الكتاب: تفسير الواحدي
المؤلف: الواحدي
الجزء: ١
الوفاة: ٤٦٨
المجموعة: مصادر التفسير عند السنة
تحقيق: صفوان عدنان داوودي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٥
المطبعة: دمشق , بيروت - دار القلم , الدار الشامية
الناشر: دار القلم , الدار الشامية
ردمك:
ملاحظات:

= الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لأبي الحسن الواحدي
1

1 4
سورة الفاتحة
1 * (بسم الله الرحمن الرحيم) * 0 أي أبدؤوا أو افتتحوا بتسمية الله تيمنا وتبركا و الله اسم تفرد الباري به سبحانه يجري في وصفه مجرى أسماء الأعلام لا يعرف له اشتقاق وقيل معناه ذو العبادة التي بها يقصد * (الرحمن الرحيم) * صفتان لله تعالى معناهما ذو الرحمة أي الرحمة لازمة له وهي إرادة الخير ولا فرق بينهما مثل ندمان ونديم
2 * (الحمد لله) * هو الثناء لله والشكر له بإنعامه * (رب العالمين) * مالك المخلوقات كلها
4 * (مالك يوم الدين) * مأخوذ من الملك والملك مأخوذ من الملك أي قاضي يوم الجزاء والحساب لأنه متفرد في ذلك اليوم بالحكم
88

5 7
5 * (إياك نعبد) * أي نخصك ونقصدك بالعبادة وهي الطاعة مع الخضوع * (وإياك نستعين) * ومنك نطلب المعونة
6 * (اهدنا الصراط المستقيم) * أي دلنا عليه واسلك بنا فيه وثبتنا عليه
7 * (صراط الذين أنعمت عليهم) * بالهداية وهم قوم موسى وعيسى عليهما السلام قبل أن يغيروا نعم الله عز وجل وقيل هم الذين ذكرهم الله عز وجل في قوله تعالى * (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) * الآية
8 * (غير المغضوب عليهم) * أي غير الذين غضبت عليهم وهم اليهود ومعنى الغضب من الله تعالى إرادة العقوبة
9 * (ولا الضالين) * أي ولا الذين ضلوا وهم النصارى فكأن المسلمين سألوا الله تعالى أن يهديهم طريق الذين أنعم عليهم ولم يغضب عليهم كما غضب على اليهود ولم يضلوا عن الحق كما ضلت النصارى
89

سورة البقرة 3 * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (ألم) * أنا الله أعلم
2 * (ذلك الكتاب) * أي هذا الكتاب يعني القرآن * (لا ريب فيه) * أي لا شك فيه أي إنه صدق وحق وقيل لفظه لفظ خبر ويراد به النهي عن الارتياب قال * (فلا رفث ولا فسوق) * ولا ريب فيه أنه * (هدى) * بيان ودلالة * (للمتقين) * للمؤمنين الذي يتقون الشرك في تخصيصه كتابه بالهدى للمتقين دلالة على أنه ليس بهدى لغيرهم وقد قال * (والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر) * الآية
3 * (الذين يؤمنون) * يصدقون * (بالغيب) * بما غاب عنهم من الجنة والنار والبعث
90

* (ويقيمون الصلاة) * يديمونها ويحافظون عليها * (ومما رزقناهم) * أعطيناهم مما ينتفعون به * (ينفقون) * يخرجونه في طاعة الله تعالى
4 * (والذين يؤمنون بما أنزل إليك) * نزلت في مؤمني أهل الكتاب يؤمنون بالقرآن * (وما أنزل من قبلك) * يعني التوراة * (وبالآخرة) * يعني وبالدار الآخرة * (هم يوقنون) * يعلمونها علما باستدلال
5 * (أولئك) * يعني الموصوفين بهذه الصفات * (على هدى) * بيان وبصيرة * (من ربهم) * أي من عند ربهم * (وأولئك هم المفلحون) * الباقون في النعيم المقيم
6 * (إن الذين كفروا) * ستروا ما أنعم الله عز وجل به عليهم من الهدى والآيات فجحدوها وتركوا توحيد الله تعالى * (سواء عليهم) * معتدل ومتساو عندهم * (أأنذرتهم) * أعلمتهم وخوفتهم * (أم لم تنذرهم) * أم تركت ذلك * (لا يؤمنون) * نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته ثم ذكر سبب تركهم الإيمان فقال
7 * (ختم الله على قلوبهم) * أي طبع الله على قلوبهم واستوثق منها حتى لا يدخلها الايمان * (وعلى سمعهم) * أي مسامعهم حتى لا ينتفعوا بما يسمعون * (وعلى أبصارهم) * على أعينهم * (غشاوة) * غطاء فلا يبصرون الحق * (ولهم عذاب عظيم) * متواصل لا تتخلله فرجة
91

8 12
8 * (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر) * الآية نزلت في المنافقين حين أظهروا كلمة الإيمان وأسروا الكفر فنفى الله سبحانه عنهم الإيمان بقوله * (وما هم بمؤمنين) * فدل أن حقيقة الإيمان ليس الإقرار فقط
9 * (يخادعون الله والذين آمنوا) * أي يعملون عمل المخادع بإظهار غير ما هم عليه ليدفعوا عنهم أحكام الكفر * (وما يخدعون إلا أنفسهم) * لأن وبال خداعهم عاد عليهم باطلاع الله تعالى نبيه عليه السلام والمؤمنين على أسرارهم وافتضاحهم * (وما يشعرون) * وما يعلمون ذلك
10 * (في قلوبهم مرض) * شك ونفاق * (فزادهم الله مرضا) * أي بما أنزل من القرآن فشكوا فيه كما شكوا في الذي قبله * (ولهم عذاب أليم) * مؤلم * (بما كانوا يكذبون) * بتكذيبهم آيات الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم ومن قرأ يكذبون فمعناه بكذبهم في ادعائهم الايمان
11 * (وإذا قيل لهم) * لهؤلاء المنافقين * (لا تفسدوا في الأرض) * بالكفر وتعويق الناس عن الإيمان * (قالوا إنما نحن مصلحون) * أي الذي نحن عليه هو
صلاح عند أنفسنا فرد الله تعالى عليهم ذلك فقال
12 * (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) * لا يعلمون أنهم هم مفسدون ولكن لا يشعرون لا يعلمون أنهم مفسدون
92

13 17
13 * (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) * هم أصحاب محمد ص * (قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء) * أي لا نفعل كما فعلوا وهذا القول كانوا يقولونه فيما بينهم فأخبر الله تعالى به عنهم
14 * (وإذا لقوا الذين آمنوا) * إذا اجتمعوا مع المؤمنين ورأوهم * (قالوا آمنا) * * (وإذا خلوا) * من المؤمنين وانصرفوا * (إلى شياطينهم) * كبرائهم وقادتهم * (قالوا إنا معكم) * أي على دينكم * (إنما نحن مستهزؤون) * مظهرون غير ما نضمره
15 * (الله يستهزئ بهم) * يجازيهم جزاء استهزائهم * (ويمدهم) * يمهلهم ويطول أعمارهم * (في طغيانهم) * في إسرافهم ومجاوزتهم القدر في الكفر * (يعمهون) * يترددون متحيرين
16 * (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) * أخذوا الضلالة وتركوا الهدى * (فما ربحت تجارتهم) * فما ربحوا في تجارتهم وإضافة الربح إلى التجارة على طريق الاتساع كإضافة الايضاء إلى النار * (وما كانوا مهتدين) * فيما فعلوا
17 * (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) * أي حالهم في نفاقهم وإبطانهم الكفر كحال من أوقد نارا فاستضاء بها وأضاءت النار ما حوله مما يخاف ويحذر وأمن فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره فبقي مظلما خائفا متحيرا فذلك قوله تعالى * (ذهب الله بنورهم) * الآية كذلك المنافقون لما أظهروا كلمة الإيمان اغتروا بها وأمنوا فلما ماتوا عادوا إلى الخوف والعذاب
93

18 20
18 * (صم) * لتركهم قبول ما يسمعون * (بكم) * لتركهم القول بالخير * (عمي) * لتركهم ما يبصرون من الهداية * (فهم لا يرجعون) * عن الجهل والعمى إلى الإسلام ثم ذكر تمثيلا آخر فقال
19 * (أو كصيب) * أو كأصحاب مطر شديد * (من السماء) * من السحاب * (فيه) * في ذلك السحاب * (ظلمات ورعد) * وهو صوت ملك موكل بالسحاب * (وبرق) * وهي النار التي تخرج منه * (يجعلون أصابعهم في آذانهم) * يعني أهل هذا المطر * (من الصواعق) * من شدة صوت الرعد يسدون آذانهم بأصابعهم كيلا يموتوا بشدة ما يسمعون من الصوت فالمطر مثل للقرآن لما فيه من حياة القلوب والظلمات مثل لما في القرآن من ذكر الكفر والشرك وبيان الفتن والأهوال والرعد مثل لما خوفوا به من الوعيد وذكر النار والبرق مثل لحجج القرآن وما فيه من البيان وجعل الأصابع في الآذان حذر الموت مثل لجعل المنافقين أصابعهم في آذانهم كيلا يسمعوا القرآن مخافة ميل القلب إلى القرآن فيؤدي ذلك إلى الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وذلك عندهم كفر والكفر موت * (والله محيط بالكافرين) * مهلكهم وجامعهم في النار
20 * (يكاد البرق يخطف أبصارهم) * هذا تمثيل آخر يقول يكاد ما في القرآن من
94

21 23 الحجج يخطف قلوبهم من شدة إزعاجها إلى النظر في أمر دينهم * (كلما أضاء لهم مشوا فيه) * كلما سمعوا شيئا مما يحبون صدقوا وإذا سمعوا ما يكرهون وقفوا وذلك قوله عز وجل * (وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) * أي بأسماعهم الظاهرة وأبصارهم الظاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة حتى صاروا صما عميا فليحذروا عاجل عقوبة الله سبحانه وآجلها ف * (إن الله على كل شيء قدير) * من ذلك
21 * (يا أيها الناس) * يعني أهل مكة * (اعبدوا ربكم) * اخضعوا له بالطاعة * (الذي خلقكم) * ابتدأكم ولم تكونوا شيئا * (والذين من قبلكم) * آباءكم وخلق الذين من قبلكم أي إن عبادة الخالق أولى من عبادة المخلوق وهو الصنم * (لعلكم تتقون) * لكي تتقوا بعبادته عقوبته أن تحل بكم
22 * (الذي جعل لكم الأرض فراشا) * بساطا لم يجعلها حرنة غليظة لا يمكن الاستقرار عليها * (والسماء بناء) * سقفا * (وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات) * يعني حمل الأشجار وجميع ما ينتفع به مما يخرج من الأرض * (فلا تجعلوا لله أندادا) * أمثالا من الأصنام التي تعبدونها * (وأنتم تعلمون) * أنهم لا يخلقون والله هو الخالق وهذا احتجاج عليهم في إثبات التوحيد ثم احتج عليهم في إثبات نبوة محمد ص بما قطع عذرهم به فقال
23 * (وإن كنتم في ريب مما نزلنا) * أي وإن كنتم في شك من صدق هذا الكتاب
95

24 25 الذي أنزلناه على محمد ص وقلتم لا ندري هل هو من عند الله أم لا * (فأتوا بسورة) * من مثل هذا القرآن في الإعجاز وحسن النظم والإخبار عما كان وما يكون * (وادعوا شهداءكم) * واستعينوا بآلهتكم التي تدعونها * (من دون الله إن كنتم صادقين) * أن محمدا تقوله من نفسه
24 * (فإن لم تفعلوا) * هذا فيما مضى * (ولن تفعلوا) * أيضا فيما يستقبل أبدا * (فاتقوا) * فاحذروا أن تصلوا * (النار التي وقودها) * ما يوقد به * (الناس والحجارة) * يعني حجارة الكبريت وهي أشد لاتقادها * (أعدت) * خلقت وهيئت جزاء * (للكافرين) * بتكذيبهم ثم ذكر جزاء المؤمنين فقال
25 * (وبشر الذين آمنوا) * أي أخبرهم خبرا يظهر به أثر السرور على بشرتهم * (وعملوا الصالحات) * أي الأعمال الصالحات يعني الطاعات فيما بينهم وبين ربهم * (أن لهم) * بأن لهم * (جنات) * حدائق ذات الشجر * (تجري من تحتها) * من تحت أشجارها ومساكنها الأنهار * (كلما رزقوا) * أطعموا من تلك الجنات
ثمرة * (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) * لتشابه ما يؤتون به وأرادوا هذا من نوع ما رزقنا من قبل * (وأتوا به متشابها) * في اللون والصورة مختلفا في الطعم وذلك أبلغ في باب الإعجاب * (ولهم فيها أزواج) * من الحور العين والآدميات * (مطهرة) * عن كل أذى وقذر مما في نساء الدنيا ومن مساوىء الأخلاق وآفات الشيب والهرم * (وهم فيها خالدون) * لأن تمام النعمة بالخلود
96

26 27
26 * (إن الله لا يستحيي) * الآية لما ضرب الله سبحانه المثل للمشركين بالذباب والعنكبوت في كتابه ضحكت اليهود وقالوا ما يشبه هذا كلام الله سبحانه فأنزل الله تعالى * (إن الله لا يستحيي) * لا يترك ولا يخشى * (أن يضرب مثلا) * أن يبين شبها * (ما بعوضة) * ما زائدة مؤكدة والبعوض صغار البق الواحدة بعوضة * (فما فوقها) * يعني فما هو أكبر منها والمعنى إن الله تعالى لا يترك ضرب المثل ببعوضة فما فوقها إذا علم أن فيه عبرة لمن اعتبر وحجة على من جحد واستكبر * (فأما الذين آمنوا فيعلمون) * أن المثل وقع في حقه * (وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا) * أي أي شي أراد الله بهذا من الأمثال والمعنى أنهم يقولون أي فائدة في ضرب الله المثل بهذا فأجابهم الله سبحانه فقال * (يضل به كثيرا) * أي أراد الله بهذا المثل أن يضل به كثيرأ من الكافرين وذلك أنهم ينكرونه ويكذبونه * (ويهدي به كثيرا) * من المؤمنين لأنهم يعرفونه ويصدقونه * (وما يضل به إلا الفاسقين) * الكافرين الخارجين عن طاعته
27 * (الذين ينقضون) * يهدمون ويفسدون * (عهد الله) * وصيته وأمره في الكتب المتقدمة بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم * (من بعد ميثاقه) * من بعد توكيده عليهم بايجابه ذلك * (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) * يعني الرحم وذلك أن قريشا قطعوا رحم النبي صلى الله عليه وسلم بالمعاداة معه * (ويفسدون في الأرض) * بالمعاصي وتعويق الناس عن
97

28 30 الإيمان بمحمد ص * (أولئك هم الخاسرون) * مغبونون بفوت المثوبة والمصير إلى العقوبة
28 * (كيف تكفرون بالله) * معنى كيف ها هنا استفهام في معنى التعجب للخلق أي اعجبوا من هؤلاء كيف يكفرون بالله وحالهم أتهم كانوا ترابا فأحياهم بأن خلق فيهم الحياة فالخطاب للكفار والتعجب للمؤمنين وقوله تعالى * (ثم يميتكم) * أي في الدنيا * (ثم يحييكم) * في الآخرة للبعث * (ثم إليه ترجعون) * تردون فيفعل بكم ما يشاء فاستعظم المشركون أمر البعث والإعادة فاحتج الله سبحانه عليهم بخلق السماوات والأرض فقال
29 * (هو الذي خلق لكم) * لأجلكم * (ما في الأرض جميعا) * بعضها للا نتفاع وبعضها للاعتبار * (ثم استوى إلى السماء) * أقبل على خلقها وقصد إليها * (فسواهن سبع سماوات) * فجعلهن سبع سماوات مستويات لا شقوق فيها ولا فطور ولا تفاوت * (وهو بكل شيء عليم) * إذ بالعلم يصح الفعل المحكم
30 * (وإذ قال ربك) * واذكر لهم يا محمد إذ قال ربك * (للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) * يعني آدم جعله خليفة عن الملائكة الذين كانوا سكان الأرض بعد الجن والمراد بذكر هذه القصة ذكر بد خلق الناس * (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها) * كما فعل بنو الجان قاسوا الشاهد على الغائب * (ونحن نسبح بحمدك) * نبرئك من كل سوء ونقول سبحان الله وبحمده * (ونقدس لك) *
98

31 33 وننزهك عما لا يليق بك * (قال إني أعلم ما لا تعلمون) * من إضمار إبليس العزم على المعصية فلما قال الله تعالى هذا للملائكة قالوا فيما بينهم لن يخلق ربنا خلقا هو أعلم منا ففضل الله تعالى عليهم آدم بالعلم وعلمه اسم كل شيء حتى القصعة والقصيعة والمغرفة وذلك قوله تعالى
31 * (وعلم آدم الأسماء كلها) * أي خلق في قلبه علما بالأسماء على سبيل الابتداء ثم عرضهم أي عرض المسميات بالأسماء من الحيوان والجماد وغير ذلك * (على الملائكة فقال أنبئوني) * أخبروني * (بأسماء هؤلاء) * وهذا أمر تعجيز أراد الله تعالى أن يبين عجزهم عن علم ما يرون ويعاينون * (إن كنتم صادقين) * أني لا أخلق خلقا أعلم منكم فقالت الملائكة إقرارا بالعجز واعتذارا
32 * (سبحانك) * تنزيها لك عن الاعتراض عليك في حكمك * (لا علم لنا إلا ما علمتنا) * اعترفوا بالعجز عن علم ما لم يعلموه * (إنك أنت العليم) * العالم * (الحكيم) * الحاكم تحكم بالحق وتقضي به فلما ظهر عجز الملائكة قال الله تعالى لآدم
33 * (يا آدم أنبئهم بأسمائهم) * أخبرهم بتسمياتهم فسمى كل شيء باسمه وألحق كل شيء بجنسه * (فلما أنبأهم بأسمائهم) * أخبرهم بمسميا تهم * (قال) * الله تعالى للملائكة * (ألم أقل لكم) * وهذا استفهام يتضمن التوبيخ لهم على قولهم * (أتجعل فيها من يفسد فيها) * * (إني أعلم غيب السماوات والأرض) * أي ما غاب
99

34 37 فيهما عنكم * (وأعلم ما تبدون) * علانيتكم * (وما كنتم تكتمون) * سركم لا يخفى علي شيء من أموركم
34 * (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) * سجود تعظيم وتسليم وتحية وكان ذلك انحناءا يدل على التواضع ولم يكن وضع الوجه على الأرض * (فسجدوا إلا إبليس أبى) * امتنع * (واستكبر وكان من الكافرين) * في سابق علم الله عز وجل
35 * (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) * اتخذاها مأوى ومنزلا * (وكلا منها رغدا) * واسعا * (حيث شئتما) * ما شئتما إذا شئتما كيف شئتما * (ولا تقربا هذه الشجرة) * لا تحوما حولها بالاكل منها يعني السنبلة * (فتكونا) * فتصيرا * (من الظالمين) * العاصين الذين وضعوا أمر الله عز وجل غير موضعه
36 * (فأزلهما الشيطان) * نحاهما وبعدهما * (عنها فأخرجهما مما كانا فيه) * من الرتبة ولين العيش * (وقلنا) * لآدم وحواء وإبليس والحية * (اهبطوا) * أي انزلوا إلى الأرض * (بعضكم لبعض عدو) * يعني العداوة التي بين آدم وحواء والحية وبين ذرية آدم عليه السلام من المؤمنين وبين إبليس لعنه الله * (ولكم في الأرض مستقر) * موضع قرار * (ومتاع إلى حين) * ما تتمتعون به مما تنبته الأرض إلى حين الموت
37 * (فتلقى آدم من ربه) * أخذ وتلقن * (كلمات) * وهو أن الله تعالى ألهم آدم عليه
100

38 40 السلام حين اعترف بذنبه وقال * (ربنا ظلمنا أنفسنا) * الآية * (فتاب عليه) * فعاد عليه بالمغفرة حين اعترف بالذنب واعتذر * (إنه هو التواب) * يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه
38 * (قلنا اهبطوا منها جميعا) * كرر الأمر بالهبوط للتأكيد * (فإما يأتينكم مني هدى) * أي فإن يأتكم مني شريعة ورسول وبيان ودعوة * (فمن تبع هداي) * أي قبل أمري واتبع ما آمره به * (فلا خوف عليهم) * في الآخرة ولا حزن والخطاب لأدم وحواء وذريتهما أعلمهم الله تعالى أنه يبتليهم بالطاعة ويجازيهم بالجنة عليها ويعاقبهم بالنار على تركها وهو قوله تعالى
39 * (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا) * أي بأدلتنا وكتبنا * (أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *
40 * (يا بني إسرائيل) * أولاد يعقوب عليه السلام * (اذكروا) * اشكروا وذكر النعمة هو شكرها * (نعمتي) * يعني نعمي * (التي أنعمت عليكم) * يعني فلق البحر والانجاء من فرعون وتظليل الغمام إلى سائر ما أنعم الله تعالى به عليهم والمراد بقوله تعالى * (عليكم) * أي على آبائكم والنعمة على آبائهم نعمة عليهم وشكر هذه النعم طاعته في الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم صرح بذلك فقال * (وأوفوا بعهدي) *
101

41 44 أي في محمد ص * (أوف بعهدكم) * أدخلكم الجنة * (وإياي فارهبون) * فخافوني في نقض العهد
41 * (وآمنوا بما أنزلت) * يعني القرآن * (مصدقا لما معكم) * موافقا للتوراة في التوحيد والنبوة * (ولا تكونوا أول كافر به) * أي أول من يكفر به من أهل الكتاب لأنكم إذا كفرتم كفر أتباعكم فتكونوا أئمة في الضلالة والخطاب لعلماء اليهود * (ولا تشتروا) * ولا تستبدلوا * (بآياتي) * ببيان صفة محمد ص ونعته * (ثمنا قليلا) * عوضا يسيرا من الدنيا يعني ما كانوا يصيبونه من سفلتهم فخافوا إن هم بينوا صفة محمد ص أن تفوتهم تلك المآكل والرياسة * (وإياي فاتقون) * فاخشوني في أمر محمد ص لا ما يفوتكم من الرياسة
42 * (ولا تلبسوا الحق بالباطل) * أي لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد عليه السلام بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم من تغيير صفته وتبديل نعته * (وتكتموا الحق) * أي ولا تكتموا الحق فهو جزم عطف على النهي * (وأنتم تعلمون) * أنه نبي مرسل قد أنزل عليكم ذكره في كتابكم فجحدتم نبوته مع العلم به
43 * (وأقيموا الصلاة) * المفروضة * (وآتوا الزكاة) * الواجبة في المال * (واركعوا مع الراكعين) * وصلوا مع المصلين محمد ص وأصحابه في جماعة
44 * (أتأمرون الناس بالبر) * كانت اليهود تقول لأقربائهم من المسلمين اثبتوا على ما أنتم عليه ولا يؤمنون به فأنزل الله تعالى توبيخا لهم * (أتأمرون الناس بالبر) *
102

بالإيمان بمحمد ص * (وتنسون) * وتتركون * (أنفسكم) * فلا تأمرونها بذلك * (وأنتم تتلون الكتاب) * تقرؤون التوراة وفيها صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته * (أفلا تعقلون) * أنه حق فتتبعونه ثم أمرهم الله تعالى بالصوم والصلاة لأنهم إنما كان يمنعهم عن الإسلام الشره وخوف ذهاب مأكلتهم وحب الرياسة فأمروا بالصوم الذي يذهب الشره وبالصلاة التي تورث الخشوع وتنفي الكبر وأريد بالصلاة الصلاة التي معها الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال
45 * (واستعينوا بالصبر) * يعني بالصوم * (والصلاة) * لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر * (وإنها لكبيرة) * لثقيلة يعني وإن الاستعانة بالصبر والصلاة لثقيلة * (إلا على الخاشعين) * الساكنين إلى الطاعة وقال بعضهم رجع بهذا القول إلى خطاب المسلمين فأمرهم أن يستعينوا على مايطلبونه من رضاء الله تعالى ونيل جنته بالصبر على أداء فرائضه وهو الصوم والصلاة
46 * (الذين يظنون) * يستيقنون * (أنهم ملاقو ربهم) * أنهم مبعوثون وأنهم محاسبون وأنهم راجعون إلى الله تعالى أي يصدقون بالبعث والحساب
47 * (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) * مضى تفسيره * (وأني فضلتكم) * أعطيتكم الزيادة * (على العالمين) * على عالمي زمانكم وهو ما ذكره في قوله تعالى * (إذ جعل فيكم أنبياء) * الآية والمراد بهذا التفضيل سلفهم ولكن تفضيل الآباء شرف الأبناء
103

48 50
48 * (واتقوا يوما) * واحذروا واجتنبوا عقاب يوم * (لا تجزي) * لا تقضي ولا تغني * (نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة) * أي لا يكون شفاعة فيكون لها قبول وذلك أن اليهود كانوا يقولون يشفع لنا آباؤنا الأ نبياء فآيسهم الله تعالى عن ذلك * (ولا يؤخذ منها عدل) * فداء * (ولا هم ينصرون) * يمنعون من عذاب الله تعالى
49 * (وإذ نجيناكم) * واذكروا ذلك * (من آل فرعون) * أ تباعه ومن كان على دينه * (يسومونكم) * يكلفونكم * (سوء العذاب) * شديد العذاب وهو قوله تعالى * (يذبحون) * يقتلون * (أبناءكم ويستحيون نساءكم) * يستبقونهن أحياء لقول بعض الكهنة له إن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سببا له ذهاب ملكك * (وفي ذلكم) * الذي كانوا يفعلونه بكم * (بلاء) * ابتلاء واختبار وامتحان * (من ربكم عظيم) * وقيل وفي تنجيتكم من هذه المحن نعمة عظيمة والبلاء النعمة والبلاء الشدة
50 * (وإذ فرقنا بكم البحر) * فجعلناه اثني عشر طريقا حتى خاض فيه بنو إسرائيل * (فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) * إلى انطباق البحر عليهم وإنجائكم منهم
104

51 54
51 * (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) * أي انقضاءها وتمامها للتكلم معه * (ثم اتخذتم العجل) * معبودا والها * (من بعده) * من بعد خروجه عنكم للميقات * (وأنتم ظالمون) * واضعون العبادة في غير موضعها وهذا تنبيه على أن كفرهم بمحمد ص ليس بأعجب من كفرهم وعبادتهم العجل في زمن موسى عليه السلام
52 * (ثم عفونا) * محونا ذنوبكم * (عنكم من بعد ذلك) * من بعد عبادة العجل * (لعلكم تشكرون) * لكي تشكروا نعمتي بالعفو
53 * (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان) * عطف تفسيري يعني التوراة الفارق بين الحق والباطل والحلال والحرام * (لعلكم تهتدون) * لكي تهتدوا بذلك الكتاب من الضلال
54 * (وإذ قال موسى لقومه) * الذين عبدوا العجل * (يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل) * إلها * (فتوبوا إلى بارئكم) * يعني خالقكم قالوا كيف نتوب قال * (فاقتلوا أنفسكم) * أي ليقتل البريء منكم المجرم * (ذلكم) * أي
105

55 56 التوبة * (خير لكم عند بارئكم) * من إقامتكم على عبادة العجل ثم فعلتم ما أمرتم به * (فتاب عليكم) * قبل توبتكم * (إنه هو التواب الرحيم) *
55 * (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك) * يعني الذين اختارهم موسى عليه السلام ليعتذروا إلى الله سبحانه من عبادة العجل فلما سمعوا كلام الله تعالى وفرغ موسى من مناجاة الله عز وجل قالوا له * (لن نؤمن لك) * لن نصدقك * (حتى نرى الله جهرة) * أي عيانا لا يستره عنا شيء * (فأخذتكم الصاعقة) * وهي نار جاءت من السماء فأحرقتهم جميعا * (وأنتم تنظرون) * إليها حين نزلت وإنما أخذتهم الصاعقة لأنهم امتنعوا من الايمان بموسى عليه السلام بعد ظهور معجزته حتى يريهم ربهم جهرة والايمان بالأ نبياء واجب بعد ظهور معجزتهم ولا يجوز اقتراح المعجزات عليه فلهذا عاقبهم الله تعالى وهذه الآية توبيخ لهم على مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم مع قيام معجزته كما خالف أسلافهم موسى مع ما أتى به من الآيات الباهرة
56 * (ثم بعثناكم) * نشرناكم وأعدناكم أحياء * (من بعد موتكم لعلكم تشكرون) * نعمة البعث
106

57 58
57 * (وظللنا عليكم الغمام) * سترناكم عن الشمس في التيه بالسحاب الرقيق * (وأنزلنا عليكم المن) * الطرنجبين كان يقع على أشجارهم بالأسحار * (والسلوى) * وهي طير أمثال السما نى وقلنا لهم * (كلوا من طيبات) * من حلالات * (ما رزقناكم وما ظلمونا) * بإبائهم على موسى عليه السلام دخول قرية الجبارين ولكنهم ظلموا أنفسهم حين تركوا أمرنا فحبسناهم في التيه فلما انقضت مدة حبسهم وخرجوا من التيه قال الله تعالى لهم
58 * (ادخلوا هذه القرية) * وهي أريحا * (وادخلوا الباب) * يعني بابا من أبوابها * (سجدا) * منحنين متواضعين * (وقولوا حطة) * وذلك أنهم أصابوا خطيئة بإبائهم على موسى عليه السلام دخول القرية فأراد الله تعالى أن يغفرها لهم فقال لهم قولوا حطة آي مسألتنا حطة وهو أن تحط عنا ذنوبنا * (وسنزيد المحسنين) * الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطيئة إحسانا وثوابا
107

59 60
59 * (فبدل الذين ظلموا قولا) * منهم * (غير الذي قيل لهم) * أي غيروا تلك الكلمة التي أمروا بها وقالوا حنطة * (فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا) * ظلمة وطاعونا فهلك منهم في ساعة واحدة سبعون ألفا جزاء لفسقهم بتبديل ما أمروا به من الكلمة
60 * (وإذ استسقى موسى لقومه) * في التيه * (فقلنا اضرب بعصاك الحجر) * وكان حجرا
108

61 خفيفا مربعا مثل رأس الرجل * (فانفجرت) * أي فضرب فانفجرت يعني فانشقت * (منه اثنتا عشرة عينا) * فكان يأتي كل سبط عينهم التي كانوا يشربون منها فذلك قوله تعالى * (قد علم كل أناس مشربهم) * وقلنا لهم * (كلوا) * من المن والسلوى * (واشربوا) * من الماء فهذا كله * (من رزق الله) * * (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) * أي لا تسعوا فيها بالفساد فملوا ذلك العيش وذكروا عيشا كان لهم بمصر فقالوا
61 * (يا موسى لن نصبر على طعام واحد) * يعني المن الذي كانوا يأكلونه والسلوى فكانا طعاما واحدا * (فادع لنا ربك) * سله وقل له أخرج * (يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها) * وهو كل نبات لا يبقى له ساق * (وقثائها) * وهو نوع من الخضروات * (وفومها) * وهو الحنطة فقال لهم موسى عليه السلام * (أتستبدلون الذي هو أدنى) * أي أخس وأوضع * (بالذي هو خير) * أي أرفع وأجل فدعا موسى عليه السلام فاستجبنا له وقلنا لهم * (اهبطوا مصرا) * انزلوا بلدة من البلدان * (فإن لكم ما سألتم) * أي فإن الذي سألتم لا يكون إلا في القرى والأمصار * (وضربت عليهم) * أي على اليهود الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم
109

62 64 * (الذلة) * يعني الجزية وزي اليهودية ومعنى ضرب الذلة إلزامهم إياها إلزاما لا يبرح * (والمسكنة) * زي الفقر وأثر البؤس * (وباؤوا) * احتملوا وانصرفوا * (بغضب من الله ذلك) * أي ذلك الضرب والغضب * (بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله) * التي أنزلت على محمد ص * (ويقتلون النبيين) * أي يتولون أولئك الذين فعلوا ذلك * (بغير حق) * أي قتلا بغير حق يعني بالظلم * (ذلك) * الكفر والقتل بشؤم ركوبهم المعاصي وتجاوزهم أمر الله تعالى
62 * (إن الذين آمنوا) * أي بالأ نبياء الماضين ولم يؤمنوا بك * (والذين هادوا) * دخلوا في دين اليهودية * (والنصارى والصابئين) * الخارجين من دين إلى دين وهم قوم يعبدون النجوم * (من آمن) * من هؤلاء * (بالله واليوم الآخر وعمل صالحا) * بالإيمان بمحمد عليه السلام لأن الدليل قد قام أن من لم يؤمن به لا يكون عمله صالحا * (فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *
63 * (وإذ أخذنا ميثاقكم) * بالطاعة لله تعالى والإيمان بمحمد عليه السلام في حال رفع الطور فوقكم يعني الجبل وذلك لأنهم أبوا قبول شريعة التوراة فأمر الله سبحانه جبلا فانقلع من أصله حتى قام على رؤوسهم فقبلوا خوفا من أن يرضخوا على رؤوسهم بالجبل وقلنا لكم * (خذوا ما آتيناكم) * اعملوا بما أمرتم به * (بقوة) * بجد ومواظبة على طاعة الله عز وجل * (واذكروا ما فيه) * من الثواب والعقاب * (لعلكم تتقون) *
64 * (ثم توليتم من بعد ذلك) * أعرضتم عن أمر الله تعالى وطاعته من بعد أخذ الميثاق
110

65 68 * (فلولا فضل الله عليكم ورحمته) * بتأخير العذاب عنكم * (لكنتم من الخاسرين) * الهالكين في العذاب
65 * (ولقد علمتم) * عرفتم حال * (الذين اعتدوا) * جاوزوا ما حد لهم من ترك الصيد في السبت * (فقلنا لهم كونوا) * بتكويننا إياكم * (قردة خاسئين) * مطرودين مبعدين
66 * (فجعلناها) * أي تلك العقوبة والمسخة * (نكالا) * عبرة * (لما بين يديها) * للأمم التي ترى الفرقة الممسوخة * (وما خلفها) * من الأمم التي تأتي بعدها * (وموعظة) * عبرة * (للمتقين) * للمؤمنين الذين يتقون من هذه الأمة
67 * (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) * وذلك أنه وجد قتيل في بني إسرائيل ولم يدروا قاتله فسألوا موسى عليه السلام أن يدعو الله تعالى ليبين لهم ذلك فسأل موسى ربه فأمرهم بذبح بقرة فقال لهم موسى عليه السلام إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة * (قالوا أتتخذنا هزوا) * أتستهزىء بنا حين نسألك عن القتيل فتأمرنا بذبح البقرة * (قال أعوذ بالله) * أمتنع به أن أكون من المستهزئين بالمؤمنين فلما علموا أن ذلك عزم من الله عز وجل سألوه الوصف فقالوا
68 * (ادع لنا ربك) * أي سله بدعائك إياه * (يبين لنا ما هي) * ما تلك البقرة وكيف هي وكم سنها وهذا تشديد منهم على أنفسهم * (قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض) * مسنة كبيرة * (ولا بكر) * فتية صغيرة * (عوان) * نصف بين السنين * (فافعلوا ما تؤمرون) * فيه تنبيه على منعهم وقوله تعالى
111

69 73
69 * (فاقع لونها) * أي شديد الصفرة * (تسر الناظرين) * تعجبهم بحسنها
70 * (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) * أسائمة أم عاملة * (إن البقر) * جنس البقر * (تشابه) * اشتبه وأشكل * (علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون) * إلى وصفها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيم الله لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد
71 * (قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول) * مذللة بالعمل * (تثير الأرض) * تقلبها للزراعة أي ليست تقلب لأ نها ليست ذلولا * (ولا تسقي الحرث) * الأرض المهيأة للزراعة * (مسلمة) * من العيوب وآثار العمل * (لا شية فيها) * لا لون فيها يفارق سائر لونها * (قالوا الآن جئت بالحق) * بالوصف التام الذي تتميز به من أجناسها فطلبوها فوجدوها * (فذبحوها وما كادوا يفعلون) * لغلاء ثمنها
72 * (وإذ قتلتم نفسا) * هذا أول القصة ولكنه مؤخر في الكلام * (فادارأتم) * فاختلفتم وتدافعتم * (والله مخرج) * مظهر * (ما كنتم تكتمون) * من أمر القتيل
73 * (فقلنا اضربوه ببعضها) * بلسانها فيحيى فضرب فحيي * (كذلك يحيي الله الموتى) * أي كما أحيا هذا القتيل * (ويريكم آياته) * آيات قدرته في خلق الحياة في الأموات كما خلق في عاميل
112

74 76
74 * (ثم قست قلوبكم) * يا معشر اليهود أي اشتدت وصلبت * (من بعد ذلك) * من بعد هذه الآيات التي تقدمت من المسخ ورفع الجبل فوقهم وانبجاس الماء من الحجر وإحياء الميت بضرب عضو وهذه الآيات مما يصدقون بها * (فهي كالحجارة) * في القسوة وعدم المنفعة بل * (أشد قسوة) * وإنما عنى بهذه القسوة تركهم الإيمان بمحمد ص بعد ما عرفوا صدقه وقدرة الله تعالى على عقابهم بتكذيبهم إياه ثم عذر الحجارة وفضلها على قلوبهم فقال * (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط) * ينزل من علو إلى سفل * (من خشية الله) * قال مجاهد كل حجر تفجر منه الماء أو تشقق عن ماء أو تردى من رأس جبل فهو من خشية الله تعالى نزل به القرآن ثم أوعدهم فقال * (وما الله بغافل عما تعملون) * ثم خاطب النبي ص والمؤمنين فقطع طمعهم عن إيمانهم فقال
75 * (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم) * وحالهم أن طائفة منهم كانوا * (يسمعون كلام الله) * يعني التوراة * (ثم يحرفونه) * يغيرونه عن وجهه يعني الذين غيروا أحكام التوراة وغيروا آية الرجم وصفة محمد صلى الله عليه وسلم * (من بعد ما عقلوه) * أي لم يفعلوا ذلك عن نسيان وخطأ بل فعلوه عن تعمد * (وهم يعلمون) * أن ذلك مكسبة للأوزار
76 * (وإذا لقوا الذين آمنوا) * يعني منافقي اليهود * (قالوا آمنا) * بمحمد وهو نبي
113

77 79 صادق نجده في كتبنا * (وإذا خلا بعضهم إلى بعض) * يعني إذا رجع هؤلاء المنافقون إلى رؤسائهم لاموهم فقالوا * (أتحدثونهم) * أتخبرون أصحاب محمد ص * (بما فتح الله عليكم) * من صفة النبي المبشر به * (ليحاجوكم) * ليجادلوكم ويخاصموكم * (به) * بما قلتم لهم * (عند ربكم) * في الآخرة يقولون كفرتم به بعد أن وقفتم على صدقه * (أفلا تعقلون) * أفليس لكم ذهن الإ نسانيه فقال الله تعالى
77 * (أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون) * من التكذيب يعني هؤلاء المنافقين * (وما يعلنون) * من التصديق
78 * (ومنهم) * ومن اليهود * (أميون) * لا يكتبون ولا يقرؤون * (لا يعلمون الكتاب إلا أماني) * إلا أكاذيب وأحاديث مفتعلة يسمعونها من كبرائهم * (وإن هم
إلا يظنون) * أي إلا ظانين ظنا وتوهما فيجحدون نبوتك بالظن
79 * (فويل) * فشدة عذاب * (للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) * أي من قبل أنفسهم من غير أن يكون قد أنزل * (ثم يقولون هذا من عند الله) * الآية يعني اليهود عمدوا إلى صفة محمد ص وكتبوا صفته على غير ما كانت في التوراة وأخذوا عليه الأموال فذلك قوله تعالى * (وويل لهم مما يكسبون) * من حطام الدنيا فلما أوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار عند تكذيبهم إياه قالوا
114

80 83
80 * (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) * قليلة ويعنون الأيام التي عبد آباؤهم فيها العجل فكذبهم الله سبحانه فقال قل لهم يا محمد * (أتخذتم عند الله عهدا) * أخذتم بما تقولون من الله ميثاقا * (فلن يخلف الله عهده) * والله لا ينقض ميثاقه * (أم تقولون على الله) * الباطل جهلا منكم ثم رد على اليهود قولهم لن تمسنا النار فقال * (بلى) * أعذب
81 * (من كسب سيئة) * وهي الشرك * (وأحاطت به خطيئته) * سدت عليه مسالك النجاة وهو أن يموت على الشرك * (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * الذين يخلدون في النار ثم أخبر عن أخذ الميثاق عليهم بتبيين نعت محمد صلى الله عليه وسلم فقال
83 * (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل) * أي في التوراة * (لا تعبدون) * أي بأن لا تعبدوا * (إلا الله وبالوالدين إحسانا) * أي ووصيناهم بالوالدين إحسانا * (وذي القربى) * أي القرابة في الرحم * (واليتامى) * يعني الذين مات أبوهم قبل البلوغ * (وقولوا للناس حسنا) * أي صدقا وحقا في شأن محمد عليه السلام وهو خطاب لليهود * (توليتم) * أعرضتم عن العهد والميثاق يعني أوائلهم * (إلا قليلا منكم) * يعني من كان ثابتا على دينه ثم آمن بمحمد ص * (وأنتم معرضون) * عما عهد إليكم كأوائلكم
115

84 86
84 * (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم) * بأن لا يقتل بعضكم بعضا ولا يخرج بعضكم بعضا من داره ولا يغلبه عليها * (ثم أقررتم) * آي قبلتم ذلك * (وأنتم) * اليوم * (تشهدون) * على إقرار أوائلكم ثم أخبر أنهم نقضوا هذا الميثاق فقال
85 * (ثم أنتم هؤلاء) * أراد يا هؤلاء * (تقتلون أنفسكم) * يقتل بعضكم بعضا * (وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم) * تتعاونون على أهل ملتكم * (بالإثم والعدوان) * بالمعصية والظلم * (وإن يأتوكم أسارى) * مأسورين يطلبون الفداء فديتموهم * (وهو محرم عليكم إخراجهم) * اي وإخراجهم عن ديارهم محرم عليكم * (أفتؤمنون ببعض الكتاب) * يعني فداء الأسير * (وتكفرون ببعض) * يعني القتل والإخراج والمظاهرة على وجه الإباحة قال السدي أخذ الله تعالى عليهم أربعة عهود ترك القتل وترك الاخراج وترك المظاهرة وفداء أسرائهم فأعرضوا عن كل ما أمروا به إلا الفداء * (فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي) * فضيحة وهوان * (في الحياة الدنيا) * وقوله
86 * (فلا يخفف عنهم العذاب) * معناه في الدنيا والآخرة وقيل هذه الحالة مختصة با لآخرة
116

87 90
87 * (ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل) * أي وأرسلنا رسولا بعد رسول * (وآتينا عيسى ابن مريم البينات) * يعني ما أوتي من المعجزة * (وأيدناه) * وقويناه * (بروح القدس) * بجبريل عليه السلام وذلك أنه كان قرينه يسير معه حيث سار يقول فعلنا بكم كل هذا فما استقمتم لأنكم * (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم) * ثم تعظمتم عن الإيمان به * (ففريقا كذبتم) * مثل عيسى ومحمد عليهما السلام * (وفريقا تقتلون) * مثل يحيى وزكريا عليهما السلام
88 * (وقالوا قلوبنا غلف) * هو أن اليهود قالوا استهزاء وإنكارا لما أتى به محمد عليه السلام قلوبنا غلف عليها غشاوة فهي لا تعي ولا تفقه ما تقول وكل شيء في غلاف فهو أغلف وجمعه غلف ثم أكذبهم الله تعالى فقال * (بل لعنهم الله) * أي أبعدهم من رحمته فطردهم * (فقليلا ما يؤمنون) * أي فبقليل يؤمنون بما في أيديهم وقال قتادة فقليلا ما يؤمنون أي ما يؤمن منهم إلا قليل كعبد الله بن سلام
89 * (ولما جاءهم كتاب) * يعني القرآن * (مصدق) * موافق * (لما معهم) * * (وكانوا) * يعني اليهود * (من قبل) * نزول الكتاب * (يستفتحون) * يستنصرون * (على الذين كفروا) * بمحمد عليه السلام وكتابه ويقولون اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان * (فلما جاءهم ما عرفوا) * يعني الكتاب وبعثة النبي * (كفروا) * ثم ذم صنيعهم فقال
90 * (بئسما اشتروا به أنفسهم) * أي بئس ما باعوا به حظ أنفسهم من الثواب بالكفر
117

91 93 بالقرآن * (بغيا) * أي حسدا * (أن ينزل الله) * أي إنزال الله * (من فضله على من يشاء من عباده) * وذلك أن كفر اليهود لم يكن من شك ولا اشتباه وإنما كان حسدا حيث صارت النبوة في ولد إسماعيل عليه السلام * (فباؤوا) * فانصرفوا واحتملوا * (بغضب) * من الله عليهم لأجل تضييعهم التوراة * (على غضب) * لكفرهم بالنبي محمد ص والقرآن
91 * (وإذا قيل) * لليهود * (آمنوا بما أنزل الله) * بالقرآن * (قالوا نؤمن بما أنزل علينا) * يعني التوراة * (ويكفرون بما وراءه) * بما سواه * (وهو الحق) * يعني القرآن * (مصدقا لما معهم) * موافقا للتوراة ثم كذبهم الله تعالى في قولهم نؤمن بما أنزل علينا بقوله * (فلم تقتلون أنبياء الله) * أي أي كتاب جوز فيه قتل
نبي * (إن كنتم مؤمنين) * شرط وجوابه ما قبله ثم ذكر أنهم كفروا بالله تعالى مع وضوح الآيات في زمن موسى عليه السلام فقال
92 * (ولقد جاءكم موسى بالبينات) * يعني العصا واليد وفلق البحر * (ثم اتخذتم العجل من بعده) * الها * (وأنتم ظالمون) *
93 * (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا) * مضى تفسيره ومعنى واسمعوا أي اقبلوا ما فيه من حلاله وحرامه وأطيعوا
118

94 96 * (قالوا سمعنا) * ما فيه * (وعصينا) * ما أمرنا به * (وأشربوا في قلوبهم العجل) * وسقوا حب العجل وخلطوا بحب العجل حتى اختلط بهم والمعنى حبب إليهم العجل * (بكفرهم) * باعتقادهم التشبيه لأنهم طلبوا ما يتصور في نفوسهم * (قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين) * هذا تكذيب لهم في قولهم نؤمن بما أنزل علينا وذلك أن آباءهم ادعوا الإيمان ثم عبدوا العجل فقيل لهم بئس الإيمان إيمان يأمركم بالكفر والمعنى لو كنتم مؤمنين ما عبدتم العجل يعني آباءهم كذلك أنتم لو كنتم مؤمنين بما أنزل عليكم ما كذبتم محمدا
94 * (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) * كانت اليهود تقول لن يدخل الجنة إلا من كان هودا فقيل لهم إن كنتم صادقين فتمنوا الموت فإن من كان لا يشك في أنه صائر إلى الجنة فالجنة آثر عنده
95 * (ولن يتمنوه أبدا) * لأنهم عرفوا أنهم كفرة ولا نصيب لهم في الجنة وهو قوله تعالى * (بما قدمت أيديهم) * أي بما عملوا من كتمان أمر محمد ص وتغيير نعته * (والله عليم بالظالمين) * فيه معنى التهديد
96 * (ولتجدنهم) * يا محمد يعني علماء اليهود * (أحرص الناس على حياة) * لأنهم علموا أنهم صائرون إلى النار إذا ماتوا لما أتوا به في أمر محمد ص * (ومن الذين أشركوا) * أي وأحرص من منكري البعث ومن أنكر البعث أحب طول العمر لأنه لا يرجو بعثا فاليهود أحرص منهم لأنهم علموا ما جنوا فهم يخافون النار * (يود أحدهم) * أي أحد اليهود * (لو يعمر ألف سنة) * لأنه يعلم أن آخرته قد
119

97 99 فسدت عليه * (وما هو) * أي وما أحدهم * (بمزحزحه) * بمبعده من * (العذاب أن يعمر) * تعميره
97 * (قل من كان عدوا لجبريل) * سألت اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم عن من يأتيه من الملائكة فقال جبريل فقالوا هو عدونا ولو أتاك ميكائيل آمنا بك فأنزل الله هذه الآية والمعنى قل من كان عدوا لجبريل فليمت غيظا * (فإنه نزله) * أي نزل القرآن * (على قلبك بإذن الله) * بأمر الله * (مصدقا) * موافقآ لما قبله من الكتب * (وهدى وبشرى للمؤمنين) * رد على اليهود حين قالوا إن جبريل ينزل بالحرب والشدة فقيل إنه وإن كان ينزل بالحرب والشدة على الكافرين فإنه ينزل بالهدى والبشرى للمؤمنين
98 * (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين) * أي من كان عدوا لأحد هؤلاء فإن الله عدو له لأن عدو الواحد عدو الجميع وعدو محمد عدو الله والواو هاهنا بمعنى أو كقوله * (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله) * الآية لأن الكافر بالواحد كافر بالكل وقوله * (فإن الله عدو للكافرين) * اي إنه تولى تلك العداوة بنفسه وكفى ملائكته ورسله أمر من عا داهم
99 * (ولقد أنزلنا إليك آيات بينات) * دلالات واضحات وهذا جواب لابن صوريا حين
120

100 102 قال يا محمد ما أنزل عليك من آية بينة فنتبعك بها * (وما يكفر بها إلا الفاسقون) * الخارجون عن أديانهم واليهود خرجت بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم عن شريعة موسى عليه السلام ولما ذكر محمد صلى الله عليه وسلم لهم ما أخذ الله تعالى عليهم من العهد فيه قال مالك بن الصيف والله ما عهد إلينا في محمد عهد ولا ميثاق فأنزل الله تعالى
100 * (أو كلما عاهدوا عهدا) * الآية وقوله * (نبذه فريق منهم) * يعني الذين نقضوه من علمائهم * (بل أكثرهم لا يؤمنون) * لأنهم من بين ناقص للعهد وجاحد لنبوته معاند له وقوله
101 * (نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب) * يعني علماء اليهود * (كتاب الله) * يعني التوراة * (وراء ظهورهم) * أي تركوا العمل به حين كفروا بمحمد ص والقرآن * (كأنهم لا يعلمون) * أنه حق وأن ما أتى به صدق وهذا إخبار عن عنادهم ثم أخبر أنهم رفضوا كتابه واتبعوا السحر فقال * (واتبعوا) * يعني علماء اليهود
102 * (ما تتلوا الشياطين) * أي ما كانت الشياطين تحدث وتقص من السحر * (على ملك سليمان) * في عهده وزمان ملكه وذلك أن سليمان عليه السلام لما نزع ملكه دفنت الشياطين في خزانته سحرا ونيرنجات فلما مات سليمان دلت الشياطين عليها الناس حتى استخرجوها وقالوا للناس إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه فأقبل بنو إسرائيل على تعلمها ورفضوا كتب أنبيائهم فبرأ الله سليمان عليه
121

السلام فقال * (وما كفر سليمان) * أي لم يكن كافرا ساحرا يسحر * (ولكن الشياطين كفروا) * بالله * (يعلمون الناس السحر) * يريد ما كتب لهم الشياطين من كتب السحر * (وما أنزل على الملكين) * أي ويعلمونهم ما أنزل عليهما أي ما علما وألهما وقذف في قلوبهما من علم التفرقة وهو رقية وليس بسحر وقوله * (وما يعلمان) * يعني الملكين السحر * (من أحد) * أحدا * (حتى يقولا إنما نحن فتنة) * ابتلاء واختبار * (فلا تكفر) * وذلك أن الله عز وجل امتحن التاس بالملكين في ذلك الوقت وجعل المحنة في الكفر والإيمان أن يقبل القابل تعلم السحر فيكفر بتعلمه ويؤمن بتركه ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء وهذا معنى قوله * (إنما نحن فتنة فلا تكفر) * أي محنة من الله نخبرك أن عمل السحر كفر بالله وننهاك عنه فإن أطعتنا نجوت وإن عصيتنا هلكت وقوله تعالى * (فيتعلمون) * أي فيأتون فيتعلمون من الملكين * (ما يفرقون به بين المرء وزوجه) * وهو أن يؤخذ كل واحد منهما عن صاحبه ويبغض كل واحد منهما إلى الآخر * (وما هم) * أي السحرة الذين
يتعلمون السحر * (بضارين به) * بالسحر * (من أحد) * أحدا * (إلا بإذن الله) * بإرادته كون ذلك أي لا يضرون بالسحر الا من أراد الله أن يلحقه ذلك الضرر * (ويتعلمون ما يضرهم) * في الآخرة * (ولا ينفعهم) * في الدنيا * (ولقد علموا) * يعني اليهود * (لمن اشتراه) * من اختار السحر * (ما له في الآخرة من خلاق) * من نصيب في الجنة ثم ذم صنيعهم فقال * (ولبئس ما شروا به أنفسهم) *
122

أي بئس شي باعوا به حظ أنفسهم حيث اختاروا السحر ونبذوا كتاب الله * (لو كانوا يعلمون) * كنه ما يصير إليه من يخسر الآخرة من العقاب
103 * (ولو أنهم آمنوا) * بمحمد عليه السلام والقرآن * (واتقوا) * اليهودية والسحر لأثيبوا ما هو خير لهم من الكسب بالسحر وهو قوله تعالى * (لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون) *
104 * (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا) * كان المسلمون يقولون للنبيي ص راعنا سمعك وكان هذا بلسان اليهودية سبا قبيحا فلما سمعوا هذه الكلمة يقولونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعجبتهم فكانوا يأتونه ويقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم فنهى الله تعالى المؤمنين عن ذلك وأنزل هذه الآية وأمرهم أن يقولوا بدل راعنا * (انظرنا) * أي انظر إلينا حتى نفهمك ما نقول * (واسمعوا) * أي أطيعوا واتركوا هذه الكلمة لأن الطاعة تجب بالسمع * (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) * آي خير من عند ربكم
105 * (والله يختص برحمته) * يخص بنبوته * (من يشاء والله ذو الفضل العظيم) *
106 * (ما ننسخ من آية أو ننسها) * أي ما نرفع آية من جهة التسخ بأن نبطل حكمها
123

107 108 أو بالإ نساء لها بأن نمحوها عن القلوب * (نأت بخير منها) * اي أصلح لمن تعبد بها وأنفع لهم وأسهل عليهم وأكثر لأجرهم * (أو مثلها) * في المنفعة والمثوبة * (ألم تعلم أن الله على كل شيء) * من النسخ والتبديل وغيرهما * (قدير) * نزلت هذه الآية حين قال المشركون إن محمدا يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا ما هذا القرآن إلا كلام محمد فأنزل الله تعالى هذه الآية وقوله * (وإذا بدلنا آية مكان آية) * الآية
107 * (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض) * يعمل فيهما ما يشاء وهو أعلم بوجه الصلاح فيما يتعبدهم به من ناسخ ومنسوخ * (وما لكم من دون الله من ولي) * أي وال يلي أمركم ويقوم به * (ولا نصير) * ينصركم وفي هذا تحذير من عذابه إذ لا مانع منه
108 * (أم تريدون) * أي بل أتريدون * (أن تسألوا رسولكم) * محمدا ص * (كما سئل موسى من قبل) * وذلك أن قريشا قالوا يا محمد اجعل لنا الصفا ذهبا ووسع لنا أرض مكة فنهوا أن يقترحوا عليه الآيات كما اقترح قوم موسى عليه السلام حين قالوا * (أرنا الله جهرة) * وذلك أن السؤال بعد قيام البراهين كفر ولذلك قال * (ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل) * قصده ووسطه
124

109 113
109 * (ود كثير من أهل الكتاب) * الآية نزلت حين قالت اليهود للمسلمين بعد وقعة أحد ألم تروا إلى ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتهم فارجعوا إلى ديننا فذلك قوله تعالى * (لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم) * أي في حكمهم وتدينهم ما لم يؤمروا به * (من بعد ما تبين لهم الحق) * في التوراة أن قول محمد صدق ودينه حق * (فاعفوا واصفحوا) * وأعرضوا عن مساوىء أخلاقهم وكلامهم وغل قلوبهم * (حتى يأتي الله بأمره) * بالقتال
111 * (وقالوا لن يدخل الجنة) * الآية أي قالت اليهود لن يدخل الجنة * (إلا من كان هودا) * وقالت التصارى لن يدخلها إلا النصارى * (تلك أمانيهم) * التي تمنوها على الله سبحانه باطلا * (قل هاتوا برهانكم) * قربوا حجتكم على ما تقولون ثم بين من يدخلها فقال
112 * (بلى) * يدخلها * (من أسلم وجهه لله) * انقاد لأمره وبذل له وجهه في السجود * (وهو محسن) * مؤمن مصدق بالقرآن
113 * (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء) * لما قدم وفد نجران فتنازعوا مع
125

114 115 اليهود وكفر كل واحد من الفريقين الآخر وقوله تعالى * (وهم يتلون الكتاب) * يعني إن الفريقين يتلون التوراة وقد وقع بينهما هذا الاختلاف وكتابهم واحد فدل بهذا على ضلالتهم * (كذلك قال الذين لا يعلمون) * يعني كفار الأمم الماضية وكفار هذه الأمة * (مثل قولهم) * في تكذيب الأنبياء والاختلاف عليهم فسبيل هؤلاء الذين يتلون الكتاب كسبيل من لا يعلم الكتاب انه من الله تعالى من المشركين في الإنكار لدين الله سبحانه * (فالله يحكم بينهم) * الآية أي يريهم عيانا من يدخل الجنة ومن يدخل النار
114 * (ومن أظلم ممن منع مساجد الله) * يعني بيت المقدس ومحاريبه نزلت في أهل الروم حين خربوا بيت المقدس * (أولئك) * يعني أهل الروم * (ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين) * لم يدخل بيت المقدس بعد أن عمره المسلمون رومي إلا خائفا لو علم به قتل * (لهم في الدنيا خزي) * يعني القتل للحربي والجزية للذمي
115 * (ولله المشرق والمغرب) * أي إنه خالقهما نزلت في قوم من الصحابة سافروا فأصابهم الضباب فتحروا القبلة وصلوا إلى أنحاء مختلفة فلما ذهب الضباب
126

استبان أتهم لم يصيبوا فلما قدموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقوله تعالى * (فأينما تولوا) * أي تصرفوا وجوهكم * (فثم وجه الله) * أي فهناك قبلة الله وجهته التي تعبدكم الله بالتوجه إليها * (إن الله واسع عليم) * أي واسع الشريعة يوسع على عباده في دينهم اختلف العلماء في حكم هذه الآية فمنهم من قال هي منسوخة الحكم بقوله * (فول وجهك شطر المسجد الحرام) * ومنهم من قال حكمها ثابت غير أنها مخصوصة بالنوافل في السفر وقيل إنها نزلت في شأن النجاشي حين صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وقولهم له كيف تصلي على رجل صلى إلى غير قبلتنا فأنزل الله تعالى هذه الآية وبين أن النجاشي وإن صلى إلى
المشرق أو المغرب فإتما قصد بذلك وجه الله وعبادته ومعنى * (فثم وجه الله) * أي فثم رضا الله وأمره كما قال * (إنما نطعمكم لوجه الله) * والوجة والجهة والوجهة القبلة
127

116 118
116 * (وقالوا اتخذ الله ولدا) * يعني اليهود في قولهم * (عزير ابن الله) * والنصارى في قولهم * (المسيح ابن الله) * والمشركين في قولهم الملائكة بنات الله ثم نزه نفسه عن الولد فقال * (سبحانه بل) * ليس الأمر كذلك * (له ما في السماوات والأرض) * عبيدا وملكا * (كل له قانتون) * مطيعون يعني أهل طاعته دون الناس أجمعين
117 * (بديع السماوات والأرض) * خالقهما وموجدهما لا على مثال سبق * (وإذا قضى أمرا) * قدره وأراد خلقه * (فإنما يقول له كن فيكون) * أي إنما يكونه فيكون وشرطه أن يتعلق به أمره وقال الأستاذ أبو الحسن يكونه بقدرته فيكون على على ما أراد
118 * (وقال الذين لا يعلمون) * يعني مشركي العرب قالوا لمحمد لن نؤمن لك حتى * (يكلمنا الله) * أنك رسوله * (أو تأتينا آية) * يعني ما سألوا من الآيات الأربع في قوله تعالى * (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا) * الآيات ومعنى * (لولا يكلمنا الله) * أي هلا يكلمنا الله أنك رسوله * (كذلك قال الذين من قبلهم) * يعني كفار الأمم الماضية كفروا بالتعنت بطلب الآيات كهؤلاء * (تشابهت قلوبهم) *
128

أشبه بعضها بعضا في الكفر والقسوة ومسألة المحال * (قد بينا الآيات لقوم يوقنون) * أي من أيقن وطلب الحق فقد أتته الآيات لأن القرآن برهان شاف
119 * (إنا أرسلناك بالحق) * بالقرآن والإسلام أي مع الحق * (بشيرا) * مبشرا للمؤمنين * (ونذيرا) * مخوفا ومحذرا للكافرين * (ولا تسأل عن أصحاب الجحيم) * أي لست بمسؤول عنهم وذلك أن النبي ص قال لو أن الله عز وجل أنزل بأسه باليهود لآمنوا فأنزل الله تعالى هذه الآية أي ليس عليك من شأنهم عهدة ولا تبعة
120 * (ولن ترضى عنك اليهود) * الآية نزلت في تحويل القبلة وذلك أن اليهود والنصارى كانوا يرجون أن محمدا ص يرجع إلى دينهم فلما صرف الله تعالى القبلة إلى الكعبة شق عليهم وأيسوا منه أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله تعالى * (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) * يعني دينهم وتصلي إلى قبلتهم * (قل إن هدى الله هو الهدى) * أي الصراط الذي دعا إليه وهدى إليه هو طريق الحق * (ولئن اتبعت أهواءهم) * يعني ما كانوا يدعونه إليه من المهادنة والإمهال * (بعد الذي جاءك من العلم) * أي البيان بأن دين الله عز وجل هو الإسلام وأنهم على الضلالة * (ما لك من الله من ولي ولا نصير) *
121 * (الذين آتيناهم الكتاب) * يعني مؤمني اليهود * (يتلونه حق تلاوته) * يقرؤونه كما أنزل ولا يحرفونه ويتبعونه حق اتباعه
129

124 125
124 * (وإذ ابتلى إبراهيم ربه) * اختبره أي عامله معاملة المختبر * (بكلمات) * هي عشر خصال خمس في الرأس وهي الفرق والمضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وخمس في الجسد وهي تقليم الأظفار وحلق العانة والختان والاستنجاء ونتف الرفغين * (فأتمهن) * أداهن تامات غير ناقصات * (قال) * الله تعالى * (إني جاعلك للناس إماما) * يقتدي بك الصالحون فقال إبراهيم * (ومن ذريتي) * أي ومن أولادي أيضا فاجعل أئمة يقتدى بهم فقال الله عز وجل * (لا ينال عهدي الظالمين) * يريد من كان من ولدك ظالما لا يكون إ ما ما و معنى * (عهدي) * أي نبوتي
125 * (وإذ جعلنا البيت) * يعني الكعبة * (مثابة للناس) * معادا يعودون إليه لا يقضون منه وطرا كلما انصرفوا اشتاقوا إليه * (وأمنا) * أي مؤمنا وكانت العرب يرى الرجل منهم قاتل أبيه في الحرم فلا يتعرض له وأما اليوم فلا يهاج الجاني إذا التجأ إليه عند أهل العراق وعند الشافعي الأولى أن لا يهاج فان أخيف بإقامة الحد عليه جاز وقد قال كثير من المفسرين من شاء آمن ومن شاء لم يؤمن كما أنه لما جعله مثابة من شاء ثاب ومن شاء لم يثب * (واتخذوا) * أي الناس * (من مقام إبراهيم) * وهو الحجر الذي يعرف بمقام إبراهيم وهو موضع
130

126 128 قدميه * (مصلى) * وهو أنه تسن الصلاة خلف المقام قرىء على هذا الوجه على الخبر وقرئ بالكسر على الأمر * (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل) * أمرناهما وأوصينا إليهما * (أن طهرا بيتي) * من الأوثان والريب * (للطائفين) * حوله وهم النزائع إليه من آفاق الأرض * (والعاكفين) * أي المقيمين فيه وهم سكان الحرم * (والركع) * جمع راكع و * (السجود) * جمع ساجد مثله قاعد وقعود
126 * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا) * أي هذا المكان وهذا الموضع * (بلدا) * مسكنا * (آمنا) * أي ذا أمن لا يصاد طيره ولا يقطع شجره ولا يقتل فيه أهله * (وارزق أهله من الثمرات) * أنواع حمل الشجر * (من آمن منهم بالله واليوم الآخر) * خص إبراهيم عليه السلام بطلب الرزق المؤمنين قال تعالى * (ومن كفر فأمتعه قليلا) * فسأرزقه إلى منتهى أجله * (ثم أضطره) * ألجئه في الآخرة * (إلى عذاب النار وبئس المصير) * هي
127 * (وإذ يرفع إبراهيم القواعد) * أصول الأساس * (من البيت وإسماعيل) * ويقولان * (ربنا تقبل منا) * تقربنا إليك ببناء هذا البيت * (إنك أنت السميع) * لدعائنا * (العليم) * بما في قلوبنا
128 * (ربنا واجعلنا مسلمين لك) * مطيعين منقادين لحكمك * (ومن ذريتنا أمة) * جماعة
131

129 132 * (مسلمة لك) * وهم المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان * (وأرنا مناسكنا) * عرفنا متعبداتنا
129 * (ربنا وابعث فيهم) * في الأمة المسلمة * (رسولا منهم) * يريد محمد ص * (يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة) * أي القرآن * (ويزكيهم) *
ويطهرهم من الشرك * (إنك أنت العزيز) * الغالب القوي الذي لا يعجزه شيء ومضى تفسير الحكيم
130 * (ومن يرغب عن ملة إبراهيم) * أي وما يرغب عنها ولا يتركها * (إلا من سفه نفسه) * أي جهلها بأن لم يعلم أنها مخلوقة لله تعالى يجب عليها عبادة خالقها * (ولقد اصطفيناه في الدنيا) * اخترناه للرسالة * (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) * أي من الأنبياء
131 * (إذ قال له ربه أسلم) * أخلص دينك لله سبحانه بالتوحيد وقيل أسلم نفسك الله * (قال أسلمت) * بقلبي ولساني وجوارحي * (لرب العالمين) *
132 * (ووصى بها) * أي أمر بالملة وقيل بكلمة الاخلاص * (إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني) * أراد أن يا بني * (إن الله اصطفى لكم الدين) * أي الإسلام دين الحنيفية * (فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * أي الزموا الإسلام حتى إذا أدرككم الموت صادفكم عليه
132

133 136
133 * (أم كنتم شهداء) * ترك الكلام الأول وعاد إلى مخاطبة اليهود المعنى بل أكنتم شهداء أي حضورا * (إذ حضر يعقوب الموت) * وذلك أن اليهود قالت للنبي ص ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية فأكذبهم الله تعالى وقال أكنتم حاضرين وصيته * (إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي) *
134 * (تلك أمة) * يعني إبراهيم وبنيه ويعقوب وبنيه * (قد خلت) * قد مضت * (لها ما كسبت) * من العمل * (ولكم) * يا معشر اليهود * (ما كسبتم) * أي حسابهم عليهم وإتما تسألون عن أعمالكم
135 * (وقالوا كونوا هودا أو نصارى) * نزلت في يهود المدينة ونصارى نجران قال كل واحد من الفريقين للمؤمنين كونوا على ديننا فلا دين إلا ذلك فقال الله تعالى * (قل بل ملة إبراهيم حنيفا) * يعني بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا مائلا عن الأديان كلها إلى دين الإسلام ثم أمر المؤمنين أن يقولوا
136 * (آمنا بالله وما أنزل إلينا) * يعني القرآن * (وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط) * وهم أولاد يعقوب وكان فيهم أنبياء لذلك قال وما أنزل
133

137 140 إليهم وقوله تعالى * (لا نفرق بين أحد منهم) * أي لا نكفر ببعض ونؤمن ببعض كما فعلت اليهود والنصارى
137 * (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به) * أي إن أتوا بتصديق مثل تصديقكم وكان إيمانهم كإيمانكم * (فقد اهتدوا) * فقد صاروا مسلمين * (وإن تولوا) * أعرضوا * (فإنما هم في شقاق) * في خلاف وعداوة * (فسيكفيكهم الله) * ثم فعل ذلك فكفاه أمر اليهود بالقتل والسبي في قريظة والجلاء والنفي في بني النضير والجزية والذلة في نصارى نجران
138 * (صبغة الله) * أي الزموا دين الله * (ومن أحسن من الله صبغة) * أي ومن أحسن من الله دينا
139 * (قل) * يا محمد لليهود والنصارى * (أتحاجوننا في الله) * أتخاصموننا في دين الله وذلك أنهم قالوا إن ديننا هو الأقدم وكتابنا هو الأسبق ولو كنت نبيا لكنت منا * (ولنا أعمالنا) * نجازى بحسنها وسيئها وأنتم في أعمالكم على مثل سبيلنا * (ونحن له مخلصون) * موحدون
140 * (أم تقولون) * ان الأ نبياء من قبل أن تنزل التوراة والإ نجيل * (كانوا هودا أو نصارى) * * (قل أأنتم أعلم أم الله) * أي قد أخبرنا الله سبحانه أن الأنبياء كان دينهم الإسلام ولا أحد أعلم منه * (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله) * هذا توبيخ لهم وهو أن الله تعالى أشهدهم في التوراة والإنجيل أنه باعث فيهم
134

14 143 محمدا ص من ذرية إبراهيم عليه السلام وأخذ مواثيقهم أن يبينوه ولا يكتموه ثم ذكر قصة تحويل القبلة فقال
142 * (سيقول السفهاء من الناس) * يعني مشركي مكة ويهود المدينة * (ما ولاهم) * ما صرفهم يعنون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين * (عن قبلتهم التي كانوا عليها) * وهي الصخرة * (قل لله المشرق والمغرب) * يأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء * (يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) * دين مستقيم يريد إني رضيت هذه القبلة لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم مدح أمته فقال
143 * (وكذلك) * أي وكما هديناكم صراطا مستقيما * (جعلناكم أمة وسطا) * عدولا خيارا * (لتكونوا شهداء على الناس) * لتشهدوا على الأمم بتبليغ الأ نبياء * (ويكون الرسول عليكم) * على صدقكم * (شهيدا) * وذلك أن الله تعالى يسأل الأمم يوم القيامة فيقول هل بلغكم الرسل الرسالة فيقولون ما بلغنا أحد عنك شيئا فيسأل الرسل فيقولون بلغناهم رسالتك فعصوا فيقول هل لكم شهيد فيقولون نعم أمة محمد ص فيشهدون لهم بالتبليغ وتكذيب قومهم إياهم فتقول الأمم يا رب بم عرفوا ذلك وكانوا بعدنا فيقولون أخبرنا بذلك نبينا في كتابه ثم يزكيهم محمد ص * (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها) * أي
135

144 التي أنت عليها اليوم وهي الكعبة قبلة * (إلا لنعلم) * لنرى وقيل معناه لنميز * (من يتبع الرسول) * في تصديقه بنسخ القبلة * (ممن ينقلب على عقبيه) * يرتد ويرجع إلى الكفر وذلك أن الله تعالى جعل نسخ القبلة عن الصخرة إلى الكعبة ابتلاء لعباده المؤمنين فمن عصمه صدق الرسول في ذلك ومن لم يعصمه شك في دينه وتردد عليه أمره وظن أن محمدا عليه السلام في حيرة من أمره فارتد عن الإسلام وهذا معنى قوله * (وإن كانت لكبيرة) * أي وقد كانت التولية إلى الكعبة لثقيلة إلا * (على الذين هدى الله) * عصمهم الله بالهداية فلما حولت القبلة قالت اليهود فكيف بمن مات منكم وهو يصلي على القبلة الأولى لقد مات على الضلالة فأنزل الله تعالى * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * أي صلاتكم التي صليتم و تصديقكم بالقبلة الأولى * (إن الله بالناس) * يعني بالمؤمنين * (لرؤوف رحيم) * والرأفة أشد الرحمة
144 * (قد نرى تقلب وجهك) * الآية كانت الكعبة أحب القبلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى أن الصلاة إليها أدعى لقومه إلى الإسلام فقال لجبريل عليه السلام وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها فقال جبريل عليه السلام إنما أنا عبد مثلك وأنت كريم على ربك فسله ثم ارتفع جبريل عليه السلام وجعل رسول
الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل عليه السلام بالذي سأل فأنزل الله تعالى * (قد نرى تقلب وجهك في السماء) * أي في النظر إلى السماء * (فلنولينك) * فلنصيرنك تستقبل * (قبلة ترضاها) * تحبها وتهواها * (فول وجهك) * أي أقبل بوجهك * (شطر المسجد الحرام) * نحوه وتلقاءه
136

145 146 * (وحيث ما كنتم) * في بر أو بحر وأردتم الصلاة * (فولوا وجوهكم شطره) * فلما تحولت القبلة إلى الكعبة قالت اليهود يا محمد ما أمرت بهذا وإنما هو شيء تبتدعه من تلقاء نفسك فأنزل الله تعالى * (وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق) * أن المسجد الحرام قبلة إبراهيم وأنه لحق * (وما الله بغافل عما تعملون) * يا معشر المؤمنين من طلب مرضاتي
145 * (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب) * يعني اليهود والنصارى * (بكل آية) * دلالة ومعجزة * (ما تبعوا قبلتك) * لأنهم معاندون جاحدون نبوتك مع العلم بها * (وما أنت بتابع قبلتهم) * حسم بهذا أطماع اليهود في رجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم لأنهم كانوا يطمعون في ذلك * (وما بعضهم بتابع قبلة بعض) * أخبر أنهم وإن اتفقوا في التظاهر على النبي صلى الله عليه وسلم مختلفون فيما بينهم فلا اليهود تتبع قبلة النصارى ولا النصارى تتبع قبلة اليهود * (ولئن اتبعت أهواءهم) * أي صليت إلى قبلتهم * (بعد ما جاءك من العلم) * أن قبلة الله الكعبة * (إنك إذا لمن الظالمين) * أي إنك إذا مثلهم والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم في الظاهر وهو في المعنى لامته
146 * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه) * يعرفون محمدص بنعته وصفته * (كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق) * من صفته في التوراة * (وهم يعلمون) * لأن الله بين ذلك في كتابهم
137

147 150
147 * (الحق من ربك) * أي هذا الحق من ربك * (فلا تكونن من الممترين) * الشاكين في الجملة التي أخبرتك بها من أمر القبلة وعناد اليهود وامتناعهم عن الإيمان بك
148 * (ولكل) * أي ولكل أهل دين * (وجهه) * قبلة ومتوجة إليها في الصلاة * (هو موليها) * وجهه أي مستقبلها * (فاستبقوا الخيرات) * فبادروا إلى القبول من الله عز وجل وولوا وجوهكم حيث أمركم الله تعالى * (أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا) * يجمعكم الله تعالى للحساب فيجزيكم بأعمالكم ثم أكد استقبال القبلة أينما كان بآيتين وهما قوله تعالى
150 * (ومن حيث خرجت) * الآية وقوله * (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة) * يعني اليهود وذلك أن اليهود كانوا يقولون ما درى محمد أين قبلته حتى هديناه ويقولون يخالفنا محمد في ديننا ويتبع قبلتنا فهذا كان حجتهم التي كانوا يحتجون بها تمويها على الجهال فلما صرفت القبلة إلى الكعبة بطلت هذه الحجة ثم قال تعالى * (إلا الذين ظلموا منهم) * من الناس وهم المشركون فإنهم قالوا توجه محمد إلى قبلتنا وعلم أنا أهدى سبيلا منه فهؤلاء يحتجون بالباطل ثم قال * (فلا تخشوهم) * يعني المشركين في تظاهرهم عليكم في المحاجة والمحاربة * (واخشوني) * في ترك القبلة ومخالفتها * (ولأتم نعمتي عليكم) * أي ولكي أتم عطف على * (لئلا يكون) * نعمتي عليكم بهدايتي
138

151 154 إياكم إلى قبلة إبراهيم فتتم لكم الملة الحنيفية * (ولعلكم تهتدون) * ولكي تهتدوا إلى قبلة إبراهيم
151 * (كما أرسلنا فيكم) * المعنى ولأتم نعمتي عليكم كإرسالي إليكم رسولا أي أتم هذه كما أتممت تلك بإرسالي * (رسولا منكم) * تعرفون صدقه ونسبه * (يتلو عليكم آياتنا) * يعني القرآن وهذا احتجاج عليهم لأنهم عرفوا أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب فلما قرأ عليهم القرآن تبين لهم صدقه في النبوة * (ويزكيكم) * أي يعرضكم لما تكونوا به أزكياء من الأمر بطاعة الله تعالى
152 * (فاذكروني) * با لطا عة * (أذكركم) * با لمغفرة * (واشكروا لي) * نعمتي * (ولا تكفرون) * أي لا تكفروا نعمتي
153 * (يا أيها الذين آمنوا استعينوا) * على طلب الآخرة * (بالصبر) * على الفرائض * (والصلاة) * وبالصلوات الخمس على تمحيص الذنوب * (إن الله مع الصابرين) * أي إني معكم أنصركم ولا أخذلكم
154 * (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات) * نزلت في قتلى بدر من المسلمين وذلك أنهم كانوا يقولون لمن يقتل في سبيل الله مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا فقال الله تعالى ولا تقولوا للمقتولين في سبيلي هم أموات * (بل) * هم
139

155 158 * (أحياء) * لأن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح في الجنة * (ولكن لا تشعرون) * بما هم فيه من النعيم والكرامة
155 * (ولنبلونكم) * ولنعاملنكم معاملة المبتلي * (بشيء من الخوف) * يعني خوف العدو * (والجوع) * يعني القحط * (ونقص من الأموال) * يعني الخسران والنقصان في المال وهلاك المواشي * (والأنفس) * يعني الموت والقتل في الجهاد والمرض والشيب * (والثمرات) * يعني الجوائح وموت الأولاد فمن صبر على هذه الأشياء استحق الثواب ومن لم يصبر لم يستحق يدل على هذا قوله تعالى * (وبشر الصابرين) *
156 * (الذين إذا أصابتهم مصيبة) * مما ذكر * (قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) * أي أموالنا للة ونحن عبيده يصنع بنا ما يشاء ثم وعدهم على هذا القول المغفرة
157 * (أولئك عليهم صلوات من ربهم) * أي مغفرة * (ورحمة) * ونعمة * (وأولئك هم المهتدون) * إلى الجنة والثواب والحق والصواب وقيل زيادة الهدى وقيل هم المنتفعون بالهداية
158 * (إن الصفا والمروة) * وهما جبلان معروفان بمكة * (من شعائر الله) * أي متعبداته * (فمن حج البيت) * زاره معظما له * (أو اعتمر) * قصد البيت للزيارة * (فلا جناح عليه) *
140

فلا إثم عليه * (أن يطوف بهما) * بالجبلين وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بينهما وعليهما صنمان يمسحونهما فكره المسلمون الطواف بينهما فأنزل الله تعالى هذه الآية * (ومن تطوع خيرا) * فعل غير المفترض عليه من طواف وصلاة وزكاة وطاعة * (فإن الله شاكر) * مجاز له بعمله * (عليم) * بنيته
159 * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا) * يعني علماء اليهود * (من البينات) * من الرجم والحدود والأحكام * (والهدى) * أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونعته * (من بعد ما بيناه للناس) * لبني إسرائيل * (في الكتاب) * في التوراة * (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) * كل شيء إلا الجن والإ نس
160 * (إلا الذين تابوا) * رجعوا من بعد الكتمان * (وأصلحوا) * السريرة * (وبينوا) * صفة محمد ص * (فأولئك أتوب عليهم) * أعود عليهم بالمغفرة
161 * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) * يعني ا لمؤمنين
162 * (خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون) * أي ولا هم يمهلون للرجعة والتوبة والمعذرة إذ قد زال التكليف
141

163 164
163 * (وإلهكم إله واحد) * كان للمشركين ثلاثمائة وستون صنما يعبدونها من دون الله سبحانه وتعالى فبين الله سبحانه أنه الههم وأنه واحد فقال * (وإلهكم إله واحد) * أي ليس له في الإلهية شريك ولا له في ذاته نظير * (لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) * كذبهم الله عز وجل في إشراكهم معه آلهة فعجب المشركون من ذلك وقالوا إن محمدا يقول * (وإلهكم إله واحد) * فليأتنا بآية إن كان من الصادقين فأنزل الله تعالى
164 * (إن في خلق السماوات والأرض) * مع عظمهما وكثرة أجزائهما * (واختلاف الليل والنهار) * ذهابهما ومجيئهما * (والفلك) * السفن * (التي تجري في البحر بما ينفع الناس) * من التجارات * (وما أنزل الله من السماء من ماء) * من مطر * (فأحيا به الأرض) * أخصبها بعد جدوبتها * (وبث) * وفرق * (فيها من كل دابة وتصريف الرياح) * تقليبها مرة جنوبا ومرة شمالا وباردة وحارة * (والسحاب المسخر) * المذلل لأمر الله * (بين السماء والأرض لآيات) * لدلالات على وحدانية الله * (لقوم يعقلون) * فعلمهم الله عز وجل بهذه الآية كيفية الاستدلال على الصانع وعلى توحيده وردهم إلى التفكر في آياته والنظر في مصنوعاته ثم أعلم أن قوما بعد هذه الآيات والبينات يتخذون الأ نداد مع علمهم أنهم لا يأتون بشيء مما ذكر فقال
142

165 168
165 * (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا) * يعني الأصنام التي هي أنداد بعضها لبعض أي أمثال * (يحبونهم كحب الله) * أي كحب المؤمنين الله * (والذين آمنوا أشد حبا لله) * لأن الكافر يعرض عن معبوده في وقت البلاء والمؤمن لا يعرض عن الله في السراء والضراء والشدة والرخاء * (ولو يرى الذين ظلموا) * كفروا * (إذ يرون العذاب) * شدة عذاب الله تعالى وقوته لعلموا مضرة اتخاذ الأ نداد وجواب لو محذوف وهو ما ذكرنا
166 * (إذ تبرأ الذين اتبعوا) * هذه الآية تتصل بما قبلها لأن المعنى وإن الله شديد العذاب حين تبرأ المتبعون في الشرك من أتباعهم عند رؤية العذاب يقولون لم ندعكم إلى الضلالة وإلى ما كنتم عليه * (وتقطعت بهم) * عنهم * (الأسباب) * الوصلات التي كانت بينهم في الدنيا من الأرحام والمودة وصارت مخالتهم عداوة
167 * (وقال الذين اتبعوا) * وهم الأ تباع * (لو أن لنا كرة) * رجعة إلى الدنيا تبرأنا منهم * (كما تبرؤوا منا كذلك) * أي كتبريء بعضهم من بعض * (يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم) * يعني عبادتهم الأوثان رجاء أن تقربهم إلى الله تعالى فلما عذبوا على ما كانوا يرجون ثوابه تحسروا
168 * (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا) * نزلت هذه الآية في الذين
143

169 172 حرموا على أنفسهم السوائب والوصائل والبحائر فأعلم الله سبحانه أنها يحل أكلها وأن تحريمها من عمل الشيطان فقال * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * أي سبله وطرقه ثم بين عداوة الشيطان فقال
169 * (إنما يأمركم بالسوء) * بالمعاصي * (والفحشاء) * البخل وقيل كل ذنب فيه حد * (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * من تحريم الأنعام والحرث
170 * (وإذا قيل لهم) * أي لهؤلاء الذين حرموا من الحرث والأنعام أشياء * (اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا) * ما وجدنا * (عليه آباءنا) * فقال الله تعالى منكرا عليهم * (أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) * يتبعونهم والمعنى أيتبعون آباءهم وإن كانوا جهالا ثم ضرب للكفار مثلا فقال
171 * (ومثل الذين كفروا) * في وعظهم ودعائهم إلى الله عز وجل * (كمثل) * الراعي * (الذي ينعق) * يصيح بالغنم وهي لا تعقل شيئا ومعنى ينعق يصيح وأراد * (بما لا يسمع إلا دعاء ونداء) * البهائم التي لا تعقل ولا تفهم ما يقول الراعي إنما تسمع صوتا لا تدري ما تحته كذلك الذين كفروا يسمعون كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهم كالغنم إذ كانوا لا يستعملون ما أمرهم به ومضى تفسير قوله * (صم بكم عمي) * ثم ذكر أن ما حرمه المشركون حلال فقال
172 * (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) * أي حلالات ما رزقناكم من الحرث والنعم وما حرمه المشركون على أنفسهم منهما * (واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) *
144

أي إن كانت العبادة لله واجبة عليكم بأنه الهكم فالشكر له واجب بأنه منعم عليكم ثم بين المحرم ما هو فقال
173 * (إنما حرم عليكم الميتة) * وهي كل ما فارقه الروح من غير ذكاة مما يذبح * (والدم) * يعني الدم السائل لقوله في موضع آخر * (أو دما مسفوحا) * وقد
دخل هذين الجنسين الخصوص بالسنة وهو قوله صلى الله عليه وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان الحديث وقوله تعالى * (ولحم الخنزير) * يعني الخنزير بجميع أجزائه وخص اللحم لأنه المقصود بالأكل * (وما أهل به لغير الله) * يعني ما ذبح للأصنام فذكر عليه غير اسم الله تعالى * (فمن اضطر) * أي أحوج وألجىء في حال الضرورة وقيل من أكره على تناوله وأجبر على تناوله كما يجبر على التلفظ بالباطل * (غير باغ) * أي غير قاطع للطريق مفارق للأئمة مشاق للأمة * (ولا عاد) * ولا ظالم متعد فأكل * (فلا إثم عليه) * وهذا يدل على أن العاصي بسفره لا يستبيح أكل الميتة عند الضرورة * (إن الله غفور) * للمعصية فلا يأخذ بما جعل فيه الرخصة * (رحيم) * حيث رخص للمضطر
174 * (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب) * يعني رؤساء اليهود * (ويشترون به) *
145

175 177 بما أنزل الله من نعت محمد ص في كتابهم * (ثمنا قليلا) * يعني ما يأخذون من الرشى على كتمان نعته * (أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار) * إلا ما هو عاقبته النار * (ولا يكلمهم الله يوم القيامة) * أي كلاما يسرهم * (ولا يزكيهم) * ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم
175 * (أولئك الذين اشتروا الضلالة) * استبدلوها * (بالهدى والعذاب بالمغفرة) * حين جحدوا أمر محمد ص وكتموا نعته * (فما أصبرهم) * أي فأي شيء صبرهم على النار ودعاهم إليها حين تركوا الحق واتبعوا الباطل وهذا استفهام معناه التوبيخ لهم وقيل ما أجرأهم على النار
176 * (ذلك) * أي ذلك العذاب لهم * (بأن الله نزل الكتاب بالحق) * يعني القرآن فاختلفوا فيه * (وإن الذين اختلفوا في الكتاب) * فقالوا إته رجز وشعر وكهانة وسحر * (لفي شقاق بعيد) * لفي خلاف للحق طويل
177 * (ليس البر) * الآية كان الرجل في ابتداء الإسلام إذا شهد الشهادتين وصلى إلى أي ناحية كانت ثم مات على ذلك وجبت له الجنة فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت الفرائض وصرفت القبلة إلى الكعبة أنزل الله تعالى هذه الآية فقال * (ليس البر) * كله أن تصلوا ولا تعملوا غير ذلك * (ولكن البر) * أي ذا البر * (من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه) *
146

أي على حب المال وقيل الضمير راجع إلى الإيتاء * (ذوي القربى) * قيل عنى به قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وقيل أراد به قرابة الميت * (وابن السبيل) * هو المنقطع يمر بك والضيف ينزل بك * (وفي الرقاب) * أي وفي ثمنها يعني المكاتبين * (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) * الله أو الناس * (والصابرين في البأساء) * الفقر * (والضراء) * المرض * (وحين البأس) * وقت القتال في سبيل الله * (أولئك) * أهل هذه الصفة هم * (الذين صدقوا) * في إيمانهم
178 * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى) * نزلت في حيين من العرب أحدهما أشرف من الآخر فقتل الأوضع من الأشرف قتلى فقال الأشرف لنقتلن الحر بالعبد والذكر بالأنثى ولنضاعفن الجراح فأنزل الله تعالى هذه الآية وقوله * (كتب) * أوجب وفرض * (عليكم القصاص) * اعتبار المماثلة والتساوي بين القتلى حتى لا يجوز أن يقتل حر بعبد أو مسلم بكافر فاعتبار المماثلة واجب وهو قوله * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) * ودل قوله في سورة المائدة * (أن النفس بالنفس) * على أن الذكر يقتل بالأنثى فيقتل الحر بالحرة * (فمن عفي له) * أي ترك له * (من) * دم * (أخيه) * المقتول
147

179 180 * (شيء) * وهو أن يعفو بعض الأولياء فيسقط القود * (فاتباع بالمعروف) * أي فعلى العافي الذي هو ولي الدم أن يتبع القاتل بالمعروف وهو أن يطالبه بالمال من غير تشدد وأذى وعلى المطلوب منه المال * (وأداء) * تأدية المال إلى العافي * (بإحسان) * وهو ترك المطل والتسويف * (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) * هو أن الله تعالى خير هذه الأمة بين القصاص والدية والعفو ولم يكن ذلك إلا لهذه الأمة * (فمن اعتدى) * أي ظلم بقتل القاتل بعد أخذ الدية * (فله عذاب أليم) *
179 * (ولكم في القصاص حياة) * أي في إثبا ته حياة وذلك أن القاتل إذا قتل ارتدع عن القتل كل من يهم بالقتل فكان القصاص سببا لحياة الذي يهم بقتله ولحياة الهام أيضا لأ نه إن قتل قتل * (يا أولي الألباب) * يا ذوي العقول * (لعلكم تتقون) * إراقة الدماء مخافة القصاص
180 * (كتب عليكم) * الآية كان أهل الجاهلية يوصون بمالهم للبعداء رياء وسمعة ويتركون أقاربهم فقراء فأنزل الله تعالى هذه الآية * (كتب عليكم) * فرض عليكم وأوجب * (إذا حضر أحدكم الموت) * أي أسبابه ومقدماته * (إن ترك خيرا) * مالا * (الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف) * يعني لا يزيد على الثلث
148

181 183 * (حقا) * أي حق ذلك حقا * (على المتقين) * الذين يتقون الشرك وهذه الآية منسوخة بآية المواريث ولا تجب الوصية على أحد ولا تجوز الوصية للوارث
181 * (فمن بدله بعد ما سمعه) * أي بدل الإيصاء وغيره من وصي وولي وشاهد بعد ما سمعه عن الميت * (فإنما إثمه) * اثم التبديل * (على الذين يبدلونه) * وبرىء الميت * (إن الله سميع) * سمع ما قاله الموصي * (عليم) * بنيته وما أراد فكانت الأولياء والأوصياء يمضون وصية الميت بعد نزول هذه الآية وإن استغرقت المال فأنزل الله تعالى
182 * (فمن خاف) * أي علم * (من موص جنفا) * خطأ في الوصية من غير عمد وهو أن يوصي لبعض ورثته أو يوصي بماله كله خطأ * (أو إثما) * أي قصدا للميل فخاف في الوصية وفعل ما لا يجوز متعمدا * (فأصلح) * بعد موته بين ورثته وبين الموصى لهم * (فلا إثم عليه) * أي إنه ليس بمبدل يأثم بل هو متوسط للإصلاح وليس عليه إثم
183 * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) * يعني صيام شهر رمضان * (كما كتب) *
149

184 185 يعني كما أوجب * (على الذين من قبلكم) * أي أنتم متعبدون بالصيام كما تعبد من قبلكم * (لعلكم تتقون) * لكي تتقوا الأكل والشرب والجماع في وقت
وجوب الصوم
184 * (أياما معدودات) * يعني شهر رمضان * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر) * فأفطر * (فعدة) * أي فعليه عدة أي صوم عدة يعني بعدد ما أفطر * (من أيام أخر) * سوى أيام مرضه وسفره * (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) * هذا كان في ابتداء الإسلام من أطاق الصوم جاز له أن يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا مدا من طعام فنسخ بقوله * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * * (فمن تطوع خيرا) * زاد في الفدية على مد واحد * (فهو خير له وأن تصوموا خير لكم) * أي والصوم خير لكم من الإفطار والفدية وهذا إنما كان قبل النسخ
185 * (شهر رمضان) * أي هي شهر رمضان يعني تلك الأيام المعدودات شهر رمضان * (الذي أنزل فيه القرآن) * أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا ثم نزل به جبريل عليه السلام على محمد ص نجوما نجوما عشرين سنة * (هدى للناس) * هاديا للناس * (وبينات من الهدى) * وآيات واضحات من الحلال والحرام والحدود
150

186 والاحكام * (والفرقان) * الفرق بين الحق والباطل * (فمن شهد منكم الشهر) * فمن حضر منكم بلده في الشهر * (فليصمه) * * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * أعاد هاهنا تخيير المريض والمسافر لأن الآية الأولى وردت في التخيير للمريض والمسافر والمقيم وفي هذه الآية نسخ تخيير المقيم فأعيد ذكر تخيير المريض والمسافر ليعلم أنه باق على ما كان * (يريد الله بكم اليسر) * بالر خصة للمسافر والمريض * (ولا يريد بكم العسر) * لأنه لم يشدد ولم يضيق عليكم * (ولتكملوا) * عطف على محذوف والمعنى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ليسهل عليكم * (ولتكملوا العدة) * أي ولتكملوا عدة ما أفطرتم بالقضاء إذا أقمتم وبرأتم * (ولتكبروا الله) * يعني التكبير ليلة الفطر إذا رئي هلال شوال * (على ما هداكم) * أرشدكم من شرائع الدين
186 * (وإذا سألك عبادي عني) * الآية سأل بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله تعالى هذه الآية وقوله تعالى * (فإني قريب) *
151

يعني قربه بالعلم * (أجيب) * أسمع * (دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي) * أي فليجيبوني بالطاعة وتصديق الرسل * (وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) * ليكونوا على رجاء من إصابة الرشد
187 * (أحل لكم ليلة الصيام) * الآية كان في ابتداء الإسلام لا تحل المجامعة في ليالي الصوم ولا الأكل ولا الشرب بعد العشاء الآخرة فأحل الله تعالى ذلك كله إلى طلوع الفجر وقوله * (الرفث إلى نسائكم) * يعني الافضاء إليهن بالجماع * (هن لباس لكم) * أي فراش * (وأنتم لباس) * لحاف * (لهن) * عند الجماع * (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) * تخونون أنفسكم بالجماع ليالي رمضان وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره فعلوا ذلك ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه فنزلت الرخصة * (فتاب عليكم) * فعاد عليكم بالترخيص * (وعفا عنكم) * ما فعلتم قبل الرخصة * (فالآن باشروهن) * جامعوهن * (وابتغوا) * واطلبوا * (ما كتب الله لكم) * ما قضى الله سبحانه لكم من الولد * (وكلوا واشربوا) * الليل كله * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض) * يعني بياض الصبح * (من الخيط الأسود) * من سواد الليل * (من الفجر) * بيان أن هذا الخيط الأبيض من الفجر لا من غيره * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) *
152

بالامتناع من هذه الأشياء * (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) * نهي للمعتكف عن الجماع لأنه يفسده * (تلك) * أي هذه الأحكام التي ذكرها * (حدود الله) * ممنوعاته * (فلا تقربوها) * فلا تأتوها * (كذلك) * أي مثل هذا البيان * (يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون) * المحارم
188 * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * أي لا يأكل بعضكم مال بعض بما لا يحل في الشرع من الخيانة والغصب والسرقة والقمار وغير ذلك * (وتدلوا بها إلى الحكام) * ولا تصانعوا أ ي لا ترشوا بأموالكم الحكام لتقتطعوا حقا لغيركم * (لتأكلوا فريقا) * طائفة * (من أموال الناس بالإثم) * بأن ترشوا الحاكم ليقضي لكم * (وأنتم تعلمون) * أنكم مبطلون وأنه لا يحل لكم والأصل في الإدلاء الإرسال من قولهم أدليت الدلو
189 * (يسألونك عن الأهلة) * سأل معاذ بن جبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيادة القمر ونقصانه فأنزل الله تعالى * (يسألونك عن الأهلة) * وهي جمع هلال * (قل هي مواقيت للناس والحج) * أخبر الله عنه أن الحكمة في زيادته ونقصانه زوال الالتباس عن أوقات الناس في حجهم ومحل ديونهم وعدد نسائهم وأجور أجرائهم
153

190 191 ومدد حواملهم وغير ذلك * (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) * كان الرجل في الجاهلية إذا أحرم نقب من بيته نقبا من مؤخره يدخل فيه ويخرج فأمرهم الله بترك سنة الجاهلية وأعلمهم أن ذلك ليس ببر * (ولكن البر) * بر * (من اتقى) * مخالفة الله * (وأتوا البيوت من أبوابها) * الآية
190 * (وقاتلوا في سبيل الله) * الآية نزلت هذه الآية في صلح الحديبية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الحديبية إلى المدينة المنورة حين صده المشركون عن البيت صالحهم على أن يرجع عامه القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام فلما كان العام القابل تجهز رسول الله ص وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي لهم قريش وأن يصدوهم عن البيت ويقاتلوهم وكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالهم في الشهر الحرام في الحرم فأنزل الله تعالى * (وقاتلوا في سبيل الله) * أي في دين الله وطاعته * (الذين يقاتلونكم) * يعني قريشا * (ولا تعتدوا) * ولا تظلموا فتبدؤوا في الحرم بالقتال
191 * (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) * وجدتموهم وأخذتموهم * (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) *
154

يعني من مكة * (والفتنة أشد من القتل) * يعني وشركهم بالله تعالى أعظم من قتلكم إياهم في الحرم * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) * نهوا عن
ابتدائهم بقتل أو قتال حتى يبتدئ المشركون * (فإن قاتلوكم فاقتلوهم) * أي إن ابتدؤوا بقتالكم عند المسجد الحرام فلكم القتال على سبيل المكافأة ثم بين أنهم إن انتهوا أي كفوا عن الشرك والكفر والقتال وأسلموا * (فإن الله غفور رحيم) * أي يغفر لهم كفرهم وقتالهم من قبل وهو منعم عليهم بقبول توبتهم وإيمانهم بعد كفرهم وقتالهم
193 * (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) * أي شرك يعني قاتلوهم حتى يسلموا وليس يقبل من المشرك الوثني جزية * (ويكون الدين لله) * أي الطاعة والعبادة * (لله) * وحده فلا يعبد دونه شي ء * (فإن انتهوا) * عن الكفر * (فلا عدوان) * أي فلا قتل ولا نهب * (إلا على الظالمين) * والكافرين
194 * (الشهر الحرام بالشهر الحرام) * أي إن قاتلوكم في الشهر الحرام فقاتلوهم في مثله * (والحرمات قصاص) * أي إن انتهكوا لكم حرمة فانتهكوا منهم مثل ذلك أعلم الله سبحانه أنه لا يكون للمسلمين أن ينتهكوها على سبيل الابتداء ولكن على سبيل القصاص وهو معنى قوله * (فمن اعتدى عليكم) * الآية
195 * (وأنفقوا في سبيل الله) * في طاعة الله تعالى من الجهاد وغيره * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * ولا تمسكوا عن الإنفاق في الجهاد * (وأحسنوا) * أي الظن بالله تعالى في الثواب والإخلاف عليكم
155

196 * (وأتموا الحج والعمرة لله) * بمناسكهما وحدودهما وسننهما وتأدية كل ما فيهما * (فإن أحصرتم) * حبستم ومنعتم دون تمامهما * (فما استيسر) * فواجب عليكم ما تيسر * (من الهدى) * وهو ما يهدى إلى بيت الله سبحانه أعلاه بدنه وأوسطه بقرة وأدناه شاه فعليه ما تيسر من هذه الأجناس * (ولا تحلقوا رؤوسكم) * أي لا تحلوا من إحرامكم * (حتى يبلغ الهدي محله) * حتى ينحر الهدي بمكة في بعص الأقوال وهو مذهب أهل العراق وفي قول غيرهم محله حيث يحل ذبحه ونحره وهو حيث أحصر وهو مذهب الشافعي * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه) * يعني الهوام تقع في الشعر وتكثر فحلق * (ففدية من صيام) * وهو صيام ثلاثة أيام * (أو صدقة) * وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان * (أو نسك) * ذبيحة * (فإذا أمنتم) * أي من العدو أو كان حج ليس فيه خوف من عدو * (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) * أي قدم مكة محرما واعتمر في أشهر الحج وأقام حلالا بمكة حتى ينشئ منها الحج عامه ذلك واستمتع بمحظورات الإحرام لأه حل بالعمرة فمن فعل هذا ف * (فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم) * عليه * (فما استيسر من الهدي فمن لم يجد) * ثمن الهدي * (فصيام ثلاثة أيام في) * أشهر * (الحج وسبعة إذا رجعتم) * أي بعد الفراغ من الحج * (تلك عشرة كاملة ذلك) * أي ذلك الفرض الذي أمرنا به من الهدي أو الصيام * (لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) * أي لمن لم يكن من أهل مكة
156

197 199
197 * (الحج أشهر) * أي أشهر الحج أشهر * (معلومات) * موقتة معينة وهي شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة * (فمن فرض) * أوجب على نفسه * (فيهن الحج) * بالإحرام والتلبية * (فلا رفث) * فلا جماع * (ولا فسوق) * ولا معاصي * (ولا جدال) * وهو أن يجادل صاحبه حتى يغضبه والمعنى لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا * (في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله) * أي يجازيكم به الله العالم * (وتزودوا) * نزلت في قوم كانوا يحجون بلا زاد ويقولون نحن متوكلون ثم كانوا يسألون الناس وربما ظلموهم وغصبوهم فأمرهم الله آن يتزودوا فقال * (وتزودوا) * ما تتبلغون به * (فإن خير الزاد التقوى) * يعني ما تكفون به وجوهكم عن السؤال وأنفسكم عن الظلم
198 * (ليس عليكم جناح) * الآية كان قوم يزعمون أنه لا حج لتاجر ولا جمال فأعلم الله تعالى أنه لا حرج في ابتغاء الرزق بقوله * (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) * أي رزقا بالتجارة في الحج * (فإذا أفضتم) * أي دفعتم وانصرفتم من * (من عرفات فاذكروا الله) * بالدعاء والتلبية * (عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم) * أي ذكرا مثل هدايته إياكم أي يكون جزاء لهدايته إياكم * (وإن كنتم من قبله) * أي وما كنتم من قبل هداه إلا ضالين
199 * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) * يعني العرب وعامة الناس إلا قريشا وذلك أنهم كانوا لا يقفون بعرفات وإنما يقفون بالمزدلفة ويقولون نحن أهل حرم الله
157

20 203 فلا نخرج منه فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات كما يقف سائر الناس حتى تكون الإفاضة معهم منها * (فإذا قضيتم مناسككم) * أي فرغتم من عباداتكم التي أمرتم بها في الحج * (فاذكروا الله كذكركم آباءكم) * كانت العرب إذا فرغوا من حجهم ذكروا مفاخر آبائهم فأمرهم الله عز وجل بذكره * (أو أشد ذكرا) * يعني وأشد ذكرا * (فمن الناس) * الآية وهم المشركون كانوا يسألون المال والإبل والغنم ولا يسألون حظا في الآخرة لأنهم لم يكونوا مؤمنين بها والمسلمون يسألون الحظ في الدنيا والآخرة وهو قوله
201 * (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة) * الآية ومعنى * (في الدنيا حسنة) * العمل بما يرضي الله * (وفي الآخرة حسنة) * الجنة
202 * (أولئك لهم نصيب مما كسبوا) * أي ثواب ما عملوا * (والله سريع الحساب) * مع هؤلاء لأنه يغفر سيئاتهم ويضاعف حسناتهم
203 * (واذكروا الله في أيام معدودات) * يعني التكبير أدبار الصلوات في أيام التشريق
158

204 206 * (فمن تعجل في يومين) * من أيام التشريق فنفر في اليوم الثاني من منى * (فلا إثم عليه) * في تعجله * (ومن تأخر) * عن النفر إلى اليوم الثالث * (فلا إثم عليه) * في تأخره * (لمن اتقى) * أي طرح المأثم يكون لمن اتقى في حجه تضييع شيء مما حده الله تعالى
204 * (ومن الناس من يعجبك قوله) * الآية يعني الأخنس بن شريق وكان منافقا حلو الكلام حسن العلانية سيىء السريرة وقوله * (في الحياة الدنيا) * لأن قوله إنما يعجب الناس في الحياة الدنيا ولا ثواب له عليه في الآخرة * (ويشهد الله على ما في قلبه) * لأنه كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم والله إني بك لمؤمن ولك محب * (وهو ألد الخصام) * أي شديد الخصومة وكان جدلا بالباطل
205 * (وإذا تولى سعى في الأرض) * الآية وذلك أنه رجع إلى مكة فمر بزرع وحمر للمسلمين فأحرق الزرع وعقر الحمر فهو قوله * (ويهلك الحرث والنسل) * أي نسل الدواب
206 * (وإذا قيل له اتق الله) * وإذا قيل له مهلا مهلا * (أخذته العزة بالإثم) * حملته الأنفة وحميه الجاهلية على الفعل بالإثم * (فحسبه جهنم) * كافيه الجحيم جزاء له * (ولبئس المهاد) * ولبئس المقر جهنم
159

207 210 * (ومن الناس من يشري) * أي يبيع * (نفسه) * يعني يبذلها لأوامر الله تعالى * (ابتغاء مرضات الله) * لطلب رضا الله نزلت في صهيب الرومي
208 * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم) * أي في الإسلام * (كافة) * أي جميعا أي في جميع شرائعه نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه وذلك أنهم بعدما دخلوا في الإسلام عظموا السبت وكرهوا لحمان الإبل فأمروا بترك ذلك وإته ليس من شرائع الإسلام تحريم السبت وكراهة لحوم الإبل * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * أي آثاره ونزغاته * (إنه لكم عدو مبين) *
209 * (فإن زللتم) * تنحيتم عن القصد بتحريم السبت ولحوم الإبل * (من بعد ما جاءتكم البينات) * أي القرآن * (فاعلموا أن الله عزيز) * في نقمته لا تعجزونه ولا يعجزه شيء * (حكيم) * فيما شرع لكم من دينه
210 * (هل ينظرون) * أي هل ينتظرون يعني التاركين الدخول في الإسلام و هل استفهام معناه النفي أي ما ينتظر هؤلاء في الآخرة * (إلا أن يأتيهم) * عذاب * (الله في ظلل من الغمام) * والظلل جمع ظلة وهي كل ما أظلك والمعنى أن العذاب يأتي فيها ويكون أهول * (والملائكة) * أي الملائكة الذين وكلوا بتعذيبهم
160

211 213 * (وقضي الأمر) * فرغ لهم مما يوعدون بأن قدر ذلك عليهم * (وإلى الله ترجع الأمور) * يعني في الجزاء من الثواب والعقاب
211 * (سل بني إسرائيل) * سؤال توبيخ وتبكيت وتقريع كما يقال سله كم وعظته فلم يقبل * (كم آتيناهم من آية بينة) * من فلق البحر وإنجائهم من عدوهم وإنزال المن والسلوى وغير ذلك * (ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته) * يعني ما أنعم الله به عليهم من العلم بشأن محمد عليه السلام فبدلوه وغيروه
212 * (زين للذين كفروا) * أي رؤساء اليهود * (الحياة الدنيا) * فهي همتهم وطلبتهم فهم لا يريدون غيرها * (ويسخرون من الذين آمنوا) * أي فقراء المهاجرين * (والذين اتقوا) * الشرك وهم هؤلاء الفقراء * (فوقهم يوم القيامة) * لأنهم في الجنة وهي عالية والكافرين في النار وهي هاوية * (والله يرزق من يشاء بغير حساب) * يريد ان أموال قريظة والنضير تصير إليهم بلا حساب ولا قتال بل بأسهل شيء وأيسره
213 * (كان الناس) * على عهد إبراهيم عليه السلام * (أمة واحدة) * كفارا كلهم * (فبعث الله النبيين) * إبراهيم وغيره * (وأنزل معهم الكتاب) * والكتاب اسم الجنس * (بالحق) * بالعدل والصدق * (ليحكم بين الناس) * أي الكتاب * (فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا) * أي وما اختلف في أمر
161

214 215 محمد بعد وضوح الدلالات لهم بغيا وحسدا إلا اليهود الذين أوتوا الكتاب لأن المشركين وإن اختلفوا في أمر محمد عليه السلام فإنهم لم يفعلوا ذلك للبغي والحسد ولم تأتهم البينات في شأن محمد عليه السلام كما أتت اليهود فاليهود مخصوصون من هذا الوجه * (فهدى الله الذين آمنوا) * لمعرفة * (لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه) * بعلمه وإرادته فيهم
214 * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) * الآية نزلت في فقراء المهاجرين حين اشتد الضر عليهم لأنهم خرجوا بلا مال فقال الله لهم أي لهؤلاء المهاجرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة من غير بلاء ولا مكروه * (ولما يأتكم) * أي ولم يأتكم * (مثل الذين خلوا) * أي مثل محنة الذين مضوا * (من قبلكم) * أي ولم يصبكم مثل الذي أصابهم فتصبروا كما صبروا * (مستهم البأساء) * الشدة * (والضراء) * المرض والجوع * (وزلزلوا) * أي حركوا بأنواع البلاء * (حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله) * أي حين استبطؤوا النصر فقال الله * (ألا إن نصر الله قريب) * أي أنا ناصر أوليائي لا محالة
215 * (يسألونك ماذا ينفقون) * نزلت في عمرو بن الجموح وكان شيخا كبيرا وعنده
162

216 217 مال عظيم فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها فنزلت هذه الآية قال كثير من المفسرين هذا كان قبل فرض الزكاة فلما فرضت الزكاة نسخت الزكاة هذه الآية
216 * (كتب عليكم القتال) * فرض وأوجب عليكم الجهاد * (وهو كره لكم) * أي مشقة عليكم لما يدخل منه على النفس والمال * (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) * لأن في الغزو إحدى الحسنيين إما الظفر والغنيمة وإما الشهادة والجنة * (وعسى أن تحبوا شيئا) * أي القعود عن الغزو * (وهو شر لكم) * لما فيه من الذل والفقر وحرمان الغنيمة والأجر * (والله يعلم) * ما فيه مصالحكم فبادروا إلى ما يأمركم به وإن شق عليكم
217 * (يسألونك عن الشهر الحرام) * نزلت في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلوا المشركين وقد أهل هلال رجب وهم لا يعلمون ذلك فاستعظم المشركون سفك الدماء في رجب فأنزل الله تعالى * (يسألونك) * يعني المشركين وقيل هم المسلمون * (عن الشهر الحرام قتال فيه) * أي وعن قتال فيه * (قل قتال فيه كبير) * ثم ابتدأ فقال * (وصد) * ومنع * (عن سبيل الله) * أي طاعته يعني صد
163

218 219 المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت الحرام عام الحديبية * (وكفر به) * بالله * (والمسجد الحرام) * أي وصد عن المسجد الحرام * (وإخراج أهله) * أي أهل المسجد يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين أخرجوا من مكة * (منه أكبر) * وأعظم وزرا * (عند الله والفتنة)
* أي والشرك * (أكبر من القتل) * يعني قتل السرية المشركين في رجب * (ولا يزالون) * يعني المشركين * (يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم) * إلى الكفر * (إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه) * الإسلام أي يرجع فيموت على الكفر * (فأولئك حبطت أعمالهم) * الآية بطلت أعمالهم فقال هؤلاء السرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أصبنا القوم في رجب أنرجو أن يكون لنا أجر المجاهدين في سبيل الله فانزل الله تعالى
218 * (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) * فارقوا عشائرهم وأوطانهم * (وجاهدوا) * المشركين * (في سبيل الله) * في نصرة دين الله * (أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) * غفر لهؤلاء السرية ما لم يعلموا ورحمهم والإجماع اليوم منعقد على أن قتال المشركين يجوز في جميع الأشهر حلالها وحرامها
219 * (يسألونك عن الخمر والميسر) * نزلت في عمر ومعاذ وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة
164

للعقل مسلبة للمال فنزل قوله عز وجل * (يسألونك عن الخمر) * وهو كل مسكر مخالط للعقل مغط عليه * (والميسر) * القمار * (قل فيهما إثم كبير) * يعني الإثم بسببهما لما فيهما من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش والزور وغير ذلك * (ومنافع للناس) * ما كانوا يصيبونه من المال في بيع الخمر والتجارة فيها واللذة عند شربها ومنفعة الميسر ما يصاب من القمار ويرتفق به الفقراء ثم بين أن ما يحصل بسببهما من الإثم أكبر من نفعهما فقال * (وإثمهما أكبر من نفعهما) * وليست هذه الآية المحرمة للخمر والميسر إنما المحرمة التي في سورة المائدة وهذه الآية نزلت قبل تحريمها * (ويسألونك ماذا ينفقون) * نزلت في سؤال عمرو بن الجموح لما نزل قوله * (فللوالدين والأقربين) * في سؤاله أعاد السؤال وسأل عن مقدار ما ينفق فنزل قوله * (قل العفو) * أي ما فضل من المال عن العيال وكان الرجل بعد نزول هذه الآية يأخذ من كسبه ما يكفيه وينفق باقيه إلى أن فرضت الزكاة فنسخت آية الزكاة التي في براءة هذه الآية وكل صدقة أمروا بها قبل الزكاة * (كذلك) * أي كبيانه في الخمر والميسر أو في الإ نفاق * (يبين الله لكم الآيات) * لتتفكروا في أمر الدنيا والآخرة فتعرفوا فضل الآخرة على الدنيا
165

220 221
220 * (ويسألونك عن اليتامى) * كانت العرب في الجاهلية يشددون في أمر اليتيم ولا يؤاكلونه وكانوا يتشاءمون بملابسة أموالهم فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية وقوله * (قل إصلاح لهم خير) * يعني الإصلاح لأموالهم من غير أجرة خير وأعظم أجرا * (وإن تخالطوهم) * تشاركوهم في أموالهم وتخلطوها بأموالكم فتصيبوا من أموالهم عوضا عن قيامكم بأمورهم * (فإخوانكم) * أي فهم إخوانكم والإخوان يعين بعضهم بعضا ويصيب بعضهم من مال بعض * (والله يعلم المفسد) * لأموالهم * (من المصلح) * لها فاتقوا الله في مال اليتيم ولا تجعلوا مخالطتكم إياهم ذريعة إلى إفساد أموالهم وأكلها بغير حق * (ولو شاء الله لأعنتكم) * لضيق عليكم وآثمكم في مخالطتكم ومعناه التذكير بالنعمة في التوسعة * (أن الله عزيز) * في ملكه * (حكيم) * فيما أمر به
221 * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * نزلت في أبي مرثد الغنوي كانت له خليلة مشركة فلما أسلم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيحل له أن يتزوج بها فأنزل الله تعالى هذه الآية والمشركات ها هنا عامة في كل من كفرت بالنبي صلى الله عليه وسلم حرم الله تعالى بهذه الآية نكاحهن ثم استثنى الحرائر الكتابيات بالآية التي في المائدة فبقي نكاح الأمة الكتابية على التحريم * (ولأمة مؤمنة) * نزلت في عبد الله بن
166

222 رواحة كانت له أمة مؤمنة فأعتقها وتزوجها فطعن عليه ناس وعرضوا عليه حرة مشركة فنزلت هذه الآية وقوله * (ولو أعجبتكم) * المشركة بمالها وجمالها * (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) * لا يجوز تزويج المسلمة من المشرك بحال * (أولئك) * أي المشركون * (يدعون إلى النار) * أي الأعمال الموجبة للنار * (والله يدعو إلى الجنة والمغفرة) * أي العمل الموجب للجنة والمغفرة * (بإذنه) * بأمره يعني إنه بأوامره يدعوكم
222 * (ويسألونك عن المحيض) * ذكر المفسرون أن العرب كانت إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يساكنوا معها في بيت كفعل المجوس فسأل أبو الدحداح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف نصنع بالنساء إذا حضن فنزلت هذه الآية والمحيض الحيض * (قل هو أذى) * أي قذر ودم * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * أي مجامعتهن إذا حضن * (ولا تقربوهن) * أي ولا تجامعوهن * (حتى يطهرن) * أي يغتسلن ومن قرأ * (يطهرن) * بالتخفيف أي ينقطع عنهن الدم أي توجد الطهارة وهي الغسل * (فإذا تطهرن) * اغتسلن
167

223 224 * (فأتوهن) * أي جامعوهن * (من حيث أمركم الله) * بتجنبه في الحيض وهو الفرج * (إن الله يحب التوابين) * من الذنوب و * (المتطهرين) * بالماء من الأحداث والجنابات
223 * (نساؤكم حرث لكم) * أي مزرع ومنبت للولد * (فأتوا حرثكم أنى شئتم) * أي كيف شئتم ومن أين شئتم بعد أن يكون في صمام واحد فنزلت هذه الآية تكذيبا لليهود وذلك أن المسلمين قالوا إنا نأتي النساء باركات وقائمات ومستلقيات ومن بين أيديهن ومن خلفهن بعد أن يكون المأتي واحدا فقالت اليهود ما أنتم إلا أمثال البهائم لكنا نأتيهن على هيئة واحدة وإنا لنجد في التوراة أن كل إتيان يؤتى النساء غير الاستلقاء دنس عند الله فأكذب الله تعالى اليهود * (وقدموا لأنفسكم) * أي العمل لله بما يحب ويرضى * (واتقوا الله) * فيما حد لكم من الجماع وأمر الحائض * (واعلموا أنكم ملاقوه) * أي راجعون إليه * (وبشر المؤمنين) * الذين خافوه وحذروا معصيته
224 * (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) * أي لا تجعلوا اليمين بالله سبحانه علة مانعة من البر والتقوى من حيث تتعمدون اليمين لتعتلوا بها نزلت في عبد الله بن رواحة حلف أن لا يكلم ختنه ولا يدخل بينه وبين خصم له وجعل يقول قد حلفت أن لا أفعل فلا يحل لي وقوله * (أن تبروا) * أي في أن لا تبروا أو لدفع أن تبروا ويجوز أن يكون قوله * (أن تبروا) * ابتداء وخبره محذوف
168

225 228 على تقدير أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أولى أي البر والتقى أولى * (والله سميع عليم) * يسمع أيمانكم ويعلم ما تقصدون بها
225 * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) * أي ما يسبق به اللسان من غير عقد ولا قصد ويكون كالصلة للكلام وهو مثل قول القائل لا والله وبلى والله وقيل لغو اليمين اليمين المكفرة سميت لغوا لأن الكفارة تسقط الإثم منه * (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) * أي عزمتم وقصدتم وعلى القول الثاني في لغو اليمين معناه ولكن يؤاخذكم بعزمكم على ألا تبروا وتعتلوا في ذلك بأيمانكم بأنكم حلفتم * (والله غفور حليم) * يؤخر العقوبة عن الكفار والعصاة
226 * (للذين يؤلون من نسائهم) * أي يحلفون أن لا يطؤوهن * (تربص أربعة أشهر) * جعل الله تعالى الأجل في ذلك أربعة أشهر فإذا مضت هذه المدة فإما أن يطلق أو يطأ فإن أباهما جميعا طلق عليه الحاكم * (فإن فاؤوا) * رجعوا عما حلفوا عليه أي بالجماع * (فإن الله غفور رحيم) * يغفر له ما قد فعل ولزمته كفارة اليمين
227 * (وإن عزموا الطلاق) * أي طلقوا ولم يفيؤوا بالوطء * (فإن الله سميع) * لما يقوله * (عليم) * بما يفعله
228 * (والمطلقات) * أي المخليات من حبال الأزواج يعني البالغات المدخول بهن غير الحوامل لأن في الآية بيان عدتهن * (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * أي ثلاثة
169

أطهار يعني ينتظرن انقضاء مدة ثلاثة أطهار حتى تمر عليهن ثلاثة أطهار وقيل ثلاث حيض * (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) * يعني الولد ليبطلن حق الزوج من الرجعة * (إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر) * وهذا تغليظ عليهن في إظهار ذلك * (وبعولتهن) * أي أزواجهن * (أحق بردهن) * بمراجعتهن * (في ذلك) * في الأجل الذي أمرن أن يتربصن فيه * (إن أرادوا إصلاحا) * لا إضرارا * (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) * أي للنساء على الرجال مثل الذي للرجال عليهن من الحق بالمعروف أي بما أمر الله من حق الرجل على المرأة * (وللرجال عليهن درجة) * يعني بما ساقوا من المهر وأنفقوا من المال * (والله عزيز حكيم) * يأمر كما أراد ويمتحن كما أحب
229 * (الطلاق مرتان) * كان طلاق الجاهلية غير محصور بعدد فحصر الله الطلاق بثلاث فذكر في هذه الآية طلقتين وذكر الثالثة في الآية الأخرى وهي قوله * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد) * الآية وقيل المعنى في الآية الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان * (فإمساك بمعروف) * يعني إذا راجعها بعد الطلقتين فعليه إمساك بما أمر الله تعالى * (أو تسريح بإحسان) * وهو أن يتركها حتى تبين بانقضاء العدة ولا يراجعها ضرارا * (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) * لا يجوز للزوج أن يأخذ من امرأته شيئا مما أعطاها من المهر ليطلقها إلا في الخلع وهو قوله * (إلا أن يخافا) * أي يعلما * (ألا يقيما حدود الله) * والمعنى إن المرأة إذا خافت أن تعصي الله في أمر زوجها بغضا له وخاف الزوج إذا لم تطعه امرأته أن يعتدي عليها حل له أن يأخذ الفدية منها إذا دعت إلى ذلك * (فإن خفتم) * أيها الولاة والحكام * (ألا يقيما حدود الله) *
170

يعني الزوجين * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * المرأة لا جناح عليها فيما أعطته ولا على الرجل فيما أخذ * (تلك حدود الله) * يعني ما حده من شرائع الدين
230 * (فإن طلقها) * يعني الزوج المطلق اثنتين * (فلا تحل له) * المطلقة ثلاثا * (من بعد) * أي من بعد التطليقة الثالثة * (حتى تنكح زوجا غيره) * غير المطلق ويجامعها * (فإن طلقها) * أي الزوج الثاني * (فلا جناح عليهما أن يتراجعا) * بنكاح جديد * (إن ظنا) * أي علما وأيقنا * (أن يقيما حدود الله) * ما بين الله من حق أحدهما على الآخر
231 * (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) * أي قاربن انقضاء عدتهن * (فأمسكوهن بمعروف) * أي راجعوهن بإشهاد على الرجعة وعقد لها لا بالوطء كما يقول أبو حنيفة * (أو سرحوهن بمعروف) * أي اتركوهن حتى تنقضي عدتهن ويكن أملك بأنفسهن * (ولا تمسكوهن ضرارا) * أي لا تراجعوهن مضارة وأنتم لا حاجة بكم إليهن * (لتعتدوا) * عليهن بتطويل العدة * (ومن يفعل ذلك) * الاعتداء * (فقد ظلم نفسه) * ضرها وأثم فيما بينه وبين الله عز وجل * (ولا تتخذوا آيات الله هزوا) * كان الرجل يطلق في الجاهلية ويقول إنما طلقت وأنا لاعب فيرجع فيها فانزل الله تعالى هذه الآية 0 * (واذكروا نعمة الله عليكم) * بالإسلام * (وما أنزل عليكم من الكتاب) *
171

يعني القران * (والحكمة) * مواعظ القرآن
232 * (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) * انقضت عدتهن * (فلا تعضلوهن) * لا تمنعوهن * (أن ينكحن أزواجهن) * بنكاح جديد أي الذين كانوا أزواجا لهن نزلت في أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فلما انقضت عدتها جاء يخطبها فأبى معقل أن يزوجها ومنعها بحق الولاية * (إذا تراضوا بينهم بالمعروف) * بعقد حلال ومهر جائز * (ذلك) * أي أمر الله بترك العضل * (يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى) * أي ترك العضل خير * (لكم) * وأفضل * (وأطهر) * لقلوبكم من الريبة وذلك أنهما إذا كان في قلب كل واحد منهما علاقة حب لم يؤمن عليهما * (والله يعلم) * ما لكم فيه من الصلاح
233 * (والوالدات يرضعن أولادهن) * لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر وهو أمر استحباب لا أمر إيجاب يريد إنهن أحق بالإرضاع من غيرهن إذا أردن ذلك * (حولين) * سنتين * (كاملين) * تامين وهذا تحديد لقطع التنازع بين الزوجين إذا اشتجرا في مدة الرضاع يدل على هذا قوله * (لمن أراد) * أي هذا التقدير والبيان * (لمن أراد أن يتم الرضاعة) * * (وعلى المولود له) * أي الأب * (رزقهن وكسوتهن) * رزق الوالدات ولباسهن قال المفسرون وعلى الزوج رزق المرأة المطلقة وكسوتها إذا أرضعت الولد * (بالمعروف) * بما يعرفون أنه عدل على قدر الإمكان وهو معنى
172

234 قوله * (لا تكلف نفس إلا وسعها) * لا تلزم نفس إلا ما يسعها * (لا تضار والدة بولدها) * لا ينزع الولد منها إلى غيرها بعد أن رضيت بإرضاعه وألفها الصبي ولا تلقيه هي إلى أبيه بعدما عرفها تضاره بذلك وهو قوله * (ولا مولود له بولده) * * (وعلى الوارث مثل ذلك) * هذا نسق على قوله * (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن) * بمعنى على وارث الصبي الذي لو مات الصبي وله مال ورثه مثل الذي كان على أبيه في حياته وأراد بالوارث من كان من عصبته كائنا من كان من الرجال * (فإن أرادا) * يعني الأبوين * (فصالا) * فطاما للولد * (عن تراض منهما) * قبل الحولين * (وتشاور) * بينهما فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم مراضع غير الوالدة * (فلا جناح عليكم) * فلا إثم عليكم * (إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف) * أي إذا سلمتم إلى الأم أجرتها بمقدار ما أرضعت
234 * (والذين يتوفون منكم) * أي يموتون * (ويذرون) * ويتركون ويخلفون * (أزواجا) * نساء * (يتربصن بأنفسهن) * خبر في معنى الأمر * (أربعة أشهر وعشرا) * هذه المدة عدة المتوفى عنها زوجها إلا أن تكون حاملا * (فإذا بلغن أجلهن) * انقضت عدتهن * (فلا جناح عليكم) * أيها الأولياء * (فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف) * أي من تزوج الأكفاء بإذن الأولياء هذا تفسير المعروف ها هنا
173

لأن التي تزوج نفسها سماها النبي صلى الله عليه وسلم زانية وهذه الآية ناسخة لقوله تعالى * (متاعا إلى الحول غير إخراج) * الآية
235 * (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) * أي تكلمتم به من غير تصريح وهو أن يضمن الكلام دلالة على ما يريد * (من خطبة النساء) * أي التماس نكاحهن في العدة يعني المتوفى عنها الزوج يجوز التعريض بخطبتها في العدة وهو أن يقول لها وهي في العدة إنك لجميلة وإنك لنافقة وإنك لصالحة وإن من عزمي أن أتزوج وما أشبه ذلك * (أو أكننتم) * أسررتم وأضمرتم * (في أنفسكم) * من خطبتهن ونكاحهن * (علم الله أنكم ستذكرونهن) * يعني الخطبة * (ولكن لا تواعدوهن سرا) * أي لا تأخذوا ميثاقهن أن لا ينكحن غيركم * (إلا أن تقولوا قولا معروفا) * أي التعريض بالخطبة كما ذكرنا * (ولا تعزموا عقدة النكاح) * أي لا تصححوا عقدة النكاح * (حتى يبلغ الكتاب أجله) * حتى تنقضي العدة المفروضة * (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم) * أي مطلع على ما في ضمائركم * (فاحذروه) * فخا فوه
174

236 237
236 * (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) * نزلت في رجل من الأنصار تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا ثم طلقها قبل أن يمسها فأعلم الله تعالى أن عقد التزويج بغير مهر جائز ومعناه لا سبيل للنساء عليكم إن طلقتموهن من قبل المسيس والفرض بصداق ولا نفقة وقوله * (أو تفرضوا لهن فريضة) * أي توجبوا لهن صداقا * (ومتعوهن) * أي زودوهن وأعطوهن من ما لكم ما يتمتعن به فالمرأة إذا طلقت قبل تسمية المهر وقبل المسيس فإنها تستحق المتعة بإجماع العلماء ولا مهر لها و * (على الموسع) * أي الغني الذي يكون في سعة من غناه * (قدره) * أي قدر إمكانه * (وعلى المقتر) * الذي في ضيق من فقره قدر إمكانه أعلاها خادم وأوسطها ثوب وأقلها أقل ماله ثمن قال الشافعي وحسن ثلاثون درهما * (متاعا) * أي متعوهن متاعا * (بالمعروف) * بما تعرفون أنه القصد وقدر الإمكان * (حقا) * واجبا * (على المحسنين) *
237 * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) * هذا في المطلقة بعد التسمية وقبل الدخول حكم الله تعالى لها بنصف المهر وهو قوله * (فنصف ما فرضتم) * أي فالواجب نصف ما فرضتم * (إلا أن يعفون) * أي النساء أي إلا أن يتركن ذلك النصف فلا يطالبن الأزواج به * (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) * أي الزوج لا يرجع في شيء من المهر فيدع لها المهر الذي وفاه عملا * (وأن تعفوا) * خطاب للرجال والنساء * (أقرب للتقوى) * أي أدعى إلى اتقاء معاصي الله لأن هذا العفو ندب فإذا انتدب المرء له علم أنه لما كان فرضا أشد استعمالا * (ولا تنسوا) *
175

238 240 * (الفضل بينكم) * لا تتركوأ أن يتفضل بعضكم على بعض هذا أمر للزوج والمرأة بالفضل والإحسان
238 * (حافظوا على الصلوات) * بأدائها في أوقاتها * (والصلاة الوسطى) * أي صلاة الفجر لأ نها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار أفردها بالذكر تخصيصا * (وقوموا لله قانتين) * مطيعين
239 * (فإن خفتم فرجالا) * أي إن لم يمكنكم أن تصلوا موفين للصلاة حقها فصلوا مشاة على أرجلكم * (أو ركبانا) * على ظهور دوابكم وهذا في المطاردة والمسايفة * (فإذا أمنتم فاذكروا الله) * أي فصلوا الصلوات الخمس تامة بحقوقها * (كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) * كما افترض عليكم في مواقيتها
240 * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية) * فعليهم وصية * (لأزواجهم) * لنسائهم وهذا كان في ابتداء الإسلام لم يكن للمرأة ميراث من زوجها وكان على الزوج أن يوصي لها بنفقة حول فكان الورثة ينفقون عليها حولا وكان الحول عزيمة عليها في الصبر عن التزوج وكانت مخيرة في أن تعتد إن شاءت في بيت الزوج وإن شاءت خرجت قبل الحول وتسقط نفقتها فذلك قوله * (متاعا إلى الحول) * أي متعوهن متاعا يعني النفقة * (غير إخراج) * أي من غير إخراج الورثة إياها * (فإن خرجن فلا جناح عليكم) * يا أولياء الميت في قطع النفقة عنهن وترك منعها عن التشوف للنكاح والتصنع للأزواج وذلك قوله
176

241 243 * (فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف) * وهذا كله منسوخ بآية المواريث وعدة المتوفى عنها زوجها
241 * (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) * لما ذكر الله تعالى متعة المطلقة في قوله * (حقا على المحسنين) * قال رجل من المسلمين إن أحسنت فعلت وإن لم أرد ذلك لم أفعل فأوجبها الله تعالى على المتقين الذين يتقون الشرك
242 * (كذلك يبين الله لكم آياته) * شبه الله البيان الذي يأتي بالبيان الذي مضى في الأحكام التي ذكرها
243 * (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم) * ألم تعلم ألم ينته علمك إلى هؤلاء وهم قوم من بني إسرائيل خرجوا من بلدتهم هاربين من الطاعون حتى نزلوا واديا
فأماتهم الله جميعا فذلك قوله * (حذر الموت) * أي لحذر الموت * (فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) * مقتهم الله على فرارهم من الموت فأماتهم عقوبة لهم
177

244 246 ثم بعثهم ليستوفوا بقية آجالهم * (إن الله لذو فضل على الناس) * أي تفضل عليهم بأن أحياهم بعد موتهم
244 * (وقاتلوا في سبيل الله) * يحرض المؤمنين على القتال * (واعلموا أن الله سميع) * لما يقوله المتعلل * (عليم) * بما يضمره فإياكم والتعلل
245 * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) * أي من ذا الذي يعمل عمل المقرض بأن يقدم من ماله فيأخذ أضعاف ما قدم وهذا استدعاء من الله تعالى إلى أعمال البر * (والله يقبض) * أي يمسك الرزق على من يشاء * (ويبسط) * أي ويوسع على من يشاء
246 * (ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل) * أي إلى الجماعة * (إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا) * سألوا نبيهم أشمويل عليه السلام ملكا تنتظم به كلمتهم ويستقيم حالهم في جهاد عدوهم وهو قوله * (نقاتل في سبيل الله) * * (فقال) * لهم ذلك النبي * (هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا) * أي لعلكم أن تجبنوا عن القتال * (قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله) * أي وما يمنعنا عن ذلك * (وقد أخرجنا من ديارنا) * و أفردنا من * (وأبنائنا) * بالسبي والقتل يعنون إذا بلغ الأمر منا هذا فلا بد من الجهاد قال الله تعالى * (فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم) * وهم الذين عبروا النهر ويأتي ذكرهم
178

247 248
247 * (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) * أي قد أجابكم إلى ما سألتم من بعث الملك * (قالوا) * كيف يملك علينا وكان من أدنى بيوت بني إسرائيل ولم يكن من سبط المملكة فأنكروا ملكه وقالوا * (ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال) * أي لم يؤت ما يتملك به الملوك * (قال) * النبي * (إن الله اصطفاه عليكم) * اختاره بالملك * (وزاده بسطة في العلم والجسم) * كان طالوت يومئذ أعلم رجل في بني إسرائيل وأجمله وأتمه والبسطة الزيادة في كل شيء * (والله يؤتي ملكه من يشاء) * ليس بالوراثة * (والله واسع) * أي واسع الفضل والرزق والرحمة فسألوا نبيهم على تمليك طالوت آية ف
248 * (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت) * وكان تابوتا أنزله الله تعالى على آدم عليه السلام فيه صور الأنبياء عليهم السلام كانت بنو إسرائيل يستفتحون به على عدوهم فغلبتهم العمالقة على التابوت فلما سألوا نبيهم البينة على ملك طالوت قال إن آية ملكه أن يرد الله تعالى التابوت عليكم فحملت الملائكة التابوت حتى وضعته في دار طالوت وقوله * (فيه سكينة من ربكم) * أي طمأنينة كانت قلوبهم تطمئن بذلك ففي أي مكان كان التابوت سكنوا هناك وكان ذلك من أمر الله تعالى * (وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) * أي تركاه هما وكانت البقيه نعلي موسى وعصاه وعمامة هارون وقفيزا من المن الذي كان
179

249 ينزل عليهم * (تحمله الملائكة) * أي التابوت * (إن في ذلك لآية) * أي في رجوع التابوت إليكم علامة أن الله قد ملك طالوت عليكم * (إن كنتم مؤمنين) * أي مصدقين
249 * (فلما فصل طالوت بالجنود) * أي خرج بهم من الموضع الذي كانوا فيه إلى جهاد العدو * (قال) * لهم طالوت * (إن الله مبتليكم) * أي مختبركم ومعاملكم معاملة المختبر * (بنهر) * أي بنهر فلسطين ليتميز المحقق ومن له نيه في الجهاد من المعذر * (فمن شرب منه) * أي من مائه * (فليس مني) * أي من أهل ديني * (ومن لم يطعمه) * لم يذقه * (فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده) * أي مرة واحدة أي أخذ منه بجرة أو قربة وما أشبه ذلك مرة واحدة قال لهم طالوت من شرب من النهر وأكثر فقد عصى الله ومن اغترف غرفة بيده أقنعته فهجموا على النهر بعد عطش شديد فوقع أكثرهم في النهر وأكثروا الشرب فهؤلاء جبنوا عن لقاء العدو وأطاع قوم قليل عددهم فلم يزيدوا على الاغتراف فقويت قلوبهم وعبروا النهر فذلك قوله * (فشربوا منه إلا قليلا منهم) * وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا * (فلما جاوزه) * أي النهر * (هو والذين آمنوا معه قالوا) * يعني الذين شربوا وخالفوا أمر الله تعالى * (لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال) * يعني القليل الذين اغترفوا وهم * (الذين يظنون) * أي يعلمون * (أنهم ملاقوا الله) * أي راجعون
180

250 252 إليه * (كم من فئة قليلة) * أي جماعة قليلة * (غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) * بالمعونة والنصر
250 * (ولما برزوا) * أي خرجوا * (لجالوت وجنوده) * أي لقتالهم * (قالوا ربنا أفرغ) * اصبب * (علينا صبرا وثبت أقدامنا) * بتقوية قلوبنا
251 * (فهزموهم) * فردوهم وكسروهم * (بإذن الله) * بقضائه وقدره * (وقتل داود) * النبي وكان في عسكر بني إسرائيل * (جالوت) * الكافر * (وآتاه الله الملك) * أعطى الله داود ملك بني إسرائيل * (والحكمة) * أي جمع له الملك والنبوة * (وعلمه مما يشاء) * صنعة الدروع ومنطق الطير * (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض) * لولا دفع الله بجنود المسلمين لغلب المشركون على الأرض فقتلوا المؤمنين وخربوا البلاد والمساجد
252 * (تلك آيات الله) * أي هذه الآيات التي أخبرتك بها آيات الله أي علامات توحيده * (وإنك لمن المرسلين) * أي أنت من هؤلاء الذين قصصت عليك آياتهم
181

253 255
253 * (تلك الرسل) * أي جماعة الرسل * (فضلنا بعضهم على بعض) * أي لم نجعلهم سواء في الفضيلة وإن استووا في القيام بالرسالة * (منهم من كلم الله) * وهو موسى عليه السلام * (ورفع بعضهم درجات) * يعني محمدا صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الناس كافة * (وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس) * مضى تفسيره * (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) * أي من بعد الرسل * (من بعد ما جاءتهم البينات) * من بعد ما وضحت لهم البراهين * (ولكن اختلفوا فمنهم من آمن) * ثبت على إيمانه * (ومنهم من كفر) * كالنصارى بعد المسيح اختلفوا فصاروا فرقا ثم تحاربوا * (ولو شاء الله ما اقتتلوا) * كرر ذكر المشيئة باقتتالهم تكذيبا لمن زعم أنهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم لم يجر به قضاء من الله * (ولكن الله يفعل ما يريد) * فيوفق من يشاء فضلا ويخذل من يشاء عدلا
254 * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من ما رزقناكم) * أي الزكاة المفروضة وقيل أراد النفقة في الجهاد * (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه) * يعني يوم القيامة يعني لا يؤخذ في ذلك اليوم بدل ولا فداء * (ولا خلة) * ولا صداقة * (ولا شفاعة) * عم نفي الشفاعة لأنه عنى الكافرين بأن هذه الأشياء لا تنفعهم ألا ترى أنه قال * (والكافرون هم الظالمون) * أي هم الذين وضعوا أمر الله في غير موضعه
255 * (الله لا إله إلا هو الحي) * الدائم البقاء * (القيوم) * القائم بتدبير أمر الخلق في
182

إنشائهم وأرزاقهم * (لا تأخذه سنة) * وهي أول النعاس * (ولا نوم) * وهو الغشية الثقيلة * (له ما في السماوات وما في الأرض) * ملكا وخلقا * (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) * أي لا يشفع عنده أحد إلا بأمره إبطالا لزعم الكفار أن الأصنام تشفع لهم * (يعلم ما بين أيديهم) * من أمر الدنيا * (وما خلفهم) * من أمر الآخرة * (ولا يحيطون بشيء من علمه) * أي لا يعلمون شيئا من معلوم الله تعالى * (إلا بما شاء) * إلا بما أنبأ الله به الأ نبياء وأطلعهم عليه * (وسع كرسيه السماوات والأرض) * أي احتملهما وأطاقهما يعني ملكه وسلطانه وقيل هو الكرسي بعينه وهو مشتمل بعظمته على السماوات والأرض وروي عن ابن عباس أن كرسيه علمه * (ولا يؤوده) * أي لا يجهده ولا يثقله * (حفظهما) * أي حفظ السماوات والأرض * (وهو العلي) * بالقدرة ونفوذ السلطان عن الأشباه والأمثال * (العظيم) * عظيم الشأن
256 * (لا إكراه في الدين) * بعد إسلام العرب لأنهم أكرهوا على الإسلام فلم يقبل منهم الجزية لأنهم كانوا مشركين فلما أسلموا أنزل الله تعالى هذه الآية
183

257 258 * (قد تبين الرشد من الغي) * ظهر الإيمان من الكفر والهدى من الضلالة بكثرة الحجج * (فمن يكفر بالطاغوت) * بالشيطان والأصنام * () * واليوم الآخر * (فقد استمسك) * أي تمسك * (بالعروة الوثقى) * عقد لنفسه عقدا وثيقا وهو الإيمان وكلمة الشهادتين * (لا انفصام لها) * أي لا انقطاع لها * (والله سميع) * لدعائك يا محمد إياي بإسلام أهل الكتاب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إسلام أهل الكتاب الذين حول المدينة ويسأل الله ذلك * (عليم) * بحرصك واجتهادك
257 * (الله ولي الذين آمنوا) * أي ناصرهم ومتولي أمورهم * (يخرجهم من الظلمات) * من الكفر والضلالة إلى الإيمان والهداية * (والذين كفروا) * أي اليهود * (أولياؤهم الطاغوت) * يعني رؤساءهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب * (يخرجونهم من النور) * يعني مما كانوا عليه من الإيمان بمحمد عليه السلام قبل بعثه * (إلى الظلمات) * إلى الكفر به بعد بعثه
258 * (ألم تر إلى الذي حاج) * جادل وخاصم * (إبراهيم في ربه) * حين قال له من ربك * (أن آتاه الله الملك) * أي الملك الذي آتاه الله يريد بطر الملك حمله على ذلك وهو نمروذ بن كنعان * (إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت) * فقال عدو الله * (أنا أحيي وأميت) * فعارضه بالاشتراك في العبارة من غير فعل حياة ولا موت فلما لبس في الحجة بأن قال أنا أفعل ذلك احتج إبراهيم عليه بحجة لا يمكنه فيها أن يقول أنا أفعل ذلك وهو قوله * (قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر) *
184

أي انقطع وسكت
259 * (أو كالذي مر على قرية) * عطف على المعنى لا على اللفظ كأنه قال أرأيت الذي حاج أو كالذي مر وهو عزير * (على قرية) * وهي إيليا * (وهي خاوية) * ساقطة متهدمة * (على عروشها) * أي سقوفها * (قال أنى يحيي هذه الله) * أي من أين يحيي هذه الله * (بعد موتها) * يعمرها بعد خرابها استبعد أن يفعل الله ذلك فأحب الله أن يريه آية في نفسه في إحياء القرية * (فأماته الله مائة عام) * وذلك أنه مر بهذه القرية على حمار ومعه ركوة عصير وسلة تين فربط حماره وألقى الله عز وجل عليه النوم فلما نام نزع الله عز وجل روحه مائة سنة فلما مضت مائة سنة أحياه الله تعالى وذلك قوله * (ثم بعثه) * * (قال كم لبثت) * كم أقمت ومكثت ها هنا * (قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك) * أي التين و إلى * (وشرابك) * أي العصير * (لم يتسنه) * أي لم يتغير ولم ينتن بعد مائة سنة وأراه علامة مكثه مائة سنة ببلى عظام حماره فقال * (وانظر إلى حمارك) * فرأى حماره ميتا عظامه بيض تلوح * (ولنجعلك آية للناس) * الواو زائدة والمعنى لبثت مائة عام لنجعلك اية للناس وكونه آية أن بعثه شابا أسود الرأس واللحية وبنو بنيه شيب * (وانظر إلى العظام) * أي عظام
185

260 حماره * (كيف ننشزها) * أي نحييها يقال أنشر الله الموتى وقرئ * (ننشزها) * أي نرفعها من الأرض ونشوز كل شيء ارتفاعه * (ثم نكسوها لحما فلما تبين له) * شاهد ذلك * (قال أعلم أن الله على كل شيء قدير) * أي أعلم العلم الذي لا يعترض عليه الإشكال وتأويله إني قد علمت مشاهدة ما كنت أعلمه غيبا
260 * (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى) * وذلك أنه رأى جيفة بساحل البحر يتناولها سباع الطير والوحش ودواب البحر ففكر كيف يجتمع ما قد تفرق منها وأحب أن يرى ذلك فسال الله تعالى أن يريه إحياء الموتى فقال الله تعالى * (أو لم تؤمن) * ألست آمنت بذلك * (قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * بالمعاينة بعد الإيمان بالغيب * (قال فخذ أربعة من الطير) * طاوسا ونسرا وغرابا وديكا * (فصرهن إليك) * أي قطعهن كأنه قال خذ إليك أربعة من الطير فقطعهن * (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا) * ثم أمر أن يخلط ريشها ولحومها ثم يفرق أجزاءها بأن يجعلها على أربعة أجبل ففعل ذلك إبراهيم وأمسك رؤوسهن عنده ثم دعاهن فقال تعالين بإذن الله فجعلت أجزاء الطيور يطير بعضها إلى بعض حتى تكاملت أجزاؤها ثم أقبلن على رؤوسهن فذلك قوله * (ثم أدعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز) * لا يمتنع عليه ما يريد * (حكيم) * فيما يدبر فلما ذكر الدلالة على توحيده بما أتى الرسل من البينات حث على الجهاد والإنفاق فيه فقال
186

261 264
261 * (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله) * الآية أي مثل صدقاتهم وإنفاقهم * (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل) * الآية يريد أنه يضاعف الواحد بسبع مائة وجعله كالحبه تنبت سبع مائة حبه ولا يشترط وجود هذا لأن هذا على ضرب المثل
262 * (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا) * الآية وهو أن يقول أحسنت إلى فلان ونعشته وجبرت خلله يمن بما فعل * (ولا أذى) * وهو أن يذكر إحسانه لمن لا يحب الذي أحسن إليه وقوفه عليه
263 * (قول معروف) * كلام حسن ورد على السائل جميل * (ومغفرة) * أي تجاوز عن السائل إذا استطال عليه عند رده * (خير من صدقة يتبعها أذى) * أي من وتعيير للسائل بالسؤال * (والله غني) * عن صدقة العباد * (حليم) * إذ لم يعجل بالعقوبة على من يمن
264 * (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم) * أي ثوابها * (بالمن) * وهو أن يمن بما أعطى * (والأذى) * وهو أن يوبخ المعطي المعطى له * (كالذي ينفق) * أي كإبطاله رياء الناس وهو المنافق يعطي ليوهم أنه مؤمن * (فمثله) * أي مثل هذا المنافق * (كمثل صفوان) * وهو الحجر الأملس * (عليه تراب فأصابه وابل) * مطر شديد * (فتركه صلدا) * براقا أملس وهذا مثل ضربه الله تعالى للمان والمنافق يعني إن الناس يرون في الظاهر أن لهؤلاء أعمالا كما يرى التراب على هذا الحجر فإذا
187

265 266 كان يوم القيامة اضمحل كله وبطل كما أذهب الوابل ما كان على الصفوان فلا يقدر أحد من الخلق على ذلك التراب كذلك هؤلاء إذا قدموا على ربهم لم يجدوا شيئا وهو قوله جل وعز * (لا يقدرون على شيء) * أي على ثواب شيء * (مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين) * لا يجعل جزاءهم على كفرهم أن يهديهم ثم ضرب مثلا لمن ينفق يريد ما عند الله ولا يمن ولا يؤذي فقال
265 * (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا) * أي يقينا وتصديقا * (من أنفسهم) * بالثواب لا كالمنافق الذي لا يؤمن بالثواب * (كمثل جنة بربوة) * وهي ما ارتفع من الأرض وهي أكثر ريعا من المستفل * (أصابها وابل) * وهو أشد المطر * (فآتت) * أعطت * (أكلها) * ما يؤكل منها * (ضعفين) * أي حملت في سنة من الريع ما يحمل غيرها في سنتين * (فإن لم يصبها وابل) * وهو أشد المطر وأصابها طل وهو المطر الضعيف فتلك حالها في البركة يقول كما أن هذه الجنة تثمر في كل حال ولا يخيب صاحبها قل المطر أوكثر كذلك يضعف الله ثواب صدقة المؤمن قلت نفقته أم كثرت ثم قرر مثل المرائي في النفقة والمفرط في الطاعة إلى أن يموت بقوله
266 * (أيود أحدكم) * الآية يقول مثلهم كمثل رجل كانت له جنة فيها من كل الثمرات * (وأصابه الكبر) * فضعف عن الكسب وله أطفال لا يجدون عليه
188

267 269 ولا ينفعونه * (فأصابها إعصار) * وهي ريح شديدة * (فيه نار فاحترقت) * ففقدها أحوج ما كان إليها عند كبر السن وكثرة العيال وطفولة الولد فبقي هو وأولاده عجزة متحيرين * (لا يقدرون على) * حيلة كذلك يبطل الله عمل المنافق والمرائي حتى لا توبة لهما ولا إقالة من ذنوبهما * (كذلك يبين الله) * كمثل بيان هذه الأقاصيص * (يبين الله لكم الآيات) * في أمر توحيده
267 * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم) * نزلت في قوم كانوا يتصدقون بشرار ثمارهم ورذالة أموالهم والمراد بالطيبات هاهنا الجياد الخيار مما كسبتم أي التجارة * (ومما أخرجنا لكم من الأرض) * يعني الحبوب التي يجب فيها الزكاة * (ولا تيمموا) * أي لا تقصدوا * (الخبيث منه تنفقون) * أي تنفقونه * (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا) * أي بآخذي ذلك الخبيث لو أعطيتم في حق لكم إلا بالإغماض والتساهل وفي هذا بيان أن الفقراء شركاء رب المال والشريك لا يأخذ الرديء من الجيد إلا بالتساهل
268 * (الشيطان يعدكم الفقر) * أي يخوفكم به يقول أمسك مالك فإنك إن تصدقت افتقرت * (ويأمركم بالفحشاء) * بالبخل ومنع الزكاة * (والله يعدكم) * أن يجازيكم على صدقتكم * (مغفرة) * لذنوبكم وأن يخلف عليكم
269 * (يؤتي الحكمة) * علم القرآن والفهم فيه وقيل هي النبوة * (من يشاء) * * (وما يذكر إلا أولوا الألباب) * أي وما يتعظ إلا ذوو العقول
189

270 272
270 * (وما أنفقتم من نفقة) * أديتم من زكاة * (أو نذرتم من نذر) * في صدقة التطوع أي نويتم أن تصدقوا بصدقة * (فإن الله يعلمه) * يجازي عليه * (وما للظالمين من أنصار) * وعيد لمن أنفق في غير الوجه الذي يجوز له من رياء أو معصية أومن مال مغصوب
271 * (إن تبدوا الصدقات) * الآية سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية فنزلت هذه الآية والمفسرون على أن هذه الآية في التطوع لا في الفرض فإن الفرض إظهاره أفضل وعند بعضهم الآية عامة في كل صدقة وقوله * (ويكفر عنكم من سيئاتكم) * أي يغفرها لكم و من للصلة والتأكيد
272 * (ليس عليك هداهم) * نزلت حين سألت قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر ابنتها أن تعطيها شيئا وهي مشركة فأبت وقالت حتى أستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية والمعنى ليس عليك هدى من خالفك فمنعهم الصدقة ليدخلوا في الإسلام * (وما تنفقوا من خير) * أي مال * (فلأنفسكم) * ثوابه * (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله) * خبر والمراد به الأمر وقيل هو خاص في المؤمنين أي قد علم الله ذلك منكم * (وما تنفقوا من خير) * من مال على فقراء أصحاب الصفة 0 * (يوف إليكم) * أي يوفر لكم جزاؤه * (وأنتم لا تظلمون) * أي لا تنقصون من ثواب أعمالكم شيئا
190

273 274
273 * (للفقراء) * أي هذه الصدقات والإنفاق التي تقدم ذكرها * (للفقراء الذين أحصروا) * أي حبسوا أي هم فعلوا ذلك حبسوا أنفسهم * (في سبيل الله) * في الجهاد يعني فقراء المهاجرين * (لا يستطيعون ضربا) * أي سيرا * (في الأرض) * لا يتفرغون إلى طلب المعاش لأنهم قد ألزموا أنفسهم أمر الجهاد فمنعهم ذلك من التصرف حث الله تعالى المؤمنين على الا نفاق عليهم * (يحسبهم الجاهل) * يخالهم * (أغنياء من التعفف) * عن السؤال * (تعرفهم بسيماهم) * بعلامتهم التخشع والتواضع وأثر الجهد * (لا يسألون الناس إلحافا) * أي إلحاحا إذا كان عندهم غداء لم يسألوا عشاء وإ ذا كان عندهم عشاء لم يسألوا غداء
274 * (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار) * الآية نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان عنده أربعة دراهم لا يملك غيرها فتصدق بدرهم سرا ودرهم علانية ودرهم ليلا ودرهم نهارا
191

275 276
275 * (الذين يأكلون الربا) * أي يعاملون به فنبه بالأكل على غيره * (لا يقومون) * من قبورهم يوم القيامة * (إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان) * يصيبه بجنون * (من المس) * من الجنون وذلك أن آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا * (ذلك) * أي ذلك الذي نزل بهم * (بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا) * وهو أن المشركين قالوا الزيادة على رأس المال بعد محل الدين كالزيادة بالربح في أول البيع فكذبهم الله تعالى فقال * (وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه) * أي وعظ * (فانتهى) * عن أكل الربا * (فله ما سلف) * أي ما أكل من الربا ليس عليه رد ما أخذ قبل النهي * (وأمره إلى الله) * والله ولي أمره * (ومن عاد) * إلى استحلال الربا * (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *
276 * (يمحق الله الربا) * أي ينقصه ويذهب بركته وإن كان كثيرا كما يمحق القمر * (ويربي الصدقات) * يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فصيله * (والله لا يحب كل كفار) * بتحريم الربا مستحل له * (أثيم) * فاجر بأكله مصر عليه
192

278 282
278 * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) * نزلت في العباس وعثمان رضي الله عنهما طلبا ربا لهما كانا قد أسلفا قبل نزول التحريم فلما نزلت هذه الآية سمعا وأطاعا وأخذا رؤوس أموالهما ومعنى الآية تحريم ما بقي دينا من الربا وإيجاب أخذ رأس المال دون الزيادة على جهة الربا وقوله * (إن كنتم مؤمنين) * أي إن من كان مؤمنا فهذا حكمه
279 * (فإن لم تفعلوا) * فإن لم تذروا ما بقي من الربا * (فأذنوا) * فاعلموا * (بحرب من الله ورسوله) * أي فأيقنوا أنكم في امتناعكم من وضع ذلك حرب لله ورسوله * (وإن تبتم) * عن الربا * (فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون) * بطلب الزيادة * (ولا تظلمون) * بالنقصان عن رأس المال
280 * (وإن كان ذو عسرة) * أي وإن وقع غريم ذو عسرة * (فنظرة) * أي فعليكم نظرة أي تأخير * (إلى ميسرة) * إلى غنى ووجود المال * (وأن تصدقوا) * على المعسرين برأس المال * (خير لكم) *
281 * (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) * يعني يوم القيامة تردون فيه إلى الله * (ثم توفى كل نفس ما كسبت) * أي جزاء ما كسبت من الأعمال * (وهم لا يظلمون) * لا ينقصون شيئا فلما حرم الله تعالى الربا أباح السلم فقال
282 * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) * أي تبايعتم بدين
193

* (فاكتبوه) * أمر الله تعالى في الحقوق المؤجلة بالكتابة والإشهاد في قوله * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * حفظا منه للأموال ثم نسخ ذلك بقوله * (فإن أمن بعضكم بعضا) * الآية * (وليكتب بينكم) * بين المستدين والمدين * (كاتب بالعدل) * بالحق والإنصاف ولا يزيد في المال والأجل ولا ينقص منهما * (ولا يأب كاتب أن يكتب) * أي لا يمتنع من ذلك إذا أمر وكانت هذه عزيمة من الله واجبة على الكاتب والشاهد فنسخها قوله * (ولا يضار كاتب ولا شهيد) * ثم قال * (كما علمه الله فليكتب) * أي كما فضله الله بالكتابة * (وليملل الذي عليه الحق) * أي الذي عليه الدين يملي لأنه المشهود عليه فيقر على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه * (ولا يبخس منه شيئا) * أمر أن يقر بمبلغ المال من غير نقصان * (فإن كان الذي عليه الحق) * أي الدين * (سفيها) * طفلا * (أو ضعيفا) * عاجزا أحمق * (أو لا يستطيع أن يمل هو) * لخرس أو لعي * (فليملل وليه) * وارثه أو من يقوم مقامه * (بالعدل) * با لصدق والحق * (واستشهدوا) * وأشهدوا * (شهيدين من رجالكم) *
194

أي من أهل ملتكم من الأحرار البالغين وقوله * (ممن ترضون من الشهداء) * أي من أهل الفضل والدين * (أن تضل إحداهما) * تنسى إحداهما * (فتذكر إحداهما الأخرى) * الشهادة * (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) * لتحمل الشهادة وأدائها * (ولا تسأموا أن تكتبوه) * لا يمنعكم الضجر والملالة أن تكتبوا ما أشهدتم عليه من الحق * (صغيرا أو كبيرا إلى أجله) * إلى أجل الحق * (ذلكم) * أي الكتابة * (أقسط) * أعدل * (عند الله) * في حكمه * (وأقوم) * أبلغ في الاستقامة * (للشهادة) * لأن الكتاب يذكر الشهود فتكون شهادتهم أقوم * (وأدنى ألا ترتابوا) * أي أقرب إلى أن لا تشكوا في مبلغ الحق والأجل * (إلا أن تكون) * تقع * (تجارة حاضرة) * أي متجر فيه حاضر من العروض وغيرها مما يتقابض وهو معنى قوله * (تديرونها بينكم) * وذلك أن ما يخاف في النساء والتأجيل يؤمن في البيع يدا بيد وذلك قوله * (فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم) * قد ذكرنا أن هذا منسوخ الحكم فلا يجب ذلك * (ولا يضار كاتب ولا شهيد) * نهى الله تعالى الكاتب والشاهد عن الضرار وهو أن يزيد الكاتب أو ينقص أو يحرف وأن يشهد الشاهد بما لم يستشهد عليه أو يمتنع من إقامة الشهادة * (وإن تفعلوا) * شيئا من هذا * (فإنه فسوق بكم) *
283 * (وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا) * الآية أمر الله تعالى عند عدم الكاتب بأخذ الرهن ليكون وثيقة بالأموال وذلك قوله * (فرهان مقبوضة) * أي فالوثيقة
195

284 285 رهن مقبوضة * (فإن أمن بعضكم بعضا) * أي لم يخف خيانته وجحوده الحق * (فليؤد الذي اؤتمن) * أي أمن عليه * (أمانته وليتق الله ربه) * بأداء الأمانة * (ولا تكتموا الشهادة) * إذا دعيتم لإقامتها * (ومن يكتمها فإنه آثم) * فاجر * (قلبه) *
284 * (لله ما في السماوات وما في الأرض) * ملكا فهو مالك أعيانه * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) * لما نزل هذا جاء ناس من الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا كلفنا من العمل ما لا نطيق إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه فنحن نحاسب بذلك فقال النبي فلعلكم تقولون كما قالت بنو إسرائيل سمعنا وعصينا وقولوا سمعنا وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا فأنزل الله تعالى الفرج بقوله * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * فنسخت هذه الآية ما قبلها وقيل إن هذا في كتمان الشهادة وإقامتها ومعنى قوله * (يحاسبكم به الله) * يخبركم به ويعرفكم إياه
285 * (آمن الرسول) * الآية لما ذكر الله تعالى في هذه السورة الأحكام والحدود وقصص الأنبياء وآيات قدرته ختم السورة بذكر تصديق نبيه عليه السلام
196

286 والمؤمنين بجميع ذلك * (لا نفرق بين أحد) * أي يقولون لا نفرق بين أحد من رسله كما فعل أهل الكتاب آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض بل نجمع بينهم في الإيمان بهم * (وقالوا سمعنا) * قوله * (وأطعنا) * أمره * (غفرانك) * أي اغفر غفرا نك
286 * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * ذكرنا أن هذه الآية نسخت ما شكاه المؤمنون من المحاسبة بالوسوسة وحديث النفس * (لها ما كسبت) * من العمل بالطاعة * (وعليها ما اكتسبت) * من العمل بالإثم أي لا يؤاخذ أحد بذنب غيره * (ربنا لا تؤاخذنا) * أي قولوا ذلك على التعليم للدعاء ومعناه لا تعاقبنا إن نسينا كانت بنو إسرائيل إذا نسوا شيئا مما شرع لهم عجلت لهم العقوبة بذلك فأمر الله نبيه والمؤمنين أن يسألوه ترك مؤاخذتهم بذلك * (أو أخطأنا) * تركنا الصواب * (ربنا ولا تحمل علينا إصرا) * أي ثقلا والمعنى لا تحمل علينا أمرا يثقل * (كما حملته على الذين من قبلنا) * نحو ما أمر به بنو إسرائيل من الأثقال التي كانت عليهم * (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) * أي لا تعذبنا بالنار * (أنت مولانا) * ناصرنا والذي تلي علينا أمورنا * (فانصرنا على القوم الكافرين) * في إقامة حجتنا وغلبتنا إياهم في حربه وسائر أمورهم حتى يظهر ديننا على الدين كله كما وعدتنا والله أعلم
197

1 6
سورة آل عمران
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * * (ألم) *
2 * (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) *
3 * (نزل عليك الكتاب) * أي القرآن * (بالحق) * بالصدق في إخباره * (مصدقا لما بين يديه) * موافقا لما تقدم الخبر به في سائر الكتب * (وأنزل التوراة والإنجيل) *
4 * (من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان) * ما فرق به بين الحق والباطل يعني جميع الكتب التي أنزلها * (إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام) * ذو عقوبة
6 * (هو الذي يصوركم) * يجعلكم على صور في أرحام الأمهات * (كيف يشاء) * ذكرا وأنثى قصيرا وطويلا وأسود وأبيض
198

7
7 * (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات) * وهن الثلاث الآيات في آخر سورة الأنعام * (قل تعالوا أتل) * إلى آخر الآيات الثلاث 0 * (هن أم الكتاب) * هن أم كل كتاب أنزله الله تعالى على كل نبي فيهن كل ما أحل وحرم ومعناه أنهن أصل الكتاب الذي يعمل عليه * (وأخر) * أي آيات أخر * (متشابهات) * يريد التي تشابهت على اليهود وهي حروف التهجي في أوائل السور وذلك أنهم أولوها على حساب الجمل وطلبوا أن يستخرجوا منها مدة بقاء هذه الأمة فاختلط عليهم واشتبه * (فأما الذين في قلوبهم زيغ) * وهم اليهود الذين طلبوا علم أجل هذه الأمة من الحروف المقطعة * (فيتبعون ما تشابه منه) * من الكتاب يعني حروف التهجي * (ابتغاء الفتنة) * طلب اللبس ليضلوا به جهالهم * (وابتغاء تأويله) * طلب أجل أمة محمد صلى الله عليه وسلم * (وما يعلم تأويله إلا الله) * يريد ما يعلم انقضاء ملك أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا الله لأن انقضاء ملكهم مع قيام الساعة ولا يعلم ذلك أحد الا الله ثم ابتدأ فقال * (والراسخون في العلم) * أي الثابتون فيه يعني علماء مؤمني أهل الكتاب * (يقولون آمنا به) * أي بالمتشابه * (كل من عند ربنا) * المحكم
199

8 13 والمتشابه وما علمناه وما لم نعلمه * (وما يذكر إلا أولوا الألباب) * ما يتعظ بالقرآن إلا ذوو العقول * (ربنا) * أي ويقول الراسخون في العلم * (ربنا لا تزغ قلوبنا) * لا تملها عن الهدى والقصد كما أزغت قلوب الذين في قلوبهم زيغ * (بعد إذ هديتنا) * للإيمان بالمحكم والمتشابه من كتابك
9 * (ربنا إنك جامع الناس) * حاشرهم * (ليوم) * الجزاء في يوم * (لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد) * للبعث والجزاء
10 * (إن الذين كفروا) * يعني يهود قريظة والنضير * (لن تغني عنهم) * أي لن تنفع و لن تدفع عنهم * (أموالهم) * * (ولا أولادهم) * يعني التي يتفاخرون بها * (من الله) * من عذاب الله * (شيئا وأولئك هم وقود النار) * هم الذين توقد بهم النار
11 * (كدأب آل فرعون) * كصنيع آل فرعون وفعلهم في الكفر والتكذيب كفرت اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم
12 * (قل للذين كفروا) * يعني يهود المدينة ومشركي مكة * (ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد) * بئس ما مهد لكم
13 * (قد كان لكم آية) * علامة تدل على صدق محمد عليه السلام * (في فئتين) * يعني
200

14 15 المسلمين والمشركين * (التقتا) * اجتمعتا يوم بدر للقتال * (فئة تقاتل في سبيل الله) * وهم المسلمون * (وأخرى كافرة يرونهم مثليهم) * وهم كانوا ثلاثة أمثالهم ولكن الله تعالى قللهم في أعينهم وأراهم على قدر ما أعلمهم أنهم يغلبونهم لتقوى قلوبهم وذلك أن الله عز وجل كان قد أعلم المسلمين أن المائة منهم تغلب المائتين من الكفار * (رأي العين) * أي من حيث يقع عليهم البصر * (والله يؤيد) * يقوي * (بنصره) * بالغلبة والحجة من يشاء * (إن في ذلك لعبرة) * وهي الآية التي يعبر بها من منزلة الجهل إلى العلم * (لأولي الأبصار) * لذوي العقول
14 * (زين للناس حب الشهوات) * جمع الشهوة وهي توقان النفس إلى الشيء * (والقناطير المقنطرة) * الأموال الكثيرة المجموعة * (والخيل المسومة) * الراعية وقيل المعلمة كالبلق وذوات الشيات وقيل الحسان والخيل الأفراس * (والأنعام) * الإبل والبقر والغنم * (والحرث) * وهو ما يزرع ويغرس ثم بين أن هذه الأشياء متاع الدنيا وهي فانية زائلة * (والله عنده حسن المآب) * المرجع ثم أعلم أن خيرا من ذلك كله ما أعده لأوليائه فقال
15 * (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم) * الذي ذكرت * (للذين اتقوا) * الشرك * (جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد) *
201

17 * (الصابرين) * على دينهم وعلى ما أصابهم * (والصادقين) * في نياتهم * (والقانتين) * المطيعين لله * (والمنفقين) * من الحلال في طاعة الله * (والمستغفرين بالأسحار) * المصلين صلاة الصبح قيل نزلت في المهاجرين والأنصار
18 * (شهد الله) * بين وأظهر بما نصب من الأدلة على توحيده * (أنه لا إله إلا هو والملائكة) * أي وشهدت الملائكة بمعنى أقرت بتوحيد الله * (وأولو العلم) * هم الأنبياء والعلماء من مؤمني أهل الكتاب والمسلمين * (قائما بالقسط) * أي قائما بالعدل يجري التدبير على الاستقامة في جميع الأمور
19 * (إن الدين عند الله الإسلام) * افتخر المشركون بأديانهم فقال كل فريق لا دين الا ديننا وهو دين الله فنزلت هذه الآية وكذبهم النه تعالى فقال * (إن الدين عند الله الإسلام) * الذي جاء به محمد عليه السلام * (وما اختلف الذين أوتوا الكتاب) * أي اليهود لم يختلفوا في صدق نبوة محمد ص لما كانوا يجدونه في كتابهم * (إلا من بعد ما جاءهم العلم) * يعني النبي صلى الله عليه وسلم سمي علما لأنه كان معلوما عندهم بنعته وصفته قبل بعثه فلما جاءهم اختلفوا فيه فآمن به بعضهم وكفر الآخرون * (بغيا بينهم) * طلبا للرياسة وحسدا له على النبوة * (ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) * أي المجازاة له على كفره
202

20 22
20 * (فإن حاجوك) * أي جادلوك * (فقل أسلمت وجهي لله) * أي أخلصت عملي لله وانقدت له * (ومن اتبعني) * يعني المهاجرين والأنصار * (وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين) * يعني العرب * (أأسلمتم) * استفهام معناه الأمر أي أسلموا وقوله * (عليك البلاغ) * أي التبليغ وليس عليك هداهم * (والله بصير بالعباد) * أي بمن آمن بك وصدقك ومن كفر بك وكذبك وكان هذا قبل أن أمر بالقتال
21 * (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق) * قد مضى تفسيره في سورة البقرة وقوله * (ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس) * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم فهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية وهؤلاء الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يتولونهم فهم داخلون في جملتهم
22 * (أولئك الذين حبطت أعمالهم) * بطلت أعمالهم التي يدعونها من التمسك بالتوراة وإقامة شرع موسى عليه السلام * (في الدنيا) * لأنها لم تحقن دماءهم وأموالهم و في * (الآخرة) * لأنهم لم يستحقوا بها ثوابا
203

23 25
23 * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * يعني اليهود * (يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم) * وذلك أنهم أنكروا آية الرجم من التوراة وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حد المحصنين إذا زنيا فحكم بالرجم فقالوا جرت يا محمد فقال بيني وبينكم التوراة ثم أتوا بابن صوريا الأعور فقرأ التوراة فلما أتى على آية الرجم سترها بكفه فقام ابن سلام فرفع كفه عنها وقرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اليهود فغضبت اليهود لذلك غضبا شديدا وانصرفوا فأنزل الله تعالى هذه الآية 0 * (ثم يتولى فريق منهم) * يعني العلماء والرؤساء * (وهم معرضون) *
24 * (ذلك) * أي ذلك الإعراض عن حكمك بسبب اغترارهم حيث قالوا * (لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون) * افتراؤهم وهو قوله * (لن تمسنا النار) * وقد مضى هذا في سورة البقرة
25 * (فكيف إذا جمعناهم) * أي فكيف يكون حالهم إذا جمعناهم ل جزاء * (ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس) *
204

جزاء * (ما كسبت وهم لا يظلمون) * بنقصان حسناتهم أو زيادة سيئاتهم
26 * (قل اللهم مالك الملك) * الآية لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ووعد أمته ملك فارس والروم قالت المنافقون واليهود هيهات هيهات الفارس والروم
أعز وأمنع من أن يغلب على بلادهم فأنزل الله تعالى هذه الآية وقوله * (تؤتي الملك من تشاء) * محمدا وأصحابه * (وتنزع الملك ممن تشاء) * أبي جهل وصناديد قريش * (وتعز من تشاء) * المهاجرين والأنصار * (وتذل من تشاء) * أبا جهل وأصحابه حتى حزت رؤوسهم وألقوا في القليب * (بيدك الخير) * أي عز الدنيا والآخرة وأراد الخير والشر فاكتفى بذكر الخير لأن الرغبة إليه في فعل الخير بالعبد دون الشر
27 * (تولج الليل في النهار) * تدخل الليل في النهار أي تجعل ما نقص من أحدهما زيادة في الآخر * (وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي) * تخرج الحيوان من النطفة وتخرج النطفة من الحيوان وتخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن * (وترزق من تشاء بغير حساب) * بغير تقتير وتضييق
28 * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) * أي أنصارا وأعوانا من
205

29 غير المؤمنين وسواهم نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يباطنون اليهود أي يألفونهم ويوالونهم * (ومن يفعل ذلك) * الاتخاذ * (فليس من الله في شيء) * أي من دين الله أي قد برئ من الله وفارق دينه ثم استثنى فقال * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * أي تقية هذا في المؤمن إذا كان في قوم كفار وخافهم على ماله ونفسه فله أن يخالفهم ويداريهم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان دفعا عن نفسه قال ابن عباس يريد مدارة ظاهرة * (ويحذركم الله نفسه) * أي يخوفكم الله على موالاة الكفار عذاب نفسه يريد عذابه وخصصه بنفسه تعظيما له فلما نهى عن ذلك خوف وحذر عن إبطان موالاتهم فقال
29 * (قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه) * من ضمائركم في موالاتهم وتركها * (يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض) * إتمام للتحذير لأنه إذا كان لا يخفى عليه شيء فيهما فكيف يخفى عليه الضمير * (والله على كل شيء قدير) * تحذير من عقاب من لا يعجزه شيء
206

30 33
30 * (يوم تجد كل نفس) * أي ويحذركم الله عذاب نفسه يوم تجد أي في ذلك اليوم وقوله ما عملت من خير محضرا * أي جزاء ما عملت بما ترى من الثواب وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا * غاية بعيدة كما بين المشرق والمغرب
31 * (قل) * أي للكفار * (إن كنتم تحبون الله) * وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قريش وهم يسجدون للأصنام فقال يا معشر قريش والله لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم فقالت قريش إنما نعبد هذه حبا لله ليقربونا إلى الله فأنزل الله تعالى * (قل) * يا محمد * (إن كنتم تحبون الله) * وتعبدون الأصنام لتقربكم إليه * (فاتبعوني يحببكم الله) * فأنا رسوله إليكم وحجته عليكم ومعنى محبة العبد لله سبحانه إرادته طاعته وإيثاره أمره ومعنى محبة الله العبد إرادته لثوابه وعفوه عنه وإنعامه عليه
32 * (قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا) * عن الطاعة * (فإن الله لا يحب الكافرين) * لايغفرلهم ولا يثني عليهم
33 * (إن الله اصطفى آدم) * بالنبوة والرسالة * (ونوحا وآل إبراهيم) * يعني إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط * (وآل عمران) * موسى وهارون * (على العالمين) * على عالمي زمانهم
207

34 37
34 * (ذرية) * أي اصطفى ذرية * (بعضها من بعض) * أي من ولد بعض لأن الجميع ذرية آدم ثم ذرية نوح * (والله سميع) * لما تقوله الذرية المصطفاة * (عليم) * بما تضمره فلذلك فضلها على غيرها
35 * (إذ قالت امرأة عمران) * وهي حنة أم مريم * (إني نذرت لك ما في بطني) * أي أوجبت على نفسي أن أجعل ما في بطني * (محررا) * عتيقا خالصا لله خادما للكنيسة مفرغا للعبادة ولخدمة الكنيسة وكان على أولادهم فرضا أن يطيعوهم في نذرهم فتصدقت بولدها على بيت المقدس
36 * (فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى) * اعتذرت مما فعلت من النذر لما ولدت أنثى * (وليس الذكر كالأنثى) * في خدمة الكنيسة لما يلحقها من الحيض والنفاس * (وإني أعيذها بك) * أي أمنعها وأجيرها * (من الشيطان الرجيم) * الملعون ا لمطرود
37 * (فتقبلها ربها بقبول حسن) * أي رضيها مكان المحرر الذي نذرته * (وأنبتها نباتا حسنا) * في صلاح وعفة ومعرفة بالله وطاعة له * (وكفلها زكريا) * ضمن القيام بأمرها فبنى لها محرابا في المسجد لا يرتقى إليه إلا بسلم والمحراب الغرفة وهو قوله * (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا) * أي فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء تأتيها به الملائكة من الجنة فلما رأى زكريا ما أوتيت مريم من فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف
208

38 41 على خلاف مجرى العادة طمع في رزق الولد من العاقر على خلاف العادة وذلك قوله
38 * (هنالك) * أي عند ذلك * (دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك) * أي من عندك * (ذرية طيبة) * أي نسلا مباركا تقيا فأجاب الله دعوته وبعث إليه الملائكة مبشرين وهو قوله
39 * (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله) * أي مصدقا بعيسى أنه روح الله وكلمته وسمي عيسى كلمة الله لأنه حدث عند قوله * (كن) * فوقع عليه اسم الكلمة لأنه بها كان * (وسيدا) * وكريما على ربه * (وحصورا) * وهو الذي لا يأتي النساء ولا أرب له فيهن * (قال) * زكريا لما بشر بالولد * (رب أنى يكون لي غلام) * أي على أي حال يكون ذلك أتردني إلى حال الشباب وامرأتي أم مع حال الكبر * (وقد بلغني الكبر) * أي بلغته لأنه كان ذلك اليوم ابن عشرين ومائة سنة * (وامرأتي عاقر) * لاتلد وكانت بنت ثمان وتسعين سنة قيل له * (كذلك) * أي مثل ذلك من الأمر وهو هبة الولد على الكبر يفعل الله ما يشاء فسبحان من لا يعجزه شيء فلما بشر بالولد سأل الله علامة يعرف بها وقت حمل امرأته وذلك قوله
41 * (قال رب اجعل لي آية) * فقال الله تعالى * (آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام) * جعل الله تعالى علامة حمل امرأته أن يمسك لسانه فلا يقدر أن يكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا أي إيماء بالشفتين والحاجبين والعينين وكان مع ذلك يقدر على
209

42 45 التسبيح وذكر الله وهو قوله * (واذكر ربك كثيرا وسبح) * أي وصل * (بالعشي) * وهو آخر النهار * (والإبكار) * ما بين طلوع الفجر إلى الضحى
42 * (وإذ قالت الملائكة) * أي جبريل عليه السلام وحده * (يا مريم إن الله اصطفاك) * أي بما لطف لك حتى انقطعت إلى طاعته * (وطهرك) * من ملامسة الرجال والحيض * (واصطفاك على نساء العالمين) * على عالمي زمانك
43 * (يا مريم اقنتي لربك) * قومي للصلاة بين يدي ربك فقامت حتى سالت قدماها قيحا * (واسجدي واركعي) * أي ائتي بالركوع والسجود والواو لا تقتضي الترتيب * (مع الراكعين) * أي افعلي كفعلهم وقال * (مع الراكعين) * ولم يقل مع الراكعات لأنه أعم
44 * (ذلك) * أي ما قصصنا عليك من حديث زكريا ومريم * (من أنباء الغيب) * أي من أخباره * (نوحيه إليك) * أي نلقيه * (وما كنت لديهم) * فتعرف ذلك * (إذ يلقون أقلامهم) * وذلك أن حنة لما ولدت مريم أتت بها سدنة بيت المقدس وقالت لهم دونكم هذه النذيرة فتنافس فيها الأحبار حتى اقترعوا عليها فخرجت القرعة لزكريا فذلك قوله * (إذ يلقون أقلامهم) * أي قداحهم التي كانوا يقترعون بها لينظروا أيهم تجب له كفالة مريم
45 * (إذ قالت الملائكة) * يعني جبريل عليه السلام * (يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه) * يعني عيسى عليه السلام لأنه في ابتداء أمره كان كلمة من الله وكون بكلمة منه أي من الله * (اسمه المسيح) * وهو معرب من مشيحا بالسريانية لقب
210

46 49 لعيسى ثم فسر وبين من هو فقال * (عيسى ابن مريم وجيها) * أي ذا جاه وشرف وقدر * (في الدنيا والآخرة ومن المقربين) * إلى ثواب الله وكرامته
46 * (ويكلم الناس في المهد) * صغيرا * (وكهلا) * أي يتكلم بالنبوة كهلا وقيل بعد نزوله من السماء * (ومن الصالحين) * يريد مثل موسى ويعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام
47 * (قالت) * مريم متعجبة * (أنى يكون لي ولد) * من غير مسيس بشر * (قال كذلك الله يخلق ما يشاء) * مثل ذلك من الأمر وهو خلق الولد من غير مسيس بشر أي الأمر كما تقولين ولكن الله * (إذا قضى أمرا) * ذكر في سورة البقرة إلى آخرها
48 * (ويعلمه الكتاب) * أراد الكتابة والخط
49 وقوله * (ورسولا إلى بني إسرائيل) * أي ويجعله رسولا إلى بني إسرائيل * (إني) * أي بأني * (قد جئتكم بآية من ربكم) * وهي * (أني أخلق) * أي أقدر وأصور * (كهيئة الطير) * كصورته * (وأبرئ الأكمه) * وهو الذي ولد أعمى * (والأبرص) * أي الذي به وضح أي بياض * (وأنبئكم بما تأكلون) * في غدوكم * (وما) *
211

50 54 كم * (تدخرون) * لباقي يومكم
50 * (ومصدقا) * أي وجئتكم مصدقا * (لما بين يدي) * أي الكتاب الذي أنزل من قبلي * (ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم) * أحل لهم على لسان المسيح لحوم الإبل والثروب وأشياء من الطير والحيتان مما كان محرما في شريعة موسى عليه السلام * (وجئتكم بآية من ربكم) * أي ما كان معه من المعجزات الدالة على رسالته ووحد لأنها كلها جنس واحد في الدلالة
52 * (فلما أحس عيسى) * علم ورأى * (منهم الكفر) * وذلك أنهم أرادوا قتله حين دعاهم إلى الله تعالى فاستنصر عليهم و * (قال من أنصاري إلى الله) * أي مع الله وفي ذات الله * (قال الحواريون) * وكانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها آمنوا بعيسى واتبعوه * (نحن أنصار الله) * أنصار دينه * (آمنا بالله واشهد) * يا عيسى * (بأنا مسلمون) * وقوله
53 * (فاكتبنا مع الشاهدين) * مع الذين شهدوا للأنبياء بالصدق والمعنى أثبث أسماءنا مع أسمائهم لنفوز بمثل ما فازوا
54 * (ومكروا) * سعوا في قتله بالمكر * (ومكر الله) * جازاهم على مكرهم بإلقاء شبه
212

55 59 عيسى على من دل عليه حتى أخذ وصلب * (والله خير الماكرين) * أفضل المجازين بالسيئة العقوبة لأنه لا أحد أقدر على ذلك منه
55 * (إذ قال الله يا عيسى) * والمعنى ومكر الله إذ قال الله يا عيسى * (إني متوفيك) * أي قابضك من غير موت وافيا تاما أي لم ينالوا منك شيئا * (ورافعك إلي) * أي إلى سمائي ومحل كرامتي فجعل ذلك رفعا إليه للتفخيم والتعظيم كقوله * (إني ذاهب إلى ربي) * وإنما ذهب إلى الشام والمعنى إلى أمر ربي * (ومطهرك من الذين كفروا) * أي مخرجك من بينهم * (وجاعل الذين اتبعوك) * وهم أهل الإسلام من هذه الأمة اتبعوا دين المسيح وصدقوه بأنه رسول الله فوالله ما اتبعه من دعاه ربا * (فوق الذين كفروا) * بالبرهان والحجة والعز والغلبة
58 * (ذلك) * أي ما تقدم من النبأ عن عيسى ومريم عليهما السلام * (نتلوه عليك) * نخبرك به * (من الآيات) * أي العلامات الدالة على رسالتك لأنها أخبار عن أمور لم يشاهدها ولم يقرأها من كتاب * (والذكر الحكيم) * أي القرآن المحكم من الباطل وقيل الحكيم الحاكم بمعنى المانع من الكفر والفساد
59 * (إن مثل عيسى) * الآية نزلت في وفد نجران حين قالوا للنبي ص هل
213

60 61 رأيت ولدا من غير ذكر فاحتج الله تعالى عليهم بآدم عليه السلام أي إن قياس خلق عيسى عليه السلام من غير ذكر كقياس خلق آدم عليه السلام بل الشأن فيه
أعجب لأنه خلق من غير ذكر ولا أنثى وقوله * (عند الله) * أي في الإنشاء والخلق وتم الكلام عند قوله * (كمثل آدم) * ثم استأنف خبرا آخر من قصة آدم عليه السلام فقال * (خلقه من تراب) * أي قالبا من تراب * (ثم قال له كن) * بشرا * (فيكون) * بمعنى فكان
60 * (الحق من ربك) * أي الذي أنبأتك من خبر عيسى الحق من ربك * (فلا تكن من الممترين) * أي من الشاكين الخطاب للنبي عليه السلام والمراد به نهي غيره عن الشك
61 * (فمن حاجك) * خاصمك * (فيه) * في عيسى * (من بعد ما جاءك من العلم) * بأن عيسى عبد الله ورسوله * (فقل تعالوا) * هلموا * (ندع أبناءنا وأبناءكم) * لما احتج الله تعالى على النصارى من طريق القياس بقوله * (إن مثل عيسى عند الله) * الآية أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتج عليهم من طريق الإعجاز فلما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران إلى المباهلة وهي الدعاء على الظالم من الفريقين وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين وعلي وفاطمة عليهم السلام وهو يقول لهم إذا أنا دعوت فأمنوا فذلك قوله * (ندع أبناءنا) * الآية
214

62 64 وقوله * (وأنفسنا وأنفسكم) * يعني بني العم * (ثم نبتهل) * نتضرع في الدعاء وقيل ندعو بالبهلة وهي اللعنة فندعو الله باللعنة على الكاذبين فلم تجبه النصارى إلى المباهلة خوفا من اللعنة وقبلوا الجزية
62 * (إن هذا) * الذي أوحيناه إليك * (لهو القصص الحق) * الخبر الصدق
63 * (فإن تولوا) * أعرضوا عما أتيت به من البيان * (فإن الله) * يعلم من يفسد من خلقه فيجازيه على ذلك
64 * (قل يا أهل الكتاب) * يعني يهود المدينة ونصارى نجران * (تعالوا إلى كلمة سواء) * معنى الكلمة كلام فيه شرح قصة * (سواء) * عدل * (بيننا وبينكم) * ثم فسر الكلمة فقال * (ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا) * أي لا نعبد معه غيره * (ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) * كما اتخذت النصارى عيسى وبنو إسرائيل عزيرا وقيل لا نطيع أحدا في معصية الله كما قال الله في صفتهم لما أطاعوا في معصيته علماءهم * (اتخذوا أحبارهم) * الأية * (فإن تولوا) * أعرضوا عن الإجابة * (فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) * مقرون بالتوحيد
215

65 68
65 * (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم) * نزلت لما تنازعت اليهود والنصارى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبراهيم عليه السلام فقالت اليهود ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى ما كان إلا نصرانيا وقوله * (وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده) * أي إن اليهودية والنصرانية حدثتا بعد نزول الكتابين وإنما نزلا بعد موته بزمان طويل * (أفلا تعقلون) * فساد هذه الدعوى
66 * (ها أنتم) * أي أنتم * (هؤلاء) * أي يا هؤلاء * (حاججتم) * جادلتم وخاصمتم * (فيما لكم به علم) * يعني ما وجدوه في كتبهم وأنزل عليهم بيانه وقصته * (فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم) * من شأن إبراهيم عليه السلام وليس في كتابكم أنة لأكان يهوديا أو نصرانيا * (والله يعلم) * شأن إبراهيم * (وأنتم لا تعلمون) * ثم بين حاله فقال
67 * (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما) * الآية ثم جعل المسلمين أحق الناس به فقال
68 * (إن أولى الناس بإبراهيم) * أي أقربهم إليه وأحقهم به * (للذين اتبعوه) * على دينه وملته * (وهذا النبي) * محمد صلى الله عليه وسلم * (والذين آمنوا) * أي فهم الذين ينبغي أن يقولوا إنا على دين إبراهيم عليه السلام
216

69 73
69 * (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم) * أراد اليهود أن يستزلوا المسلمين عن دينهم ويردوهم إلى الكفر فنزلت هذه الآية * (وما يضلون إلا أنفسهم) * لأن المؤمنين لا يقبلون قولهم فيحصل الإثم عليهم بتمنيهم إضلال المؤمنين * (وما يشعرون) * أن هذا يضرهم ولا يضر المؤمنين
70 * (يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله) * أي بالقرآن * (وأنتم تشهدون) * بما يدل على صحته من كتابكم لأن فيه نعت محمد عليه السلام وذكره
71 * (يا أهل الكتاب لم تلبسون) * ذكر في سورة البقرة
72 * (وقالت طائفة من أهل الكتاب) * الآية وذلك أن جماعة من اليهود قال بعضهم لبعض أظهروا الإيمان بمحمد والقرآن في أول النهار وارجعوا عنه في آخر النهار فإنه أحرى أن ينقلب أصحابه عن دينه ويشكوا إذا قلتم نظرنا في كتابكم فوجدنا محمدا ليس بذاك فاطلع الله نبيه عليه السلام على سر اليهود ومكرهم بهذه الآية
73 * (ولا تؤمنوا) * هذا حكاية من كلام اليهود بعضهم لبعض قالوا لا تصدقوا ولا تقروا ب * (أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) * من العلم والحكمة والكتاب والحجة والمن والسلوى والفضائل والكرامات * (إلا لمن تبع دينكم) * اليهودية وقام
217

74 75 بشرائعه وقوله * (قل إن الهدى هدى الله) * اعتراض بين المفعول وفعله وهو من كلام الله تعالى وليس من كلام اليهود ومعناه إن الدين دين الله وقوله * (أو يحاجوكم) * عطف على قوله * (أن يؤتى) * والمعنى ولا تؤمنوا بأن يحاجوكم عند ربكم لأنكم أصح دينا منهم فلا يكون لهم الحجة عليكم فقال الله تعالى * (قل إن الفضل بيد الله) * أي ما تفضل الله به عليك وعلى أمتك
74 * (يختص برحمته) * بدينه الإسلام * (من يشاء والله ذو الفضل) * على أوليائه * (العظيم) * لأنه لا شيء أعظم عند الله من الإسلام ثم أخبر عن اختلاف
أحوالهم في الأمانة والخيانة بقوله
75 * (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك) * يعني عبد الله بن سلام أودع ألفا ومائتي أوقية من ذهب فأدى الأمانة فيه إلى من ائتمنه * (ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك) * يعني فنحاص بن عا زوراء أودع دينارا فخانه * (إلا ما دمت عليه قائما) * على رأسه بالاجتماع معه فإن أنظرته وأخرته أنكر * (ذلك) * أي الاستحلال والخيانة * (بأنهم) * يقولون * (ليس علينا) * فيما أصبنا من أموال العرب شي لأنهم مشركون فالأميون في هذه الآية العرب كلهم ثم كذبهم الله تعالى في هذا فقال * (ويقولون على الله الكذب) * لأنهم ادعوا أن ذلك في كتابهم وكذبوا فان الأمانة مؤداة في كل شريعة * (وهم يعلمون) * أنهم يكذبون ثم رد عليهم قولهم * (ليس علينا في الأميين سبيل) * بقوله
218

76 78
76 * (بلى) * أي بلى عليهم سبيل في ذلك ثم ابتدأ فقال * (من أوفى بعهده) * أي بعهد الله الذي عهد إليه في التوراة من الإيمان بمحمد عليه السلام والقرآن وأدى الأمانة واتقى الكفر والخيانة ونقض العهد * (فإن الله يحب المتقين) * أي من كان بهذه الصفة
77 * (إن الذين يشترون بعهد الله) * نزلت في رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ضيعة فهم المدعى عليه أن يحلف فنزلت هذه الآية فنكل المدعى عليه عن اليمين وأقر بالحق ومعنى * (يشترون) * يستبدلون * (بعهد الله) * بوصيته للمؤمنين أن لا يحلفوا كاذبين باسمه * (وأيمانهم) * جميع اليمين وهو الحلف * (ثمنا قليلا) * من الدنيا * (أولئك لا خلاق لهم في الآخرة) * أي نصيب لهم فيها * (ولا يكلمهم الله) * بكلام يسرهم * (ولا ينظر إليهم) * بالرحمة وأكثر المفسرين على أن الآية نزلت في اليهود وكتمانهم أمر محمد ص وإيمانهم الذي بدلوه من صفة محمد عليه السلام هو الحق في التوراة والدليل على صحة هذا قوله
78 * (وإن منهم) * أي من اليهود * (لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب) * يحرفونه بالتغيير والتبديل والمعنى يلوون ألسنتهم عن سنن الصواب بما يأتونه به من عند أنفسهم * (لتحسبوه) * أي لتحسبوا ما لووا ألسنتهم به * (من الكتاب) *
219

79 81 * (ما كان لبشر) * الآية لما ادعت اليهود أنهم على دين إبراهيم عليه السلام وكذبهم الله تعالى غضبوا وقالوا ما يرضيك منا يا محمد إلا أن نتخذك ربا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ الله أن نأمر بعبادة غير الله ونزلت هذه الآية * (ما كان لبشر) * أن يجمع بين هذين بين النبوة وبين دعاء الخلق إلى عبادة غير الله * (ولكن) * يقول * (كونوا ربانيين) * الآية أي يقول كونوا معلمي الناس بعلمكم ودرسكم علموا الناس وبينوا لهم وكذا كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم لليهودلانهم كانوا أهل كتاب يعلمون ما لا تعلمه العرب
80 * (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا) * كما فعلت النصارى والصابئون * (أيأمركم بالكفر) * استفهام معناه الإنكار أي لا يفعل ذلك * (بعد إذ أنتم مسلمون) * بعد إسلامكم
81 * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب) * ما ها هنا للشرط والمعنى لئن اتيتكم شيئا من كتاب وحكمة ومهما اتيتكم * (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به) * ويريد بميثاق النبيين عهدهم ليشهدوا لمحمد عليه السلام أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله * (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) * يريد محمدا * (لتؤمنن به ولتنصرنه) * أي إن أدركتموه ولم يبعث الله نبيا إلا أخذ عليه العهد في
220

82 85 محمد عليه السلام وأمره بأن يأخذ العهد على قومه ليؤمنن به ولئن بعث وهم احياء لينصرنه وهذا احتجاج على اليهود وقوله * (أأقررتم) * أي قال الله للنبيين أقررتم بالإيمان به والنصرة له * (وأخذتم على ذلكم إصري) * أي قبلتم عهدي * (قالوا أقررنا قال فاشهدوا) * أي على أنفسكم وعلى أتباعكم * (وأنا معكم من الشاهدين) * عليكم وعليهم
82 * (فمن تولى) * أعرض من * (بعد ذلك) * بعد أخذ الميثاق وظهور آيات النبي صلى الله عليه وسلم * (فأولئك هم الفاسقون) * الخارجون عن الإيمان
83 * (أفغير دين الله يبغون) * بعد أخذ الميثاق عليهم بالتصديق بمحمد عليه السلام * (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا) * الملائكة والمسلمون * (وكرها) * الكفار في وقت البأس * (وإليه يرجعون) * وعيد لهم أي أيبغون غير دين الله مع أن مرجعهم إليه
84 * (قل آمنا بالله) * أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول آمنا بالله وبجميع الرسل من غير تفريق بينهم في الإيمان كما فعلت اليهود والنصارى ونظير هذه الآية قد مضى في سورة البقرة
221

86 91
86 * (كيف يهدي الله) * هذا استفهام معناه الإنكار أي لا يهدي الله * (قوما كفروا بعد إيمانهم) * أي اليهود كانوا مؤمنين بمحمد عليه السلام قبل مبعثه فلما بعث كفروا به وقوله * (وشهدوا) * أي وبعد أن شهدوا * (أن الرسول حق وجاءهم البينات) * ما بين في التوراة * (والله لا يهدي القوم الظالمين) * أي لا يرشد من نقض عهود الله بظلم نفسه
87 * (أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله) * مثل هذه الآية ذكر في سورة البقرة
89 * (إلا الذين تابوا من بعد ذلك) * أي راجعوا الإيمان بالله وتصديق نبيه * (وأصلحوا) * أعما لهم
90 * (إن الذين كفروا بعد إيمانهم) * وهم اليهود * (ثم ازدادوا كفرا) * بالإقامة على كفرهم * (لن تقبل توبتهم) * لأنهم لا يتوبون إلا عند حضور الموت وتلك
التوبة لاتقبل
91 * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا) * وهو القدر الذي يملؤها يقول لو افتدى من العذاب بملء الأرض ذهبا لم يقبل منه
222

92 94
92 * (لن تنالوا البر) * التقوى وقيل أي الجنة * (حتى تنفقوا مما تحبون) * أي تخرجوا زكاة أموالكم
93 * (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل) * أي حلالا * (إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة) * وذلك أن يعقوب عليه السلام مرض مرضا شديدا فنذر لئن عافاه لله تعالى ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه وكان أحب الطعام والشراب إليه لحمان الإبل وألبانها فلما ادعى النبي صلى الله عليه وسلم أنه علم دين إبراهيم عليه السلام قالت اليهود كيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها فقال النبي عليه السلام كان ذلك حلالا لإبراهيم عليه السلام فادعت اليهود أن ذلك كان حراما عليه فأنزل الله تعالى تكذيبا لهم وبين أن ابتداء هذا التحريم لم يكن في التوراة إنما كان قبل نزولها وهو قوله * (من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة) * الآية
94 * (فمن افترى على الله الكذب) * أي بإضافة هذا التحريم إلى الله عز وجل على إبراهيم في التوراة * (من بعد ذلك) * من بعد ظهور الحجة بأن التحريم إنما كان من جهة يعقوب عليه السلام * (فأولئك هم الظالمون) * أنفسهم
223

95 100
95 * (قل صدق الله) * في هذا وفي جميع ما أخبر به
96 * (إن أول بيت وضع للناس) * يحج إليه * (للذي ببكة) * مكة * (مباركا) * كثير الخير بأن جعل فيه وعنده البركة * (وهدى) * وذا هدى * (للعالمين) * لأنه قبلة صلاتهم ودلالة على الله بما جعل عنده من الآيات
97 * (فيه آيات بينات) * أي المشاعر والمناسك كلها ثم ذكر بعضها فقال * (مقام إبراهيم) * أي منها مقام إبراهيم * (ومن دخله كان آمنا) * أي من حجه فدخله كان آمنآ من الذنوب التي اكتسبها قبل ذلك وقيل من النار * (ولله على الناس حج البيت) * عمم الإيجاب ثم خص وأبدل من الناس فقال * (من استطاع إليه سبيلا) * يعني من قوي في نفسه فلا تلحقه المشقة في الكون على الراحلة فمن كان بهذه الصفة وملك الزاد والراحلة وجب عليه الحج * (ومن كفر) * جحد فرض الحج * (فإن الله غني عن العالمين) *
99 * (قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن) * كان صدهم عن سبيل الله بالتكذيب بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن صفته ليست في كتابهم * (تبغونها عوجا) * تطلبون لها عوجا بالشبه التي تلبسونها على سفلتكم * (وأنتم شهداء) * بما في التوراة أن دين الله الإسلام
100 * (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا) * الآية نزلت في الأوس والخزرج حين
224

101 103 أغرى قوم من اليهود بينهم ليفتنوهم عن دينهم ثم خاطبهم فقال
101 * (وكيف تكفرون) * أي على أي حال يقع منكم الكفر وآيات الله التي تدل على توحيده تتلى عليكم * (وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله) * يؤمن بالله
102 * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) * وهو أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر فلما نزل هذا قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن يقوى على هذا وشق عليهم فأنزل الله تعالى * (فاتقوا الله ما استطعتم) * فنسخت الأولى * (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * أي كونوا على الإسلام حتى إذا أتاكم الموت صادفكم عليه وهو في الحقيقة نهي عن ترك الإسلام
103 * (واعتصموا بحبل الله جميعا) * أي تمسكوا بدين الله والخطاب للأوس والخزرج * (ولا تفرقوا) * كما كنتم في الجاهلية مقتتلين على غير دين الله * (واذكروا نعمة الله عليكم) * بالإسلام * (إذ كنتم أعداء) * يعني ما كان بين الأوس والخزرج من
225

104 108 الحرب إلى أن ألف الله بين قلوبهم بالإسلام فزالت تلك الأحقاد وصاروا إخوانا متوادين فذلك قوله * (فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار) * أي طرف حفرة من النار لومتم على ما كنتم عليه * (فأنقذكم) * فنجاكم * (منها) * بالإسلام وبمحمد عليه السلام * (كذلك) * أي مثل هذا البيان الذي تلي عليكم * (يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) *
104 * (ولتكن منكم أمة) * الآية أي وليكن كلكم كذلك ودخلت من لتخصيص المخاطبين من غيرهم
105 * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا) * أي اليهود والنصارى * (واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) * أي إن اليهود اختلفوا بعد موسى فصاروا فرقا وكذلك النصارى
106 * (يوم تبيض وجوه) * أي وجوه المهاجرين والأنصار ومن آمن بمحمد عليه السلام * (وتسود وجوه) * اليهود والنصارى ومن كفر به * (فأما الذين اسودت وجوههم) * فيقال لهم * (أكفرتم بعد إيمانكم) * لأنهم شهدوا لمحمد عليه السلام بالنبوة فلما قدم عليهم كذبوه وكفروا به * (وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله) * أي جنته
108 * (تلك آيات الله) * أي القران * (نتلوها عليك) * نبينها * (بالحق) * بالصدق * (وما الله يريد ظلما للعالمين) * فيعاقبهم بلا جرم
226

110 113
110 * (كنتم خير أمة) * عند الله في اللوح المحفوظ يعني أمة محمد ص * (أخرجت للناس) * أظهرت لهم وما أخرج الله تعالى للناس أمة خيرا من أمة محمد عليه
السلام ثم مدحهم بما فيهم من الخصال فقال * (تأمرون بالمعروف) * الآية
111 * (لن يضروكم) * أي اليهود * (إلا أذى) * إلا ضررا يسيرا باللسان مثل الوعيد والبهت * (وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار) * منهزمين وعد الله نبيه والمؤمنين النصرة على اليهود فصدق وعده فلم يقاتل يهود المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا انهزموا
112 * (ضربت عليهم الذلة) * ذكرناه * (أينما ثقفوا) * وجدوا وصودفوا * (إلا بحبل من الله) * أي لكن قد يعتصمون بالعهد إذا أعطوه والمعنى أنهم أذلاء في كل مكان إلا أنهم يعتصمون بالعهد والمراد * (بحبل من الله وحبل من الناس) * العهد والذمة والأمان الذي يأخذونه من المؤمنين بإذن الله وباقي الآية ذكر في سورة البقرة ثم أخبر أنهم غير متساوين في دينهم فقال
113 * (ليسوا سواء) * وأخبر أن منهم المؤمنين فقال * (من أهل الكتاب أمة قائمة) * أي على الحق * (يتلون) * يقرؤون * (آيات الله) * كتاب الله * (آناء الليل) * ساعاته يعني عبد الله بن سلام ومن آمن معه من أهل الكتاب * (وهم يسجدون) * أي يصلون
227

115 118
115 * (وما يفعلوا من خير فلن يكفروه) * لن تجحدوا جزاءه
116 * (إن الذين كفروا) * الآية سبقت في أول هذه السورة
117 * (مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا) * يعني نفقة سفلة اليهود على علمائهم * (كمثل ريح فيها صر) * برد شديد * (أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم) * بالكفر والمعصية أعلم الله تعالى أن ضرر نفقتهم عليهم كضرر هذه الريح على هذا الزرع * (وما ظلمهم الله) * لأن كل ما فعله بخلقه فهو عدل منه 6 * (ولكن أنفسهم يظلمون) * بالكفر والعصيان ثم نهى المؤمنين عن مباطنتهم فقال
118 * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة) * أي دخلا وخواص * (من دونكم) * من غير أهل ملتكم * (لا يألونكم خبالا) * أي لا يدعون جهدهم في مضرتكم وفسادكم * (ودوا ما عنتم) * تمنوا ضلالكم عن دينكم * (قد بدت البغضاء) * أي ظهرت العداوة * (من أفواههم) * بالشتيمة والوقيعة في المسلمين * (وما تخفي صدورهم) * من العداوة والخيانة * (أكبر قد بينا لكم الآيات) * أي علامات اليهود في عداوتهم
228

119 122 * (إن كنتم تعقلون) * موقع نفع البيان
119 * (ها أنتم) * ها تنبية دخل على أنتم * (أولاء) * بمعنى الذين كأنه قيل الذين * (تحبونهم ولا يحبونكم) * أي تريدون لهم الإسلام وهم يريدونكم على الكفر * (وتؤمنون بالكتاب كله) * أي بالكتب وهو اسم جنس * (وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل) * أي أطراف الأصابع * (من الغيظ) * التقدير عضوا الأنامل من الغيظ عليكم وذلك لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم * (قل موتوا بغيظكم) * أمر الله تعالى نبيه أن يدعو عليهم بدوام غيظهم إلى أن يموتوا * (إن الله عليم بذات الصدور) * بما فيها من خير وشر
120 * (إن تمسسكم حسنة) * نصر وغنيمة * (تسؤهم) * تحزنهم * (وإن تصبكم سيئة) * ضد ذلك وهو كسر وهزيمة * (يفرحوا بها وإن تصبروا) * على ما تسمعون من آذاهم * (وتتقوا) * مقاربتهم ومخالطتهم * (لا يضركم كيدهم) * عداوتهم * (شيئا إن الله بما يعملون محيط) * عالم به فلن تعدموا جزاءه
121 * (وإذ غدوت) * يعني يوم أحد * (من أهلك) * من منزل عائشة رضي الله عنها * (تبوئ) * تهيء للمؤمنين * (مقاعد) * مراكز ومثابت * (للقتال والله سميع) * لقولكم * (عليم) * بما في قلوبكم
122 * (إذ همت طائفتان منكم) * بنو سلمة وبنو حارثة * (أن تفشلا) * أن تجبنا وذلك
229

123 126 أن هؤلاء ء هموا بالا نصراف عن الحرب فعصمهم الله * (والله وليهما) * ناصرهما وموال لهما * (وعلى الله فليتوكل) * فليعتمد في الكفاية * (المؤمنون) *
123 * (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) * بقلة العدد وقلة السلاح * (فاتقوا الله لعلكم تشكرون) * اي فاتقون فإنه شكر نعمتي
124 * (إذ تقول للمؤمنين) * يوم بدر * (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين) *
125 * (بلى) * تصدق لوعد الله * (إن تصبروا) * على لقاء العدو * (وتتقوا) * معصية الله ومخالفة النبي عليه السلام * (ويأتوكم من فورهم) * قيل من وجههم وقيل من غيظهم * (يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) * معلمين وكانت الملائكة قد سومت يوم بدر بالصوف الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها ثم صبر المؤمنون يوم بدر فأمدوا بخمسة آلاف من الملائكة
126 * (وما جعله الله) * اي ذلك الامداد * (إلا بشرى) * اي بشارة لكم * (ولتطمئن قلوبكم به) *
230

فلا تجزع من كثرة العدو * (وما النصر إلا من عند الله) * لان من لم ينصره الله فهو مخذول وان كثرت أنصاره
127 * (ليقطع طرفا) * اي نصركم ببدر ليقطع طرفا اي ليهدم ركنا من أركان الشرك بالقتل والأسر * (أو يكبتهم) * اي يخزيهم و يذلهم يعني الذين انهزموا قوله
128 * (ليس لك من الأمر شيء) * الآية لما كان يوم أحد من المشركين ما كان من كسر رباعية النبي صلى الله عليه وسلم وشجه فقال كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله تعالى هذه الآية يعلمه ان كثيرا منهم سيؤمنون والمعنى ليس لك من الأمر في عذابهم أو استصلاحهم شيء حتى يقع انابتهم أو
تعذيبهم وهو قوله * (أو يتوب عليهم أو يعذبهم) * فلما نفى الامرعن نبييه عليه السلام ذكر ان جميع الامر له فمن شاء عذبه ومن شاء غفر له وهو قوله
129 * (ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء) * اي الذنب العظيم للموحدين * (ويعذب من يشاء) * يريد المشركين على الذنب الصغير * (والله غفور) * لأوليائه * (رحيم) * بهم
130 * (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا) * الآية هو انهم كانوا يزيدون على المال
231

131 135 ويؤخرون الأجل كلما أخر اجل إلى غيره زيد في المال زيادة * (لعلكم تفلحون) * لكي تسعدو وتبقوا في الجنة
131 * (واتقوا النار) * بتحريم الربا وترك الاستحلا ل له * (التي أعدت للكافرين) * دون المؤمنين
133 * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) * اي الاسلام الذي يوجب المغفرة وقيل إلى التوبة وقيل إلى أداء الفرائض * (وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت) * لكل واحد من أولياء الله
134 * (الذين ينفقون في السراء والضراء) * في اليسر والعسر وكثرة المال وقلته * (والكاظمين الغيظ) * الكافين غضبهم عن امضائه * (والعافين عن الناس) * اي المماليك وعمن ظلمهم وأساء إليهم * (والله يحب المحسنين) * الموحدين الذين فيهم هذه الخصال
135 * (والذين إذا فعلوا فاحشة) * اي الزنا نزلت في نبهان التمار اتته امرأة حسناء تبتاع منه التمر فضمها إلى نفسه وقبلها ثم ندم على ذلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك له فنزلت هذه الآية وقوله * (أو ظلموا أنفسهم) * يعني ما دون الزنا
232

136 139 من قبلة أو لمسة أو نظر * (ذكروا الله) * اي ذكروا عقاب الله * (ولم يصروا) * اي لم يقيموا ولم يدوموا * (على ما فعلوا) * بل أقروا واستغفروا * (وهم يعلمون) * ان الذين أتوه حرام ومعصية
137 * (قد خلت من قبلكم سنن) * قد مضت مني فيمن كان قبلكم من الأمم الكافرة سنن بإمهالي إياهم حتى يبلغوا الاجل الذي اجلته في اهلاكهم وبقيت لهم اثار في الدنيا فيها أعظم الاعتبار * (فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة) * اخر امر * (المكذبين) * منهم نزلت في قصة يوم أحد يقول الله فأنا أمهلهم حتى يبلغ اجلي الذي أجلت في نصرة النبي عليه السلام وأوليائه وأهلاك أعدائه
138 * (هذا بيان للناس) * اي القران بيان للناس عامة * (وهدى وموعظة للمتقين) * خاصة وهم الذين هداهم الله بفضله
139 * (ولا تهنوا) * ولا تضعفوا عن جهاد عدوكم بما نالكم من الهزيمة * (ولا تحزنوا) *
233

140 143 اي على ما فاتكم من الغنيمة * (وأنتم الأعلون) * اي لكم تكون العاقبة بالنصر والظفر * (إن كنتم مؤمنين) * اي ان الايمان يوجب ما ذكر من ترك الوهن والحزن
140 * (إن يمسسكم) * يصبكم * (قرح) * جراح والمها يوم أحد * (فقد مس القوم) * المشركين * (قرح مثله) * يوم بدر * (وتلك الأيام) * اي أيام الدنيا * (نداولها) * نصرفها * (بين الناس) * مرة لفرقة ومرة عليها * (وليعلم الله الذين آمنوا) * مميزين بالايمان عن غيرهم اي انما نجعل الدولة للكفار على المؤمنين ليميز المؤمن المخلص ممن يرتد عن الدين إذا اصابته نكبة والمعنى ليعلمهم مشاهدة كما علمهم غيبا * (ويتخذ منكم شهداء) * اي ليكرم قوما بالشهادة * (والله لا يحب الظالمين) * اي المشركين اي انه انما يديل المشركين على المؤ منين لما ذكر لا لأنه يحبهم
141 * (وليمحص الله الذين آمنوا) * اي ليخلصهم من ذنوبهم بما يقع عليهم من قتل وجرح وذهاب مال * (ويمحق الكافرين) * يستأصلهم إذا ادال عليهم يعني انه يديل على المؤمنين لما ذكر ويديل على الكافرين لاهلاكهم بذنوبهم
142 * (أم حسبتم) * بل أحسبتم اي لا تحسبوا * (أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله) * الآية اي ولما يقع العلم بالجهاد مع العلم بصبر الصابرين والآية خطاب للذين انهزموايوم أحد قيل لهم أحسبتم ان تدخلوا الجنة كما دخل الذين قتلوا وثبتوا على ألم الجرح والضرب من غير أن تسلكوا طريقهم وتصبروا صبرهم
143 * (ولقد كنتم تمنون الموت) * كانوا يتمنون يوما مع النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون لنفعلن
234

144 145 ولنفعلن ثم انهزموا يوم أحد فاستحقوا العقاب وقوله * (من قبل أن تلقوه) * اي من قبل يوم أحد * (فقد رأيتموه) * رأيتم ما كنتم تتمنون من الموت أي رأيتم أسبابه ولم تثبتوامع نبيكم نزلت في معاتبة الرسول إياهم فقالوا بلغنا انك قد قتلت لذلك انهزمنا * (وأنتم تنظرون) * وأنتم بصراء تتأملون الحال في ذلك كيف هي فلم انهزمتم
144 * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) * اي يموت كما ماتت الرسل قبله * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * ارتددتم كفارا بعد ايمانكم وذلك لما نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأشيع انه قد قتل قال ناس من أهل النفاق للمؤمنين ان كان محمد قد قتل فالحقوا بدينكم الأول فأنزل الله تعالى هذه الآية * (ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا) * اي فإنما يضر نفسه باستحقاق العذاب * (وسيجزي الله) * بما يستحقون من الثواب * (الشاكرين) * الطائعين لله من المهاجرين والأنصار ثم عاتب المنهزمين بقوله
145 * (وما كان لنفس أن تموت) * اي ما كانت نفسن لتموت * (إلا بإذن الله) * بقضائه وقدره كتب الله ذلك * (كتابا مؤجلا) * إلى اجله الذي قدر له فلم انهزمتم والهزيمه لا تزيد في الحياة * (ومن يرد) * بعمله وطاعته * (ثواب الدنيا) * زينتها
235

146 150 وزخرفها * (نؤته منها) * نعطه منها ما قدرناه له اي لهؤلاء المنهزمين طلبا للغنيمة * (ومن يرد ثواب الآخرة) * يعني الذين ثبتوا حتى قتلوا * (نؤته منها) * ثم احتج على المنهزمين بقوله
146 * (وكأين) * أي وكم * (من نبي قاتل) * في معركة * (معه ربيون كثير) * جماعات كثيرة * (فما وهنوا لما أصابهم) * أي ما ضعفوا بعد قتل نبيهم * (الآية) * * (وما كان قولهم) * أي قول أصحاب ذلك النبي المقتول عند الحرب بعد قتل نبيهم * (إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا) * تجاوزنا ما حد لنا * (في أمرنا وثبت أقدامنا) * بالقوة من عندك والنصرة
148 * (فآتاهم الله ثواب الدنيا) * النصر والظفر * (وحسن ثواب الآخرة) * الأجر والمغفرة
149 * (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا) * أي اليهود والمشركين حيث قالوا لكم يوم أحد ارجعوا إلى دين آبائكم وهو قوله * (يردوكم على أعقابكم) * يرجعوكم إلى أول أمركم من الشرك بالله
150 * (بل الله مولاكم) * أي فاستغنوا عن موالاة الكفار فأنا ناصركم فلا تستنصروهم
236

151 152 ولما انصرف المشركون من أحد هموا بالرجوع لاستئصال المسلمين وخاف المسلمون ذلك فوعدهم الله تعالى خذلان أعدائهم بقوله
151 * (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) * الخوف حتى لا يرجعوا إليكم * (بما أشركوا) * أي بإشراكهم بالله * (ما لم ينزل به سلطانا) * حجة وبرهانا أي الأصنام التي يعبدونها مع الله بغير حجة * (ومأواهم النار) * أي مرجعهم النار * (وبئس مثوى الظالمين) * مقامهم
152 * (ولقد صدقكم الله وعده) * بالنصر والظفر * (إذ تحسونهم) * تقتلون المشركين يوم أحد في أول الأمر * (بإذنه) * بعلم الله وإرادته * (حتى إذا فشلتم) * جبنتم عن عدوكم * (وتنازعتم) * اختلفتم في الأمر يعني قول بعضهم ما مقامنا وقد انهزم القوم الكافرون وقول بعضهم لا نجاوز أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الاختلاف كان بين الرماة الذين كانوا عند المركز * (وعصيتم) * الرسول بترك المركز * (من بعد ما أراكم ما تحبون) * من الظفر والنصر على أعدائكم * (منكم من يريد الدنيا) * وهم الذين تركوا المركز وأقبلوا إلى الذهب * (ومنكم من يريد الآخرة) * أي الذين ثبتوا في المركز * (ثم صرفكم) * ردكم بالهزيمة * (عنهم) * عن الكفار * (ليبتليكم) * ليختبركم بما جعل عليكم من الدبرة فيتبين الصابر من الجازع والمخلص من المنافق * (ولقد عفا عنكم) * ذنبكم بعصيان النبي صلى الله عليه وسلم والهزيمة * (والله ذو فضل على المؤمنين) * با لمغفرة
237

153 154
153 * (إذ تصعدون) * تبعدون في الهزيمة * (ولا تلوون) * لا تقيمون * (على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم) * من خلفكم يقول إلي عباد الله إلي عباد الله إلي عباد الله وأنتم لا تلتفتون إليه * (فأثابكم) * أي جعل مكان ما ترجعون من الثواب * (غما) * وهو غم الهزيمة وظفر المشركين * (بغم) * أي بغمكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عصيتموه * (لكيلا تحزنوا) * أي عفا عنكم لكيلا تحزنوا * (على ما فاتكم) * من الغنيمة * (ولا ما أصابكم) * من القتل والجراح
154 * (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا) * وذلك أنهم خافوا كرة المشركين عليهم وكانوا تحت الحجف متأهبين للقتال فأمنهم الله تعالى أمنا ينامون معه وكان ذلك خاصا للمؤمنين وهو قوله * (يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم) * وهم المنافقون كان همهم خلاص أنفسهم * (يظنون بالله غير الحق) * أي يظنون أن أمر محمد عليه السلام مضمحل وأنه لا ينصر * (ظن الجاهلية) * أي كظن أهل الجاهلية وهم الكفار * (يقولون هل لنا من الأمر من شيء) * ليس لنا من النصر والظفر شيء كما وعدنا يقولون ذلك على جهة التكذيب فقال الله تعالى * (إن الأمر كله لله) * أي النصر والشهادة والقدر والقضاء * (يخفون في أنفسهم) * من الشك والنفاق * (ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء) * أي لو كان
238

155 156 الاختيار إلينا * (ما قتلنا ها هنا) * يعنون أنهم أخرجوا كرها ولو كان الأمر بيدهم ما خرجوا وهذا تكذيب منهم بالقدر فرد الله عليهم بقوله * (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم) * مصارعهم ولم يكن لينجيهم قعودهم * (وليبتلي الله ما في صدوركم) * أيها المنافقون فعل الله ما فعل يوم أحد * (وليمحص) * ليظهر ويكشف * (ما في قلوبكم) * أيها المؤمنون من الرضا بقضاء الله * (والله عليم بذات الصدور) * بضمائرها
155 * (إن الذين تولوا منكم) * أيها المؤمنون * (يوم التقى الجمعان) * أي الذين انهزموا يوم أحد * (إنما استزلهم الشيطان) * حملهم على الزلة * (ببعض ما كسبوا) * يعني معصيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم بترك المركز * (ولقد عفا الله عنهم) * تلك الخطيئة
156 * (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا) * أي المنافقين * (وقالوا لإخوانهم) * أي في شأن إخوانهم في النسب * (إذا ضربوا في الأرض) * أي سافروا فماتوا وهلكوا * (أو كانوا غزى) * جمع غاز فقتلوا * (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا) * تكذيبا منهم بالقضاء والقدر * (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم) * أي ليجعل ظنهم أنهم لو لم يحضروا الحرب لاندفع عنهم القتل * (حسرة في قلوبهم) * ينهى المؤمنين أن يكونوا كهؤلاء الكفار في هذا القول منهم ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم دون قلوب المؤمنين * (والله يحيي ويميت) * فليس يمنع الإنسان تحرزه من إتيان أجله
239

157 161
157 * (ولئن قتلتم) * أي والله لئن قتلتم * (في سبيل الله) * في الجهاد أيها المؤمنون * (أو متم) * في سبيل الله ليغفرن لكم وهو * (خير مما يجمعون) * من أعراض الدنيا
158 * (ولئن متم) * مقيمين على الجهاد * (أو قتلتم) * مجاهدين * (لإلى الله تحشرون) * في الحالين
159 * (فبما رحمة من الله) * أي فبرحمة أي فبنعمة من الله وإحسان منه إليك * (لنت لهم) * يا محمد أي سهلت أخلاقك لهم وكثر احتمالك * (ولو كنت فظا) * غليظا في القول * (غليظ القلب) * في الفعل * (لانفضوا) * لتفرقوا * (من حولك فاعف عنهم) * فيما فعلوا يوم أحد * (واستغفر لهم) * حتى أشفعك فيهم * (وشاورهم في الأمر) * تطييبا لنفوسهم ورفعا من أقدارهم ولتصير سنة * (فإذا عزمت) * على ما تريد إمضاءه * (فتوكل على الله) * لا على المشاورة
160 * (إن ينصركم الله فلا غالب لكم) * من الناس * (وإن يخذلكم) * يوم أحد لا ينصركم أحد من بعده والمعنى لا تتركوا أمري للناس وارفضوا الناس لأمري
161 * (وما كان لنبي أن يغل) * أي يخون بكتمان شيء من الغنيمة عن أصحابه نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال الناس لعل النبي أخذها فنفى الله
240

162 165 تعالى عنه الغلول وبين أته ما غل نبي والمعنى ما كان لنبي غلول * (ومن يغلل يأت بما غل) * حاملا له على ظهره * (يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت) * أي تجازى ثواب عملها * (وهم لا يظلمون) * لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئا
162 * (أفمن اتبع رضوان الله) * بالإيمان به والعمل بطاعته يعني المؤمنين * (كمن باء بسخط من الله) * احتمله بالكفر به والعمل بمعصيته يعني المنافقين
163 * (هم درجات عند الله) * أي أهل درجات عند الله يريد أنهم مختلفو المنازل فلمن اتبع رضوان الله الكرامة والثواب ولمن باء بسخط من الله المهانة والعذاب * (والله بصير بما يعملون) * فيه حث على الطاعة وتحذير عن المعصية
164 * (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم) * أي واحدا منهم عرف أمره وخبر صدقه وأمانته ليس بملك ولا أحد من غير بني آدم وباقي الآية ذكر في سورة البقرة * (وإن كانوا من قبل) * وقد كانوا من قبل بعثه * (لفي ضلال مبين) *
165 * (أو لما أصابتكم) * أو حين أصابتكم مصيبة يعني ما أصابهم يوم أحد * (قد أصبتم) * أنتم * (مثليها) * يوم بدر وذلك أنهم قتلوا سبعين وأسروا سبعين وقتل
241

166 168 منهم يوم أحد سبعون * (قلتم أنى هذا) * من أين أصابنا هذا القتل والهزيمة ونحن مسلمون ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا * (قل هو من عند أنفسكم) * أي إنكم تركتم المركز وطلبتم الغنيمة فمن قبلكم جاءكم الشر * (إن الله على كل شيء قدير) * من النصر مع طاعتكم نبيكم وترك النصر مع مخالفتكم إياه
166 * (وما أصابكم يوم التقى الجمعان) * يوم أحد * (فبإذن الله) * بقضائه وقدره يسليهم بذلك * (وليعلم المؤمنين) * ثابتين صابرين وليعلم المنافقين جازعين مما نزل بهم
167 * (وقيل لهم) * لعبد الله بن أبي وأصحابه لما انصرفوا ذلك اليوم عن المؤمنين * (تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا) * عنا القوم بتكثيركم سوادنا إن لم تقاتلوا * (قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم) * أي لو نعلم أنكم تقاتلون اليوم لاتبعناكم ولكن لا يكون اليوم قتال ونافقوا بهذا لأنهم لو علموا ذلك ما اتبعوهم قال الله تعالى * (هم للكفر يومئذ) * بما أظهروا من خذلان المؤمنين * (أقرب منهم للإيمان) * لأنهم كانوا قبل ذلك أقرب إلى الإيمان بظاهر حالهم فلما خذلوا المؤمنين صاروا أقرب إلى الكفر من حيث الظاهر
168 * (الذين قالوا) * يعني المنافقين * (لإخوانهم) * لأمثالهم من أهل النفاق * (وقعدوا) * عن الجهاد الواو للحال * (لو أطاعونا) * يعنون شهداء أحد في الا نصراف عن النبي صلى الله عليه وسلم والقعود * (ما قتلوا) * فرد الله تعالى عليهم وقال * (قل) * لهم يا محمد * (فادرؤوا) * فادفعوا * (عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) * إن صدقتم أن الحذر ينفع من القدر
242

169 173
169 * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله) * يعني شهداء أحد * (أمواتا بل أحياء) * بل هم أحياء * (عند ربهم) * في دار كرامته لأن أرواحهم في أجواف طير خضر * (يرزقون) * يأكلون
170 * (فرحين) * مسرورين * (بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) * ويفرحون بإخوانهم الذين فارقوهم يرجون لهم الشهادة فينالون مثل ما نالوا * (ألا خوف عليهم) * أي بأن لا خوف عليهم يعني على إخوانهم المؤمنين إذا لحقوا بهم
172 * (الذين استجابوا لله والرسول) * أجابوهما * (من بعد ما أصابهم القرح) * أي الجراحات * (للذين أحسنوا منهم) * بطاعة الرسول واتقوا مخالفته * (أجر عظيم) * نزلت في الذين أطاعوا الرسول حين ندبهم للخروج في طلب أبي سفيان يوم أحد لما هم أبو سفيان بالانصراف إلى محمد عليه السلام وأصحابه ليستأصلوهم
173 * (الذين قال لهم الناس) * الآية كان أبو سفيان واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوافيه العام المقبل من يوم أحد ببدر الصغرى فلما كان العام المقبل بعث نعيم بن مسعود الأشجعي ليجبن المؤمنين عن لقائه وهو قوله * (الذين) * يعني
243

174 176 المؤمنين * (قال لهم الناس) * يعني نعيم بن مسعود * (إن الناس) * يعني أبا سفيان وأصحابه * (قد جمعوا) * باللطيمة سوق مكة * (لكم فاخشوهم) * ولا تأتوهم * (فزادهم) * ذلك القول * (إيمانا) * أي ثبوتا في دينهم وإقامة على نصرة نبيهم * (وقالوا حسبنا الله) * أي الذي يكفينا أمرهم هو الله * (ونعم الوكيل) * أي الموكول إليه الأمر
174 * (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل) * ربح وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لذلك الموعد فلم يلق أحدا من المشركين ووافقوا السوق وذلك أنه كان موضع سوق لهم فاتجروا وربحوا وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين وهو قوله * (لم يمسسهم سوء) * أي قتل ولا جراح * (واتبعوا رضوان الله) * إلى بدر
الصغرى في طاعته و في طاعة رسوله قوله
175 * (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه) * أي يخوفكم بأوليائه يعني الكفار * (فلا تخافوهم وخافون) * في ترك أمري * (إن كنتم مؤمنين) * مصدقين لوعدي
176 * (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) * أي في نصرته وهم المنافقون واليهود والمشركون * (إنهم لن يضروا الله) * أي أولياءه ودينه * (شيئا) * وإنما يعود وبال ذلك عليهم * (يريد الله ألا يجعل لهم حظا) * نصيبا * (في الآخرة) * في الجنة
244

177 180
177 * (إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان) * أي استبدلوا كرر * (لن يضروا الله شيئا) * لأنه ذكره في الأول على طريق العلة لما يجب من التسلية عن المسارعة إلى الضلالة وذكره في الثاني على طريق العلة لاختصاص المضرة بالعاصي دون المعصي
178 * (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم) * أي أن إملاءنا وهو الإمهال والتأخير * (خير لأنفسهم إنما نملي لهم) * أي نطول أعمارهم ليزدادوا إثما لمعاندتهم الحق وخلافهم الرسول نزلت الآية في قوم من الكفار علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون أبدا وأن بقاءهم يزيدهم كفرا
179 * (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه) * أيها المؤمنون من التباس المنافق بالمؤمن * (حتى يميز الخبيث من الطيب) * أي المنافق من المؤمن ففعل ذلك يوم أحد لأن المنافقين أظهروا النفاق بتخلفهم * (وما كان الله ليطلعكم على الغيب) * فتعرفوا المنافق من المؤمن قبل التمييز * (ولكن الله) * يختار لمعرفة ذلك من يشاء من الرسل وكان محمد ممن اصطفاه الله بهذا العلم
180 * (ولا يحسبن الذين يبخلون) * أي بخل الذين يبخلون * (بما آتاهم الله من فضله) * بما يجب فيه من الزكاة نزلت في مانعي الزكاة * (هو خيرا لهم) * أي البخل خيرا لهم * (بل هو شر لهم) * لأنهم يستحقون بذلك عذاب الله * (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) *
245

وهو أنه يجعل ما بخل به من المال حية يطوقها في عنقه تنهشه من قرنه إلى قدمه * (ولله ميراث السماوات والأرض) * أي إنه يغني أهلهما وتبقى الأملاك والأموالى لله ولا مالك لها إلا الله تعالى
181 * (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) * نزلت في اليهود حين قالوا لما نزل قوله * (من ذا الذي يقرض الله قرضا) * الآية إن الله فقير يستقرضنا ونحن أغنياء ولو كان غنيا ما استقرضنا أموالنا * (سنكتب ما قالوا) * أي نأمر الحفظة بإثبات ذلك في صحائف أعمالهم الآية
182 * (ذلك) * أي ذلك العذاب * (بما قدمت أيديكم) * بما سلف من إجرامكم ماله * (وأن الله) * وبأن الله * (ليس بظلام للعبيد) * فيعاقبهم بغير جرم
183 * (الذين قالوا إن الله عهد إلينا) * أي اليهود وذلك أن الله أمر بني إسرائيل في التوراة ألا يصدقوا رسولا جاءهم حتى يأتيهم بقربان تأكله النار إلا المسيح ومحمدا عليهما السلام فكانوا يقولون لمحمد عليه السلام لا نصدقك حتى تأتينا بقربان تأكله النار لأن الله عهد إلينا ذلك فقال الله تعالى لمحمد عليه السلام إقامة للحجة عليهم * (قل قد جاءكم رسل من قبلي) * الآية ثم عزى النبي صلى الله عليه وسلم عن تكذيبهم بقوله
184 * (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاؤوا بالبينات والزبر) * أي الكتب
246

185 188 * (والكتاب المنير) * أي الهادي إلى الحق
185 * (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) * أي ظفر بالخير ونجا من الشر * (وما الحياة الدنيا) * أي العيش في هذه الدار الفانية * (إلا متاع الغرور) * لأته يغر الإنسان بما يمنيه من طول البقاء وهو ينقطع عن قريب
186 * (لتبلون) * لتختبرن أيها المؤمنون * (في أموالكم) * بالفرائض فيها * (وأنفسكم) * بالصلاة والصوم والحج والجهاد * (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب) * وهم اليهود * (ومن الذين أشركوا) * وهم المشركون * (أذى كثيرا) * با لشتم وا لتعيير * (وإن تصبروا) * على ذلك الأذى بترك المعارضة * (فإن ذلك من عزم الأمور) * من حقيقة ا لإيمان
187 * (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) * الآية أخذ الله ميثاق اليهود في التوراة ليبينن شأن محمد ونعته ومبعثه ولا يخفونه فنبذوا الميثاق ولم يعملوا به وذلك قوله * (فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا) * أي ما كانوا يأخذونه من سفلتهم برئاستهم في العلم * (فبئس ما يشترون) * قبح شراؤهم وخسروا
188 * (لا تحسبن الذين يفرحون) * الآية هم اليهود فرحوا بإضلال الناس وبنسبة الناس إياهم إلى العلم وليسوا كذلك وأحبوا أن يحمدوا بالتمسك بالحق
247

189 191 وقالوا نحن أصحاب التوراة وأولو العلم القديم * (فلا تحسبنهم بمفازة) * بمنجاة * (من العذاب) *
189 * (ولله ملك السماوات والأرض) * أي يملك تدبيرهما وتصريفهما على ما يشاء الآية والتي بعدها دكرت في سورة البقرة
191 * (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) * أي يصلون على هذه الأحوال على قدر إمكانهم * (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض) * فيكون ذلك أزيد في بصيرتهم * (ربنا) * أي ويقولون * (ربنا ما خلقت هذا) * أي هذا الذي نراه من
248

192 196 خلق السماوات والأرض * (باطلا) * أي خلقا باطلا يعني خلقته دليلا على حكمتك وكمال قدرتك
192 * (ربنا إنك من تدخل النار) * للخلود فيها * (فقد أخزيته) * أهلكته وأهنته * (وما للظالمين) * أي الكفار * (من أنصار) * يمنعونهم من عذاب الله
193 * (ربنا إننا سمعنا مناديا) * أي محمدا عليه السلام والقرآن * (ينادي للإيمان) * أي إلى الإيمان * (أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا)
* أي غط واستر عنا ذنوبنا بقبول الطاعات حتى تكون كفارة لها * (وتوفنا مع الأبرار) * يعني الأنبياء أي في جملتهم حتى نصير معهم
194 * (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك) * أي على ألسنتهم من النصر لنا والخذلان لعدونا * (ولا تخزنا يوم القيامة) * أي لا تهلكنا بالعذاب وقوله
195 * (بعضكم من بعض) * أي حكم جميعكم حكم واحد منكم فيما أفعل بكم من مجازاتكم على أعمالكم وترك تضييعها لكم
196 * (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد) * تصرفهم للتجارات في البلاد وذلك أتهم كانوا يتجرون ويتنعمون في البلاد فقال بعض المؤمنين إن أعداء الله فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد فنزلت هذه الآية وقوله
249

197 200
197 * (متاع قليل) * أي ذلك الكسب والربح متاع قليل لأته فان منقطع وقوله
198 * (نزلا) * النزل ما يهيأ للضيف ومعناه هاهنا الجزاء والثواب * (وما عند الله خير للأبرار) * مما يتقلب فيه الكفار ثم ذكر مؤمني أهل الكتاب فقال
199 * (وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله) * الآية
200 * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا) * أي اصبروا على دينكم فلا تدعوه لشدة نزلت بكم وقيل على الجهاد * (وصابروا) * عدوكم فلا يكونن أصبر منكم * (ورابطوا) * أي أقيموا على جهاد عدوكم بالحرب والحجة
250

1 2
سورة النساء * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (يا أيها الناس) * يا أهل مكة * (اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) * آدم * (وخلق منها زوجها) * حواء خلقت من ضلع من أضلاعه * (وبث) * أي فرق ونشر * (منهما) * * (واتقوا الله) * أي خافوه وأطيعوه * (الذي تساءلون به) * أي تتساءلون فيما بينكم حوائجكم وحقوقكم به وتقولون أسألك بالله وأنشدك الله وقوله * (والأرحام) * أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها * (إن الله كان عليكم رقيبا) * أي حافظا يرقب عليكم أعمالكم فاتقوه فيما أمركم به ونهاكم عنه
2 * (وآتوا اليتامى أموالهم) * الخطاب للأولياء والأوصياء أي أعطوهم أموالهم إذا بلغوا * (ولا تتبدلوا الخبيث) * من أموالهم الحرام عليكم * (بالطيب) * الحلال من مالكم وهو أنه كان ولى اليتيم يأخذ الجيد من ماله ويجعل مكانه الرديء * (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) * لا تضيفوها في الأكل إلى أموالكم إذا احتجتم إليها * (أنه) * أي إن أكل أموالهم * (كان حوبا كبيرا) * أي إثما كبيرا
251

3 6
3 * (وإن خفتم ألا تقسطوا) * ألا تعدلوا * (في اليتامى) * أي في نكاح اليتامى وهمكم ذلك * (فانكحوا ما طاب) * أي الطيب * (لكم من النساء) * يعني من اللاتي تحل دون المحرمات والمعنى أن الله سبحانه قال لنا فكما تخافون ألا تعدلوا بين اليتامى إذا كفلتموهم فخافوا أيضا ألا تعدلوا بين النساء إذا نكحتموهن فانكحوا من النساء * (مثنى) * أي اثنتين اثنتين * (وثلاث) * ثلاثا ثلاثا * (ورباع) * أربعا أربعا * (فإن خفتم ألا تعدلوا) * أي في الأربع * (فواحدة) * أي فلينكح كل واحد منكم واحدة و * (ذلك) * أن نكاح هؤلاء النسوة على قلة عددهن * (أدنى) * أي أقرب إلى العدل وهو قوله * (ألا تعولوا) * أي تميلوا وتجوروا
4 * (وآتوا النساء) * أيها الأزواج * (صدقاتهن) * مهورهن * (نحلة) * فريضة وتدينا * (فإن طبن لكم) * أي إن طابت لكم أنفسهن * (عن شيء) * من الصداق * (فكلوه هنيئا) * في الدنيا لا يقضي به عليكم سلطان * (مريئا) * في الآخرة لا يؤاخذكم الله به
5 * (ولا تؤتوا السفهاء) * أي النساء والصبيان * (أموالكم التي جعل الله لكم قياما) * لمعايشكم وصلاح دنياكم يقول لا تعمد إلى مالك الذي خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك وبنيك فيكونوا هم الذين يقومون عليك ثم تنظر إلى ما في أيديهم ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم وهو قوله * (وارزقوهم فيها) * أي اجعلوا لهم فيها رزقا * (واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) * أي عدة جميلة من البر والصلة
6 * (وابتلوا اليتامى) * أي اختبروهم في عقولهم وأديانهم * (حتى إذا بلغوا النكاح) *
252

أي حال النكاح من الاحتلام * (فإن آنستم) * أبصرتم * (منهم رشدا) * صلاحا للعقل وحفظا للمال * (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا) * أي لا تبادروا بأكل مالهم كبرهم ورشدهم حذر أن يبلغوا فيلزمكم تسليم المال إليهم * (ومن كان غنيا) * من الأوصياء * (فليستعفف) * عن مال اليتيم ولا يأكل منه شيئا * (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) * يقدر أجرة عمله * (فإذا دفعتم) * أيها الأولياء * (إليهم) * إلى اليتامى * (أموالهم فأشهدوا عليهم) * لكي إن وقع اختلاف أمكن الولي أن يقيم البينة على رد المال إليه * (وكفى بالله حسيبا) * محاسبا ومجازيا للمحسن والمسيء
7 * (للرجال نصيب) * الآية كانت العرب في الجاهلية لا تورث النساء ولا الصغار شيئا فأبطل الله ذلك وأعلم أن حق الميراث على ما ذكر في هذه الآية من الفرض
8 * (وإذا حضر القسمة) * أي قسمة المال بين الورثة * (أولوا القربى) * أي الذين يحجبون ولا يرثون * (واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) * وهذا على الندب والاستحباب يستحب للوارث أن يرضخ لهؤلاء إذا حضروا القسمة من الذهب والفضة وأن يقولوا لهم قولا معروفا إذا كان الميراث مما لا يمكن أن يرضخ منه كالأرضين والرقيق
9 * (وليخش الذين لو تركوا) * الآية أي وليخش من كان له ولد صغار خاف عليهم من بعده الضيعة أن يأمر الموصي بالإسراف فيما يعطيه اليتامى والمساكين
253

10 11 وأقاربه الذين لا يرثون فيكون قد أمره بما لم يكن يفعله لو كان هو الميت وهذا قبل أن تكون الوصية في الثلث وقوله * (ذرية ضعافا) * أي صغارا * (خافوا عليهم) * أي الفقر * (فليتقوا الله) * فيما يقولون لمن حضره الموت * (وليقولوا قولا سديدا) * عدلا وهو أن يأمره أن يخلف ماله لولده ويتصدق بما دون الثلث أو الثلث ثم ذكر الوعيد على أكل مال اليتيم ظلما فقال
10 * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) * الآية تؤول عاقبته إلى النار * (وسيصلون سعيرا) * نارا ذات تلهب أي يقاسون حرها وشدتها
11 * (يوصيكم الله) * أي يفرض عليكم لأن الوصية من الله فرض * (في أولادكم) * الذكور والإناث * (للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن) * أي الأولاد * (نساء فوق اثنتين) * فوق ها هنا صلة لأن الثنتين يرثان الثلثين بإجماع اليوم وهو قوله * (فلهن ثلثا ما ترك) * ويجوز تسمية الاثنين بالجمع * (وإن كانت) * المتروكة المخلفة * (واحدة فلها النصف) * وتم بيان ميراث الأولاد ثم قال * (ولأبويه) * أي ولأبوي الميت * (لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له) * أي للميت * (إخوة) * يعني أخوين لأن الأمة أجمعت أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس وقوله * (من بعد وصية) * أي هذه الأنصباء إنما تقسم بعد قضاء الدين وإنفاذ وصية الميت * (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) * في الدنيا فتعطونه
254

12 15 من الميراث ما يستحق ولكن الله قد فرض الفرائض على ما هو عنده حكمة ولو وكل ذلك إليكم لم تعلموا أيهم أنفع لكم فأفسدتم وضيعتم * (إن الله كان عليما) * بالأشياء قبل خلقها * (حكيما) * فيما دبر من الفرائض وقوله
12 * (وإن كان رجل يورث كلالة) * الكلالة من لا ولد له ولا والد وكل وارث ليس بوالد ولا ولد للميت فهو كلالة أيضا والكلالة في هذه الآية الميت أي وإن مات رجل ولا ولد له ولا والد * (وله أخ أو أخت) * يريد من الأم بإجماع من الأمة * (فلكل واحد منهما السدس) * وهو فرض الواحد من ولد الأم * (فإن كانوا أكثر من) * واحد اشتركوا في الثلث الذكر والأنثى فيه سواء وقوله * (غير مضار) * أي مدخل الضرر على الورثة وهو أن يوصي بدين ليس عليه يريد بذلك ضرر الورثة * (والله عليم) * فيما دبر من هذه الفرائض * (حليم) * عمن عصاه بتأخير عقوبته
15 * (واللاتي يأتين الفاحشة) * يفعلن الزنا * (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) * أي من
255

16 17 المسلمين * (فإن شهدوا) * عليهن بالزنا * (فأمسكوهن) * فاحبسوهن * (في البيوت) * في السجون وهذا كان في أول الإسلام إذا كان الزانيان ثيبين حبسا ومنعا من مخالطة الناس ثم نسخ ذلك بالرجم وهو قوله * (أو يجعل الله لهن سبيلا) * وهو سبيلهن الذي جعله الله لهن
16 * (واللذان يأتيانها) * أي البكرين يزنيان ويأتيان الفاحشة * (فآذوهما) * بالتعنيف والتوبيخ وهو أن يقال لهما انتهكتما حرمات الله وعصيتماه واستوجبتما عقابه * (فإن تابا) * من الفاحشة * (وأصلحا) * العمل فيما بعد فاتركوا أذاهما وهذا كان في ابتداء الإسلام ثم نسخه قوله * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد) * الآية
17 * (إنما التوبة على الله) * أي إنما التوبة التي أوجب الله على نفسه بفضله قبولها * (للذين يعملون السوء بجهالة) * أي إن ذنب المؤمن جهل منه والمعاصي كلها جهالة ومن عصى ربه فهو جاهل * (ثم يتوبون من قريب) * أي من قبل الموت
256

18 19 ولو بفواق ناقة * (فأولئك يتوب الله عليهم) * يعود عليهم بالرحمة * (وكان الله عليما حكيما) * علم ما في قلوب المؤمنين من التصديق فحكم لهم بالتوبة قبل الموت بقدر فواق ناقة
18 * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات) * أي المشركين والمنافقين * (ولا الذين يموتون وهم كفار) * يعني ولا توبة لهؤلاء إذا ماتوا على كفرهم لأن التوبة لا تقبل في الآخرة * (أولئك اعتدنا) * أي هيأنا وأعددنا
19 * (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم) * الآية كان الرجل إذا مات ورث قريبه من عصبته امرأته وصار أحق بها من غيره فأبطل الله ذلك وأعلم أن الرجل لا يرث المرأة من الميت وقوله * (أن ترثوا النساء كرها) * يريد عين النساء كرها أي نكاح النساء وهن كارهات * (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن) * كان الرجل يمسك المرأة وليس له فيها حاجة إضرارا بها حتى تفتدي بمهرها فنهوا عن ذلك ثم استثنى فقال * (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * أي الزنا فإذا رأى الرجل من امرأته فاحشة فلا بأس أن يضارها حتى تختلع منه * (وعاشروهن بالمعروف) * أي بما يجب لهن من الحقوق وهذا قبل أن يأتين الفاحشة * (فإن كرهتموهن) * الآية أي فيما كرهتم مما هو لله رضى خير كثير وثواب عظيم والخير الكثير في المرأة المكروهة أن يرزقه الله منها ولدا صا لحا
257

20 23
20 * (وإن أردتم) * الآية أي إذا أراد الرجل طلاق امرأته وتزوج غيرها لم يكن له أن يرجع فيما آتاها من المهر وهو قوله * (وآتيتم إحداهن قنطارا) * أي مالا كثيرا * (فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا) * ظلما * (وإثما مبينا) * وفي هذا نهي عن الضرار في غير حال الفاحشة وهو أن يضارها لتفتدي منه من غير أن أتت بفاحشة
21 * (وكيف تأخذونه) * أي المهر أو شيئا منه * (وقد أفضى بعضكم إلى بعض) * أي وصل إليه بالمجامعة ولا يجوز الرجوع في شيء من المهر بعد الجماع * (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) * وهو ما أخذه الله على الرجال للنساء من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
22 * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) * الآية كان الرجل من العرب يتزوج امرأة أبيه من بعده وكان ذلك نكاحا جائزا في العرب فحرمه الله تعالى ونهى عنه وقوله * (إلا
ما قد سلف) * يعني لكن ما قد سلف فإن الله تجاوز عنه * (أنه) * أي إن ذلك النكاح * (كان فاحشة) * زنا عند الله * (ومقتا) * بغضا شديدا * (وساء سبيلا) * وقبح ذلك الفعل طريقا ثم ذكر المحرمات من النساء فقال
23 * (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم) *
258

و جمع الربيبة وهي بنت امرأة الرجل من غيره * (اللاتي في حجوركم) * أي في ضمانكم وتربيتكم * (وحلائل) * وأزواج * (أبنائكم الذين من أصلابكم) * لا من تبنيتموه * (وأن تجمعوا) * أي الجمع * (بين الأختين إلا ما قد سلف) * مضى منكم في الجاهلية فلا تؤاخذون به بعد الإسلام
24 * (والمحصنات) * وذوات الأزواج * (من النساء) * وهن محرمات على كل أحد غير أزواجهن إلا ما ملكتموهن بالسبي من دار الحرب فإنها تحل لمالكها بعد الاستبراء بحيضة * (كتاب الله عليكم) * كتب تحريم ما ذكر من النساء عليكم * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * أي ما سوى ذلكم من النساء * (أن تبتغوا) * أي تطلبوا بأموالكم إما بنكاح وصداق أو بملك يمين * (محصنين) * ناكحين * (غير مسافحين) * زانين * (فما استمتعتم) * فما انتفعتم وتلذذتم * (به منهن) * أي من النساء بالنكاح الصحيح * (فآتوهن أجورهن) * أي مهورهن * (فريضة) * فإن استمتع بالدخول بها آتى المهر تاما وإن استمتع بعقد النكاح آتى نصف المهر * (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) * من حط المهر أو إبراء من بعض الصداق أو كله * (إن الله كان عليما) * بما يصلح أمر العباد * (حكيما) * فيما بين لهم من عقد النكاح
25 * (ومن لم يستطع منكم طولا) * أي قدرة وغنى * (أن ينكح المحصنات) * الحرائر
259

26 27 * (المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم) * أي فليتزوج مما ملكت أيمانكم يعني جارية غيره * (من فتياتكم) * أي مملوكاتكم * (المؤمنات والله أعلم بإيمانكم) * أي اعملوا على الظاهر في الإيمان فإنكم متعبدون بما ظهر والله يتولى السرائر * (بعضكم من بعض) * أي دينكم واحد فأنتم متساوون من هذه الجهة فمتى وقع لأحدكم الضرورة جاز له تزوج الأمة * (فانكحوهن بإذن أهلهن) * أي اخطبوهن إلى ساداتهن * (وآتوهن أجورهن) * مهورهن * (بالمعروف) * من غير مطل وضرار * (محصنات) * عفائف * (غير مسافحات) * غير زوان علانية * (ولا متخذات أخدان) * زوان سرا * (فإذا أحصن) * تزوجن * (فإن أتين بفاحشة) * بزنا * (فعليهن نصف ما على المحصنات) * الأبكار الحرائر * (من العذاب) * أي الحد * (ذلك) * أي ذلك النكاح نكاح الأمة * (لمن خشي العنت منكم) * أي خاف أن تحمله شدة الغلمة على الزنا فيلقى العنت أي الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة أباح الله نكاح الأمة بشرطين أحدهما عدم الطول الثاني خوف العنت ثم قال * (وإن تصبروا) * أي عن نكاح الإماء * (خير لكم) * لئلا يصير الولد عبدا
26 * (يريد الله ليبين لكم) * شرائع دينكم ومصالح أمركم * (ويهديكم سنن الذين من قبلكم) * دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وهو دين الحنفية * (ويتوب عليكم) * يرجع بكم عن معصيته التي كنتم عليها إلى طاعته
27 * (والله يريد أن يتوب عليكم) * أي يخرجكم من كل ما يكره إلى ما يحب
260

28 32 ويرضى * (ويريد الذين يتبعون الشهوات) * وهم الزناة وأهل الباطل في دينهم * (أن تميلوا) * عن الحق وقصد السبيل بالمعصية * (ميلا عظيما) * فتكونوا مثلهم
28 * (يريد الله أن يخفف عنكم) * في كل أحكام الشرع * (وخلق الإنسان ضعيفا) * يضعف من الصبر عن النساء
29 * (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * وهو كل ما لا يحل في الشرع كالربا والغصب والقمار والسرقة والخيانة * (إلا أن تكون تجارة) * لكن إن كانت تجارة * (عن تراض منكم) * برضى البيعين فهو حلال * (ولا تقتلوا أنفسكم) * لا يقتل بعضكم بعضا
30 * (ومن يفعل ذلك) * أي أكل المال بالباطل وقتل النفس * (عدوانا) * وهو أن يعدو ما أمر به * (وظلما فسوف نصليه) * أي ندخله نارا * (وكان ذلك على الله يسيرا) * أي هو قادر على ذلك ولا يتعذر عليه
31 * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) * وهي كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب أو وعيد في القرآن * (نكفر عنكم سيئاتكم) * التي هي دون الكبائر بالصلوات الخمس * (وندخلكم مدخلا كريما) * أي الجنة
32 * (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) * الآية قالت أم سلمة يا رسول الله ليتنا كنا رجالا فجاهدنا وغزونا وكان لنا مثل أجر الرجال
261

33 34 فنزلت هذه الآية * (للرجال نصيب) * ثواب * (مما اكتسبوا) * من الجهاد * (وللنساء نصيب) * ثواب * (مما اكتسبن) * من حفظ فروجهن وطاعة أزواجهن * (واسألوا الله من فضله) * إن احتجتم إلى ما لغيركم فيعطيكم من فضله
33 * (ولكل) * أي ولكل شخص من الرجال والنساء * (جعلنا موالي) * عصبة وورثة * (مما ترك الوالدان والأقربون) * أي ممن تركهم والداه وأقربوه أي تشعبت العصبة والورثة عن الوالدين والأقربين ثم ابتدأ فقال * (والذين عقدت أيمانكم) * وهم الحلفاء أي عاقدت حلفهم أيمانكم وهي جمع يمين من القسم وكان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل ويقول له دمي دمك وحربي حربك وسلمي سلمك فلما قام الإسلام جعل للحليف السدس وهو قوله * (فآتوهم نصيبهم) * ثم نسخ ذلك بقوله * (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * * (إن الله كان على كل شيء شهيدا) * أي لم يغب عنه علم ما خلق
34 * (الرجال قوامون على النساء) * على تأديبهن والأخذ فوق أيديهن * (بما فضل الله) *
262

35 الرجال على النساء بالعلم والعقل والقوة في التصرف والجهاد والشهادة والميراث * (وبما أنفقوا) * عليهن * (من أموالهم) * أي المهر والإنفاق عليهن * (فالصالحات) * من النساء اللواتي هن مطيعات لأزواجهن وهو قوله * (قانتات حافظات للغيب) * يحفظن فروجهن في غيبة أزواجهن * (بما حفظ الله) * بما حفظهن الله في إيجاب المهر والنفقة لهن وإيصاء الزوج بهن * (واللاتي تخافون) * تعلمون * (نشوزهن) * عصيانهن * (فعظوهن) * بكتاب الله وذكروهن الله وما أمرهن به * (واهجروهن في المضاجع) * فرقوا بينكم وبينهم في المضاجع في الفرش * (واضربوهن) * ضربا غير مبرح شديد وللزوج أن يتلافى نشوز امرأته بما أذن الله تعالى فيه يعظها بلسانه فإن لم تنته هجر مضجعها فإن أبت ضربها فإن أبت أن تتعظ بالضرب بعث الحكمان * (فإن أطعنكم) * فيما يلتمسن منهن * (فلا تبغوا عليهن سبيلا) * لاتتجنوا عليهن من العلل
35 * (وإن خفتم) * علمتم * (شقاق بينهما) * علمتم خلافا بين الزوجين * (فابعثوا حكما) * أي حاكما وهو المانع من الظلم من أقاربه * (وحكما من أهلها) * حتى يجتهدا وينظرا الظالم منهما فيأمراه بالرجوع إلى أمر الله أو يفرقا إن رأيا ذلك * (إن يريدا) * أي الحكمان * (إصلاحا يوفق الله بينهما) * من الزوج والمرأة بالصلاح * (إن الله كان عليما خبيرا) * بما في قلوب الزوجين والحكمين قوله
263

36 39
36 * (وبالوالدين إحسانا) * أي أحسنوا بهما إحسانا وهو البر مع لين الجانب * (وبذي القربى) * وهو ذو القرابة يصله ويتعطف عليه * (واليتامى) * يرفق بهم ويدنيهم * (والمساكين) * ببذل يسيير أو رد جميل * (والجار ذي القربى) * وهو الذي له مع حق الجوار حق القرابة * (والجار الجنب) * البعيد عنك في النسب * (والصاحب بالجنب) * هو الرفيق في السفر * (وابن السبيل) * عابر الطريق وقيل الضيف يؤويه ويطعمه حتى يرحل * (وما ملكت أيمانهم) * أي المماليك * (إن الله لا يحب من كان مختالا) * عظيما في نفسه لا يقوم بحقوق الله * (فخورا) * على عباده بما خوله الله من نعمته
37 * (الذين يبخلون) * أي اليهود بخلوا بأموالهم أن ينفقوها في طاعة الله تعالى * (ويأمرون الناس بالبخل) * أمروا الأنصار ألا ينفقوا أموالهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا نخشى عليكم الفقر * (ويكتمون ما آتاهم الله من فضله) * أي ما في التوراة من أمر محمد ص ونعته
38 * (والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس) * أي المنافقين * (ومن يكن الشيطان له قرينا) * يسول له ويعمل بأمره * (فساء قرينا) * بئس الصاحب الشيطان
39 * (وماذا عليهم) * أي على اليهود والمنفاقين أي ما كان يضرهم * (لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا من ما رزقهم الله وكان الله بهم عليما) *
264

لا يثيبهم بما ينفقون رئاء الناس
40 * (إن الله لا يظلم) * لا ينقص أحدا * (مثقال) * مقدار * (ذرة) * إن كان مؤمنأ أثابه عليها الرزق في الدنيا والأجر في الآخرة وإن كان كافرا أطعمه بها في الدنيا * (وإن تك حسنة) * من مؤمن * (يضاعفها) * بعشرة أضعافها * (ويؤت من لدنه) * من عنده * (أجرا عظيما) * وهو الجنة
41 * (فكيف) * أي فكيف يكون حال هؤلاء اليهود والمنافقين يوم القيامة وهذا استفهام ومعناه التوبيخ * (إذا جئنا من كل أمة بشهيد) * أي بنبي كل أمة يشهد عليها ولها * (وجئنا بك) * يا محمد * (على هؤلاء شهيدا) * على هؤلاء المنافقين والمشركين شهيدا تشهد عليهم بما فعلوا
42 * (يومئذ) * أي في ذلك اليوم * (يود الذين كفروا وعصوا الرسول) * وقد عصوه في الدنيا * (لو تسوى بهم الأرض) * أي يكونون ترابا فيستوون مع الأرض حتى يصيروا وهي شيئا واحدا * (ولا يكتمون الله حديثا) * لأن ما عملوه ظاهر عند الله لا يقدرون على كتمانه
43 * (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة) * أي مواضع الصلاة أي المساجد * (وأنتم سكارى) * نهوا عن الصلاة وعن دخول المسجد في حال السكر وكان هذا
265

قبل نزول تحريم الخمر وكان المسلمون بعد نزول هذه الآية يجتنبون السكر والمسكر أوقات الصلاة والسكران المختلط العقل الذي يهذي ولا يستمر كلامه ألا ترى أن الله تعالى قال * (حتى تعلموا ما تقولون) * فإذا علم ما يقول لم يكن سكران ويجوز له الصلاة ودخول المسجد * (ولا جنبا) * أي ولا تقربوها وأنتم جنب * (إلا عابري سبيل) * إلا إذا عبرتم المسجد فدخلتموه من غير إقامة فيه * (حتى تغتسلوا) * من الجنابة * (وإن كنتم مرضى) * أي مرضا يضره الماء كالقروح والجدري والجراحات * (أو على سفر) * أي مسافرين * (أو جاء أحد منكم من الغائط) * أو الحدث * (أو لامستم النساء) * أي لمستموهن بأيديكم * (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) * تمسحوا بتراب طيب منبت
44 * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * وهم اليهود * (يشترون الضلالة) * أي يختارونها على الهدى بتكذيب محمد عليه السلام * (ويريدون أن تضلوا السبيل) * أن تضلوا أيها المؤمنون طريق الهدى
266

45 47
45 * (والله أعلم بأعدائكم) * فهو يعلمكم ما هم عليه * (وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا) * أي إن ولايته ونصرته إياكم تغنيكم عن غيره من ا ليهود ومن جرى مجراهم
46 * (من الذين هادوا) * أي قوم * (يحرفون الكلم عن مواضعه) * أي يغيرون صفة محمد ص وزمانه ونبوته في كتابهم * (ويقولون سمعنا) * قولك * (وعصينا) * أمرك * (واسمع غير مسمع) * كانوا يقولون للنبي ص اسمع ويقولون في أنفسهم لا سمعت * (وراعنا ليا بألسنتهم) * أي ويقولون راعنا ويوجهونها إلى
شتم محمد عليه السلام بالرعونة وذكرنا أن هذا كان سبا بلغتهم * (ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا) * مكان قولهم سمعنا وعصينا وقالوا * (واسمع وانظرنا) * أي انظر إلينا بدل قولهم راعنا * (لكان خيرا لهم) * عند الله * (ولكن لعنهم الله بكفرهم) * فلذلك لا يقولون ما هو خير لهم * (فلا يؤمنون إلا قليلا) * أي إيمانا قليلا وهو قولهم الله ربنا والجنة حق والنار حق وهذا القليل ليس بشيء مع كفرهم بمحمد ص وليس بمدح لهم
47 * (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها) * أي نمحو ما فيها من عين وفم وأنف ومارن وحاجب فنجعلها كخف البعير أو كحافر الدابة * (فنردها على أدبارها) * نحولها قبل ظهورهم * (أو نلعنهم) * أو نجعلهم قردة وخنازير كما فعلنا بأوائلهم * (وكان أمر الله مفعولا) * لا راد لحكمه ولا ناقض لأمره
267

48 51
48 * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * الآية وعد الله تعالى في هذه الآية مغفرة ما دون الشرك فيعفو عن من يشاء ويغفر لمن يشاء إلا الشرك تكذيبا للقدرية وهو قوله * (ويغفر ما دون ذلك) * أي الشرك * (لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) * أي اختلق ذنبا غير مغفور
49 * (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) * أي اليهود قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وما عملناه بالليل كفر عنا بالنهار وما عملناه بالنهار كفر عنا بالليل * (بل الله يزكي من يشاء) * أي يجعل من يشاء زاكيا طاهرا ناميا في الصلاح يعني أهل التوحيد * (ولا يظلمون فتيلا) * لا ينقصون من الثواب قدر الفتيل وهو القشرة الرقيقة التي حول النواة ثم عجب نبيه عليه السلام من كذبهم فقال
50 * (انظر كيف يفترون على الله الكذب) * يعني قولهم يكفر عنا ذنوبنا * (وكفى به) * بافترائهم * (إثما مبينا) * أي كفى ذلك في التعظيم
51 * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * يعني علماء اليهود * (يؤمنون بالجبت) * أي الأصنام * (والطاغوت) * سدنتها وتراجمتها وذلك أنهم حالفوا قريشا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجدوا لأصنام قريش وقالوا لهم أنتم أهدى من محمد عليه السلام وأقوم طريقة ودينا وهو قوله * (ويقولون للذين كفروا) *
268

53 56 يعني قريشا * (هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) * وقوله
53 * (أم لهم نصيب) * أي بل ألهم نصيب من الملك يعني ليس لليهود ملك ولو كان إذا لهم لم يؤتوا أحدا شيئا وهو قوله * (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا) * أي لضنوا بالقليل وصفهم الله بالبخل في هذه الآية والنقير يضرب مثلا للشيء القليل وهو نقرة في ظهر النواة منها تنبت النخلة
54 * (أم يحسدون الناس) * يعني محمدا عليه السلام * (على ما آتاهم الله من فضله) * حسدت اليهود محمدا عليه السلام على ما آتاه الله من النبوة وما أباح له من النساء وقالوا لو كان نبيا لشغله أمر بالنبوة عن النساء فقال الله تعالى * (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة) * يعني النبوة * (وآتيناهم ملكا عظيما) * يعني ملك داود وسليمان عليهما السلام وما أوتوا من النساء فكان لداود تسع وتسعون ولسليمان ألف من بين حرة ومملوكة والمعنى أيحسدون النبي عليه السلام على النبوة وكثرة النساء وقد كان ذلك في آله لأنه من آل إبراهيم عليه السلام
55 * (فمنهم) * من أهل الكتاب * (من آمن به) * بمحمد عليه السلام * (ومنهم من صد عنه) * أعرض عنه فلم يؤمن * (وكفى بجهنم سعيرا) * عذابا لمن لا يؤمن وقوله
56 * (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) * يعني أن جلودهم إذا نضجت واحترقت جددت بأن ترد إلى الحال التي كانت عليها غير محترقة * (ليذوقوا العذاب) *
269

ليقاسوه وينالوه * (إن الله كان عزيزا) * قويا لا يغلبه شيء * (حكيما) * فيما د بر وقوله
57 * (وندخلهم ظلا ظليلا) * يعني ظل هواء الجنة وهو ظليل أي دائم لا تنسخه الشمس
58 * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * نزلت في رد مفتاح الكعبة على عثمان بن طلحة الحجبي حين أخذ منه قسرا يوم فتح مكة فأمره الله تعالى برده عليه ثم هذه الآية عامة في رد الأمانات إلى أصحابها كيف ما كانوا * (إن الله نعما يعظكم به) * أي نعم شيئا يعظكم به وهو القرآن * (إن الله كان سميعا) * لمقالتكم في الأمانة والحكم * (بصيرا) * بما تعملون فيها قال أبو روق قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان أعطني المفتاح فقال هاك بأمانة الله ودفعه إليه فأراد عليه السلام أن يدفعه إلى العباس فنزلت هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان هاك بأمانة الله خالدة تالدة لا ينزعها عنكم إلا ظالم ثم إن عثمان هاجر ودفع إلى أخيه شيبة فهو في ولده إلى اليوم
270

59 62
59 * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * وهم العلماء والفقهاء وقيل الأمراء والسلاطين وتجب طاعتهم فيما وافق الحق * (فإن تنازعتم) * اختلفتم وتجادلتم وقال كل فريق القول قولي فردوا الأمر في ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله * (ذلك خير) * أي ردكم ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة وردك التجادل * (وأحسن تأويلا) * وأحمد عاقبة
60 * (ألم تر إلى الذين يزعمون) * الآية وقع نزاع بين يهودي ومنافق فقال اليهودي بيننا أبو القاسم وقال المنافق لا بل نحكم بيننا كعب بن الأشرف فنزلت هذه الآية
وهو قوله * (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) * ومعناه ذو الطغيان * (وقد أمروا أن يكفروا به) * أي أمروا أن لا يوالوا غير أهل دينهم * (ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) * لا يرجعون عنه إلى دين الله أبدا وهذا تعجيب للنبي ص من جهل من يعدل عن حكم الله إلى حكم الطاغوت مع زعمه بأنه يؤمن بالله ورسوله
61 * (وإذا قيل لهم) * أي للمنافقين * (تعالوا إلى ما أنزل الله) * أي في القرآن من الحكم * (وإلى الرسول) * وإلى حكم الرسول * (رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) * يعرضون عنك إعراضا إلى غيرك عداوة للدين
62 * (فكيف) * أي فكيف يصنعون ويحتالون * (إذا أصابتهم مصيبة) * مجازاة لهم على ما صنعوا وهو قوله * (بما قدمت أيديهم) * وتم الكلام ههنا ثم عطف على معنى ما سبق فقال * (ثم جاؤوك يحلفون بالله) * أي تحاكموا إلى الطاغوت
271

63 66 وصدوا عنك ثم جاؤوك يحلفون وذلك أن المنافقين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وحلفوا أنهم ما أرادوا بالعدول عنه في المحاكمة إلا توفيقا بين الخصوم أي جمعا وتأليفا وإحسانا بالتقريب في الحكم دون الحمل على مر الحق وكل ذلك كذب منهم لأن الله تعالى قال
63 * (أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم) * أي من الشرك والنفاق * (فأعرض عنهم) * أي اصفح عنهم * (وعظهم) * بلسانك * (وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا) * أي خوفهم بالله وازجرهم عما هم عليه بأبلغ الزجر كيلا يستسروا الكفر
64 * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع) * فيما يأمر به ويحكم لا ليعصى ويطلب الحكم من غيره وقوله * (بإذن الله) * أي لأن الله أذن في ذلك وأمر بطاعته * (ولو أنهم) * أي المنافقين * (إذ ظلموا أنفسهم) * بالتحاكم إلى الكفار * (جاؤوك فاستغفروا الله) * فزعوا وتابوا إلى الله وقوله
65 * (فلا) * أي ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا وهم يخالفون حكمك * (وربك لا يؤمنون) * حقيقة الإيمان * (حتى يحكموك فيما شجر) * اختلف واختلط * (بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا) * ضيقا وشكا * (مما قضيت) * أي أوجبت * (ويسلموا) * الأمر إلى الله وإلى رسوله من غير معارضة بشيء
66 * (ولو أنا كتبنا عليهم) * أي على هؤلاء المنافقين من اليهود * (أن اقتلوا أنفسكم) *
272

كما كتبنا ذلك على بني إسرائيل * (أو اخرجوا من دياركم) * كما كتبنا على المهاجرين * (ما فعلوه إلا قليل منهم) * للمشقة فيه مع أنه كان ينبغي أن يفعلوه * (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به) * ما يؤمرون به من أحكام القرآن * (لكان خيرا لهم) * في معاشهم وفي ثوابهم * (وأشد تثبيتا) * منهم لأنفسهم في الدين وتصديقا بأمر الله
67 * (وإذا لآتيناهم من لدنا) * أي مما لا يقدر عليه غيرنا * (أجرا عظيما) * أي الجنة
68 * (ولهديناهم) * أرشدناهم * (صراطا مستقيما) * إلى دين مستقيم وهو دين الحنيفية لا دين اليهودية
69 * (ومن يطع الله) * الآية قال المسلمون للنبي ص ما لنا منك إلا الدنيا فإذا كانت الآخرة رفعت في الأعلى فحزن وحزنوا فنزلت * (ومن يطع الله) * في الفرائض * (والرسول) * في السنن * (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين) * أي إنه يستمتع برؤيتهم وزيارتهم فلا يتوهمن أنه لا يراهم * (والصديقين) * أفاضل أصحاب الأنبياء * (والشهداء) * القتلى في سبيل الله * (والصالحين) * أي أهل الجنة من سائر المسلمين * (وحسن أولئك) * الأنبياء وهؤلاء * (رفيقا) * أي أصحابا ورفقاء
70 * (ذلك) * أي ذلك الثواب وهو الكون مع النبيين * (الفضل من الله) * تفضل به
273

71 74 على من أطاعه * (وكفى بالله عليما) * بخلقه أي إنه عالم لا يخفى عليه شيء ولا يضيع عنده عمل ثم حث عباده المؤمنين على الجهاد فقال
71 * (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) * سلاحكم عند لقاء العدو * (فانفروا) * أي فانهضوا إلى لقاء العدو * (ثبات) * جماعات متفرقين إذا لم يكن معكم الرسول * (أو انفروا جميعا) * إذا خرج الرسول إلى الجهاد
72 * (وإن منكم لمن ليبطئن) * أي ليتخلفن ويتثاقلن عن الجهاد وهم المنافقون وجعلهم من المؤمنين من حيث إنهم أظهروا كلمة الإسلام فدخلوا تحت حكمهم في الظاهر * (فإن أصابتكم مصيبة) * من العدو وجهد من العيش * (قال قد أنعم الله علي) * بالقعود حيث لم أحضر فيصيبني ما أصابكم
73 * (ولئن أصابكم فضل من الله) * فتح وغنيمة * (ليقولن) * هذا المنافق قول نادم حاسد * (يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما) * أي لأسعد بمثل ما سعدوا به من الغنيمة وقوله * (كأن لم تكن بينكم وبينه مودة) * متصل في المعنى بقوله * (قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم) * * (كأن لم تكن بينكم وبينه مودة) * أي كأن لم يعاقدكم على الإسلام ويعاضدكم على قتال عدوكم ولم يكن بينكم وبينه مودة في الظاهر ثم أمر المؤمنين بالقتال فقال
74 * (فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون) * أي يبيعون * (الحياة الدنيا بالآخرة) * أي بالجنة أي يختارون الجنة على البقاء في الدنيا * (ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل) * فيستشهد * (أو يغلب) * فيظفر فكلاهما سواء وهو معنى قوله * (فسوف نؤتيه أجرا عظيما) *
274

ثوابا لا صفة له ثم حض المؤمنين على الجهاد في سبيله لاستنقاذ ضعفة المؤمنين من أيدي المشركين فقال
75 * (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان) * وهم قوم بمكة استضعفوا فحبسوا وعذبوا * (الذين يقولون ربنا أخرجنا) * إلى دار الهجرة * (من هذه القرية) * مكة * (الظالم أهلها) * أي جعلوا لله شركاء * (واجعل لنا من لدنك وليا) * أي ول علينا رجلا من المؤمنين يوالينا * (واجعل لنا من لدنك نصيرا) * ينصرنا على عدوك فاستجاب الله دعاءهم وولى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد وأعانهم الله به فكانوا أعز بها من الظلمة قبل
ذلك
76 * (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله) * في طاعة الله * (والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) * أي في طاعة الشيطان * (فقاتلوا أولياء الشيطان) * عبدة الأصنام * (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) * يعني خذلانه إياهم يوم قتلوا ببدر
77 * (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) * عن قتال المشركين وأدوا ما فرض عليكم من الصلاة والزكاة نزلت في قوم من المؤمنين استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم وهم
275

78 بمكة في قتال المشركين فلم يأذن لهم * (فلما كتب عليهم القتال) * بالمدينة * (إذا فريق منهم يخشون الناس) * أي عذاب الناس بالقتل * (كخشية الله) * كما يخشى عذاب الله * (أو أشد) * أكبر * (خشية) * وهذه الخشية إنما كانت لهم من حيث طبع البشرية لا على كراهية أمر الله بالقتال * (وقالوا) * جزعا من الموت وحرصا على الحياة * (ربنا لم كتبت) * فرضت * (علينا القتال لولا) * هلا * (أخرتنا إلى أجل قريب) * وهو الموت أي هلا تركتنا حتى نموت بآجالنا وعافيتنا من القتل * (قل) * لهم يا محمد * (متاع الدنيا قليل) * أجل الدنيا قريب وعيشها قليل * (والآخرة) * الجنة * (خير لمن اتقى) * ولم يشرك به شيئا * (ولا تظلمون فتيلا) * أي لا تنقصون من ثواب أعمالكم مثل فتيل النواة ثم أعلمهم أن آجالهم لا تخطئهم ولو تمنعوا بأمنع الحصون فقال
78 * (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج) * حصون وقصور * (مشيدة) * مطولة مرفوعة وقيل بروج السماء * (وإن تصبهم) * يعني المنافقين واليهود * (حسنة) * خصب ورخص سعر * (يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة) * جدب وغلاء * (يقولوا هذه من عندك) * من شؤم محمد وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وكفرت اليهود أمسك الله عنهم ما كان قد بسط عليهم
276

79 81 فقالوا ما رأينا أعظم شؤما من هذا نقصت ثمارنا وغلت اسعارنا مند قدم علينا فقال الله تعالى * (قل كل) * أي الخصب والجدب * (من عند الله) * من قبل الله * (فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) * لا يفهمون القرآن
79 * (ما أصابك) * يا ابن آدم * (من حسنة) * فتح وغنيمة وخصب فمن تفضل لله * (وما أصابك من سيئة) * من جدب وهزيمة وأمر تكرهه * (فمن نفسك) * فبذنبك يا ابن آدم * (وأرسلناك) * يا محمد * (للناس رسولا وكفى بالله شهيدا) * على رسالتك
80 * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * يعني إن طاعتكم لمحمد طاعة الله * (ومن تولى) * أعرض عن طاعته * (فما أرسلناك عليهم حفيظا) * أي حافظا لهم من المعاصي حتى لا تقع أي ليس عليك بأس لتوليه لأنك لم ترسل عليهم حفيظا من المعاصي
81 * (ويقولون) * أي المنا فقون * (طاعة) * أي طاعة لأمرك * (فإذا برزوا) * خرجوا * (من عندك بيت) * قدر وأضمر * (طائفة منهم غير الذي تقول) * لك من الطاعة أي أضمروا خلاف ما أظهروا وقدروا ليلا خلاف ما أعطوك نهارا * (والله يكتب ما يبيتون) * أي يحفظ عليهم ليجازوا به * (فأعرض عنهم) * أي فاصفح عنهم وذلك أنه نهي عن قتل المنافقين في ابتداء الإسلام ثم نسخ ذلك بقوله * (جاهد الكفار والمنافقين) *
277

82 84
82 * (أفلا يتدبرون القرآن) * أي المنافقون أفلا يتأملون ويتفكرون فيه * (ولو كان) * القرآن * (من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * بالتناقض والكذب والباطل وتفاوت الألفاظ
83 * (وإذا جاءهم أمر من الأمن) * الآية نزلت في أصحاب الأراجيف وهم قوم من المنافقين كانوا يرجفون بسرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرون بما وقع بها قبل أن يخبز به النبي صلى الله عليه وسلم فيضعفون قلوب المؤمنين بذلك ويؤذون النبي عليه السلام بسبقهم إياه بالإخبار وقوله * (أمر من الأمن) * حديث فيه أمن * (أو الخوف) * يعني الهزيمة * (أذاعوا به) * أي أفشوه * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم) * ولو سكتوا عنه حتى يكون الرسول هو الذي يفشيه وأولو الأمر مثل أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم وقيل أمراء السرايا * (لعلمه الذين يستنبطونه) * يتبعونه ويطلبون علم ذلك * (منهم) * من الرسول وأولي الأمر * (ولولا فضل الله) * أي الإسلام * (ورحمته) * القرآن * (لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) * ممن عصم الله كالذين اهتدوا بعقولهم لترك عبادة الأوثان بغير رسول ولا كتاب نحو زيد بن عمرو وورقة بن نوفل وطلاب الدين وهذا تذكير للمؤمنين بنعمة الله عليهم حتى سلموا من النفاق وما ذم به المنافقون
84 * (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) * أي إلا فعل نفسك على معنى أنه لا ضرر عليك في فعل غيرك فلا تهتم بتخلف من يتخلف عن الجهاد * (وحرض المؤمنين) * حضهم على القتال * (عسى الله) * واجب من الله * (أن يكف) * يصرف
278

85 88 ويمنع * (بأس الذين كفروا) * شدتهم وشوكتهم * (والله أشد بأسا) * عذابا * (وأشد تنكيلا) * عقوبة
85 * (من يشفع شفاعة حسنة) * هي كل شفاعة تجوز في الدين * (يكن له نصيب منها) * كان له فيها أجر * (ومن يشفع شفاعة سيئة) * أي ما لا يجوز في الدين أن يشفع فيه * (يكن له كفل منها) * أي نصيب من الوزر والإثم * (وكان الله على كل شيء مقيتا) * مقتدرا
86 * (وإذا حييتم بتحية) * أي إذا سلم عليكم بسلام * (فحيوا بأحسن منها) * أي أجيبوا بزيادة على التحية إذا كان المسلم من أهل الإسلام * (أو ردوها) * إذا كان من أهل الكتاب فقولوا عليكم ولا تزيدوا على ذلك * (إن الله كان على كل شيء حسيبا) * حفيظا مجازيا
87 * (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم) * أي والله ليجمعنكم في القبور * (إلى يوم القيامة لا ريب فيه) * لا شك فيه * (ومن أصدق من الله حديثا) * أي قولا وخبرا
يريد أته لا خلف لوعده
88 * (فما لكم في المنافقين فئتين) * نزلت في قوم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأقاموا ما شاء الله ثم قالوا إنا اجتوينا المدينة فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم أن
279

89 90 يخرجوا فلما خرجوا لم يزالوا يرحلون مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين فاختلف المؤمنون فيهم فقال بعضهم إنهم كفار مرتدون وقال آخرون هم مسلمون حتى نعلم أنهم بدلوا فبين الله كفرهم في هذه الآية والمعنى ما لكم مختلفين في هؤلاء المنافقين على فئتين على فرقتين * (والله أركسهم) * ردهم إلى حكم الكفار من الذل والصغار والسبي والقتل * (بما كسبوا) * بما أظهروا من الارتداد بعدما كانوا على النفاق * (أتريدون) * * (أيها المؤمنون) * * (أن تهدوا) * أي ترشدوا * (من أضل الله) * لم يرشده الله أي يقولون هؤلاء مهتدون والله قد أضلهم * (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * أي دينا وطريقا إلى الحجة
89 * (ودوا) * أي هؤلاء * (لو تكفرون كما كفروا فتكونون) * أنتم وهم * (سواء فلا تتخذوا منهم أولياء) * أي لا توالوهم ولا تباطنوهم * (حتى يهاجروا في سبيل الله) * حتى يرجعوا إلى رسول الله * (فإن تولوا) * عن الهجرة وأقاموا على ما هم عليه * (فخذوهم) * بالأسر * (ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا) * أي لا تتولوهم ولا تستنصروا بهم على عدوكم
90 * (إلا الذين يصلون) * أي فاقتلوهم حيث وجدتموهم إلا الذين يتصلون ويلتجئون * (إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) * فيدخلون فيهم بالحلف والجوار * (أو جاؤوكم حصرت صدورهم) * يعني أو يتصلون بقوم جاؤوكم وقد ضاقت صدورهم بقتالكم وهم بنو مدلج كانوا صلحا للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا بيان أن من انضم إلى قوم ذوي عهد مع النبي صلى الله عليه وسلم فله مثل حكمهم في حقن الدم والمال ثم نسخ هذا كله
280

91 92 بآية السيف ثم ذكر الله تعالى منته بكف بأس المعاهدين فقال * (ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم) * يعني إن ضيق صدورهم عن قتالكم إنما هو لقذف الله تعالى الرعب في قلوبهم ولو قوى الله تعالى قلوبهم على قتالكم لقاتلوكم * (فإن اعتزلوكم) * أي في الحرب * (وألقوا إليكم السلم) * أي الصلح * (فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) * في قتالهم وسفك دمائهم ثم أمره بقتال من لم يكن على مثل سبيل هؤلاء فقال
91 * (ستجدون آخرين) * الآية هؤلاء قوم كانوا يظهرون الموافقة لقومهم من الكفار ويظهرون الإسلام للنبي ص والمؤمنين يريدون بذلك الأمن في الفريقين فأطلع الله نبيه عليه السلام على نفاقهم وهو قوله * (يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم) * وقوله * (كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها) * كلما دعوا إلى الشرك رجعوا فيه * (وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا) * أي حجة بينة في قتالهم لأنهم غدرة لا يوفون لكم بعهد
92 * (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا) * البتة * (إلا خطأ) * إلا أنه قد يخطئ المؤمن بالقتل * (ومن قتل مؤمنا خطأ) * مثل أن يقصد بالرمي غيره فأصابه * (فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) * إلى جميع ورثته * (إلا أن يصدقوا) * أي يعفوا
281

93 94 ويتركوا الدية * (فإن كان) * المقتول * (من قوم) * حرب لكم وكان مؤمنا * (فتحرير رقبة مؤمنة) * كفارة للقتل ولا دية لأن عصبته وأهله كفار فلا يرثون ديته * (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) * كأهل الذمة فتجب فيه الدية والكفارة * (فمن لم يجد) * الرقبة * (فصيام شهرين متتابعين توبة من الله) * أي ليقبل الله توبة القاتل حيث لم يبحث عن المقتول وحاله وحيث لم يجتهد حتى لا يخطئ
93 * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) * الآية غلظ الله وعيد قاتل المؤمن عمدا للمبالغة في الردع والزجر
94 * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم) * أي سرتم في الأرض * (فتبينوا) * أي تأنوا وتثبتوا نزلت في رجل كان قد انحاز بغنم له إلى جبل فلقي سرية من المسلمين عليهم أسامة بن زيد فأتاهم وقال السلام عليكم لا إله إلا الله محمد رسول الله وكان قد أسلم فقتله أسامة واستاقوا غنمه فنزلت نهيا عن سفك دم من هو على مثل هذه الحالة وذلك أن أسامة قال إنما قالها متعوذا فقال الله * (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) * أي حياكم بهذه التحية * (لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا) *
282

أي متاعها من الغنائم * (فعند الله مغانم كثيرة) * يعني ثوابا كبيرا لمن ترك قتل من ألقى إليه السلام * (كذلك كنتم من قبل) * كفارا ضلالا كما كان هذا المقتول قبل إسلامه ثم من الله عليكم بالإسلام كما من على المقتول أي إن كل من أسلم ممن كان كافرا فبمنزلة هذا الذي تعوذ بالإسلام قبل منه ظاهر الإسلام ثم أعاد الأمر بالتبين فقال * (فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا) * أي علم أنكم قتلتموه على ماله ثم حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله ورد عليهم غنمه واستغفر لأسامة وأمره بعتق رقبه
95 * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر) * أي الأصحاء الذين لا علة بهم تضرهم وتقطعهم عن الجهاد لا يستوي هؤلاء * (والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين) * من أهل العذر * (درجة) * لأن المجاهدين باشروا الطاعة والقاعدين من أهل العذر قصدوها وإن كانوا في الهمة والنية على قصد الجهاد فمباشرة الطاعة فوق قصدها بالنية * (وكلا) * من المجاهدين والقاعدين المعذورين * (وعد الله الحسنى) * الجنة * (وفضل الله المجاهدين على القاعدين) * من غير عذر * (أجرا عظيما) *
96 * (درجات منه) * أي منازل بعضها فوق بعض من منازل الكرامة
97 * (إن الذين توفاهم الملائكة) * أي قبضت أرواحهم نزلت في قوم كانوا قد أسلموا ولم يهاجروا حتى خرج المشركون إلى بدر فخرجوا معهم فقتلوا يوم
283

98 100 بدر فضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم وقوله * (ظالمي أنفسهم) * بالمقام في دار الشرك والخروج مع المشركين لقتال المسلمين * (قالوا فيم كنتم) * أي
قالت الملائكة لهؤلاء سؤال توبيخ وتقريع أكنتم في المشركين أم كنتم في المسلمين فاعتذروا بالضعف عن مقاومة أهل الشرك في دارهم ف * (قالوا كنا مستضعفين في الأرض) * أي في مكة فحاجتهم الملائكة بالهجرة إلى غير دارهم و * (قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا) * أخبر الله تعالى أن هؤلاء من أهل النار ثم استثنى من صدق في أنه مستضعف فقال
98 * (إلا المستضعفين) * أي الذين يوجدون ضعفاء * (لا يستطيعون حيلة) * لا يقدرون على حيلة ولا نفقة ولا قوة للخروج * (ولا يهتدون سبيلا) * لا يعرفون طريقا إلى المدينة
100 * (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما) * أي مهاجرا ومتحولا * (كثيرا وسعة) * في الرزق * (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله) * الآية نزلت في حبيب بن ضمرة الليثي وكان شيخا كبيرا خرج متوجها إلى المدينة فمات في الطريق فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لو وافى المدينة لكان أتم أجرا فأنزل الله
284

101 102 تعالى هذه الآية وأخبر أن من قصد طاعة ثم أعجزه العذر عن تمامها كتب الله ثواب تمام تلك الطاعة ومعنى * (وقع أجره على الله) * وجب ذلك بإيجابه
101 * (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا) * الآية نزلت في إباحة قصر الصلاة في السفر وظاهر القرآن يدل على أن القصر يستباح بالسفر والخوف لقوله * (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * أي يقتلكم والإجماع منعقد على أن القصر يجوز في السفر من غير خوف وثبتت السنة بهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ذكر الخوف في الآية على حال غالب أسفارهم في ذلك الوقت ثم ذكر صلاة الخوف فقال
102 * (وإذا كنت فيهم) * أي إذا كنت أيها النبي مع المؤمنين في غزواتهم وخوفهم * (فأقمت لهم الصلاة) * أي ابتدأت بها إماما لهم * (فلتقم طائفة منهم معك) * نصفهم يصلون معك * (وليأخذوا) * أي وليأخذ الباقون أسلحتهم * (فإذا سجدوا) * فإذا سجدت الطائفة التي قامت معك * (فليكونوا من ورائكم) * أي الذين أمروا بأخذ السلاح * (ولتأت طائفة أخرى) * أي الذين كانوا من ورائهم يحرسونهم
285

103 104 * (لم يصلوا) * معك الركعة الأولى * (فليصلوا معك) * الركعة الثانية * (وليأخذوا حذرهم) * من عدوهم * (وأسلحتهم) * أسلاحهم معهم يعني الذين صلوا أول مرة * (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم) * في صلاتكم * (فيميلون عليكم ميلة واحدة) * بالقتال * (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم) * ترخيص لهم في ترك حمل السلاح في الصلاة وحمله فرض عند بعضهم وسنة مؤكدة عند بعضهم فرخص الله لهم في تركه لعذر المطر والمرض لأن السلاح يثقل على المريض ويفسد في المطر * (وخذوا حذركم) * أي كونوا على حذر في الصلاة كيلا يتغفلكم العدو
103 * (فإذا قضيتم الصلاة) * فرغتم من صلاة الخوف * (فاذكروا الله) * بتوحيده وشكره في جميع أحوالكم * (فإذا اطمأننتم) * رجعتم إلى أهلكم وأقمتم * (فأقيموا الصلاة) * أتموها * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * مفروضا موقتا فرضه
104 * (ولا تهنوا) * أي لا تضعفوا * (في ابتغاء القوم) * يعني أبا سفيان ومن معه حين انصرفوا من أحد أمر الله تعالى نبيه عليه السلام أن يسير في آثارهم بعد الوقعة بأيام فاشتكى أصحابه ما بهم من الجراحات فقال الله تعالى * (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون) *
286

أي إن ألمتم من جراحكم فهم أيضا في مثل حالتكم من ألم الجراح * (وترجون من الله) * من نصر الله إياكم وإظهار دينكم في الدنيا وثوابه في العقبى * (ما لا يرجون) * هم * (وكان الله عليما) * بخلقه * (حكيما) * فيما حكم
105 * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق) * هذه الآية وما بعدها نزلت في قصة طعمة بن أبيرق سرق درعا ثم رمى بها يهوديا فلما طلبت منه الدرع أحال على اليهودي ورماه بالسرقة فاجتمع قوم طعمة وقوم اليهودي وأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل قوم طعمة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجادل عن صاحبهم وأن يبريه وقالوا إنك إن لم تفعل افتضح صاحبنا وبرىء اليهودي فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل فنزل قوله تعالى * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق) * في الحكم لا بالتعدي فيه * (لتحكم بين الناس بما أراك الله) * أي فيما علمك الله * (ولا تكن للخائنين) * طعمة وقومه * (خصيما) * مخاصما عنهم
106 * (واستغفر الله) * من جدالك عن طعمة وهمك بقطع اليهودي
107 * (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) * يخونونها بالمعصية لأن وبال خيانتهم راجع عليهم يعني طعمة وقومه * (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) * أي
287

108 112 طعمة لأنه خان في الدرع وأثم في رميه اليهودي
108 * (يستخفون) * يستترون بخيانتهم * (من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم) * عالم بما يخفون * (إذ يبيتون) * يهيئون ويقدرون ليلا * (ما لا يرضى من القول) * وهو أن طعمة قال أرمي اليهودي بأنه سارق الدرع وأحلف أني لم أسرق فيقبل يميني لأني على دينهم * (وكان الله بما يعملون محيطا) * عالما ثم خاطب قوم طعمة فقال
109 * (ها أنتم هؤلاء جادلتم) * خاصمتم * (عنهم) * عن طعمة وذويه * (في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة) * أي لا أحد يفعل ذلك ولا يكون في ذلك اليوم عليهم وكيل يقوم بأمرهم ويخاصم عنهم ثم عرض التوبة على طعمة وقومه بقوله
110 * (ومن يعمل سوءا) * معصية كما عمل قوم طعمة * (أو يظلم نفسه) * بذنب كفعل طعمة * (ثم يستغفر الله) * الآية ثم ذكر أن ضرر المعصية إنما يلحق العاصي ولا يلحق الله من معصيته ضرر فقال
111 * (ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما) * بالسارق * (حكيما) * حكم بالقطع على طعمة
112 * (ومن يكسب خطيئة) * ذنبا بينه وبين الله تعالى يعني يمينه الكاذبة أنه ما سرق * (أو إثما) * ذنبا بينه وبين الناس يعني سرقته * (ثم يرم به) * أي بإثمه * (بريئا) *
288

113 115 كما فعل طعمة حين رمى اليهودي بالسرقة * (فقد احتمل بهتانا) * برمي البريء * (وإثما مبينا) * باليمين الكاذبة والسرقة
113 * (ولولا فضل الله عليك ورحمته) * بالنبوة والعصمة * (لهمت) * لقد همت * (طائفة منهم) * من قوم طعمة * (أن يضلوك) * أي يخطئوك في الحكم وذلك أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجادل عنهم ويقطع اليهودي * (وما يضلون إلا أنفسهم) * بتعاونهم على الإثم والعدوان وشهادتهم الزور والبهتان * (وما يضرونك من شيء) * لأن الضرر على من شهد بغير حق ثم من الله عليه فقال * (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) * أي القضاء بالوحي وبين لك ما فيه الحكمة فلما بان أن السارق طعمة تناجى قومه في شأنه فأنزل الله تعالى
114 * (لا خير في كثير من نجواهم) * أي مسارتهم * (إلا من أمر) * أي إلا في نجوى من أمر * (بصدقة) * وقال مجاهد هذه الآية عامة للناس يريد أنه لا خير فيما يتناجى فيه الناس ويخوضون فيه من الحديث إلا ما كان من أعمال البر ثم بين أن ذلك إنما ينفع من ابتغى به ما عند الله فقال * (ومن يفعل ذلك) * الآية ثم حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على طعمة بالقطع فخاف على نفسه الفضيحة فهرب إلى مكة ولحق بالمشركين فنزل قوله
115 * (ومن يشاقق الرسول) * أي يخالفه * (من بعد ما تبين له الهدى) * الإيمان بالله ورسوله وذلك أنه ظهر له من الآية ما فيه بلاغ بما أطلع الله سبحانه على أمره فعادى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وضوح الحجة وقيام الدليل * (ويتبع غير سبيل المؤمنين) * غير
289

116 119 دين الموحدين * (نوله ما تولى) * ندعه وما اختار لنفسه * (ونصله جهنم) * ندخله إياها ونلزمه النار ثم أشرك بالله طعمة فكان يعبد صنما إلى أن مات فأنزل الله فيه
116 * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * الآية ثم نزل في أهل مكة
117 * (إن يدعون من دونه) * أي ما يعبدون من دون الله * (إلا إناثا) * أي أصنامهم اللات والعزى ومناة * (وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) * ما يعبدون بعبادتهم لها إلا شيطانا خارجا عن طاعة الله تعالى يعني إبليس لأنهم أطاعوه فيما سول لهم من عبادتها
118 * (لعنة الله) * دحره وأخرجه من الجنة * (وقال) * يعني إبليس * (لأتخذن من عبادك) * بإغوائي وإضلالي * (نصيبا مفروضا) * معلوما أي من اتبعه وأطاعه
119 * (ولأضلنهم) * عن الحق * (ولأمنينهم) * أن لا جنة ولا نار وقيل ركوب الأهواء * (ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام) * أي فليقطعنها يعني البحائر وسيأتي بيان ذلك فيما بعد في سورة المائدة * (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) * أي دينه يكفرون ويحرمون الحلال ويحلون الحرام * (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله) * أي من يطعه فيما يدعو إليه من الضلال * (فقد خسر خسرانا مبينا) * خسر الجنة ونعيمها
290

120 124
120 * (يعدهم) * طول العمر في الدنيا * (ويمنيهم) * نيل المراد منها * (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) * أي إلا ما يغرهم من إيهام النفع فيما فيه الضرر
121 * (أولئك) * أي الذين اتخذوا الشيطان وليا * (مأواهم) * مرجعهم ومصيرهم * (جهنم ولا يجدون عنها محيصا) * معدلا
122 * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار) * الآية
123 * (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) * نزلت في كفار قريش واليهود قالت قريش لا نبعث ولا نحاسب وقالت اليهود * (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) * فنزلت هذه الآية أي ليس الأمر بأماني اليهود والكفار * (من يعمل سوءا) * كفرا وشركا * (يجز به ولا يجد له من دون الله وليا) * يمنعه * (ولا نصيرا) * ينصره ثم بين فضيلة المؤمنين على غيرهم بقوله
124 * (ومن يعمل من الصالحات) * الآية وبقوله
291

125 127
125 * (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه) * أي توجه بعبادته إلى الله خاضعا له * (وهو محسن) * موحد * (واتبع ملة إبراهيم حنيفا) * ملة إبراهيم داخلة في ملة محمد عليهما السلام فمن أقر بملة محمد فقد اتبع ملة إبراهيم عليه السلام * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) * صفيا بالرسالة والنبوة محبا له خالص الحب
127 * (ويستفتونك) * يطلبون منك الفتوى * (في النساء) * في توريثهن كانت العرب لا تورث النساء والصبيان شيئا من الميراث * (قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم) * أي القرآن يفتيكم أيضا يعني آية المواريث في أول هذه السورة * (في) * ميراث * (يتامى النساء) * لأنها نزلت في قصة أم كجة وكانت لها بنات * (اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن) * أي فرض لهن من الميراث * (وترغبون) * عن * (أن تنكحوهن) * لدمامتهن قالت عائشة رضي الله عنها نزلت في اليتيمة يرغب
292

128 129 وليها عن نكاحها ولا ينكحها فيعضلها طمعا في ميراثها فنهي عن ذلك * (والمستضعفين من الولدان) * أي يفتيكم في الصغار من الغلمان والجواري أن تعطوهن حقهن * (وأن تقوموا) * أي وفي أن تقوموا * (لليتامى بالقسط) * أي بالعدل في مهورهن ومواريثهن * (وما تفعلوا من خير) * من حسن فيما أمرتكم به
* (فإن الله كان به عليما) * يجازيكم عليه
128 * (وإن امرأة خافت) * علمت * (من بعلها) * زوجها * (نشوزا) * ترفعا عليها لبغضها وهو أن يترك مجامعتها * (أو إعراضا) * بوجهه عنها * (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا) * في القسمة والنفقة وهي أن ترضى هي بدون حقها أو تترك من مهرها شيئا ليسوي الزوج بينها وبين ضرتها في القسمة وهذا إذا رضيت بذلك لكراهة فراق زوجها ولا تجبر على هذا لأنها إن لم ترض بدون حقها كان الواجب على الزوج أن يوفيها حقها من النفقة والمبيت * (والصلح خير) * من النشوز والإعراض أي إن يتصالحا على شيء خير من أن يقيما على النشوز والكراهة بينهما * (وأحضرت الأنفس الشح) * أي شحت المرأة بنصيبها من زوجها وشح الرجل على المرأة بنفسه إذا كان غيرها أحب إليه منها * (وإن تحسنوا) * العشرة والصحبة * (وتتقوا) * الجور والميل * (فإن الله كان بما تعملون خبيرا) * لا يضيع عنده شيء
129 * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) * لن تقدروا على التسوية بينهن
293

130 134 في المحبة ولو اجتهدتم * (فلا تميلوا كل الميل) * إلى التي تحبون في النفقة والقسمة * (فتذروها كالمعلقة) * فتدعوا الأخرى كأنها معلقة لا أيما ولا ذات بعل * (وإن تصلحوا) * بالعدل في القسم * (وتتقوا) * الجور * (فإن الله كان غفورا رحيما) * لما ملت إلى التي تحبها بقلبك ولما ذكر جواز الصلح بينهما إن أحبا أن يجتمعا ذكر بعده الافتراق فقال
130 * (وإن يتفرقا) * أي إن أبت المرأة الكبيرة الصلح وأبت إلا التسوية بينها وبين الشابة فتفرقا بالطلاق فقد وعد الله لهما أن يغني كل واحد منهما عن صاحبه بعد الطلاق من فضله الواسع بقوله * (يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا) * لجميع خلقه في الرزق والفضل * (حكيما) * فيما حكم ووعظ
133 * (إن يشأ يذهبكم أيها الناس) * يعني المشركين والمنافقين * (ويأت بآخرين) * أمثل وأطوع لله منكم
134 * (من كان يريد ثواب الدنيا) * أي متاعها * (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة) * أي خير الدنيا والآخرة عنده فليطلب ذلك منه وهذا تعريض بالكفار الذين كانوا لا يؤمنون بالبعث وكانوا يقولون ربنا آتنا في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق
294

135 137
135 * (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط) * قائمين بالعدل * (شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) * أي اشهدوا لله بالحق وإن كان الحق على نفس الشاهد أو على والديه أو أقربيه * (إن يكن) * المشهود عليه * (غنيا أو فقيرا) * فلا تحابوا غنيا لغناه ولا تحيفوا على الفقير لفقره * (فالله أولى بهما) * أي أعلم بهما منكم لأنه يتولى علم أحوالهما * (فلا تتبعوا الهوى) * في الشهادة واتقوا * (أن تعدلوا) * أي تميلوا وتجوروا * (وإن تلووا) * أي تدافعوا الشهادة * (أو تعرضوا) * تجحدوها وتكتموها * (فإن الله كان بما تعملون خبيرا) * فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته
136 * (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله) * أي اثبتوا على الإيمان * (والكتاب الذي نزل على رسوله) * القرآن * (والكتاب الذي أنزل من قبل) * أي كل كتاب أنزل على نبي قبل القرآن
137 * (إن الذين آمنوا) * أي اليهود آمنوا بالتوراة * (ثم كفروا) * بمخالفتها * (ثم آمنوا) * بالإنجيل * (ثم كفروا) * بمخالفته * (ثم ازدادوا كفرا) * بمحمد * (لم يكن الله ليغفر لهم) * ما أقاموا على ما هم عليه * (ولا ليهديهم سبيلا) * سبيل هدى ثم ألحق المنافقين بهم لأنهم كانوا يتولونهم فقال
295

138 141
138 * (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما) *
139 * (الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) * هذه الآية من صفة المنافقين وكانوا يوالون اليهود مخالفة للمسلمين يتوهمون أن لهم القوة والمنعة وهو معنى قوله * (أيبتغون عندهم العزة) * أي القوة بالظهور على محمد ص * (فإن العزة) * أي الغلبة والقوة * (لله جميعا) *
140 * (وقد نزل عليكم) * أيها المؤمنون * (في الكتاب) * في القرآن * (أن إذا سمعتم) * الكفر بآيات الله والاستهزاء بها * (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث) * غير الكفر والاستهزاء يعني قوله في سورة الأنعام * (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) * الآية هذه كانت مما نزل عليهم في الكتاب وقوله * (إنكم إذا) * مثلهم يعني إن قعدتم معهم راضين بما يأتون من الكفر بالقرآن والاستهزاء به وذلك أن المنافقين كانوا يجلسون إلى أحبار اليهود فيسخرون من القرآن فنهى الله سبحانه المسلمين عن مجالستهم * (إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) * يريد أتهم كما اجتمعوا على الاستهزاء بالآيات يجتمعون في جهنم على ا لعذاب
141 * (الذين يتربصون بكم) * يعني المنافقين ينتظرون بكم الدوائر * (فإن كان لكم فتح من الله) *
296

ظهور على اليهود * (قالوا ألم نكن معكم) * فأعطونا من الغنيمة * (وإن كان للكافرين نصيب) * من الظفر على المسلمين * (قالوا) * لهم * (ألم نستحوذ) * نغلب * (عليكم) * نمنعكم عن الدخول في جملة المؤمنين * (ونمنعكم من المؤمنين) * بتخذيلهم عنكم ومراسلتنا إياكم بأخبارهم * (فالله يحكم بينكم) * يعني بين المؤمنين والمنافقين * (يوم القيامة) * يعني أنه أخر عقابهم إلى ذلك اليوم ورفع عنهم السيف في الدنيا * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) * أي حجة يوم القيامة لأنه يفردهم بالنعيم وما لا يشاركونهم فيه من الكرامات بخلاف الدنيا
142 * (إن المنافقين يخادعون الله) * أي يعملون عمل المخادع بما يظهرونه ويبطنون خلالفه * (وهو خادعهم) * مجازيهم جزاء خداعهم وذلك أنهم يعطون نورا كما
يعطى المؤمنون فإذا مضوا قليلا أطفىء نورهم وبقوا في الظلمة * (وإذا قاموا إلى الصلاة) * مع الناس * (قاموا كسالى) * متثاقلين * (يراؤون الناس) * ليرى ذلك الناس لا لاتباع أمر الله يعني ليراهم الناس مصلين لا يريدون وجه الله * (ولا يذكرون الله إلا قليلا) * لأنهم يعملونه رياء وسمعة ولو أرادوا به وجه الله لكان كثيرا
143 * (مذبذبين بين ذلك) * مرددين بين الكفر والإيمان ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك * (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) * لا من الأنصار ولا من
297

144 148 اليهود * (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * من أضله الله فلن تجد له دينا
144 * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين) * يعني الأنصار يقول لا توالوا اليهود من قريظة والنضير * (أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا) * حجة بينة في عقابكم بموالاتكم اليهود أي إتكم إذا فعلتم ذلك صارت الحجة عليكم في العقاب
145 * (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) * أ ي في أسفل درج النار * (ولن تجد لهم نصيرا) * مانعا يمنعهم من عذاب الله
146 * (إلا الذين تابوا) * من النفاق * (وأصلحوا) * العمل * (واعتصموا بالله) * التجأوا إليه * (وأخلصوا دينهم لله) * من شائب الرياء * (فأولئك مع المؤمنين) * أي هم أدنى منهم بعد هذا كله ثم أوقع أجر المؤمنين في التسويف لانضمامهم إليهم فقال * (وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما) *
147 * (ما يفعل الله بعذابكم) * بعذاب خلقه * (إن شكرتم) * اعترفتم بإحسانه * (وآمنتم) * بنبيه * (وكان الله شاكرا) * للقليل من أعمالكم * (عليما) * بنياتكم
148 * (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول) * نزلت ترخيصا للمظلوم أن يجهر بشكوى الظالم وذلك أن ضيفا نزل بقوم فأساؤوا قراه فاشتكاهم فنزلت هذه الآية
298

149 153 رخصة في أن يشكوا وقوله * (إلا من ظلم) * لكن من ظلم فإنه يجهر بالسوء من القول وله ذلك * (وكان الله سميعا) * لقول المظلوم * (عليما) * بما يضمره أي فليقل الحق ولا يتعد ما أذن له فيه
149 * (إن تبدوا خيرا) * من أعمال البر * (أو تخفوه أو تعفوا عن سوء) * يأتيك من أخيك المسلم * (فإن الله كان عفوا) * لمن عفا * (قديرا) * على ثوابه
150 * (إن الذين يكفرون بالله ورسله) * هم اليهود كفروا بعيسى عليه السلام والإنجيل ومحمد عليه السلام والقرآن * (ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله) * بأن يؤمنوا بالله ويكفروا بالرسل * (ويقولون نؤمن ببعض) * الرسل * (ونكفر) * ببعضهم * (ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا) * بين الإيمان بالبعض والكفر بالبعض دينا يدينون به
151 * (أولئك هم الكافرون حقا) * أي إن إيمانهم ببعض الرسل لا يزيل عنهم اسم الكفر ثم نزل في المؤمنين
152 * (والذين آمنوا بالله ورسله) * الآية
153 * (يسألك أهل الكتاب) * الآية سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بكتاب جملة من السماء كما أتى به موسى فأنزل الله تعالى هذه الآية وقوله * (فقد سألوا موسى أكبر من ذلك) *
299

يعني السبعين الذين ذكروا في قوله * (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك) * من الآية * (ثم اتخذوا العجل) * يعني الذين خلفهم موسى مع هارون * (من بعد ما جاءتهم البينات) * العصا واليد وفلق البحر * (فعفونا عن ذلك) * لم نستأصل عبدة العجل * (وآتينا موسى سلطانا مبينا) * حجة بينة قوي بها على من ناوأه
154 * (ورفعنا فوقهم الطور) * حين امتنعوا من قبول شريعة التوراة * (بميثاقهم) * أي بأخذ ميثاقهم * (وقلنا لهم لا تعدوا في السبت) * لا تعتدوا باقتناص السمك فيه * (وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) * عهدا مؤكدا في النبي صلى الله عليه وسلم
155 * (فبما نقضهم ميثاقهم) * أي فبنقضهم و ما زائدة للتوكيد وقوله * (بل طبع الله عليها بكفرهم) * أي ختم الله على قلوبهم فلا تعي وعظا مجازاة لهم على كفرهم * (فلا يؤمنون إلا قليلا) * يعني الذين آمنوا
156 * (وبكفرهم) * بالمسيح * (وقولهم على مريم بهتانا عظيما) * حين رموها بالزنا
157 * (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) *
300

أي ألقي لهم شبه عيسى على غيره حتى ظنوه لما رأوه أنه المسيح * (وإن الذين اختلفوا فيه) * أي في قتله وذلك أتهم لما قتلوا الشخص المشبه به كان الشبه ألقي على وجهه ولم يلق على جسده شبه جسد عيسى فلما قتلوه ونظروا إليه قالوا الوجه وجه عيسى والجسد جسد غيره فاختلفوا فقال بعضهم هذا عيسى وقال بعضهم ليس بعيسى وهذا معنى قوله * (لفي شك منه) * أي من قتله * (ما لهم به) * بعيسى * (من علم) * قتل أو لم يقتل * (إلا اتباع الظن) * لكنهم يتبعون الظن * (وما قتلوه يقينا) * وما قتلوا المسيح على يقين من أنه المسيح
158 * (بل رفعه الله إليه) * أي إلى الموضع الذي لا يجري لأحد سوى الله فيه حكم وكان رفعه إلى ذلك الموضع رفعا إليه لأنه رفع عن أن يجري عليه حكم أحد من العباد * (وكان الله عزيزا) * في اقتداره على نجاة من يشاء من عباده * (حكيما) * في تدبيره في النجاة
159 * (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به) * أي ما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى * (قبل موته) * إذا عاين الملك ولا ينفعه حينئذ إيمانه ولا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى * (ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) * على أن قد بلغ الرسالة وأقر بالعبودية على نفسه
160 * (فبظلم من الذين هادوا) * الآية عاقب الله اليهود على ظلمهم وبغيهم بتحريم أشياء عليهم وهي ما ذكر في قوله * (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) *
الآية ثم استثنى مؤمنيهم فقال
301

162 166
162 * (لكن الراسخون) * يعني المبالغين في علم الكتاب منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه * (والمؤمنون) * من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم * (يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما) * ظاهر إلى قوله
165 * (رسلا مبشرين) * أي بالثواب على الطاعة * (ومنذرين) * بالعقاب على المعصية * (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) * فيقولوا ما أرسلت إلينا رسولا يعلمنا دينك فبعثنا الرسل قطعا لعذرهم
166 * (لكن الله يشهد) * الآية نزلت حين قالت اليهود لما سئلوا عن نبوة محمد ما نشهد له بذلك فقال الله تعالى * (لكن الله يشهد) * أي يبين نبوتك * (بما أنزل إليك) * من القرآن ودلائله * (أنزله بعلمه) * أي وهو يعلم أنك أهل لإنزاله عليك لقيامك به * (والملائكة يشهدون) * لك بالنبوة إن جحدت اليهود
302

167 171 وشهادة الملائكة إنما تعرف بقيام المعجزة فمن ظهرت معجزته شهدت الملائكة بصدقه * (وكفى بالله شهيدا) * أي كفى الله شهيدا
168 * (إن الذين كفروا) * يعني اليهود * (وظلموا) * محمدا عليه السلام بكتمان نعته * (لم يكن الله ليغفر لهم) * هذا فيمن علم أنه يموت على الكفر * (ولا ليهديهم طريقا) * ولا ليرشدهم إلى دين الإسلام
169 * (إلا طريق جهنم) * يعني طريق اليهودية وهو الطريق الذي يقودهم إلى جهنم * (خالدين فيها أبدا وكان ذلك) * أي خلودهم * (على الله يسيرا) * لأنه لا يتعذر عليه شيء
170 * (يا أيها الناس) * يعني المشركين * (قد جاءكم الرسول بالحق) * بالهدى والصدق * (من ربكم فآمنوا خيرا لكم) * أي ايتوا خيرا لكم من الكفر بالإيمان به * (وإن تكفروا) * تكذبوا محمدا وتكفروا نعمة الله عليكم به * (فإن لله ما في السماوات والأرض) * أي لا تضرون إلا أنفسكم لأن الله غني عنكم * (وكان الله عليما) * بما تصيرون إليه من إيمان أو كفر * (حكيما) * في تكليفه مع علمه بما يكون منكم
171 * (يا أهل الكتاب) * يريد النصارى * (لا تغلوا) * لا تتجاوزوا الحد ولا تتشددوا * (في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) * فليس له ولد ولا زوجة ولا شريك وقوله * (وكلمته ألقاها) * يعني أنه قال له كن فيكون * (وروح منه) * أي روح
303

172 176 مخلوق من عنده * (ولا تقولوا ثلاثة) * أي لا تقولوا آلهتنا ثلاثة يعني قولهم الله وصاحبته وابنه تعالى الله عن ذلك * (انتهوا خيرا لكم) * أي ائتوا بالانتهاء عن هذا خيرا لكم مما أنتم عليه
172 * (لن يستنكف المسيح) * لن يأنف الذي تزعمون أنه اله * (أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون) * من كرامة الله تعالى وهم أكثر من البشر
174 * (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم) * يعني النبي عليه السلام * (وأنزلنا إليكم نورا مبينا) * وهو القرآن
175 * (فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به) * أي امتنعوا بطاعته من زيغ الشيطان * (فسيدخلهم في رحمة منه) * يعني الجنة * (وفضل) * يتفضل عليهم بما لم يخطر على قلوبهم * (ويهديهم إليه صراطا مستقيما) * دينا مستقيما
176 * (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) * فيمن مات ولا ولد له ولا والد * (إن امرؤ هلك ليس له ولد) * أراد ولا والد فاكتفى بذكر أحدهما لأنه الكلالة
304

* (وله أخت) * يعني من أب وأم أو أب لأن ذكر ولد الأم قد مضى في أول السورة * (فلها نصف ما ترك وهو يرثها) * الأخ يرث الأخت جميع المال * (إن لم يكن لها ولد فإن كانتا) * أي الأختان * (فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء) * من أب وأم أو من أب * (فللذكر مثل حظ الأنثيين) * وقوله * (يبين الله لكم أن تضلوا) * أي أن لا تضلوا أو كراهة أن تضلوا * (والله بكل شيء عليم) * من قسمه المواريث
305

1 2
سورة المائدة * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) * يعني بالعهود المؤكدة التي عاهدتموها مع الله والناس ثم ابتدأ كلاما آخر فقال * (أحلت لكم بهيمة الأنعام) * قيل هي الأنعام نفسها وهي الإبل والبقر والغنم وقيل بهيمة الأنعام وحشيها كالظباء وبقر الوحش وحمر الوحش * (إلا ما يتلى عليكم) * أي ما يقرأ عليكم في القرآن يعني قوله * (حرمت عليكم الميتة) * الآية * (غير محلي الصيد) * يعني إلا أن تحلوا الصيد في حال الإحرام فإنه لا يحل لكم * (إن الله يحكم ما يريد) * يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء
2 * (أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله) * يعني الهدايا المعلمة للذبح بمكة نزلت هذه الآية في الحطم بن ضبيعة أغار على سرح المدينة فذهب به
306

إلى اليمامة فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام القضية سمع تلبية حجاج اليمامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحطم فدونكم وكان قد قلد ما نهب من سرح المدينة وأهداه إلى الكعبة فلما توجهوا في طلبه أنزل الله تعالى * (لا تحلوا شعائر الله) * يريد ما أشعر لله أي أعلم * (ولا الشهر الحرام) * بالقتال فيه * (ولا الهدي) * وهي كل ما أهدي إلى بيت الله من ناقة وبقرة وشاة * (ولا القلائد) * يعني الهدايا المقلدة من لحاء شجر الحرم * (ولا آمين البيت الحرام) * قاصديه من المشركين قال المفسرون كانت الحرب في الجاهلية قائمة بين العرب إلا في الأشهر الحرم فمن وجد في غيرها أصيب منه إلا أن يكون مشعرا بدنه أو سائقا هدايا أو
مقلدا نفسه أو بعيره من لحاء شجر الحرم أو محرما فلا يتعرض لهؤلاء فأمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بإقرار هذه الأمنة على ما كانت لضرب من المصلحة إلى أن نسخها بقوله تعالى * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * وقوله * (يبتغون فضلا من ربهم) * أي ربحا بالتجارة * (ورضوانا) * بالحج على زعمهم * (وإذا حللتم) * من الإحرام * (فاصطادوا) * أمر إباحة * (ولا يجرمنكم) * ولا يحملنكم * (شنآن قوم) * بغض قوم يعني أهل مكة * (أن صدوكم عن المسجد الحرام) * يعني عام الحديبية * (أن تعتدوا) * على حجاج اليمامة فتستحلوا منهم محرما * (وتعاونوا) * ليعن بعضكم بعضا * (على البر) * وهو ما أمرت به * (والتقوى) * ترك ما نهيت عنه * (ولا تعاونوا على الإثم) * يعني معاصي الله * (والعدوان) * التعدي في حدوده ثم حذرهم فقال * (واتقوا الله) * فلا تستحلوا محرما * (أن الله شديد العقاب) *
307

إذا عاقب
3 * (حرمت عليكم الميتة) * سبق تفسير هذه الآية في سورة البقرة إلى قوله * (والمنخنقة) * وهي التي تختنق فتموت بأي وجه كان * (والموقوذة) * المقتولة ضربا * (والمتردية) * التي تقع من أعلى إلى أسفل فتموت * (والنطيحة) * التي قتلت نطحا * (وما أكل) * منه * (السبع) * فالباقي منه حرام ثم استثنى ما يدرك ذكاته من جميع هذه المحرمات فقال * (إلا ما ذكيتم) * أي إلا ما ذبحتم * (وما ذبح على النصب) * أي على اسم الأصنام فهو حرام * (وأن تستقسموا بالأزلام) * تطلبوا على ما قسم لكم من الخير والشر من الأزلام القداح التي كان أهل الجاهلية يجيلونها إذا أرادوا أمرا * (ذلكم) * أي الاستقسام من الأزلام * (فسق) * خروج عن الحلال إلى الحرام * (اليوم) * يعنى يوم عرفة عام حج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح * (يئس الذين كفروا) * أن ترتدوا راجعين إلى دينهم * (فلا تخشوهم) * في مظاهرة محمد واتباع دينه * (واخشون) * في عبادة الأوثان * (اليوم) * يعني يوم عرفة * (أكملت لكم دينكم) * أحكام دينكم فلم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام * (وأتممت عليكم نعمتي) * يعني بدخول مكة آمنين كما وعدتكم * (فمن اضطر) * إلى ما حرم
308

4 5 مما ذكر في هذه الآية * (في مخمصة) * مجاعة * (غير متجانف لإثم) * غير متعرض لمعصية وهو أن يأكل فوق الشبع أو يكون عاصيا بسفره * (فإن الله غفور) * له ما أكل مما حرم عليه * (رحيم) * بأوليائه حيث رخص لهم
4 * (يسألونك ماذا أحل لهم) * سأل عدي بن حاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنا نصيد بالكلاب والبزاة وقد حزم الله الميتة فماذا يحل لنا منها فنزلت هذه الآية * (قل أحل لكم الطيبات) * يعني ما تستطيبه العرب وهذا هو الأصل في التحليل فكل حيوان استطابته العرب كالضباب واليرابيع والأرانب فهو حلال وما استخبثته العرب فهو حرام * (وما علمتم) * يعني وصيد ما علمتم * (من الجوارح) * وهي الكواسب من الطير والكلاب والسباع * (مكلبين) * فعلمين إياها الصيد * (تعلمونهن مما علمكم الله) * تؤدبوهن لطلب الصيد * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * هذه الجوارح وإن قتلن إذا لم يأكلن منه فإذا أكلن فالظاهر أنه حرام * (واذكروا اسم الله عليه) * عند إرسال الجوارح
5 * (اليوم أحل لكم الطيبات) * التي سألتم عنها * (وطعام الذين أوتوا الكتاب) * وهو اسم لجميع ما يؤكل * (حل لكم وطعامكم حل لهم) * أي حل لكم أن تطعموهم * (والمحصنات) * العفائف * (من المؤمنات والمحصنات) * الحرائر * (من الذين أوتوا الكتاب) * من أهل الكتاب * (إذا آتيتموهن أجورهن) * يعني مهورهن * (محصنين) * متزوجين * (غير مسافحين) * معالنين بالزنا * (ولا متخذي أخدان) * مسرين بالزنا بهن
309

6 7 * (ومن يكفر بالإيمان) * بالله الذي يجب الإيمان به * (فقد حبط عمله) * إذا مات على ذلك * (وهو في الآخرة من الخاسرين) * ممن خسر الثواب
6 * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة) * أي إذا أردتم القيام إليها * (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) * يعني مع المرفقين * (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) * وهما الناشزان من جانبي القدم * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * فاغتسلوا * (وإن كنتم مرضى) * مفسر في سورة النساء إلى قوله * (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) * من ضيق في الدين ولكن جعله واسعا بالرخصة في التيمم * (ولكن يريد ليطهركم) * من الأحداث والجنابات والذنوب لأن الوضوء يكفر الذنوب * (وليتم نعمته عليكم) * ببيان الشرائع و * (لعلكم تشكرون) * نعمتي فتطيعوا أمري
7 * (واذكروا نعمة الله عليكم) * بالإسلام * (وميثاقه الذي واثقكم به) * يعني حين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في كل ما أمر ونهى وهو قوله * (إذ قلتم) * حين قلتم * (سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور) * بخفيات القلوب
310

8 12
8 * (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله) * تقومون لله بكل حق يلزمكم القيام به * (شهداء بالقسط) * تشهدون بالعدل * (ولا يجرمنكم شنآن قوم) * لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل * (اعدلوا) * في الولي والعدو * (هو) * أي العدل * (أقرب للتقوى) * أي لاتقاء النار
11 * (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم) * الآية يعني ما أنعم الله على نبيه حين أتى اليهود هو وجماعة من أصحابه يستعينون بهم في دية فتآمروا بينهم أن يطرحوا عليهم رحى فأعلمهم الله بذلك على لسان جبرائيل حتى خرجوا ثم أخبر عن نقض بني إسرائيل عهد الله كما نقضت هذه الطبقة العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله حين هموا بالاغتيال به فقال
12 * (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل) * على أن يعملوا بما في التوراة * (وبعثنا) * وأقمنا بذلك * (منهم اثني عشر نقيبا) * كفيلا وضمينا ضمنوا عن قومهم الوفاء بالعهد * (وقال الله) * لهم * (إني معكم) * بالعون والنصرة * (لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم) *
311

أي وقرتموهم * (وأقرضتم الله قرضا حسنا) * يريد الصدقات للفقراء والمساكين * (فمن كفر بعد ذلك) * أي بعد هذا العهد والميثاق * (فقد ضل سواء السبيل) * أخطأ قصد الطريق
13 * (فبما نقضهم) * فبنقضهم * (ميثاقهم) * وهو أنهم كذبوا الرسل بعد موسى فقتلوا الأنبياء وضيعوا كتاب الله * (لعناهم) * أخرجناهم من رحمتنا * (وجعلنا قلوبهم قاسية) * يابسة عن الإيمان * (يحرفون الكلم) * يغيرون كلام الله * (عن مواضعه) * من صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم وآية الرجم * (ونسوا حظا مما ذكروا به) * وتركوا نصيبا مما أمروا به في كتابهم من اتباع محمد * (ولا تزال) * يا محمد * (تطلع على خائنة) * خيانة * (منهم) * مثل ما خانوك حين هموا بقتلك * (إلا قليلا منهم) * يعني من أسلم * (فاعف عنهم واصفح) * منسوخ بآية السيف * (إن الله يحب المحسنين) * ا لمتجا وزين
14 * (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم) * كما أخذنا ميثاق اليهود * (فنسوا حظا مما ذكروا به) * فتركوا ما أمروا به من الإيمان بمحمد ص * (فأغرينا بينهم) * فألقينا بين اليهود والنصارى * (العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون) * وعيد لهم ثم دعاهم إلى الإيمان بمحمد عليه السلام فقال
312

15 17
15 * (يا أهل الكتاب) * يعني اليهود والنصارى * (قد جاءكم رسولنا) * محمد * (يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب) * تكتمون مما في التوراة والإنجيل كآية الرجم وصفة محمد عليه السلام * (ويعفو عن كثير) * يتجاوز عن كثير فلا يخبركم بكتمانه * (قد جاءكم من الله نور) * يعني النبي * (وكتاب مبين) * القرآن فيه بيان لكل ما تختلفون فيه
16 * (يهدي به الله) * يعني بالكتاب المبين * (من اتبع رضوانه) * اتبع ما رضيه الله من تصديق محمد عليه السلام * (سبل السلام) * طرق السلامة التي من سلكها سلم في دينه ماله * (ويخرجهم من الظلمات) * الكفر * (إلى النور) * الإيمان * (بإذنه) * بتوفيقه وإرادته * (ويهديهم إلى صراط مستقيم) * وهو الإسلام
17 * (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) * يعني الذين اتخذوه الها * (قل فمن يملك من الله شيئا) * فمن يقدر أن يدفع من عذاب الله شيئا * (إن أراد أن يهلك المسيح) * أي يعذبه ولو كان الها لقدر على دفع ذلك
313

18 21
18 * (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه) * أما اليهود فإنهم قالوا إن الله من حنته وعطفه علينا كالأب الشفيق وأما النصارى فإنهم تأولوا قول عيسى إذا صليتم فقولوا يا أبانا الذي في السماء نقدس اسمه وأراد أنه في بره ورحمته بعباده الصالحين كالأب الرحيم وقيل أرادوا نحن أبناء رسل الله وإنما قالوا هذا حين حذرهم النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة الله فقال الله * (قل فلم يعذبكم بذنوبكم) * أي فلم عذب من قبلكم بذنوبهم كأصحاب السبت وغيرهم * (بل أنتم بشر ممن خلق) * كسائر بني آدم * (يغفر لمن يشاء) * لمن تاب من اليهودية * (ويعذب من يشاء) * من مات عليها وقوله
19 * (على فترة من الرسل) * على انقطاع من الأنبياء * (أن تقولوا) * لئلا تقولوا * (ما جاءنا من بشير ولا نذير) * وقوله
20 * (وجعلكم ملوكا) * أي جعل لكم الخدم والحشم وهم أول من ملك الخدم والحشم من بني آدم * (وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين) * من فلق البحر لكم وإغراق عدوكم والمن والسلوى وغير ذلك
21 * (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة) * المطهرة يعني الشام وذلك أنها طهرت من
314

22 26 الشرك وجعلت مسكنا للأنبياء * (التي كتب الله لكم) * أمركم الله بدخولها * (ولا ترتدوا على أدباركم) * لا ترجعوا إلى دينكم الشرك بالله
22 * (قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين) * طوالا ذوي قوة وكانوا من بقايا عاد يقال لهم العمالقة
23 * (قال رجلان) * وهما يوشع بن نون وكالب بن يوفنا * (من الذين يخافون) * الله في مخالفة أمره * (أنعم الله عليهما) * بالفضل واليقين * (ادخلوا عليهم الباب) * الآية وإنما قالا ذلك تيقنا بنصر الله وإنجاز وعده لنبيه فخالفوا نبيهم وعصوا أمر الله وأتوا من القول بما فسقوا به وهو قوله
24 * (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) * فقال موسى عند ذلك
25 * (لا أملك إلا نفسي وأخي) * يقول لم يطعني منهم إلا نفسي وأخي * (فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) * فاقض بيننا وبين القوم العاصين فحرم الله على الذين عصوا دخول القرية وحبسهم في التيه أربعين سنة حتى ماتوا ولم يدخلها أحد من هؤلاء وإنما دخلها أولادهم وهو قوله
26 * (فإنها محرمة عليهم) * الآية وقوله * (يتيهون في الأرض) * يتحيرون فلا يهتدون للخروج منها * (فلا تأس على القوم الفاسقين) * لا تحزن على عذابهم
315

27 31
27 * (واتل عليهم) * يعني على قومك * (نبأ) * خبر * (ابني آدم) * هابيل وقابيل * (إذ قربا قربانا) * تقرب إلى الله هابيل بخير كبش في غنمه فنزلت من السماء نار فاحتملته فهو الكبش الذي فدي به إسماعيل وتقرب إلى الله قابيل بأردأ ما كان عنده من القمح وكان صاحب زرع فلم تحمل النار قربانه والقربان اسم لكل ما يتقرب به إلى الله فقال الذي لم يتقبل منه * (لأقتلنك) * حسدا له فقال هابيل * (إنما يتقبل الله من المتقين) * للمعاصي لا من العاصين
28 * (لئن بسطت إلي يدك) * لئن بدأتني بالقتل فما أنا بالذي أبدؤك بالقتل * (إني أخاف الله) * في قتلك
29 * (إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك) * أن تحتمل إثم قتلي وإثم الذي كان منك قبل قتلي
30 * (فطوعت له نفسه قتل أخيه) * سهلته وزينت له ذلك * (فقتله فأصبح من الخاسرين) * خسر دنياه بإسخاط والديه وآخرته بسخط الله عليه فلما قتله لم يدر ما يصنع به لأنه كان أول ميت على وجه الأرض من بني آدم فحمله في جراب على ظهره
31 * (فبعث الله غرابا يبحث في الأرض) * يثير التراب من الأرض على غراب ميت
316

32 33 * (ليريه كيف يواري) * يستر * (سوأة) * جيفة * (أخيه) * فلما رأى ذلك قال * (يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين) * على حمله والتطوف به
32 * (من أجل ذلك) * من سبب ذلك الذي فعل قابيل * (كتبنا) * فرضنا * (على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس) * بغير قود * (أو فساد) * شرك * (في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) * يقتل كما لو قتلهم جميعا ويصلى النار كما يصلاها لو قتلهم * (ومن أحياها) * حرمها وتورع عن قتلها * (فكأنما أحيا الناس جميعا) * لسلامتهم منه لأنه لا يستحل دماءهم * (ولقد جاءتهم) * يعني بني إسرائيل * (رسلنا بالبينات) * بأن لهم صدق ما جاؤوهم به * (ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون) * أي مجاوزون حد الحق
33 * (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) * أي يعصونهما ولا يطيعونهما يعني الخارجين على الإمام وعلى الأمة بالسيف نزلت هذه الآية في قصة العرنيين وهي معروفة تعليما لرسول الله صلى الله عليه وسلم عقوبة من فعل مثل فعلهم وقوله * (ويسعون في الأرض فسادا) * بالقتل وأخذ الأموال * (أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) *
317

معنى أو ها هنا الإباحة فللإمام أن يفعل ما أراد من هذه الأشياء ومعنى النفي من الأرض الحبس في السجن لأن المسجون بمنزلة المخرج من الدنيا * (ذلك لهم خزي) * هوان وفضيحة * (في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) * وهذا للكفار الذين نزلت فيهم الآية لأن العرنيين ارتدوا عن الدين والمسلم إذا عوقب في الدنيا بجنايته صارت مكفرة عنه
34 * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) * آمنوا من قبل أن تعاقبوهم فالله غفور رحيم لهم هذا في المشرك المحارب إذا آمن قبل القدرة عليه سقط عنه جميع الحدود فأما المسلم المحارب إذا تاب واستأمن قبل القدرة عليه سقط عنه حدود الله ولا تسقط حقوق بني آدم
35 * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا) * عقاب * (الله) * بالطاعة * (وابتغوا إليه الوسيلة) * تقربوا إليه بطاعته * (وجاهدوا) * العدو * (في سبيله) * في طاعته * (لعلكم تفلحون) * كي تسعدوا وتبقوا في الجنة
36 * (إن الذين كفروا) * الآية ظاهرة
37 * (يريدون) * يتمنون بقلوبهم * (أن يخرجوا من النار) *
38 * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * يمين هذا ويمين هذه فجمع * (جزاء بما كسبا) *
318

أي بجزاء فعلهما * (نكالا) * عقوبة * (من الله والله عزيز) * في انتقامه * (حكيم) * فيما أوجب من القطع
39 * (فمن تاب من بعد ظلمه) * الناس * (وأصلح) * العمل بعد السرقة * (فإن الله يتوب عليه) * يعود عليه بالرحمة
40 * (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء) * على الذنب الصغير * (ويغفر لمن يشاء) * الذنب العظيم * (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) * إذ كنت موعود النصر عليهم وهم المنافقون وبان لهم ذلك بقوله * (من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون) * أي فريق سماعون * (للكذب) * يسمعون منك ليكذبوا عليك فيقولون سمعنا منه كذا وكذا لما لم يسمعوا * (سماعون لقوم آخرين لم يأتوك) * أي هم عيون لأولئك الغيب ينقلون إليهم أخبارك * (يحرفون الكلم من بعد مواضعه) * من بعد أن وضعه الله مواضعه يعني آية الرجم * (يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه) * يعني يهود خيبر بالجلد وهم الذين ذكروا في قوله * (لقوم آخرين لم يأتوك) * وذلك أنهم بعثوا إلى قريظة ليستفتوا محمد ص في الزانيين المحصنين وقالوا لهم إن أفتى بالجلد فاقبلوا وإن أفتى بالرجم فلا تقبلوا فذلك قوله * (إن أوتيتم هذا) * يعني الجلد * (فخذوه) *
319

42 44 فاقبلوه * (وإن لم تؤتوه فاحذروا) * أن تعملوا به * (ومن يرد الله فتنته) * ضلالته وكفره * (فلن تملك له من الله شيئا) * لن تدفع عنه عذاب الله * (أولئك الذين) * أي من أراد الله فتنته فهم الذين * (لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) * أن يخلص نياتهم * (لهم في الدنيا خزي) * بهتك ستورهم * (ولهم في الآخرة عذاب عظيم) * وهو النار
42 * (سماعون للكذب أكالون للسحت) * وهو الرشوة في الحكم يعني حكام اليهود يسمعون الكذب ممن يأتيهم مبطلا ويأخذون الرشوة منه فيأكلونها * (فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) * خير الله نبيه في الحكم بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إليه ثم نسخ ذلك بقوله * (وأن احكم بينهم) * الآية
43 * (وكيف يحكمونك) * عجب الله نبيه علي السلام من تحكيم اليهود إياه بعد علمهم بما في التوراة من حكم الزاني وحده وقوله * (فيها حكم الله) * يعني الرجم * (ثم يتولون من بعد ذلك) * التحكيم فلا يقبلون حكمك بالرجم * (وما أولئك) * الذين يعرضون عن الرجم * (بالمؤمنين) *
44 * (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى) * بيان الحكم الذي جاؤوك يستفتونك فيه * (ونور) * بيان أن أمرك حق * (يحكم بها النبيون) * من لدن موسى إلى عيسى وهم
* (الذين أسلموا) * أي انقادوا لحكم التوراة * (للذين هادوا) * تابوا من الكفر وهم بنو إسرائيل إلى زمن عيسى * (والربانيون) * العلماء * (والأحبار) * الفقهاء * (بما استحفظوا) *
320

استرعوا أي بما كلفوا حفظه من كتاب الله وقيل العمل بما فيه وذلك حفظه * (من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) * أنه من عند الله ثم خاطب اليهود فقال * (فلا تخشوا الناس) * في إظهار صفة محمد ص والرجم * (واخشون) * في كتمان ذلك * (ولا تشتروا بآياتي) * بأحكامي وفرائضي * (ثمنا قليلا) * يريد متاع الدنيا * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) * نزلت في من غير حكم الله من اليهود وليس في أهل الاسلام منها ومن اللتين بعدها شيء
45 * (وكتبنا عليهم فيها) * وفرضنا عليهم في التوراة * (أن النفس) * تقتل * (بالنفس والعين بالعين) * الآية كل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس جرى القصاص بينهما في جميع الأعضاء والأطراف إذا تماثلا في السلامة وقوله * (والجروح قصاص) * في كل ما يمكن أن يقتص فيه مثل الشفتين والذكر والأنثيين والأليتين والقدمين واليدين وهذا تعميم بعد التفصيل بقوله * (والعين بالعين والأنف بالأنف) * * (فمن تصدق به فهو كفارة له) * من عفا وترك القصاص فهو مغفرة له عند الله وثواب عظيم
46 * (وقفينا على آثارهم بعيسى) * أي جعلناه يقفو آثار النبيين يعني بعثناه بعدهم على آثارهم * (مصدقا لما بين يديه من التوراة) * يصدق أحكامها ويدعو إليها
321

47 48 * (وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة) * معناه وهاديا وواعظا
47 * (وليحكم أهل الإنجيل) * أي وقلنا لهم ليحكموا بهذا الكتاب في ذلك الوقت * (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) * أي شاهدا وأمينا وحفيظا ورقيبا على الكتب التي قبله فما أخبر أهل الكتاب بأمر فإن كان في القرآن فصدقوا وإلا فكذبوا * (فاحكم بينهم) * بين اليهود * (بما أنزل الله) * بالقرآن والرجم * (ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق) * يقول لا تتبعهم عما عندك من الحق فتتركه وتتبعهم * (لكل جعلنا منكم) * من أمة موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم أجمعين * (شرعة ومنهاجا) * سبيلا وسنة فللتوراة شريعة وللإنجيل شريعة وللقرآن شريعة * (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) * على أمر واحد ملة الإسلام * (ولكن ليبلوكم) * ليختبركم * (في ما آتاكم) * أعطاكم من الكتاب والسنن * (فاستبقوا الخيرات) * سارعوا إلى الأعمال الصالحة الزاكية * (إلى الله مرجعكم جميعا) * أنتم وأهل الكتاب * (فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) * من الدين والفرائض والسنن يعني إن الأمر سيؤول إلى ما يزول معه الشكوك بما يحصل من اليقين
322

49 52
49 * (واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) * أي يستزلوك عن الحق إلى أهوائهم نزلت حين قال رؤساء اليهود بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه فنرده عما هو عليه فأتوه وقالوا له قد علمت أنا إن اتبعناك اتبعك الناس ولنا خصومة فاقض لنا على خصومنا إذا تحاكمنا إليك ونحن نؤمن بك فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله هذه الآية * (فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم) * أي فإن أعرضوا عن الإيمان والحكم بالقرآن فاعلم أن ذلك من أجل أن الله يريد أن يعجل لهم العقوبة في الدنيا ببعض ذنوبهم ويجازيهم في الآخرة بجميعها ثم كان تعذيبهم في الدنيا الجلاء والنفي * (وإن كثيرا من الناس لفاسقون) * يعني اليهود
50 * (أفحكم الجاهلية يبغون) * أي أيطلب اليهود في الزانيين حكما لم يأمر الله به وهم أهل كتاب كما فعل أهل الجاهلية * (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) * أي من أيقن تبين عدل الله في حكمه ثم نهى المؤمنين عن موالاة اليهود وأوعد عليها بقوله
51 * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) * الآية
52 * (فترى الذين في قلوبهم مرض) * يعني عبد الله بن أبي وأصحابه * (يسارعون فيهم) * في مودة أهل الكتاب ومعاونتهم على المسلمين بإلقاء أخبارهم إليهم
323

53 54 * (يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة) * أي يدور الأمر عن حاله التي يكون عليها يعنون الجدب فتنقطع عنا الميرة والقرض * (فعسى الله أن يأتي بالفتح) * يعني لمحمد على جميع من خالفه * (أو أمر من عنده) * بقتل المنافقين وهتك سترهم * (فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم) * يعني أهل النفاق على ما أضمروا من ولاية اليهود ودس الأخبار إليهم * (نادمين) *
53 * (ويقول الذين آمنوا) * المؤمنون إذا هتك الله ستر المنافقين * (أهؤلاء) * يعنون المنافقين * (الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم) * حلفوا بأغلظ الأيمان * (إنهم لمعكم) * إنهم مؤمنون وأعوانكم على من خالفكم * (حبطت أعمالهم) * بطل كل خير عملوه بكفرهم * (فأصبحوا خاسرين) * صاروا إلى النار وورث المؤمنون منازلهم من الجنة
54 * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه) * علم الله تعالى أن قوما يرجعون عن الإسلام بعد موت نبيهم صلى الله عليه وسلم فأخبرهم تعالى أته س * (يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) * وهم أبو بكر رضي الله عنه وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة * (أذلة على المؤمنين) * كالولد لوالده والعبد لسيده * (أعزة على الكافرين) * غلاظ عليهم كالسبع على فريسته * (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) * كالمنافقين الذين كانوا يرقبون الكافرين ويخافون لومهم في نصرة الدين * (ذلك فضل الله) * أي محبتهم لله عز وجل ولين جانبهم للمسلمين وشدتهم على الكفار بفضل من الله عليهم
324

55 59
55 * (إنما وليكم الله ورسوله) * نزلت لما هجر اليهود من أسلم منهم فقال عبد الله بن سلام يا رسول الله إن قومنا قد هجرونا وأقسموا ألا يجالسونا فنزلت هذه الآية فقال رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء وقوله * (وهم راكعون) * يعني صلاة التطوع
56 * (ومن يتول الله ورسوله) * يتولى القيام بطاعته ونصرة رسوله والمؤمنين * (فإن حزب الله) * جند الله وأنصار دينه * (هم الغالبون) * غلبوا اليهود فأجلوهم من ديارهم وبقي عبد الله بن سلام وأصحابه الذين تولوا الله ورسوله
57 * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا) * الآية نزلت في رجال كانوا يوادون منافقي اليهود ومعنى قوله * (اتخذوا دينكم هزوا ولعبا) * إظهارهم ذلك باللسان واستبطانهم الكفر تلاعبا واستهزاء * (والكفار) * يعني مشركي العرب وكفار مكة * (واتقوا الله) * فلا تتخذوا منهم أولياء * (إن كنتم مؤمنين) * بوعده ووعيده
58 * (وإذا ناديتم إلى الصلاة) * دعوتم الناس إليها بالأذان * (اتخذوها هزوا ولعبا) * تضاحكوا فيما بينهم وتغامزوا على طريق السخف والمجون تجهيلا لأهلها * (ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) * ما لهم في إجابتها لو أجابوا إليها وما عليهم في استهزائهم بها
59 * (قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا) * الآية أي هل تنكرون
325

60 61 وتكرهون أتى نفر من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال أؤمن بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا ما نعلم دينا شرا من دينكم فأنزل الله تعالى * (هل تنقمون) * أي هل تكرهون وتنكرون منا إلا إيماننا وفسقكم أي إنما كرهتم إيماننا وأنتم تعلمون أننا على حق لأنكم قد فسقتم بأن أقمتم على دينكم لمحبتكم الرئاسة وكسبكم بها الأموال وتقدير قوله * (وأن أكثركم فاسقون) * ولأن أكثركم والواو زائدة والمعنى لفسقكم نقمتم علينا الإيمان قوله
60 * (قل هل أنبئكم) * أخبركم جواب لقول اليهود ما نعرف أهل دين شرا منكم فقال الله * (هل أنبئكم) * أخبركم * (بشر من) * ذلكم المسلمين الذين طعنتم عليهم * (مثوبة) * جزاء وثوابا * (عند الله من لعنه الله) * أي هو من لعنه الله أبعده عن رحمته * (وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير) * يعني أصحاب السبت * (وعبد الطاغوت) * نسق على * (لعنة الله) * وعبد الطاغوت أطاع الشيطان فيما سوله له * (أولئك شر مكانا) * لأن مكانهم سقر * (وأضل عن سواء السبيل) * قصد الطريق وهو دين الحنيفية فلما نزلت هذه الآية عير المسلمون اليهود وقالوا يا إخوان القردة والخنازير فسكتوا وافتضحوا
61 * (وإذا جاؤوكم قالوا آمنا) * يعني منافقي اليهود * (وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به) * أي دخلوا وخرجوا كافرين والكفر معهم في كلتي حالهم
326

62 64
62 * (وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان) * يجترئون على الخطأ والظلم ويبادرون إليه * (وأكلهم السحت) * ما كانوا يأخذونه من الرشا على كتمان الحق ثم ذم فعلهم بقوله * (لبئس ما كانوا يعملون) *
63 * (لولا) * هلا * (ينهاهم) * عن قبح فعلهم * (الربانيون والأحبار) * علماؤهم وفقهاؤهم * (لبئس ما كانوا يصنعون) * حين تركوا النكير عليهم
64 * (وقالت اليهود يد الله مغلولة) * مقبوضة عن العطاء وإسباغ النعم علينا قالوا هذا حين كف الله تعالى عنهم بكفرهم بمحمد عليه السلام ما كان يسلط عليهم من الخصب والنعمة فقالوا لعنهم الله على جهة الوصف بالبخل * (يد الله مغلولة) * وقوله * (غلت أيديهم) * أي جعلوا بخلاء وألزموا البخل فهم أبخل قوم * (ولعنوا بما قالوا) * عذبوا في الدنيا بالجزية والذلة والصغار والقحط والجلاء وفي الآخرة بالنار * (بل يداه مبسوطتان) * قيل معناه الوصف بالمبالغة في الجود والإنعام وقيل معناه نعمه مبسوطة ودلت التثنية على الكثرة كقولهم لبيك وسعديك وقيل نعمتاه أي نعمة الدنيا ونعمة الآخرة * (مبسوطتان ينفق كيف يشاء) * يرزق كما يريد إن شاء قتر وإن شاء وسع * (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا) * كلما أنزل عليك شيء من القرآن كفروا به فيزيد كفرهم * (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء) * بين طوائف
327

65 67 اليهود وجعلهم الله مختلفين متباغضين كما قال * (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) * * (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) * كلما أرادوا محاربتك ردهم الله وألزمهم الخوف * (ويسعون في الأرض فسادا) * يعني يجتهدون في دفع الإسلام ومحو ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من كتبهم
65 * (ولو أن أهل الكتاب آمنوا) * بمحمد صلى الله عليه وسلم * (واتقوا) * اليهودية والنصرانية * (لكفرنا عنهم سيئاتهم) * كل ما صنعوا قبل أن تأتيهم
66 * (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل) * عملوا بما فيهما من التصديق بك * (وما أنزل إليهم) * من كتب أنبيائهم * (لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) * لأنزلت عليهم القطر وأخرجت لهم من نبات الأرض كلما أرادوا * (منهم أمة مقتصدة) * مؤمنة
67 * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * أي لا تراقبن أحدا ولا تتركن شيئا مما أنزل إليك تخوفا من أن ينالك مكروة بلغ الجميع مجاهرا به * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * إن كتمت آية مما أنزلت إليك لم تبلغ رسالتي يعني إنه إن ترك بلاغ البعض كان كمن لم يبلغ * (والله يعصمك من الناس) * أن ينالوك بسوء قال المفسرون كان النبي صلى الله عليه وسلم يشفق على نفسه غائلة اليهود والكفار وكان لا يجاهرهم بعيب دينهم وسب آلهتهم فأنزل الله تعالى * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * فقال يا رب كيف أصنع وأنا واحد أخاف أن يجتمعوا علي فأنزل الله تعالى * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) *
328

لا يرشد من كذبك
68 * (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء) * من الدين * (حتى تقيموا) * حتى تعملوا بما في الكتابين من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبيان نعته وباقي الآية مضى تفسيره إلى قوله * (فلا تأس على القوم الكافرين) * يقول لا تحزن على أهل الكتاب إن كذبوك
69 * (إن الذين آمنوا والذين هادوا) * سبق تفسيره في سورة البقرة
71 * (وحسبوا ألا تكون فتنة) * ظنوا وقدروا ألا تقع بهم عقوبة وعذاب في الإصرار على الكفر بقتل الأنبياء وتكذيب الرسل * (فعموا وصموا) * عن الهدى فلم يعقلوه * (ثم تاب الله عليهم) * بإرساله محمدا صلى الله عليه وسلم داعيا إلى الصراط المستقيم * (ثم عموا وصموا كثير منهم) * بعد تبين الحق لهم بمحمد عليه السلام * (والله بصير بما يعملون) * من قتل الأنبياء وتكذيب الرسل
329

73 77
73 * (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) * أي ثالث ثلاثة من الآلهة والمعنى أنهم قالوا الله واحد ثلاثة آلهة هو والمسيح ومريم فزعموا أن الإلهية مشتركة بين هؤلاء الثلاثة فكفروا بذلك
74 * (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) * أي إنه رسول ليس بإله كما أن من قبله كانوا رسلا * (وأمه صديقة) * صدقت بكلمات ربها وكتبه * (كانا يأكلان الطعام) * يريد هما لحم ودم يأكلان ويشربان ويبولان ويتغوطان وهذه ليست من أوصاف الإلهية * (انظر كيف نبين لهم الآيات) * نفسر لهم أمر ربوبيتي * (ثم انظر أنى يؤفكون) * يصرفون عن الحق الذي يؤدي إليه تدبر الآيات
76 * (قل) * للنصارى * (أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) * يعني المسيح لأنه لا يملك ذلك إلا الله عز وجل * (والله هو السميع) * لكفركم * (العليم) * بضميركم
77 * (قل يا أهل الكتاب) * يعني اليهود والنصارى * (لا تغلوا في دينكم) * لا تخرجوا عن الحد في عيسى وغلو اليهود فيه بتكذيبهم إياه ونسبته إلى أنه لغير رشدة وغلو النصارى فيه ادعاؤهم الإلهية له وقوله * (غير الحق) * أي مخالفين للحق * (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل) * يعني رؤساءهم الذين مضوا من
330

78 82 الفريقين أي لا تتبعوا أسلافكم فيما ابتدعوه بأهوائهم * (وضلوا عن سواء السبيل) * عن قصد الطريق بإضلالهم الكثير
78 * (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل) * يعني أصحاب السبت وأصحاب المائدة * (على لسان داود) * لأنهم لما اعتدوا قال داود عليه السلام اللهم العنهم واجعلهم آية لخلقك فمسخوا قردة على لسان داود * (وعيسى ابن مريم) * عليه السلام لأنه لعن من لم يؤمن من أصحاب المائدة فقال اللهم العنهم كما لعنت السبت فمسخوا خنازير
79 * (كانوا لا يتناهون) * لا ينتهون * (عن منكر فعلوه) *
80 * (ترى كثيرا منهم) * من اليهود * (يتولون الذين كفروا) * كفار مكة * (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم) * بئسما قدموا من العمل لمعادهم في الآخرة سخط الله عليهم
82 * (لتجدن) * يا محمد * (أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) * وذلك أنهم ظاهروا المشركين على المؤمنين حسدا للنبي عليه السلام * (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) *
331

يعني النجاشي ووفده الذين قدموا من الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا به ولم يرد جميع النصارى * (ذلك) * يعني قرب المودة * (بأن منهم قسيسين ورهبانا) * أي علماء بوصاة عيسى بالإيمان بمحمد عليه السلام * (وأنهم لا يستكبرون) * عن اتباع الحق كما يستكبر اليهود وعبدة الأوثان
83 * (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول) * يعني النجاشي وأصحابه قرأ عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة * (كهيعص) * فما زالوا يبكون وهو قوله * (ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق) * يريد الذي نزل على محمد وهو الحق * (يقولون ربنا آمنا) * وصدقنا * (فاكتبنا مع الشاهدين) * مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يشهدون بالحق
84 * (وما لنا لا نؤمن بالله) * أي أي شيء لنا إذا تركنا الإيمان بالله * (وما جاءنا من الحق) * أي القرآن و نحن * (ونطمع أن يدخلنا ربنا) * الجنة مع أمة محمد عليه السلام يعنون أنهم لا شيء لهم إذا لم يؤمنوا بالقرآن ولا يتحقق طمعهم في دخول الجنة
85 * (فأثابهم الله بما قالوا) * يعني بما سألوا الله من قولهم * (فاكتبنا مع الشاهدين) * وقولهم * (ونطمع أن يدخلنا ربنا) * الآية * (جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك) *
332

أي الثواب * (جزاء المحسنين) * الموحدين ثم ذكر الوعيد لمن كفر من أهل الكتاب وغيرهم فقال
86 * (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) *
87 * (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) * هم قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تعاهدوا أن يحرموا على أنفسهم المطاعم الطيبة وأن يصوموا النهار ويقوموا الليل ويخصوا أنفسهم فأنزل الله تعالى هذه الآية وسمى الخصاء اعتداء فلما نزلت هذه الآية قالوا يا رسول الله إنا كنا قد حلفنا على ذلك فنزلت
89 * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) * وفسرنا هذا في سورة البقرة * (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) * وهو أن يقصد الأمر فيحلف بالله ويعقد عليه اليمين
بالقلب متعمدا * (فكفارته) * إذا حنثتم * (إطعام عشرة مساكين) * لكل مسكين
333

90 91 مد وهو رطل وثلث وهو قوله * (من أوسط ما تطعمون أهليكم) * لأن هذا القدر وسط في الشبع وقيل من خير ما تطعمون أهليكم كالحنطة والتمر * (أو كسوتهم) * وهو أقل ما يقع عليه اسم الكسوة من إزار ورداء وقميص * (أو تحرير رقبة) * يعني مؤمنة والمكفر في اليمين مخير بين هذه الثلاث * (فمن لم يجد) * يعني لم يفضل من قوته وقوت عياله يومه وليلته ما يطعم عشرة مساكين ف عليه * (فصيام ثلاثة أيام) * * (واحفظوا أيمانكم) * فلا تحلفوا واحفظوها عن الحنث
90 * (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر) * يعني الأشربة التي تخمر حتى تشتد وتسكر * (والميسر) * القمار بجميع أنواعه * (والأنصاب) * الأوثان * (والأزلام) * قداح الاستقسام التي ذكرت في أول السورة * (رجس) * قذر قبيح * (من عمل الشيطان) * مما يسوله الشيطان لبني آدم * (فاجتنبوه) * كونوا جانبا منه
91 * (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر) * وذلك لما يحصل بين أهلها من العداوة والمقابح والإقدام على ما يمنع منه العقل * (ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) * لأن من اشتغل بهما منعاه عن ذكر الله والصلاة * (فهل أنتم منتهون) * استفهام بمعنى الأمر قالوا انتهينا ثم أمر
334

92 95 بالطاعة فقال
92 * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا) * المحارم والمناهي * (فإن توليتم) * عن الطاعة * (فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) * فليس عليه إلا البلاغ فان أطعتم وإلا استحققتم العقاب فلما نزل تحريم الخمر قالوا يا رسول الله ما تقول في إخواننا الذين مضوا وهم يشربونها ويأكلون الميسر فنزل
93 * (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) * من الخمر والميسر قبل التحريم * (إذا ما اتقوا) * المعاصي والشرك * (ثم اتقوا) * داموا على تقواهم * (ثم اتقوا) * ظلم العباد مع ضم الإحسان إليه
94 * (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد) * كان هذا عام الحديبية كانت الوحش والطير تغشاهم في رحالهم كثيرة وهم محرمون ابتلاء من الله تعالى * (تناله أيديكم) * يعني الفراخ والصغار * (ورماحكم) * يعني الكبار * (ليعلم الله) * ليرى الله * (من يخافه بالغيب) * أي من يخاف الله ولم يره * (فمن اعتدى) * ظلم بأخذ الصيد * (بعد ذلك) * بعد النهي * (فله عذاب أليم) *
95 * (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) * حرم الله قتل الصيد على المحرم فليس له أن يتعرض للصيد بوجه من الوجوه ما دام محرما * (ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم) *
335

أي فعليه جزاء مماثل للمقتول من النعم في الخلقة ففي النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة وفي الضبع كبش على هذا التقدير * (يحكم به ذوا عدل) * يحكم في الصيد بالجزاء رجلان صالحان * (منكم) * من أهل ملتكم فينظران إلى أشبه الأشياء به من النعم فيحكمان به * (هديا بالغ الكعبة) * أي إذا أتى مكة ذبحه وتصدق به * (أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك) * أي مثل ذلك * (صياما) * والمحرم إذا قتل صيدا كان مخيرا إن شاء جزاه بمثله من النعم وإن شاء قوم المثل دراهم ثم الدراهم طعاما ثم يتصدق به وإن شاء صام عن كل مد يوما * (ليذوق وبال أمره) * جزاء ما صنع * (عفا الله عما سلف) * قبل التحريم * (ومن عاد فينتقم الله منه) * من عاد إلى قتل الصيد محرما حكم عليه ثانيا وهو بصدد الوعيد * (والله عزيز) * منيع * (ذو انتقام) * من أهل معصيته
96 * (أحل لكم صيد البحر) * ما أصيب من داخله وهذا الإحلال عام لكل أحد محرما كان أومحلا * (وطعامه) * وهو ما نضب عنه الماء ولم يصد * (متاعا لكم وللسيارة) * منفعة للمقيم والمسافر يبيعون ويتزودون منه ثم أعاد تحريم الصيد في حال الإحرام فقال * (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون) * خافوا الله الذي إليه تبعثون
97 * (جعل الله الكعبة البيت الحرام) * يعني البيت الذي حرم أن يصاد عنده ويختلى للحج وقضاء النسك * (والشهر الحرام) * يعني الأشهر الحرم فذكر بلفظ الجنس * (والهدي والقلائد) * ذكرناه في أول السورة وهذه الجملة ذكرت بعد ذكر البيت
336

98 101 لأنها من أسباب الحج فذكرت معه * (ذلك) * أي ذلك الذي أنبأتكم به في هذه السورة من أخبار الأنبياء وأحوال المنافقين واليهود وغير ذلك * (لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات) * الآية أي يدلكم ذلك على أن لا يخفى عليه شيء
100 * (قل لا يستوي الخبيث والطيب) * أي الحرام والحلال * (ولو أعجبك كثرة الخبيث) * وذلك أن أهل الدنيا يعجبهم كثرة المال وزينة الدنيا
101 * (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) * نزلت حين سئل النبي حتى أحفوه بالمسألة فقام مغضبا خطيبا وقال لا تسألوني في مقامي هذا عن شيء إلا أخبرتكموه فقام رجل من بني سهم يطعن في نسبه فقال من أبي فقال أبوك حذافة وقام آخر فقال أين أنا فقال في النار فأنزل الله تعالى هذه الآية ونهاهم أن يسألوه عما يحزنهم جوابه وإبداؤه كسؤال من سأل عن موضعه فقال في النار * (وإن تسألوا عنها) * أي عن أشياء * (حين ينزل القرآن) * فيها * (تبد لكم) * يعني ما ينزل فيه القرآن من فرض أو نهي أو حكم ومست الحاجة إلى بيانه فإذا سألتم عنها حينئذ تبدى لكم * (عفا الله عنها) * أي عن مسألتكم مما كرهه النبي صلى الله عليه وسلم ولا حاجة بكم إلى بيانه نهاهم أن يعودوا إلى مثل ذلك وأخبر أئه عفا عما فعلوا * (والله غفور حليم) * لا يعجل بالعقوبة ثم
337

102 105 أخبرهم عن حال من تكلف سؤال ما لم يكلفوا فقال
102 * (قد سألها) * أي الآيات * (قوم من قبلكم) * الآية يعني قوم عيسى سألوا المائدة ثم كفروا بها وقوم صالح سألوا الناقة ثم عقروها
103 * (ما جعل الله من بحيرة) * أي ما أوجبها ولا أمر بها والبحيرة الناقة إذا نتجت خمسة أبطن شقوا أذنها وامتنعوا من ركوبها وذبحها * (ولا سائبة) * هو ما
كانوا يسيبونه لآلهتهم في نذر يلزمهم إن شفي مريض أو قضيت لهم حاجة * (ولا وصيلة) * كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم وإن ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم وإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم * (ولا حام) * إذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا قد حمى ظهره فلم يركب ولم ينتفع وسيب لأصنامهم فلا يحمل عليه * (ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب) * يتقولون على الله الأباطيل في تحريم هذه الأنعام وهم جعلوها محرمة لا الله * (وأكثرهم) * يعني أتباع رؤسائهم الذين سنوا لهم تحريم هذه الأنعام * (لا يعقلون) * أن ذلك كذب وافتراء على الله من الرؤساء
104 * (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله) * في القرآن من تحليل ما حرمتم * (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) * من الدين * (أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) * مفسرة في سورة البقرة
105 * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) * احفظوها من ملابسة المعاصي والإصرار
338

106 على الذنوب * (لا يضركم من ضل) * من أهل الكتاب * (إذا اهتديتم) * أنتم * (إلى الله مرجعكم جميعا) * مصيركم ومصير من خالفكم * (فينبئكم بما كنتم تعملون) * يجازيكم بأعمالكم
106 * (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم) * نزلت هذه الآيات في قصة تميم وعدي وبديل خرجوا تجارا إلى الشام فمرض بديل ودفع إليهما متاعه وأوصى إليهما أن يدفعاه إلى أهله إذا رجعا فأخذا من متاعه إناء من فضة وردا الباقي إلى أهله فعلموا بخيانتهما ورفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآيات ومعنى الآية ليشهدكم * (إذا حضر أحدكم الموت) * وأردتم الوصية * (اثنان ذوا عدل منكم) * من أهل ملتكم تشهدونهما على الوصية * (أو آخران من غيركم) * من غير دينكم إذا * (ضربتم) * سافرتم * (في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت) * علم الله أن من الناس من يسافر فيصحبة في سفره أهل الكتاب دون المسلمين ويحضره الموت فلا يجد من يشهده على وصيته من المسلمين فقال * (أو آخران من غيركم) * فالذميان في السفر خاصة إذا لم يوجد غيرهما تقبل شهادتهما في ذلك وقوله * (تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا) *
339

أي أن ارتبتم في شهادتهما وشككتم وخشيتم أن يكونا قد خانا حبستموهما على اليمين بعد صلاة العصر فيحلفان بالله ويقولان في يمينهما لا نبيع الله بعرض من الدنيا ولا نحابي أحدا في شهادتنا * (ولو كان ذا قربى) * ولو كان المشهود له ذا قربى * (ولا نكتم شهادة الله) * أي الشهادة التي أمر الله بإقامتها * (إنا إذا لمن الآثمين) * إن كتمناها ولما رفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستحلفوهما وذلك أنهما كانا نصرانيين وبديل كان مسلما فحلفا أنهما ما قبضا غير ما دفعا إلى الورثة ولا كتما شيئا وخلى سبيلهما ثم اطلع على الإناء في أيديهما فقالا اشتريناه منه فارتفعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزل قوله
107 * (فإن عثر) * أي ظهر واطلع * (على أنهما استحقا إثما) * أي استوجباه بالخيانة والحنث في اليمين * (فآخران يقومان مقامهما) * من الورثة وهم الذين * (استحق عليهم) * أي استحق عليهم الوصية أو الإيصاء وذلك أن الوصية تستحق على الورثة * (الأوليان) * بالميت أي الأقربان إليه والمعنى قام في اليمين مقامهما رجلان من قرابة الميت فيحلفان بالله لقد ظهرنا على خيانة الذميين وكذبهما وتبديلهما وهو قوله * (فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما) * أي يميننا أحق من يمينهما * (وما اعتدينا) * فيما قلنا فلما نزلت هذه الآية قام اثنان من ورثة الميت فحلفا بالله أنهما خانا وكذبا فدفع الإناء إلى أولياء الميت
108 * (ذلك) * أي ما حكم به في هذه القصة وبينه من رد اليمين * (أدنى) * إلى الإتيان بالشهادة على ما كانت * (أو يخافوا) * أي أقرب إلى أن يخافوا * (أن ترد أيمان) * على أولياء الميت بعد أيمان الأوصياء فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا
340

109 112 * (واتقوا الله) * أن تحلفوا أيمانا كاذبة أو تخونوا أمانة * (واسمعوا) * الموعظة * (والله لا يهدي القوم الفاسقين) * لا يرشد من كان على معصيته
109 * (يوم يجمع الله الرسل) * أي اذكروا ذلك اليوم * (فيقول) * لهم * (ماذا أجبتم) * ما أجابكم قومكم في التوحيد * (قالوا لا علم لنا) * من هول ذلك اليوم يذهلون عن الجواب ثم يجيبون بعدما تثوب إليهم عقولهم فيشهدون لمن صدقهم وعلى من كذبهم
110 * (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم) * مضى تفسير الآية إلى قوله * (وإذ كففت بني إسرائيل عنك) * أي عن قتلك
111 * (وإذ أوحيت إلى الحواريين) * أي ألهمتهم
112 * (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك) * لم يشكوا في قدرته ولكن معناه هل يقبل ربك دعاءك وهل يسهل لك إنزال مائدة علينا من السماء
341

113 116 علما لك ودلالة على صدقك فقال عيسى * (اتقوا الله) * أن تسألوه شيئا لم تسأله الأمم من قبلكم
113 * (قالوا نريد أن نأكل منها) * أي نريد السؤال من أجل هذا * (وتطمئن قلوبنا) * نزداد يقينا بصدقك * (ونكون عليها من الشاهدين) * لله بالتوحيد ولك بالنبوة وقوله
114 * (تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا) * أي نتخذ اليوم الذي تنزل فيه عيدا نعظمه نحن ومن يأتي بعدنا * (وآية منك) * دلالة على توحيدك وصدق نبيك * (وارزقنا) * عليها طعاما نأكله وقوله
115 * (فمن يكفر بعد منكم) * أي بعد إنزال المائدة * (فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين) * أراد جنسا من العذاب لا يعذب به غيرهم من عالمي زمانهم
116 * (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم) * واذكر يا محمد حين يقول الله تعالى يوم القيامة لعيسى * (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) * هذا
استفهام معناه التوبيخ لمن ادعى ذلك على المسيح ليكذبهم المسيح فتقوم عليهم الحجة * (قال سبحانك) * أي براءتك من السوء * (تعلم ما في نفسي) * أي ما في سري وما أضمره * (ولا أعلم ما في نفسك) * أي ما تخفيه أنت وما عندك علمه ولم تطلعنا عليه وقوله
342

117 120
117 * (وكنت عليهم شهيدا) * أي كنت أشهد على ما يفعلون ما كنت مقيما فيهم * (فلما توفيتني) * يعني رفعتني إلى السماء * (كنت أنت الرقيب) * الحفيظ * (عليهم وأنت على كل شيء شهيد) * أي شهدت مقالتي فيهم وبعد مارفعتني شهدت ما يقولون من بعدي
118 * (إن تعذبهم) * أي من كفر بك * (فإنهم عبادك) * وأنت العادل فيهم * (وإن تغفر لهم) * أي من تاب منهم وآمن فأنت عزيز لا يمتنع عليك ما تريد حكيم في ذلك
119 * (قال الله هذا يوم) * يعني يوم القيامة * (ينفع الصادقين) * في الدنيا * (صدقهم) * لأته يوم الإثابة والجزاء * (رضي الله عنهم) * بطاعته * (ورضوا عنه) * بثوابه * (ذلك الفوز العظيم) * لأنهم فازوا بالجنة
120 * (لله ملك السماوات والأرض) * عظم نفسه عما قالت النصارى إن معه إلها
343

1 4
سورة الأنعام * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) * وخلق الليل والنهار * (ثم الذين كفروا) * بعد قيام الدليل على وحدانيته بما ذكر من خلقه * (بربهم يعدلون) * الحجارة والأصنام فيعبدونها معه
2 * (هو الذي خلقكم من طين) * يعني آدم أبا البشر * (ثم قضى أجلا) * يعني أجل الحياة إلى الموت * (وأجل مسمى عنده) * من الممات إلى البعث * (ثم أنتم) * أيها المشركون بعد هذا * (تمترون) * تشكون وتكذبون بالبعث يريد إن الذي ابتدأ الخلق قادر على إعادته
3 * (وهو الله) * أي المعبود المعظم المتفرد بالتدبير * (في السماوات وفي الأرض) *
4 * (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم) * الدالة على وحدانيته كما ذكر من خلق آدم
344

5 8 وخلق الليل والنهار * (إلا كانوا عنها معرضين) * تاركين التفكر فيها
5 * (فقد كذبوا) * يعني مشركي أهل مكة * (بالحق لما جاءهم) * يعني القرآن * (فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون) * أي أخبار استهزائهم وجزاؤه
6 * (ألم يروا) * يعني هؤلاء الكفار * (كم أهلكنا من قبلهم من قرن) * من جيل وأمة * (مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم) * أعطيناهم من المال والعبيد والأنعام ما لم نعطكم * (وأرسلنا السماء) * المطر * (عليهم مدرارا) * كثير الدر وهو إقباله ونزوله بكثرة * (فأهلكناهم بذنوبهم) * بكفرهم * (وأنشأنا) * أوجدنا * (من بعدهم قرنا آخرين) * وهذا احتجاج على منكري البعث
7 * (ولو نزلنا عليك) * الآية قال مشركو مكة لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من السماء جملة واحدة معاينة فقال الله * (ولو نزلنا عليك كتابا) * أي مكتوبا * (في قرطاس) * يعني الصحيفة * (فلمسوه بأيديهم) * فعاينوا ذلك معاينة ومسوه بأيديهم * (لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) * أخبر الله تعالى أنهم يدفعون الدليل حتى لو رأوا الكتاب ينزل من السماء لقالوا سحر
8 * (وقالوا لولا أنزل عليه ملك) * طلبوا ملكا يرونه يشهد له بالرسالة فقال الله عز وجل * (ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر) * لأهلكوا بعذاب الاستئصال كسنة من قبلهم ممن طلبوا الآيات فلم يؤمنوا * (ثم لا ينظرون) * لا يمهلون لتوبة ولا لغير ذلك
345

9 13
9 * (ولو جعلناه ملكا) * أي ولو جعلنا الرسول الذي ينزل عليهم ليشهدوا له بالرسالة ملكا كما يطلبون * (لجعلناه رجلا) * لأنهم لا يستطيعون أن يروا الملك في صورته لأن أعين الخلق تحار عن رؤية الملائكة ولذلك كان جبريل عليه السلام يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي * (وللبسنا عليهم ما يلبسون) * ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حتى يشكوا فلا يدروا أملك هو أم آدمي أي فإنما طلبوا حال لبس لا حال بيان ثم عزى الله نبيه عليه السلام بقوله
10 * (ولقد استهزئ برسل من قبلك) * وكذبوا ونسبوا إلى السحر * (فحاق) * فحل ونزل * (بالذين سخروا) * من الرسل * (ما كانوا به يستهزؤون) * من العذاب وينكرون وقوعه
11 * (قل) * لهم يا محمد * (سيروا في الأرض) * سافروا في الأرض * (ثم انظروا) * فاعتبروا * (كيف كان عاقبة) * مكذبي الرسل يعني إذا سافروا رأوا آثار الأمم الخالية المهلكة يحذرهم مثل ما وقع بهم
12 * (قل لمن ما في السماوات والأرض) * فإن أجابوك وإلا * (قل لله كتب على نفسه الرحمة) * أوجب على نفسه الرحمة وهذا تلطف في الاستدعاء إلى الإنابة * (ليجمعنكم) * أي والله ليجمعنكم * (إلى يوم القيامة) * أي ليضمنكم إلى هذا اليوم الذي أنكرتموه وليجمعن بينكم وبينه ثم ابتدأ فقال * (الذين خسروا أنفسهم) * أهلكوها بالشرك * (فهم لا يؤمنون) *
13 * (وله ما سكن في الليل والنهار) * أي ما حل فيهما واشتملا عليه يعني جميع ا لمخلوقات
346

14 19
14 * (قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض) * خالقهما ابتداء * (وهو يطعم ولا يطعم) * يرزق ولا يرزق
16 * (من يصرف عنه) * أي العذاب * (يومئذ) * يوم القيامة * (فقد رحمه) * فقد أوجب الله له الرحمة لا محالة
17 * (وإن يمسسك الله بضر) * الآية أي إن جعل الضر وهو المرض والفقر يمسك
18 * (وهو القاهر) * القادر الذي لا يعجزه شيء * (فوق عباده) * أي إن قهره قد استعلى عليهم فهم تحت التسخير
19 * (قل أي شيء أكبر شهادة) * قال أهل مكة للنبي ص ائتنا بمن يشهد لك بالنبوة فإن أهل الكتاب ينكرونك فنزلت هذه الآية أمر الله تعالى محمدا عليه السلام أن يسألهم ثم أمر أن يخبرهم فيقول * (الله شهيد بيني وبينكم) * أي الله الذي اعترفتم بأنه خالق السماوات والأرض والظلمات والنور يشهد لي بالنبوة بإقامة البراهين وإنزال القرآن علي * (وأوحي إلي هذا القرآن) * المعجز بلفظه ونظمه وأخباره عما كان ويكون * (لأنذركم) * لأخوفكم * (به) * عقاب الله على الكفر * (ومن بلغ) * يعني ومن بلغه القرآن من بعدكم فكل من بلغه القرآن فكأنما رأى
347

20 25 محمدا عليه السلام قل * (أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى) * استفهام معناه الجحد والإنكار * (قل لا أشهد) * الآية
20 * (الذين آتيناهم الكتاب) * مفسرة في سورة البقرة
21 * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * أي لا أحد أظلم ممن اختلق على الله كذبا يعني الذين ذكرهم في قوله * (وإذا فعلوا فاحشة) * الآية * (أو كذب بآياته) * بالقرآن وبمحمد عليه السلام * (إنه لا يفلح الظالمون) * لا يسعد من جحد ربوبية ربه وكذب رسله وهم الذين ظلموا أنفسهم بإهلاكها بالعذاب
22 * (ويوم) * واذكر يوم * (نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم) * أصنامكم وآلهتكم * (الذين كنتم تزعمون) * أنها تشفع لكم وهذا سؤال توبيخ
23 * (ثم لم تكن فتنتهم) * أي لم تكن عاقبة افتتانهم بالأوثان وحبهم لها * (إلا أن) * تبرؤوا منها * (قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) *
24 * (انظر) * يا محمد * (كيف كذبوا على أنفسهم) * بجحد شركهم في الآخرة * (وضل) * وكيف ضل ذلك زال وبطل * (عنهم ما كانوا يفترون) * بعبادته من الأصنام
25 * (ومنهم) * ومن الكفار * (من يستمع إليك) * إذا قرأت القرآن * (وجعلنا على قلوبهم أكنة) *
348

أغطية * (أن يفقهوه) * لئلا يفهموه ولا يعلموا الحق * (وفي آذانهم وقرا) * ثقلا وصمما فلا يعون منه شيئا ولا ينتفعون به * (وإن يروا كل آية) * علامة تدل على صدقك * (لا يؤمنوا بها) * هذا حالهم في البعد عن الإيمان * (حتى إذا جاؤوك يجادلونك) * مخاصمين معك في الدين * (يقول الذين كفروا) * من كفر منهم * (إن هذا) * ما هذا * (إلا أساطير الأولين) * أحاديث الأمم المتقدمة التي كانوا يسطرونها في كتبهم
26 * (وهم ينهون) * الناس عن اتباع محمد * (وينأون) * ويتباعدون * (عنه) * فلا يؤمنون به * (وإن) * وما * (يهلكون إلا أنفسهم) * بتماديهم في معصية الله تعالى * (وما يشعرون) * وما يعلمون ذلك
27 * (ولو ترى) * يا محمد * (إذ وقفوا على النار) * أي حبسوا على الصراط فوق النار * (فقالوا يا ليتنا نرد) * تمنوا أن يردوا إلى الدنيا فيؤمنوا وهو قوله * (ولا نكذب) * أي ونحن لا نكذب * (بآيات ربنا) * بعد المعاينة * (ونكون من المؤمنين) * ضمنوا أن لا يكذبوا ويؤمنوا فقال الله تعالى
28 * (بل) * ليس الأمر على ما تمنوا في الرد * (بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) * وهو أنهم أنكروا شركهم فأنطق الله سبحانه جوارحهم حتى شهدت عليهم بالكفر والمعنى ظهرت فضيحتهم في الآخرة وتهتكت أستارهم * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا) *
349

إلى ما نهوا * (عنه) * من الشرك للقضاء السابق فيهم بذلك وأنهم خلقوا للشقاوة * (وإنهم لكاذبون) * في قولهم * (ولا نكذب بآيات ربنا) *
29 * (وقالوا) * يعني الكفار * (إن هي إلا حياتنا الدنيا) * الآية أنكروا البعث
30 * (ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) * عرفوا ربهم ضرورة وقيل وقفوا على مسألة ربهم وتوبيخه إياهم ويؤكد هذا قوله * (أليس هذا بالحق) * أي هذا البعث فيقرون حين لا ينفعهم ذلك ويقولون * (بلى وربنا) * فيقول الله تعالى * (فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) * بكفركم
31 * (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) * بالبعث والمصير إلى الله * (حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة) * فجأة * (قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها) * قصرنا وضيعنا عمل الآخرة في الدنيا * (وهم يحملون أوزارهم) * أثقالهم وآثامهم * (على ظهورهم) * وذلك أن الكافر إذا خرج من قبره استقبله عمله أقبح شيء صورة وأخبثه ريحا فيقول أنا عملك السيء طال ما ركبتني في الدنيا فأنا أركبك اليوم * (ألا ساء ما يزرون) * بئس الحمل ما حملوا
32 * (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو) * لأنها تفنى وتنقضي كاللهو واللعب تكون لذة فانية عن قريب * (وللدار الآخرة) * الجنة * (خير للذين يتقون) * الشرك * (أفلا تعقلون) * أنها كذلك فلا تفتروا في العمل لها ثم عزى نبيه ص على تكذيب قريش إياه فقال
350

33 35
33 * (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) * في العلانية إئك كذاب وفقير * (فإنهم لا يكذبونك) * في السر قد علموا صدقك * (ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) *
بالقرآن بعد المعرفة نزلت في المعاندين الذين تركوا الانقياد للحق كما قال عز وجل * (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) * الآية
34 * (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا) * رجاء ثوابي * (وأوذوا) * حتى نشروا بالمناشير وحرقوا بالنار * (حتى أتاهم نصرنا) * معونتنا إياهم بإهلاك من كذبهم * (ولا مبدل لكلمات الله) * لا ناقض لحكمه وقد حكم بنصر الأنبياء في قوله * (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) * * (ولقد جاءك من نبإ المرسلين) * أي خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم ودمرنا قومهم
35 * (وإن كان كبر) * عظم وثقل * (عليك إعراضهم) * عن الإيمان بك وبالقرآن وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على إيمان قومه فكانوا إذا سألوه آية أحب أن يريهم ذلك طمعا في إيمانهم فقال الله عز وجل * (فإن استطعت أن تبتغي) * تطلب * (نفقا) * سربا * (في الأرض أو سلما) * مصعدا * (في السماء فتأتيهم بآية) * فافعل ذلك والمعنى أنك بشر لا تقدر على الإتيان بالآيات فلا سبيل لك إلا الصبر حتى يحكم الله * (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) * أي إنما تركوا الإيمان لسابق قضائي فيهم لو شئت لاجتمعوا على الإيمان * (فلا تكونن من الجاهلين) * بأنه
351

36 38 يؤمن بك بعضهم دون بعض وأنهم لا يجتمعون على الهدى وغلظ الجواب زجرا لهم عن هذه الحال
36 * (إنما يستجيب) * أي يجيبك إلى الإيمان * (الذين يسمعون) * وهم المؤمنون الذين يستمعون الذكر فيقبلونه وينتفعون به والكافر الذي ختم الله على سمعه كيف يصغي إلى الحق * (والموتى) * يعني كفار مكة * (يبعثهم الله ثم إليه يرجعون) * يردون فيجازيهم بأعمالهم
37 * (وقالوا) * يعني رؤساء قريش * (لولا) * هلا * (نزل عليه آية من ربه) * يعنون نزول ملك يشهد له بالنبوة * (قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون) * ما عليهم في ذلك من البلاء وهو ما ذكرنا في قوله * (ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر) *
38 * (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه) * يعني جميع الحيوانات لأنها لا تخلو من هاتين الحالتين * (إلا أمم أمثالكم) * أصناف مصنفة تعرف بأسمائها فكل جنس من البهائم أمة كالطير والظباء والذباب والأسود وكل صنف من الحيوان أمة مثل بني آدم يعرفون بالإ نس * (ما فرطنا في الكتاب من شيء) * ما تركنا في الكتاب من شيء بالعباد إليه حاجة إلا وقد بيناه إما نصا وإما دلالة وإما مجملا وإما مفصلا كقوله * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) * أي لكل شيء يحتاج إليه من أمر الدين * (ثم إلى ربهم) * أي هذه الأمم * (يحشرون) * للحساب والجزاء
352

39 43
39 * (والذين كذبوا بآياتنا) * بما جاء به محمد عليه السلام * (صم) * عن القرآن لا يسمعونه سماع انتفاع * (وبكم) * عن القرآن لا ينطقون به ثم أخبر أنهم بمشيئته صاروا كذلك فقال * (من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم) *
40 * (قل) * يا محمد لهؤلاء المشركين بالله * (أرأيتكم) * معناه أخبروني * (إن أتاكم عذاب الله) * يريد الموت * (أو أتتكم الساعة) * القيامة * (أغير الله تدعون) * أي أتدعون هذه الأصنام والأحجار التي عبدتموها من دون الله * (إن كنتم صادقين) * جواب لقوله * (أرأيتكم) * لأته بمعنى أخبروني كأنه قيل إن كنتم صادقين أخبروا من تدعون عند نزول البلاء بكم
41 * (بل) * أي لا تدعون غيره * (إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه) * أي يكشف الضر الذي من أجله دعوتموه * (إن شاء وتنسون) * وتتركون * (ما تشركون) * به من الأصنام فلا تدعونه
42 * (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك) * رسلا فكفروا بهم * (فأخذناهم بالبأساء) * وهو شدة الفقر * (والضراء) * الأوجاع والأمراض * (لعلهم يتضرعون) * لكي يتذللوا ويتخشعوا
43 * (فلولا) * فهلا * (إذ جاءهم بأسنا) * عذابنا * (تضرعوا) * تذللوا والمعنى لم يتضرعوا * (ولكن قست قلوبهم) * فأقاموا على كفرهم * (وزين لهم الشيطان) * الضلالة التي هم عليها فأصروا
353

44 50
44 * (فلما نسوا ما ذكروا به) * تركوا ما وعظوا به * (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) * من النعمة والسرور بعد الضر الذي كانوا فيه * (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم) * في حال فرحهم ليكون أشد لتحسرهم * (بغتة فإذا هم مبلسون) * آيسون من كل خير
45 * (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) * أنفسهم أي غابرهم الذي يتخلف في آخر القوم والمعنى استؤصلوا بالهلاك فلم يبق منهم باقية * (والحمد لله رب العالمين) * على نصر الرسل وإهلاك الطالمين
46 * (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم) * أي أصمكم وأعماكم * (وختم على قلوبكم) * حتى لا تعرفوا شيئا يعني أذهب هذه الأعضاء عنكم أصلا * (من إله غير الله يأتيكم به) * لأي بما أخذ عنكم * (انظر كيف نصرف) * نبين لهم في القرآن * (الآيات ثم هم يصدفون) * يعرضون عما ظهر لهم
47 * (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة) * ليلا أو نهارا * (هل يهلك إلا القوم الظالمون) * الذين جعلوا لله شركاء
50 * (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله) * التي منها يرزق ويعطي * (ولا أعلم الغيب) * فأخبركم بعاقبة ما تصيرون إليه * (ولا أقول لكم إني ملك) * أشاهد من أمر الله ما لا يشاهده البشر * (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) * أي ما أخبركم إلا بما أنزل الله
354

51 53 علي * (قل هل يستوي الأعمى والبصير) * الكافر والمؤمن * (أفلا تتفكرون) * أنهما لا يستويان
51 * (وأنذر به) * خوف بالقرآن * (الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم) * يريد المؤمنين يخافون يوم القيامة وما فيها من الأهوال * (ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع) * يعني إن الشفاعة إنما تكون بإذنه ولا شفيع ولا ناصر لأحد في القيامة إلا بإذن الله * (لعلهم يتقون) * كي يخافوا في الآخرة وينتهوا عما نهيتهم
52 * (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) * الآية نزلت في فقراء المؤمنين لما قال رؤساء الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم نح هؤلاء عنك لنجالسك ونؤمن بك ومعنى * (يدعون ربهم بالغداة والعشي) * يعبدون الله بالصلوات المكتوبة * (يريدون وجهه) * يطلبون ثواب الله * (ما عليك من حسابهم) * من رزقهم * (من شيء) * فتملهم وتطردهم * (وما من حسابك عليهم من شيء) * أي ليس رزقك عليهم ولا رزقهم عليك وإنما يرزقك وإياهم الله الرازق فدعهم يدنوا منك ولا تطردهم * (فتكون من الظالمين) * لهم بطردهم
53 * (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) * ابتلينا الغني بالفقير والشريف بالوضيع * (ليقولوا) * يعني الرؤساء * (أهؤلاء) * الفقراء والضعفاء * (من الله عليهم من بيننا) * أنكروا أن يكونوا سبقوهم بفضيلة أو خصوا بنعمة فقال الله تعالى * (أليس الله بأعلم بالشاكرين) *
355

أي إنما يهدي إلى دينه من يعلم أنه يشكر
54 * (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا) * يعني الصحابة وهؤلاء الفقراء * (فقل سلام عليكم) * سلم عليهم بتحية المسلمين * (كتب ربكم على نفسه الرحمة) * أوجب الله لكم الرحمة إيجابا مؤكدا * (أنه من عمل منكم سوءا بجهالة) * يريد إن ذنوبكم جهل ليس بكفر ولا جحود لأن العاصي جاهل بمقدار العذاب في معصيته * (ثم تاب من بعده) * رجع عن ذنبه * (وأصلح) * عمله * (فإنه غفور رحيم) *
55 * (وكذلك) * وكما بينا لك في هذه السورة دلائلنا على المشركين * (نفصل) * نبين لك حجتنا وأدلتنا ليظهر الحق ولتعرف يا محمد سبيل المجرمين في شركهم بالله في الدنيا وما يصيرون إليه من الخزي يوم القيامة بإخباري إياك
56 * (قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله) * الأصنام التي يعبدونها من دون الله * (قل لا أتبع أهواءكم) * أي إنما عبدتموها على طريق الهوى لا على طريق البرهان فلا أتبعكم على هواكم * (قد ضللت إذا) * إن أنا فعلت ذلك * (وما أنا من المهتدين) * الذين سلكوا سبيل الهدى
57 * (قل إني على بينة) * يقين وأمر بين * (من ربي) * و لا متبع لهوى * (وكذبتم به) * أي بربي * (ما عندي ما تستعجلون به) * يعني العذاب أو الآيات التي اقترحتموها ثم
356

58 59 أعلم أن ذلك عنده فقال * (إن الحكم إلا لله يقص الحق) * أي يقول القصص الحق ومن قرأ (يقضي الحق) فمعناه يقضي القضاء الحق * (وهو خير الفاصلين) * الذين يفصلون بين الحق والباطل
58 * (قل لو أن عندي ما تستعجلون به) * من العذاب لعجلت لكم ولا نفصل ما بيني وبينكم بتعجيل العقوبة وهو معنى قوله * (لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين) * هو أعلم بوقت عقوبتهم فهو يؤخرهم إلى وقته وأنا لا أعلم ذلك قوله
59 * (وعنده مفاتح الغيب) * خزائن ما غاب عن بني آدم من الرزق والمطر ونزول العذاب والثواب والعقاب * (لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر) * القفار * (والبحر) * كل قرية فيها ماء لا يحدث فيهما شيء إلا بعلم الله وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ساقطة وقبل أن سقطت * (ولا حبة في ظلمات الأرض) * في الثرى تحت الأرض * (ولا رطب) * وهو ما ينبت * (ولا يابس) * وهو ما لا ينبت * (إلا في كتاب مبين) * أثبت الله ذلك كله في كتاب قبل أن يخلق الخلق
357

60 64
60 * (وهو الذي يتوفاكم بالليل) * يقبض أرواحكم في منامكم * (ويعلم ما جرحتم) * ما كسبتم من العمل * (بالنهار ثم يبعثكم فيه) * يرد إليكم أرواحكم في النهار * (ليقضى أجل مسمى) * يعني أجل الحياة إلى الموت أي لتستوفوا أعماركم المكتوبة
61 * (وهو القاهر فوق عباده) * مضى هذا * (ويرسل عليكم حفظة) * من الملائكة يحصون أعمالكم * (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا) * أعوان ملك الموت * (وهم لا يفرطون) * لا يعجزون ولا يضيعون
62 * (ثم ردوا) * يعني العباد يردون بالموت * (إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم) * أي القضاء فيهم * (وهو أسرع الحاسبين) * أقدر المجازين
63 * (قل من ينجيكم) * سؤال توبيخ وتقرير أي إن الله يفعل ذلك * (من ظلمات البر والبحر) * أهوالهما وشدائدهما * (تدعونه تضرعا وخفية) * علانية وسرا * (لئن أنجانا من هذه) * أي من هذه الشدائد * (لنكونن من الشاكرين) * من المؤمنين الطائعين وكانت قريش تسافر في البر والبحر فإذا ضلوا الطريق وخافوا الهلاك دعوا الله مخلصين فأنجاهم وهو قوله
64 * (قل الله ينجيكم منها) * الآية أعلم الله سبحانه أن الله الذي دعوه هو
358

65 67 ينجيهم ثم هم يشركون معه الأصنام التي قد علموا أنها من صنعتهم وأنها لا تضر ولا تنفع والكرب أشد الغم ثم أخبر أته قادر على تعذيبهم فقال
65 * (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) * كالصيحة والحجارة والماء * (أو من تحت أرجلكم) * كالخسف والزلزلة * (أو يلبسكم شيعا) * يخلطكم فرقا بأن يبث فيكم الأهواء المختلفة فتخالفون وتقاتلون وهو معنى قوله * (ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف) * نبين لهم * (الآيات) * في القرآن
* (لعلهم يفقهون) * لكي يعلموا
66 * (وكذب به) * بالقرآن * (قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل) * بمسلط أي إنما أدعوكم إلى الله ولم أومر بحربكم ولا أخذكم بالإيمان وهذا منسوخ بآية القتال
67 * (لكل نبإ مستقر) * لكل خبر يخبره الله وقت ومكان يقع فيه من غير خلف
359

68 70 * (وسوف تعلمون) * ما كان منه في الدنيا فستعرفونه وما كان منه في الآخرة فسوف يبدو لكم يعني العذاب الذي كان يعدهم في الدنيا والآخرة
68 * (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) * بالتكذيب والاستهزاء * (فأعرض عنهم) * أمر الله تعالى رسوله عليه السلام فقال إذا رأيت المشركين يكذبون بالقرآن وبك ويستهزئون فاترك مجالستهم * (حتى يخوضوا في حديث غيره) * حتى يكون خوضهم في غير القرآن * (وإما ينسينك الشيطان) * إن نسيت فقعدت * (فلا تقعد بعد الذكرى) * فقم إذا ذكرت فقال المسلمون لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف بالبيت فرخص للمؤمنين في القعود معهم يذكرونهم فقال
69 * (وما على الذين يتقون) * الشرك والكبائر * (من حسابهم) * آثامهم * (من شيء ولكن ذكرى) * يقول ذكروهم بالقرآن وبمحمد فرخص لهم بالقعود بشرط التذكير والموعظة * (لعلهم يتقون) * ليرجى منهم التقوى
70 * (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا) * يعني الكفار الذين إذا سمعوا آيات الله استهزؤوا بها وتلاعبوا عند ذكرها * (وذكر به) * وعظ بالقرآن * (أن تبسل نفس بما كسبت) * تسلم للهلكة وتحبس في جهنم فلا تقدر على التخلص ومعنى الآية وذكرهم بالقرآن إسلام الجانين بجناياتهم لعلهم يخافون فيتقون * (وإن تعدل كل عدل) * يعني النفس المبسلة تفد كل فداء يعني تفد بالدنيا وما فيها * (لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا) *
360

أسلموا للهلاك * (لهم شراب من حميم) * وهو الماء الحار
71 * (قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا) * أنعبد ما لا يملك لنا نفعا ولا ضرا لأنه جماد * (ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله) * نرد وراءنا إلى الشرك بالله فيكون حالنا كحال * (كالذي استهوته الشياطين في الأرض) * استغوته واستفزته الغيلان في المهامه * (حيران) * مترددا لا يهتدي إلى المحجة * (له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا) * هذا مثل من ضل بعد الهدى يجيب الشيطان الذي يستهويه في المفازة فيصبح في مضلة من الأرض يهلك فيها ويعصي من يدعوه إلى المحجة كذلك من ضل بعد الهدى * (قل إن هدى الله هو الهدى) * رد على من دعا إلى عبادة الأصنام أي لا نفعل ذلك لأن هدى الله هو الهدى لا هدى غيره
73 * (وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق) * أي بكمال قدرته وشمول علمه وإتقان صنعه وكل ذلك حق * (ويوم يقول) * واذكر يا محمد يوم يقول للشيء * (كن فيكون) * يعني يوم القيامة يقول للخلق انتشروا فينتشرون
75 * (وكذلك نري إبراهيم) * الآية أي وكما أرينا إبراهيم استقباح ما كان عليه
361

76 79 أبوه من عبادة الأصنام نريه * (ملكوت السماوات والأرض) * يعني ملكهما كالشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والبحار أراه الله تعالى هذه الأشياء حتى نظر إليها معتبرا مستدلا بها على خالقها وقوله * (وليكون من الموقنين) * عطف على المعنى تقديره ليستدل بها وليكون من الموقنين
76 * (فلما جن) * أي ستر وأظلم * (عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي) * أي في زعمكم أيها القائلون بحكم النجم وذلك أنهم كانوا أصحاب نجوم يرون التدبير في الخليقة لها * (فلما أفل) * أي غاب * (قال لا أحب الآفلين) * عرفهم جهلهم وخطأهم في تعظيم النجوم ودل على أن من غاب بعد الظهور كان حادثا مسخرا وليس برب
77 * (فلما رأى القمر بازغا) * طالعا فاحتج عليهم في القمر والشمس بمثل ما احتج به عليهم في الكوكب وقوله * (لئن لم يهدني ربي) * أي لئن لم يثبتني على الهدى وقوله للشمس
78 * (هذا ربي) * ولم يقل هذه لأن لفظ الشمس مذكر ولأن الشمس بمعنى الضياء والنور فحمل الكلام على المعنى * (هذا أكبر) * أي من الكوكب والقمر فلما توجهت الحجة على قومه قال * (إني بريء مما تشركون) *
79 * (إني وجهت وجهي) * أي جعلت قصدي بعبادتي وتوحيدي لله عز وجل وباقي الآية مفسر فيما مضى
362

80 86
80 * (وحاجه قومه) * جادلوه وخاصموه في تركه آلهتهم وعبادة الله وخوفوه أن تصيبه آلهتهم بسوء فقال * (أتحاجوني في الله) * أي في عبادته وتوحيده * (وقد هدان) * بين لي ما به اهتديت * (ولا أخاف ما تشركون به) * من الأصنام أن تصيبني بسوء * (إلا أن يشاء ربي شيئا) * إني لا أخاف إلا مشيئة الله أن يعذبني * (وسع ربي كل شيء علما) * علمه علما تاما * (أفلا تتذكرون) * تتعظون وتتركون عبادة الأصنام
81 * (وكيف أخاف ما أشركتم) * يعني الأصنام أنكر أن يخافها * (ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا) * ما ليس لكم في إشراكه بالله حجة وبرهان * (فأي الفريقين أحق بالأمن) * بأن يأمن العذاب الموحد أم المشرك
82 * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) * لم يخلطوا إيمانهم بشرك * (أولئك لهم الأمن) * من العذاب * (وهم مهتدون) * إلى دين الله * (وتلك حجتنا) *
يعني ما احتج به عليهم * (آتيناها إبراهيم) * ألهمناها إبراهيم فأرشدناه إليها * (نرفع درجات من نشاء) * مراتبهم بالعلم والفهم ثم ذكر نوحا ومن هدى من الأنبياء من أولاده إلى قوله
363

86 91
86 * (وكلا) * أي من المذكورين هاهنا * (فضلنا على العالمين) * عالمي زمانهم
87 * (ومن آبائهم) * أي وهدينا بعض آبائهم * (وذرياتهم وإخوانهم) * ف من هاهنا للتبعيض
88 * (ذلك هدى الله) * دين الله الذي هم عليه * (يهدي به من يشاء) * يريد يرشد إليه من يشاء * (من عباده ولو أشركوا) * عبدوا غيري * (لحبط) * بطل عملهم
89 * (أولئك الذين آتيناهم الكتاب) * يعني الكتب التي أنزلها عليهم * (والحكم) * العلم والفقه * (فإن يكفر بها) * أي بآياتنا * (هؤلاء) * أهل مكة * (فقد وكلنا بها) * أي أرصدنا لها * (قوما) * وفقناهم لها وهم المهاجرون والأنصار
90 * (أولئك الذين هدى الله) * يعني النبيين الذين تقدم ذكرهم * (فبهداهم اقتده) * أي اصبر كما صبروا فإن قومهم كذبوهم فصبروا * (قل لا أسألكم عليه) * على القرآن وتبليغ الرسالة * (أجرا) * مالا تعطونيه * (إن هو) * يعني القرآن * (إلا ذكرى للعالمين) * موعظة للخلق أجمعين
91 * (وما قدروا الله حق قدره) * ما عظموا الله حق عظمته وما وصفوه حق صفته * (إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء) * وذلك أن اليهود أنكروا إنزال الله عز وجل من السماء كتابا إنكارا للقرآن * (قل) * لهم يا محمد * (من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى) * يعني التوراة * (تجعلونه قراطيس) * مكتوبة وتودعونه إياها * (تبدونها) *
364

92 93 يعني القراطيس يبدون ما يحبون ويكتمون صفة محمد صلى الله عليه وسلم * (وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم) * في التوراة فضيعتموه ولم تنتفعوا به * (قل الله) * أي الله أنزله * (ثم ذرهم في خوضهم) * إفكهم وحديثهم الباطل * (يلعبون) * يعملون ما لا يجدي عليهم
92 * (وهذا كتاب) * يعني القرآن * (أنزلناه مبارك) * كثير خيره دائم نفعه يبشر بالثواب ويزجر عن القبيح إلى ما لا يحصى من بركاته * (مصدق الذي بين يديه) * موافق لما قبله من الكتب * (ولتنذر أم القرى) * أهل مكة * (ومن حولها) * يعني أهل سائر الآفاق * (والذين يؤمنون بالآخرة) * إيمانا حقيقيا * (يؤمنون به) * بالقرآن
93 * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * نزلت في مسيلمة والأسود العنسي ادعيا النبوة وأن الله قد أوحى إليهما وهذا معنى قوله * (أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) * يعني المستهزئين الذين قالوا * (لو نشاء لقلنا مثل هذا) * * (ولو ترى) * يا محمد * (إذ الظالمون) * يعني الذين
365

94 96 ذكرهم * (في غمرات الموت) * شدائده وأهواله * (والملائكة باسطوا أيديهم) * إليهم بالضرب والتعذيب * (أخرجوا أنفسكم) * أي يقولون ذلك ونفس الكافر تخرج بمشقة وكره لأنها تصير إلى أشد العذاب والملائكة يكرهونهم على نزع الروح ويقولون * (أخرجوا أنفسكم) * كرها * (اليوم تجزون عذاب الهون) * أي العذاب الذي يقع به الهوان الشديد * (بما كنتم تقولون على الله غير الحق) * من أنه أوحي إليكم ولم يوح * (وكنتم عن آياته تستكبرون) * عن الإيمان بها تتعظمون
94 * (ولقد جئتمونا فرادى) * يقال للكفار في الآخرة جئتمونا فرادى بلا أهل ولا مال ولا شيء قدمتموه * (كما خلقناكم أول مرة) * كما خرجتم من بطون أمهاتكم * (وتركتم ما خولناكم) * ملكناكم وأعطيناكم من المال والعبيد والمواشي * (وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) * وذلك أن المشركين كانوا يعبدون الأصنام على أنهم شركاء الله وشفعاؤهم عنده * (لقد تقطع بينكم) * وصلكم ومودتكم * (وضل عنكم) * ذهب عنكم * (ما كنتم تزعمون) * تكذبون في الدنيا
95 * (إن الله فالق الحب) * شاقه بالنبات * (والنوى) * بالنخلة * (يخرج الحي من الميت) * يخرج النطفة بشرا حيا * (ومخرج الميت) * النطفة * (من الحي) * وقيل يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن * (ذلكم الله) * الذي فعل هذه الأشياء التي تشاهدونها ربكم * (فأنى تؤفكون) * فمن أين تصرفون عن الحق بعد البيان
96 * (فالق الإصباح) * شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل وسواده على معنى أنه خالقه
366

98 99 ومبديه * (وجعل الليل سكنا) * للخلق يسكنون فيه سكون الراحة * (والشمس والقمر حسبانا) * وجعل الشمس والقمر بحسبان لا يجاوزانه فيما يدوران في حساب * (ذلك تقدير العزيز) * في ملكه يصنع ما أراد * (العليم) * بما قدر من خلقهما
98 * (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة) * يعني آدم * (فمستقر) * أي فلكم مستقر في الأرحام * (ومستودع) * في ا لأصلاب
99 * (وهو الذي أنزل من السماء ماء) * يعني المطر * (فأخرجنا به نبات كل شيء) * ينبت * (فأخرجنا) * من ذلك النبات * (خضرا) * أخضر كالقمح والشعير والذرة وما كان رطبا أخضر مما ينبت من الحبوب * (نخرج منه) * من الخضر * (حبا متراكبا) * بعضه على بعض في سنبلة واحدة * (ومن النخل من طلعها) * أول ما يطلع منها * (قنوان) * يعني العراجين التي قد تدلت من الطلع * (دانية) * ممن يجتنيها يعني قصار النخل اللاحقة عذوقها بالأرض * (وجنات) * أي وأخرجنا بالماء جنات * (من أعناب والزيتون) * وشجر الزيتون * (والرمان) * وشجر الرمان * (مشتبها) * في اللون يعني الرماني * (وغير متشابه) *
في الطعم أي مختلفة في
367

100 103 الطعم وقيل مشتبها ورقها مختلفا ثمرها * (انظروا إلى ثمره) * نظر الاستدلال والعبرة أول ما يعقد * (وينعه) * نضجه * (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) * يصدقون أن الذي أخرج هذا النبات قادر على أن يحيي الموتى
100 * (وجعلوا لله شركاء الجن) * أطاعوا الشياطين في عبادة الأوثان فجعلوهم شركاء لله * (وخرقوا له بنين وبنات) * افتعلوا ذلك كذبا وكفرا يعني الذين قالوا الملائكة بنات الله واليهود والنصارى حين دعوا لله ولدا * (بغير علم) * لم يذكروه عن علم إنما ذكروه تكذبا وقوله
101 * (أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) * أي من أين يكون له ولد ولا يكون الولد إلا من صاحبة ولا صاحبة له * (وخلق كل شيء) * أي وهو خالق كل شيء
103 * (لا تدركه الأبصار) * في الدنيا لأنه وعد في القيامة الرؤية بقوله * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) * الآية والمطلق يحمل على المقيد وقيل لا يحيط بكنهه وحقيقته الأبصار وهي تراه فالأبصار ترى الباري ولا تحيط به * (وهو يدرك الأبصار) * يراها ويحيط بها علما لا كالمخلوقين الذين لا يدركون حقيقة البصر وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما * (وهو اللطيف) * الرفيق بأوليائه * (الخبير) * بهم
368

104 108
104 * (قد جاءكم بصائر من ربكم) * يعني بينات القرآن * (فمن أبصر) * اهتدى * (فلنفسه) * عمل * (ومن عمي فعليها) * فعلى نفسه جنى العذاب * (وما أنا عليكم بحفيظ) * برقيب على أعمالكم حتى أجازيكم بها
105 * (وكذلك) * وكما بينا في هذه السورة * (نصرف) * نبين * (الآيات) * في القرآن ندعوهم بها ونخوفهم * (وليقولوا درست) * عطف على المضمر في المعنى والتقدير نصرف الآيات لتلزمهم الحجة وليقولوا درست أي تعلمت من يسار وجبر واليهود ومعنى درس قرأ على غيره ومعنى هذه اللام في قوله * (وليقولوا) * معنى لام العاقبة أي نصرف الآيات ليكون عاقبة أمرهم تكذيبا للشقاوة التي لحقتهم * (ولنبينه لقوم يعلمون) * يعني أولياءه الذين هداهم والذين سعدوا بتبيين الحق
107 * (ولو شاء الله ما أشركوا) * أي ولو شاء الله لجعلهم مؤمنين * (وما جعلناك عليهم حفيظا) * لم تبعث لتحفظ المشركين من العذاب إنما بعثت مبلغا فلا تهتم لشركهم فإن ذلك لمشيئة الله
108 * (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) * يعني أصنامهم ومعبوديهم وذلك أن المسلمين كانوا يسبون أصنام الكفار فنهاهم الله عز وجل عن ذلك لئلا يسبوا * (الله عدوا بغير علم) * أي ظلما بالجهل * (كذلك) * أي كما زينا لهؤلاء عبادة
369

109 111 الأوثان وطاعة الشيطان بالحرمان والخذلان * (زينا لكل أمة عملهم) * من الخير والشر
109 * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) * اجتهدوا في المبالغة في اليمين * (لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها) * وذلك أنه لما نزل * (إن نشأ ننزل عليهم) * الآية أقسم المشركون بالله لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها وسأل المسلمون ذلك وعلم الله سبحانه أنهم لا يؤمنون فأنزل الله هذه الآية * (قل إنما الآيات عند الله) * هو القادر على الإتيان بها * (وما يشعركم) * وما يدريكم إيمانهم أي هم لا يؤمنون مع مجيء الآيات إياهم ثم ابتدأ فقال * (أنها إذا جاءت لا يؤمنون) * ومن قرأ أنها بفتح الألف كانت بمعنى لعلها ويجوز أن تجعل لا زائدة مع فتح أن
110 * (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم) * نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية بتقليب قلوبهم وأبصارهم عن وجهها الذي يجب أن تكون عليه فلا يؤمنون * (كما لم يؤمنوا به) * بالقرآن أو بمحمد عليه السلام * (أول مرة) * أتتهم الآيات مثل انشقاق القمر وغيره * (ونذرهم في طغيانهم يعمهون) * أخذلهم وأدعهم في ضلالتهم يتمادون
111 * (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة) * فرأوهم عيانا * (وكلمهم الموتى) * فشهدوا لك
370

112 114 بالصدق والنبوة * (وحشرنا عليهم) * وجمعنا عليهم * (كل شيء) * في الدنيا * (قبلا) * و * (قبلا) * أي معاينة ومواجهة * (ما كانوا ليؤمنوا) * لما سبق لهم من الشقاء * (إلا أن يشاء الله) * أن يهديهم * (ولكن أكثرهم يجهلون) * أنهم لو أوتوا بكل آية ما آمنوا
112 * (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا) * كما ابتليناك بهؤلاء القوم كذلك جعلنا لكل نبي قبلك أعداء ليعظم ثوابه والعدو هاهنا يراد به الجمع ثم بين من هم فقال * (شياطين الإنس) * يعني مردة الإ نس والشيطان كل متمرد عات من الجن والإ نس * (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) * يعني إن شياطين الجن الذين هم من جند إبليس يوحون إلى كفار الإنس ومردتهم فيغرونهم بالمؤمنين وزخرف القول باطله الذي زين ووشي بالكذب والمعنى أنهم يزينون لهم الأعمال القبيحة غرورا * (ولو شاء ربك ما فعلوه) * لمنع الشياطين من الوسوسة للإنس
113 * (ولتصغى إليه) * ولتميل إلى ذلك الزخرف والغرور * (أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة) * قلوب الذين لا يصدقون بالبعث * (وليرضوه) * ليحبوه * (وليقترفوا) * ليعملوا ما هم عاملون
114 * (أفغير الله) * أي قل لأهل مكة أفغير الله * (أبتغي حكما) * قاضيا بيني وبينكم * (وهو الذي أنزل إليكم الكتاب) * القرآن * (مفصلا) * مبينا فيه أمره ونهيه * (والذين آتيناهم الكتاب) *
371

من اليهود والنصارى * (يعلمون) * أن القرآن * (منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين) * من الشاكين أنهم يعلمون ذلك
115 * (وتمت كلمة ربك) * أقضيته وعدا ته لأوليائه في أعدائه * (صدقا) * فيما وعد * (وعدلا) * فيما حكم والمعنى صادقة عادلة * (لا مبدل لكلماته) * لا مغير لحكمه ولا خلف لوعده * (وهو السميع) * لتضرع أوليائه ولقول أعدائه * (العليم) * بما في قلوب الفريقين
116 * (وإن تطع أكثر من في الأرض) * يعني المشركين * (يضلوك عن سبيل الله) * دين الله الذي رضيه لك وذلك أنهم جادلوه في أكل الميتة وقالوا أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم * (إن يتبعون إلا الظن) * في تحليل الميتة * (وإن هم إلا يخرصون) * يكذبون في تحليل ما حرمه الله
118 * (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) * أي مما ذكي على اسم الله * (إن كنتم بآياته مؤمنين) * تأكيد لاستحلال ما أباحه الشرع ثم أبلغ في إباحة ما ذبح على اسم الله بقوله
119 * (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه) * عند الذبح * (وقد فصل) * بين * (لكم ما حرم عليكم) * في قوله * (حرمت عليكم الميتة) * الآية * (إلا ما اضطررتم إليه) *
372

دعتكم الضرورة إلى أكله مما لا يحل عند الاختيار * (وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم) * أي الذين يحلون الميتة ويناظرونكم في إحلالها ضلوا باتباع أهوائهم * (بغير علم) * إنما يتبعون فيه الهوى ولا بصيرة عندهم ولا علم * (إن ربك هو أعلم بالمعتدين) * المتجاوزين الحلال إلى الحرام
120 * (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) * سره وعلانيته ثم أوعد بالجزاء فقال * (إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون) *
121 * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) * مما لم يذك ومات * (وإنه) * وإن أكله * (لفسق) * خروج عن الحق * (وإن الشياطين) * يعني إبليس وجنوده وسوسوا * (إلى أوليائهم) * من المشركين ليخاصموا محمدا وأصحابه في أكل الميتة * (وإن أطعتموهم) * في استحلال الميتة * (إنكم لمشركون) * لأن من أحل شيئا مما حرمه الله فهو مشرك
122 * (أو من كان ميتا فأحييناه) * ضالا كافرا فهديناه * (وجعلنا له نورا) * دينا وإيمانا * (يمشي به في الناس) * مع المسلمين مستضيئا بما قذف الله في قلبه من نور الحكمة والإيمان * (كمن مثله) * كمن هو * (في الظلمات) * في ظلمات الكفر والضلالة * (ليس بخارج منها) * ليس بمؤمن أبدا نزلت في أبي جهل وحمزة بن عبد المطلب * (كذلك) * كما زين للمؤمنين الإيمان * (زين للكافرين ما كانوا يعملون) *
373

من عبادة الأصنام
123 * (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) * يعني كما أن فساق مكة أكابرها كذلك جعلنا فساق كل قرية أكابرها يعني رؤساءها ومترفيها * (ليمكروا فيها) * بصد الناس عن الإيمان * (وما يمكرون إلا بأنفسهم) * لأن وبال مكرهم يعود عليهم * (وما يشعرون) * أنهم يمكرون بها
124 * (وإذا جاءتهم آية) * مما أطلع الله عليه نبيه عليه السلام مما يخبرهم به * (قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله) * حتى يوحى إلينا ويأتينا جبريل فنصدق به وذلك أن كل واحد من القوم سأل أن يخص بالوحي كما قال الله * (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة) * فقال الله سبحانه * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * يعني أنهم ليسوا بأهل لها هو أعلم بمن يختص بالرسالة * (سيصيب الذين أجرموا صغار) * مذلة وهوان * (عند الله) * أي ثابت لهم عند الله ذلك
125 * (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) * يوسع قلبه ويفتحه ليقبل الإسلام * (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) * شديد الضيق * (كأنما يصعد في السماء) * إذا كلف الإيمان لشدته وثقله عليه * (كذلك) * مثل ما قصصنا عليك * (يجعل الله الرجس) * العذاب * (على الذين لا يؤمنون) *
374

126 130
126 * (وهذا صراط ربك) * هذا الذي أنت عليه يا محمد دين ربك * (مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون) * وهم المؤمنون
127 * (لهم دار السلام) * الجنة * (عند ربهم) * مضمونة لهم حتى يدخلهموها * (وهو وليهم) * يتولى إيصال الكرامات إليهم * (بما كانوا يعملون) * من الطاعات
128 * (ويوم يحشرهم جميعا) * الجن والانس فيقال لهم * (يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) * أي من إغوائهم وإضلالهم * (وقال أولياؤهم) * الذين أضلهم الجن * (من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض) * يعني طاعة الإنس للجن وقبولهم منهم ما كانوا يغرونهم به من الضلالة وتزيين الجن للإنس ما كانوا يهوونه حتى يسهل عليهم فعله * (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) * يعني الموت والظاهر أنه البعث والحشر * (قال النار مثواكم) * فيها مقامكم * (خالدين فيها إلا ما شاء الله) * من شاء الله وهم من سبق في علم الله أنهم يسلمون * (إن ربك حكيم) * حكم للذين استثنى بالتوبة والتصديق * (عليم) * علم ما في قلوبهم من البر
129 * (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا) * كما خذلنا عصاة الجن والإنس نكل بعض الظالمين إلى بعض حتى يضل بعضهم بعضا
130 * (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) * الرسل كانت من الإنس والذين بلغوا الجن منهم عن الرسل كانوا من الجن وهم النذر كالذين استمعوا القرآن
375

131 136 من محمد ص من الجن فأبلغوه قومهم
131 * (ذلك) * الذي قصصنا عليك من أمر الرسل لأنه * (لم يكن ربك مهلك القرى بظلم) * أي بذنوبهم ومعاصيهم من قبل أن يأتيهم الرسول فينهاهم وهو معنى قوله * (وأهلها غافلون) * أي لكل عامل بطاعة الله درجات في الثواب ثم أوعد المشركين فقال * (وما ربك بغافل عما يعملون) *
133 * (وربك الغني) * عن عبادة خلقه * (ذو الرحمة) * بخلقه فلا يعجل عليهم بالعقوبة * (إن يشأ يذهبكم) * يعني أهل مكة * (ويستخلف من بعدكم) * وينشىء من بعدكم خلقا آخر * (كما أنشأكم) * خلقكم ابتداء * (من ذرية قوم آخرين) * يعني آباءهم الماضين
134 * (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم) * على حالاتكم التي أنتم عليها * (إني عامل) * على مكانتي وهذا أمر تهديد يقول اعملوا ما أنتم عاملون إني عامل ما أنا عامل * (فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار) * أينا تكون له الجنة * (إنه لا يفلح الظالمون) * لا يسعد من كفر بالله وأشرك بالله
135 * (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام) * كان المشركون يجعلون لله من حروثهم وأنعامهم وثمارهم * (نصيبا) * وللأوثان نصيبا فما كان للصنم أنفق عليه وما كان
376

137 138 لله أطعم الضيفان والمساكين فما سقط مما جعلوه لله في نصيب الأوثان تركوه وقالوا إن الله غني عن هذا وإن سقط مما جعلوه للأوثان من نصيب الله التقطوه وردوه إلى نصيب الصنم وقالوا إنه فقير فذلك قوله * (فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم) * ثم ذم فعلهم فقال * (ساء ما يحكمون) * أي ساء الحكم حكمهم حيث صرفوا ما جعلوه لله على جهة التبرز إلى الأوثان
137 * (وكذلك) * ومثل ذلك الفعل القبيح * (زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم) * يعني الشياطين أمروهم بأن يئدوا أولادهم خشية العيلة * (ليردوهم) * ليهلكوهم في النار * (وليلبسوا عليهم دينهم) * ليخلطوا ويدخلوا عليهم الشك في دينهم ثم أخبر أن جميع ما فعلوه كان بمشيئته فقال * (ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون) * من أن لله شريكا
138 * (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر) * حرموا أنعاما وحرثا وجعلوها لأصنامهم فقالوا * (لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم) * أعلم الله سبحانه أن هذا التحريم كذب من جهتهم * (وأنعام حرمت ظهورها) * كالسائبة والبحيرة والحامي * (وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها) * يقتلونها لآلهتهم خنقا أو وقذا * (افتراء عليه) * أي يفعلون ذلك للافتراء على الله وهو أنهم زعموا أن الله أمرهم بذلك
377

139 142
139 * (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام) * يعني أجنة ما حرموها من البحائر والسوائب * (خالصة لذكورنا) * حلال للرجال خاصة دون النساء هذا إذا خرجت الأجنة أحياء وإن كان ميتة اشترك فيها الرجال والنساء * (سيجزيهم وصفهم) * سيجزيهم الله جزاء وصفهم الذي هو كذب أي سيعذبهم الله بما وصفوه من التحليل والتحريم الذي كله كذب * (إنه حكيم عليم) * أي هو أعلم وأحكم من أن يفعل ما يقولون
140 * (قد خسر الذين قتلوا أولادهم) * بالوأد * (سفها) * للسفه * (وحرموا ما رزقهم الله) * من الأنعام يعني البحيرة وما ذكر معها
141 * (وهو الذي أنشأ) * أبدع وخلق * (جنات معروشات) * يعني الكرم * (وغير معروشات) * ما قام على ساق ولم يعرش له كالنخل والشجر * (والنخل والزرع مختلفا أكله) * أكل كل واحد منهما وكل نوع من الثمر له طعم غير طعم النوع الآخر وكل حب من حبوب الزرع له طعم غير طعم الآخر * (كلوا من ثمره إذا أثمر) * أمر إباحة * (وآتوا حقه يوم حصاده) * يعني العشر ونصف العشر * (ولا تسرفوا) * فتعطوا كله حتى لا يبقى لعيالكم شيء * (إنه لا يحب المسرفين) * يعني المجاوزين أمر الله
142 * (ومن الأنعام) * وأنشأ من الأنعام * (حمولة) * وهي كل ما حمل عليها مما أطاق
378

143 144 العمل والحمل * (وفرشا) * وهو الصغار التي لا يحمل عليها كالغنم والبقر والإبل الصغار * (كلوا مما رزقكم الله) * أي أحل لكم ذبحه * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * في تحريم شيء مما أحله الله * (إنه لكم عدو مبين) * بين العداوة أخرج أباكم من الجنة وقال لأحتنكن ذريته ثم فسر الحمولة والفرش فقال
143 * (ثمانية أزواج) * الذكر زوج والأنثى زوج وهي الضأن والمعز وقد ذكرا في هذه الآية والإبل والبقر ذكرا فيما بعد وجعلها ثمانية لأنه أراد الذكر والأنثى من كل صنف وهو قوله * (من الضأن اثنين ومن المعز اثنين) * والضأن ذوات الصوف من المعز والغنم ذوات الشعر * (قل) * يا محمد للمشركين الذين يحرمون على أنفسهم ما حرموا من النعم * (آلذكرين) * من الضأن والمعز * (حرم) * الله عليكم * (أم الأنثيين) * فإن كان حرم من الغنم ذكورها فكل ذكورها حرام وإن كان حرم الأنثيين فكل الإناث حرام * (أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) * وإن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين من الضأن والمعز فقد حرم الأولاد كلها وكلها أولاد فكلها حرام * (نبئوني بعلم) * أي فسروا ما حرمتم بعلم إن كان لكم علم في تحريمه وهو قوله * (إن كنتم صادقين) *
144 * (أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا) * هل شاهدتم الله قد حرم هذا إ ذ كنتم لا تؤمنون برسول الله فلما لزمتهم الحجة بين الله تعالى أنهم فعلوا ذلك كذبا على الله فقال * (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم) * الآية يعني عمرو بن لحي وهو الذي غير دين إسماعيل وسن هذا
379

145 147 التحريم ثم ذكر المحرمات بوحي الله فقال
145 * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا) * يعني سائلا * (أو فسقا أهل لغير الله به) * يعني ما ذبح على النصب
146 * (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) * يعني الإبل والنعامة * (ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا) * وهي المباعر * (أو ما اختلط بعظم) * فإني لم أحرمه يعني ما تعلق من الشحم بهذه الأشياء * (ذلك) * التحريم * (جزيناهم ببغيهم) * عاقبناهم بذنوبهم * (وإنا لصادقون
) * في الاخبار عن التحريم وعن بغيهم فلما ذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حرم على المسلمين وما حرم على اليهود قالوا له ما أصبت وكذبوه فأنزل الله تعالى
147 * (فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة) * ولذلك لا يعجل عليكم بالعقوبة * (ولا يرد بأسه) * عذابه إذا جاء الوقت * (عن القوم المجرمين) * يعني الذين كذبوك بما تقول
380

148 151
148 * (سيقول الذين أشركوا) * إذا لزمتهم الحجهة وتيقنوا باطل ما هم عليه * (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب) * جعلوا قولهم * (لو شاء الله ما أشركنا) * حجة لهم على اقامتهم على الشرك وقالوا ان الله رضي منا ما نحن عليه واراده منا وأمرنا به ولو لم يرضه لحال بيننا وبينه ولا حجة لهم في هذا لإنهم تركو امر الله وتعلقوا بمشيئته وامر الله بمعزل عن ارادته لأنه مريد لجميع الكائنات غير امر بجميع ما يريد فعلى العبد ان يحفظ الامر ويتبعه وليس له أن يتعلق بالمشيئة بعد ورود الامر فقال الله تعالى * (كذلك كذب الذين من قبلهم) * اي كما كذبك هؤلاء كذب كفار الأمم الخالية أنبياءهم ولم يتعرض لقولهم * (لو شاء الله) * بشيء * (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) * في كتاب نزل في تحريم ما حرمتم * (إن تتبعون إلا الظن) * ما تتبعون فيما أنتم عليه إلا الظن لا العلم اليقين * (وإن أنتم إلا تخرصون) * وما أنتم إلا كاذبين
149 * (قل فلله الحجة البالغة) * بالكتاب والرسول والبيان * (فلو شاء لهداكم أجمعين) * اخبار عن تعلق مشيئة الله تعالى بكفرهم وأن ذلك حصل بمشيئته إذ لو شاء الله لهداهم
150 * (قل هلم شهداءكم) * أي هاتو شهدائكم وقربوهم وباقي الآية ظاهر
151 * (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) * اقرأ عليكم الذي حرمه الله ثم ذكر فقال * (ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) * وأوصيكم بالوالدين إحسانا * (ولا تقتلوا أولادكم) *
381

من أولادكم من مخافة الفقر * (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) * يعني سر الزنا وعلانيته * (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) * يريد القصاص
152 * (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) * وهو ان يصلح ماله ويقوم فيه بما يثمره ثم يأكل بالمعروف ان احتاج اليه * (حتى يبلغ أشده) * أي احفظوه عليه حتى يحتلم * (وأوفوا الكيل) * اتموه من غير نقص * (والميزان) * أي وزن الميزان * (بالقسط) * بالعدل لا بخس ولاشطط * (لا نكلف نفسا إلا وسعها) * الا ما يسعها ولا تضيق عنه وهو انه لو كلف المعطي الزيادة لضاقت نفسه عنه وكذلك لو كلف الآخذ ان يأخذ بالنقصان * (وإذا قلتم فاعدلوا) * إذا شهدتم أو تكلمتم فقولو الحق * (ولو) * كان المشهود له أو عليه * (ذا قربى) *
153 * (وأن هذا) * ولأن هذا * (صراطي مستقيما) * يريد ديني دين الحنيفية أقوم الأديان * (فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) * اليهودية والنصرانية والمجوسية وعبادة الأوثان * (فتفرق بكم عن سبيله) * فتضل بكم عن دينه * (ذلكم) * الذي ذكر * (وصاكم) * امركم به في الكتاب * (لعلكم تتقون) * كي تتقوا السبل
154 * (ثم آتينا) * أي ثم أخبركم انا اتينا * (موسى الكتاب تماما على الذي أحسن) * أي على الذي أحسنه موسى من العلم والحكمة وكتب الله المتقدمة أي علمه
382

155 158 ومعنى * (تماما) * على ذلك أي زيادة عليه حتى تم له العلم بما آتيناه * (وتفصيلا) * أي آتيناه للتمام والتفصيل وهو البيان * (لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون) * لكي يؤمنوا بالبعث ويصدقوا بالثواب والعقاب
155 * (وهذا كتاب) * يعني القرآن * (أنزلناه مبارك) * مضى تفسيره في هذه السورة
156 * (أن تقولوا) * لئلا تقولوا * (إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) * يعني اليهود والنصارى * (وإن كنا عن دراستهم لغافلين) * وما كنا إلا غافلين عن تلاوة كتبهم والخطاب لأهل مكة والمراد إثبات الحجة عليهم بإنزال القرآن على محمد عليه السلام كيلا يقولوا يوم القيامة إن التوراة والإنجيل أنزلا على طائفتين من قبلنا وكنا غافلين عما فيهما وقوله
157 * (وصدف عنها) * أي أعرض
158 * (هل ينظرون) * إذا كذبوك * (إلا أن تأتيهم الملائكة) * عند الموت لقبض أرواحهم وذكرنا معنى * (ينظرون) * في سورة البقرة * (أو يأتي ربك) * أي أمره فيهم بالقتل * (أو يأتي بعض آيات ربك) * يعني طلوع الشمس من مغربها والمعنى إن هؤلاء الذي كذبوك إما أن يموتوا فيقعوا في العذاب أو يؤمر فيهم بالسيف أو يمهلون قدر مدة الدنيا فيتوالدون ويتنعمون فيها فإذا ظهرت أمارات القيامة * (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) *
383

قدمت طاعة وهي مؤمنة * (قل انتظروا) * أحد هذه الأشياء * (إنا منتظرون) * بكم أحدها
159 * (إن الذين فرقوا دينهم) * يعني اليهود والنصارى أخذوا ببعض ما أمروا وتركوا بعضه كقوله إخبارا عنهم * (نؤمن ببعض ونكفر ببعض) * * (وكانوا شيعا) * أحزابا مختلفة بعضهم يكفر بعضا * (لست منهم في شيء) * يقول لم تؤمر بقتالهم فلما أمر بقتالهم نسخ هذا
160 * (من جاء بالحسنة) * من عمل من المؤمنين حسنة * (فله عشر أمثالها) * كتبت له عشر حسنات * (ومن جاء بالسيئة) * الخطيئة * (فلا يجزى إلا مثلها) * أي جزاء مثلها لا يكون أكثر منها * (وهم لا يظلمون) * لا ينقص ثواب أعمالهم
161 * (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا) * أي عرفني دينا * (قيما) * مستقيما * (قل إن صلاتي ونسكي) * عبادتي من حجي وقرباني * (ومحياي ومماتي لله رب العالمين) * أي هو يحييني وهو يميتني وأنا أتوجه بصلاتي وسائر المناسك إلى
384

163 165 الله لا إلى غيره وقوله
163 * (وبذلك أمرت) * بذلك أوحي إلي * (وأنا أول المسلمين) * من هذه الأمة
164 * (قل أغير الله أبغي ربا) * سيدا وإلها * (وهو رب كل شيء) * مالكه وسيده * (ولا تكسب كل نفس إلا عليها) * لا تجني نفس ذنبا إلا أخذت به * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * يعني الوليد بن المغيرة كان يقول اتبعوا سبيلي أحمل أوزاركم فأنزل الله * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * لا يحمل أحد جناية غيره حتى لا يؤاخذ بها الجاني
165 * (وهو الذي جعلكم) * يا أمة محمد * (خلائف) * الأمم الماضية في * (الأرض) * بأن أهلكهم وأورثكم الأرض بعدهم * (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) * بالغنى والرزق * (ليبلوكم في ما آتاكم) * ليختبركم فيما رزقكم * (إن ربك سريع العقاب) * لأعدائه * (وإنه لغفور) * لأوليائه * (رحيم) * بهم
385

1 4
سورة الأعراف * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (المص) * أنا الله أعلم وأفصل
2 * (كتاب) * أي هذا كتاب * (أنزل إليك) * من ربك * (فلا يكن في صدرك حرج منه) * فلا يضيقن صدرك بإبلاغ ما أرسلت به * (لتنذر به) * أي أنزل لتنذر به الناس * (وذكرى للمؤمنين) * مواعظ للمصدقين
3 * (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) * يعني القران * (ولا تتبعوا من دونه أولياء) * لا تتخذوا غير الله أولياء * (قليلا ما تذكرون) * قليلا يا معشر المشركين اتعاظكم
4 * (وكم من قرية أهلكناها) * يعني أهلها * (فجاءها بأسنا) * عذابنا * (بياتا) * ليلا * (أو هم قائلون) * نائمون نهارا يعني جاءهم بأسنا وهم غير متوقعين له
386

5 12
5 * (فما كان دعواهم) * دعاؤهم وتضرعهم * (إذ جاءهم بأسنا إلا أن) * أقروا على أنفسهم بالشرك و * (قالوا إنا كنا ظالمين) *
6 * (فلنسألن الذين أرسل إليهم) * نسأل الأمم ماذا عملوا فيما جاءت به الرسل ونسأل الرسل هل بلغوا ما أرسلوا به
7 * (فلنقصن عليهم بعلم) * لنخبرنهم بما عملوا بعلم منا * (وما كنا غائبين) * عن الرسل والأمم ما بلغت وما رد عليهم قومهم
8 * (والوزن يومئذ) * يعني وزن الاعمال يوم السؤال الذي ذكر في قوله * (فلنسألن) * * (الحق) * العدل وذلك أن اعمال المؤمنين تتصور في صورة حسنة وأعمال الكافرين في صورة قبيحة فتوزن تلك الصورة فذلك قوله * (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون) * الناجون الفائزون وهم المؤمنون
9 * (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم) * صاروا إلى العذاب * (بما كانوا بآياتنا يظلمون) * يجحدون بما جاء به محمد عليه السلام
10 * (ولقد مكناكم في الأرض) * ملكناكم فيما بين مكة إلى اليمن والى الشام يعني مشركي مكة * (وجعلنا لكم فيها معايش) * ما تعيشون به من الرزق والمال والتجارة * (قليلا ما تشكرون) * أي إنكم غير شاكرين لما أنعمت عليكم
11 * (ولقد خلقناكم) * يعني لآدم * (ثم صورناكم) * في ظهره الآية
12 * (قال ما منعك ألا تسجد) * لا زائدة معناها ما منعك أن تسجد وهو سؤال
387

13 19 التوبيخ والتعنيف * (قال أنا خير منه) * الآية معناه منعني من السجود له أني خير منه إذ كنت ناريا وكان طينيا فترك الأمر وقاس فعصى
13 * (قال فاهبط منها) * فانزل من الجنة وقيل من السماء * (فما يكون لك أن تتكبر فيها) * عن أمري وتعصيني * (فأخرج إنك من الصاغرين) * الأذلاء بترك الطاعة
14 * (قال أنظرني) * أمهلني * (إلى يوم يبعثون) * يريد النفخة الثانية
15 * (قال إنك من المنظرين) *
16 * (قال فبما أغويتني) * يريد فبما أضللتني أي بإغوائك إياي * (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) * على الطريق المستقيم الذي يسلكونه إلى الجنة بأن أزين لهم الباطل
17 * (ثم لآتينهم من بين أيديهم) * يعني آخرتهم التي يردون عليها فأشككهم فيها * (ومن خلفهم) * دنياهم التي يخلفونها فأرغبهم فيها * (وعن أيمانهم) * أشبه عليهم أمر دينهم * (وعن شمائلهم) * أشهي لهم المعاصي
18 * (قال اخرج منها) * من الجنة * (مذؤوما) * مذموما بأبلغ الذم * (مدحورا) * مطرودا ملعونا * (لمن تبعك منهم) * من أولاد آدم * (لأملأن جهنم منكم) * يعني من الكافرين وقرنائهم من الشياطين
19 * (ويا آدم اسكن) * سبق تفسيره في سورة البقرة
388

20 24
20 * (فوسوس لهما الشيطان) * أي حدث لهما في أنفسهما * (ليبدي لهما) * هذه اللام لام العاقبة وذلك أن عاقبة تلك الوسوسة أدت إلى أن بدت لهما سوآتهما يعني فروجهما بتهافت اللباس عنهما وهو قوله * (ما ووري) * أي ستر * (عنهما من سوآتهما) * * (وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة) * أي عن أكلها * (إلا أن تكونا) * لا هاهنا مضمرة أي إلا أن لا تكونا * (ملكين) * يبقيان ولا يموتان كما لا تموت الملائكة يدل على هذا المعنى قوله * (أو تكونا من الخالدين) *
21 * (وقاسمهما) * حلف لهما * (إني لكما لمن الناصحين) *
22 * (فدلاهما بغرور) * غرهما باليمين ومعنى دلاهما جرأهما على أكل الشجرة بما غرهما به من يمينه * (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما) * تهافت لباسهما عنهما فأبصر كل واحد منهما عورة صاحبه فاستحييا * (وطفقا يخصفان) * أقبلا وجعلا يرقعان الورق كهيئة الثوب ليستترا به * (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) *
23 * (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) *
24 * (قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر) * موضع قرار ثم فسر ذلك بقوله
389

25 27
25 * (فيها تحيون) * الآية ولما ذكر عري آدم وحواء من علينا بما خلق لنا من اللباس فقال
26 * (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم) * أي خلقنا لكم * (لباسا يواري سوآتكم) * يستر عوراتكم * (وريشا) * أي مالا وما تتجملون به من الثياب الحسنة * (ولباس التقوى) * أي ستر العورة لمن يتقي الله فيواري عورته * (ذلك خير) * لصاحبه إذا أخذ به أو خير من التعري وذلك أن جماعة من المشركين كانوا يتعبدون بالتعري وخلع الثياب في الطواف بالبيت * (ذلك من آيات الله) * أي من فرائضه التي أوجبها بآياته يعني ستر العورة * (لعلهم يذكرون) * لكي يتعظوا
27 * (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان) * لا يخدعنكم ولا يضلنكم * (كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما) * أضاف النزع إليه وإن لم يتول ذلك لأنه كان بسب منه * (إنه يراكم هو وقبيله) * يعني ومن كان من نسله * (إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون) * سلطناهم عليهم ليزيدوا في غيهم كما قال * (أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين) * الآية
390

28 31
28 * (وإذا فعلوا فاحشة) * يعني طوافهم بالبيت عارين
29 * (قل أمر ربي بالقسط) * رد لقولهم * (والله أمرنا بها) * والقسط العدل * (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد) * وجهوا وجوهكم حيث ما كنتم في الصلاة إلى الكعبة * (وادعوه مخلصين له الدين) * وحدوه ولا تشركوا به شيئا * (كما بدأكم) * في الخلق شقيا وسعيدا فكذلك * (تعودون) * سعداء وأشقياء يدل على صحة هذا المعنى قوله
30 * (فريقا هدى) * أرشد إلى دينه وهم أولياؤه * (وفريقا حق عليهم الضلالة) * أضلهم وهم أولياء الشياطين * (إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون) * ثم أمرهم أن يلبسوا ثيابهم ولا يتعروا فقال
31 * (يا بني آدم خذوا زينتكم) * يعني ما وارى العورة * (عند كل مسجد) * لصلاة أو طواف * (وكلوا واشربوا) * كان أهل الجاهلية لا يأكلون أيام حجهم إلا قوتا ولا يأكلون دسما يعظمون بذلك حجهم فقال المسلمون نحن أحق أن نفعل فأنزل الله تعالى * (وكلوا) * يعني اللحم والدسم * (واشربوا) * اللبن والماء وما أحل لكم * (ولا تسرفوا) * بحظركم على أنفسكم ما قد أحللته لكم من اللحم والدسم * (إنه لا يحب) * من فعل ذلك أي لا يثيبه ولا يدخله الجنة
391

32 35
32 * (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده) * من حرم أن تلبسوا في طوافكم ما يستركم * (والطيبات من الرزق) * يعني ما حرموه على أنفسهم أيام حجهم * (قل هي) * أي الطيبات من الرزق * (للذين آمنوا في الحياة الدنيا) * مباحة لهم مع اشتراك الكافرين معهم فيها في الدنيا ثم هي تخلص للمؤمنين يوم القيامة وليس للكافرين فيها شيء وهو معنى قوله * (خالصة يوم القيامة) * * (كذلك نفصل الآيات) * نفسر ما أحللت وما حرمت * (لقوم يعلمون) * أني أنا الله لا شريك لي
33 * (قل إنما حرم ربي الفواحش) * الكبائر والقبائح * (ما ظهر منها وما بطن) * سرها وعلانيتها * (والإثم) * يعني المعصية التي توجب الإثم * (والبغي) * ظلم الناس وهو أن يطلب ما ليس له * (وأن تشركوا بالله) * تعدلوا به في العبادة * (ما لم ينزل به سلطانا) * لم ينزل كتابا فيه حجة * (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * من أنه حرم الحرث والأنعام وأن الملائكة بنات الله
34 * (ولكل أمة أجل) * وقت مضروب لعذابهم وهلاكهم * (فإذا جاء أجلهم) * بالعذاب * (لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * لا يتأخرون ولا يتقدمون حتى يعذبوا
35 * (يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي) * فرائضي وأحكامي * (فمن اتقى) * اتقاني وخافني * (وأصلح) * ما بيني وبينه * (فلا خوف عليهم
) * إذا خاف الخلق في القيامة * (ولا هم يحزنون) * إذا حزنوا
392

37 39
37 * (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * فجعل له ولدا أو شريكا * (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب) * ما كتب لهم من العذاب وهو سواد الوجه وزرقة العيون * (حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم) * يريد الملائكة يقبضون أرواحهم * (قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله) * سؤال توبيخ وتبكيت وتقريع * (قالوا ضلوا عنا) * بطلوا وذهبوا * (وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) * اعترفوا عند معاينة الموت وأقروا على أنفسهم بالكفر
38 * (قال ادخلوا) * أي قال الله تعالى لهم ادخلوا النار * (في أمم) * أي مع * (أمم قد خلت من قبلكم) * * (كلما دخلت أمة) * النار * (لعنت أختها) * يعني الأمم التي سبقتها إلى النار لأنهم ضلوا باتباعهم * (حتى إذا اداركوا فيها) * أي تداركوا وتلاحقوا واجتمعوا جميعا في النار * (قالت أخراهم) * أي أخراهم دخولا إلى النار * (لأولاهم) * دخولا يعني قالت الأتباع للقادة * (ربنا هؤلاء أضلونا) * لأنهم شرعوا لنا أن نتخذ من دونك الها * (فآتهم عذابا ضعفا) * أضعف عليهم العذاب بأشد مما تعذبنا به * (قال) * الله تعالى * (لكل ضعف) * للتابع والمتبوع عذاب مضاعف * (ولكن لا تعلمون) * يا أهل الكتاب في الدنيا مقدار ذلك وقوله
39 * (فما كان لكم علينا من فضل) * لأ نكم كفرتم كما كفرنا فنحن وأنتم في الكفر سواء
393

40 43
40 * (إن الذين كذبوا بآياتنا) * بحججنا التي تدل على توحيد الله ونبوة الأنبياء * (واستكبروا عنها) * ترفعوا عن الإيمان بها والانقياد لأحكامها * (لا تفتح لهم أبواب السماء) * لا تصعد أرواحهم ولا أعمالهم ولا شيء مما يريدون الله به إلى السماء * (ولا يدخلون الجنة حتى يلج) * يدخل * (الجمل في سم الخياط) * ثقب ا لإبرة يعني أبدا * (وكذلك) * وكما وصفنا * (نجزي المجرمين) * أي المكذبين بآيات الله ثم أخبر عن إحاطة النار بهم من كل جانب فقال
41 * (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) * يعني لهم منها غطاء ووطاء وفراش ولحاف * (وكذلك نجزي الظالمين) * يعني الذين أشركوا بالله
42 * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها) * أي إلا ما تطيقه ولا تعجز عنه والمعنى لانكلف نفسا منهم إلا وسعها ثم أخبر بباقي الآية عن مالهم
43 * (ونزعنا ما في صدورهم من غل) * أذهبنا الأحقاد التي كانت لبعضهم على بعض في دار الدنيا * (تجري من تحتهم الأنهار) * من تحت منازلهم وقصورهم فإذا استقروا في منازلهم * (وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا) * أي هدانا لما صيرنا إلى هذا الثواب من العمل الذي أدى اليه وأقروا أن المهتدي من هدى الله بقوله
394

44 47 * (وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) * فحين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا قالوا * (لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة) * قيل لهم هذه تلكم الجنة التي وعدتم * (أورثتموها) * أورثتم منازل أهل النار فيها لو عملوا بطاعة الله * (بما كنتم تعملون) * توحدون الله وتطيعونه
44 * (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا) * في الدنيا من الثواب * (حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم) * من العذاب * (حقا) * وهذا سؤال تعيير وتقرير فأجاب أهل النار و * (قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم) * نادى مناد وسطهم نداء يسمع الفريقين وهو صاحب الصور * (أن لعنة الله على الظالمين) *
45 * (الذين يصدون) * يمنعون * (عن سبيل الله) * دين الله وطاعته * (ويبغونها عوجا) * ويطلبونها بالصلاة لغير الله وتعظيم ما لم يعظمه الله
46 * (وبينهما) * بين أهل الجنة وبين أهل النار * (حجاب) * حاجز وهو سور الأعراف * (وعلى الأعراف) * يريد سور الجنة * (رجال) * وهم الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم * (يعرفون كلا بسيماهم) * يعرفون أهل الجنة ببياض الوجوه وأهل النار بسوادها وذلك لأن موضعهم عال مرتفع فهم يرون الفريقين * (ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم) * إذا نظروا إلى الجنة سلموا على أهلها * (لم يدخلوها) * يعني أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة * (وهم يطمعون) * في دخولها
47 * (وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار) * أي جهة لقائهم
395

48 53
48 * (ونادى أصحاب الأعراف رجالا) * من أهل النار * (يعرفونهم بسيماهم) * من رؤساء المشركين فيقولون لهم * (ما أغنى عنكم جمعكم) * المال واستكثاركم منه * (وما كنتم تستكبرون) * عن عبادة الله ثم يقسم أصحاب النار أن أصحاب الأعراف داخلون معهم النار فتقول الملائكة الذين حبسوا أصحاب الأعراف
49 * (أهؤلاء الذين أقسمتم) * يا أصحاب النار * (لا ينالهم الله برحمة) * يقولون لأصحاب الأعراف * (ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون) *
50 * (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) * يعني الطعام وهذا يدل على جوعهم وعطشهم * (قالوا إن الله حرمهما على الكافرين) * تحريم منع لا تحريم تعبد
51 * (الذين اتخذوا دينهم) * الذي شرع لهم * (لهوا ولعبا) * يعني المستهزئين المقتسمين * (فاليوم ننساهم) * نتركهم في جهنم * (كما نسوا لقاء يومهم هذا) * كما تركوا ا لعمل لهذا اليوم * (وما كانوا بآياتنا يجحدون) * أي وكما جحدوا بآياتنا ولم يصدقوها
52 * (ولقد جئناهم) * يعني المشركين * (بكتاب) * هو القرآن * (فصلناه) * بيناه * (على علم) * فيه يعني ما أودع من العلوم وبيان الأحكام * (هدى) * هاديا * (ورحمة) * وذا رحمة * (لقوم يؤمنون) * لقوم أريد به هدايتهم وإيمانهم
53 * (هل ينظرون) * ينتظرون أي كأنهم ينتظرون ذلك لأنه يأتيهم لا محالة * (إلا تأويله) *
396

عاقبة ما وعد الله في الكتاب من البعث والنشور * (يوم يأتي تأويله) * وهو يوم القيامة * (يقول الذين نسوه من قبل) * تركوا الإيمان به والعمل له من قبل إتيانه * (قد جاءت رسل ربنا بالحق) * بالصدق والبيان * (فهل لنا من شفعاء) * هل يشفع لنا شافغ * (أو) * هل * (نرد) * إلى الدنيا * (فنعمل غير الذي كنا نعمل) * نوحد الله ونترك الشرك يقول الله * (قد خسروا أنفسهم) * حين صاروا إلى الهلاك * (وضل عنهم ما كانوا يفترون) * سقط عنهم ما كانوا يقولونه من أن مع الله الها اخر
54 * (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) * أي في مقدار ستة أيام من الأحد إلى السبت واجتمع الخلق في الجمعة * (ثم استوى على العرش) * أقبل على خلقه وقصد إلى ذلك بعد خلق السماوات والأرض * (يغشي الليل النهار) * يلبسه ويدخله عليه * (يطلبه حثيثا) * يطلب الليل دائبا لا غفلة له * (والشمس) * وخلق الشمس * (والقمر والنجوم مسخرات) * مذللات لما يراد منها من طلوع وأفول وسير ورجوع * (بأمره) * بإذنه * (ألا له الخلق) * يعني إن جميع ما في العالم مخلوق له و له * (الأمر) * فيهم يأمر بما أراد * (تبارك الله) * تمجد وتعظم وارتفع وتعالى
55 * (ادعوا ربكم تضرعا) * أي تملقا * (وخفية) * سرا * (إنه لا يحب المعتدين) * المجاوزين ما أمروا به
397

56 58
56 * (ولا تفسدوا في الأرض) * بالشرك والمعاصي وسفك الدماء * (بعد) * إصلاح الله إياها ببعث الرسول * (وادعوه خوفا) * من عقابه * (وطمعا) * في ثوابه * (إن رحمة الله) * ثواب الله * (قريب من المحسنين) * وهم الذين يطيعون الله فيما أمر
57 * (وهو الذي يرسل الرياح بشرا) * طيبة لينة من النشر وهو الرائحة الطيبة وقيل متفرقة في كل جانب بمعنى المنتشرة * (بين يدي رحمته) * قدام مطره * (حتى إذا أقلت) * أي حملت هذه الرياح * (سحابا ثقالا) * بما فيها من الماء سقنا السحاب * (لبلد ميت) * إلى مكان ليس فيه نبات * (فأنزلنا به) * بذلك البلد * (الماء فأخرجنا) * بذلك الماء * (من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى) * أي نحيي الموتى مثل ذلك الإحياء الذي وصفناه في البلد الميت * (لعلكم تذكرون) * لعلكم بما بينا تتعظون فتستدلون على توحيد الله وقدرته على البعث ثم ضرب مثلا للمؤمن والكافر فقال
58 * (والبلد الطيب) * يعني العذب التراب * (يخرج نباته بإذن ربه) * وهذا مثل المؤمن يسمع القرآن فينتفع به ويحسن أثره عليه * (والذي خبث) * ترابه وأصله * (لا يخرج) * نباته * (إلا نكدا) * عسرا مبطئا وهو مثل الكافر يسمع القرآن ولا يؤثر فيه أثرا محمودا كالبلد الخبيث لا يؤثر فيه المطر * (كذلك نصرف الآيات) * نبينها * (لقوم يشكرون) * نعم الله ويطيعونه
398

59 69
59 * (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) * ظاهر إلى قوله
62 * (وأنصح لكم) * أي أدعوكم إلى ما دعاني الله إليه * (وأعلم من الله ما لا تعلمون) * من أنه غفور لمن رجع عن معاصيه وأن عذابه أليم لمن أصر عليها
63 * (أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم) * موعظة من الله * (على رجل) * على لسان رجل * (منكم) * تعرفون نسبه وقوله
64 * (إنهم كانوا قوما عمين) * عميت قلوبهم عن معرفة الله تعالى وقدرته
65 * (وإلى عاد أخاهم) * وأرسلنا إلى عاد أخاهم ابن أبيهم * (هودا قال يا قوم اعبدوا الله) * وحدوا الله * (ما لكم من إله غيره أفلا تتقون) * أفلا تخافون نقمته
66 * (قال الملأ) * الرؤساء والجماعة * (الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة) * حمق وجهل * (وإنا لنظنك من الكاذبين) * فيما جئت به من ادعاء النبوة وقوله
68 * (ناصح أمين) * أي على الرسالة لا أكذب فيها
69 * (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) * أي استخلفكم في الأرض بعد
399

70 74 هلاكهم * (وزادكم في الخلق بسطة) * فضيلة في الطول * (فاذكروا آلاء الله) * نعم الله عليكم * (لعلكم تفلحون) * كي تسعدوا وتبقوا في الجنة وقوله
70 * (فأتنا بما تعدنا) * أي من العذاب * (إن كنت من الصادقين) * أن العذاب نازل بنا
71 * (قال قد وقع) * وجب * (عليكم من ربكم رجس وغضب) * عذاب وسخط * (أتجادلونني في أسماء سميتموها) * كانت لهم أصنام سموها أسماء مختلفة فلما دعاهم الرسول إلى التوحيد استنكروا عبادة الله وحده * (ما نزل الله بها من سلطان) * من حجة وبرهان لكم في عبادتها * (فانتظروا) * العذاب * (إني معكم من المنتظرين) * ذلك في تكذيبهم إياي وقوله
73 * (فذروها تأكل في أرض الله) * أي سهل الله عليكم أمرها فليس عليكم رزقها ولا مؤونتها وقوله
74 * (وبوأكم في الأرض) * أي أسكنكم وجعل لكم فيها مساكن * (تتخذون من سهولها قصورا) * تبنون القصور بكل موضع * (وتنحتون الجبال بيوتا) * يريد بيوتا في الجبال تشققونها وكانوا يسكنونها شتاء ويسكنون القصور بالصيف
400

75 81
75 * (قال الملأ) * وهم الأشراف * (الذين استكبروا من قومه) * عن عبادة الله * (للذين استضعفوا) * يريد المساكين * (لمن آمن منهم) * بدل من قوله * (للذين استضعفوا) * لأنهم المؤمنون
77 * (فعقروا الناقة) * نحروها * (وعتوا عن أمر ربهم) * عصوا الله وتركوا أمره في الناقة * (وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا) * من العذاب
78 * (فأخذتهم الرجفة) * وهي الزلزلة الشديدة * (فأصبحوا في دارهم) * بلدهم * (جاثمين) * خامدين ميتين
79 * (فتولى عنهم) * أعرض عنهم صالح بعد نزول العذاب بهم * (وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم) * خوفتكم عقاب الله وهذا كما خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلى بدر
80 * (ولوطا) * وأرسلنا لوطا أي واذكر لوطا * (إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة) * يعني إتيان الذكور * (ما سبقكم بها من أحد من العالمين) * قالوا ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط
81 * (إنكم لتأتون الرجال) * الآية
401

82 86
82 * (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم) * يعني لوطا واتباعه * (إنهم أناس يتطهرون) * عن إتيان الرجال في أدبارهم
83 * (فأنجيناه وأهله) * ابنتيه * (إلا امرأته كانت من الغابرين) * الباقين في عذاب الله
84 * (وأمطرنا عليهم مطرا) * يعني حجارة
85 * (وإلى مدين) * وهم قبيلة من ولد إبراهيم عليه السلام * (قد جاءتكم بينة من ربكم) * موعظة * (فأوفوا الكيل والميزان) * أتموهما وكانوا أهل كفر وبخس للمكيال والميزان * (ولا تفسدوا في الأرض) * لا تعملوا فيها بالمعاصي بعد أن أصلحها الله ببعثة شعيب والأمر بالعدل
86 * (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) * لا تقعدوا على طريق الناس فتخوفون أهل الايمان بشعيب بالقتل ونحو ذلك وتأخذون ثياب من مر بكم من الغرباء * (وتصدون عن سبيل الله من آمن به) * وتصرفون عن الإسلام من آمن بشعيب * (وتبغونها عوجا) * تلتمسون لها الزيغ * (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم) * بعد القلة
402

88 93 وأعزكم بعد الذلة وذلك أنه كان مدين بن إبراهيم وزوجه ريثا بنت لوط فولدت حتى كثر عدد أولادها
88 * (قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا) * معناه أنهم قالوا لشعيب وأصحابه ليكونن أحد الأمرين إما الإخراج من القرية أو عودكم في ملتنا ولا نفارقكم على مخالفتنا فقال شعيب * (أولو كنا كارهين) * أي تجبروننا على العود في ملتكم وإن كرهنا ذلك وقوله
89 * (وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا) * أي إلا أن يكون قد سبق في علم الله وفي مشيئته أن نعود فيها * (وسع ربنا كل شيء علما) * علم ما يكون قبل أن يكون * (ربنا افتح) * احكم واقض * (بيننا وبين قومنا بالحق) * وقوله
92 * (كأن لم يغنوا فيها) * أي لم يقيموا فيها ولم ينزلوا وقوله
93 * (فكيف آسى على قوم كافرين) * أي كيف يشتد حزني عليهم ومعناه الإنكار أي لا آسى
403

94 100
94 * (وما أرسلنا في قرية) * في مدينة * (من نبي) * فكذبه أهلها * (إلا أخذنا) * هم * (بالبأساء والضراء) * بالفقر والجوع * (لعلهم يضرعون) * كي يستكينوا ويرجعوا
95 * (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) * بدل البؤس والمرض الغنى والصحة * (حتى عفوا) * كثروا وسمنوا وسمنت أموالهم * (وقالوا) * من غرتهم وجهلهم * (قد مس آباءنا الضراء والسراء) * قد أصاب آباءنا في الدهر مثل ما أصابنا وتلك عادة الدهر ولم يكن ما مسنا عقوبة من الله فكونوا على ما أنتم عليه فلما فسدوا على الأمرين جميعا أخذهم الله بغتة * (وهم لا يشعرون) * بنزول العذاب وهذا تخويف لمشركي قريش
96 * (ولو أن أهل القرى آمنوا) * وحدوا الله * (واتقوا) * الشرك * (لفتحنا عليهم بركات من السماء) * بالمطر و من * (الأرض) * بالنبات والثمار * (ولكن كذبوا) * الرسل * (فأخذناهم) * بالجدوبة والقحط * (بما كانوا يكسبون) * من الكفر والمعصية
97 * (أفأمن أهل القرى) * يعني أهل مكة وما حولها ومعنى هذه الآية وما بعدها أنه لا يجوز لهم أن يأمنوا ليلا ولا نهارا بعد تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وقوله
98 * (وهم يلعبون) * أي وهم في غير ما يجدي عليهم
99 * (أفأمنوا مكر الله) * عذاب الله أن يأتيهم بغتة
100 * (أولم يهد) * يتبين * (للذين يرثون الأرض من بعد أهلها) * كفار مكة ومن حولهم
404

101 105 * (أن لو نشاء أصبناهم) * عذبناهم * (بذنوبهم) * ثم * (ونطبع على قلوبهم) * حتى يموتوا على الكفر فيدخلوا النار والمعنى ألم يعلموا أنا لو نشاء فعلنا ذلك
101 * (تلك القرى) * التي أهلكت أهلها * (نقص عليك من أنبائها) * نتلو عليك من أخبارها كيف أهلكت * (ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات) * يعني الذين أرسلوا
إليهم * (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل) * فما كان أولئك الكفار ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذبوا يوم أخذ ميثاقهم فأقروا بلسانهم وأضمروا التكذيب * (كذلك) * أي مثل ذلك الذي طبع الله على قلوب كفار الأمم * (يطبع الله على قلوب الكافرين) * الذين كتب عليهم ألا يؤمنوا أبدا
102 * (وما وجدنا لأكثرهم من عهد) * يعني الوفاء بالعهد الذي عاهدهم يوم الميثاق
103 * (ثم بعثنا من بعدهم) * الأنبياء الذين جرى ذكرهم * (موسى بآياتنا إلى فرعون) * وملته * (فظلموا بها) * فجحدوا بها وكذبوا * (فانظر) * بعين قلبك * (كيف كان) * عاقبتهم وكيف فعلنا بهم وقوله
105 * (حقيق على أن لا أقول) * أي أنا حقيق بأن لا أقول * (على الله إلا) * ما هو * (الحق) * وهو أنه واحد لا شريك له * (قد جئتكم ببينة من ربكم) * أي بأمر من
405

107 115 ربكم وهو العصا * (فأرسل معي بني إسرائيل) * أي أطلق عليهم وخلهم وكان فرعون قد استخدمهم في الأعمال الشاقة وقوله
107 * (فإذا هي) * أي العصا * (ثعبان) * وهو أعظم ما يكون من الحيات * (مبين) * بين أنه حيه لالبس فيه
108 * (ونزع يده) * أخرجها من جيبه
110 * (يريد أن يخرجكم من أرضكم) * هذا قول الأشراف من قوم فرعون قالوا يريد موسى أن يخرجكم معشر القبط من أرضكم ويزيل ملككم بتقوية عدوكم بني إسرائيل فقال فرعون لهم * (فماذا تأمرون) * أيش تشيرون به علي
111 * (قالوا أرجه وأخاه) * أخر أمره وأمر أخيه ولا تعجل * (وأرسل في المدائن) * في مدائن صعيد مصر * (حاشرين) * رجالا يحشرون إليك من في الصعيد من السحرة فأرسل * (وجاء السحرة فرعون) * وطالبوه بالمال والجوائز إن غلبوه فأجابهم فرعون إلى ذلك وهو قوله
112 * (نعم وإنكم لمن المقربين) * أي ولكم من الأجر المنزلة الرفيعة عندي
115 * (قالوا يا موسى إما أن تلقي) * عصاك * (وإما أن نكون نحن الملقين) * ما معنا من الحبال والعصي
406

116 125
116 * (قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم) * قلبوها عن صحة إدراكها حيث رأوها حيات * (وجاؤوا بسحر عظيم) * وذلك أنهم ألقوا حبالا غلاظا فإذا هي حيات قد ملأت الوادي
117 * (وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف) * تبتلع * (ما يأفكون) * يكذبون فيه وذلك أنهم زعموا أن عصيهم وحبالهم حيات وكذبوا في ذلك
118 * (فوقع الحق) * ظهر وغلب
119 * (فغلبوا هنالك وانقلبوا) * وانصرفوا * (صاغرين) * ذليلين
120 * (وألقي السحرة ساجدين) * خروا لله عابدين سامعين مطيعين
123 * (قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم) * أصدقتم موسى من قبل أمري إياكم * (إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة) * لصنيع صنعتموه فيما بينكم وبين موسى في مصر قبل خروجكم إلى هذا الموضع * (لتخرجوا منها أهلها) * لتستولوا على مصر فتخرجوا منها أهلها وتتغلبوا عليها بسحركم * (فسوف تعلمون) * ما يظهر لكم
124 * (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) * على مخالفة وهو أن يقطع من كل شق طرف
125 * (قالوا إنا إلى ربنا منقلبون) * راجعون بالتوحيد والإخلاص
407

126 129
126 * (وما تنقم منا) * وما تطعن علينا ولا تكره منا * (إلا أن آمنا بآيات ربنا) * ما أتى به موسى من العصا واليد * (ربنا أفرغ علينا صبرا) * اصبب علينا الصبر عند الصلب والقطع حتى لا نرجع كفارا * (وتوفنا مسلمين) * على دين موسى ثم أغرى الملأ من قوم فرعون بموسى فقالوا
127 * (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض) * ليدعوا الناس إلى مخالفتك وعبادة غيرك * (ويذرك وآلهتك) * وذلك أن فرعون كان قد صنع لقومه أصناما صغارا وأمرهم بعبادتها وقال أنا ربكم ورب هذه الأصنام فذلك قوله * (أنا ربكم الأعلى) * فقال فرعون * (سنقتل أبناءهم) * وكان قد ترك قتل أبناء بني إسرائيل فلما كان من أمر موسى ما كان أعاد عليهم القتل فذلك قوله * (سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم) * للمهنة والخدمة * (وإنا فوقهم قاهرون) * وإنا على ذلك قادرون فشكا بنو إسرائيل إلى موسى إعادة القتل على أبنائهم فقال لهم موسى
128 * (استعينوا بالله واصبروا) * على ما يفعل بكم * (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده) * أطمعهم موسى أن يعطيهم الله ملكهم ومالهم * (والعاقبة للمتقين) * أي الجنة لمن اتقى وقيل النصر والظفر
129 * (قالوا أوذينا) * بالقتل الأول * (من قبل أن تأتينا) * بالرسالة * (ومن بعد ما جئتنا) * بإعادة القتل علينا والإتعاب في العمل * (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم) * فرعون وقومه * (ويستخلفكم في الأرض) * يملككم ما كان يملك فرعون * (فينظر كيف تعملون) *
408

فيرى ذلك لوقوع ذلك منكم
130 * (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) * بالجدوب لأهل البوادي * (ونقص من الثمرات) * لأهل القرى وصرفنا الآيات بيناها لهم من كل نوع * (لعلهم يذكرون) * كي يتعظوا
131 * (فإذا جاءتهم الحسنة) * الخصب وسعة الرزق * (قالوا لنا هذه) * أي إنا مستحقوه على العادة التي جرت لنا من النعمة ولم يعلموا أنه من الله فيشكروا عليه * (وإن تصبهم سيئة) * قحط وجدب * (يطيروا) * يتشاءموا * (بموسى) * وقومه وقالوا إنما أصابنا هذا الشر بشؤمهم * (ألا إنما طائرهم عند الله) * شؤمهم جاءهم بكفرهم بالله * (ولكن أكثرهم لا يعلمون) * أن الذي أصابهم من الله
132 * (وقالوا) * لموسى * (مهما تأتنا به) * أي متى ما تأتنا به * (من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين) * فدعا عليهم موسى فأرسل الله عليهم السماء بالماء حتى امتلأت بيوت القبط ماء ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة فذلك قوله
133 * (فأرسلنا عليهم الطوفان) * ودام ذلك سبعة أيام فقالوا * (يا موسى ادع لنا ربك) * يكشف عنا فنؤمن لك فدعا ربه فكشف فلم يؤمنوا فبعث الله عليهم الجراد فأكلت عامة زروعهم وثمارهم فوعدوه أن يؤمنوا إن كشف عنهم فكشف فلم
409

134 137 يؤمنوا فبعث الله عليهم القمل وهو الدباء الصغار البق التي لا أجنحة لها فتتبع ما بقي من حروثهم وأشجارهم فصرخوا فكشف عنهم فلم يؤمنوا فعادوا بكفرهم فأرسل الله عليهم الضفادع تدخل في طعامهم وشرابهم فعاهدوا موسى أن يؤمنوا فكشف عنهم فعادوا لكفرهم فأرسل الله عليهم الدم فسال النيل عليهم دما وصارت مياههم كلها دما فذلك قوله * (آيات مفصلات) * مبينات * (فاستكبروا) * عن عبادة الله
134 * (ولما وقع عليهم الرجز) * أي العذاب وهو ما كانوا فيه من الجراد وما ذكر بعده * (قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك) * بما أوصاك به وتقدم إليك أن تدعوه به * (لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل) * * (إلى أجل هم بالغوه) * يعني إلى الأجل الذي غرقهم فيه * (إذا هم ينكثون) * ينقضون العهد ولا يوفون
136 * (فانتقمنا منهم) * سلبنا نعمتهم بالعذاب * (فأغرقناهم في اليم) * في البحر * (بأنهم كذبوا بآياتنا) * جزاء تكذيبهم * (وكانوا عنها غافلين) * غير معتبرين بها
137 * (وأورثنا القوم) * ملكناهم * (الذين كانوا يستضعفون) * بقتل أبنائهم واستخدام نسائهم * (مشارق الأرض ومغاربها) * جهات شرق أرض الشام وجهات غربها * (التي باركنا فيها) * بإخراج الزروع والثمار والأنهار والعيون * (وتمت كلمة ربك الحسنى) *
410

مواعيده التي لا خلف فيها بما كانوا يحبون وذلك جزاء صبرهم على صنيع فرعون * (ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه) * أهلكنا ما عمل فرعون وقومه في أرض مصر * (وما كانوا يعرشون) * وما بنوا المنازل والبيوت
138 * (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) * عبرنا بهم البحر * (فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) * يعبدونها مقيمين عليها * (قالوا يا موسى اجعل لنا إلها) * من دون الله * (كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) * نعمة الله عليكم وما صنع بكم حيث توهمتم أنه يجوز عبادة غيره
139 * (إن هؤلاء) * يعني الذين عكفوا على أصنامهم * (متبر ما هم فيه) * مهلك ومدمر * (وباطل ما كانوا يعملون) * يعني إن عملهم للشيطان ليس لله فيه نصيب
140 * (قال أغير الله أبغيكم) * أطلب لكم * (إلها) * معبودا * (وهو فضلكم على العالمين) * على عالمي زمانكم بما أعطاكم من الكرامات
142 * (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) * يترقب انقضاءها للمناجاة وهي ذو القعدة أمره الله تعالى أن يصوم فيها فلما انسلخ الشهر استاك لمناجاة ربه يريد إزالة الخلوف فأمر بصيام عشرة من ذي الحجة ليكلمه بخلوف فيه فذلك قوله * (وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه) *
411

أي الوقت الذي قدره الله لصوم موسى * (أربعين ليلة) * فلما أراد الانطلاق إلى الجبل استخلف أخاه هارون على قومه وهو معنى قوله * (وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح) * أي وارفق بهم * (ولا تتبع سبيل المفسدين) * لا تطع من عصى الله ولا توافقه على أمره
143 * (ولما جاء موسى لميقاتنا) * أي في الوقت الذي وقتنا له * (وكلمه ربه) * فلما سمع كلام الله * (قال رب أرني) * نفسك * (أنظر إليك) * والمعنى إني قد سمعت كلامك فأنا أحب أن أراك * (قال لن تراني) * في الدنيا * (ولكن) * أجعل بيني وبينك ما هو أقوى منك وهو الجبل * (فإن استقر مكانه) * أي سكن وثبت * (فسوف تراني) * وإن لم يستقر مكانه فإنك لا تطيق رؤيتي كما أن الجبل لا يطيق رؤيتي * (فلما تجلى ربه) * أي ظهر وبان * (جعله دكا) * أي مدقوقا مع الأرض كسرا ترابا * (وخر) * وسقط * (موسى صعقا) * مغشيا عليه فلما أفاق قال سبحانك تنزيها لك من السوء * (تبت إليك) * من مسألتي الرؤية في الدنيا * (وأنا أول المؤمنين) * أول قومي إيمانا
144 * (قال يا موسى إني اصطفيتك) * اتخذتك صفوة * (على الناس برسالاتي) * أي بوحيي إليك * (وبكلامي) * كلمتك من غير واسطة * (فخذ ما آتيتك) * من الشرف والفضيلة * (وكن من الشاكرين) * لأنعمي في الدنيا والآخرة
145 * (وكتبنا له في الألواح) * يعني ألواح التوراة * (من كل شيء) * يحتاج إليه في أمر
412

146 148 دينه * (موعظة) * نهيا عن الجهل * (وتفصيلا لكل شيء) * من الحلال والحرام * (فخذها) * أي وقلنا له فخذها * (بقوة) * بجد وصحة وعزيمة * (وأمر قومك) * أن * (يأخذوا بأحسنها) * أي بحسنها وكلها حسن * (سأريكم دار الفاسقين) * يعني جهنم أي ولتكن على ذكر منكم لتحذروا أن تكونوا منهم
146 * (سأصرف عن آياتي) * يعني السماوات والأرض أصرفهم عن الاعتبار بما فيها * (الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) * يعني المشركين يقول أعاقبهم بحرمان الهداية * (وإن يروا سبيل الرشد) * الهدى والبيان الذي جاء من الله * (لا يتخذوه سبيلا) * دينا * (وإن يروا سبيل الغي) * طاعة الشيطان * (يتخذوه سبيلا) * دينا * (ذلك) * فعل الله بهم * (بأنهم كذبوا بآياتنا) * جحدوا الإيمان بها * (وكانوا عنها غافلين) * غير ناظرين فيها ولا معتبرين بها
147 * (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة) * يريد الثواب والعقاب * (حبطت أعمالهم) * * (ضل سعيهم) * * (هل يجزون إلا ما) * أي جزاء ما * (كانوا يعملون) *
148 * (واتخذ قوم موسى من بعده) * أي من بعد انطلاقه إلى الجبل * (من حليهم) * التي بقيت في أيديهم مما استعاروه من القبط * (عجلا جسدا) * لحما ودما * (له خوار) * صوت * (ألم يروا) * يعني قوم موسى * (أنه) * أن العجل * (لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا) * لا يرشدهم إلى دين * (اتخذوه) * أي الها ومعبودا * (وكانوا ظالمين) * مشركين
413

149 151
149 * (ولما سقط في أيديهم) * أي ندموا على عبادتهم العجل * (ورأوا أنهم قد ضلوا) * قد ابتلوا بمعصية الله وهذا كان بعد رجوع موسى إليهم
150 * (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان) * عليهم * (أسفا) * حزينا لأن الله تعالى فتنهم * (قال بئسما خلفتموني من بعدي) * بئسما عملتم من بعدي حين اتخذتم العجل إلها وكفرتم بالله * (أعجلتم أمر ربكم) * أسبقتم باتخاذ العجل ميعاد ربكم يعني الأربعين ليلة وذلك أنه كان قد وعدهم أن يأتيهم بعد ثلاثين ليلة فلما لم يأتهم على رأس الثلاثين قالوا إنه قد مات * (وألقى الألواح) * التي فيها التوراة * (وأخذ برأس أخيه) * بذؤابته وشعره * (يجره إليه) * إنكارا عليه إذ لم يلحقه فيعرفه ما فعل بنو إسرائيل كما قال في سورة طه * (قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن) * الآية فأعلمه هارون أنه إنما أقام بين أظهرهم خوفا على نفسه من القتل وهو قوله * (قال ابن أم) * وكان أخاه لأبيه وأمه ولكنه قال يا ابن أم ليرققه عليه * (إن القوم استضعفوني) * استذلوني وقهروني * (وكادوا) * وهموا أن * (يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء) * يعني أصحاب العجل بضربي وإهانتي * (ولا تجعلني) * في موجدتك وعقوبتك لي * (مع القوم الظالمين) * الذين عبدوا العجل فلما عرف براءة هارون مما يوجب العتب عليه إذ بلغ من إنكاره على عبدة العجل ما خاف على نفسه القتل
151 * (قال رب اغفر لي) * ما صنعت إلى أخي * (ولأخي) * إن قصر في الإنكار * (وأدخلنا في رحمتك) *
414

جنتك
152 * (إن الذين اتخذوا العجل) * يعني اليهود الذين كانوا في عصرالنبي صلى الله عليه وسلم وهم أبناء الذين اتخذوا العجل الها فأضيف إليهم تعييرا لهم بفعل آبائهم * (سينالهم غضب من ربهم) * عذاب في الآخرة * (وذلة في الحياة الدنيا) * وهي الجزية * (وكذلك نجزي المفترين) * كذلك أعاقب من اتخذ الها دوني
153 * (والذين عملوا السيئات) * الشرك * (ثم تابوا) * رجعوا عنها * (وآمنوا) * صدقوا أنه لا إله غيري * (إن ربك من بعدها) * من بعد التوبة * (لغفور رحيم) *
154 * (ولما سكت) * سكن * (عن موسى الغضب أخذ الألواح) * التي كان ألقاها * (وفي نسختها) * وفيما كتب فيها * (هدى) * من الضلالة * (ورحمة) * من العذاب * (للذين هم لربهم يرهبون) * للخائفين من ربهم
155 * (واختار موسى قومه) * من قومه * (سبعين رجلا لميقاتنا) * أمره الله تعالى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل ووعده لذلك موعدا فاختار موسى سبعين رجلا ليعتذروا فلما سمعوا كلام الله قالوا لموسى أرنا الله جهرة فأخذتهم * (الرجفة) * وهي الحركة الشديدة فماتوا جميعا فقال موسى * (رب لو شئت أهلكتهم) * وإياي قبل خروجنا للميقات وكان بنو إسرائيل يعاينون ذلك ولا يتهمونني وظن أنهم أهلكوا باتخاذ أصحابهم العجل فقال * (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) *
415

وإنما أهلكوا لمسألتهم الرؤية * (إن هي إلا فتنتك) * أي تلك الفتنة التي وقع فيها السفهاء لم تكن إلا فتنتك أي اختبارك وابتلاؤك أضللت بها قوما فافتتنوا وعصمت آخرين وهذا معنى قوله * (تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء) *
156 * (واكتب لنا) * أوجب لنا * (في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة) * أي اقبل وفادتنا وردنا بالمغفرة والرحمة * (إنا هدنا إليك) * تبنا ورجعنا إليك بالتوبة * (قال عذابي أصيب به من أشاء) * آخذ به من أشاء على الذنب اليسير * (ورحمتي وسعت كل شيء) * يعني إن رحمته في الدنيا وسعت البر والفاجر وهي في الآخرة للمؤمنين خاصة وهذا معنى قوله * (فسأكتبها) * فسأوجبها في الآخرة * (للذين يتقون) * يريد أمة محمد صلى الله عليه وسلم * (ويؤتون الزكاة) * صدقات الأموال عند محلها * (والذين هم بآياتنا يؤمنون) * يصدقون بما أنزل على محمد والنبيين
157 * (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي) * وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ وكانت هذه الخلة مؤكدة لمعجزته في القران * (الذي يجدونه) * بنعته وصفته * (مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف) * بالتوحيد وشرائع الإسلام * (وينهاهم عن المنكر) * عبادة الأوثان وما لا يعرف في شريعة * (ويحل لهم الطيبات)
* يعني ما حرم عليهم في التوراة من لحوم الإبل وشحوم الضأن * (ويحرم عليهم الخبائث) *
416

الميتة والدم وما ذكر في سورة المائدة * (ويضع عنهم إصرهم) * ويسقط عنهم ثقل العهد الذي أخذ عليهم * (والأغلال التي كانت عليهم) * الشدائد التي كانت عليهم كقطع آثر البول وقتل النفس في التوبة وقطع الأعضاء الخاطئة * (فالذين آمنوا به) * من اليهود * (وعزروه) * ووقروه * (ونصروه) * على عدوه * (واتبعوا النور الذي أنزل معه) * يعني القرآن الآيتين
159 * (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق) * يدعون إلى الحق * (وبه يعدلون) * وبالحق يحكمون وهم قوم وراء الصين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يصل إلينا منهم أحد ولا منا إليهم وقوله
160 * (فانبجست) * أي انفجرت وهذه الآية مفسرة في سورة البقرة إلى قوله
417

163 165
163 * (واسألهم) * يعني سؤال توبيخ وتقرير * (عن القرية) * وهى أيلة * (التي كانت حاضرة البحر) * مجاورته * (إذ يعدون في السبت) * يظلمون فيه بصيد السمك * (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) * ظاهرة على الماء * (ويوم لا يسبتون) * لا يفعلون ما يفعل في السبت يعني سائر الأيام * (لا تأتيهم) * الحيتان * (كذلك) * مثل هذا الاختبار الشديد * (نبلوهم) * نختبرهم * (بما كانوا يفسقون) * بعصيانهم الله أي شددت عليهم المحنة لفسقهم ولما فعلوا ذلك صار أهل القرية ثلاث فرق فرقة صادت وأكلت وفرقة نهت وزجرت وفرقة أمسكت عن الصيد وهم الذين قال الله تعالى
164 * (وإذ قالت أمة منهم) * قالوا للفرقة الناهية * (لم تعظون قوما الله مهلكهم) * لاموهم على موعظة قوم يعلمون أنهم غير مقلعين فقالت الفرقة الناهية للذين لاموهم * (معذرة إلى ربكم) * أي الأمر بالمعروف واجب علينا فعلينا موعظة هؤلاء عذرا إلى الله * (ولعلهم يتقون) * فيتركون الصيد في السبت
165 * (فلما نسوا ما ذكروا به) * تركوا ما وعظوا به * (أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا) * اعتدوا في السبت * (بعذاب بئيس) * شديد وهو المسخ
418

166 169 جزاء لفسقهم وخروجهم عن أمر الله
166 * (فلما عتوا) * أي طغوا واستكبروا * (عن ما نهوا عنه) * أي عن ترك ما نهوا عنه من صيد الحيتان يوم السبت * (قلنا لهم) * الآية مفسرة في سورة البقرة
167 * (وإذ تأذن ربك) * قال وأعلم ربك * (ليبعثن) * ليرسلن * (عليهم) * على اليهود * (من يسومهم) * أي يذيقهم * (سوء العذاب) * إلى يوم القيامة يعني محمدا ص وأمته يقاتلونهم أو يعطون الجزية * (إن ربك لسريع العقاب) * لمن استحق تعجيله
168 * (وقطعناهم في الأرض أمما) * فرقناهم في البلاد فلم يجتمع لهم كلمة * (منهم الصالحون) * وهم الذين آمنوا * (ومنهم دون ذلك) * الذين كفروا * (وبلوناهم) * عاملناهم معاملة المختبر * (بالحسنات) * بالخصب والعافية * (والسيئات) * الجدب والشدائد * (لعلهم يرجعون) * كي يتوبوا
169 * (فخلف من بعدهم خلف) * من بعد هؤلاء الذين قطعناهم خلف من اليهود يعني أولادهم * (ورثوا الكتاب) * أخذوه عن ابائهم * (يأخذون عرض هذا الأدنى) * يأخذون ما أشرف لهم من الدنيا حلالا أو حراما * (ويقولون سيغفر لنا) * ويتمنون على الله المغفرة * (وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه) * وإن أصابوا عرضا أي متاعا من الدنيا مثل رشوتهم تلك التي أصابوا بالأمس قبلوه وهذا إخبار عن
419

170 172 حرصهم على الدنيا * (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق) * وأكد الله عليهم في التوراة ألا يقولوا على الله إلا الحق فقالوا الباطل وهو قولهم * (سيغفر لنا) * وليس في التوراة ميعاد المغفرة مع الإصرار * (ودرسوا ما فيه) * أي فهم ذاكرون لما أخذ عليهم من الميثاق لأنهم قد قرؤوه
170 * (والذين يمسكون بالكتاب) * يؤمنون به ويحكمون بما فيه يعني مؤمني أهل الكتاب * (وأقاموا الصلاة) * التي شرعها محمد صلى الله عليه وسلم * (إنا لا نضيع أجر المصلحين) * منهم
171 * (وإذ نتقنا الجبل فوقهم) * رفعناه باقتلاع له من أصله يعني ما ذكرنا عند قوله * (ورفعنا فوقكم الطور) * الآية * (وظنوا) * وأيقنوا * (أنه واقع بهم) * إن خالفوا وباقي الآية مضى فيما سبق
172 * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) * أخرج الله تعالى ذريه آدم بعضهم من ظهور بعض على نحو ما يتوالد الأبناء من الأباء وجميع ذلك أخرجه من صلب آدم مثل الذر وأخذ عليهم الميثاق أنه خالقهم وأنهم مصنوعون فاعترفوا بذلك وقبلوا ذلك بعد أن ركب فيهم عقولا وذلك قوله * (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم) * أي قال ألست بربكم * (قالوا بلى) * فأقروا له بالربوبية فقالت الملائكة عند ذلك * (شهدنا) * أي على إقراركم * (إن) * لا
420

173 176 * (تقولوا) * لئلا تقولوا أي لئلا يقول الكفار * (يوم القيامة إنا كنا عن هذا) * الميثاق * (غافلين) * لم نحفظه ولم نذكره ويذكرون الميثاق ذلك اليوم فلا يمكنهم الانكار مع شهادة الملائكة وهذه الآية تذكير لجميع المكلفين ذلك الميثاق لأنها وردت على لسان صاحب المعجزة فقامت في النفوس مقام ما هو على ذكر منها
173 * (أو تقولوا) * أيها الذرية محتجين يوم القيامة * (إنما أشرك آباؤنا من قبل) * أي قبلنا ونقضوا العهد * (وكنا ذرية من بعدهم) * صغارا فاقتدينا بهم * (أفتهلكنا بما فعل المبطلون) * أفتعذبنا بما فعل المشركون المكذبون بالتوحيد وإنما اقتدينا بهم وكنا في غفلة عن الميثاق وهذه الآية قطع لمعذرتهم فلا يمكنهم الاحتجاج بكون
الآباء على الشرك بعد تذكير الله بأخذ الميثاق بالتوحيد على كل واحد من الذرية
174 * (وكذلك) * وكما بينا في أمر الميثاق * (نفصل الآيات) * نبينها ليتدبرها العباد * (ولعلهم يرجعون) * ولكي يرجعوا عما هم عليه من الكفر
175 * (واتل عليهم) * واقرأ واقصص يا محمد على قومك * (نبأ) * خبر * (الذي آتيناه آياتنا) * علمناه حجج التوحيد * (فانسلخ) * خرج * (منها فأتبعه الشيطان) * أدركه * (فكان من الغاوين) * الضالين يعني بلعم بن باعوراء أعان أعداء الله على أوليائه بدعائه فنزع عنه الإيمان
176 * (ولو شئنا لرفعناه بها) * بالعمل بها يعني وفقناه للعمل بالآيات وكنا نرفع
421

177 179 بذلك منزلته * (ولكنه أخلد إلى الأرض) * مال إلى الدنيا وسكن إليها وذلك أن قومه أهدوا له رشوة ليدعو على قوم موسى فأخذها * (واتبع هواه) * انقاد لما دعاه إليه الهوى * (فمثله كمثل الكلب) * أراد أن هذا الكافر إن زجرته لم ينزجر وإن تركته لم يهتد فالحالتان عنده سواء كحالتي الكلب اللاهث فإنه إن حمل عليه بالطرد كان لاهثا وإن ترك وربض كان أيضا لاهثا كهذا الكافر في الحالتين ضال وذلك أنه زجر في المنام عن الدعاء على موسى فلم ينزجر وترك عن الزجر فلم يهتد فضرب الله له أخس شيء في أخس أحواله وهو حال اللهث مثلا وهو إدلاع اللسان من الإعياء والعطش والكلب يفعل ذلك في حال الكلال وحال الراحة ثم عم بهذا التمثيل جميع المكذبين بآيات الله فقال * (ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا) * يعني أهل مكة كانوا يتمنون هاديا يهديهم فلما جاءهم من لا يشكون في صدقه كذبوه فلم يهتدوا لما تركوا ولم يهتدوا أيضا لما دعوا بالرسول فكانوا ضالين عن الرشد في الحالتين * (فاقصص القصص) * يعني قصص الذين كذبوا بآياتنا * (لعلهم يتفكرون) * فيتعظون ثم ذم مثلهم فقال
177 * (ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا) * أي بئس مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا * (وأنفسهم كانوا يظلمون) * بذلك التكذيب يعني إنما يخسرون حظهم
179 * (ولقد ذرأنا) * خلقنا * (لجهنم كثيرا من الجن والإنس) * وهم الذين حقت
422

180 183 عليهم الشقاوة * (لهم قلوب لا يفقهون بها) * لا يعقلون بها الخير والهدى * (ولهم أعين لا يبصرون بها) * سبل الهدى * (ولهم آذان لا يسمعون بها) * مواعظ القرآن * (أولئك كالأنعام) * يأكلون ويشربون ولا يلتفتون إلى الآخرة * (بل هم أضل) * لأن الأنعام مطيعة لله والكافر غير مطيع * (أولئك هم الغافلون) * عما في الآخرة من العذاب
180 * (ولله الأسماء الحسنى) * يعني التسعة والتسعين * (فادعوه بها) * كقولك يا الله يا قدير يا عليم * (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) * يميلون عن القصد وهم المشركون عدلوا بأسماء الله عما هي عليه فسموا بها أوثانهم وزادوا فيها ونقصوا واشتقوا اللات من الله والعزى من العزيز ومناة من المنان * (سيجزون ما كانوا يعملون) * جزاء ما كانوا يعملون في الآخرة
181 * (وممن خلقنا أمة) * الآية يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما قال في قوم موسى عليه السلام * (ومن قوم موسى أمة) * الآية
182 * (والذين كذبوا بآياتنا) * محمد والقرآن يعني أهل مكة * (سنستدرجهم) * سنمكر بهم * (من حيث لا يعلمون) * كلما جددوا لنا معصية جددنا لهم نعمة
183 * (وأملي لهم) * أطيل لهم مدة عمرهم ليتمادوا في المعاصي * (إن كيدي متين) * مكري شديد نزلت في المستهزئين من قريش قتلهم الله في ليلة واحدة بعد أن أمهلهم طويلا
423

184 187
184 * (أولم يتفكروا) * فيعلموا * (ما بصاحبهم) * محمد * (من جنة) * من جنون
185 * (أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض) * ليستدلوا بها على توحيد الله وفسرنا ملكوت السماوات والأرض في سورة الأنعام * (وما خلق الله من شيء) * وفيما خلق الله من الأشياء كلها * (وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم) * وفي أن لعل آجالهم قريبة فيهلكوا على الكفر ويصيروا إلى النار * (فبأي حديث بعده يؤمنون) * فبأي قرآن غير ما جاء به محمد يصدقون يعني إنه خاتم الرسل ولا وحي بعده ثم ذكر علة إعراضهم عن الإيمان فقال
186 * (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون) *
187 * (يسألونك عن الساعة) * أي الساعة التي يموت فيها الخلق يعني القيامة في قريش قالت لمحمدص أسر إلينا متى الساعة * (أيان مرساها) * متى وقوعها وثبوتها * (قل إنما علمها) * العلم بوقتها ووقوعها * (عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو) * لا يظهرها في وقتها إلا هو * (ثقلت في السماوات والأرض) * ثقل وقوعها وكبر على أهل السماوات والأرض لما فيها من الأهوال * (لا تأتيكم إلا بغتة) * فجأة * (يسألونك كأنك حفي عنها) * عالم بها مسؤول عنها * (قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * أن علمها عند الله حين سألوا محمدا عن ذلك
424

188 189
188 * (قل لا أملك لنفسي) * الآية إن أهل مكة قالوا يا محمد ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فنشتري من الرخيص لنربح عليه وبالأرض التي تريد أن تجدب فنرتحل عنها فأنزل الله تعالى هذه الآية ومعنى قوله * (لا أملك لنفسي نفعا) * أي اجتلاب نفع بأن أربح * (ولا ضرا) * دفع ضر بأن أرتحل من الأرض التي تريد أن تجدب * (إلا ما شاء الله) * أن أملكه بتمليكه * (ولو كنت أعلم الغيب) * ما يكون قبل أن يكون * (لاستكثرت من الخير) * لادخرت في زمان الخصب لزمن الجدب * (وما مسني السوء) * وما أصابني الضر والفقر * (إن أنا إلا نذير) * لمن يصدق ما جئت به * (وبشير) * لمن اتبعني وآمن بي
189 * (هو الذي خلقكم من نفس واحدة) * يعني آدم * (وجعل منها زوجها) * حواء خلقها من ضلعه * (ليسكن إليها) * ليأنس بها فيأوي إليها * (فلما تغشاها) * جامعها * (حملت حملا خفيفا) * يعني النطفة والمني * (فمرت به) * استمرت بذلك الحمل الخفيف وقامت وقعدت ولم يثقلها * (فلما أثقلت) * صار إلى حال الثقل ودنت ولادتها * (دعوا الله ربهما) * آدم وحواء * (لئن آتيتنا صالحا) * بشرا سويا مثلنا * (لنكونن من الشاكرين) * وذلك أن إبليس أتاها في غير صورته التي عرفته وقال لها ما الذي في بطنك قالت ما أدري قال إني أخاف أن يكون بهيمة أو كلبا أو خنزيرا وذكرت ذلك لآدم فلم يزالا في هم من ذلك ثم أتاها وقال إن سألت الله أن يجعله خلقا سويا مثلك أتسمينه عبد الحارث وكان إبليس في الملائكة الحارث ولم يزل بها حتى غرها فلما ولدت ولدا سوي
425

190 192 الخلق سمته عبد الحارث فرضي آدم فذلك قوله
190 * (فلما آتاهما صالحا) * ولدا سويا * (جعلا له) * لله * (شركاء) * يعني إبليس فأوقع الواحد موقع الجميع * (فيما آتاهما) * من الولد إذ سمياه عبد الحارث ولا ينبغي أن يكون عبدا إلا لله ولم تعرف حواء أنه إبليس ولم يكن هذا شركا بالله لأنهما لم يذهبا إلى أن الحارث ربهما لكنهما قصدا إلى أنه كان سبب نجاته وتم الكلام عند قوله * (آتاهما) * ثم ذكر كفار مكة فقال * (فتعالى الله عما يشركون) *
191 * (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون) * يريد أيعبدون ما لا يقدر أن يخلق شيئا وهم مخلوقون عنى الأصنام
192 * (ولا يستطيعون لهم نصرا) * لا تنصر من أطاعها * (ولا أنفسهم ينصرون) * ولا يدفعون عن أنفسهم مكروه من أرادهم بكسر أو نحوه ثم خاطب المؤمنين فقال
426

193 199
193 * (وإن تدعوهم) * يعني المشركين * (إلى الهدى لا يتبعوكم) * الآية
194 * (إن الذين تدعون من دون الله) * يعني الأصنام * (عباد) * مملوكون مخلوقون * (أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم) * فاعبدوهم هل يثيبونكم أو يجازونكم * (إن كنتم صادقين) * أن لكم عند الأصنام منفعة أو ثوابا أو شفاعة ثم بين فضل الآدمي عليهم فقال
195 * (ألهم أرجل يمشون بها) * مشي بني آدم * (أم لهم أيد يبطشون بها) * يتناولون بها مثل بطش بني ادم * (أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم) * الذين تعبدون من دون الله * (ثم كيدون) * أنتم وشركاؤكم * (فلا تنظرون) * لا تمهلون واعجلوا في كيدي
196 * (إن وليي الله) * الذي يتولى حفظي ونصري * (الذي نزل الكتاب) * القرآن * (وهو يتولى الصالحين) * الذين لا يعدلون بالله شيئا وقوله
198 * (وتراهم ينظرون إليك) * تحسبهم يرونك * (وهم لا يبصرون) * وذلك لأن لها أعينا مصنوعة مركبة بالجواهر حتى يحسب الإنسان أنها تنظر إليه
199 * (خذ العفو) * اقبل الميسور من أخلاق الناس ولا تستقص عليهم وقيل هو
427

200 203 أن يعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه * (وأمر بالمعروف) * المعروف الذي يعرف حسنه كل أحد * (وأعرض عن الجاهلين) * لا تقابل السفيه بسفهه فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يا رب والغضب فنزل
200 * (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ) * يعرض لك من الشيطان عارض ونالك منه أدنى وسوسة * (فاستعذ بالله) * اطلب النجاة من تلك البليه بالله * (إنه سميع) * لدعائك * (عليم) * عالم بما عرض لك
201 * (إن الذين اتقوا) * يعني المؤمنين * (إذا مسهم) * أصابهم * (طائف من الشيطان) * عارض من وسوسته * (تذكروا) * استعاذوا بالله * (فإذا هم مبصرون) * مواقع خطئهم فينزعون من مخالفة الله
202 * (وإخوانهم) * يعني الكفار وهم إخوان الشياطين * (يمدونهم) * أي الشياطين يطولون لهم الإغواء والضلالة * (ثم لا يقصرون) * عن الضلالة ولا يبصرونها كما أقصر المتقي عنها حين أبصرها
203 * (وإذا لم تأتهم) * يعني أهل مكة * (بآية) * سألوكها * (قالوا لولا اجتبيتها) * اختلقتها وأنشأتها من قبل نفسك * (قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي) * أي لست آتي
428

204 206 بالآيات من قبل نفسي * (هذا) * أي هذا القرآن الذي أتيت به * (بصائر من ربكم) * حجج ودلائل تعود إلى الحق
204 * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) * الآية نزلت في تحريم الكلام في الصلاة وكانوا يتكلمون في الصلاة في بدء الأمر وقيل نزلت في ترك الجهر بالقراءة وراء الإمام وقيل نزلت في السكوت للخطبة وقوله * (وأنصتوا) * أي عما يحرم من الكلام في الصلاة أو عن رفع الصوت خلف الإمام أو اسكتوا لاستماع الخطبة
205 * (واذكر ربك في نفسك) * يعني القراءة في الصلاة * (تضرعا وخيفة) * استكانة لي وخوفا من عذابي * (ودون الجهر) * دون الرفع * (من القول بالغدو والآصال) * بالبكر والعشيات أمر أن يقرأ في نفسه في صلاة الاسرار ودون الجهر فيما يرفع به الصوت * (ولا تكن من الغافلين) * الذين لا يقرؤون في صلاتهم
206 * (إن الذين عند ربك) * يعني الملائكة وهم بالقرب من رحمة الله * (لا يستكبرون عن عبادته) * أي هم مع منزلتهم ودرجتهم يعبدون الله كأنه قيل من هو أكبر منك أيها الانسان لا يستكبر عن عبادة الله * (ويسبحونه) * ينزهونه عن السوء * (وله يسجدون) *
429

1 2
سورة الأنفال * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (يسألونك عن الأنفال) * الغنائم لمن هي نزلت حين اختلفوا في غنائم بدر فقال الشبان هي لنا لأنا باشرنا الحرب وقالت الأشياخ كنا ردءا لكم لأنا وقفنا في المصاف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو انهزمتهم لانحزتم إلينا فلا تذهبوا بالغنائم دوننا فأنزل الله تعالى * (قل الأنفال لله والرسول) * يضعها حيث يشاء من غير مشاركة فيها فقسمها بينهم على السواء * (فاتقوا الله) * بطاعته واجتناب معاصيه * (وأصلحوا ذات بينكم) * حقيقة وصلكم أي لا تخالفوا * (وأطيعوا الله ورسوله) * سلموا لهما في الأنفال فإنهما يحكمان فيها ما أرادا * (إن كنتم مؤمنين) * ثم وصف المؤمنين فقال
2 * (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) * أي المؤمن الذي إذا خوف
430

4 7 بالله فرق قلبه وانقاد لأمره * (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) * تصديقا ويقينا * (وعلى ربهم يتوكلون) * بالله يثقون لا يرجون غيره
4 * (أولئك هم المؤمنون حقا) * صدقا من غير شك لا كإيمان المنافقين * (لهم درجات عند ربهم) * يعني درجات الجنة * (ومغفرة ورزق كريم) * وهو رزق الجنة
5 * (كما أخرجك) * أي امض لأمر الله في الغنائم وإن كره بعضهم ذلك لأن الشبان أرادوا أن يستبدوا به فقال الله تعالى أعط من شئت وإن كرهوا كما مضيت لأمر الله في الخروج وهم له كارهون ومعنى * (كما أخرجك ربك من بيتك) * أمرك بالخروج من المدينة لعير قريش * (بالحق) * بالوحي الذي أتاك به جبريل * (وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) * الخروج معك كراهة الطبع لاحتمال المشقة لأنهم علموا أنهم لا يظفرون بالعير دون القتال
6 * (يجادلونك في الحق بعد ما تبين) * في القتال بعد ما أمرت به وذلك أنهم خرجوا للعير ولم يأخذوا أهبة الحرب فلما أمروا بحرب النفير شق عليهم ذلك فطلبوا الرخصة في ترك ذلك فهو جدالهم * (كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) * أي لشدة كراهيتهم للقاء القوم كأنهم يساقون إلى الموت عيانا
7 * (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين) * العير أو النفير * (أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) * أي العير التي لا سلاح فيها تكون لكم * (ويريد الله أن يحق الحق) *
431

يظهره ويعليه * (بكلماته) * بعداته التي سبقت بظهور الإسلام * (ويقطع دابر الكافرين) * آخر من بقي منهم يعني إنه إنما أمركم بحرب قريش لهذا
8 * (ليحق الحق) * أي ويقطع دابر الكافرين ليظهر الحق ويعليه * (ويبطل الباطل) * ويهلك الكفر ويفنيه * (ولو كره المجرمون) * ذلك
9 * (إذ تستغيثون ربكم) * تطلبون منه المعونة بالنصر على العدو لقلتكم * (فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) * متتابعين جاؤوا بعد المسلمين ومن فتح الدال أراد بألف أردف الله المسلمين بهم
10 * (وما جعله الله) * أي الإرداف * (إلا بشرى) * الآية ماضية في سورة آل عمران * (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) * وذلك أن الله تعالى أمنهم أمنا غشيهم النعاس معه وهذا كما كان يوم أحد وقد ذكرنا ذلك في سورة آل عمران * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * وذلك أنهم لما بايتوا المشركين ببدر أصابت جماعة منهم جنابات وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء فوسوس إليهم الشيطان وقال لهم كيف ترجون الظفر وقد غلبوكم على الماء وأنتم تصلون مجنبين ومحدثين وتزعمون أنكم أولياء الله وفيكم نبيه فأنزل الله تعالى مطرا سال منه الوادي حتى اغتسلوا وزالت الوسوسة فذلك قوله * (ليطهركم به) * أي من
432

12 16 الأحداث والجنابات * (ويذهب عنكم رجز الشيطان) * وسوسته التي تكسب عذاب الله * (وليربط) * به * (على قلوبكم) * باليقين والنصر * (ويثبت به الأقدام) * وذلك أنهم كانوا قد نزلوا على كثيب تغوص فيه أرجلهم فلبده المطر حتى ثبتت عليه الأقدام
12 * (إذ يوحي ربك إلى الملائكة) * الذين أمد بهم المسلمين * (إني معكم) * بالعون والنصرة * (فثبتوا الذين آمنوا) * بالتبشير بالنصر وكان الملك يسير أمام الصف على صورة رجل ويقول أبشروا فإن الله ناصركم * (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) * الخوف من أوليائي * (فاضربوا فوق الأعناق) * أي الرؤوس * (واضربوا منهم كل بنان) * أي الأطراف من اليدين والرجلين
13 * (ذلك) * الضرب * (بأنهم شاقوا الله ورسوله) * باينوهما وخالفوهما
14 * (ذلكم) * القتل والضرب ببدر * (فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار) * بعدما نزل بهم من ضرب الأعناق
15 * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا) * مجتمعين متدانين إليكم للقتال * (فلا تولوهم الأدبار) * لا تجعلوا ظهوركم مما يليهم
16 * (ومن يولهم يومئذ) * أي يوم لقاء الكفار * (دبره إلا متحرفا لقتال) * منعطفا مستطردا يطلب العودة * (أو متحيزا) * منضما * (إلى فئة) * لجماعة يريدون العود إلى
433

17 19 القتال * (فقد باء بغضب من الله) * الآية وأكثر المفسرين على أن هذا الوعيد إنما كان لمن فر يوم بدر وكان هذا خاصا للمنهزم يوم بدر
17 * (فلم تقتلوهم) * يعني يوم بدر * (ولكن الله قتلهم) * بتسبيبه ذلك من المعونة عليهم وتشجيع القلب * (وما رميت إذ رميت) * وذلك أن جبريل عليه السلام قال للنبي عليه السلام يوم بدر خذ قبضة من تراب فارمهم بها فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبضة من حصى الوادي فرمى بها في وجوه القوم فلم يبق مشرك إلا دخل عينيه منها شيء وكان ذلك سبب هزيمتهم فقال الله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * أي إن كفا من حصى لا يملأ عيون ذلك الجيش الكثير برمية
بشر ولكن الله تعالى تولى إيصال ذلك إلى أبصارهم * (وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا) * وينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة فعل ذلك * (إن الله سميع) * لدعائهم * (عليم) * بنياتهم
18 * (ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين) * يهنىء رسوله بإيهانه كيد عدوه حتى قتلت جبا برتهم وأسر أشرا فهم
19 * (إن تستفتحوا) * هذا خطاب للمشركين وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر اللهم
434

20 24 انصر أفضل الدينين وأهدى الفئتين فقال الله تعالى * (إن تستفتحوا) * تستنصروا لأهدى الفئتين * (فقد جاءكم الفتح) * النصر * (وإن تنتهوا) * عن الشرك بالله * (فهو خير لكم وإن تعودوا) * لقتال محمد * (نعد) * عليكم بالقتل والأسر * (ولن تغني عنكم) * تدفع عنكم * (فئتكم) * جماعتكم * (شيئا ولو كثرت) * في العدد * (وأن الله مع المؤمنين) * فالنصر لهم
20 * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه) * لا تعرضوا عنه بمخالفة أمره * (وأنتم تسمعون) * ما نزل من القرآن
21 * (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا) * سماع قابل وليسوا كذلك يعني المنافقين وقيل أراد المشركين لأنهم سمعوا ولم يتفكروا فيما سمعوا فكانوا بمنزلة من لم يسمع
22 * (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) * يريد نفرا من المشركين كانوا صما عن الحق فلا يسمعونه بكما عن التكلم به بين الله تعالى أن هؤلاء شر ما دب على الأرض من الحيوان
23 * (ولو علم الله فيهم خيرا) * لو علم أنهم يصلحون بما يورده عليهم من حججه وآياته * (لأسمعهم) * إياها سماع تفهم * (ولو أسمعهم) * بعد أن علم أن لا خير فيهم ما انتفعوا بذلك و * (لتولوا وهم معرضون) *
24 * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول) * أجيبوا لهما بالطاعة * (إذا دعاكم لما يحييكم) *
435

يعني الجهاد لأن به يحيا أمرهم ويقوى ولأنه سبب الشهادة والشهداء أحياء عند ربهم ولأنه سبب للحياة الدائمة في الجنة * (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) * يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن إلا بإذنه ولا أن يكفر فالقلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء * (وأنه إليه تحشرون) * للجزاء على الأعمال
25 * (واتقوا فتنة) * الآية أمر الله تعالى المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب والفتنة ها هنا إقرار المنكر وترك التغيير له وقوله * (لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * أي تصيب الظالم والمظلوم ولا تكون للظلمة وحدهم خاصة ولكنها عامة والتقدير واتقوا فتنة إن لا تتقوها لا تصيب الذين ظلموا منكم خاصة أي لا تقع بالظالمين دون غيرهم ولكنها تقع بالصالحين والطالحين * (واعلموا أن الله شديد العقاب) * حث على لزوم الاستقامة خوفا من الفتنة ومن عقاب الله بالمعصية فيها
26 * (واذكروا) * يعني المهاجرين * (إذ أنتم قليل) * يعني حين كانوا بمكة في عنفوان الإسلام قبل أن يكملوا أربعين * (مستضعفون في الأرض) * يعني أرض مكة * (تخافون أن يتخطفكم الناس) * المشركون من العرب لو خرجتم منها * (فآواكم) * جعل لكم مأوى ترجعون إليه وضمكم إلى الأنصار * (وأيدكم بنصره) * يوم بدر بالملائكة * (ورزقكم من الطيبات) * يعني الغنانم أحلها لكم * (لعلكم تشكرون) * كي تطيعوا
27 * (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله) * بترك فرائضه * (والرسول) * بترك سنته
436

28 30 * (وتخونوا) * أي ولا تخونوا * (أماناتكم) * وهي كل ما ائتمن الله عليها العباد وكل أحد مؤتمن على ما افترض الله عليه * (وأنتم تعلمون) * أنها أمانة من غير شبهة وقيل نزلت هذه الآية في أبي لبابة حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريظة لما حاصرهم وكان أهله وولده فيهم فقالوا له ما ترى لنا أننزل على حكم سعد فينا فأشار أبو لبابة إلى حلقه أنه الذبح فلا تفعلوا وكانت منه خيانة لله ورسو له
28 * (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة) * أي محنة يظهر بها ما في النفس من اتباع الهوى أوتجنبه ولذلك مال أبو لبابة إلى قريظة في إطلاعهم على حكم سعد لأن ماله وولده كانت فيهم * (وأن الله عنده أجر عظيم) * لمن أدى الأمانة ولم يخن
29 * (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله) * باجتناب الخيانة فيما ذكر * (يجعل لكم فرقانا) * يفرق بينكم وبين ما تخافون فتنجون * (ويكفر عنكم سيئاتكم) * يمحو عنكم ما سلف من ذنوبكم * (والله ذو الفضل العظيم) * لا يمنعكم ما وعدكم على طاعته
30 * (وإذ يمكر بك الذين كفروا) * وذلك أن مشركي قريش تآمروا في دارة الندوة في شأن محمد عليه السلام فقال بعضهم قيدوه نتربص به ريب المنون وقال بعضهم أخرجوه عنكم تستريحوا من أذاه وقال أبو جهل لعنه الله ما هذا برأي ولكن اقتلوه بأن يجتمع عليه من كل بطن رجل فيضربوه ضربة رجل
437

31 32 واحد فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلها فأوحى الله تعالى إلى نبيه بذلك وأمره بالهجرة فذلك قوله * (ليثبتوك) * أي ليوثقوك ويشدوك * (أو يقتلوك) * بأجمعهم قتلة رجل واحد كما قال اللعين أبو جهل * (أو يخرجوك) * من مكة إلى طرف من أطراف الأرض * (ويمكرون ويمكر الله) * أي يجازيهم جزاء مكرهم بنصر المؤمنين عليهم * (والله خير الماكرين) * أفضل المجازين بالسيئة العقوبة وذلك أنه أهلك هؤلاء الذين دبروا لنبيه الكيد وخلصه منهم
31 * (وإذا تتلى عليهم آياتنا) * الآية كان النضر بن الحارث خرج إلى الحيرة تاجرا واشترى أحاديث كليلة ودمنة فكان يقعد به مع المستهزئين فيقرأ عليهم فلما قص رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن القرون الماضية قال النضر بن الحارث لو شئت لقلت مثل هذا ان هذا الا ما سطر الأولون في كتبهم وقال النضر أيضا
32 * (اللهم إن كان هذا) * الذي يقوله محمد حقا * (من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) * كما أمطرتها على قوم لوط * (أو ائتنا بعذاب أليم) * أي ببعض ما عذبت
438

33 36 به الأمم حمله شدة عداوة النبي صلى الله عليه وسلم على إظهار مثل هذا القول ليوهم أنه على بصيرة من أمره وغاية الثقة في أمر محمد أنه ليس على حق
33 * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * وما كان الله ليعذب المشركين وأنت مقيم بين أظهرهم لأنه لم يعذب الله قرية حتى يخرج النبي منها والذين آمنوا معه * (وما كان الله) * معذب هؤلاء الكفار وفيهم المؤمنون * (يستغفرون) * يعني المسلمين ثم قال
34 * (وما لهم ألا يعذبهم الله) * أي ولم لا يعذبهم الله بالسيف بعد خروج من عنى بقوله * (وهم يستغفرون) * من بينهم * (وهم يصدون) * يمنعون النبي والمؤمنين * (عن المسجد الحرام) * أن يطوفوا به * (وما كانوا أولياءه) * وذلك أنهم قالوا نحن أولياء المسجد فرد الله عليهم بقوله * (إن أولياؤه إلا المتقون) * يعني المهاجرين والأنصار * (ولكن أكثرهم لا يعلمون) * غيب علمي وما سبق في قضائي
35 * (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) * أي صفيرا وتصفيقا وكانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفرون ويصفقون جعلوا ذلك صلاة لهم فكان تقربهم إلى الله بالصفير والصفيق * (فذوقوا العذاب) * ببدر * (بما كنتم تكفرون) * تجحدون توحيد الله تعالى
36 * (إن الذين كفروا) * نزلت في المنفقين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام بدر
439

37 39 وكانوا اثني عشر رجلا قال تعالى * (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة) * بذهاب الأموال وفوات المراد
37 * (ليميز الله الخبيث من الطيب) * أي إنما تحشرون إلى جهنم ليميز بين أهل الشقاوة وأهل السعادة * (ويجعل الخبيث) * أي الكافر وهو اسم الجنس * (بعضه على بعض) * يلحق بعضهم ببعض * (فيركمه جميعا) * أي يجمعه حتى يصير كالسحاب المركوم ثم * (فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون) * لأنهم اشتروا بأموالهم عذاب الله في الآخرة
38 * (قل للذين كفروا) * أبي سفيان وأصحابه * (إن ينتهوا) * عن الشرك وقتال المؤمنين * (يغفر لهم ما قد سلف) * تقدم من الزنا والشرك لأن الحربي إذا أسلم عاد كمثله يوم ولدته أمه * (وإن يعودوا) * للقتال * (فقد مضت سنة الأولين) * بنصر الله رسله ومن آمن على من كفر
39 * (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) * كفر * (ويكون الدين كله لله) * لا يكون مع دينكم كفر في جزيرة العرب * (فإن انتهوا) * عن الشرك * (فإن الله بما يعملون بصير) * يجازيهم مجازاة البصير بهم وبأعمالهم
440

40 42
40 * (وإن تولوا) * أبوا أن يدعوا الشرك وقتال محمد * (فاعلموا أن الله مولاكم) * ناصركم يا معشر المؤمنين
41 * (واعلموا أنما غنمتم من شيء) * أخذتموه قسرا من الكفار * (فأن لله خمسه) * هذا تزيين لافتتاح الكلام ومصرف الخمس إلى حيث ذكر وهو قوله * (وللرسول) * كان له خمس الخمس يصنع فيه ما شاء واليوم يصرف إلى مصالح المسلمين * (ولذي القربى) * وهم بنو هاشم وبنو المطلب الذين حرمت عليهم الصدقات المفروضة لهم خمس الخمس من الغنيمة * (واليتامى) * وهم أطفال المسلمين الذين هلك اباؤهم ينفق عليهم من خمس الخمس * (والمساكين) * وهم أهل الحاجة والفاقة من المسلمين لهم أيضا خمس الخمس * (وابن السبيل) * المنقطع به في سفره فخمس الغنيمة يقسم على خمسة أخماس كما ذكره الله تعالى وأربعة أخماسها تكون للغانمين وقوله * (إن كنتم آمنتم بالله) * أي فافعلوا ما أمرتم به في الغنيمة إن كنتم آمنتم بالله * (وما أنزلنا على عبدنا) * يعني هذه السورة * (يوم الفرقان) * اليوم الذي فرقت به بين الحق والباطل * (يوم التقى الجمعان) * حزب الله وحزب الشيطان * (والله على كل شيء قدير) * إذ نصركم الله وأنتم أقلة أذلة
42 * (إذ أنتم بالعدوة الدنيا) * نزول بشفير الوادي الأدنى إلى المدينة وعدوكم نزول بشفير الوادي الأقصى إلى مكة * (والركب) * أبو سفيان وأصحابه وهم أصحاب الإبل يعني العير * (أسفل منكم) * إلى ساحل البحر * (ولو تواعدتم) * للقتال
441

43 44 * (لاختلفتم في الميعاد) * لتأخرتم فنقضتم الميعاد لكثرتهم وقلتكم * (ولكن) * جمعكم الله من غير ميعاد * (ليقضي الله أمرا كان مفعولا) * في علمه وحكمه من نصر النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين * (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) * أي فعل ذلك ليضل ويكفر من كفر من بعد حجة قامت عليه وقطعت عذره ويؤمن من آمن على مثل ذلك وأراد بالبينة نصرة المؤمنين مع قلتهم على ذلك الجمع الكثير مع كثرتهم وشوكتهم * (وإن الله لسميع) * لدعائكم * (عليم) * بنياتكم
43 * (إذ يريكهم الله في منامك) * عينك وهو موضع النوم * (قليلا) * لتحتقروهم وتجترؤوا عليهم * (ولو أراكهم كثيرا لفشلتم) * لجبنتم ولتأخرتم عن حربهم * (ولتنازعتم في الأمر) * واختلفت كلمتكم * (ولكن الله سلم) * عصمكم وسلمكم من المخالفة فيما بينكم * (إنه عليم بذات الصدور) * علم ما في صدوركم من اليقين ثم خاطب المؤمنين جميعا بهذا المعنى فقال
44 * (وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا) * قال ابن مسعود لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي تراهم سبعين قال أراهم مائة وأسرنا رجلا فقلنا كم كنتم قال ألفا * (ويقللكم في أعينهم) * ليجترئوا عليكم ولا يرجعوا عن قتالكم * (ليقضي الله أمرا كان مفعولا) * في علمه بنصر الإسلام وأهله وذل الشرك وأهله * (وإلى الله ترجع الأمور) * وبعد هذا إلي مصيركم فأكرم أوليائي وأعاقب أعدائي
442

45 48
45 * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة) * جماعة كافرة * (فاثبتوا) * لقتالهم ولا تنهزموا * (واذكروا الله كثيرا) * ادعوه بالنصر عليهم * (لعلكم تفلحون) * كي تسعدوا وتبقوا في الجنة فإنهما خصلتان إما الغنيمة وإما الشهادة
46 * (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا) * ولا تختلفوا * (فتفشلوا) * تجبنوا * (وتذهب ريحكم) * جلدكم وجرأتكم ودولتكم
47 * (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم) * يعني النفير * (بطرا) * طغيانا في النعمة للجميل مع إبطان القبيح * (يصدون عن سبيل الله) * لمعاداة المؤمنين وقتالهم * (والله بما يعملون محيط) * عالم فيجازيهم به
48 * (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم) * الآية وذلك أن قريشا لما أجمعت المسير خافت كنانة وبني مدلج لطوائل كانت بينهم فتبدى لهم إبليس في جنده على صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني ثم المدلجي فقالوا له نحن نريد قتال هذا الرجل ونخاف من قومك فقال لهم أنا جار لكم أي حافظ من قومي فلا غالب لكم اليوم من الئاس * (فلما تراءت الفئتان) * التقى الجمعان * (نكص على عقبيه) * رجع موليا فقيل له يا سراقة أفرارا من غير قتال فقال * (إني أرى ما لا ترون) * وذلك أنه رأى جبريل مع الملائكة جاؤوا لنصر المؤمنين * (إني أخاف الله) * أن يهلكني فيمن يهلك * (والله شديد العقاب) *
443

49 53
49 * (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) * وهم قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا فلما خرجت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا معهم وقالوا نكون مع أكثر الفئتين فلما رأوا قلة المسلمين قالوا * (غر هؤلاء دينهم) * إذ خرجوا مع قلتهم يقاتلون الجمع الكثير ثم قتلوا جميعا مع المشركين قال الله تعالى * (ومن يتوكل على الله) * يسلم أمره إلى الله * (فإن الله عزيز) * قوي منيع * (حكيم) * في خلقه
50 * (ولو ترى) * يا محمد * (إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة) * يأخذون أرواحهم يعني من قتلوا ببدر * (يضربون وجوههم وأدبارهم) * مقاديمهم إذا أقبلوا إلى المسلمين وماخيرهم إذا ولوا * (وذوقوا) * أي ويقولون لهم بعد الموت ذوقوا بعد الموت * (عذاب الحريق) *
51 * (ذلك) * أي هذا العذاب * (بما قدمت أيديكم) * بما كسبتم وجنيتم * (وأن الله ليس بظلام للعبيد) * لأنه حكم فيما يقضي
52 * (كدأب آل فرعون) * الآية يريد عادة هؤلاء في التكذيب كعادة ال فرعون فأنزل الله تعالى بهم عقوبته كما أنزل بآل فرعون * (إن الله قوي) * قادلر لا يغلبه شيء * (شديد العقاب) * لمن كفر به وكذب رسله
53 * (ذلك بأن الله) * الآية إن الله تعالى أطعم أهل مكة من جوع وامنهم من خوف وبعث إليهم محمدا رسولا وكان هذا كله مما أنعم عليهم ولم يكن
444

55 58 يغير عليهم لو لم يغيروا هم وتغييرهم كفرهم بها وتركهم شكرها فلما غيروا ذلك غير الله ما بهم فسلبهم النعمة وأخذهم ثم نزل في يهود قريظة
55 * (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون) *
56 * (الذين عاهدت منهم) * الآية وذلك أنهم نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعانوا عليه مشركي مكة بالسلاح ثم اعتذروا وقالوا أخطأنا فعاهدهم ثانية فنقضوا العهد يوم الخندق وذلك قوله * (ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون) * عقاب الله في ذلك
57 * (فإما تثقفنهم في الحرب) * فإن أدركتهم في القتال وأسرتهم * (فشرد بهم من خلفهم) * فافعل بهم فعلا من التنكيل والعقوبة يفرق به جمع كل ناقض عهد فيعتبروا بما فعلت بهؤلاء فلا ينقضوا العهد فذلك قوله تعالى * (لعلهم يذكرون) *
58 * (وإما تخافن من قوم) * تعلمن من قوم * (خيانة) * نقضا للعهد بدليل يظهر لك * (فانبذ إليهم على سواء) * أي انبذ عهدهم الذي عاهدتهم عليه لتكون أنت وهم سواء في العداوة فلا يتوهموا أنك نقضت العهد بنصب الحرب أي أعلمهم أنك نقضت عهدهم لئلا يتوهموا بك الغدر * (إن الله لا يحب الخائنين) * الذين يخونون في العهود وغيرها
445

59 61
59 * (ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا) * وذلك أن من أفلت من حرب بدر من الكفار خافوا أن ينزل بهم هلكة في الوقت فلما لم ينزل طغوا وبغوا فقال الله لا تحسبنهم سبقونا بسلامتهم الآن ف * (إنهم لا يعجزون) * نا ولا يفوتوننا فيما يستقبلون من الأوقات
60 * (وأعدوا لهم) * أي خذوا العدة لعدوكم * (ما استطعتم من قوة) * مما تتقوون به على حربهم من السلاح والقسي وغيرهما * (ومن رباط الخيل) * مما يرتبط من الفرس في سبيل الله * (ترهبون به) * تخوفون به بما استطعتم * (عدو الله وعدوكم) * مشركي مكة وكفار العرب * (وآخرين من دونهم) * وهم المنافقون * (لا تعلمونهم الله يعلمهم) * لأنهم معكم يقولون لا إله إلا الله ويغزون معكم والمنافق يريبه عدد المسلمين * (وما تنفقوا من شيء) * من آلة وسلاح وصفراء وبيضاء * (في سبيل الله) * طاعة الله * (يوف إليكم) * يخلف لكم في العاجل ويوفر لكم أجره في الآخرة * (وأنتم لا تظلمون) * لا تنقصون من الثواب
61 * (وإن جنحوا للسلم) * مالوا إلى الصلح * (فاجنح لها) * فمل إليها يعني
446

62 65 المشركين واليهود ثم نسخ هذا بقوله * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) * * (وتوكل على الله) * ثق به * (إنه هو السميع) * لقولكم * (العليم) * بما في قلوبكم
62 * (وإن يريدوا أن يخدعوك) * بالصلح لتكف عنهم * (فإن حسبك الله) * أي فالذي يتولى كفايتك الله * (هو الذي أيدك) * قواك * (بنصره) * يوم بدر * (وبالمؤمنين) * يعني الأ نصا ر
63 * (وألف بين قلوبهم) * بين قلوب الأوس والخزرج وهم الأنصار * (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) * للعداوة التي كانت بينهم * (ولكن الله ألف بينهم) * لأن قلوبهم بيده يؤلفها كيف يشاء * (إنه عزيز) * لا يمتنع عليه شيء * (حكيم) * عليم بما يفعله
64 * (يا أيها النبي حسبك الله) * الآية أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ثم أسلم عمر رضي الله عنه فنزلت هذه الآية والمعنى يكفيك الله ويكفي من اتبعك من المؤمنين
65 * (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال) * حضهم على نصر دين الله * (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) *
447

يريد الرجل منكم بعشرة منهم في الحرب * (وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون) * أي هم على جهالة فلا يثبتون إذا صدقتموهم القتال خلاف من يقاتل على بصيرة يرجو ثواب الله وكان الحكم على هذا زمانا يصابر الواحد من المسلمين العشرة من الكفار فتضرعوا وشكوا إلى الله عز وجل ضعفهم فنزل
66 * (الآن خفف الله عنكم) * هون عليكم * (وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين) * فصار الرجل من المسلمين برجلين من الكفار وقوله * (بإذن الله) * أي بإرادته ذلك
67 * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) * الآية نزلت في فداء أسارى بدر فادوهم بأربعة آلاف ألف فأنكر الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله لم يكن لنبي أن يحبس كافرا قدر عليه للفداء فلا يكون له أيضا حتى يثخن في الأرض يبالغ في قتل أعدائه * (تريدون عرض الدنيا) * أي الفداء * (والله يريد الآخرة) * يريد لكم الجنة بقتلهم وهذه الآية بيان عما يجب أن يجتنب من اتخاذ الأسرى للمن أو الفداء قبل الاثخان في الأرض بقتل الأعداء وكان هذا في يوم بدر ولم يكونوا قد أثخنوا فلذلك أنكر الله عليهم ثم نزل بعده * (فإما منا بعد وإما فداء) *
448

68 72
68 * (لولا كتاب من الله سبق) * يا محمد أن الغنائم وفداء الأسرى لك ولأمتك حلال * (لمسكم فيما أخذتم) * من الفداء * (عذاب عظيم) * فلما نزل هذا أمسكوا أيديهم عما أخذوا من الغنائم فنزل
69 * (فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله) * بطاعته * (إن الله غفور) * غفر لكم ما أخذتم من الفداء * (رحيم) * رحمكم لأنكم أولياؤه
70 * (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا) * إرادة للإسلام * (يؤتكم خيرا مما أخذ منكم) * من الفداء يعني إن أسلمتم وعلم الله إسلام قلوبكم أخلف عليكم خيرا مما أخذ منكم * (ويغفر لكم) * ما كان من كفركم وقتالكم رسول الله صلى الله عليه وسلم
71 * (وإن يريدوا خيانتك) * وذلك أنهم قالوا للنبي ص آمنا بك ونشهد أنك رسول الله فقال الله تعالى إن خانوك وكان قولهم هذا خيانة * (فقد خانوا الله من قبل) * كفروا به * (فأمكن منهم) * المؤمنين ببدر وهذا تهديد لهم إن عادوا إلى القتال * (والله عليم) * بخيانة إن خانوها * (حكيم) * في تدبيره ومجازاته إياهم
72 * (إن الذين آمنوا وهاجروا) * الآية نزلت في الميراث كانوا في ابتداء الإسلام يتوارثون بالهجرة والنصرة فكان الرجل يسلم ولا يهاجر فلا يرث أخاه فذلك قوله * (الذين آمنوا وهاجروا) * هجروا قومهم وديارهم وأموالهم * (والذين آووا ونصروا) * يعني الأنصار أسكنوا المهاجرين ديارهم ونصروهم * (أولئك بعضهم أولياء بعض) *
449

أي هؤلاء هم الذين يتوارثون بعضهم من بعض * (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء) * أي ليسوا بأولياء ولا يثبت التوارث بينكم وبينهم * (حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين) * يعني هؤلاء الذين لم يهاجروا فلا تخذلوهم وانصروهم * (إلا) * أن يستنصروكم * (على قوم بينكم وبينهم ميثاق) * عهد فلا تغدروا ولا تعاونوهم
73 * (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) * أي لا توارث بينكم وبينهم ولا ولاية والكافر ولي الكافر دون المسلم * (إلا تفعلوه) * إلا تعاونوا وتناصروا وتأخذوا في الميراث بما أمرتكم به * (تكن فتنة في الأرض) * شرك * (وفساد كبير) * وذلك أن المسلم إذا هجر قريبه الكافر كان ذلك أدعى إلى الاسلام فإن لم يهجره وتوارثه بقي الكافر على كفره وقوله
74 * (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا) * أي هم الذين حققوا إيمانهم بما يقتضيه من الهجرة والنصرة خلاف من أقام بدار الشرك
75 * (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) * يعني الذين هاجروا بعد الحديبية وهي الهجرة الثانية * (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) * نسخ الله
450

الميراث بالهجرة والحلف بعد فتح مكة رد الله المواريث إلى ذوي الأرحام ابن الأخ والعم وغيرهما * (في كتاب الله) * في حكم الله * (أن الله بكل شيء عليم) *
451

1 3
سورة التوبة
1 * (براءة من الله ورسوله) * الآية أخذت المشركون ينقضون عهودا بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره الله تعالى أن ينقض عهودهم وينبذها إليهم وأنزل هذه الآية والمعنى قد برئ الله ورسوله من إعطائهم العهود والوفاء بها إذ نكثوا ثم خاطب المشركين فقال
2 * (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) * سيروا فيها آمنين حيث شئتم يعني شوالا إلى صفر وهذا تأجيل من الله سبحانه للمشركين فإذا انقضت هذه المدة قتلوا حيثما أدركوا * (واعلموا أنكم غير معجزي الله) * لا تفوتونه وإن أجلتم هذه المدة * (وأن الله مخزي الكافرين) * مذلهم في الدنيا بالقتل والعذاب في الآخرة
3 * (وأذان من الله) * إعلام منه * (ورسوله إلى الناس) * يعني العرب * (يوم الحج الأكبر) * يوم عرفة وقيل يوم النحر والحج الأكبر الحج بجميع أعماله
452

4 والأصغر العمرة * (أن الله بريء من المشركين ورسوله) * أمر الله رسوله ص أن يعلم مشركي العرب في يوم الحج الأكبر ببراءته من عهودهم فبعث عليا رضي الله عنه حيث قرأ صدر براءة عليهم يوم النحر ثم خاطب المشركين فقال * (فإن تبتم) * رجعتم عن الشرك * (فهو خير لكم) * من الإقامة عليه * (وإن توليتم) * عن الإيمان * (فاعلموا أنكم غير معجزي الله) * لا تفوتونه بأنفسكم عن العذاب ثم أوعدهم بعذاب الآخرة فقال * (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) * ثم استثنى قوما من براءة العهود فقال
4 * (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم) * من شروط العهد * (شيئا) * وهم بنو ضمرة وبنو كنانة * (ولم يظاهروا عليكم أحدا) * لم يعاونوا عليكم عدوا * (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم) * إلى انقضاء مدتهم وكان قد بقي لهم من مدتهم تسعة أشهر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتمامها لهم * (إن الله يحب المتقين) * من اتقاه بطاعته
453

5 8
5 * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) * يعني مدة التأجيل * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * في حل أو حرم * (وخذوهم) * بالأسر * (واحصروهم) * إن تحصنوا * (واقعدوا لهم كل مرصد) * على كل طريق تأخذون فيه * (فإن تابوا) * رجعوا عن الشرك * (وأقاموا الصلاة) * المفروضة * (وآتوا الزكاة) * من العين والثمار والمواشي * (فخلوا سبيلهم) * فدعوهم وما شاؤوا * (إن الله غفور رحيم) * لمن تاب وآمن
6 * (وإن أحد من المشركين) * الذين أمرتك بقتلهم * (استجارك) * طلب منك الأمان من القتل * (فأجره) * فاجعله في أمن * (حتى يسمع كلام الله) * القرآن فتقيم عليه حجة الله وتبين له دين الله * (ثم أبلغه مأمنه) * إذا لم يرجع عن الشرك لينظر في أمره * (ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) * يفعلون كل هذا لأنهم قوم جهلة لا يعلمون دين الله وتوحيده
7 * (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله) * مع إضمارهم الغدر ونكثهم العهد * (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) * يعني الذين استثناهم من البراءة * (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) * ما أقاموا على الوفاء بعهدهم فأقيموا أنتم
8 * (كيف) * أي كيف يكون لهم عهدهم و حالهم أنهم * (إن يظهروا عليكم) * يظفروا بكم ويقدروا عليكم * (لا يرقبوا فيكم) * لا يحفظوا فيكم * (إلا ولا ذمة) * قرابة ولا عهدا * (يرضونكم بأفواههم) * يقولون بألسنتهم كلاما حلوا * (وتأبى قلوبهم) *
454

الوفاء به * (وأكثرهم فاسقون) * غادرون ناقضون للعهد
9 * (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا) * استبدلوا بالقرآن متاع الدنيا * (فصدوا عن سبيله) * فأعرضوا عن طاعته * (إنهم ساء) * بئس * (ما كانوا يعملون) * من اشترائهم الكفر بالإيمان
10 * (لا يرقبون) * يعني هؤلاء الناقضين للعهد * (وأولئك هم المعتدون) * المجاوزون للحلال إلى الحرام بنقض العهد
11 * (فإن تابوا) * عن الشرك * (وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم) * أي فهم إخوانكم * (في الدين ونفصل الآيات) * نبين آيات القران * (لقوم يعلمون) * أنها من عند الله
12 * (وإن نكثوا أيمانهم) * نقضوا عهودهم * (وطعنوا في دينكم) * اغتابوكم وعابوا دينكم * (فقاتلوا أئمة الكفر) * رؤساء الضلالة يعني صناديد قريش * (إنهم لا أيمان لهم) * لا عهود لهم * (لعلهم ينتهون) * كي ينتهوا عن الشرك بالله ثم حرض المؤمنين عليهم فقال
13 * (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم) * يعني كفار مكة نقضوا العهد وأعانوا بني بكر على خزاعة * (وهموا بإخراج الرسول) * من مكة * (وهم بدؤوكم) * بالقتال * (أول مرة) * حين قاتلوا حلفاءكم خزاعة فبدؤوا بنقض العهد * (أتخشونهم) * أن ينالكم
455

14 17 من قتالهم مكروه فتتركون قتالهم * (فالله أحق أن تخشوه) * فمكروه عذاب الله أحق أن يخشى في ترك قتالهم * (إن كنتم مؤمنين) * مصدقين بعقاب الله وثوابه
14 * (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) * يقتلهم بسيوفكم ورماحكم * (ويخزهم) * يذلهم بالقهر والأسر * (ويشف صدور قوم مؤمنين) * يعني بني خزاعة أعانت قريش بني بكر عليهم حتى نكثوا فيهم فشفى الله صدورهم من بني بكر بالنبي وا لمؤمنين
15 * (ويذهب غيظ قلوبهم) * كربها ووجدها بمعونة قريش بكرا عليهم * (ويتوب الله على من يشاء) * من المشركين كأبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو هداهم الله للإسلام
16 * (أم حسبتم) * أيها المنافقون * (أن تتركوا) * على ما أنتم عليه من التلبيس وكتمان النفاق * (ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم) * بنية صادقة يعني العلم الذي
يتعلق بهم بعد الجهاد وذلك أنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي أعداءهم * (ولم يتخذوا) * أي ولما يعلم الله الذين لم يتخذوا * (من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) * أولياء ودخلا
17 * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) * نزلت في العباس بن عبد المطلب
456

18 19 حين عير بالكفر لما أسر فقال إنا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحاج فرد الله ذلك عليه بقوله * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) * بدخوله والتعوذ فيه لأنهم ممنوعون عن ذلك * (شاهدين على أنفسهم بالكفر) * بسجودهم للأصنام واتخاذها آلهة * (أولئك حبطت أعمالهم) * لأن كفرهم أذهب ثوابها
18 * (إنما يعمر مساجد الله) * بزيارتها والقعود فيها * (من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة) * والمعنى إن من كان بهذه الصفة فهو من أهل عمارة المسجد * (ولم يخش) * في باب الدين * (إلا الله فعسى أولئك) * أي فأولئك هم المهتدون والمتمسكون بطاعة الله التي تؤدي إلى الجنة
19 * (أجعلتم سقاية الحاج) * قال المشركون عمارة بيت الله وقيام على السقاية خير من الإيمان والجهاد فأنزل الله تعالى هذه الآية وسقاية الحاج سقيهم الشراب في الموسم وقوله * (وعمارة المسجد الحرام) * يريد تجميره وتخليقه * (كمن آمن) * أي كإيمان من آمن * (بالله) * * (لا يستوون عند الله) * في الفضل * (والله لا يهدي القوم الظالمين) * يعني الذين زعموا أنهم أهل العمارة سماهم ظالمين بشركهم
457

20 24
20 * (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله) * أي من الذين افتخروا بعمارة البيت وسقي الحاج * (وأولئك هم الفائزون) * الذين ظفروا بأمنيتهم
21 * (يبشرهم ربهم برحمة منه) * الآية أي يعلمهم في الدنيا ما لهم في الآخرة
23 * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم) * الآية لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة كان من الناس من يتعلق به زوجته وولده وأقاربه ويقولون ننشدك بالله أن تضيعنا فيرق لهم ويدع الهجرة فأنزل الله تعالى * (لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء) * أصدقاء تؤثرون المقام بين أظهرهم على الهجرة * (إن استحبوا) * اختاروا * (الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) * أي مشركون مثلهم فلما نزلت هذه الآية قالوا يا نبي الله إن نحن اعتزلنا من خالفنا في الدين نقطع آباءنا وعشائرنا وتذهب تجارتنا وتخرب ديارنا فأنزل الله تعالى
24 * (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها) * أي اكتسبتموها * (فتربصوا) * مقيمين بمكة * (حتى يأتي الله بأمره) * فتح مكة
458

25 28 فيسقط فرض الهجرة وهذا أمر تهديد * (والله لا يهدي القوم الفاسقين) * تهديد لهؤلاء بحرمان الهداية
25 * (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين) * وهو واد بين مكة والطائف قاتل عليه نبي الله عليه السلام هوازن وثقيفا * (إذ أعجبتكم كثرتكم) * وذلك أنهم قالوا لن نغلب اليوم من قلة وكانوا اثني عشر ألفا * (فلم تغن) * لم تدفع عنكم شيئا * (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت) * لشدة ما لحقكم من الخوف ضاقت عليكم الأرض على سعتها فلم تجدوا فيها موضعا يصلح لقراركم * (ثم وليتم مدبرين) * انهزمتم أعلمهم الله تعالى أنهم ليسوا يغلبون بكثرتهم إنما يغلبون بنصر الله
26 * (ثم أنزل الله سكينته) * وهو ما يسكن إليه القلب من لطف الله ورحمته * (على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها) * يريد الملائكة * (وعذب الذين كفروا) * بأسيافكم ورماحكم * (وذلك جزاء الكافرين) *
27 * (ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء) * فيهديهم إلى الإسلام من الكفار * (والله غفور رحيم) * بمن آمن
28 * (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) * لا يغتسلون من جنابة ولا يتوضؤون من حدث * (فلا يقربوا المسجد الحرام) * أي لا يدخلوا الحرم منعوا من دخول
459

29 30 الحرم فالحرم حرام على المشركين * (بعد عامهم هذا) * يعني عام الفتح فلما منعوا من دخول الحرم قال المسلمون إنهم كانوا يأتون بالميرة فالآن تنقطع عنا المتاجر فأنزل الله تعالى * (وإن خفتم عيلة) * فقرا * (فسوف يغنيكم الله من فضله) * فأسلم أهل جدة وصنعاء وجرش وحملوا الطعام إلى مكة وكفاهم الله ما كانوا يتخوفون * (إن الله عليم) * بما يصلحكم * (حكيم) * فيما حكم في المشركين ثم نزل في جهاد أهل الكتاب من اليهود والنصارى قوله
29 * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) * يعني كإيمان الموحدين وإيمانهم غير إيمان إذا لم يؤمنوا بمحمد * (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله) * يعني الخمر والميسر * (ولا يدينون دين الحق) * لا يتدينون بدين الإسلام * (حتى يعطوا الجزية) * وهي ما يعطي المعاهد على عهده * (عن يد) * يعطونها بأيديهم يمشون بها كارهين ولا يجيئون بها ركبانا ولا يرسلون بها * (وهم صاغرون) * ذليلون مقهورون يجرون إلى الموضع الذي تقبض منهم فيه بالعنف حتى يؤدوها من يدهم
30 * (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم) * ليس فيه برهان ولا بيان إنما هو قول بالفم فقط * (يضاهئون) * يتشبهون بقول المشركين حين قالوا الملائكة بنات الله وقد أخبر الله عنهم
460

31 33 بقوله * (وخرقوا له بنين وبنات) * * (قاتلهم الله) * لعنهم الله * (أنى يؤفكون) * كيف يصرفون عن الحق بعد وضوح الدليل حتى يجعلوا لله الولد وهذا
تعجيب للنبي ص والمؤمنين
31 * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم) * علماءهم وعبادهم * (أربابا) * آلهة * (من دون الله) * حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله * (والمسيح ابن مريم) * اتخذوه ربا * (وما أمروا) * في التوراة والإنجيل * (إلا ليعبدوا إلها واحدا) * وهو الذي لا إله غيره * (سبحانه عما يشركون) * تنزيها له عن شركهم
32 * (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) * يخمدوا دين الإسلام بتكذيبهم * (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) * إلا أن يظهر دينه
33 * (هو الذي أرسل رسوله) * محمدا * (بالهدى) * بالقرآن * (ودين الحق) * الحنيفية * (ليظهره على الدين كله) * ليعليه على جميع الأديان
461

34 36
34 * (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان) * من فقهاء أهل الكتاب وعلمائهم * (ليأكلون أموال الناس بالباطل) * يعني ما يأخذونه من الرشا في الحكم * (ويصدون عن سبيل الله) * ويصرفون الناس عن الإيمان بمحمد عليه السلام ثم أنزل في مانعي الزكاة من أهل القبلة * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) * لا يؤدون زكاتها * (فبشرهم بعذاب أليم) * أخبرهم أن لهم عذابا أليما
35 * (يوم يحمى عليها) * يوم تدخل كنوزهم النار حتى تحمى وتشتد حرارتها * (فتكوى بها) * أي فتلصق بجباههم وجنوبهم وظهورهم حتى يلتقي الحر في أجوافهم ويقال لهم هذا الذي تكوون به ما جمعتم لأنفسكم وبخلتم به عن حق الله * (فذوقوا) * العذاب ب * (ما كنتم تكنزون) *
36 * (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) * عدد شهور المسلمين التي تعبدوا بأن يجعلوها لسنتهم اثنا عشر شهرا على منازل القمر واستهلال الأهلة لا كما يعده أهل الروم وفارس * (في كتاب الله) * في الإمام الذي عند الله كتبه يوم خلق
462

37 38 السماوات والأرض * (منها أربعة حرم) * رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم يعظم انتهاك المحارم فيها بأشد مما يعظم في غيرها * (ذلك الدين القيم) * الحساب المستقيم * (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) * تحفظوا من أنفسكم في الحرم فإن الحسنات فيهن تضعف وكذلك السيئات * (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) * قاتلوهم كلهم ولا تحابوا بعضهم بترك القتال كما إنهم يستحلون قتال جميعكم * (واعلموا أن الله مع المتقين) * مع أوليائه الذين يخافونه
37 * (إنما النسيء) * تأخير حرمة شهر حرمه الله إلى شهر آخر لم يحرمه وذلك أن العرب في الجاهلية ربما كانت تستحل المحرم وتحرم بدله صفر فأخبر الله تعالى أن ذلك كله * (زيادة في الكفر) * حيث أحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله * (يضل به) * بذلك التأخير * (الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما) * إذا قاتلوا فيه أحلوه وحرموا مكانه صفر وإذا لم يقاتلوا فيه حرموه * (ليواطئوا) * ليوافقوا * (عدة ما حرم الله) * وهو أنهم لم يحلوا شهرا من الحرم إلا حرموا مكانه شهرا من الحلال ولم يحرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا من الحرم لئلا يكون الحرم أكثر من الأربعة كما حرم الله فيكون موافقة للعدد * (زين لهم سوء أعمالهم) * زين لهم الشيطان ذلك
38 * (يا أيها الذين آمنوا ما لكم) * نزلت في حث المؤمنين على غزوة تبوك وذلك
463

39 40 أنهم دعوا إليها في زمان عسرة من الناس وجدب من البلاد وشدة من الحر فشق عليهم الخروج فأنزل الله تعالى * (ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله) * اخرجوا في الجهاد لحرب العدو * (اثاقلتم إلى الأرض) * أحببتم المقام * (أرضيتم بالحياة الدنيا) * بدلا * (من الآخرة) * يعني الجنة * (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة) * يريد الدنيا كلها * (إلا قليل) * عند شيء من الجنة
39 * (إلا تنفروا) * تخرجوا مع نبيكم إلى الجهاد * (يعذبكم عذابا أليما) * بالقحط وحبس المطر * (ويستبدل قوما غيركم) * يأت بقوم آخرين ينصر بهم رسوله * (ولا تضروه شيئا) * لأن الله عصمه عن الناس ولا يخذله أن تثاقلتم كما لم يضره قلة ناصريه حين كان بمكة وهم به الكفار فتولى الله نصره وهو قوله
40 * (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا) * أي اضطروه إلى الخروج لما هموا بقتله فكانوا سببا لخروجه من مكة هاربا منهم * (ثاني اثنين) * أي واحد اثنين هو صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه والمعنى نصره الله منفردا الا من أبي بكر * (إذ هما في الغار) * هو غار في جبل مكة يقال له ثور * (إذ يقول لصاحبه) * أبي بكر * (لا تحزن) * وذلك أنه خاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم * (لا تحزن إن الله معنا) * يمنعهم منا وينصرنا * (فأنزل الله سكينته) * ألقى في قلب أبي بكر ما سكن به * (وأيده) * أي رسوله * (بجنود لم تروها) * قواه وأعانه بالملائكة يوم بدر أخبر أنه صرف عنه كيد أعدائه ثم أظهره نصره
464

41 44 بالملائكة يوم بدر * (وجعل كلمة الذين كفروا) * وهي كلمة الشرك * (السفلى وكلمة الله هي العليا) * يعني كلمة التوحيد لأنها علت وظهرت وكان هذا يوم بدر
41 * (انفروا خفافا وثقالا) * شبابا وشيوخا * (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم) * من التثاقل إلى الأرض * (إن كنتم تعلمون) * ما لكم من الثواب والجزاء ثم نزل في المنافقين الذين تخلفوا عن هذه الغزوة
42 * (لو كان عرضا قريبا) * أي لو كان ما دعوا إليه غنيمة قريبة * (وسفرا قاصدا) * قريبا هينا * (لاتبعوك) * طمعا في الغنيمة * (ولكن بعدت عليهم الشقة) * المسافة * (وسيحلفون بالله) * عندك إذا رجعت إليهم * (لو استطعنا لخرجنا معكم) * لو قدرنا وكان لنا سعة من المال * (يهلكون أنفسهم) * بالكذب والنفاق *
(والله يعلم إنهم لكاذبون) * لأنهم كانوا يستطيعون الخروج
43 * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لطائفة في التخلف عنه من غير مؤامرة ولم يكن له أن يمضي شيئا إلا بوحي فعاتبه الله سبحانه وقال لم أذنت لهم في التخلف * (حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) * حتى تعرف من له العذر منهم ومن لا عذر له فيكون إذنك لمن له العذر
44 * (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر) * في القعود والتخلف عن الجهاد
465

45 48 كراهة * (أن يجاهدوا) * في سبيل الله * (بأموالهم وأنفسهم) * الآية
45 * (إنما يستأذنك) * في التخلف * (الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم) * شكوا في دينهم * (فهم في ريبهم يترددون) * في شكهم يتمادون
46 * (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة) * من الزاد والمركوب لأنهم كانوا مياسير * (ولكن كره الله انبعاثهم) * لم يرد خروجهم معك * (فثبطهم) * فخذلهم وكسلهم * (وقيل اقعدوا) * وحيا إلى قلوبهم يعني إن الله ألهمهم أسباب الخذلان * (مع القاعدين) * الزمنى وأولي الضرر ثم بين لم كره خروجهم فقال
47 * (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا) * يقول لو خرجوا لأفسدوا عليكم أمركم * (ولأوضعوا خلالكم) * لأسرعوا بالنميمة في إفساد ذات بينكم * (يبغونكم الفتنة) * يثبطونكم ويفرقون كلمتكم حتى تنازعوا فتفتتنوا * (وفيكم سماعون لهم) * من يسمع كلامهم ويطيعهم ولو صحبهم هؤلاء المنافقون أفسدوهم عليكم * (والله عليم بالظالمين) * المنا فقين
48 * (لقد ابتغوا الفتنة من قبل) * طلبوا لك الشر والعنت قبل تبوك وهو أن جماعة منهم أرادوا الفتك به ليلة العقبة * (وقلبوا لك الأمور) * اجتهدوا في الحيلة عليك والكيد بك * (حتى جاء الحق) * الآية أي حتى أخزاهم الله بإظهار الحق وإعزاز الدين على كره منهم
466

49 52
49 * (ومنهم من يقول ائذن لي) * نزلت في جد بن قيس المنافق قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك في جلاد بني الأصفر تتخذ منهم سراري وصفاء فقال ائذن لي يا رسول الله في القعود عنك وأعينك بمالي * (ولا تفتني) * ببنات بني الأصفر فإني مستهتر بالنساء إني أخشى إن رأيتهن ألا أصبر عنهن فقال الله تعالى * (ألا في الفتنة سقطوا) * أي في الشرك وقعوا بنفاقهم وخلافهم أمرك * (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) * لمحدقة بمن كفر جامعة لهم
50 * (إن تصبك حسنة) * نصر وغنيمة * (تسؤهم وإن تصبك مصيبة) * من قتل وهزيمة * (يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل) * قد أخذنا حذرنا وعملنا بالحزم حين تخلفنا * (ويتولوا) * وينصرفوا * (وهم فرحون) * معجبون بذلك وبما نالك من السوء
51 * (قل لن يصيبنا) * خير ولا شر * (إلا) * وهو مقدر مكتوب علينا * (هو مولانا) * ناصرنا * (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) * وإليه فليفوض المؤمنون أمورهم على الرضا بتدبيره
52 * (قل هل تربصون بنا) * هل تنتظرون أن يقع بنا * (إلا إحدى الحسنيين) * الغنيمة أو الشهادة * (ونحن نتربص) * ننتظر * (بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده) * بقارعة
467

54 57 من السماء * (أو بأيدينا) * يأذن لنا في قتلكم فنقتلكم * (فتربصوا إنا معكم متربصون) * فانتظروا مواعيد الشيطان إنا منتظرون مواعيد الله من إظهار دينه وهلاك من خالفه ثم ذكر في الآية الثانية والثالثة أنه لا يقبل منهم ما أنفقوا في الجهاد لأن منهم من قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم اقعد وأعينك بمالي فأخبر الله تعالى أنه لا يقبل ذلك فعلوه طائعين أو مكرهين وبين أن المانع لقبول ذلك كفرهم بالله ورسوله وكسلهم في الصلاة لأنهم لا يرجون لها ثوابا وكراهتهم الإنفاق في سبيل الله لأنهم يعدونه مغرما
54 * (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) * لا تستحسن ما أنعمنا عليهم من الأموال الكثيرة والأولاد * (إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا) * يعني بالمصائب فيها فهي لهم عذاب وللمؤمن أجر * (وتزهق أنفسهم) * وتخرج أرواحهم * (وهم) * على الكفر
55 * (ويحلفون بالله إنهم لمنكم) * أي إنهم مؤمنون وليسوا مؤمنين * (ولكنهم قوم يفرقون) * يخافون فيحلفون تقية لكم
57 * (لو يجدون ملجأ) * مهربا * (أو مغارات) * سراديب * (أو مدخلا) * وجها يدخلونه * (لولوا إليه) * لرجعوا إليه * (وهم يجمحون) * يسرعون إسراعا لا يرد وجوههم شيء أي لو أمكنهم الفرار من بين المسلمين بأي وجه كان لفروا ولم يقيموا بينهم
468

58 61
58 * (ومنهم) * ومن المنافقين * (من يلمزك) * يعيبك ويطعن عليك * (في) * أمر * (الصدقات) * يقول إنما يعطيها محمد من أحب فإن أكثرت لهم من ذلك فرحوا وإن أعطيتهم قليلا سخطوا ثم ذكر في الآية الثانية أنهم لو رضوا بذلك وتوكلوا على الله لكان خيرا لهم وهو قوله
59 * (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون) * ثم بين لمن الصدقات فقال
60 * (إنما الصدقات للفقراء) * وهم المتعففون عن السؤال * (والمساكين) * الذين يسألون ويطوفون على الناس * (والعاملين عليها) * السعاة لجباية الصدقة * (والمؤلفة قلوبهم) * كانوا قوما من أشراف العرب استألفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليردوا عنه قومهم ويعينوه على عدوه * (وفي الرقاب) * المكاتبين * (والغارمين) * أهل الدين * (وفي سبيل الله) * الغزاة والمرابطون * (وابن السبيل) * المنقطع في سفره * (فريضة من الله) * افترضها الله على الأغنياء في
أموالهم
61 * (ومنهم الذين يؤذون النبي) * بنقل حديثه وعيبه * (ويقولون هو أذن) * أنهم قالوا فيما بينهم نقول ما شئنا ثم نأتيه فنخلف له فيصدقنا لأنه أذن والاذن الذي يسمع كل ما يقال له فقال الله تعالى * (قل أذن خير لكم) * أي مستمع خير
469

62 65 وصلاح لا مستمع شر وفساد ثم أكد هذا وبينه فقال * (يؤمن بالله) * أي يسمع ما ينزله الله عليه فيصدق به * (ويؤمن للمؤمنين) * ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه لا الكافرين * (ورحمة للذين آمنوا منكم) * أي وهو رحمة لأنه كان سبب إيمانهم
62 * (يحلفون بالله لكم ليرضوكم) * يحلف هؤلاء المنافقون فيما بلغكم عنهم من أذى الرسول والطعن عليه أنهم ما أتوا ذلك ليرضوكم بيمينهم * (والله ورسوله أحق أن يرضوه) * فيؤمنوا بهما ويصدقوهما إن كانوا على ما يظهرون
64 * (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم) * على المؤمنين * (سورة) * تخبرهم * (بما في قلوبهم) * من الحسد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وذلك أنهم كانوا يفرقون من هتكهم وفضيحتهم * (قل استهزؤوا) * أمر وعيد * (إن الله مخرج) * مظهر * (ما تحذرون) * ظهوره
65 * (ولئن سألتهم) * عما كانوا فيه من الاستهزاء * (ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب) * وذلك أن رجلا من المنافقين قال في غزوة تبوك ما رأيت مثل هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين
470

66 69 فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فجاء هذا القائل ليعتذر فوجد القرآن قد سبقه فقال يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث بحديث الركب نقطع به عنا الطريق وهو معنى قوله * (إنما كنا نخوض) * أي في الباطل من الكلام كما يخوض الركب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم * (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون) *
66 * (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) * أي ظهر كفركم بعد إظهاركم الإيمان * (إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة) * وذلك أنهم كانوا ثلاثة نفر فهزىء اثنان وضحك واحد وهو المعفو عنه فلما نزلت هذه الآية برئ من النفاق
67 * (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) * على دين بعض * (يأمرون بالمنكر) * بالكفر بمحمد ص * (وينهون عن المعروف) * عن اتباعه * (ويقبضون أيديهم) * عن النفقة في سبيل الله * (نسوا الله فنسيهم) * تركوا أمر الله فتركهم من كل خير وخذلهم * (إن المنافقين هم الفاسقون) * الخارجون عما أمر الله
68 * (وعد الله المنافقين) * الآية ظاهرة ثم خاطبهم فقال
69 * (كالذين من قبلكم) * أي فعلتم كأفعال الذين من قبلكم * (فاستمتعوا بخلاقهم) * رضوا بنصيبهم من الدنيا ففعلتم أنتم أيضا مثل ما فعلوا * (وخضتم) * في الطعن
471

70 73 على النبي صلى الله عليه وسلم كما خاضوا في الطعن على أنبيائهم * (أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة) * لأنها لا تقبل منهم ولا يثابون عليها
70 * (ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم) * ألم يأتهم خبر الذين أهلكوا في الدنيا بذنوبهم فيتعظوا ثم ذكرهم * (قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم) * يعني نمروذ * (وأصحاب مدين) * قوم شعيب * (والمؤتفكات) * وأصحاب المؤتفكات وهي قرى قوم لوط * (فما كان الله ليظلمهم) * ليعذبهم قبل بعث الرسول * (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * بتكذيب الرسل * (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) * في الرحمة والمحبة * (يأمرون بالمعروف) * يدعون إلى الإسلام * (وينهون عن المنكر) * الشرك بالله الآية
72 * (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة) * يريد قصور الزبرجد والدر والياقوت * (في جنات عدن) * هي قصبة الجنة وسقفها عرش الرحمن * (ورضوان من الله أكبر) * مما يوصف
73 * (يا أيها النبي جاهد الكفار) * بالسيف * (والمنافقين) * باللسان والحجة * (واغلظ عليهم) * يريد شدة الا نتهار والنظر بالبغضة والمقت
472

74 75
74 * (يحلفون بالله ما قالوا) * نزلت حين أساء المنافقون القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعنوا في الدين وقالوا إذا قدمنا المدينة عقدنا على رأس عبد الله ابن أبي تاجا يباهي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسعي بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فحلفوا ما قالوا * (ولقد قالوا كلمة الكفر) * سبهم الرسول وطعنهم في الدين * (وهموا بما لم ينالوا) * من عقدهم التاج على رأس ابن أبي وقيل من الاغتيال بالرسول * (وما نقموا) * كرهوا * (إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) * بالغنيمة حتى صارت لهم الأموال أي إنهم عملوا بضد الواجب فجعلوا موضع شكر الغنى أن نقموه ثم عرض عليهم التوبة فقال * (فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا) * يعرضوا عن الإيمان * (يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا) * بالقتل و في * (الآخرة) * بالنار * (وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير) * لا يتولاهم أحد من المسلمين
75 * (ومنهم من عاهد الله) * يعني ثعلبة بن حاطب عاهد ربه لئن وسع عليه أن
473

76 79 يؤتي كل ذي حق حقه ففعل الله ذلك فلم يف بما عاهد ومنع الزكاة فهذا معنى قوله * (لئن آتانا من فضله لنصدقن) * لنعطين الصدقة * (ولنكونن من الصالحين) * ولنعملن ما يعمل أهل الصلاح في أموالهم
76 * (فلما آتاهم من فضله بخلوا به) * الآية
77 * (فأعقبهم نفاقا) * صير عاقبة أمرهم إلى ذلك بحرمان التوبة حتى ماتوا على النفاق جزاء لاخلافهم الوعد وكذبهم في العهد وهو قوله * (إلى يوم يلقونه) * الآية
79 * (الذين يلمزون) * يعيبون ويغتابون * (المطوعين) * المتطوعين المتنفلين * (من المؤمنين في الصدقات) * وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على الصدقة فجاء بعض الصحابة بالمال الكثير وبعضهم وهم الفقراء بالقليل فاغتابهم المنافقون وقالوا من أكثر أكثر رياء ومن أقل أراد أن يذكر نفسه فأنزل الله تعالى هذه الآية * (والذين لا يجدون إلا جهدهم) * وهو القليل الذي يتعيش به * (فيسخرون منهم سخر الله منهم) *
474

جازاهم جزاء سخريتهم حيث صاروا إلى النار ثم آيس الله رسوله من إيمانهم ومغفرتهم فقال
80 * (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) * وهذا تخيير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال * (إن تستغفر لهم سبعين مرة) * أي إن استكثرت من الدعاء بالاستغفار للمنافقين لن يغفر الله لهم
81 * (فرح المخلفون) * يعني الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين * (بمقعدهم) * بقعودهم * (خلاف رسول الله) * مخالفة له * (وقالوا لا تنفروا) * مع محمد إلى تبوك * (في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون) * يعلمون أن مصيرهم إليها
82 * (فليضحكوا قليلا) * في الدنيا لأئها تنقطع عنهم * (وليبكوا كثيرا) * في النار بكاء لا ينقطع * (جزاء بما كانوا يكسبون) * في الدنيا من النفاق
83 * (فإن رجعك الله) * ردك * (إلى طائفة منهم) * يعني الذين تخلفوا بالمدينة * (فاستأذنوك للخروج) * إلى الغزو معك * (فقل لن تخرجوا معي أبدا) * إلى غزاة * (ولن تقاتلوا معي عدوا) * من أهل الكتاب * (إنكم رضيتم بالقعود أول مرة) * حين لم تخرجوا إلى تبوك * (فاقعدوا مع الخالفين) * يعني النساء والصبيان والزمنى الذين يخلفون الذاهبين إلى السفر ثم نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليهم إذا
475

84 90 ماتوا والدعاء لهم عند الوقوف على القبر فقال
84 * (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) * الآية
85 * (ولا تعجبك أموالهم) * مضى تفسيره
86 * (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم) * يعني أصحاب الغنى والقدرة يستأذنونك في التخلف
87 * (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) * النساء اللاتي يخلفن في البيت * (وطبع على قلوبهم) * بالنفاق * (فهم لا يفقهون) * لا يفهمون الإيمان وشرائعه وأمر الله
90 * (وجاء المعذرون) * المعتذرون وهم قوم * (من الأعراب) * اعتذروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف فعذرهم وهو قوله * (ليؤذن لهم) * أي في القعود * (وقعد الذين كذبوا الله ورسوله) * لم يصدقوا نبيه واتخذوا إسلامهم جنة ثم ذكر
476

91 94 أهل العذر فقال
91 * (ليس على الضعفاء) * يعني الزمنى والمشايخ والعجزى * (ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله) * أخلصوا أعمالهم من الغش لهما * (ما على المحسنين من سبيل) * من طريق بالعقاب لأنه قد سد طريقه بإحسانه * (والله غفور رحيم) * لمن كان على هذه الخصال
92 * (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) * نزلت في سبعة نفر سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحملهم على الدواب فقال * (لا أجد ما أحملكم عليه) * فانصرفوا باكين شوقا إلى الجهاد وحزنا لضيق ذات اليد
94 * (يعتذرون إليكم) * بالأباطيل * (إذا رجعتم إليهم) * من هذه الغزوة * (قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم) * لن نصدقكم * (قد نبأنا الله من أخباركم) * قد أخبرنا الله بسرائركم وما تخفي صدوركم * (وسيرى الله عملكم ورسوله) * فيما تستأنفون تبتم من النفاق
477

95 99 أم أقمتم عليه * (ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة) * إلى من يعلم ما غاب عنا من ضمائركم * (فينبئكم بما كنتم تعملون) * فيخبركم بما كنتم تكتمون وتسرون
95 * (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم) * إذا رجعتم * (إليهم) * من تبوك أنهم ما قدروا على الخروج * (لتعرضوا عنهم) * إعراض الصفح * (فأعرضوا عنهم) * اتركوا كلامهم وسلامهم * (إنهم رجس) * إن عملهم قبيح من عمل الشيطان ثم نزل في أعاريب أسد وغطفان
97 * (الأعراب أشد كفرا ونفاقا) * من أهل المدر لأنهم أجفى وأقسى * (وأجدر) * وأولى وأحق * (ألا يعلموا حدود ما أنزل الله) * من الحلال والحرام
98 * (ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما) * لأنه لا يرجو له ثوابا * (ويتربص بكم الدوائر) * وينتظر أن ينقلب الأمر عليكم بموت الرسول عليه السلام * (عليهم دائرة السوء) * عليهم يدور البلاء والخزي فلا يرون في محمد ودينه إلا ما يسوءهم ثم نزل في من أسلم منهم
99 * (ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله) * يتقرب بذلك إلى الله عز وجل * (وصلوات الرسول) * يعني دعاءه بالخير والبركة والمعنى أنه يتقرب بصدقته ودعاء الرسول إلى الله * (ألا إنها قربة لهم) * أي نور
478

100 102 ومكرمة عند الله
100 * (والسابقون الأولون) * يعني الذين شهدوا بدرا * (من المهاجرين والأنصار) * يعني الذين آمنوا منهم قبل قدوم الرسول عليهم فهؤلاء السباق من الفريقين
وقيل أراد كل من أدركه من أصحابه فإنهم كلهم سبقوا هذه الأمة بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم ورؤيته * (والذين اتبعوهم بإحسان) * يعني ومن اتبعهم على منهاجهم إلى يوم القيامة ممن يحسن القول فيهم
101 * (وممن حولكم من الأعراب منافقون) * يعني مزينة وجهينة وغفارا * (ومن أهل المدينة) * الأوس والخزرج * (مردوا على النفاق) * لجوا فيه وأبوا غيره * (سنعذبهم مرتين) * بالأمراض والمصائب في الدنيا وعذاب القبر * (ثم يردون إلى عذاب عظيم) * وهو الخلود في النار
102 * (وآخرون اعترفوا بذنوبهم) * في التخلف عن الغزو * (خلطوا عملا صالحا) * وهو جهادهم مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا * (وآخر سيئا) * تقاعدهم عن هذه الغزوة * (عسى الله) * واجب من الله * (أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) * ثم تاب على هؤلاء وعذرهم فقالوا يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فخذها منا صدقة وطهرنا واستغفر لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا فأنزل الله سبحانه
479

103 106
103 * (خذ من أموالهم صدقة) * فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث أموالهم وكانت كفارة للذنوب التي أصابوها وهو قوله * (تطهرهم) * يعني هذه الصدقة تطهرهم من الذنوب * (وتزكيهم بها) * أي ترفعهم أنت يا محمد بهذه الصدقة من منازل المنافقين * (وصل عليهم) * ادع لهم * (إن صلاتك سكن لهم) * إن دعواتك مما تسكن نفوسهم إليه بأن قد تاب الله عليهم * (والله سميع) * لقولهم * (عليم) * بندامتهم فلما نزلت توبة هؤلاء قال الذين لم يتوبوا من المتخلفين هؤلاء كانوا بالأمس معنا لا يكلمون ولا يجالسون فما لهم وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع إلى المدينة نهى المؤمنين عن مكالمة المنافقين ومجالستهم فأنزل الله سبحانه
104 * (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) * يقبلها * (وأن الله هو التواب الرحيم) * يرجع على من يرجع إليه بالرحمة والمغفرة
105 * (وقل اعملوا) * يا معشر عبادي المحسن والمسيء * (فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) * أي إن الله يطلعهم على ما في قلوب إخوانهم من الخير والشر فيحبون المحسن ويبغضون المسئ بإيقاع الله ذلك في قلوبهم وباقي الآية سبق تفسيره
106 * (وآخرون مرجون لأمر الله) * مؤخرون ليقضي الله فيهم ما هو قاض وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع كانوا تخلفوا من غير عذر ثم لم يبالغوا في الاعتذار كما فعل أولئك الذين تصدقوا بأموالهم فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم وهم مهجورون حتى نزل قوله * (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) *
480

الآيات * (إما يعذبهم) * بعقابه جزاء لهم * (وإما يتوب عليهم) * بفضله * (والله عليم) * بما يؤول إليه حالهم * (حكيم) * فيما يفعله بهم
107 * (والذين اتخذوا) * ومنهم الذين اتخذوا مسجدا وكانوا اثني عشر رجلا من المنافقين بنوا مسجدا يضارون به مسجد قباء وهو قوله * (ضرارا وكفرا) * بالنبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به * (وتفريقا بين المؤمنين) * يفرقون به جماعتهم لأنهم كانوا يصلون جميعا في مسجد قباء فبنوا مسجد الضرار ليصلي فيه بعضهم فيختلفوا بسبب ذلك * (وإرصادا) * وانتظارا * (لمن حارب الله ورسوله من قبل) * يعني أبا عامر الراهب كان قد خرج إلى الشام ليأتي بجند يحارب بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسل إلى المنافقين أن ابنوا لي مسجدا * (وليحلفن إن أردنا) * ببنائه * (إلا) * الفعلة * (الحسنى) * وهي الرفق بالمسلمين والتوسعة عليهم فلما بنوا ذلك المسجد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فيصلي بهم في ذلك المسجد فنهاه الله عز وجل وقال
108 * (لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى) * بنيت جدره ورفعت قواعده على طاعة الله تعالى * (من أول يوم) * بني وحدث بناؤه وهو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
481

109 111 وقيل هو مسجد قباء * (أحق أن تقوم فيه) * للصلاة * (فيه رجال) * يعني الأنصار * (يحبون أن يتطهروا) * يعني غسل الأدبار بالماء وكان من عادتهم في الاستنجاء استعمال الماء بعد الحجر * (والله يحب المطهرين) * من الشرك والنفاق
109 * (أفمن أسس بنيانه) * أي بناءه الذي بناه * (على تقوى من الله) * مخافة الله ورجاء ثوابه وطلب مرضاته * (خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار) * على حرف مهواة * (فانهار به) * أوقع بنيانه * (في نار جهنم) * وهذا مثل والمعنى إن بناء هذا المسجد كبناء على حرف جهنم يتهور بأهله فيها لأنه معصية وفعل لما كرهه الله من الضرار
110 * (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم) * شكا في قلوبهم * (إلا أن تقطع قلوبهم) * بالموت والمعنى لا يزالون في شك منه إلى الموت يحسبون أنهم كانوا في بنائه محسنين * (والله عليم) * بخلقه * (حكيم) * فيما جعل لكل أحد
111 * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) * الآية نزلت في بيعة العقبة لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يعبدوا الله ولا يشركوا به
482

112 113 شيئا وأن يمنعوه مما يمنعون أنفسهم قالوا فإذا فعلنا ذلك يا رسول الله فماذا لنا قال الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزلت هذه الآية ومعنى * (اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) * أن المؤمن إذا قاتل في سبيل الله حتى يقتل وأنفق ماله في سبيل الله أخذ من الله الجنة في الآخرة جزاء لما فعل وقوله * (وعدا) * أي وعدهم الله الجنة وعدا * (عليه حقا) * لا خلف فيه * (في التوراة والإنجيل والقرآن) * أي إن الله بين في الكتابين أنه اشترى من أمة محمد أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة كما بين في القرآن * (ومن أوفى بعهده من الله) * أي لا أحد أوفى بما وعد من الله ثم مدحهم فقال
112 * (التائبون) * أي هم التائبون من الشرك * (العابدون) * يرون عبادة الله واجبة عليهم * (الحامدون) * الله على كل حال * (السائحون) * الصائمون * (الراكعون الساجدون) * في الفرائض * (الآمرون بالمعروف) * با لإيمان بالله وفرائضه وحدوده * (والناهون عن المنكر) * الشرك وترك فرائض الله * (
والحافظون لحدود الله) * العاملون بما افترض الله عليهم
113 * (ما كان للنبي) * الآية نزلت في استغفار النبي عليه السلام لعمه أبي طالب وأبيه وأمه واستغفار المسلمين لآبائهم المشركين نهوا عن ذلك
483

114 115 وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه فبين الله سبحانه كيف كان ذلك فقال
114 * (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) * وذلك أنه كان قد وعده أن يستغفر له رجاء إسلامه وأن ينقله الله باستغفاره إياه من الكفر إلى الإسلام وهذا ظاهر في قوله * (سأستغفر لك ربي) * وقوله * (لأستغفرن لك) * فلما مات أبوه مشركا تبرأ منه وقطع الاستغفار * (إن إبراهيم لأواه) * دعاء كثير البكاء * (حليم) * لم يعاقب أحدا إلا في الله ولم ينتصر من أحد إلا لله فلما حرم الاستغفار للمشركين بين أنه لا يأخذهم بما فعلوا لأنه لم يكن قد بين لهم انه لا يجوز ذلك فقال
115 * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم) * ليوقع الضلالة في قلوبهم بعد الهدى * (حتى يبين لهم ما يتقون) * فلا يتقوه فعند ذلك يستحقون الإضلال
484

117 120
117 * (لقد تاب الله على النبي) * من إذنه للمنافقين في التخلف عنه وهو ما ذكر في قوله * (عفا الله عنك) * الآية * (والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة) * في زمان عسرة الظهر وعسرة الماء وعسرة الزاد * (من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم) * من بعد ما هم بعضهم بالتخلف عنه والعصيان ثم لحقوا به * (ثم تاب عليهم) * ازداد عنهم رضا
118 * (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) * أي عن التوبة عليهم يعني من ذكرناهم في قوله * (وآخرون مرجون لأمر الله) * * (حتى إذا ضاقت عليهم الأرض) * لأنهم كانوا مهجورين لا يعاملون ولا يكلمون * (وضاقت عليهم أنفسهم) * بالهم الذي حصل فيها * (وظنوا) * أيقنوا * (أن لا ملجأ من الله إلا إليه) * أن لا معتصم من عذاب الله إلا به * (ثم تاب عليهم ليتوبوا) * أي لطف بهم في التوبة ووفقهم لها
119 * (يا أيها الذين آمنوا) * يعني أهل الكتاب * (اتقوا الله) * بطاعته * (وكونوا مع الصادقين) * محمد وأصحابه يأمرهم أن يكونوا معهم في الجهاد والشدة والرخاء وقوله
120 * (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) * لا يرضوا لأنفسهم بالخفض والدعة
485

121 123 ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحر والمشقة * (ذلك) * أي ذلك النهي عن التخلف * (بأنهم لا يصيبهم ظمأ) * وهو شدة العطش * (ولا نصب) * إعياء من التعب * (ولا مخمصة) * مجاعة * (ولا يطؤون موطئا) * ولا يقفون موقفا * (يغيظ الكفار) * يغضبهم * (ولا ينالون من عدو نيلا) * أسرا وقتلا إلا كان ذلك قربة لهم عند الله
121 * (ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة) * تمرة فما فوقها * (ولا يقطعون واديا) * يجاوزونه في سيرهم * (إلا كتب لهم) * آثارهم وخطاهم * (ليجزيهم الله أحسن) * بأحسن * (ما كانوا يعملون) * فلما عيب من تخلف عن غزوة تبوك قال المسلمون والله لا نتخلف عن غزوة بعد هذا ولا عن سرية أبدا فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسرايا إلى العدو نفر المسلمون جميعا إلى الغزو وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده بالمدينة فأنزل الله عز وجل
122 * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * ليخرجوا جميعا إلى الغزو * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) * فهلا خرج إلى الغزو من كل قبيلة جماعة * (ليتفقهوا في الدين) * ليتعلموا القرآن والسنن والحدود يعني الفرقة القاعدين * (ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) * وليعلموهم ما نزل من القرآن ويخوفوهم به * (لعلهم يحذرون) * فلا يعملون بخلاف القرآن
123 * (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم) * يقربون منكم أمروا بقتال الأدنى
486

124 127 فالأدنى من عدوهم من المدينة * (وليجدوا فيكم غلظة) * شدة وعنفا
124 * (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم) * من المنافقين * (من يقول أيكم زادته هذه إيمانا) * يقوله المنافقون بعضهم لبعض هزؤا فقال الله تعالى * (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا) * تصديقا لأنهم صدقوا بالأولى والثانية * (وهم يستبشرون) * يفرحون بنزول ا لسورة
125 * (وأما الذين في قلوبهم مرض) * شك ونفاق * (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) * كفرا إلى كفرهم لأنهم كلما كفروا بسورة ازداد كفرهم
126 * (لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين) * يمتحنون بالأمراض والأوجاع وهن روائد الموت * (ثم لا يتوبون) * من النفاق ولا يتعظون كما يتعظ المؤمن با لمرض
127 * (وإذا ما أنزلت سورة) * كان إذا نزلت سورة فيها عيب المنافقين وتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شق ذلك عليهم و * (نظر بعضهم إلى بعض) * يريدون الهرب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم لبعض * (هل يراكم من أحد) * إن قمتم فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد وإن علموا أن أحدا يراهم ثبتوا مكانهم حتى يفرغ من خطبته * (ثم انصرفوا) * على عزم الكفر والتكذيب * (صرف الله قلوبهم) * عن كل رشد وهدى * (بأنهم قوم لا يفقهون) * جزاء على فعلهم وهو أنهم لا يفقهون عن الله دينه وما دعاهم الله إليه
487

128 129
128 * (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) * من العرب من بني إسماعيل ليفهموا منه * (عزيز عليه ما عنتم) * شديد عليه مشقتكم وكل مضرة تصيبكم * (حريص عليكم) * أن تؤمنوا وهذا خطاب للكفار ومن لم يؤمن به ثم ذكر أنه * (بالمؤمنين رؤوف رحيم) *
129 * (فإن تولوا) * أعرضوا عن الإيمان يعني المشركين والمنافقين * (فقل حسبي الله) * أي الذي يكفيني الله * (لا إله إلا هو عليه توكلت) * وبه وثقت * (وهو رب العرش العظيم) * خص بالذكر لأنه أعظم ما خلق الله عز وجل
488

1 3
سورة يونس * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (الر) * أنا الله أرى * (تلك آيات الكتاب) * هذه الآيات التي أنزلتها عليك آيات القرآن * (الحكيم) * الحاكم بين الناس
2 * (أكان للناس) * أهل مكة * (عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) * وذلك أنهم قالوا ما وجد الله من يرسله إلينا إلا يتيم أبي طالب * (أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا) * أي بعثناه بشيرا ونذيرا * (أن لهم قدم صدق عند ربهم) * يعني الأعمال الصالحة * (قال الكافرون إن هذا) * القرآن * (لسحر مبين) *
3 * (إن ربكم الله) * مفسرة في سورة الأعراف وقوله * (يدبر الأمر) * يقضيه
489

5 10 * (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) * رد لقولهم الأصنام شفعاؤنا عند الله
5 * (هو الذي جعل الشمس ضياء) * ذات ضياء * (والقمر نورا) * ذا نور * (وقدره) * وقدر له * (منازل) * على عدد أيام الشهر * (ما خلق الله ذلك) * يعني ما تقدم ذكره * (إلا بالحق) * بالعدل أي هو عادل في خلقه لم يخلقه ظلما ولا باطلا * (يفصل الآيات) * يبينها * (لقوم يعلمون) * يستدلون بها على قدرة الله
7 * (إن الذين لا يرجون لقاءنا) * لا يخافون البعث * (ورضوا بالحياة الدنيا) * بدلا من الآخرة * (واطمأنوا بها) * وركنوا إليها * (والذين هم عن آياتنا) * ما أنزلت من الحلال والحرام والشرائع * (غافلون) * وقوله
9 * (يهديهم ربهم بإيمانهم) * أي إلى الجنان ثوابا لهم بايمانهم
10 * (دعواهم) * دعاؤهم * (فيها سبحانك اللهم) * وهو أنهم كلما اشتهوا شيئا قالوا سبحانك اللهم فجاءهم ما يشتهون فإذا طعموا مما يشتهون قالوا الحمد لله
490

11 13 رب العالمين
11 * (ولو يعجل الله للناس الشر) * الآية نزلت في دعاء الرجل على نفسه وأهله وولده بما يكره أن يستجاب له والمعنى لو استجبت لهم في الشر كما يحبون أن يستجاب لهم في الخير * (لقضي إليهم أجلهم) * لماتوا وفرغ من هلاكهم نزلت في النضر بن الحارث حين قال * (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك) * الآية يدل على هذا قوله * (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) * يعني الكفار الذين لا يخافون البعث
12 * (وإذا مس الإنسان) * يعني الكافر * (الضر) * المرض والبلاء * (دعانا لجنبه) * أي مضطجعا * (أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر) * طاغيا على ترك الشكر * (كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) * لنسيانه ما دعا الله فيه وما صنع الله به * (كذلك زين) * كما زين لهذا الكافر الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء * (زين للمسرفين) * عملهم وهم الذين أسرفوا على أنفسهم إذ عبدوا الوثن
13 * (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم) * يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية * (وما كانوا ليؤمنوا) * لأن الله طبع على قلوبهم جزاء لهم على كفرهم * (كذلك نجزي القوم المجرمين) * نفعل بمن كذب بمحمد كما فعلنا بمن قبلهم جزاء لكفرهم
491

14 18
14 * (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم) * يعني أهل مكة * (لننظر كيف تعملون) * لنختبر أعمالكم
15 * (وإذا تتلى عليهم) * على هؤلاء المشركين * (آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا) * لا يخافون البعث * (ائت بقرآن غير هذا) * ليس فيه عيب آلهتنا * (أو بدله) * تكلم به من ذات نفسك فبدل منه ما نكرهه * (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي) * ما ينبغي لي أن اغيره من قبل نفسي * (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) * ما أخبركم إلا ما أخبرني الله به أي الذي أتيت به من عند الله لا من عندي نفسي فأبدله
16 * (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم) * ما قرأت عليكم القرآن * (ولا أدراكم به) * ولا أعلمكم الله به * (فقد لبثت فيكم عمرا من قبله) * أقمت فيكم أربعين سنة لا أحدثكم شيئا * (أفلا تعقلون) * أنه ليس من قبلي
17 * (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * لا أحد أظلم ممن يظلم ظلم الكفر أي إني لم أفتر على الله ولم أكذب عليه وأنتم فعلتم ذلك حيث زعمتم أن معه شريكا * (إنه لا يفلح المجرمون) * لا يسعد من كذب أنبياء الله
18 * (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم) * إن لم يعبدوه * (ولا ينفعهم) * إن عبدوه * (ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) * في إصلاح معاشهم في الدنيا لأنهم لا يقرون
492

19 22 بالبعث * (قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض) * أتخبرون الله أن له شريكا ولا يعلم الله سبحانه لنفسه شريكا في السماوات ولا في الأرض ثم نزه نفسه عما افتروه فقال * (سبحانه وتعالى عما يشركون) *
19 * (وما كان الناس إلا أمة واحدة) * يعني من لدن عهد إبراهيم عليه السلام إلى أن غير الدين عمرو بن لحي * (فاختلفوا) * واتخذوا الأصنام * (ولولا كلمة سبقت من ربك) * بتأخير عذاب هذه الأمة إلى القيامة * (لقضي بينهم) * بنزول العذاب
20 * (ويقولون) * يعني أهل مكة * (لولا) * هلا * (أنزل عليه آية من ربه) * مثل العصا وما جاءت به الأنبياء * (فقل إنما الغيب لله) * أي إن قولكم هلا أنزل عليه آية غيب وإنما الغيب لله لا يعلم أحد لم لم يفعل ذلك * (فانتظروا) * نزول الآية * (إني معكم من المنتظرين) *
21 * (وإذا أذقنا الناس) * كفار مكة * (رحمة) * مطرا وخصبا * (من بعد ضراء مستهم) * فقر وبؤس * (إذا لهم مكر في آياتنا) * قول بالتكذيب أي إذا أخصبوا بطروا فاحتالوا لدفع آيات الله * (قل الله أسرع مكرا) * أسرع نقمة يعني إن ما يأتيهم من العقاب أسرع في إهلاكهم مما أتوه من المكر في إبطال آيات الله * (إن رسلنا) * يعني الحفظة * (يكتبون ما تمكرون) * للمجازاة به في الآخرة
22 * (هو الذي يسيركم في البر) * على المراكب والظهور * (والبحر) * على السفن * (حتى إذا كنتم في الفلك) *
493

السفن * (وجرين بهم) * يعني وجرت السفن بمن ركبها في البحر * (بريح طيبة) * رخاء لينة * (وفرحوا) * بتلك الريح للينها واستوائها * (جاءتها ريح عاصف) * شديدة * (وجاءهم الموج) * وهو ما ارتفع من الماء * (من كل مكان) * من البحر * (وظنوا أنهم أحيط بهم) * دنوا من الهلاك * (دعوا الله مخلصين له الدين) * تركوا الشرك وأخلصوا لله الربوبية وقالوا * (لئن أنجيتنا من هذه) * الريح العاصفة * (لنكونن من الشاكرين) * الموحدين الطائعين
23 * (فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق) * يعملون بالفساد والمعاصي والجرأة على الله * (يا أيها الناس) * يعني أهل مكة * (إنما بغيكم على أنفسكم) * أي بغي بعضكم على بعض * (متاع الحياة الدنيا) * أي ما ينالونه بهذا الفساد والبغي إنما يتمتعون به في الحياة الدنيا * (ثم إلينا مرجعكم) *
24 * (إنما مثل الحياة الدنيا) * يعني الحياة الفانية في هذه الدار * (كماء) * كمطر * (أنزلناه من السماء فاختلط به) * بذلك المطر وبسببه * (نبات الأرض مما يأكل الناس) * من البقول والحبوب والثمار * (والأنعام) * من المراعي والكلأ * (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها) * زينتها وحسنها * (وازينت) * بنباتها * (وظن) * أهل تلك الأرض * (أنهم قادرون) * على حصادها والانتفاع بها * (أتاها أمرنا) * عذابنا * (فجعلناها حصيدا) * لا شيء فيها * (كأن لم تغن) * لم تكن بالأمس * (كذلك) *
494

25 26 الحياة في الدنيا سبب لاجتماع المال وزهرة الدنيا حتى إذا كثر ذلك عند صاحبه وظن أنه ممتع به سلب ذلك عنه بموته أو بحادثة تهلكه * (كذلك نفصل الآيات) * كما بينا هذا المثل للحياة الدنيا كذلك يبين الله آيات القرآن * (لقوم يتفكرون) * في المعاد
25 * (والله يدعو إلى دار السلام) * وهي الجنة ببعث الرسول ونصب الأدلة * (ويهدي من يشاء) * عم بالدعوة وخص بالهداية من يشاء
26 * (للذين أحسنوا) * قالوا لا إله إلا الله * (الحسنى) * الجنة * (وزيادة) * النظر إلى وجه الله الكريم عز وجل * (ولا يرهق) * يغشى * (وجوههم قتر) * سواد من الكآبة * (ولا ذلة) * كما يصيب أهل جهنم وهذا بعد نظرهم إلى ربهم تبارك وتعالى
495

27 31
27 * (والذين كسبوا السيئات) * عملوا الشرك * (جزاء سيئة) * أي فلهم جزاء سيئة * (بمثلها وترهقهم ذلة) * يصيبهم ذل وخزي وهوان * (ما لهم من الله) * من عذاب الله * (من عاصم) * من مانع يمنعهم * (كأنما أغشيت) * ألبست * (وجوههم قطعا) * طائفة * (من الليل) * وهو مظلم
28 * (ويوم نحشرهم جميعا) * نجمعهم جميعا الكفار وآلهتهم * (ثم نقول للذين أشركوا مكانكم) * قفوا والزموا مكانكم * (أنتم وشركاؤكم فزيلنا) * فرقنا وميزنا * (بينهم) * بين المشركين وبين شركائهم وانقطع ما كان بينهم من التواصل في الدنيا * (وقال شركاؤهم) * وهي الأوثان * (ما كنتم إيانا تعبدون) * أنكروا عبادتهم وقالوا ما كنا نشعر بأنكم إيانا تعبدون والله ينطقها بهذا
29 * (فكفى بالله شهيدا) * الآية هذا من كلام الشركاء قالوا شهد الله على علمه فينا ما * (كنا عن عبادتكم) * إلا غافلين لأنا كنا جمادا لم يكن فينا روح
30 * (هنالك) * في ذلك الوقت * (تبلو) * تختبر * (كل نفس ما أسلفت) * جزاء ما قدمت من خير أو شر * (وردوا إلى الله مولاهم الحق) * أي الذي يملك تولي أمرهم ويجازيهم بالحق * (وضل عنهم) * زال وبطل * (ما كانوا يفترون) * في الدنيا من التكذيب
31 * (قل من يرزقكم من السماء والأرض) * من ينزل من السماء المطر ويخرج النبات من الأرض * (أم من يملك السمع والأبصار) * من جعلها وخلقها لكم على معنى من يملك خلقها * (ومن يخرج الحي من الميت) * المؤمن من الكافر
496

32 35 والنبات من الأرض والإنسان من النطفة وعلى الضد من ذلك * (ويخرج الميت من الحي ومن يدبر) * أمر الدنيا والآخرة * (فسيقولون الله) * أي الله الذي يفعل هذه الأشياء فإذا أقروا بعد الاحتجاج عليهم * (فقل أفلا تتقون) * أفلا تخافون الله فلا تشركوا به شيئا
32 * (فذلكم الله ربكم الحق) * أي الذي هذا كله فعله هو الحق ليس هؤلاء الذين جعلتم معه شركاء * (فماذا بعد الحق) * بعد عبادة الله * (إلا الضلال) * يعني عبادة الشيطان * (فأنى تصرفون) * يريد كيف تصرف عقولكم إلى عبادة ما لا يرزق ولا يحيي ولا يميت
33 * (كذلك) * هكذا * (حقت) * صدقت * (كلمة ربك) * بالشقاوة والخذلان * (على الذين فسقوا) * تمردوا في الكفر * (أنهم لا يؤمنون) *
35 * (قل هل من شركائكم) * يعني آلهتكم * (من يهدي) * يرشد * (إلى الحق) * إلى دين الإسلام * (قل الله يهدي للحق) * أي إلى الحق * (أفمن يهدي إلى
الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي) * أي الله الذي يهدي ويرشد إلى الحق أهل الحق أحق أن يتبع أمره أم الأصنام التي لا تهدي أحدا * (إلا أن يهدى) * يرشد وهي وإن هديت لم تهتد ولكن الكلام نزل على أنها ان هديت اهتدت لأنهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها كما يعبر عمن يعلم * (فما لكم) * أي شيء لكم في عبادة الأوثان وهذا كلام تام * (كيف تحكمون) * يعني كيف تقضون حين زعمتم أن مع الله شريكا
497

36 39
36 * (وما يتبع أكثرهم) * يعني الرؤساء لأن السفله يتبعون قولهم * (إلا ظنا) * يظنون أنها آلهة * (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * ليس الظن كاليقين يعني إن الظن لا يقوم مقام العلم * (إن الله عليم بما يفعلون) * من كفرهم
37 * (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله) * هذا جواب لقولهم * (ائت بقرآن غير هذا) * يقول ما كان هذا القرآن افتراء من دون الله * (ولكن تصديق) * ولكن كان تصديق * (الذي بين يديه) * من الكتب * (وتفصيل الكتاب) * يعني تفصيل المكتوب من الوعد لمن آمن والوعيد لمن عصى * (لا ريب فيه) * لا شك في نزوله من عند رب العالمين
38 * (أم يقولون افتراه) * بل أتقولون افتراه محمد * (قل فأتوا بسورة مثله) * إن كان مفترى * (وادعوا) * إلى معاونتكم على المعارضة كل من تقدرون عليه * (إن كنتم صادقين) * في أن محمدا اختلقه من عند نفسه ونظير هذه الآية في سورة البقرة * (وإن كنتم في ريب) * الآية
39 * (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) * أي بما في القرآن من الجنة والنار والبعث والقيامة * (ولما يأتهم تأويله) * ولم يأتهم بعد حقيقة ما وعدوا في الكتاب * (كذلك كذب الذين من قبلهم) * بالبعث والقيامة
498

40 45
40 * (ومنهم) * ومن كفار مكة * (من يؤمن به) * يعني قوما علم أنهم يؤمنون * (ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين) * يريد المكذبين وهذا تهديد لهم
41 * (وإن كذبوك فقل لي عملي) * الآية نسختها آية الجهاد
42 * (ومنهم من يستمعون إليك) * نزلت في المستهزئين كانوا يستمعون الاستهزاء والتكذيب فقال الله تعالى * (أفأنت تسمع الصم) * يريد أنهم بمنزلة الصم لشدة عداوتهم * (ولو كانوا لا يعقلون) * أي ولو كانوا مع كونهم صما جهالا أخبر الله سبحانه أنهم بمنزلة الصم الجهال إذ لم ينتفعوا بما سمعوا
43 * (ومنهم من ينظر إليك) * متعجبا منك غير منتفع بنظره * (أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون) * يريد إن الله أعمى قلوبهم فلا يبصرون شيئا من الهدى
44 * (إن الله لا يظلم الناس شيئا) * لما ذكر أهل الشقاوة ذكر أنه لم يظلمهم بتقدير الشقاوة عليهم لأنه يتصرف في ملكه * (ولكن الناس أنفسهم يظلمون) * بكسبهم المعاصي
45 * (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار) * كأن لم يلبثوا في قبورهم
499

46 49 إلا قدر ساعة من النهار استقصروا تلك المدة من هول ما استقبلوا من أمر البعث والقيامة * (يتعارفون بينهم) * يعرف بعضهم بعضا تعارف توبيخ لأن كل فريق يقول للآخر أنت أضللتني وما يشبه هذا * (قد خسر) * ثواب الجنة * (الذين كذبوا) * بالبعث
46 * (وإما نرينك بعض الذي نعدهم) * يريد ما ابتلوا به يوم بدر * (أو نتوفينك) * قبل ذلك * (فإلينا مرجعهم) * أي فنعذبهم في الآخرة * (ثم الله شهيد على ما يفعلون) * من محاربتك وتكذيبك فيجزيهم بها ومعنى الآية إن لم ينتقم منهم في العاجل ينتقم منهم في الآجل
47 * (ولكل أمة رسول) * يرسل إليهم * (فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط) * وهو هلاك من كذبه ونجاة من تبعه * (وهم لا يظلمون) * لا ينقص ثواب المصدق ويجازى المكذب بتكذيبه
48 * (ويقولون متى هذا الوعد) * قالوا ذلك حين قيل لهم * (وإما نرينك بعض الذي نعدهم) * الآية فقالوا متى هذا العذاب الذي تعدنا يا محمد * (إن كنتم) * أنت يا محمد وأتباعك صادقين
49 * (قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله) * الآية مفسرة في آيتين من سورة الأعراف فلما استعجلوا العذاب قيل للنبي صلى الله عليه وسلم
500

50 55
50 * (قل أرأيتم) * أعلمتم * (إن أتاكم عذابه بياتا) * ليلا * (أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون) * أي شيء يستعجل المجرمون من العذاب وهذا استفهام معناه التهويل والتفظيع أي ما أعظم ما يلتمسون ويستعجلون كما تقول أعلمت ماذا تجني على نفسك فلما قال لهم النبي عليه السلام هذا قالوا نكذب بالعذاب ونستعجله فإذا وقع آمنا به فقال الله تعالى
51 * (أثم إذا ما وقع) * وحل بكم * (آمنتم به) * بعد نزوله فلا يقبل منكم الإيمان ويقال لكم * (الآن) * تؤمنون به * (وقد كنتم به تستعجلون) * في الدنيا مستهزئين
53 * (ويستنبئونك) * يستخبرونك * (أحق) * ما أخبرتنا به من العذاب والبعث * (قل أي) * نعم * (وربي إنه لحق) * يعني العذاب نازل بكم * (وما أنتم بمعجزين) * بعد الموت أي فتجازون بكفركم
54 * (ولو أن لكل نفس ظلمت) * أشركت * (ما في الأرض لافتدت به) * لبذلته لدفع العذاب عنها * (وأسروا) * أخفوا وكتموا * (الندامة) * يعني الرؤساء من السفلة الذين أضلوهم * (وقضي بينهم) * بين السفلة والرؤساء * (بالقسط) * بالعدل فيجازى كل على صنيعه
55 * (ألا إن وعد الله حق) * ما وعد لأوليائه وأعدائه * (ولكن أكثرهم لا يعلمون) * يعني المشركين
501

56 61
56 * (يا أيها الناس) * يعني قريشا * (قد جاءتكم موعظة من ربكم) * القرآن * (وشفاء لما في الصدور) * ودواء لداء الجهل * (وهدى) * وبيان من الضلالة * (ورحمة للمؤمنين) * ونعمة من الله سبحانه لأصحاب محمد
58 * (قل بفضل الله) * الإسلام * (وبرحمته) * القرآن * (فبذلك) * الفضل والرحمة * (فليفرحوا هو خير) * أي ما آتاهم الله من الإسلام والقرآن خير مما يجمع غيرهم من الدنيا
59 * (قل) * لكفار مكة * (أرأيتم ما أنزل الله) * خلقه وأنشأه لكم * (من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا) * يعني ما حرموه مما هو حلال لهم من البحيرة وأمثالها وأحلوه مما هو حرام من الميتة وأمثالها * (قل آلله أذن لكم) * في ذلك التحريم والتحليل * (أم) * بل * (على الله تفترون) *
60 * (وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة) * أي ما ظنهم ذلك اليوم بالله وقد افتروا عليه * (إن الله لذو فضل على الناس) * أهل مكة حين جعلهم في أمن وحرم إلى سائر ما أنعم به عليهم * (ولكن أكثرهم لا يشكرون) * لا يوحدون ولا يطيعون
61 * (وما تكون) * يا محمد * (في شأن) * أمر من أمورك * (وما تتلو منه) * من الله * (من قرآن) * أنزله عليك * (ولا تعملون من عمل) * خاطبه وأمته * (إلا كنا عليكم شهودا) * نشاهد ما تعلمون * (إذ تفيضون) * تأخذون * (فيه وما يعزب) * يغيب ويبعد * (عن ربك من مثقال ذرة) *
502

وزن ذزة * (إلا في كتاب مبين) * يريد اللوح المحفوظ الذي أثبت الله سبحانه فيه الكائنات
62 * (ألا إن أولياء الله) * هم الذين تولى الله سبحانه هداهم
63 * (الذين آمنوا) * صدقوا النبي * (وكانوا يتقون) * خافوا مقامهم بين يدي الله سبحانه
64 * (لهم البشرى في الحياة الدنيا) * عند الموت تأتيهم الملائكة بالبشرى من الله * (وفي الآخرة) * يبشرون بثواب الله وجنته * (لا تبديل لكلمات الله) * لا خلف لمواعيده
65 * (ولا يحزنك قولهم) * تكذيبهم إياك * (إن العزة لله) * القوة لله والقدرة لله * (جميعا) * وهو ناصرك * (وهو السميع) * يسمع قولهم * (العليم) * بما في ضميرهم فيجازيهم بما يقتضيه حالهم
66 * (ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض) * يعني يفعل بهم وفيهم ما يشاء * (وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء) * أي ليسوا يتبعون شركاء على الحقيقة لأنهم يعدونها شركاء شفعاء لهم وليست على ما يظنون * (إن يتبعون إلا الظن) * ما يتبعون إلا ظنهم أنها تشفع لهم * (وإن هم إلا يخرصون) * يقولون ما لا يكون
67 * (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا) * مضيئأ لتهتدوا به في
503

68 72 حوائجكم * (إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) * سمع اعتبار
68 * (قالوا اتخذ الله ولدا) * يعني قولهم الملائكة بنات الله * (سبحانه) * تنزيها له عما قالوه * (هو الغني) * أن يكون له زوجة أو ولد * (إن عندكم من سلطان بهذا) * ما عندكم من حجة بهذا وقوله
70 * (متاع في الدنيا) * أي لهم متاع في الدنيا يتمتعون به أياما يسيرا وقوله
71 * (إن كان كبر عليكم مقامي) * أي عظم وشق عليكم مكثي ولبثي فيكم * (وتذكيري بآيات الله) * وعظي وتخويفي إياكم عقوبة الله * (فعلى الله توكلت) * فافعلوا ما شئتم وهو قوله * (فأجمعوا أمركم وشركاءكم) * أي اعزموا على أمر محكم تجتمعون عليه * (وشركاءكم) * مع شركائكم وقيل معناه وادعوا شركاءكم يعني آلهتكم * (ثم لا يكن أمركم عليكم غمة) * أي ليكن أمركم ظاهرا منكشفا تتمكنون فيه مما شئتم لا كمن يكتم أمرا ويخفيه فلا يقدر أن يفعل ما يريد * (ثم اقضوا إلي) * افعلوا ما تريدون وامضوا إلي بمكروهكم * (ولا تنظرون) * ولا تؤخروا أمري والمعنى ولا تألوا في الجمع والقوة فإنكم لا تقدرون على مساءتي لأن لي الها يمنعني وفي هذا تقوية لقلب محمد صلى الله عليه وسلم لأن سبيله مع قومه كسبيل الأنبياء من قبله
72 * (فإن توليتم) * أعرضتم عن الإيمان * (فما سألتكم من أجر) * مال تعطونيه وهذا
504

74 83 من قول نوح عليه السلام لقومه وقوله
74 * (فما كانوا ليؤمنوا) * يعني أمم الأنبياء والرسل * (بما) * كذب به قوم نوح أي هؤلاء الآخرون لم يؤمنوا بما كذب به أولوهم وقد علموا أن الله سبحانه أغرقهم بتكذيبهم ثم قال * (كذلك) * كما طبعنا على قلوبهم * (نطبع على قلوب المعتدين) * المجاوزين الحق إلى الباطل وقوله
78 * (قالوا أجئتنا لتلفتنا) * لتردنا * (عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء) * الملك والعز * (في الأرض) * في أرض مصر وقوله
81 * (إن الله سيبطله) * سيهلكه * (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) * لا يجعله ينفعهم
82 * (ويحق الله الحق) * ويظهره بالدلائل الواضحة * (بكلماته) * بوعده
83 * (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) * يعني من آمن به من بني إسرائيل وكانوا ذرية أولاد يعقوب * (على خوف من فرعون وملئهم) * ورؤسائهم * (أن يفتنهم) *
505

84 88 يصرفهم عن دينهم بمحنة وبلية يوقعهم فيها * (وإن فرعون لعال) * متطاول * (في الأرض) * في أرض مصر * (وإنه لمن المسرفين) * حيث كان عبدا فادعى الربوبية وقوله
85 * (لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) * أي لا تظهرهم علينا فيروا أنهم خير منا فيزدادوا طغيانا ويقولوا لو كانوا على حق ما سلطنا عليهم فيفتنوا
87 * (وأوحينا إلى موسى وأخيه) * الآية لما أرسل موسى صلوات الله عليه إلى فرعون أمر فرعون بمساجد بني إسرائيل فخربت كلها ومنعوا من الصلاة فأمروا أن يتخذوا مساجد في بيوتهم ويصلوا فيها خوفا من فرعون فذلك قوله * (تبوآ لقومكما) * أي اتخذا لهم * (بمصر بيوتا) * في دورهم * (واجعلوا بيوتكم قبلة) * أي صلوا في بيوتكم لتأمنوا من الخوف وقوله
88 * (ربنا ليضلوا عن سبيلك) * أي جعلت هذه الأموال سببا لضلالهم لأنهم بطروا فاستكبروا عن الإيمان * (ربنا اطمس على أموالهم) * امسخها وأذهبها عن صورتها فصارت دراهمهم ودنانيرهم حجارة منقوشة صحاحا وأنصافا وكذلك سائر أموالهم * (واشدد على قلوبهم) * اطبع عليها حتى لا تلين ولا تنشرح للإيمان * (فلا يؤمنوا) * دعاء عليهم * (حتى يروا العذاب الأليم) * يعني الغرق فاستجيب في ذلك فلم يؤمن فرعون حتى أدركه الغرق
506

89 92
89 * (قال قد أجيبت دعوتكما) * وذلك أن موسى دعا وأمن هارون * (فاستقيما) * على الرسالة والدعوة * (ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) * لا تسلكا طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي فتستعجلا قضائي وقوله
90 * (فأتبعهم فرعون وجنوده) * طلبوا أن يلحقوا بهم * (بغيا) * طلبا للاستعلاء بغير حق * (وعدوا) * ظلما * (حتى إذا أدركه الغرق) * تلفظ بما أخبر الله عنه حين لم ينفعه ذلك لأنه رأى اليأس وعاينه فقيل له * (آلآن وقد عصيت قبل) * أي الآن تؤمن أو تتوب فلما أغرقه الله جحد بعض بني إسرائيل غرقه وقالوا هو أعظم شأنا من أن يغرق فأخرجه الله سبحانه من الماء حتى رأوه فذلك قوله
92 * (فاليوم ننجيك) * نخرجك من البحر بعد الغرق * (ببدنك) * بجسدك الذي لا روح فيه * (لتكون لمن خلفك آية) * نكالا وعبرة * (وإن كثيرا من الناس) * يريد أهل مكة * (عن آياتنا) * عما يراد بهم * (لغافلون) *
507

93 98
93 * (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) * أنزلنا قريظة والنضير منزل صدق أي محمودا مختارا يريد من أرض يثرب ما بين المدينة والشام * (ورزقناهم من الطيبات) * من النخل والثمار ووسعنا عليهم الرزق * (فما اختلفوا) * في تصديق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه رسول مبعوث * (حتى جاءهم العلم) * حقيقة ما كانوا يعلمونه وهو محمد عليه السلام بنعته وصفته والقرآن وذلك أنهم كانوا يخبرون عن زمانه ونبوته ويؤمنون به فلما أتاهم اختلفوا فكفر به أكثرهم
94 * (فإن كنت في شك) * هذا في الظاهر خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره من الشاكين في الدين وقوله * (فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) * يعني من امن من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه فيشهدون على صدق محمد ويخبرون بنبؤته وباقي الآية والتي تليها خطاب النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره
96 * (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك) * وجبت عليهم كلمة العذاب
97 * (لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية) * وذلك أنهم كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالآيات حتى يؤمنوا فقال الله تعالى * (لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم) * فلا ينفعهم حينئذ الإيمان كما لم ينفع فرعون
98 * (فلولا كانت قرية) * أي فما كانت قرية * (آمنت فنفعها إيمانها) * عند نزول العذاب * (إلا قوم يونس لما آمنوا) * عند نزول العذاب * (كشفنا عنهم عذاب الخزي) *
508

يعني سخط الله سبحانه * (ومتعناهم إلى حين) * يريد حين آجالهم وذلك أنهم لما رأوا الآيات التي تدل على قرب العذاب أخلصوا التوبة وترادوا المظالم وتضرعوا إلى الله تعالى فكشف عنهم العذاب
99 * (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا) * الآية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يؤمن جميع الناس فأخبره الله سبحانه أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة وهو قوله
100 * (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) * أي إلا بما سبق لها في قضاء الله وقدره * (ويجعل الرجس) * العذاب * (على الذين لا يعقلون) * عن الله تعالى أمره ونهيه وما يدعوهم إليه
101 * (قل) * للمشركين الذين يسألونك الآيات * (انظروا ماذا) * أي الذي أعظم منها * (في السماوات والأرض) * من الآيات والعبر التي تدل على وحدانية الله سبحانه فيعلموا أن ذلك كله يقتضي صانعا لا يشبه الأشياء ولا تشبهه ثم بين أن الآيات لا تغني عمن سبق في علم الله سبحانه أنه لا يؤمن فقال * (وما تغني الآيات والنذر) * جمع نذير * (عن قوم لا يؤمنون) * يقول الإنذار غير نافع لهؤلاء
102 * (فهل ينتظرون) * أي يجب ألا ينتظروا بعد تكذيبك * (إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم) * إلا مثل وقائع الله سبحانه فيمن سلف قبلهم من الكفار
509

103 108
103 * (ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا) * هذا إخبار عن ما كان الله سبحانه يفعل في الأمم الماضية من إنجاء الرسل والمصدقين لهم عما يعذب به من كفر * (كذلك) * أي مثل هذا الإنجاء * (ننج المؤمنين) * بمحمد صلى الله عليه وسلم من عذابي
104 * (قل يا أيها الناس) * يريد أهل مكة * (إن كنتم في شك من ديني) * الذي جئت به * (فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله) * أي بشككم في ديني لا أعبد غير الله * (ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم) * يأخذ أرواحكم وفي هذا تهديد لهم لأن وفاة المشركين ميعاد عذابهم وقوله
105 * (وأن أقم وجهك للدين حنيفا) * استقم بإقبالك على ما أمرت به بوجهك
106 * (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك) * أي شيئا ما لأنه لا يتحقق النفع والضر إلا من الله فكأنه قال ولا تدع من دون الله شيئا
107 * (وإن يمسسك الله بضر) * بمرض وفقر * (فلا كاشف له) * لا مزيل له * (إلا هو) * * (وإن يردك بخير) * يرد بك الخير * (فلا راد لفضله) * لا مانع لما تفضل به عليك من رخاء ونعمة * (يصيب به) * بكل واحد مما ذكر * (من يشاء من عباده) *
108 * (قل يا أيها الناس) * يعني أهل مكة * (قد جاءكم الحق) * القرآن * (من ربكم) * وفيه البيان والشفاء * (فمن اهتدى) * من الضلالة * (فإنما يهتدي لنفسه) * يريد من
510

109 صدق محمدا عليه السلام فإنما يحتاط لنفسه * (ومن ضل) * بتكذيبه * (فإنما يضل عليها) * إنما يكون وبال ضلاله على نفسه * (وما أنا عليكم بوكيل) * بحفيظ من الهلاك حتى لا تهلكوا
109 * (واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله) * نسخته آية السيف لأن الله سبحانه حكم بقتل المشركين والجزية على أهل الكتاب
511

1 3
سورة هود * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (الر) * أنا الله الرحمن * (كتاب) * هذا كتاب * (أحكمت آياته) * بعجيب النظم وبديع المعاني ورصين اللفظ * (ثم فصلت) * بينن بالأحكام من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج إليه من * (لدن حكيم) * في خلقه * (خبير) * بمن يصدق نبيه وبمن يكذبه
2 * (ألا تعبدوا) * أي بأن والتقدير هذا كتاب بأن لا تعبدوا * (إلا الله) *
3 و ب * (وأن استغفروا ربكم) * أي من ذنوبكم السالفة * (ثم توبوا إليه) * من المستأنفة متى وقعت * (يمتعكم متاعا حسنا) * يتفضل عليكم بالرزق والسعة * (إلى أجل مسمى) * أجل الموت * (ويؤت كل ذي فضل فضله) * يؤت كل من فضلت حسناته على سيئاته فضله يعني الجنة وهي فضل الله سبحانه * (وإن تولوا) * تتولوا عن الإيمان * (فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) * وهو يوم القيامة
512

5 7
5 * (ألا إنهم يثنون صدورهم) * نزلت في طائفة من المشركين قالوا إذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم كيف يعلم ربنا فأنزل الله تعالى * (ألا إنهم يثنون صدورهم) * أي يعطفونها ويطوونها على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم * (ليستخفوا منه) * ليتواروا عنه ويكتموا عداوته * (ألا حين يستغشون ثيابهم) * يتدثرون بها * (يعلم ما يسرون وما يعلنون) * أعلم الله سبحانه أن سرائرهم يعلمها كما يعلم مظهرهم * (إنه عليم بذات الصدور) * بما في النفوس من الخير والشر
6 * (وما من دابة) * حيوان يدب * (في الأرض إلا على الله رزقها) * فضلا لا وجوبا * (ويعلم مستقرها) * حيث تأوي إليه * (ومستودعها) * حيث تموت * (كل في كتاب مبين) * يريد اللوح المحفوظ والمعنى أن ذلك ثابت في علم الله
7 * (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) * ذكرنا تفسيره في سورة الأعراف * (وكان عرشه على الماء) * يعني قبل خلق السماوات والأرض * (ليبلوكم) * أي خلقها لكم لكي يختبركم بالمصنوعات فيها من آياته ليعلم إحسان المحسن وإساءة المسئ وهو قوله تعالى * (أيكم أحسن عملا) * أي أعمل بطاعة الله تعالى * (ولئن قلت) * للكفار بعد خلق الله السماوات والأرض وبيان قدرته * (إنكم مبعوثون من بعد الموت) * كذبوا بذلك وقالوا * (إن هذا إلا سحر مبين) *
513

أي باطل وخداع
8 * (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) * إلى أجل وحين معلوم * (ليقولن ما يحبسه) * ما يحبس العذاب عنا تكذيبا واستهزاء فقال الله سبحانه * (ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم) * إذا أخذتهم سيوف المسلمين لم تغمد عنهم حتى يباد الكفر وتعلو كلمة الإخلاص * (وحاق) * نزل وأحاط * (بهم) * جزاء * (ما كانوا
به يستهزؤون) * وهو العذاب والقتل
9 * (ولئن أذقنا الإنسان) * يعني الوليد بن المغيرة * (منا رحمة) * رزقا * (ثم نزعناها منه إنه ليؤوس) * مؤيس قانط * (كفور) * كافر بالنعمة يريد إنه لجهله بسعة رحمة الله يستشعر القنوط واليأس عند نزول الشدة
10 * (ولئن أذقناه نعماء) * الآية معناه إنه يبطر فينسى حال الشدة ويترك حمد الله على ما صرف عنه وهو قوله * (ليقولن ذهب السيئات عني) * فارقني الضر والفقر * (إنه لفرح فخور) * يفاخر المؤمنين بما وسع الله عليه ثم ذكر المؤمنين فقال
11 * (إلا الذين صبروا) * والمعنى لكن الذين صبروا على الشدة والمكاره * (وعملوا الصالحات) * في السراء والضراء
12 * (فلعلك تارك) * الآية قال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ائتنا بكتاب ليس فيه سب آلهتنا حتى نتبعك وقال بعضهم هلا أنزل عليك ملك يشهد لك بالنبوة والصدق أو تعطى كنزا تستغني به أنت وأتباعك فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع سب
514

13 15 آلهتهم فأنزل الله تعالى * (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) * أي لعظيم ما يرد على قلبك من تخليطهم تتوهم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من أمر ربك * (وضائق به صدرك أن يقولوا) * أي ضائق صدرك بأن يقولوا * (لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير) * عليك أن تنذرهم وليس عليك أن تأتيهم بما يقترحون * (والله على كل شيء وكيل) * حافظ لكل شيء
13 * (أم يقولون) * بل أيقولون * (افتراه) * افترى القرآن وأتى به من قبل نفسه * (قل فأتوا بعشر سور مثله) * مثل القرآن في البلاغة * (مفتريات) * بزعمكم * (وادعوا من استطعتم من دون الله) * إلى المعاونة على المعارضة * (إن كنتم صادقين) * أنه افتراه
14 * (فإن لم يستجيبوا لكم) * فإن لم يستجب لكم من تدعونهم إلى المعاونة ولم يتهيأ لكم المعارضة فقد قامت عليكم الحجة * (فاعلموا أنما أنزل بعلم الله) * أي أنزل والله عالم يإنزاله وعالم أنه من عنده * (فهل أنتم مسلمون) * استفهام معناه الأمر كقوله * (فهل أنتم منتهون) *
15 * (من كان يريد الحياة الدنيا) * أي من كان يريدها من الكفار ولا يؤمن بالبعث ولا بالثواب والعقاب * (نوف إليهم أعمالهم) * جزاء أعمالهم في الدنيا يعني إن من أتى من الكافرين فعلا حسنا من إطعام جائع وكسوة عار ونصرة مظلوبم من المسلمين عجل له ثواب ذلك في دنياه بالزيادة في ماله * (وهم فيها) * في الدنيا
515

16 18 * (لا يبخسون) * لا ينقصون ثواب ما يستحقون فإذا وردوا الآخرة وردوا على عاجل الحسرة إذ لا حسنة لهم هناك وهو قوله تعالى
16 * (أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار) * الآية
17 * (أفمن كان) * يعني النبي صلى الله عليه وسلم * (على بينة من ربه) * بيان من ربه وهو القرآن * (ويتلوه شاهد) * وهو جبريل عليه السلام * (منه) * من الله عز وجل يريد أنه يتبعه ويؤيده ويشهده * (ومن قبله) * ومن قبل القرآن * (كتاب موسى) * التوراة يتلوه أيضا في التصديق لأن موسى عليه السلام بشر به في التوراة فالتوراة تتلو النبي صلى الله عليه وسلم في التصديق وقوله * (إماما ورحمة) * يعني أن كتاب موسى كان إماما لقومه ورحمة وتقدير الآية أفمن كان بهذه الصفة كمن ليس يشهد بهذه الصفة فترك ذكر المضاد له * (أولئك يؤمنون به) * يعني من آمن به من أهل الكتاب * (ومن يكفر به من الأحزاب) * أصناف الكفار * (فالنار موعده فلا تك في مرية منه) * من هذا الوعد * (إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) * يعني أهل مكة
18 * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * فزعم أن له ولدا وشريكا * (أولئك يعرضون على ربهم) * يوم القيامة * (ويقول الأشهاد) * وهم الأنبياء والملائكة والمؤمنون * (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله) * إبعاده من رحمته * (على الظالمين) * المشركين
516

19 24
19 * (الذين يصدون عن سبيل الله) * تقدم تفسير هذه الآية
20 * (أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض) * أي سابقين فائتين لم يعجزونا أن نعذبهم في الدنيا ولكن أخرنا عقوبتهم * (وما كان لهم من دون الله من أولياء) * يمنعونهم من عذاب الله * (يضاعف لهم العذاب) * لإضلالهم الأتباع * (ما كانوا يستطيعون السمع) * لأني حلت بينهم وبين الإيمان فكانوا صما عن الحق فلا يسمعونه وعميا عنه فلا يبصرونه ولا يهتدون
21 * (أولئك الذين خسروا أنفسهم) * بأن صاروا إلى النار * (وضل عنهم ما كانوا يفترون) * بطل افتراؤهم في الدنيا فلم ينفعهم شيئا
22 * (لا جرم) * حقا * (أنهم في الآخرة هم الأخسرون) *
23 * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم) * اطمأنوا وسكنوا وقيل تابوا
24 * (مثل الفريقين) * فريق الكافرين وفريق المسلمين * (كالأعمى والأصم) * وهو الكافر الكافر * (والبصير والسميع) * وهو المؤمن * (هل يستويان مثلا) * أي في المثل أي هل يتشابهان * (أفلا تذكرون) * أفلا تتعظون يا أهل مكة
517

25 29
25 * (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) * فقال لهم يا قومي * (إني لكم نذير مبين) *
26 * (ألا تعبدوا إلا الله) * أي أنذركم لتوحدوا الله وتتركوا عبادة غيره * (إني أخاف عليكم) * بكفركم * (عذاب يوم أليم) * مؤلم
27 * (فقال الملأ الذين كفروا من قومه) * وهم الأشراف والرؤساء * (ما نراك إلا بشرا مثلنا) * إنسانا مثلنا لا فضل لك علينا * (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا) * أخساؤنا يعنون من لا شرف لهم ولا مال * (بادي الرأي) * اتبعوك في ظاهر الرأي وباطنهم على خلاف ذلك * (وما نرى لكم) * يعنون لنوح وقومه * (علينا من فضل) * وهذا تكذيب منهم لأن الفضل كله في النبوة * (بل نظنكم كاذبين) * ليس ما أتيتنا به من الله
28 * (قال يا قوم أرأيتم) * أي أعلمتم * (إن كنت على بينة من ربي) * يقين وبرهان * (وآتاني رحمة من عنده) * نبوة * (فعميت عليكم) * فخفيت عليكم لأن الله تعالى سلبكم علمها ومنعكم معرفتها لعنادكم الحق * (أنلزمكموها) * أنلزمكم قبولها ونضطركم إلى معرفتها إذا كرهتم
29 * (ويا قوم لا أسألكم عليه) * على تبليغ الرسالة * (مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا) * سألوه طرد المؤمنين عنه ليؤمنوا به أنفة من أن يكونوا معهم على سواء فقال لا يجوز لي طردهم إذ كانوا يلقون الله فيجزيهم بإيمانهم
518

30 35 ويأخذ لهم ممن ظلمهم وصغر شؤونهم وهو قوله * (إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون) * أن هؤلاء خير منكم لإيمانهم وكفركم
30 * (ويا قوم من ينصرني من الله) * من يمنعني من عذاب الله * (إن طردتهم) *
31 * (ولا أقول لكم عندي خزائن الله) * يعني مفاتيح الغيب وهذا جواب لقولهم اتبعوك في ظاهر ما نرى منهم وهم في الباطن على خلافك فقال مجيبا لهم * (ولا أقول لكم عندي خزائن الله) * غيوب الله * (ولا أعلم الغيب) * ما يغيب عني مما يسترونه في نفوسهم فسبيلي قبول ما ظهر منهم * (ولا أقول إني ملك) * جواب لقولهم * (ما نراك إلا بشرا مثلنا) * * (ولا أقول للذين تزدري) * تستصغر وتستحقر * (أعينكم) * يعني المؤمنين * (لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم) * أي بضمائرهم وليس علي أن أطلع على ما في نفوسهم * (إني إذا لمن الظالمين) * إن طردتهم تكذيبا لهم بعد ما ظهر لي منهم الإيمان وقوله
34 * (إن كان الله يريد أن يغويكم) * أي يضلكم ويوقع الغي في قلوبكم لما سبق لكم من الشقاء * (هو ربكم) * خالقكم وسيدكم وله أن يتصرف فيكم كما شاء
35 * (أم يقولون) * بل أيقولون * (افتراه) * اختلف ما أتى به من الوحي * (قل إن افتريته فعلي إجرامي) * عقوبة جرمي * (وأنا بريء مما تجرمون) * من الكفر والتكذيب وقوله
519

36 40
36 * (فلا تبتئس) * أي لا تحزن ولا تغتم
37 * (واصنع الفلك بأعيننا) * بمرأى منا وتأويله بحفظنا إياك حفظ من يراك ويملك دفع السوء عنك * (ووحينا) * وذلك أنه لم يعلم صنعة الفلك حتى أوحى الله إليه كيف يصنعها * (ولا تخاطبني) * لا تراجعني ولا تحاورني * (في الذين ظلموا) * في إمهالهم وتأخير العذاب عنهم وقوله
38 * (إن تسخروا منا) * أي لما يرون من صنعه الفلك * (فإنا نسخر منكم) * ونعجب من غفلتكم عما قد أظلكم من العذاب
39 * (فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه) * أي فسوف تعلمون من أخسر عاقبة
40 * (حتى إذا جاء أمرنا) * بعذابهم وهلاكهم * (وفار التنور) * بالماء يعني تنور الخابز وكان ذلك علامة لنوح عليه السلام فركب السفينة * (قلنا احمل فيها) * في الفلك * (من كل زوجين) * من كل شيء له زوج * (اثنين) * ذكرا وأنثى * (وأهلك) * واحمل أهلك يعني ولده وعياله * (إلا من سبق عليه القول) * يعني من كان في علم الله أنه يغرق بكفره وهو امرأته واغلة وابنه كنعان * (ومن آمن) *
520

واحمل من صدقك * (وما آمن معه إلا قليل) * ثمانون إنسانا
41 * (وقال) * نوح لقومه الذين أمر بحملهم * (اركبوا) * يعني الماء * (فيها) * في الفلك * (بسم الله مجراها ومرساها) * يريد تجري باسم الله وترسي باسم الله فكان إذا أراد أن تجري السفينة قال بسم الله فجرت وإذا أراد أن ترسي قال بسم الله فرست أي ثبتت * (إن ربي لغفور) * لأصحاب السفينة * (رحيم) * بهم
42 * (وهي تجري بهم في موج) * جمع موجة وهي ما يرتفع من الماء * (كالجبال) * في العظم * (ونادى نوح ابنه) * كنعان وكان كافرا * (وكان في معزل) * من السفينة أي في ناحية بعيدة عنها
43 * (قال سآوي إلى جبل) * أنضم إلى جبل * (يعصمني) * يمنعني * (من الماء) * فلا أغرق * (قال) * نوح * (لا عاصم اليوم من أمر الله) * لا مانع اليوم من عذاب الله * (إلا من رحم) * لكن من رحم الله فإنه معصوم * (وحال بينهما) * بين ابن نوح وبين الجبل * (الموج) * ما ارتفع من الماء
44 * (وقيل يا أرض ابلعي ماءك) * اشربي ماءك * (ويا سماء أقلعي) * أمسكي عن إنزال الماء * (وغيض الماء) * نقص * (وقضي الأمر) * أهلك قوم نوح وفرغ من ذلك * (واستوت) * السفينة * (على الجودي) * وهو جبل بالجزيرة * (وقيل بعدا) * من رحمة الله * (للقوم الظالمين) * المتخذين من دون الله إلها
521

45 48
45 * (ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني) * كنعان * (من أهلي وإن وعدك الحق) * وعدتني أن تنجيني وأهلي أي فأنجه من الغرق * (وأنت أحكم الحاكمين) * أعدل العادلين
46 * (قال يا نوح إنه ليس من أهلك) * الذين وعدتك أن أنجيهم * (إنه عمل غير صالح) * أي سؤالك إياي أن أنجي كافرا عمل غير صالح وقيل معناه إن ابنك ذو عمل غير صالح * (فلا تسألن ما ليس لك به علم) * وذلك أن نوحا لم يعلم أن سؤاله ربه نجاة ولده محظور عليه مع إصراره على الكفر حتى أعلمه الله سبحانه ذلك
والمعنى فلا تسألني ما ليس لك به علم بجواز مسألته * (إني أعظك) * أنهاك * (أن تكون من الجاهلين) * من الاثمين فاعتذر نوح عليه السلام لما أعلمه الله سبحانه أنه لا يجوز له أن يسأل ذلك وقال
47 * (رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي) * جهلي * (وترحمني أكن من الخاسرين) *
48 * (قيل يا نوح اهبط) * من السفينة إلى الأرض * (بسلام) * بسلامة وقيل بتحية * (منا وبركات عليك) * وذلك أنه صار أبا البشر لأن جميع من بقي كانوا من نسله * (وعلى أمم ممن معك) * أي من أولادهم وذراريهم وهم المؤمنون وأهل السعادة إلى يوم القيامة * (وأمم سنمتعهم) * في الدنيا يعني الأمم الكافرة من ذريته إلى يوم القيامة
522

49 55
49 * (تلك) * القصة التي أخبرتك بها * (من أنباء الغيب) * أخبار ما غاب عنك وعن قومك * (فاصبر) * كما صبر نوح على أذى قومه * (إن العاقبة للمتقين) * آخر الأمر بالظفر لك ولقومك كما كان لمؤمني قوم نوح وقوله
50 * (إن أنتم إلا مفترون) * ما أنتم إلا كاذبون في إشراككم الأوثان وقوله
52 * (يرسل السماء عليكم مدرارا) * كثير الدر يعني المطر * (ويزدكم قوة إلى قوتكم) * يعني المال والولد وكان الله سبحانه قد حبس عنهم المطر ثلاث سنين وأعقم أرحام نسائهم فقال لهم هود إن آمنتم أحيا الله سبحانه بلادكم ورزقكم المال والولد
53 * (قالوا) * منكرين لنبوته * (يا هود ما جئتنا ببينة) * بحجة واضحة وقوله
54 * (اعتراك) * أصابك ومسك * (بعض آلهتنا بسوء) * بجنون فأفسد عقلك فالذي يظهر من عيبها لما لحق عقلك من التغيير * (قال) * نبي الله عليه السلام عند ذلك * (إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون) * أي إن كانت عندكم الأصنام أنها عاقبتني لطعني عليها فإني أزيد الان في الطعن عليها وقوله
55 * (فكيدوني جميعا) * احتالوا أنتم وأوثانكم في عداوتي * (ثم لا تنظرون) * لا تؤجلون وقوله
523

56 60
56 * (ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها) * أي هي في قبضته وتنالها بما شاء قدرته * (إن ربي على صراط مستقيم) * أي إن الذي بعثني الله به دين مستقيم
57 * (فإن تولوا) * تتولوا بمعنى تعرضوا عما دعوتكم إليه من الإيمان * (فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم) * فقد ثبتت الحجة عليكم بإبلاغي * (ويستخلف ربي قوما غيركم) * أي ويخلف بعدكم من هو أطوع له منكم * (ولا تضرونه) * بإعراضكم * (شيئا) * إنما تضرون أنفسكم * (إن ربي على كل شيء) * من أعمال العباد * (حفيظ) * حتى يجازيهم عليها
58 * (ولما جاء أمرنا) * بهلاك عاد * (نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا) * حيث هديناهم إلى الإيمان وعصمناهم من الكفر * (ونجيناهم من عذاب غليظ) * يعني ما عذب به الذين كفروا
59 * (وتلك عاد) * يعني القبيلة * (جحدوا بآيات ربهم) * كذبوها فلم يقروا بها * (وعصوا رسله) * يعني هودا عليه السلام لأن من كذب رسولا واحدا فقد كفر بجميع الرسل * (واتبعوا أمر كل جبار عنيد) * واتبع السفلة الرؤساء والعنيد المعارض لك بالخلاف
60 * (وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة) * أردفوا لعنة تلحقهم وتنصرف معهم * (ويوم القيامة) * أي وفي يوم القيامة كما قال * (لعنوا في الدنيا والآخرة) * * (ألا إن عادا كفروا ربهم) *
524

قيل بربهم وقيل كفروا نعمة ربهم * (ألا بعدا لعاد) * يريد بعدوا من رحمة الله تعالى وقوله
61 * (هو أنشأكم) * أي خلقكم * (من الأرض) * من آدم وآدم خلق من تراب الأرض * (واستعمركم فيها) * جعلكم عمارا لها
62 * (قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا) * وذلك أن صالحا عليه السلام كان يعدل عن دينهم ويشنأ أصنامهم وكانوا يرجون رجوعه إلى دين عشيرته فلما أظهر دعاءهم إلى الله تعالى زعموا أن رجاءهم انقطع منه وقوله * (مريب) * موقع في الريبة
63 * (قال يا قوم أرأيتم) * الآية يقول أعلمتم من ينصرني من الله أي من يمنعني من عذاب الله إن عصيته بعد بينة من ربي ونعمة * (فما تزيدونني غير تخسير) * أي ما تزيدونني باحتجاجكم بعبادة آبائكم الأصنام وقولكم * (أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا) * إلا بنسبتي إياكم إلى الخسارة أي كلما اعتذرتم بشيء زادكم تخسيرا وقيل معنى الآية ما تزيدونني غير تخسير لي إن كنتم أنصاري ومعنى التخسير التضليل والإبعاد من الخير وقوله
525

65 70
65 * (تمتعوا في داركم) * أي عيشوا في بلادكم * (ثلاثة أيام ذلك وعد) * للعذاب * (غير مكذوب) * غير كذب وقوله
66 * (ومن خزي يومئذ) * أي نجيناهم من العذاب الذي أهلك قومه ومن الخزي الذي لزمهم وبقي العار فيهم مأثورا عنهم فالواو في * (ومن) * نسق على محذوف وهو العذاب
67 * (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) * لما أصبحوا اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء في الأرض فتقطعت قلوبهم في
صدورهم
69 * (ولقد جاءت رسلنا) * يعني الملائكة الذين أتوا * (إبراهيم) * عليه السلام على صورة الأضياف * (بالبشرى) * بالبشارة بالولد * (قالوا سلاما) * أي سلموا سلاما * (قال سلام) * أي عليكم سلام * (فما لبث أن جاء بعجل حنيذ) * مشوي
70 * (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه) * إلى العجل * (نكرهم) * أنكرهم * (وأوجس منهم خيفة) * أضمر منهم خوفا ولم يأمن أن يكونوا جاؤوا لبلاء لما لم يتحرموا بطعامه فلما رأوا علامة الخوف في وجهه * (قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط) * بالعذاب
526

71 74
71 * (وامرأته) * سارة * (قائمة) * وراء الستر تتسمع إلى الرسل * (فضحكت) * سرورا بالأمن حيث قالوا * (إنا أرسلنا إلى قوم لوط) * وذلك أنها خافت كما خاف إبراهيم عليه السلام فقيل لها يا أيتها الضاحكة ستلدين غلاما فذلك قوله * (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق) * أي بعده * (يعقوب) * عليهما السلام وذلك أنهم بشروها بأنها تعيش إلى أن ترى ولد ولدها
72 * (قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز) * وكانت بنت تسع وتسعين سنة * (وهذا بعلي شيخا) * وكان ابن مائة سنة واثنتي عشرة سنة * (إن هذا) * الذي تذكرون من ولادتي على كبر سني وسن بعلي * (لشيء عجيب) * معجب
73 * (قالوا أتعجبين من أمر الله) * قضاء الله وقدره * (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت) * يعني بيت إبراهيم عليه السلام فكان من تلك البركات أن الأسباط وجميع الأنبياء كانوا من إبراهيم وسارة وكان هذا دعاء من الملائكة لهم وقوله * (إنه حميد) * أي محمود في أفعاله * (مجيد) * كريم
74 * (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) * الفزع * (وجاءته البشرى) * بالولد * (يجادلنا) * أي أقبل وأخذ يجادل رسلنا * (في قوم لوط) * وذلك أنهم لما قالوا لإبراهيم عليه السلام * (إنا مهلكو أهل هذه القرية) * قال لهم أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين أتهلكونهم قالوا لا قال فأربعون قالوا لا فما زال ينقص
527

75 79 حتى قال فواحد قالوا لا فاحتج عليهم بلوط و * (قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم) * الآية فهذا معنى جداله وعند ذلك قالت الملائكة * (يا إبراهيم أعرض عن هذا) * الجدال وخرجوا من عنده فأتوا قرية قوم لوط وذلك قوله
77 * (ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم) * حزن بمجيئهم لأنه رآهم في أحسن صورة فخاف عليهم قومه وعلم أنه يحتاج إلى المدافعة عنهم وكانوا قد أتوه في صورة الأضياف * (وضاق بهم ذرعا) * أي صدرا * (وقال هذا يوم عصيب) * شديد ولما علم قومه بمجيء قوم حسان الوجوه أضيافا للوط قصدوا داره وذ لك قوله
78 * (وجاءه قومه يهرعون إليه) * أي يسرعون إليه * (ومن قبل) * أي ومن قبل مجيئهم إلى لوط * (كانوا يعملون السيئات) * يعني فعلهم المنكر * (قال يا قوم هؤلاء بناتي) * أزؤجكموهن ف * (هن أطهر لكم) * من نكاح الرجال أراد أن يقي أضيافه ببناته * (فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي) * لا تفضحوني فيهم لأنهم إذا هجموا إلى أضيافه بالمكروه لحقته الفضيحة * (أليس منكم رجل رشيد) * يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
79 * (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق) * لسن لنا بأزواج فنستحقهن * (وإنك لتعلم ما نريد) *
528

أي إنا نريد الرجال لا النساء
80 * (قال لو أن لي بكم قوة) * لو أن معي جماعة أقوى بها عليكم * (أو آوي) * أنضم * (إلى ركن شديد) * عشيرة تمنعني وتنصرني لحلت بينكم وبين المعصية فلما رأت الملائكة ذلك
81 * (قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) * بسوء فإنا نحول بينهم وبين ذلك * (فأسر بأهلك بقطع من الليل) * في ظلمة الليل * (ولا يلتفت منكم أحد) * لا ينظر أحد إلى ورائه إذا خرج من قريته * (إلا امرأتك) * فلا تسر بها وخلفها مع قومها فإن هواها إليهم و * (إنه مصيبها ما أصابهم) * من العذاب * (إن موعدهم الصبح) * للعذاب فقال لوط أريد أعجل من ذلك بل الساعة يا جبريل فقالوا له * (أليس الصبح بقريب) *
82 * (فلما جاء أمرنا) * عذابنا * (جعلنا عاليها سافلها) * وذلك أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحتها حتى قلعها وصعد بها إلى السماء ثم قلبها إلى الأرض * (وأمطرنا عليها حجارة) * قبل قلبها إلى الأرض * (من سجيل) * من طين مطبوخ طبخ حتى صار كالآجر فهو سنك كل بالفارسية فعرب * (منضود) * يتلو بعضه بعضا
83 * (مسومة) * معلمة بعلامة تعرف بها أنها ليست من حجارة أهل الدنيا * (عند ربك) * في خزائنه التي لا يتصرف في شيء منها إلا بإرادته * (وما هي من الظالمين ببعيد) * يعني كفار قريش يرهبهم بها
529

84 88
84 * (وإلى مدين) * ذكرنا تفسير هذه الآية في سورة الأعراف وقوله * (إني أراكم بخير) * يعني النعمة والخصب يقول أي حاجة بكم إلى التطفيف مع ما أنعم الله سبحانه به عليكم من المال ورخص السعر * (وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط) * يوعدهم بعذاب يحيط بهم فلا يفلت منهم أحد
* (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط) * أتموهما بالعدل
86 * (بقية الله) * أي ما أبقى الله لكم بعد إيفاء الكيل والوزن * (خير لكم) * من البخس يعني من تعجيل النفع به * (إن كنتم مؤمنين) * مصدقين في نعمه شرط
الإيمان لأنهم إنما يعرفون صحة ما يقول إذا كانوا مؤمنين * (وما أنا عليكم بحفيظ) * أي لم أؤمر بقتالكم وإكراهكم على الإيمان
87 * (قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا) * يريدون دينك يأمرك أي أفي دينك الأمر بذا * (أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء) * من البخس والظلم ونقص المكيال والميزان * (إنك لأنت الحليم الرشيد) * أي السفيه الجاهل وقالوا الحليم الرشيد على طريق الاستهزاء
88 * (قال يا قوم أرأيتم) * أعلمتم * (إن كنت على بينة من ربي) * بيان وحجة من ربي
530

89 91 * (ورزقني منه رزقا حسنا) * حلالا وذلك أنه كان كثير المال وجواب * (إن) * محذوف على معنى إن كنت على بينة من ربي ورزقني المال الحلال أتبع الضلال فأبخس وأطفف يريد إن الله تعالى قد أغناه بالمال الحلال * (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) * أي لست أنهاكم عن شيء وأدخل فيه وإنما أختار لكم ما أختار لنفسي * (إن أريد) * ما أريد * (إلا الإصلاح) * فيما بيني وبينكم بأن تعبدوا الله وحده وأن تفعلوا ما يفعل من يخاف الله * (ما استطعت) * أي بقدر طاقتي وطاقة الابلاغ والانذار ثم أخبر أنه لا يقدر هو ولا غيره على الطاعة إلا بتوفيق الله سبحانه فقال * (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) * أرجع في المعاد
89 * (ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي) * لا يكسبنكم خلافي وعداوتي * (أن يصيبكم) * عذاب العاجلة * (مثل ما أصاب قوم نوح) * من الغرق * (أو قوم هود) * من الريح العقيم * (أو قوم صالح) * من الرجفة والصيحة * (وما قوم لوط منكم ببعيد) * في الزمان الذي بينكم وبينهم وكان إهلاكهم أقرب الإهلاكات التي عرفوها
90 * (واستغفروا ربكم) * اطلبوا منه المغفرة * (ثم توبوا إليه) * توصلوا إليه بالتوبة * (إن ربي رحيم) * بأوليائه * (ودود) * محب لهم
91 * (قالوا يا شعيب ما نفقه) * ما نفهم * (كثيرا مما تقول) * أي صحته يعنون
531

92 95 ما يذكر من التوحيد والبعث والنشور * (وإنا لنراك فينا ضعيفا) * لأنه كان أعمى * (ولولا رهطك) * عشيرتك * (لرجمناك) * قتلناك * (وما أنت علينا بعزيز) * بمنيع
92 * (قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله) * يريد أمنع عليكم من الله كأنه يقول حفظكم إياي في الله أولى منه في رهطي * (واتخذتموه وراءكم ظهريا) * ألقيتموه خلف ظهوركم وامتنعتم من قتلي مخافة قومي والله أعز وأكبر من جميع خلقه * (إن ربي بما تعملون محيط) * خبير بأعمال العباد حتى يجازيهم لها ثم هددهم فقال
93 * (ويا قوم اعملوا) * الآية يقول اعملوا على ما أنتم عليه * (إني عامل) * على ما أنا عليه من طاعة الله وسترون منزلتكم من منزلتي وهو قوله * (سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه) * يفضحه ويذله * (ومن هو كاذب) * منا * (وارتقبوا إني معكم رقيب) * ارتقبوا العذاب من الله سبحانه إني مرتقب من الله سبحانه ا لرحمة وقوله
94 * (وأخذت الذين ظلموا الصيحة) * صاح بهم جبريل صيحة فماتوا في أمكنتهم
95 * (ألا بعدا لمدين) * أي قد بعدوا من رحمة الله سبحانه
532

96 103
96 * (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) * يريد التوراة وما أنزل الله فيها من الأحكام * (وسلطان مبين) * وحجة بينة وهي العصا
97 * (وما أمر فرعون برشيد) * بمرشد إلى خير
98 * (يقدم قومه) * يتقدمهم إلى النار وهو قوله * (فأوردهم النار) * أدخلهم النار * (وبئس الورد المورود) * المدخل المدخول
99 * (وأتبعوا في هذه) * الدنيا * (لعنة) * يعني الغرق * (ويوم القيامة) * يعني ولعنة يوم القيامة وهو عذاب جهنم * (بئس الرفد المرفود) * يعني اللعنة بعد اللعنة وقوله
100 * (منها قائم وحصيد) * أي من القرى التي أهلكت قائم بقيت حيطانه وحصيد مخسوف به قد محي أثره
101 * (وما ظلمناهم) * بالعذاب والإهلاك * (ولكن ظلموا أنفسهم) * بالكفر والمعصية * (فما أغنت عنهم) * ما نفعتهم وما دفعت عنهم * (آلهتهم التي يدعون) * يعبدون * (من دون الله) * سوى الله * (وما زادوهم) * وما زادتهم عبادتها * (غير تتبيب) * بلاء وهلاك وخسا رة
102 * (وكذلك) * وكما ذكرنا من إهلاك الأمم * (أخذ ربك) * بالعقوبة * (إذا أخذ القرى وهي ظالمة) * يعني أهلها
103 * (إن في ذلك) * يعني ما ذكر من عذاب الأمم الخالية * (لآية) * لعبرة * (لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس) *
533

لأن الخلق كلهم يحشرون ويجمعون لذلك اليوم * (وذلك يوم مشهود) * يشهده البر والفاجر
104 * (وما نؤخره) * وما نؤخر ذلك اليوم فلا نقيمه عليكم * (إلا لأجل معدود) * لوقت معلوم ولا يعلمه أحد غير الله سبحانه
105 * (يوم يأت) * ذلك اليوم * (لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد) * فمن الأنفس في ذلك اليوم شقي وسعيد
106 * (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق) * وهما من أصوات المكروبين والمحزونين والزفير مثل أول نهيق الحمار والشهيق اخره إذا ردده في الجوف
107 * (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض) * أبدا وهذا من ألفاظ التأبيد * (إلا ما شاء ربك) * أن يخرجهم ولكنه لا يشاء ذلك والمعنى لوشاء أن لا يخلدهم لقدر وقيل إلا ما شاء ربك يعني إلا مقدار مكثهم في الدنيا والبرزخ والوقوف للحساب ثم يصيرون إلى النار أبدا وقوله
108 * (عطاء غير مجذوذ) * أي مقطوع
109 * (فلا تك) * يا محمد * (في مرية) * شك * (مما يعبد هؤلاء) * أي من حال ما يعبدون في أنها لا تضر ولا تنفع * (ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل) * أي كعبادة آبائهم يريد إنهم على طريق التقليد يعبدون الأوثان كعبادة ابائهم * (وإنا لموفوهم نصيبهم) * من العذاب * (غير منقوص) *
534

110 113
110 * (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه) * هذه الآية تعزية للنبي ص وتسلية له باختلاف قوم موسى في كتابه * (ولولا كلمة سبقت من ربك) * بتأخير العذاب عن قومك * (لقضي بينهم) * لعجل عقابهم وفرغ من ذلك * (وإنهم لفي شك منه) * من القرآن * (مريب) * موقع للريبة
111 * (وإن كلا) * من البر والفاجر والمؤمن والكافر * (لما) * يعني لمن في قول الفراء وفي قول البصريين ما زائدة والمعنى وان كلا * (ليوفينهم ربك أعمالهم) * أي ليتمن لهم جزاء أعمالهم
112 * (فاستقم) * على العمل بأمر ربك والدعاء إليه * (كما أمرت) * في القرآن * (ومن تاب معك) * يعني أصحابه أي وليستقيموا هم أيضا على ما أمروا به * (ولا تطغوا) * تواضعوا لله ولا تتجبروا على أحد * (إنه بما تعملون بصير) * لا تخفى عليه أعمال بني ادم
113 * (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) * لا تداهنوهم ولا ترضوا بأعمالهم يعني الكفار * (فتمسكم النار) * فيصيبكم لفحها * (وما لكم من دون الله من أولياء) * من مانع يمنعكم من عذاب الله * (ثم لا تنصرون) * استئناف
535

114 118
114 * (وأقم الصلاة طرفي النهار) * بالصبح والمغرب * (وزلفا من الليل) * صلاة العشاء قرب أول الليل والزلف أول ساعات الليل وقيل صلاة طرفي النهار الفجر والظهر والعصر وأما المغرب والعشاء فإنهما من صلاة زلف الليل * (إن الحسنات يذهبن السيئات) * إن الصلوات الخمس تكفر ما بينها من الذنوب إذا اجتنبت الكبائر * (ذلك ذكرى) * أي هذه موعظة * (للذاكرين) *
115 * (واصبر) * على الصلاة * (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) * يعني المصلين
116 * (فلولا كان من القرون من قبلكم) * أي ما كان منهم * (أولوا بقية) * دين وتميز وفضل * (ينهون عن الفساد في الأرض) * عن الشرك والاعتداء في حقوق الله والمعصية * (إلا قليلا) * لكن قليلا * (ممن أنجينا منهم) * وهم أتباع الأنبياء وأهل الحق نهوا عن الفساد * (واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه) * اثروا اللذات على أمر الآخرة وركنوا إلى الدنيا والأموال وما أعطوا من نعيمها
117 * (وما كان ربك ليهلك القرى) * أي أهلها * (بظلم) * بشرك * (وأهلها مصلحون) * فيما بينهم أي ليس من سبيل الكفار إذا قصدوا الحق في المعاملة أن ينزل الله بهم عذاب الاستئصال كقوم لوط عذبوا باللواط وقوم شعيب عذبوا ببخس المكيال
118 * (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) * مسلمين كلهم * (ولا يزالون مختلفين) * في الأديان
536

119 123
119 * (إلا من رحم ربك) * يعني أهلي الحق * (ولذلك خلقهم) * أي خلق أهل الاختلاف للاختلاف وأهل الرحمة للرحمة
120 * (وكلا نقص عليك) * أي كل الذي تحتاج إليه * (من أنباء الرسل) * نقص عليك * (ما نثبت به فؤادك) * ليزيدك يقينا * (وجاءك في هذه) * أي في هذه السورة * (الحق) * يعني ما ذكر من أقاصيص الأ نبياء ومواعظهم وذكر السعادة والشقاوة وهذا تشريف لهذه السورة لأن غيرها من السور قد جاء فيها الحق * (وموعظة وذكرى للمؤمنين) * يتعظون إذا سمعوا هذه السورة وما نزل بالأمم لما كذبوا أنبياءهم
121 * (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم) * أمر تهديد أي اعملوا ما أنتم عاملون
122 * (وانتظروا) * ما يعدكم الشيطان * (إنا منتظرون) * ما يعدنا ربنا من النصر
123 * (ولله غيب السماوات والأرض) * أي علم ما غاب عن العباد فيهما * (وإليه يرجع الأمر كله) * في المعاد حتى لا يكون لأحد سواه أمر * (وما ربك بغافل عما يعملون) * أي إئه يجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته
537

1 4
سورة يوسف * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (الر) * أنا الله الرحمن * (تلك) * هذه * (آيات الكتاب المبين) * للحلال والحرام وا لأحكام يعني ا لقرآن
2 * (إنا أنزلناه) * يعني الكتاب * (قرآنا عربيا) * بلغة العرب * (لعلكم تعقلون) *
3 * (نحن نقص عليك أحسن القصص) * نبين لك أحسن البيان * (بما أوحينا) * بإيماننا * (إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) * وما كنت من قبل أن يوحى إليك إلا من الغافلين
4 * (إذ قال) * اذكر إذ قال * (يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم) *
538

الآية رأى يوسف عليه السلام هذه الرؤيا فلما قصها على أبيه أشفق عليه من حسد إخوته له فقال
5 * (يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا) * يحتالوا في هلاكك لأنهم لا يعلمون تأويلها
6 * (وكذلك) * ومثل ما رأيت * (يجتبيك ربك) * يصطفيك ويختارك * (ويعلمك من تأويل الأحاديث) * تعبير الأحلام * (ويتم نعمته عليك) * بالنبوة * (وعلى آل يعقوب) * يعني المختصمين منهم بالنبوة * (على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم) * حيث يضع النبوة * (حكيم) * في خلقه
7 * (لقد كان في يوسف وإخوته) * أي في خبرهم وقصصهم * (آيات) * عبر وعجائب * (للسائلين) * الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأخبرهم بها وهو غافل عنها لم يقرأ كتابا فكان في ذلك أوضح دلالة على صدقه
8 * (إذ قالوا) * يعني إخوة يوسف * (ليوسف وأخوه) * لأبيه وأمه * (أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة) * جماعة * (إن أبانا لفي ضلال مبين) * ضل بإيثاره يوسف وأخاه علينا ضلال خطأ
9 * (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا) * في أرض يبعد فيها عن أبيه * (يخل لكم وجه أبيكم) * يقبل بكليته عليكم * (وتكونوا من بعده قوما صالحين) * تحدثوا توبة بعد ذلك يقبلها الله سبحانه منكم
539

10 15
10 * (قال قائل منهم) * وهو يهوذا أكبر إخوته * (لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب) * في موضع مظلم من البئر لا يلحقه نظر الناظرين * (يلتقطه بعض السيارة) * مارة الطريق * (إن كنتم فاعلين) * ما قصدتم من التفريق بينه وبين أبيه فلما تآمروا بينهم ذلك وعزموا على طرحه في البئر
11 * (قالوا) * لأبيهم * (ما لك لا تأمنا على يوسف) * لم تخافنا عليه * (وإنا له لناصحون) * في الرحمة والبر والشفقة
12 * (أرسله معنا غدا) * إلى الصحراء * (يرتع ويلعب) * نسعى وننشط * (وإنا له لحافظون) * من كل ما تخافه عليه
13 * (قال إني ليحزنني أن تذهبوا به) * ذهابكم به يحزنني لأنه يفارقني فلا أراه * (وأخاف أن يأكله الذئب) * وذلك أن أرضهم كانت مذأبة * (وأنتم عنه غافلون) * مشتغلون برعيتكم
14 * (قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة) * جماعة بحضرته * (إنا إذا لخاسرون) * لعاجزون
15 * (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب) * وعزموا على ذلك أوحينا إلى يوسف في البئر تقوية لقلبه لتصدقن رؤياك ولتخبرن إخوتك بصنيعهم هذا
540

16 19 بعد هذا اليوم * (وهم لا يشعرون) * بأنك يوسف في وقت إخبارك إياهم
17 * (قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق) * نشتد ونعدو ليتبين أينا أسرع عدوا * (وتركنا يوسف عند متاعنا) * ثيابنا * (فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا) * بمصدق لنا * (ولو كنا صادقين) * في كل الأشياء لأنك اتهمتنا في هذه القصة
18 * (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) * لأنه لم يكن دمه إنما كان دم سخلة * (قال) * يعقوب عليه السلام * (بل) * أي ليس كما تقولون * (سولت لكم) * زينت لكم * (أنفسكم) * في شأنه * (أمرا) * غير ما تصفون * (فصبر) * أي فشأني صبر * (جميل) * وهو الذي لا جزع فيه ولا شكوى * (والله المستعان على ما تصفون) * أي به أستعين في مكابدة هذا الأمر
19 * (وجاءت سيارة) * رفقة تسير للسفر * (فأرسلوا واردهم) * وهو الذي يرد الماء ليستقي للقوم * (فأدلى دلوه) * أرسلها في البئر فتشبث يوسف عليه السلام بالرشاء فأخرجه الوارد فلما رآه * (قال يا بشرى) * أي يا فرحتا * (هذا غلام وأسروه بضاعة) * أسره الوارد ومن كان معه من التجار من غيرهم وقالوا هذه بضاعة استبضعها بعض أهل الماء * (والله عليم بما يعملون) * بيوسف فلما علم
541

21 23 إخوته ذلك أ توهم وقالوا هذا عبد آبق منا فقالوا لهم فبيعوناه فباعوه منهم وذلك قوله * (وشروه بثمن بخس) * حرام لأن ثمن الحر حرام * (دراهم معدودة) * باثنين وعشرين درهما * (وكانوا) * يعني إخوته * (فيه) * في يوسف * (من الزاهدين) * لم يعرفوا موضعه من الله سبحانه وكرامته عليه
21 * (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته) * وهو العزيز صاحب ملك مصر * (أكرمي مثواه) * أحسني إليه طول مقامه عندنا * (عسى أن ينفعنا) * أي يكفينا إذا بلغ وفهم الأمور بعض شؤوننا * (أو نتخذه ولدا) * وكان حصورا لا يولد له * (وكذلك) * وكما نجيناه من القتل والبئر * (مكنا ليوسف في الأرض) * يعني أرض مصر حتى بلغ ما بلغ * (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) * فعلنا ذلك تصديقا لقوله * (ويعلمك من تأويل الأحاديث) * * (والله غالب على أمره) * على ما أراد من قضائه لا يغلبه غالب على أمره ولا يبطل إرادته منازع * (ولكن أكثر الناس) * هم المشركون ومن لا يؤمن بالقدر * (لا يعلمون) * أن قدرة الله غالبة ومشيئته نافذة
22 * (ولما بلغ أشده) * ثلاثين سنة * (آتيناه حكما وعلما) * عقلا وفهما * (وكذلك) * ومثل ما وصفنا من تعليم يوسف * (نجزي المحسنين) * الصابرين على النوائب كما صبر يوسف عليه السلام
23 * (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه) * يعني امرأة العزيز طلبت منه أن يواقعها
542

24 25 * (وغلقت الأبواب) * أي أغلقتها * (وقالت هيت لك) * أي هلم وتعال * (قال معاذ الله) * أعوذ بالله أن أفعل هذا * (إنه ربي) * إن الذي اشتراني هو سيدي * (أحسن مثواي) * أنعم علي بإكرامي فلا أخونه في حرمته * (إنه لا يفلح الظالمون) * لا يسعد الزناة
24 * (ولقد همت به وهم بها) * طمعت فيه وطمع فيها * (لولا أن رأى برهان ربه) * وهو أنه مثل له يعقوب عليه السلام عاضا على أصابعه يقول أتعمل عمل الفجار وأنت مكتوب في الأنبياء فاستحيا منه وجواب لولا محذوف على معنى لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به * (كذلك) * أي أريناه البرهان * (لنصرف عنه السوء) * وهو خيانة صاحبه * (والفحشاء) * ركوب الفاحشة * (إنه من عبادنا المخلصين) * الذين أخلصوا دينهم لله سبحانه
25 * (واستبقا الباب) * وذلك أن يوسف عليه السلام لما رأى البرهان قام مبادرا إلى الباب واتبعته المرأة تبغي التشبث به فلم تصل إلا إلى دبر قميصه فقدته ووجدا زوج المرأة عند الباب فحضرها في الوقت كيد فأوهمت زوجها أن الذي تسمع من العدو والمبادرة إلى الباب كان منها لا من يوسف ف * (قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا) * تريد الزنا * (إلا أن يسجن) * يحبس في الحبس * (أو عذاب أليم) * بالضرب فلما قالت ذلك غضب يوسف و * (قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد) *
543

وحكم حاكم وبين مبين * (من أهلها) * وهو ابن عم المرأة فقال * (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين) *
27 * (وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) *
28 * (فلما رأى قميصه قد من دبر) * من حكم الشاهد وبيانه ما يوجب الاستدلال على تمييز الكاذب من الصادق فلما رأى زوج المرأة قميص يوسف قد من دبر * (قال إنه من كيدكن) * أي قولك * (ما جزاء من أراد بأهلك سوءا) * الآية
29 * (يوسف) * يا يوسف * (أعرض عن هذا) * اترك هذا الأمر فلا تذكره * (واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين) * الآثمين ثم شاع ما جرى بينهما في مدينة مصر حتى تحدثت بذلك النساء وخضن فيه وهو قوله
30 * (وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها) * غلامها * (عن نفسه قد شغفها حبا) * قد دخل حبه في شغاف قلبها وهو موضع الدم الذي يكون داخل القلب * (إنا لنراها في ضلال) * عن طريق الرشد بحبها إياه
31 * (فلما سمعت) * امرأة العزيز * (بمكرهن) * مقالتهن وسميت مكرا لأنهن قصدن بهذه المقالة أن تريهن يوسف ليقوم لها العذر في حبه إذا رأين جماله وكن مشتهين ذلك لأن يوسف وصف لهن بالجمال * (أرسلت إليهن) * تدعوهن
544

32 33 * (وأعتدت) * وأعدت * (لهن متكأ) * طعاما يقطع بالسكين قيل هو الأترج * (وآتت) * وناولت * (كل واحدة منهن سكينا وقالت) * ليوسف * (اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه) * أعظمنه وهالهن أمره وبهتن * (وقطعن أيديهن) * حززنها بالسكاكين ولم يجدن الألم لشغل قلوبهن بيوسف * (وقلن حاش لله) * بعد يوسف عن أن يكون بشرا * (إن هذا) * ما هذا * (إلا ملك كريم) * فلما رأت امرأة العزيز ذلك قالت
32 * (فذلكن الذي لمتنني فيه) * في حبه والشغف فيه ثم أقرت عندهن بما فعلت فقالت * (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) * فامتنع وأبى وتوعدته بالسجن فقالت * (ولئن لم يفعل) * الآية فأمرنه بطاعتها وقلن له إنك الظالم وهي المظلومة فقال يوسف
33 * (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) * من معصيتك * (وإلا تصرف عني كيدهن) * كيد جميع النساء * (أصب إليهن) * أمل إليهن * (وأكن من الجاهلين) * المذنبين
545

34 37
34 * (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن) * حتى لم يقع في شيء مما يطالبنه به * (إنه هو السميع) * لدعائه * (العليم) * بما يخاف من الإثم
35 * (ثم بدا لهم) * للعزيز وأصحابه * (من بعد ما رأوا الآيات) * آيات براءة يوسف * (ليسجننه حتى حين) * وذلك أن المرأة قالت إن هذا العبد فضحني في الناس يخبرهم أني راودته عن نفسه فاحبسه حتى تنقطع هذه المقالة فذلك قوله * (حتى حين) * أي إلى انقطاع اللائمة
36 * (ودخل معه السجن فتيان) * غلامان للملك الأكبر رفع إليه أن صاحب طعامه يريد أن يسمه وصاحب شرابه مالأه على ذلك فأدخلهما السجن ورأيا يوسف يعبر الرؤيا فقالا لنجرب هذا العبد العبراني فتحالما من غير أن يكونا رأيا شيئا وهو قوله * (قال أحدهما) * وهو الساقي * (إني أراني أعصر خمرا) * أي عنبا وقال صاحب الطعام * (إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا) * رأيت كأن فوق رأسي خبزا * (تأكل الطير منه) * فإذا سباع الطير ينهشن منه * (نبئنا بتأويله) * أي خبرنا بتفسير الرؤيا * (إنا نراك من المحسنين) * تؤثر الإحسان وتأتي جميل الأفعال فعدل يوسف عليه السلام عن جواب مسألتهما ودلهما أولا على أنه عالم بتفسير الرؤيا فقال
37 * (لا يأتيكما طعام ترزقانه) * تأكلان منه في منامكما * (إلا نبأتكما بتأويله) * في اليقظة * (قبل أن يأتيكما) * التأويل * (ذلكما مما علمني ربي) * أي لست أخبركما على جهة التكهن والتنجيم إنما ذلك بوحي من الله عز وجل وعلم ثم أخبر عن إيمانه واجتنابه الكفر بباقي الآية وقوله
546

38 42
38 * (ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء) * يريد إن الله سبحانه عصمنا من أن نشرك به * (ذلك من فضل الله علينا) * أي اتباعنا للإيمان بتوفيق الله تعالى وتفضله علينا * (وعلى الناس) * وعلى من عصمه الله من الشرك حتى اتبع دينه * (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) * نعمة الله بتوحيده والإيمان برسله ثم دعاهما إلى الإيمان فقال
39 * (يا صاحبي السجن) * يعني يا ساكنيه * (أأرباب متفرقون) * يعني الأصنام * (خير) * أعظم في صفة المدح * (أم الله الواحد القهار) * الذي يقهر كل شيء
40 * (ما تعبدون من دونه) * أنتما ومن على مثل حالكما من دون الله * (إلا أسماء) * لا معاني وراءها * (سميتموها أنتم) * * (إن الحكم إلا لله) * ما الفصل بالأمر والنهي إلا لله * (ذلك الدين القيم) * المستقيم * (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * ما للمطيعين من الثواب وللعاصين من العقاب ثم ذكر تأويل رؤياهما بقوله
41 * (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه) * فقالا ما رأينا شيئا فقال * (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) * يعني سيقع بكما ما عبرت لكما صدقتما أم كذبتما
42 * (وقال) * يوسف * (للذي ظن) * علم * (أنه ناج منهما) * وهو الساقي * (اذكرني عند ربك) * عند الملك صاحبك وقل له إن في السجن غلاما محبوسا ظلما * (فأنساه الشيطان ذكر ربه) *
547

أنسى الشيطان يوسف الاستغاثة بربه وأوقع في قلبه الاستغاثة بالملك فعوقب بأن * (فلبث في السجن بضع سنين) * سبع سنين فلما دنا فرجه وأراد الله خلاصه رأى الملك رؤيا وهو قوله
43 * (وقال الملك إني أرى) * الآية فلما استفتاهم فيها
44 * (قالوا أضغاث أحلام) * أحلام مختلطة لا تأويل لها عندنا * (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) * أقروا بالعجز عن تأويلها
45 * (وقال الذي نجا منهما) * وهو الساقي * (وادكر بعد أمة) * وتذكر أمر يوسف بعد حين من الدهر * (أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) * فأرسل فأتى يوسف فقال
46 * (يوسف) * أي يا يوسف * (أيها الصديق) * الكثير الصدق وقوله * (لعلي أرجع إلى الناس) * يعني أصحاب الملك * (لعلهم يعلمون) * تأويل رؤيا الملك من جهتك
47 * (قال تزرعون) * أي ازرعوا * (سبع سنين دأبا) * متتابعة وهذه السبع تأويل
548

48 51 البقرات السمان * (فما حصدتم) * مما زرعتم * (فذروه في سنبله) * لأنه أبقى له وأبعد من الفساد * (إلا قليلا مما تأكلون) * فإنكم تدوسونه
48 * (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد) * مجدبات صعاب وهذه تأويل البقرات العجاف * (يأكلن) * يفنين ويذهبن * (ما قدمتم لهن) * من الحب * (إلا قليلا مما تحصنون) * تحرزون وتدخرون
49 * (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) * يمطرون ويخصبون حتى يعصروا من السمسم الدهن ومن العنب الخمر ومن الزيتون الزيت فرجع الرسول بتأويل الرؤيا إلى الملك فعرف الملك أن ذلك تأويل صحيح فقال
50 * (ائتوني) * بالذي عبر رؤياي فجاء الرسول يوسف وقال أجب الملك فقال للرسول * (ارجع إلى ربك) * يعني الملك * (فاسأله) * أن يسأل * (ما بال النسوة) * ما حالهن وشأنهن ليعلم صحة براءتي مما قذفت به وذلك أن النسوة كن قد عرفن براءته بإقرار امرأة العزيز عندهن وهو قولها * (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) * فأحب يوسف عليه السلام أن يعلم الملك أنه حبس ظلما وأنه بريء بلا مما قذف به فسأله أن يستعلم النسوة عن ذلك * (إن ربي بكيدهن) * ما فعلن في شأني حين رأينني وما قلن لي * (عليم) * فدعا الملك النسوة فقال
51 * (ما خطبكن) * ما قصتكن وما شأنكن * (إذ راودتن يوسف عن نفسه) * جمعهن في
549

51 53 المراودة لأنه لم يعلم من كانت المراودة * (قلن حاش لله) * بعد يوسف عما يتهم به * (ما علمنا عليه من سوء) * من زنا فلما برأنه أقرت امرأة العزيز فقالت * (الآن حصحص الحق) * أي بان ووضح وذلك أنها خافت إن كذبت شهدت عليها النسوة فقالت * (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) * في قوله * (هي راودتني عن نفسي) *
52 * (ذلك) * أي ما فعله يوسف من رد الرسول إلى الملك * (ليعلم) * وزير الملك وهو الذي اشتراه * (أني لم أخنه) * في زوجته * (بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) * لا يرشد من خان أمانته أي إنه يفتضح في العاقبة بحرمان الهداية من الله عز وجل فلما قال يوسف عليه السلام * (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) * قال جبريل عليه السلام ولا حين هممت بها يوسف فقال
الجزء الثالث عشر
53 * (وما أبرئ نفسي) * وما أزكي نفسي * (إن النفس لأمارة بالسوء) * بالقبيح وما لا يحب الله * (إلا ما) * من * (رحم ربي) * فعصمه
54 * (وقال الملك ائتوني به) * بيوسف * (أستخلصه لنفسي) * أجعله خالصا لي
550

54 58 لا يشركني فيه أحد * (فلما كلمه) * يوسف * (قال إنك اليوم لدينا مكين) * وجيه ذو مكانة * (آمين) * قد عرفنا أمانتك وبراءتك ثم سأله الملك أن يعبر رؤياه شفاها فأجابه يوسف بذلك فقال له ما ترى أن نصنع قال تجمع الطعام في السنين المخصبة ليأتيك الخلق فيمتارون منك بحكمك فقال من لي بهذا ومن يجمعه فقال يوسف
55 * (اجعلني على خزائن الأرض) * على حفظها وأراد بالأرض أرض مصر * (إني حفيظ عليم) * كاتب حاسب
56 * (وكذلك) * وكما أنعمنا عليه بالخلاص من السجن * (مكنا ليوسف) * أقدرناه على ما يريد * (في الأرض) * أرض مصر * (يتبوأ منها حيث يشاء) * هذا تفسير التمكين في الأرض * (نصيب برحمتنا من نشاء) * أتفضل على من أشاء برحمتي * (ولا نضيع أجر المحسنين) * ثواب الموحدين
57 * (ولأجر الآخرة خير) * الأية أي ما يعطي الله من ثواب الآخرة خير للمؤمنين والمعنى إن ما يعطي الله تعالى يوسف في الآخرة خير مما أعطاه في الدنيا ثم دخل أعوام القحط على الناس فأصاب إخوة يوسف المجاعة فأتوه ممتارين فذلك قوله
58 * (وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) * لأنهم رأوه على زي الملوك وكان قد تقرر في أنفسهم هلاك يوسف وقيل لأنهم رأوه من وراء ستر
551

59 63
59 * (ولما جهزهم بجهازهم) * يعني حمل لكل رجل منهم بعيرا * (قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم) * يعني بنيامين وذلك أنه سألهم عن عددهم فأخبروه وقالوا خلفنا أحدنا عند أبينا فقال يوسف فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم * (ألا ترون أني أوفي الكيل) * أتمه من غير بخس * (وأنا خير المنزلين) * وذلك لأن حين أنزلهم أحسن ضيافتهم ثم أوعدهم على ترك الإتيان بالأخ بقوله
60 * (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون) *
61 * (قالوا سنراود عنه أباه) * نطلب منه ونسأله أن يرسله معنا * (وإنا لفاعلون) * ما وعدناك من المراودة
62 * (وقال) * يوسف * (لفتيانه) * لغلمانه * (اجعلوا بضاعتهم) * التي أتوا بها لثمن الميرة وكانت دراهم * (في رحالهم) * أوعيتهم * (لعلهم يعرفونها) * عساهم يعرفون أنها بضاعتهم بعينها * (إذا انقلبوا إلى أهلهم) * وفتحوا أوعيتهم * (لعلهم يرجعون) * عساهم يرجعون إذا عرفوا ذلك لأنهم لا يستحلون إمساكها
63 * (فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل) * حكم علينا بمنع الكيل بعد هذا إن لم نذهب بأخينا يعنون قوله * (فلا كيل لكم عندي ولا تقربون) * * (فأرسل معنا أخانا نكتل) * نأخذ كيلنا
64 * (قال هل آمنكم عليه) * الآية يقول لا آمنكم على بنيامين إلا كأمني على يوسف يريد إنه ينفعه ذلك الأمن فإنهم خانوه فهو وإن أمنهم في
552

64 67 هذا خاف خيانتهم أيضا ثم قال * (فالله خير حافظا) *
65 * (ولما فتحوا متاعهم) * ما حملوه من مصر * (وجدوا بضاعتهم ردت إليهم) * فنتصرف بها * (ونمير أهلنا) * نجلب إليهم الطعام * (ونزداد كيل بعير) * نزيد حمل بعير من الطعام لأنه كان يكال لكل رجل وقر بعير * (ذلك كيل يسير) * متيسر على من يكيل لنا لسخائه
66 * (قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله) * حتى تحلفوا بالله * (لتأتنني به إلا أن يحاط بكم) * إلا أن تموتوا كلكم * (فلما آتوه موثقهم) * عهدهم ويمينهم * (قال) * يعقوب عليه السلام * (الله على ما نقول وكيل) * شهيد فلما أرادوا الخروج من عنده قال
67 * (يا بني لا تدخلوا) * مصر * (من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) * خاف عليهم العين فأمرهم بالتفرقة * (وما أغني عنكم من الله من شيء) * يعني إن الحذر لا يغني ولا ينفع من القدر
68 * (ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم) * وذلك أنهم دخلوا مصر متفرقين من أربعة أبواب * (ما كان يغني عنهم من الله من شيء) * ما كان ذلك ليرد قضاء قضاه الله
553

68 74 سبحانه * (إلا حاجة) * لكن حاجة يعني إن ذلك الدخول قضى حاجة في نفس يعقوب عليه السلام وهي إرادته أن يكون دخولهم من أبواب متفرقة شفقة عليهم * (وإنه لذو علم لما علمناه) * لذو يقين ومعرفة بالله سبحانه * (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * أن يعقوب عليه السلام بهذه الصفة
69 * (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه) * ضمه إليه وأنزله عند نفسه * (قال إني أنا أخوك) * اعترف له بالنسب وقال لا تخبرهم بما ألقيت إليك * (فلا تبتئس) * فلا تحزن ولا تغتم * (بما كانوا يعملون) * من الحسد لنا وصرف وجه أبينا عنا
70 * (فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية) * وهو إناء من ذهب مرصع بالجواهر * (في رحل أخيه) * بنيامين * (ثم أذن مؤذن) * نادى مناد * (أيتها العير) * الرفقة * (إنكم لسارقون) *
71 * (قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون) * * (قالوا نفقد صواع الملك) * يعني السقاية * (ولمن جاء به حمل بعير) * أي من الطعام * (وأنا به زعيم) * كفيل
73 * (قالوا تالله لقد علمتم) * حلفوا على أنهم يعلمون صلاحهم وتجنبهم الفساد وذلك أنهم كانوا معروفين بأنهم لا يظلمون أحدا ولا يرزأون شيئا لأحد
74 * (قالوا فما جزاؤه) * أي ما جزاء السارق * (إن كنتم كاذبين) * في قولكم ما كنا سارقين
554

75 76
75 * (قالوا جزاؤه من وجد في رحله) * وكانوا يستعبدون كل سارق بسرقته فلذلك قالوا جزاؤه من وجد في رحله أي جزاء السرق من وجد في رحله المسروق * (فهو جزاؤه) * أي فالسرق جزاء السارق * (كذلك نجزي الظالمين) * أي إذا سرق سارق استرق فلما أقروا بهذا الحكم صرف بهم إلى يوسف عليه السلام ليفتش أمتعتهم
76 * (فبدأ) * يوسف * (بأوعيتهم) * وهي كل ما استودع شيئا من جراب وجوالق ومخلاة * (قبل وعاء أخيه) * نفيا للتهمة * (ثم استخرجها) * يعني السقاية
* (من وعاء أخيه كذلك كدنا) * ألهمنا * (ليوسف) * أي ألهمناه مثل ذلك الكيد حتى ضممنا أخاه إليه * (ما كان ليأخذ أخاه) * ويستوجب ضمه إليه * (في دين الملك) * في حكمه وسيرته وعادته * (إلا) * بمشيئة الله تعالى وذلك أن حكم الملك في السارق أن يضرب ويغرم ضعفي ما سرق فلم يكن يوسف يتمكن من حبس أخيه في حكم الملك لولا ما كاد الله له تلطفا حتى وجد السبيل إلى ذلك وهو ما أجرى على ألسنة إخوته أن جزاء السارق الاسترقاق * (نرفع درجات من نشاء) * بضروب الكرامات وأبواب العلم كما رفعنا درجة يوسف على إخوته في كل شيء * (وفوق كل ذي علم عليم) * يكون هذا أعلم من هذا وهذا أعلم من هذا حتى ينتهي العلم إلى الله سبحانه فلما خرج الصواع من رحل بنيامين
77 * (قالوا) * ليوسف * (إن يسرق) * الصواع * (فقد سرق أخ له من قبل) * يعنون يوسف
555

77 81 عليه السلام وذلك أنه كان يأخذ الطعام من مائدة أبيه سرا منهم فيتصدق به في المجاعة حتى فطن به إخوته * (فأسرها يوسف في نفسه) * أي أسر الكلمة التي كانت جواب قولهم هذا * (ولم يبدها لهم) * وهو أنه قال في نفسه * (أنتم شر مكانا) * عند الله بما صنعتم من ظلم أخيكم وعقوق أبيكم * (والله أعلم بما تصفون) * أي قد علم أن الذي تذكرونه كذب
78 * (قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا) * في السن * (فخذ أحدنا مكانه) * واحدا منا تستعبده بدله * (إنا نراك من المحسنين) * إذا فعلت ذلك فقد أحسنت إلينا
80 * (فلما استيأسوا) * يئسوا * (منه خلصوا نجيا) * انفردوا متناجين في ذهابهم إلى أبيهم من غير أخيهم * (قال كبيرهم) * وهو روبيل وكان أكبرهم سنا * (ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله) * في حفظ الأخ ورده إليه * (ومن قبل ما فرطتم في يوسف) * ما زائدة أي قصرتم في أمر يوسف وخنتموه فيه * (فلن أبرح الأرض) * لن أخرج من أرض مصر * (حتى يأذن لي أبي) * يبعث إلي أن آتيه * (أو يحكم الله لي) * يقضي في أمري شيئا * (وهو خير الحاكمين) * أعدلهم وقال لإخوته
81 * (ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق) * يعنون في ظاهر الأمر * (وما شهدنا إلا بما علمنا) * لأنه وجدت السرقة في رحله ونحن ننظر * (وما كنا للغيب حافظين) * ما كنا نحفظه إذا غاب عنا
556

82 86
82 * (واسأل القرية التي كنا فيها) * أي أهل مصر * (والعير التي أقبلنا فيها) * يريد أهل الرفقة فلما رجعوا إلى أبيهم يعقوب عليه السلام قالوا له هذا فقال
83 * (بل سولت لكم أنفسكم أمرا) * زينته لكم حتى أخرجتم بنيامين من عندي رجاء منفعة فعاد من ذلك شر وضرر
84 * (وتولى عنهم) * أعرض عن بنيه وتجدد وجده بيوسف * (وقال يا أسفى على يوسف) * يا طول حزني عليه * (وابيضت عيناه) * انقلبت إلى حال البياض فلم يبصر بهما * (من الحزن) * من البكاء * (فهو كظيم) * مغموم مكروب لا يظهر حزنه بجزع أو شكوى
85 * (قالوا تالله تفتأ) * لا تزال * (تذكر يوسف) * لا تفتر من ذكره * (حتى تكون حرضا) * فاسدا دنفا * (أو تكون من الهالكين) * الميتين والمعنى لا تزال تذكره بالحزن والبكاء عليه حتى تصير بذلك إلى مرض لا تنتفع بنفسك معه أو تموت بغمه فلما أغلظوا له في القول
86 * (قال إنما أشكو بثي) * ما بي من البث وهو الهم الذي تفضي به إلى صاحبك * (وحزني إلى الله) * لا إليكم * (وأعلم من الله ما لا تعلمون) * وهو أنه علم أن يوسف
557

87 89 حي أخبره بذلك ملك الموت وقال له اطلبه من هاهنا وأشار له إلى ناحية مصر ولذلك قال
87 * (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف) * تبحثوا عنه * (ولا تيأسوا من روح الله) * من الفرج الذي يأتي به * (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) * يريد إن المؤمن يرجو الله تعالى في الشدائد والكافر ليس كذلك فخرجوا إلى مصر
88 * (فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر) * أصابنا ومن يختص بنا الجوع * (وجئنا ببضاعة مزجاة) * ندافع بها الأيام ونتقوت وليست مما يتشبع به وكانت دراهم زيوفا * (فأوف لنا الكيل) * سألوه مساهلتهم في النقد وإعطاءهم بدارهمهم مثل ما يعطي بغيرها من الجياد * (وتصدق علينا) * بما بين القيمتين * (إن الله يجزي) * يتولى جزاء * (المتصدقين) * فلما قالوا هذا أدركته الرقة ودمعت عيناه وقال توبيخا لهم وتعظيما لما فعلوا
89 * (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه) * بإدخال الغم عليه بإفراده من يوسف * (إذ أنتم جاهلون) * آثمون بيعقوب أبيكم وقطع رحم أخيكم جهلا منكم ولما قال لهم هذه المقالة رفع الحجاب فقالوا
558

90 93
90 * (أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف) * الذي فعلتم به ما فعلتم * (وهذا أخي) * المظلوم من جهتكم * (قد من الله علينا) * بالجمع بيننا بعد ما فرقتم * (إنه من يتق) * الله * (ويصبر) * على المصائب * (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) * أجر من كان هذا حاله
91 * (قالوا تالله لقد آثرك الله علينا) * فضلك الله علينا بالعقل والعلم والفضل والحسن * (وإن كنا لخاطئين) * آثمين في أمرك
92 * (قال لا تثريب عليكم اليوم) * لا تأنيب ولا تعيير عليكم بعد هذا اليوم ثم جعلهم في حل وسأل لهم المغفرة فقال * (يغفر الله لكم) * الآية ثم سألهم عن أبيه فقالوا
ذهبت عيناه فقال
93 * (اذهبوا بقميصي هذا) * وكان قد نزل به جبريل عليه السلام على إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار وكان فيه ريح الجنة لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا صح فذلك قوله * (فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا) * يرجع ويعد بصيرا
559

93 100
94 * (ولما فصلت العير) * خرجت من مصر متوجهة إلى كنعان * (قال أبوهم) * لمن حضره * (إني لأجد ريح يوسف) * وذلك أنه هاجت الريح فحملت ريح القميص واتصلت بيعقوب فوجد ريح الجنة فعلم أنه ليس في الدنيا من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص * (لولا أن تفندون) * تسفهوني وتجهلوني
95 * (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) * شقائك القديم مما تكابد من الأحزان على يوسف وخطئك في النزاع إليه على بعد عهده منك وكان عندهم أنه قد مات وقوله
96 * (فارتد بصيرا) * أي عاد ورجع بصيرا وقوله
98 * (سوف أستغفر لكم ربي) * أخر ذلك إلى السحر ليكون أقرب إلى الإجابة وكان قد بعث يوسف عليه السلام مع البشير إلى يعقوب عليه السلام عدة المسير إليه فتهيأ يعقوب وخرج مع أهله إليه فذلك قوله
99 * (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه) * أي ضم إليه * (أبويه) * أباه وخالته وكانت أمه قد ماتت * (وقال ادخلوا مصر) * وذلك أنه كان قد استقبلهم فقال لهم قبل دخول مصر ادخولوا مصر آمنين إن شاء الله وكانوا قبل ذلك يخافون دخول مصر إلا بجواز من ملوكهم
100 * (ورفع أبويه على العرش) * أجلسهما على السرير * (وخروا له سجدا) * سجدوا
560

100 104 ليوسف سجدة التحية وهو الانحناء * (وقد أحسن بي) * إلي * (إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو) * وهو البسيط من الأرض وكان يعقوب وولده بأرض كنعان أهل مواش وبرية * (من بعد أن نزغ الشيطان) * أفسد * (بيني وبين إخوتي) * بالحسد * (إن ربي لطيف لما يشاء) * عالم بدقائق الأمور * (إنه هو العليم) * بخلقه * (الحكيم) * فيهم بما شاء ثم دعا ربه وشكره فقال
101 * (رب قد آتيتني من الملك) * ملك مصر * (وعلمتني من تأويل الأحاديث) * يريد تفسير الأحلام * (فاطر السماوات والأرض) * خالقهما ابتداء * (توفني مسلما) * اقبضني على الإسلام * (وألحقني بالصالحين) * من آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم السلام يريد ارفعني إلى درجاتهم
102 * (ذلك) * الذي قصصنا عليك من أمر يوسف من الأخبار التي كانت غائبة عنك وهو قوله * (من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم) * لدى إخوة يوسف * (إذ أجمعوا أمرهم) * عزموا على أمرهم * (وهم يمكرون) * بيوسف
103 * (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) * كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجو أن تؤمن به قريش واليهود لما سألوه عن قصة يوسف فشرحها لهم فخالفوا ظنه فقال الله * (وما أكثر الناس ولو حرصت) * على إيمانهم * (بمؤمنين) * لأنك لا تهدي من أحببت لكن الله يهدي من يشاء
104 * (وما تسألهم عليه) * على القرآن * (من أجر) * مال يعطونك * (إن هو) * ما هو * (إلا ذكر للعالمين) *
561

تذكرة لهم بما هو صلاحهم يريد إنا أزحنا العلة في التكذيب حيث بعثناك مبلغا بلا أجر غير أنه لا يؤمن إلا من شاء الله سبحانه وإن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك
105 * (وكأين) * وكم * (من آية) * دلالة تدل على التوحيد * (في السماوات والأرض) * من الشمس والقمر والنجوم والجبال وغيرها * (يمرون عليها) * يتجاوزونها غير متفكرين ولا معتبرين فقال المشركون فإنا نؤمن بالله الذي خلق هذه الأشياء فقال * (وما يؤمن أكثرهم بالله) * في إقراره بأن الله خلقه وخلق السماوات والأرض إلا وهو مشرك بعبادة الوثن
106 * (أفأمنوا) * يعني المشركين * (أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) * عقوبة تغشاهم وتنبسط عليهم
107 * (قل) * لهم * (هذه) * الطريقة التي أنا عليها * (سبيلي) * سنتي ومنهاجي * (أدعو إلى الله) * وتم الكلام ثم قال * (على بصيرة أنا) * أي على دين ويقين * (ومن اتبعني) * يعني أصحابه وكانوا على أحسن طريقة * (وسبحان الله) * أي وقل سبحان الله تنزيها لله تعالى عما أشركوا * (وما أنا من المشركين) * الذين اتخذوا مع الله ندا
109 * (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى) * يريد لم نبعث قبلك نبيا إلا رجالا غير امرأة وكانوا من أهل الأمصار ولم نبعث نبيا من بادية وهذا رد لإنكارهم نبوته يريد إن الرسل من قبلك كانوا على مثل حالك ومن قبلهم من الأمم كانوا على مثل حالهم فأهلكناهم فذلك قوله * (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا) *
562

إلى مصارع الأمم المكذبة فيعتبروا بهم * (ولدار الآخرة) * يعني الجنة * (خير للذين اتقوا) * الشرك في الدنيا * (أفلا تعقلون) * هذا حتى تؤمنوا
110 * (حتى إذا استيأس الرسل) * يئسوا من قومهم أن يؤمنوا * (وظنوا أنهم قد كذبوا) * أيقنوا أن قومهم قد كذبوهم * (جاءهم نصرنا فنجي من نشاء) * وهم المؤمنون أتباع الأنبياء * (ولا يرد بأسنا) * عذابنا
111 * (لقد كان في قصصهم) * يعني إخوة يوسف * (عبرة) * فكرة وتدبر * (لأولي الألباب) * وذلك أن من قدر على إعزاز يوسف وتمليكه مصر بعد ما كان عبدا لبعض أهلها قادر على أن يعز محمدا عليه السلام وينصره * (ما كان) * القرآن * (حديثا يفترى) * يتقوله بشر * (ولكن تصديق الذي بين يديه) * ولكن كان
تصديق ما قبله من الكتب * (وتفصيل كل شيء) * يحتاج إليه من أمور الدين * (وهدى) * وبيانا * (ورحمة لقوم يؤمنون) * يصدقون بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
563

سورة الرعد 1 2
1 * (المر) * أنا الله أعلم وأرى * (تلك) * يعني ما ذكر من الأحكام والأخبار قبل هذه الآية * (آيات الكتاب) * القرآن * (والذي أنزل إليك من ربك الحق) * ليس كما يقوله المشركون أنك تأتي به من قبل نفسك باطلا * (ولكن أكثر الناس) * يعني أهل مكة * (لا يؤمنون) *
2 * (الله الذي رفع السماوات بغير عمد) * جمع عماد وهي الأساطين * (ترونها) * أنتم كذلك مرفوعة بغير عماد * (ثم استوى على العرش) * بالاستيلاء والإقتدار وأصله استواء التدبير كما أن أصل القيام الانتصاب ثم يقال قام بالتدبير وثم يدل على حدوث العرش المستولى عليه لا على حدوث الاستيلاء بعد خلق العرش المستولى عليه * (وسخر الشمس والقمر) * ذللهما لما يراد منهما * (كل يجري لأجل مسمى) * إلى وقت معلوم وهو فناء الدنيا * (يدبر الأمر) * يصرفه بحكمته
564

3 4 * (يفصل الآيات) * يبين الدلائل التي تدل على التوحيد والبعث * (لعلكم بلقاء ربكم توقنون) * لكي توقنوا يا أهل مكة بالبعث
3 * (وهو الذي مد الأرض) * بسطها ووسعها * (وجعل فيها رواسي) * أوتدها بالجبال * (وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) * حلوا وحامضا وباقي الآية مضى تفسيره
4 * (وفي الأرض قطع متجاورات) * قرى بعضها قريب من بعض * (وجنات) * بساتين * (من أعناب) * وقوله * (صنوان) * وهو أن يكون الأصل واحدا ثم يتفرع فيصير نخيلا يحملن وأصلهن واحد * (وغير صنوان) * وهي المتفرقة واحدة واحدة * (تسقي) * هذه القطع والجنات والنخيل * (بماء واحد ونفضل بعضها على بعض) * يعني اختلاف الطعوم * (في الأكل) * وهو الثمر فمن حلو وحامض وجيد ورديء * (إن في ذلك لآيات) * لدلالات * (لقوم يعقلون) * أهل الإيمان الذين عقلوا عن الله تعالى
5 * (وإن تعجب) * يا محمد من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع وتكذيبك بعد البيان فتعجب أيضا من إنكارهم البعث وهو معنى قوله * (فعجب قولهم أئذا كنا ترابا) *
565

الآية * (وأولئك الأغلال) * جمع غل وهو طوق تقيد به اليد إلى العنق
6 * (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) * يعني مشركي مكة حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالعذاب استهزاء يقول ويستعجلونك بالعذاب الذي لم أعاجلهم به وهو قوله * (قبل الحسنة) * يعني إحسانه إليهم في تأخير العقوبة عنهم إلى يوم القيامة * (وقد خلت من قبلهم المثلات) * وقد مضت من قبلهم العقوبات في الأمم المكذبة فلم يعتبروا بها * (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) * بالتوبة يعني يتجاوز عن المشركين إذا آمنوا * (وإن ربك لشديد العقاب) * يعني لمن أصر على الكفر
7 * (ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه) * هلا أتانا بآية كما أتى به موسى من العصا واليد * (إنما أنت منذر) * بالنار لمن عصى وليس إليك من الآيات شيء * (ولكل قوم هاد) * نبي وداع إلى الله عز وجل يدعوهم لما يعطى من الآيات لا بما يريدون ويتحكمون
8 * (الله يعلم ما تحمل كل أنثى) * من علقة ومضغة وزائد وناقص وذكر وأنثى * (وما تغيض الأرحام) * تنقصه من مدة الحمل التي هي تسعة أشهر * (وما تزداد) * على ذلك * (وكل شيء عنده بمقدار) * علم كل شيء فقدره تقديرا
9 * (عالم الغيب) * ما غاب عن جميع خلقه * (والشهادة) * وما شهده الخلق * (الكبير) *
566

9 12 العظيم القدر * (المتعال) * عما يقوله المشركون
10 * (سواء منكم) * الآية يقول الجاهر بنطقه والمضمر في نفسه والظاهر في الطرقات والمستخفي في الظلمات علم الله سبحانه فيهم جميعا سواء والمستخفي معناه المختفي والسارب الظاهر المار على وجهه
11 * (له) * لله سبحانه * (معقبات) * ملائكة حفظة تتعاقب في النزول إلى الأرض بعضهم بالليل وبعضهم بالنهار * (من بين يديه) * يدي الإنسان * (ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) * أي بأمره سبحانه مما لم يقدر فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه * (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) * لا يسلب قوما نعمة حتى يعملوا بمعاصيه * (وإذا أراد الله بقوم سوءا) * عذابا * (فلا مرد له) * فلا رد له * (وما لهم من دونه من وال) * يلي أمرهم ويمنع العذاب عنهم
12 * (هو الذي يريكم البرق خوفا) * للمسافر * (وطمعا) * للحاضر في المطر * (وينشئ) * ويخلق * (السحاب الثقال) * بالماء
13 * (ويسبح الرعد) * وهو الملك الموكل بالسحاب * (بحمده) * وهو ما يسمع من صوته وذلك تسبيح لله تعالى * (والملائكة من خيفته) * أي وتسبح الملائكة من خيفة الله تعالى وخشيته * (ويرسل الصواعق) * وهو التي تحرق من برق السحاب
567

13 15 وينتشر على الأرض ضوؤه * (فيصيب بها من يشاء) * كما أصاب أربد حين جادل النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله * (وهم يجادلون في الله) * والواو للحال وكان أربد جادل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني عن ربنا أمن نحاس أم حديد فأحرقته الصاعقة * (وهو شديد المحال) * العقوبة أي القوة
14 * (له دعوة الحق) * لله من خلقه الدعوة الحق وهي كلمة التوحيد لا إله إلا الله * (والذين يدعون) * يعني المشركين يدعون * (من دونه) * الأصنام * (لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط) * إلا كما يستجاب الذي يبسط كفيه يشير إلى الماء ويدعوه إلى فيه * (وما هو ببالغه) * وما الماء ببالغ فاه بدعوته إياه * (وما دعاء
الكافرين) * عبادتهم الأصنام * (إلا في ضلال) * هلاك وبطلان
15 * (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا) * يعني الملائكة والمؤمنين * (وكرها) * وهم من أكرهوا على السجود فسجدوا لله سبحانه من خوف السيف واللفظ عام والمراد به الخصوص * (وظلالهم بالغدو والآصال) * كل شخص مؤمن أو كافر فإن ظله يسجد لله ونحن لا نقف على كيفية ذلك
16 * (قل) * يا محمد للمشركين * (من رب السماوات والأرض) * ثم أخبرهم فقل
568

16 17 * (الله) * لأنهم لا ينكرون ذلك ثم ألزمهم الحجة فقل * (أفاتخذتم من دونه أولياء) * توليتم غير رب السماء والأرض أصناما * (لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا) * ثم ضرب مثلا للذي يعبدها والذي يعبد الله سبحانه فقال * (قل هل يستوي الأعمى) * المشرك * (والبصير) * المؤمن * (أم هل تستوي الظلمات) * الشرك * (والنور) * الإيمان * (أم جعلوا لله شركاء) * الآية يعني أجعلوا لله شركاء خلقوا مثل ما خلق الله فتشابه خلق الشركاء بخلق الله عندهم وهذا استفهام إنكار أي ليس الأمر على هذا حتى يشتبه الأمر بل الله سبحانه هو المتفرد بالخلق وهو قوله * (قل الله خالق كل شيء) *
17 * (أنزل من السماء ماء) * يعني المطر * (فسالت أودية) * جمع واد * (بقدرها) * بقدر ما يملأها أراد بالماء القرآن وبالأودية القلوب والمعنى أنزل قرآنا فقبلته القلوب بأقدارها منها ما رزق الكثير ومنها ما رزق القليل و ومنها ما لم يرزق شيئا * (فاحتمل السيل زبدا) * وهو ما يعلو الماء * (رابيا) * عاليا فوقه والزبد مثل الكفر يريد إن الباطل وإن ظهر على الحق في بعض الأحوال فإن الله سيمحقه ويبطله ويجعل العاقبة للحق وأهله وهو معنى قوله * (فأما الزبد فيذهب جفاء) * وهو ما رمى به الوادي * (وأما ما ينفع الناس) * مما ينبت المرعى * (فيمكث) * يبقى * (في الأرض) * ثم ضرب مثلا آخر هو قوله * (ومما يوقدون عليه في النار) * يعني جواهر الأرض من الذهب والفضة والنحاس وغيرها مما يدخل النار فتوقد عليها وتتخذ منها الحلي وهو الذهب والفضة والأمتعة وهي للأواني يعني النحاس والرصاص وغيرهما وهذا معنى قوله * (ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله) *
569

17 22 أي مثل زبد الماء يريد إن من هذه الجواهر بعضها خبث ينفيه الكير * (كذلك) * كما ذكر من هذه الأشياء * (يضرب الله) * مثل الحق والباطل وهذه الآية فيها تقديم وتأخير في اللفظ والمعنى ما أخبرتك به
18 * (للذين استجابوا لربهم) * أجابوه إلى ما دعاهم إليه * (الحسنى) * الجنة * (والذين لم يستجيبوا له) * وهم الكفار * (لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به) * جعلوه فداء أنفسهم من العذاب * (أولئك لهم سوء الحساب) * وهو أن لا تقبل منهم حسنة ولا يتجاوز عن سيئة
19 * (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى) * نزلت في أبي جهل لعنه الله وحمزة رضي الله عنه * (إنما يتذكر) * يتعظ ويرتدع عن المعاصي * (أولوا الألباب) * يعني المهاجرين والأنصار
20 * (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق) * يعني العهد الذي عاهدهم عليه وهم في صلب آدم
21 * (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) * وهو الإيمان بجميع الرسل
22 * (والذين صبروا) * على دينهم وما أمروا به * (ابتغاء وجه ربهم) * طلب تعظيم الله تعالى * (ويدرؤون) * يدفعون * (بالحسنة) * بالتوبة * (السيئة) * المعصية وهو أنهم
570

23 27 كلما اذنبو تابو * (أولئك لهم عقبى الدار) * يريد عقباهم الجنة
23 * (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم) * ومن صدق بما صدقوا به وان لم يعمل مثل اعمالهم يلحق بهم كرامة لهم * (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) * بالتحية من الله سبحانه والهدايا
24 * (سلام عليكم) * يقولون سلام عليكم والمعنى سلمكم الله من العذاب * (بما صبرتم) * بصبركم في دار الدنيا عما لا يحل * (فنعم عقبى الدار) * فنعم العقبى عقبى داركم التي عملتم فيها ما اعقبكم الذي أنتم فيه
25 * (والذين ينقضون) * الآية مفسرة في سورة البقرة
26 * (الله يبسط الرزق) * يوسعه * (لمن يشاء ويقدر) * ويضيق * (وفرحوا) * يعني مشركي مكة بما نالو من الدنيا وبطروا * (وما الحياة الدنيا في الآخرة) * في حياة الآخرة أي بالقياس إليها * (إلا متاع) * قليل ذاهب يتمتع به ثم يفنى
27 * (ويقول الذين كفروا لولا) * هلا * (أنزل عليه آية من ربه) * نزلت في مشركي مكة حين طالبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآيات * (قل إن الله يضل من يشاء) * عن دينه كما أضلكم بعدما انزل من الآيات وحرمكم الاستدلال بها * (ويهدي إليه) * يرشد إلى
571

28 31 دينه * (من أناب) * رجع إلى الحق
28 * (الذين آمنوا) * بدل من قوله * (من أناب) * * (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) * اذاسمعوا ذكر الله سبحانه وتعالى أحبوه وستأنسوا به * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * يريد قلوب المؤمنين
29 * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم) * وهي شجرة غرسها الله سبحانه بيده وقيل فرح لهم وقرة أعين
30 * (كذلك) * كما أرسلنا الأنبياء قبلك * (أرسلناك في أمة) * في قرن * (قد خلت) * قد مضت * (من قبلها أمم) * قرون * (لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك)
* يعني القران * (وهم يكفرون بالرحمن) * وذلك انهم قالوا ما نعرف الرحمن الا صاحب اليمامة * (قل هو ربي) * أي الرحمن الذي أنكرتم معرفته هو الهي وسيدي * (لا إله إلا هو) *
31 * (ولو أن قرآنا) * الآية نزلت حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ان كنت نبيا كما تقول فسير عنا جبال مكة فإنها ضيقة واجعل لنا فيها عيونا وانهارا حتى نزرع ونغرس
572

32 33 وابعث لنا اباءنا من الموتى يكلمونا انك نبي فقال الله سبحانه ولو أن قرانا سيرت به الجبال يريد لو قضيت على أن لا يقرأالقران على الجبال الا سارت ولا على الأرض الا تخرقت بالعيون والأنهار وعلى الموتى ان لا يكلموا ما امنوا لما سبق عليهم في علمي وهذا جواب لو وهو محذوف * (بل) * دع ذلك الذي قالوا من تسيير الجبال وغيره فالامر لله جميعا لو شاء ان يؤمنوا لامنوا وإذا لم يشأ لم ينفع ما اقترحوا من الآيات وكان المسلمون قد أرادوا ان يظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم اية ليجتمعوا على الايمان فقال الله * (أفلم ييأس الذين آمنوا) * يعلم الذين امنوا * (أن لو يشاء الله) * لهداهم من غير ظهور الآيات * (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا) * من كفرهم واعمالهم الخبيثة * (قارعة) * داهية تقرعهم من القتل والأسر والحرب والجدب * (أو تحل) * يا محمد أنت * (قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله) * يعني القيامة وقيل فتح مكة
32 * (ولقد استهزئ برسل من قبلك) * أوذي وكذب * (فأمليت للذين كفروا) * أطلت لهم المدة بتأخير العقوبة ليتمادوا في المعصية * (ثم أخذتهم) * بالعقوبة * (فكيف كان عقاب) * كيف رأيت ما صنعت بمن استهزأ برسلي كذلك أصنع بمشركي قومك
33 * (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) * أي بجرائه يعني متول لذلك كما
573

35 36 يقال قام فلان بأمر كذا إذا كفاه وتولاه والقائم على كل نفس هو الله تعالى والمعنى أفمن هو بهذه الصفة كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وجواب هذا الاستفهام في قوله * (وجعلوا لله شركاء قل سموهم) * بإضافة افعالهم إليهم ان كانوا شركاء لله تعالى كما يضاف إلى الله افعاله بأسمائه الحسنى نحو الخالق والرازق فأن سموهم قل أتنبئونه * (أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض) * أي أتخبرون الله بشريك له في الأرض وهو لا يعلمه بمعنى أنه ليس له شريك * (أم بظاهر من القول) * يعني أم تقولون مجازا من القول وباطلا لا حقيقة له وهو كلام في الظاهر ولا حقيقة له في الباطن ثم قال * (بل) * أي دع ذكر ما كنا فيه * (زين للذين كفروا مكرهم) * زين الشيطان لهم الكفر * (وصدوا عن السبيل) * وصدهم الله سبحانه عن سبيل الهدى * (لهم عذاب في الحياة الدنيا) * بالقتل والأسر * (ولعذاب الآخرة أشق) * أشد واغلظ * (وما لهم من الله) * من عذاب الله * (من واق) * حاجز ومانع
35 * (مثل الجنة) * صفة الجنة * (التي وعد المتقون) * وقوله * (أكلها دائم) * يريد ان ثمارها لا تنقطع كثمار الدنيا * (وظلها) * لا يزول ولا تنسخه الشمس
36 * (والذين آتيناهم الكتاب) * يعني مؤمني أهل الكتاب * (يفرحون بما أنزل إليك) * وذلك انهم ساءهم قلة ذكر الرحمن في القران مع كثرة ذكره في التوراة فلما انزل الله تعالى * (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) * فرح بذلك مؤمنو أهل الكتاب
574

37 39 وكفر المشركون بالرحمن وقالوا ما نعرف الرحمن الا رحمن اليمامة وذلك قوله * (ومن الأحزاب) * يعني الكفار الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم * (من ينكر بعضه) * يعني ذكر الرحمن
* (وكذلك) * وكما أنزلنا الكتاب على الأنبياء بلسانهم * (أنزلناه حكما عربيا) * يعني القران لأنه به يحكم ويفصل بين الحق والباطل وهو بلغة العرب * (ولئن اتبعت أهواءهم) * وذلك أن المشركين دعوه إلى ملة ابائه فتوعده الله سبحانه على ذلك بقوله * (ما لك من الله من ولي ولا واق) *
38 * (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا) * ينكحوهن * (وذرية) * وأولادا انسلوهم وذلك أن اليهود عيرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة النساء وقالوا ما له همه الا النساء والنكاح * (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله) * أي بإطلاقه له الآية وهذا جواب للذين سألوه أن يوسع لهم مكة * (لكل أجل كتاب) * لكل اجل قدره الله ولكل امر قضاه كتاب أثبت فيه فلا تكون اية الا بأجل قد قضاه الله تعالى في كتاب
39 * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * اللوح المحفوظ يمحو منه ما يشاء ويثبت ما يشاء وظاهر هذه الآية على العموم وقال قوم الا السعادة والشقاوة والموت والرزق والخلق والخلق
575

40 43 40
* (وإما نرينك بعض الذي نعدهم) * من العذاب * (أو نتوفينك) * قبل ذلك * (فإنما عليك البلاغ) * يريد قد بلغت * (وعلينا الحساب) * إلي مصيرهم فأجازيهم أي ليس عليك الا البلاغ كيف ما صارت حالهم
41 * (أولم يروا) * يعني مشركي مكة * (أنا نأتي الأرض) * نقصد أرض مكة * (ننقصها من أطرافها) * بالفتوح على المسلمين يقول أولم ير أهل مكة أنا نفتح لمحمد ص ما حولها من القرى أفلا يخافون أن تنالهم يا محمد * (والله يحكم) * بما يشاء * (لا معقب لحكمه) * لا أحد يتتبع ما حكم به فيغيره والمعنى لا ناقض لحكمه ولا راد له * (وهو سريع الحساب) * أي المجازاة
42 * (وقد مكر الذين من قبلهم) * يعني كفار الأمم الخالية مكروا بأنبيائهم * (فلله المكر جميعا) * يعني ان مكر الماكرين له أي هو من خلقه فالمكر جميعا مخلوق له ليس يضر منه شيء الا بإذنه * (يعلم ما تكسب كل نفس) * جميع الاكساب معلوم له * (وسيعلم الكفار) * وهو اسم الجنس * (لمن) * العاقبة بالجنة وقوله
تعالى
43 * (ومن عنده علم الكتاب) * هم مؤمنو أهل الكتابين وكانت شهادتهم قاطعة لقول أهل الخصوم
576

1 4
سورة إبراهيم * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (الر) * أنا الله أرى هذا * (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) * من الشرك إلى الإيمان * (بإذن ربهم) * بقضاء ربهم لأنه لا يهتدي مهتد الا بإذن الله سبحانه ثم بين ما ذلك النور فقال * (إلى صراط العزيز الحميد) *
3 * (الذين يستحبون) * يؤثرون ويختارون * (الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله) * ويمنعون الناس عن دين الله * (ويبغونها عوجا) * مضى تفسيره * (أولئك في ضلال) * في خطأ * (بعيد) * عن الحق
4 * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * بلغة قومه ليفهموا عنه وهو معنى قوله
577

5 9 * (ليبين لهم فيضل الله من يشاء) * بعد التبين بإيثاره الباطل * (ويهدي من يشاء) * باتباع الحق
5 * (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) * بالبراهين التي دلت صحة نبوته * (أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) * من الشرك إلى الايمان * (وذكرهم) * وعظهم * (بأيام الله) * بنعمه أي بالترغيب والترهيب والوعد الوعيد * (إن في ذلك) * التذكير بأيام الله * (لآيات) * لدلالات * (لكل صبار) * على طاعة الله * (شكور) * لأنعمه والآية الثانية مفسرة في سورة البقرة وقوله
7 * (وإذ تأذن) * معطوف على قوله * (إذ أنجاكم) * والمعنى وإذ أعلم ربكم * (لئن شكرتم) * وحدتم وأطعتم * (لأزيدنكم) * مما يجب الشكر عليه وهو النعمة * (ولئن كفرتم) * جحدتم حقي وحق نعمتي * (إن عذابي لشديد) * تهديد بالعذاب على كفران النعمة
9 * (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم) * يعني
578

10 15 من بعد هؤلاء الذين أهلكهم الله * (لا يعلمهم إلا الله) * لكثرتهم ولا يعلم عدد تلك الأمم وتعينها الا الله * (جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم) * أيدي أنفسهم * (في أفواههم) * أي ثقل عليهم مكانهم فعضوا على أصابعهم من شدة الغيظ
10 * (قالت رسلهم أفي الله شك) * أفي توحيد الله سبحانه شك وهذا استفهام معناه الانكار أي لا شك في ذلك ثم وصف نفسه بما يدل على وحدانيته وهو قوله * (فاطر السماوات والأرض يدعوكم) * إلى طاعته بالرسل والكتب * (ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى) * لا يعاجلكم بالعقوبة والمعنى ان لم تجيوا عوجلتم وباقي الآية وما بعدها إلى قوله
14 * (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد) * ظاهر ومعنى * (خاف مقامي) * معناه خاف مقامه بين يدي * (وخاف وعيد) * ما أوعدت من العذاب
15 * (واستفتحوا) * واستنصروا الله سبحانه على قومهم ففازوا بالنصر * (وخاب كل جبار) * متكبر عن طاعة الله سبحانه * (عنيد) * مجانب للحق
579

16 21
16 * (من ورائه جهنم) * أي أمامه جهنم فهو يردها * (ويسقى من ماء صديد) * وهو ما يسيل من الجرح مختلطا بالدم والقيح
17 * (يتجرعه) * يتحساه بالجرع لا بمرة لمرارته * (ولا يكاد يسيغه) * لا يجيزه في الحلق الا بعد ابطاء * (ويأتيه الموت) * أي أسباب من البلايا التي تصيب الكافر في النار من كل شعرة في جسده * (وما هو بميت) * موتا تنقطع معه الحياة * (ومن ورائه) * ومن بعد ذلك العذاب * (عذاب غليظ) * متصل اللآلام ثم ضرب مثلا لأعمال الكفار فقال
18 * (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) * أي شديد هبوب الريح ومعنى الآية ان كل ما تقرب به الكافر إلى الله تعالى فمحبط غير منتفع به لأنهم أشركوا فيها غير الله سبحانه وتعالى كالرماد الذي ذرته الريح وصار هباء لا ينتفع به فذلك قوله * (لا يقدرون مما كسبوا على شيء) * أي لا يجدون ثواب ما عملوا * (ذلك هو الضلال البعيد) * يعني ضلال أعمالهم وذهابها والمعنى ذلك الخسران الكبير
19 * (ألم تر) * يا محمد * (أن الله خلق السماوات والأرض بالحق) * أي بقدرته وصنعه وعلمه وارادته وكل ذلك حق * (إن يشأ يذهبكم) * يمتكم أيها الكفار * (ويأت بخلق جديد) * خير منكم وأطوع
20 * (وما ذلك على الله بعزيز) * * بممتنع شديد
21 * (وبرزوا لله جميعا) * خرجوا من قبورهم إلى المحشر * (فقال الضعفاء) * وهم
580

22 24 الأتباع لأكابرهم الذين * (استكبروا) * عن عبادة الله * (إنا كنا) * في الدنيا * (لكم تبعا فهل أنتم مغنون) * دافعون * (عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم) * أي انما دعوناكم إلى الضلال لأنا كنا عليه ولو أرشدنا الله لأرشدناكم
22 * (وقال الشيطان) * يعني إبليس * (لما قضي الأمر) * فصار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار وذلك أن أهل النار حينئذ يجتمعون باللائمة على إبليس فيقوم خطيبا ويقول * (إن الله وعدكم وعد الحق) * يعني كون هذا اليوم فصدقكم وعده * (ووعدتكم) * أنه غير كائن * (فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان) *
أي ما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم * (إلا أن دعوتكم) * لكن دعوتكم * (فاستجبتم لي) * فصدقتموني * (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) * حيث أجبتموني من غير برهان * (ما أنا بمصرخكم) * بمغيثكم * (وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل) * باشراككم إياي مع الله سبحانه في الطاعة اني جحدت أن أكون شريكا لله فيما أشركتموني * (إن الظالمين) * يريد المشركين وقوله
23 * (تحيتهم فيها سلام) * يحييهم الله سبحانه بالسلام ويحي بعضهم بعضا بالسلام
24 * (ألم تر كيف ضرب الله مثلا) * بين شبها ثم فسره فقال * (كلمة طيبة) * يريد
581

25 27 لا إله إلا الله * (كشجرة طيبة) * يعني النخلة * (أصلها) * أصل هذه الشجرة الطيبة * (ثابت) * في الأرض * (وفرعها) * أعلاها عال * (في السماء) *
25 * (تؤتي) * هذه الشجرة * (أكلها) * ثمرها * (كل حين) * كل وقت في جميع السنة ستة أشهر طلع رخص وستة أشهر رطب طيب فالانتفاع بالنخلة دائم في جميع السنة كذلك الايمان ثابت في قلب المؤمن وعمله وقوله وتسبيحه عال مرتفع إلى السماء ارتفاع فروع النخلة وما يكتسبه من بركة الايمان وثوابه كما ينال من ثمرة النخلة في أوقات السنة كلها من الرطب والبسر والتمر * (ويضرب الله الأمثال للناس) * يريد أهل مكة * (لعلهم يتذكرون) * لكي يتعظوا
26 * (ومثل كلمة خبيثة) * يعني الشرك بالله سبحانه مثل * (كشجرة خبيثة) * وهي الكشوث * (اجتثت) * انتزعت واستؤصلت والكشوت كذلك * (من فوق الأرض) * لم يرسخ فيها ولم يضرب فيها بعرق * (ما لها من قرار) * مستقر في الأارض يريد ان الشرك لا ينتفع به صاحبه وليس له حجه ولا ثبات كهذه الشجرة
27 * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) * وهو قول لا إله إلا الله * (في الحياة الدنيا) * على الحق * (وفي الآخرة) * يعني في القبر يلقنهم كلمة الحق عند سؤال الملكين * (ويضل الله الظالمين) * لا يلقن المشركين ذلك حتى إذا سئلوا في
582

28 33 قبورهم قالوا لا ندري * (ويفعل الله ما يشاء) * من تلقين المؤمنين الصواب واضلال الكافرين
28 * (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) * بدلوا ما أنعم الله سبحانه عليهم به من الإيمان ببعث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كفروا به * (وأحلوا قومهم) * الذين اتبعوهم * (دار البوار) * الهلاك ثم فسرها فقال
29 * (جهنم يصلونها وبئس القرار) * أي المقر
30 * (وجعلوا لله أندادا) * يعني الأصنام * (ليضلوا عن سبيله) * الناس عن دين الله * (قل تمتعوا) * بدنياكم * (فإن مصيركم إلى النار) * وقوله
31 * (لا بيع فيه) * لافداء فيه * (ولا خلال) * مخالة يعني يوم القيامة وهو يوم لا بيع فيه ولا مخالة ولا قرابة انما هي أعمال يثاب بها قوم ويعاقب عليهاآخرون
33 * (وسخر لكم الشمس والقمر) * ذللهما لما يراد منهما * (دائبين) * مقيمين على طاعة الله سبحانه وتعالى في الجري * (وسخر لكم الليل) * لتسكنوا فيه * (والنهار) * لتبتغوا من فضله ومعنى لكم في هذه الآية لأجلكم ليس أنها مسخرة لنا هي مسخرة
583

34 39 لله سبحانه لأجلنا ويجوز أنها مسخرة لنا لانتفاعنا بهاعلى الوجه الذي نريد وقوله
34 * (وإن تعدوا نعمة الله) * إنعام الله عليكم * (لا تحصوها) * لا تطيقوا عدها * (إن الإنسان) * يعني الكافر * (لظلوم) * لنفسه * (كفار) * نعمة ربه وقوله
35 * (واجنبني) * أي بعدني واجعلني من على جانب بعيد
36 * (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) * أي ضلوا بسببها * (فمن تبعني) * على ديني * (فإنه مني) * من المتدينين بديني * (ومن عصاني) * فيما دون الشرك * (فإنك غفور رحيم) *
37 * (ربنا إني أسكنت من ذريتي) * يعني إسماعيل عليه السلام * (بواد غير ذي زرع) * مكة حرسها الله * (عند بيتك المحرم) * الذي مضى في علمك أنه يحدث في هذا الوادي * (ربنا ليقيموا الصلاة) * ليعبدوك * (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) * تريدهم وتحن إليهم لزيارة بيتك * (وارزقهم من الثمرات) * ذكر تفسيره في سورة البقرة * (لعلهم يشكرون) * كي يوحدوك ويعظموك
39 * (الحمد لله الذي وهب لي) * أعطاني * (على الكبر إسماعيل) * لأنه ولد له ابن
584

40 44 تسع وتسعين * (وإسحاق) * ولد له وهو ابن مائه سنة واثنتي عشرة سنة وقوله
40 * (ومن ذريتي) * أي واجعل منهم من يقيم الصلاة وقوله
41 * (ولوالدي) * استغفر لهما بشرط الايمان
42 * (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) * يريد المشركين من أهل مكة * (إنما يؤخرهم) * فلا يعاقبهم في الدنيا * (ليوم تشخص) * تذهب فيه أبصار الخلائق إلى الهواء حيرة ودهشة
43 * (مهطعين) * مسرعين منطلقين إلى الداعي * (مقنعي) * رافعي * (رؤوسهم) * إلى السماء لا ينظر إلى أحد * (لا يرتد إليهم طرفهم) * لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر فهي شاخصة * (وأفئدتهم هواء) * وقلوبهم خالية عن العقول بما ذهلوا من الفزع وقوله
44 * (فيقول الذين ظلموا) * أي أشركوا * (ربنا أخرنا إلى أجل قريب) * استمهلوا مدة يسيرة كي يجيبوا الدعوة فيقال لهم * (أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال) * حلفتم في الدنيا أنكم لا تبعثون ولا تنتقلون إلى الآخرة وهو قوله * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) * الآية
585

45 49 * (وسكنتم) * في الدنيا * (في مساكن الذين ظلموا أنفسهم) * يعني الأمم الكافرة * (وتبين لكم كيف فعلنا بهم) * فلم تنزجوا * (وضربنا لكم الأمثال) * في القرآن فلم تعتبروا
46 * (وقد مكروا مكرهم) * يعني مكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وما هموا به من قتله أو نفيه * (وعند الله مكرهم) * هو عالم به لا يخفى عليه ما فعلوا فهو يجازيهم عليه * (وإن كان) * وما كان * (مكرهم لتزول منه الجبال) * يعني أمر النبي صلى الله عليه وسلم أي ما كان مكرهم ليبطل أمرا هو في ثبوته وقوته كالجبال
47 * (فلا تحسبن الله) * يا محمد * (مخلف وعده رسله) * ما وعدهم من الفتح والنصر * (أن الله عزيز) * منيع * (ذو انتقام) * من الكفار يجازيهم بما كان من سيئاتهم
48 * (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) * تبدل الأرض بأرض كالفضة بيضاء نقية يحشر الناس عليها والسماء من ذهب * (وبرزوا) * وخرجوا من القبور كقوله تعالى * (وبرزوا لله جميعا) *
49 * (وترى المجرمين) * الذين زعموا أن لله شريكا وولدا يوم القيامة * (مقرنين) *
586

50 52 موصولين بشياطينهم كل كافر مع شيطان في غل والأصفاد سلاسل الحديد والأغلال
50 * (سرابيلهم) * قمصهم * (من قطران) * وهو الهناء الذي يطلى به الإبل وذلك أبلغ لاشتعال النار فيهم * (وتغشى وجوههم) * وتعلوا وجوههم * (النار) *
51 * (ليجزي الله كل نفس) * من الكفار * (ما كسبت) * أي ليقع لهم الجزاء من الله سبحانه بما كسبوا
52 * (هذا) * القرآن * (بلاغ للناس) * أي أنزلناه إليك لتبلغهم * (ولينذروا به) * ولتنذرهم أنت يا محمد * (وليعلموا) * بما ذكر فيه من الحجج * (أنما هو إله واحد وليذكر) * وليتعظ * (أولوا الألباب) * أهل اللب والعقل والبصائر
587

سورة الحجر 1 4 * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (الر) * أنا الله أرى * (تلك آيات) * هذه آيات * (الكتاب) * الذي هو قرآن مبين للأحكام
2 * (ربما يود) * الآية نزلت في تمني الكفار الاسلام عند خروج من النار
3 * (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا) * يقول دع الكفار يأخذوا حظوظهم من دنياهم * (ويلههم الأمل) * يشغلهم الأمل عن الأخذ بحظهم من الايمان والطاعة * (فسوف يعلمون) * إذا وردوا القيامة وبال ما صنعوا
4 * (وما أهلكنا من قرية) * يعني أهلها * (إلا ولها كتاب معلوم) * أجل ينتهون اليه يعني ان لأهل كل قرية أجلا مؤقتا لا يهلكهم حتى يبلغوه
588

5 14
5 * (ما تسبق من أمة أجلها) * أي ما تتقدم الوقت الذي وقت لها * (وما يستأخرون) * لا يتأخرون عنه
6 * (وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر) * أي القرآن قالوا هذا استهزاء
7 * (لو ما) * هلا * (تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين) * أنك نبي فقال الله عز وجل
8 * (ما ننزل الملائكة إلا بالحق) * أي بالعذاب * (وما كانوا إذا منظرين) * أي لو نزلت الملائكة لم ينظروا ولم يمهلوا
9 * (إنا نحن نزلنا الذكر) * القرآن * (وإنا له لحافظون) * من أن يزاد فيه أو ينقص
10 * (ولقد أرسلنا من قبلك) * أي رسلا * (في شيع الأولين) * أي فرقهم
11 * (وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون) * تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم
12 * (كذلك) * أي كما فعلوا * (نسلكه) * ندخل الاستهزاء والشرك والضلال * (في قلوب المجرمين) * ثم بين أي شيء الذي أدخل في قلوبهم فقال
13 * (لا يؤمنون به) * اي بالرسول * (وقد خلت) * مضت * (سنة الأولين) * بتكذيب الرسل فهؤلاء المشركون يقتفون آثارهم في الكفر
14 * (ولو فتحنا عليهم) * على هؤلاء المشركين * (بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون) * فطفقوا فيه يصعدون لجحدوا ذلك وقالوا
589

15 22
15 * (إنما سكرت أبصارنا) * أي سدت بالسحر فتتخايل لأبصارنا غير ما نرى * (بل نحن قوم مسحورون) * سحرنا محمد صلى الله عليه وسلم فلا نبصر
16 * (ولقد جعلنا في السماء بروجا) * يعني منازل الشمس والقمر * (وزيناها) * بالنجوم للمعتبرين والمستدلين على توحيد صانعها
17 * (وحفظناها من كل شيطان رجيم) * مرمي بالنجوم
18 * (إلا من استرق السمع) * يعني الخطفة اليسيرة * (فأتبعه) * لحقه * (شهاب) * نار * (مبين) * ظاهر لأهل الأرض
19 * (والأرض مددناها) * بسطناها على وجه الماء * (وألقينا فيها رواسي) * جبالا ثوابت لئلا تتحرك بأهلها * (وأنبتنا فيها) * في الجبال * (من كل شيء
موزون) * كالذهب والفضة والجواهر
20 * (وجعلنا لكم فيها معايش) * من الثمار والحبوب * (ومن لستم له برازقين) * العبيد والدواب والانعام تقديره وجعلنا لكم فيها معايش وعبيد وإماء ودواب نرزقهم ولا ترزقونهم
21 * (وإن من شيء) * يعني من المطر * (إلا عندنا خزائنه) * أي في حكمنا وأمرنا * (وما ننزله إلا بقدر معلوم) * لا ننقصه ولا نزيده غير أنه يصرفه إلى من يشاء حيث شاء كما يشاء
22 * (وأرسلنا الرياح لواقح) * السحاب تمج الماء فيه فهي لواقح بمعنى ملقحات
590

23 29 وقيل لواقح حوامل لأنها تحمل الماء والتراب والسحاب * (فأسقيناكموه) * جعلناه سقيا لكم * (وما أنتم له) * لذلك الماء المنزل من السماء * (بخازنين) * بحافظين أي ليست خزائنه بأيديكم
23 * (وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون) * إذا مات جميع الخلائق
24 * (ولقد علمنا المستقدمين) * الآية حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الأول في الصلاة فأزدحم الناس عليه فأنزل الله سبحانه هذه الآية يقول قد علمنا جميعهم وانما نجزيهم على نياتهم
26 * (ولقد خلقنا الإنسان) * ادم * (من صلصال) * طين منتن * (من حمأ) * طين أسود * (مسنون) * متغير الرائحة
27 * (والجان) * أبا الجن * (خلقناه من قبل) * خلق ادم * (من نار السموم) * وهي نار لا دخان لها
29 * (فإذا سويته) * عدلت صورته * (ونفخت فيه) * وأجريت فيه * (من روحي) * المخلوقة لي * (فقعوا) * فخروا * (له ساجدين) * سجود تحية وقوله
591

35 45
35 * (وإن عليك اللعنة) * الآية يقول يلعنك أهل السماء وأهل الأرض إلى يوم الجزاء فتحصل حينئذ من عذاب النار وقوله
38 * (إلى يوم الوقت المعلوم) * يعني النفخة الأولى حين يموت الخلائق
39 * (قال رب بما أغويتني) * أي بسبب اغوائك إياي * (لأزينن لهم) * لأولاد آدم الباطل حتى يقعوا فيه
40 * (إلا عبادك منهم المخلصين) * أي الموحدين المؤمنين الذي أخلصوا دينهم عن الشرك
41 * (قال هذا صراط علي) * هذا طريق علي * (مستقيم) * مرجعه إلي فأجازي كلا بأعمالهم يعني طريق العبودية
42 * (إن عبادي) * يعني الذين هداهم واجتباهم * (ليس لك عليهم سلطان) * قوة وحجة في اغوائهم ودعائهم إلى الشرك والضلال
43 * (وإن جهنم لموعدهم أجمعين) * يريد إبليس ومن تبعه من الغاوين
44 * (لها) * لجهنم * (سبعة أبواب) * سبعة أطباق طبق فوق طبق * (لكل باب منهم) * من أتباع إبليس * (جزء مقسوم) *
45 * (إن المتقين) * للفواحش والكبائر * (في جنات وعيون) * يعني عيون الماء والخمر يقال لهم
592

46 56
46 * (ادخلوها بسلام) * بسلامه * (آمنين) * من سخط الله سبحانه وعذابه
47 * (ونزعنا ما في صدورهم من غل) * ذكرناه في سورة الأعراف * (إخوانا) * متآخين * (على سرر) * جمع سرير * (متقابلين) * لا يرى بعضهم قفا بعض
48 * (لا يمسهم) * لا يصيبهم * (فيها نصب) * اعياء
49 * (نبئ عبادي) * أخبر أوليائي * (أني أنا الغفور) * لأوليائي * (الرحيم) * بهم
50 * (وأن عذابي هو العذاب الأليم) * لأعدائي
51 * (ونبئهم عن ضيف إبراهيم) * يعني الملائكة الذين أتوه في صورة الأضياف
52 * (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما) * سلموا سلاما ف * (قال) * إبراهيم * (إنا منكم وجلون) * فزعون
53 * (قالوا لا توجل) * لا تفزع وقوله
54 * (على أن مسني الكبر) * أي على حالة الكبر * (فبم تبشرون) * استفهام تعجب كأنه عحب من الولد على كبره
55 * (قالوا بشرناك بالحق) * بما قضاه الله أن يكون * (فلا تكن من القانطين) * الآيسين
56 * (قال ومن يقنط) * ييئس * (من رحمة ربه إلا الضالون) * المكذبون
593

57 66
57 * (قال فما خطبكم) * ما شأنكم وما الذي جئتم له
58 * (قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين) * يعني قوم لوط
59 * (إلا آل لوط) * أتباعه الذين كانوا على دينه وقوله
60 * (قدرنا) * قضينا ودبرنا أنها تتخلف وتبقى مع من بقي حتى تهلك وقوله
62 * (منكرون) * أي غير معروفين
63 * (قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون) * بالعذاب الذي كانوا يشكون في نزوله
64 * (وأتيناك بالحق) * بألامر الثابت الذي لا شك فيه من عذاب قومك
65 * (فأسر بأهلك) * مفسر في سورة هود * (واتبع أدبارهم) * أمش على آثارهم ببناتك وأهلك لئلا يتخلف منهم أحد * (ولا يلتفت منكم أحد) * لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم من العذاب * (وامضوا حيث تؤمرون) * حيث يقول لكم جبريل عليه السلام
66 * (وقضينا إليه) * أوحينا اليه وأخبرناه * (ذلك الأمر) * الذي أخبرته الملائكة إبراهيم من عذاب قومه وهو * (أن دابر هؤلاء) * أي أواخر من تبقى منهم * (مقطوع) *
594

67 73 مهلك * (مصبحين) * داخلين في وقت الصبح يريد انهم مهلكون هلاك الاستئصال في ذلك الوقت
67 * (وجاء أهل المدينة) * مدينة قوم لوط وهي سذوم * (يستبشرون) * يفرحون طمعا منهم في ركوب المعاصي والفاحشة حيث أخبروا أن في بيت لوط مردا حسانا فقال لهم لوط
68 * (إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون) * عندهم بقصدكم إياهم فيعلموا أنه ليس لي عندكم قدر
69 * (واتقوا الله ولا تخزون) * مذكور في سورة هود
70 * (قالوا أو لم ننهك عن العالمين) * عن ضيافتهم لأنا نريد منهم الفاحشة وكانوا يقصدون بفعلهم الغرباء
71 * (قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين) * هذا الشأن يعني اللذة وقضاء الوطر يقول عليكم بتزوجهن أراد أن يقي أضيافه ببناته
72 * (لعمرك) * بحياتك يا محمد * (إنهم) * ان قومك * (لفي سكرتهم يعمهون) * في ضلالتهم يتمادون وقيل يعني قوم لوط
73 * (فأخذتهم الصيحة) * صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة أهلكتهم * (مشرقين) * داخلين في وقت شروق الشمس وذلك أن تمام الهلاك كان مع الاشراق وقوله
595

75 83
75 * (للمتوسمين) * أي المتفرسين المتثبتين في النظر حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء
76 * (وإنها) * يعني مدينة قوم لوط * (لبسبيل مقيم) * على طريق قومك إلى الشام وهو طريق لا يندرس ولا يخفى
77 * (إن في ذلك لآية للمؤمنين) * لعبرة للمصدقين يعني ان المؤمنين اعتبروا بها
78 * (وإن كان أصحاب الأيكة) * قوم شعيب وكانوا أصحاب غياض وأشجار
79 * (فانتقمنا منهم) * بالعذاب أخذهم الحر أياما ثم اضطرم عليهم المكان نارا فهلكوا * (وإنهما) * يعني الأيكة ومدينة قوم لوط * (لبإمام مبين) * لبطريق واضح
80 * (ولقد كذب أصحاب الحجر) * يعني قوم ثمود والحجر اسم واديهم * (المرسلين) * يعني صالحا وذلك أن من كذب نبيا فقد كذب جميع الرسل
81 * (وآتيناهم آياتنا) * يعني ما أظهر لهم من الآيات في الناقة
82 * (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا) * لطول عمرهم كان لا يبقى معهم السقوف فاتخذوا كهوفا من الجبال بيوتا * (آمنين) * من أن يقع عليهم
83 * (فأخذتهم الصيحة) * صيحة العذاب * (مصبحين) * حين دخلوا في وقت الصبح
596

84 88
84 * (فما أغنى عنهم) * ما دفع العذاب * (ما كانوا يكسبون) * من الأموال والأنعام
85 * (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق) * أي للثواب والعقاب أثيب من آمن بي وصدق رسلي وأعاقب من كفر بي والموعد لذلك الساعة وهو قوله تعالى * (وإن الساعة لآتية) * أي ان القيامة تأتي فيجازى المشركون بقبيح أعمالهم * (فاصفح) * عنهم * (الصفح الجميل) * أي أعرض اعراضا يغير فحش ولا جزع
86 * (إن ربك هو الخلاق العليم) * بما خلق
87 * (ولقد آتيناك سبعا من المثاني) * يعني الفاتحة وهي سبع آيات وتثنى في كل صلاة امتن الله على رسوله ص بهذه السورة كما امتن عليه بجميع القرآن حين قال * (والقرآن العظيم) * أي العظيم القدر
88 * (لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به) * نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرغبة في الدنيا فحظر عليه أن يمد عينيه إليها رغبة فيها وقوله * (أزواجا منهم) * أي أصنافا من الكفار كالمشركين واليهود وغيرهم يقول لا تنظر إلى ما متعناهم به في الدنيا * (ولا تحزن عليهم) * ان لم يؤمنوا * (واخفض جناحك للمؤمنين) *
لين جانبك وارفق بهم
597

89 95
89 * (وقل إني أنا النذير المبين) * أنذركم عذاب الله سبحانه وأبين لكم ما يقربكم اليه
90 * (كما أنزلنا) * أي عذابنا * (على المقتسمين) * وهم الذين اقتسموا طرق مكة يصدون الناس عن الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى بهم خزيا فماتوا شر ميتة
91 * (الذين جعلوا القرآن عضين) * جزؤوه أجزاء فقالوا سحر وقالوا أساطير الأولين وقالوا مفترى
92 * (فوربك لنسألنهم أجمعين) *
93 * (عما كانوا يعملون) * أي يفترون من القول في القرآن يريد لنسألنهم سؤال توبيخ وتقريع
94 * (فاصدع بما تؤمر) * يقول أظهر ما تؤمر واجهر بأمرك * (وأعرض عن المشركين) * لا تبال بهم ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيا حتى نزلت هذه الآية
95 * (إنا كفيناك المستهزئين) * وكانوا خمسة نفر الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث سلط الله
598

98 99 سبحانه عليهم جبريل عليه السلام حتى قتل كل واحد منهم بآفة وكفى نبيه عليه السلام شرهم
98 * (فسبح بحمد ربك) * قل سبحان الله وبحمده * (وكن من الساجدين) * المصلين
99 * (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) * أي الموت
599

1 4
سورة النحل * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
1 * (أتى أمر الله) * أي عذابه لمن أقام على الشرك أي قد قرب ذلك * (فلا تستعجلوه) * فإنه نازل بكم لا محالة * (سبحانه) * براءة له من السوء * (وتعالى) * ارتفع بصفاته * (عما يشركون) * عن اشراكهم
2 * (ينزل الملائكة) * يعني جبريل عليه السلام وحده * (بالروح) * بالوحي * (من أمره) * والوحي من امر الله سبحانه * (على من يشاء من عباده) * يريد النبين الذين يختصهم بالرسالة * (أن أنذروا) * بدل من الروح أي اعلموا أهل الكفر * (أنه لا إله إلا أنا) * مع تخويفهم ان لم يقروا * (فاتقون) * بالتوحيد والطاعة ثم ذكر ما يدل على توحيده فقال
3 * (خلق السماوات) * الآية
4 * (خلق الإنسان من نطفة) * يعني أبي بن خلف * (فإذا هو خصيم) * مخاصم * (مبين) * ظاهر الخصومة وذلك أنه خاصم النبي صلى الله عليه وسلم في انكاره البعث وقوله
600

5 10
5 * (لكم فيها دفء) * يعني ما تستدفئون به من الأكسية والأبنية من أشعارها وأصوافها وأوبارها * (ومنافع) * من النسل والدر والركوب
6 * (ولكم فيها جمال) * زينة * (حين تريحون) * تردونها إلى مراحلها بالعشايا * (وحين تسرحون) * تخرجونها إلى المرعى بالغداة
7 * (وتحمل أثقالكم) * أمتعتكم * (إلى بلد) * لو تكلفتم بلوغه على غير الإبل لشق عليكم والشق المشقة * (إن ربكم لرؤوف رحيم) * حيث من عليكم بهذه المرافق وقوله
8 * (ويخلق ما لا تعلمون) * لم يسمه فالله أعلم به
9 * (وعلى الله قصد السبيل) * أي الاسلام والطريق المستقيم يؤدي إلى رضا الله تعالى كقوله * (هذا صراط علي مستقيم) * * (ومنها) * ومن السبيل * (جائر) * عادل مائل كاليهودية والنصرانية * (ولو شاء لهداكم) * أرشدكم * (أجمعين) * حتى لا تختلفوا في الدين وقوله
10 * (ومنه شجر) * يعني ما ينبت بالمطر وكل ما ينبت على الأرض فهو شجر * (فيه تسيمون) * ترعون مواشيكم وقوله
601

13 17
13 * (وما ذرأ لكم) * أي وسخر لكم ما خلق في الأرض * (مختلفا ألوانه) * أي هيئته ومناظره يعني الدواب والأشجار وغيرهما
14 * (وهو الذي سخر البحر) * ذلله للركوب والغوص * (لتأكلوا منه لحما طريا) * السمك والحيتان * (وتستخرجوا منه حلية تلبسونها) * الدر والجواهر * (وترى الفلك) * السفن * (مواخر فيه) * شواق للماء تدفعه بجؤجئها بصدرها * (ولتبتغوا من فضله) * لتركبوا للتجارة فتطلبوا الربح من فضل الله
15 * (وألقى في الأرض رواسي) * جبالا ثابتة * (أن تميد) * لئلا تميد أي لا تتحرك * (بكم وأنهارا) * وجعل فيها أنهارا كالنيل والفرات ودجلة * (وسبلا) * وطرقا إلى كل بلدة * (لعلكم تهتدون) * إلى مقاصدكم من البلاد فلا تضلوا
16 * (وعلامات) * يعني الجبال وهي علامات الطرق بالنهار * (وبالنجم) * يعني جميع النجوم * (هم يهتدون) * إلى الطرق والقبلة في البر والبحر
17 * (أفمن يخلق) * يعني ما ذكر في هذه السورة وهو الله تعالى * (كمن لا يخلق) * يعني الأوثان يقول أهما سواء حتى يسوي بينهما في العبادة * (أفلا تذكرون) * أفلا تتعظون كما اتعظ المؤمنون
602

18 25
18 * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) * مر تفسيره * (إن الله لغفور) * لقصيركم في شكر نعمه * (رحيم) * بكم حيث لم يقطعها عنكم بقصيركم وقوله
21 * (أموات) * أي هي أموات لا روح فيها يعني الأصنام * (غير أحياء) * تأكيد * (وما يشعرون أيان يبعثون) * وذلك أن الله سبحانه يبعث الأصنام لها أرواح فيتبرؤون من عابديهم وهي في الدنيا جماد لا تعلم متى تبعث وقوله
22 * (إلهكم) * ذكر الله سبحانه دلائل وحدانيته ثم أخبر أنه واحد ثم أتبع هذا انكار الكفار وحدانيته بقوله * (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة) * جاحدة غير عارفة * (وهم مستكبرون) * ممتنعون عن قبول الحق
23 * (لا جرم) * حقا * (أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون) * الآية أي يجازيهم بذلك * (إنه لا يحب المستكبرين) * لا يمدحهم ولا يثيبهم
24 * (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين) * الآية نزلت في النضر بن الحارث وذكرنا قصته
25 * (ليحملوا أوزارهم) * هذه لام العاقبة لأن قولهم للقرآن أساطير الأولين أداهم إلى أن حملوا أوزارهم كاملة لم يكفر منها شيء بنكبة أصابتهم في الدنيا لكفرهم * (ومن أوزار الذين يضلونهم) * لأنهم كانوا دعاة الضلالة فعليهم مثل أوزار من
603

26 28 اتبعهم وقوله * (بغير علم) * أي يضلونهم جهلا منهم بما كانوا يكسبون من الإثم ثم ذم صنيعهم فقال * (ألا ساء ما يزرون) * أي يحملون
26 * (قد مكر الذين من قبلهم) * وهونمروذ بنى صرحا طويلا ليصعد منه إلى السماء فيقانل أهلها * (فأتى الله) * فأتى أمر الله وهو الريح وخلق الزلزلة * (بنيانهم) * بناءهم * (من القواعد) * من أساطين البناء التي يعمده وذلك أن الزلزلة خلقت فيها حتى تحركت بالبناء فهدمته وهو قوله * (فخر عليهم السقف من فوقهم) * يعني وهم تحته * (وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) * من حيث ظنوا أنهم في أمان منه
27 * (ثم يوم القيامة يخزيهم) * يذلهم * (ويقول أين شركائي) * أي الذين في دعواكم أنهم شركائي أين هم ليدفعوا العذاب عنكم * (الذين كنتم تشاقون) * تخالفون المؤمنين * (فيهم قال الذين أوتوا العلم) * وهم المؤمنون يقولون حين يرون خزي الكفار في القيامة * (إن الخزي اليوم والسوء) * عليهم لا علينا
28 * (الذين تتوفاهم الملائكة) * مر تفسيره في سورة النساء وقوله * (فألقوا السلم) * أي انقادوا واستسلموا عند الموت وقالوا * (ما كنا نعمل من سوء) * شرك فقالت الملائكة * (بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) * من الشرك والتكذيب ثم قيل لهم
604

29 34
29 * (فأدخلوا أبواب جهنم) * الآية وقوله * (فلبئس مثوى) * مقام * (المتكبرين) * عن التوحيد وعبادة الله سبحانه
30 * (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم) * هذا كان في أيام الموسم يأتي الرجل مكة فيسأل المشركين عما أنزل على محمد ص فيقولون أساطير الأولين ويسأل المؤمنين عن ذلك فيقولون * (خيرا) * أي ثوابا لمن امن بالله ثم فسر ذلك الخير فقال * (للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) * قالوا لا إله إلا الله ثواب مضاعف * (ولدار الآخرة) * وهي الجنة * (خير) * من الدنيا وما فيها
32 * (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين) * طاهرين من الشرك
33 * (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة) * لقبض أرواحهم * (أو يأتي أمر ربك) * بالقتل والمعنى هل يكون مدة اقامتهم على الكفر الا مقدار حياتهم إلى أن يموتوا أو يقتلوا * (كذلك فعل الذين من قبلهم) * وهو التكذيب يعني كفار الأمم الخالية * (وما ظلمهم الله) * بتعذيبهم * (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * بإقامتهم على الشرك
34 * (فأصابهم) * هذا مؤخر في اللفظ ومعناه التقديم لأن التقدير كذلك فعل الذين من قبلهم الآية ثم يقول * (وما ظلمهم الله) * الآية ومعنى أصابهم * (سيئات ما عملوا) * أي جزاؤها * (وحاق) * أحاط * (بهم ما كانوا به يستهزؤون) *
605

من العذاب
35 * (وقال الذين أشركوا) * يعني أهل مكة * (لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء) * أي ما أشركنا ولكنه شاءه لنا * (ولا حرمنا من دونه من شيء) * أي من السائبة والبحيرة وانما قالوا هذا استهزاء قال الله تعالى * (كذلك فعل الذين من قبلهم) * أي من تكذيب الرسل وتحريم ما أحل الله * (فهل على الرسل إلا البلاغ المبين) * أي ليس عليهم الا التبليغ وقد بلغت يا محمد وبلغوا فأما الهداية فهي إلى الله سبحانه وتعالى وقد حقق هذا فيما بعد وهو قوله
36 * (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا) * كما بعثناك في هؤلاء * (أن اعبدوا الله) * بأن اعبدوا الله * (واجتنبوا الطاغوت) * الشيطان وكل من يدعو إلى الضلالة * (فمنهم من هدى الله) * أرشده * (ومنهم من حقت) * وجبت * (عليه الضلالة) * الكفر بالقضاء السابق * (فسيروا في الأرض) * معتبرين بآثار الأمم المكذبة ثم أكد أن من حقت عليه الضلالة لا يهتدي وهو قوله
37 * (إن تحرص على هداهم) * أي تطلبها بجهدك * (فإن الله لا يهدي من يضل) * كقوله * (من يضلل الله فلا هادي له) *
38 * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) * أغلظوا في الأيمان تكذيبا منهم بقدرة الله على
606

39 44 البعث فقال الله تعالى * (بلى) * ليبعثنهم * (وعدا عليه حقا) *
39 * (ليبين لهم) * بالبعث ما اختلفوا فيه من أمره وهو أنهم ذهبوا إلى خلاف ما ذهب اليه المؤمنون * (وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين) * ثم أعلمهم سهولة خلق الأشياء عليه بقوله
40 * (إنما قولنا لشيء) * الآية
41 * (والذين هاجروا) * نزلت في قوم عذبهم المشركون بمكة إلى أن هاجروا وقوله * (في الله) * أي في رضا الله * (لنبوئنهم في الدنيا حسنة) * دارا وبلدة حسنة وهي المدينة * (ولأجر الآخرة) * يعني الجنة
42 * (الذين صبروا) * على أذى المشركين وهم في ذلك واثقون بالله تعالى متوكلون عليه
43 * (وما أرسلنا من قبلك) * ذكرنا تفسيره في آخر يوسف وقوله * (فاسألوا أهل الذكر) * يعني أهل التوراة فيخبرونكم أن الأنبياء كلهم كانوا بشرا
44 * (بالبينات) * أي أرسلناهم بالبينات بالحجج الواضحة * (والزبر) * الكتب * (وأنزلنا إليك الذكر) *
607

القران * (لتبين للناس ما نزل إليهم) * في هذا الكتاب من الحلال والحرام والوعد والوعيد * (ولعلهم يتفكرون) * في ذلك فيعتبرون
45 * (أفأمن الذين مكروا السيئات) * عملوا بالفساد يعني عبادة الأوثان وهم مشركو مكة * (أن يخسف الله بهم الأرض) * كما خسف بقارون * (أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون) * أي من حيث يأمنون فكان كذلك لأنهم أهلكوا يوم بدر وما كانوا يقدرون ذلك
46 * (أو يأخذهم في تقلبهم) * للسفر والتجارة * (فما هم بمعجزين) * بممتنعين على الله
47 * (أو يأخذهم على تخوف) * على تنقص وهو ان يأخذ الأول حتى يأتي الأخذ على الجميع * (فإن ربكم لرؤوف رحيم) * إذ لم يعجل عليهم بالعقوبة
48 * (أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء) * له ظل من جبل وشجر وبناء * (يتفيأ) * يتميل * (ظلاله عن اليمين والشمائل) * في أول النهار عن اليمين وفي اخره عن الشمال إذا كنت متوجها إلى القبلة * (سجدا لله) * قال المفسرون ميلانها سجودها وهذا كقوله * (وظلالهم بالغدو والآصال) * وقد مر * (وهم داخرون) * صاغرون يفعلون ما يراد منهم يعني هذه الأشياء التي ذكرها أنها تسجد لله
49 * (ولله يسجد) * أي يخضع وينقاد بالتسخير * (ما في السماوات وما في الأرض من دابة) *
608

يريد كل ما دب على الأرض * (والملائكة) * خصهم بالذكر تفضيلا * (وهم لا يستكبرون) * عن عبادة الله تعالى يعني الملائكة
50 * (يخافون ربهم من فوقهم) * يعني الملائكة هم فوق ما في الأرض من دابة ومع ذلك يخافون الله فلأن يخاف من دونهم أولى * (ويفعلون ما يؤمرون) * يعني الملائكة وقوله
52 * (وله الدين واصبا) * دائما أي طاعته واجبة أبدا * (أفغير الله) * الذي خلق كل شيء وأمر أن لا تتخذوا معه الها * (تتقون) *
53 * (وما بكم من نعمة) * من صحة جسم أو سعة رزق أو امتاع بمال وولد فكل ذلك من الله * (ثم إذا مسكم الضر) * الأستقام والحاجة * (فإليه تجأرون) * ترفعون أصواتكم بالاستغاثة
54 * (ثم إذا كشف الضر عنكم) * يعني من كفر بالله وأشرك بعد كشف الضر عنه
55 * (ليكفروا بما آتيناهم) * ليجحدوا نعمة الله فيما فعل بهم * (فتمتعوا) * امر تهديد * (فسوف تعلمون) * عاقبة امركم
56 * (ويجعلون) * يعني المشركين * (لما لا يعلمون) * أي الأوثان التي لا علم لها * (نصيبا مما رزقناهم) * يعني ما ذكر في قوله * (وهذا لشركائنا) * تالله
609

57 * (لتسألن) * سؤال توبيخ * (عما كنتم تفترون) * على الله من أنه أمركم بذلك
57 * (ويجعلون لله البنات) * يعني خزاعة وكنانة زعموا أن الملائكة بنات الله ثم نزه نفسه فقال تعالى * (سبحانه) * تنزيها له عما زعموا * (ولهم ما يشتهون) * يعني البنين وهذا كقولهم * (أم له البنات) * الآية
58 * (وإذا بشر أحدهم بالأنثى) * اخبر بولادة ابنة * (ظل) * صار * (وجهه مسودا) * متغيرا تغير مغتمم * (وهو كظيم) * ممتلئ غما
59 * (يتوارى) * يختفي ويتغيب مقدرا مع نفسه * (أيمسكه على هون) * أيستحييها على هوان منه لها * (أم يدسه) * يخفيه * (في التراب) * فعل الجاهلية في الوأد * (ألا ساء) * بئس * (ما يحكمون) * أي يجعلون لمن يعترفون بأنه خالقهم البنات اللاتي محلهن منهم هذا المحل ونسبوه إلى اتخاذ الأولاد وجعلوا لأنفسهم البنين
60 * (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء) * العذاب والنار * (ولله المثل الأعلى) * الاخلاص والتوحيد وهو شهادة أن لا إله إلا الله
61 * (ولو يؤاخذ الله الناس) * المشركين * (بظلمهم) * بافترائهم على الله تعالى * (ما ترك عليها من دابة) * يعني أحدا من المشركين * (ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) * وهو انقضاء عمرهم
610

62 67
62 * (ويجعلون لله ما يكرهون) * لأنفسهم وذلك هو البنات أي يحكمون له به * (وتصف ألسنتهم الكذب) * ثم فسر ذلك الكذب بقوله * (أن لهم الحسنى) * أي الجنة والمعنى يصفون أن لهم مع قبح قولهم الجنة ان كان البعث حقا فقال الله تعالى * (لا) * أي ليس الأمر كما وصفوه * (جرم) * كسب قولهم هذا * (أن لهم النار وأنهم مفرطون) * متروكون فيها وقيل مقدمون إليها وقوله
63 * (فهو وليهم اليوم) * يعني يوم القيامة وأطلق اسم اليوم عليه لشهرته وقوله
64 * (لتبين لهم الذي اختلفوا فيه) * أي تبين للمشركين ما ذهبوا خلاف ما يذهب اليه المسلمون فتقوم الحجة عليهم ببيانك وقوله * (وهدى) * أي والهداية والرحمة للمؤمنين وقوله
65 * (والله أنزل) * ظاهر إلى قوله * (يسمعون) * أي سماع اعتبار يريد ان في ذلك دلالة على البعث
66 * (وإن لكم في الأنعام لعبرة) * لدلالة على قدرة الله تعالى ووحدانيته * (نسقيكم مما في بطونه من بين فرث) * وهو سرجين الكرش * (ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين) * جائزا في حلوقهم
67 * (ومن ثمرات) * أي ولكم منها ما * (تتخذون منه سكرا) * وهو الخمر نزل هذا قبل تحريم الخمر * (ورزقا حسنا) * وهو الخل والزبيب والتمر * (إن في ذلك لآية لقوم يعقلون) *
611

يريد عقلوا عن الله تعالى ما فيه قدرته
68 * (وأوحى ربك إلى النحل) * ألهمهما وقذف في أنفسها * (أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر) * هي تتخذ لأنفسها بيوتا إذا كانت لا أصحاب لها فإذا كانت لها أرباب اتخذت بيوتها مما تبني لها أربابها وهو قوله * (ومما يعرشون) * أي يبنون ويسقفون لها من الخلايا
69 * (ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك) * طرق ربك تطلب فيها الرعي * (ذللا) * منقادة مسخرة مطيعة * (يخرج من بطونها شراب) * وهو العسل * (مختلف ألوانه) * منه أحمر وأبيض وأصفر * (فيه) * في ذلك الشراب * (شفاء للناس) * من الأوجاع التي شفاؤها فيه
70 * (والله خلقكم) * ولم تكونوا شيئا * (ثم يتوفاكم) * عند انقضاء آجالكم * (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) * وهو أردؤه يعني الهرم * (لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) * يصير كالصبي الذي لا عقل له قالوا وهذا لا يكون للمؤمنين لأن المؤمن لا ينزع عن علمه وان كبر * (إن الله عليم) * بما يصنع * (قدير) * على ما يريد
71 * (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق) * حيث جعل بعضكم يملك العبيد وبعضكم مملوكا * (فما الذين فضلوا) * وهم المالكون * (برادي رزقهم) * بجاعلي رزقهم لعبيدهم حتى يكونوا عبيدهم معهم * (فيه سواء) * وهذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين في تصييرهم عباد الله شركاء له فقال إذا لم يكن عبيدكم معكم
612

72 75 سواء في الملك فكيف تجعلون عبيدي معي سواء * (أفبنعمة الله يجحدون) * حيث يتخذون معه شركاء
72 * (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) * يعني النساء * (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) * يعني ولد الولد * (ورزقكم من الطيبات) * من أنواع الثمار والحبوب والحيوان * (أفبالباطل يؤمنون) * يعني الأصنام * (وبنعمة الله هم يكفرون) * يعني التوحيد
73 * (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات) * يعني الغيث الذي يأتي من جهتها * (والأرض) * يعني النبات والثمار * (شيئا) * أي قليلا ولا كثيرا * (ولا يستطيعون) * لا يقدرون على شيء
74 * (فلا تضربوا لله الأمثال) * لا تشبهوه بخلقه وذلك أن ضرب المثل انما هو تشبيه ذات بذات أو وصف بوصف والله تعالى منزه عن ذلك * (أن الله يعلم) * ما يكون قبل أن يكون * (وأنتم لا تعلمون) * قدر عظمته حيث أشركتم به
75 * (ضرب الله مثلا) * بين شبها فيه بيان للمقصود ثم ذكر ذلك فقال * (عبدا مملوكا لا يقدر على شيء) * لأنه عاجز مملوك لا يملك شيئا وهذا مثل ضربه الله لنفسه ولمن عبد دونه يقول العاجز الذي لا يقدر أن ينفق والمالك المقتدر على الأنفاق لا يستويان فكيف يسوى بين الحجارة التي لا تتحرك وبين الله الذي هو على كل شيء قدير وهو رازق جميع خلقه ثم بين أنه المستحق للحمد دون ما يعبدون من دونه فقال * (الحمد لله) * لأنه المنعم * (بل أكثرهم لا يعلمون) *
613

76 79 يقول هؤلاء المشركون لا يعلمون أن الحمد لي لأن جميع النعم مني والمراد بالأكثر هاهنا الجميع ثم ضرب مثلا للمؤمن والكافر فقال
76 * (وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء) * من الكلام لأنه لا يفهم ولا يفهم عنه * (وهو كل) * ثقل ووبال * (على مولاه) * صاحبه وقريبه * (أينما يوجهه) * يرسله * (لا يأت بخير) * لأنه عاجز لا يفهم ما يقال له ولا يفهم عنه * (هل يستوي هو) * أي هذا الأبكم * (ومن يأمر بالعدل) * وهو المؤمن يأمر بتوحيد الله سبحانه * (وهو على صراط مستقيم) * دين مستقيم يعني بالأبكم أبي بن خلف وكان كلا على قومه لأنه كان يؤذيهم ومن يأمر بالعدل حمزة بن عبد المطلب
77 * (ولله غيب السماوات والأرض) * أي علم ما غاب فيهما عن العباد * (وما أمر الساعة) * يعني القيامة * (إلا كلمح البصر) * كالنظر بسرعة * (أو هو أقرب) * من ذلك إذا أردناه يريد انه يأتي بها في أسرع من لمح البصر إذا أراده
78 * (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) * أي غير عالمين * (وجعل لكم السمع والأبصار) * أي خلق لكم الحواس التي بها يعلمون ويقفون على ما يجهلون
79 * (ألم يروا إلى الطير مسخرات) * مذللات * (في جو السماء) * يعني الهواء وذلك
614

80 82 يدل على مسخر سخرها ومدبر مكنها من التصرف * (ما يمسكهن إلا الله) * في حال القبض والبسط والأصطفاف
80 * (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا) * موضعا تسكنون فيه ويستر عوراتكم وحرمكم وذلك أنه خلق الخشب والمدر والآلة التي يمكن بها تسقيف البيوت * (وجعل لكم من جلود الأنعام) * يعني الأنطاع والأدم * (بيوتا) * وهي القباب والخيام * (تستخفونها يوم ظعنكم) * يخف عليكم حملها في أسفاركم * (ويوم إقامتكم) * لا يثقل عليكم في الحالتين * (ومن أصوافها) * يعني الضأن * (وأوبارها) * يعني الإبل * (وأشعارها) * وهي المعز * (أثاثا) * طنافس وأكسية وبسطا * (ومتاعا) * تتمتعون به * (إلى حين) * البلى
81 * (والله جعل لكم مما خلق) * من البيوت والشجر والغمام * (ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا) * يعني الغيران والأسراب * (وجعل لكم سرابيل) * قمصا * (تقيكم الحر) * تمنعكم الحر والبرد فترك ذكر البرد لأن ما وقى الحر وقى البرد فهو معلوم * (وسرابيل) * يعني دروع الحديد * (تقيكم) * تمنعكم * (بأسكم) * شدة الطعن والضرب والرمي * (كذلك) * مثل ما خلق هذه الأشياء لكم * (يتم نعمته عليكم) * يريد نعمة الدنيا والخطاب لأهل مكة * (لعلكم تسلمون) * تنقادون لربوبيته فتوحدونه
82 * (فإن تولوا) * أعرضوا عن الايمان بعد البيان * (فإنما عليك البلاغ المبين) * وليس عليك من كفرهم وجحودهم شيء
615

83 87
83 * (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) * يعني الكفار يقرون بأنها كلها من الله تعالى ثم يقولون بشفاعة آلهتنا فذلك انكارهم * (وأكثرهم) * جميعهم * (الكافرون) *
84 * (ويوم) * أي وأنذرهم يوم * (نبعث) * وهو يوم القيامة * (من كل أمة شهيدا) * يعني الأنبياء عليهم السلام يشهدون على الأمم بما فعلوا * (ثم لا يؤذن للذين كفروا) * في الكلام والاعتذار * (ولا هم يستعتبون) * ولا يطلب منهم أن يرجعوا إلى ما يرضي الله تعالى
85 * (وإذا رأى الذين ظلموا) * أشركوا * (العذاب) * النار * (فلا يخفف عنهم) * العذاب * (ولا هم ينظرون) * يمهلون
86 * (وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم) * أوثانهم التي عبدوها من دون الله * (قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا) * وذلك أن الله يبعثها حتى توردهم النار فإذا رأوها عرفوها فقالوا * (ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك فألقوا إليهم القول) * أي أجابوهم فقالوا لهم * (إنكم لكاذبون) * وذلك أنها كانت جمادا ما تعرف عبادة عابديها فيظهر عند ذلك فضيحتهم حيث عبدوا من لم يشعر بالعبادة وهذا كقوله تعالى * (سيكفرون بعبادتهم) *
87 * (وألقوا إلى الله يومئذ السلم) * استسلموا لحكم الله تعالى * (وضل عنهم ما كانوا يفترون) * بطل ما كانوا يأملون من أن آلهتهم تشفع لهم
616

89 92
89 * (ويوم نبعث في كل أمة شهيدا) * وهو يوم القيامة يبعث الله في كل أمة شهيدا * (عليهم من أنفسهم) * وهو نبيهم لأن كل نبي بعث من قومه * (وجئنا بك شهيدا على هؤلاء) * على قومك وتم الكلام هاهنا ثم قال * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا) * بيانا * (لكل شيء) * مما أمر به ونهي عنه
90 * (إن الله يأمر بالعدل) * شهادة أن لا إله إلا الله * (والإحسان) * وأداء الفرائض وقيل بالعدل في الأفعال والاحسان في الأقوال * (وإيتاء ذي القربى) * صلة الرحم فتؤتي ذا قرابتك من فضل ما رزقك الله * (وينهى عن الفحشاء) * الزنا * (والمنكر) * الشرك * (والبغي) * الاستطالة على الناس بالظلم * (يعظكم) * ينهاكم عن هذا كله ويأمركم بما أمركم به في هذه الآية * (لعلكم تذكرون) * لكي تتعظوا
91 * (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم) * يعني كل عهد يحسن في الشريعة الوفاء به * (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) * لا تحنثوا فيها بعد ما وكدتموه بالعزم * (وقد جعلتم الله عليكم كفيلا) * بالوفاء حيث حلفتم والواو للحال
92 * (ولا تكونوا كالتي نقضت) * أفسدت * (غزلها) * وهي امرأة حمقاء كانت تغزل
617

94 95 طول يومها ثم تنقضه وتفسده * (من بعد قوة) * الغزل بإمراره وفتله * (أنكاثا) * قطعا وتم الكلام هاهنا ثم قال * (تتخذون أيمانكم دخلا بينكم) * أي غشا وخديعة * (أن تكون) * بأن تكون أو لأن تكون * (أمة هي أربى من أمة) * أي قوم أغنى وأعلى من قوم وذلك أنهم كانوا يحالفون قوما فيجدون أكثر منهم وأعز فينقضون حلف أولئك ويحالفون هؤلاء الذين هم أعز فنهوا عن ذلك * (إنما يبلوكم الله به) * أي بما أمر ونهى * (وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون) * في الدنيا ثم نهى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين عاهدوه على نصرة الاسلام عن أيمان الخديعة فقال
94 * (ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها) * تزل عن الايمان بعد المعرفة بالله تعالى وهذا انما يستحق في نقض معاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصرة الدين * (وتذوقوا السوء) * العذاب * (بما صددتم عن سبيل الله) * وذلك أنهم إذا نقضوا العهد لم يدخل غيرهم في الإسلام فيصير كأنهم صدوا عن سبيل الله وعن دين الله
95 * (ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا) * لا تنقضوا عهودكم تطلبون بنقضها عرضا من
618

96 101 الدنيا * (إنما عند الله) * أي ما عند الله من الثواب على الوفاء * (خير لكم إن كنتم تعلمون) * ذلك
96 * (ما عندكم ينفد) * يفنى وينقطع يعني في الدنيا * (وما عند الله) * من الثواب والكرامة * (باق) * دائم لا ينقطع * (ولنجزين الذين صبروا) * على دينهم وعما نهاهم الله تعالى * (أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) * يعني الطاعات وقوله
97 * (فلنحيينه حياة طيبة) * قيل هي القناعة وقيل هي حياة الجنة
98 * (فإذا قرأت القرآن) * أي إذا أردت أن تقرأ القرآن * (فاستعذ بالله) * فاسأل الله أن يعيذك ومنعك * (من الشيطان الرجيم) *
99 * (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا) * أي حجة في اغوائهم ودعائهم إلى الضلالة والمعنى ليس له عليهم سلطان الاغواء
100 * (إنما سلطانه على الذين يتولونه) * يطيعونه * (والذين هم به) * بسببه وطاعته فيما يدعوهم اليه * (مشركون) * بالله
101 * (وإذا بدلنا آية) * أي رفعناها وأنزلنا غيرها لنوع من المصلحة * (والله أعلم) * بمصالح العباد في * (بما ينزل) * من الناسخ والمنسوخ * (قالوا) * يعني الكفار * (إنما أنت مفتر) * كذاب تقوله من عندك * (بل أكثرهم لا يعلمون) * حقيقة القرآن وفائدة النسخ والتبديل
619

102 107
102 * (قل نزله روح القدس) * جبريل عليه السلام * (من ربك) * من كلام ربك * (بالحق) * بالأمر الحق * (ليثبت الذين آمنوا) * بما فيه من الحجج والآيات * (وهدى) * وهو هدى
103 * (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه) * القرآن * (بشر) * يعنون عبدا لبني الحضرمي كان يقرأ الكتب * (لسان الذي يلحدون إليه) * لغة الذي يميلون القول اليه ويزعمون أنه يعلمك * (أعجمي) * لا يفصح ولا يتكلم بالعربية * (وهذا) * يعني القرآن * (لسان) * لغة * (عربي مبين) * أفصح ما يكون من العربية وأبينه ثم أخبر أن الكاذبين هم فقال
105 * (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله) * لأنهم يقولون لما لا يقدر عليه الاالله هذا من قول البشر ثم سماهم كاذبين بقوله * (وأولئك هم الكاذبون) *
106 * (من كفر بالله من بعد إيمانه) * هذا ابتداء كلام وخبره في قوله * (فعليهم غضب من الله) * ثم استثنى المكره على الكفر فقال * (إلا من أكره) * أي على التلفظ بكلمة الكفر * (وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا) * أي فتحه ووسعه لقبوله
107 * (ذلك) * الكفر * (بأنهم استحبوا الحياة الدنيا) * اختاروها * (على الآخرة وأن الله) * لا
620

109 112 يهديهم ولا يريد هدايتهم ثم وصفهم بأنهم مطبوع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأنهم غافلون عما يراد بهم ثم حكم عليهم بالخسار وأكد ذلك بقوله
109 * (لا جرم) * أي حقا * (أنهم في الآخرة هم الخاسرون) * المغبونون
110 * (ثم إن ربك للذين هاجروا) * يعني المستضعفين الذين كانوا بمكة * (من بعد ما فتنوا) * أي عذبوا وأوذوا حتى يلفظوا بما يرضيهم * (ثم جاهدوا) * مع النبي صلى الله عليه وسلم * (وصبروا) * على الدين والجهاد * (إن ربك من بعدها) * أي من بعد تلك الفتنة التي أصابتهم * (لغفور رحيم) * يغفر له ما تلفظوا به من الكفر تقية
111 * (يوم تأتي) * أي اذكر لهم ذلك اليوم وذكرهم وهو يوم القيامة * (كل نفس) * كل أحد لا تهمه الا نفسه فهو مخاصم ومحتج عن نفسه حتى أن إبراهيم عليه السلام ليدلي بالخلة * (وتوفى كل نفس ما عملت) * أي جزاء ما عملت * (وهم لا يظلمون) * لا ينقصون ثم أنزل الله تعالى في أهل مكة وما امتحنوا به من القحط والجوع قوله تعالى
112 * (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة) * ذات أمن لا يغار على أهلها * (مطمئنة) * قارة بأهلها لا يحتاجون إلى الانتقال عنها لخوف أوضيق * (يأتيها رزقها رغدا من كل مكان) * يجلب إليها من كل بلد كما قال * (يجبى إليه ثمرات كل شيء) *
621

113 117 * (فكفرت بأنعم الله) * حين كذبوا رسوله * (فأذاقها الله لباس الجوع) * عذبهم الله بالجوع سبع سنين * (والخوف) * من سرايا النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يبعثهم إليهم فيطوفون بهم * (بما كانوا يصنعون) * من تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم واخراجه من مكة
113 * (ولقد جاءهم) * يعني أهل مكة * (رسول منهم) * من نسبهم يعرفونه بأصله ونسبه * (فكذبوه فأخذهم العذاب) * يعني الجوع
114 * (فكلوا) * يا معشر المؤمنين * (مما رزقكم الله) * من الغنائم وهذه الآية والتي بعدها سبق تفسيرهما في سورة البقرة
116 * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب) * أي لوصف ألسنتكم الكذب والمعنى لا تقولوا لأجل الكذب وسببه لا لغيره * (هذا حلال وهذا حرام) * يعني ما كانوا يحلونه ويحرمونه من الحرث والأنعام * (لتفتروا على الله الكذب) * بنسبة ذلك التحليل والتحريم اليه ثم أوعد المفترين فقال * (إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) *
117 * (متاع قليل) * أي لهم في الدنيا متاع قليل ثم يردون إلى عذاب أليم
622

118 124
118 * (وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل) * يعني في سورة الأنعام * (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) * الآية * (وما ظلمناهم) *
بتحريم ما حرمنا عليهم * (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * بأنواع المعاصي
119 * (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة) * أي الشرك * (ثم تابوا من بعد ذلك) * آمنوا وصدقوا * (وأصلحوا) * قاموا بفرائض الله وانتهوا عن معاصيه * (إن ربك من بعدها) * من بعد تلك الجهالة * (لغفور رحيم) *
120 * (إن إبراهيم كان أمة) * مؤمنا وحده والناس كلهم كفار * (قانتا) * مطيعا * (لله حنيفا) * لأنه اختتن وقام بمناسك الحج وقوله
122 * (وآتيناه في الدنيا حسنة) * يعني الذكر والثناء الحسن في الناس كلهم * (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) * هذا ترغيب في الصلاح ليصير صاحبه من جملة من منهم إبراهيم عليه السلام مع شرفه
123 * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) * أمر باتباعه في مناسك الحج كما علم جبريل عليه السلام إبراهيم عليه السلام
124 * (إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه) * وهم اليهود أمروا أن يتفرغوا للعبادة
623

125 127 في يوم الجمعة فقالوا لا نريده ونريد اليوم الذي فرغ الله سبحانه فيه من الخلق واختاروا السبت ومعنى اختلفوا فيه أي على نبيهم حيث لم يطيعوه في أخذالجمعة فجعل السبت عليهم أي غلظ وضيق الأمر فبه عليهم
125 * (ادع إلى سبيل ربك) * دين ربك * (بالحكمة) * بالنبوة * (والموعظة الحسنة) * يعني مواعظ القرآن * (وجادلهم) * افتلهم عما هم عليه * (بالتي هي أحسن) * بالكلمة اللينة وكان هذا قبل الامر بالقتال * (إن ربك هو أعلم) * الآية يقول هوأعلم بالفريقين فهو يأمرك فيهما بما هو الصلاح
126 * (وإن عاقبتم) * الآية نزلت حين نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى حمزة وقد مثل به فقال والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات فصبر النبي صلى الله عليه وسلم وكفر عن يمينه وأمسك عما أراد وقوله سبحانه * (ولئن صبرتم) * أي عن المجازاة بالمثلة * (لهو) * أي الصبر * (خير للصابرين) * ثم أمره بالصبر عزما فقال
127 * (واصبر وما صبرك إلا بالله) * أي بتوفيقه ومعونته * (ولا تحزن عليهم) * على
624

128 المشركين باعراضهم عنك * (ولا تك في ضيق مما يمكرون) * لا يضيق صدرك من مكرهم
128 * (إن الله مع الذين اتقوا) * الفواحش والكبائر * (والذين هم محسنون) * في العمل بالنصرة والمعونة
625