' ع ' * (بعض الذي عملوا) * لأن
531

للمعصية جزاء عاجلا وجزاء آجلا. * (يرجعون) * عن المعاصي، أو إلى الحق، أو يرجع من بعدهم ' ح '. * (فأقم وجهك للذين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزى الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين) *
43 - * (فأقم وجهك) * للتوحيد، أو استقم للدين المستقيم بصاحبه إلى الجنة * (يصدعون) * يتفرقون في عرصة القيامة، إلى النار والجنة، أو يتفرق المشركون وآلهتهم في النار.
44 - * (يمهدون) * يسوون المضاجع في القبور، أو يوطئون في الدنيا بالقرآن وفي الآخرة بالعمل الصالح. * (ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجرى الفلك بأمره ولتبغوا من فضله ولعلكم تشكرون ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الدين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين) *
46 - * (مبشرات) * بالمطر رياح الرحمة أربعة المبشرات والذرايات والناشرات والمرسلات، ورياح العذاب أربعة العقيم والصرصر في البر والعاصف والقاصف في البحر * (من رحمته) * بردها وطيبها، أو المطر.
47 - * (نصر المؤمنين) * الأنبياء بإجابة دعائهم على مكذبيهم، أو نصرهم بإيجاب الذب عن أعراضهم.
532

* (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن
كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين فانظر إلىءاثار رحمت الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى وهو على كل شيء قدير ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون) *
48 - * (كسفا) * قطعا، أو متراكبا بعضه على بعض، أو في سماء دون سماء. * (الودق) * البرق، أو المطر.
50 - * (رحمة الله) * المطر.
51 - * (فرأوه) * رأوا السحاب * (مصفرا) * بأنه لا يمطر، أو الزرع مصفرا بعد خضرته ' ع '. * (لظلوا) * أظل إذا فعل أول النهار ووقت الظل وكذلك أضحى فتوسعوا في استعمال ظل في أول النهار وآخره وقل ما يستعمل أضحى إلا في صدر النهار. * (فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) *
52 - * (الموتى) * الذين ماتوا كفارا و * (الصم) * الذين تولوا عن الهدى فلم يسمعوه، أو مثل الكافر في أنه لا يسمع بالميت والأصم لأن كفره قد أماته وضلاله قد أصمه. * (مدبرين) * لأن المدبر لا يفهم بالإشارة وإن كان الأصم لا يسمع مقبلا ولا مدبرا قيل نزلت في بني عبد الدار. * (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) *
533

54 - * (ضعف) * نطفة. * (قوة) * شبابا. * (ضعفا) * هرما * (وشيبة) * شمطا. * (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمين ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون 4 * *) *
55 - * (المجرمون) * الكفار. * (ما لبثوا) * في الدنيا، أو في القبور * (كذلك) * هكذا * (يؤفكون) * يكذبون في الدنيا، أو يصرفون عن الإيمان بالبعث.
56 - * (الذين أوتوا العلم) * الملائكة، أو أهل الكتاب. * (في كتاب الله) * في علمه، أو بما بيانه في كتابه، أو تقديره: أوتوا العلم في كتاب الله والإيمان * (لقد لبثتم) * في الدنيا، أو القبور إلى يوم البعث. * (لا تعلمون) * أن البعث حق.
57 - * (معذرتهم) * في تكذيبهم. * (يستعتبون) * يستتابون، أو يعاتبون على سيئاتهم أو لا يطلب منهم العتبى وهو أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا. * (ولقد ضربنا للناس في هذا القرءان من كل مثل ولئن جئتهم بئاية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) *
60 - * (ولا يستخفنك) * لا يستعجلنك، أو لا يستفزنك، أو لا يستنزلنك. * (لا يوقنون) * لا يؤمنون، أو لا يصدقون بالعبث والجزاء.
534

سورة لقمان
مكية، أو إلا آيتين نزلتا بالمدينة * (ولو أن ما في الأرض) *: [27] والتي بعدها، أو إلا آية * (الذين يقيمون الصلاة) *: [4].
بسم الله الرحمن الرحيم
* (ألم تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) *
2 - * (الحكيم) * المحكم آياته بالحلال والحرام والأحكام، أو المتقن * (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) * [فصلت: 42] أو البين أنه من عند الله، أو المظهر للحكمة بنفسه / [142 / أ] كما يظهرها الحكيم بقوله.
2 - * (هدى) * من الضلالة، أو إلى الجنة. * (ورحمة) * من العذاب لما فيه من الزواجر عن استحقاقه، أو بالثواب لما فيه من البواعث على استيجابه، نعته بذلك أومدحه به * (للمحسنين) * الإحسان الإيمان الذي يحسن به إلى نفسه، أو الصلة والصلاة، أو أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وتحب للناس ما تحب لنفسك.
5 - * (هدى من ربهم) * نور، أو بينة، أو بيان * (المفلحون) * السعداء، أو المنجحون، أو الناجون، أو الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا ' ع '.
535

* (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم) *
6 - * (يشتري لهو الحديث) * شراء المغنيات، أو الغناء ' ع '، أو الزمر والطبل، أو الباطل، أو الشرك، أو ما ألهى عن الله تعالى، أو الجدال في الدين والخوض في الباطل نزلت في النضر بن الحارث كان يجلس فإذا قيل له: قال محمد كذا ضحك وحدثهم بحديث رستم واسفنديار وقال: إن حديثي أحسن حديثا من محمد. أو في قرشي اشترى مغنية شغل بها الناس عن اتباع الرسول [صلى الله عليه وسلم]. * (ليضل) * ليصد عن دين الله تعالى، أو ليمنع من قراءة القرآن.
536

* (ويتخذها) * يتخذ سبيل الله * (هزؤا) * يكذب بها، أو يستهزئ بها. * (خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين) *
10 - * (بغير عمد) * وأنتم ترونها، أو بعمد لا ترونها * (أن تميد) * تزول، أو تتحرك. * (وبث) * بسط، أو فرق * (دابة) * سمي به الحيوان لدبيبه
537

والدبيب الحركة. * (فأنبتنا) * الناس نبات الأرض فالكريم من دخل الجنة واللئيم من دخل النار، أو الأشجار والزروع * (زوج) * نوع * (كريم) * حسن أو الثمر الطيب، والنافع. * (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن أشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد) *
12 - * (لقمان) * نبي - قاله عكرمة، أو من سودان مصر ذو مشافر أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة، أو كان عبدا حبشيا، أو نوبيا قصيرا أفطس خياطا بمصر، أو راعيا، أو نجارا وكان فيما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، أو ولد لعشر سنين من ملك داود وبقي إلى زمان يونس * (الحكمة) * الفهم والعقل، أو الفقه والعقل والإصابة في القول، أو الأمانة * (أن أشكر) * آتيناه الحكمة والشكر، أو آتيناه الحكمة لأن يشكر قاله الزجاج * (اشكر لله) * أحمده على نعمه، أو أطعه ولا تشرك به، أو لا تعصه على نعمه * (يشكر لنفسه) * لأنه تزداد نعمه كلما ازداد شكرا. * (ومن كفر) * بالنعمة، أو بالله واليوم الآخر. * (غني) * عن خلقه * (حميد) * في فعله، أو غني عن فعله مستحمد إلى خلقه. * (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم
538

ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصلناه في عامين ان اشكر لي ولوالديك إلى المصير وإن جهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) *
13 - * (يعظه) * يذكره ويؤدبه * (لظلم) * يظلم به نفسه * (عظيم) * عند الله قيل: كان ابنه مشركا.
14 - * (ووصينا الإنسان) * عامة، أو نزلت في سعد بن أبي وقاص. * (وهنا على وهن) * شدة على شدة ' ع '، أو جهدا على جهد، أو ضعفا على ضعف، ضعف الولد على ضعف الوالدة، أو ضعف نطفة الأب / [142 / ب] على ضعف نطفة الأم، أو ضعف الولد أطور خلقه، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم سويا ثم وليدا ثم رضيعا ثم فطيما. * (أشكر لي) * النعمة بالحمد والطاعة * (ولوالديك) * التربية بالبر والصلة.
15 - * (معروفا) * إحسانا تعودهما إذا مرضا وتشيعهما إذا ماتا وتواسيهما إذا افتقرا * (ومن أناب) * أقبل بقلبه * (إلي) * مخلصا وهو الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنون. * (يا بنى إنها أن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ولا تصعر خدك للناس ولا
539

تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) *
16 - * (حبة من خردل) * من الخير، أو الشر. * (صخرة) * خضراء تحت الأرض السابعة على ظهر الحوت، خضرة السماء منها وقيل: إنها في سجين التي يكتب فيها أعمال الكفار، أو في صخرة في جبل * (يأت بها الله) * أي بجزاء ما وازنها من خير، أو شر، أو يعلمها ويأتي بها إذا شاء كذلك قليل العمل من الخير والشر يعلمه الله تعالى فيجازي عليه * (لطيف) * في إخراجها. * (خبير) * بمكانها قيل لما وعظ ابنه ألقى حبة خردل في عرض البحر ثم مكث ما شاء الله ثم ذكرها وبسط يده فبعث الله تعالى ذبابة فأخذتها فوضعتها في يده.
17 - * (ومن عزم الأمور) * مما أمر الله تعالى به من الأمور، أو من ضبط الأمور، أو من قطع الأمور. العزم والحزم واحد، أو الحزم الحذر والعزم القوة وفي المثل لا خير في عزم بغير حزم، أو الحزم التأهب للأمر والعزم النفاذ فيه وفي المثل رو بحزم فإذا استوضحت فاعزم.
18 - * (تصعر) * الصعر الكبر ' ع '، أو الميل، أو التشدق في الكلام، يقول لا تعرض بوجهك عن الناس تكبرا، أو بالتشدق، أو في الأمر بالمعروف
540

والنهي عن المنكر، أو يلوي شدقه عن ذكر الإنسان احتقارا، أو الإعراض عمن بينه وبينه إحنة هجرا له فكأنه أمر بالصفح والعفو، أو أن يكون الغني والفقير عنده في العلم سواء * (مرحا) * بالمعصية، أو بالخيلاء والعظمة، أو البطر والأشر. * (مختال) * منان، أو متكبر، أو بطر. * (فخور) * متطاول على الناس بنفسه، أو مفتخر عليهم بما يصفه من مناقبه ' ع '، أو الذي يعدد ما أعطى ولا يشكر الله تعالى فيما أعطاه.
19 - * (واقصد في مشيك) * تواضع فيه، أو انظر في مشيك إلى موضع قدمك، أو أسرع فيه أو لا تسرع فيه، أو لا تختل فيه. * (واغضض) * اخفض * (أنكر الأصوات) * أقبحها، أو شرها، أو أشدها، أو أبعدها. خص الحمار لأن صوته مستقبح في النفوس مستنكر في السمع، أو لأن صياح كل شيء تسبيحه إلا الحمار فإنه يصيح لرؤية الشيطان. * (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ءاباءنا أولوا كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير
541

20 - * (سخر) * سهل، أو الانتفاع به. * (نعمة) * جنس أو أراد الإسلام. * (ظاهرة) * على اللسان * (وباطنه) * في القلب، أو الظاهرة الإسلام والباطنة ما ستره من المعاصي، أو الظاهرة الخلق والرزق والباطنة ما أخفاه من العيوب والذنوب، أو ما أعطاهم من الزي والثياب والباطنة متاع المنازل، أو الظاهرة الولد والباطنة الجماع * (من يجادل) * نزلت في يهودي قال للرسول [صلى الله عليه وسلم]، أخبرني عن ربك من أي شيء هو فجاءت صاعقة فأحرقته، أو في النضر بن الحارث كان يقول الملائكة بنات الله. * (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعكم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا
542

يعلمون لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد) *
22 - * (يسلم وجهه) * يخلص دينه، أو يقصد بوجهه طاعة الله تعالى * (وهو محسن) * في عمله * (بالعروة) * قول لا إله إلا الله، أو القرآن، أو الإسلام،
أو الحب في الله تعالى والبغض فيه * (الوثقى) * للاستيثاق بالتمسك بها كما يتوثق من الشيء بإمساك عراه أو تشبيها بالبناء الوثيق لأنه لا ينحل * (عاقبة الأمور) * ثواب ما صنعوا. * (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير) *
27 - * (ولو أن ما في الأرض) * نزلت لما قال المشركون إنما القرآن كلام يوشك أن ينفد، أو نزلت لما قال اليهود للرسول [صلى الله عليه وسلم] أرأيت قولك * (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) * [الإسراء: 85] إيانا تريد أم قومك فقال: كل لم يؤت من العلم إلا قليلا أنتم وهم. قالوا: فإنك تتلو ما جاءك من الله أنا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء. فقال: إنها في علم الله تعالى قليلة. والمعنى لو أن الأشجار أقلام والبحار مداد لتكسرت الأقلام، ونفذت مياه البحار قبل أن تنفد عجائب ربي وعلمه وحكمته. * (يمده) * يزيد فيه شيئا بعد شيء يقال في الزيادة مددته وفي المعونة أمددته * (كلمات ربي) * نعمه على أهل الجنة، أو
543

على أصناف الخلق، أو جميع ما قضاه في اللوح المحفوظ من أمور خلقه، أو عبر بالكلمات عن العلم.
28 - * (ما خلقكم) * نزلت في أبي بن خلف وأبي الأشدين ونبيه ومنبه ابني الحجاج. قالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] إن الله تعالى خلقنا أطوارا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم تقول إنا نبعث جميعا في ساعة فنزلت * (ما خلقكم) * أي لا يصعب على الله تعالى ما يصعب على الناس. * (ألم تر أن الله يولج اليل في النهار ويولج النهار في اليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير) *
29 - * (يولج الليل) * يأخذ الصيف من الشتاء والشتاء من الصيف. أو ما ينقص من النهار يجعله في الليل وما ينقص من الليل يجعله في النهار، أو يسلك الظلمة مسلك الضياء والضياء مسلك الظلمة فيصير كل واحد منهما مكان الآخر * (وسخر الشمس والقمر) * ذللهما بالطلوع والأفول تقديرا للآجال وإتماما للمنافع. * (أجل مسمى) * القيامة، أو وقت الطلوعه وأفوله.
30 - * (هو الحق) * لا إله غيره، أو الحق اسم من أسمائه، أو القاضي بالحق. * (وما تدعون) * الشيطان، أو الأصنام. * (العلي) * في أحكامه * (الكبير) * في سلطانه. * (ألم تر أن الفلك تجرى في البحر بنعمت الله ليريكم من آياته إن في ذلك لأيات لكل
544

صبار شكور وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بأيتنا إلا كل ختار كفور) *
31 - * (من آياته) * يجري السفن فيه، أو ما تشاهدون من قدرة الله فيه، أو ما يرزقكم الله - تعالى - منه. * (صبار) * على البلوى * (شكور) * على النعماء، أو صبار على طاعة شكور على الجزاء.
32 - * (كالظلل) * السحاب، أو الجبال شبهه بها لسواده، أو لعظمه * (مخلصين) * موحدين لا يدعون سواه * (مقتصد) * عدل يوفي بعهده الذي التزمه في البحار، أو مؤمن متمسك بالطاعة، أو مقتصد في قوله وهو كافر. * (ختار) * جاحد، أو غدار عند الجمهور. جحد الآيات: إنكار أعيانها والجحد بها إنكار دلائلها. * (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) *
33 - * (لا يجزي) * لا يغني، أو لا يقضي، أو لا يحمل * (الغرور) * الشيطان، / [143 / ب] أو الأمل. * (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكتسب غدا وما تدرى نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) *
34 - * (علم الساعة) * وقت مجيئها. * (وينزل الغيث) * يعلم نزوله في زمانه
545

ومكانه، أو منزله فيما يشاء من زمان ومكان * (ما في الأرحام) * من ذكر وأنثى وصحيح وسقيم، أو مؤمن وكافر وشقي وسعيد * (تكسب غدا) * من خير وشر، أو إيمان وكفر. * (بأي أرض) * على أي حكم تموت من سعادة وشقاوة، أو في أي أرض تموت وتدفن.
قيل نزلت في الوارث بن عمرو بدوي قال للرسول [صلى الله عليه وسلم]: إن امرأتي حبلى فأخبرني ماذا تلد وبلادنا جدبة فأخبرني متى ينزل الغيث وقد علمت متى ولدت ' فأخبرني متى أموت وقد علمت ما عملت اليوم فأخبرني ما أعمل غدا ' وأخبرني متى تقوم الساعة.
546

سورة السجدة
مكية أو إلا ثلاث آيات * (أفمن كان مؤمنا) *: [18 - 20] إلى آخرهن، أو إلا خمس آيات * (تتجافى) *: [15] إلى * (الذي كنتم به تكذبون) *: [20]
بسم الله الرحمن الرحيم
* (ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون) *
2 - * (لا ريب) * الريب الشك الذي يميل إلى السوء والخوف. * (الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع أفلا تتذكرون 6 * * يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم) *
5 - * (يدبر الأمر) * يقضيه، أو يدبره بنزول الوحي من السماء الدنيا إلى الأرض العليا ويدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل موكل بالرياح والجنود وميكائيل
547

بالقطر والماء وملك الموت بقبض الأرواح وإسرافيل ينزل عليهم بالأمر * (يعرج) * يصعد جبريل إلى السماء بعد نزوله بالوحي، أو الملك الذي يدبر من السماء إلى
الأرض، أو أخبار أهل الأرض تصعد إليه مع الملائكة. * (مقداره ألف سنة) * يقضي أمر كل شيء لألف سنة في يوم واحد ثم يلقيه إلى الملائكة فإذا مضت قضى لألف لأخرى ثم كذلك أبدا أو يصعد الملك في يوم مسيرة ألف سنة ' ع ' فيكون بين السماء والأرض ألف سنة، أو ينزل الملك ويصعد في يوم مقداره ألف سنة ينزل في خمسمائة ويصعد في مثلها فيكون بين السماء والأرض خمسمائة. * (تعدون) * تحسبون من أيام الدنيا وعبر عن الزمان باليوم ولا يريد ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس. * (الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون) *
7 - * (أحسن كل شيء خلقه) * في خلقه حسن حتى الكلب حسن في خلقه ' ع '، أو أحكمه حتى أتقنه، أو أحسن إلى كل شيء خلقه فكان خلقه إحسانا إليه، أو ألهم الخلق ما يحتاجون إليه فعلموه من قولهم فلان يحسن كذا أي يعلمه، أو أعطى خلقه ما يحتاجون إليه ثم هداهم إليه.
8 - * (سلالة) * سمى ماء الرجل سلالة لانسلاله من صلبه والسلالة الصفوة التي تنسل من غيرها. * (مهين) * ضعيف.
548

9 - * (سواه) * سوى خلقه في الرحم، أو سوى خلقه كيف شاء * (من روحه) * قدرته، أو ذريته، إذ المراد بالإنسان آدم، أو من أمره أن يقول كن فيكون، أو روحا من روحه أي خلقه أضافه إلى نفسه لأنه من فعله وعبر عنه بالنفخ لأن الروح من جنس الريح. * (والأفئدة) * سمي القلب فؤادا لأنه منبع الحرارة الغريزية من المفتأد وهو موضع النار. * (وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أءنا لفى خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون) *
10 - * (ضللنا) * هلكنا، أو صرنا رفاتا وترابا، وكل شيء غلب على غيره فخفي فيه أثره ضل، أو غيبنا، وبالصاد أنتنا من صل / [144 / أ] اللحم، أو صرنا بالصلة وهي الأرض اليابسة ومنه الصلصال قيل: قاله أبي بن خلف.
11 - * (يتوفاكم) * بأعوانه، أو بنفسه رآه الرسول [صلى الله عليه وسلم] عند رأس أنصاري فقال: أرفق بصاحبي فإنه مؤمن. فقال طب نفسا وقر عينا فإني بكل مؤمن رفيق.
549

* (ثم إلى ربكم) * إلى جزائه، أو إلى أن لا يملك لكم أحد ضرا ولا نفعا سواه. * (ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها ولاكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقآء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون) *
12 - * (ناكسوا رؤوسهم) * من الغم، أو الذل، أو الحياء، أو الندم، * (عند ربهم) * عند محاسبته * (أبصرنا) * صدق وعيدك * (وسمعنا) * صدق رسلك، أو أبصرنا معاصينا وسمعنا ما قيل فينا. * (موقنون) * مصدقون بالبعث أو بما أتى به محمد [صلى الله عليه وسلم].
13 - * (هداها) * إلى الإيمان، أو الجنة، أو هدايتها في الرجوع إلى
550

الدنيا لأنهم سألوا الرجعة. * (حق القول) * سبق، أو وجب * (من الجنة) * الملائكة قاله عكرمة. سموا جنة لاجتنانهم عن الأبصار، أو عصاة الجن.
14 - * (فذوقوا) * عذابي بما تركتم أمري، أو بترك الإيمان بالبعث في هذا اليوم. * (نسيناكم) * تركناكم من الخير، أو في العذاب، ويعبر بالذوق عما يطرأ على النفس لإحساسها به. قال:
* فذق هجرها إن كنت تزعم أنه
* رشاد ألا يا ربما كذب الزعم
* * (إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) *
15 - * (بآياتنا) * بحججنا، أو القرآن. * (ذكروا بها) * دعوا إلى الصلوات الخمس بالآذان والإقامة أجابوا إليها وإذا قرئت آيات القرآن خروا سجودا على الأرض طاعة وتصديقا وكل من سقط على شيء فقد خر عليه. * (وسبحوا بحمد ربهم) * صلوا حمدا له، أو سبحوه بمعرفته وطاعته * (لا يستكبرون) * عن العبادة،
551

أو السجود كما استكبر أهل مكة.
16 - * (تتجافى) * ترتفع لذكر الله في الصلاة، أو في غيرها ' ع '، أو الصلاة: العشاء، أو الصبح والعشاء في جماعة، أو للنفل بين المغرب والعشاء، أو قيام الليل. والمضاجع مواضع الاضطجاع خوفا من حسابه وطمعا في رحمته، أو خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه. * (ينفقون) * الزكاة، أو صدقة التطوع، أو نفقة الأهل، أو النفقة في الطاعة.
17 - * (ما أخفي) * للذين تتجافى جنوبهم، أو للمجاهدين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. مأثور، أو هو جزاء قوم أخفوا عملهم فأخفى الله تعالى ما أعده لهم، أو زيادة تحف من الله ليست في جناتهم يكرمون بها في مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات، أو زيادة نعيمهم وسجود الملائكة لهم. * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون أما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات
552

فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون) *
18 - * (أفمن كان مؤمنا) * علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه والفاسق عقبة بن أبي معيط تسابا فقال عقبة: أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا وأملأ منك حشوا. فقال: علي رضي الله تعالى عنه ليس كما قلت يا فاسق. / [144 / ب] فنزلت فيهما ' ع '.
21 - * (العذاب الأدنى) * مصائب الدنيا في النفس والمال، أو القتل بالسيف، أو الحدود ' ع '، أو القحط والجدب، أو عذاب القبر قاله البراء بن عازب ومجاهد، أو عذاب الدنيا، أو غلاء السعر. * (العذاب الأكبر) * جهنم، أو خروج المهدي بالسيف، * (يرجعون) * إلى الحق، أو يتوبون من الكفر ' ع '.
553

* (ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقآئه وجعلناه هدى لبنى إسرآئيل وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بأياتنا يوقنون إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) *
23 - * (فلا تكن في) * شك من لقاء موسى فقد لقيته ليلة الإسراء ' ع '. وقد أخبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] أنه رآه ليلته. قال أبو العالية: قد بينه الله تعالى بقوله * (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) * [الزخرف: 45] أو لا تكن في شك من لقاء موسى فستلقاه في القيامة، أو لا تشك في لقاء موسى للكتاب، أو لا تشك في لقاء الأذى كما لقيه موسى ' ح '، أو لا تشك في لقاء موسى لربه. * (وجعلناه هدى) * موسى، أو الكتاب.
24 - * (إثمه) * رؤساء في الخير تبعوا الأنبياء، أو الأنبياء مأثور * (لما صبروا) * عن الدنيا، أو على الحق، أو على الأذى بمصر لما كلفوا ما لا
554

يطيقون. * (بآياتنا) * التسع، ' أنها من عند الله ' * (يوقنون) *.
25 - * (يفصل) * يقضي بين الأنبياء وقومهم، أو بين المؤمنين والمشركين فيما اختلفوا فيه من الإيمان والكفر. * (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون) *
27 - * (نسوق الماء) * بالمطر والثلج أو بالأنهار والعيون. * (الأرض الجرز) * اليابسة، أو التي أكلت ما فيها من زرع وشجر، أو التي لا يأتيها الماء إلا من السيول ' ع '، أو التي لا تنبت، أو هي قرى بين اليمن والشام وأصله الانقطاع. سيف جراز أي قاطع، وناقة جرازة إذا كانت تأكل كل شيء لأنها لا تبقي شيئا إلا قطعته رجل جروز: أكول. * (ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون) *
28 - * (الفتح) * فتح مكة، أو القضاء بعذاب الدنيا، أو بالثواب والعقاب في الآخرة.
555

29 - * (يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا) * الذين قتلهم خالد يوم الفتح من بني كنانة، أو يوم القيامة، أو اليوم الذي يأتيهم فيه العذاب.
30 - * (فأعرض عنهم) * نزلت قبل الأمر بقتالهم.
556

سورة الأحزاب
مدنية اتفاقا
بسم الله الرحمان الرحيم
* (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) *
1 - * (اتق الله) * أكثر من تقواه في جهاد عدوه، أو دم على تقواك، أو الخطاب له والمراد أمته، أو نزلت لما قدم أبو سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبو الأعور السلمي المدينة ليجددوا خطاب الرسول [صلى الله عليه وسلم] في عهد بينهم وبينه فنزلوا على ابن أبي والجد بن قيس ومعتب بن قشير فتآمروا بينهم وأتوا الرسول [صلى الله عليه وسلم] فعرضوا عليه أمورا كرهها فهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنون بقتلهم فنزلت * (اتق الله) * في نقض عهدهم * (ولا تطع) * كفار مكة ومنافقي أهل المدينة فيما دعوا إليه.
557

* (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجهم الئي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذالكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل أدعوهم لأبآئهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيمآ أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما) *
4 - * (ما جعل الله لرجل من قلبين) * كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] قائما يوما يصلي فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه: إنه له قلبين قلبا معكم وقلبا معهم فنزلت إكذابا لهم فالمراد بالقلبين جسدين، أو قال قرشي من بني فهر: إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد فنزلت إكذابا له فيكون المراد بالقلبين عقلين / [145 / أ]، أو قال رجل: إن لي نفسين نفسا تأمرني ونفسا تنهاني فنزلت فيه ' ح '، أو كان جميل بن معمر الجمحي أحفظ الناس لما يسمع ذا فهم ودهاء فقالت قريش: ما يحفظ ما يسمعه بقلب واحد وإن له قلبين فانهزم يوم بدر بيده إحدى نعليه والأخرى في رجله فلقي أبا سفيان بشاطىء البحر فأخبره بمن قتل من أشرافهم. فقال: إنه قد ذهب عقلك فما بال إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك. فقال: ما كنت أظنها إلا في يدي فظهر لهم حاله ونزلت فيه، أو ضرب ذلك مثلا
لزيد لما تبناه الرسول [صلى الله عليه وسلم] فلا يكون لرجل أبوان حتى يكون زيد بن محمد وابن حارثة، أو لا يكون لرجل قلب مؤمن معنا وقلب كافر علينا لأنه لا يجتمع الإيمان والكفر في قلب واحد فيكون معناه ما جعل الله لرجل من دينين * (أدعياءكم) * كان الذليل في الجاهلية يأتي القوي
558

الشريف فيقول أنا ابنك فيقول نعم فإذا قبله واتخذه ابنا أصبح أعز أهله وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد تبنى زيد بن حارثة على تلك العادة فنزلت * (وما جعل أدعياءكم) * في الجاهلية * (أبناءكم) * في الإسلام. * (ذلكم قولكم) * في المظاهر عنها وابن التبني * (والله يقول الحق) * في أنها ليست بأم ولا الدعي بابن.
5 - * (أقسط) * أعدل قولا وحكما. * (فإخوانكم) * فانسبوهم إلى أسماء إخوانكم كعبد الله وعبد الرحمن وغيرهما، أو قولوا أخونا فلان ومولانا فلان، أو إن لم يعرف نسبهم كانوا إخوانا في الدين إن كانوا أحرارا وموالي إن كانوا عتقاء * (أخطأتم به) * قبل النهي و * (ما تعمدت قلوبكم) * بعد النهي في هذا وغيره، أو ما سهوتم به وما تعمدته قلوبكم: قصدته، أو ما أخطأتم أن تدعوه إلى غير أبيه ' ظانا أنه أبوه وما تعمدت قلوبكم أن تدعوه إلى غير أبيه عالما بذلك ' * (غفورا) * لما كان في الشرك * (رحيما) * بقبول التوبة في الإسلام. * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليآئكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا) *
6 - * (أولى بالمؤمنين) * من بعضهم ببعض لإرساله إليهم وفرض طاعته، أو أولى بهم فيما رآه لهم منهم بأنفسهم، أو لما أمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] الناس بالخروج إلى تبوك قال قوم: نستأذن آباءنا وأمهاتنا فنزلت، أو أولى بهم في قضاء ديونهم وإسعافهم في نوائبهم قال: ' أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم في الدنيا والآخرة فمن ترك مالا فليرثه عصبته وإن ترك دينا، أو ضياعا فليأتني
559

فأنا مولاه '. * (وأزواجه أمهاتهم) * في حرمة نكاحين وتعظيم حقوقهن دون النفقة والميراث، وفي إباحة النظر إليهن مذهبان هذا في اللائي مات عنهن، وفي إلحاقه مطلقاته بمن مات عنهن ثلاثة مذاهب يفرق في الثلث بين من دخل بهن ومن لم يدخل بهن وهل هن أمهات مؤمنات / [145 / ب] كالرجال فيه مذهبان، قالت امرأة لعائشة رضي الله تعالى عنها: يا أمة فقالت: لست لك بأم إنما أنا أم رجالكم. * (من المؤمنين) * الأنصار * (والمهاجرين) * قريش. نسخت التوارث بالهجرة لما نزل في الأنفال * (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) * [الآية: 72]. توارثوا بالهجرة فكان لا يرث الأعرابي المسلم من قريبه المسلم المهاجر شيئا فنسخ ذلك بقوله ها هنا * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) *، أو نسخت التوارث بالحلف والمؤاخاة في الدين، قال الزبير: نزلت فينا خاصة قريش والأنصار قدمنا المدينة فآخينا الأنصار فأورثونا وأورثناهم فآخى أبو بكر خارجة بن زيد وآخيت كعب بن مالك فقتل يوم أحد فوالله لقد مات عن الدنيا ما ورثه أحد غيري حتى أنزل الله هذه الآية فرجعنا إلى مواريثنا. * (في كتاب الله) * القرآن، أو اللوح المحفوظ. * (من المؤمنين والمهاجرين) * أي التوارث بالأنساب أولى من التوارث بالمؤاخاة في الهجرة
560

* (تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) * بالوصية للمشركين من ذوي الأرحام، أو الوصية للحلفاء والذين آخى بينهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] من المهاجرين والأنصار، أو الذين آخيتم فآتوا إليهم معروفا في الحياة، أو وصية الرجل لإخوانه في الدين * (مسطورا) * كان التوارث بالهجرة والمؤاخاة في الكتاب مسطورا قبل النسخ، أو كان نسخه بميراث ذوي الأرحام مسطورا قبل التوارث، أو كان لا يرث مسلم كافرا في الكتاب المسطورا، و * (الكتاب) * اللوح المحفوظ، أو القرآن، أو الذكر، أو التوراة، أمر بني إسرائيل أن يصنعوا مثله في بني لاوي بن يعقوب. * (وإذ أخذنا من النبين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى أبن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسئل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما) *
7 - * (ميثاقهم) * على قومهم أن يؤمنوا بهم ' ع '، أو ميثاق الأمم على الأنبياء أن يبلغوهم، أو ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضا * (ومنك ومن نوح) * سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك فقال: ' كنت أولهم في الخلق وآخرهم في البعث ' وخص هؤلاء بالذكر تفضيلا، أو لأنهم أصحاب الشرائع. * (ميثاقا غليظا) * تبليغ الرسالة، أو أن يصدق بعضهم بعضا، أو أن يعلنوا ان محمد [صلى الله عليه وسلم]
561

رسول ويعلن محمد أن لا رسول بعده.
8 - * (ليسأل الصادقين) * الأنبياء عن تبليغ الرسالة، أو عما أجابهم به قومهم أو عن الوفاء بالميثاق الذي أخذ عليهم، أو يسأل الأفواه الصادقة عن القلوب المخلصة. * (يا أيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذا جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) *
9 - * (نعمة الله عليكم) * بالنصر والصبر * (جنود) * أبو سفيان وعيينة بن حصن وطلحة بن خويلد وأبو الأعور السلمي وبنو قريظة. * (ريحا) * الصبا أكفأت قدورهم ونزعت فساطيطهم. * (وجنودا لم تروها) * الملائكة. تقوية لقلوب المؤمنين من غير قتال، أو بإيقاع الرعب في قلوب المشركين، أو بتفريق كلمتهم / وإقعاد بعضهم عن بعض، أو نصروهم بالزجر حتى جأوت بهم مسيرة ثلاثة أيام فقال طلحة بن خويلد: إن محمدا قد بدأكم بالسحر فالنجاة النجاة.
10 - * (من فوقكم) * من فوق الوادي وهو أعلاه جاء منه عوف بن مالك
562

في بني نصر وعيينة بن حصن في أهل نجد وطلحة بن خويلد الأسدي في بني أسد * (ومن أسفل منكم) * بطن الوادي من قبل المغرب جاء منه أبو سفيان بن حرب على أهل مكة ويزيد بن جحش على قريش وجاء أبو الأعور وحيي بن أخطب في بني قريظة وعامر بن الطفيل من وجه الخندق. * (زاغت الأبصار) * شخصت، أو مالت. * (وبلغت القلوب الحناجر) * زالت عن أماكنها من الرعب فبلغت الحناجر وهي الحلاقم واحدها حنجرة ويعبر بذلك عن شدة الخوف وإن لم تزل عن أماكنها
مع بقاء الحياة * (الظنون) * فيما وعدهم به من النصر، أو اختلاف ظنونهم ظن المنافقون أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه يستأصلون وأيقن المؤمنون أن وعده في إظهاره على الدين كله حق ' ح '. * (هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا) *
11 - * (ابتلي المؤمنون) * بالحصار، أو الجوع أصابهم بالخندق جوع شديد، أو امتحنوا بالصبر على إيمانهم. هنالك للمكان البعيد وهنا للقريب وهناك للمتوسط * (وزلزلوا) * حركوا بالخوف، أو اضطربوا عما كانوا عليه، منهم من اضطرب في نفسه ومنهم من اضطرب في دينه، أو راحوا عن أماكنهم فلم
563

يكن لهم إلا موضع الخندق.
12 - * (مرض) * نفاق، أو شرك لما أخبرهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] يومئذ بما يفتح عليهم من بيض المدائن وقصور الروم ومدائن اليمن. قال رجل من الأوس أيعدنا ذلك واحد لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قتل. هذا والله الغرور فنزلت.
13 - * (طائفة منهم) * ابن أبي وأصحابه، أو أوس بن قيظى، أو من بني سليم * (يثرب) * المدينة ويثرب من المدينة، أو المدينة في ناحية من يثرب قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة ثلاث مرات * (لا مقام لكم) * على دين محمد فارجعوا إلى دين مشركي العرب ' ح '، أو لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى طلب الأمان، أو لا مقام لكم في أماكنكم فارجعوا إلى مساكنكم. والمقام بالفتح الثبات على الأمر وبالضم الثبات على المكان، أو بالفتح النزل وبالضم الإقامة. * (عورة) * قاصية من المدينة نخاف على عورة النساء والصبيان من السبي، أو خالية ليس فيها إلا العورة من النساء من قولهم أعور الفارس إذا كان فيه موضع خلل للضرب، أو مكشوفة / [146 / ب] الحيطان نخاف عليها السرق والطلب. أعور المنزل إذا ذهب ستره وسقط جداره، وكل ما كره كشفه فهو عورة. * (ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا
564

ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار وكان عهد الله مسئولا قل لن ينفعك الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا) *
14 - * (ولو دخلت) * المدينة على المنافقين من نواحيها * (الفتنة) * القتال في المعصية، أو الشرك. * (وما تلبثوا) * بالإجابة إلى الفتنة. أو بالمدينة * (إلا يسيرا) * حتى يعذبوا.
15 - * (عاهدوا) * قبل الخندق وبعد بدر، أو قبل نظرهم إلى الأحزاب، أو قبل قولهم: يا أهل يثرب.
17 - * (سوءا) * هزيمة والرحمة النصر، أو عذابا والرحمة الخير، أو قتلا والرحمة التوبة. * (قد يعلم الله المعوقين منكم والقآئلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا) *
18 - * (المعوقين) * المثبطين: ابن أبي وأصحابه * (والقائلين) * المنافقون قالوا لإخوانهم ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، وهو هالك ومن تبعه فهلم إلينا أو قريظة قالوا لإخوانهم المنافقين: هلم إلينا فإن محمدا هالك وإن ظفر بكم أبو سفيان لم يبق منكم أحدا، أو انصرف يومئذ صحابي فوجد بين يدي أخيه لأبويه رغيفا وشواء، فقال: أنت هكذا والرسول [صلى الله عليه وسلم] بين الرماح والسيوف فقال: هلم إلي فقد أحيط بك وبصاحبك. فقال: كذبت، وأتى الرسول [صلى الله عليه وسلم]
565

ليخبره فوجدها قد نزلت * (ولا يأتون) * القتال إلا كارهين، أيديهم مع المسلمين وقلوبهم مع المشركين، أو لا يشهدونه إلا رياء وسمعة.
19 - * (أشحة عليكم) * بالخير، أو بالقتال معكم، أوبالغنائم إذا أصابوها، أو بالنفقة في سبيل الله * (فإذا جاء الخوف) * من النبي إذا غلب، أو من العدو إذا أقبل * (سلقوكم) * رفعوا أصواتهم عليكم، أو آذوكم بالكلام الشديد والسلق: الأذى، قال الخليل: سلقته باللسان إذا أسمعته ما يكره * (حداد) * شديدة ذربة، جدالا في أنفسهم، أو نزاعا في الغنيمة * (أشحة على الخير) * على قسمة الغنيمة، أو الغنيمة في سبيل الله، أو على الرسول [صلى الله عليه وسلم] لظفره * (لم يؤمنوا) * بقلوبهم * (فأحبط الله) * ثواب حسناتهم. * (يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بأدون في الأعراب يسئلون عن أنبآئكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا) *
20 - * (يحسبون الأحزاب لم يذهبوا) * لخوفهم وشدة جزعهم، أو تصنعا للرياء واستدامة للتخوف * (إلا قليلا) * كرها، أو رياء. * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) *
21 - * (أسوة) * مواساة عند القتال، أو قدوة حسنة يتبع فيها، والأسوة: المشاركة في الأمر، واساه في ماله جعل له فيه نصيبا. حثهم بذلك على الصبر
566

معه في الحروب، أو تسلية فيها أصابهم، فإن الرسول [صلى الله عليه وسلم] شج وكسرت رباعيته وقتل عمه. * (يرجوا) * ثواب الله في يوم الأخر، أو يرجو لقاءه بالإيمان ويصدق بالبعث. خطاب للمنافقين، أو المؤمنين، وهذه الأسوة واجبة، أو مستحبة.
22 - * (هذا ما وعدنا الله) * بقوله في البقرة * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم) *، الآية: [البقرة: 214] أو قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] يوم
الخندق أخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة في قصور الحيرة ومدائن / [147 / أ] كسرى فأبشروا بالنصر فاستبشروا وقالوا: الحمد لله موعد صادق إذ وعدنا بالنصر مع الحصر فطلعت الأحزاب فقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله. * (إيمانا) * بالرب * (وتسليما) * لقضائه، أو إيمانا بوعده وتسليما لأمر. * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما) *
23 - * (عاهدوا الله عليه) * بايعوا على أن لا يفروا فصدقوا في اللقاء يوم أحد، أو قوم لم يشهدوا بدرا فعاهدوا الله أن لا يتأخروا عن رسوله في حرب حضرها أو أمر بها، فوفوا بما عاهدوا * (قضى نحبه) * مات * (ومنهم من ينتظر) * الموت ' ع '، أو قضى عهده قتلا، أو عاش * (ومنهم من ينتظر) * أن يقتضيه
567

بقتال، أو صدق لقاء، أو النحب: النذر، وعلى الأول الأجل وعلى الثاني العهد * (وما بدلوا) * ما غيروا كما غير المنافقون، أو * (ما بدلوا) * عهدهم بالصبر ولا نكثوا بالفرار ' ح '.
24 - * (ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم) * بإخراجهم من النفاق، أو يعذبهم في الدنيا، أو في الآخرة بالموت على النفاق * (أو يتوب عليهم) * بإخراجهم من النفاق حتى يموتوا تائبين. * (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) *
25 - * (بغيظهم) * بحقدهم، أو غمهم * (لم ينالوا خيرا) * لم يصيبوا ظفرا ولا مغنما * (وكفى الله المؤمنين القتال) * بالريح والملائكة، أو بعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه * (قويا) * في سلطانه * (عزيزا) * في انتقامه. * (وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا) *
26 - * (الذين ظاهروهم) * بنو قريظة وكان بينهم وبين الرسول [صلى الله عليه وسلم] عهد فنقضوه، والمظاهرة: المعاونة، فغزاهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بعد ستة عشر يوما من
568

الخندق فحصرهم إحدى وعشرين ليلة فنزلوا على التحكيم في أنفسهم وأموالهم فحكموا سعدا فحكم بقتل مقاتلتهم وبسبي ذراريهم وأن عقارهم للمهاجرين دون الأنصار فكبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] وقال: ' قضى فيهم بحكم الله '، أو نزلوا على حكم الرسول ولم يحكم فيه سعد وإنما أرسل إليه يستشيره فقال: لو وليت أمرهم لقتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم، فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: والذي نفسي بيده لقد أشرت فيهم بالذي أمرني الله تعالى به فيهم * (صياصيهم) * حصونهم لامتناعهم بها كما تمتنع البقر بصياصيها وهي قرونها ومنه صيصية الديك شوكة في ساقه. * (وقذف في قلوبهم الرعب) * بصنيع جبريل بهم * (فريقا تقتلون) * قتل أربعمائة وخمسين وسبى سبعمائة وخمسين، وقيل: عرضوا عليه فأمر بقتل من احتلم، أو أنبت.
27 - * (أرضهم) * المزارع والنخيل * (وديارهم) * منازلهم وأموالهم المنقولة * (وأرضا لم تطؤوها) * مكة، أو خيبر، أو فارس والروم ' ح '، أو ما ظهر المسلمون عليه إلى يوم القيامة / [147 / ب] * (وكان الله على كل شيء) * أراد فتحه من القرى والحصون * (قديرا) وعلى ما أراده من نقمة أو عفو. * (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن
569

وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الأخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) *
28 - * (قل لأزواجك) * لم يخيرهن في الطلاق بل خيرهن من اختيار الدنيا فيفارقهن، أو اختيار الآخرة فيمسكهن ' ح '، أو خيرهن في الطلاق، أو المقام معه فاخترن كلهن إلا الحميرية فإنها اختارت نفسها. وسبب تخييرهن أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] خير بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة فاختار الآخرة فأمره بتخييرهن ليكن على مثل حاله أو لأنهن تغايرن عليه فآلى منهن شهرا، وأمر بتخييرهن، أو اجتمعن يوما وقلن: نريد ما تريده النساء من الحلي والثياب، حتى قال بعضهن: لو كنا عند غير الرسول [صلى الله عليه وسلم] لكان لنا شأن وحلي وثياب فنزلت، أو
570

لأن الله تعالى صان خلوة نبيه [صلى الله عليه وسلم] فخيرهن على أن لا يتزوجن بعده فأجبن إلى ذلك فأمسكهن، أو سألته أم سلمة سترا معلما وميمونة حلة يمانية وزينب ثوبا مخططا وهو البرد اليماني أم حبيبة ثوبا سحوليا وحفصة ثوبا من ثياب مصر وجويرية معجرا وسودة قطيفة فدكية فلم تطلب عائشة رضي الله تعالى عنها شيئا فأمره الله تعالى بتخييرهن، وكان تحته يومئذ تسع سوى الحميرية
571

خمس قرشيات عائشة وحفصة وأم حبيبة وأم سلمة وسودة وصفية بنت حيي الخيبري وميمونة بنت الحارث الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية. فلما اخترن الصبر معه على الرخاء والشدة عوضن بأن جعلن أمهات المؤمنين تعظيما لحقوقهن وتأكيدا لحرمتهن، وخطر عليه طلاقهن أبدا وحرم النكاح عليهن ما دام معسرا فإن أيسر ففيه مذهبان، قالت عائشة رضي الله عنها ما مات الرسول [صلى الله عليه وسلم] حتى حل له النساء، يعني اللآتي حظرن عليه، وقيل الناسخ لتحريمهن قوله: * (إنا أحللنا لك) * الآية: [50]. * (يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتهآ أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما
30 - * (بفاحشة مبينة) * الزنا، أو النشوز وسوء الخلق ' ع ' * (ضعفين) * عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أو عذابان في الدنيا، لأذاهن للرسول [صلى الله عليه وسلم] حدان في الدنيا غير السرقة. قال أبو عبيدة الضعفان أن تجعل الواحد ثلاثة فيكون عليهن ثلاثة حدود لأن ضعف الواحد اثنان فكان ضعفي الواحد ثلاثة، أو المراد بالضعف المثل والضعفان المثلان قاله ابن قتيبة وقال آخرون إذا كان ضعف
572

الشيء مثليه وجب أن يكون ضعفان أربعة أمثاله. قال ابن جبير: فجعل عذابهن ضعفين وجعل على من قذفهن الحد ضعفين.
31 - * (يقنت) * تطع * (وتعمل صالحا) * بينها وبين ربها * (مرتين) * كلاهما في الآخرة أو أحدهما في الدنيا والثاني في الآخرة * (رزقا كريما) * / [148 / أ] في الجنة، أو في الدنيا واسعا حلالا. * (يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وءاتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا) *
32 - * (لستن كأحد) * من نساء هذه الأمة * (فلا تخضعن) * فلا ترققن بالقول، أو لا ترخصن به ' ع ' أو تلن القول أو لا تكلمن بالرفث أو بالكلام الذي فيه ما يهوى المريب أو ما يدخل من كلام النساء في قلوب الرجال. * (مرض) * شهوة الزنا والفجور، أو النفاق، وكان أكثر من تصيبه الحدود في زمن الرسول [صلى الله عليه وسلم] المنافقون * (معروفا) * صحيحا، أو عفيفا، أو جميلا.
573

33 - * (وقرن) * من القرار في مكان وبالكسر من السكينة والوقار * (تبرجن تبرج) * التبخير، أو كانت لهن مشية وتكسر وتغنج. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم]: ' المائلات المميلات لا يدخلن الجنة ' المائلات في مشيهن والمميلات قلوب الرجال إليهن، أو كانت المرأة تمشي بين الرجال، أو أن تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فيواري قلائدها وعنقها وقرطها فيبدوا ذلك كله منها، أو تبدي من محاسنها ما يلزمها ستره، أصله من تبرج العين وهو سعتها. * (الجاهلية الأولى) * بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، أو زمن إبراهيم عليه الصلاة السلام كانت إحداهن تمشي في الطريق لابسة درعا مفرجا ليس عليها غيره، أو ما بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام، ثمانمائة سنة فكن النساء يردن الرجال على أنفسهن لحسن رجالهن وقبح نسائهن، أو بين نوح وإدريس عليهما الصلاة والسلام ألف سنة كانت إحداهن تجمع زوجا وخلما أي صاحبا فتجعل لزوجها النصف الأسفل ولخلمها النصف الأعلى، أو كان بطنان من بني آدم يسكن أحدهما الجبل رجالهم صباح وفي نسائهم دمامة ' وأهل السهل عكس ذلك ' فاتخذ لهم
574

إبليس عيدا اختلط فيه أهل السهل بأهل الجبل فظهرت فيهم الفاحشة فذلك تبرج الجاهلية الأولى. * (الرجس) * الإثم، أو الشرك ' ح '، أو الشيطان، أو المعاصي، أو الشك، أو الأقذر * (أهل البيت) * علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم أجمعين قاله أربعة من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أو الأزواج خاصة، أو الأهل والأزواج. * (ويطهركم) * من الإثم، أو السوء، أو الذنوب.
34 - * (آيات الله) * القرآن * (والحكمة) * السنة، أو الحلال والحرام والحدود * (لطيفا) * باستخراجها * (خبيرا) * بمواضعها. * (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصداقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) *
35 - * (إن المسلمين) * قالت أم سلمة للرسول [صلى الله عليه وسلم]: ما للرجال يذكرون في القرآن ولا تذكر النساء فنزلت * (المسلمين) * المتذللين * (والمؤمنين) * المصدقين، أو المسلمين في أديانهم، والمسلم والمؤمن واحد، أو الإسلام الإقرار باللسان والإيمان التصديق بالقلب، أو الإسلام اسم الدين والإيمان التصديق به والعمل عليه / [148 / ب]. * (والقانتين) * المطيعين، أو الداعين ' ع ' * (والمصدقين) * في أيمانهم أو عهودهم * (والصابرين) * على
575

أمر الله ونهيه، أو في البأساء والضراء * (والخاشعين) * المتواضعين لله، أو الخائفين منه، أو المصلين * (والمتصدقين) * بأنفسهم في طاعة الله، أو بأموالهم في الزكاة المفروضة أو بإعطاء النوافل بعد الفرض * (والصائمين) * عن المعاصي والقبائح أو الصوم الشرعي المفروض، أو رمضان وثلاثة أيام من كل شهر * (فروجهم) * عن الحرام والفواحش، أو منافذ الجسد كلها يحفظون السمع عن اللغو والخنا ' والأعين عن النظر إلى ما لا يحل ' والفروج عن الفواحش والأفواه عن قول الزور وأكل الحرام * (والذاكرين الله) * باللسان أو التالين لكتابه، أو المصلين * (مغفرة) * لذنوبهم * (وأجرا عظيما) * لأعمالهم. * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) *
36 - * (وما كان لمؤمن) * لما خطب الرسول [صلى الله عليه وسلم] زينب بنت جحش لزيد بن حارثة امتنعت هي وأخوها لأنهما ولدا عمة الرسول [صلى الله عليه وسلم] أميمة بنت عبد المطلب، وأنهما من قريش وأن زيدا مولى فنزلت فقالت زينب: أمري
576

بيد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فزوجها من زيد ' ع ' أو نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي أول من هاجر من النساء فوهبت نفسها للرسول [صلى الله عليه وسلم] فقال: قد قبلت فزوجها زيد بن حارثة فسخطت هي وأخوها وقالا إنما أردنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فزوجها عبده * (ضلالا مبينا) * جار جورا مبينا، أو أخطأ خطأ طويلا. * (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) *
37 - * (أنعم الله عليه) * بمحبة رسوله [صلى الله عليه وسلم] * (وأنعمت عليه) * بالتبني، أو بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق وهو زيد بن حارثة أتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] منزله فرأى زوجته زينب بنت جحش فأعجبته فقال: سبحان مقلب القلوب، فسمعت ذلك فجلست فجاء زيد فذكرت له ذلك فعرف أنها وقعت في نفسه فأتاه فقال: يا
577

رسول الله إئذن لي في طلاقها فإن فيها كبرا إنها لتؤذيني بلسانها، فقال: اتق الله تعالى وأمسك عليك زوجك وفي نفسه [صلى الله عليه وسلم] غير ذلك * (وتخفي في
نفسك) * إيثار طلاقها، أو الميل إليها، أو أنه إن طلقها تزوجتها، أو أعلمه الله بغيب أنها تكون من زوجاته قبل أن يتزوجها ' ح ' * (وتخشى) * مقالة الناس، أو أن تبديه لهم * (وطرا) * حاجة، أو طلاقا والوطر الأرب المشتهى * (زوجناكها) * فدعا الرسول [صلى الله عليه وسلم] زيدا، وأمره أن يخبرها أن الله تعالى زوجه إياها فجاءها فاستفتح فقالت: من هذا قال: زيد فقالت: وما حاجة زيد إلي وقد طلقني فقال: إن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أرسلني فقالت: مرحبا برسول رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وفتحت فدخل وهي
578

تبكي فقال: لا يبكي الله عينيك قد كنت نعمت المرأة إن كنت لتبري قسمي وتطيعي أمري / [149 / أ] وتشبعي مسرتي فقد أبدلك الله تعالى خيرا مني قالت: من لا أبا لك قال: رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فخرت ساجدة وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] في عسرة فأصدقها قربة وعباءة ورحى يد ووسادة أدم حشوها ليف وأولم عليها تمر وسويق ودخل عليها بغير إذن وكانت تفخر على نسائه وتقول زوجكن أولياؤكن وآباؤكن وأما أنا فزوجني رب العرش * (كيلا يكون) * قال المشركون للرسول [صلى الله عليه وسلم]: زعمت أن زوجة الابن لا تحل وقد تزوجت حليلة ابنك زيد. فقال الله تعالى * (كيلا يكون على المؤمنين حرج) * الآية أي لا تحرم زوجة ابن الدعي * (أمر الله) * تزويج الرسول [صلى الله عليه وسلم] زينب رضي الله تعالى عنها. * (مفعولا) * حكما لازما وقضاء واجبا. * (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا) *
38 - * (فرض الله له) * أحله له من تزويج زينب أو من التي وهبته نفسها أن زوجه الله إياها بغير صداق ولكن أعطاها الصداق فضولا ' ح ' أو أن ينكح ما شاء من عدد النساء وإن حرم على أمته أكثر من أربع لأن اليهود عابوه بذلك. قال الطبري نكح الرسول [صلى الله عليه وسلم] خمس عشرة ودخل بثلاث عشرة ومات
579

فارغة
580

عن تسع وكان القسم لثمان. * (سنة الله) * السنة الطريقة المعتادة * (في الذين خلوا) * أي لا حرج على الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم بسلامه فيما أحل لهم كما أحل لداود عليه الصلاة والسلام مثل هذا في نكاح ما شاء وفي المرأة التي نظر إليها وتزوجها ونكح مائة امرأة، وأحل لسليمان عليه الصلاة والسلام ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية * (قدرا مقدورا) * فعلا مفعولا، أو قضاء مقضيا عند الجمهور. * (الذين يبلغون رسالت الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين وكان الله بكل شيء عليما) *
40 - * (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) * لما قال المشركون قد تزوج محمد امرأة ابنه أكذبهم الله تعالى بهذه الآية * (وخاتم النبيين) * آخرهم. * (يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما) *
41 - * (اذكروا الله) * تعالى بقلوبكم ذكرا دائما مؤديا إلى طاعته، أو بألسنتكم ذكرا كثيرا بالدعاء والرغبة، أو بالإقرار له بالربوبية والاعتراف بالعبودية.
581

42 - * (وسبحوه بكرة وأصيلا) * صلاة الصبح والعصر والأصيل ما بين العصر والليل، أو الأصيل الظهر والعصر والمغرب والعشاء. * (وسبحوه) * بالتنزيه، أو الصلاة، أو الدعاء.
43 - * (يصلي عليكم) * صلاته ثناؤه، أو إكرامه، أو رحمته، أو مغفرته وصلاة الملائكة دعاؤهم واستغفارهم * (من الظلمات) * من الكفر إلى الإيمان أو من الضلالة إلى الهدى، أو من النار إلى الجنة. * (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذانهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) *
45 - * (شاهدا) * على أمتك بالبلاغ * (ومبشرا) * بالجنة * (ونذيرا) * من النار ' ع '.
46 - * (وداعيا إلى الله) * إلى طاعته، أو الإسلام، أو شهادة أن لا إله إلا الله * (بإذنه) * بأمره ' ع ' أو علمه ' ح '، أو القران. / [149 / ب] (وسراجا) * القرآن، أو الرسول [صلى الله عليه وسلم] * (منيرا) * يهتدى به كالسراج.
47 - * (فضلا كبيرا) * ثوابا عظيما، أو الجنة لما رجع الرسول [صلى الله عليه وسلم] من الحديبية فنزل عليه " 0 إنا فتحنا لك) * الآيات [الفتح 1 - 3] قال المسلمون هنيئا لك يا رسول الله قد غفر لك ما تقدم وما تأخر فماذا لنا فنزلت * (وبشر المؤمنين) *
48 - * (ولا تطع الكافرين) * أبو سفيان وعكرمة وأبو الأعور والمنافقين عبد الله بن أبي وعبد الله بن سعد وطعمة بن أبيرق قالوا: يا محمد اذكر أن
582

لآلهتنا شفاعة * (ودع أذاهم) * دع ذكر آلهتهم أن لها شفاعة، أو كف عن أذاهم وقتالهم قبل الأمر بالقتال، أو اصبر على أذاهم، أو قولهم زيد بن محمد وما تكلموا به حين نكح زينب. * (يا أيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا) *
49 - * (فمتعوهن) * متعة الطلاق إذا لم تسموا لهن صداقا فتقوم المتعة مقام نصف المسمى وقدرها نصف مهر المثل، أو أعلاها خادم وأوسطها ثوب وأقلها ماله ثمن * (سراحا جميلا) * تدفع المتعة بحسب اليسار والإعسار، أو طلاقها طاهرا من غير جماع قاله قتادة، قلت: هذه غفلة منه لأن الآية فيمن لم يدخل بهن. * (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك التي ءاتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك خالك وبنات خالاتك التي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما) *
50 - * (أحللنا لك أزواجك) * اللاتي تزوجتهن قبل هذه الآية ولا يحل غيرهن لقوله * (لا يحل لك النساء) * الآية [52]. أو أحل له بهذه الآية سائر
583

النساء قالته عائشة رضي الله تعالى عنها وينسخ بها قوله * (لا يحل لك النساء من بعد) * الآية: [52] إذ أحل له فيها من سماه من النساء دون من لم يسم * (وما ملكت يمينك) * فكان من الإماء مارية * (مما أفاء الله عليك) * من الغنيمة صفية وجويرية أعتقهما وتزوجهما وبنات عمه وعماته وبنات خاله وخالاته. قاله أبي بن كعب * (هاجرن) * أسلمن، أو هاجرن إلى المدينة قالت أم هانئ نزلت هذه الآية فأراد الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يتزوجني فنهي عني لأني لم أهاجر وهذه الهجرة شرط في نكاحه لبنات عمه وعماته المذكورات في الآية خاصة بهن، أو شرط في نكاح القريبات والأجنبيات فلا يجوز له أن ينكح غير مهاجرة. * (وهبت نفسها) * لم يكن عنده امرأة وهبته نفسها ' ع ' وهو تأويل من كسر ' إن '، أو كانت عنده على قول الجمهور، وهو تأويل من فتحها، أو من فتح أراد امرأة بعينها من وهبت نفسها حل له نكاحها ومن كسر أراد كل امرأة تهب نفسها فإنه يحل نكاحها. والواهبة التي كانت عنده. أم شريك بنت جابر بن ضباب، أو خولة بنت حكم أو ميمونة بنت الحارث ' ع '، أو زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار * (خالصة لك) * تزوج الواهبة بغير ولي ولا مهر ولا يلزمك لها صداق، أو يصح نكاحك لها بلفظ الهبة * (ما فرضنا عليهم) * من ولي وشاهدين وصداق، أو أن لا يجاوزوا الأربع، أو النفقة والقسمة. * (وما
584

ملكت أيمانهم) * أي حللناهن من غير عدد محصور ولا قسم مستحق. * (كيلا يكون عليك / [150 / ب] حرج) * متعلق بقوله * (أحللنا لك) *، أو بقوله * (وامرأة مؤمنة إن وهبت) * * (ترجى من تشاء منهن وتئوى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما ءاتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما) *
51 - * (ترجي) * تطلق * (وتؤوي) * تمسك ' ع '، أو تترك نكاح من تشاء وتنكح من تشاء ' ح '، أو تعزل من شئت من أزواجك فلا تأتيها وتأتي من شئت منهن فلا تعزلها وهذا يدل على سقوط القسم عنه، أو تعزل من تشاء من أزواجك وتضم إليك من تشاء من أزواجك ولما بلغ بعضهن أنه يريد أن يخلي سبيلهن أتينه فقلن: لا تخل سبيلنا وأنت في حل مما بيننا وبينك فأرجى سودة وميمونة وجويرية وأم حبيبة وصفية وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء وآوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب فكان قسمه من ماله ونفسه فيهن سواء. * (ومن ابتغيت) * فآويته إليك * (ممن عزلت) * أن تئويه إليك * (فلا جناح عليك) * فيمن ابتغيت وفيمن عزلت، أو فيمن عزلت أن تئويه إليك * (ذلك أدنى) * إذا علمن أنه لا يطلقهن قرت أعينهن ولم يحزن أو إذا علمن أنه لا يتزوج عليهن قرت أعينهن ولم يحزن، أو إذا علمن هذا حكم الله قرت أعينهن، أو إذا علمن أن له ردهن إلى فراشه إذا اعتزلهن قرت أعينهن. * (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شىء رقيبا) *
52 - * (لا يحل لك النساء من بعد) * نسائك اللاتي خيرتهن فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة ' ع ' فقصر على التسع ومنع من غيرهن، أو لا يحل لك النساء بعد اللاتي حللن لك بقوله * (إنا أحللنا لك أزواجك) * إلى قوله * (إن
585

وهبت نفسها) * [50] فقصر الإباحة على بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات المهاجرات معه. قاله أبي بن كعب، أو لا يحل لك النساء من بعد المسلمات كاليهوديات والنصرانيات والمشركات ويحل ما سواهن من المسلمات. * (ولا أن تبدل) * بالمسلمات مشركات، أو ولا أن تطلق زوجاتك لتستبدل بهن من أعجبك حسنهن قيل التي أعجبه حسنها أسماء بنت عميس بعد قتل جعفر بن أبي طالب، أو ولا أن تبدل بأزواجك زوجات غيرك، كانوا في الجاهلية يتبادلون بالأزواج فيعطي أحدهم زوجته لرجل ويأخذ زوجته بدلا منها قاله ابن زيد. * (يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فأدخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شىء عليما) *
53 - * (لا تدخلوا بيوت النبي) * مر الرسول [صلى الله عليه وسلم] ببعض نسائه وعندهن رجال يتحدثون وكان حديث عهد بزينب بنت جحش فهنينه وهنأه الناس فأتى عائشة - رضي الله عنها - فإذا عندها رجال يتحدثون فكره ذلك وكان إذا كره الشيء عرف في وجهه فلما كان العشي صعد المنبر وتلا هذه الآية. * (ناظرين
586

إناه) * منتظرين نضجه، أو متوقعين بحينه ووقته " 0 ولا مستأنسين) * لما أهديت زينب للرسول [صلى الله عليه وسلم] صنع طعاما ودعا قوما فدخلوا وزينب مع الرسول [صلى الله عليه وسلم] فجعلوا يتحدثون وجعل الرسول [صلى الله عليه وسلم] يخرج ثم يرجع وهم قعود. / [150 / ب] فنزلت * (فإذا طعمتم فانتشروا) * * (فيستحيي منكم) * أن يخبركم به * (والله لا يستحيي من الحق) * أن يأمركم به * (متاعا) * حاجة، أو صحف القرآن أو عارية أمرن وسائر النساء بالحجاب كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] وعائشة - رضي الله تعالى عنها - يأكلان حيسا في قعب فمر عمر - رضي الله تعالى عنه - فدعاه فأكل فأصابت أصبعه أصبع عائشة فقال حسبي لو أطاع فيكن ما رأتكن عين، أو كن يخرجن للتبرز إلى المناصع وكان عمر - رضي الله تعالى عنه - يقول للرسول [صلى الله عليه وسلم]: احجب نساءك فلم يكن يفعل فنزل الحجاب، أو أمرهن عمر بالحجاب فقالت زينب: يا عمر إنك لتغار علينا وإن الوحي ينزل في بيوتنا فنزل الحجاب * (ولا أن تنكحوا) * لما نزل الحجاب قال قرشي من بني تميم حجبنا الرسول عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا من بعدنا لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده فنزلت ولتحريمهن بعده وجبت نفقاتهن من بيت المال وفي وجوب العدة عليهن مذهبان لأن العدة تربص للإباحة ولا إباحة في حقهن.
587

* (لا جناح عليهن في ءابائهن ولا أبنائهن ولا أخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شىء شهيدا)
*
55 - * (لا جناح عليهن) * في ترك الحجاب، أو في وضع الجلباب. لما نزلت * (فسئلوهن من وراء حجاب) * قال الآباء والأبناء فقالوا: يا رسول الله نحن لا نكلمهن أيضا إلا من وراء حجاب فنزلت قال الشعبي: لم يذكر العم لأنها تحل لابنه فيصفها له. * (نسائهن) * عام، أو المسلمات دون المشركات * (ما ملكت أيمانهن) * الإماء خاصة، أو الإماء والعبيد فيحل للعبيد ما يحل للمحرم، أو ما لا يواريه الدرع من ظاهر يديها. * (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) *
56 - * (يصلون) * صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء، أو صلاة الملائكة أن يباركوا عليه ' ع ' وقولنا اللهم صل على محمد أي زده بركة ورحمة قيل: لما نزلت قال المسلمون: فما لنا يا رسول الله فنزلت * (هو الذي يصلي علكيم) * الآية [43].
588

* (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *
57 - * (الذين يؤذون الله ورسوله) * أصحاب التصاوير، أو الذين طعنوا على الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما اتخذ صفية بنت حيي أو قوم من المنافقين كانوا يكذبون على الرسول [صلى الله عليه وسلم] ويبهتونه * (ويوذون الله) * أي أولياءه، أو رسوله [صلى الله عليه وسلم]، جعله أذاه أذى له تشريفا لمنزلته، أو ما روى من قوله سبحانه وتعالى ' شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني وكذبني وما ينبغي له أن يكذبني أم شتمه إياي فقوله إن لي صاحبة وولدا وأما تكذيبه إياي بقوله لن يعيدني كما بدأني '. لعنوا في الدنيا بالقتل والجلاء وفي الآخرة بالنار.
58 - * (الذين يؤذون المؤمنين) * نزلت في الزناة كانوا يرون المرأة فيغمزونها، أو في قوم كانوا يؤذون عليا - رضي الله تعالى عنه - ويكذبون عليه، أو في أهل الإفك. * (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين
589

خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) *
59 - * (جلابيبهن) * الجلباب: الرداء، أو القناع، أو كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها وإدناؤه أن تشد به رأسها وتلقيه فوق خمارها حتى لا / [151 / أ] ترى ثغرة نحرها، أو تغطي به وجهها حتى لا تظهر إلا عينها اليسرى * (يعرفن) * من الإماء بالحرية أو من المتبرجات بالصيانة. قال قتادة: كانت الأمة إذا مرت تناولها المنافقون بالأذى فنهى الله - تعالى - الحرائر أن يتشبهن بهن.
60 - * (لئن لم ينته المنافقون) * عن أذية نساء المسلمين، أو عن إظهار ما في قلوبهم من النفاق ' ح ' * (والذين في قلوبهم مرض) * الزناة، أو أصحاب الفواحش والقبائح * (والمرجفون) * الذين يكايدون النساء ويتعرضون لهن، أو ذاكرو الأخبار المضعفة لقلوب المؤمنين المقوية لقلوب المشركين، أو الإرجاف التماس الفتنة ' ع ' وسميت الأراجيف لاضطراب الأصوات فيها وإفاضة الناس فيها * (لنغرينك بهم) * لنسلطنك عليهم، أو لنعلمنك بهم، أو لنحملنك على مؤاخذتهم * (إلا قليلا) * بالنفي عن المدينة والقليل ما بين قوله لهم أخرجوا وبين خروجهم.
62 - * (سنة الله في الذين خلوا) * بأن من أظهر الشرك قتل، أو من زنا حد أو من أظهر النفاق أبعد * (تبديلا) * تحويلا وتغييرا، أو من قتل بحق فلا دية على قاتله. * (يسئلك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا
590

أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) *
67 - * (سادتنا) * الرؤساء، أو الأمراء، أو الأشراف * (وكبراءنا) * العلماء أو ذوو الأسنان مأثور * (السبيلا) * طريق الإيمان و * (الرسولا) * و * (السبيلا) * مخاطبة يجوز ذلك فيها عند العرب، أو لفواصل الآي. قيل نزلت في المطعمين يوم بدر وهم اثنا عشر رجلا من قريش.
67 - * (ضعفين) * من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أو عذاب الكفر وعذاب الإضلال. * (لعنا كبيرا) * عظيما وبالثاء لعنا على إثر لعن. * (يا أيها الذين ءامنوا لا تكونوا كالذين ءاذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها) *
591

69 - * (لا تكونوا) * في أذية محمد [صلى الله عليه وسلم] بقولكم زيد بن محمد، أو بقول الأنصاري إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله - تعالى - * (آذوا موسى) * رموه بالسحر والجنون، أو بالأدرة والبرص في حديث اغتساله خلوا، أو صعد مع هارون الجبل فمات هارون فقالوا لموسى أنت قتلته وكان ألين لنا منك وأشد حبا فأمر الله الملائكة فحملته ومرت به على مجالسهم وتكلمت الملائكة بموته ثم دفنته قال علي - رضي الله عنه -: ومات هارون في التيه ومات موسى بعد انقضاء مدة التيه بشهرين * (وجيها) * مقبولا، أو مستجاب الدعوة ' ح '، أو ما سأل الله - تعالى - شيئا إلا أعطاه إلا النظر. والوجيه: مشتق من الوجه لأنه أرفع الجسد. * (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) *
70 - * (سديدا) * عدلا، أو صدقا، أو صوبا، أو قول لا إله إلا الله، أو يوافق باطنه ظاهره، أو ما أريد به وجه الله - تعالى - دون غيره.
592

71 - * (يصلح لكم أعمالكم) * بالقبول، أو بالتوفيق لها. * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين و المؤمنات وكان الله غفورا رحيما) *
72 - * (الأمانة) * ما أمروا به ونهوا عنه، أو الفرائض والأحكام الواجبة على العباد ' ع ' أو ائتمان النساء والرجال على الفروج، أو الأمانة التي يأتمن الناس بعضهم بعضا عليها، أو ما أودعه في هذه المخلوقات من الدلائل على الربوبية / [141 / ب] أن يظهروها فأظهروها إلا الإنسان فإنه كتمها وجحدها، وعرضها إظهار ما يجب من حفظها وعظم المأثم في تضييعها، أو عورضت بالسماوات والأرض والجبال فكانت أثقل منها لتغليظ حكمها فلم تستقل بها وضعفت عن حملها، أو عرض الله - تعالى - حملها ليكون الدخول فيها بعد العلم بها فعرضها الله - تعالى - على السماوات والأرض والجبال ' ع '، أو على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال من الملائكة ' ح ' * (فأبين أن يحملنها) * حذرا * (وأشفقن منها) * تقصيرا، أو أبين حملها عجزا وأشفقن منها خوفا * (وحملها الإنسان) * الجنس، أو آدم عليه الصلاة والسلام ثم انتقلت إلى ولده ' ح ' لما عرضت عليهن قلن وما فيها قيل إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت قالت لا، فلما خلق آدم عليه الصلاة والسلام عرضها عليه فقال وما هي قال إن أحسنت أجرتك وأن أسأت عذبتك قال فقد حملتها يا رب. فما كان بين أن حملها إلى أن خرج من الجنة إلا كما بين الظهر والعصر * (ظلوما) * لنفسه * (جهولا) * بربه ' ح '، أو ظلوما في خطيئته جهولا
593

بما حمل ولده من بعده، أو ظلوما بحقها جهولا بعاقبة أمره.
73 - * (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) * بالشرك والنفاق، أو لخيانتهما الأمانة " 0 ويتوب الله على المؤمنين) * يتجاوز عنهم بأداء الأمانة * (غفورا) * لمن تاب من الشرك * (رحيما) * بالهداية.
594