الكتاب: التفسير الصافي
المؤلف: الفيض الكاشاني
الجزء: ٥
الوفاة: ١٠٩١
المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة
تحقيق:
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: رمضان ١٤١٦ - ١٣٧٤ ش
المطبعة: مؤسسة الهادي - قم المقدسة
الناشر: مكتبة الصدر - طهران
ردمك:
ملاحظات:

تفسير الصافي
تأليف
فيلسوف الفقهاء،، وفقيه الفلاسفة، أستاذ عصره
ووحيد هره، المولى محسن الملقب ب‍ " الفيض الكاشاني "
المتوفى سنة 1091 ه‍
الجزء الخامس
منشورات
مكتبة الصدر طهران - شارع ناصر خسرو
تليفون 397696
1

" هوية الكتاب "
الكتاب: تفسير الصافي
المؤلف: فيلسوف الفقهاء المولى محسن الفيض الكاشاني (قدس سره)
الطبعة: الثانية
العدد: 5000 نسخة
القطع: وزيري
عدد الصفحات مجلدات الخمس 2288 صفحة
ليتوغراف: آرمان
المطبعة: مؤسسة الهادي - قم المقدسة
تاريخ الطبعة: شهر رمضان 1416 قمرية - 1374 شمسية
الناشر: مكتبة الصدر - بطهران شارع ناصر خسرو تليفون 397696
السعر: 850
2

تفسير الصافي 5
3

سورة الجاثية
مكية عدد آيها سبع وثلاثون آية كوفي ست في الباقين اختلافها آية حم كوفي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) حم
(2) تنزيل الكتب من الله العزيز الحكيم.
(3) إن في السماوات والأرض لايات للمؤمنين القمي وهي النجوم
والشمس والقمر وفي الأرض ما يخرج منها من أنواع النبات للناس والدواب.
(5) وفى خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون وقرئ بالنصب.
(5) واختلف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق من مطر
سماه رزقا لأنه سببه فأحيا به الأرض بعد موتها يبسها وتصريف الريح باختلاف
جهاتها وأحوالها القمي أي يجئ من كل جانب وربما كانت حارة وربما كانت باردة
ومنها ما يثير السحاب ومنها ما يبسط في الأرض ومنها ما يلقح الشجر آيات وقرئ
وتصريف الريح لقوم يعقلون فيه القراءتان قيل لعل اختلاف الفواصل لاختلاف
الآيات في الدقة والظهور.
(6) تلك آيات الله تلك الآيات دلائله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد
الله وآياته أي بعد آيات الله وتقديم اسم الله للمبالغة والتعظيم كما في قولك
أعجبني زيد وكرمه أو بعد حديث الله وهو القرآن يؤمنون وقرئ بالياء
(7) ويل لكل أفاك كذاب أثيم كثير الإثم
4

(8) يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر يقيم على كفره مستكبرا عن
الأيمان بالآيات وثم لاستبعاد الاصرار بعد سماع الآيات كأن لم يسمعها أي كأنه
فبشره بعذاب أليم على إصراره.
(9) وإذا علم من آيتنا شيئا وإذا بلغه شئ وعلم أنه منها.
والقمي إذا رأى فوضع العلم مكان الرؤية اتخذها هزوا أي الآيات كلها
أو الشئ لأنه بمعنى الآية أولئك لهم عذاب مهين لذلك.
(10) من ورائهم جهنم ولا يغنى عنهم ولا يدفع ما كسبوا من الأموال
والأولاد شيئا من عذاب الله ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء من الأصنام
والرؤساء ولهم عذاب عظيم لا يتحملونه.
(11) هذا هدى أي القرآن والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز
أليم وقرئ أليم بالرفع والرجز أشد العذاب.
(12) الله الذي سخر لكم البحر لتجرى الفلك فيه بأمره بتسخيره وأنتم
راكبوها ولتبتغوا من فضله بالتجارة والغوص والصيد وغيرها ولعلكم تشكرون هذه
النعم. (13) وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا بأن خلقها نافعة
لكم منه كائنة منه إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون في صنائعه.
(14) قل للذين آمنوا يغفروا أي قل لهم اغفروا يغفروا يعني يعفوا ويصفحوا
للذين لا يرجون أيام الله لا يتوقعون وقائعه بأعدائه ليجزى قوما بما كانوا يكسبون
وقرئ لنجزي بالنون القمي قال يقول لائمة الحق لا تدعو ا على أئمة الجور
حتى يكون الله هو الذي يعاقبهم.
وعن الصادق (عليه السلام) قال قل للذين مننا عليهم بمعرفتنا أن يعرفوا الذين
لا يعلمون فإذا عرفوهم فقد غفروا لهم.
5

(15) من عمل صلحا فلنفسه ومن أساء فعليها إذ لها ثواب العمل وعليها
عقابه ثم إلى ربكم ترجعون فيجازيكم على أعمالكم.
(16) ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب التوراة والحكم الحكمة أو فصل
الخصومات والنبوة إذ كثر الأنبياء فيهم ما لم يكثر في غيرهم ورزقناهم من
الطيبات مما أحل الله من اللذائذ وفضلناهم على العلمين عالمي زمانهم.
(17) وآتيناهم بينات من الامر أدلة من أمر الدين ويندرج فيها المعجزات
وقيل آيات من أمر النبي (صلى الله عليه وآله) منبئة لصدقه فما اختلفوا في ذلك الامر
إلا من بعد ما جائهم العلم بحقيقة الحال بغيا بينهم عداوة وحسدا إن ربك يقضى
بينهم يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون بالمؤاخذة والمجازاة.
(18) ثم جعلناك على فاتبعها ولا تتبع
أهواء الذين لا يعلمون آراء الجهال التابعة للشهوات قيل هم رؤساء قريش قالوا له
ارجع إلى دين آبائك.
(19) إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا مما أراد بك وإن الظالمين بعضهم
أولياء بعض إذ الجنسية علة الانضمام فلا توالهم باتباع أهوائهم والله ولى
المتقين فوال الله بالتقى واتباع الشريعة.
القمي هذا تأديب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والمعنى لامته.
(20) هذا بصائر للناس بينات تبصرهم وجه الفلاح وهدى من الضلال
ورحمة من الله لقوم يوقنون يطلبون اليقين.
(21) أم حسب الذين اجترحوا السيئات أم منقطعة ومعنى الهمزة فيه
إنكار الحسبان والاجتراح الاكتساب أن نجعلهم أن نصيرهم كالذين آمنوا
وعملوا الصالحات مثلهم سواء محياهم ومماتهم وقرئ سواء بالنصب ساء ما
يحكمون.
(22) وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت
6

وهم لا يظلمون بنقص ثواب وتضعيف عذاب.
(23) أفرأيت من اتخذ إلهه هويه قيل كان أحدهم يستحسن حجرا فيعبده
فإذا رأى أحسن منه رفضه إليه.
والقمي قال نزلت في قريش كلما هووا شيئا عبدوه وقال وجرت بعد رسول الله
(صلى الله عليه وآله) في أصحابه الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام) واتخذوا
إماما بأهوائهم وأضله الله على علم وخذله عالما بضلاله وفساد جوهر روحه وختم
الله على سمعه وقلبه فلا يبالي بالمواعظ ولا يتفكر في الآيات وجعل على بصره
غشاوة فلا ينظر بعين الاستبصار والاعتبار فمن يهديه من بعد الله من بعد إضلاله
أفلا تذكرون.
وقالوا ما هي ما الحياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها نموت ونحيى
قيل أي نموت نحن آخرون ممن يأتون بعدنا.
والقمي هذا مقدم ومؤخر لان الدهرية لم يقروا بالبعث والنشور بعد الموت
وإنما قالوا نحيى ونموت وما يهلكنا إلا الدهر إلا مرور الزمان وما لهم بذلك من
علم إن هم إلا يظنون إذ لا دليل لهم عليه القمي فهذا ظن شك ونزلت هذه الآية
في الدهرية وجرت في الذين فعلوا ما فعلوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بأمير المؤمنين (عليه السلام) وبأهل بيته (عليهم السلام) وإنما كان إيمانهم إقرارا بلا
تصديق خوفا من السيف ورغبة في المال.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في حديث وجوه الكفر قال فأما كفر
الجحود فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول لا رب ولا جنة ولا نار وهو قول
صنفين من الزنادقة يقال لهم الدهرية وهم الذين يقولون وما يهلكنا إلا الدهر وهو
دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشئ مما
يقولون قال الله عز وجل إن هم إلا يظنون إن ذلك كما يقولون.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قال لا تسبوا الدهر فإن الله هو
7

الدهر قال وتأويله ان أهل الجاهلية كانوا ينسبون الحوادث المجحفة والبلايا النازلة
إلى الدهر فيقولون فعل الدهر كذا وكان يسبون الدهر فقال (عليه السلام) إن فاعل
هذه الأمور هو الله تعالى فلا تسبوا فاعلها وقيل معناه فإن الله مصرف الدهر ومدبره قال والوجه الأول أحسن فإن كلامهم مملو من ذلك ينسبون أفعال الله إلى الدهر.
(25) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات واضحات الدلالة على ما يخالف
معتقدهم ما كان حجتهم ما كان لهم متشبث يعارضونها به إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن
كنتم صادقين.
(26) قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه
فإن من قدر على الابداء قدر على الإعادة ولكن أكثر الناس لا يعلمون لقلة
تفكرهم وقصور نظرهم على ما يحسونه.
(27) ولله ملك السماوات والأرض تعميم للقدرة بعد تخصيصها ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون.
(28) وترى كل أمة جاثية قيل أي مجتمعة من الجثوة وهي الجماعة أو باركة
مستوفزة على الركب والقمي أي على ركبها هذا كتبنا صحيفة
أعمالها وقرء كل بالنصب اليوم تجزون ما كنتم تعملون على تقدير القول.
(29) هذا كتابنا قيل أضاف صحائف أعمالهم إلى نفسه لأنه أمر الكتبة أن
يكتبوا فيها أعمالهم.
أقول: ويأتي له وجه آخر عن قريب ينطق عليكم بالحق يشهد عليكم بما
عملتم بلا زيادة ولا نقصان إنا كنا نستنسخ نستكتب الملائكة ما كنتم تعملون
أعمالكم.
وفي الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية فقال إن
الكتاب لم ينطق ولن ينطق ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الناطق بالكتاب
قال الله تعالى هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق فقيل إنا لا نقرؤها هكذا فقال هكذا
8

والله نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) ولكنه مما حرف من كتاب الله.
أقول: كأنه قرأ (عليه السلام) ينطق بضم الياء وفتح الطاء.
القمي عن (عليه السلام) وعن الصادق أنه سئل عن ن والقلم قال إن الله خلق
القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ثم قال لنهر في الجنة كن مدادا فجمد
النهر وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد ثم قال للقلم اكتب قال يا رب ما
أكتب قال اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم في رق أشد بياضا
من الفضة وأصفى من الياقوت ثم طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على فم
القلم ولا ينطق فلا ينطق أبدا فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها أو لستم
عربا فكيف لا تعرفون معنى الكلام واحدكم يقول لصاحبه انسخ ذلك الكتاب
وليس إنما ينسخ من كتاب آخر من الأصل وهو قوله إنا كنا نستنسخ ما كنتم
تعملون.
وفي سعد السعود في حديث الملكين الموكلين بالعبد إنهما إذا أرادا النزول
صباحا ومساء ينسخ لهما إسرافيل عمل العبد من اللوح المحفوظ فيعطيهما ذلك
فإذا صعدا صباحا ومساء بديوان العبد قابله إسرافيل بالنسخ التي انتسخ لهما حتى
يظهر أنه كان كما نسخ منه.
(30) أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته التي من
جملتها الجنة ذلك هو الفوز المبين لخلوصه عن الشوائب.
(31) وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم أي فيقال لهم ذلك
فاستكبرتم عن الايمان بها وكنتم قوما مجرمين عادتكم الأجرام
(32) وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها وقرئ بالنصب قلتم ما
ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين.
(33) وبدا لهم ظهر لهم سيئات ما عملوا بأن عرفوا قبحها وعاينوا وخامة
عاقبتها وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون وهو الجزاء.
9

(34) وقيل اليوم ننساكم نترككم في العذاب ترك ما ينسى كما نسيتم لقاء
يومكم هذا كما تركتم عدته ولم تبالوا به ومأواكم النار وما لكم من نصرين
يخلصونكم منها.
(35) ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا القمي وهم الأئمة (عليهم السلام)
أي كذبتموهم واستهزأتم بهم. وغرتكم الحياة الدنيا فحسبتم أن لا حياة سواها
فاليوم لا يخرجون منها من النار وقرء بفتح الياء وضم الراء ولا هم يستعتبون لا
يطلب منهم ان يعتبوا ربهم اي يرضوه لفوات أوانه والقمي ولا يجاوبون ولا يقبلهم
الله.
(36) فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين إذ الكل نعمة
منه.
(37) وله الكبرياء في السماوات والأرض إذ ظهر فيها
آثار قدرته في الحديث القدسي الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدة
منهما ألقيته في نار جهنم وهو العزيز الذي لا يغلب الحكيم فيما قدر وقضى
فاحمدوه وكبروه وأطيعوا له.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرء سورة الجاثية
كان ثوابها أن لا يرى النار أبدا ولا يسمع زفير جهنم ولا شهيقها وهو مع محمد
(صلى الله عليه وآله.
10

سورة الأحقاف
عدد آيها خمس وثلاثون آية كوفي أربع في الباقين
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) حم.
(2) تنزيل الكتب من الله العزيز الحكيم.
(3) ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى ينتهي
إليه الكل وهو يوم القيامة أو كل واحد وهو آخر مدة بقائه المقدر له والذين كفروا
عما أنذروا معرضون لا يتفكرون فيه ولا يستعدون لحلوله.
(4) قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم
شرك في السماوات أي أخبروا عن حال آلهتكم بعد تأمل فيها هل يعقل أن يكون لها
مدخل في أنفسها في خلق شئ من أجزاء العالم فيستحق به العبادة ائتوني بكتاب
من قبل هذا من قبل هذا الكتاب يعني القرآن فإنه ناطق بالتوحيد أو أثارة من علم
أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين هل فيها ما يدل على استحقاقهم
للعبادة أو الأمر به إن كنتم صادقين في دعواكم وهو إلزام بعدم ما يدل على
ألوهيتهم بوجه ما نقلا بعد إلزامهم بعدم ما يقتضيها عقلا وفي المجمع قرأ علي
(عليه السلام) أو أثرة بسكون الثاء من غير ألف.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال عنى بالكتاب
التوراة والإنجيل وأما أثارة من العلم فإنما عنى بذلك علم أوصياء الأنبياء.
(5) ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إنكار أن يكون
11

أحد أضل من المشركين حيث تركوا عبادة السميع المجيب القادر الخبير إلى عبادة
من لا يستجيب لهم لو سمع دعائهم فضلا عن أن يعلم سرائرهم ويراعي مصالحهم إلى
يوم القيمة ما دامت الدنيا وهم عن دعائهم غافلون لأنهم إما جمادات وإما عباد
مسخرون مشتغلون بأحوالهم.
(6) وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء يضرونهم ولا ينفعونهم وكانوا
بعبادتهم كفرين كل من الضميرين ذو وجهين.
(7) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لأجله وفي شأنه لما
جائهم هذا سحر مبين ظاهر بطلانه.
(8) أم يقولون افتراه إضراب عن ذكر تسميتهم إياه سحرا إلى ذكر ما هو أشنع
منه وإنكار له وتعجب قل إن افتريته على الفرض فلا تملكون لي من الله شيئا أي
إن عاجلني الله بالعقوبة فلا تقدرون على دفع شئ منها فكيف اجترئ عليه واعرض
نفسي للعقاب من غير توقع نفع ولا دفع ضر من قبلكم هو أعلم بما تفيضون فيه
تندفعون فيه من القدح في آياته كفى به شهيدا بيني وبينكم يشهد لي بالبلاغ
وعليكم بالكذب والانكار وهو وعيد بجزاء إفاضتهم وهو الغفور الرحيم وعد
بالمغفرة والرحمة لمن تاب وآمن وإشعار بحلم الله عنهم مع جرأتهم وقد سبق من
العيون حديث في شأن نزول هذه الآية في سورة الشورى عند قوله تعالى وهو الذي
يقبل التوبة عن عباده.
(9) قل ما كنت بدعا من الرسل بديعا منهم أدعوكم إلى ما لم يدعوا إليه أو أقدر على
ما لم يقدروا عليه وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم في الدارين على التفصيل إذ لا علم
لي بالغيب وقد سبق في هذه الآية من الاحتجاج حديث في المقدمة السادسة إن أتبع
إلا ما يوحى إلى لا أتجاوزه وما أنا إلا نذير عن عقاب الله مبين يبين الانذار عن
العواقب بالشواهد المبينة والمعجزات المصدقة.
(10) قل أرأيتم إن كان من عند الله أي القرآن وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل
قيل هو عبد الله بن سلام وقيل موسى (عليه السلام) وشهادته ما في التوراة
12

من نعت الرسول (صلى الله عليه وآله) على مثله مما في التوراة من المعاني المصدقة له
المطابقة عليه فامن أي بالقرآن لما رآه من جنس الوحي مطابقا للحق واستكبرتم عن
الايمان إن الله لا يهدى القوم الظالمين استئناف مشعر بأن كفرهم به لضلالهم
المسبب عن ظلمهم ودليل على الجواب المحذوف أي ألستم ظالمين.
(11) وقال الذين كفروا للذين آمنوا لأجلهم ومن قبله لو كان خيرا أي الايمان أو ما
جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) ما سبقونا إليه وهم فقراء وموال ودعاة وإذ لم
يهتدوا به فسيقولون هذا إفك كذب قديم وهو كقولهم أساطير الأولين.
(12) ومن قبله ومن قبل القرآن كتب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق
لكتاب موسى لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وقرئ بالتاء وبشرى للمحسنين.
(13) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا قيل أي اجمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة
العلم والاستقامة في الأمور التي هي منتهى العمل وثم للدلالة على تأخر رتبة العمل
وتوقف اعتباره على التوحيد والقمي قال استقاموا على ولاية أمير المؤمنين (عليه
السلام) وقد مر له بيان في حم السجدة فلا خوف عليهم من لحوق مكروه ولا
هم يحزنون على فوات محبوب.
(14) أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون.
(15) ووصينا الانسان بوالديه حسنا وقرئ احسانا.
وفي المجمع عن علي (عليه السلام) حسنا بفتحتين حملته أمه كرها ووضعته كرها وقرئ
بالفتح وحمله وفصاله ومدة حمله وفطامه وقرئ وفصله ثلثون شهرا ذلك كله بيان لما
تكابده الام في تربية الولد ومبالغة في التوصية بها حتى إذا بلغ أشده استحكم قوته
وعقله وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني ألهمني أن أشكر نعمتك التي أنعمت
علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضيه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك
عما يشغل عنك وإني من المسلمين المخلصين لك.
(16) أولئك الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم وقرئ
13

بالنون فيهما في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون في الدنيا
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال لما حملت فاطمة (عليها السلام)
جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال إن فاطمة (عليها السلام) ستلد غلاما
تقتله أمتك من بعدك فلما حملت فاطمة بالحسين (عليهما السلام) كرهت حمله وحين
وضعته كرهت وضعه ثم قال لم تر في الدنيا أم تلد غلاما تكرهه ولكنها كرهته لما
علمت أنه سيقتل قال وفيه نزلت هذه الآية وفي رواية أخرى ثم هبط جبرئيل فقال يا
محمد إن ربك يقرؤك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية
فقال إني رضيت ثم بشر فاطمة بذلك فرضيت قال فلولا أنه قال أصلح لي في ذريتي
لكانت ذريته كلهم أئمة قال ولم يرضع الحسين (عليه السلام) من فاطمة ولا من أنثى
وكان يؤتى به النبي (صلى الله عليه وآله فيضع ابهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه
اليومين والثلاثة فنبت لحم الحسين (عليه السلام) من لحم رسول الله (صلى الله عليه
وآله) ودمه ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى بن مريم (عليهما السلام) والحسين (عليه
السلام).
وفي العلل عنه (عليه السلام) ما يقرب منها وزاد القمي ونقص.
وفي ارشاد المفيد رووا أن عمر اتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها فقال له
أمير المؤمنين (عليه السلام) إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك إن الله تعالى يقول
وحمله وفصاله ثلثون شهرا ويقول والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد
أن يتم الرضاعة لسنتين وكان حمله وفصاله ثلاثين شهرا كان الحمل منهما ستة أشهر
فخلى عمر سبيل المرأة وثبت الحكم بذلك يعمل به الصحابة والتابعون ومن أخذ عنه
إلى يومنا هذا.
وفي الخصال عن الصادق (عليه السلام) قال إذا بلغ العبد ثلاثا وثلاثين سنة فقد بلغ
أشده وإذا بلغ أربعين سنة فقد بلغ وانتهى منتهاه فإذا طعن في إحدى وأربعين فهو في
النقصان وينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن كان في النزع.
(17) والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني وقرئ بنون واحدة مشددة أن أخرج
14

ابعث وقد خلت القرون من قبلي فلم يرجع أحد منهم وهما يستغيثان الله ويلك
آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أباطيلهم التي كتبوها القمي قال
نزلت في عبد الرحمان بن أبي بكر.
(18) أولئك الذين حق عليهم القول بأنهم أهل النار في أمم قد خلت من
قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين.
(19) ولكل من الفريقين درجت مراتب مما عملوا من جزاء ما عملوا من الخير
والشر أو من أجل ما عملوا والدرجات غالبة في المثوبة وهاهنا جاءت
على التغليب وليوفيهم أعملهم جزاءها وقرئ بالنون وهم لا يظلمون بنقص ثواب
وزيادة عقاب.
(20) ويوم يعرض الذين كفروا على النار يعذبون بها وقيل تعرض النار عليهم
فقلب مبالغة كقولهم عرضت الناقة على الحوض أذهبتم طيباتكم لذائذكم أي يقال لهم
أذهبتم وقرئ بالاستفهام في حياتكم الدنيا باستيفائها واستمتعتم بها فما بقي لكم منها
شئ القمي قال أكلتم وشربتم ولبستم وركبتم وهي في بني فلان فاليوم تجزون
عذاب الهون قال العطش بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم
تفسقون عن طاعة الله.
في المحاسن عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال اتي النبي (صلى الله عليه وآله)
بخبيص فأبى أن يأكله فقيل أتحرمه قال لا ولكني أكره أن تتوق إليه نفسي ثم تلا
هذه الآية أذهبتم طيبتكم في حياتكم الدنيا.
(21) واذكر أخا عاد يعني هودا إذ أنذر قومه بالأحقاف قيل هي جمع حقف وهي
رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء القمي الأحقاف من بلاد عاد من الشقوق إلى الاجفر وهي
أربعة منازل وقد خلت النذر الرسل من بين يديه ومن خلفه قبل هود وبعده ألا تعبدوا
إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم هائل بسبب شرككم.
(22) قالوا أجئتنا لتأفكنا لتصرفنا عن آلهتنا عن عبادتها فأتنا بما تعدنا من العذاب
على الشرك إن كنت من الصادقين في وعدك.
15

(13) قال إنما العلم عند الله لا علم لي بوقت عذابكم ولا مدخل لي فيه فأستعجل
به وإنما علمه عند الله فيأتيكم به في وقته المقدر له وأبلغكم ما أرسلت به وما على
الرسول إلا البلاغ ولكني أريكم قوما تجهلون لا تعلمون أن الرسل بعثوا مبلغين
ومنذرين لا معذبين مقترحين.
(24) فلما رأوه عارضا سحابا عرض في أفق السماء مستقبل أوديتهم متوجه أوديتهم
قالوا هذا عارض ممطرنا أي يأتينا بالمطر بل هو أي قال هود بل هو ما استعجلتم به
من العذاب ريح هي ريح فيها عذاب أليم.
(25) تدمر تهلك كل شئ من نفوسهم وأموالهم بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا
مسكنهم أي فجاءتهم الريح فدمرتهم فأصبحوا وقرئ لا ترى على الخطاب يعني
بحيث لو حضرت بلادهم لا ترى إلا مساكنهم وقرئ لا يري بالياء المضمومة ورفع
المساكن كذلك نجزى القوم المجرمين القمي كان نبيهم هود وكانت بلادهم كثيرة
الخير خصبة فحبس الله عنهم المطر سبع سنين حتى أجدبوا وذهب خيرهم من
بلادهم وكان هود يقول لهم ما حكى الله في سورة هود استغفروا ربكم ثم توبوا إليه
إلى قوله ولا تتولوا مجرمين فلم يؤمنوا وعتوا فأوحى الله إلى هود أنه يأتيهم العذاب في
وقت كذا وكذا بريح فيها عذاب أليم فلما كان ذلك الوقت نظروا إلى سحابة قد أقبلت
ففرحوا فقالوا هذا عارض ممطرنا الساعة نمطر فقال لهم هود بل هو ما استعجلتم به
إلى قوله بأمر ربها قال فلفظه عام ومعناه خاص لأنها تركت أشياء كثيرة لم تدمرها وإنما
دمرت ما لهم كله قال وكل هذه الأخبار من هلاك الأمم تخويف وتحذير لامة محمد
(صلى الله عليه وآله) وروي أن هود لما أحس بالريح اعتزل بالمؤمنين في الحظيرة
وجاءت الريح فأمالت الأحقاف على الكفرة وكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام ثم
كشفت عنهم واحتملتهم وقذفتهم في البحر.
(26) ولقد مكنهم فيما إن مكناهم فيما إن مكناكم فيه ان نافية أو شرطية محذوفة الجواب أي كان
بغيكم أكثر وجعلنا لهم سمعا وأبصرا وأفئدة ليعرفوا تلك النعم ويستدلوا بها على
مانحها ويواظبوا على شكرها فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصرهم ولا أفئدتهم من
16

شئ من الاغناء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون من
العذاب القمي أي قد أعطيناهم فكفروا فنزل بهم العذاب فاحذروا أن لا ينزل بكم ما نزل
بهم.
(27) ولقد أهلكنا ما حولكم يا أهل مكة من القرى كحجر ثمود وقرى قوم
لوط وصرفنا الآيات بتكريرها لعلهم يرجعون عن كفرهم.
(28) فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة فهلا منعتهم من الهلاك
آلهتهم الذين يتقربون بهم إلى الله حيث قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله بل ضلوا عنهم
غابوا عن نصرهم وامتنع أن يستمدوا بهم امتناع الاستمداد بالضال وذلك إفكهم
وذلك الاتخاذ الذي هذا أثره صرفهم عن الحق وما كانوا يفترون.
(29) وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن أملناهم إليك والنفر دون العشرة.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنهم كانوا تسعة واحد من جن نصيبين
والثمان من بني عمرو بن عامر وذكر أسمائهم يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا
أنصتوا قال بعضهم لبعض اسكتوا لنسمعه فلما قضى أتم وفرغ عن قراءته ولوا إلى
قومهم منذرين إياهم.
(30) قالوا يقومنا إنا سمعنا كتبا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه
يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم.
(31) يقومنا أجيبوا داعى الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم بعض ذنوبكم قيل
هو ما يكون من خالص حق الله فإن المظالم لا تغفر بالايمان ويجركم من عذاب أليم
معد للكفار.
(32) ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز في الأرض إذ لا ينجى من مهرب وليس
له من دونه أولياء يمنعونه منه أولئك في ضلال مبين حيث أعرضوا عن إجابة من هذا
شأنه القمي فهذا كله حكاية الجن وكان سبب نزول هذه الآية أن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) خرج من مكة إلى سوق عكاظ ومعه زيد بن حارثة يدعوا الناس إلى الاسلام
17

فلم يجبه أحد ولم يجد أحدا يقبله ثم رجع إلى مكة فلما بلغ موضعا يقال له وادي
مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل فمر به نفر من الجن فلما سمعوا قراءته قال بعضهم لبعض أنصتوا يعني اسكتوا فلما قضى أي فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله)
من القراءة ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إلى قوله في ضلال مبين فجاؤوا إلى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأسلموا وآمنوا وعلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
شرائع الاسلام فأنزل الله عز وجل على نبيه (صلى الله عليه وآله) قل أوحى إلى أنه
استمع نفر من الجن السورة كلها فحكى الله عز وجل قولهم وولى عليهم رسول الله
(صلى الله عليه وآله) منهم وكانوا يعودون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل وقت
فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعلمهم ويفقههم
فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس وهم ولد الجان وسئل
العالم (عليه السلام) عن مؤمني الجن أيدخلون الجنة فقال لا ولكن لله خطائر بين
الجنة والنار يكون فيها مؤمن الجن وفساق الشيعة.
(33) أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على
أن يحيى الموتى الباء مزيدة لتأكيد النفي وقرئ بقدر بلى إنه على كل شئ قدير.
(34) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق الإشارة إلى العذاب
قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون إهانة وتوبيخ لهم.
(35) فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل أولوا الثبات والجد منهم
فإنك من جملتهم وأولوا العزم أصحاب الشرائع اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها
وصبروا على مشاقها.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال هم نوح وإبراهيم وموسى
وعيسى ومحمد عليه وآله وعليهم السلام قيل كيف صاروا اولي العزم قال لان نوحا
بعث بكتاب وشريعة وكل من جاء بعد نوح (عليه السلام) وشريعته ومنهاجه حتى جاء
إبراهيم (عليه السلام) بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به فكل نبي جاء بعد
إبراهيم (عليه السلام) أخذ بشريعة إبراهيم (عليه السلام) ومنهاجه وبالصحف حتى جاء
18

موسى بالتوراة وبشريعته ومنهاجه وبعزيمة ترك الصحف فكل نبي جاء بعد موسى
(عليه السلام) أخذ بالتوراة وبشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيح (عليه السلام) بالإنجيل
وبعزيمة ترك شريعة موسى (عليه السلام) ومنهاجه فكل نبي جاء بعد المسيح (عليه السلام) أخذ
بشريعته ومنهاجه حتى جاء محمد (صلى الله عليه وآله) فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه
فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة فهؤلاء أولوا العزم من
الرسل.
وعنه (عليه السلام) سادة النبيين خمسة وهم أولوا العزم من الرسل وعليهم دارت
الرحى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليه وآله وعليهم وعلى
جميع الأنبياء.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) ما يقرب من الروايتين.
وفي الكافي والعلل عن الباقر (عليه السلام) إنما سموا اولي العزم لأنه عهد إليهم في
محمد (صلى الله عليه وآله) والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته (عليهم السلام) فأجمع
عزمهم أن ذلك كذلك والاقرار به والقمي ومعنى اولي العزم أنهم سبقوا الأنبياء إلى
الاقرار بالله والاقرار بكل نبي كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب
والأذى ولا تستعجل لهم لكفار قريش بالعذاب فإنه نازل بهم في وقته لا محالة كأنهم
يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار استقصروا من هوله مدة لبثهم في
الدنيا حتى يحسبونها ساعة بلغ هذا الذي وعظتم به كفاية أو تبليغ من الرسول فهل
يهلك إلا القوم الفاسقون * الخارجون عن الاتعاظ والطاعة.
في ثواب الأعمال والجمع عن الصادق (عليه السلام) قال من قرأ كل ليلة أو كل جمعة سورة الأحقاف لم يصبه الله تعالى بروعة في الحياة الدنيا وامنه من فزع يوم
القيامة إنشاء الله.
19

سورة محمد (صلى عليه وآله) وتسمى سورة القتال أيضا وهي مدنية
عدد آيها أربعون آية بصري ثمان وثلاثون كوفي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعملهم القمي نزلت في أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين ارتدوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وغصبوا
أهل بيته حقهم وصدوا عن أمير المؤمنين وعن ولاية الأئمة (عليهم السلام) أضل
أعملهم أي أبطل ما كان تقدم منهم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الجهاد
والنصرة.
وعن الباقر (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى
الله عليه وآله) في المسجد والناس مجتمعون بصوت عال الذين كفروا وصدوا عن
سبيل الله أضل أعملهم فقال له ابن عباس يا أبا الحسن لم قلت ما قلت قال قرأت
شيئا من القرآن قال لقد قلته لامر قال نعم ان الله يقول في كتابه وما أتاكم الرسول
فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فتشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه استخلف
أبا بكر قال ما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى إلا إليك قال فهلا بايعتني
قال اجتمع الناس على أبي بكر فكنت منهم فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) كما
اجتمع أهل العجل على العجل هاهنا فتنتم ومثلكم كمثل الذي استوقد نارا فلما
أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمى فهم
لا يرجعون.
(2) والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد (صلى الله
عليه وآله).
20

القمي عن الصادق (عليه السلام) قال بما نزل على محمد (صلى الله عليه وآله) في
علي (عليه السلام) هكذا نزلت وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم
القمي نزلت في أبي ذر وسلمان وعمار والمقداد لم ينقضوا العهد قال وامنوا بما نزل
على محمد (صلى الله عليه وآله) اي ثبتوا على الولاية التي أنزلها الله وهو الحق يعني
أمير المؤمنين (عليه السلام) بالهم اي حالهم.
(3) ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل قال وهم الذين اتبعوا أعداء رسول
الله وأمير المؤمنين عليهما صلوات الله وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك
يضرب الله للناس أمثالهم.
القمي عن الصادق (عليه السلام) قال في سورة محمد (صلى الله عليه وآله) آية فينا وآية في
أعدائنا.
(4) فإذا لقيتم الذين كفروا في المحاربة فضرب الرقاب فاضربوا الرقاب ضربا
حتى إذا أثخنتموهم أكثرتم قتلهم وأغلظتموه من التثخين وهو الغليظ فشدوا الوثاق
فأسروهم واحفظوهم والوثاق بالفتح والكسر ما يوثق به فإما منا بعد وإما فداء فإما
تمنون منا أو تفدون فداء والمراد التخيير بعد الأسر بين المن والاطلاق وبين أخذ
الفداء حتى تضع الحرب أوزارها الاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها كالسلاح
والكراع أي ينقضي الحرب ولم يبق إلا مسلم أو مسالم في الكافي
والتهذيب عن الصادق (عليه السلام) قال كان أبي يقول إن للحرب حكمين إذا
كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها فكل أسير اخذ
في تلك الحال فإن الامام فيه بالخيار إن شاء ضرب عنقه وإن شاء قطع يده ورجله من
خلاف بغير حسم وتركه يتشحط في دمه حتى يموت وهو قول الله عز وجل إنما جزاء الذين
يحاربون الله ورسوله الآية قال والحكم الاخر إذا وضعت الحرب أوزارها وأثخن أهلها فكل
أسير اخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالامام فيه بالخيار إن شاء من عليهم
فأرسلهم وإن شاء فاداهم أنفسهم وإن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا ذلك الامر ذلك
ولو يشاء الله لانتصر منهم لانتقم منهم بالاستئصال ولكن ليبلوا بعضكم ببعض
ولكن أمركم بالقتال ليبلوا المؤمنين بالكافرين بأن يجاهدوهم فيستوجبوا
الثواب العظيم والكافرين بالمؤمنين بأن يعاجلهم على أيديهم ببعض عذابهم كي
يرتدع بعضهم عن الكفر والذين قتلوا في سبيل الله أي جاهدوا وقرئ قتلوا أي
21

استشهدوا فلن يضل أعملهم فلن يضيعها.
(5) سيهديهم إلى الجنة ويصلح بالهم.
(6) ويدخلهم الجنة عرفها لهم.
القمي أي وعدها إياهم وادخرها لهم.
يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله إن تنصروا دينه ورسوله ووصى رسوله ينصركم
على عدوكم ويثبت أقدامكم في القيام بحقوق الاسلام والمجاهدة مع الكفار.
(8) والذين كفروا فتعسا لهم فعثورا وانحطاطا وأضل أعملهم.
(9) ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعملهم.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال نزل جبرئيل (عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه وآله) بهذه
الآية هكذا ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله في علي إلا أنه كشط الاسم فأحبط
أعملهم.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال كرهوا ما أنزل الله في حق علي (عليه السلام).
أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عقبة الذين من قبلهم دمر الله
عليهم القمي أولم ينظروا في أخبار الأمم الماضية أهلكهم وعذبهم وللكافرين
أمثلها قال يعني الذين كفروا وكرهوا ما أنزل الله في علي (عليه السلام) لهم مثل ما كان للأمم الماضية من العذاب والهلاك.
(11) ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ناصرهم على أعدائهم.
القمي يعني الذين ثبتوا على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأن الكافرين لا مولى
لهم فيدفع العذاب عنهم قيل هذا لا يخالف قوله تعالى وردوا إلى الله مولاهم الحق
فإن المولى فيه بمعنى المالك.
(12) إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها
الأنهار والذين كفروا يتمتعون ينتفعون بمتاع الدنيا ويأكلون كما تأكل الانعام
22

حريصين غافلين عن العاقبة والنار مثوى لهم منزل ومقام.
(13) وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم بأنواع
العذاب فلا ناصر لهم يدفع عنهم.
(14) أفمن كان على بينة من ربه.
القمي يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهوائهم
يعني الذين غصبوه
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) هم المنافقون.
(15) مثل الجنة أي مثل أهل الجنة.
وفي المجمع عن علي (عليه السلام) أنه قرأ أمثال الجنة بالجمع التي وعد المتقون فيها
أنهار من ماء غير آسن غير متغير الطعم والريح وقرئ آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه
وأنهار من خمر لذة للشاربين لذيذة لا تكون فيها كراهة وريح ولا غائلة سكر وخمار
القمي إذا تناولها ولي الله وجد رائحة المسك فيها وأنهار من عسل مصفى لم يخالطه
الشمع وفضلات النحل وغيرهما ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن
هو خلد في النار كمثل من هو خالد في النار وسقوا ماء حميما مكان تلك الأشربة
فقطع أمعائهم من فرط الحرارة.
القمي قال ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار كما أن ليس
عدو الله كوليه.
وعن أبيه (عليه السلام) مرفوعا قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما دخلت
الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى ويجري نهر في أصل تلك الشجرة يتفجر منه
الأنهار الأربعة نهر من ماء غير آسن إلى قوله مصفى.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث قال
وليس من مؤمن في الجنة إلا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات وأنهار من
خمر وأنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من عسل.
23

(16) ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم
ماذا قال آنفا القمي نزلت في المنافقين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ومن كان إذا سمع شيئا لم يكن يؤمن به ولم يعه فإذا خرج قال للمؤمنين ماذا قال
محمد آنفا.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال إنا كنا عند رسول الله (صلى
الله عليه وآله) فيخبرنا بالوحي فأعيه انا ومن يعيه فإذا خرجنا قالوا ماذا قال آنفا أولئك
الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهوائهم.
القمي عن الباقر (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يدعو أصحابه
فمن أراد الله به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه ومن أراد الله به شرا طبع على قلبه لا
يسمع ولا يعقل وهو قوله تعالى أولئك الذين طبع الله الآية.
(17) والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم.
(18) فهل ينظرون إلا الساعة فهل ينتظرون غيرها أن تأتيهم بغتة فقد جاء
أشراطها فقد ظهر أماراتها فأنى لهم إذا جائتهم ذكراهم تذكرهم ولا ينفع حينئذ ولا فراغ لهم.
في الخصال عن الصادق (عليه السلام) قال سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الساعة فقال عند إيمان بالنجوم وتكذيب بالقدر.
وفي العلل عن النبي (صلى الله عليه وآله) في أجوبة مسائل عبد الله بن سلام أما
أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال النبي (صلى الله عليه وآله) من
اشراط الساعة أن يفشو الفالج وموت الفجأة.
وفي روضة الواعظين عن النبي (صلى الله عليه وآله) إن من أشراط الساعة أن يرفع
العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويفشو الزنا ويقل الرجال وتكثر النساء
حتى أن الخمسين امرأة فيهن واحد من الرجال.
والقمي عن ابن عباس قال حججنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجة الوداع
24

فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه فقال ألا أخبركم بأشراط الساعة فكان أدنى
الناس منه يومئذ سلمان رحمة الله عليه فقال بلى يا رسول الله فقال إن من أشراط
القيامة إضاعة الصلاة واتباع الشهوات والميل مع الأهواء وتعظيم أصحاب المال
وبيع الدين بالدنيا فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء مما
يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره قال سلمان إن هذا لكائن يا رسول الله قال إي
والذي نفسي بيده يا سلمان ان عندها يليهم امراء جورة ووزراء فسقة وعرفاء ظلمة
وامناء خونة فقال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال اي والذي نفسي بيده يا
سلمان إن عندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ويؤتمن الخائن ويخون
الأمين ويصدق الكاذب ويكذب الصادق قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال
اي والذي نفسي بيده يا سلمان فعندها تكون امارة النساء ومشاورة الإماء وقعود
الصبيان على المنابر ويكون الكذب ظرفا والزكاة مغرما والفئ مغنما ويجفو الرجل
والديه ويبر صديقه ويطلع الكوكب المذنب قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله
قال اي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ويكون
المطر غيضا ويغيض الكرام غيضا ويحتقر الرجل المعسر فعندها تقارب الأسواق قال
هذا لم أبع شيئا وقال هذا لم اربح شيئا فلا ترى إلا ذاما لله قال سلمان وإن هذا لكائن
يا رسول الله قال اي والذي نفسي بيده يا سلمان فعندها يليهم أقوام إن تكلموا قتلوهم
وإن سكتوا استباحوهم ليستأثرون بفيئهم وليطأون حرمتهم وليسفكن دماءهم
وليملأن قلوبهم دغلا ورعبا فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين قال سلمان
وإن هذا لكائن يا رسول الله قال إي والذي نفسي بيده يا سلمان إن عندها يؤتى بشئ
من المشرق وشئ من المغرب يلون أمتي فالويل لضعفاء أمتي منهم والويل لهم
من الله لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا ولا يتجافون عن مسئ جثتهم جثة
الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال إي
والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على
الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال
وتركبن ذوات الفروج السروج فعليهن من أمتي لعنة الله قال سلمان وإن هذا لكائن يا
25

رسول الله قال اي والذي نفسي بيده يا سلمان إن عندها تزخرف المساجد كما تزخرف
البيع والكنائس وتحلى المصاحف وتطول المنارات وتكثر الصفوف قلوب متباغضة
وألسن مختلفة قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال اي والذي نفسي بيده يا
سلمان وعندها تحلى ذكور أمتي بالذهب ويلبسون الحرير والديباج ويتخذون جلود
النمور صفافا قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال اي والذي نفسي بيده يا
سلمان وعندها يظهر الربا ويتعاملون بالعينة (1) والرشا ويوضع الدين وترفع الدنيا قال
سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال اي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها يكثر
الطلاق فلا يقام لله حد ولن يضروا الله شيئا قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال
اي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها تظهر القينات والمعازف وتليهم أشرار أمتي
قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال إي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها
يحج أغنياء أمتي للنزهة ويحج أوساطها للتجارة ويحج فقراؤهم للرياء والسمعة
فعندها تكون أقوام يتعلمون القرآن لغير الله ويتخذونه مزامير ويكون أقوام يتفقهون
لغير الله ويكثر أولاد الزنا ويتغنون بالقرآن ويتهافتون بالدنيا قال سلمان وإن هذا لكائن
رسول الله قال اي والذي نفسي بيده يا سلمان ذا له إذا انتهكت المحارم واكتسبت
المآثم وسلط الأشرار على الأخيار ويفشو الكذب وتظهر اللجاجة وتفشو الفاقة
ويتباهون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر ويستحسنون الكوبة والمعازف
وينكرون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل
من الأمة ويظهر قراؤهم وعبادهم فيما بينهم التلاوم فأولئك يدعون في ملكوت
السماوات الأرجاس الأنجاس قال سلمان وإن هذا لكائن يا رسول الله قال اي
والذي نفسي بيده يا سلمان فعندها لا يخشى الغني على الفقير حتى أن السائل يسئل في
الناس فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفه شيئا قال سلمان وإن هذا لكائن
يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال اي والذي نفسي بيده يا سلمان فعندها يتكلم
الروبيضة (2) فقال سلمان وما الروبيضة يا رسول الله فداك أبي وأمي قال يتكلم في أمر
العامة من لم يكن يتكلم فلم يلبثوا إلا قليلا حتى تخور الأرض خورة فلا يظن كل قوم

(1) العينة بالكسر: (2) تصغير: وهو الرجل التافه.
26

إلا أنها خارت في ناحيتهم فيمكثون ما شاء الله ثم يمكثون في مكثهم فتلقى لهم
الأرض أفلاذ كبدها قال ذهبا وفضة ثم أومى بيده إلى الأساطين فقال مثل هذا فيومئذ
لا ينفع ذهب ولا فضة فهذا معنى قوله فقد جاء أشراطها.
(19) فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك اي إذا علمت سعادة المؤمنين
وشقاوة الكافرين فاثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية وتكميل النفس بإصلاح
أحوالها وأفعالها وهضمها بالاستغفار لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ولذنوبهم بالدعاء
لهم والتحريص على ما يستدعي غفرانهم والله يعلم متقلبكم في الدنيا فلها مراحل لا
بد من قطعها ومثواكم في العقبى فإنها دار إقامتكم.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
الاستغفار وقول لا إله إلا الله خير العبادة قال الله العزيز الجبار فاعلم أنه لا إله إلا الله
واستغفر لذنبك.
(20) ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة هلا نزلت سورة في أمر الجهاد فإذا
أنزلت سورة محكمة مبينة لا تشابه فيها وذكر فيها القتال أي الامر به رأيت الذين في
قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت جبنا ومخافة فأولى لهم
فويل لهم.
(21) طاعة وقول معروف خير لهم وعن أبي أنه قرأ يقولون طاعة وقول معروف
فإذا عزم الامر اي جد اسند عزم أصحاب الامر إلى الامر مجازا وجوابه محذوف فلو
صدقوا الله أي فيما زعموا من الحرص على الجهاد لكان الصدق خيرا لهم.
(22) فهل عسيتم فهل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم أو أعرضتم
وتوليتم عن الاسلام أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم تناحرا على الولاية
وتجاذبا لها أو رجوعا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من تغاور ومقاتلة مع الأقارب
والمعنى أنهم لضعفهم في الدين وحرصهم على الدنيا أحقاء بأن يتوقع ذلك منهم من
عرف حالهم ويقول لهم هل عسيتم وقرئ توليتم أي إن تولاكم ظلمة خرجتم معهم
وساعدتموه في الافساد وقطيعة الرحم.
27

ونسب في المجمع هذه القراءة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).
وفي الكافي والقمي عنه (عليه السلام) أنها نزلت في بني أمية.
(23) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم عن استماع الحق وأعمى أبصرهم
فلا يهتدون سبيله.
(24) أفلا يتدبرون القرآن
في المجمع عن الصادق والكاظم (عليهما السلام) يعني أفلا يتدبرون القرآن فيقضون
ما عليهم من الحق أم على قلوب أقفالها لا يصل إليها ذكر ولا ينكشف لها أمر وإضافة
الاقفال إليها للدلالة على أقفال مناسبة لها مختصة بها لا تجانس الاقفال المعهودة.
في المحاسن عن الصادق (عليه السلام) إن لك قلبا ومسامع وأن الله إذا أراد أن
يهدي عبدا فتح مسامع قلبه وإذا أراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلا يصلح أبدا وهو
قول الله عز وجل أم على قلوب أقفالها.
(25) إن الذين ارتدوا على أدبارهم إلى ما كانوا عليه من الكفر من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم سهل لهم وأملى لهم قيل وأمد لهم في الآمال
والأماني ويأتي له معنى آخر
وقرئ وأملي لهم أي وانا أملي لهم أي أمهلهم واملي لهم على البناء
للمفعول
(26) ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر
والله يعلم إسرارهم وقرئ على المصدر.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال فلان وفلان ارتدا عن الايمان
في ترك ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) قال نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول
الله عز وجل الذي نزل به جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك بأنهم قالوا
للذين كرهوا ما نزل الله في علي سنطيعكم في بعض الامر قال دعوا بني أمية إلى
28

ميثاقهم الا يصيروا الامر فينا بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ولا يعطونا من الخمس شيئا
وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ولم يبالوا أن لا يكون الامر فيهم فقالوا
سنطيعكم في بعض الامر الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس أن لا نعطيهم منه شيئا
والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان معهم
أبو عبيدة وكان كاتبهم فأنزل الله أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع
سرهم ونجويهم الآية والقمي ما في معناه بزيادة ونقصان
وعنه (عليه السلام) الشيطان سول لهم يعني الثاني.
وفي المجمع عنهما (عليهما السلام) انهم بنو أمية كرهوا ما نزل الله في ولاية علي
(عليه السلام).
(27) فكيف إذا توفتهم الملائكة فكيف يعملون ويحتالون حينئذ يضربون
وجوههم وأدبارهم.
(28) ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم لذلك.
في روضة الواعظين عن الباقر (عليه السلام) قال كرهوا عليا أمر الله بولايته يوم بدر
ويوم حنين وببطن النخلة ويوم التروية ويوم عرفة ونزلت فيه خمس عشرة آية في
الحجة التي صد فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المسجد الحرام وبالجحفة
وبخم والقمي ما أسخط الله يعني موالاة فلان وفلان وظالمي أمير المؤمنين (عليه
السلام) فأحبط أعمالهم يعني التي عملوها من الخيرات.
(19) أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ان لن
يبرز الله لرسوله والمؤمنين أحقادهم.
(30) ولو نشاء لأريناكهم لعرفنا كهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم فلعرفتهم
بسيما هم بعلاماتهم التي نسمهم بها ولتعرفنهم في لحن القول في أسلوبه وإمالته
إلى جهة وتورية.
في الأمالي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال قلت أربع كلمات أنزل الله تعالى
29

تصديقي بها في كتابه قلت المرء مخبو تحت لسانه فإذا تكلم ظهر فأنزل الله ولتعرفنهم في
لحن القول.
وفي المجمع عن أبي سعيد الخدري قال لحن القول بغضهم علي بن أبي طالب (عليه
السلام) قال وكنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ببغضهم علي بن أبي طالب (عليه
السلام) قال وروي مثل ذلك عن جابر بن عبد الله الأنصاري.
وعن عبادة بن الصامت قال كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإذا
رأينا أحدهم لا يحبه علمنا أنه لغير رشده قال أنس ما خفي منافق على عهد رسول الله
(صلى الله عليه وآله) بعد هذه الآية والله يعلم أعملكم فيجازيكم على حسب قصدكم
إذ الأعمال بالنيات.
(31) ولنبلونكم بالامر بالجهاد وسائر التكاليف الشاقة حتى نعلم المجاهدين منكم
والصابرين على مشاقها ونبلوا أخباركم عن إيمانكم وموالاتكم المؤمنين في
صدقها وكذبها وقرئت الافعال الثلاثة بالياء ليوافق ما قبلها.
ونسبه في المجمع إلى الباقر (عليه السلام) أيضا وقرئ ونبلو بسكون الواو أي
ونحن نبلو.
(32) إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله القمي قال عن أمير المؤمنين (عليه
السلام) وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى قال قطعوه في أهل بيته بعد أخذه
الميثاق عليهم له لن يضروا الله شيئا بكفرهم وصدهم وسيحبط أعملهم.
(33) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم.
في ثواب الأعمال عن الباقر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قال
سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال الحمد لله غرس الله له بها شجرة
في الجنة ومن قال لا إله إلا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال الله أكبر
غرس الله له بها شجرة في الجنة فقال رجل من قريش يا رسول الله إن شجرنا في الجنة
لكثير قال نعم ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها وذلك أن الله تعالى يقول يا
30

أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم.
(34) إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن
يغفر الله لهم.
(35) فلا تهنوا فلا تضعفوا وتدعوا إلى السلم ولا تدعوا إلى الصلح خورا وتذللا
وقرئ بكسر السين وأنتم الأعلون الأغلبون والله معكم ناصركم ولن يتركم
أعمالكم ولن يضيع أعمالكم من وترت الرجل إذا قتلت متعلقا له من قريب أو حميم
فأفردته عنه من الوتر شبه به تعطيل ثواب العمل وإفراده منه والآية ناسخة لقوله تعالى
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها كما مر.
(36) إنما الحياة الدنيا لعب ولهو لا ثبات لها وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم
ثواب إيمانكم وتقواكم ولا يسئلكم أموالكم جميع أموالكم بل يقتصر على جزء
يسير كالعشر ونصف العشر وربع العشر.
(37) إن يسئلكموها فيحفكم فيجهدكم بطلب الكل والاحفاء المبالغة وبلوغ الغاية
تبخلوا فلا تعطوا ويخرج أضغانكم القمي قال العداوة التي في صدوركم.
(38) ها أنتم هؤلاء قيل أي أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون والقمي معناه أنتم يا
هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما فمنكم من يبخل
ناس يبخلون ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه فإن نفع الانفاق وضر الامساك
عائدان إليه والله الغنى وأنتم الفقراء فما يأمركم به فهو لاحتياجكم فإن امتثلتم فلكم
وإن توليتم فعليكم وإن تتولوا عطف على وإن تؤمنوا.
القمي يعني عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) يستبدل قوما غيركم يقم
مكانكم قوما آخرين.
القمي قال يدخلهم في هذا الامر ثم لا يكونوا أمثالكم قال في معاداتكم
وخلافكم وظلمكم لآل محمد صلوات الله عليهم.
وعن الصادق (عليه السلام) أعني أبناء الموالي المعتقين.
31

وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) قال إن تتولوا يا معشر العرب يستبدل قوما
غيركم يعني الموالي.
وعن الصادق (عليه السلام) قال قد والله ابدل بهم خيرا منهم الموالي وفيه روى إن أناسا
من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله
في كتابه وكان سلمان إلى جنب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فضرب يده على فخذ
سلمان فقال هذا وقومه والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من
فارس.
وفي ثواب الأعمال عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الذين كفروا لم يرتب أبدا
ولم يدخله شك في دينه أبدا ولم يبله الله تعالى بفقر أبدا ولا خوف من سلطان أبدا ولم
يزل محفوظا من الشك والكفر أبدا حتى يموت فإذا مات وكل الله به في قبره ألف ملك
يصلون في قبره ويكون ثواب صلواتهم له ويشيعونه حتى يوقفونه موقف الامن عند الله
تعالى ويكون في أمان الله وأمان محمد (صلى الله عليه وآله).
وفي المجمع مثله بأدنى تفاوت.
وعنه (عليه السلام) من أراد أن يعرف حالنا وحال أعدائنا فليقرأ سورة محمد
(صلى الله عليه وآله) فإنه يراها آية فينا وآية فيهم.
32

سورة الفتح
مدنية عدد آيها تسع وعشرون آية بالاجماع.
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إنا فتحنا لك فتحا مبينا.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لما نزلت هذه الآية لقد نزلت
علي آية هي أحب إلي من الدنيا وما فيها.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال سبب نزول هذه السورة وهذا الفتح العظيم إن
الله عز وجل أمر رسوله في النوم أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع
المحلقين فأخبر أصحابه وأمرهم بالخروج فخرجوا فلما نزل ذي الحليفة أحرموا
بالعمرة وساقوا البدن وساق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستة وستين بدنة وأشعرها
عند إحرامه وأحرموا من ذا الحليفة ملبين بالعمرة وقد ساق من ساق منهم الهدي
مشعرات مجللات فلما بلغ قريشا ذلك بعثوا خالد بن الوليد في مأتي فارس كمينا
ليستقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان يعارضه على الجبال فلما كان في بعض
الطريق حضرت صلاة الظهر فأذن بلال فصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس
فقال خالد بن الوليد لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة لأصبناهم فإنهم لا يقطعون
صلاتهم ولكن يجئ الان لهم صلاة أخرى أحب إليهم من ضياء أبصارهم فإذا دخلوا
في الصلاة أغرنا إليهم فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصلاة
الخوف في قوله عز وجل وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية وهذه الآية في سورة النساء وقد
كتبنا خبر صلاة الخوف فيها فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله (صلى الله عليه
33

وآله) الحديبية وهي على طرف الحرم وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستنفر
الاعراب في طريقه معه فلم يتبعه أحد ويقولون أيطمع محمد وأصحابه أن يدخلوا
الحرم وقد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم أنه لا يرجع محمد وأصحابه إلى
المدينة أبدا فلما نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحديبية خرجت قريش يحلفون
باللات والعزى لا يدعون رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدخل مكة وفيهم عين تطرف
فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إني لم آت لحرب وإنما جئت لا قضي
مناسكي وانحر بدني واخلي بينكم وبين لحمانها فبعثوا عروة بن مسعود الثقفي وكان
عاقلا لبيبا وهو الذي أنزل الله فيه وقالوا لولا انزل هذا القرآن على رجل من القريتين
عظيم فلما أقبل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عظم ذلك وقال يا محمد تركت
قومك وقد ضربوا الأبنية وأخرجوا العود والمطافيل يحلفون باللات والعزى لا
يدعوك تدخل مكة وحرمهم وفيهم عين تطرف أفتريد أن تبير أهلك وقومك يا محمد
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما جئت لحرب وإنما جئت لا قضي مناسكي وأنحر
بدني واخلي بينكم وبين لحمانها فقال عروة والله
ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت فرجع إلى قريش فأخبرهم
فقالت قريش والله لئن دخل محمد مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترئن علينا
العرب فبعثوا حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو فلما نظر إليهما رسول الله (صلى الله
عليه وآله) قال ويح قريش قد نهكتهم الحرب الا خلوا بيني وبين العرب فان أك صادقا
فإنما أجر الملك إليهم مع النبوة وإن أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب لا يسألني اليوم
امرء من قريش خطة ليس لله فيها سخط إلا أجبتهم إليه فلما وافوا رسول الله (صلى الله
عليه وآله) قالوا يا محمد الا ترجع عنا عامك هذا إلى أن ننظر إلى ما يصير أمرك وأمر
العرب فإن العرب قد تسامعت بمسيرك فإذا دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب
واجترأت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضي
نسكك وتنصرف عنا فأجابهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك وقالوا له ترد إلينا
كل من جاءك من رجالنا ولا نرد إليك كل من جاءنا من رجالك فقال رسول الله (صلى الله عليه
وآله) من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه ولكن على أن المسلمين بمكة لا يؤذون
34

في إظهارهم الاسلام ولا يكرهون ولا ينكر عليهم شئ يفعلونه من شرائع الاسلام
فقبلوا ذلك فلما أجابهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الصلح أنكر عامة أصحابه
وأشد ما كان انكارا عمر فقال يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل فقال
نعم قال فنعطي الذلة في ديننا فقال إن الله عز وجل قد وعدني ولن يخلفني قال ولو أن
معي أربعين رجلا لخالفته ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف إلى قريش
فأخبراهم بالصلح فقال عمر يا رسول الله ألم تقل لنا أن ندخل المسجد الحرام ونحلق
مع المحلقين فقال أمن عامنا هذا وعدتك قلت لك إن الله عز وجل قد وعدني ان أفتح
مكة وأطوف وأسعى واحلق مع المحلقين فلما أكثروا عليه قال لهم إن لم تقبلوا
الصلح فحاربوهم فمروا نحو قريش وهم مستعدون للحرب وحملوا عليهم فانهزم
أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) هزيمة قبيحة ومروا برسول
الله (صلى الله عليه وآله) فتبسم رسول
الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال يا علي خذ السيف واستقبل قريشا فأخذ أمير المؤمنين
(عليه السلام) سيفه وحمل على قريش فلما نظروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)
تراجعوا ثم قالوا يا علي بدا لمحمد (صلى الله عليه وآله) فيما أعطانا فقال لا وتراجع
أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستحيين وأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله فقال
لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألستم أصحابي يوم بدر إذ أنزل الله عز وجل فيكم
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ألستم
أصحابي يوم أحد إذ تصعدون ولا تلون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم
ألستم أصحابي يوم كذا ألستم أصحابي يوم كذا فاعتذروا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وندموا على ما
كان منهم وقالوا الله أعلم ورسوله فاصنع ما بدا لك ورجع حفص بن الأحنف وسهيل
ابن عمرو إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالا يا محمد قد أجابت قريش إلى ما
اشترط من إظهار الاسلام وان لا يكره أحد على دينه فدعا رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بالمكتب ودعا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال له اكتب فكتب بسم الله الرحمن الرحيم
فقال سهيل ابن عمرو لا نعرف الرحمن اكتب كما كان يكتب آباؤك باسمك اللهم
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اكتب باسمك اللهم فإنه اسم من أسماء الله ثم اكتب هذا ما تقاضى
عليه محمد سول الله (صلى الله عليه وآله) والملا من قريش فقال سهيل بن عمرو ولو
35

علمنا أنك رسول الله ما حاربناك اكتب هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبد الله أتأنف
من نسبك يا محمد فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا رسول الله وإن لم تقروا ثم
قال امح يا علي واكتب محمد بن عبد الله فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) ما امحوا
اسمك من النبوة أبدا فمحاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده ثم كتب هذا ما
اصطلح به محمد بن عبد الله والملا من قريش وسهيل بن عمرو واصطلحوا على
وضع الحرب بينهم عشر سنين على أن يكف بعضنا عن بعض وعلى أنه لا اسلال
ولا اغلال وان بيننا وبينهم غيبة مكفوفة وان من أحب ان يدخل في عهد محمد (صلى
الله عليه وآله) وعقده فعل ومن أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل وأنه من أتى
محمدا بغير إذن وليه رده إليه وأنه من أتى قريشا من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)
لم ترده إليه وأن يكون الاسلام ظاهرا بمكة ولا يكره أحد على دينه ولا يؤذى ولا يعير
وأن محمدا يرجع عنهم عامه هذا وأصحابه ثم يدخل علينا في العام القابل مكة فيقيم
فيها ثلاثة أيام ولا يدخل عليها بسلاح إلا سلاح المسافر السيوف في القرب وكتب
علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشهد على الكتاب المهاجرون والأنصار ثم قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا علي إنك أبيت أن تمحو اسمي من النبوة فوالذي
بعثني بالحق نبيا لتجيبن أبنائهم إلى مثلها وأنت مضيض مضطهد فلما كان يوم صفين
ورضوا بالحكمين كتب هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن
أبي سفيان فقال عمرو بن العاص لو علمنا إنك أمير المؤمنين (عليه السلام) ما
حاربناك ولكن اكتب هذا ما اصطلح عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) صدق الله ورسوله أخبرني رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بذلك قال فلما كتبوا الكتاب قامت خزاعة فقالت نحن في عهد محمد رسول الله
وعقده وقامت بنو بكر فقالت نحن في عهد قريش وعقدها وكتبوا نسختين نسخة عند
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونسخة عند سهيل بن عمرو ورجع سهيل بن عمرو
وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبروهم وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه انحروا بدنكم
واحلقوا رؤوسكم فامتنعوا وقالوا كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين
الصفا والمروة فاغتم لذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشكا ذلك إلى أم سلمة
36

فقالت يا رسول الله انحر أنت واحلق فنحر القوم على حيث يقين وشك وارتياب فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعظيما للبدن رحم الله المحلقين وقال قوم لم يسوقوا
البدن يا رسول الله والمقصرين لان من لم يسق هديا لم يجب عليه الحلق فقال رسول
الله (صلى الله عليه وآله) ثانيا رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي فقالوا يا رسول
الله والمقصرين فقال رحم الله المقصرين ثم رحل رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحو
المدينة إلى التنعيم ونزل تحت الشجرة فجاء أصحابه الذين أنكروا عليه الصلح
واعتذروا وأظهروا الندامة على ما كان منهم وسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن
يستغفر لهم فنزلت آية الرضوان.
أقول: هذه القصة مذكورة في روضة الكافي عن الصادق (عليه السلام) بزيادة
ونقصان من أرادها رجع إليه.
(2) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر علة للفتح من حيث أنه مسبب
عن جهاد الكفار والسعي في إزاحة الشرك وإعلاء الدين وتكميل النفوس الناقصة قهرا
ليصير ذلك بالتدريج اختيارا وتخليص الضعفة عن أيدي الظلمة.
في المجمع والقمي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية فقال ما
كان له ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) انه سئل عنها فقال والله ما كان له ذنب ولكن الله
سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي (عليه السلام) ما تقدم من ذنبهم وما تأخر قال
بعض أهل المعرفة قد ثبت عصمته (صلى الله عليه وآله) فليس له ذنب فلم يبق لإضافة
الذنب إليه إلا أن يكون هو المخاطب والمراد أمته كما قيل إياك ادعو واسمعي يا جارة
قال ما تقدم من ذنبك من آدم إلى زمانه وما تأخر من زمانه إلى يوم القيامة فإن الكل أمته
فإنه ما من أمة إلا وهي تحت شرع محمد (صلى الله عليه وآله) من اسم الباطن من حيث
كان نبيا وآدم بين الماء والطين وهو سيد النبيين والمرسلين فإنه سيد الناس فبشر الله
تعالى محمدا (صلى الله عليه وآله) بقوله ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر لعموم
رسالته إلى الناس كافة وما يلزم الناس رؤية شخصه فكما وجه في زمان ظهوره رسوله
37

عليا (عليه السلام) إلى اليمن لتبليغ الدعوة كذلك وجه الرسل والأنبياء إلى أممهم من
حين كان نبيا وآدم بين الماء والطين فدعا الكل إلى الله فالكل أمته من آدم إلى يوم
القيامة فبشره الله بالمغفرة لما تقدم من ذنوب الناس وما تأخر منها وكان هو المخاطب
والمقصود الناس فيغفر الكل ويسعدهم وهو اللائق بعموم رحمته التي وسعت كل
شئ وبعموم مرتبة محمد (صلى الله عليه وآله) حيث بعث إلى الناس كافة بالنص ولم
يقل أرسلناك إلى هذه الأمة خاصة وإنما اخبر أنه مرسل إلى الناس كافة والناس من
آدم (عليه السلام) إلى يوم القيامة فهم المقصودون بخطاب مغفرة الله لما تقدم من ذنبه
ولما تأخر.
أقول: وقد مضى في المقدمة الثالثة ما يؤي هذا المعنى.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) قال إنه سئل عن هذه الآية فقال لم يكن
أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأنهم كانوا
يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما فلما جاءهم بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر
ذلك عليهم وعظم وقالوا اجعل الآلهة إلها وحدا إلى قوله إلا اختلق فلما فتح الله
تعالى على نبيه (صلى الله عليه وآله) مكة قال تعالى يا محمد إنا فتحنا لك فتحا مبينا
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله
فيما تقدم وما تأخر لان مشركي مكة اسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ومن بقي
منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذ دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم مغفورا
بظهوره عليهم وفي رواية ابن طاووس عنهم أن المراد منه ليغفر لك الله ما تقدم من
ذنبك وما تأخر عند أهل مكة وقريش يعني ما تقدم قبل الهجرة وبعدها فإنك إذا فتحت
مكة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا أخذهم بما قدموه من العداوة والقتال غفروا ما كان
يعتقدونه ذنبا لك عندهم متقدما أو متأخرا وما كان يظهر من عداوته لهم في مقابلة
عداوتهم له فلما رأوه قد تحكم وتمكن وما استقصى غفروا ما ظنوه من الذنوب ويتم
نعمته عليك باعلاء الدين وضم الملك إلى النبوة ويهديك صراطا مستقيما في تبليغ
الرسالة وإقامة مراسم الرئاسة.
38

(3) وينصرك الله نصرا عزيزا نصرا فيه عز ومنعة.
(4) هو الذي أنزل السكينة الثبات والطمأنينة.
في الكافي عنهما (عليهما السلام) هو الايمان في قلوب المؤمنين القمي هم
الذين لم يخالفوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم ينكروا عليه الصلح ليزدادوا إيمانا
مع إيمانهم يقينا مع يقينهم برسوخ العقيدة واطمينان النفس عليها أو ليزدادوا إيمانا
بالشرائع مع إيمانهم بالله واليوم الآخر وقد مضى لزيادة الايمان بيان في أواخر سورة التوبة
ولله جنود السماوات والأرض يدبر أمرها فيسلط بعضها على بعض تارة ويوقع فيما
بينهم السلم كما تقتضيه حكمته وكان الله عليما بالمصالح حكيما فيما يقدر ويدبر.
(5) ليدخل فعل ما فعل ودبر ما دبر ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى
من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم يغطيها ولا يظهرها وكان ذلك عند
الله فوزا عظيما لأنه منتهى ما يطلب من جلب نفع أو دفع ضر.
(6) ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن
السوء وهو أن لا ينصر رسوله والمؤمنين عليهم دائرة السوء دائرة ما يظنونه
ويتربصونه بالمؤمنين لا يتخطأهم وقرئ السوء بالضم القمي وهم الذين أنكروا الصلح
واتهموا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم
وسائت مصيرا.
(7) ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما.
(8) إنا أرسلناك شهدا على أمتك ومبشرا ونذيرا على الطاعة والمعصية
(9) لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتقووه بتقوية دينه ورسوله وتوقروه وتعظموه
وتسبحوه وتنزهوه بكرة وأصيلا غدوة وعشيا وقرأ الأربعة بالياء.
(10) إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله لأنه المقصود ببيعته يد الله فوق
أيديهم يعني يدك التي فوق أيديهم في حال بيعتهم إياك إنما هي بمنزلة يد الله لأنهم
في الحقيقة يبايعون الله عز وجل ببيعتك.
39

في العيون عن الرضا (عليه السلام) في حديث بيعة الناس له قال عقد البيعة هو
من أعلى الخنصر إلى أعلى الابهام وفسخها من أعلى الابهام إلى أعلى الخنصر وفي
إرشاد المفيد في حديث بيعتهم له قال فرفع الرضا (عليه السلام) يده فتلقى بها وجهه
وببطنها وجوههم فقال له المأمون أبسط يدك للبيعة فقال الرضا (عليه السلام) إن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) هكذا كان يبايع فبايعه الناس ويده فوق أيديهم فمن نكث نقض
العهد فإنما ينكث على نفسه فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه ومن أوفى بما عهد عليه الله
وفى في مبايعته فسيؤتيه أجرا عظيما وهو الجنة وقرئ عليه بضم الهاء فسنؤتيه
بالنون القمي نزلت في بيعة الرضوان لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت
الشجرة واشترط عليهم أن لا ينكروا بعد ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله)
شيئا يفعله ولا يخالفوه في شئ يأمرهم به فقال الله عز وجل بعد نزول آية الرضوان
إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم الآية وإنما رضي الله عنهم
بهذا الشرط أن يفوا بعد ذلك بعهد الله وميثاقه ولا ينقضوا عهده وعقده فبهذا العقد
رضي الله عنهم فقدموا في التأليف آية الشرط على آية الرضوان وإنما نزلت أو لا بيعة
الرضوان ثم آية الشرط عليهم فيها.
(11) سيقول لك المخلفون من الاعراب قيل هم أسلم وجهينة ومزينة وغفار
استفزهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عام الحديبية فتخلفوا واعتلوا بالشغل بأموالهم
وأهاليهم وإنما خلفهم الخذلان وضعف العقيدة والخوف عن مقاتلة قريش أن
صدوهم.
والقمي هم الذين استنفرهم في الحديبية ولما رجع رسول الله (صلى الله عليه
وآله) إلى المدينة من الحديبية غزا خيبر فاستأذنه المخلفون أن يخرجوا معه فقال الله
تعالى سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى قوله إلا قليلا شغلتنا أموالنا وأهلونا إذ لم يكن
لنا من يقوم باشغالهم فاستغفر لنا من الله على التخلف يقولون بألسنتهم ما ليس في
قلوبهم تكذيب لهم في الاعتذار والاستغفار قل فمن يملك لكم من الله شيئا فمن
يمنعكم من مشيئته وقضائه إن أراد بكم ضرا ما يضركم كقتل أو هزيمة وخلل في
المال والأهل وعقوبة على التخلف وقرئ بالضم أو أراد بكم نفعا ما يضاد ذلك بل كان
40

الله بما تعملون خبيرا فيعلم تخلفكم وقصدكم فيه.
(12) بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا لظنكم أن
المشركين يستأصلونهم وزين ذلك في قلوبكم فتمكن فيها وظننتم ظن السوء وكنتم
قوما بورا هالكين عند الله لفساد عقيدتكم وسوء نيتكم القمي أي قوم سوء.
(13) ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكافرين سعيرا نبه على كفرهم
ثم سجل عليه بوضع الظاهر موضع الضمير.
(14) ولله ملك السماوات والأرض يدبر كيف يشاء يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما فإن الغفران والرحمة من دأبه والتعذيب داخل تحت
قضائه بالعرض ولذلك جاء في الحديث القدسي سبقت رحمتي غضبي.
(15) سيقول المخلفون يعني المذكورين إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها
يعني مغانم خيبر ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلم الله أن يغيروه وهو وعده لأهل
الحديبية أن يعوضهم من مغانم مكة خيبر وقرئ كلم الله قل لن تتبعونا نفي في
معنى النهي كذلكم قال الله من قبل من قبل تهيئهم للخروج إلى خيبر فسيقولون
بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنائم بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا إلا فهما قليلا وهو
فطنتهم لأمور الدنيا.
(16) قل للمخلفين من الاعراب كرر ذكرهم بهذا الاسم مبالغة في الذم
وإشعارا بشناعة التخلف ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد قيل هم هوازن
وثقيف تقتلونهم أو يسلمون أي يكون أحد الامرين فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا
حسنا هو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة وإن تتولوا كما توليتم من قبل عن
الحديبية يعذبكم عذابا أليما لتضاعف جرمكم.
(17) ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض
حرج لما أوعد على التخلف نفى الحرج عن هؤلاء المعذورين استثناء لهم عن
الوعيد ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار قيل فصل
41

الوعد وأجمل الوعيد مبالغة في الوعد لسبق رحمته ثم جبر ذلك بالتكرير على سبيل
التعميم فقال ومن يتول الآية ومن يتول يعذبه عذابا أليما إذا لترهيب هنا أنفع من الترغيب وقرئ ندخله
ونعذبه بالنون.
(18) لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة قد سبقت قصته.
القمي عن الصادق (عليه السلام) قال كتب علي (عليه السلام) إلى معاوية أنا أول
من بايع رسول الله تحت الشجرة في قوله لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك
تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم الطمأنينة وسكون النفس
وأثابهم فتحا قريبا فتح خيبر غب انصرافهم.
(19) ومغانم كثيرة يأخذونها يعني مغانم خيبر وكان الله عزيزا حكيما غالبا
مراعيا مقتضى الحكمة.
(20) وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها وهي ما يفئ على المؤمنين إلى يوم
القيامة فعجل لكم هذه يعني مغانم خيبر وكف أيدي الناس عنكم أيدي أهل خيبر
وحلفائهم ولتكون آية للمؤمنين أمارة يعرفون بها صدق الرسول في وعدهم
ويهديكم صراطا مستقيما هو الثقة بفضل الله والتوكل عليه.
(21) وأخرى لم تقدروا عليها بعد قد أحاط الله بها وكان الله على كل
شئ قديرا.
(22) ولو قتلكم الذين كفروا من أهل مكة ولم يصالحوا لولوا الادبار لانهزموا
ثم لا يجدون وليا يحرسهم ولا نصيرا ينصرهم.
(23) سنة الله التي قد خلت من قبل أي سن غلبة أنبيائه سنة قديمة فيمن مضى
من الأمم كما قال كتب الله لا غلبن أنا ورسلي ولن تجد لسنة الله تبديلا تغييرا.
(24) وهو الذي كف أيديهم عنكم أيدي كفار مكة وأيديكم عنهم ببطن مكة في
داخل مكة من بعد أن أظفركم عليهم القمي أي من بعد أن أممتم من المدينة إلى الحرم
وطلبوا منكم الصلح من بعد أن كانوا يغزونكم بالمدينة صاروا يطلبون الصلح بعد
42

أن كنتم تطلبون الصلح منهم وكان الله بما تعملون بصيرا من مقاتلتهم أو لا طاعة
لرسوله وكفهم ثانيا لتعظيم بيته وقرئ بالياء.
(25) هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا
محبوسا أن يبلغ محله الهدي ما يهدى إلى مكة ومحله مكانه الذي يحل فيه نحره
ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات القمي يعني بمكة لم تعلموهم لم تعرفوهم
بأعيانهم لاختلاطهم بالمشركين أن تطئوهم أن تواقعوا بهم وتبتدؤهم فتصيبكم منهم
من جهتهم معرة مكروه كوجوب الدية والكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار
بذلك والاثم بالتقصير في البحث عنهم بغير علم أي تطئوهم غير عالمين بهم
وجواب لولا محذوف لدلالة الكلام عليه والمعنى لولا كراهة أن تهلكوا ناسا مؤمنين
بين أظهر الكافرين جاهلين بهم فيصيبكم باهلاكهم مكروه لما كف أيديكم عنهم.
القمي أخبر الله عز وجل نبيه أن علة الصلح إنما كان للمؤمنين والمؤمنات الذين
كانوا بمكة ولو لم يكن صلح وكانت الحرب لقتلوا فلما كان الصلح آمنوا وأظهروا
الاسلام ويقال إن ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم ليدخل الله
في رحمته علة لما دل عليه كف الأيدي من أهل مكة صونا لمن فيها من المؤمنين أي
كان ذلك ليدخل الله في توفيقه لزيادة الخير والاسلام من يشاء من مؤمنيهم أو
مشركيهم لو تزيلوا لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا
أليما بالقتل والسبي القمي يعني هؤلاء الذين كانوا بمكة من المؤمنين والمؤمنات لو
زالوا عنهم وخرجوا من بينهم لعذبنا الذين كفروا منهم.
وعن الصادق (عليه السلام) إنه سئل ألم يكن علي (عليه السلام) قويا في بدنه قويا في أمر الله
فقال بلى قيل فما منعه أن يدفع أو يمتنع قال سألت فافهم الجواب منع عليا (عليه
السلام) من ذلك آية من كتاب الله تعالى فقيل وأي آية فقرأ لو تزيلوا الآية إنه كان لله
تعالى ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي (عليه السلام)
ليقتل الاباء حتى تخرج الودائع فلما خرجت ظهر على من ظهر وقتله وكذلك قائمنا
أهل البيت (عليهم السلام) لا يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله فإذا خرجت يظهر على
43

من يظهر فيقتله.
وفي الاكمال عنه (عليه السلام) ما في معناه بأسانيد متعددة منها قال في هذه
الآية لو أخرج الله ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين وما في أصلاب الكافرين من
المؤمنين لعذبنا الذين كفروا.
(26) إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية الانفة حمية الجهلية التي
تمنع إذعان الحق القمي يعني قريشا وسهيل بن عمرو حين قالوا لرسول الله (صلى الله
عليه وآله) لا نعرف الرحمن الرحيم وقولهم لو علمنا أنك رسول الله ما حاربناك فاكتب
محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين
أنزل عليهم الثبات والوقار فتحملوا حميتهم وألزمهم كلمة التقوى كلمة الشهادة.
القمي عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قال في خطبته وأولى القول كلمة
التقوى.
وفي العلل عنه (صلى الله عليه وآله) إنه قال في تفسير لا إله إلا الله وهي كلمة
التقوى يثقل الله بها الموازين يوم القيامة.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عنها فقال هو الايمان.
وفي المجالس عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال إن عليا راية الهدى وإمام
أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين.
وفي الخصال عنه (عليه السلام) قال في خطبته نحن كلمة التقوى وسبيل
الهدى.
وفي التوحيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في خطبته انا عروة الله الوثقى
والكلمة التقوى.
وفي الاكمال عن الرضا (عليه السلام) في حديث له نحن كلمة التقوى والعروة
الوثقى وكانوا أحق بها وأهلها والمستأهل لها وكان الله بكل شئ عليما فيعلم أهل
44

(27) لقد صدق الله رسوله الرؤيا صدقه في رؤياه بالحق متلبسا به فإن ما رآه كان
لا محالة في وقته المقدر له وقد سبق قصته في أول السورة لتدخلن المسجد الحرام
إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين محلقا بعضكم ومقصرا آخرون لا
تخافون بعد ذلك فعلم ما لم تعلموا من الحكمة في تأخير ذلك فجعل من دون ذلك
فتحا قريبا هو فتح خيبر ليستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الموعود.
(28) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وبدين الاسلام ليظهره
على الدين كله ليغلبه على جنس الدين كله بنسخ ما كان حقا وإظهار فساد ما كان
باطلا ثم بتسليط المسلمين على أهله إذ ما أهل دين إلا وقد قهر بالاسلام أو سيقهر
وفيه تأكيد لما وعده بالفتح.
القمي وهو الإمام (عليه السلام) الذي يظهره الله عز وجل على الدين كله فيملأ الأرض
قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا قال وهذا مما ذكرناه أن تأويله بعد تنزيله.
أقول: قد سبق تمام الكلام فيه في سورة التوبة وكفى بالله شهيدا على أن ما
وعده كائن أو على رسالته.
(29) محمد رسول الله جملة مبينة للمشهود به أو استيناف مع معطوفه
وبعدهما خبر والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم يغلظون على من خالف
دينهم ويتراحمون فيما بينهم كقوله أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين تريهم
ركعا سجدا لأنهم مشتغلون بالصلاة في أكثر أوقاتهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا
الثواب والرضا سيماهم (1) في وجوههم من أثر السجود قيل يريد السمة التي تحدث
في جباههم من كثرة السجود.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عنه فقال هو السهر في الصلاة
ذلك مثلهم في التورية صفتهم العجيبة الشأن المذكورة فيها ومثلهم في الإنجيل.
القمي عن الصادق (عليه السلام) قال نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى الذين

(1) أي علامتهم يوم القيامة أن تكون مواضع سجودهم أشد بياضا.
45

اتيناهم الكتب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) لان الله
عز وجل قد أنزل في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد (صلى الله عليه وآله) ومبعثه
ومهاجره وهو قوله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى قوله في الإنجيل فهذه
صفته في التوراة والإنجيل وصفة أصحابه فلما بعثه الله عرفه أهل الكتاب كما جل
جلاله كزرع أخرج شطئه فراخه وقرئ بالفتحات فازره فقواه من الموازرة وهي
المعاونة أو من الايزار وهي الإعانة وقرئ فأزره كاجره في آجره فاستغلظ فصار من الدقة
إلى الغلظ فاستوى على سوقه فاستقام على قصبه جمع ساق وقرئ سؤقه بالهمزة
يعجب الزراع بكثافته وقوته وغلظه وحسن منظره قيل هو مثل ضربه الله للصحابة
قلوا في بدو الاسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى أمرهم بحيث أعجب الناس ليغيظ
بهم الكفار علة لتشبيههم بالزرع في زكاته واستحكامه وعد الله الذين آمنوا وعملوا
الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما.
في الأمالي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سئل فيمن نزلت هذه الآية قال إذا
كان يوم القيامة عقد لواء من نور أنور ونادى مناد ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا
وقد بعث الله محمد فيقوم علي بن أبي طالب صلوات عليهما فيعطي الله اللواء من
النور الأبيض بيده تحته جميع السابقة الأولين من المهاجرين والأنصار لا يخالطهم
غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا
فيعطى أجره ونوره فإذا أتى على آخرهم قيل لهم قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من
الجنة إن ربكم يقول لكم عندي لكم مغفرة وأجر عظيم يعني الجنة فيقوم علي بن أبي
طالب (عليه السلام) والقوم تحت لوائه معهم حتى يدخل الجنة ثم يرجع إلى منبره ولا
يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة ويترك أقواما على النار
الحديث.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) حصنوا أموالكم ونسائكم
وما ملكت أيمانكم من التلف بقراءة إنا فتحنا لك فتحا فإنه إذا كان ممن يدمن قراءتها
نادى مناد يوم القيامة حتى تسمع الخلائق أنت من عبادي المخلصين الحقوه
بالصالحين من عبادي وأسكنوه جنات النعيم واسقوه من الرحيق المختوم بمزاج الكافور.
46

سورة الحجرات
مدنية عدد آيها ثماني عشرة آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا وقرئ بفتح التاء امرا أو أنفسكم أو لا تتقدموا
ومنه مقدمة الجيش لمقتدميهم بين يدي الله ورسوله قيل المعنى لا تقطعوا امرا
قبل ان يحكما به وقيل لا تقدموا في المشي والمراد بين يدي رسول الله (صلى الله عليه
وآله) وذكر الله تعظيم له واعار بأنه من الله بمكان يوجب اجلاله واتقوا الله في التقديم
إن الله سميع لأقوالكم عليم بأفعالكم.
(2) يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي أي إذا كلمتموه
فلا تجاوزوا أصواتكم عن صوته ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ولا
تبلغوا به الجهر الدائر بينكم بل اجعلوا أصواتكم أخفض من صوته محاماة على
الترحيب ومراعاة للأدب وتكرير النداء لاستدعاء مزيد الاستبصار والمبالغة في الاتقاظ
والدلالة على استقلال المنادى له وزيادة الاهتمام به أن تحبط أعمالكم كراهة أن
تحبط أعمالكم أو لان تحبط وأنتم لا تشعرون إنها محبطة.
القمي نزلت في وفد بني تميم كانوا إذا قدموا على رسول الله (صلى الله عليه
وآله) وقفوا على باب حجرته فنادوا يا محمد اخرج إلينا وكانوا إذا خرج رسول الله (صلى
الله عليه وآله) تقدموه في المشي وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته ويقولون يا
محمد يا محمد ما تقول في كذا كما يكلمون بعضهم بعضا فأنزل الله الآية.
وفي الجوامع عن ابن عباس نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وكان في اذنه
47

وقر وكان جهوري الصوت فكان إذا كلمه رفع صوته وربما تأذى رسول الله (صلى الله
عليه وآله) بصوته قال وروي أنه لما نزلت الآية فقد ثابت فتفقده رسول الله (صلى الله
عليه وآله) فأخبر بشأنه فدعاه فسأله فقال يا رسول الله لقد أنزلت هذه الآية وإني
جهوري الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لست هناك فإنك تعيش بخير وتموت بخير وإنك من أهل الجنة.
وفي تفسير الإمام (عليه السلام) في سورة البقرة عند قوله تعالى لا تقولوا راعنا وقولوا
انظرنا.
عن الكاظم (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قدم المدينة وكثر
حوله المهاجرون والأنصار وكثرت عليه المسائل وكانوا يخاطبونه بالخطاب العظيم
الذي لا يليق به وذلك أن الله تعالى كان قال يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق
صوت النبي (صلى الله عليه وآله) الآية وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهم رحيما
وعليهم عطوفا وفي إزالة الآثام عنهم مجتهدا حتى أنه كان ينظر إلى من يخاطبه فيعمد
على أن يكون صوته مرتفعا على صوته ليزيل عنه ما توعده الله من إحباط عمله حتى
أن رجلا أعرابيا ناداه يوما خلف حائط بصوت له جهوري يا محمد فأجابه بأرفع من
صوته يريد أن لا يأثم الاعرابي بارتفاع صوته.
(3) إن الذين يغضون أصواتهم يخفضونها عند رسول الله مراعاة للأدب
أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى جربها لها ومرنها عليها لهم مغفرة لذنوبهم
وأجر عظيم لغضهم وسائل طاعاتهم والتنكير للتعظيم.
(4) إن الذين ينادونك من وراء الحجرات من خارجها خلفها أو قدامها والمراد
حجرات نسائه (صلى الله عليه وآله) أكثرهم لا يعقلون إذ العقل يقتضي حسن الأدب
ومراعاة الحشمة لمن كان بهذا المنصب.
(5) ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم من الاستعجال والنداء
لما فيه من حفظ الأدب وتعظيم الرسول الموجبين للثناء والثواب والاسعاف
بالمسؤول وفي إليهم إشعار بأنه لو خرج لا لأجلهم ينبغي أن يصبروا حتى يفاتحهم
48

بالكلام أو يتوجه إليهم والله غفور رحيم حيث اقتصر على النصح والتقريع لهؤلاء
المسيئين الأدب التاركين تعظيم الرسول.
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا فتعرفوا وتفحصوا وقرئ بالثاء
المثلثة والباء الموحدة من التثبت.
ونسبها في المجمع إلى الباقر (عليه السلام) يعني فتوقفوا حتى يتبين الحال أن
تصيبوا كراهة إصابتكم قوما بجهالة جاهلين بحالهم فتصبحوا فتصيروا على ما فعلتم
نادمين مغتمين غما لازما متمنين أنه لم يقع.
روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث وليد بن عقبة مصدقا إلى بني المصطلق
وكان بينه وبينهم احنة فلما سمعوا به استقبلوه فحسبهم مقاتليه فرجع وقال لرسول الله
(صلى الله عليه وآله) قد ارتدوا ومنعوا الزكاة فهم بقتالهم فنزلت ويؤيد هذه الرواية ما
في الاحتجاج عن الحسن المجتبى (عليه السلام) في حديث قال وأما أنت يا وليد بن
عقبة فوالله ما ألومك أن تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل أباك صبرا
بيده يوم بدر أم كيف تسبه فقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن وسماك فاسقا
وهو قوله إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا الآية.
والقمي نزل في عائشة حين رمت مارية القبطية واتهمتها بجريح القبطي فأمر
رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتل جريح ليظهر كذبها وترجع عن ذنبها وقد مضى
قصتها في سورة النور.
(7) واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم لوقعتم
في العنت وهو الجهد والهلاك وفيه إشعار بأن بعضهم أشار إليه بالايقاع ببني
المصطلق ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر
والفسوق والعصيان قيل هو خطاب للمؤمنين الذين لم يفعلوا ذلك ولم يكذبوا
لغرضهم الفاسد تحسينا لهم وتعريضا بذم من فعل.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) الفسوق الكذب.
49

وفي الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) حبب إليكم الايمان وزينه في
قلوبكم يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان يعني
الأول والثاني والثالث.
وفي المحاسن عنه (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية وقيل له هل للعباد فيما
حبب الله صنع قال لا ولا كرامة.
وعنه (عليه السلام) الدين هو الحب والحب هو الدين.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) أنه سئل عن الحب والبغض أمن الايمان هو فقال
وهل الايمان إلا الحب والبغض ثم تلا هذه الآية أولئك هم الراشدون يعني أولئك
الذين فعل الله بهم ذلك هم الذين أصابوا الطريق السوي.
(8) فضلا من الله ونعمة والله عليم بأحوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل
حكيم حين يفضل وينعم بالتوفيق عليهم.
(9) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا تقاتلوا والجمع باعتبار المعنى فإن كل
طائفة جمع فأصلحوا بينهما بالنصح والدعاء إلى حكم الله فإن بغت إحديهما على
الأخرى تعدت عليها فقتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله ترجع إلى حكمه وما
أمر به فإن فائت فأصلحوا بينهما بالعدل بفصل ما بينهما على ما حكم الله قيل تقييد
الاصلاح بالعدل هاهنا لأنه مظنة الحيف من حيث إنه بعد المقاتلة وأقسطوا واعدلوا
في كل الأمور إن الله يحب المقسطين قيل نزلت في قتال حدث بين الأوس والخزرج
في عهده بالسعف والنعال.
وفي الكافي والتهذيب والقمي عن الصادق عن أبيه (عليهما السلام) في حديث
قال لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان منكم من يقاتل بعدي
على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل من هو قال خاصف النعل يعني
أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال عمار بن ياسر قاتلت بهذه الراية مع رسول الله (صلى
الله عليه وآله) ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر
50

لعلمنا انا على الحق وإنهم على الباطل وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين (عليه
السلام) ما كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة يوم فتح مكة فإنهم لم يسب لهم ذرية وقال من أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار
أبي سفيان فهو آمن وكذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم البصرة نادى فيهم لا
تسبوا لهم ذرية ولا تجهزوا على جريح ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه وألقى
سلاحه فهو آمن.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة وهم أهل
هذه الآية وهم الذين بغوا على أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان الواجب عليه قتالهم
وقتلهم حتى يفيؤوا إلى أمر الله ولو لم يفيؤوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع
السيف عنهم حتى يفيؤوا ويرجعوا عن رأيهم لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين وهي
الفئة الباغية كما قال الله عز وجل فكان الواجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) ان
يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم كما عدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة
إنما من عليهم وعفا وكذلك صنع علي أمير المؤمنين (عليه السلام) بأهل البصرة حيث
ظفر بهم مثل ما صنع النبي (صلى الله عليه وآله) بأهل مكة حذوا النعل بالنعل.
(10) إنما المؤمنون إخوة.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) بنو أب وأم وإذا ضرب على رجل منهم
عرق سهر له الآخرون.
وعنه (عليه السلام) المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه.
وعن الباقر (عليه السلام) المؤمن أخ المؤمن لأبيه وأمه لان الله خلق المؤمنين
من طينة الجنان واجري في صورهم من ريح الجنة فلذلك هم اخوة لأب وأم.
وفي البصائر عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن تفسير هذا الحديث إن
المؤمن ينظر بنور الله فقال إن الله خلق المؤمن من نوره وصبغهم من رحمته وأخذ
51

ميثاقهم لنا بالولاية على معرفته يوم عرفهم نفسه فالمؤمن أخ المؤمن لأبيه وأمه أبوه
النور وأمه الرحمة وإنما ينظر بذلك النور الذي خلق منه.
أقول: ووجه آخر لاخوة المؤمنين انتسابهم إلى النبي والوصي فقد ورد أنه
(صلى الله عليه وآله) قال أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة ووجه آخر انتسابهم إلى الايمان
الموجب للحياة الأبدية فأصلحوا بين أخويكم.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا
تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا.
وعنه (عليه السلام) لان أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين وعنه
(عليه السلام) إنه قال لمفضل إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي
وفي رواية قال المصلح ليس بكذاب واتقوا الله في مخالفة حكمه والاهمال فيه
لعلكم ترحمون على تقواكم.
(11) يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم
ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن أي لا يسخر بعض المؤمنين والمؤمنات
من بعض إذ قد يكون المسخور منه خيرا عند الله من الساخر القمي نزلت في صفية
بنت حي بن أحطب وكانت زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك إن عائشة
وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها يا بنت اليهودية فشكت ذلك إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها الا تجيبنيهما فقالت بماذا يا رسول الله قال قولي إن أبي
هارون نبي الله وعمي موسى كليم الله وزوجي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فما تنكران مني فقالت لهما فقالتا هذا علمك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله في ذلك يا أيها الذين آمنوا لا يسخر الآية ولا تلمزوا أنفسكم ولا يعب بعضكم
بعضا ولا تنابزوا بالألقاب ولا يدعوا بعضكم بعضا بلقب السوء بئس الاسم
الفسوق بعد الايمان أي بئس الذكر المرتفع للمؤمنين أن يذكروا بالفسق بعد
دخولهم الايمان واشتهارهم به ومن لم يتب عما نهي عنه فأولئك هم الظالمون بوضع
العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب.
52

(12) يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن كونوا منه على جانب وإبهام
الكثير ليحتاط في كل ظن ويتأمل حتى يعلم أنه من أي القبيل إن بعض الظن إثم الاثم الذنب يستحق به العقوبة.
في الكافي عن الصادق عن أمير المؤمنين (عليهما السلام) قال ضع أمر أخيك
على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك منه ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت
تجد لها في الخير محملا.
وفي نهج البلاغة إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن
برجل لم يظهر منه خزيه فقد ظلم وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله ثم أحسن
الرجل الظن برجل فقد غرر ولا تجسسوا ولا تبحثوا عن عورات المؤمنين.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا
تطلبوا عثرات المؤمنين فإنه من يتبع عثرات أخيه يتبع الله عثرته ومن يتبع الله عثرته
يفضحه ولو في جوف بيته ولا يغتب بعضكم بعضا ولا يذكر بعضكم بعضا بالسوء في
غيبته.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن الغيبة فقال هو أن تقول
لأخيك في دينه ما لم يفعل وتبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد
وفي رواية وأما الامر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا.
وعن الكاظم (عليه السلام) من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم
يغتبه ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه ومن ذكره بما ليس فيه
فقد بهته.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من
عامل الناس فلم يظلمهم ومن حدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت
مروته وظهرت عدالته ووجبت اخوته وحرمت غيبته.
ومثله في الكافي وفي الخصال عن الصادق (عليه السلام) وفي المجمع في الحديث
53

قولوا في الفاسق ما فيه كي يحذره الناس.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا ثم قال إن
الرجل يزني ويتوب فيتوب الله عليه وإن صاحب الغيبة لا يغفر له إلا أن يغفر له صاحبه
ومثله.
في الخصال عن الصادق (عليه السلام) أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا
فكرهتموه تمثيل لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفحش وجه مع
مبالغات الاستفهام المقرر وإسناد الفعل إلى أحد للتعميم وتعليق المحبة بما هو في
غاية الكراهة وتمثيل الاغتياب بأكل لحم الانسان وجعل المأكول أخا وميتا وتعقيب
ذلك بقوله فكرهتموه تقريرا وتحقيقا لذلك وقرئ مشددا واتقوا الله إن الله تواب رحيم
لمن اتقى ما نهي عنه وتاب مما فرط منه في الجوامع روي أن أبا بكر وعمر بعثا سلمان
إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليأتي لهما بطعام فبعثه إلى أسامة بن زيد وكان
خازن رسول الله (صلى الله عليه وآله) على رحله فقال ما عندي شئ فعاد إليهما فقالا
بخل اسامة ولو بعثنا سلمان إلى بئر سميخة لغار ماؤها ثم انطلقا إلى رسول الله (صلى
الله عليه وآله) فقال لهما مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما قال يا رسول الله ما
تناولنا اليوم لحما قال ظلمتم تفكهون لحم سلمان وأسامة فنزلت.
(13) يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى من آدم وحواء وجعلناكم شعوبا
وقبائل القمي قال الشعوب العجم والقبائل العرب ورواه في المجمع عن الصادق
(عليه السلام) لتعارفوا ليعرف بعضكم بعضا لا للتفاخر بالاباء والقبائل إن أكرمكم عند
الله أتقيكم فإن بالتقوى تكمل النفوس وتتفاضل الأشخاص فمن أراد شرفا فليلتمس
منها القمي هو رد على من يفتخر بالأحساب والأنساب وقال رسول الله (صلى الله عليه
وآله) يوم فتح مكة يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم بالاسلام نخوة الجاهلية
وتفاخرها بآبائها أن العربية ليست باب والد وإنما هو لسان ناطق فمن تكلم به فهو
عربي الا انكم من آدم وآدم من التراب وإن أكرمكم عند الله أتقاكم.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) يقول الله تعالى يوم القيامة أمرتكم
54

فضيعتم ما عهدت إليكم فيه ورفعتم أنسابكم فاليوم أرفع نسبي واضع أنسابكم أين
المتقون إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
وفي الفقيه عن الصادق عن أبيه عن جده (عليهم السلام) إن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) قال اتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه.
وفي الاعتقادات عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن قوله تعالى إن أكرمكم
عند الله أتقاكم قال أعملكم بالتقية.
وفي الاكمال مثله عن الرضا (عليه السلام) إن الله عليم بكم خبير ببواطنكم.
(14) قالت الاعراب آمنا قيل نزلت في نفر من بني أسد قدموا المدينة في سنة
جدبة وأظهروا الشهادتين وكانوا يقولون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) اتيناك بالأثقال
والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان يريدون الصدقة ويمنون قل لم تؤمنوا به إذ
الايمان تصديق مع ثقة وطمأنينة قلب ولم يحصل لكم ولكن قولوا أسلمنا فإن
الاسلام انقياد ودخول في السلم وإظهار الشهادة وترك المحاربة يشعر به وكان نظم
الكلام أن يقول لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا أو لم تؤمنوا ولكن أسلمتم فعدل منه
إلى هذا النظم احترازا من النهي عن القول بالايمان والجزم باسلامهم وقد فقد شرط
اعتباره شرعا.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) ان الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون
ويتناكحون والايمان عليه يثابون وعنه (عليه السلام) الايمان هو الاقرار باللسان وعقد
في القلب وعمل بالأركان والايمان بعضه من بعض وهو دار وكذلك الاسلام دار
والكفر دار فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ولا يكون مؤمنا حتى يكون
مسلما فالاسلام قبل الايمان وهو يشارك الايمان فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر
المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عز وجل عنها كان خارجا عن
الايمان ساقطا عنه اسم الايمان وثابتا عليه اسم الاسلام فان تاب واستغفر عاد إلى دار
الايمان ولا يخرجه إلى الكفر إلا الجحود والاستحلال الحديث وفي رواية الاسلام
هو الظاهر الذي عليه الناس من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله
55

عليه وآله) وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الاسلام
والايمان معرفة هذا الامر مع هذا فان أقر بها ولم يعرف هذا الامر كان مسلما وكان
ضالا.
وعن الباقر (عليه السلام) المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن
من ائتمنه المسلمون على أموالهم وأنفسهم الحديث.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال الاسلام علانية والايمان في
القلب وأشار إلى صدره ولما يدخل الايمان في قلوبكم توقيت لقولوا وإن تطيعوا
الله ورسوله بالاخلاص وترك النفاق لا يلتكم من أعملكم لا ينقصكم من اجورها
شيئا من الليت وقرئ لا يالتكم من الالت وهو لغة فيه إن الله غفور لما فرط من
المطيعين رحيم بالتفضل عليهم.
(15) إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا لم يشكوا
وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله في طاعته أولئك هم الصادقون الذين
صدقوا في ادعاء الايمان القمي قال نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام).
(16) قل أتعلمون الله بدينكم أتخبرونه بقولكم آمنا والله يعلم ما في
السماوات وما في الأرض والله بكل شئ عليم لا تخفى عليه خافية وهو تجهيل لهم
وتوبيخ روي أنه لما نزلت الآية المتقدمة جاؤوا وحلفوا أنهم مؤمنون معتقدون فنزلت
هذه.
(17) يمنون عليك أن أسلموا يعدون إسلامهم عليك منة قل لا تمنوا على
إسلامكم أي باسلامكم بل الله يمن عليكم أن هديكم للايمان على ما زعمتم مع أن
الهداية لا تستلزم الاهتداء إن كنتم صادقين في ادعاء الايمان القمي نزلت في عثمان
يوم الخندق وذلك أنه مر بعمار بن ياسر وهو يحفر الخندق وقد ارتفع الغبار من الحفرة
فوضع عثمان كمه على أنفه ومر فقال عمار لا يستوي من يعمر المساجد فيصلي فيها
راكعا وساجدا كمن يمر بالغبار حايدا يعرض عنه جاحدا معاندا فالتفت إليه عثمان
فقال يا ابن السوداء إياي تعني ثم أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لم ندخل
56

معك لتسب أعراضنا فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أقلتك إسلامك
فاذهب فأنزل الله عز وجل يمنون عليك ان أسلموا إلى قوله صادقين أي ليسوا هم
صادقين.
(18) إن الله يعلم غيب السماوات والأرض ما غاب فيهما والله بصير بما
تعملون في سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم وقرئ بالياء.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الحجرات
في كل ليلة أو في كل يوم كان من زوار محمد (صلى الله عليه وآله)
57

سورة ق مكية
وهي خمس وأربعون آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ق والقرآن المجيد.
في المعاني عن الصادق (عليه السلام) وأما ق فهو الجبل المحيط بالأرض
وخضرة السماء منه وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها.
والقمي قال ق جبل محيط بالدنيا من وراء يأجوج ومأجوج وهو قسم.
(2) بل عجبوا القمي يعني قريشا أن جائهم منذر منهم قال يعني رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فقال الكافرون هذا شئ عجيب
(3) أئذا متنا وكنا ترابا أي أنرجع إذا متنا وصرنا ترابا ذلك رجع بعيد القمي
قال نزلت في أبي بن خلف قال لأبي جهل تعال إلي لا عجبك من محمد (صلى الله
عليه وآله) ثم أخذ عظما ففته ثم قال يا محمد تزعم أن هذا يحيى.
(4) قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ما تأكل من أجساد موتاهم وعندنا كتب
حفيظ حافظ لتفاصيل الأشياء كلها أو محفوظ عن التغيير.
(5) بل كذبوا بالحق لما جائهم فهم في أمر مريج مضطرب فتارة يقولون إنه
شاعر وتارة إنه ساحر وتارة إنه كاهن إلى غير ذلك.
(6) أفلم ينظروا حين كفروا بالبعث إلى السماء فوقهم إلى اثار قدرة الله في
58

خلق العالم كيف بنيناها رفعناها بلا عمد وزينها بالكواكب وما لها من فروج فتوق بأن
خلقها ملساء متلاصقة الطباق.
(7) والأرض مددناها بسطناها وألقينا فيها رواسي جبالا ثوابت وأنبتنا فيها من
كل زوج بهيج من كل صنف حسن.
(8) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب راجع إلى ربه متفكر في بدائع صنعه.
(9) ونزلنا من السماء ماء مبركا كثير المنافع.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في
هذه الآية ليس من ماء في الأرض إلا وقد خالطه ماء السماء فأنبتنا به جنت أشجار أو
ثمار وحب الحصيد وحب الزرع الذي من شأنه أن يحصد كالبر والشعير.
(10) والنخل باسقات طوالا أو حوامل وإفرادها بالذكر لفرط ارتفاعها وكثرة
منافعها لها طلع نضيد منضود بعضه فوق بعض.
(11) رزقا للعباد وأحيينا به بذلك الماء بلدة ميتا أرضا جدبة لا نماء فيها كذلك
الخروج كما أنزلنا الماء من السماء وأخرجنا به النبات من الأرض وأحيينا به البلدة
الميت يكون خروجكم إحياء بعد موتكم وهو جواب لقولهم أئذا متنا وكنا ترابا ذلك
رجع بعيد.
(12) كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس الذين رسوا نبيهم في الأرض
أي رسوه كما سبق قصتهم في سورة الفرقان.
(13) وثمود وعاد وفرعون أراد إياه وقومه ليلائم ما قبله وما بعده وإخوان
لوط.
(14) وأصحاب الأيكة الغيضة وهم سورة الحجر
وقوم تبع كما سبق ذكره في سورة الدخان كل كذب الرسل فحق وعيد فوجب وحل
عليه وعيدي وفيه تسلية للرسول وتهديد لهم.
59

(15) أفعيينا بالخلق الأول أفعجزنا عن الابداء حتى نعجز عن الإعادة بل
هم في لبس من خلق جديد أي هم لا ينكرون قدرتنا عن الخلق الأول بل هم في خلط
وشبهة في خلق مستأنف لما فيه من مخالفة الإعادة والتنكير للتعظيم والاشعار بأنه على
وجه غير متعارف ولا معتاد في التوحيد عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية
فقال تأويل ذلك أن الله تعالى إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وسكن أهل الجنة الجنة
وأهل النار النار جدد الله عالما غير هذا العالم وجدد خلقا من غير فحولة ولا إناث
يعبدونه ويوحدونه وخلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم وسماء غير هذه السماء
تظلهم لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد وترى أن الله لم يخلق بشرا
غيركم بلى والله لقد خلق ألف ألف عالم وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم
وأولئك الآدميين.
وفي الخصال والعياشي عنه (عليه السلام) ما يقرب منه وقد مضى في سورة
إبراهيم (عليه السلام).
(16) ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ما تحدث به نفسه وهو ما
يخطر بالبال والوسوسة الصوت الخفي ونحن أقرب إليه من حبل الوريد الحبل
العرق وإضافته للبيان والوريدان عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها متصلان
بالوتين يردان إليه من الرأس وحبل الوريد مثل في القرب.
(17) إذ يتلقى المتلقيان إذ يتلقى الحفيظان ما يتلفظ به وفيه إشعار بأنه غني عن
استحفاظ الملكين فإنه أعلم منهما ومطلع على ما يخفى عليهما لأنه أقرب إليه منهما
ولكنه لحكمة اقتضته من تشديد في تثبط العبد عن المعصية وتأكيد في اعتبار
الاعمال وضبطها للجزاء وإلزام الحجة يوم يقوم الاشهاد عن اليمين وعن الشمال
قعيد.
(18) يلفظ من قول إلا لديه رقيب ملك يرقب عمله عتيد معد حاضر.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال ما من قلب إلا وله اذنان على إحداهما
ملك مرشد وعلى الأخرى شيطان مفتن هذا يأمره وهذا يزجره الشيطان يأمره
60

بالمعاصي والملك يزجره عنها وقوله تعالى عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من
قول إلا لديه رقيب عتيد.
وفي الجوامع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال كاتب الحسنات على يمين
الرجل وكاتب السيئات على شماله وصاحب اليمين أمير على صاحب الشمال فإذا
عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب
الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) ما يقرب منه
ويستفاد منه إن كليهما ملكان كاتبان. فلعل الكتابين غير الامر والزاجر.
(19) وجائت سكرة الموت بالحق لما ذكر استبعادهم البعث وأزاح ذلك
بتحقيق قدرته وعلمه أعلمهم بأنهم يلاقون ذلك عن قريب عند الموت وقيام الساعة
ونبه على اقترابه بأن عبر عنه بلفظ الماضي وسكرة الموت شدته الذاهبة بالعقل.
وفي المجمع في الشواذ وجاءت سكرة الحق بالموت قال ورواها أصحابنا عن
أئمة الهدى (عليهم السلام) والقمي قال نزلت وجاءت سكرة الحق بالموت ذلك ما
كنت منه تحيد تميل وتفر عنه والخطاب للانسان القمي قال نزلت في الأول.
(20) ونفخ في الصور يعني نفخة البعث ذلك يوم الوعيد يوم تحقق الوعيد
وانجازه.
(21) وجائت كل نفس معها سائق وشهيد.
في نهج البلاغة سائق يسوقها إلى محشرها وشاهد يشهد عليها بعملها.
(22) لقد كنت في غفلة من هذا على إضمار القول فكشفنا عنك غطائك
الغطاء الحاجب لأمور المعاد وهو الغفلة والانهماك في المحسوسات والألف بها
وقصور النظر عليها فبصرك اليوم حديد نافذ لزوال المانع للابصار.
(23) وقال قرينه قيل الملك الموكل عليه أو الشيطان الذي قيض له والقمي
أي شيطانه وهو الثاني.
61

وفي المجمع عنهما (عليهما السلام) يعني الملك الشهيد عليه هذا ما لدى عتيد
هذا ما هو مكتوب عندي حاضر لدي أو هذا ما عندي وفي ملكتي هيأته لجهنم
بإغوائي وإضلالي.
(24) ألقيا في جهنم كل كفار عنيد قيل خطاب من الله للسائق والشهيد.
والقمي مخاطبة للنبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) وذلك قول
الصادق (عليه السلام) علي قسيم الجنة والنار.
وعن السجاد عن أبيه عن جده أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله) إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد
كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش ثم يقول الله تبارك وتعالى لي ولك قوما فألقيا
من أبغضكما وكذبكما في النار.
وفي المجمع والا مالي من طريق العامة مثله وزادا وأدخلا الجنة من أحبكما
وذلك قوله تعالى ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.
وفي رواية أخرى في الا مالي قال نزلت في وفيك يا بن أبي طالب الحديث.
(25) مناع للخير كثير المنع للمال عن حقوقه المفروضة معتد متعد مريب شاك
في الله وفي دينه.
(26) الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد.
(27) قال قرينه أي الشيطان المقيض له ربنا ما أطغيته كأن الكافر قال هو
أطغاني فقال قرينه ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد فأعنته عليه فإن اغواء الشيطان
إنما يؤثر فيمن كان مختل الرأي مائلا إلى الفجور كما قال وما كان لي عليكم من
سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي القمي قال المناع الثاني والخير ولاية علي (عليه
السلام) وحقوق آل محمد صلوات الله عليهم ولما كتب الأول كتاب فدك بردها على
فاطمة (عليها السلام) منعه الثاني فهو معتد مريب الذي جعل مع الله إلها آخر قال هو ما
قال نحن كافرون بمن جعل لكم الإمامة والخمس وأما قوله قال قرينه أي شيطانه وهو
62

الثاني ربنا ما أطغيته يعني الأول.
(28) قال أي الله لا تختصموا لدى أي في موقف الحساب فإنه لا فائدة فيه وقد
قدمت إليكم بالوعيد على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسلي فلم تبق لكم حجة.
(29) ما يبدل القول لدى بوقوع الخلف فيه وعفو بعض المذنبين لبعض
الأسباب ليس من التبديل لأنه إنما يكون عمن قضى بالعفو عنه فهو أيضا مما لا يبدل
لديه وما أنا بظلام للعبيد فاعذب من ليس لي تعذيبه.
(30) يوم نقول لجهنم وقرئ بالياء هل امتلأت وتقول هل من مزيد قيل
سؤال وجواب جئ فوجا فوجا حتى تمتلي لقوله لأملأن جهنم أو أنها من السعة بحيث
يدخلها من يدخلها وفيها بعد فراغ أو أنها من شدة زفيرها وحدتها وتشبثها بالعصاة
كالمستكثر لهم والطالب لزيادتهم والقمي قال هو استفهام لان الله وعد النار أن
يملاها فتمتلي النار ثم يقول لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد على حد الاستفهام
أي ليس في مزيد قال فتقول الجنة يا رب وعدت النار ان تملأها ووعدتني أن تملأني
فلم تملأني وقد ملأت النار قال فيخلق الله يومئذ خلقا فيملا بهم الجنة فقال
أبو عبد الله (عليه السلام) طوبى لهم لم يروا غموم الدنيا وهمومها.
(31) وأزلفت الجنة للمتقين قربت لهم غير بعيد مكانا غير بعيد القمي
أزلفت أي زينت غير بعيد قال بسرعة.
(32) هذا ما توعدون على إضمار القول وقرئ بالياء لكل أواب رجاع إلى الله
بدل من المتقين بإعادة الجار حفيظ حافظ لحدوده.
(33) من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب.
(34) ادخلوها يقال لهم ادخلوها بسلام سالمين من العذاب وزوال النعم أو
مسلما عليكم من الله وملائكته ذلك يوم الخلود.
(35) لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد وهو ما لا يخطر ببالهم مما لا عين رأت
63

ولا اذن القمي قال النظر إلى رحمة الله وقد مضى في
سورة السجدة ولقمان (عليه السلام) حديث في معنى هذه الآية.
(36) وكم أهلكنا قبلهم قبل قومك من قرن هم أشد منهم بطشا قوة كعاد وثمود
فنقبوا في البلاد فخرقوا البلاد وتصرفوا فيها أو جالوا في الأرض كل مجال وأصل
التنقيب التنقير عن الشئ والبحث عنه هل من محيص لهم من الله أو من الموت.
(37) إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أي قلب واع يتفكر في حقائقه.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) في حديث هشام يعني عقل أو ألقى السمع
أو اصغي لاستماعه وهو شهيد حاضر بذهنه ليفهم معانيه وفي تنكير القلب وإبهامه
تفخيم وإشعار بأن كل قلب لا يتفكر ولا يتدبر كلا قلب.
في المعاني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنا ذو القلب ثم تلا هذه الآية في
حديث له.
(38) ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام مر تفسيره مرارا
وما مسنا من لغوب من تعب واعياء وهو رد لما زعمت اليهود من أنه تعالى بدأ خلق
العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش.
وفي روضة الواعظين روي أن اليهود أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فسألته عن
خلق السماوات والأرض فقال خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال وما
فيهن يوم الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب وخلق
يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة قالت
اليهود ثم ماذا يا محمد قال
ثم استوى على العرش قالوا قد أصبت لو أتممت قالوا ثم
استراح فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) غضبا شديدا فنزلت ولقد خلقنا السماوات الآية.
(39) فاصبر على ما يقولون ما يقول المشركون من وصف الحق بما لا يليق
بجنابه وسبح بحمد ربك ونزهه عن الوصف بما يوجب التشبيه حامدا له على ما أنعم
عليك من إصابة الحق وغيرها قبل طلوع الشمس وقبل الغروب يعني الفجر
64

والعصر وقد مضى فضيلة الوقتين.
(40) ومن الليل فسبحه وسبحه بعض الليل وأدبار السجود وأعقاب الصلاة
وقرئ بالكسر من أدبرت الصلاة إذا انقضت.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية فقال تقول حين
تصبح وحين تمسي عشر مرات لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن قوله تعالى وأدبار السجود فقال
ركعتان بعد المغرب.
ومثله في المجمع عن النبي وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما والحسن المجتبى
(عليه السلام) والقمي عن الرضا (عليه السلام) قال أربع ركعات بعد المغرب.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) إنه الوتر من آخر الليل.
(41) واستمع يوم يناد المناد قيل للبعث وفصل القضاء والقمي قال يناد
المنادي باسم القائم واسم أبيه (عليهما السلام) من مكان قريب بحيث يصل نداؤه إلى
الكل على سواء.
(42) يوم يسمعون الصيحة بالحق القمي قال صيحة القائم من السماء ذلك
يوم الخروج.
القمي عن الصادق (عليه السلام) قال هي الرجعة. (43) إنا نحن نحيى ونميت وإلينا المصير في الآخرة.
(44) يوم تشقق تتشقق وقرئ بالتخفيف الأرض عنهم سراعا مسرعين ذلك
حشر بعث وجمع علينا يسير هين القمي قال في الرجعة.
(45) نحن أعلم بما يقولون تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله) وتهديد لهم
وما أنت عليهم بجبار بمسلط تقهرهم على الايمان أو تفعل بهم ما تريد وإنما أنت داع
فذكر بالقرآن من يخاف وعيد فإنه لا ينتفع به غيره.
65

في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) من أدمن في فرائضه ونوافله
سورة ق وسع الله عليه في رزقه وأعطاه كتابه بيمينه وحاسبه حسابا يسيرا.
66

سورة الذاريات
مكية عدد آيها ستون آية بالاجماع.
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والذاريات ذروا ذروا يعني الرياح تذرو التراب وغيره.
(2) فالحاملات وقرا فالسحب الحاملة للأمطار.
(3) فالجاريات يسرا فالسفن الجارية في البحر سهلا.
(4) فالمقسمات أمرا الملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق
وغيرهما.
القمي عن الصادق (عليه السلام) إن أمير المؤمنين (عليه السلام) سئل عن
الذريات ذروا قال الريح وعن الحاملات وقرا قال السحاب وعن الجاريات يسرا قال
هي السفن وعن المقسمات أمرا قال الملائكة.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله وفي الفقيه عن الرضا (عليه
السلام) في قوله فالمقسمات أمرا قال الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما بين طلوع
الفجر إلى طلوع الشمس فمن ينام فيما بينهما نام عن رزقه والقمي وهو قسم كله.
وفي المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) قالا لا يجوز لاحد أن يقسم إلا
بالله تعالى والله سبحانه يقسم بما شاء من خلقه.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) ما في معناه.
(5) إنما توعدون لصادق.
67

وإن الدين لواقع جواب القسم قيل كأنه استدل باقتداره على هذه الأشياء
العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة على اقتداره على البعث الموعود والدين الجزاء
والواقع الحاصل.
(7) والسماء ذات الحبك قيل ذات الطرائق الحسنة وأريد بها مسير الكواكب
أو نضدها على طرائق التزيين.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات الحسن والزينة.
والقمي عن الرضا (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال هي محبوكة إلى
الأرض وشبك بين أصابعه فقيل كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول رفع
السماوات بغير عمد فقال سبحان الله أليس يقول بغير عمد ترونها فقيل بلى فقال فثم
عمد ولكن لا ترونها فقيل كيف ذلك فبسط كفه اليسرى ثم وضع يده اليمنى عليها فقال
هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها فوقها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا
والسماء الثانية فوقها قبة والأرض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها قبة
والأرض الرابعة فوق السماء الثالثة والسماء الرابعة فوقها قبة والأرض الخامسة فوق
السماء الرابعة والسماء الخامسة فوقها قبة والأرض السادسة فوق السماء الخامسة
والسماء السادسة فوقها قبة والأرض السابعة فوق السماء السادسة والسماء السابعة
فوقها قبة وعرش الرحمان تبارك وتعالى فوق السماء السابعة وهو قول الله الذي خلق
سبع سماوات طباقا ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن فأما صاحب الامر فهو رسول
الله والوصي بعد رسول الله صلوات الله عليهما قائم على وجه الأرض فإنما يتنزل
الامر إليه من فوق السماء بين السماوات والأرضين قيل فما تحتنا إلا أرض واحدة قال
وما تحتنا إلا أرض واحدة وان الست لهي فوقنا.
والعياشي عنه (عليه السلام) مثله.
أقول: كأنه جعل سماء أرضا بالإضافة إلى ما فوقها وسماء بالإضافة إلى ما
تحتها فيكون التعدد باعتبار تعدد سطحيها.
68

(8) إنكم لفي قول مختلف.
(9) يؤفك عنه من أفك يصرف عنه من صرف.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) لفي قول مختلف في أمر الولاية قال من أفك
عن الولاية افك عن الجنة
والقمي ما في معناه.
(10) قتل الخراصون الكذابون من أصحاب القول المختلف وأصله الدعاء
بالقتل أجري مجرى اللعن القمي الخراصون الذين يخرصون الدين بآرائهم من غير
علم ولا يقين.
(11) الذين هم في غمرة في جهل وضلال يغمرهم ساهون غافلون عما أمروا
به.
(12) يسئلون أيان يوم الدين متى يكون يوم الجزاء أي وقوعه.
(13) يوم هم على النار يفتنون يحرقون ويعذبون.
(14) ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون يقال لهم هذا القول.
(15) إن المتقين في جنات وعيون.
(16) آخذين ما اتيهم ربهم قابلين لما أعطاهم راضين به ومعناه أن كل ما
اتاهم حسن مرضي متلقى بالقبول إنهم كانوا قبل ذلك محسنين قد أحسنوا أعمالهم
وهو تعليل لاستحقاقهم ذلك.
(17) كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ينامون تفسير لاحسانهم.
في الكافي والمجمع عن الصادق (عليه السلام) كانوا أقل الليالي يفوتهم لا يقومون فيها.
وفي التهذيب عن الباقر (عليه السلام) كان القوم ينامون ولكن كلما انقلب
أحدهم قال الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
69

(18) وبالاسحار هم يستغفرون.
في التهذيب والمجمع عن الصادق (عليه السلام) كانوا يستغفرون الله في الوتر
في آخر الليل سبعين مرة.
(19) وفى أموالهم حق نصيب يستوجبونه على أنفسهم تقربا إلى الله وإشفاقا
على الناس للسائل والمحروم.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال المحروم المحارف الذي قد حرم
كد يده في الشراء والبيع.
وعنه وعن أبيه (عليهما السلام) المحروم الرجل الذي ليس بعقله بأس ولا يبسط
له في الرزق وهو المحارف.
(20) وفى الأرض آيات للموقنين دلائل تدل على عظمة الله وعلمه وقدرته
وإرادته ووحدته وفرط رحمته كما قيل وفي كل شئ له آية تدل على أنه واحد.
(21) وفى أنفسكم أي وفي أنفسكم آيات إذ ما في العالم شئ إلا وفي
الانسان له نظير يدل دلالته مع ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية
والتركيبات العجيبة والتمكن من الافعال الغريبة واستنباط الصنايع المختلفة
واستجماع الكمالات المتنوعة.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) يعني إنه خلقك سميعا بصيرا تغضب
وترضى وتجوع وتشبع وذلك كله من آيات الله والقمي مثله أفلا تبصرون تنظرون نظر
من يعتبر.
في الخصال عن الصادق عن أبيه عن أبيه (عليهم السلام) إن رجلا قام إلى
أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال يا أمير المؤمنين بما عرفت ربك قال بفسخ العزم
ونقض الهم لما أن هممت فحال بيني وبين همي وعزمت فخالف القضاء عزمي علمت
أن المدبر غيري.
وفي التوحيد مثل هذا السؤال والجواب عن الصادق (عليه السلام).
70

(22) وفى السماء رزقكم أسباب رزقكم وما توعدون قيل أي الجنة فإنها فوق
السماء السابعة والقمي قال المطر ينزل من السماء فتخرج به أقوات العالم من الأرض
وما توعدون من أخبار الرجعة والقيامة والاخبار التي في السماء.
وعن الحسن المجتبى (عليه السلام) أنه سئل عن أرزاق الخلائق فقال في
السماء الرابعة تنزل بقدر وتبسط بقدر.
(23) فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون أي مثل نطقكم
كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون ينبغي أن لا تشكوا في تحقيق ذلك وقرئ مثل
بالرفع.
(24) هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين.
(25) إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام عدل به إلى الرفع لقصد الثبات
حتى تكون تحيته أكثر من تحيتهم وقرئ سلم قوم منكرون أي أنتم قوم منكرون.
(26) فراغ إلى أهله فذهب إليهم في خفية من ضيفه فإن من أدب المضيف أن
يبادر بالقرى حذرا من أن يكفه الضيف أو يصير منتظرا فجاء بعجل سمين لأنه كان
عامة ماله البقر.
(27) فقربه إليهم قال ألا تأكلون أي منه.
(28) فأوجس منهم خيفة فأضمر منهم خوفا لما رأى إعراضهم عن طعامه لظنه
أنهم جاؤوه لشر قالوا لا تخف انا رسل ربك وبشروه بغلام هو إسحق عليم يكمل
علمه إذا بلغ.
(29) فأقبلت امرأته سارة في صرة قيل في صيحة من الصرير.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) في جماعة والقمي مثله فصكت وجهها
قيل فلطمت بأطراف الأصابع جبهتها فعل المتعجب والقمي أي غطته وقالت عجوز
عقيم أي أنا عجوز عاقر فكيف ألد.
71

قالوا كذلك قال ربك وإنما نخبرك به عنه إنه هو الحكيم العليم فيكون
قوله حقا وفعله محكما.
(31) قال فما خطبكم أيها المرسلون لما علم أنهم ملائكة وأنهم لا ينزلون
مجتمعين إلا لامر عظيم سأل عنه.
(32) قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين يعنون قوم لوط.
(33) لنرسل عليهم حجارة من طين يريد السجيل فإنه طين متحجر.
(34) مسومة مرسلة أو معلمة عند ربك للمسرفين المجاوزين الحد في
الفجور.
(35) فأخرجنا من كان فيها في قرى قوم لوط من المؤمنين ممن آمن بلوط.
(36) فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين غير أهل بيت وهي منزل لوط.
كما في العلل عن النبي (صلى الله عليه وآله).
(37) وتركنا فيها آية علامة عبرة للسيارة للذين يخافون العذاب الأليم فإنهم
المعتبرون بها وقد مضت هذه القصة في سورة الأعراف وهود والحجر مفصلة.
وفى موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين هو معجزاته كاليد
والعصا.
(39) فتولى بركنه فأعرض عن الايمان به كقوله ونأى بجانبه أو فتولى بما كان
يتقوى به من جنوده وقال سحر أي هو ساحر أو مجنون كأنه جعل ما ظهر عليه من
الخوارق منسوبا إلى الجن وتردد في أنه حصل ذلك باختياره وسعيه أو بغيرهما.
(40) فأخذنه وجنوده فنبذناهم في اليم فأغرقناهم في البحر وهو مليم آت بما
يلام عليه من الكفر والعناد.
(41) وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم قيل سماها عقيما لأنها أهلكتهم
72

وقطعت دابرهم أو لأنها لم تتضمن منفعة.
في الفقيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) الرياح خمسة منها الريح العقيم
فتعوذوا بالله من شرها.
وفيه وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إن لله عز وجل جنودا من الريح يعذب
بها من عصاه.
(42) ما تذر من شئ أتت عليه مرت عليه إلا جعلته كالرميم كالرماد من الرم
وهو البلى والتفتت.
(43) وفى ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين تمتعوا في داركم ثلاثة أيام.
(44) فعتوا عن أمر ربهم فاستكبروا عن امتثاله فأخذتهم الصعقة بعد الثلاثة
وقرئ الصعقة وهي المرة من الصعق وهم ينظرون إليها فإنها جاءتهم معاينة بالنهار.
(45) فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين ممتنعين منه وقد مضت
قصتهم غير مرة.
(46) وقوم نوح وقرئ بالجر من قبل من قبل هؤلاء إنهم كانوا قوما فاسقين
خارجين عن الاستقامة بالكفر والعصيان.
(47) والسماء بنيناها بأيد بقوة وإنا لموسعون قيل أي لقادرون من الوسع
بمعنى الطاقة أو لموسعون السماء.
(48) والأرض فرشناها مهدناها لتستقروا عليها فنعم المهدون نحن.
(49) ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون.
في الكافي عن الرضا (عليه السلام) في خطبة وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا
ضد له وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ضاد النور بالظلمة واليبس بالبلل
والخشن باللين والصرد بالحرور مؤلفا بين متعادياتها مفرقا بين متدانياتها دالة بتفريقها
على مفرقها وبتأليفها على مؤلفها وذلك قوله ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم
73

تذكرون ففرق بين قبل وبعد ليعلم ان لا قبل له ولا بعد الحديث.
(50) ففروا إلى الله قيل فروا من عقابه بالايمان والتوحيد وملازمة الطاعة.
وفي الكافي والمعاني عن الباقر (عليه السلام) ففروا إلى الله قال حجوا إلى
الله.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) مثله إني لكم منه نذير مبين قيل أي من
عذابه المعد لمن اشرك وعصى.
(51) ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين تكرير للتأكيد أو
الأول مرتب على ترك الايمان والطاعة والثاني على الاشراك.
(52) كذلك أي الامر مثل ذلك والإشارة إلى تكذيبهم الرسول وتسميتهم إياه
ساحرا أو مجنونا ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون كالتفسير
له.
(53) أتواصوا به أي كأن الأولين والآخرين منهم أوصى بعضهم بعضا بهذا
القول حتى قالوه جميعا بل هم قوم طاغون اضراب عن أن التواصي جامعهم لتباعد
أيامهم إلى أن الجامع لهم على هذا القول مشاركتهم في الطغيان الحامل عليه.
(54) فتول عنهم فأعرض عن مجادلتهم بعدما كررت عليهم الدعوة فأبوا إلا
الاصرار والعناد فما أنت بملوم على الاعراض بعد ما بذلت جهدك في البلاغ.
(55) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين فإنها تزداد بصيرة.
(55) في الكافي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) انهما قالا إن الناس لما كذبوا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) هم الله تبارك وتعالى باهلاك أهل الأرض عليا فما سواه
بقوله فتول عنهم فما أنت بملوم ثم بدا له فرحم المؤمنين ثم قال لنبيه (صلى الله عليه
وآله) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين والقمي مثله.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) أراد هلاكهم ثم بدا لله فقال وذكر الآية.
74

وفي المجمع عن علي (عليه السلام) لما نزلت فتول عنهم لم يبق أحد منا إلا
أيقن بالهلكة فلما نزل وذكر الآية طابت أنفسنا.
(56) وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.
في العلل عن الصادق (عليه السلام) قال خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) على أصحابه فقال أيها الناس إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه
عبدوه وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه فقال له رجل يا بن رسول الله
بأبي أنت وأمي فما معرفة الله قال معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي تجب عليهم
طاعته.
وعن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال خلقهم ليأمرهم بالعبادة
قيل قوله تعالى ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم قال خلقهم
ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم.
والقمي قال خلقهم للامر والنهي والتكليف وليست خلقة جبران يعبدوه ولكن
خلقة اختيار ليختبرهم بالأمر والنهي ومن يطع الله ومن يعصي وفي حديث آخر هي
منسوخة بقوله ولا يزالون مختلفين.
والعياشي عنه (عليه السلام) إنه سئل عنها قال خلقهم للعبادة قيل قوله ولا يزالون
مختلفين إلا من رحم ربك فقال نزلت هذه بعد تلك.
: أقول لما كان خلق العالم إنما هو للامام الذي لا تخلوا الأرض منه وخلق
الامام إنما هو للعبادة الناشئة من المعرفة المورثة لمعرفة أخرى كما حقق في محله
صح ان يقال خلق الجن والإنس إنما هو لحصول العبادة ولما كان الكل داخلا تحت
التكليف والعبادة مطلوبة من الكل اختيارا واختبارا وإن لم يأتمر الكل بسوء اختيار
بعضهم جاز أن يقال خلقهم إنما هو للتكليف بها ولما صاروا مختلفين وتمرد أكثرهم
عن العبادة بعد كونهم جميعا مأمورين بها جاز أن يقال هذه منسوخة بتلك فالاخبار
كلها متلائمة غير مختلفة ولا نسخ في الحقيقة بالمعنى المعهود منه فليتدبر.
75

(57) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون كما هو شأن السادة مع
عبيد هم فإنهم إنما يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم تعالى الله عن ذلك
قيل ويحتمل أن يقدر بقل فيكون بمعنى قوله قل لا أسئلكم عليه أجرا.
(58) إن الله هو الرزاق الذي يرزق كل ما يفتقر إلى الرزق ذو القوة المتين.
(59) فإن للذين ظلموا رسول الله بالتكذيب وغصب حقوق أهل بيته القمي
ظلموا آل محمد صلوات الله عليهم حقهم ذنوبا نصيبا من العذاب مثل ذنوب
أصحبهم مثل نصيب نظرائهم من الأمم السالفة وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء
بالدلاء فإن الذنوب هو الدلو العظيم المملوء فلا يستعجلون القمي العذاب.
(60) فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون من يوم القيامة أو الرجعة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الذاريات
في يومه أو في ليلته أصلح الله معيشته وأتاه برزق واسع ونور له قبره بسراج يزهر
إلى يوم القيامة إن شاء الله.
76

سورة الطور
مكية عدد آيها تسع وأربعون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والطور قيل يريد طور سينين وهو جبل بمدين سمع فيها موسى (عليه السلام)
كلام الله والقمي ما يقرب منه.
(2) وكتاب مسطور مكتوب.
(3) في رق منشور الرق الجلد الذي يكتب فيه استعير لما كتب فيه الكتاب
وتنكيرهما للتعظيم والاشعار بأنهما ليسا من المتعارف بين الناس.
(4) والبيت المعمور القمي قال هو في السماء الرابعة وهو الضراح يدخله كل
يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه أبدا.
في المجمع عن الباقر (عليه السلام) إنه قال إن الله وضع تحت العرش أربع
أساطين وسماهن الضراح وهو البيت المعمور وقال للملائكة طوفوا به ثم بعث ملائكة
فقال ابنوا في الأرض بيتا بمثاله وقدره وأمر من في الأرض أن يطوفوا بالبيت.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا
يعودون إليه أبدا وعن النبي (صلى الله عليه وآله) البيت المعمور في السماء الدنيا.
وعنه (عليه السلام) البيت الذي في السماء الدنيا يقال له الضراح وهو بفناء البيت
الحرام لو سقط لسقط عليه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبدا.
: أقول وفي حديث المعراج إنه في السماء السابعة رواه القمي والعياشي.
77

(5) والسقف المرفوع القمي قال السماء.
ورواه في المجمع عن علي (عليه السلام).
(6) والبحر المسجور قيل أي المملوء وهو المحيط أو الموقد من قوله وإذا
البحار سجرت والقمي قال يسجر يوم القيامة وروي أن الله يجعل يوم القيامة البحار
نارا يسجر بها جهنم.
(7) إن عذاب ربك لوقع لنازل.
(8) ما له من دافع يدفعه قيل وجه دلالة هذه الأمور المقسم بها على ذلك انها
أمور تدل على كمال قدرة الله وحكمته وصدق اخباره وضبط اعمال العباد للمجازاة.
(9) يوم تمور السماء مورا تضطرب.
(10) وتسير الجبال سيرا القمي أي تسير مثل الريح.
وعن السجاد (عليه السلام) في حديث النفختين وقد سبق في سورة الزمر قال
يعني تبسط.
(11) فويل يومئذ للمكذبين.
(12) الذين هم في خوض يلعبون القمي قال يخوضون في المعاصي.
(13) يوم يدعون إلى نار جهنم دعا يدفعون إليها بعنف.
(14) هذه النار التي كنتم بها تكذبون أي يقال لهم ذلك.
(15) أفسحر هذا أي كنتم تقولون للوحي هذا سحر فهذا المصداق أيضا سحر
أم أنتم لا تبصرون هذا كما كنتم لا تبصرون في الدنيا ما يدل عليه وهو تقريع وتهكم.
(16) اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا أي ادخلوها على أي وجه شئتم من
الصبر وعدمه فإنه لا محيص لكم عنها سواء عليكم أي الأمران الصبر وعدمه إنما
تجزون ما كنتم تعملون تعليل للاستواء.
78

(17) إن المتقين في جنات ونعيم في أية جنات وأي نعيم.
(18) فاكهين ناعمين متلذذين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم.
(19) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون.
(20) متكئين على سرر مصفوفة مصطفة وزوجناهم بحور عين سبق
حديثهن في سورة الدخان.
(21) والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وقرئ
واتبعناهم وذرياتهم.
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن
كانوا دونه لتقر بهم عينه ثم تلا هذه الآية.
وفي الكافي والفقيه والتوحيد عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال
قصرت الأبناء عن عمل الاباء فالحقوا الأبناء بالاباء لتقر بذلك أعينهم.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم
القيامة والقمي مثله.
وفي الفقيه عنه (عليه السلام) قال إن الله تبارك وتعالى كفل إبراهيم وسارة أطفال
المؤمنين يغدونهم بشجرة في الجنة لها أخلاف كأخلاف البقر في قصر من درة فإذا
كان يوم القيامة البسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم فهم ملوك في الجنة مع آبائهم وهدا
قول الله عز وجل والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم الآية وما ألتناهم وما نقصناهم وقرئ
بكسر اللام وهو بمعناه من عملهم من شئ بهذا الالحاق بل نتفضل عليهم.
في الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) الذين آمنوا النبي وأمير المؤمنين
وذريته الأئمة والأوصياء (عليهم السلام) ألحقنا بهم ولم ننقص ذريتهم الحجة التي جاء
بها محمد في علي وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة كل امرئ بما كسب رهين بعمله
مرهون عند الله فإن عمل صالحا فكه وإلا أهلكه.
79

(22) وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون وزدناهم وقتا بعد وقت ما
يشتهون من أنواع النعم.
(23) يتنازعون فيها يتعاطون هم وجلسائهم بتجاذب كأسا خمرا سمي باسم
محلها ولذلك أنث ضميرها لا لغو فيها ولا تأثيم أي لا يتكلمون بلغو الحديث في
أثناء شربها ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله كما هو عادة الشاربين في الدنيا وذلك مثل
قوله لا فيها غول وقرئ بالفتح القمي قال ليس في الجنة غناء ولا فحش ويشرب
المؤمن ولا يأثم.
(24) ويطوف عليهم أي بالكأس غلمان لهم أي مماليك مخصوصون بهم
وقيل أولادهم الذين سبقوهم كأنهم لؤلؤ مكنون مصون في الصدف من بياضهم
وصفائهم.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سئل الخادم كاللؤلؤ فكيف
المخدوم فقال والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة
البدر على سائر الكواكب.
(25) وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون يسأل بعضهم بعضا عن أحواله
وأعماله.
(26) قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين القمي أي خائفين من العذاب.
(27) فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم عذاب النار النافذة في
المسام نفوذ السموم.
القمي قال السموم الحر الشديد.
(28) إنا كنا من قبل من قبل ذلك في الدنيا ندعوه نعبده إنه وقرئ بالفتح هو
البر المحسن الرحيم الكثير الرحمة.
(29) فذكر فاثبت على التذكير ولا تكترث بقولهم فما أنت بنعمة ربك بحمد
الله وإنعامه بكاهن ولا مجنون كما يقولون.
80

(30) أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ما يقلق النفوس من حوادث
الدهر وقيل المنون الموت.
(31) قل تربصوا فإني معكم من المتربصين أتربص هلاككم كما تربصون
هلاكي.
(32) أم تأمرهم أحلامهم عقولهم.
القمي قال لم يكن في الدنيا أحلم من قريش بهذا بهذا التناقض في القول فإن
الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر والمجنون مغطى عقله والشاعر يكون ذا كلام مخيل
موزون ولا يتأتى ذلك من المجنون أم هم قوم طاغون مجاوزون الحد في العناد.
(33) أم يقولون تقوله اختلقه من تلقاء نفسه بل لا يؤمنون فيرمون بهذه
المطاعن لكفرهم وعنادهم.
(34) فليأتوا بحديث مثله مثل القرآن إن كانوا صادقين في زعمهم إذ فيهم كثير
ممن عدوا من الفصحاء فهو رد للأقوال المذكورة بالتحدي أو رد للتقول خاصة فإن
سائر الاقسام ظاهر الفساد.
(35) أم خلقوا من غير شئ أم أحدثوا وقدروا من غير محدث ومقدر فلذلك
لا يعبدونه أم هم الخالقون أم خلقوا أنفسهم.
(36) أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون إذ لو أيقنوا لما أعرضوا عن
عبادته.
(37) أم عندهم خزائن ربك خزائن رزقه حتى يرزقوا النبوة من شاؤوا أو
خزائن علمه حتى يختاروا لها من شاؤوا أم هم المصيطرون الغالبون على الأشياء
يدبرونها كيف شاؤوا وقرئ بالسين.
(38) أم لهم سلم مرتقى إلى السماء يستمعون فيه صاعدين فيه إلى كلام
الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن فليأت مستمعهم
81

بسلطان مبين بحجة واضحة تصدق استماعه.
(39) أم له البنت ولكم البنون هو ما قالت قريش أن الملائكة بنات الله كذا
رواه القمي وفيه تسفيه لهم وإشعار بأن من هذا رأيه لا يعد من العقلاء فضلا أن يترقى
بروحه إلى عالم الملكوت فيتطلع على الغيوب.
(40) أم تسئلهم أجرا على تبليغ الرسالة فهم من مغرم من التزام غرم مثقلون
محملون الثقل فلذلك زهدوا في اتباعك.
(41) أم عندهم الغيب اللوح المحفوظ المثبت فيه المغيبات فهم يكتبون
منه.
(42) أم يريدون كيدا قيل هو كيدهم في دار الندوة برسول الله (صلى الله عليه
وآله).
فالذين كفروا هم المكيدون هم الذين يحيق بهم الكيد أو يعود عليهم
وبال كيدهم قيل وهو قتلهم يوم بدر.
(43) أم لهم إله غير الله يعينهم ويحرسهم من عذابه سبحان الله عما يشركون
عن إشراكهم أو شركة ما يشركونه به.
(44) وإن يروا كسفا قطعة من السماء ساقطا يقولوا من فرط طغيانهم
وعنادهم سحاب مركوم هذا سحاب تراكم بعضها على بعض وهو جواب قولهم
فأسقط علينا كسفا من السماء.
(45) فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون قيل هو عند النفخة
الأولى.
(46) يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا في رد العذاب ولا هم ينصرون يمنعون
من عذاب الله.
(47) وإن للذين ظلموا القمي ظلموا آل محمد صلوات الله عليهم حقهم
82

عذابا دون ذلك أي دون عذاب الآخرة.
القمي قال عذاب الرجعة بالسيف ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.
(48) واصبر لحكم ربك بإمهالهم وإبقائك في عنائهم فإنك بأعيننا في حفظنا
وحرزنا بحيث نراك ونكلؤك وجمع العين لجمع الضمير والمبالغة بكثرة أسباب
الحفظ وسبح بحمد ربك حين تقوم القمي قال لصلاة الليل.
(49) ومن الليل فسبحه قال صلاة الليل وإدبار النجوم إذا أدبرت
النجوم من آخر الليل وقرئ بالفتح أي في أعقابها إذا غربت أو خفيت.
في المجمع عنهما (عليهما السلام) في هذه الآية قالا إن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) كان يقوم من الليل ثلاث مرات فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس من
آل عمران التي آخرها إنك لا تخلف الميعاد ثم يفتتح صلاة الليل الحديث.
وعنهما (عليهما السلام) وإدبار النجوم يعني الركعتين قبل صلاة الفجر.
ورواه عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن بن علي (عليهما السلام) وفي
الكافي عن الباقر والقمي عن الرضا (عليهما السلام) مثله.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الطور
جمع الله تعالى له خير الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى.
83

سورة النجم مكية
وعن ابن عباس غير آية منها نزلت بالمدينة الذين يجتنبون كبائر
الإثم وعن الحسن قال هي مدنية عدد آيها اثنتان وستون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والنجم إذا هوى أقسم بالنجم إذا سقط.
(2) ما ضل صاحبكم ما عدل محمد (صلى الله عليه وآله) عن الطريق المستقيم
وما غوى وما اعتقد باطلا والمراد نفي ما ينسبون إليه.
وما ينطق عن الهوى.
(3) إن هو أي الذي ينطق به إلا وحى يوحى يوحيه الله إليه.
في المجالس عن ابن عباس قال صلينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فلما سلم أقبل علينا بوجهه ثم قال إنه سينقض كوكب من السماء
مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي
وخليفتي والإمام بعدي فلما كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره ينتظر سقوط
الكوكب في داره وكان أطمع القوم فذلك أبي العباس بن عبد المطلب فلما طلع
الفجر انقض الكوكب من الهواء فسقط في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) يا علي والذي بعثني بالنبوة لقد وجبت
لك الوصية والخلافة والإمامة بعدي فقال المنافقون عبد الله ابن أبي وأصحابه لقد
ضل محمد في محبة ابن عمه وغوى وما ينطق في شأنه إلا بالهوى فأنزل الله تبارك
وتعالى والنجم إذا هوى يقول عز وجل وخالق النجم إذا هوى ما ضل صاحبكم يعني
في محبة علي بن أبي طالب وما غوى وما ينطق عن الهوى يعني في شأنه إن هو إلا
84

وحى يوحى.
وعن الصادق عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) ما يقرب منه.
والقمي عن الرضا (عليه السلام) إن النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وعن الباقر (عليه السلام) يقول ما ضل في علي (عليه السلام) وما غوى وما ينطق
فيه عن الهوى وما كان ما قاله فيه إلا بالوحي الذي أوحي إليه.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) والنجم إذا هوى قال أقسم بقبر محمد (صلى الله
عليه وآله) إذا قبض ما ضل صاحبكم بتفضيله أهل بيته وما غوى وما ينطق عن الهوى
يقول ما يتكلم بفضل أهل البيت بهواه وهو قول الله عز وجل إن هو إلا وحى يوحى.
وفي المجالس عن الصادق (عليه السلام) إن رضى الناس لا يملك وألسنتهم لا
تضبط وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله ألم ينسبوا نبينا
محمد (صلى الله عليه وآله) إلى أنه ينطق عن الهوى في ابن عمه علي (عليه السلام) حتى
كذبهم الله فقال وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى.
(5) علمه شديد القوى قيل يعني والقمي يعني الله عز وجل.
(6) ذو مرة ذو حصافة في عقله ورأيه فاستوى فاستقام قيل يعني جبرئيل استقام
على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها فإنه روي ما رآه أحد من الأنبياء في صورته
غير محمد (صلى الله عليه وآله) مرة في السماء ومرة في الأرض والقمي يعني رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وعن الرضا (عليه السلام) ما بعث الله نبيا إلا صاحب مرة سوداء
صافية.
(7) وهو بالأفق الا على قيل يعني جبرئيل (عليه السلام) والقمي يعني رسول الله
(صلى الله عليه وآله).
(8) ثم دنا قيل يعني جبرئيل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والقمي يعني
رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ربه عز وجل فتدلى فزاد منه دنوا هذا تأويله وأصل التدلي
85

استرسال مع تعلق القمي قال إنما نزلت فتدانى.
وفي العلل عن الباقر (عليه السلام) فتدلى قال لا تقرأ هكذا اقرأ ثم دنا فتدانا.
(9) فكان قاب قوسين قدرهما القمي قال كان من الله كما بين مقبض القوس إلى
رأس السية.
أقول: ويأتي بيان ذلك وتأويله أو أدنى قال بل أدنى من ذلك.
وعن الصادق (عليه السلام) أول من سبق من الرسل إلى بلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وذلك أنه أقرب الخلق إلى الله وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى
السماء تقدم يا محمد فقد وطأت موطأ لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولولا أن
روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه وكان من الله عز وجل كما قال
قاب قوسين أو أدنى أي بل أدنى.
وفي العلل عن السجاد (عليه السلام) أنه سئل عن الله عز وجل هل يوصف
بمكان فقال تعالى الله عن ذلك قيل فلم أسري بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) إلى
السماء قال ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه قيل فقول
الله عز وجل ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه
وآله) دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت
الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى.
وعنه (عليه السلام) فلما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) وكان من ربه كقاب
قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه.
وفي الا مالي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لما عرج بي إلى السماء ودنوت
من ربي عز وجل حتى كان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى فقال لي يا محمد من تحب
من الخلق قلت يا رب عليا قال فالتفت يا محمد فالتفت عن يساري فإذا علي بن أبي
طالب.
وفي الاحتجاج عن السجاد (عليه السلام) قال أنا ابن من علا فاستعلا فجاز
86

سدرة المنتهى فكان من ربه قاب قوسين أو أدنى.
وعن الكاظم (عليه السلام) أنه سئل عن قوله دنا فتدلى فقال إن هذه لغة في
قريش إذا أراد الرجل منهم أن يقول قد سمعت يقول قد تدليت وإنما التدلي الفهم.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى مسيرة شهر وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل
من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش فدنا بالعلم فتدلى فدلي له من الجنة رفرف
أخضر وغشى النور بصره فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ولم يرها بعينه فكان كقاب
قوسين بينها وبينه أو أدنى.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل كم عرج برسول الله (صلى الله
عليه وآله) فقال مرتين فأوقفه جبرئيل (عليه السلام) موقفا فقال له مكانك يا محمد فلقد وقفت موقفا
ما وقفه ملك قط ولا نبي إن ربك يصلي فقال يا جبرئيل وكيف يصلي قال يقول سبوح
قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي فقال اللهم عفوك عفوك قال
وكان كما قال الله قاب قوسين أو أدنى قيل ما قاب قوسين أو أدنى قال ما بين سيتها إلى
رأسها قال فكان بينهما حجاب يتلألأ بخفق ولا أعلمه إلا وقد قال زبرجد فنظر في
مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة فقال الله تبارك وتعالى يا محمد قال لبيك ربي
قال من لامتك من بعدك قال الله اعلم قال علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد
المسلمين وقائد الغر المحجلين ثم قال الصادق (عليه السلام) والله ما جاءت ولاية علي
من الأرض ولكن جاءت من السماء مشافهة.
أقول: لا تنافي بين هذه الروايات وكلها صدر من معدن العلم على مقادير
افهام المخاطبين وسية القوس بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة ما عطف
من طرفيها وهو تمثيل للمقدار المعنوي الروحاني بالمقدر الصوري الجسماني
والقرب المكاني بالدنو المكاني تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا فسر الإمام (عليه
السلام) مقدار القوسين بمقدار طرفي القوس الواحد المنعطفين كأنه جعل كلا منهما قوسا
على حدة فيكون مقدار مجموع القوسين مقدار قوس واحد وهي المسماة بقوس
87

الحلقة وهي قبل أن يهيأ للرمي فإنها حينئذ تكون شبه دائرة والدائرة تنقسم بما يسمى
بالقوس وفي التعبير عن هذا المعنى بمثل هذه العبارة إشارة لطيفة إلى أن السائر بهذا
السير منه سبحانه نزل وإليه صعد وأن الحركة الصعودية كانت انعطافية وانها لم تقع
على نفس المسافة النزولية بل على مسافة أخرى كما حقق في محله فسيره كان من
الله وإلى الله وفي الله وبالله ومع الله تبارك الله عز وجل والحجاب الذي كان بينهما هو
حجاب البشرية وإنما يتلا لا لانغماسه في نور الرب تعالى بخفق أي باضطراب
وتحرك وذلك لما كاد أن يفني عن نفسه بالكلية في نور الأنوار بغلبة سطوات الجلال
وبانجذابه بشراشره إلى جناب القدس المتعال وهذا هو المعنى بالتدلي المعنوي
ووصف الحجاب بالزبرجد كناية عن خضرته وذلك لان النور الإلهي الذي يشبه بلون
البياض في التمثيل كان قد شابته ظلمة بشرية فصار ترا أي كأنه أخضر على لون
الزبرجد وإنما سأله الله عز وجل عن خليفته لأنه كان قد أهمه أمر الأمة وكان في قلبه
أن يخلف فيهم خليفته إذا ارتحل عنهم وقد علم الله ذلك منه ولذلك سأله عنه ولما
كان الخليفة متعينا عند الله وعند رسوله قال الله تعالى ما قال ووصفه بأوصاف لم يكن لغيره
أن ينال وفي هذا الحديث أسرار غامضة لا ينال إليها أيدي أفهامنا الخافضة فكلما
جهدنا في إبدائها زدنا في اخفائها ولا سيما في معنى صلاة الله سبحانه وطلب العفو
من نبيه في مقابله ومع ذلك فقد أشرنا إلى لمعة من ذلك في كتابنا المسمى بالوافي
في شرح هذا الحديث ومن الله الإعانة على فهم أسراره.
(10) فأوحى إلى عبده ما أوحى في إبهام الموحى به تفخيم له القمي قال وحي
مشافهة.
وفي الاحتجاج في الحديث الذي سبق ذكره فكان فيما أو حي إليه الآية التي
في سورة البقرة قوله تعالى لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم
أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية قال وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم
إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من
ثقلها وقبلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعرضها على أمته فقبلوها الحديث وقد
سبق تمامه في سورة البقرة.
88

(11) ما كذب الفؤاد ما رأى.
في التوحيد عن الكاظم (عليه السلام) إنه سئل هل رأى رسول الله (صلى الله عليه
وآله) ربه عز وجل فقال نعم بقلبه رآه أما سمعت الله يقول ما كذب الفؤاد ما رأى لم يره
بالبصر ولكن رآه بالفؤاد.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إن محمدا (صلى الله عليه وآله)
رأى ربه بفؤاده.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه سئل عن هذه الآية فقال رأيت نورا.
وفي الكافي والتوحيد عن الرضا (عليه السلام) إنه سئل عن ذلك فقال ما كذب
فؤاد محمد (صلى الله عليه وآله) ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى فقال لقد رأى من آيات
ربه الكبرى فآيات الله غير الله.
أقول: وقد سبق أنه رأى عظمة ربه بفؤاده وإنما اختلف الأجوبة باختلاف
مراتب أفهام المخاطبين وغموض المسؤول عنه.
(12) أفتمرونه على ما يرى أفتجادلونه عليه من المراء وقرئ أفتمرونه أي
أفتغلبونه في المراء أو أفتجحدونه وعلى تضمين معنى الغلبة.
القمي سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك الوحي فقال أو حي إلي أن
عليا سيد المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وأول خليفة يستخلفه خاتم
النبيين فدخل القوم في الكلام فقالوا أمن الله أو من رسوله فقال الله جل ذكره لرسوله
قل لهم ما كذب الفؤاد ما رأى ثم رد عليهم فقال أفتمارونه على ما يرى فقال لهم
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أمرت فيه بغير هذا أمرت أن أنصبه للناس فأقول هذا
وليكم من بعدي وأنه بمنزلة السفينة يوم الغرق من دخل فيها نجا ومن خرج عنها غرق.
(13) ولقد رآه نزلة أخرى مرة أخرى بنزول ودنو.
(14) عند سدرة المنتهى التي ينتهي إليها أعمال أهل الأرض في الصعود كما يأتي.
(15) عندها جنة المأوى التي يأوي إليها المتقون القمي سدرة المنتهى في السماء
السابعة وجنة المأوى عندها.
89

وعن الرضا (عليه السلام) لما أسري به إلى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق
له في الحجب مثل سم الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله أن يرى.
وعن الباقر (عليه السلام) قال فلما انتهى إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تخذلني فقال
تقدم امامك فوالله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه خلق من خلق الله قبلك فرأيت من نور ربي
وحال بيني وبينه السبحة قيل وما السبحة فأومى بوجهه إلى الأرض وبيده إلى السماء
وهو يقول جلال ربي جلال ربي ثلاث مرات.
وفي العلل عنه (عليه السلام) ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى يعني عندها
وافى به جبرئيل حين صعد إلى السماء فلما انتهى إلى محل السدرة وقف جبرئيل
دونها وقال يا محمد إن هذا موقفي الذي وضعني الله عز وجل فيه ولن أقدر على أن
أتقدمه ولكن امض أنت أمامك إلى السدرة فوقف عندها قال فتقدم رسول الله (صلى
الله عليه وآله) إلى السدرة وتخلف جبرئيل (عليه السلام) قال إنما سميت سدرة المنتهى لان أعمال
أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة والحفظة الكرام البررة دون
السدرة يكتبون ما يرفع إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض قال فينتهون بها
إلى محل السدرة قال فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرأى أغصانها تحت العرش
وحوله قال فتجلى لمحمد (صلى الله عليه وآله) نور الجبار عز وجل فلما غشى محمد
النور شخص ببصره وارتعدت فرائصه قال فشد الله عز وجل لمحمد (صلى الله
عليه وآله) قلبه وقوى له بصره حتى رأى من آيات ربه ما رأى وذلك قول الله عز وجل
ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى يعني الموافاة قال فرأى
محمد (صلى الله عليه وآله) ما رأى ببصره من آيات ربه الكبرى يعني أكبر الآيات قال
(عليه السلام) وإن غلظ السدرة لمسيرة مائة عام من أيام الدنيا وإن الورقة منها تغطي أهل
الدنيا.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال رأيت على كل ورقة من أوراقها
ملكا قائما يسبح الله تعالى.
90

(16) إذ يغشى السدرة ما يغشى تعظيم وتكثير لما يغشاها بحيث لا يكتنهها
نعت ولا يحصيها عد القمي قال لما رفع الحجاب بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه
وآله) غشى نوره السدرة.
(17) ما زاغ البصر ما مال بصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عما رآه وما طغى
وما تجاوزه بل أثبته إثباتا صحيحا مستقيما.
(18) لقد رأى من آيات ربه الكبرى يعني رأى أكبر الآيات كما سبق.
وفي التوحيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال وقوله في آخر
الآيات ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى رأى جبرئيل في صورته
مرتين هذه المرة ومرة أخرى وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا
يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين وقيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير
محمد (صلى الله عليه وآله) مرتين مرة في السماء ومرة في الأرض.
والقمي في هذه الآية يقول لقد سمع كلاما لولا أنه قوي ما قوى.
وفي التوحيد عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال رأى جبرئيل
على ساقه الدر مثل القطر على البقل له ستمائة جناح قد ملا ما بين السماء والأرض.
والقمي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي يا علي إن الله أشهدك معي في
سبعة مواطن أما أول ذلك فليلة أسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل أين أخوك فقلت
خلفته ورائي قال ادع الله فليأتك به فدعوت الله فإذا مثالك معي وإذا لملائكة وقوف
صفوف فقلت يا جبرئيل من هؤلاء قال هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيامة فدنوت
فنطقت بما كان ويكون إلى يوم القيامة والثاني حين أسري بي في المرة الثانية فقال لي
جبرئيل أين أخوك قلت خلفته ورائي قال ادع الله فليأتك به فدعوت الله فإذا مثالك
معي فكشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها
والثالث حين بعثت إلى الجن فقال لي جبرئيل أين أخوك قلت خلفته ورائي فقال ادع
الله فليأتك به فدعوت الله فإذا أنت معي فما قلت لهم شيئا ولا ردوا علي شيئا إلا
91

سمعته والرابع خصصنا بليلة القدر وليست لاحد غيرنا والخامس دعوت الله فيك
وأعطاني فيك كل شئ إلا النبوة فإنه قال خصصتك بها وختمتها بك وأما السادس لما
أسري بي إلى السماء جمع الله لي النبيين فصليت بهم ومثالك خلفي والسابع هلاك
الأحزاب بأيدينا.
وفي الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مالله عز وجل آية هي أكبر مني.
(19) أفرأيتم اللات والعزى.
(20) ومناة الثالثة الأخرى هي أصنام كانت لهم وقرئت اللات بتشديد التاء
على أنه صورة رجل كان يلت السويق بالسمن ويطعم الحاج والعزى قيل أصلها تأنيث
الأعز ومناة فعلة من مناه إذا قطعه فإنهم كانوا يذبحون عندها القرابين ومنه منى وقرئ
منأة على أنها مفعلة من النوء كأنهم يستمطرون الأنواء عندها تبركا بها.
القمي قال اللات رجل والعزى امرأة ومناة صنم بالمسلك الخارج من الحرم على
ستة أميال.
(21) ألكم الذكر وله الأنثى قيل إنكار لما قالت قريش إن الملائكة بنات الله
وهذه الأصنام هي كلها أو استوطنها جنيات هن بناته تعالى الله عن ذلك.
(22) تلك إذا قسمة ضيزى جائرة حيث جعلتم له ما تستنكفون منه وهي فعلى
من الضيز وهو الجور لكنه كسر فائه ليسلم الياء وقرئ بالهمزة من ضأزه إذا ظلمه على
أنه مصدر نعت به.
(23) إن هي إلا أسماء الضمير للأصنام أي ما هي باعتبار الألوهية إلا أسماء
تطلقونها عليها لأنكم تقولون إنها آلهة وليس فيها شئ من معنى الألوهية سميتموها
أنتم وآباؤكم بهواكم ما أنزل الله بها من سلطان برهان تتعلقون به إن يتبعون إلا الظن
إلا توهم أن ما هم عليه حق تقليدا وتوهما باطلا وما تهوى الأنفس وما تشتهيه أنفسهم
ولقد جائهم من ربهم الهدى الرسول والكتاب فتركوه.
(24) أم للانسان ما تمنى أم منقطعة والهمزة فيه للانكار والمعنى ليس له كل ما
يتمناه والمراد نفي طمعهم في شفاعة الآلهة وقولهم لئن رجعت إلى ربى أن لي عنده
92

للحسنى وقولهم لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ونحوها.
(25) فلله الآخرة والأولى يعطي منهما ما يشاء لمن يريد وليس لاحد أن يتحكم
عليه في شئ منهما.
(26) وكم من ملك في السماوات لا تغنى شفعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن
الله في الشفاعة لمن يشاء من الملائكة أن يشفع أو من الناس أن يشفع له ويرضى
ويراه أهلا لذلك فكيف يشفع الأصنام لعبدتهم.
(27) إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى بأن سموهم
بنات.
(28) وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا
فإن الحق الذي هو حقيقة الشئ لا يدرك إلا بالعلم.
(29) فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا فأعرض عن
دعوته والاهتمام بشأنه فإن من غفل عن الله وأعرض عن ذكره وانهمك في الدنيا
بحيث كانت منتهى همته ومبلغ علمه لا يزيده الدعوة إلا عنادا وإصرارا على الباطل.
(30) ذلك مبلغهم من العلم لا يتجاوزه علمهم والجملة اعتراض مقرر
لقصور هممهم على الدنيا إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن
اهتدى أي يعني إنما يعلم الله من يجيب ممن لا يجيب فلا تتعب نفسك في دعوتهم إذ ما
عليك إلا البلاغ وقد بلغت.
(31) ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزى الذين أساؤا
بما عملوا بعقاب ما عملوا من السوء ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى بالمثوبة
الحسنى.
(32) الذين يجتنبون كبئر الاثم ما يكبر عقابه من الذنوب وهو ما رتب الوعيد
93

عليه بخصوصه وقد مر بيانه في سورة النساء وقرئ كبير الاثم على إرادة الجنس أو
الشرك والفواحش ما فحش من الكبائر خصوصا إلا اللمم إلا ما قل وصغر فإنه مغفور
من مجتنبي الكبائر والاستثناء منقطع.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال الفواحش الزنا والسرقة واللمم الرجل
يلم بالذنب فيستغفر الله منه.
وعنه (عليه السلام) ما من ذنب إلا وقد طبع عليه عبد مؤمن يهجره الزمان ثم يلم
به وهو قول الله تعالى الذين يجتنبون كبئر الاثم والفواحش إلا اللمم قال اللمام العبد
الذي يلم بالذنب ليس من سليقته أي من طبيعته وفي رواية قال الهنة بعد الهنة أي
الذنب بعد الذنب يلم به العبد وفي أخرى قال هو الذنب يلم به الرجل فيمكث ما شاء
الله ثم يلمه به بعد.
أقول: يلم بالذنب أي يقاربه وينزل إليه فيفعله وقد طبع عليه أي لعارض
عرض له يمكن زواله عنه ولهذا يمكنه الهجرة عنه ولو كان مطبوعا عليه في أصل
الخلقة وكان من سجيته وسليقته لما أمكنه الهجرة عنه والهنة كناية عن الشئ إن ربك
واسع المغفرة حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر وله أن يغفر ما شاء من الذنوب
صغيرها وكبيرها لمن يشاء هو أعلم بكم أعلم بأحوالكم منكم إذ أنشأكم من الأرض
وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم علم أحوالكم ومصارف أموركم حين ابتدأ خلقكم
من التراب وحيثما صوركم في الأرحام فلا تزكوا أنفسكم فلا تثنوا عليها بزكاء
العمل وزيادة الخير والطهارة عن المعاصي والرذائل هو أعلم بمن اتقى فإنه يعلم
التقي وغيره منكم قبل أن يخرجكم من صلب آدم.
في العلل عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية قال يقول لا يفتخر أحدكم بكثرة
صلاته وصيامه وزكاته ونسكه لان الله عز وجل أعلم بمن اتقى منكم.
وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عنها فقال قول الانسان صليت
94

البارحة وصمت أمس ونحو هذا ثم قال (عليه السلام) لكني أنام الليل والنهار ولو أجد بينهما شيئا
لنمته.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولولا ما نهى الله عنه من تزكية
المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجها آذان السامعين.
والعياشي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل هل يجوز أن يزكي المرء نفسه قال
نعم إذا اضطر إليه أما سمعت قول يوسف (عليه السلام) اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ
عليم وقول العبد الصالح وأنا لكم ناصح أمين.
(33) أفرأيت الذي تولى عن اتباع الحق والثبات عليه.
(34) وأعطى قليلا وأكدى وقطع العطاء في المجمع نزلت الآيات السبع يعني
هذه وما بعدها في عثمان بن عفان كان يتصدق وينفق فقال له أخوه من الرضاعة عبد
الله بن سعد أبي سعيد ما هذا الذي تصنع يوشك أن لا يبقى لك شئ فقال عثمان
إن لي ذنوبا وإني أطلب بما أصنع رضا الله وأرجو عفوه فقال له عبد الله أعطني ناقتك
برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن النفقة فنزلت
أفرأيت الذي تولى أي يوم أحد حين ترك المركز وأعطى قليلا ثم قطع النفقة إلى قوله
وان سعيه سوف يرى فعاد عثمان إلى ما كان عليه.
(35) أعنده علم الغيب فهو يرى يعلم أن صاحبه يتحمل عنه.
(36) أم لم ينبأ بما في صحف موسى.
(37) وإبراهيم الذي وفى وفرو أتم ما امر به وبالغ بالوفاء بما التزمه على
نفسه القمي قال وفى بما أمره الله به من الأمر والنهي وذبح ابنه.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل ما عنى بقوله وإبراهيم الذي وفى
قال كلمات بالغ فيهن قيل وما هن قال كان إذا أصبح قال أصبحت وربي محمود
وأصبحت لا اشرك بالله شيئا ولا أدعو معه إلها ولا أتخذ من دونه وليا ثلاثا وإذا أمسى
قال ثلاثا قال فأنزل الله عز وجل في كتابه وإبراهيم الذي وفى.
95

وفي العلل عن الصادق (عليه السلام) ما في معناه.
(38) ألا تزر وازرة وزر أخرى أي لم ينبأ بما في صحفهما أنه لا يؤاخذ أحد
بذنب غيره.
(39) وأن ليس للانسان إلا ما سعى إلا سعيه أي كما لا يؤاخذ أحد بذنب
الغير لا يثاب بفعله وما جاء في الاخبار من أن الصدقة والحج ينفعان الميت فذلك
إنما هو لمحبة زرعها الميت في قلب الناوي له النائب عنه بإحسان أو إيمان أو قرابة أو
غير ذلك فهو من جملة سعيه وكذا المريض إنما يكتب له في أيام مرضه ما كان يفعله
في صحته لان في نيته أن لو كان صحيحا لفعله فهو إنما يثاب بالنية مع أن المانع له
من فعله ليس بيده وإنما غلب الله عليه فعل فضل الله أن يثيبه.
(40) وأن سعيه سوف يرى يراه في الآخرة.
(41) ثم يجزيه الجزاء الا وفى أي يجزى العبد سعيه بالجزاء الأوفر.
(42) وأن إلى ربك المنتهى انتهاء الخلائق ورجوعهم.
وفي الكافي والتوحيد عن الصادق (عليه السلام) إن الله يقول وأن إلى ربك المنتهى
فإذا انتهى الكلام إلى الله فامسكوا والقمي مثله مع زيادة.
وفي التوحيد عن الباقر (عليه السلام) قيل له إن الناس من قبلنا قد أكثروا في الصفة
فما تقول فقال مكروه أما تسمع الله عز وجل يقول وأن إلى ربك المنتهى تكلموا فيما دون
ذلك.
(43) وأنه هو أضحك وأبكى القمي قال أبكى السماء بالمطر وأضحك
الأرض بالنبات قال الشاعر كل يوم باقحوان جديد تضحك الأرض من بكاء السماء.
(44) وأنه هو أمات وأحيى لا يقدر على الإماتة والاحياء غيره.
(45) وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى.
(46) من نطفة إذا تمنى القمي قال تتحول النطفة من الدم فتكون أو لا دما ثم
96

تصير النطفة في الدماغ في عرق يقال له الوريد وتمر في فقار الظهر فلا تزال تجوز فقرا
فقرا حتى تصير في الحالبين فتصير أبيض وأما نطفة المرأة فإنها تنزل من صدرها.
(47) وأن عليه النشأة الأخرى الاحياء بعد الموت بعهده.
(48) وأنه هو أغنى وأقنى وأعطى القنية وهي مما يتأصل من الأموال.
في المعاني والقمي عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم
السلام) في هذه الآية قال اغنى كل انسان بمعيشته وأرضاه بكسب يده.
(49) وأنه هو رب الشعرى القمي قال نجم في السماء يسمى الشعرى
كانت قريش وقوم من العرب يعبدونه وهو نجم يطلع في آخر الليل.
(50) وأنه أهلك عادا الأولى.
(51) وثمودا قرئ بغير تنوين فما أبقى الفرقين.
(52) وقوم نوح من قبل عاد وثمود إنهم كانوا هم أظلم وأطغى من
الفريقين لأنهم كانوا يؤذون نوحا وينفرون عنه ويضربونه حتى لا يكون به حراك.
(53) والمؤتفكة والقرى التي ائتفكت بأهلها أي انقلبت وهي قرى قوم لوط
أهوى بعد أن رفعها وقلبها.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) هم أهل البصرة هي المؤتفكة والقمي قال
المؤتفكة البصرة والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) يا أهل البصرة ويا
أهل المؤتفكة ويا جند المرأة وأتباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فهربتم ماؤكم زعاق
وأحلامكم رقاق وفيكم ختم النفاق ولعنتم على لسان سبعين نبيا أن رسول الله (صلى
الله عليه وآله) أخبرني أن جبرئيل أخبره انه طوي له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين
من الماء وأبعدها من السماء فيها تسعة أعشار الشر والداء العضال المقيم فيها مذنب
والخارج منها برحمة وقد ائتفكت بأهلها مرتين وعلى الله تمام الثالثة وتمام الثالثة في
الرجعة.
97

(54) فغشها ما غشى فيه تهويل وتعميم لما أصابهم.
(55) فبأي آلاء ربك تتمارى تشكك والخطاب لكل أحد.
في الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) الشك على أربع شعب على المرية
والهوى والتردد والاستسلام وهو قول الله تعالى فبأي آلاء ربك تتمارى قيل
المعدودات وإن كانت نعما ونقما سماها آلاء من قبل ما في نقمه من العبر والمواعظ
للمعنبرين والانتقام للأنبياء والمؤمنين والقمي أي بأي سلطان تخاصم.
(56) هذا نذير من النذر الأولى.
القمي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عنها فقال إن الله تعالى لما ذرأ
الخلق في الذر الأول أقامهم صفوفا قدامه وبعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) حيث
دعاهم فآمن به قوم وانكره قوم فقال الله عز وجل في الذر الأول وفي البصائر مثله.
(57) أزفت الآزفة القمي قال يعني قربت القيامة.
(58) ليس لها امن دون الله كاشفة ليس لها نفس قادرة على كشفها إلا الله.
(59) أفمن هذا الحديث.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) يعني بالحديث ما تقدم من الأخبار
تعجبون إنكارا.
(60) وتضحكون استهزاء ولا تبكون تحزنا على ما فرطتم.
(61) وأنتم سامدون القمي أي لا هون وقيل مستكبرون.
(62) فاسجدوا لله واعبدوا أي واعبدوه دون الآلهة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من كان يد من قراءة
والنجم في كل يوم أو في كل ليلة عاش محمودا بين الناس وكان مغفورا له وكان
محبوبا بين الناس إن شاء الله.
98

سورة القمر
مكية وهي خمس وخمسون آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) اقتربت الساعة القمي قال اقتربت القيامة فلا يكون بعد رسول الله (صلى
الله عليه وآله) إلا القيامة وقد انقضت النبوة والرسالة قال وروي أيضا قال خروج القائم
(عليه السلام) وانشق القمر.
في المجمع عن ابن عباس اجتمع المشركون إلى رسول الله (صلى الله عليه
وآله) فقالوا إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إن فعلت تؤمنون قالوا نعم وكانت ليلة بدر فسأل ربه أن يعطيه ما قالوا فانشق القمر
فرقتين ورسول الله (صلى الله عليه وآله) ينادي يا فلان يا فلان اشهدوا وعن جبير بن
مطعم انشق القمر على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى صار فرقتين على هذا
الجبل وعلى هذا الجبل فقال ناس سحرنا محمد (صلى الله عليه وآله) فقال رجل إن
كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم.
ورواه القمي عن الصادق (عليه السلام) بنحو آخر وفيه ما فيه قال في المجمع
وإنما ذكر سبحانه اقتراب الساعة مع انشقاق القمر لان انشقاقه من علامة نبوة نبينا
ونبوته وزمانه من آيات اقتراب الساعة.
(2) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر مطرد والقمي أي صحيح
وقيل محكم من المرة يقال أمررته فاستمر إذا أحكمته فاستحكم.
(3) وكذبوا واتبعوا أهوائهم وهو ما زين لهم الشيطان من رد الحق بعد ظهوره
99

القمي أي كانوا يعملون برأيهم ويكذبون أنبيائهم وكل أمر مستقر منته إلى غاية.
(4) ولقد جائهم من الانباء ما فيه مزدجر أي متعظ من تعذيب أو وعيد.
(5) حكمة بلغة غايتها لا خلل فيها فما تغن النذر نفي أو استفهام إنكار.
(6) فتول عنهم لعلمك إن الانذار لا ينجع فيهم يوم يدع الداع إلى شئ نكر
فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد مثله القمي قال الإمام (عليه السلام) إذا خرج يدعوهم
إلى ما ينكرون وقيل هو هول يوم القيامة ويأتي ما يؤيده وقرئ نكر بالتخفيف.
(7) خشعا أبصرهم يخرجون من الأجداث كأنهم يخرجون من قبورهم خاشعة
ذليلة أبصارهم من الهول كأنهم جراد منتشر في الكثرة والتموج والانتشار في
الأمكنة. (8) مهطعين إلى الداع مسرعين مادي أعناقهم إليه أو ناظرين إليه القمي إذا
رجع فيقول ارجعوا يقول الكافرون هذا يوم عسر صعب.
في الكافي عن السجاد عن أبيه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) في حديث يوم
القيامة قال فيشرف الجبار تبارك وتعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة
فيأمر ملكا من الملائكة فينادي فيهم يا معشر الخلائق أنصتوا واستمعوا منادي الجبار قال
فيسمع آخرهم كما يسمع أو لهم قال فتنكسر أصواتهم عند ذلك وتخشع أبصارهم
وتضطرب فرائصهم وتفزع قلوبهم ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت مهطعين إلى
الداع قال فعند ذلك يقول الكافر هذا يوم عسر.
(9) كذبت قبلهم قبل قومك قوم نوح فكذبوا عبدنا نوحا وقالوا مجنون وازدجر
وزجر عن التبليغ بأنواع الأذية القمي أي اذوه وأرادوا رجمه.
(10) فدعا ربه أنى مغلوب فانتصر فانتقم لي منهم وذلك بعد يأسه منهم.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال لبث فيهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاما
يدعوهم سرا وعلانية فلما أبوا وعتوا قال رب أنى مغلوب فانتصر.
100

(11) ففتحنا أبوب السماء بماء منهمر منصب وهو مبالغة وتمثيل لكثرة الأمطار وشدة انصبابها.
وفجرنا الأرض عيونا وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون منفجرة وأصله وفجرنا
عيون الأرض فغير للمبالغة فالتقى الماء ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدر قدره الله عز
وجل.
في الكافي عن الصادق عن أمير المؤمنين (عليهما السلام) قال لم تنزل قطرة من
السماء من مطر إلا بعدد معدود ووزن معلوم إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه
السلام) فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد.
(13) وحملناه على ذات ألواح ذات أخشاب عريضة ودسر القمي قال الألواح
السفينة والدسر المسامير قال وقيل الدسر ضرب من الحشيش شد به السفينة.
(14) تجرى بأعيننا بمرأى منا القمي بأمرنا وحفظنا جزاء لمن كان كفر أي فعلنا
ذلك جزاء لنوح لأنه نعمة كفروها فإن كل نبي نعمة من الله ورحمة على أمته.
(15) ولقد تركناها آية يعتبر بها إذ شاع خبرها فهل من مدكر معتبر.
(16) فكيف كان عذابي ونذر انذاراتي أو رسلي وقد مضى تمام هذه القصة في
سورة هود.
(17) ولقد يسرنا القرآن سهلناه للذكر للاذكار والاتعاظ لمن يذكر بأن صرفنا فيه
أنواع المواعظ والعبر فهل من مدكر متعظ.
(18) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر وإنذار أتي لهم بالعذاب قبل نزوله.
(19) إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا باردة في يوم نحس شؤم مستمر أي مستمر
شؤمه إلى مثله.
في العلل عن الصادق (عليه السلام) الأربعاء يوم نحس مستمر لأنه أول يوم وآخر يوم
من الأيام التي قال الله عز وجل سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما.
وفي العيون برواية الرضا (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام).
101

وفي المجمع برواية العياشي عن الباقر (عليه السلام) إنه كان في يوم الأربعاء وزاد
العياشي في آخر الشهر لا يدور.
وفي الفقيه والخصال عن الباقر (عليه السلام) إن لله عز وجل جنودا من الريح يعذب
بها من عصاه موكل بكل ريح منهن ملك مطاع فإذا أراد الله عز وجل أن يعذب قوما بعذاب
أوحى الله إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح الذي يريد أن يعذبهم به فيأمرها الملك
فتهيج كما يهيج الأسد المغضب ولكل ريح منهن اسم اما تسمع لقول الله عز وجل إنا
أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر وفي الكافي ما في معناه.
(20) تنزع الناس تقلعهم روي أنهم دخلوا في الشعاب والحفر وتمسك بعضهم
ببعض فنزعتهم الريح منها وصرعتهم موتى كأنهم أعجاز نخل منقعر أصول نخل منقلع
عن مغارسه ساقط على الأرض قيل شبهوا بالاعجاز لان الريح طيرت رؤوسهم وطرحت
أجسادهم.
(21) فكيف كان عذابي ونذر كرره للتهويل وقيل الأول لما حاق بهم في الدنيا
والثاني لما يحيق بهم في الآخرة كما قال أيضا في قصتهم لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة
الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وقد مضى تمام القصة في سورة الأعراف وهود.
(22) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر.
(23) كذبت ثمود بالنذر بالانذارات والمواعظ أو الرسل.
(24) فقالوا أبشرا منا من جنسنا واحدا منفردا لا تبع له نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر
جمع سعير كأنهم عكسوا عليه فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على ترك اتباعهم له.
(25) أألقي الذكر الكتاب والوحي عليه من بيننا وفينا من هو أحق منه بذلك بل هو
كذاب أشر حمله بطره على الترفع علينا بادعائه.
(26) سيعلمون غدا من الكذاب الأشر الذي حمله أشره على الاستكبار على الحق
وطلب الباطل أصالح أمن كذبه وقرئ ستعلمون على الالتفات أو حكاية ما أجابهم به
صالح.
102

(27) إنا مرسلوا الناقة مخرجوها وباعثوها فتنة لهم اختبارا فارتقبهم فانتظرهم
وتبصر ما يصنعون واصطبر على اذاهم.
(28) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم مقسوم لها يوم ولهم يوم كل شرب محتضر
يحضره صاحبه في نوبته.
(29) فنادوا صاحبهم قدار بن سالف احيمر ثمود فتعاطى فعقر فاجترأ على
تعاطي قتلها فقتلها أو فتعاطى السيف فقتلها والتعاطي تناول الشئ بتكلف.
(30) فكيف كان عذابي ونذر.
(31) إنا أرسلنا عليهم صيحة وحدة فكانوا كهشيم المحتظر كالحشيش الذي
يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء وقد مضى قصتهم مفصلة في سورة الأعراف.
(32) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر.
(33) كذبت قوم لوط بالنذر.
(34) إنا أرسلنا عليهم حاصبا ريحا تحصبهم بالحجارة أي ترميهم إلا إلا لوط
نجيناهم بسحر في آخر الليل.
(35) نعمة من عندنا انعاما منا كذلك نجزى من شكر من شكر نعمتنا بالايمان
والطاعة.
(36) ولقد أنذرهم لوط بطشتنا أخذتنا بالعذاب فتماروا بالنذر فكذبوا بالنذر
متشاكسين وتدافعوا بالانذار على وجه الجدال بالباطل.
(37) ولقد راودوه عن ضيفه قصدوا الفجور بهم فطمسنا أعينهم فمسخناها
وسويناها بسائر الوجه أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهب أعينهم وفي رواية أخذ كفا من
بطحاء فضرب بها وجوههم وقال شاهت الوجوه فعمي أهل المدينة كلهم وقد سبقت
الروايتان مع تمام القصة في سورة هود فذوقوا عذابي ونذر فقلنا لهم ذوقوا على السنة
الملائكة أو ظاهر الحال.
(38) ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر يستقر بهم حتى يسلمهم إلى النار.
103

(39) فذوقوا عذابي ونذر.
(40) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر كرر ذلك في كل قصة إشعارا بأن
تكذيب كل رسول مقتض لنزول العذاب واستماع كل قصة مستدع للادكار والاتعاظ
واستينافا للتنبيه والايقاظ لئلا يغلبهم السهو و الغفلة وهكذا تكرير قوله فبأي آلاء ربكما
تكذبان وويل يومئذ للمكذبين ونحوهما.
(41) ولقد جاء آل فرعون النذر اكتفى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولى بذلك.
(42) كذبوا بآياتنا كلها قيل يعني الآيات التسع.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) يعني الأوصياء (عليهم السلام) كلهم.
فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر أخذ من لا يغالب ولا يعجزه شئ.
(43) اكفاركم يا معشر قريش خير من أولئكم من هذه الأمم الهالكة أم لكم براءة
في الزبر أي لكم براءة في الكتب أن لا تهلكوا كما هلكوا.
(44) أم يقولون نحن جميع منتصر نحن جماعة أمرنا مجتمع منتصر من الأعداء لا
نغلب؟؟ القمي قال قريش قد اجتمعنا لننتصر بقتلك يا محمد فأنزل الله أم يقولون الآية.
(45) سيهزم الجمع ويولون الدبر قال يعني يوم بدر حين هزموا وأسروا وقتلوا.
(46) بل الساعة موعدهم يعني القيامة موعد عذابهم الأصلي وما يحيق بهم في
الدنيا فمن طلائعه والساعة أدهى وأمر أشد وأغلظ وأمر مذاقا من عذاب الدنيا.
(47) إن المجرمين في ضلال عن الحق في الدنيا وسعر ونيران في الآخرة القمي
وسعير واد في جهنم عظيم.
(48) يوم يسحبون في النار على وجوههم يجرون عليها ذوقوا مس سقر يقال لهم
ذوقوا حر النار وألمها قيل سقر علم لجهنم.
وفي ثواب الأعمال عن الصادق (عليه السلام) إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له
104

سقر شكا إلى الله شدة حره وسأله أن يأذن له أن يتنفس فتنفس فأحرق جهنم.
(49) إنا كل شئ خلقناه بقدر مقدرا مكتوبا في اللوح قبل وقوعه القمي قال له
وقت وأجل ومدة.
وفي الاكمال عن الصادق (عليه السلام) قال إن القدرية مجوس هذه الأمة وهم الذين
أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه من سلطانه وفيهم نزلت هذه الآية يوم يسحبون إلى قوله
بقدر وقد سئل عن الرقى أتدفع من القدر شيئا فقال هي من القدر.
وفي ثواب الأعمال عنه (عليه السلام) قال ما أنزل الله هذه الآيات إلا في القدرية ان
المجرمين إلى قوله بقدر.
وعن الباقر (عليه السلام) نزلت هذه الآية في القدرية ذوقوا مس سقر انا كل شئ
خلقناه بقدر.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال وجدت لأهل القدر اسما في كتاب الله إن
المجرمين إلى قوله بقدر قال فهم المجرمون.
(50؟ وما أمرنا إلا وحدة القمي يعني نقول كن فيكون كلمح بالبصر في اليسر
والسرعة.
(51) ولقد أهلكنا أشياعكم أتباعكم وأشباهكم في الكفر من عباد الأصنام فهل من
مدكر متعظ.
(52) وكل شئ فعلوه في الزبر مكتوب في كتب الحفظة.
(53) وكل صغير وكبير مستطر مسطور.
(54) إن المتقين في جنات ونهر.
(55) في مقعد صدق في مكان مرضي أو حق لا لغو فيه ولا تأثيم عند مليك مقتدر
مقربين عند من تعالى أمره في الملك والاقتدار بحيث أبهمه ذو والافهام.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة اقتربت
الساعة أخرجه الله من قبره على ناقة من نوق الجنة انشاء الله.
105

سورة الرحمن
مكية وقيل مدنية عدد آيها ثمان وسبعون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) الرحمن.
(2) علم القرآن.
(3) خلق الانسان.
(4) علمه البيان قيل لما كانت هذه السورة مشتملة على تعداد النعم الدنيوية
والأخروية صدرها بالرحمن وقدم أجل النعم وأشرفها وهو تعليم القرآن فإنه أساس الدين
ومنشأ الشرع وأعظم الوحي وأعز الكتب إذ هو بإعجازه واشتماله على خلاصتها مصدق
لنفسه ولها ثم أتبعه بنعمة خلق الانسان وإيتائه بما تميز به عن سائر الحيوان من التعبير عما
في الضمير وإفهام الغير ما أدركه.
وفي المجمع قال الصادق (عليه السلام) البيان الاسم الأعظم الذي علم به كل
شئ.
(5) الشمس والقمر بحسبان يجريان بحساب معلوم مقدر في بروجهما ومنازلهما
وتنسق بذلك أمور الكائنات وتختلف الفصول والأوقات ويعلم السنون.
(6) والنجم النبات الذي ينجم أي يطلع من الأرض ولا ساق له
ساق يسجدان ينقادان لله فيما يريد بهما طبعا انقياد الساجدين من المكلفين طوعا.
(7) والسماء رفعها خلقها مرفوعة محلا ومرتبة فإنها منشأ أقضيته ومتنزل أحكامه
106

ومحل ملائكته ووضع الميزان العدل بأن وفر على كل مستعد مستحقه ووفى كل ذي حق
حقه حتى انتظم أمر العالم واستقام كما قال (صلى الله عليه وآله) بالعدل قامت السماوات
والأرض.
(8) ألا تطغوا في الميزان لئلا تطغوا فيه أي لا تعتدوا ولا تجاوزوا الانصاف.
(9) وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ولا تنقصوه فإن من حقه أن يستوى
لأنه المقصود من وضعه.
(10) والأرض وضعها خفظها مدحوة للأنام للخلق.
(11) فيها فكهة ضروب مما يتفكه به والنخل ذات الأكمام أوعية التمر.
(12) والحب والثمرة كالحنطة والشعير وسائر ما يتغذى به ذو العصف ذو الورق
اليابس كالتبن والريحان يعني المشموم أو الرزق من قولهم خرجت أطلب ريحان الله.
القمي عن الرضا (عليه السلام) الرحمن علم القرآن قال الله علم القرآن قيل خلق
الانسان قال ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) قيل علمه البيان قال علمه بيان كل شئ يحتاج
إليه الناس قيل الشمس والقمر بحسبان قال هما بعذاب الله قيل الشمس والقمر يعذبان قال
سألت عن شئ فأتقنه ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله تجريان بأمره مطيعان له ضوؤهما
من نور عرشه وحرهما من جهنم فإذا كانت القيامة عاد إلى العرش نورهما وعاد إلى النار
حرهما فلا يكون شمس ولا قمر وإنما عناهما لعنهما الله أوليس قد روى الناس إن رسول الله
(صلى الله عليه وآله) قال إن الشمس والقمر نوران في النار قيل بلى قال أما سمعت قول الناس
فلان وفلان شمسا هذه الأمة ونورها فهما في النار والله ما عنى غيرهما قيل النجم والشجر
يسجدان قال النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سماه الله في غير موضع فقال والنجم
إذا هوى وقال وعلامات وبالنجم هم يهتدون فالعلامات الأوصياء والنجم رسول الله
صلوات الله عليهم قيل يسجدان قال يعبدان وقوله والسماء رفعها ووضع الميزان قال
السماء رسول الله رفعه الله إليه والميزان أمير المؤمنين صلوات الله عليهما نصبه لخلقه قيل
ألا تطغوا في الميزان قال لا تعصوا الامام قيل وأقيموا الوزن بالقسط قال أقيموا الامام بالعدل
107

قيل ولا تخسروا الميزان قال لا تبخسوا الامام حقه ولا تظلموه وقوله والأرض وضعها للأنام
قال للناس فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام قال يكبر ثمر النخل في القمع ثم يطلع منه قوله
والحب ذو العصف والريحان قال الحب الحنطة والشعير والحبوب والعصف التبن
والريحان ما يؤكل منه.
(13) فبأي آلاء ربكما تكذبان القمي قال في الظاهر مخاطبة الجن والإنس وفي
الباطن فلان وفلان.
وعن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عنه قال قال الله فبأي النعمتين تكفران بمحمد
(صلى الله عليه وآله) أم بعلي (عليه السلام).
وفي الكافي مرفوعا بالنبي (صلى الله عليه وآله) أم بالوصي ولقد تكلف المفسرون للالاء
في كل موضع من هذه السورة معنى غير معناه في الموضع الاخر استنبطوه مما تقدم ذكره
طوينا ذلك مكتفين بما في هذا الحديث ووجه التكرير نظير ما مر في سورة القمر.
(14) خلق الانسان من صلصال كالفخار والصلصال الطين اليابس الذي له
صلصلة والفخار الخزف وقد خلق الله آدم من تراب جعله طينا ثم حمأ مسنونا ثم صلصالا فلا
تنافي بين ما ورد بكل منها.
(15) وخلق الجان أبا الجن كما مضى في سورة الحجر من مارج من صاف من
الدخان من نار بيان لمارج فإنه في الأصل المضطرب من مرج إذا اضطرب.
(16) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(17) رب المشرقين ورب المغربين مشرقي الشتاء والصيف ومغربيهما.
في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال إن مشرق
الشتاء على حدة ومشرق الصيف على حدة أما تعرف ذلك من قرب الشمس وبعدها قال
وأما قوله رب المشارق والمغارب فإن لها ثلاث مأة وستين برجا تطلع كل يوم من برج وتغيب
في آخر فلا تعود إليه إلا من قابل في ذلك اليوم والقمي بعد ما فسرهما بما فسرنا.
روى عن الصادق (عليه السلام) إن المشرقين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله
108

عليهما والمغربين الحسن والحسين (عليهما السلام) قال وفي أمثالهما يجري.
(18) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(19) مرج البحرين أرسل البحر العذاب والبحر الملح يلتقيان يتجاوران.
(20) بينهما برزخ حاجز من قدرة الله لا يبغيان لا يبغي أحدهما على الاخر
بالممازجة وإبطال الخاصية.
(21) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(22) يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان كبار الدر وصغاره وقيل المرجان الخرز
الأحمر وقرئ يخرج على البناء للمفعول.
وفي قرب الإسناد عن الصادق عن أبيه عن علي (عليهم السلام) يخرج منهما قال من
ماء السماء ومن ماء البحر فإذا أمطرت فتحت الأصداف أفواهها في البحر فيقع فيها من ماء
المطر فتخلق اللآلئ الصغيرة من القطرة الصغيرة واللؤلؤة الكبيرة من القطرة الكبيرة.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال علي وفاطمة صلوات الله عليهما بحران
عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان قال الحسن والحسين
(عليهما السلام).
وفي المجمع عن سلمان الفارسي وسعيد بن جبير وسفيان الثوري إن البحرين علي
وفاطمة (عليهما السلام) والبرزخ محمد (صلى الله عليه وآله) واللؤلؤ والمرجان الحسن
والحسين (عليهما السلام).
(23) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(24) وله الجوار السفن جمع جارية المنشئات قيل المرفوعات الشراع وقرئ
بكسر الشين أي الرافعات الشراع في البحر كالاعلام كالجبال جمع علم وهو الجبل
الطويل.
فبأي آلاء ربكما تكذبان
(26) كل من عليها من على وجه الأرض فان.
109

(27) ويبقى وجه ربك ذو الجلل والاكرام ذو الاستغناء المطلق والفضل
العام وذلك لأنك إذا استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها
فانية في حد ذاتها إلا وجه الله أي الوجه الذي يلي جهته والقمي كل من عليها فان قال من
على وجه الأرض ويبقى وجه ربك قال دين ربك.
وعن السجاد (عليه السلام) نحن وجه الله الذي يؤتى منه.
وفي المناقب عن الصادق (عليه السلام) ويبقى وجه ربك قال نحن وجه الله.
وفي التوحيد عن الجواد (عليه السلام) في حديث وإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصور
والهجاء ولا ينقطع ولا يزال من لم يزل عالما.
(28) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(29) يسئله من في السماوات والأرض فإنهم مفتقرون إليه في ذواتهم وصفاتهم
وسائر ما يهمهم ويعن لهم والمراد بالسؤال ما يدل على الحاجة إلى تحصيل الشئ نطقا
كان أو غيره كل يوم هو في شأن من إحداث بديع لم يكن كذا.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة رواها في الكافي والقمي قال يحيي ويميت
ويرزق ويزيد وينقص.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) في هذه الآية قال من شأنه أن يغفر ذنبا
ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين قيل هو الرد لقول اليهود إن الله لا يقضي يوم السبت
شيئا أو أنه قد فرغ من الامر.
(30) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(31) سنفرغ لكم أيه الثقلان وقرئ بالياء قيل أي سنتجرد لحسابكم وجزائكم
وذلك يوم القيامة فإنه ينتهي يومئذ شؤون الخلق كلها فلا يبقى الا شأن واحد وهو الجزاء
فجعل ذلك فراغا على سبيل التمثيل وقيل تهديد مستعار من قولك لمن تهدده سأفرغ لك
فإن المتجرد للشئ كان أقوى عليه واجد فيه والثقلان الجن والإنس.
والقمي قال نحن وكتاب الله والدليل على ذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
110

(32) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(33) يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض
إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السماوات والأرض هاربين من الله فارين من قضائه فانفذوا
فاخرجوا لا تنفذون لا تقدرون على النفوذ إلا بسلطان إلا بقوة وقهر وأنى لكم ذلك أو إن
قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السماوات والأرض فانفذوا لتعلموا لكن لا تنفذون ولا
تعلمون إلا ببينة نصبها الله فترجعون عليها بأفكاركم كذا قيل وفي المجمع قد جاء في الخبر
يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون يا معشر الجن والإنس إن استطعتم
إلى قوله شواظ من نار.
وعن الصادق (عليه السلام) إذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد وذلك
أنه يوحي إلى السماء الدنيا ان اهبطي بمن فيك فيهبط أهل السماء الدنيا بمثلي من في
الأرض من الجن والإنس والملائكة ثم يهبط أهل السماء الثانية بمثل الجميع مرتين فلا
يزالون كذلك حتى يهبط أهل سبع سماوات فتصير الجن والإنس في سبع سرادقات من
الملائكة ثم ينادي مناد يا معشر الجن والإنس إن استطعتم الآية فينظرون فإذا قد أحاط بهم
سبعة أطواق من الملائكة والقمي ما يقرب منه وقد مر في سورة البقرة عند قوله تعالى هل
ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام.
(34) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
يرسل عليكما شواظ من النار ونحاس دخان أو صفر مذاب يصب على
رؤوسهم وقرئ بكسر السين وهو لغة ونحاس بالجر فلا تنتصران فلا تمتنعان،
(36) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(37) فإذا انشقت السماء فكانت وردة قيل أي حمراء كوردة النبات أو كلون الفرس
الورد وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة أو الصفرة أو الغبرة ويختلف في الفصول
والوردة واحدة الورد فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بذلك كالدهان قيل
كالدهان التي يصب بعضها فوق بعض بألوان مختلفة وقيل مذابة كالدهن وهو اسم لما
يدهن به أو جمع دهن وقيل هو الأديم الأحمر.
111

(38) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(39) فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان قيل لأنهم يعرفون بسيماهم والقمي قال
منكم يعني من الشيعة قال معناه من تولى أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبرأ من أعدائه وآمن
بالله وأحل حلاله وحرم حرامه ثم دخل في الذنوب ولم يتب في الدنيا عذب بها في البرزخ
ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسئل عنه يوم القيامة.
وفي المجمع عن الرضا (عليه السلام) قال في هذه الآية إن من اعتقد الحق ثم أذنب
ولم يتب في الدنيا عذب عليه في البرزخ ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسئل عنه.
(40) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(41) يعرف المجرمون بسيماهم (1) قيل هو ما يعلوهم من الكآبة والحزن
فيؤخذ بالنواصي والاقدام.
في البصائر عن الصادق (عليه السلام) أنه سأل بعض أصحابه ما يقولون في هذا قال
يزعمون أن الله تبارك وتعالى يعرف المجرمين بسيماهم في يوم القيامة فيأمر بهم فيؤخذ بنواصيهم
واقدامهم فيلقون في النار فقال وكيف يحتاج تبارك وتعالى إلى معرفة خلق هو أنشأهم وهو
خلقهم قال وما ذاك قال (عليه السلام) ذاك لو قام قائمنا أعطاه الله السيماء فيأمر بالكافرين
فيؤخذ بنواصيهم واقدامهم ثم يخبط بالسيف خبطا.
(42) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(43) هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون.
(44) يطوفون بينها وبين حميم آن ماء بلغ النهاية في الحرارة.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان اصلياها فلا تموتان
فيها ولا تحييان والقمي ما في معناه.
(45) فبأي آلاء ربكما تكذبان
(46) ولمن خاف مقام ربه جنتان.

(1) أي بعلامتهم وهي سواد الوجه وزرقة العيون.
112

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال من علم أن الله يراه ويسمع ما
يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الاعمال فذلك الذي خاف
مقام ربه ونهى النفس عن الهوى وفي الفقيه في مناهي النبي (صلى الله عليه وآله) من عرضت
له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عز وجل حرم الله عليه النار وآمنه من الفزع الأكبر
وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان.
(47) فبأي آلاء ربكما تكذبان. ذواتا أفنان ذواتا ألوان من النعيم أو أنواع من الأشجار والثمار جمع فن أو
أغصان جمع فنن وهي الغصنة التي تتشعب من فرع الشجر وتخصيصها بالذكر لأنها التي
تورق وتثمر وتمد الظل.
(49) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(50) فيهما عينان تجريان.
(51) فبأي آلاء ربكما تكذبان
(52) فيهما من كل فكهة زوجان صنفان غريب ومعهود أو رطب ويابس.
(53) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(54) متكئين على فرش بطائنها من إستبرق من ديباج ثخين فما ظنك بالظهاير
وجنا الجنتين دان مجنيهما قريب يناله القاعد والمضطجع.
(55) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(56) فيهن في الجنان قاصرات الطرف نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن لم
يردن غيرهم والقمي قال الحور العين يقصر الطرف عنها من ضوء نورها لم يطمثهن إنس
قبلهم ولا جان لم يمس الانسيات إنس ولا الجنيات جن وقرئ بضم الميم.
(57) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(58) كأنهن الياقوت والمرجان في حمرة الوجنة وبياض البشرة وصفائهما.
113

في المجمع في الحديث إن المرأة من أهل الجنة يرى مخ ساقها وراء سبعين حلة من
حرير.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث مثله
بدون قوله من حرير.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) ما في معناه مع زيادات وقد مضى في سورة
الحج.
(59) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(60) هل جزاء الاحسان إلا الاحسان القمي قال ما جزاء من أنعمت عليه
بالمعرفة إلا الجنة.
ورواه في التوحيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وفي العلل عن الحسن بن
علي (عليهما السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال هل جزاء من قال لا إله إلا الله إلا
الجنة.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قرأ هذه الآية فقال هل تدرون
ما يقول ربكم قالوا الله ورسوله اعلم قال فإن ربكم يقول هل جزاء من أنعمنا عليه
بالتوحيد إلا الجنة.
وعن العياشي عن الصادق (عليه السلام) إن هذه الآية جرت في الكافر والمؤمن
والبر والفاجر من صنع إليه معروف فعليه أن يكافى به وليس المكافاة ان تصنع كما
صنع حتى تربى فإن صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء.
(61) فبأي آلاء ربكما تكذبان. ومن دونهما جنتان ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للخائفين مقام
ربهم جنتان لمن دونهم.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) جنتان من فضة أبنيتهما وما فيهما
114

وجنتان من ذهب أبنيتهما وما فيهما.
وعن الصادق (عليه السلام) لا تقولن الجنة واحدة إن الله يقول ومن دونهما جنتان
ولا تقولن درجة واحدة إن الله يقول درجات بعضها فوق بعض إنما تفاضل القوم
بالاعمال.
وعنه (عليه السلام) قيل له الناس يتعجبون منا إذا قلنا يخرج قوم من النار
فيدخلون الجنة فيقولون لنا فيكونون مع أولياء الله في الجنة فقال إن الله يقول ومن
دونهما جنتان لا والله ما يكونون مع أولياء الله.
والقمي عنه (عليه السلام) انه سئل عن قوله ومن دونهما جنتان قال خضراوتان في
الدنيا يأكل المؤمنون منهما حتى يفرغ من الحساب.
(63) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(64) مدهامتان خضراوتان تضربان إلى السواد من شدة الخضرة.
القمي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال يتصل ما بين مكة والمدينة
نخلا.
(65) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(66) فيهما عينان نضاختان فوارتان.
القمي عنه (عليه السلام) قال تفوران.
(67) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(68) فيهما فاكهة ونخل ورمان عطفهما على الفاكهة بيانا لفضلهما فإن ثمرة
النخل فاكهة وغذاء والرمان فاكهة ودواء.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) الفاكهة مائة وعشرون لونا سيدها الرمان.
وعنه (عليه السلام) خمس من فواكه الجنة في الدنيا الرمان الامليسي والتفاح
115

الشيسقان والسفرجل والعنب الرازقي والرطب المشان.
(69) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(70) فيهن خيرات حسان.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) أي نساء خيرات الأخلاق حسان
الوجوه.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) هن صوالح المؤمنات العارفات.
وفي الفقيه عنه (عليه السلام) الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا وهن أجمل
من الحور العين والقمي قال جوار نابتات على شط الكوثر كلما أخذت منها واحدة
نبتت مكانها أخرى.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قول الرجل للرجل جزاك الله
خيرا ما يعنى به قال إن خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر والكوثر مخرجه من ساق
العرش عليه منازل الأوصياء وشيعتهم على حافتي ذلك النهر جواري نابتات كلما
قلعت واحدة نبتت أخرى سمين باسم ذلك النهر وذلك قوله تعالى فيهن خيرات
حسان فإذا قال الرجل لصاحبه جزاك الله خيرا فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي
أعدها الله لصفوته وخيرته من خلقه.
(71) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(72) حور مقصورات في الخيام مخدرات.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال الحور هن البيض المقصورات
المخدرات في خيام الدر والياقوت والمرجان لكل خيمة أربعة أبواب على كل باب
سبعون كاعبا حجابا لهن ويأتيهن في كل يوم كرامة من الله عز ذكره يبشر الله عز
وجل بهن المؤمنين والقمي حور مقصورات قال يقصر الطرف عنها وقيل مقصورة
الطرف على أزواجهن.
116

وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) الخيمة درة واحدة طولها في
السماء ستون ميلا في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراه الآخرون.
وعنه (صلى الله عليه وآله) قال مررت ليلة أسري به بنهر حافتاه قباب المرجان
فنوديت منه السلام عليك يا رسول الله فقلت يا جبرئيل من هؤلاء قال هؤلاء جوار من
الحور العين استأذن ربهن عز وجل أن يسلمن عليك فأذن لهن فقلن نحن الخالدات
فلا نموت ونحن الناعمات فلا نبأس أزواج رجال كرام ثم قرأ (صلى الله عليه وآله)
حور مقصورات في الخيام.
(73) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(74) لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان.
(75) فبأي آلاء ربكما تكذبان.
(76) متكئين على رفرف وسائد ونمارق جمع رفرفة وقيل الرفرف ضرب من
البسط أو ذيل الخيمة وقد يقال لكل ثوب عريض خضر وعبقري حسان قيل زرابي
وقيل كل ثوب موشى فهو عبقري وقيل العبقري منسوب إلى عبقر تزعم العرب أنه
اسم بلد الجن فينسبون إليه كل شئ عجيب والمراد به الجنس ولذلك وصف
بالجمع وقرئ في الشواذ رفارف خضر وعباقري.
وفي المجمع رواها عن النبي (صلى الله عليه وآله).
(77) فبأي آلاء ربكما تكذبان. تبارك اسم ربك تعالى اسمه فما ظنك بذاته ذي الجلال والاكرام
وقرئ بالرفع صفة للاسم.
القمي عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية قال نحن جلال الله وكرامته التي
أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا ومحبتنا.
في الكافي عن جابر بن عبد الله قال لما قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله)
117

الرحمن على الناس سكتوا فلم يقولوا شيئا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الجن
كانوا أحسن جوابا منكم لما قرأت عليهم فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا لا بشئ من
آلاء ربنا نكذب.
في ثواب الأعمال عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الرحمن فقال عند كل
فبأي آلاء ربكما تكذبان لا بشئ من آلائك رب اكذب فان قرأها ليلا ثم مات
مات شهيدا وإن قرأها نهارا ثم مات مات شهيدا.
وفي المجمع أخبار أخر في فضلها.
118

سورة الواقعة مكية
وقال ابن عباس وقتادة إلا آية منها نزلت بالمدينة وهي وتجعلون
رزقكم انكم تكذبون قيل إلا قوله أفبهذا الحديث نزلت في
سفره إلى المدينة عدد آيها تسع وتسعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إذا وقعت الواقعة إذا حدثت القيامة سماها واقعة لتحقق وقوعها.
(2) ليس لوقعتها كاذبة نفس كاذبة.
القمي قال القيامة هي حق.
(3) خافضة قال بأعداء الله رافعة قال لأولياء الله.
وفي الخصال عن السجاد (عليه السلام) إذا وقعت الواقعة يعني القيامة خافضة
خفضت والله بأعداء الله إلى النار رافعة رفعت والله أولياء الله إلى الجنة.
(4) إذا رجت الأرض رجا حركت تحريكا شديدا القمي قال يدق بعضها
على بعض.
(5) وبست الجبال بسا قال قلعت الجبال قلعا وقيل فتت كالسويق الملتوت.
(6) فكانت هباء منبثا غبارا منتشرا القمي قال الهباء الذي يدخل في الكوة من
شعاع الشمس.
(7) وكنتم أزوجا أصنافا ثلاثة قال يوم القيامة.
(8) فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة قال وهم المؤمنون من أصحاب
التبعات يوقفون للحساب.
119

(9) وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة.
(10) والسابقون السابقون قال الذين سبقوا إلى الجنة بلا حساب.
(11) أولئك المقربون.
(12) في جنات النعيم.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة
أصناف وهو قوله عز وجل وكنتم أزوجا ثلاثة الآيات قال فالسابقون هم رسول الله
وخاصة الله من خلقه جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس فبه عرفوا الأشياء
وأيدهم الله بروح الايمان فبه خافوا الله عز وجل وأيدهم بروح القوة فبه قدروا على طاعة
الله وأيدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عز وجل وكرهوا معصيته وجعل فيهم
روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيؤون وجعل في المؤمنين أصحاب الميمنة
روح الايمان فبه خافوا الله وجعل فيهم روح القوة فبه قووا على طاعة الله وجعل فيهم
روح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس
ويجيؤون.
وفي الأمالي عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه سئل عن هذه الآية فقال قال لي
جبرئيل ذاك علي وشيعته هم السابقون إلى الجنة المقربون من الله بكرامته.
وفي الخصال عن علي (عليه السلام) قال والسابقون السابقون أولئك المقربون
في نزلت.
وفي الاكمال عن الباقر (عليه السلام) في حديث ونحن السابقون السابقون
ونحن الآخرون.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال أبي لا ناس من الشيعة أنتم شيعة
الله وأنتم أنصار الله وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون والسابقون في الدنيا
إلى ولايتنا والسابقون في الآخرة إلى الجنة.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) السابقون أربعة ابن آدم المقتول
120

وسابق أمة موسى (عليه السلام) وهو مؤمن آل فرعون وسابق أمة عيسى (عليه السلام) وهو
حبيب النجار والسابق في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وهو علي بن أبي طالب (عليه
السلام).
(13) ثلة من الأولين أي هم كثير من الأولين يعني الأمم السالفة من لدن آدم (عليه السلام) إلى
محمد (صلى الله عليه وآله).
(14) وقليل من الآخرين يعني أمة محمد (صلى الله عليه وآله).
(15) على سرر موضونة منسوجة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت.
(16) متكئين عليها متقبلين
(17) يطوف عليهم للخدمة ولدان مخلدون قيل أي مبقون أبدا على هيئة
الولدان وطراوتهم والقمي أي مسورون.
وفي المجمع عن علي (عليه السلام) هم أولاد أهل الدنيا وعن النبي (صلى الله
عليه وآله) سئل عن أطفال المشركين قال هم خدم أهل الجنة.
(18) بأكواب وأباريق الكوب إناء لا عروة له ولا خرطوم والإبريق إناء له ذلك
وكأس من معين خمر.
(19) لا يصدعون عنها لخمار ولا ينزفون ولا ينزف عقولهم أو لا ينفد شرابهم
وقرئ بكسر الزاي.
(20) وفاكهة مما يتخيرون أي يختارون.
(21) ولحم طير مما يشتهون يتمنون.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيد
ادام الجنة اللحم.
وفي رواية اللحم سيد الطعام في الدنيا والآخرة.
(22) وحور عين وقرئ بالجر.
(23) كأمثال اللؤلؤ المكنون المصون عما يضر به في الصفاء والنقاء.
121

(24) جزاء بما كانوا يعملون أي يفعل ذلك كله بهم جزاء لاعمالهم.
(25) لا يسمعون فيها لغوا باطلا ولا تأثيما ولا نسبته إلى الاثم القمي قال
الفحش والكذب والغناء.
(26) إلا قيلا قولا سلاما سلاما يكون السلام بينهم فاشيا.
(27) وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين.
القمي قال اليمين أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه شيعته.
(28) في سدر مخضود مقطوع الشوك القمي قال شجر لا يكون له ورق ولا
شوك فيه.
(29) وطلح منضود شجر موز أو أم غيلان (1) نضد حمله من أسفله إلى
أعلاه.
القمي عن الصادق (عليه السلام) انه قرئ وطلع منضود قال بعضه إلى بعضه.
وفي المجمع روت العامة عن علي (عليه السلام) انه قرأ رجل عنده وطلح
منضود فقال ما شأن الطلح إنما هو وطلع كقوله ونخل طلعها هضيم فقيل له الا تغيره
فقال إن القرآن لا يهاج اليوم ولا يحرك.
ورواه عنه ابنه الحسن (عليه السلام) وقيس بن سعد.
ورواه أصحابنا عن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) وطلح منضود
قال لا وطلع منضود.
(30) وظل ممدود.
في المجمع في الخبر أن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مأة سنة لا
يقطعها إقرؤوا ان شئتم وظل ممدود.

(1) وقيل هو شجر يكون باليمن وبالحجاز من أحسن الشجر منظرا.
122

قال وروي أيضا ان أوقات الجنة كغدوات الصيف لا يكون فيه حر ولا برد.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام عن) النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث
يصف فيه أهل الجنة قال ويتنعمون في جناتهم في ظل ممدود في مثل ما بين طلوع
الفجر إلى طلوع الشمس وأطيب من ذلك.
(31) وماء مسكوب القمي أي مرشوش.
(32) وفاكهة كثيرة. (33) لا مقطوعة ولا ممنوعة ولا يمنع أحد من أخذها القمي
عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها
في دار علي (عليه السلام) وما في الجنة قصر ولا منزل إلا وفيها فنن منها أعلاها أسفاط
حلل من سندس وإستبرق يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط في كل سفط مائة حلة ما
فيها حلة تشبه الأخرى على ألوان مختلفة وهو ثياب أهل الجنة وسطها ظل ممدود في
عرض الجنة وعرض الجنة كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله
يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مأتي عام فلا يقطعه وذلك قوله وظل ممدود وأسفلها
ثمار أهل الجنة وطعامهم متدل في بيوتهم يكون في القضيب منها مأة لون من الفاكهة
مما رأيتم في دار الدنيا ومما لم تروه وما سمعتم به وما لم تسمعوه مثلها وكلما يجتني
منه شئ ينبت مكانها أخرى لا مقطوعة ولا ممنوعة.
وفي الاحتجاج عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل من أين قالوا إن أهل الجنة
يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها فإذا أكلها عادت كهيئتها قال نعم ذلك على قياس
السراج يأتي القابس فيقتبس منه فلا ينقص من ضوئه شيئا وقد امتلأت منه الدنيا
سراجا.
وفي البصائر عنه (عليه السلام) في هذه الآية إنه والله ليس حيث يذهب الناس
إنما هو العالم وما يخرج منه.
(34) وفرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة
وحشوها المسك والعنبر والكافور.
123

كذا عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث صفة الجنة ورواه في الكافي
والقمي وقد مر في سورة الزمر وربما تفسر بالنساء وارتفاعهن على الأرائك أو في
جمالهن أو كما لهن بدليل ما بعدها قيل لما شبه حال السابقين في التنعم بأكمل ما
يتصور لأهل المدن شبه حال أصحاب اليمين بأكمل ما يتمناه أهل البوادي إشعارا
بالتفاوت بين الحالين.
(35) إنا أنشأنا هن إنشاء أي ابتدأناهن ابتداء من غير ولادة القمي قال الحور
العين في الجنة.
وعن الصادق (عليه السلام) إنه سئل من أي شئ خلقن الحور العين قال من تربة
الجنة النورانية الحديث وقد مضى في سورة الحج.
(36) فجعلناهن أبكارا يعني دائما وفي كل إتيان.
وفي الاحتجاج عن الصادق (عليه السلام) سئل كيف تكون الحوراء في كل ما
أتاها زوجها عذراء قال خلقت من الطيب لا يعتريها عاهة ولا يخالط جسمها آفة ولا
يجري في ثقبها شئ ولا يدنسها حيض فالرحم ملتزقة إذ ليس فيه لسوى الا حليل
مجرى.
(37) عربا قيل متحننات (1) على أزواجهن متحببات إليهم جمع عروب
والقمي قال يتكلمن بالعربية.
وفي المجمع في حديث فضل الغزاة.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه سئل عن العروبة فقال هي الغنجة الرضية
الشهية وقرئ بسكون الراء أترابا لدات على سن واحد القمي يعني مستويات الأسنان.
في المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث فضل الغزاة ووصف
الجنة على كل سرير أربعون فراشا غلظ كل فراش أربعون ذراعا على كل فراش زوجة
من الحور العين عربا أترابا).

(1) الحنين: الشوق وشدة البكاء.
124

وفي الجوامع عن النبي (صلى الله عليه وآله) هن اللواتي قبضن في دار الدنيا
عجائز شمطاء رمصاء جعلهن الله بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء كلما
أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا.
(38) لأصحاب اليمين القمي أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام).
(39) ثلة من الأولين قال من الطبقة التي كانت مع النبي (صلى الله عليه وآله).
(40) وثلة من الآخرين قال بعد النبي (صلى الله عليه وآله) من هذه الأمة.
وعن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عنها فقال ثلة من الأولين حزقيل مؤمن آل
فرعون وثلة من الآخرين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وفي المجمع عن جماعة من المفسرين أي جماعة من الأمم الماضية التي
كانت قبل هذه الأمة وجماعة من مؤمني هذه الأمة.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) مرفوعا إن جميع الثلتين من أمتي ثم أيد القول
الأول بقو له إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ثم تلا هذه الآية.
وفي الخصال عنه (صلى الله عليه وآله) أهل الجنة مائة وعشرون صفا هذه الأمة
منها ثمانون صفا.
(41) وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال.
(42) في سموم في حر نار ينفذ في المسام وحميم ماء متناه في الحرارة.
(43) وظل من يحموم من دخان أسود.
(44) لا بارد كسائر الظل ولا كريم ولا نافع القمي قال الشمال أعداء آل
محمد صلوات الله عليهم وأصحابهم الذين والوهم في سموم وحميم قال السموم
اسم النار والحميم ماء قد حمى وظل من يحموم قال ظلمة شديدة الحر لا بارد ولا كريم
قال ليس بطيب.
(45) إنهم كانوا قبل ذلك مترفين منهمكين في الشهوات.
125

(46) وكانوا يصرون على الحنث العظيم الذنب العظيم قيل يعني الشرك.
(47) وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظما أئنا لمبعوثون.
(48) أو آباؤنا الأولون وقرئ أو بالسكون.
(49) قل إن الأولين والآخرين.
(50) لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم أي ما وقت به الدنيا وحد من يوم
معين عند الله معلوم له.
(51) ثم إنكم أيها الضالون المكذبون بالبعث.
(52) لا كلون من شجر من زقوم.
(53) فمالئون منها البطون من شدة الجوع.
(54) فشاربون عليه من الحميم لغلبة العطش.
(55) فشاربون شرب الهيم الإبل التي بها الهيام وهي داء يشبه الاستسقاء
جمع أهيم وهيماء أو الرمال على أنه جمع هيام بالفتح وهو الرمل الذي لا يتماسك.
في الفقيه والمحاسن والمعاني عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن الهيم قال
الإبل.
وفي رواية الهيم الرمل وقرئ شرب بضم الشين.
(56) هذا نزلهم يوم الدين فما ظنك بما يكون لهم بعدما استقروا في الجحيم
وفيه تهكم بهم لان النزل ما يعد للنازل تكرمة له وقيل النزل ما ينزل عليه صاحبه
القمي قال هذا ثوابهم يوم المجازاة.
(57) نحن خلقناكم فلو لا تصدقون بالخلق أو بالبعث.
(58) أفرأيتم ما تمنون ما تقذفونه في الأرحام من النطف.
أأنتم تخلقونه تجعلونه بشرا سويا أم نحن الخالقون.
126

(60) نحن قدرنا بينكم الموت قسمناه عليكم واقتنا موت كل بوقت معين
وقرئ بتخفيف الدال وما نحن بمسبوقين بمغلوبين.
(61) على أن نبدل أمثالكم ان وندل منكم أشباهكم فنخلق بدلكم. وننشئكم
في ما لا تعلمون في نشأة لا تعلمونها.
(62) ولقد علمتم النشأة الأولى فلو لا تذكرون إن من قدر عليها قدر على
النشأة الأخرى.
في الكافي عن السجاد (عليه السلام) العجب كل العجب لمن أنكر النشأة
الأخرى وهو يرى النشأة الأولى.
(63) أفرأيتم ما تحرثون تبذرون حبه.
(64) أأنتم تزرعونه تنبتونه أم نحن الزارعون المنبتون.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يقولن أحدكم زرعت وليقل
حرثت.
(65) لو نشاء لجعلناه حطما هشيما فظلتم تفكهون تتحدثون فيه تعجبا وتندما
على ما أنفقتم فيه والتفكه التنقل بصنوف الفاكهة قد استعير للتنقل بالحديث.
(66) إنا لمغرمون لملزمون غرامة ما أنفقنا أو مهلكون لهلاك رزقنا من الغرام
وقرئ أنا على الاستفهام.
(67) بل نحن قوم محرومون حرمنا رزقنا.
(68) أفرأيتم الماء الذي تشربون أي العذب الصالح للشرب.
(69) أأنتم أنزلتموه من المزن من السحاب أم نحن المنزلون بقدرتنا.
(70) لو نشاء جعلنه أجاجا قيل ملحا والقمي أي زعاقا فلو لا تشكرون أمثال
هذه النعم الضرورية.
127

(71) أفرأيتم النار التي تورون تقدحون.
(72) أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون يعني الشجرة التي منها الزناد.
(73) نحن جعلناها جعلنا نار الزناد تذكرة القمي لنار يوم القيامة.
وعن الصادق (عليه السلام) ان ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم وقد
اطفأت سبعين مرة بالماء ثم التهبت ولولا ذلك ما استطاع آدمي أن يطفأها وأنها لتؤتى
يوم القيامة حتى توضع على النار فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي
مرسل إلا جثا على ركبتيه فزعا من صرختها ومتعا ومنفعة للمقوين الذين ينزلون
القواء وهي القفر أو الذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام من أقوت الدار إذا
خلت من ساكنيها كذا قيل والقمي قال المحتاجين.
(74) فسبح باسم ربك العظيم فأحدث التسبيح بذكر اسمه.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) لما نزلت هذه الآية قال اجعلوها في
ركوعكم.
وفي الفقيه مثله.
(75) فلا أقسم بمواقع النجوم بمساقطها وقرئ بموقع القمي قال معناه
فاقسم بمواقع النجوم.
وفي المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) إن مواقع النجوم رجومها
للشياطين فكان المشركون يقسمون بها فقال سبحانه فلا اقسم بها فقال.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال كان أهل الجاهلية يحلفون بها فقال
الله عز وجل فلا اقسم بموقع النجوم قال عظم أمر من يحلف بها.
(76) وانه لقسم لو تعلمون عظيم.
في الفقيه عن الصادق (عليه السلام) يعني به اليمين بالبراءة من الأئمة (عليهم
128

السلام) يحلف بها الرجل إن ذلك عند الله عظيم قال وهذا الحديث في نوادر
الحكمة.
(77) إنه لقرآن كريم كثير النفع لاشتماله على أصول العلوم المهمة في
إصلاح المعاش والمعاد.
في كتاب مكنون مصون وهو اللوح كما في حديث تفسير ن والقلم.
(79) لا يمسه إلا المطهرون لا يطلع على اللوح إلا المطهرون من الكدورات
الجسمانية أو لا يمس القرآن إلا المطهرون من الاحداث فيكون نفيا بمعنى نهي.
في التهذيب عن الكاظم (عليه السلام) قال المصحف لا تمسه على غير طهر ولا
جنبا ولا تمس خطه ولا تعلقه إن الله تعالى يقول لا يمسه إلا المطهرون وفي
الاحتجاج لما استخلف عمر سأل عليا (عليه السلام) أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما
بينهم فقال يا أبا الحسن إن جئت بالقرآن الذي جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه
فقال هيهات ليس إلى ذلك سبيل إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا
تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا ما جئتنا به فإن القرآن الذي عندي لا
يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي فقال عمر فهل وقت لاظهاره معلوم قال علي
(عليه السلام) نعم إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به.
أقول: وفي التحقيق لا منافاة بين المعنيين لجواز الجمع بينهما وإرادة كل
منهما أو يكون أحدهما تفسيرا والاخر تأويلا.
(80) تنزيل من رب العلمين.
(81) أفبهذا الحديث يعني القرآن أنتم مدهنون متهاونون.
(82) وتجعلون رزقكم أي شكر رزقكم أنكم تكذبون أي بمن أنزله عليكم
ورزقكم إياه حيث تنسبون الأشياء إلى الأنواء.
القمي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قرأ الواقعة فقال تجعلون شكركم
انكم تكذبون فلما انصرف قال إني قد عرفت أنه سيقول قائل لم قرأ هكذا قرائتها
129

إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرؤها كذلك وكانوا إذا أمطروا قالوا أمطرنا
بنوء كذا وكذا فأنزل الله وتجعلون شكركم أنكم تكذبون.
وعن الصادق (عليه السلام) في قوله وتجعلون رزقكم قال بل هي وتجعلون
شكركم.
(83) فلو لا إذا بلغت الحلقوم أي النفس.
(84) وأنتم حينئذ تنظرون الخطاب لمن حول المحتضر.
(85) ونحن أقرب إليه إلى المحتضر منكم ولكن لا تبصرون.
(86) فلو لا إن كنتم غير مدينين غير مجزيين يوم القيامة أو غير مملوكين
مقهورين.
(87) ترجعونها ترجعون النفس إلى مقرها إن كنتم صادقين في تكذيبكم
وتعطيلكم والمعنى إن كنتم غير مملوكين مجزيين كما دل عليه جحدكم أفعال الله
وتكذيبكم بآياته فلو لا ترجعون الأرواح إلى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال إنها إذا بلغت الحلقوم
اري منزله من الجنة فيقول ردوني إلى الدنيا حتى اخبر أهلي بما أرى فيقال له ليس
إلى ذلك سبيل.
(78) فأما إن كان من المقربين أي إن كان المتوفي من السابقين.
(89) فروح فله استراحة وقرئ بضم الراء.
ونسبها في المجمع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) والباقر (عليه السلام) وفسر
بالرحمة والحياة الدائمة وريحان ورزق طيب وجنت نعيم ذات تنعم.
في الأمالي والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال فروح وريحان يعني في الآخرة.
(90) وأما إن كان من أصحاب اليمين.
130

(91) فسلم لك يا صاحب اليمين من أصحاب اليمين أي من إخوانك
يسلمون عليك كذا قيل والقمي يعني من كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)
فسلام لك يا محمد من أصحاب اليمين أن لا يعذبوا.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لعلي (عليه السلام) يا علي هم شيعتك فسلم ولدك منهم أن يقتلوهم.
(92) وأما إن كان من المكذبين الضالين يعني أصحاب الشمال وإنما
وصفهم بأفعالهم زجرا عنها وإشعارا بما أوجب لهم ما أوعدهم به.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) في حديث فهؤلاء مشركون والقمي أعداء
آل محمد صلوات الله عليهم.
(93) فنزل من حميم.
(94) وتصلية جحيم.
في الأمالي والقمي عن الصادق (عليه السلام) فنزل من حميم يعني في قبره
وتصلية جحيم يعني في الآخرة.
(95) إن هذا أي الذي ذكر في السورة أو في شأن الفرق لهو حق اليقين أي
حق الخبر اليقين.
(96) فسبح باسم ربك العظيم فنزهه بذكر اسمه عما لا يليق بعظمة شأنه.
في ثواب الأعمال عن الباقر (عليه السلام) من قرأ الواقعة كل ليلة قبل أن ينام
لقى الله عز وجل ووجهه كالقمر في ليلة البدر.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) من قرأها كل ليلة لم تصبه فاقة
أبدا.
131

سورة الحديد مدنية
عدد آيها تسع وعشرون آية عراقي وثمان في الباقين اختلافها
آيتان من قبله العذاب والإنجيل بصري
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) سبح لله ما في السماوات والأرض قيل ذكر هيهنا وفي الحشر والصف
بلفظ الماضي وفي الجمعة والتغابن بلفظ المضارع إشعارا بأن من شأن ما اسند إليه
أن يسبحه في جميع أوقاته لأنه دلالة جبلية لا تختلف باختلاف الحالات ومجئ
المصدر مطلقا في بني إسرائيل أبلغ من حيث أنه يشعر بإطلاقه على استحقاق
التسبيح من كل شئ وفي كل حال فإنما عدى باللام وهو متعد بنفسه إشعارا بأن إيقاع
الفعل لأجل الله وخالصا لوجهه وهو العزيز الحكيم إشعار بما هو المبدأ للتسبيح.
(2) له ملك السماوات والأرض فإنه الخالق لها والمتصرف فيها يحي ويميت
وهو على كل شئ قدير.
(3) هو الأول قبل كل شئ والاخر بعد كل شئ والظاهر على كل شئ
بالقهر له والباطن الخبير بباطن كل شئ وهو الأول والاخر أيضا يبتدئ منه الأسباب
وتنتهي إليه المسببات والظاهر والباطن الظاهر وجوده من كل شئ والباطن حقيقة ذاته
فلا يكتنهها العقول.
في الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في خطبة له الذي ليست لأوليته
نهاية ولا لآخريته حد ولا غاية وقال الذي بطن من خفيات الأمور وظهر في العقول بما
يرى في خلقه من علامات التدبير وهو بكل شئ عليم يستوي عنده الظاهر والخفي.
(4) هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش قد
132

مر تفسيره في سورة الأعراف يعلم ما يلج في الأرض كالبذور وما يخرج منها
كالزروع وما ينزل من السماء كالأمطار وما يعرج فيها كالأبخرة وهو معكم أينما كنتم
لا ينفك علمه وقدرته عنكم بحال والله بما تعملون بصير فيجازيكم عليه.
(5) له ملك السماوات والأرض ذكره مع الإعادة كما ذكره مع الابداء لأنه
كالمقدمة لهما وإلى الله ترجع الأمور.
(6) يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور
بمكنوناتها.
(7) آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه من الأموال التي
جعلكم الله خلفاء في التصرف فيها فهي في الحقيقة له لا لكم أو التي أستخلفكم عن
من قبلكم في تملكها والتصرف فيها وفيه توهين للانفاق على النفس فالذين آمنوا
معكم وأنفقوا لهم أجر كبير وعد فيه مبالغات.
(8) وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم أي عذر لكم
في ترك الايمان والرسول يدعوكم إليه بالحجج والآيات وقد أخذ ميثاقكم وقد أخذ
الله ميثاقكم بالايمان قبل ذلك وقرئ على البناء للمفعول إن كنتم مؤمنين لموجب
ما فإن هذا موجب لا مزيد عليه.
(9) هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور من
ظلمات الكفر إلى نور الايمان وإن الله بكم لرءوف رحيم.
(10) وما لكم ألا تنفقوا وأي شئ لكم في أن لا تنفقوا في سبيل الله فيما
يكون قربة إليه ولله ميراث السماوات والأرض يرث كل شئ فيهما ولا يبقى
لاحد مال وإذا كان كذلك فإنفاقه بحيث يستخلف عوضا يبقى وهو الثواب كان أولى
لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل بيان لتفاوت المنفقين والمقاتلين
باختلاف أحوالهم من السبق وقوة اليقين وتحري الحاجة وقسيمه محذوف لوضوحه
ودلالة ما بعده عليه والفتح فتح مكة إذ عز الاسلام به وكثر أهله وقلت الحاجة إلى
133

المقاتلة والانفاق أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد من بعد الفتح وقاتلوا
وكلا وقرئ بالرفع وعد الله الحسنى المثوبة الحسنى والله بما تعملون خبير
بظاهره وباطنه فيجازيكم على حسبه.
(11) من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ينفق ما له في سبيله رجاء أن يعوضه
وحسنه بالاخلاص وتحري الحلال وأفضل الجهات له ومحبة المال ورجاء الحياة.
فيضاعفه له فيعطى اجره أضعافا وله أجر كريم وذلك الاجر كريم في نفسه وإن لم
يضاعف وقرئ فيضاعفه بالنصب ويضعفه مرفوعا ومنصوبا.
في الكافي والقمي عن الكاظم (عليه السلام) نزلت في صلة الامام.
وفي رواية في الكافي في صلة الامام في دولة الفساق.
وعن الصادق (عليه السلام) إن الله لم يسأل خلقه مما في أيديهم قرضا من حاجة
به إلى ذلك وما كان لله من حق فإنما هو لوليه.
(12) يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم ما يهتدون به إلى الجنة بين
أيديهم وبأيمانهم من حيث يؤتون صحائف أعمالهم بشراكم اليوم جنت يقال لهم
ذلك تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم.
(13) يوم يقول المنفقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا انتظرونا أو انظروا
إلينا وقرئ أنظرونا أي أمهلونا نقتبس؟؟ من نوركم قيل ارجعوا ورائكم إلى الدنيا فالتمسوا
نورا بتحصيل المعارف الإلهية والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة فإن النور يتولد منها
فضرب بينهم بسور بحائط له باب باطنه فيه الرحمة لأنه يلي الجنة وظاهره من قبله من
جهته العذاب لأنه يلي النار
(14) ينادونهم ألم نكن معكم يريدون موافقتهم في الظاهر قالوا بلى ولكنكم فتنتم
أنفسكم بالنفاق القمي قال وتربصتم بالمؤمنين الدوائر وارتبتم وشككتم في الدين
وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وهو الموت وغركم بالله الغرور الشيطان أو الدنيا.
(15) فاليوم لا يؤخذ منكم فدية فداء ولا من الذين كفروا ظاهرا وباطنا مأويكم
134

النار هي موليكم القمي قال هي أو لي بكم وبئس المصير النار القمي قال يقسم النور
بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم يقسم للمنافق فيكون نوره في إبهام رجله
اليسرى فينظر نوره ثم يقول للمؤمنين مكانكم حتى أقتبس من نوركم فيقول المؤمنون
لهم ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فيرجعون فيضرب بينهم بسور قال والله ما عنى
بذلك اليهود ولا النصارى وما عنى به إلا أهل القبلة.
(16) ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ألم يأت وقته وما نزل من
الحق أي القرآن وقرئ ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل وقرئ بالياء فطال عليهم
الأمد الزمان فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون خارجون عن دينهم.
في الاكمال عن الصادق (عليه السلام) قال نزلت هذه الآية في القائم (عليه
السلام) ولا يكونوا الآية.
أقول: لعل المراد أنها نزلت في شأن غيبة القائم (عليه السلام) وأهلها
المؤمنين.
(17) اعلموا أن الله يحيى الأرض بعد موتها.
في الاكمال عن الباقر (عليه السلام) قال يحييها الله بالقائم (عليه السلام)
بعد موتها يعني بموتها كفر أهلها والكافر ميت.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال العدل بعد الجور وقيل تمثيل لاحياء
القلوب القاسية بالذكر والتلاوة قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون كي يكمل
عقلكم.
(18) إن المصدقين والمصدقات أي المتصدقين والمتصدقات وقرئ
بتخفيف الصاد أي الذي صدقوا الله ورسوله وأقرضوا الله قرضا حسنا يضعف لهم
ولهم أجر كريم.
(19) والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند
ربهم.
135

في التهذيب عن السجاد (عليه السلام) إن هذه لنا ولشيعتنا.
وفي المحاسن عن أبيه (عليهما السلام) قال ما من شيعتنا إلا صديق شهيد قيل أنى يكون ذلك وعامتهم يموتون على فرشهم فقال أما تتلو كتاب الله في الحديد
والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء قال لو كان الشهداء كما
يقولون كان الشهداء قليلا.
وفي الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) الميت من شيعتنا صديق صدق
بأمرنا وأحب فينا وأبغض فينا يريد بذلك الله عز وجل يؤمن بالله وبرسوله ثم تلا هذه
الآية.
والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال العارف منكم هذا الامر المنتظر له
المحتسب فيه الخير كمن جاهد والله مع القائم (عليه السلام) بسيفه ثم قال
بل والله كمن جاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسيفه ثم قال الثالثة بل والله
كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فسطاطه وفيكم آية من كتاب الله
قيل وأي آية قال قول الله والذين آمنوا بالله ورسله الآية ثم قال صرتم والله صادقين
شهداء عند ربكم.
وفي المحاسن عن الصادق (عليه السلام) قال إن الميت منكم على هذا الامر
شهيد قيل وإن مات على فراشه قال إي والله وإن مات على فراشه حي عند ربه يرزق
وعن الحكم بن عيينة قال لما قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) الخوارج يوم النهروان
قام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف وقتلنا معك
هؤلاء الخوارج فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لقد
شهدنا في هذا الموقف أناس لم يخلق الله آبائهم ولا أجدادهم بعد فقال الرجل وكيف
شهدنا قوم لم يخلقوا قال بل قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه
ويسلمون لنا فأولئك شركاؤنا فيه حقا حقا وفي رواية قال إنما يجمع الناس الرضا
والسخط فمن رضى أمرا فقد دخل فيه ومن سخط فقد خرج منه لهم أجرهم
ونورهم أجر الصديقين والشهداء ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك
أصحاب الجحيم.
136

(20) اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر
في الأموال والأولاد لما ذكر حال الفريقين حقر أمور الدنيا يعني ما لا يتوصل به منها
إلى سعادة الآخرة بأن بين أنها أمور وهمية عديمة النفع سريعة الزوال وإنما هي لعب
يتعب الناس فيه أنفسهم جدا اتعاب الصبيان في الملاعب من غير فائدة ولهو يلهون به
أنفسهم عما يهمهم وزينة من ملابس شهية ومراكب بهية ومنازل رفيعة ونحو ذلك
وتفاخر بالأنساب والأحساب وتكاثر بالعدة والعدد وهذه ستة أمور جامعة لمشتهيات
الدنيا مما لا يتعلق منها بالآخرة مترتبة في الذكر ترتب مرورها على الانسان غالبا
كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتريه مصفرا ثم يكون حطاما ثم قرر تحقير
الدنيا ومثل لها في سرعة تقضيها وقلة جدواها بحال نبات أنبته الغيث واستوى
فاعجب به الحراث أو الكافرون بالله لأنهم أشد اعجابا بزينة الدنيا ولان المؤمن إذا
رأى معجبا انتقل فكره إلى قدرة صانعه فأعجب بها والكافر لا يتخطى فكره عما أحس
به فيستغرق فيه اعجابا ثم هاج أي يبس بعاهة فاصفر ثم صار حطاما أي هشيما وفى
الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان ثم عظم أمور الآخرة وأكد ذلك تنفيرا
عن الانهماك في الدنيا وحثا على ما يوجب كرامة العقبى وما الحياة الدنيا إلا متاع
الغرور أي لمن أقبل عليها ولم يطلب الآخرة بها.
(21) سابقوا سارعوا مسارعة السابقين في المضمار إلى مغفرة من ربكم إلى
موجباتها وجنة عرضها كعرض السماء والأرض كعرض مجموعهما إذا بسطت.
القمي عن الصادق (عليه السلام) إن أدنى أهل الجنة منزلا من لو نزل به الثقلان
الجن والإنس لوسعهم طعاما وشرابا الحديث وقد سبق في سورة الحج أعدت للذين
آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
(22) ما أصاب من مصيبة في الأرض كجدب وعاهة ولا في أنفسكم
كمرض وآفة إلا في كتاب إلا مكتوبة من قبل أن نبرأها نخلقها.
القمي عن الصادق (عليه السلام) قال صدق الله وبلغت رسله كتابه في السماء
علمه بها وكتابه في الأرض علومنا في ليلة القدر وفي غيرها.
137

وفي العلل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إن ملك الأرحام يكتب كل ما يصيب
الانسان في الدنيا بين عينيه فذلك قول الله عز وجل ما أصاب من مصيبة الآية إن ذلك
إن ثبته في كتاب على الله يسير لاستغنائه فيه عن العدة والمدة.
(23) لكيلا تأسوا أي أثبت وكتب لئلا تحزنوا على ما فاتكم من نعم الدنيا ولا
تفرحوا بما اتيكم أعطاكم الله منها فان من علم أن الكل مقدر هان عليه الامر وقرئ
فما أتاكم من الاتيان ليعادل ما فاتكم في نهج البلاغة الزهد كله بين كلمتين في القرآن
قال الله تعالى لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم ومن لم يأس على
الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه.
وفي الكافي والقمي عن السجاد (عليه السلام) الا وان الزهد في آية من كتاب الله
ثم تلا هذه الآية.
وعن الباقر (عليه السلام) نزلت في أبي بكر وأصحابه واحدة مقدمة وواحدة
مؤخرة لا تأسوا على ما فاتكم مما خص به علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولا تفرحوا
بما اتاكم من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والله لا يحب
كل مختال فخور فيه إشعار بأن المراد بالأسى الأسى المانع عن التسليم لامر الله
وبالفرح الفرح الموجب للبطر والاحتيال إذ قل من يثبت نفسه حال الضراء والسراء.
(24) الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل بدل من كل مختال فإن المختال
بالمال يضن به غالبا أو مبتدأ خبره محذوف لدلالة ما بعده عليه ومن يتول فان الله هو
الغنى الحميد ومن يعرض عن الانفاق فان الله غني عنه وعن إنفاقه محمود في ذاته لا
يضره الاعراض عن شكره ولا ينتفع بالتقرب إليه بشئ من نعمه وفيه تهديد واشعار
بأن الامر بالانفاق لمصلحة المنفق وقرئ فان الله الغني.
(25) لقد أرسلنا رسلنا بالبينات بالحجج والمعجزات وأنزلنا معهم الكتب.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية الكتاب الاسم الأكبر الذي
يعلم به علم كل شئ الذي كان مع الأنبياء قال وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة
138

والإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم فأخبر الله عز
وجل ان هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى (عليهما السلام) فأين
صحف إبراهيم (عليه السلام) إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر وصحف موسى (عليه السلام)
الاسم الأكبر والميزان ليقوم الناس بالقسط بالعدل القمي قال الميزان الإمام (عليه السلام).
وفي الجوامع روي أن جبرئيل نزل بالميزان فدفعه إلى نوح (عليه السلام) وقال
مرقومك يزنوا به وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد فان آلات الحروب متخذة منه.
في التوحيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يعني السلاح.
وفي الاحتجاج عنه انزاله ذلك خلقه له ومنافع للناس إذ ما من صنعة إلا
والحديد آلتها.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إن الله عز وجل أنزل أربع بركات من
السماء إلى الأرض أنزل الحديد والنار والماء والملح وليعلم الله من ينصره ورسله
بالغيب باستعمال الأسلحة في مجاهدة الكفار والعطف على محذوف دل عليه ما قبله
فإنه يتضمن تعليلا إن الله قوى على إهلاك من أراد إهلاكه عزيز لا يفتقر إلى نفسه
وإنما أمرهم بالجهاد لينتفعوا به ويستوجبوا ثواب الامتثال فيه.
(26) ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم
مهتد وكثير منهم فاسقون خارجون عن الطريق المستقيم والعدول عن
سنن المقابلة للمبالغة في الذم والدلالة على أن الغلبة للضلال.
(26) ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم أي أرسلنا رسولا بعد
رسول حتى انتهى إلى عيسى (عليه السلام) والضمير لنوح (عليه السلام) وإبراهيم (عليه
السلام) ومن ارسلا إليهم أو من عاصرهما من الرسل لا للذرية فإن الرسل المقفى بهم
من الذرية وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية
ابتدعوها قيل هي للمبالغة في العبادة والرياضة والانقطاع عن الناس منسوبة إلى
الرهبان وهو المبالغ في الخوف من رهب.
139

في الكافي والفقيه والعيون عن أبي الحسن (عليه السلام) قال صلاة الليل ما
كتبناها عليهم ما فرضناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان
الله فما رعوا جميعا حق رعايتها لتكذيبهم بمحمد (صلى الله عليه وآله).
كذا في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) مرفوعا فاتينا الذين آمنوا منهم أجرهم
وكثير منهم فاسقون خارجون عن الاتباع.
في المجمع عن ابن مسعود قال دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال
يا ابن مسعود اختلف من كان قبلكم على اثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثنتان وهلك
سائرهن فرقة قاتلوا الملوك على دين عيسى (عليه السلام) فقتلوهم وفرقة لم تكن لهم
طاقة لموازاة الملوك ولا أن يقيموا بين ظهرانيهم يدعونهم إلى دين الله تعالى ودين
عيسى (عليه السلام) فساحوا في البلاد وترهبوا وهم الذين قال الله عز وجل ورهبانية
ابتدعوها ما كتبناها عليهم ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله) من آمن بي وصدقني
واتبعني فقد رعاها حق رعايتها ومن لم يؤمن بي فأولئك هم الهالكون.
وفي رواية قال ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى (عليه السلام) يعملون بمعاصي
الله فغضب أهل الايمان فقاتلوهم فهزم أهل الايمان ثلاث مرات فلم يبق منهم إلا
القليل فقالوا إن ظهرنا لهؤلاء أفنونا ولم يبق من الذين آمنوا أحد يدعو إليه فتعالوا
نتفرق في الأرض إلى أن يبعث الله النبي (صلى الله عليه وآله) الذي وعدنا عيسى (عليه
السلام) يعنون محمدا (صلى الله عليه وآله) فتفرقوا في غيران الجبال واحدثوا رهبانية
فمنهم من تمسك بدينه ومنهم من كفر ثم تلا هذه الآية.
(28) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله آمنوا برسوله يؤتكم كفلين نصيبين من
رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم القمي قال نصيبين
من رحمته أحدهما أن لا يدخله النار وثانيهما ان يدخله الجنة ويجعل لكم نورا يعني
الايمان.
وفي الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) كفلين من رحمته قال الحسن
والحسين (عليهما السلام) ونورا تمشون به يعني اماما تأتمون به وفي المناقب قال والنور
140

علي (عليه السلام).
(29) لئلا يعلم أهل الكتاب أي ليعلموا ولا مزيدة ألا يقدرون على شئ من
فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
في المجمع ما معناه أنه لما نزل قوله أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا في
أهل الكتاب الذين آمنوا بمحمد (صلى الله عليه وآله) وسمع ذلك الذين لم يؤمنوا به
فخروا على المسلمين فقالوا يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم وكتابنا فله
اجران ومن آمن منا بكتابنا فله أجر كأجوركم فما فضلكم علينا فنزل يا أيها الذين آمنوا
الآية وفي رواية فخر الذين آمنوا منهم بمحمد (صلى الله عليه وآله) على أصحاب رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وقالوا نحن أفضل منكم لنا أجران ولكم أجر واحد فنزل لئلا
يعلم الآية.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الحديد
والمجادلة في فريضة ادمنها لم يعذبه الله حتى يموت ابدا ولا يرى في نفسه ولا في أهله
سوء أبدا ولا خصاصة في بدنه.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) من قرأ المسبحات كلها قبل أن ينام لم
يمت حتى يدرك القائم صلوات الله عليه وان مات كان في جوار رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم).
141

سورة المجادلة مدنية
عدد آيها احدى وعشرون آية مكي والمدني الأخير وآيتان في
الباقين اختلافها آية في الأذلين غير المكي والمدني الأخير
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع
تحاور كما تراجعكما الكلام إن الله سميع بصير للأقوال والأحوال.
(2) الذين يظاهرون منكم من نسائهم الظهار أن يقول الرجل لامرأته أنت علي
كظهر أمي مشتق من الظهر وقرئ يظهرون من أظهر ويظاهرون من ظاهر ما هن
أمهاتهم على الحقيقة ان أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول
وزورا وإن الله لعفو غفور لما سلف منه.
(3) والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا قيل أي إلى قولهم
بالتدارك بنقض ما يقتضيه ويأتي له تفسير آخر عن قريب فتحرير رقبة من قبل أن
يتماسا ذلكم توعظون به لكي ترتدعوا عن مثله والله بما تعملون خبير لا يخفى
عليه خافية.
(4) فمن لم يجد الرقبة فصيام شهرين متتابعين بأن يصوم شهرا ومن الاخر شيئا
متصلا به ثم يتم الاخر متواليا أو متفرقا من قبل أن يتماسا بالمجامعة فمن لم يستطع
الصيام من مرض أو عطاش أو غير ذلك فإطعام ستين مسكينا بقدر شبعهم أو إعطاء مد
لكل مسكين ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله فرض ذلك لتصدقوا بالله ورسوله في قبول
شرائعه ورفض ما كنتم عليه في جاهليتكم وتلك حدود الله لا يجوز تعديها
وللكافرين الذين لا يقبلونها عذاب أليم القمي قال كان سبب نزول هذه الآية أنه أول
142

من ظاهر في الاسلام كان رجلا يقال له أوس بن الصامت بن الأنصار وكان شيخا كبيرا
فغضب على أهله يوما فقال لها أنت علي كظهر أمي ثم ندم على ذلك قال وكان
الرجل في الجاهلية إذا قال لأهله أنت علي كظهر أمي حرمت عليه آخر الأبد وقال
أوس لأهله يا خولة إنا كنا نحرم هذا في الجاهلية وقد أتانا الله بالاسلام فاذهبي إلى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاسألي عن ذلك فأتت خولة رسول الله (صلى الله عليه
وآله) فقالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله إن أوس بن الصامت هو زوجي وأبو ولدي
وابن عمي فقال لي أنت علي كظهر أمي وإنا نحرم ذلك في الجاهلية وقد أتانا الله
بالاسلام بك.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) ما في معناه وزاد في آخره فقال لها
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيتها المرأة ما أظنك إلا وقد حرمت عليه فرفعت المرأة يدها
إلى السماء فقالت أشكو إلى الله فراق زوجي فأنزل الله يا محمد قد سمع الله إلى قوله
لعفو غفور قال ثم أنزل الله الكفارة في ذلك فقال الذين يظاهرون من نسائهم إلى
عذاب أليم.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قال إن امرأة
من المسلمات أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت يا رسول الله إن فلانا زوجي وقد
نثرت له بطني واعنته على دنياه وآخرته لم يرمني مكروها أشكوه إلى الله وإليك
فقال مما تشكينه فقالت إنه قال أنت علي حرام كظهر أمي وقد أخرجني من منزلي
فانظر في أمري فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا
أقضي فيه بينك وبين زوجك وأنا أكره أن أكون من المتكلفين فجعلت تبكي وتشتكي
ما بها إلى الله عز وجل وإلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وانصرفت قال فسمع الله
تبارك وتعالى مجادلتها لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في زوجها وما شكت إليه فأنزل
الله عز وجل في ذلك قرآنا بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك
في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاور كما يعني محاورتها لرسول الله (صلى
الله عليه وآله) في زوجها إن الله سميع بصير الذين يظاهرون منكم الآية قال فبعث
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المرأة فأتته فقال لها جيئيني بزوجك فأتت به فقال
143

له أقلت لامرأتك هذه أنت علي حرام كظهر أمي فقال قد قلت لها ذاك فقال له رسول الله
(صلى الله عليه وآله) قد أنزل الله تبارك وتعالى فيك وفي امرأتك قرآنا فقرأ عليه ما أنزل
الله قد سمع الله إلى قوله لعفو غفور ثم قال فضم إليك امرأتك فإنك قد قلت منكرا من
القول وزورا وقد عفا الله عنك وغفر لك ولا تعد قال فانصرف الرجل وهو نادم على ما
قال لامرأته وكره الله عز وجل ذلك للمؤمنين بعد وأنزل الله الذين يظاهرون من
نسائهم ثم يعودون لما قالوا قال يعني ما قال الرجل الأول لامرأته أنت علي حرام كظهر أمي
قال فمن قالها بعد ما عفا الله وغفر للرجل الأول فان عليه تحرير رقبة من قبل أن
يتماسا يعني مجامعتها ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير قال فمن لم يجد
فصيام شهرين متتابعين يعني من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا
قال فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا ثم قال ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك
حدود الله قال هذا حد الظهار ثم قال (عليه السلام) ولا يكون ظهار في يمين ولا في
إضرار ولا في غضب ولا يكون ظهار إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين
مسلمين.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) قال إن امرأة الحديث بأدنى تفاوت في ألفاظه.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن رجل مملك (1) ظاهر من
امرأته قال لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها وتفاصيل أحكام الظهار تطلب من
كتب الاخبار.
(5) إن الذين يحادون الله ورسوله يعادونهما فإن كلا من المتعاديين في حد
غير حد الاخر وقيل يضعون حدودا غير حدودهما كبتوا أخزوا وأهلكوا وأصل الكبت
الكب كما كبت الذين من قبلهم يعني كفار الأمم الماضية وقد أنزلنا آيات بينات تدل
على صدق الرسول وما جاء به وللكافرين عذاب مهين يذهب عزهم وتكبرهم.
(6) يوم يبعثهم الله جميعا كلهم لا يدع أحدا أو مجتمعين فينبئهم بما عملوا
أي على رؤوس الاشهاد تقريرا لعذابهم أحصه الله أحاط به عددا لم يغب منه شئ

(1) الاملاك: التزويج عقد النكاح.
144

ونسوه لكثرته أو تهاونهم به والله على كل شئ شهيد لا يغيب عنه شئ.
(7) ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة
من تناجي ثلاثة أو من متناجين ثلاثة إلا هو رابعهم إلا الله يجعلهم أربعة إذ هو
مشاركهم في الاطلاع عليها ولا خمسة ولا نجوى خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من
ذلك ولا أكثر إلا هو معهم يعلم ما يجري بينهم أينما كانوا فإن علمه بالأشياء ليس
لقرب مكاني حتى يتفاوت باختلاف الأمكنة.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) يعني بالإحاطة والعلم لا بالذات لان
الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها الحواية.
وسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الله أين هو فقال هو هيهنا وهيهنا وفوق
وتحت ومحيط بنا ومعنا ثم تلا هذه الآية أشار إلى أنه إنما هو رابع الثلاثة وسادس
الخمسة المتناجين بإحاطته بهم وغلبته عليهم وعلمه بما يتناجون به وشهوده لديهم
في تناجيهم لا أنه واحد منهم وفي عدادهم بذاته المقدسة لان ذلك يستلزم الحد
والمكان والحواية ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيمة تقريرا لما يستحقونه من الجزاء إن
الله بكل شئ عليم لا يخفى عليه خافية.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) نزلت هذه الآية في فلان وفلان وأبي عبيدة
ابن الجراح وعبد الرحمان بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة حيث
كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتواثقوا لئن مضى محمد (صلى الله عليه وآله) لا تكون
الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا والقمي ما في معناه.
(8) ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه قيل نزلت في
اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم ويتغامزون بأعينهم إذا رأوا المؤمنين
فنهاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم عادوا لمثل فعلهم ويتنجون بالاثم
والعدوان ومعصية الرسول أي بما هو إثم وعدوان للمؤمنين وتواص بمعصية
الرسول وقرئ وينتجون ويشهد لها حديث ما انتجيته بل الله انتجاه في شأن علي (عليه
السلام) وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله فيقولون السام عليك أو أنعم صباحا
145

وأنعم مساء والله سبحانه يقول وسلام على عباده الذين اصطفى.
في روضة الواعظين روي إن اليهود أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا السام
عليك يا محمد والسام بلغتهم الموت فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليكم
فأنزل الله هذه الآية والقمي إذا أتوه قالوا له أنعم صباحا وأنعم مساء وهي تحية أهل
الجاهلية فأنزل الله هذه الآية فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أبدلنا الله بخير
من ذلك تحية أهل الجنة السلام عليكم ويقولون في أنفسهم فيما بينهم لولا يعذبنا
الله بما نقول هلا يعذبنا بذلك لو كان محمد نبيا حسبهم جهنم عذابا يصلونها
يدخلونها فبئس المصير جهنم.
(9) يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية
الرسول كما يفعله المنافقون وتناجوا بالبر والتقوى بما يتضمن خير المؤمنين
والاتقاء عن معصية الرسول واتقوا الله الذي إليه تحشرون فيما تأتون وتذرون فإنه
مجازيكم عليه.
(10) إنما النجوى من الشيطان فإنه المزين لها والحامل عليها ليحزن الذين
آمنوا بتوهمهم أنها في نكبة أصابتهم وليس الشيطان أو التناجي بضارهم بضار
المؤمنين شيئا إلا بإذن الله بمشيئته وعلى الله فليتوكل المؤمنون ولا يبالوا بنجواهم.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) انه سئل عن قول الله إنما النجوى من الشيطان
قال الثاني.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان
دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه وفيه وقيل إن المراد بالآية أحلام المنام التي يراها
الانسان في نومه فتحزنه.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) كان سبب نزول هذه الآية أن فاطمة (عليها
السلام) رأت في منامها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هم أن يخرج هو وفاطمة
وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) من المدينة فخرجوا حتى جازوا من حيطان
146

المدينة فعرض لهم طريقان فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات اليمين حتى
إنتهى إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة ذراء وهي
التي في أحد اذنيها نقط بيض فأمرت ذبحها فلما أكلوا ماتوا في مكانهم فانتبهت فاطمة
(عليها السلام) باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فلما أصبحت
جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحمار فأركب عليه فاطمة (عليها السلام) وأمر أن
يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) من المدينة كما رأت فاطمة
(عليها السلام) في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فأخذ رسول
الله (صلى الله عليه وآله) ذات اليمين كما رأت فاطمة (عليها السلام) حتى انتهوا إلى
موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة ذراء كما رأت فاطمة
(عليها السلام) فأمر بذبحها فذبحت وشويت فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة (عليها السلام)
وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا فطلبها رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى
وقع عليها وهي تبكي فقال ما شأنك يا بنية قالت يا رسول الله رأيت البارحة كذا وكذا
في نومي وقد فعلت أنت كما رأيته فتنحيت عنكم لئلا أراكم تموتون فقام رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فصلى ركعتين ثم ناجى ربه فنزل عليه جبرئيل فقال يا محمد هذا
شيطان يقال له الزها وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ويؤذي المؤمنين في نومهم ما
يغتمون به فأمر جبرئيل (عليه السلام) فجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له
أنت الذي أريت فاطمة هذه الرؤيا فقال نعم يا محمد فبزق عليه ثلاث بزقات قبيحة
في ثلاث مواضع ثم قال جبرئيل لمحمد (صلى الله عليه وآله) يا محمد إذا رأيت شيئا
في منامك تكرهه أو رأى أحد من المؤمنون فليقل أعوذ بما عاذت به ملائكة الله
المقربون وأنبياء الله المرسلون وعباد الله الصالحون من شر ما رأيت في رؤياي ويقرأ
الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد ويتفل عن يساره ثلاث تفلات فإنه لا يضره ما رأى
فأنزل الله عز وجل على رسوله إنما النجوى من الشيطان الآية.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) قال إذا رأى الرجل منكم ما يكره في منامه
فليتحول عن شقه الذي كان عليه نائما وليقل إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين
آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله ثم ليقل عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون
147

وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم.
(11) يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس توسعوا فيها
وليفسح بعضكم عن بعض من قولهم افسح عني أي تنح قيل كانوا يتضامون بمجلس
النبي (صلى الله عليه وآله) تنافسا على القرب منه وحرصا على استماع كلامه وقرئ في
المجلس فافسحوا يفسح الله لكم فيما تريدون التفسح به من المكان والرزق
والصدر وغيرها وإذا قيل انشزوا انهضوا للتوسعة فانشزوا وقرئ بضم الشين فيهما
القمي قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل المسجد يقوم له الناس فنهاهم
الله أن يقوموا له فقال تفسحوا أي وسعوا له في المجلس وإذا قيل انشزوا فانشزوا يعني
إذا قال قوموا فقوموا يرفع الله الذين آمنوا منكم بالنصر وحسن الذكر في الدنيا
وإيوائهم غرف الجنات في الآخرة والذين أوتوا العلم درجات ويرفع العلماء منهم
خاصة مزيد رفعة.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) فضل العالم على الشهيد درجة
وفضل الشهيد على العابد درجة وفضل النبي على العالم درجة وفضل القرآن على
سائر الكلام كفضل الله على خلقه وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على
أدناهم وفي الجوامع عنه (صلى الله عليه وآله) فضل العالم على العابد كفضل القمر
ليلة البدر على سائر الكواكب وعنه (صلى الله عليه وآله) بين العالم والعابد مائة درجة وبين
كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة وعنه (صلى الله عليه وآله) تشفع يوم
القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في
صعيد واحد ووضعت الموازين فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد
العلماء على دماء الشهداء.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف
عابد والاخبار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى والله بما تعملون خبير تهديد لمن
148

لم يمتثل الامر أو استكرهه.
(12) يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة
فتصدقوا قدامها مستعار ممن له يدان وفي هذا الامر تعظيم الرسول وإنفاع الفقراء
والنهي عن الافراط في السؤال والميز بين المخلص والمنافق ومحب الآخرة ومحب
الدنيا القمي قال إذا سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حاجة فتصدقوا بين يدي
حاجتكم ليكون أقضى لحوائجكم فلم يفعل ذلك إلا أمير المؤمنين (عليه السلام)
فإنه تصدق بدينار وناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر نجوات.
وعن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن هذا الآية فقال قدم علي بن أبي طالب
(عليه السلام) بين يدي نجواه صدقة ثم نسختها قوله ء أشفقتم أن تقدموا الآية وبإسناده
إلى مجاهد قال قال علي (عليه السلام) ان في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا
يعمل بها أحد بعدي آية النجوى انه كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فجعلت أقدم بين
يدي كل نجوى أناجيها النبي (صلى الله عليه وآله) درهما قال فنسختها قوله ء أشفقتم
إلى قوله خبير بما تعملون.
وفي الخصال عنه (عليه السلام) في احتجاجه على أبي بكر قال فأنشدك بالله
أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) صدقة فناجاه وعاتب الله
تعالى قوما فقال ء أشفقتم الآية أم انا قال بل أنت ذلك أي ذلك التصدق خير لكم
وأطهر لأنفسكم من الزينة وحب المال فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم لمن لم
يجد حيث رخص له في المناجاة بلا تصدق.
(13) أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم صدقات أخفتم الفقر من تقديم
الصدقة أو خفتم التقديم لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر وجمع صدقات لجمع
المخاطبين أو لكثرة التناجي فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم بأن رخص لكم أن لا
تفعلوه.
في الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الآية فهل تكون التوبة إلا
149

عن ذنب فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ولا تفرطوا في أدائهما وأطيعوا الله ورسوله في
سائر الأمور لعلها تجبر تفريطكم في ذلك والله خبير بما تعملون ظاهرا وباطنا.
(14) ألم تر إلى الذين تولوا والوا قوما غضب الله عليهم يعني اليهود ما هم منكم
ولا منهم لأنهم منافقون مذبذبون بين ذلك ويحلفون على الكذب وهم يعلمون أن
المحلوف عليه كذب كمن يحلف بالغموس.
(15) أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون.
(16) اتخذوا أيمانهم جنة وقاية دون دمائهم وأموالهم فصدوا عن سبيل الله
فصدوا الناس في خلال امنهم عن دين الله بالتحريش والتثبيط فلهم عذاب مهين.
(17) لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم
فيها خالدون وقد سبق مثله.
(18) يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له أي لله تعالى كما يحلفون لكم في الدنيا
ويحسبون أنهم على شئ إذ تمكن النفاق في نفوسهم بحيث يخيل إليهم في الآخرة أن
الايمان الكاذبة تروج الكذب على الله كما تروجه عليكم في الدنيا ألا إنهم هم الكاذبون
البالغون الغاية في الكذب حيث يكذبون مع عالم الغيب والشهادة ويحلفون عليه.
(19) استحوذ عليهم الشيطان استولى عليهم فأنشأ؟ هم ذكر الله لا يذكرونه
بقلوبهم ولا بألسنتهم أولئك حزب الشيطان جنوده واتباعه ألا إن حزب الشيطان هم
الخاسرون لأنهم فوتوا على أنفسهم النعيم المؤبد وعرضوها للعذاب المخلد.
القمي قال نزلت في الثاني لأنه مر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس عند
رجل من اليهود يكتب خبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله تعالى ألم تر إلى
الذين تولوا الآية فجاء الثاني إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له رسول الله (صلى الله
عليه وآله) رأيتك تكتب عن اليهود وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال يا رسول الله
كتبت عنه ما في التورة من صفتك وأقبل يقرء ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وهو (صلى الله عليه وآله) غضبان فقال له رجل من الأنصار ويلك أما ترى غضب النبي
150

(صلى الله عليه وآله) عليك فقال أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله إني إنما كتبت
ذلك لما وجدت فيه من خبرك فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا فلان لو أن موسى
بن عمران فيهم قائما ثم أتيته رغبة عما جئت به لكنت كافرا بما جئت به وهو قوله اتخذوا
أيمانهم جنة أي حجابا بينهم وبين الكفار وأيمانهم إقرار باللسان خوفا من السيف ورفع
الجزية وقوله يوم يبعثهم اله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم قال إذا كان يوم القيامة
جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أعمالهم فيحلفون له أنهم لم يعملوا
منها شيئا كما حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا
الولاية في بني هاشم وحين هموا بقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة فلما أطلع
الله نبيه (صلى الله عليه وآله) وأخبره حلفوا له أنهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به حين أنزل الله
على رسوله يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وهموا بما لم ينالوا وما نقموا
إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم قال إذا عرض الله عز
وجل ذلك عليهم في القيامة ينكروه ويحلفوا له كما حلفوا الرسول الله (صلى الله عليه وآله)
وهو قوله يوم يبعثهم الله جميعا الآية وقد سبق فيه حديث آخر في سورة يس وحم
السجدة.
(20) إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين في جملة من هو أذل خلق الله
(21) كتب الله في اللوح لا غلبن أنا ورسلي بالحجة ان الله قوى على نصر أنبيائه
عزيز لا يغلب عليه في مراده في المجمع روي أن المسلمين قالوا لما رأوا ما يفتح الله
عليهم من القرى ليفتحن الله علينا الروم وفارس فقال المنافقون أتظنون أن فارس
والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها فأنزل الله هذه الآية.
(22) لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو
كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ولو كان المحادون أقرب الناس إليهم
أولئك أي الذين لم يوادوهم كتب في قلوبهم الايمان أثبته فيها وأيدهم بروح منه من
عنده.
في الكافي عنهما (عليهما السلام) هو الايمان.
151

وعن الصادق (عليه السلام) ما من مؤمن إلا ولقلبه اذنان في جوفه اذن ينفث فيها
الوسواس الخناس واذن ينفث فيها الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك فلذلك قوله وأيدهم
بروح منه.
وعن الكاظم (عليه السلام) إن الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل
وقت يحسن فيه ويتقي وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي فهي معه تهتز سرورا
عند إحسانه وتسيخ ف ي الثرى عند إسائته فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاح أنفسكم
تزدادوا يقينا وتربحوا نفيسا ثمينا رحم الله امرءهم بخير فعمله أو هم بشر فارتدع عنه ثم
قال نحن نؤيد الروح بالطاعة لله والعمل له.
وعن الباقر (عليه السلام) في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا زنى الرجل فارقه
روح الايمان قال هو قوله وأيدهم بروح منه ذاك الذي يفارقه ويدخلهم جنات تجرى
من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم بطاعتهم ورضوا عنه بقضائه وبما وعدهم
من الثواب أولئك حزب الله جنده وأنصار دينه ألا إن حزب الله هم المفلحون
الفائزون بخير الدارين وقد سبق ثواب قراءة هذه السورة في آخر سورة الحديد.
152

سورة الحشر
مدنية عدد آيها أربع وعشرون آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم.
(2) هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر أي
لأول جلائهم إلى الشام وآخر حشرهم إليه يكون في الرجفة كما مرت الإشارة إليه في
سورة الدخان والحشر إخراج جمع من مكان إلى آخر.
في المجمع عن ابن عباس قال لهم النبي (صلى الله عليه وآله) اخرجوا قالوا إلى أين
قال إلى أرض المحشر.
والقمي عن الحسن المجتبى (عليه السلام) في حديث ملك الروم ثم يبعث الله نارا
من المشرق ونارا من المغرب ويتبعهما بريحين شديدين فيحشر الناس عند صخرة بيت
المقدس والقمي قال سبب ذلك أنه كان بالمدينة ثلاثة أبطن من اليهود بني النضير وقريظة
وقينقاع وكان بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد ومدة فنقضوا عهدهم
وكان سبب ذلك من بني النضير في نقض عهدهم أنه أتاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة يعني يستقرض وكان قصد كعب بن
الأشرف فلما دخل على كعب قال مرحبا يا أبا القاسم وأهلا وقام كأنه يصنع له الطعام
وحدث نفسه أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله) ويتبع أصحابه فنزل جبرئيل
فأخبره بذلك فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة وقال لمحمد بن مسلمة
الأنصاري اذهب إلى بني النضير فأخبرهم أن الله تعالى قد أخبرني بما هممتم به من الغدر
153

فإما أن تخرجوا من بلدنا وإما أن تأذنوا بحرب فقالوا نخرج من بلادك فبعث إليهم عبد
الله بن أبي الا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمدا الحرب فإني أنصركم أنا وقومي وحلفائي
فلو خرجتم خرجت معكم وإن قاتلتم قاتلت معكم فأقاموا وأصلحوا حصونهم
وتهيئوا للقتال وبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) انا لا نخرج فاصنع ما أنت
صانع فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكبر أصحابه وقال لأمير المؤمنين (عليه
السلام) تقدم إلى بني النضير فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) الراية وتقدم وجاء رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وأحاط بحصنهم وغدر بهم عبد الله بن أبي وكان رسول الله (صلى
الله عليه وآله) إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخربوا ما يليه وكان الرجل منهم
ممن كان له بيت حسن خربه وقد كان امر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر بقطع نخلهم
فجزعوا من ذلك فقالوا يا محمد إن الله يأمرك بالفساد إن كان لك هذا فخذوه وإن كان
لنا فلا تقطعه فلما كان بعد ذلك قالوا يا محمد نخرج من بلادك فأعطنا مالنا فقال لا
ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإبل فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما ثم قالوا نخرج ولنا ما
حملت الإبل فقال لا يحمل أحد منكم شيئا فمن وجدنا معه شئ من ذلك قتلناه فخرجوا
على ذلك ووقع قوم منهم إلى فدك ووادي القرى وخرج قوم منهم إلى الشام فأنزل الله فيهم
هو الذي أخرج الذين كفروا الآيات ما ظننتم أن يخرجوا لشدة بأسهم ومنعتهم
وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله إن حصونهم تمنعهم من بأس الله فأتاهم الله أي
عذابه وهو الرعب والاضطرار إلى الجلاء.
في التوحيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يعني أرسل عليهم عذابا من حيث لم
يحتسبوا لقوة وثوقهم وقذف في قلوبهم الرعب وأثبت فيها الخوف الذي يرعبها أي يملاها
يخربون بيوتهم بأيديهم ضنا بها على المسلمين وإخراجا لما استحسنوا من آلاتها وأيدي
المؤمنين وإنهم أيضا كانوا يخربون ظواهرها نكاية وتوسيعا لمجال القتال وعطفها على
أيديهم من حيث أن تخريب المؤمنين مسبب عن بغضهم فكأنهم استعملوهم فيه وقرئ
يخربون بالتشديد وهو أبلغ فاعتبروا يا أولي الابصار فاتعظوا بحالهم فلا تغدروا ولا
تعتمدوا على غير الله.
(3) ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء الخروج من أوطانهم لعذبهم في الدنيا بالقتل
154

والسبي كما فعل ببني قريظة ولهم في الآخرة عذاب النار يعني إن نجوا من عذاب الدنيا
لم ينجوا من عذاب الآخرة.
(4) ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله فإن الله شديد العقاب.
(5) ما قطعتم من لينة نخلة كريمة.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) يعني العجوة وهي أم التمر وهي التي أنزلها الله
من الجنة لادم أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله فبأمره القمي نزلت فيما عاتبوه من
قطع النخل وليخزي الفاسقين وأذن لكم في القطع ليخزيهم على فسقهم بما غاظهم
منه.
(6) وما أفاء الله على رسوله أي رده عليه فإن جميع ما بين السماء والأرض لله عز
وجل ولرسوله ولأتباعهم من المؤمنين المتصفين بما وصفهم الله به في قوله التائبون
العابدون الآية فما منه في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار فهو حقهم أفاء الله
عليهم ورده إليهم.
كذا عن الصادق (عليه السلام) في حديث رواه في الكافي منهم من بني النضير فما
أوجفتم عليه فما أجريتم على تحصيل من الوجيف وهو سرعة السير " من خيل ولا
ركاب ما يركب من الإبل غلب فيه قيل وذلك لان قراهم كانت على ميلين من المدينة
فمشوا إليها رجالا غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنه ركب جملا أو حمارا ولم يجر
مزيد قتال ولذلك لم يعط الأنصار منه شيئا إلا رجلين أو ثلاثة كانت بهم حاجة ولكن
الله يسلط رسله على من يشاء يقذف الرعب في قلوبهم والله على كل شئ قدير
فيفعل ما يريد تارة بالوسائط الظاهرة وتارة بغيرها.
(7) ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى بيان للأول ولذلك لم يعطف عليه فلله
وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
في الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) نحن والله الذين عنى الله بذي القربى
الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه فقال ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي
155

القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم الله
نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس وفي المجمع عن السجاد (عليه
السلام) قرباؤنا ومساكيننا وأبناء سبيلنا قال وقال جميع الفقهاء هم يتامى الناس عامة
وكذلك المساكين وأبناء السبيل قال:
وقد روي أيضا ذلك عنهم (عليهم السلام) وتمام الكلام فيه قد سبق في سورة الأنفال
كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم كي لا يكون الفئ شيئا يتداوله الأغنياء ويدور بينهم
كما كان في الجاهلية وقرئ تكون بالتاء ودولة بالرفع وما اتيكم الرسول من الامر فخذوه
فتمسكوا به وما نهيكم عنه عن إتيانه فانتهوا عنه واتقوا الله في مخالفة رسول الله
(صلى الله عليه وآله) إن الله شديد العقاب لمن خالف في الكافي عن أمير المؤمنين (عليه
السلام) واتقوا الله في ظلم آل محمد صلوات الله عليهم إن الله شديد العقاب لمن
ظلمهم.
وعن الصادق (عليه السلام) قال إن الله عز وجل أدب رسوله حتى قومه على ما أراد
ثم فوض إليه فقال عز ذكره وما اتيكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فما فوض
الله إلى رسوله فقد فوضه إلينا وفي رواية فوض إلى نبيه أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثم
تلا هذه الآية والاخبار في هذا المعنى كثيرة وزاد في بعضها فحرم الله الخمر بعينها وحرم
رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل مسكر فأجاز الله ذلك له ولم يفوض إلى أحد من الأنبياء
غيره وفي بعضها عد أشياء اخر مما أجاز الله.
(8) للفقراء المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة ومن دار الحرب إلى دار
الاسلام قيل بدل من لذي القربى وما عطف عليه ومن أعطى أغنياء ذوي القربى خص
الابدال بما بعده والفئ بفئ بني النضير الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم
أخرجوهم كفار مكة وأخذوا أموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله
ورسوله بأنفسهم وأموالهم أولئك هم الصادقون في إيمانهم.
(9) والذين تبوء والدار والايمان عطف على المهاجرين أو استيناف خبره يحبون إذ لم
156

يقسم لهم من الفئ شئ والمراد بهم الأنصار فإنهم لزموا المدينة والايمان وتمكنوا فيهما
وقيل تبوؤوا دار الهجرة ودار الايمان.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) الايمان بعضه من بعض وهو دار وكذلك
الاسلام دار والكفر دار من قبلهم من قبل هجرة المهاجرين يحبون من هاجر إليهم ولا
يثقل عليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا مما أعطي المهاجرون من الفئ
وغيره ويؤثرون على أنفسهم ويقدمون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فقر وحاجة
ومن يوق شح نفسه حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال وبغض الانفاق فأولئك
هم المفلحون الفائزون بالثناء العاجل والثواب الأجل
في الكافي والفقيه عن الصادق (عليه السلام) الشح أشد من البخل إن البخيل يبخل
بما في يده والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يديه حتى لا يرى في أيدي الناس
شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام ولا يقنع بما رزقه الله.
في الا مالي عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه جاء إليه رجل فشكا إليه الجوع فبعث
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيوت أزواجه فقلن ما عندنا إلا الماء فقال رسول الله
(صلى الله عليه وآله) من لهذا الرجل الليلة فقال علي ابن أبي طالب (عليه السلام) أنا له يا
رسول الله وأتى فاطمة (عليها السلام) فقال لها ما عندك يا ابنة رسول الله فقالت ما عندنا
إلا قوت العشية لكنا نؤثر ضيفنا فقال (عليه السلام) يا ابنة محمد نومي الصبية واطفئ المصباح فلما
أصبح علي (عليه السلام) غدا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره الخبر فلم يبرح
حتى أنزل الله عز وجل ويؤثرون على أنفسهم الآية.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال للقوم بعد موت عمر بن
الخطاب في حديث عد المناقب نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزلت فيه هذه الآية
ويؤثرون على
(10) والذين جاءوا من بعدهم من بعد المهاجرين والأنصار يعم سائر المؤمنين
يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان أي لاخواننا في الدين ولا تجعل في
157

قلوبنا غلا للذين آمنوا حقدا لهم ربنا إنك رؤوف رحيم فحقيق بأن تجيب دعانا].
(11) ألم تر إلى الذين نافقوا القمي نزلت في ابن أبي وأصحابه يقولون لاخوانهم
الذين كفروا من أهل الكتب يعني بني النضير لئن أخرجتم من دياركم لنخرجن معكم
ولا نطيع فيكم في قتالكم أو خذلانكم أحدا أبدا أي من رسول الله (صلى الله عليه وآله)
والمسلمين وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لعلمه بأنهم لا يفعلون ذلك
(12) لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم وكان ذلك فإن
ابن أبي وأصحابه أرسلوا بني النضير بذلك ثم اخلفوهم كما مر في أول السورة ولئن
نصروهم على الفرض والتقدير ليولن الادبار انهزاما ثم لا ينصرون بعد.
(13) لأنتم أشد رهبة مرهوبية في صدورهم فإنهم كانوا يضمرون مخافتهم
من المؤمنين من الله على ما يظهرونه نفاقا ذلك بأنهم قوم لا يفقهون لا يعلمون عظمة
الله حتى يخشوه حق خشيته ويعلموا انه الحقيق بأن يخشى.
(14) لا يقتلونكم اليهود والمنافقون جميعا مجتمعين إلا في قرى محصنة
بالدروب والخنادق أو من وراء جدر لفرط رهبتهم وقرئ جدار بأسهم بينهم شديد
أي وليس ذلك لضعفهم وجبنهم فإنه يشتد بأسهم إذا حارب بعضهم بعضا بل لقذف
الله الرعب في قلوبهم ولان الشجاع يجبن والعزيز يذل إذا حارب الله ورسوله تحسبهم
جميعا مجتمعين متفقين وقلوبهم شتى متفرقة لافتراق عقائدهم واختلاف مقاصدهم
ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ما فيه صلاحهم وإن تشتت القلوب يوهن قواهم.
(15) كمثل الذين من قبلهم القمي يعني بني قنيقاع قريبا في زمان قريب
ذاقوا وبال أمرهم سوء عاقبة كفرهم في الدنيا ولهم عذاب أليم في الآخرة
(16) كمثل الشيطان أي مثل المنافقين في إغراء اليهود على القتال ثم
نكوصهم كمثل الشيطان القمي ضرب الله في ابن أبي وبني النضير مثلا فقال كمثل
الشيطان إذ قال للانسان اكفر أغراه للكفر اغراء الامر المأمور فلما كفر قال إني
158

برئ منك تبرأ منه مخافة أن يشاركه في العذاب ولم ينفعه ذلك وقال إني أخاف الله
رب العلمين.
(17) فكان عقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين.
(18) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ليوم القيامة سماه
به لدنوه أو لان الدنيا كلها كيوم والآخرة غده وتنكيره للتعظيم واتقوا الله تكرير للتأكيد إن
الله خبير بما تعملون وهو كالوعيد على المعاصي.
(19) ولا تكونوا كالذين نسوا الله نسوا حقه فأنسهم أنفسهم فجعلهم ناسين
لها حتى لم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلصها أولئك هم الفاسقون الكاملون في
الفسوق.
(20) لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة الذين استمهنوا أنفسهم
فاستحقوا النار والذين استكملوها فاستاهلوا للجنة أصحاب الجنة هم الفائزون
بالنعيم المقيم.
في العيون عن الرضا (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلا هذه
الآية فقال أصحاب الجنة من أطاعني وسلم لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بعدي
وأقر بولايته وأصحاب النار من سخط الولاية ونقض العهد وقاتله بعدي.
(21) لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله
متشققا منها قيل تمثيل وتخييل كما مر في قوله إنا عرضنا الأمانة والمراد توبيخ الانسان
على عدم تخشعه عند تلاوة القرآن لقساوة قلبه وقلة تدبره وتلك الأمثل نضربها
للناس لعلهم يتفكرون.
(22) هو الله الذي لا إله إلا هو علم الغيب والشهدة قيل أي ما غاب عن
الحس وما حضر له أو المعدوم والموجود أو السرو العلانية.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) الغيب ما لم يكن والشهادة ما كان هو
الرحمن الرحيم.
159

(23) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس البليغ في النزاهة عما
يوجب نقصانا القمي قال هو البرئ من شوائب الآفات الموجبات للجهل السلام
ذو السلامة من كل نقص وآفة المؤمن واهب الامن القمي قال يؤمن أوليائه من
العذاب المهيمن الرقيب الحافظ لكل شئ القمي قال أي الشاهد العزيز الجبار
الذي ينفذ مشيئته في كل أحد ولا ينفذ فيه مشيئة كل أحد والذي يصلح أحوال خلقه
المتكبر الذي تكبر عن كل ما يوجب حاجة ونقصانا سبحان الله عما يشركون.
في التوحيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه سئل ما تفسير سبحان الله فقال
هو تعظيم جلال الله وتنزيهه عما قال فيه كل مشرك فإذا قالها العبد صلى عليه كل
ملك.
(24) هو الله الخالق البارئ المصور كلما يخرج من العدم إلى الوجود فيفتقر
إلى تقدير أو لا وعلى الايجاد على وفق التقدير ثانيا وإلى التصوير بعد الايجاد ثالثا
فالله سبحانه هو الخالق البارئ المصور بالاعتبارات الثلاثة له الأسماء الحسنى الدالة
على محاسن المعاني.
في التوحيد عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما مأة إلا
واحدا من أحصاها دخل الجنة ثم ذكر تلك الأسماء.
قال شيخنا الصدوق احصاؤها هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها وليس
معنى الاحصاء عدها.
أقول: وقد ذكرنا لهذا الحديث معاني اخر وفسرنا كل اسم اسم في كتابنا
المسمى بعلم اليقين من أرادها فعليه به يسبح له ما في السماوات والأرض لتنزهه عن
النقايص كلها وهو العزيز الحكيم الجامع لكل كمال لاندراج الكل في القدرة
والعلم.
في ثواب الأعمال والمجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) من قرأ سورة الحشر
لم يبق جنة ولا نار ولا عرش ولا كرسي ولا حجاب ولا السماوات السبع والأرضون
السبع والهواء والريح والطير والشجر والجبال والدواب والشمس والقمر والملائكة إلا
صلوا عليه واستغفروا له وإن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا إنشاء الله.
160

سورة الممتحنة
وقيل سورة الامتحان وقيل سورة المودة مدنية
وهي ثلاث عشرة آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء القمي نزلت في
حاطب بن أبي بلتعة ولفظ الآية عام ومعناها خاص وكان سبب ذلك إن حاطب بن
أبي بلتعة كان قد أسلم وهاجر إلى المدينة وكان عياله بمكة فكانت قريش تخاف أن
يغزوهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصاروا إلى عيال حاطب وسألوهم أن يكتبوا
إلى حاطب يسألوه عن خبر محمد (صلى الله عليه وآله) هل يريدان يغزو مكة فكتبوا
إلى حاطب يسألوه عن ذلك فكتب إليهم حاطب أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد
ذلك ودفع الكتاب إلى امرأة تسمى صفية فوضعته في قرونها ومرت فنزل جبرئيل على
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبره بذلك فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أمير المؤمنين (عليه السلام) والزبير بن العوام في طلبها فلحقوها فقال لها أمير المؤمنين
(عليه السلام) أين الكتاب فقالت ما معي شئ ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا فقال الزبير
ما نرى معها شيئا فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) والله ما كذبنا على رسول الله (صلى
الله عليه وآله) ولا كذب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على جبرئيل ولا كذب جبرئيل
على الله جل ثناؤه والله لئن لم تظهري الكتاب لأردن رأسك إلى رسول الله (صلى الله عليه
وآله) فقالت تنحيا عني حتى اخرجه فأخرجت الكتاب من قرونها فأخذه أمير المؤمنين
(عليه السلام) وجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال رسول الله (صلى الله عليه
وآله) يا حاطب ما هذا فقال حاطب والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت
وإني أشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله حقا ولكن أهلي وعيالي كتبوا إلي بحسن
161

صنع قريش إليهم فأحببت أن أجازي قريشا بحسن معاشرتهم فأنزل الله عز وجل على
يا أيها الذين آمنوا الآية تلقون إليهم بالمودة تفضون إليهم المودة بالمكاتبة
والباء مزيدة وقد كفروا بما جائكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أي من مكة. أن
تؤمنوا بالله ربكم بسبب إيمانكم إن كنتم خرجتم من أوطانكم جهدا في سبيلي
وابتغاء مرضاتي جواب الشرط محذوف دل عليه لا تتخذوا تسرون إليهم بالمودة
وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم أي منكم أو أعلم مضارع والباء مزيدة ومن يفعله
منكم أي يفعل الاتخاذ فقد ضل سواء السبيل أخطأه.
(2) إن يثقفوكم يظفروا بكم يكونوا لكم أعداء ولا ينفعكم إلقاء المودة
إليهم ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ما يسوء كم كالقتل والشتم وودوا لو
تكفرون وتمنوا ارتدادكم ومجيئه وحده بلفظ الماضي للاشعار بأنهم ودوا ذلك قبل
كل شئ وإن ودهم حاصل وإن لم يثقفوكم.
(3) لن تنفعكم أرحامكم قراباتكم ولا أولادكم الذين توالون المشركين
لأجلهم يوم القيمة يفصل بينكم يفرق بينكم بما عراكم من الهول فيفر بعضكم من
بعض فما لكم ترفضون اليوم حق الله لمن يفر عنكم غدا وقرئ يفصل على البناء
للفاعل وبالتشديد على البنائين والله بما تعملون بصير فيجازيكم عليه.
(4) قد كانت لكم أسوة حسنة قدوة اسم لما يوتسى به في إبراهيم والذين آمنوا
معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم تبرأنا
منكم.
كذا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال والكفر في هذه الآية البراءة.
رواه في التوحيد ومثله في الكافي عن الصادق (عليه السلام) وبدا بيننا وبينكم
العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده فتنقلب العداوة والبغضاء ألفة ومحبة إلا
قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك استثناء من قوله أسوة حسنة فإن استغفاره لأبيه الكافر
ليس مما ينبغي أن تأتسوا به فإنه كان لموعدة وعدها إياه كما سبق في سورة التوبة
وما أملك لك من الله من شئ من تمام قوله المستثنى ولا يلزم من استثناء المجموع
162

استثناء جميع أجزائه ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير متصل بما قبل
الاستثناء.
(5) ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا
نتحمله أو تشمتهم بنا.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال ما كان من ولد آدم مؤمن إلا فقيرا ولا
كافرا إلا غنيا حتى جاء إبراهيم (عليه السلام) فقال ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا فصير
الله في هؤلاء أموالا وحاجة وفي هؤلاء أموالا وحاجة واغفر لنا ما فرط منا ربنا إنك
أنت العزيز الحكيم ومن كان كذلك كان حقيقا بأن يجير المتوكل ويجيب الداعي.
(6) لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة تكرير لمزيد الحث على التأسي بهم
بإبراهيم ولذلك صدر بالقسم وأكد بما بعده لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر
فأشعر بأن ترك التأسي بهم ينبئ عن سوء العقيدة ومن يتول فان الله هو الغنى
الحميد.
(7) عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير على
ذلك والله غفور رحيم لما فرط منكم من موالاتهم من قبل ولما بقي في قلوبكم من
ميل الرحم.
القمي عن الباقر (عليه السلام) إن الله أمر نبيه (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين
بالبراءة من قومهم ما داموا كفارا فقال لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة إلى قوله والله غفور
رحيم قطع الله ولاية المؤمنين منهم وأظهروا لهم العداوة فقال عسى الله أن يجعل
بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة فلما أسلم أهل مكة خالطهم أصحاب رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وناكحوهم وتزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حبيبة بنت أبي
سفيان بن حرب.
(8) لا ينهكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم
أن تبروهم وتقسطوا إليهم تقضوا إليهم بالعدل إن الله يحب المقسطين العادلين
163

روي أن قتيلة بنت عبد العزى قدمت مشركة على بنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا فلم
تقبلها ولم تأذن لها بالدخول فنزلت.
(9) إنما ينهيكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم
وظاهروا على إخراجكم كمشركي مكة فإن بعضهم سعى في إخراج المؤمنين
وبعضهم أعانوا المخرجين أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون لوضعهم
الولاية في غير موضعها.
(10) يا أيها الذين آمنوا إذا جائكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن فاختبروهن
بما يغلب على ظنكم موافقة قلوبهن ألسنتهن في الايمان الله أعلم بإيمانهن فإنه المطلع
على ما في قلوبهن فإن علمتموهن مؤمنات بحلفهن وظهور الامارات فلا ترجعوهن إلى
الكفار إلى أزواجهن الكفرة لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن التكرير للمطابقة والمبالغة أو
الأولى لحصول الفرقة والثانية للمنع عن الاستئناف واتوهم ما أنفقوا ما دفعوا إليهن من
المهور القمي قال إذا لحقت امرأة من المشركين بالمسلمين تمتحن بأن تحلف بالله أنه لم
يحملها على اللحوق بالمسلمين بغض لزوجها الكافر ولا حب لاحد من المسلمين وإنما
حملها على ذلك الاسلام فإذا حلفت على ذلك قبل إسلامها واتوهم ما انفقوا يعني ترد
المسلمة على زوجها الكافر صداقها ثم يتزوجها المسلم.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قيل له إن لامرأتي أختا عارفة على رأينا بالبصرة
وليس على رأينا بالبصرة إلا قليل فأزوجها ممن لا يرى رأيها قال لا ولا نعمة إن الله عز وجل
يقول فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ولا جناح عليكم أن
تنكحوهن فإن الاسلام حال بينهن وبين أزواجهن الكفرة إذا آتيتموهن أجورهن فيه إشعار
بأن ما أعطى أزواجهن لا يقوم مقام المهر ولا تمسكوا (1) بعصم الكوافر فربما تعتصم به
الكافرات من عقد ونسب جمع عصمة والمراد نهي المؤمنين عن المقام على نكاح
المشركات وقرئ بتشديد السين.

(1) أي لا تمسكوا بنكاح الكافرات، وأصل العصمة المنع وسمي النكاح عصمة لان المنكوحة في حال الجواز
وعصمته.
164

القمي عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية قال يقول من كانت عنده امرأة كافرة يعني
على غير ملة الاسلام وهو على ملة الاسلام فليعرض عليها الاسلام فإن قبلت فهي امرأته
وإلا فهي بريئة منه فنهى الله أن يمسك بعصمتها.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) قال لا ينبغي نكاح أهل الكتاب قيل وأين تحريمه قال
قوله ولا تمسكوا بعصم الكوافر.
أقول: وقد مضى في سورة المائدة ما يخالف ذلك واسئلوا ما أنفقتم من مهور
نسائكم اللاحقات بالكفار وليسئلوا ما أنفقوا من مهور أزواجهم المهاجرات ذلكم حكم
الله يحكم بينكم والله عليم حكيم يشرع ما يقتضيه حكمته.
القمي عن الباقر (عليه السلام) يعني وإن فاتكم شئ من أزواجكم
فلحقن بالكفار من أهل عهدكم فاسألوهم صداقها وإن لحقن بكم من
نسائهم شئ فاعطوهم صداقها ذلكم حكم الله يحكم بينكم.
(11) وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار أي سبقكم وانفلت منكم إليهم
فعاقبتم قيل أي فجاءت عقبتكم أي نوبتكم من أداء المهر.
أقول: بل المعنى فتزوجتم بأخرى عقيبها كما يأتي بيانه فاتوا أيها المؤمنين الذين
ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا القمي يقول وإن لحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم
فأصبتم غنيمة فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا.
أقول: كأنه جعل معنى فعاقبتم فأصبتم من الكفار عقبى أي غنيمة يعني فأتوا بدل
الفائت من الغنيمة قال وقال سبب نزول ذلك إن عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت
أبي أمية بن المغيرة فكرهت الهجرة معه وأقامت مع المشركين فنكحها معاوية بن أبي
سفيان فأمر الله رسوله أن يعطي عمر مثل صداقها.
وفي العلل عنهما (عليهما السلام) سئلا ما معنى العقوبة هيهنا قال إن الذي ذهبت
امرأته فعاقب على امرأة أخرى غيرها يعني تزوجها فإذا هو تزوج امرأة أخرى غيرها فعلى
الامام أن يعطيه مهر امرأته الذاهبة فسئلا كيف صار المؤمنون يردون على زوجها المهر بغير
فعل منهم في ذهابها وعلى المؤمنين أن يردوا على زوجها ما أنفق عليها مما يصيب
165

المؤمنين قال يرد الإمام (عليه السلام) عليه أصابوا من الكفار أو لم يصيبوا لان على الامام أن يجيز حاجته
من تحت يده وإن حضرت القسمة فله أن يسد كل نائبة تنوبه قبل القسمة وإن بقي بعد ذلك
شئ قسمه بينهم وإن لم يبق شئ فلا شئ لهم.
وفي التهذيب عن الصادق (عليه السلام) مثله إلا أنه قال على الامام أن يجيز جماعة
من تحت يده وفي الجوامع لما نزلت الآية المتقدمة أدى المؤمنون ما أمروا به من نفقات
المشركين على نسائهم وأبى المشركون أن يردوا شيئا من مهور الكوافر إلى أزواجهن
المسلمين فنزلت واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون فإن الايمان به مما يقتضي التقوى منه.
(12) يا أيها النبي إذا جائك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا
يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن يريد وأد البنات أو الاسقاط ولا يأتين ببهتان يفترينه
بين أيديهن وأرجلهن في الجوامع كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هذا ولدي
منك كنى بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذبا لان بطنها
الذي تحمله فيه بين اليدين وفرجها الذي تلده به بين الرجلين ولا يعصينك في معروف
في حسنة تأمرهن بها.
القمي عن الصادق (عليه السلام) هو ما فرض الله عليهن من الصلاة والزكاة وما أمرهن
به من خير فبايعهن بضمان الثواب على الوفاء بهذه الأشياء واستغفر لهن الله إن الله غفور
رحيم.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله)
مكة بايع الرجال ثم جاءت النساء يبايعنه فأنزل الله عز وجل يا أيها النبي الآية قالت هند أما
الولد فقد ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا وقالت أم الحكم بنت الحارث بن الهشام وكانت عند
عكرمة بن أبي جهل يا رسول الله ما ذلك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه قال لا
تلطمن خدا ولا تخمشن وجها ولا تنتفن شعرا ولا تشققن جيبا ولا تسودن ثوبا ولا تدعين
بويل فبايعهن رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هذا فقالت يا رسول الله كيف نبايعك قال
إنني لا أصافح النساء فدعا بقدح من ماء فأدخل يده ثم أخرجها فقال أدخلن أيد يكن في هذا
الماء فهي البيعة والقمي ذكر عبد المطلب مكان هشام وزاد ولا تقمن عند قبر.
166

وفي رواية أخرى في الكافي ولا تنشرن شعرا.
وفيه عنه (عليه السلام) قال جمعهن حوله ثم دعا بتور برام فصب فيه ماء نضوحا ثم
غمس يده فيه ثم قال اسمعن يا هؤلاء أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا
تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصين بعولتكن
في معروف أأقررتن قلن نعم فأخرج يده من التور ثم قال لهن اغمسن أياديكن ففعلن
فكانت يد رسول الله الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم.
(13) يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم يعني عامة الكفار أو اليهود إذ
روي أنها نزلت في بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم قد
يئسوا من الآخرة لكفرهم بها أو لعلمهم بأنه لاحظ لهم فيها لعنادهم الرسول المنعوت في
التوراة المؤيد بالمعجزات كما يئس الكفار من أصحاب القبور أن يبعثوا أو يثابوا أو ينالهم
خير منهم أو كما يئس الكفار الذين ماتوا فعاينوا الآخرة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن السجاد (عليه السلام) من قرأ سورة الممتحنة في
فرائضه ونوافله امتحن الله قلبه للايمان ونور له بصره ولا يصيبه فقر أبدا ولا جنون في بدنه
ولا في ولده انشاء الله تعالى.
167

سورة الصف
وتسمى سورة الحواريين وسورة عيسى مدنية
وهي أربع عشرة آية بلا خلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم.
(2) يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون روي أن المسلمين قالوا لو علمنا
أحب الاعمال إلى الله لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا فأنزل الله إن الله يحب الذين يقتلون في
سبيله صفا فولوا يوم أحد فنزلت والقمي مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)
الذين وعدوه أن ينصروه ولا يخالفوا أمره ولا ينقضوا عهده في أمير المؤمنين (عليه السلام)
فعلم الله أنهم لا يفون بما يقولون وقد سماهم الله المؤمنين باقرارهم وإن لم يصدقوا.
(3) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون المقت أشد البغض في نهج البلاغة
الخلف يوجب المقت عند الله وعند الناس قال الله تعالى كبر مقتا عند الله الآية.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له فمن أخلف
فبخلف الله بدأ ولمقته تعرض وذلك قوله أيها الذين آمنوا الآيتين.
(4) إن الله يحب الذين يقتلون في سبيله صفا مصطفين كأنهم بنيان مرصوص في
تراصهم من غير فرجة والرص اتصال بعض البناء بالبعض واستحكامه.
في مصباح المتهجد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة خطب بها يوم الغدير
قال واعلموا أيها المؤمنون إن الله عز وجل قال إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا
أتدرون ما سبيل الله ومن سبيله أنا سبيل الله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه (صلى الله عليه
وآله).
168

(9) وإذ قال موسى لقومه يقوم لم تؤذونني وقد تعلمون انى رسول الله إليكم
والعلم بالرسالة يوجب التعظيم ويمنع الايذاء في المجمع روى في قصة قارون أنه دس إليه
امرأة وزعم أنه زنى بها ورموه بقتل هارون فلما زاغوا عن الحق أزاغ الله قلوبهم
صرفها عن قبول الحق والميل إلى الصواب القمي أي شكك قلوبهم والله لا يهدى القوم
الفاسقين.
(6) وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي
من التورية ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد يعني محمدا (صلى الله عليه وآله)
والمعنى ديني التصديق بكتب الله وأنبيائه في العوالي في الحديث إن الله تعالى لما بشر
عيسى (عليه السلام) بظهور نبينا (صلى الله عليه وآله) قال له في صفته واستوص بصاحب
الجمل الأحمر والوجه الأقمر نكاح النساء.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) لما أن بعث الله المسيح (عليه السلام) قال إنه
سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد (صلى الله عليه وآله) من ولد إسماعيل يجئ بتصديقي
وتصديقكم وعذري وعذركم.
وعن الباقر (عليه السلام) لم تزل الأنبياء تبشر بمحمد (صلى الله عليه وآله) حتى
بعث الله المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) فبشر بمحمد (صلى الله عليه وآله)
وذلك قوله تعالى يجدونه يعني اليهود والنصارى مكتوبا يعني صفة محمد واسمه
عندهم يعني في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وهو قول
الله عز وجل يخبر عن عيسى (عليه السلام) ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه
أحمد.
وفي الفقيه عنه (عليه السلام) إن اسم النبي في صحف إبراهيم على نبينا وآله
و (عليه السلام) الماحي وفي توراة موسى الحاد وفي إنجيل عيسى (عليه السلام) أحمد
وفي الفرقان محمد (صلى الله عليه وآله).
والقمي قال سأل بعض اليهود رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم سميت أحمد
(صلى الله عليه وآله) قال لأني في السماء أحمد مني في الأرض.
169

وفي الاكمال عن الصادق (عليه السلام) قال كان بين عيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله)
و (عليه السلام) خمس مأة عام منها مأتان وخمسون عاما ليس فيها نبي ولا عالم ظاهر
كانوا مستمسكين بدين عيسى (عليه السلام) ثم قال ولا تكون الأرض إلا وفيها عالم
فلما جائهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين.
(7) ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الاسلام أي لا
أحد أظلم ممن يدعى إلى الاسلام الظاهر حقيته الموجب له خير الدارين فيضع موضع
إجابته الافتراء على الله بتكذيب رسوله وتسمية آياته سحرا والله لا يهدى القوم الظالمين
لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم.
(8) يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم حجته بطعنهم فيه والله متم نوره مبلغ
غايته بنشره وإعلانه وقرئ بالإضافة ولو كره الكافرون إرغاما لهم.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه
السلام) بأفواههم والله متم الإمامة لقوله الذين آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا
فالنور هو الامام هو والقمي والله متم نوره قال بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم
إذا خرج يظهره الله على الدين كله حتى لا يعبد غير الله.
(9) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ليغلبه
على جميع الأديان ولو كره المشركون لما فيه من محض التوحيد وإبطال الشرك
سبق تفسيره في سورة التوبة.
(10) يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم وقرئ بالتشديد
من عذاب أليم.
(11) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم
ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون.
القمي عن الباقر (عليه السلام) في الآية الأولى فقالوا لو نعلم ما هي لبذلنا فيها
الأموال والأنفس والأولاد فقال الله تؤمنون بالله الآيتين.
170

(12) يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن
طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم.
(13) وأخرى تحبونها ولكم إلى هذه النعمة المذكورة نعمة أخرى محبوبة
وفيه تعريض بأنهم يؤثرون العاجل على الأجل نصر من الله وفتح قريب عاجل
القمي يعني في الدنيا بفتح القائم (عليه السلام) وأيضا قال فتح مكة وبشر
المؤمنين.
(14) يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله وقرئ بالتنوين واللام كما قال
عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله أي من جندي متوجها إلى نصرة
الله والحواريون أصفياؤه وقد سبق تفسير الحواري في سورة آل عمران قال
الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا
الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين فصاروا غالبين.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) من قرأ سورة الصف وأدمن
قراءتها في فرائضه ونوافله صفه الله مع ملائكته وأنبيائه المرسلين صلوات الله
عليهم أجمعين.
171

سورة الجمعة
مدنية وهي إحدى عشرة آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز
الحكيم.
(2) هو الذي بعث في الأميين الذين ليس معهم كتاب رسولا منهم يتلوا
عليهم آياته ويزكيهم من خبائث العقائد والأخلاق ويعلمهم الكتب والحكمة
القرآن والشريعة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين من الشرك وخبث الجاهلية
القمي عن الصادق (عليه السلام) في الأميين قال كانوا يكتبون ولكن لم يكن معهم
كتاب من عند الله ولا بعث إليهم رسول فنسبهم الله إلى الأميين وفي العلل عن
الجواد (عليه السلام) إنه سئل لم سمي النبي الأمي فقال ما يقول الناس قيل يزعمون
أنه إنما سمي الأمي لأنه لم يحسن أن يكتب فقال كذبوا عليهم لعنة الله انى ذلك
والله يقول هو الذي بعث في الأمين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم
الكتاب والحكمة فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن والله لقد كان رسول الله (صلى الله
عليه وآله) يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو قال بثلاث وسبعين لسانا وإنما سمي الأمي
لأنه كان من أهل مكة ومكة من أمهات القرى وذلك قول الله عز وجل لتنذر أم
القرى ومن حولها وقد مضى هذا الحديث في سورة الأعراف.
(3) وآخرين منهم لما يلحقوا بهم لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون قيل وهم
الذين جاؤوا بعد الصحابة إلى يوم الدين فإن دعوته وتعليمه يعم الجميع.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) هم الأعاجم ومن لا يتكلم بلغة العرب
172

وقال وروي ان النبي (صلى الله عليه وآله) قرأ هذه الآية فقيل له من هؤلاء فواضع يده
على كتف سلمان وقال لو كان الايمان في الثريا لنالته رجال من هؤلاء وهو العزيز
الحكيم.
(4) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم الذي
يستحقر دونه نعم الدنيا ونعيم الآخرة.
(5) مثل الذين حملوا التورية علموها وكلفوا العمل بها ثم لم يحملوها
لم يعملوا بها ولم ينتفعوا بما فيها كمثل الحمار يحمل أسفارا كتب من العلم يتعب
في حملها ولا ينتفع بها القمي قال الحمار يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها ولا يعمل
بها كذلك بنو إسرائيل قد حملوا مثل الحمار لا يعلمون ما فيه ولا يعملون به
بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدى القوم الظالمين.
(6) قل يا أيها الذين هادوا تهودوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس إذ
كانوا يقولون نحن أولياء الله وأحباؤه فتمنوا الموت فتمنوا من الله أن يميتكم وينقلكم
من دار البلية إلى دار الكرامة القمي قال إن في التوراة مكتوب أن أولياء الله يتمنون
الموت إن كنتم صادقين في زعمكم.
(7) ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم بسبب ما قدموا من الكفر
والمعاصي والله عليم بالظالمين سبق تمام تفسير هذه الآية في سورة البقرة.
(8) قل إن الموت الذي تفرون منه وتخافون أن تتمنوه بلسانكم مخافة أن
يصيبكم فتؤخذوا بأعمالكم فإنه ملاقيكم لا تفوتونه لاحق بكم.
القمي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال أيها الناس كل امرئ لاق في فراره
ما منه يفر والأجل مساق النفس إليه والهرب منه موافاته.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال تعد السنين ثم تعد
الشهور ثم تعد الأيام ثم تعد الساعات ثم تعد النفس فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون
ساعة ولا يستقدمون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون
173

بأن يجازيكم عليه.
(9) يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة أي اذن لها من يوم الجمعة قيل
سمي بها لاجتماع الناس فيه للصلاة.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إن الله جمع فيها خلقه لولاية محمد (صلى
الله عليه وآله) ووصيه في الميثاق فسماه يوم الجمعة لجمعه فيه خلقه فاسعوا إلى ذكر
الله يعني إلى الصلاة كما يستفاد مما قبله ومما بعده قيل أي فامضوا إليها مسرعين
قصدا فإن السعي دون العدو وفي المجمع قرأ عبد الله بن مسعود فامضوا إلى ذكر
الله.
قال وروي ذلك عن أمير المؤمنين والباقر والصادق (عليهم السلام) والقمي قال
الاسراع في المشي.
وعن الباقر (عليه السلام) اسعوا أي امضوا.
وفي العلل عن الصادق (عليه السلام) معنى فاسعوا هو الانكفاء.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) فاسعوا إلى ذكر الله قال اعملوا وعجلوا
فإنه يوم مضيق على المسلمين فيه وثواب أعمال المسلمين على قدر ما ضيق
عليهم والحسنة والسيئة تضاعف فيه قال والله لقد بلغني أن أصحاب النبي (صلى الله
عليه وآله) كانوا يتجهزون للجمعة يوم الخميس لأنه يوم مضيق على المسلمين
وذروا البيع واتركوا المعاملة في الفقيه روي أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم
الجمعة نادى مناد حرم البيع ذلكم خير لكم أي السعي إلى ذكر الله خير
لكم من المعاملة فإن نفع الآخرة خير وأبقى إن كنتم تعلمون الخير والشر.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال فرض الله على الناس من الجمعة إلى
الجمعة خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة
ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض
والأعمى ومن كان على رأس فرسخين.
174

وفي التهذيب والفقيه عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل على من تجب
الجمعة قال تجب على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لأقل من خمسة من
المسلمين أحدهم الامام فإذا اجتمع فإذا سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم.
أقول: لعل المراد أنها تجب على سبعة حتما وعزيمة من دون رخصة في
تركها وتجب لخمسة تخييرا وعلى الأفضل مع الرخصة في تركها وبهذا تتوافق
الاخبار المختلفة في الخمسة والسبعة ويؤيده تعدية الوجوب باللام في الخمسة
وبعلى في السبعة وأما إذا كانوا أقل من خمسة فليس عليهم ولا لهم جمعة بل
عليهم حتما أن يصلوا أربعا والاخبار في وجوب الجمعة أكثر من أن تحصى.
(10) فإذا قضيت الصلاة أديت وفرغ منها فانتشروا في الأرض وابتغوا من
فضل الله.
في المجمع والمحاسن عن الصادق (عليه السلام) الصلاة يوم الجمعة
والانتشار يوم السبت.
وفي العيون والقمي ما في معناه.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال إني لا ركب في الحاجة التي كفاها الله ما
اركب فيها إلا التماس ان يراني الله أضحى في طلب الحلال أما تسمع قول الله عز
وجل اسمه فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله.
وبرواية أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله) وابتغوا من فضل الله ليس بطلب
دنيا ولكن عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله واذكروا الله كثيرا واذكروا
الله في مجامع أحوالكم ولا تخصوا ذكره بالصلاة.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال من ذكر الله مخلصا في السوق
عند غفلة الناس وشغلهم بما هم فيه كتب الله له ألف حسنة ويغفر الله له يوم القيامة
مغفرة لم تخطر على قلب بشر لعلكم تفلحون بخير الدارين.
(11) وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها انصرفوا إليها كذا في المجمع.
175

والقمي عن الصادق (عليه السلام) وتركوك قائما تخطب على المنبر كذا روياه
قل ما عند الله من الثواب خير من اللهو ومن التجارة فإن ذلك محقق مخلد
بخلاف ما تتوهمون من نفعهما.
القمي عن الصادق (عليه السلام) نزلت خير من اللهو ومن التجارة للذين
اتقوا.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) انه كان يقرأ خير من اللهو ومن التجارة
للذين اتقوا والله خير الرازقين فتوكلوا عليه واطلبوا الرزق منه القمي قال كان
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي بالناس يوم الجمعة ودخلت ميرة وبين يديها
قوم يضربون بالدفوف والملاهي فترك الناس الصلاة ومروا ينظرون إليهم فأنزل
الله.
وفي المجمع عن جابر بن عبد الله قال أقبلت عير ونحن نصلي مع رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فانفض الناس إليها فما بقي غير اثنى عشر رجلا أنا فيهم فنزلت الآية وفي
رواية قال (صلى الله عليه وآله) والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى أحد منكم لسال
بكم الوادي نارا.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) الواجب على كل
مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبح اسم ربك الاعلى
وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل بعمل رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وكان ثوابه وجزاؤه على الله الجنة.
176

سورة المنافقين
مدنية بالاجماع وهي إحدى عشر آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إذا جائك المنافقون قالوا نشهد؟ إنك لرسول الله والله يعلم إنك
لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون لأنهم لم يعتقدوا ذلك لما كانت الشهادة
إخبارا عن علم لأنها من الشهود بمعنى الحضور والاطلاع لذلك صدق المشهود
به وكذبهم في الشهادة.
في الاحتجاج عن الباقر (عليه السلام) قال له طاوس اليماني أخبرني عن قوم
شهدوا شهادة الحق وكانوا كاذبين قال المنافقون حين قالوا لرسول الله (صلى الله
عليه وآله) نشهد إنك لرسول الله.
(2) اتخذوا أيمانهم حلفهم الكاذب جنة وقاية عن القتل والسبي فصدوا عن
سبيل الله صدا أو صدودا إنهم ساء ما كانوا يعملون من نفاقهم وصدهم.
(3) ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم حتى تمرنوا على الكفر
واستحكموا فيه فهم لا يفقهون حقيقة الايمان ولا يعرفون صحته.
(4) وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم لضخامتها وصباحتها وإن يقولوا تسمع
لقولهم لذلاقتهم وحلاوة كلامهم كأنهم خشب مسندة إلى الحائط في كونهم
أشباحا خالية عن العلم والنظر.
القمي عن الباقر (عليه السلام) يقول لا يسمعون ولا يعقلون يحسبون كل
177

صيحة عليهم أي واقعة عليهم لجبنهم واتهامهم هم العدو استئناف فاحذرهم
قاتلهم الله دعاء عليهم أنى يؤفكون كيف يصرفون عن الحق.
(5) وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم عطفوها
إعراضا واستكبارا عن ذلك ورأيتهم يصدون يعرضون على الاستغفار وهم
مستكبرون عن الاعتذار.
(6) سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم
لرسوخهم في الكفر إن الله لا يهدى القوم الفاسقين الخارجين عن مظنة
الاستصلاح لانهماكهم في الكفر والنفاق.
(7) هم الذين يقولون أي للأنصار لا تنفقوا على من عند رسول الله
حتى ينفضوا يعنون فقراء المهاجرين ولله خزائن السماوات والأرض بيده
الأرزاق والقسم ولكن المنافقين لا يفقهون ذلك لجهلهم بالله.
(8) يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة
ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون من فرط جهلهم وغرورهم.
القمي قال نزلت في غزوة المريع وهي غزوة بني المصطلق في سنة خمس
من الهجرة وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إليها فلما رجع منها نزل على
بئر وكان الماء قليلا فيها وكان انس بن سيار حليف الأنصار وكان جهجاه بن سعيد
الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب فاجتمعوا على البئر فتعلق دلو سيار بدلو جهجاه
فقال سيار دلوي وقال جهجاه دلوي فضرب جهجاه يده على وجه سيار فسال منه
الدم فنادى سيار بالخزرج ونادى جهجاه بقريش فأخذ الناس السلاح وكاد أن تقع
الفتنة فسمع عبد الله بن أبي النداء فقال ما هذا فأخبروه بالخبر فغضب غضبا شديدا
ثم قال قد كنت كارها لهذا المسير إلى الأول العرب ما ظننت اني أبقى إلى أن
اسمع مثل هذا فلا يكن عندي تغيير ثم أقبل على أصحابه فقال هذا عملكم
أنزلتموه منازلكم وواسيتموهم بأموالكم ووقيتموهم بأنفسكم وأبرزتم نحوركم
للقتل فأرمل نسائكم وأيتم صبيانكم ولو أخرجتموهم لكانوا عيالا على غيركم ثم
178

قال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل وكان في القوم زيد بن أرقم
وكان غلاما قد راهق وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ظل شجرة في وقت
الهاجرة وعنده قوم من أصحابه من المهاجرين والأنصار فجاء زيد فأخبره بما قال
عبد الله بن أبي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلك وهمت يا غلام قال لا والله
ما وهمت فقال لعلك غضبت عليه فقال لا والله ما غضبت عليه قال فلعله سفه عليك
قال لا والله فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لشقران مولاه فأحدج راحلته
وركب وتسامع الناس بذلك فقالوا ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليرحل في
مثل هذا الوقت فرحل الناس ولحقه سعد بن عبادة فقال السلام عليك يا رسول الله
ورحمة الله وبركاته فقال وعليك السلام فقال ما كنت لترحل في مثل هذا الوقت
فقال أو ما سمعت قولا قال صاحبكم قالوا وأي صاحب لنا غيرك يا رسول الله قال
عبد الله بن أبي زعم أنه ان رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال يا رسول
الله فأنت وأصحابك الأعز وهو وأصحابه الأذل فسار رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يومه كله لا يكلمه أحد فأقبلت الخزرج على عبد الله بن أبي يعذلونه فحلف عبد
الله أنه لم يقل شيئا من ذلك فقالوا فقم بنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى
نعتذر إليه فلوى عنقه فلما جن الليل سار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليله كله
والنهار فلم ينزلوا إلا للصلاة فلما كان من الغد نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ونزل أصحابه وقد أمهدهم الأرض من السهر الذي أصابهم فجاء عبد الله بن أبي
إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحلف عبد الله أنه لم يقل ذلك وأنه ليشهد أن لا
إله إلا الله وانك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وان زيدا قد كذب علي فقبل
رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه وأقبلت الخزرج على زيد بن أرقم يشتمونه
ويقولون له كذبت على عبد الله سيدنا فلما رحل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان
زيد معه يقول اللهم إنك لتعلم اني لم اكذب على عبد الله ابن أبي فما سار إلا قليلا
حتى أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان يأخذه من البرحاء عند نزول الوحي
عليه فثقل حتى كادت ناقته ان تبرك من ثقل الوحي فسرى عن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) وهو يسكب العرق عن جبهته ثم أخذ باذن زيد بن أرقم فرفعه من الرحل
179

ثم قال يا غلام صدق فوك ووعى قلبك وأنزل الله فيما قلت قرآنا فلما نزل جمع
أصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين ففضح الله عبد الله بن أبي قال القمي فلما
نعتهم الله لرسوله وعرفهم مشى إليهم عشايرهم فقالوا لهم قد افتضحتم ويلكم فأتوا
نبي الله يستغفر لكم فلووا رؤوسهم وزهدوا في الاستغفار وفي رواية إن ولد
عبد الله بن أبي أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال يا رسول الله إن كنت عزمت
على قتله فمرني أن أكون أنا الذي أحمل إليك رأسه فوالله لقد علمت الأوس
والخزرج اني أبرهم ولدا بوالده فإني أخاف أن تأمر غيري فيقتله فلا تطيب نفسي
ان انظر إلى قاتل عبد الله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار فقال رسول الله بل نحسن
لك صحابته ما دام معنا.
وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال إن الله تبارك وتعالى سمى من لم
يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين وجعل من جحد وصيه إمامته كمن جحد محمدا
وأنزل بذلك قرآنا فقال يا محمد إذا جاءك المنافقون بولاية وصيك قالوا نشهد إنك
لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين بولاية علي (عليه السلام)
لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله والسبيل هو الوصي إنهم ساء ما
كانوا يعملون ذلك بأنهم آمنوا برسالتك وكفروا بولاية وصيك فطبع على قلوبهم
فهم لا يفقهون يقول لا يعقلون نبوتك وإذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر
لكم النبي من ذنوبكم لووا رؤوسهم قال الله ورأيتهم يصدون عن ولاية علي (عليه
السلام) وهم مستكبرون عليه ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم فقال سواء عليهم
استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدى القوم الفاسقين يقول
الظالمين لوصيك.
(9) يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله لا
يشغلكم تدبيرها والاهتمام بها عن ذكره كالصلاة وسائر العبادات ومن يفعل ذلك
فأولئك هم الخاسرون لأنهم باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني.
(10) وأنفقوا من ما رزقناكم بعض أموالكم ادخارا للآخرة من قبل أن يأتي
180

أحدكم الموت أن يرى دلائله فيقول رب لولا أخرتني أمهلتني إلى أجل قريب
فأصدق وأكن من الصالحين في الفقيه وسئل عن قول الله فأصدق وأكن من
الصالحين قال أصدق من الصدقة وأكن من الصالحين.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) قال الصلاح هنا الحج.
(11) ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها.
القمي عن الباقر (عليه السلام) ان عند الله كتبا موقوفة يقدم منها ما يشاء ويؤخر
ما يشاء فإذا كان ليلة القدر أنزل الله فيها كل شئ يكون إلى مثلها
فذلك قوله ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها إذا أنزله الله وكتبه كتاب السماوات
وهو الذي لا يؤخره والله خبير بما تعملون وقرئ بالياء وقد سبق ثواب قراءة هذه
السورة
181

سورة التغابن
مدنية وقال ابن عباس مكية غير ثلاث آيات من آخرها
عدد آيها ثماني عشر آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم (1) يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو
على كل شئ قدير.
(2) هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن.
في الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية فقال
عرف الله إيمانهم بولايتنا وكفرهم بتركها يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم وهم
ذر والله بما تعملون بصير.
(3) خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم حيث زينكم
بصفوة أو صاف الكائنات وخصكم بخلاصة خصائص المبدعات وجعلكم أنموذج
جميع المخلوقات وإليه المصير فأحسنوا سرائركم حتى لا تمسح بالعذاب
ظواهركم.
(4) يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم
بذات الصدور فلا يخفى عليه شئ.
(5) ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل كقوم نوح وهود وصالح فذاقوا وبال
أمرهم ضرر كفرهم في الدنيا وأصل الوبال الثقل ولهم عذاب أليم في الآخرة.
(6) ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا أنكروا
182

وتعجبوا أن يكون الرسل بشرا والبشر يطلق على الواحد والجمع فكفروا بالرسل
وتولوا عن التدبر في البينات واستغنى الله عن كل شئ فضلا عن طاعتهم والله
غنى عن عبادتهم وغيرها حميد يحمده كل شئ بلسان حاله.
(7) زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى تبعثون وربى لتبعثن ثم لتنبؤن
بما عملتم بالمحاسبة والمجازاة وذلك على الله يسير.
(8) فامنوا بالله ورسوله محمد (صلى الله عليه وآله) والنور الذي أنزلنا قيل
يعني القرآن والقمي النور أمير المؤمنين (عليه السلام) وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) الإمامة هي النور وذلك قوله تعالى
فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا قال النور هو الامام.
وعن الباقر (عليه السلام) انه سئل عن هذا الآية فقال النور والله الأئمة لنور
الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الذين ينورون
قلوب المؤمنين ويحجب الله نورهم عمن يشاء فيظلم قلوبهم ويغشيهم بها والقمي
ما في معناه مع زيادة والله بما تعملون بصير.
(9) يوم يجمعكم وقرئ بالنون ليوم الجمع لأجل ما فيه من الحساب
والجزاء والجمع جمع الأولين والآخرين ذلك يوم التغابن يغبن فيه بعضهم بعضا
لنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) في تفسيره قال ما من عبد مؤمن
يدخل الجنة إلا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا وما من عبد يدخل النار إلا
اري مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة.
وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) يوم يغبن أهل الجنة أهل النار ومن
يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار
خالدين فيها أبدا وقرئ بالنون فيهما ذلك الفوز العظيم.
(10) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس
183

المصير الآيتان بيان للتغابن وتفصيل له.
(11) ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله إلا بتقديره ومشيئته ومن يؤمن
بالله يهد قلبه القمي أي يصدق الله في قلبه فإذا بين الله له اختار الهدى ويزيده الله
كما قال ويزيد الله الذين اهتدوا هدى.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال إن القلب ليرجج فيما بين الصدر
والحنجرة حتى يعقد على الايمان فإذا عقد على الايمان قر وذلك قول الله عز وجل
ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شئ عليم حتى القلوب وأحوالها.
(12) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فان تو ليتم فلا بأس عليه فإنما على
رسولنا البلاغ المبين وقد بلغ.
(13) الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون لان الايمان بالتوحيد
يقتضي ذلك.
(14) يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم يشغلكم عن
طاعة الله ويخاصمكم في أمر الدين أو الدنيا فاحذروهم ولا تأمنوا غوائلهم وإن
تعفوا عن ذنوبهم بترك المعاقبة وتصفحوا بالاعراض وترك التثريب عليها وتغفروا
باخفائها وتمهيد معذرتهم فيها فإن الله غفور رحيم يعاملكم بمثل ما عاملتم
ويتفضل عليكم.
القمي عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية إن الرجل كان إذا أراد الهجرة إلى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعلق به ابنه وامرأته وقالوا ننشدك الله ان تذهب عنا
وتدعنا فنضيع بعدك فمنهم من يطيع أهله فيقيم فحذرهم الله أبنائهم ونساءهم ونهاهم
عن طاعتهم ومنهم من يمضي ويذرهم ويقول أما والله لئن لم تهاجروا معي ثم
يجمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا أنفعكم بشئ أبدا فلما جمع الله بينه
وبينهم أمره الله أن يحسن إليهم ويصلهم فقال وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله
غفور رحيم.
184

(15) إنما أموالكم وأولادكم فتنة اختبار لكم والله عنده أجر عظيم لمن آثر
محبة الله وطاعته على محبة الأموال والأولاد والسعي لهم.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه كان يخطب فجاء الحسن
والحسين (عليهما السلام) وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله
(صلى الله عليه وآله) إليهما فأخذهما فوضعهما في حجره على المنبر وقال صدق الله
عز وجل إنما أموالكم وأولادكم فتنة نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم
أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ثم أخذ في خطبته وفي نهج البلاغة لا يقولن
أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة ولكن
من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن فإن الله سبحانه يقول واعلموا إنما أموالكم
وأولادكم فتنة.
(16) فاتقوا الله ما استطعتم فابذلوا في تقواه جهدكم وطاقتكم واسمعوا
مواعظه وأطيعوا أو امره وأنفقوا في وجوه الخير خالصا لوجهه خيرا لأنفسكم إنفاقا
خيرا لأنفسكم أو اتوا خيرا أو يكن الانفاق خيرا وهو تأكيد للحث على الامتثال ومن
يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون سبق تفسيره.
(17) إن تقرضوا الله بصرف المال فيما أمره قرضا حسنا مقرونا بإخلاص
وطيب نفس يضاعفه لكم يجعل لكم بالواحد عشرا إلى سبع مأة وأكثر وقرئ يضعفه.
(18) عالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه شئ العزيز الحكيم تام القدرة
والعلم.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة التغابن
في فريضة كانت شفيعة له يوم القيامة وشاهد عدل عند من تجيز شهادتها ثم لا
تفارقه حتى تدخله الجنة.
185

سورة الطلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يا أيها النبي القمي المخاطبة للنبي (صلى الله عليه وآله) والمعنى للناس إذا
طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وقت عدتهن وهو الطهر القمي عن الباقر (عليه السلام)
قال العدة الطهر من المحيض.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) والسجاد والصادق (عليهما السلام) فطلقوهن في قبل عدتهن.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا
أراد الرجل الطلاق طلقها في قبل عدتها بغير جماع.
وعن الباقر (عليه السلام) إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من
حيضها قبل أن يجامعها أنت طالق أو اعتدي يريد بذلك الطلاق ويشهد على ذلك
رجلين عدلين وأحصوا العدة اضبطوها واكملوها ثلاثة قروء واتقوا الله ربكم في
تطويل العدة والاضرار بهن لا تخرجوهن من بيوتهن من مساكنهن وقت الفراق حتى
تنقضي عدتهن ولا يخرجن.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إنما عنى بذلك التي تطلق تطليقة بعد
تطليقة فتلك التي لا تخرج ولا تخرج حتى تطلق الثالثة فإذا طلقت الثالثة فقد بانت منه ولا نفقة
لها والمرأة التي يطلقها الرجل تطليقة ثم يدعها حتى يخلو اجلها فهذه أيضا تقعد في
منزل زوجها ولها النفقة والسكنى حتى تنقضي عدتها إلا أن يأتين بفاحشة مبينة.
186

في الفقيه عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عنه فقال إلا أن تزني فتخرج ويقام
عليها الحد.
وفي الكافي عن الرضا (عليه السلام) قال أذاها لأهل الرجل وسوء خلقها.
وعنه (عليه السلام) يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها فإذا فعلت فإن
شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها فعل.
وفي المجمع عنه وعن الباقر والصادق (عليهم السلام) ما في معناه والقمي معنى
الفاحشة أن تزني أو تشرف على الرجال ومن الفاحشة السلاطة على زوجها فإن فعلت
شيئا من ذلك حل له أن يخرجها.
وفي الاكمال عن صاحب الزمان (عليه السلام) الفاحشة المبينة السحق دون
الزنى الحديث وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه بأن عرضها
للعقاب لا تدرى أي النفس لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وهي الرغبة في المطلقة
برجعة أو استئناف والقمي قال لعله أن يبدو لزوجها في الطلاق فيراجعها.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) أحب للرجل الفقيه إذا أراد أن يطلق امرأته
ان يطلقها طلاق السنة ثم قال وهو الذي قال الله عز وجل لعل الله يحدث بعد ذلك
أمرا يعني بعد الطلاق وانقضاء العدة التزويج بها من قبل أن تزوج زوجا غيره.
وعن الصادق (عليه السلام) المطلقة تكتحل وتختضب وتطيب وتلبس ما شاءت
من الثياب لان الله عز وجل يقول لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا لعلها أن تقع في نفسه
فيراجعها.
(2) فإذا بلغن أجلهن شارفن آخر عدتهن فأمسكوهن راجعوهن بمعروف
بحسن عشرة وإنفاق مناسب أو فارقوهن بمعروف بإيفاء الحق والتمتيع وإتقاء الضرار
وأشهدوا ذوي عدل منكم على الطلاق القمي معطوف على قوله إذا طلقتم النساء
فطلقوهن لعدتهن.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال لأبي يوسف القاضي ان الله تبارك
187

وتعالى أمر في كتابه بالطلاق وأكد فيه بشاهدين ولم يرض بهما إلا عدلين وأمر في
كتابه بالتزويج فأهمله بلا شهود فأثبتم شاهدين فيما أهمل وأبطلتم الشاهدين فيما أكد
وأقيموا الشهادة أيها الشهود عند الحاجة لله خالصا لوجهه ذلكم يوعظ به من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا
(3) ويرزقه من حيث لا يحتسب
القمي عن الصادق (عليه السلام) قال في دنياه.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قرأها فقال مخرجا من شبهات
الدنيا ومن غمرات الموت وشدائد يوم القيامة.
وعنه عليه السلام) إني لاعلم آية لو اخذ بها الناس لكفتهم ومن يتق الله الآية فما
زال يقولها ويعيدها وفي نهج البلاغة مخرجا من الفتن ونورا من الظلم.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) ويرزقه من حيث لا يحتسب أي يبارك له
فيما أتاه.
وفي الفقيه عنه عن آبائه عن علي (عليهم السلام) من أتاه الله برزق لم يخط إليه
برجله ولم يمد إليه يده ولم يتكلم فيه بلسان ولم يشد إليه ثيابه ولم يتعرض له كان
ممن ذكره الله عز وجل في كتابه ومن يتق الله الآية.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن قوما من أصحاب رسول الله (صلى الله
عليه وآله) لما نزلت هذه الآية اغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا قد كفينا فبلغ
ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فأرسل إليهم فقال ما حملكم على ما صنعتم فقالوا يا
رسول الله تكفل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة فقال إنه من فعل ذلك لم يستجب له
عليكم بالطلب.
وعنه (عليه السلام) هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء ليس عندهم ما يتحملون به إلينا
فيسمعون حديثنا ويقتبسون من علمنا فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون
أبدانهم حتى يدخلوا علينا فيسمعوا حديثنا فينقلوه إليهم فيعيه هؤلاء ويضيعه هؤلاء
فأولئك الذين يجعل الله عز وجل لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون ومن
188

يتوكل على الله فهو حسبه كافيه إن الله بالغ أمره يبلغ ما يريده ولا يفوته مراد وقرئ
بالإضافة قد جعل الله لكل شئ قدرا تقديرا أو مقدارا لا يتغير وهو بيان لوجوب التوكل
وتقرير لما تقدم من الاحكام وتمهيد لما سيأتي من المقادير.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية
فقال للتوكل على الله درجات منها أن تتوكل على الله في أمورك
كلها فما فعل بك كنت عنه راضيا تعلم أنه لا يألوك خيرا وفضلا
وتعلم أن الحكم في ذلك له فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه وثق به
فيها وفي غيرها وفي المعاني مرفوعا جاء جبرائيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له
يا جبرئيل ما التوكل على الله فقال العلم بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا
يمنع واستعمال اليأس من الخلق فإذا كان العبد كذلك لم يعتمد إلى أحد سوى الله
ولم يرج ولم يخف سوى الله ولم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكل.
(4) واللائي يئسن من المحيض من نسائكم فلا يحضن إن ارتبتم شككتم في
أمرهن أي جهلتم فلا تدرون لكبر ارتفع حيضهن أم لعارض.
في المجمع عن أئمتنا (عليهم السلام) هن اللواتي أمثالهن يحضن لأنهن لو كن
في سن من لا تحيض لم يكن للارتياب معنى فعدتهن ثلاثة أشهر روي أنه لما نزلت
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قيل فما عدة اللائي لم يحضن فنزلت
واللائي لم يحضن أي واللائي لم يحضن بعد ذلك وأولات الأحمال أجلهن أن
يضعن حملهن.
في المجمع عنهم (عليهم السلام) هي في الطلاق خاصة.
أقول: يعني دون الموت فإن عدتهن فيه أبعد الأجلين.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) سئل عن رجل طلق امرأته وهي حبلى
وكان في بطنها اثنان فوضعت واحدا وبقي واحد قال تبين بالأول ولا تحل للأزواج
حتى تضع ما في بطنها.
189

وعنه (عليه السلام) سئل عن الحبلى يموت زوجها فتضع وتزوج قبل أن يمضي
لها أربعة أشهر وعشر فقال إن كان دخل بها فرق بينهما ثم لم تحل له أبدا واعتدت بما
بقي عليها من الأول واستقبلت عدة أخرى من الأخير ثلاثة قروء وإن لم يكن دخل بها
فرق بينهما واعتدت بما بقي عليها من الأول وهو خاطب من الخطاب ذلك ومن يتق الله
في أحكامه فيراعي حقوقها يجعل له من أمره يسرا يسهل عليه أمره ويوفقه للخير.
(5) ذلك إشارة إلى ما ذكر من الاحكام أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله في
أمره يكفر عنه سيئاته فإن الحسنات يذهبن السيئات ويعظم له أجرا بالمضاعفة.
(6) أسكنوهن من حيث سكنتم أي مكانا من سكناكم من وجدكم من وسعكم
ولا تضاروهن في السكنى لتضيقوا عليهن فتلجئوهن إلى الخروج.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) لا يضار الرجل امرأته إذا طلقها فيضيق
عليها حتى تنتقل قبل أن تنقضي عدتها فإن الله قد نهى عن ذلك ثم تلا هذه الآية وإن
كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فيخرجن من العدة القمي قال
المطلقة التي للزوج عليها رجعة لها عليه سكنى ونفقة ما دامت في العدة فإن كانت
حاملا ينفق عليها حتى تضع حملها.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إن المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها
إنما هي التي لزوجها عليها رجعة.
وفي التهذيب عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن المطلقة ثلاثا إلها النفقة
والسكنى قال احبلي هي قيل لا قال فلا وفي معناه أخبار أخر فإن أرضعن لكم
بعد انقطاع علقة النكاح فآتوهن أجورهن على الارضاع واتمروا بينكم بمعروف
وليأتمر بعضكم بعضا بجميل في الارضاع والاجر وإن تعاسرتم تضايقتم فسترضع
له أخرى امرأة أخرى وفيه معاتبة للام على المعاسرة.
(7) لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله أي فلينفق
كل من الموسر والمعسر ما بلغه من وسعه لا يكلف الله نفسا إلا ما اتاها إلا وسعها وفيه
190

تطييب لقلب المعسر سيجعل الله بعد عسر يسرا أي عاجلا وآجلا وهذا الحكم
يجري في كل انفاق.
ففي الكافي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن الرجل الموسر يتخذ الثياب
الكثيرة الجياد والطيالسة والقمص الكثيرة يصون بعضها بعضا يتجمل بها أيكون مسرفا
قال لا لان الله عز وجل يقول لينفق ذو سعة من سعته.
وفيه والقمي عنه (عليه السلام) في قوله ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه قال
انفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما.
(8) وكأين من قرية أهل قرية عتت عن أمر ربها ورسله أعرضت عنه إعراض
العاتي فحاسبنها حسابا شديدا بالاستقصاء والمناقشة وعذبنها عذابا نكرا منكرا أو
المراد اما حساب الآخرة وعذابها وإنما عبر بالماضي لتحققه وإما استقصاء ذنوبهم وما
أصيبوا به عاجلا.
(9) فذاقت وبال أمرها عقوبة كفرها ومعاصيها وكان عقبة أمرها خسرا لا ربح
فيها أصلا.
(10) أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولى الألباب الذين آمنوا قد
أنزل الله إليكم ذكرا.
(11) رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات.
في العيون الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن الذكر
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن أهله قال وذلك بين في كتاب الله عز وجل حيث
يقول في سورة الطلاق فاتقوا الله يا أولى الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا
رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من
الظلمات إلى النور من الضلالة إلى الهدى ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله
جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وقرئ ندخله بالنون قد أحسن الله له
رزقا.
191

(12) الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن في العدد يتنزل الامر
بينهن يجري أمر الله وقضاؤه بينهن وينفذ حكمه فيهن لتعلموا أن الله على كل شئ
قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما علة لخلق أو يتنزل أو ما يعمهما فإن كلا من
الامرين يدل على كمال قدرته وعلمه.
القمي عن الرضا (عليه السلام) إنه سئل عن قوله الله تعالى والسماء ذات الحبك
فقال هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه ثم بين كيفية خلق السماوات السبع
والأرضين السبع واشتباكهما وأن السماء الدنيا فوق هذه الأرض قبة عليها وأن الأرض
الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة وهكذا إلى السابعة منها ثم قال وهو
قول الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن قال فأما
صاحب الامر فهو رسول الله (صلى الله عليه وآله) والوصي بعده قائم على وجه الأرض
وإنما يتنزل الامر إليه من فوق السماء بين السماوات والأرضين وقد مضى تمام
الحديث على وجهه في سورة الذاريات.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الطلاق
والتحريم في فريضة أعاذه الله من أن يكون يوم القيامة ممن يخاف أو يحزن وعوفي
من النار وأدخله الله الجنة بتلاوته إياهما ومحافظته عليهما لأنهما للنبي (صلى الله عليه
وآله).
192

سورة التحريم
مدنية عدد آيها اثنتا عشرة آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله
غفور رحيم.
القمي عن الصادق (عليه السلام) قال اطلعت عائشة وحفصة على النبي (صلى
الله عليه وآله) وهو مع مارية فقال النبي (صلى الله عليه وآله) ما أقربها فأمره الله
أن يكفر عن يمينه وروي أنه خلا بمارية في يوم حفصة أو عائشة فاطلعت على ذلك
حفصة فعاتبته فيه فحرم مارية فنزلت وقيل شرب عسلا عند حفصة فواطأت عائشة
وسودة وصفية فقلن له انا نتبسم منك ريح المغافير فحرم العسل فنزلت ويأتي تمام
الكلام فيه.
(2) قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم قد شرع لكم تحليلها وهو حل ما
عقدته بالكفارة والله مولاكم متولي أموركم وهو العليم بما يصلحكم الحكيم المتقن
في أفعاله وأحكامه.
(3) وإذ أسر النبي إلى بعض أزوجه حديثا فلما نبات به أخبرت به وأظهره
الله عليه وأطلع الله النبي على الحديث أي على افشائه عرف بعضه عرف الرسول
بعض ما فعلت وأعرض عن بعض عن إعلام بعض تكرما وقرئ عرف بالتخفيف في
المجمع واختار التخفيف أبو بكر بن أبي عياش وهو من الحروف العشرة التي قال إني
أدخلتها في قراءة عاصم من قراءة علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى استخلصت
193

قراءته يعني قراءة علي (عليه السلام) فلما نبأها به قالت من أنباك هذا قال نبأني العليم
الخبير القمي كان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في بعض بيوت
نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت
حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) مارية فعلمت حفصة بذلك
فغضبت وأقبلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت يا رسول الله في يومي وفي داري وعلى فراشي
فاستحيى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها فقال كفي قد حرمت مارية على نفسي
ولا أطأها بعد هذا أبدا وأنا أفضي إليك سرا إن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين فقالت نعم ما هو فقال إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثم
بعده أبوك فقالت من أنباك هذا قال نبأني العليم الخبير فأخبرت حفصة به عائشة من
يومها ذلك وأخبرت ذلك عائشة أبا بكر فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له إن عائشة أخبرتني عن
حفصة بشئ ولا أثق بقولها فاسأل أنت حفصة فجاء عمر إلى حفصة فقال لها ما هذا
الذي أخبرت عنك عائشة فأنكرت ذلك وقالت ما قلت لها من ذلك شيئا فقال لها عمر
إن هذا حق فأخبرينا حتى نتقدم فيه فقالت نعم قد قال رسول الله فاجتمعوا أربعة على
أن يسموا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بهذه السورة قال وأظهره الله عليه يعني أظهره الله على ما
أخبرت به وما هموا به من قتله عرف بعضه أي أخبرها وقال لم أخبرت بما أخبرتك
وأعرض عن بعض قال لم يخبرهم بما يعلم مما هموا به من قتله وفي المجمع قيل إن
النبي (صلى الله عليه وآله) خلا في بعض يوم لعائشة مع جاريته أم إبراهيم مارية القبطية
فوقفت حفصة على ذلك فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا تعلمي عائشة ذلك
وحرم مارية على نفسه فأعلمت حفصة عائشة الخبر واستكتمتها إياه فأطلع الله نبيه
على ذلك وهو قوله وإذ أسر النبي إلى بعض أزوجه حديثا يعني حفصة ولما حرم
مارية القبطية أخبر حفصة أنه يملك من بعده أبو بكر وعمر فعرفها بعض ما أفشت من
الخبر وأعرض عن بعض أن أبا بكر وعمر يملكان بعدي قال وقريب من ذلك ما رواه
العياشي عن أبي جعفر (عليه السلام) إلا أنه زاد في ذلك أن كل واحدة منهما حدثت
أباها بذلك فعاتبهما في أمر مارية وما أفشتا عليه من ذلك وأعرض عن أن يعاتبهما في
الامر الاخر.
194

ان تتوبا إلى الله خطاب لحفصة وعائشة على الالتفات للمبالغة في
المعاتبة فقد صغت قلوبكما فقد وجد منكما ما يوجب التوبة وهو ميل قلوبكما عن
الواجب من مخالصة الرسول بحب ما يحبه وكراهة ما يكرهه وإن تظاهرا عليه وإن
تتظاهرا عليه بما يسوءه وقرئ بالتخفيف.
في المجمع والأمالي عن ابن عباس أنه سأل عمر بن الخطاب من اللتان
تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال عائشة وحفصة.
وفي الجوامع عن الكاظم (عليه السلام) إنه قرأ وإن تظاهروا عليه.
أقول: كأنه أشرك معهما أبويهما فإن الله هو موله وجبريل وصالح المؤمنين
فلن يعدم من يظاهره فان الله ناصره وجبرئيل رئيس الكروبيين قرينه وعلي بن أبي
طالب اخوه ووزيره ونفسه والملائكة بعد ذلك ظهير مظاهرون.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال وصالح المؤمنين هو علي بن أبي طالب (عليه
السلام.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال لقد عرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا
أصحابه مرتين أما مرة فحيث قال من كنت مولاه فعلي مولاه وأما الثانية فحيث ما نزلت
هذه الآية فان الله هو مولاه وجبرئيل وصالح المؤمنين أخذ رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بيد علي (عليه السلام) وقال يا أيها الناس هذا صالح المؤمنين وقالت أسماء بنت
عميس سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول وصلح المؤمنين علي ابن أبي طالب
(عليه السلام.
قال ووردت الرواية من طريق العام والخاص أن المراد بصالح المؤمنين
علي بن أبي طالب (عليه السلام).
(5) عسى ربه إن طلقكن أن يبدله وقرئ بالتخفيف أزواجا خيرا منكن مسلمات
مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات صائمات ثيبات وأبكارا وسط العاطف
بينهما لتنافيهما ولأنهما في حكم صفة واحدة إذ المعنى مشتملات على الثيبات
والابكار.
195

(6) يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم بترك المعاصي وفعل الطاعات وأهليكم
بالنصح والتأديب نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة تلي أمرها وهم الزبانية
غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) لما نزلت هذه الآية جلس رجل من
المسلمين يبكي وقال عجزت عن نفسي كلفت أهلي فقال رسول الله (صلى الله عليه
وآله) حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك.
والقمي عنه (عليه السلام) قيل له هذه نفسي أقيها فكيف أقي أهلي قال تأمرهم
بما أمرهم الله به وتنهاهم عما نهاهم الله عنه فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم وإن عصوك
كنت قد قضيت ما عليك.
وفي الكافي ما يقرب منه.
(7) يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون أي يقال
لهم ذلك عند دخولهم النار والنهي عن الاعتذار لأنه لا عذر لهم أو العذر لا ينفعهم؟؟؟.
(8) يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا بالغة في النصح وهو صفة
التائب فإنه ينصح نفسه بالتوبة وصفت به على الاسناد المجازي مبالغة وقرئ بضم
النون وهو المصدر.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية فقال يتوب العبد من
الذنب ثم لا يعود فيه وفي رواية قيل له وأينا لم يعد فقال إن الله يحب من عباده
المفتن التواب.
والقمي عن الكاظم (عليه السلام) في هذه الآية قال يتوب العبد ثم لا يرجع فيه
وأحب عباد الله إلى الله المفتن التائب.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) ما في معناه.
وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) التوبة النصوح أن يكون باطن الرجل
كظاهره وأفضل.
196

وفي الكافي عنه (عليه السلام) إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه في
الدنيا والآخرة قيل وكيف يستر عليه قال ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ويوحي
إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي ما كان يعمل عليك من
الذنوب فيلقى الله حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من الذنوب عسى ربكم أن يكفر
عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار قيل ذكر بصيغة الأطماع
جريا على عادة الملوك وإشعارا بأنه تفضل والتوبة غير موجب وأن العبد ينبغي أن
يكون بين خوف ورجاء يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين
أيديهم وبأيمنهم.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال يسعى أئمة المؤمنين
يوم القيامة بين أيدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازلهم في الجنة القمي عنه
(عليه السلام) ما يقرب منه.
وعن الباقر (عليه السلام) فمن كان له نور يومئذ نجا وكل مؤمن له نور يقولون
ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير.
(9) يا أيها النبي جاهد الكفار والمنفقين.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) إنه قرأ جاهد الكفار بالمنافقين قال إن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يقاتل منافقا قط إنما كان يتألفهم.
والقمي عنه (عليه السلام) في قوله جاهد الكفار والمنفقين قال هكذا نزلت
فجاهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكفار وجاهد علي (عليه السلام) المنافقين
فجهاد علي (عليه السلام) جهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سبق تمام بيانه في
سورة التوبة واغلظ عليهم ومأويهم جهنم وبئس المصير.
(10) ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت
عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما بالنفاق والتظاهر على الرسولين مثل الله حال
الكفار والمنافقين في أنهم يعاقبون بكفرهم ونفاقهم ولا يجابون بما بينهم وبين النبي
197

(صلى الله عليه وآله) والمؤمنين من النسبة والوصلة بحال امرأة نوح وامرأة لوط وفيه
تعريض بعائشة وحفصة في خيانتهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإفشاء سره
ونفاقهما إياه وتظاهرهما عليه كما فعلت امرأتا الرسولين فلم يغنيا عنهما من الله
شيئا فلن يغن الرسولان عنهما بحق الزواج اغناء ما وقيل لهما عند موتهما أو يوم
القيامة ادخلا النار مع الداخلين الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء.
(11) وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ومثل حال المؤمنين في أن
وصلة الكافرين لا تضرهم بحال آسية ومنزلتها عند الله مع أنها كانت تحت اعدى
أعداء الله إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله من
نفسه الخبيثة وعمله السئ ونجني من القوم الظالمين من القبط التابعين له في
الظلم.
(12) ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها.
القمي قال لم ينظر إليها فنفخنا فيه في فرجها من روحنا من روح خلقناه بلا
توسط أصل.
والقمي أي روح مخلوقة وصدقت بكلمات ربها وكتبه وقرئ بكتابه وكانت
من القانتين من المواظبين على الطاعة.
والقمي من الداعين والتذكير للتغليب والاشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة
الرجال الكاملين حتى عدت من جملتهم.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال؟ كمل من الرجال كثير ولم يكمل
من النساء إلا أربعة آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت
خويلد وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله).
وفي الخصال عنه (عليه السلام) أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد
وفاطمة (عليها السلام) بنت محمد (صلى الله عليه وآله) ومريم بنت عمران وآسية بنت
مزاحم امرأة فرعون.
198

وفي الفقيه دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على خديجة وهي لما بها
فقال لها بالرغم منا ما نرى بك يا خديجة فإذا قدمت على ضرائرك فاقرأيهن السلام
فقالت من هن يا رسول الله فقال مريم بنت عمران وكلثم أخت موسى (عليه السلام)
وآسية امرأة فرعون فقالت بالرفاء يا رسول الله. قد سبق ثواب قراءتها.
199

سورة الملك تسمى سورة المنجية لأنها تنجي صاحبها من عذاب القبر وتسمى
الواقية وهي مكية عدد آيها إحدى وثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) تبارك الذي بيده الملك بقبضة قدرته التصرف في الأمور كلها وهو على
كل شئ قدير.
(2) الذي خلق الموت والحياة القمي قال قدرهما ومعناه قدر الحياة ثم
الموت.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إن الله خلق الحياة قبل الموت.
وعنه (عليه السلام) الحياة والموت خلقان من خلق الله فإذا جاء الموت فدخل
في الانسان لم يدخل في شئ إلا وقد خرجت منه الحياة ليبلوكم ليعاملكم معاملة
المختبر بالتكليف أيكم أحسن عملا وذلك لان الموت داع إلى حسن العمل وموجب
لعدم الوثوق بالدنيا ولذاتها الفانية والحياة يقتدر معها على الأعمال الصالحة
الخالصة.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه سئل عن قوله أيكم أحسن عملا
ما عنى به فقال يقول أيكم أحسن عقلا ثم قال أتمكم عقلا وأشدكم لله خوفا وأحسنكم
فيما أمر الله به ونهى عنه نظرا وإن كانوا أقلكم تطوعا وفي رواية قال أيكم أحسن عقلا
وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) ليس يعني أكثر عملا ولكن أصوبكم
عملا وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة ثم قال الابقاء على العمل حتى يخلص
200

أشد من العمل والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل
والنية أفضل من العمل ألا وأن النية هو العمل ثم تلا قوله عز وجل قل كل يعمل على
شاكلته يعني على نيته.
أقول: لعل المراد بالابقاء على العمل أن لا يحدث به إرادة الحمد من الناس
حتى يبقى خالصا لله ولا يخفى أنه أشد من العمل وهو العزيز الغالب الذي لا يعجزه
من أساء العمل الغفور لمن تاب منهم.
الذي خلق سبع سماوات طباقا متطابقة.
القمي عن الباقر (عليه السلام) بعضها فوق بعض ما ترى في خلق الرحمن من
تفاوت من اختلاف القمي قال يعني من فساد وقرئ من تفوت وهو بمعناه فارجع
البصر هل ترى من فطور من خلل قيل يعني قد نظرت إليها مرارا فانظر إليها مرة أخرى
متأملا فيها لتعاين ما أخبرت به من تناسبها واستقامتها.
(4) ثم ارجع البصر كرتين أي رجعتين أخريين في ارتياد الخلل والمراد
بالتثنية التكرير والتكثير كما في لبيك وسعديك والقمي قال انظر في ملكوت
السماوات والأرض ينقلب إليك البصر خاسئا بعيدا عن إصابة المطلوب كأنه طرد عنه
طردا بالصغار وهو حسير كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة.
(5) ولقد زينا السماء الدنيا أقرب السماوات إلى الأرض بمصابيح القمي قال
بالنجوم وجعلناها رجوما للشياطين ترجم بها جمع رجم بالفتح بمعنى ما يرجم به قيل
أريد به انقضاض الشهب المسببة عنها وقيل أي رجوما وظنونا لشياطين الانس وهم
المنجمون وأعتدنا لهم عذاب السعير في الآخرة بعد الاحراق بالشهب في الدنيا.
(6) وللذين كفروا بربهم من الشياطين وغيرهم عذاب جهنم وبئس المصير.
(7) إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا صوتا كصوت الحمير وهي تفور تغلي بهم
غليان المرجل بما فيه.
(8) تكاد تميز من الغيظ تتفرق غضبا عليهم وهو تمثيل لشدة اشتعالها.
201

القمي قال من الغيض على أعداء الله كلما ألقى فيها فوج جماعة منهم سألهم
خزنتها ألم يأتكم نذير يخوفكم هذا العذاب وهو توبيخ وتبكيت.
(9) قالوا بلى قد جائنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ إن أنتم
إلا في ضلال كبير أي فكذبنا الرسل وأفرطنا في التكذيب حتى نفينا الانزال
والارسال رأسا وبالغنا في نسبتهم إلى الضلال.
(10) وقالوا لو كنا نسمع كلام الرسل فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش
اعتمادا على صدقهم أو نعقل فنفكر في حكمه ومعانيه تفكر المستبصرين ما كنا في
أصحاب السعير في عدادهم وفي جملتهم.
(11) فاعترفوا بذنبهم حين لا ينفعهم فسحقا لأصحاب السعير فأسحقهم
الله سحقا أي أبعدهم بعدا من رحمته وقرئ فسحقا بضمتين والقمي قال قد سمعوا
وعقلوا ولكنهم لم يطيعوا ولم يقبلوا كما يدل عليه اعترافهم بذنبهم.
وفي الاحتجاج في خطبة الغديرية النبوية إن هذه الآيات في أعداء علي وأولاده
(عليهم السلام) والتي بعدها في أوليائهم.
(12) إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة لذنوبهم وأجر كبير تصغر
دونه لذائذ الدنيا.
(13) وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور بالضمائر قبل أن
يعبر بها سرا أو جهرا.
(14) ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير المتوصل علمه إلى ما ظهر من
خلقه وما بطن وإن صغر ولطف لا يعزب عنه شئ ولا يفوته روي أن المشركين كانوا
يتكلمون فيما بينهم بأشياء فيخبر الله بها رسوله فيقولون أسروا قولكم لئلا يسمع إله
محمد (صلى الله عليه وآله) فنبه الله على جهلهم.
202

(15) هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا لينة يسهل لكم السلوك فيها فامشوا
في مناكبها في جوانبها أو جبالها قيل هو مثل لفرط التذلل فإن منكب البعير ينبو عن أن
يطأه الراكب ولا يتذلل له فإذا جعل الأرض في الذل بحيث يمشي في مناكبها لم يبق
شئ منها لم يتذلل وكلوا من رزقه والتمسوا من نعم الله وإليه النشور المرجع
فيسألكم عن ما أنعم عليكم.
(16) أأمنتم من في السماء يعني الملائكة الموكلين على تدبير هذا العالم
وقرئ وأمنتم بقلب الهمزة الأولى واوا لانضمام ما قبلها وبقلب الثانية ألفا أن يخسف
بكم الأرض فيغيبكم فيها كما فعل بقارون فإذا هي تمور تضطرب.
(17) أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا أن يمطر عليكم حصبا
فستعلمون كيف نذير كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به ولكن لا ينفعكم العلم
حينئذ.
(18) ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير إنكاري عليهم بانزال
العذاب وهو تسلية للرسول (صلى الله عليه وآله) وتهديد لقومه.
(19) أو لم يروا إلى الطير فوقهم صفت باسطات أجنحتهن في الجو عند
طيرانها فإنهن إذا بسطنها صففن قوادمها ويقبضن ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن
وقتا بعد وقت للاستعانة به على التحرك ما يمسكهن في الجو على خلاف الطبع إلا
الرحمن الواسع رحمته كل شئ إنه بكل شئ بصير يعلم كيف ينبغي أن يخلقه.
(20) أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن يعني أو لم تنظروا
في أمثال هذه الصنائع فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف أو إرسال حاصب أم
هذا الذي تعبدونه من دون الله لكم جند ينصركم من دون الله أو يرسل عليكم عذابه
فهو كقوله أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا وفيه إشعار بأنهم اعتقدوا القسم الثاني إن
الكافرون إلا في غرور لا معتمد لهم.
(21) أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بإمساك المطر وسائر الأسباب
203

المحصلة والموصلة له إليكم بل لجوا تمادوا في عتو عناد ونفور وشراد عن الحق لتنفر
طباعهم عنه.
(22) أفمن يمشى مكبا على وجهه يعثر كل ساعة ويخر على وجهه لوعورة
طريقه بحيث لا يستأهل أن يسلك أهدى أمن يمشى سويا قائما سالما من العثار
على صرط مستقيم مستوي الاجزاء والجهة صالح للسلوك والمراد تمثيل للمشرك
والموحد بالسالكين والدينين بالمسلكين.
في الكافي والمعاني عن الباقر (عليه السلام) القلوب أربعة قلب فيه نفاق وإيمان
وقلب منكوس وقلب مطبوع وقلب أزهر أنور قال فاما المطبوع فقلب المنافق وأما
الأزهر فقلب المؤمن إن أعطاه الله عز وجل شكر وإن ابتلاه صبر وأما المنكوس فقلب
المشرك ثم قرأ هذه الآية وذكر الرابع.
وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال إن الله ضرب
مثل من حاد عن ولاية علي (عليه السلام) كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لامره وجعل
من تبعه سويا على صراط مستقيم والصراط المستقيم أمير المؤمنين (عليه السلام).
(23) قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة لتسمعوا
مواعظه وتنظروا إلى صنايعه وتتفكروا وتعتبروا قليلا ما تشكرون باستعمالها فيما
خلقت لأجلها.
(24) قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون للجزاء.
(25) ويقولون متى هذا الوعد أي الحشر إن كنتم صادقين يعنون النبي (صلى
الله عليه وآله) والمؤمنين.
(26) قل إنما العلم أي علم وقته عند الله لا يطلع عليه سواه وإنما أنا نذير
مبين.
(27) فلما رأوه زلفة أي ذا قرب (1) سيئت وجوه الذين كفروا بان عليها الكآبة

(1) يعني يوم بدر، وقيل معاينة وقيل أن اللفظ ماض والمراد به المستقبل.
204

وساءتها رؤيته وقيل هذا الذي كنتم به تدعون تطلبون وتستعجلون من الدعاء.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) هذه نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه
الذين عملوا ما عملوا يرون أمير المؤمنين (عليه السلام) في أغبط الا ماكن لهم فيسئ
وجوههم ويقال لهم هذا الذي كنتم به تدعون الذي انتحلتم اسمه وفي المجمع عنه (عليه
السلام) فلما رأوا مكان علي من النبي (صلى الله عليه وآله) سيئت وجوه الذين كفروا يعني
الذين كذبوا بفضله وعن الأعمش قال لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب عند الله من الزلفى
سيئت وجوه الذين كفروا والقمي قال إذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين (عليه
السلام) إليه وإلى ما أعطاه الله من الكرامة والمنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد
وهو على الحوض يسقي ويمنع تسود وجوه أعدائه فيقال لهم هذا الذي كنتم به تدعون
منزلته وموضعه واسمه.
(28) قل أرأيتم إن أهلكني الله أماتني ومن معي من المؤمنين أو رحمنا بتأخير
آجالنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم أي لا ينجيهم أحد من العذاب متنا أو بقينا
وهو جواب لقولهم نتربص به ريب المنون.
(29) قل هو الرحمن الذي أدعوكم إليه مولى النعم كلها آمنا به وعليه توكلنا
فستعلمون من هو في ضلال مبين منا ومنكم وقرئ بالياء.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) فستعلمون يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم
رسالة ربي في ولاية علي والأئمة (عليهم السلام) من بعده من هو في ضلال مبين كذا
نزلت.
(30) قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا غائرا في الأرض بحيث لا تناله الدلاء
فمن يأتيكم بماء معين جار أو ظاهر سهل التناول القمي قال أرأيتم إن أصبح
إمامكم غائبا فمن يأتيكم بإمام مثله.
وعن الرضا (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال ماؤكم أبوابكم الأئمة
(عليهم السلام) والأئمة أبواب الله فمن يأتيكم بماء معين أي يأتيكم بعلم الامام.
205

وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام
جديد.
وفي الاكمال عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن تأويلها فقال إذا فقدتم إمامكم
فلم تروه فماذا تصنعون.
وعنه (عليه السلام) قال نزلت هذه الآية في الإمام القائم (عليه السلام) يقول إن أصبح
إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماوات
والأرض وحلال الله وحرامه ثم قال (عليه السلام) والله ما جاء تأويل هذه الآية ولابد أن يجئ
تأويلها.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ تبارك الذي بيده
الملك في المكتوبة قبل أن ينام لم يزل في أمان الله حتى يصبح وفي أمانه يوم القيامة
حتى يدخل الجنة اللهم ارزقنا تلاوته.
206

سورة القلم
وتسمى سورة ن وهي مكية وقال ابن عباس من أولها إلى قوله سنسمه على
الخرطوم مكي وما بعده إلى قوله لو كانوا يعلمون مدني وما بعده إلى قوله يكتبون
مكي وما بعده مدني وهي اثنتان وخمسون آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ن والقلم وما يسطرون.
في المعاني عن سفيان عن الصادق (عليه السلام) قال وأما فهو نهر في الجنة
قال الله عز وجل اجمد فجمد فصار مدادا ثم قال عز وجل للقلم اكتب فسطر القلم في
اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فالمداد مداد من نور والقلم قلم من
نور واللوح لوح من نور قال سفيان فقلت له يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين
لي أمر اللوح والقلم والمداد فضل بيان وعلمني مما علمك الله فقال يا بن سعيد لولا
أنك أهل للجواب ما أجبتك فنون ملك يؤدي إلى القلم وهو ملك والقلم يؤدي إلى
اللوح وهو ملك واللوح يؤدي إلى إسرافيل وإسرافيل يؤدي إلى ميكائيل وميكائيل
يؤدي إلى جبرئيل وجبرئيل يؤدي إلى الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم قال ثم قال
لي قم يا سفيان فلا أمن عليك.
وفي العلل عنه (عليه السلام) وأما ن فكان نهرا في الجنة أشد بياضا من الثلج
وأحلى من العسل قال الله عز وجل له كن مدادا ثم أخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال
واليد القوة وليس بحيث يذهب إليه المشبهة ثم قال لها كوني قلما ثم قال له اكتب
فقال له يا رب وما اكتب قال ما هو كائن إلى يوم القيامة ففعل ذلك ثم ختم عليه وقال لا
تنطقن إلى يوم الوقت المعلوم.
والقمي عنه (عليه السلام) أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما كان وما
207

هو كائن إلى يوم القيامة.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) ن نهر في الجنة قال الله له كن مدادا فجمد
وكان أبيض من اللبن وأحلى من الشهد ثم قال للقلم اكتب فكتب القلم ما كان وما هو
كائن إلى يوم القيامة وقد مر حديث آخر في هذا المعنى في سورة الجاثية.
وفي الخصال عنه (عليه السلام) قال إن لرسول الله (صلى الله عليه وآله) عشرة
أسماء خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن فمحمد وأحمد وعبد الله ويس ون
(صلى الله عليه وآله).
(2) ما أنت بنعمة ربك بمجنون جواب القسم أي ما أنت بمجنون منعما
عليك بالنبوة وحصافة الرأي وهو جواب لقولهم يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك
لمجنون.
(3) وإن لك على تحمل أعباء الرسالة وقيامك بمواجبها لاجرا لثوابا غير
ممنون غير مقطوع أو غير ممنون به عليك.
(4) وإنك لعلى خلق عظيم إذ تحتمل من قومك ما لا يحتمله غيرك.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن الله عز وجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما
أكمل له الأدب قال إنك لعلى خلق عظيم وفي رواية أدب نبيه (صلى الله عليه وآله) على
محبته وفي البصائر مقطوعا إن الله تعالى أدب نبيه (صلى الله عليه وآله) فأحس تأديبه فقال
خد العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فلما كان ذلك أنزل الله إنك لعلى
خلق عظيم.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) يقول على دين عظيم.
ومثله في المعاني وعنه (عليه السلام) هو الاسلام.
(5) فستبصر ويبصرون.
(6) بأييكم المفتون أيكم الذين فتن بالجنون والباء مزيدة أو بأيكم الجنون على
208

أن المفتون مصدر أو بأيكم أحرى هذا الاسم أنت أم هم.
في المحاسن عن الباقر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما من مؤمن إلا وقد خلص ودي إلى قلبه وما خلص ودي إلى قلب أحد إلا وقد خلص ود
علي إلى قلبه كذب يا علي من زعم أنه يحبني ويبغضك قال فقال رجلان من
المنافقين لقد فتن الله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا الغلام فأنزل الله تبارك وتعالى
فستبصر ويبصرون بأييكم المفتون قال نزلت فيهما إلى آخر الآيات وقيل نزلت في
الوليد بن المغيرة كان يمنع عشيرته عن الاسلام وكان موسرا وله عشر بنين فكان يقول
لهم وللحمته من أسلم منكم منعته رفدي وكان دعيا ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من
مولده كذا في الجوامع.
(7) إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.
(8) فلا تطع المكذبين.
(9) ودوا لو تدهن فيدهنون تلاينهم فيلاينونك القمي قال أي أحبوا أن تغش في
علي (عليه السلام) فيغشون معك.
(10) ولا تطع كل حلاف كثير الحلف مهين حقير الرأي.
(11) هماز عياب طعان مشاء بنميم نقال للحديث على وجه السعاية.
(12) مناع للخير يمنع الناس عن الخير من الايمان والانفاق والعمل الصالح.
معتد متجاوز في الظلم أثيم كثير الآثام.
(13) عتل جاف غليظ بعد ذلك بعدما عد من مثالبه زنيم.
في المعاني عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن قوله تعالى عتل بعد ذلك
زنيم فقال العتل العظيم الكفر والزنيم المستهتر بكفره.
وفي المجمع سئل النبي (صلى الله عليه وآله) عن العتل الزنيم فقال هو الشديد
الخلق الشحيح الأكول الشروب الواجد للطعام والشراب الظلوم للناس الرحب
209

الجوف وعنه (عليه السلام) لا يدخل الجنة جواظ (2) ولا جعظري ولا عتل زنيم قيل فما
الجواظ قال كل جماع مناع قيل فما الجعظري قال الفظ الغليظ قيل فما العتل الزنيم
قال كل رحب الجوف سئ الخلق أكول شروب غشوم ظلوم.
وعن علي (عليه السلام) الزنيم هو الذي لا أصل له والقمي قال الحلاف الثاني
حلف لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ويهمز بين أصحابه مناع للخير قال الخير أمير
المؤمنين (عليه السلام) معتد قال اي اعتدى عليه عتل بعد ذلك زنيم قال العتل العظيم الكفر
والزنيم الدعي.
(14) أن كان ذا مال وبنين لان كان متمولا مستظهرا بالبنين وهو إما متعلق بلا
تطع أو بما بعده وقرئ إن كان على الاستفهام.
(15) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين أي أكاذيبهم قاله من فرط
غروره.
(16) سنسمه على الخرطوم على الانف قيل وقد أصاب أنف الوليد جراحة
يوم بدر فبقي على أثره وقيل إنه كناية عن أن يذله غاية الاذلال كقولهم جدع أنفه ورغم أنفه
والقمي إذا تتلى عليه قال كنى عن الثاني قال أساطير الأولين أي أكاذيب الأولين
سنسمه على الخرطوم قال في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) ويرجع
أعداؤه فيسمهم بميسم معه كما يوسم البهايم على الخراطيم الانف والشفتان.
أقول: وقد مضى بيانه في تفسير دابة الأرض في سورة النمل.
(17) إنا بلوناهم اختبرنا أهل مكة بالقحط كما بلونا أصحاب الجنة أصحاب
البستان الذي كان بدون صنعا.
القمي عن الباقر (عليه السلام) إن أهل مكة ابتلوا بالجوع كما ابتلي أصحاب
الجنة وهي جنة كانت في الدنيا وكانت باليمن يقال لها الرضوان على تسعة أميال من
صنعاء إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ليقطعنها وقت الصباح.
210

ولا يستثنون ولا يقولون إن شاء الله وإنما سمي استثناء لما فيه من
الاخراج.
(19) فطاف عليها على الجنة طائف بلاء طائف من ربك وهم نائمون.
(20) فأصبحت كالصريم قيل كالبستان الذي صرم ثماره بحيث لم يبق فيه
شئ أو كالليل المظلم باحتراقها واسودادها أو كالنهار بابيضاضها من فرط اليبس
والصريمان الليل والنهار لانصرام أحدهما من الاخر.
(21) فتنادوا مصبحين.
(22) أن اغدوا على حرثكم أخرجوا إليه غدوة ضمن معنى الاقبال أو
الاستيلاء فعدي بعلى إن كنتم صارمين قاطعين له.
(23) فانطلقوا وهم يتخافتون يتسارون فيما بينهم.
(24) أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين.
(25) وغدوا على حرد قادرين على نكد قادرين لا غير مكان قدرتهم على
الانتفاع يعني إنهم عزموا أن يتنكدوا على المساكين فتنكد عليهم بحيث لم يقدروا
فيها إلا على النكد والحرمان.
(26) فلما رأوها أول ما رأوها قالوا إنا لضالون أخطأنا طريق جنتنا وما هي
بها.
(27) بل نحن محرومون أي بعدما تأملوا وعرفوا أنها هي قالوا بل نحن حرمنا
خيرها لجنايتنا على أنفسنا.
(28) قال أوسطهم خيرهم ألم أقل لكم لولا تسبحون لولا تذكرون الله
وتشكرونه بأداء حقه وتتوبون إليه من خبث نيتكم.
(29) قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين.
(30) فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون يلوم بعضهم بعضا فإن منهم من
211

أشار بذلك ومنهم من استصوبه ومنهم من سكت راضيا ومنهم من أنكره.
(31) قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين متجاوزين حدود الله.
(32) عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة وقد روي أنهم
أبدلوا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون راجون العفو طالبون الخير.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال إن الرجل ليذنب الذنب فيدرأ عنه عليه
الرزق وتلا هذه الآية إذ اقسموا ليصرمنها إلى قوله وهم نائمون.
والقمي عن ابن عباس أنه قيل له إن قوما من هذه الأمة يزعمون أن العبد قد
يذنب الذنب فيحرم به الرزق فقال ابن عباس فوالذي لا إله غيره لهذا نور في كتاب
الله من الشمس الضاحية ذكره الله في سورة ن والقلم إن شيخا كانت له جنة وكان لا
يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه فلما قبض الشيخ ورثه
بنوه وكان له خمس من البنين فحملت جنته في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا
لم يكن حملت قبل ذلك فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر فأشرفوا على ثمرة
ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا وقال
بعضهم لبعض إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف فهلموا فلنتعاقد عهدا
فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئا حتى نستغني وتكثر
أموالنا ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة فرضي بذلك أربعة وسخط
الخامس وهو الذي قال الله قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون فقيل يا بن عباس
كان أوسطهم في السن فقال لا بل كان أصغر القوم سنا وكان أكبرهم عقلا وأوسط
القوم خير القوم قال الله وكذلك جعلناكم أمة وسطا فقال لهم أوسطهم اتقوا الله وكونوا
على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا فبطشوا به فضربوه ضربا مبرما فلما أيقن الأخ أنهم
يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لامرهم غير طائع فراحوا إلى منازلهم ثم
حلفوا بالله أن يصرموا إذا أصبحوا ولم يقولوا إن شاء الله فابتلاهم الله بذلك الذنب
وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه فأخبر عنهم في الكتاب وقال إنا
بلونهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ اقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف
212

عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم قال كالمحترق فقيل لابن
عباس ما الصريم قال الليل المظلم ثم قال لا ضوء به ولا نور فلما أصبح القوم تنادوا
مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين قال فانطلقوا وهم يتخفتون قيل وما
التخافت يا بن عباس قال يتسارون يسار بعضهم بعضا لكيلا يسمع أحد غيرهم فقالوا
ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين وفي أنفسهم أن يصرموها ولا
يعلمون ما قد حل بهم من سطوات الله ونقمته فلما رأوها وعاينوا ما قد حل بهم قالوا
إنا لضالون بل نحن محرومون فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم ولم يظلمهم
شيئا.
(33) كذلك العذاب مثل ما بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة العذاب في
الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر أعظم منه لو كانوا يعلمون لاحترزوا عما يؤديهم إلى
العذاب.
(34) إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم جنات ليس فيها الا التنعم
الخالص.
(35) أفنجعل المسلمين كالمجرمين إنكار لقولهم إن صح انا نبعث كما يزعم
محمد (صلى الله عليه وآله) ومن معه لم يفضلونا بل نكون أحسن حالا منهم كما نحن
عليه في الدنيا.
(36) ما لكم كيف تحكمون التفات فيه تعجيب من حكمهم واستبعاد له
واشعار بأنه صادر من اختلال فكر واعوجاج رأي.
(37) أم لكم كتب من السماء فيه تدرسون تقرؤون.
(38) إن لكم فيه لما تخيرون إن لكم ما تختارونه وتشتهونه يقال تخير الشئ
واختاره أخذ خيره وكسر إن لمكان اللام ويحتمل الاستئناف.
(39) أم لكم أيمان علينا عهود مؤكدة بالايمان بالغة متناهية في التوكيد إلى
يوم القيمة ثابتة لكم علينا إلى يوم القيامة لا تخرج عن عهدته حتى نحكمكم في ذلك
213

اليوم إن لكم لما تحكمون جواب القسم المضمن في أم لكم أيمان.
(40) سلهم أيهم بذلك زعيم بذلك الحكم كفيل يدعيه ويصححه.
(41) أم لهم شركاء يجعلونهم في الآخرة مثل المؤمنين أو يشاركونهم في هذا
(42) القول فهم يقلدونهم إذ لا أقل من التقليد فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين في دعواهم.
(42) يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
(43) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة يوم يشتد الامر ويصعب الخطب وكشف
الساق مثل في ذلك وأصله تشمير المخدورات عن سوقهن في الهرب أو يوم يكشف
عن أصل الامر وحقيقته بحيث يصير عيانا مستعار من ساق الشجر وساق الانسان
وتنكيره للتهويل أو للتعظيم.
في المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) إنهما قالا في هذه الآية افحم
القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الابصار وبلغت القلوب الحناجر لما رهقهم من
الندامة والخزي والذلة وفي التوحيد عن الصادق (عليه السلام) مثله.
وفيه وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) قال حجاب من نور يكشف فيقع
المؤمنون سجدا ويدبح أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود وفي المجمع في
الخبر أنه يصير ظهور المنافقين كالسفافيد وفي الجوامع وفي الحديث تبقى أصلابهم
طبقا واحدا أي فقارة واحدة لا تثنى وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون.
في التوحيد عن الصادق (عليه السلام) وهم سالمون أي مستطيعون يستطيعون
الاخذ بما أمروا به والترك لما نهوا عنه ولذلك ابتلوا ثم قال ليس شئ مما أمروا به
ونهوا عنه إلا ومن الله عز وجل فيه ابتلاء وقضاء قيل وفيه وعيد لمن سمع النداء إلى
الصلاة فلم يجب وقعد عن الجماعة والقمي قال يكشف عن الأمور التي خفيت وما
غصبوا آل محمد صلوات الله عليهم حقهم ويدعون إلى السجود قال يكشف
لأمير المؤمنين (عليه السلام) فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر يعني قرونها فلا
يستطيعون أن يسجدوا وهي عقوبة لأنهم لم يطيعوا الله في الدنيا في أمره وهو قوله وقد
214

كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون قال إلى ولايته في الدنيا وهم يستطيعون.
(44) فذرني ومن يكذب بهذا الحديث كله إلي فاني اكفيكه سنستدرجهم
سندنيهم من العذاب درجة درجة بالامهال وإدامة الصحة وازدياد النعمة وانساء الذكر
من حيث لا يعلمون إنه استدراج.
(45) واملى لهم وأمهلهم إن كيدي متين لا يدفع بشئ سماه كيدا لأنه في
صورته وقد مضى بيان الاستدراج وتفسير الآية في سورة الأعراف.
(46) أم تسئلهم أجرا على الارشاد فهم من مغرم من غرامة مثقلون بحملها
فيعرضون عنك.
(47) أم عندهم الغيب فهم يكتبون منه ما يحكمون ويستغنون به عن علمك.
(48) فاصبر لحكم ربك وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم ولا تكن
كصاحب الحوت يعني يونس لما دعا على قومه ثم ذهب مغاضبا لله إذ نادى في
بطن الحوت وهو مكظوم.
القمي عن الباقر (عليه السلام) أي مغموم.
(49) لولا أن تداركه نعمة من ربه التوفيق للتوبة وقبولها القمي قال النعمة
الرحمة لنبذ بالعراء بالأرض الخالية عن الأشجار والسقف القمي قال الموضع الذي
لا سقف له وهو مذموم مليم.
(50) فاجتباه ربه بأن رد الوحي إليه فجعله من الصالحين من الكاملين في
الصلاح وقد مضى قصته في سورته.
(51) وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر
ويقولون إنه لمجنون.
(52) وما هو إلا ذكر للعالمين يعني إنهم لشدة عداوتهم وانبعاث بغضهم
وعهدهم عند سماع القرآن والدعاء إلى الخير ينظرون إليك شزرا بحيث يكادون
يزلون قدمك فيصرعونك من قولهم نظر إلي نظرا يكاد يصرعني أي لو أمكنه بنظره
الصرع لفعله.
215

في الكافي والفقيه عن الصادق (عليه السلام) إنه مر بمسجد الغدير فنظر إلى
ميسرة المسجد فقال ذاك موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال من كنت
مولاه فعلي مولاه ثم نظر إلى الجانب الآخر فقال ذاك موضع فسطاط أبي فلان وفلان
وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة الجراح فلما أن رأوه رافعا يده قال بعضهم
لبعض انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون فنزل جبرئيل بهذه الآية والقمي لما
سمعوا الذكر قال لما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بفضل أمير المؤمنين (عليه
السلام) قال وما هو يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا ذكر للعلمين قيل المعنى
إنهم يكادون يصيبونك بالعين إذ روي أنه كان في بني أسد عيانون فأراد بعضهم على أن
يعينه فنزلت وفي الحديث إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر.
وفي المجمع جاء في الخبر أن أسماء بنت عميس قالت يا رسول الله إن بني
جعفر تصيبهم العين فأسترقي لهم قال نعم فلو كان شئ يسبق القدر لسبقه العين
وقرئ ليزلقونك بفتح الياء.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة ن والقلم
في فريضة أو نافلة آمنه الله عز وجل من أن يصيبه فقر أبدا وأعاذه الله تعالى إذا مات من
ضمة القبر.
216

سورة الحاقة مكية
عدد آيها إحدى وخمسون آية بصري شامي وآيتان في الباقين
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) الحاقة قيل الساعة التي يحق وقوعها أو تحق فيها الأمور أي تجب وتعرف
حقائقها أو تقع فيها حواق الأمور من الحساب والجزاء.
(2) ما الحاقة أي شئ هي وضع الظاهر موضع الضمير تفخيما لشأنها وتهويلا
لها.
(3) وما أدريك ما الحاقة وأي شئ أعلمك ما هي أي إنك لا تعلم كنهها
فإنها أعظم من أن تبلغها دراية.
(4) كذبت ثمود وعاد بالقارعة بالحالة التي تقرع الناس بالافزاع والاواهل
والاجرام بالانفطار والانتشار وإنما وضعت موضع ضمير الحاقة زيادة في وصف
شدتها.
(5) فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة وهي
الصيحة والرجفة كما مضى بيانه في سورتي الأعراف وهود.
(6) وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية القمي أي باردة عاتية قال قال خرجت أكثر
مما أمرت به.
(7) سخرها عليهم سلطها الله عليهم بقدرته سبع ليال وثمانية أيام حسوما
متتابعات القمي قال كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيام حتى هلكوا.
أقول: وقد سبق في سورة القمر أن أول الثمانية وآخرها كانا يوم الأربعاء وأنه
نحس مستمر فترى القوم فيها صرعى موتى جمع صريع كأنهم أعجاز نخل أصول
نخل خاوية متأكلة الأجواف.
217

(8) فهل ترى لهم من باقية قد سبقت قصتهم في سورتي الأعراف وهود.
(9) وجاء فرعون ومن قبله ومن تقدمه وقرئ ومن قبله اي ومن عنده من أتباعه.
والمؤتفكات قرى قوم لوط والمراد أهلها. بالخاطئة بالخطأ القمي المؤتفكات
البصرة والخاطئة فلانة.
(10) فعصوا رسول ربهم فعصى كل أمة رسولها فأخذهم أخذة رابية زائدة في
الشدة زيادة أعمالهم في القبح.
القمي عن الباقر (عليه السلام) والرابية التي رابت على ما صنعوا.
(11) إنا لما طغا الماء جاوز حده المعتاد يعني في الطوفان حملناكم في
الجارية حملنا آبائكم وأنتم في أصلابهم في سفينة نوح.
(12) لنجعلها لنجعل الفعلة وهي انجاء المؤمنين وإغراق الكافرين لكم
تذكرة عبرة ودلالة على قدرة الصانع وحكمته وكمال قهره ورحمته وتعيها وتحفظها.
اذن وعية من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه بتذكره وإشاعته والتفكر فيه والعمل
بموجبه وقرئ اذن بالتخفيف.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قال لعلي (عليه السلام) يا علي إن
الله تعالى أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وتعي وحق على الله أن تعي فنزل
وتعيها أذن وعية.
وفيه وفي العيون والجوامع عنه (عليه السلام) إنه لما نزلت هذه الآية قال سألت
الله عز وجل أن يجعلها اذنك يا علي وفي رواية لما نزلت قال اللهم اجعلها اذن علي
ثم قال علي (عليه السلام) فما سمعت شيئا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنسيته
وزاد في أخرى وما كان لي أن أنسى.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) لما نزلت وتعيها اذن وعية قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله) هي اذنك يا علي.
؟

(1) أي من نفس باقية وقيل من بقاء.
218

(13) فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة لما بالغ في تهويل القيامة وذكر مال
المكذبين بها عاد إلى شرحها والمراد بالنفخة النفخة الأولى التي عندها خراب العالم.
(14) وحملت الأرض والجبال رفعت من أماكنها فدكتا دكة وحدة القمي قال
وقعت فدك بعضها على بعض.
(15) فيومئذ فحينئذ وقعت الواقعة قامت القيامة.
(16) وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ضعيفة مسترخية.
(17) والملك والجنس المتعارف بالملك على أرجائها على جوانبها ويحمل
عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة
أيدهم بأربعة أخرى فيكونون ثمانية.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال حملة العرش والعرش العلم ثمانية
أربعة منا وأربعة ممن شاء الله والقمي قال حملة العرش ثمانية لكل واحد ثمانية أعين
كل عين طباق الدنيا قال وفي حديث آخر قال حملة العرش ثمانية أربعة من الأولين
وأربعة من الآخرين فأما الأربعة من الأولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم
السلام) وأما الأربعة من الآخرين فمحمد وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم
ومعنى يحملون العرش يعني العلم.
(18) يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية سريرة وقرئ بالياء.
(19) فأما من أوتى كتابه بيمينه تفصيل للعرض فيقول تبجحا هاؤم اقرءوا
كتابيه هاؤم اسم لخذوا والهاء في كتابيه ونظائره الآتية للسكت تثبت في الوقف وتسقط
في الوصل.
(20) إني ظننت أي تيقنت
كذا في التوحيد والاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال والظن ظنان ظن
219

شك وظن يقين فما كان من أمر المعاد من الظن فهو ظن يقين وما كان من أمر الدنيا
فهو ظن شك أنى ملاق حسابيه قال إني ابعث وأحاسب.
القمي عن الصادق (عليه السلام) كل أمة يحاسبها إمام زمانها ويعرف الأئمة
أوليائهم وأعدائهم بسيماهم وهو قوله وعلى الأعراف رجال يعرفون وهم الأئمة (عليهم
السلام) يعرفون كلا بسيماهم فيعطوا أوليائهم كتابهم بيمينهم فيمروا إلى الجنة بلا
حساب ويعطوا أعداءهم كتابهم بشمالهم فيمروا إلى النار بلا حساب فإذا نظر
أولياؤهم في كتابهم يقولون لاخوانهم هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أنى ملاق
حسابيه.
(21) فهو في عيشة راضية القمي أي مرضية فوضع الفاعل مكان المفعول.
(22) في جنة عالية.
(23) قطوفها جمع قطف وهو ما يجتني بسرعة دانية يتناولها القائم والقاعد.
(24) كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية بما قدمتم من الأعمال الصالحة
في الماضية من أيام الدنيا.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه جاء إليه رجل من أهل الكتاب
فقال يا أبا القاسم تزعم إن أهل الجنة يأكلون ويشربون فقال والذي نفسي بيده إن
الرجل منهم ليؤتى قوة مأة رجل في الأكل والشرب والجماع قال فإن الذي يأكل
ويشرب تكون له الحاجة فقال عرق يفيض مثل ريح المسك فإذا كان ذلك ضمر له
بطنه.
(25) وأما من أوتى كتابه بشماله القمي قال نزلت في معاوية فيقول يا ليتني
لم أوت كتابيه.
(22) ولم أدرما حسابيه يقولها لما يرى من سوء العاقبة.
(27) يا ليتها يا ليت الموتة التي متها كانت القاضية القاطعة لامري فلم ابعث
بعدها.
220

(28) ما أغنى عنى ماليه قيل مالي من المال والتبع والقمي يعني ماله الذي
جمعه.
(29) هلك عنى سلطانيه قيل ملكي وتسلطي على الناس والقمي أي
حجته.
(30) خذوه يقال لخزنة النار خذوه فغلوه.
(31) ثم الجحيم صلوه.
(32) ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه القمي عن الصادق (عليه السلام) لو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها
سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) وكان معاوية صاحب السلسة التي قال الله عز
وجل في سلسلة ذرعها الآية قال وكان فرعون هذه الأمة.
وفي البصائر عن الباقر (عليه السلام) قال كنت خلف أبي وهو على بغلته فنفرت
بغلته فإذا هو شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال يا علي بن الحسين اسقني فقال
الرجل لا تسقه لا سقاه الله قال وكان الشيخ معاوية وعنه (عليه السلام) إنه نزل وادي
ضجنان فقال ثلاث مرات لا غفر الله لك ثم قال لأصحابه أتدرون لم قلت ما قلت
فقالوا لم قلت جعلنا الله فداك قال مر بي معاوية بن أبي سفيان يجر في سلسلة قد أدلى
لسانه يسألني أن أستغفر له وأنه ليقال ان هذا واد من أودية جهنم والقمي قال معنى
السلسلة السبعون ذراعا في الباطن هم الجبابرة السبعون.
(33) إنه كان لا يؤمن بالله العظيم.
(34) ولا يحض ولا يحث على طعام المسكين.
(35) فليس له اليوم ههنا حميم قريب يحميه.
(36) ولا طعام إلا من غسلين غسالة أهل النار وصديدهم.
221

القمي قال عرق الكفار.
(37) لا يأكله إلا الخاطئون أصحاب الخطايا من خطى الرجل إذا تعمد
الذنب.
(38) فلا اقسم لا مزيدة وبما تبصرون
(39) وما لا تبصرون بالمشاهدات والمغيبات.
(40) إنه إن القرآن لقول رسول كريم على الله يبلغه عن الله فان رسول لا
يقول عن نفسه والمراد إما محمد (صلى الله عليه وآله) أو جبرئيل.
(41) وما هو بقول شاعر كما تزعمون تارة قليلا ما تؤمنون.
(42) ولا بقول كاهن كما تدعون أخرى قليلا ما تذكرون ولذلك يلتبس الامر
عليكم قيل ذكر الايمان مع نفي الشاعرية والتذكر مع نفي الكاهنية لأن عدم مشابهة
القرآن للشعر أمر بين لا ينكره إلا معاند بخلاف مباينته للكهانة فإن العلم بها يتوقف
على تذكر أحوال الرسول ومعاني القرآن المنافية لطريقة الكهنة ومعاني أقوالهم وقرئ
بالياء فيهما.
(43) تنزيل هو تنزيل من رب العالمين نزله على لسان جبرئيل.
(44) ولو تقول علينا بعض الأقاويل القمي يعني رسول الله (صلى الله عليه
وآله).
(45) لاخذنا منه باليمين بيمينه أو بقوتنا القمي قال انتقمنا منه بقوة.
(46) ثم لقطعنا منه الوتين أي نياط قلبه والقمي قال عرق في الظهر يكون
منه الولد وهو تصوير لاهلاكه بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه.
(47) فما منكم من أحد عنه حاجزين دافعين يعني إنه لا يتكلف الكذب علينا
لأجلكم مع علمه أنه لو تكلف ذلك لعاقبناه ثم لم تقدروا على دفع عقوبتنا عنه القمي
يعني لا يحجز الله أحد ولا يمنعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
222

(48) وإنه لتذكرة للمتقين.
(49) وإنا لنعلم أن منكم مكذبين.
(50) وإنه لحسرة على الكافرين إذا رأوا ثواب المؤمنين به.
(51) وإنه لحق اليقين اليقين الذي لا ريب فيه.
(52) فسبح باسم ربك العظيم فسبح الله بذكر اسمه العظيم تنزيها له عن
الرضا بالتقول عليه وشكرا على ما أوحى إليك.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إنه لقول رسول كريم يعني جبرئيل من الله
في ولاية علي (عليه السلام) قال قالوا إن محمدا كذب على ربه وما أمره الله بهذا في
ولاية علي فأنزل الله بذلك قرآنا فقال إن ولاية علي (عليه السلام) تنزيل من رب العالمين ولو
تقول علينا بعض الأقاويل الآية ثم عطف القول فقال إن ولاية علي (عليه السلام) لتذكرة
للمتقين للعالمين وأن عليا (عليه السلام) لحسرة على الكافرين وأن ولايته لحق اليقين.
فسبح يا محمد باسم ربك العظيم يقول اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا
الفضل.
والعياشي عن الصادق (عليه السلام) قال لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بيد علي وأظهر ولايته قالا جميعا والله ما هذا من تلقاء الله ولا هذا إلا شئ أراد أن
بشرف به ابن عمه فأنزل الله ولو تقول علينا بعض الأقاويل الآيات أن منكم مكذبين
فلانا فلانا وإنه لحسرة على الكافرين يعني عليا (عليه السلام) والقمي يعني
أمير المؤمنين (عليه السلام).
في ثواب الأعمال عن الصادق (عليه السلام) أكثر من قراءة الحاقة فإن قراءتها في
الفرائض والنوافل من الايمان بالله ورسوله لأنها إنما نزلت في أمير المؤمنين (عليه
السلام) ومعاوية ولم يسلب قارئها دينه حتى يلقى الله عز وجل.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) مثله بدون قوله لأنها إنما نزلت في
أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعاوية عليه الهاوية.
223

سورة المعارج
مكية عدد آيها أربع وأربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) سأل سائل بعذاب واقع أي دعا داع به بمعني استدعاه وقرئ سأل
بالألف وهو إما لغة فيه وإما من السيلان.
(2) للكافرين.
في الكافي مقطوعا انها نزلت للكافرين بولاية علي (عليه السلام) قال هكذا والله
نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) وهكذا هو والله مثبت في مصحف
فاطمة (عليها السلام).
أقول: ويدل على هذا ما مر في سبب نزولها في سورة الأنفال عند قوله تعالى
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا
بعذاب أليم.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن معنى هذه الآية فقال نار تخرج من
المغرب وملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار بني سعد بن همام عند مسجدهم فلا
تدع دارا لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد صلوات الله
عليهم إلا أحرقتها وذلك المهدي قال في حديث آخر لما اصطفت الخيلان يوم بدر
رفع أبو جهل يده فقال اللهم إن محمدا أقطعنا للرحم واتانا بما لا نعرفه فأجأه العذاب فأنزل الله
تبارك وتعالى سأل سائل بعذاب واقع لكافرين ليس له دافع يرده.
224

(3) من الله ذي المعارج ذي المصاعد وهي الدرجات التي يصعد فيها الكلم
الطيب والعمل الصالح ويترقى فيها المؤمنون في سلوكهم وتعرج الملائكة والروح
فيها.
(4) تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة
استئناف لبيان ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على سبيل تمثيل الملكوت بالملك
في نحو الامتداد الزماني المنزه عنه الملكوت.
والقمي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال تعرج الملائكة والروح في صبح ليلة
القدر إليه من عند النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام).
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكر النبي (صلى الله عليه
وآله) قال أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر وعرج به في
ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق
العرش.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقام
ألف سنة ثم تلا في يوم الآية.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قيل له يا رسول الله ما أطول هذا
اليوم فقال والذي نفس محمد (صلى الله عليه وآله) بيده إنه ليخف على المؤمن حتى
يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا وعن الصادق (عليه السلام) لو ولي
الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا والله سبحانه يفرغ من
ذلك في ساعة.
وعنه (عليه السلام) قال لا ينتصف ذلك اليوم حتى يصل أهل الجنة في الجنة
وأهل النار في النار.
(5) فاصبر صبرا جميلا القمي أي لتكذيب من كذب أن ذلك يكون.
(6) إنهم يرونه بعيدا من الامكان.
(7) ونريه قريبا من الوقوع.
225

(8) يوم تكون السماء كالمهل القمي قال الرصاص الذائب والنحاس كذلك
تذوب السماء.
(9) وتكون الجبال كالعهن كالصوف المصبوغ ألوانا قيل لان الجبال
مختلفة الألوان فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.
(10) ولا يسئل حميم حميما ولا يسأل قريب قريبا عن حاله وقرئ على
البناء للمفعول.
(11) يبصرونهم القمي عن الباقر (عليه السلام) قال يقول يعرفونهم ثم لا
يتساءلون يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه.
(12) وصاحبته وأخيه.
(13) وفصيلته قيل وعشيرته التي فصل عنهم التي تؤويه تضمه في النسب
وعند الشدائد والقمي هي أمه التي ولدته.
(14) ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه.
(15) كلا ردع للمجرم عن الودادة ودلالة على أن الافتداء لا ينجيه إنها لظى إن
النار لهب خالص.
(16) نزاعة للشوى وقرئ بالنصب والشوى الأطراف أو جمع شواة وهي جلدة
الرأس القمي قال تنزع عينيه وتسود وجهه.
(17) تدعوا من أدبر وتولى قال تجره إليها.
وجمع فأوعى وجمع المال فجعله في وعاء وكنزه حرصا وتأميلا القمي
قال جمع مالا ودفنه ووعاه ولم ينفقه في سبيل الله.
(19) إن الانسان خلق هلوعا شديد الحرص قليل الصبر.
(20) إذا مسه الشر جزوعا القمي قال الشر هو الفقر والفاقة.
226

(21) وإذا مسه الخير منوعا قال الغنا والسعة.
(22) إلا المصلين.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال ثم استثنى فوصفهم بأحسن أعمالهم.
(23) الذين هم على صلاتهم دائمون دائمون قال يقول إذا فرض على نفسه شيئا من
النوافل دام عليه.
وفي الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يعني الذين يقضون ما فاتهم من الليل.
بالنهار وما فاتهم من النهار بالليل.
(24) والذين في أموالهم حق معلوم. (25) للسائل والمحروم في الكافي عن السجاد (عليه السلام) الحق المعلوم
الشئ يخرجه من ماله ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين وهو الشئ
يخرجه من ماله إن شاء أكثر وإن شاء أقل على قدر ما يملك يصل به رحما ويقوي به
ضعيفا ويحمل به كلا ويصل به أخا له في الله أو لنائبة تنوبه وفي معناه أخبار أخر.
وعن الصادق (عليه السلام) المحروم المحارف الذي قد حرم كد يده في الشراء
والبيع وفي رواية المحروم الذي ليس بعقله بأس ولم يبسط له في الرزق وهو
محارف.
(26) والذين يصدقون بيوم الدين.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال بخروج القائم (عليه السلام.
(27) والذين هم من عذاب ربهم مشفقون خائفون على أنفسهم.
(28) إن عذاب ربهم غير مأمون اعتراض يدل على أنه لا ينبغي لاحد أن يأمن
من عذاب الله وإن بالغ في طاعته.
(29) والذين هم لفروجهم حافظون.
227

(30) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمنهم فإنهم غير ملومين.
(31) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون مضى تفسيرها في سورة
المؤمنون.
(32) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون حافظون وقرئ لأمانتهم.
(33) والذين هم بشهادتهم قائمون لا يكتمون ولا ينكرون وقرئ بشهاداتهم
لاختلاف الأنواع.
(34) والذين هم على صلواتهم يحافظون فيراعون شرائطها وآدابها.
في الكافي والمجمع عن الباقر (عليه السلام) قال هي الفريضة والذين هم على
صلواتهم دائمون هي النافلة.
وعن الكاظم (عليه السلام) أولئك أصحاب الخمسين صلاة من شيعتنا.
(35) أولئك في جنات مكرمون.
(36) فمال الذين كفروا قبلك حولك مهطعين مسرعين.
(37) عن اليمين وعن الشمال عزين قيل فرقا شتى جمع عزة والقمي يقول
قعود.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكر المنافقين قال وما زال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتى أذن
الله عز وجل له في ابعادهم بقوله واهجرهم هجرا جميلا وبقوله فمال الذين كفروا قبلك
مهطعين الآيات.
(38) أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم بلا إيمان قيل هو إنكار
لقولهم لو صح ما يقوله لنكون فيها أفضل حظا منهم كما في الدنيا.
(39) كلا ردع عن هذا الطمع إنا خلقناهم مما يعلمون القمي قال من نطفة ثم
علقة.
228

أقول: يعني إن المخلوق من النطفة القذرة لا يتأهل لعالم القدس ما لم
يستكمل بالايمان والطاعة ولم يتخلق بالأخلاق الملكية.
(40) فلا اقسم لا مزيدة للتأكيد وهو شائع في كلامهم القمي أي اقسم برب
المشارق والمغارب قال قال مشارق الشتاء ومشارق الصيف ومغارب الشتاء ومغارب
الصيف.
وفي المعاني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الآية قال لها ثلاثمأة
وستون مشرقا وثلاثمأة وستون مغربا فيومها الذي تشرق فيه لا تعود فيه إلا من قابل
ويومها الذي تغرب فيه لا تعود فيه إلا من قابل.
وفي الاحتجاج عنه (عليه السلام) فيها قال لها ثلاثمأة وستون برجا تطلع كل يوم
من برج وتغيب في آخر فلا تعود إليه إلا من قابل في ذلك اليوم إنا لقادرون.
(41) على أن نبدل خيرا منهم أي نهلكهم ونأتي بخلق أمثل منهم وما نحن
بمسبوقين بمغلوبين إن أردنا ذلك.
(42) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلقوا يومهم الذي يوعدون.
(43) يوم يخرجون من الأجداث من القبور سراعا مسرعين كأنهم إلى نصب
يوفضون إلى منصوب للعبادة أو علم يسرعون القمي قال إلى الداعي يبادرون وقرئ
نصب بضمتين على الجمع.
(44) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون في الدنيا.
في ثواب الأعمال عن الصادق (عليه السلام) أكثروا من قراءة سئل سائل فان من
أكثر قراءتها لم يسأله الله تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله وأسكنه الجنة مع محمد
(صلى الله عليه وآله) وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) مثله.
229

سورة نوح (عليه السلام)
مكية عدد آيها ثمان وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم.
(2) قال يقوم إني لكم نذير مبين.
(3) ان اعبدوا الله واتقوه وأطيعون.
(4) يغفر لكم من ذنوبكم قيل بعض ذنوبكم وهو ما سبق فإن الاسلام يجبه
ويؤخركم إلى أجل مسمى هو أقصى ما قدر لكم بشرط الايمان والطاعة إن أجل
الله إن الأجل الذي قدره الله إذا جاء لا يؤخر فبادروا في أوقات الامهال والتأخير لو
كنتم تعلمون صحة ذلك وتؤمنون به وفيه أنهم لأنهما كهم في حب الحياة كأنهم شاكون في
الموت.
(5) قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا أي دائما.
(6) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا عن الايمان والطاعة.
(7) وإني كلما دعوتهم إلى الايمان لتغفر لهم بسببه جعلوا أصابعهم في
آذانهم سدوا مسامعهم عن استماع حق الدعوة واستغشوا ثيابهم القمي قال استتروا
وأصروا واستكبروا استكبارا قال عزموا على أن لا يسمعوا شيئا.
(8) ثم إني دعوتهم جهارا.
ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا يعني دعوتهم مرة بعد أخرى وكرة
بعد أولى سرا وعلانية وعلى أي وجه أمكنني وثم لتفاوت الوجوه أو لتراخي بعضها
230

عن بعض.
(10) فقلت استغفروا ربكم بالتوبة عن العصيان إنه كان غفارا للتائبين.
(11) يرسل السماء عليكم مدرارا كثير الدر.
(12) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا
قيل لما طالت دعوتهم وتمادى إصرارهم حبس الله عنهم القطر أربعين سنة وأعقم
أرحام نسائهم فوعدهم بذلك وقد سبق قصتهم في سورة هود (عليه السلام).
(13) ما لكم لا ترجون لله وقارا القمي عن الباقر (عليه السلام) قال لا تخافون
لله عظمة.
(14) وقد خلقكم أطوارا القمي قال على اختلاف الأهواء والإرادات
والمشيئات وقيل أي تارات ترابا ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ولحوما ثم أنشأه
خلقا آخر فإنه يدل على عظم قدرته وكمال حكمته.
(15) ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا بعضها فوق بعض.
(16) وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا مثلها به لأنها تزيل
ظلمة الليل عن وجه الأرض.
كما يزيلها السراج عما حوله.
(17) والله أنبتكم من الأرض نباتا أنشأكم منها.
(18) ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا بالحشر.
(19) والله جعل لكم الأرض بساطا تتقلبون عليها.
(20) لتسلكوا منها سبلا فجاجا واسعة جمع فج ضمن السلوك معنى الاتخاذ
فعدى بمن.
(21) قال نوح رب إنهم عصوني فيما أمرتهم به واتبعوا من لم يزده ماله وولده
231

إلا خسارا واتبعوا رؤسائهم البطرين بأموالهم المغترين بأولادهم بحيث صار ذلك
سببا لزيادة خسارهم في الآخرة وفيه أنهم إنما اتبعوهم لوجاهة حصلت لهم بأموال
وأولاد أدت بهم إلى الخسار القمي قال واتبعوا الأغنياء وقرئ وولده بالضم والسكون.
(22) ومكروا مكرا كبارا كبيرا في الغاية.
(23) وقالوا لا تذرن الهتكم أي عبادتها ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا
يغوث ويعوق ونسرا ولا تذرن هؤلاء خصوصا قيل هي أسماء رجال
صالحين كانوا بين آدم ونوح فلما ماتوا صوروا تبركا بهم فلما طال الزمان عبدوا وقد
انتقلت إلى العرب والقمي قال كان قوم مؤمنين قبل نوح (عليه السلام) فماتوا فحزن عليهم الناس
فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا بها فلما جاءهم الشتاء ادخلوهم
البيوت فمضى ذلك القرن وجاء القرن الاخر فجاءهم إبليس فقال لهم إن هؤلاء آلهة
كان آباؤكم يعبدونها فعبدوهم وضل منهم بشر كثير فدعا عليهم نوح (عليه السلام)
فأهلكهم الله.
وفي العلل عن الصادق (عليه السلام) ما يقرب منه والقمي قال كانت ود صنما
لكلب وسواع لهذيل ويغوث لمراد ويعوق لهمدان ونسر لحصين وقرئ ودا بالضم.
(24) وقد أضلوا كثيرا يعني الرؤساء أو الأصنام ولا تزد الظالمين إلا
ضلالا القمي قال هلاكا وتدميرا.
(25) مما خطيئاتهم وما مزيدة للتأكيد والتفخيم وقرئ مما
خطاياهم أغرقوا بالطوفان فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا إذ لا
يقدر آلهتهم على نصرهم.
(26) وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا أي أحدا.
(2) إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا.
القمي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل ما كان علم نوح حين دعا على قومه أنهم
232

لا يلدوا إلا فاجرا كفارا فقال أما سمعت قول الله تعالى لنوح (عليه السلام) إنه لن يؤمن
من قومك إلا من قد آمن.
(28) رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا. في الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) يعني الولاية من دخل في الولاية
دخل في بيت الأنبياء وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا.
القمي عن الباقر (عليه السلام) أي خسارا.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من كان يؤمن بالله ويقرأ
كتابه لا يدع قراءة سورة إنا أرسلنا نوحا إلى قومه فأي عبد قرأها محتسبا صابرا في
فريضة أو نافلة أسكنه الله مساكن الأبرار وأعطاه ثلاث جنان مع جنته كرامة من الله
وزوجه مأتي حوراء وأربعة آلاف بيب إن شاء الله تعالى.
233

سورة الجن
هي مكية عدد آيها ثمان وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا كتابا
بديعا مباينا لكلام الناس في حسن نظمه ودقة معناه.
(2) يهدى إلى الرشد إلى الحق والصواب فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا قد
سبقت قصتهم في سورة الأحقاف.
(3) وأنه تعلى جد ربنا قيل أي عظمته مستعار من الجد الذي هو البخت
والقمي قال هو شئ قالته الجن بجهالة ولم يرضه الله منهم ومعنى جد ربنا بخت
ربنا.
وفي التهذيب والخصال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) إنما هو شئ قالته
الجن بجهالة فحكى الله عنهم وقرئ إنه بالكسر وكذا ما بعده إلا قوله إن لو استقاموا
وان المساجد ما اتخذ صاحبة ولا ولدا.
(4) وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا قولا بعيدا عن الحق مجاوزا عن
الحد القمي أي ظلما.
(5) وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا اعتذار عن اتباعهم
السفيه في ذلك.
(6) وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن.
القمي عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية قال كان الرجل ينطلق إلى الكاهن
234

الذي يوحي إليه الشيطان فيقول قل لشيطانك فلان قد عاذ بك فزادوهم رهقا فزادوا
الجن باستعاذتهم بهم كبرا وعتوا والقمي أي خسرانا يقال كان الجن ينزلون على قوم
من الانس ويخبرونهم الاخبار التي سمعوها من السماء من قبل مولد رسول الله (صلى
الله عليه وآله) وكان الناس يكهنون بما أخبروهم الجن
(7) وأنهم وأن الانس ظنوا كما ظننتم أيها الجن أو بالعكس أن لن يبعث
الله أحدا الآيتان إما من كلام الجن بعضهم لبعض أو استيناف كلام من الله ومن فتح
أن فيهما جعلهما من الموحى به.
(8) وأنا لمسنا السماء التمسناها أي طلبنا بلوغها أو خبرها فوجدنها ملأت
حرسا حراسا اسم جمع شديدا قويا وهم الملائكة الذين يمنعونهم عنها وشهبا جمع
شهاب وهو المضئ المتولد من النار.
(9) وأنا كنا نقعد منها مقعد للسمع مقاعد خالية عن الحرس والشهب صالحة
للترصد والاستماع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا أي شهابا راصدا له ولاجله
يمنعه عن الاستماع بالرجم وقد مر بيان ذلك في سورة الحجر والصافات.
وفي الاحتجاج عن الصادق (عليه السلام) في حديث يذكر فيه سبب أخبار
الكاهن قال وأما أخبار السماء فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك
وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم وإنما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض
سبب يشاكل الوحي من خبر السماء ويلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله
لاثبات الحجة ونفي الشبهة وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما
يحدث من الله في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن فإذا قد
زاد كلمات من عنده فيختلط الحق بالباطل فما أصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر
به فهو ما أداه إليه شيطانه مما سمعه وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه فمذ منعت
الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة.
(10) وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا
خيرا.
235

(11) وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك قوم دون ذلك كنا طرائق قددا متفرقة
من قد إذا قطع القمي أي على مذاهب مختلفة.
(12) وأنا ظننا علمنا أن لن نعجز الله في الأرض كائنين أينما كنا فيها ولن
نعجزه هربا هاربين منها إلى السماء أو لن نعجزه في الأرض هربا إن طلبنا.
(13) وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا
نقصان في الجزاء ولا أن يرهقه ذلة القمي قال البخس النقصان والرهق العذاب.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال الهدى الولاية آمنا بمولانا فمن آمن
بولاية مولاه فلا يخاف بخسا ولا رهقا قيل تنزيل قال لا تأويل.
(14) وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون الجائرون عن طريق الحق فمن
أسلم فأولئك تحروا رشدا توخوا رشدا عظيما يبلغهم إلى دار الثواب.
القمي عن الباقر (عليه السلام) أي الذين أقروا بولايتنا.
(15) وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا توقد بهم نارها.
وأن لو استقاموا وأنه لو استقاموا على الطريقة الطريقة المثلى لأسقيناهم
ماء غدقا لو سعنا عليهم الرزق والغدق الكثير.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) قال معناه لأفدناهم علما كثيرا يتعلمونه
من الأئمة (عليهم السلام).
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) يعني لو استقاموا على ولاية أمير المؤمنين
علي والأوصياء من ولده (عليهم السلام) وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لأسقيناهم
ماء غدقا يقول لا شربنا قلوبهم الايمان.
(17) لنفتنهم فيه لنختبرهم كيف يشكرونه ومن يعرض عن ذكر ربه.
القمي عن ابن عباس قال ذكر ربه ولاية علي ابن أبي طالب (عليه السلام) يسلكه
يدخله عذابا صعدا شاقا يعلو المعذب ويغلبه -
236

(18) وأن المساجد لله مختصة به فلا تدعوا مع الله أحدا.
في الفقيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يعني بالمساجد الوجه واليدين
والركبتين والابهامين.
وفي الكافي عن الصادق والعياشي عن الجواد (عليهما السلام) والقمي مثله.
وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إن المساجد هم الأوصياء.
والقمي عن الرضا (عليهم السلام).
(19) وأنه لما قام عبد الله يعني محمدا (صلى الله عليه وآله) يدعوه يعبده القمي
كناية عن الله كادوا قال يعني قريشا يكونون عليه لبدا من ازدحامهم عليه تعجبا مما
رأوا من عبادته وسمعوا من قراءته.
(20) قل إنما ادعوا ربى ولا اشرك به أحدا فليس ذلك ببدع ولا منكر يوجب
اطباقكم على مقتي أو تعجبكم وقرئ قل على الامر للنبي (صلى الله عليه وآله) ليتوافق ما
بعده.
(21) قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا الناس
إلى ولاية علي (عليه السلام) فاجتمعت إليه قريش فقالوا يا محمد أعفنا من هذا فقال
لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا إلى الله ليس إلي فاتهموه وخرجوا من عنده
فأنزل الله عز وجل قل إني لا أملك الآية.
(22) قل إني لن يجيرني من الله أحد قال إن عصيته ولن أجد من دونه ملتحدا
منحرفا وملتجأ.
(23) إلا بلاغا من الله ورسالاته قيل استثناء من ملتحدا أي إلا تبليغا من الله
آياته ورسالاته فإنه ملتجأي أو من لا أملك أي لا أملك سوى تبليغ وحي الله
بتوفيقه وعونه.
237

في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إلا بلاغا من الله ورسالاته في علي (عليه
السلام) قيل هذا تنزيل قال نعم ومن يعص الله ورسوله قال في ولاية علي (عليه
السلام) فان له نار جهنم خالدين فيها أبدا.
(24) حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا هو
أو هم قال يعني بذلك القائم (عليه السلام) وأنصاره.
والقمي قال القائم وأمير المؤمنين (عليهما السلام) في الرجعة وقال أيضا يعني
الموت والقيامة.
(25) قل إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربى أمدا أجلا
القمي لما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يكون من الرجعة قالوا متى يكون
هذا قال الله قل يا محمد إن أدرى الآية.
(26) عالم الغيب فلا يظهر فلا يطلع على غيبه أحدا.
(27) إلا من ارتضى من رسول.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية قال وكان محمد (صلى الله عليه
وآله) ممن ارتضاه.
وفي الخرائج عن الرضا (عليه السلام) فيها فرسول الله (صلى الله عليه وآله) عند
الله مرتضى ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه فعلمنا ما
كان وما يكون إلى يوم القيامة فإنه يسلك من بين يديه بين يدي المرتضى ومن خلفه
رصدا القمي قال يخبر الله رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الاخبار وما يكون
بعده من أخبار القائم (عليه السلام) والرجعة والقيامة وقيل رصدا أي حرسا من الملائكة
يحرسونه من اختطاف الشياطين وتخاليطهم.
(28) ليعلم أن قد أبلغوا قيل أي ليعلم النبي الموحى إليه أن قد أبلغ جبرئيل
والملائكة النازلون بالوحي أو ليعلم الله أن قد أبلغ الأنبياء بمعني ليتعلق علمه به
موجودا رسالات ربهم كما هي محروسة عن التغير وأحاط بما لديهم بما عند الرسل
238

وأحصى كل شئ عددا حتى القطر والرمل.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من أكثر قراءة قل أوحى
لم يصبه في الحياة الدنيا شئ من أعين الجن ولا من نفثهم ولا من سحرهم ولا من
كيدهم وكان مع محمد (صلى الله عليه وآله) فيقول يا رب لا أريد بهم بدلا ولا أريد أن
ابتغي عنهم حولا.
239

سورة المزمل
مكية وقيل مدنية وقيل بعضها مكي وبعضها مدني
وهي عشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم (1) يا أيها المزمل أصله المتزمل من تزمل إذا تلفف بها القمي قال هو النبي
(صلى الله عليه وآله) كان يتزمل بثوبه وينام فقال الله يا أيها المزمل).
(2) قم الليل أي إلى الصلاة إلا قليلا.
(3) نصفه أو انقص منه قليلا.
(4) أو زد عليه.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) قال القليل النصف أو أنقص من القليل
قليلا أو زد على القليل قليلا والقمي ما يقرب منه ورتل القرآن ترتيلا.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال قال
أمير المؤمنين (عليه السلام) بينه بيانا ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن
أفزعوا قلوبكم القاسية ولا يكن هم أحدكم آخر السورة وقد مر شرح هذا الحديث
وأخبار اخر في معنى الترتيل في المقدمة الحادية عشرة.
(5) إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا قيل أي القرآن فإنه لما فيه من التكاليف الشاقة ثقيل
على المكلفين وقيل أي ثقيل نزوله عليه فإنه كان يتغير حاله عند نزوله ويعرق.
العياشي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) لقد نزلت عليه سورة المائدة وهو على
بغلة الشهباء وثقل عليه الوحي حتى وقفت وتدلى بطنها حتى رأيت سرتها تكاد تمس
240

الأرض والقمي قولا ثقيلا قال قيام الليل وهو قوله إن ناشئة الليل الآية.
(6) إن ناشئة الليل قيل أي النفس التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة أي
تنهض أو العبادة التي تنشأ بالليل أي تحدث هي أشد وطئا أي كلفة أو ثبات قدم
وقرئ وطأ أي مواطأة القلب اللسان لها أو فيها وأقوم قيلا وأسد مقالا وأثبت قراءة
لحضور القلب وهدو الأصوات والقمي قال أصدق القول.
وفي الفقيه والتهذيب عن الصادق (عليه السلام) في قوله إن ناشئة الليل الآية قال
قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عز وجل لا يريد به غيره وفي رواية لا يريد إلا الله.
وفي الكافي والعلل عنه (عليه السلام) ما في معناه.
(7) إن لك في النهار سبحا طويلا.
القمي عن الباقر (عليه السلام) يقول فراغا طويلا لنومك وحاجتك.
(8) واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا وانقطع إليه بالعبادة وجرد نفسك عما
سواه القمي يقول أخلص إليه إخلاصا.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال الدعاء بإصبع واحدة
تشير بها.
وعنه (عليه السلام) التبتل الايماء بالإصبع.
وفي المجمع عنهما (عليهما السلام) إن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة وفي
رواية هو رفع يدك إلى الله وتضرعك إليه.
وفي المعاني عن الكاظم (عليه السلام) التبتل أن تقلب كفيك في الدعاء إذا
دعوت.
والقمي قال رفع اليدين وتحريك السبابتين.
(9) رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا.
241

(10) واصبر على ما يقولون.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال ما يقولون فيك واهجرهم هجرا جميلا
بأن تجانبهم وتداريهم وتكل أمرهم إلى الله.
(11) وذرني والمكذبين دعني وإياهم وكل إلي أمرهم فإن بي غنية عنك في
مجازاتهم.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) والمكذبين بوصيك قيل إن هذا تنزيل قال
نعم أولى النعمة أرباب التنعم ومهلهم قليلا.
في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث يذكر فيه المنافقين قال
وما زال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله
حتى أذن الله عز وجل له في ابعادهم بقوله واهجرهم هجرا جميلا.
(12) إن لدينا أنكالا تعليل للامر والنكل القيد الثقيل وجحيما.
(13) وطعاما ذا غصة وطعاما ينشب في الحلق كالضريع والزقوم وعذابا أليما
ونوعا آخرا من العذاب مؤلما لا يعرف كنهه إلا الله وفسر بالحرمان عن لقاء الله لان
النفوس العاصية المنهمكة في الشهوات تبقى مقيدة بحبها والتعلق بها عن التخلص
إلى عالم القدس متحرقة بحرقة الفرقة متجرعة غصة الهجران معذبة بالحرمان عن
تجلي أنوار القدس.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه سمع قارئا يقرؤها فصعق.
(14) يوم ترجف الأرض والجبال تضطرب وتزلزل والقمي تخسف وكانت
الحبال كثيبا مهيلا قال مثل الرمل تنحدر.
(15) إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم يشهد عليكم يوم القيامة بالإجابة
والامتناع كما أرسلنا إلى فرعون رسولا يعني موسى (عليه السلام) ولم يعينه لان
المقصود لم يتعلق به.
242

(16) فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ثقيلا.
(17) فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا من شدة هوله.
القمي من الفزع حيث يسمعون الصيحة قال يقول كيف إن كفرتم تتقون ذلك
اليوم.
(18) السماء منفطر به (1) منشق كان وعده مفعولا.
إن هذه الآيات الموعدة تذكرة عظة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا أي
تقرب إليه بسلوك التقوى.
(20) إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه
وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار لا يعلم مقادير ساعاتهما
كما هي إلا الله علم أن لن تحصوه أن لن تحصو تقدير الأوقات ولن تستطيعوا ضبط
الساعات فتاب عليكم بالترخيص في ترك القيام المقدر ورفع التبعة فيه فاقرءوا ما تيسر
من القرآن فصلوا بما تيسر عليكم من القراءة.
في المجمع عن الرضا عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال ما تيسر منه لكم فيه
خشوع القلب وصفاء السر.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) في قوله إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من
ثلثي الليل ونصفه وثلثه ففعل النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك وبشر الناس به فاشتد
ذلك عليهم وعلم أن لن تحصوه وكان الرجل يقوم ولا يدري متى ينتصف الليل ومتى
يكون الثلثان وكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظه فأنزل الله إن ربك
يعلم أنك تقوم إلى قوله علم أن لن تحصوه يقول متى يكون النصف والثلث نسخت
هذه الآية فاقرءوا ما تيسر من القرآن واعلموا أنه لم يأت نبي قط إلا خلا بصلاة الليل
ولا جاء نبي قط بصلاة الليل في أول الليل علم أن سيكون منكم مرضى استئناف يبين
حكمة أخرى مقتضية للترخيص والتخفيف وآخرون يضربون في الأرض يبتغون

(1) الهاء تعود إلى اليوم، وهذا كما يقال فلان بالكوفة.
243

من فضل الله يسافرون للتجارة وتحصيل العلم وآخرون يقاتلون في سبيل الله
فاقرؤا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا يريد به سائر
الانفاقات في سبيل الخير القمي قال هو غير الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير
تجدوه عند الله هو خيرا أي تجدوه خيرا والضمير للفصل والعماد وقيل صفة للهاء
في تجدوه وأعظم أجرا من الذي تؤخرونه إلى الوصية عند الموت أو من متاع الدنيا
واستغفروا الله في مجامع أحوالكم فإنكم لا تخلون من تفريط إن الله غفور رحيم.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة المزمل في
العشاء الآخرة أو في آخر الليل كان له الليل والنهار شاهدين مع سورة المزمل وأحياه
الله حياة طيبة وأماته ميتة طيبة.
244

سورة المدثر
مكية عدد آيها خمسون وست آيات عراقي وخمس شامي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يا أيها المدثر أي المتدثر به وهو لا بس الدثار القمي قال تدثر رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فالمدثر يعني المدثر بثوبه روي أنه قال كنت بحراء فنوديت
فنظرت عن يميني وشمالي فلم أر شيئا فنظرت فوقي فإذا هو على عرش بين السماء
والأرض يعني الملك الذي ناداه فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت دثروني فنزل
جبرئيل (عليه السلام) وقال يا أيها المدثر.
وفي المجمع ما يقرب منه مع زيادات.
(2) قم فأنذر
(3) وربك فكبر صفه بالكبرياء عقدا وقولا روي أنه لما نزلت كبر وأيقن أنه
الوحي وذلك أن الشيطان لا يأمر بذلك.
(4) وثيابك فطهر.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال أي فشمر وفي رواية يقول ارفعها ولا
تجرها.
وعن الكاظم (عليه السلام) إن الله عز وجل قال لنبيه (صلى الله عليه وآله) وثيابك فطهر وكانت ثيابه
طاهرة وإنما أمره بالتشمير.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) معناه فثيابك فقصر.
245

وعنه عن أمير المؤمنين (عليهما السلام) قال غسل الثياب يذهب الهم والحزن
وهو طهور للصلاة وتشمير الثياب طهور لها وقد قال الله سبحانه وثيابك فطهر أي فشمر
والقمي تطهيرها هنا تشميرها وقال شيعتنا يطهرون.
(5) والرجز فاهجر القمي الرجز الخبيث وقرئ بالضم وهو لغة فيه.
(6) ولا تمنن تستكثر.
القمي عن الباقر (عليه السلام) لا تعط العطية تلتمس أكثر منها.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال في هذه الآية لا تستكثر ما عملت من
خير لله.
(7) ولربك فاصبر على مشاق التكليف وأذى المشركين.
(8) فإذا نقر في الناقور فإذا نفخ في الصور.
(9) فذلك يومئذ يوم عسير.
(10) على الكافرين غير يسير تأكيد يشعر بيسره على المؤمنين.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال إن منا إماما مظفرا
مستترا فإذا أراد الله إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله.
(11) ذرني ومن خلقت وحيدا قيل نزل في الوليد بن المغيرة عم أبي جهل
فإنه كان يلقب بالوحيد سماه الله به تهكما وقيل أي ذرني وحدي معه فإني أكفيكه.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) إن الوحيد من لا يعرف له أب.
(12) وجعلت له مالا ممدودا مبسوطا كثيرا.
(13) وبنين شهودا حضورا معه بمكة يتمتع بلقائهم.
(14) ومهدت له تمهيدا وبسطت له في الرئاسة والجاه العريض حتى لقب
ريحانة قريش والوحيد.
246

(15) ثم يطمع أن أزيد على ما أوتي وهو استبعاد لطمعه.
(16) كلا إنه كان لايتنا عنيدا.
(17) سأرهقه صعودا سأغشيه عقبة شاقة المصعد وهو مثل لما يلقى من
الشدائد وروي أن الصعود جبل من النار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه كذلك
(18) إنه فكر وقدر فيما تخيل طعنا في القرآن وقدر في نفسه ما يقول
فيه.
(19) فقتل كيف قدر تعجيب من تقديره.
(20) ثم قتل كيف قدر تكرير للمبالغة وثم للدلالة على أن الثانية أبلغ من
الأولى.
(21) ثم نظر أي في أمر القرآن مرة أخرى.
(22) ثم عبس قطب وجهه لما لم يجد فيه طعنا ولم يدر ما يقول. وبسر اتباع
لعبس.
(23) ثم أدبر عن الحق واستكبر عن اتباعه.
(24) فقال إن هذا إلا سحر يؤثر يروى ويتعلم.
(25) إن هذا إلا قول البشر القمي نزلت في الوليد بن المغيرة وكان شيخا كبيرا
مجربا من دهاة العرب وكان من المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه وآله)
وكان رسول الله يقعد في الحجرة ويقرأ القرآن فاجتمعت قريش إلى الوليد بن
المغيرة فقالوا يا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمد (صلى الله عليه وآله) أشعر هوام
كهانة أم خطب فقال دعوني اسمع كلامه فدنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال
يا محمد أنشدني من شعرك قال ما هو شعر ولكنه كلام الله الذي ارتضته ملائكته
وأنبيائه ورسله فقال أتل علي منه شيئا فقرأ عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حم
247

السجدة فلما بلغ قوله فإن أعرضوا يا محمد قريش فقل لهم أنذرتكم صعقة مثل
صعقة عاد وثمود قال فاقشعر الوليد وقامت كل شعرة في رأسه ولحيته ومر إلى بيته ولم
يرجع إلى قريش من ذلك فمشوا إلى أبي جهل فقالوا يا أبا الحكم إن أبا عبد
شمس صبا إلى دين محمد أما تراه لم يرجع إلينا فغدا أبو جهل إلى الوليد فقال له يا
عم نكست رؤوسنا وفضحتنا وأشمت بنا عدونا وصبوت إلى دين محمد (صلى الله
عليه وآله) فقال ما صبوت إلى دينه ولكني سمعت منه كلاما صعبا تقشعر منه الجلود
فقال له أبو جهل أخطب هو قال لا ان الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور ولا يشبه
بعضه بعضا قال افشعر هو قال لا أما إني لقد سمعت أشعار العرب بسيطها ومد يدها
ورملها ورجزها وما هو بشعر قال فما هو قال دعوني أفكر فيه فلما كان من الغد قالوا له يا
أبا عبد شمس ما تقول فيما قلناه قال قولوا هو سحر فإنه اخذ بقلوب الناس فأنزل الله
على رسوله في ذلك ذرني ومن خلقت وحيدا وإنما سمي وحيدا لأنه قال لقريش أنا
أتوحد بكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة وكان له مال كثير وحدائق وكان له
عشر بنين بمكة وكان له عشر عبيد عند كل ألف دينار يتجر بها.
وفي الجوامع روي أن الوليد قال لبني مخزوم والله لقد سمعت من محمد آنفا
كلاما ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجن إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن
أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو وما يعلى فقالت قريش صبا والله وليد ليصبأن
قريش فقال أبو جهل إني أكفيكموه وقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه فقام فأتاهم فقال
تزعمون أن محمدا (صلى الله عليه وآله) مجنون فهل رأيتموه يخنق وتقولون إنه كاهن
فهل رأيتموه يتحدث بما يتحدث به الكهنة وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى
شعرا قط وتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب فقالوا في كل ذلك
اللهم لا قالوا له فما هو ففكر فقال ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله
وولده ومواليه وما يقوله سحر يؤثر عن أهل بابل فتفرقوا متعجبين منه.
وفي رواية أخرى للقمي عن الصادق (عليه السلام) إنها نزلت في عمر في إنكاره
الولاية وأنه إنما سمي وحيدا لأنه كان ولد زنا ثم أول الآيات فيه.
248

(26) سأصليه سقر (1).
(27) وما أدريك ما سقر تفخيم لشأنها.
(28) لا تبقى ولا تذر لا تبقى على شئ يلقى فيها ولا تدعه حتى تهلكه.
(29) لواحة للبشر مسودة لا عالي الجلد.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر
شكا إلى الله عز وجل شدة حره وسأله أن يأذن له أن يتنفس فتنفس فأحرق جهنم.
وفي روضة الواعظين عن الباقر (عليه السلام) إن في جهنم جبلا يقال له صعود
وإن في صعود ودايا يقال له سقر وإن في سقر لجبا يقال له هبهب كلما كشف غطاء
ذلك الجب ضج أهل النار من حره وذلك منازل الجبارين.
(30) عليها تسعة عشر ملكا يلون أمرها القمي قال لكل رجل تسعة عشر من
الملائكة يعذبونه.
(31) وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ليخالفوا جنس المعذبين فلا يرقوا لهم
ولا يستروحون إليهم ولأنهم أقوى الخلق بأسا وأشدهم غضبا لله روي إن أبا جهل
لما سمع عليها تسعة عشر قال لقريش أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم
فنزلت وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا وما جعلنا عددهم إلا العدد الذي
اقتضى فتنتهم وهو التسعة عشر قيل افتتانهم به استقلالهم له واستهزاؤهم
واستبعادهم أن يتولى هذا العدد القليل تعذيب أكثر الثقلين ليستيقن الذين أوتوا
الكتب أي ليكتسبوا اليقين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) وصدق القرآن لما رأوا
ذلك موافقا لما في كتابهم.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) يستيقنون أن الله ورسوله ووصيه حق
ويزداد الذين آمنوا إيمانا بالايمان به أو بتصديق أهل الكتاب له ولا يرتاب الذين أوتو
249

الكتاب والمؤمنون أي في ذلك وهو تأكيد للاستيقان وزيادة الايمان ونفي لما يعرض
المتيقن حيثما عراه شبهة وليقول الذين في قلوبهم مرض شك أو نفاق والكافرون
الجازمون في التكذيب ماذا أراد الله بهذا مثلا أي شئ أراد بهذا العدد المستغرب
استغراب المثل كذلك يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء وما يعلم جنود ربك
أصناف خلقه على ما هم عليه إلا هو وما هي قيل وما سقر أو عدة الخزنة أو
السورة.
وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال يعني ولاية علي (عليه السلام) إلا
ذكرى للبشر إلا تذكرة لهم.
(32) كلا ردع لمن أنكرها أو انكار لان يتذكروا بها والقمر.
(33) والليل إذا دبر دبر بمعنى أدبر كقبل بمعنى أقبل أي ولى وانقضى وقيل
دبر أي جاء في أثر النهار وقرئ إذا أدبر من الادبار.
(34) والصبح إذا أسفر أضاء.
(35) إنها لإحدى الكبر لإحدى البلايا الكبر في الحديث السابق قال الولاية.
(36) نذيرا للبشر إنذارا لهم أو منذرة.
(37) لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ليتقدم إلى الخير أو يتأخر عنه قال في
الحديث السابق من تقدم إلى ولا يتنا اخر عن سقر ومن تأخر عنها تقدم إلى سقر.
(38) كل نفس بما كسبت رهينة مرهون ة عند الله.
(39) إلا أصحاب اليمين فإنهم فكوا رقابهم بما أحسنوا من أعمالهم في
الحديث السابق هم والله شيعتنا والقمي قال اليمين أمير المؤمنين (عليه السلام)
وأصحابه شيعته.
(40) في جنات يتسائلون
(41) عن المجرمين يسأل بعضهم بعضا أو يسألون غيرهم عن حالهم كقولك
تداعيناه أي دعوناه.
250

(42) ما سلككم في سقر حكاية لما جرى بين المسؤولين أو المجرمين.
(43) قالوا لم نك من المصلين قيل يعني الصلاة الواجبة في نهج البلاغة
تعاهدوا أمر الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها كانت على
المؤمنين كتابا موقوتا ألا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا ما سلككم في سقر
قالوا لم نك من المصلين.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) مثله وعن الصادق (عليه السلام) قال عنى لم نك
من اتباع الأئمة الذين قال الله فيهم والسابقون السابقون أولئك المقربون أما ترى
الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة مصليا فذلك الذي عنى حيث قال لم
نك من المصلين أي لم نك من أتباع السابقين.
وعن الكاظم (عليه السلام) قال يعني إنا لم نتول وصي محمد والأوصياء من بعده
(عليهم السلام) ولم نصل عليهم.
(44) ولم نك نطعم المسكين ما يجب إعطاؤه القمي قال حقوق آل محمد
(46) وكنا نكذب بيوم الدين حتى وكنا بعد ذلك كله مكذبين بالقيامة وتأخيره
لتعظيمه.
(47) حتى أتنا اليقين الموت.
(48) فما تنفعهم شفعة الشافعين لو شفعوا لهم جميعا.
(49) فما لهم عن التذكرة معرضين.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال أي عن الولاية معرضين والقمي قال
عما يذكر لهم من موالاة أمير المؤمنين (عليه السلام).
251

(50) كأنهم حمر مستنفرة.
(51) فرت من قسورة شبههم في إعراضهم ونفارهم عن استماع الذكر بحمر
نافرة فرت من أسد.
(52) بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة قراطيس تنشر وتقرأ
قيل وذلك لأنهم قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله) لن نتبعك حتى تأتي كلا منا بكتاب من
السماء فيه من الله إلى فلان اتبع محمدا (صلى الله عليه وآله).
والقمي عن الباقر (عليه السلام) وذلك أنهم قالوا يا محمد قد بلغنا أن الرجل من
بني إسرائيل كان يذنب الذنب فيصبح وذنبه مكتوب عند رأسه وكفارته فنزل جبرئيل
(عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال يسألك قومك سنة بني إسرائيل
في الذنوب فإن شاؤوا فعلنا ذلك بهم وأخذناهم بما كنا نأخذ به بني إسرائيل فزعموا أن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) كره ذلك لقومه.
(53) كلا ردع عن اقتراحهم الآيات بل لا يخافون الآخرة فلذلك أعرضوا عن
التذكرة.
(54) كلا ردع عن إعراضهم إنه تذكرة وأي تذكرة.
(55) فمن شاء ذكره.
(56) وما يذكرون إلا أن يشاء الله وقرئ بالتاء هو أهل التقوى حقيق بأن يتقى
عقابه وأهل المغفرة حقيق بأن يغفر لعباده
في التوحيد عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال قال الله تبارك وتعالى أنا
أهل أن اتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا وأنا أهل إن لم يشرك بي عبدي شيئا أن أدخله
الجنة وقال (عليه السلام) إن الله تبارك وتعالى اقسم بعزته وجلاله أن لا يعذب أهل
توحيده بالنار أبدا.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) من قرأ في الفريضة سورة
252

المدثر كان حقا على الله عز وجل أن يجعله مع محمد (صلى الله عليه وآله) في درجته
ولا يدركه في الحياة الدنيا شقاء أبدا إن شاء الله.
253

سورة القيامة
مكية أربعون آية كوفي تسع وثلاثون في الباقين
اختلافها آية لتعجل به كوفي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) لا اقسم بيوم القيمة لا مزيدة للتأكيد.
(2) ولا اقسم بالنفس اللوامة التي تلوم نفسها أبدا وإن اجتهدت في الطاعة.
(3) أيحسب الانسان أن لن نجمع عظامه بعد تفرقها قيل نزلت في عدي بن
ربيعة سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أمر القيامة فأخبره به فقال لو عاينت ذلك
اليوم لم أصدقك أو يجمع الله هذه العظام.
(4) بلى نجمعها قادرين على أن نسوي بنانه بجمع سلامياته وضم بعضها إلى
بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام القمي قال أطراف الأصابع
لو شاء الله لسواها.
(5) بل يريد الانسان ليفجر أمامه ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان
القمي قال يقدم الذنب ويؤخر التوبة ويقول سوف أتوب.
(6) يسئل أيان يوم القيمة متى يكون استبعادا واستهزاء.
(7) فإذا برق البصر تحير فزعا من برق الرجل إذا نظر إلى البرق فدهش بصره
القمي قال يبرق البصر فلا يقدر أن يطرف وقرئ بفتح الراء وهو لغة أو من البريق من شدة
شخوصه.
(8) وخسف القمر ذهب ضؤه.
254

(9) وجمع الشمس والقمر في الغيبة عن القائم (عليه السلام) إنه سئل متى
يكون هذا الامر إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة واجتمع الشمس والقمر واستدار
بهما الكواكب والنجوم فقيل متى فقال في سنة كذا وكذا تخرج دابة الأرض من بين
الصفا والمروة ومعه عصا موسى وخاتم سليمان (عليه السلام) يسوق الناس إلى المحشر
وقيل أريد بهذه الآيات ظهور امارات الموت.
(10) يقول الانسان يومئذ أين المفر يقوله قول الايس من وجدانه المتمني.
(11) كلا ردع عن طلب المفر لا وزر لا ملجأ مستعار من الجبل واشتقاقه من
الوزر وهو الثقل.
(12) إلى ربك يومئذ المستقر إليه وحده وإلى حكمه ومشيئته موضع القرار.
وعن الباقر (عليه السلام) بما قدم من خير وشر وما اخر فما سن من سنة ليستن بها
من بعده فإن كان شرا كان عليه مثل وزرهم ولا ينقص من وزرهم شيئا وإن كان خيرا
كان له مثل أجورهم ولا ينقص من أجورهم شيئا.
(14) بل الانسان على نفسه بصيرة حجة بينة على أعمالها لأنه شاهد بها أو
عين بصيرة بها فلا يحتاج إلى الانباء.
(15) ولو ألقى معاذيره ولو جاء بكل ما يمكن ان يعتذر به القمي قال يعلم ما
صنع وان اعتذر.
وفي الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) قال ما يصنع أحدكم أن يظهر
حسنة ويستر شيئا أليس إذا رجع إلى نفسه يعلم أنه ليس كذلك والله عز وجل يقول
بل الانسان على نفسه بصيرة إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية.
وعنه (عليه السلام) إنه تلا هذه الآية فقال ما يصنع الانسان أن يعتذر إلى الناس
بخلاف ما يعلم الله منه إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول من أسر سريرة
ألبسه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
255

(16) لا تحرك به لسانك لتعجل به لا تحرك يا محمد بالقرآن لسانك قبل أن
يتم وحيه لتأخذه على عجلة مخافة أن ينفلت منك.
في المجمع عن ابن عباس كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا نزل عليه القرآن
عجل بتحريك لسانه لحبه إياه وحرصه على أخذه وضبطه ومخافة أن ينساه فنهاه الله عن
ذلك ويأتي في سبب نزوله وجه آخر عن القمي عن قريب.
(17) إن علينا جمعه في صدرك وقرآنه وإثبات قراءته في لسانك وهي تعليل للنهي.
(18) فإذا قرأنه بلسان جبرئيل عليك فاتبع قرآنه قراءته بتكراره حتى تقرر في
ذهنك.
في المجمع عن ابن عباس فكان النبي (صلى الله عليه وآله) بعد هذا إذا نزل
عليه جبرئيل أطرق فإذا ذهب قرأ.
(19) ثم إن علينا بيانه بيان ما أشكل عليك من معانيه.
(20) كلا لعله ردع عن إلقاء الانسان المعاذير مع أنه على نفسه بصيرة وما
بينهما اعتراض بل تحبون العاجلة القمي قال الدنيا الحاضرة.
(21) وتذرون الآخرة قال تدعون وقرئ بالياء فيهما.
(22) وجوه يومئذ ناضرة.
إلى ربها ناظرة قال قال ينظرون إلى وجه الله أي إلى رحمة الله ونعمته وفي
العيون عن الرضا (عليه السلام) قال يعني مشرقة ينتظر ثواب ربها.
وفي التوحيد والاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال ينتهي
أولياء الله بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه
فتبيض وجوههم إشراقا فيذهب عنهم كل قذى ووعث ثم يؤمرون بدخول الجنة فمن
هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم قال فذلك قوله تعالى إلى ربها ناظرة وإنما
يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى.
وزاد في الاحتجاج والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة ألم تسمع إلى قوله
256

فناظرة بم يرجع المرسلون أي منتظرة.
(24) ووجوه يومئذ باسرة شديدة العبوس.
(25) تظن أن يفعل بها فاقرة داهية تكسر الفقار.
(26) كلا ردع على إيثار الدنيا على الآخرة إذا بلغت التراقي القمي قال
يعني النفس إذا بلغت الترقوة.
(27) وقيل من راق قال يقال له من يرقيك.
(28) وظن أنه الفراق علم أنه الذي نزل به فراق الدنيا ومحابها.
(29) والتفت الساق بالساق التوت شدة فراق الدنيا بشدة خوف الآخرة.
(30) إلى ربك يومئذ المساق القمي قال يساقون إلى الله.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال ذلك ابن
آدم إذا حل به الموت قال هل من طبيب أنه الفراق أيقن بمفارقة الأحبة قال
والتفت الساق بالساق التفت الدنيا بالآخرة إلى ربك يومئذ المساق قال المصير
إلى رب العالمين.
(31) فلا صدق ما يجب تصديقه ولا صلى ما فرض عليه.
(32) ولكن كذب وتولى عن الطاعة.
(33) ثم ذهب إلى أهله يتمطى يتبختر افتخارا بذلك من المط.
(34) أولى لك فأولى قيل أي ويل لك.
(35) ثم أولى لك فأولى أي يتكرر ذلك عليك مرة بعد أخرى.
وفي العيون عن الجواد (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال يقول الله
عز وجل بعدا لك من خير الدنيا وبعدا لك من خير الآخرة والقمي قال كان سبب
نزولها إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا إلى بيعة علي (عليه السلام) يوم غدير
257

خم فلما بلغ الناس وأخبرهم في علي (عليه السلام) وما أراد أن يخبر رجعوا الناس
فاتكى معاوية على المغيرة بن شعبة وأبي موسى الأشعري ثم أقبل يتمطى نحو
أهله ويقول ما نقر لعلي بالولاية أبدا ولا نصدق محمدا (صلى الله عليه وآله) مقالته
فأنزل الله جل ذكره فلا صدق ولا صلى الآيات فصعد رسول الله (صلى الله عليه
وآله) المنبر وهو يريد البراءة منه فأنزل الله لا تحرك به لسانك لتعجل به فسكت
رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه أخذ بيد أبي جهل ثم قال
له أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى فقال أبو جهل بأي شئ تهددني لا تستطيع
أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا أو اني لأعز أهل هذا الوادي فأنزل الله سبحانه
كما قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(36) أيحسب الانسان أن يترك سدى مهملا القمي قال لا يحاسب ولا
يعذب ولا يسئل عن شئ.
(37) ألم يك نطفة من منى يمنى.
(38) ثم كان علقة فخلق فسوى فسوى فقدره فعدله.
(39) فجعل منه الزوجين الصنفين الذكر والأنثى.
(40) أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه لما نزلت هذه الآية قال
سبحانك اللهم بلى.
قال وهو المروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) وفي العيون عن الرضا
(عليه السلام) إنه إذا قرأ هذه السورة قال عند فراغها ذلك.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) من أدمن قراءة لا اقسم
وكان يعمل بها بعثه الله مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبره في أحسن صورة
ويبشره ويضحك في وجهه حتى يجوز على الصراط والميزان.
258

سورة الانسان
وتسمى سورة الدهر قيل مكية كلها وقيل مدنية كلها وقيل مدنية
إلا قوله ولا تطع الآية وهي إحدى وثلاثون آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) هل أتى على الانسان استفهام تقرير وتقريب ولذلك فسر بقد حين
من الدهر طائفة من الزمان لم يكن شيئا مذكورا.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال كان مقدورا غير مذكور.
وفي المجمع قال كان شيئا مقدورا ولم يكن مكونا.
وعن الباقر (عليه السلام) قال كان شيئا ولم يكن مذكورا.
ومثله في المحاسن عن الصادق (عليه السلام) وفي المجمع عنهما (عليهما السلام) كان مذكورا في العلم ولم يكن مذكورا في الخلق.
(2) إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج أخلاط.
القمي عن الباقر (عليه السلام) ماء الرجل والمرأة اختلطا جميعا نبتليه
نختبره فجعلنه سميعا بصيرا ليتمكن من استماع الآيات ومشاهدة الدلائل.
(3) إنا هديناه السبيل بنصب الدلائل وانزال الآيات. القمي أي بينا له
طريق الخير والشر إما شاكرا وإما كفورا.
في الكافي والتوحيد عن الصادق (عليه السلام) قال عرفناه إما آخذا وإما تاركا.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) اما آخذ فشاكر وإما تارك فكافر.
259

(4) إنا اعتدنا للكافرين سلاسل بها يقادون وأغلالا بها يقيدون وسعيرا
بها يحرقون وقرئ سلاسلا للمناسبة.
(5) إن الأبرار يشربون من كأس من خمر وهي في الأصل القدح تكون
فيه كان مزاجها ما يمزج بها كافورا لبرده وعذوبته وطيب عرفه.
(6) عينا يشرب بها عباد الله القمي أي منها يفجرونها تفجيرا يجرونها
حيث شاؤوا إجراء سهلا.
في المجالس عن الباقر (عليه السلام) هي عين في دار النبي (صلى الله عليه
وآله) يفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين.
(7) يوفون بالنذر بيان لما رزقوه لأجله وهو أبلغ في وصفهم بالتوفر على
أداء الواجبات لان من وفى بما أوجبه على نفسه كان أو في بما أوجبه الله عليه
ويخافون يوما كان شره مستطيرا شدائده فاشيا منتشرا غاية الانتشار القمي
المستطير العظيم.
وفي المجالس عن الباقر (عليه السلام) يقول كلوحا عابسا.
(8) ويطعمون الطعام على حبه حب الطعام.
في المجالس عن الباقر (عليه السلام) يقول على شهوتهم للطعام وإيثارهم له
مسكينا قال من مساكين المسلمين ويتيما قال من يتامى المسلمين وأسيرا قال من
أسارى المشركين.
(9) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا قال يقولون إذا
أطعموهم ذلك قال والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم اضمروه في أنفسهم فأخبره الله
باضمارهم يقولون لا نريد منكم جزاءا تكافؤننا به ولا شكورا تثنون علينا به ولكنا
إنما أطعمنا كم لوجه الله وطلب ثوابه.
(10) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا يعبس فيه الوجوه قمطريرا شديد
العبوس.
260

في المجمع قد روى الخاص والعام إن الآيات من هذه السورة وهي قوله
إن الأبرار يشربون إلى قوله وكان سعيكم مشكورا نزلت في علي وفاطمة والحسن
والحسين (عليهم السلام) وجارية لهم تسمى فضة والقصة طويلة جملتها أنه مرض
الحسن والحسين فعادهما جدهما ووجوه العرب وقالوا يا أبا الحسن لو نذرت
على ولديك نذرا فنذر صوم ثلاثة أيام إن شفاهما الله سبحانه ونذرت فاطمة (عليها
السلام) وكذلك فضة فبرءا وليس عندهم شئ فاستقرض علي (عليه
السلام) ثلاثة أصوع من شعير من يهودي وروي انه أخذها ليغزل له صوفا وجاء به إلى فاطمة
فطحنت صاعا منها فاختبزته وصلى علي (عليه السلام) المغرب وقربته إليهم فأتاهم
مسكين يدعو لهم وسألهم فأعطوهم ولم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الثاني
اخذت صاعا فطحنته واختبزته وقدمته إلي علي (عليه السلام) فإذا يتيم بالباب
يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي
فطحنته واختبزته وقدمته إلى علي (عليه السلام) فإذا أسير بالباب يستطعم فأعطوه
ولم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أتى علي (عليه
السلام) ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وبهما
ضعف فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزل جبرئيل (عليه السلام) بسورة هل
أتى.
وفي رواية ان علي بن أبي طالب (عليه السلام) آجر نفسه ليسقي نخلا
بشئ من شعير ليلة حتى أصبح فلما أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه فجعلوا منه
شيئا ليأكلوه يقال له الحريرة فلما تم انضاجه اتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام ثم
عمل الثلث الثاني فلما تم انضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث
الثالث فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه وطووا يومهم
ذلك.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) كان عند فاطمة شعير فجعلوه عصيدة
فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال المسكين رحمكم الله
أطعمونا مما رزقكم الله فقام علي (عليه السلام) فأعطاه ثلثها فلم يلبث أن جاء يتيم
261

فقال اليتيم رحمكم الله فقام علي (عليه السلام) فأعطاه الثلث ثم جاء أسير فقال
الأسير رحمكم الله فأعطاه علي (عليه السلام) الثلث الباقي وما ذاقوها فأنزل الله
سبحانه الآيات فيهم وهي جارية في كل مؤمن فعل ذلك لله عز وجل.
وفي المجالس عن الصادق عن أبيه (عليهما السلام) ما يقرب مما ذكره.
في المجمع بالرواية الأولى ببسط من الكلام مع زيادات من حكاية
أفعالهم وأقوالهم (عليهم السلام) وذكر فيه وقال الصبيان ونحن أيضا نصوم ثلاثة
أيام فألبسهما الله عافية فأصبحوا صياما وفي آخره فهبط جبرئيل فقال يا محمد خذ ما هنأه الله لك في أهل بيتك قال وما آخذ يا جبرئيل قال هل أتى إلى قوله وكان
سعيكم مشكورا وفي المناقب عن أكثر من عشرين من كبار المفسرين.
وبرواية أهل البيت عن الباقر (عليه السلام) ما يقرب مما ذكره في المجالس
إلا أنه ليس فيه ذكر صيام الصبيين وفي آخره فرآهم النبي (صلى الله عليه وآله)
جياعا فنزل جبرئيل ومعه صحفة من الذهب مرصعة بالدر والياقوت مملوة من
الثريد وعراق يفوح منها رائحة المسك والكافور فجلسوا وأكلوا حتى شبعوا ولم
ينقص منها لقمة واحدة وخرج الحسين ومعه قطعة من عراق فنادته يهودية يا أهل بيت
الجوع من أين لكم هذه أطعمنيها فمد يده الحسين (عليه السلام) ليطعمها فهبط
جبرئيل وأخذها من يده ورفع الصحفة إلى السماء فقال لولا ما أراد الحسين (عليه
السلام) من إطعام الجارية تلك القطعة وإلا لتركت تلك الصحفة في أهل بيتي
يأكلون منها إلى يوم القيامة ونزل يوفون بالنذر وكانت الصدقة في ليلة خمس
وعشرين من ذي الحجة ونزلت هل أتى في اليوم الخامس والعشرين منه.
(11) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقيهم نضرة وسرورا.
في المجالس عن الباقر (عليه السلام) نضرة في الوجوه وسرورا) في
القلوب.
(12) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا قال جنة يسكنونها وحريرا يفترشونه
ويلبسونه.
262

(13) متكئين فيها على الأرائك قال الأريكة السرير عليه الحجلة لا يرون
فيها شمسا ولا زمهريرا قيل يعني إنه يمر عليهم هواء معتدل لا حار محمى ولا
بارد مؤذي.
(14) ودانية عليهم ظلالها قريبة منهم وذللت قطوفها تذليلا سهل
التناول.
القمي ذلت عليهم ثمارها ينالها القائم والقاعد.
وفي الكافي عن النبي (صلى الله عليه وآله) وذللت قطوفها تذليلا من قربها
منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بعينه وهو متكئ.
(15) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب القمي الأكواب الأكواز العظام
التي لا اذان لها ولا عرى كانت قواريرا.
(16) قواريرا من فضة أي تكون جامعة بين صفا الزجاجة وشفيفها
وبياض الفضة ولينها.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) والقمي قال ينفذ البصر في فضة
الجنة كما ينفذ في الزجاج وقرئ قواريرا بالتنوين فيهما وفي الأولى خاصة
قدروها تقديرا قيل أي قدروها في أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنوها
أو قدروها بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها أو قدر الطائفون بها شرابها
على قدر اشتهائهم.
والقمي يقول صنعت لهم على قدر تقلبهم لا تحجر فيها ولا فضل.
(17) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ما يشبه الزنجبيل في الطعم
قيل كانت العرب يستلذون الشراب الممزوج به.
(18) عينا فيها (1) تسمى سلسبيلا قيل لسلاسة انحدارها في الحلق وسهولة

(1) أي تمزج الخمر بالزنجبيل، والزنجبيل من عين تسمى تلك العين سلسبيلا.
263

مساغها على أن تكون الباء زائدة والمراد به أن ينفى عنها لذع الزنجبيل.
في الخصال عن النبي (صلى الله عليه وآله) أعطاني الله خمسا وأعطى عليا
خمسا أعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل.
(19) ويطوف عليهم ولدان مخلدون قيل دائمون والقمي قال مستورون إذا
رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا من صفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم وانعكاس
شعاع بعضهم إلى بعض.
(20) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا.
في الكافي والقمي عن الباقر (عليه السلام) في حديث يصف فيه حال
المؤمن إذا دخل الجنان والغرف إنه قال في هذه الآية يعني بذلك ولي الله وما
هومن الكرامة والنعيم والملك العظيم وأن الملائكة من رسل الله ليستأذنون عليه
فلا يدخلون عليه إلا بإذنه فذلك الملك العظيم وقد مضى تمام الحديث في
الرعد والفاطر والزمر.
وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل ما هذا الملك الكبير الذي
كبره الله عز وجل حتى سماه كبيرا
قال إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة أرسل
رسولا إلى ولي من أوليائه فيجد الحجبة على بابه فتقول له قف حتى نستأذن لك
فما يصل إليه رسول ربه إلا بإذنه فهو قوله وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا
كبيرا.
وفي المجمع والقمي عنه (عليه السلام) قال أي لا يزول ولا يفنى.
(21) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق يعلوهم ثياب الحرير الخضر
ما رق منها وإستبرق ما غلظ.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) والقمي قال يعلوهم الثياب فيلبسونها
وقرئ عاليهم بالرفع وخضر بالجر وإستبرق بالرفع وبالعكس وبالرفع فيهما وحلوا
أساور من فضة وسقيهم ربهم شرابا طهورا.
264

في الكافي والقمي عن الباقر (عليه السلام) في الحديث السابق وعلى باب
الجنة شجرة ان الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس وعن يمين
الشجرة عين مطهرة مزكية قال فيسقون منها شربة فيطهر الله بها قلوبهم من
الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر وذلك قول الله عز وجل وسقيهم ربهم شرابا
طهورا من تلك العين المطهرة.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) قال يطهرهم عن كل شئ سوى
الله.
(22) إن هذا كان لكم جزاء على إضمار القول وكان سعيكم مشكورا غير
مضيع.
(23) إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا مفرقا منجما.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال بولاية علي (عليه السلام).
(24) فاصبر لحكم ربك بتأخير نصرك على الاعداء ولا تطع منهم آثما أو
كفورا.
(25) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا القمي قال بالغداة ونصف النهار.
(26) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا قال صلاة الليل.
في المجمع عن الرضا (عليه السلام) أنه سئل وما ذلك التسبيح قال صلاة
الليل وقيل بكرة صلاة الفجر وأصيلا الظهران ومن الليل فاسجد له العشاءان
وسبحه ليلا طويلا أي وتهجد له طائفة طويلة من الليل.
(27) إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ورائهم أمامهم أو خلف ظهورهم
يوما ثقيلا.
(28) نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وأحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب
القمي أي خلقهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا أهلكناهم وبدلنا أمثالهم في
265

الخلقة وشدة الأسر يعني النشأة الآخرة والمراد تبديلهم بغيرهم ممن يطيع في
الدنيا.
(29) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا تقرب إليه بالطاعة.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال الولاية.
(30) وما تشاؤن إلا أن يشاء الله.
في الخرائج عن القائم (عليه السلام) إنه سئل عن المفوضة قال كذبوا بل
قلوبنا أوعية لمشيئة الله عز وجل فإذا شاء شئنا ثم تلا هذه الآية وقرئ يشاؤن
بالياء إن الله كان عليما حكيما لا يشاء إلا ما يقتضيه علمه وحكمته.
(31) يدخل من يشاء في رحمته بالهداية والتوفيق للطاعة.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال في ولايتنا والظالمين أعد لهم
عذابا أليما.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) من قرأ هل أتى على
الانسان كل غداة خميس زوجه الله من الحور العين ثمانمأة عذراء وأربعة آلاف
ثيب وكان مع محمد (صلى الله عليه وآله).
وفي الأمالي عن الهادي (عليه السلام) من أحب أن يقيه الله شر يوم الاثنين
فليقرأ في أول ركعة من صلاة الغداء هل أتى على الانسان ثم قرأ فوقهم الله شر
ذلك اليوم الآية.
266

سورة المرسلات
مكية وهي خمسون آية بلا خلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والمرسلات عرفا.
(2) فالعاصفات عصفا.
(3) والناشرات نشرا.
(4) فالفارقات فرقا.
(5) فالملقيات ذكرا.
(6) عذرا أو نذرا اقسم بطوائف من الملائكة أرسلهن الله بالمعروف من
أوامره ونواهيه.
كذا في المجمع عن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) قيل فعصفن
عصف الرياح في امتثال أمره أو عصفن الأديان الباطلة بمحوها ونشرن الشرائع
والعلوم وآثار الهدى في الأرض ففرقن بين الحق والباطل فألقين إلى الأنبياء ذكرا
عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين والعذر والنذر مصدران لعذر إذا محا الإساءة وأنذر
إذا خوف أو جمعان لعذير ونذير بمعنى المعذرة والانذار أو بمعنى العاذر والمنذر
وقرئ بالسكون الذال.
والقمي والمرسلات عرفا قال آيات يتبع بعضها بعضا فالعاصفات عصفا
قال القبر والناشرات نشرا قال نشر الأموات فالفارقات فرقا قال الدابة فالملقيات
267

ذكرا قال الملائكة عذرا أو نذرا قال أعذركم وأنذركم بما أقول وهو قسم.
أقول: كأنه أشار بذلك إلى الملائكة المرسلة بآيات الرجعة وأشراط
الساعة ولإثارة التراب من القبور ونشر الأموات منها وإخراج دابة الأرض وتفريق
المؤمن من الكافر وإلقاء الذكر في قلوب الناس.
(7) إن ما توعدون لواقع جواب القسم ومعناه إن الذي توعدونه من مجئ
القيامة كائن لا محالة.
(8) فإذا النجوم طمست القمي قال يذهب نورها.
وعن الباقر (عليه السلام) طموسها ذهاب ضوئها.
(9) وإذا السماء فرجت القمي قال تنفرج وتنشق.
(10) وإذا الجبال نسفت جعلت كالرمل والقمي أي تقلع.
(11) وإذا الرسل أقتت القمي قال أي بعثت في أوقات مختلفة.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) مثله أريد عين لها وقتها الذي
يحضرون فيها للشهادة على الأمم وقرئ وقتت.
(12) لأي يوم أجلت القمي أخرت قيل أي يقال لأي يوم أخرت وضرب
لهم الأجل لجمعهم ليشهدوا على الأمم وهو ليوم وتعجيب من هوله.
(13) ليوم الفصل بيان ليوم التأجيل.
(14) وما أدراك ما يوم الفصل.
(15) ويل يومئذ للمكذبين بذلك.
(16) ألم نهلك الأولين.
(17) ثم نتبعهم الآخرين.
(18) كذلك نفعل بالمجرمين بكل من اجرم.
268

في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) يقول ويل يومئذ للمكذبين يا محمد بما
أوحيت إليك من ولاية علي (عليه السلام) قال الأولين الذين كذبوا الرسول في طاعة
الأوصياء بالمجرمين قال من أجرم إلى آل محمد صلوات الله عليهم وركب من
وصيه ما ركب.
(19) ويل يومئذ للمكذبين تأكيد.
(20) ألم نخلقكم من ماء مهين نطفة قذرة ذليلة القمي منتن.
(21) فجعلناه في قرار مكين في الرحم.
(22) إلى قدر معلوم إلى مقدار معلوم من الوقت قدره الله للولادة.
(23) فقدرنا على ذلك وقرئ بالتشديد أي فقدرنا فنعم القادرون نحن.
(24) ويل يومئذ للمكذبين بقدرتنا.
(25) ألم نجعل الأرض كفاتا.
(26) أحياء وأمواتا القمي قال الكفات المساكن وقال نظر أمير المؤمنين
(عليه السلام) في رجوعه من صفين إلى المقابر فقال هذه كفات الأموات أي
مساكنهم ثم نظر إلى بيوت الكوفة فقال هذه كفات الاحياء ثم تلا هذه الآية.
وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) مثله وفي الكافي عنه (عليه السلام)
في هذه الآية قال دفن الشعر والظفر.
(27) وجعلنا فيها رواسي شامخات القمي قال جبالا مرتفعة وأسقيناكم ماء
فراتا عذبا بخلق الأنهار والمنابع فيها.
(28) ويل يومئذ للمكذبين بأمثال هذه النعم.
(29) انطلقوا أي يقال لهم انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون من
العذاب.
269

(30) انطلقوا خصوصا إلى ظل ذي ثلث شعب القمي قال فيه ثلاث شعب
من النار.
وعن الباقر (عليه السلام) قال بلغنا - والله أعلم أنه إذا استوى أهل النار إلى
النار لينطلق بهم قبل أن يدخلوا النار فيقال لهم ادخلوا إلى ظل ذي ثلاث شعب
من دخان النار فيحسبون أنها الجنة ثم يدخلون النار أفواجا وذلك نصف النهار
واقبل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف
النهار.
(31) لا ظليل ولا يغنى من اللهب.
(32) إنها ترمى بشرر كالقصر في عظمها القمي قال شرر النار كالقصور
والجبال.
(33) كأنه جمالات جمع جمال جمع جمع جمل صفر القمي أي سود قيل
وذلك لان سواد الإبل يضرب إلى الصفرة والأول تشبيه في العظم وهذا في اللون
والكثرة والتتابع والاختلاط وسرعة الحركة وقرئ جمالة.
(34) ويل يومئذ للمكذبين.
(35) هذا يوم لا ينطقون من فرط الحيرة والدهشة يعني في بعض مواقفه
كما ورد.
(36) ولا يؤذن لهم فيعتذرون عطف على يؤذن ليس بجواب له ليوهم ان
لهم عذرا.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) الله أجل وأعدل وأعظم من أن يكون
لعبده عذر لا يدعه يعتذر به ولكنه فلج فلم يكن له عذر.
(37) ويل يومئذ للمكذبين.
(38) هذا يوم الفصل بين المحق والمبطل جمعناكم والأولين.
270

(39) فإن كان لكم كيد فكيدون تقريع لهم على كيدهم للمؤمنين في
الدنيا وإظهار لعجزهم يومئذ.
(40) ويل يومئذ للمكذبين إذ لا حيلة لهم في التخلص من العذاب.
(41) إن المتقين في ظلال وعيون.
(42) وفواكه مما يشتهون مستقرون في أنواع الترفه القمي قال في ظلال
من نور أنور من الشمس.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) في هذه الآية قال نحن والله وشيعتنا
ليس على ملة إبراهيم (عليه السلام) غيرنا وسائر الناس منها براء.
(43) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون أي مقولا لهم ذلك.
(44) إنا كذلك نجزى المحسنين.
(45) ويل يومئذ للمكذبين.
(46) كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون يقال لهم ذلك تذكيرا لهم بحالهم
في الدنيا وبما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع القليل على النعيم المقيم.
(47) ويل يومئذ للمكذبين حيث عرضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع
القليل.
(48) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون روي أنها نزلت في ثقيف حين
أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالصلاة فقالوا لا نحني وفي رواية لا نجبي
فإنها سبة رواها في المجمع قال فقال لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود أقول لا نحني بالمهملة
والنون أي لا نعطف ظهورنا وعلى الرواية الثانية بالجيم والباء الموحدة المشددة أي لا
ننكب على وجوهنا وهما متقاربان والقمي قال إذا قيل لهم تولوا الامام لم يتولوه.
(49) ويل يومئذ للمكذبين.
271

(50) فبأي حديث بعده بعد القرآن القمي بعد هذا الذي أحدثك به
يؤمنون إذا لم يؤمنوا به.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ والمرسلات
عرفا عرف الله بينه وبين محمد (صلى الله عليه وآله)
272

سورة عم
وتسمى سورة النبأ وهي مكية عدد آيها إحدى وأربعون آية مكي بصري
وأربعون في الباقين اختلافها آية عذابا قريبا مكي بصري
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) عم أصله عن ما يتسائلون يسأل بعضهم بعضا في هذا الاستفهام
تفخيم لشأن ما يتساءلون عنه (صلى الله عليه وآله).
(2) عن النبأ العظيم.
(3) الذي هم فيه مختلفون بيان لشأن المفخم قيل كانوا يتساءلون عن
البعث.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال النبأ العظيم الولاية
وعن الباقر (عليه السلام) سئل عن تفسير عم يتساءلون فقال هي في أمير المؤمنين
(عليه السلام) كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول ما لله عز وجل آية هي أكبر مني
ولا لله نبأ أعظم مني.
والقمي عن الرضا (عليه السلام) إنه سئل عنه قال قال أمير المؤمنين (عليه
السلام) ما لله نبأ أعظم مني وما لله آية أكبر مني ولقد عرض فضلي على الأمم
الماضية على اختلاف ألسنتها فلم تقر لفضلي.
وفي العيون عنه عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) يا علي أنت حجة الله وأنت
باب الله وأنت الطريق إلى الله وأنت النبأ العظيم وأنت الصراط المستقيم وأنت
المثل الاعلى الحديث.
273

وفي الكافي في خطبة الوسيلة لأمير المؤمنين (عليه السلام) إني النبأ العظيم
وعن قليل ستعلمون ما توعدون.
(4) كلا سيعلمون ردع عن التسائل ووعيد عليه.
(5) ثم كلا سيعلمون تكرير للمبالغة وثم للاشعار بأن الوعيد الثاني أشد
وقرئ بالتاء.
(6) ألم نجعل الأرض مهدا للناس.
(7) والجبال أوتادا للأرض.
(8) وخلقناكم أزواجا ذكرا وأنثى.
(9) وجعلنا نومكم سباتا قطعا عن الاحساس والحركة استراحة للقوى.
(10) وجعلنا الليل لباسا غطاء يستتر بظلمته من أراد الاختفاء والقمي قال
يلبس على النهار.
(11) وجعلنا النهار معاشا وقت معاش تتقلبون فيه لتحصيل ما تعيشون به.
(12) وبنينا فوقكم سبعا شدادا سبع سماوات أقوياء محكمات لا يؤثر فيها
مرور الدهور.
(13) وجعلنا سراجا وهاجا متلألئا وقادا يعني الشمس.
(14) وأنزلنا من المعصرات قيل السحائب إذا اعصرت أي شارفت ان
تعصرها الرياح فتمطر والقمي قال من السحاب ماء ثجاجا منصبا بكثرة.
(15) لنخرج به حبا ونباتا ما يقتات به وما يعتلف من التبن والحشيش.
(16) وجنات ألفافا ملتفة بعضها ببعض.
(17) إن يوم الفصل كان ميقاتا حدا يوقت به الدنيا وتنتهي عنده أو
حدا للخلائق ينتهون إليه.
274

(18) يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا جماعات من القبور إلى
المحشر.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه سئل عن هذه الآية فقال
يحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتا قد ميزهم الله من المسلمين وبدل صورهم
فبعضهم على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكوسون
أرجلهم من فوق ووجوههم من تحت ثم يسحبون عليها وبعضهم عمى يتردون
وبعضهم صم بكم لا يعقلون وبعضهم يمضغون ألسنتهم
فيسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذرهم أهل الجمع
وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم وبعضهم مصلبون على جذوع من نار وبعضهم
أشد نتنا من الجيف وبعضهم يلبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم فأما
الذين على صورة القردة فالقتات من الناس وأما الذين على صورة الخنازير
فأهل السحت وأما المنكوسون على رؤوسهم فآكلة الربا والعمي الجائرون في
الحكم والصم البكم المعجبون بأعمالهم والذين يمضغون ألسنتهم العلماء
والقضاة الذين خالف أعمالهم أقوالهم والمقطعة أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون
الجيران والمصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان والذين أشد نتنا من
الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات واللذات ويمنعون حق الله تعالى في أموالهم
والذين يلبسون الجباب فأهل الفخر والخيلاء.
(19) وفتحت السماء فكانت أبوابا قيل شقت شقوقا والقمي قال انفتح
أبواب الجنان.
(20) وسيرت الجبال فكانت سرابا قال تسير الجبال مثل السراب الذي
يلمع في المفازة.
(21) إن جهنم كانت مرصادا موضع رصد القمي قائمة.
(22) للطاغين مابا مرجعا ومأوى.
(23) لبثين فيها وقرئ لبثين أحقابا دهورا متتابعة القمي قال الأحقاب
السنون والحقب السنة والسنة عددها ثلاثمأة وستون يوما واليوم كألف سنة مما تعدون.
275

وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) قال الأحقاب ثمانية حقب والحقب
ثمانون سنة والسنة ثلاث مأة وستون يوما واليوم كألف سنة مما تعدون.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يخرج من النار من دخلها
حتى يمكث فيها أحقابا والحقب بضع وستون سنة والسنة ثلاثمأة وستون يوما كل
يوم كألف سنة مما تعدون فلا يتكلن أحد على أن يخرج من النار.
وعن العياشي عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن هذه الآية؟ فقال هذه في
الذين يخرجون من النار.
(24) لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا.
(25) إلا حميما وغساقا قيل المراد بالبرد ما يروحهم وينفس عنهم حر
النار والقمي بردا أي نوما قال البرد النوم والغساق قد مضى تفسيره في سورة (ص)
وقرئ بالتشديد.
(26) جزاء وفاقا موافقا لاعمالهم وعقائدهم.
(27) إنهم كانوا لا يرجون حسابا.
(28) وكذبوا بآيتنا كذابا تكذيبا.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) كذابا بالتخفيف بمعنى
الكذب قيل وإنما أقيم مقام التكذيب للدلالة على أنهم كذبوا في تكذيبهم.
(29) وكل شئ أحصيناه (1) كتابا اعتراض.
(30) فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا لكفركم بالعذاب وتكذيبكم بالآيات
ومجيئه على طريقة الالتفات للمبالغة ورد هذه الآية أشد ما في القرآن على أهل النار.
(31) إن للمتقين مفازا القمي قال يفوزون وعن الباقر (عليه السلام) هي
الكرامات.

(1) أي وكل شئ من الاعمال بيناه في اللوح المحفوظ.
276

(32) حدائق وأعنابا بساتين فيها أنواع الأشجار المثمرة.
(33) وكواعب نساء فلكت ثديهن أترابا لدات على سن واحد.
القمي عن الباقر (عليه السلام) وكواعب أترابا أي الفتيات الناهدات.
(34) وكأسا دهاقا ممتلية.
(35) لا يسمعون فيها لغوا ولا كذبا وقرئ بالتخفيف أي كذبا أو مكاذبة
إذ لا يكذب بعضهم بعضا.
(36) جزاء من ربك بمقتضى وعده عطاء حسابا كافيا.
في الأمالي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال حتى إذا كان
يوم القيامة حسب لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشرة أمثالها إلى سبع
مأة ضعف قال الله تعالى جزاء من ربك عطاء حسابا وقال أولئك لهم جزاء
الضعف بما عملوا.
(37) رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن وقرئ بالرفع فيهما لا
يملكون منه خطابا لا يملك أهل السماوات والأرض خطابه والاعتراض عليه في
ثواب أو عقاب لأنهم مملوكون له على الاطلاق فلا يستحقون عليه اعتراضا
وذلك لا ينافي الشفاعة باذنه.
(38) يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن
وقال صوابا القمي قال الروح ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام)
كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مع الأئمة (عليهم السلام).
ورواه في المجمع عن القمي عن الصادق (عليه السلام) وفيه عنه (عليه
السلام) وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) نحن والله المأذون لهم يوم القيامة
والقائلون صوابا قيل ما تقولون إذا تكلمتم قالا نمجد ربنا ونصلي على نبينا
ونشفع لشيعتنا ولا يردنا ربنا.
277

(39) ذلك اليوم الحق الكائن لا محالة فمن شاء اتخذ إلى ربه مابا
بالايمان والطاعة.
(40) إنا أنذرناكم عذابا قريبا يعني عذاب الآخرة وقربه لتحققه فإن ما هو
آت قريب ولان مبدأه الموت القمي قال في النار.
(41) يوم ينظر المرء ما قدمت يداه من خير أو شر ويقول الكافر يا ليتني
كنت ترابا في الدنيا فلم اخلق ولم أكلف أو في هذا اليوم فلم ابعث.
وفي العلل عن ابن عباس إنه سئل لم كنى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عليا أبا تراب قال لأنه صاحب الأرض وحجة الله على أهلها بعده وبه بقاؤها وإليه
سكونها قال ولقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول إنه إذا كان يوم
القيامة ورأي الكافر ما أعد الله تبارك وتعالى لشيعة علي من الثواب والزلفى
والكرامة قال يا ليتني كنت تربا أي من شيعة علي (عليه السلام) وذلك قول الله
عز وجل ويقول الكافر يا ليتني كنت تربا والقمي ما يقرب من معناه.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ عم يتسائلون
لم تخرج سنته إذا كان يدمنها في كل يوم حتى يزور بيت الله الحرام إن شاء الله.
278

سورة النازعات
مكية عدد آيها ست وأربعون كوفي وخمس وأربعون في الباقين آيتان
ولانعامكم حجازي كوفي طغى عراقي شامي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والنازعات غرقا
(2) والناشطات نشطا.
(3) والسابحات سبحا.
(4) فالسابقات سبقا.
(5) فالمدبرات أمرا هذه صفات ملائكة الموت اقسم الله بهم على قيام
الساعة وإنما حذف لدلالة ما بعده عليه وهم الذين ينزعون أرواح الكفار من
أبدانهم بالشدة غرقا أي إغراقا في النزع كما يغرق النازع في القوس فيبلغ به
غاية المد وينشطون أرواحهم أي ينزعونها ما بين الجلد والأظفار حتى يخرجونها
من أجوافهم بالكرب والغم ويقبضون أرواح المؤمنين يسلونها سلا رفيقا ثم
يدعونها حتى تستريح كالسابح بالشئ في الماء يرمى به فتسبق بأرواح المؤمنين
إلى الجنة وتدبر الملائكة أمر العباد من السنة إلى السنة.
كذا في المجمع عن علي (عليه السلام) وعن الصادق (عليه السلام) هو
الموت تنزع النفوس.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) فالسابقات سبقا يعني أرواح المؤمنين تسبق
أرواحهم إلى الجنة.
279

(6) يوم ترجف الراجفة القمي قال تنشق الأرض بأهلها.
(7) تتبعها الرادفة قال الرادفة الصيحة.
(8) قلوب يومئذ واجفة شديدة الاضطراب من الوجيف.
(9) أبصارها خاشعة أي أبصار أصحابها ذليلة من الخوف ولذلك أضافها
إلى القلوب.
(10) يقولون أئنا لمردودون في الحافرة في الحالة الأولى يعنون الحياة
بعد الموت من قوله رجع فلان في حافرته أي طريقته التي جاء فيها فحفرها أي
أثر فيها بمشيته القمي قال قالت قريش أنرجع بعد الموت.
(11) أئذا كنا وقرئ إذا كنا على الخبر عظما ناخرة بالية وقرئ نخرة
وهي أبلغ.
(12) قالوا تلك إذا كرة خاسرة ذات خسران والقمي انها ان صحت فنحن
إذا خاسرون لتكذيبنا بها وهو استهزاء منهم القمي قال قالوا هذا على حد
الاستهزاء.
(13) فإنما هي زجرة وحدة أي لا تستصعبوها فما هي إلا صيحة واحدة
يعني النفخة الثانية.
(14) فإذا هم بالساهرة فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعدما كانوا أمواتا
في بطنها والساهرة الأرض البيضاء المستوية القمي قال الزجرة النفخة الثانية في
الصور والساهرة موضع بالشام عند بيت المقدس.
عن الباقر (عليه السلام) في قوله أئنا لمردودون في الحافرة يقول في الخلق
الجديد وأما قوله فإذا هم بالساهرة والساهرة الأرض كانوا في القبور فلما سمعوا
الزجرة خرجوا من قبورهم فاستووا على الأرض.
(15) هل أتيك حديث موسى أليس قد أتاك حديثه فيسليك على تكذيب
280

قومك ويهددهم عليه بأن يصيبهم مثل ما أصاب من هو أعظم منهم.
(16) إذ ناديه ربه بالواد المقدس طوى قد مر بيانه في سورة طه.
((17) اذهب إلى فرعون إنه طغى على إرادة القول.
(18) فقل هل لك إلى أن تزكى هل لك ميل إلى أن تتطهر من الكفر
والطغيان وقرئ تزكى بتشديد الزاي.
(19) وأهديك إلى ربك فتخشى بأداء الواجبات وترك المحرمات إذ
الخشية إنما تكون بعد المعرفة وهذا كالبيان لقوله فقولا له قولا لينا.
(20) فأريه الآية الكبرى أي ذهب وبلغ فأراه المعجزة الكبرى.
(21) فكذب وعصى.
(22) ثم أدبر يسعى أدبر عن الطاعة ساعيا في ابطال أمره.
(23) فحشر فجمع جنوده فنادى.
(24) فقال أنا ربكم الاعلى.
(25) فأخذه الله نكال الآخرة والأولى القمي النكال العقوبة والآخرة قوله
أنا ربكم الاعلى والأولى قوله ما علمت لكم من إله غيري فأهلكه الله بهذين
القولين.
وفي الخصال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) انه كان بين الكلمتين
أربعون سنة.
وعنه (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال جبرئيل قلت
يا رب تدع فرعون وقد قال أنا ربكم الاعلى فقال إنما يقول هذا مثلك من يخاف
الفوت.
(26) إن في ذلك لعبرة لمن يخشى لمن كان شأنه الخشية.
281

(27) أأنتم أشد خلقا أم السماء بنيها.
(28) رفع سمكها فسواها.
(29) وأغطش ليلها أظلمه وأخرج ضحاها وأبرز ضوء شمسها.
(30) والأرض بعد ذلك دحاها بسطها ومهدها للسكنى.
(31) أخرج منها مائها بتفجير العيون ومراعها.
(32) والجبال أرساها أثبتها.
(33) متعا لكم ولأنعامكم.
(34) فإذا جاءت الطامة الداهية التي تطم أي تعلو على سائر الدواهي
الكبرى الكبرى التي هي أكبر الطامات.
في الاكمال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث أن الطامة الكبرى
خروج دابة الأرض وجواب إذا محذوف دل عليه ما بعده.
(35) يوم يتذكر الانسان ما سعى بأن يراه مدونا في صحيفته وكان قد
نسيها من فرط الغفلة وطول المدة القمي قال يذكر ما عمله كله.
(36) وبرزت الجحيم قال قال وأحضرت لمن يرى لكل داء بحيث لا
تخفى على أحد.
(37) فأما من طغى.
في الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث من طغى ضل على
عمد بلا حجة.
(38) وآثر الحياة الدنيا فانهمك فيها ولم يستعد للآخرة بالعبادة وتهذيب النفس.
(39) فان الجحيم هي المأوى هي مأواه.
(40) وأما من خاف مقام ربه مقامه بين يدي ربه لعلمه بالمبدأ والمعاد
282

ونهى النفس عن الهوى لعلمه بأن الهوى يرديه.
(41) فإن الجنة هي المأوى القمي قال هو العبد إذا وقف على معصية الله
وقدر عليها ثم تركها مخافة الله ونهى النفس عنها فمكافأته الجنة.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال من علم أن الله يراه ويسمع ما
يقول ويفعل ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الاعمال
فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى.
(42) يسئلونك عن الساعة أيان مرساها متى ارساؤها أي اقامتها واثباتها
القمي قال متى تقوم.
(43) فيم أنت من ذكراها في أي شئ أنت من أن تذكر وقتها لهم أي ما
أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها في شئ فإنه مما استأثره الله بعلمه.
(44) إلى ربك منتهاها أي منتهى علمها القمي أي علمها عند الله.
(45) إنما أنت منذر من يخشاها.
(46) كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا أي في الدنيا إلا عشية أو ضحاها أي
عشية يوم أوضحاه كقوله إلا ساعة من نهار ولذلك أضاف الضحى إلى العشية
لأنهما من يوم واحد القمي قال بعض يوم.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ والنازعات لم
يمت إلا ريانا ولم يبعثه الله إلا ريانا ولم يدخل الجنة إلا ريانا.
283

سورة عبس
وتسمى سورة السفرة مكية عدد آيها اثنتان وأربعون آية حجازي
كوفي واحدى وأربعون بصري وأربعون شامي والمدني الأول اختلافها ثلاث
آيات ولأنعامكم وإلى طعامه والصاخة
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) عبس وتولى.
(2) أن جائه الأعمى القمي قال نزلت في عثمان وابن أم مكتوم وكان ابن أم
مكتوم مؤذنا لرسول الله وكان أعمى وجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وعنده أصحابه وعثمان عنده فقدمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عثمان
فعبس عثمان وجهه وتولى عنه فأنزل الله عبس وتولى يعني عثمان أن جاءه
الأعمى.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) نزلت في رجل من بني أمية كان
عند النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء ابن أم مكتوم فلما رآه تقذر منه وجمع نفسه
وعبس وأعرض بوجهه عنه فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه.
(3) وما يدريك لعله يزكى القمي قال أي يكون طاهرا أزكى.
(4) أو يذكر قال يذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتنفعه الذكرى
وقرئ بالنصب.
(5) أما من استغنى.
(6) فأنت له تصدى تتعرض بالاقبال عليه القمي ثم خاطب عثمان فقال
أما من استغنى الآية قال أنت إذا جاءك غني تتصدى له وترفعه.
284

(7) وما عليك ألا يزكى قال: أي لا تبالي أزكيا كان أو غير زكي إذا كان غنيا.
(8) وأما من جائك يسعى قال يعني ابن أم مكتوم.
(9) وهو يخشى.
(10) فأنت عنه تلهى أي تلهو ولا تلتفت إليه وقرئ تصدى بتشديد الصاد
وفي المجمع وقراءة الباقر (عليه السلام) تصدى بضم التاء وفتح الصاد وتلهى بضم
التاء أيضا.
أقول: وأما ما اشتهر من تنزيل هذه الآيات في النبي (صلى الله عليه وآله)
دون عثمان فيأباه سياق مثل هذه المعاتبات الغير اللائقة بمنصبه وكذا ما ذكر
بعدها إلى آخر السورة كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام ويشبه أن
يكون من مختلقات أهل النفاق خذلهم الله.
(11) كلا ردع عن المعاتب عليه ومعاودة مثله إنها تذكرة القمي قال القرآن
(12) فمن شاء ذكره.
(13) في صحف مكرمة.
(14) مرفوعة قال قال عند الله مطهرة منزهة عن أيدي الشياطين.
(15) بأيدي سفرة قيل أي كتبة من الملائكة والأنبياء والقمي قال بأيدي الأئمة.
(16) كرام بررة.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة
الكرام البررة.
(17) قتل الانسان ما أكفره دعاء عليه بأشنع الدعوات وتعجب من إفراطه
في الكفران.
في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أي لعن الانسان.
(18) من أي شئ خلقه الاستفهام للتحقير.
285

(19) من نطفة خلقه فقدره فهيأه لما يصلح له من الأعضاء والاشكال
أطوارا إلى أن تم خلقته.
(20) ثم السبيل يسره القمي قال يسر له طريق الخير.
(21) ثم أماته فأقبره.
(22) ثم إذا شاء أنشره عد الإماتة والاقبار في النعم لان الإماتة وصلة في
الجملة إلى الحياة الأبدية واللذات الخالصة والامر بالقبر تكرمة وصيانة عن
السباع.
(23) كلا ردع للانسان عما هو عليه لما يقض ما أمره لم يقض بعد من
لدن آدم إلى هذه الغاية ما أمره الله بأسره إذ لا يخلو أحد من تقصير ما.
(24) فلينظر الانسان إلى طعامه اتباع للنعم الذاتية بالنعم الخارجية.
(25) إنا صببنا الماء صبا وقرئ أنا بالفتح.
(26) ثم شققنا الأرض شقا أي بالنبات.
(27) فأنبتنا فيها حبا.
(28) وعنبا وقضبا يعني الرطبة القمي قال القضب القت.
(29) وزيتونا ونخلا.
(30) وحدائق غلبا عظاما وصف به الحدائق لتكاثفها وكثرة أشجارها.
(31) وفاكهة وأبا ومرعى القمي قال الأب الحشيش للبهائم.
(32) متعا لكم ولانعامكم.
في إرشاد المفيد روي أن أبا بكر سئل عن قول الله تعالى وفاكهة وأبا فلم
يعرف معنى الأب من القرآن وقال أي سماء تظلني أم أي أرض تقلني أم كيف
أصنع إن قلت في كتاب الله بمالا أعلم اما الفاكهة فنعرفها وأما الأب فالله اعلم
286

به فبلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) مقالته في ذلك فقال سبحان الله أما علم أن
الأب هو الكلاء والمرعى وأن قوله سبحانه وفاكهة وأبا اعتداد من الله بانعامه على
خلقه فيما أغذاهم به وخلقه لهم ولأنعامهم مما تحيى به أنفسهم وتقوم به
أجسادهم.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إنه قيل له في قوله فلينظر
الانسان إلى طعامه ما طعامه قال علمه الذي يأخذه عمن يأخذه.
أقول: وذلك لان الطعام يشمل طعام البدن وطعام الروح جميعا كما أن
الانسان يشمل البدن والروح معا فكما أنه مأمور بأن ينظر إلى غذائه الجسماني
ليعلم أنه نزل من السماء من عند الله سبحانه بأن صب الماء صبا إلى آخر
الآيات فكذلك مأمور بأن ينظر إلى غذائه الروحاني الذي هو العلم ليعلم أنه
نزل من السماء من عند الله عز وجل بأن صب أمطار الوحي إلى أرض النبوة
وشجرة الرسالة وينبوع الحكمة فأخرج منها حبوب الحقائق وفواكه المعارف
لتغتذي بها أرواح القابلين للتربية فقوله علمه الذي يأخذه عمن يأخذه أي ينبغي له
أن يأخذ علمه من أهل بيت النبوة الذين هم مهابط الوحي وينابيع الحكمة
الآخذون علومهم من الله سبحانه حتى يصلح لان يصير غذاء لروحه دون غيرهم
ممن لا رابطة بينه وبين الله من حيث الوحي والالهام فإن علومهم إما حفظ
أقاويل رجال ليس في أقوالهم حجة وإما آلة جدال لا مدخل لها في المحجة
وليس شئ منهما من الله عز وجل بل من الشيطان فلا يصلح غذاء للروح
والايمان ولما كان تفسير الآية ظاهرا لم يتعرض له وإنما تعرض لتأويلها بل
التحقيق أن كلا المعنيين مراد من اللفظ بإطلاق واحد.
(33) فإذا جاءت الصاخة أي النفخة وصفت بها مجازا لان الناس يضجون
لها.
(34) يوم يفر المرء من أخيه.
(35) وأمه وأبيه.
287

(36) وصحابته وبنيه لاشتغاله بشأنه وعلمه بأنهم لا ينفعونه أو للحذر من
مطالبتهم بما قصر في حقهم وتأخير الاحب فالأحب للمبالغة كأنه قيل يفر من
أخيه بل من أمه وأبيه بل من صاحبته وبنيه.
في العيون عن الرضا (عليه السلام) قال قام رجل يسأل أمير المؤمنين (عليه
السلام) عن هذه الآية من هم قال قابيل يفر من هابيل (عليهما السلام) والذي يفر من
أمه موسى (عليه السلام) والذي يفر من أبيه إبراهيم (عليه السلام) يعني الأب
المربي لا الوالد والذي يفر من صاحبته لوط والذي يفر من ابنه نوح (عليه السلام)
وابنه كنعان.
وفي الخصال عن الحسين بن علي (عليهما السلام) مثله بدون قوله يعني
الأب المربي لا الوالد وقال مصنفه إنما يفر من أمه موسى خشية أن
يكون قصر فيما وجب عليه من حقها وإبراهيم إنما يفر من الأب
المربي المشرك لا من الأب الوالد وهو تارخ.
(37) لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه القمي قال شغل يشغله عن
غيره.
وفي المجمع عن سودة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) يبعث الناس
حفاة عراة عزلا يلجمهم العرق ويبلغ شحمة الاذان قالت قلت يا رسول الله
وا سوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض إذا جاء قال شغل الناس عن ذلك وتلا هذه
الآية.
(38) وجوه يومئذ مسفرة مضيئة.
(39) ضاحكة مستبشرة بما ترى من النعيم.
(40) ووجوه يومئذ عليها غبرة غبار وكدورة.
(41) ترهقها قترة يغشاها سواد ظلمة.
(42) أولئك هم الكفرة الفجرة الذين جمعوا إلى الكفر والفجور فلذلك
288

يجمع إلى سواد وجوههم الغبرة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة عبس وتولى
وإذا الشمس كورت كانت تحت جناح الله من الجنان وفي ظل الله وكرامته وفي
جناته ولا يعظم ذلك على الله إنشاء الله تعالى.
289

سورة كورت
مكية وهي تسع وعشرون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إذا الشمس كورت لف ضوؤها فذهب انبساطه في الآفاق القمي
قال تصير سوداء مظلمة.
(2) وإذا النجوم انكدرت قال يذهب ضوؤها.
(3) وإذا الجبال سيرت قال تسير كما قال تحسبها جامدة وهي تمر مر
السحاب.
(4) وإذا العشار النوق اللاتي أتت على حملهن عشرة أشهر جمع عشراء
عطلت القمي قال الإبل تتعطل إذا مات الخلق فلا يكون من يحلبها.
(5) وإذا الوحوش حشرت جمعت من كل جانب أو بعثت.
(6) وإذا البحار سجرت قال تتحول البحار التي حول الدنيا كلها نيرانا
وقرئ سجرت بالتخفيف.
(7) وإذا النفوس زوجت قال من الحور العين وعن الباقر (عليه السلام) أما
أهل الجنة فزوجوا الخيرات الحسان وأما أهل النار فمع كل إنسان منهم شيطان
يعني قرنت نفوس الكافرين والمنافقين بالشياطين فهم قرناؤهم.
(8) وإذا الموؤودة سئلت.
(9) بأي ذنب قتلت يعني أن المدفونة حية سئلت عن سبب قتلها تبكيتا
290

لوائدها القمي قال كانت العرب يقتلون البنات للغيرة فإذا كان يوم القيامة
سئلت الموؤودة بأي ذنب قتلت.
وفي المجمع عنهما (عليهما السلام) بفتح الميم والواو قال والمراد بذلك
الرحم والقرابة وأنه سئل قاطعها عن سبب قطعها.
وعن الباقر (عليه السلام) يعني قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن قتل
في جهاد وفي رواية أخرى قال هو من قتل في مودتنا وولايتنا.
والقمي عنه (عليه السلام) قال من قتل في مودتنا.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال يقول أسألكم عن
المودة التي أنزلت عليكم فضلها مودة ذي القربى بأي ذنب قتلتموهم.
وفي المناقب عن الباقر (عليه السلام) مثله.
(10) وإذا الصحف نشرت القمي قال صحف الاعمال وقرئ
بالتشديد.
(11) وإذا السماء كشطت قلعت وأزيلت القمي قال أبطلت.
(12) وإذا الجحيم سعرت أوقدت إيقادا شديدا.
(13) إذا الجنة أزلفت قربت من المؤمنين.
(14) علمت نفس ما أحضرت جواب إذا.
(15) فلا اقسم بالخنس القمي قال أي اقسم بالخنس وهو اسم النجوم.
وفي المجمع هي النجوم تخنس بالنهار وتبدو بالليل.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) هي خمسة أنجم زحل والمشتري والمريخ
والزهرة وعطارد.
أقول: ولهذا وصفت بالجوار فان هذه الخمسة هي السيارات الرواجع
291

وهو يؤيد ما قيل أن الخنس بمعنى الرواجع من خنس إذا تأخر.
(16) الجوار السيارات تجري في أفلاكها الكنس قيل المتواريات تحت
ضوء الشمس والقمي قال النجوم تكنس بالنهار فلا تبين.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) انه سئل عنها فقال إمام يخنس سنة
ستين ومائتين ثم يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء وان أدركت زمانه قرت
عينك.
وفي الاكمال ما يقرب منه.
(17) والليل إذا عسعس اقبل ظلامه أو أدبر وهو من الأضداد.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا أدبر بظلامه والقمي قال إذا
اظلم.
(18) والصبح إذا تنفس قال إذا ارتفع قيل عبر بالتنفس عن إقبال روح
ونسيم.
(19) إنه أي القرآن لقول رسول كريم يعني جبرئيل فإنه قاله عن الله.
(20) ذي قوة عند ذي العرش مكين عند الله ذي مكانة.
(21) مطاع في ملائكته ثم أمين على الوحي وثم يخص اتصاله بما قبله
وبما بعده.
في المجمع في الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لجبرئيل ما
أحسن ما أثنى عليك ربك ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين فما
كانت قوتك وما كانت أمانتك فقال اما قوتي فاني بعثت إلى مدائن لوط وهي
أربع مدائن في كل مدينة أربع مأة ألف مقاتل سوى الذراري فحملتهم من
الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب ثم
هويت بهن فقلبتهن وأما أمانتي فاني لم أؤمر بشئ فعدوته إلى غيره وعن النبي
292

(صلى الله عليه وآله) قال لجبرئيل لما نزلت وما أرسلناك إلا رحمة للعلمين هل
أصابك من هذه الرحمة شئ قال نعم إني كنت أخشى عاقبة الامر فآمنت بك
لما أثنى الله علي بقوله ذي قوة عند ذي العرش مكين.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) في قوله ذي قوة عند ذي العرش مكين
قال يعني جبرئيل قلت قوله مطاع ثم أمين قال يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله)
هو المطاع عند ربه الأمين يوم القيامة.
(22) وما صاحبكم بمجنون قال يعني النبي (صلى الله عليه وآله) في نصبه أمير المؤمنين (عليه السلام) علما للناس.
أقول: هو رد لما بهته المنافقون.
(23) ولقد رآه قيل ولقد رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) جبرئيل بالأفق
المبين بمطلع الشمس الاعلى.
في الخصال عن الصادق (عليه السلام) سئل ما الأفق المبين قال قاع بين
يدي العرش فيه أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم.
(24) وما هو قيل وما محمد (صلى الله عليه وآله) على الغيب على ما يخبر
من الوحي وغيره بظنين بمتهم من الظنة وهي التهمة وقرئ بالضاد من الضن وهو
البخل أي لا يبخل بالتبليغ والتعليم.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال وما هو تبارك وتعالى على نبيه بغيبه
بضنين عليه.
(25) وما هو بقول شيطان رجيم قال يعني الكهنة الذين كانوا في قريش
فنسب كلامهم إلى كلام الشياطين الذين كانوا معهم يتكلمون على ألسنتهم فقال
وما هو بقول شيطان رجيم مثل أولئك.
(26) فأين تذهبون قال أين تذهبون في علي (عليه السلام) يعني ولايته
أين تفرون منها.
293

(27) إن هو إلا ذكر للعلمين قال لمن أخذ الله ميثاقه على ولايته.
(28) لمن شاء منكم أن يستقيم قال في طاعة علي (عليه السلام) والأئمة
(عليهم السلام) من بعده.
(29) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العلمين قال لان المشيئة إليه تبارك
وتعالى لا إلى الناس وعن الكاظم (عليه السلام) إن الله جعل قلوب الأئمة (عليهم
السلام) موردا لإرادته فإذا شاء الله شيئا شاؤوه وهو قوله وما تشاؤون إلا أن يشاء
الله رب العلمين وثواب قراءة السورة قد سبق في سورة عبس وتولى.
294

سورة الانفطار
وتسمى سورة الانفطار مكية عدد آيها تسع عشرة آية بلا خلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إذا السماء انفطرت انشقت.
(2) وإذا الكواكب انتثرت تساقطت متفرقة.
(3) وإذا البحار فجرت فتح بعضها إلى بعض فصار الكل بحرا واحدا.
(4) وإذا القبور بعثرت قلب ترابها واخرج موتاها قيل إنه مركب من بعث
وراء الإثارة القمي قال تنشق الأرض فيخرج الناس منها.
(5) علمت نفس ما قدمت وأخرت أي من خير وشر وقيل وما أخرت من
سنة حسنة استن بها بعده أو سنة سيئة استن بها بعده وهو جواب إذا.
(6) يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم أي شئ خدعك وجراك على
عصيانه قيل ذكر الكريم للمبالغة في المنع عن الاغترار والاشعار بما به يغره
الشيطان فإنه يقول له افعل ما شئت فإن ربك كريم لا يعذب أحدا وقيل إنما قال
سبحانه الكريم دون سائر أسمائه وصفاته لأنه كأنه لقنه الجواب حتى يقول غرني
كرم الكريم.
في المجمع روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما تلا هذه الآية قال غره جهله.
(7) الذي خلقك فسواك جعل أعضاءك سليمة مسواة معدة لمنافعها فعدلك
جعل بنيتك معتدلة متناسبة الأعضاء وقرئ بالتخفيف أي عدل بعض أعضائك
295

ببعض حتى اعتدلت.
(8) في أي صورة ما شاء وما مزيدة.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) والقمي قال لو شاء ركبك على غير هذه الصورة.
(9) كلا ردع عن الاغترار بكرم الله بل تكذبون بالدين إضراب إلى ما هو
السبب الأصلي للاغترار والدين الجزاء أو الاسلام القمي قال برسول الله (صلى
الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام).
(10) وإن عليكم لحافظين قال الملكان الموكلان بالانسان.
(11) كراما كاتبين يبادرون بكتابة الحسنات لكم ويتوانون بكتابة السيئات
عليكم لعلكم تتوبون وتستغفرون.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال إن العبد إذا هم بالحسنة خرج
نفسه طيب الريح فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال قف فإنه قد هم بالحسنة
فإذا هو عملها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له وإذا هم بالسيئة خرج نفسه
منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين قف فإنه قد هم بالسيئة فإذا
هو فعلها كان ريقه مداده ولسانه قلمه فأثبتها عليه قيل إنما سموا كراما لأنهم إذا
كتبوا حسنة يصعدون به إلى السماء ويعرضون على الله تعالى ويشهدون على
ذلك فيقولون إن عبدك فلان عمل حسنة كذا وكذا وإذا كتبوا من العبد سيئة
يصعدون به إلى السماء مع الغم والحزن فيقول الله تعالى ما فعل عبدي
فيسكتون حتى يسأل الله ثانيا وثالثا فيقولون إلهي أنت ستار وأمرت عبادك ان
يستروا عيوبهم استر عيوبهم وأنت علام الغيوب ولهذا يسمون كراما كاتبين.
(12) يعلمون ما تفعلون.
في الاحتجاج عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل ما علة الملكين الموكلين
بعباده يكتبون ما عليهم ولهم والله عالم السر وما هو أخفى قال استعبدهم بذلك
وجعلهم شهودا على خلقه ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله
296

مواظبة وعن معصيته أشد انقباضا وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهم فارعوى
وكف فيقول ربي يراني وحفظتي علي بذلك تشهد.
(13) إن الأبرار لفي نعيم.
(14) وإن الفجار لفي جحيم بيان لما يكتبون لأجله.
(15) يصلونها يقاسون حرها يوم الدين.
(16) وما هم عنها بغائبين لخلودهم فيها وقيل معناه وما يغيبون عنها قبل
ذلك إذ كانوا يجدون سمومها في القبور.
(17) وما أدراك ما يوم الدين.
(18) ثم ما أدراك ما يوم الدين تعجيب وتفخيم لشأن اليوم أي كنه أمره
بحيث لا يدركه دراية دار.
(19) يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله وحده تقرير لشدة
هوله وفخامة أمره.
في المجمع عن الباقر (عليه السلام) إذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم
يبق حاكم إلا الله وقرئ يوم بالرفع.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ هاتين
السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلاة الفريضة والنافلة إذا السماء انفطرت
وإذا السماء انشقت لم يحجبه الله من حاجة ولم يحجزه من الله حاجز ولم يزل
وينظر الله إليه حتى يفرغ من حساب الناس.
297

سورة المطففين
وتسمى سورة التطفيف مكية وقيل مدنية إلا ثماني آيات منها
وهي إن الذين أجرموا إلى آخر السورة عدد آيها ست وثلاثون بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ويل للمطففين أي للمبخسين القمي قال الذين يبخسون المكيال
والميزان.
وعن الباقر (عليه السلام) قال نزلت على نبي الله حين قدم المدينة وهم
يومئذ أسوء الناس كيلا فأحسنوا بعد عمل الكيل فأما الويل فبلغنا والله أعلم انها
بئر في جهنم.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) وأنزل في الكيل ويل للمطففين ولم يجعل
الويل لاحد حتى يسميه كافرا قال الله تعالى فويل للذين كفروا من مشهد يوم
عظيم.
(2) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون أي إذا اكتالوا من الناس
حقوقهم يأخذونها وافية.
(3) وإذا كالوهم أو وزنوهم أي إذا كالوا للناس أو وزنوا لهم يخسرون.
(4) ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون أليس يوقنون أنهم مبعوثون.
كذا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) رواه في الاحتجاج.
(5) ليوم عظيم عظمه لعظم ما يكون فيه.
(6) يوم يقوم الناس لرب العلمين لحكمه.
298

في المجمع جاء في الحديث أنهم يقومون في رشحهم إلى انصاف اذانهم.
وفي حديث آخر يقومون حتى يبلغ الرشح إلى أطراف اذانهم.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال مثل الناس يوم القيامة إذا قاموا
لرب العالمين مثل السهم في القراب ليس له من الأرض إلا موضع قدمه كالسهم
في الكنانة لا يقدر أن يزول هيهنا ولا هيهنا.
(7) كلا ردع عن التطفيف والغفلة عن البعث والحساب إن كتاب
الفجار لفي سجين.
(8) وما أدريك ما سجين.
(9) كتاب مرقوم القمي قال ما كتب الله لهم من العذاب لفي سجين.
وعن الباقر (عليه السلام) السجين الأرض السابعة وعليون السماء السابعة.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال أما المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم
إلى السماء فتفتح لهم أبوابها وأما الكافر فيصعد بعمله وروحه حتى إذا بلغ إلى
السماء نادى مناد اهبطوا به إلى سجين وهو واد بحضرموت يقال له برهوت.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) أنه سئل عن قوله تعالى إن كتاب
الفجار لفي سجين قال هم الذين فجروا في حق الأئمة (عليهم السلام) واعتدوا
عليهم.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال هو فلان وفلان.
(10) ويل يومئذ للمكذبين.
(11) الذين يكذبون بيوم الدين قال الأول والثاني.
(12) وما يكذب به إلا كل معتد أثيم.

(1) وهذا تهديد لمن كذب بالجزاء والبعث ولم يصدق.
299

(13) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين قال وهو الأول والثاني كانا يكذبان
رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(14) كلا ردع عن هذا القول بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. في الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال ما من عبد مؤمن إلا وفي قلبه
نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة نكتة سوداء فان تاب ذهب ذلك السواد
وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فإذا غطى البياض لم
يرجع صاحبه إلى خير أبدا وهو قول الله عز وجل كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا
يكسبون.
(15) كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون.
في العيون والتوحيد عن الرضا (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية فقال إن الله
تعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده ولكنه يعني أنهم عن ثواب
ربهم لمحجوبون.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ثوابه ودار كرامته.
(16) ثم إنهم لصالوا الجحيم يدخلون النار ويصلون بها.
(17) ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) قيل
تنزيل قال نعم.
(18) كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين القمي أي ما كتب لهم من الثواب
(19) وما أدراك ما عليون
(20) كتاب مرقوم.
(21) يشهده المقربون.
300

في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك وقلوبهم تهوى إلينا لأنها
خلقت مما خلقنا ثم تلا هذه الآية كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون
كتاب مرقوم يشهده المقربون وخلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما
خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم
تلا هذه الآية كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل
يومئذ للمكذبين.
أقول: الا فاعيل المتكررة والاعتقادات الراسخة في النفوس بمنزلة النقوش
الكتابية في الألواح فمن كانت معلوماته أمورا قدسية وأخلاقه زكية وأعماله صالحة
يأتي كتابه بيمينه أي من جانبه الأقوى الروحاني وهو جهة عليين وذلك لان كتابه من
جنس الألواح العالية والصحف المكرمة المرفوعة المطهرة بأيدي سفرة كرام بررة
يشهده المقربون ومن كانت معلوماته مقصورة على الجرميات وأخلاقه سيئة وأعماله
خبيثة يأتي كتابه بشماله أي من جانبه الأضعف الجسماني وهو جهة سجين وذلك لان
كتابه من جنس الأوراق السفلية والصحائف الحسية القابلة للاحتراق فلا جسم يعذب
بالنار وإنما عود الأرواح إلى ما خلقت منه كما قال الله سبحانه كما بدأكم تعودون فما خلق
من عليين فكتابه في عليين وما خلق من سجين فكتابه في سجين.
(22) إن الأبرار لفي نعيم.
(23) على الأرائك ينظرون على الأسرة في الحجال ينظرون إلى ما يسرون به
من النعيم.
(24) تعرف في وجوههم نضرة النعيم بهجة التنعم وبريقه وقرئ تعرف على
بناء المفعول ونضرة بالرفع.
(25) يسقون من رحيق شراب خالص مختوم.
(26) ختامه مسك قيل أي مختوم أوانيه بالمسك مكان الطين ولعله تمثيل
لنفاسته والقمي قال ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه.
301

أقول: لعله أراد به أنه يجدها في آخر شربه وقرئ خاتمه بفتح التاء أي ما
يختم به وفى ذلك فليتنافس المتنافسون فليرتغب المرتغبون.
(27) ومزاجه من تسنيم علم لعين بعينها سميت تسنيما لارتفاع مكانها أو
رفعة شرابها قيل هو مصدر سنمه إذا رفعه لأنه أرفع شراب أهل الجنة أو لأنها تأتيهم
من فوق والقمي قال أشرف شراب أهل الجنة يأتيهم من عالي يسنم عليهم في
منازلهم.
(28) عينا يشرب بها المقربون وهم آل محمد صلوات الله عليهم يقول الله
السابقون السابقون أولئك المقربون رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وعلي بن
أبي طالب (عليه السلام) وذرياتهم تلحق بهم يقول الله ألحقنا بهم ذريتهم والمقربون
يشربون من تسنيم صرفا وسائر المؤمنين ممزوجا قيل إنما يشربونها صرفا لأنهم لم
يشتغلوا بغير الله.
(29) إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون يستهزؤن.
(30) وإذا مروا بهم يتغامزون يغمض بعضهم بعضا ويشيرون بأعينهم.
(31) وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين متلذين بالسخرية منهم وقرئ
فكهين القمي قال يسخرون القمي ان الذين أجرموا الأول والثاني ومن تابعهما
يتغامزون برسول الله آخر السورة
وفي المجمع قيل نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وذلك إنه كان في نفر
من المسلمين جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسخر منهم المنافقون
وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه
فنزلت الآيات قبل أن يصل علي وأصحابه إلى النبي (صلى الله عليه وآله).
وعن ابن عباس إن الذين أجرموا منافقوا قريش والذين آمنوا علي بن أبي طالب
(عليه السلام).
302

(32) وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وإذا رأوا المؤمنين نسبوهم إلى
الضلال.
(33) وما أرسلوا عليهم على المؤمنين حافظين يحفظون عليهم أعمالهم
ويشهدون برشدهم وضلالهم.
(34) فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون حين يرونهم أذلاء مغلولين في
النار وروي أنه يفتح لهم باب إلى الجنة فيقال لهم اخرجوا إليها فإذا وصلوا أغلق
دونهم فيضحك المؤمنون منهم.
(35) على الأرائك ينظرون.
(36) هل ثوب الكفار هل أثيبوا ما كانوا يفعلون.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ في الفريضة
ويل للمطففين أعطاه الله الامن يوم القيامة من النار ولم يراها ولا يمر على جسر
جهنم ولا يحاسب يوم القيامة إنشاء الله.
303

سورة الانشقت
وتسمى سورة انشقاق مكية عدد آيها ثلاث وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إذا السماء انشقت قيل بالغمام لقوله تعالى يوم تشقق السماء بالغمام.
وروي عن علي (عليه السلام) تنشق من المجرة القمي قال يوم القيامة.
(2) وأذنت لربها واستمعت له أي انقادت لتأثير قدرته حين أراد انشقاقها انقياد
المطواع الذي يأذن للأمير ويذعن له وحقت وجعلت حقيقة بالاستماع والانقياد.
(3) وإذا الأرض مدت بسطت بأن تزال جبالها وآكامها.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال تبدل الأرض غير الأرض
والسماوات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.
(4) وألقت ما فيها ما في جوفها من الكنوز والأموات وتخلت وتكلفت في
الخلو أقصى جهدها حتى لم يبق شئ في باطنها القمي قال تمد الأرض فتنشق
فيخرج الناس منها.
(5) وأذنت لربها في الالقاء والتخلية وحقت للاذن وجواب إذا محذوف.
(6) يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ساع إليه سعيا إلى لقاء
جزائه.
(7) فأما من اوتى كتابه بيمينه.
(8) فسوف يحاسب حسابا يسيرا سهلا لا مناقشة فيه.
304

في المعاني عن الباقر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل
محاسب معذب فقال له قائل يا رسول الله فأين قول الله عز وجل فسوف يحاسب حسابا
يسيرا قال ذلك العرض يعني التصفح وفي الجوامع روي أن الحساب اليسير هو الإثابة
على الحسنات والتجاوز عن السيئات ومن نوقش في الحساب عذب.
(9) وينقلب إلى أهله مسرورا إلى عشيرته المؤمنين والحور العين.
(10) وأما من أوتى كتابه وراء ظهره قيل كأي تؤتى كتاب بشماله من وراء ظهره
وقيل تغل يمناه إلى عنقه وتجعل يسراه وراء ظهره.
(11) فسوف يدعوا ثبورا يتمنى الثبور ويقول وا ثبوراه وهو الهلاك والقمي الثبور
الويل.
(12) ويصلى سعيرا وقرئ يصلى بالتشديد من التصلية.
(13) إنه كان في أهله مسرورا بطرا بالمال والجاه فارغا عن الآخرة.
(14) إنه ظن أن لن يحور لن يرجع بعد ما يموت.
(15) بلى يرجع إن ربه كان به بصيرا عالما بأعماله فلا يمهله بل يرجعه
ويجازيه.
(16) فلا اقسم بالشفق القمي الحمرة بعد غروب الشمس.
(17) والليل وما وسق وما جمعه وستره.
(18) والقمر إذا اتسق اجتمع وتم بدرا.
(19) لتركبن طبقا عن طبق حالا بعد حال مطابقة لأختها.
في الاكمال عن الصادق (عليه السلام) لتركبن طبقا عن طبق أي سير من كان
قبلكم.
وفي الجوامع عنه (عليه السلام) لتركبن سنن من كان قبلكم من الأولين وأحوالهم.
305

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أي لتسلكن سبيل من كان
قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء.
وفي الكافي والقمي عن الباقر (عليه السلام) أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها
طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان
والقمي يقول لتركبن سبيل من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة لا
تخطون طريقهم ولا يخطي شبر بشبر وذراع بذراع وباع بباع حتى أن لو كان
من قبلكم دخل حجر ضب لدخلتموه
قالوا اليهود والنصارى تعني يا رسول الله
قال فمن أعني لينقض عرى الاسلام عروة عروة فيكون أول ما تنقضون من
دينكم الأمانة وآخره الصلاة وقرئ لتركبن بالفتح على خطاب الانسان باعتبار
اللفظ.
(20) فما لهم لا يؤمنون.
(21) وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لا يخضعون أو لا يسجدون
لتلاوته.
في الجوامع عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قرأ ذات يوم واسجد واقترب
فسجد هو ومن معه من المؤمنين وقريش تصفق فوق رؤوسهم وتصفر فنزلت.
(22) بل الذين كفروا يكذبون.
(23) والله أعلم بما يوعون بما يضمرون في صدورهم من الكفر والعداوة.
(24) فبشرهم بعذاب أليم استهزاء بهم.
(25) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات استثناء منقطع أو متصل والمراد من
306

تاب وآمن منهم لهم أجر غير ممنون غير مقطوع أو غير ممنون به عليهم
وقد سبق ثواب قراءتها في سورة الانفطار.
307

سورة البروج
مكية اثنتان وعشرون آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والسماء ذات البروج يعني البروج الاثني عشر وقد سبق بيانها في سورة
الحجر.
(2) واليوم الموعود القمي أي يوم القيامة.
وفي المجمع واليوم الموعود يوم القيامة في قول جميع المفسرين وهو اليوم
الذي يجازى فيه الخلائق ويفصل فيه القضاء.
(3) وشاهد ومشهود القمي قال الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم القيامة.
وفي المعاني عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل عن ذلك فقال ما قيل لك فقال
السائل قالوا الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة فقال ليس كما قيل لك الشاهد يوم
عرفة والمشهود يوم القيامة أما تقرأ القرآن قال الله عز وجل ذلك يوم مجموع له الناس
وذلك يوم مشهود.
وعن الصادق (عليه السلام) الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة والموعود يوم
القيامة وفي المجمع عن الحسن المجتبى (عليه السلام) انه سئل عن ذلك فقال أما
الشاهد فمحمد وأما المشهود فيوم القيامة أما سمعت الله سبحانه يقول يا أيها النبي انا
أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وقال ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود.
وفي الكافي والمعاني عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن ذلك قال النبي
308

(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام).
(4) قتل أصحاب الأخدود أي الخد وهو الشق في الأرض.
(5) النار ذات الوقود.
(6) إذ هم عليها قعود على جوانبها قاعدون.
(7) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود.
(8) وما نقموا وما أنكروا منهم إلا أن يؤمنوا إلا لان يؤمنوا. بالله العزيز
الحميد.
(9) الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شئ شهيد.
في المجمع عن العياشي عن الباقر (عليه السلام) قال ارسل علي (عليه السلام)
إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الأخدود فأخبره بشئ فقال (عليه السلام) ليس
كما ذكرت ولكن سأخبرك عنهم ان الله بعث رجلا حبشيا نبيا وهم حبشة فكذبوه
فقاتلهم فقتلوا أصحابه وأسروه وأسروا أصحابه ثم بنوا له حيرا ثم ملأه نارا ثم
جمعوا الناس فقالوا من كان على ديننا وأمرنا فليعزل ومن كان على دين هؤلاء فليرم
نفسه في النار معه فجعل أصحابه يتهافتون في النار فجاءت امرأة معها صبي لها ابن
شهر فلما هجمت هابت ورقت على ابنها فناداها الصبي لا تهابي وارمي بي وبنفسك في
النار فان هذا والله في الله قليل فرمت بنفسها في النار وصبيها وكان ممن تكلم في
المهد.
وفي المحاسن عنه (عليه السلام) ما في معناه والقمي قال كان سببهم إن الذي
هيج الحبشة على غزوة اليمن ذو نواس وهو آخر من ملك من حمير تهود واجتمعت
معه حمير على اليهودية وسمى نفسه يوسف وأقام على ذلك حينا من الدهر ثم اخبر
ان بنجران بقايا قوم على دين النصرانية وكانوا على دين عيسى (عليه السلام) وعلى
حكم الإنجيل ورأس ذلك الدين عبد الله بن برياس فحمله أهل دينه على أن يسير
إليهم ويحملهم على اليهودية ويدخلهم فيها فسار حتى قدم نجران فجمع من كان بها
309

على دين النصرانية ثم عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها فأبوا عليه فجادلهم
وعرض عليهم وحرض الحرض كله فأبوا عليه وامتنعوا عن اليهودية والدخول
فيها واختاروا القتل فاتخذ لهم أخدودا وجمع فيه من الحطب وأشعل فيه النار فمنهم من
احرق بالنار ومنهم من قتل بالسيف ومثل بهم كل مثلة فبلغ عدد من قتل واحرق بالنار
عشرين ألفا وأفلت رجل منهم يدعى دوس ذو بغلتان على فرس له وركضه واتبعوه
حتى أعجزهم في الرمل ورجع ذو نواس إلى ضيعة من جنوده فقال الله قتل أصحاب الا خدود إلى قوله العزيز الحميد.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال كان ملك فيمن كان قبلكم له
ساحر فلما مرض الساحر قال إني قد حضر أجلي فادفع إلي غلاما اعلمه السحر فدفع
إليه غلاما وكان يختلف إليه وبين الساحر والملك راهب فمر الغلام بالراهب فأعجبه
كلامه وأمره فكان يطيل عنده القعود فإذا أبطأ على الساحر ضربه وإذا أبطأ عن أهله
ضربوه فشكا ذلك إلى الراهب فقال يا بني إذا استبطأك الساحر فقل حبسني أهلي وإذا
استبطأك أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو ذات يوم إذا بالناس قد غشيتهم دابة
عظيمة فقال اليوم اعلم أمر الساحر أفضل أم أمر الراهب فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان
أمر الراهب أحب إليك فاقتل هذه الدابة فرمى فقتلها ومضى الناس فأخبر بذلك
الراهب فقال يا بني إنك ستبتلى فإذا ابتليت فلا تدل علي قال وجعل يداوي الناس
فيبرئ الأكمه والأبرص فبينما هو كذلك إذ عمى جليس للملك فأتاه وحمل إليه مالا
كثيرا فقال اشفني ولك ما هاهنا فقال أنا لا أشفي أحدا ولكن الله يشفي فإن آمنت بالله
دعوت الله فشفاك قال فآمن فدعا الله فشفاه فذهب فجلس إلى الملك فقال يا فلان من
شفاك فقال ربي قال أنا قال لا ربى وربك الله قال أو ان لك ربا غيري قال نعم ربي
وربك الله فأخذه فلم يزل به حتى دله على الغلام فبعث إلى الغلام فقال لقد بلغ من
امرك ان تشفي الأكمه والأبرص قال ما أشفي أحدا ولكن ربي يشفي قال أو ان لك ربا
غيري قال نعم ربي وربك الله فأخذه فلم يزل به حتى دله على الراهب فوضع المنشار
عليه فنشره حتى وقع شقاه فقال للغلام ارجع عن دينك فأبى فأرسل معه نفرا وقال
اصعدوا به جبلا كذا وكذا فان رجع عن دينه وإلا فدهدهوه منه قال فعلوا به الجبل
310

فقال اللهم اكفينهم بما شئت فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعون وجاء إلى الملك
فقال ما صنع أصحابك فقال كفانيهم الله فأرسل به مرة أخرى قال انطلقوا به فلججوه
في البحر فإن رجع وإلا فغرقوه فانطلقوا به في قرقور فلما توسطوا به البحر قال اللهم
اكفينهم بما شئت فانكفئت بهم السفينة وجاء حتى قام بين يدي الملك فقال ما صنع
أصحابك فقال كفانيهم الله ثم قال إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما امرك به اجمع
الناس ثم اصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضعه على كبد القوس
ثم قل باسم رب الغلام فإنك ستقتلني قال فجمع الناس وصلبه ثم
أخذ سهما من كنانته فوضعه على كبد القوس وقال باسم رب الغلام
فرمى فوقع في صدغه فمات فقال الناس آمنا برب الغلام فقيل
له أرأيت ما كنت تخاف قد نزل والله بك آمن الناس فأمر بالا خدود فخددت على أفواه
السكك ثم أضرمها نارا فقال من رجع عن دينه فدعوه ومن أبي فاقحموه فيها فجعلوا
يقتحمونها وجاءت امرأة بابن لها فقال لها يا أمه اصبري فإنك على الحق قال ابن
المسيب كنا عند عمر بن الخطاب إذ ورد عليه انهم احتفروا فوجدوا ذلك الغلام وهو
واضع يده على صدغه فكلما مدت يده عادت إلى صدغه فكتب عمر واروه حيث
وجدتموه.
(10) إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات بلاهم بالأذى ثم لم يتوبوا
فلهم عذاب جهنم بكفرهم ولهم عذاب الحريق العذاب الزائد في الاحراق بفتنتهم
وقيل المراد بالذين فتنوا أصحاب الأخدود وبعذاب الحريق ما روى أن النار انقلب
عليهم فأحرقتهم.
(11) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار
ذلك الفوز الكبير إذ الدنيا وما فيها يصغر دونه.
(12) ان بطش ربك لشديد مضاعف عنفه فإن البطش أخذ بعنف.
(13) إنه هو يبدئ ويعيد يبدأ الخلق ويعيده.
(14) وهو الغفور الودود لمن تاب وأطاع.
(15) ذو العرش المجيد العظيم في ذاته وصفاته.
311

القمي عن الباقر (عليه السلام) في قوله ذو العرش المجيد قال فهو الله الكريم
المجيد.
(16) فعال لما يريد لا يمتنع عليه مراد.
(17) هل أتيك حديث الجنود.
(18) فرعون وثمود أريد بفرعون هو وقومه والمعنى قد عرفت تكذيبهم
للرسل وما حاق بهم فتسل واصبر على تكذيب قومك وحذرهم مثل ما أصابهم.
(19) بل الذين كفروا في تكذيب لا يرعوون عنه.
(20) والله من ورائهم محيط لا يفوتونه.
(21) بل هو قرآن مجيد بل هذا الذي كذبوا به كتاب شريف وحيد في النظم
والمعنى.
(22) في لوح محفوظ من التحريف والتبديل.
القمي قال عن الصادق (عليه السلام) قال بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده
جبرئيل إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل السماء إلى أن قال قال جبرئيل (عليه السلام) ان هذا
إسرافيل حاجب الرب وأقرب خلق الله منه واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء فإذا
تكلم الرب تبارك وتعالى بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ثم ألقاه إلينا نسعى به
في السماوات والأرض والقمي قال اللوح له طرفان طرف على يمين العرش وطرف
على جبين إسرافيل فإذا تكلم الرب جل ذكره بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل
فنظر في اللوح فيوحى بما في اللوح إلى جبرئيل.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ والسماء ذات
البروج في فرائضه فإنها سورة النبيين (عليهم السلام) كان محشره وموقفه مع النبيين
والمرسلين والصالحين إنشاء الله.
312

سورة الطارق
مكية عدد آيها ست عشر آية بلا خلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والسماء والطارق الكوكب الذي يبدو بالليل.
(2) وما أدريك ما الطارق.
(3) النجم الثاقب المضئ كأنه يثقب الا فلاك بضوئه فينفذ فيها القمي قال
الطارق النجم الثاقب وهو نجم العذاب ونجم القيامة وهو زحل في أعلى المنازل.
وفي الخصال عن الصادق (عليه السلام) إنه قال لرجل من أهل اليمن ما زحل
عندكم في النجوم قال اليماني نجم نحس فقال (عليه السلام) لا تقولن هذا فإنه نجم
أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو نجم الأوصياء وهو النجم الثاقب الذي قال الله في
كتابه فقال له اليماني فما يعني بالثاقب قال لان مطلعه في السماء السابعة وأنه ثقب
بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا فمن ثم سماه الله النجم الثاقب.
(4) إن كل نفس لما عليها حافظ جواب القسم أي إن الشأن كل نفس لعليها
حافظ رقيب فان هي المخففة واللام الفاصلة وما مزيدة وقرئ لما بالتشديد فهي
بمعنى إلا وان نافية القمي حافظ قال الملائكة.
(5) فلينظر الانسان مم خلق ليعلم صحة إعادته فلا يملي على حافظه إلا ما
ينفعه في عاقبته.
(6) خلق من ماء دافق الدفق صب فيه دفع القمي قال النطفة التي تخرج
بقوة.
313

(7) يخرج من بين الصلب والترائب بين صلب الرجل وترائب المرأة وهي
صدرها.
إنه أي الخالق ويدل عليه خلق على رجعه لقادر قال كما خلقه من نطفة
يقدر أن يرده إلى الدنيا وإلى القيامة.
(9) يوم تبلى السرائر تختبر وتتعرف وتتميز بين ما طاب منها وما خبث القمي
قال يكشف عنها.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه سئل ما هذه السرائر التي ابتلى
الله بها العباد في الآخرة فقال سرائركم هي أعمالكم من الصلاة والصيام والزكاة
والوضوء والغسل من الجنابة وكل مفروض لان الاعمال كلها سرائر خفية فان شاء
الرجل قال صليت ولم يصل وإن شاء؟ قال توضأت ولم يتوضأ فذلك قوله يوم تبلى
السرائر.
(10) فماله فما للانسان من قوة ولا ناصر.
القمي عن أبي بصير قال ما له من قوة يقوى بها على خالقه ولا ناصر من الله
ينصره إن أراد به سوء.
(11) والسماء ذات الرجع قيل ترجع في كل دورة إلى الموضع الذي تحركت
عنه.
والقمي قال ذات المطر قيل إنما سمي المطر رجعا وأوبا لان الله يرجعه وقتا
فوقتا.
(12) والأرض ذات الصدع قال ذات النبات.
أقول: يعني تتصدع بالنبات وتنشق بالعيون.
(13) إنه لقول فصل.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) يعني ان القرآن يفصل بين الحق والباطل
314

بالبيان عن كل واحد منها.
(14) وما هو بالهزل فإنه جد كله.
(15) إنهم يكيدون كيدا في ابطاله واطفاء نوره.
(16) وأكيد كيدا وأقابلهم بكيدي في استدراجهم وانتقامي منهم بحيث لا
يحتسبون فمهل الكافرين فلا تشتغل بالانتقام منهم ولا تستعجل بإهلاكهم أمهلهم
رويدا امهالا يسيرا القمي قال دعهم قليلا.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من كان قراءته في
فرائضه بالسماء والطارق كانت له عند الله يوم القيامة جاه ومنزلة وكان من رفقاء النبيين
(عليهم السلام) وأصحابهم في الجنة.
315

سورة الاعلى
مكية وقيل مدنية وهي تسع عشر آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) سبح اسم ربك الاعلى القمي قال قل سبحان ربي الأعلى.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) قال إذا قرأت سبح اسم ربك الاعلى فقل
سبحان ربي الأعلى وإن كنت في الصلاة فقل فيما بينك وبين نفسك.
وعن ابن عباس كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا قرأ سورة سبح اسم ربك
الاعلى قال سبحان ربي الأعلى.
وكذلك روي عن علي (عليه السلام) وفي التهذيب والعياشي عن عقبة بن عامر
الجهني قال لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال رسول الله اجعلوها في ركوعكم
ولما نزلت سبح اسم ربك الاعلى قال اجعلوها في
الركوع اللهم لك ركعت وفي السجود اللهم لك سجدت.
(2) الذي خلق فسوى خلق كل شئ فسوى خلقه بأن جعل له ما به يتأتى كما له
ويتم معاشه.
(3) والذي قدر فهدى القمي قال قدر الأشياء بالتقدير الأول ثم هدى إليها
من يشاء وقرئ قدر بالتخفيف.
وفي المجمع هو قراءة علي (عليه السلام).
(4) والذي أخرج المرعى القمي قال أي النبات.
316

(5) فجعله بعد إخراجه غثاء أحوى يابسا أسود القمي قال يصير هشيما بعد
بلوغه ويسود.
(6) سنقرئك قال أي نعلمك فلا تنسى.
(7) إلا ما شاء الله القمي قال ثم استثنى لأنه لا يؤمن عليه النسيان لان الذي لا
ينسى هو الله.
وفي المجمع عن ابن عباس قال كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا نزل عليه
جبرئيل بالوحي يقرأه مخافة أن ينساه فكان لا يفرغ جبرئيل من آخر الوحي حتى يتكلم
هو بأوله فلما نزلت هذه الآية لم ينس بعد ذلك شيئا إنه يعلم الجهر وما يخفى ما ظهر
من أحوالكم وما بطن.
(8) ونيسرك لليسرى للطريقة اليسرى في حفظ الوحي (1).
(9) فذكر إن نفعت الذكرى.
(10) سيذكر من يخشى سيتعظ وينتفع بها من يخشى الله.
(11) ويتجنبها ويتجنب الذكرى الأشقى.
(12) الذي يصلى النار الكبرى القمي قال نار يوم القيامة.
(13) ثم لا يموت فيها فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه فيكون كما قال الله ويأتيه
الموت من كل مكان وما هو بميت.
(14) قد أفلح من تزكى تطهر من الشرك والمعصية.
(15) وذكر اسم ربه بقلبه ولسانه فصلى القمي قال قد أفلح من تزكى قال زكاة
الفطر إذا أخرجها قبل صلاة العيد وذكر اسم ربه فصلى قال صلاة الفطر والأضحى.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن قول الله عز وجل قد أفلح من

(1) وقيل معناه تسهل لك من الألطاف والتأييد ما يثبتك على أمرك ويسهل عليك المستصعب من تبليغ الرسالة
والصبر عليه.
317

تزكى قال من أخرج الفطرة قيل وذكر اسم ربه فصلى قال خرج إلى الجبانة
فصلى.
في الكافي عن الرضا (عليه السلام) قال لرجل ما معنى قوله تعالى وذكر اسم ربه
فصلى قال كلما ذكر اسم ربه قام فصلى فقال لقد كلف الله هذا شططا قال فكيف هو
فقال كلما ذكر اسم ربه فصلى على محمد وآله (عليهم السلام).
(16) بل تؤثرون الحياة الدنيا وقرئ بالياء.
(17) والآخرة خير وأبقى فإن نعيمها خالص عن الغوائل لا انقطاع له.
(18) إن هذا لفي الصحف الأولى.
(19) صحف إبراهيم وموسى عليهم السلام) إشارة إلى ما سبق من قوله قد
أفلح.
في الخصال عن أبي ذر أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كم أنزل الله من
كتاب قال مأة كتاب وأربعة كتب أنزل الله على شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس
(عليه السلام) ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم (عليه السلام) عشرين صحيفة وأنزل التوراة
والإنجيل والزبور والفرقان قال قلت يا رسول الله وما كانت صحف إبراهيم (عليه السلام)
قال كانت أمثالا كلها وكان فيها أيها الملك المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع
الدنيا بعضها إلى بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها وإن كانت
من كافر وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها
ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيما صنع الله عز وجل إليه وساعة يخلو
فيها بحظ نفسه من الحلال فإن هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب
وتوديع لها وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه فان من
حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث مرمة
لمعاش أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم قال قلت يا رسول الله فما كانت صحف
موسى قال كانت عبرا كلها وفيها عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ولمن أيقن بالنار
كيف يضحك ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ولمن يؤمن بالقدر
318

كيف ينصب ولمن أيقن بالحساب لم لا يعمل قال قلت فهل في أيدينا مما أنزل الله
عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى (عليهما السلام) قال يا أبا ذر إقرأ قد
أفلح من تزكى إلى آخر السورة.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن الله عز وجل لم يعط الأنبياء
شيئا إلا وقد أعطاه محمدا (صلى الله عليه وآله) قال وقد اعطى محمدا (صلى الله عليه وآله) ما اعطى
الأنبياء وعندنا الصحف التي قال الله عز وجل صحف إبراهيم وموسى (عليهما
السلام) قيل هي الألواح قال نعم.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سبح اسم ربك
الاعلى في فريضة أو نافلة قيل له يوم القيامة ادخل الجنة من أي أبواب الجنة شئت إن
شاء الله وعنه (عليه السلام) الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة
الجمعة بالجمعة وسبح اسم ربك الاعلى.
319

سورة الغاشية
مكية عدد آيها ست وعشرون آية بلا خلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) هل أتيك حديث الغاشية الداهية التي تغشى الناس بشدائدها يعني يوم
القيامة.
(2) وجوه يومئذ خاشعة ذليلة.
(3) عاملة ناصبة عملت ونصبت في أعمال لا تنفعها يومئذ.
(4) تصلى نارا حامية متناهية في الحر.
(5) تسقى من عين آنية بلغت أناها في الحر القمي هم الذين خالفوا دين الله
وصلوا وصاموا ونصبوا لأمير المؤمنين (عليه السلام) عملوا ونصبوا فلا يقبل منهم شئ
من أفعالهم وتصلى وجوههم نارا حامية.
(6) ليس لهم طعام إلا من ضريع.
(7) لا يسمن ولا يغنى من جوع قال قال عرق أهل النار وما يخرج من فروج
الزواني.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) الضريع شئ يكون في النار يشبه
الشوك أمر من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار سماه الله الضريع.
وفي رواية القمي عنه (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل لو أن قطرة من الضريع
قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها.
320

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال لا يبالي الناصب صلى أم زنى وهذه
الآية نزلت فيهم عاملة ناصبة تصلى نارا حامية.
وعنه عن أبيه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال كل ناصب وإن تعبد واجتهد
فمنسوب إلى هذه الآية عاملة ناصبة.
وفي المجالس والمجمع عنه (عليه السلام) مثله وفي رواية القمي كل من
خالفكم وإن تعبد واجتهد الحديث.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) في قوله تعالى هل أتيك حديث الغاشية قال
يغشاهم القائم (عليه السلام) بالسيف خاشعة قال لا تطيق الامتناع عاملة قال عملت
بغير ما أنزل الله ناصبة قال نصبت غير ولاة أمر الله تصلى نارا حامية قال تصلى نار
الحرب في الدنيا على أهل القائم (عليه السلام) وفي الآخرة نار جهنم وفي رواية
الغاشية الذين يغشون الإمام (عليه السلام) لا يسمن ولا يغنى من جوع قال لا ينفعهم
الدخول ولا يغنيهم القعود.
(8) وجوه يومئذ ناعمة ذات بهجة القمي هم اتباع أمير المؤمنين (عليه
السلام).
(9) لسعيها راضية قال يرضى الله بما سعوا فيه.
(10) في جنة عالية.
(11) لا تسمع فيها لاغية قال الهزل والكذب وقرئ على بناء المفعول
بالتاء وبالياء.
(12) فيها عين جارية لا ينقطع جريها.
(13) فيها سرر مرفوعة رفيعة السمك أو القدر.
(14) وأكواب موضوعة الكوب اناء لا عروة له.
(15) ونمارق مصفوفة بعضها إلى بعض القمي البسط والوسائد.
321

(16) وزرابي مبثوثة قال قال كل شئ خلقه الله في الجنة له مثال في الدنيا إلا
الزرابي فإنه لا يدرى ما هي وقيل النمارق المساند والزرابي البسط الفاخرة جمع
زربية مبثوثة أي مبسوطة.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) لولا أن الله تعالى قدرها لهم
لا لتمعت أبصارهم بما يرون.
(17) أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت خلقا دالا على كمال قدرته وحسن
تدبيره حيث خلقها لجر الأثقال إلى البلاد النائية فجعلها عظيمة باركة للحمل ناهضة
بالحمل منقادة لمن اقتادها طوال الأعناق لتنوء بالاوقار ترعى كل نابت وتحتمل
العطش ليتأتى لها قطع البراري والمفاوز قال الله تعالى وتحمل أثقالكم إلى بلد لم
تكونوا بليغة إلا بشق الأنفس مع ما لها من منافع اخر.
(18) وإلى السماء كيف رفعت بلا عمد.
(19) وإلى الجبال كيف نصبت راسخة لا تميل.
(20) وإلى الأرض كيف سطحت بسطت حتى صارت مهادا.
وفي المجمع عن علي (عليه السلام) انه قرأ بفتح أوائل هذه الحروف كلها
وضم التاء.
(21) فذكر إنما أنت مذكر فلا عليك إن لم ينظروا أو لم يذكروا إذ ما عليك إلا
البلاغ.
(22) لست عليهم بمصيطر بمتسلط وقرئ بالسين القمي قال لست بحافظ
ولا كاتب عليهم.
(23) إلا من تولى وكفر لكن من تولى وكفر.
(24) فيعذبه الله العذاب الأكبر الغليظ الشديد الدائم.
(25) إن إلينا إيابهم رجوعهم ومصيرهم بعد الموت.
322

(26) ثم إن علينا حسابهم جزاءهم على أعمالهم.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأولين
والآخرين لفصل الخطاب دعي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعي أمير المؤمنين
(عليه السلام) فيكسى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حلة خضراء تضئ ما بين المشرق
والمغرب ويكسى علي (عليه السلام) مثلها ويكسى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حلة
وردية يضئ بها ما بين المشرق والمغرب ويكسى علي (عليه السلام) مثلها ثم يصعدان
عندها ثم يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس فنحن والله ندخل أهل الجنة الجنة وأهل
النار النار.
وعن الكاظم (عليه السلام) إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم فما كان لهم من
ذنب بينهم وبين الله تعالى حتمنا على الله في تركه لنا فأجابنا إلى ذلك وما كان بينهم
وبين الناس استوهبناه منهم وأجابوا إلى ذلك وعوضهم الله عز وجل.
وفي الأمالي عن الصادق (عليه السلام) قال إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب
شيعتنا فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم وما كان لنا فهو لهم.
في ثواب الأعمال والمجمع عنه (عليه السلام) من أدمن قراءة هل أتاك حديث
الغاشية في فريضة أو نافلة غشاه الله برحمته في الدنيا والآخرة واتاه الامن يوم القيامة
من عذاب النار إنشاء الله تعالى.
323

سورة الفجر
مكية وهي اثنتان وثلاثون آية كوفي شامي تسع وعشرين بصري
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والفجر
(2) وليال عشر اقسم الله بانفجار الصبح القمي قال ليس فيها واو وإنما هو الفجر
وليال عشر قال عشر ذي الحجة.
(3) والشفع والوتر وقرئ بالفتح قيل أي الأشياء كلها شفعها ووترها والقمي
قال الشفع ركعتان والوتر ركعة قال وفي حديث آخر قال الشفع الحسن والحسين
(عليهما السلام) والوتر أمير المؤمنين (عليه السلام).
وفي المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) الشفع يوم التروية والوتر يوم
عرفة.
(4) والليل إذا يسر قيل إذا يمضي كقوله والليل إذا أدبر القمي قال هي ليلة
جمع.
(5) هل في ذلك قسم لذي حجر يعتبره.
القمي عن الباقر (عليه السلام) يقول لذي عقل والمقسم عليه محذوف أي
ليعذبن كما يدل عليه ما بعده.
(6) ألم تر كيف فعل ربك بعاد يعني أولاد عاد بن عوص بن ارم بن سام بن
نوح (عليه السلام) قوم هود سموا باسم أبيهم كذا قيل.
(7) إرم عطف بيان لعاد على تقدير مضاف أي سبط ارم أو أهل ارم ذات العماد
324

ذات البناء الرفيع أو القدود الطوال.
(8) التي لم يخلق مثلها في البلد قيل كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا
ثم مات شديد فخلص الامر لشداد وملك المعمورة ودانت له ملوكها فسمع بذكر
الجنة فبنى على مثالها في بعض صحارى عدن جنة وسماه ارم فلما تم سار إليها
بأهله فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا.
(9) وثمود الذين جابوا الصخر قطعوه واتخذوه منازل لقوله وتنحتون من
الجبال بيوتا بالواد وادي القرى.
(10) وفرعون ذي الأوتاد مضى الوجه في تسميته بذي الأوتاد في سورة ص.
(11) الذين طغوا في البلد.
(12) فأكثروا فيها الفساد بالكفر والظلم.
(13) فصب عليهم ربك سوط عذاب.
(14) إن ربك لبالمرصاد فأما المكان الذي يترقب فيه الرصد.
في المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) معناه ان ربك قادر على أن يجزي
أهل المعاصي جزاءهم.
وعن الصادق (عليه السلام) قال المرصاد قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد
بمظلمة عبد ويأتي حديث آخر فيه.
(15) فأما الانسان إذا ما ابتليه ربه اختبره بالغنى واليسر فأكرمه ونعمه بالجاه
والمال فيقول ربى أكرمن.
(16) وأما إذا ما ابتله اختبره بالفقر والتقتير فقدر عليه رزقه فضيق عليه وقتر.
فيقول ربى أهانن لقصور نظره وسوء فكره فان التقتير قد يؤدي إلى كرامة
325

الدارين والتوسعة قد تفضي إلى قصد الأعداء والانهماك في حب الدنيا ولذلك ذمه
على قوليه وردعه وقرئ أكرمن وأهانن بغير ياء وبالتشديد في قدر.
(17) كلا بل لا تكرمون اليتيم.
(18) ولا يحاضون على طعام المسكين أي بل فعلهم أسوء من قولهم وأدل على
تهالكهم بالمال وهو أنهم لا يكرمون اليتيم بالتفقد والمبرة وإغنائهم من ذل السؤال
ولا يحثون أهلهم على طعام المسكين فضلا عن غيرهم.
(19) ويأكلون التراث أكلا لما ذا لم أي جمع بين الحلال والحرام
فإنهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان ويأكلون أنصباءهم أو يأكلون ما جمعه المورث
من حلال وحرام عالمين بذلك.
(20) ويحبون المال حبا جما كثيرا مع حرص وشهوة وقرئ بالياء في
الجميع على الالتفات أو تقدير قل.
(21) كلا ردع لهم عن ذلك وما بعده وعيد عليه إذا دكت الأرض دكا دكا دكا
بعد دك حتى صارت منخفضة الجبال والتلال أو هباء منبثا.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال هي الزلزلة.
(22) وجاء ربك أي امر ربك.
كذا في التوحيد والعيون عن الرضا (عليه السلام) أي ظهرت آيات قدرته وآثار
قهره مثل ذلك بما يظهر عند حضور السلطان من آثار هيبته وسياسته والملك صفا
صفا بحسب منازلهم ومراتبهم.
(23) وجيئ يومئذ بجهنم كقوله وبرزت الجحيم.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال لما نزلت هذه الآية وجئ يومئذ بجهنم سئل
عن ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال أخبرني الروح الأمين ان الله لا إله غيره
إذا أبرز الخلائق وجمع الأولين والآخرين اتي بجهنم تقاد بألف زمام أخذ بكل زمام مأة
326

ألف تقودها من الغلاظ الشداد لها هدة وغضب وزفير وشهيق وأنه لتزفر الزفرة فلو لا
أن الله اخرهم للحساب لاهلكت الجميع ثم يخرج منها عنق فيحيط بالخلائق البر
منهم والفاجر ما خلق الله عبدا من عباد الله ملكا ولا نبيا إلا ينادي رب نفسي نفسي
وأنت يا نبي الله تنادي أمتي أمتي ثم يوضع عليها الصراط أدق من الشعر وأحد من حد
السيف عليها ثلاثة قناطر فاما واحدة فعليها الأمانة والرحم والثانية فعليها الصلاة
والثالثة فعليها رب العالمين لا إله غيره فيكلفون الممر عليها فيحبسهم الرحم والأمانة
فان نجوا منها حبستهم الصلاة فان نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين وهو قوله إن
ربك لبالمرصاد والناس على الصراط فمتعلق بيد وتزل قدم ويستمسك بقدم
والملائكة حولها ينادون يا حليم اعف واصفح وعد بفضلك وسلم سلم والناس
يتهافتون في النار كالفراش فيها فإذا نجا ناج برحمة الله مربها فقال الحمد لله وبنعمته
تتم الصالحات وتزكوا الحسنات والحمد لله الذي نجاني منك بعد اياس بمنه وفضله
ان ربنا لغفور شكور.
وفي الكافي ما في معناه يومئذ يتذكر الانسان وأنى له الذكرى أي منفعة
للذكرى.
(24) يقول يا ليتني قدمت لحياتي أي لحياتي هذه أو وقت حياتي في الدنيا
أعمالا صالحة.
(25) فيومئذ لا يعذب عذابه أحد أي مثل عذابه.
(26) ولا يوثق وثاقه أحد أي مثل وثاقه لتناهيه في كفره وعناده القمي قال هو
الثاني وقرئ على بناء المفعول فيهما.
وفي المجمع رواها عن النبي (صلى الله عليه وآله) وهي أحسن لما في توجيه
الأولى من التكلف بتقدير إلا الله أو غير ذلك.
(27) يا أيتها النفس المطمئنة على إرادة القول وهي التي اطمأنت إلى الحق.
(28) ارجعي إلى ربك كما بدأت منه راضية مرضية.
327

(29) فادخلي في عبادي (1) وادخلي جنتي.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل هل يكره المؤمن على قبض
روحه قال لا والله إنه إذا أتاه ملك الموت ليقبض روحه جزع عند ذلك فيقول له ملك
الموت يا ولي الله لا تجزع فوالذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) لأنا ابربك واشفق
عليك من والد رحيم لو حضرك افتح عينيك فانظر قال ويمثل له رسول الله (صلى الله
عليه وآله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام) فيقال له
هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة
(عليهم السلام) رفقاؤك فيفتح عينيه فينظر فينادي روحه مناد من قبل رب العزة فيقول يا
أيتها النفس المطمئنة إلى محمد وأهل بيته (عليهم السلام) ارجعي إلى ربك راضية
بالولاية مرضية بالثواب فادخلي في عبادي يعني محمدا (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته
(عليهم السلام) وادخلي جنتي فما من شئ أحب إليه من استلال روحه واللحوق
بالمنادي والقمي قال ما في معناه مختصرا وعنه (عليه السلام) في هذه الآية يعني الحسين
ابن علي (عليهما السلام).
في ثواب الأعمال والمجمع عنه (عليه السلام) اقرؤوا سورة الفجر في فرائضكم
ونوافلكم فإنها سورة الحسين بن علي عليهما الصلاة والسلام من قرأها كان مع
الحسين (عليه السلام) يوم القيامة في درجة من الجنة.

(1) أي في زمرة عبادي الصالحين المصطفين الذين رضيت عنهم.
328

سورة البلد
مكية وهي عشرون آية بلا خلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) لا اقسم بهذا البلد.
(2) وأنت حل بهذا البلد قيل أي اقسم بهذا البلد الحرام يعني مكة لشرف
من حل به وهو النبي (صلى الله عليه وآله).
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) قال كانت قريش تعظم البلد وتستحل
محمدا (صلى الله عليه وآله) فيه فقال الله لا اقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد يريد
أنهم استحلوك فيه فكذبوك وشتموك وكان لا يأخذ الرجل منهم فيه قاتل أبيه ويتقلدون
لحاء شجرة الحرم فيأمنون بتقليدهم إياه فاستحلوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما
لم يستحلوا من غيره فعاب الله ذلك عليهم.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) ما يقرب منه والقمي البلد مكة وأنت حل بهذا
البلد قال كانت قريش لا يستحلون أن يظلموا أحدا في هذا البلد ويستحلون ظلمك
فيه.
(3) ووالد وما ولد
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) يعني آدم (عليه السلام) وما ولد من
الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) وأتباعهم والقمي مثله.
وفي الكافي مرفوعا قال أمير المؤمنين ومن ولد من الأئمة (عليهم السلام).
329

(4) لقد خلقنا الانسان في كبد قيل أي في تعب ومشقة فإنه يكابد مصائب
الدنيا وشدائد الآخرة والقمي أي منتصبا.
وفي العلل عن الصادق (عليه السلام) أنه قيل له إنا نرى الدواب في بطون أيديها
الرقعتين مثل الكي فمن أي شئ ذلك فقال ذلك موضع منخريه في بطن أمه وابن آدم
فرأسه منتصب في بطن أمه وذلك قول الله تعالى لقد خلقنا الانسان في كبد وما سوى
ابن آدم فراسه في دبره ويداه بين يديه.
(5) أيحسب أن لن يقدر عليه أحد فينتقم منه.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال يعني يقتل في قتلة ابنة النبي (صلى الله عليه
وآله).
أقول: لعله أريد به الثالث.
(6) يقول أهلكت مالا لبدا كثيرا من تلبد الشئ إذا اجتمع القمي لبد أي
مجتمعا.
وفي الحديث السابق قال يعني الذي جهز به النبي (صلى الله عليه وآله) في
جيش العسرة.
وعنه (عليه السلام) قال هو عمرو بن عبد ود حين عرض عليه علي بن أبي طالب
(عليه السلام) الاسلام يوم الخندق وقال فأين ما أنفقت فيكم مالا لبدا وكان أنفق مالا
في الصد عن سبيل الله فقتله علي (عليه السلام).
(7) أيحسب أن لم يره أحد.
القمي قال في فساد كان في نفسه.
(8) ألم نجعل له عينين يبصر بهما.
(9) ولسانا يترجم به عن ضمائره وشفتين يستر بهما فاه ويستعين بهما على
النطق والأكل والشرب وغيرها.
330

(10) وهديناه النجدين.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال نجد الخير والشر.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) سبيل الخير وسبيل الشر.
وعنه (عليه السلام) انه قيل له إن أناسا يقولون في قوله وهديناه النجدين أنهما
الثديان فقال لا هما الخير والشر.
(11) فلا اقتحم العقبة أي فلم يشكر تلك الايادي باقتحام العقبة وهو في
الدخول في أمر شديد قيل العقبة الطريق في الجبل استعارها لما فسرها به من الفك
والاطعام والقمي قال العقبة الأئمة من صعدها فك رقبته من النار.
(12) وما أدريك ما العقبة.
(13) فك رقبة
(14) أو إطعام في يوم ذي مسغبة ذي مجاعة.
(15) يتيما ذا مقربة ذا قرابة
(16) أو مسكينا ذا متربة ذا فقر القمي قال لا يقيه من التراب شئ وقرئ
وفك رقبة أو أطعم.
في الكافي عن الرضا (عليه السلام) إذا أكل اتي بصحفة فتوضع قرب مائدته
فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتى به فيأخذ من كل شئ شيئا فيضع في تلك الصحفة
ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو هذه الآية فلا اقتحم ثم يقول علم الله أنه ليس كل إنسان
يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة وعن الصادق (عليه السلام) من أطعم
مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله ما له من الاجر في الآخرة لا ملك مقرب ولا
نبي مرسل إلا الله رب العالمين ثم قال من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان ثم
تلا أو إطعام الآية.
وعنه (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية فقال من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز
331

العقبة ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا ثم قال الناس كلهم عبيد النار غيرك
وأصحابك فإن الله فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت.
وفيه والقمي عنه (عليه السلام) بنا تفك الرقاب وبمعرفتنا ونحن المطعمون في
يوم الجوع وهو المسغبة.
(17) ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة.
(18) أولئك أصحاب الميمنة القمي قال أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)
(19) والذين كفروا بآياتنا قال الذين خالفوا أمير المؤمنين (عليه السلام) هم
أصحاب المشأمة قال أصحاب المشأمة هم أعداء آل محمد صلوات الله عليهم.
(20) عليهم نار موصدة قال أي مطبقة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من كان قراءته في فريضة
لا اقسم بهذا البلد كان في الدنيا معروفا أنه من الصالحين وكان في الآخرة معروفا إن
له مكانا وكان يوم القيامة من رفقاء النبيين (عليهم السلام) والشهداء والصالحين إن شاء الله
تعالى.
332

سورة الشمس
مكية عدد آيها ست عشرة آية مكي والمدني الأول وخمس عشر في
الباقين اختلافها آية فعقروها المكي والمدني الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والشمس وضحيها امتداد ضوئها وانبساطه وإشراقه.
(2) والقمر إذا تليها طلع عند غروبها أخذا من نورها.
(3) والنهار إذا جليها عند انبساطه.
والليل إذا يغشها فيظلم الآفاق ويلبسها سواده.
في الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال الشمس رسول الله (صلى الله
عليه وآله) به أوضح الله للناس دينهم والقمر أمير المؤمنين (عليه السلام) تلا رسول الله
(صلى الله عليه وآله) ونفثه بالعلم نفثا والليل أئمة الجور الذين استبدوا بالامر دون آل
الرسول وجلسوا مجلسا كان آل الرسول أولى به منهم فغشوا دين الله بالظلم والجور.
(5) والسماء وما بنيها والقادر الذي بناها.
(6) والأرض وما طحيها والصانع الذي دحاها.
(7) ونفس وما سويها والخالق الذي سواها أي عدل خلقها
وصورها
(8) فألهمها فجورها وتقويها قال أي عرفها والهمها ثم خيرها فاختارت
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال بين لها ما تأتي وما تترك.
333

(9) قد أفلح من زكيها.
(10) وقد خاب من دسيها.
في المجمع عنهما (عليهما السلام) مثل ما في الكافي وزاد قد أفلح من أطاع
وقد خاب من عصى والقمي من زكاها يعني نفسه طهرها ومن دساها أي أغواها.
وعن الصادق (عليه السلام) من زكيها قال أمير المؤمنين (عليه السلام) زكاه ربه من
دسيها قال هو الأول والثاني في بيعته إياه حيث مسح على كفه قيل قد أفلح جواب
القسم وحذف اللام للطول وقيل بل استطرد بذكر أحوال النفس والجواب محذوف
تقديره ليدمدمن الله على كفار مكة لتكذيبهم رسوله كما دمدم على ثمود لتكذيبهم
صالحا.
(11) كذبت ثمود بطغواها بسبب طغيانها.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال يقول الطغيان حملها على التكذيب.
(12) إذ انبعث أشقاها اشقى ثمود وهو قدار بن سالف القمي قال الذي عقر
الناقة.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)
من أشقى الأولين قال عاقر الناقة قال صدقت فمن أشقى الآخرين قال لا اعلم يا
رسول قال الذي يضربك على هذه وأشار إلى يافوخه.
(13) فقال لهم رسول الله صالح ناقة الله أي ذروا ناقة الله واحذروا عقرها.
وسقيها فلا تذودوها عنها.
(14) فكذبوه فيما حذرهم من حلول العذاب ان فعلوا فعقروها فدمدم عليهم
ربهم فاطبق عليهم العذاب بذنبهم بسببه فسواها فسوى الدمدمة فلم يفلت منها
صغير ولا كبير القمي قال اخذهم بغتة وغفلة بالليل.
(15) ولا يخاف عقبها قيل أي عاقبة الدمدمة فيبقى بعض الابقاء والواو
للحال والقمي قال من بعد هؤلاء الذين أهلكناهم لا يخافون وقرئ فلا يخاف.
334

ورواها في المجمع عن الصادق (عليه السلام) قال وكذلك في مصاحف أهل
المدينة والشام.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من أكثر قراءة والشمس
والليل والضحى وألم نشرح في يوم أو ليلة لم يبق شئ بحضرته إلا شهد له يوم
القيامة حتى شعره وبشره ولحمه ودمه وعروقه وعصبه وعظامه وجميع ما أقلت الأرض
منه ويقول الرب تبارك وتعالى قبلت شهادتكم لعبدي واجزتها له انطلقوا به إلى
جناتي حتى يتخير منها حيث ما أحب فأعطوه من غير من ولكن رحمة مني وفضلا
وهنيئا لعبدي.
335

سورة الليل
مكية عدد آيها احدى وعشرون آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والليل إذا يغشى يغشى الشمس أو النهار.
(2) والنهار إذا تجلى ظهر بزوال ظلمة الليل.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال الليل في هذا الموضع الثاني غشي
أمير المؤمنين (عليه السلام) في دولته التي جرت له عليه وأمير المؤمنين (عليه السلام)
يصبر في دولتهم حتى تنقضي والنهار إذا تجلى قال النهار هو القائم (عليه السلام) منا
أهل البيت (عليهم السلام) إذا قام غلب دولة الباطل قال والقرآن ضرب فيه الأمثال
للناس وخاطب نبيه (صلى الله عليه وآله) به ونحن فليس يعلمه غيرنا.
(3) وما خلق الذكر والأنثى القمي إنما يعني والذي خلق الذكر والأنثى.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) وخلق الذكر والأنثى بغير ما ونسبها إلى
النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أيضا.
وفي المناقب عن الباقر (عليه السلام) الذكر أمير المؤمنين والأنثى فاطمة (عليها
السلام).
(4) إن سعيكم لشتى إن مساعيكم لمختلفة القمي هو جواب القسم قال
منكم من يسعى في الخير ومنكم من يسعى في الشر.
(5) فأما من أعطى بالطاعة واتقى المعصية.
336

(6) وصدق بالحسنى بالكلمة الحسنة والمثوبة من الله.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال بالولاية وكذا قال في نظيره الآتي.
(7) فسنيسره لليسرى فسنوفقه حتى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه.
(8) وأما من بخل بما امر به واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى.
(9) وكذب بالحسنى.
(10) فسنيسره للعسرى فسنخذله حتى تكون الطاعة له أعمر شئ.
(11) وما يغنى عنه ماله إذا تردى إذا هلك القمي قال نزلت في رجل من
الأنصار كانت له نخلة في دار رجل وكان يدخل عليه بغير إذن فشكا ذلك إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لصاحب النخلة بعني
نخلتك هذه بنخلة في الجنة فقال لا أفعل فقال بعنيها بحديقة في الجنة فقال له لا افعل
وانصرف فمضى إليه أبو الدحداح واشتراها منه واتى إلى النبي (صلى الله عليه وآله)
فقال يا رسول الله خذها واجعل لي في الجنة الحديقة التي قلت لهذا فلم يقبلها فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) لك في الجنة حدائق وحدائق فأنزل الله في ذلك فأما من
اعطى واتقى وصدق بالحسنى يعني أبا الدحداح الآية.
ورواه في قرب الإسناد عن الرضا (عليه السلام) وفيه أن أبا الدحداح اشتراها منه
بحائطه وأنه قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلك بدلها نخلة في الجنة قال فأما
من اعطى يعني النخلة وصدق بالحسنى يعني بموعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ورواه في المجمع عن ابن عباس إلا أنه قال إن رجلا كانت له نخلة فرعها في
دار رجل فقير ذي عيال وكان الرجل إذا جاء فدخل الدار وصعد النخلة ليأخذ منها
التمر فربما سقطت التمرة فيأخذها صبيان الفقير فينزل الرجل من النخلة حتى يأخذ
التمرة من أيديهم فإن وجدها في في أحدهم ادخل إصبعه حتى يخرج التمرة من
فيه فشكا ذلك الرجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ثم
ساق الحديث إلى أن قال فاشتراها منه أبو الدحداح بأربعين نخلة
337

فذهب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا رسول الله إن النخلة قد
صارت لي فهي لك فذهب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صاحب الدار فقال له
النخلة لك ولعيالك فأنزل الله والليل إذا يغشى السورة.
وفي الكافي والجوامع عن الباقر (عليه السلام) فأما من اعطى مما أتاه الله واتقى
وصدق بالحسنى أي بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى مأة ألف فما زاد فسنيسره
لليسرى لا يريد شيئا من الخير إلا يسر الله له وأما من بخل بما أتاه الله وكذب بالحسنى
بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى مأة ألف فسنيسره للعسرى لا يريد شيئا من الشر إلا
يسر له وما يغنى عنه ماله إذا تردى قال والله ما تردى من جبل ولا من حائط ولا في بئر
ولكن تردى في نار جهنم.
وفي المناقب عنه (عليه السلام) فأما من اعطى واتقى اثر بقوته وصام حتى وفى
بنذره وتصدق بخاتمه وهو راكع وآثر المقداد بالدينار على نفسه وصدق بالحسنى وهي
الجنة والثواب من الله فسنيسره لذلك بأن جعله إماما في الخير وقدوة وأبا للأئمة
(عليهم السلام) يسره الله لليسرى.
(12) إن علينا للهدى القمي قال علينا أن نبين لهم.
(13) وإن لنا للآخرة والأولى فنعطي في الدارين ما نشاء لمن نشاء.
(14) فأنذرتكم نارا تلظى تتلهب.
(15) لا يصليها إلا الأشقى.
(16) الذي كذب وتولى.
في المجمع في الرواية المتقدمة يعني صاحب النخلة والقمي يعني هذا الذي
بخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وعن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال في جهنم واد فيه نار لا يصلاها إلا
الأشقى أي فلان الذي كذب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) وتولى
عن ولايته ثم قال النيران بعضها دون بعض فما كان من نار بهذا الوادي فللنصاب.
338

(17) وسيجنبها الأتقى
(18) الذي يؤتى ماله يتزكى القمي قال أبو الدحداح وكذا في المجمع في الرواية
السابقة.
(19) وما لاحد عنده من نعمة تجزى فيقصد بإيتائه مكافأتها
(20) إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولكن يؤتيه لله تعالى خالصا مخلصا
(21) ولسوف يرضى إذا أدخله الله الجنة وقد سبق ثواب قراءتها في سورة
الشمس.
339

سورة الضحى
مكية عدد آيها عشر آيات بلا خلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والضحى اقسم بوقت ارتفاع الشمس.
(2) والليل إذا سجى وبالليل إذا سكن أهله وركد ظلامه.
(3) ما ودعك ربك ما قطعك قطع المودع.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما ودعك بالتخفيف بمعنى ما تركك
وما قلى وما أبغضك.
القمي عن الباقر (عليه السلام) وذلك أن جبرئيل أبطأ على رسول الله (صلى الله
عليه وآله) وأنه كانت أول سورة نزلت اقرأ باسم ربك الذي خلق ثم أبطأ عليه فقالت
خديجة لعل ربك قد تركك فلا يرسل إليك فأنزل الله تبارك وتعالى ما ودعك ربك وما
قلى وفي الجوامع روي أن الوحي قد احتبس عنه أياما فقال المشركون إن محمدا
(صلى الله عليه وآله) ودعه ربه وقلاه فنزلت.
(4) وللآخرة خير لك من الأولى (1) القمي عن الصادق (عليه السلام) قال يعني
الكرة.
(5) ولسوف يعطيك ربك فترضى قال يعطيك من الجنة حتى ترضى.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على

(1) يعني ان ثواب الآخرة والنعيم الدائم فيها خير لك من الدنيا الفانية.
340

فاطمة عليها كساء من ثلة الإبل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول
الله (صلى الله عليه وآله) لما أبصرها فقال يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقد
أنزل الله تعالى علي ولسوف يعطيك ربك فترضى.
وفي المناقب عنه (عليه السلام) مثله وفيه بعد قوله بحلاوة الآخرة فقالت يا رسول
الله الحمد لله على نعمائه والشكر على آلائه فأنزل الله ولسوف يعطيك ربك فترضى.
وفي المجمع قال الصادق (عليه السلام) رضي جدي أن لا يبقى في النار موحد
وعن محمد بن علي ابن الحنفية أنه قال يا أهل العراق تزعمون أن أرجى آية في كتاب
الله تعالى يا عبادي الذين أسرفوا الآية وإنا أهل البيت نقول أرجى آية في كتاب الله عز
وجل ولسوف يعطيك ربك فترضى هي والله الشفاعة ليعطينها في أهل لا إله إلا الله
حتى يقول رب رضيت.
(6) ألم يجدك يتيما فآوى.
(7) ووجدك ضالا فهدى.
(8) ووجدك عائلا فأغنى تعديد لما أنعم عليه تنبيها على أنه كما أحسن إليه
فيما مضى يحسن فيما يستقبل ومعناه في الظاهر ظاهر.
والعياشي عن الرضا (عليه السلام) يتيما فردا لا مثل لك في المخلوقين فآوى
الناس إليك وضالا أي ضالا في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم الله إليك وعائلا تعول أقواما بالعلم
فأغناهم الله بك.
والقمي عن أحدهما (عليهما السلام) ما في معناه والقمي قال اليتيم الذي لا مثل
له ولذلك سميت الدرة اليتيمة لأنه لا مثل لها فوجدك عائلا فأغنى قال فأغناك بالوحي
فلا تسأل عن شئ أحدا ووجدك ضالا فهدى قال وجدك ضالا في قوم لا يعرفون
فضل نبوتك فهداهم الله بك.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) في حديث عصمة الأنبياء (عليهم السلام) ألم
يجدك يتيما فآوى يقول ألم
يجدك وحيدا فاوى إليك الناس ووجدك ضالا يعني عند
341

قومك فهدى أي هداهم الله إلى معرفتك ووجدك عائلا فأغنى يقول بأن جعل دعاءك
مستجابا.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال من علي ربي وهو أهل المن وسئل
الصادق (عليه السلام) لم أوتم النبي (صلى الله عليه وآله) عن أبويه فقال لئلا يكون
لمخلوق عليه حق.
(9) فأما اليتيم فلا تقهر القمي قال أي لا تظلم والمخاطبة للنبي (صلى الله عليه وآله)
والمعنى للناس.
(10) وأما السائل فلا تنهر أي لا تطرد (1).
(11) وأما بنعمة ربك فحدث قال بما أنزل الله عليك وأمرك به من الصلاة
والزكاة والصوم والحج والولاية وبما فضلك الله به فحدث.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) معناه فحدث بما أعطاك الله وفضلك
ورزقك وأحسن إليك وهداك.
وفي المحاسن عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال أمره أن يحدث بما
أنعم الله عليه من دينه.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال فحدث بدينه وما أعطاه الله وما أنعم
به عليه.
وعنه (عليه السلام) قال إذا أنعم الله على عبده بنعمة فظهرت عليه سمي حبيب
الله محدثا بنعمة الله وإذا أنعم الله على عبده بنعمة فلم تظهر عليه سمي بغيض الله
مكذبا بنعمة الله سبق ثواب قراءتها في سورة الشمس.

(1) ولا ترده إذا أتاك يسألك فقد كنت فقيرا.
342

سورة ألم نشرح
مكية عدد آيها ثماني آيات بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ألم نشرح لك صدرك قيل ألم نفسحه بالعلم والحكمة وتلقي الوحي
والصبر على الأذى والمكاره حتى وسع مناجاة الحق ودعوة الخلق فكان غائبا
حاضرا
القمي قال بعلي (عليه السلام) فجعلناه وصيك قال وحين فتح مكة ودخلت
قريش في الاسلام شرح الله صدره وسره.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قيل له لينشرح الصدر قال نعم
قالوا يا رسول الله وهل لذلك علامة يعرف بها قال نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة
إلى دار الخلود والاعداد للموت قبل نزوله.
(2) ووضعنا عنك وزرك ما ثقل عليك احتماله القمي قال ثقل الحرب.
(3) الذي أنقض ظهرك قيل أي اثقل ظهرك حتى حمله على النقيض وهو
صوت الرجل من ثقل الحمل وهو مثل معناه لو كان حملا لسمع نقيض ظهره.
(4) ورفعنا لك ذكرك القمي قال تذكر إذا ذكرت وهو قول الناس اشهد أن لا
إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) في هذه الآية قال قال لي جبرئيل
قال الله عز وجل إذا ذكرت ذكرت معي.
343

(5) فان مع العسر كضيق الصدر والوزر المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم.
يسرا كشرح الصدر ووضع الوزر وتوفيق القوم للاهتداء والطاعة فلا تيأس من روح الله
إذا أراك ما يغمك.
(6) إن مع العسر يسرا تأكيد واستئناف بوعد يسر آخر كثواب الآخرة.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه خرج مسرورا فرحا وهو يضحك
ويقول لن يغلب عسر يسرين فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا قيل الوجه فيه ان
العسر معرف باللام فلا يتعدد سواء كان للعهد أو الجنس واليسر منكر فالثاني غير الأول
(7) فإذا فرغت فانصب.
(8) وإلى ربك فارغب قيل يعني إذا فرغت من عبادة عقبها بأخرى وأوصل
بعضها ببعض ولا تخل وقتا من أوقاتك فارغا لم تشغله بعبادة.
وفي المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) فإذا فرغت من الصلاة المكتوبة
فانصب إلى ربك في الدعاء وارغب إليه في المسألة يعطك. وعن الصادق (عليه السلام) هو الدعاء في دبر الصلاة وأنت جالس.
والقمي عنه (عليه السلام) قال فإذا فرغت فانصب من نبوتك فانصب عليا وإلى ربك
فارغب في ذلك.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) في حديث قال يقول فإذا فرغت فانصب علمك
واعلن وصيك فأعلمهم فضله علانية فقال من كنت مولاه فعلي مولاه الحديث قال
وذلك حين اعلم بموته ونعيت إليه نفسه والقمي إذا فرغت فانصب أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب (عليه السلام) والمستفاد من هذه الأخبار أنه بكسر الصاد من النصب
بالتسكين بمعنى الرفع والوضع يعني فإذا فرغت من أمر تبليغ الرسالة وما يجب عليك
انهاؤه من الشرائع والاحكام فانصب علمك بفتح اللام أي ارفع علم هدايتك للناس
وضع من يقوم به خلافتك موضعك حتى يكون قائما مقامك من بعدك بتبليغ الاحكام
وهداية الأنام لئلا ينقطع خيط الهداية والرسالة بين الله وبين عباده بل يكون ذلك
344

مستمرا بقيام امام مقام امام أبدا إلى يوم القيامة قال الزمخشري في كشافه ومن البدع
ما روي عن بعض الرافضة أنه قرئ فانصب بكسر الصاد أي فانصب عليا (عليه
السلام) للإمامة قال ولو صح هذا للرافضي لصح للناصبي أن يقرأ هكذا ويجعله أمرا
بالنصب الذي هو بغض علي (عليه السلام) وعداوته.
أقول: نصب الإمامة والخليفة بعد تبليغ الرسالة أو الفراغ من العبادة أمر معقول
بل واجب لئلا يكون الناس بعده في حيرة وضلالة فيصح أن يترتب عليه وأما بغض
علي (عليه السلام) وعداوته فما وجه ترتبه على تبليغ الرسالة أو العبادة وما هو وجه معقوليته
على أن كتب العامة مشحونة بذكر محبة النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام)
وإظهاره فضله للناس مدة حياته وأن حبه إيمان وبغضه كفر انظروا إلى هذا الملقب
بجار الله العلامة كيف أعمى الله بصيرته بغشاوة حمية التعصب.
في المجمع عن العياشي عن الصادق (عليه السلام) لا تجمع سورتين في ركعة
واحدة إلا الضحى وألم نشرح وألم تر كيف ولايلاف قريش.
345

سورة
التين مكية وهي ثماني آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والتين والزيتون قيل خصهما من الثمار بالقسم لان التين فاكهة طيبة لا
فضلة له وغذاء لطيف سريع الهضم ودواء كثير النفع فإنه يلين الطبع ويحلل البلغم
ويطهر الكليتين ويزيل رمل المثانة ويفتح سدة الكبد والطحال ويسمن البدن وفي
الحديث إنه يقطع البواسير وينفع من النقرس والزيتون فاكهة وادام ودواء وله دهن
لطيف كثير المنافع.
(2) وطور سينين قيل يعني به الجبل الذي ناجى عليه موسى ربه وسينين
وسينا اسمان للموضع الذي هو فيه.
(3) وهذا البلد الأمين أي الامن يعني مكة.
وفي الخصال والمعاني عن الكاظم (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله) إن الله تبارك وتعالى اختار من البلدان أربعة فقال تعالى والتين
والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين فالتين المدينة والزيتون البيت المقدس
وطور سينين الكوفة وهذا البلد الأمين مكة والقمي قال التين رسول الله (صلى الله
عليه وآله) والزيتون أمير المؤمنين (عليه السلام) وطور سينين الحسن والحسين
(عليهما السلام) وهذا البلد الأمين الأئمة (عليهم السلام).
وفي المناقب عن الكاظم (عليه السلام) التين والزيتون الحسن والحسين
(عليهما السلام) وطور سينين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهذا البلد الأمين
346

محمد (صلى الله عليه وآله).
(4) لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم بأن خص بانتصاب القامة وحسن
الصورة واستجماع خواص الكائنات ونظائر سائر الموجودات.
(5) ثم رددناه أسفل سافلين قيل بأن جعلناه من أهل النار القمي نزلت
في الأول.
وفي المناقب عن الكاظم (عليه السلام) قال الانسان الأول ثم رددناه أسفل
سافلين ببغضه أمير المؤمنين (عليه السلام).
(6) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون قال علي بن أبي
طالب (عليه السلام).
(7) فما يكذبك بعد فأي شئ يكذبك يا محمد دلالة أو نطقا بعد
ظهور هذه الدلائل كذا قيل بالدين في حديث المناقب بولاية علي بن أبي طالب
(عليه السلام) وقيل بالجزاء والقمي إلا الذين آمنوا قال ذاك أمير المؤمنين (عليه
السلام) بالدين قال بأمير المؤمنين (عليه السلام) فلهم أجر غير ممنون أي لا يمن
عليهم به.
(8) أليس الله بأحكم الحاكمين تحقيق لما سبق يعني أليس الذي فعل
ذلك من الخلق والرد بأحكم الحاكمين صنعا وتدبيرا ومن كان كذلك كان قادرا
على الإعادة والجزاء.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي العيون عن الرضا (عليه
السلام) إنهما قالا عند الفراغ منها بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
وفي الخصال مثله عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما علم به أصحابه.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ والتين في
فرائضه ونوافله أعطي من الجنة حيث يرضى.
347

سورة العلق
مكية عدد آيها عشرون آية حجازي وتسع عشرة عراقي وثماني
عشرة شامي اختلافها آيتان الذي ينهى غير الشامي لئن لم ينته حجازي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق جميع المخلوقات على مقتضى
حكمته وأخرجهم من العدم إلى الوجود بكمال قدرته.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) انها أول سورة نزلت قال نزل جبرئيل على
محمد (صلى الله عليه وآله) فقال يا محمد اقرأ قال وما أقرأ قال اقرأ باسم ربك
الذي خلق يعني خلق نورك القديم قبل الأشياء.
(2) خلق الانسان من علق من دم جامد بعد النطفة.
(3) إقرأ وربك الأكرم.
(4) الذي علم بالقلم القمي قال علم الانسان بالكتابة التي بها تتم أمور
الدنيا في مشارق الأرض ومغاربها.
(5) علم الانسان ما لم يعلم من أنواع الهدى والبيان.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال يعني علم عليا من الكتابة لك ما لم
يعلم قبل ذلك قيل عدد سبحانه مبدأ أمر الانسان ومنتهاه اظهارا لما أنعم عليه من
نقله من اخس المراتب إلى أعلاها تقريرا لربوبيته وتحقيقا لاكرميته.
(6) كلا ردع لمن كفر بنعمة الله لطغيانه إن الانسان ليطغى.
(7) أن رآه استغنى أي رأى نفسه مستغنية القمي قال إن الانسان إذا
348

استغنى يكفر ويطغى وينكر إلى ربه الرجعى.
(8) إن إلى ربك الرجعى الخطاب للانسان على الالتفات تهديدا وتحذيرا
من عاقبة الطغيان.
(9) أرأيت الذي ينهى.
(10) عبدا إذا صلى ماذا يكون جزاؤه وما يكون حاله القمي قال كان
الوليد بن المغيرة ينهى الناس عن الصلاة وأن يطاع الله ورسوله فقال أرأيت الذي
ينهى عبدا إذا صلى في المجمع جاء في الحديث إن أبا جهل قال هل يعفر
محمد وجهه بين أظهركم قالوا نعم قال فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك
لأطأن على رقبته فقيل له هاهو ذلك يصلي فانطلق ليطأ على رقبته فما فجاءهم إلا وهو
ينكص على عقبيه ويتقي بيديه فقالوا ما لك يا أبا الحكم قال إن بيني وبينه خندقا
من نار وهولا وأجنحة وقال نبي الله والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته
الملائكة عضوا عضوا فأنزل الله سبحانه أرأيت الذي ينهى إلى آخر السورة.
(11) أرأيت إن كان على الهدى يعني العبد المنهي عن الصلاة وهو
محمد (صلى الله عليه وآله).
(12) أو أمر بالتقوى عن الشرك يعني أمر بالاخلاص والتوحيد ومخافة الله
تعالى كيف يكون حال من ينهاه عن الصلاة ويزجره عنها.
(13) أرأيت إن كذب من ينهاه وتولى عن الايمان وأعرض عن قبوله
والاصغاء إليه ما الذي يستحق بذلك من العقاب.
(14) ألم يعلم بأن الله يرى ما يفعله ويعلم ما يصنعه.
(15) كلا ردع للناهي لئن لم ينته عما هو فيه لنسفعا بالناصية لنأخذن
بناصيته ولنسجننه بها إلى النار والسفع القبض على الشئ وجذبه بشدة.
(16) ناصية كذبة خاطئة.
349

(17) فليدع ناديه أي أهل ناديه ليعينوه وهو المجلس الذي ينتدي فيه
القوم روي أن أبا جهل مر برسول الله وهو يصلي فقال ألم أنهك فأغلظ له رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فقال أبو جهل تهددني وأنا أكثر أهل الوادي ناديا فنزلت
والقمي قال لما مات أبو طالب نادى أبو جهل والوليد عليهما لعائن الله هلم
فاقتلوا محمدا فقد مات الذي كان ناصره فقال الله فليدع ناديه.
(18) سندع الزبانية ليجروه إلى النار وهو في الأصل الشرط واحدها زبنية
القمي قال كما دعا إلى قتل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحن أيضا ندع
الزبانية.
(19) كلا ردع أيضا للناهي لا تطعه وأثبت أنت على عبادة ربك
واسجد ودم على سجودك واقترب وتقرب إلى ربك.
في الكافي والعيون عن الرضا (عليه السلام) أقرب ما يكون العبد من الله عز
وجل وهو ساجد وذلك قوله تعالى واسجد واقترب.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه
وآله) ما في معناه.
وفي الخصال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) إن العزائم أربع اقرأ باسم
ربك الذي خلق والنجم وتنزيل السجدة وحم السجدة.
وزاد في المجمع وما عداها في جميع القرآن مسنون وليس بمفروض.
في العيون عن الرضا عن أبيه عن جده (عليهم السلام) إن أول سورة نزلت
بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك وآخر سورة نزلت إذا جاء نصر الله.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) مثله في ثواب الأعمال والمجمع عنه
(عليه السلام) من قرأ في يومه أو ليلته اقرأ باسم ربك ثم مات في يومه أو في ليلته
مات شهيدا وبعثه الله شهيدا أو كان كمن ضرب بسيفه في سبيل الله مع
رسول الله (صلى الله عليه وآله).
350

سورة القدر
مكية وقيل مدنية عدد آيها ست آيات مكي شامي خمس في الباقين
اختلافها آية ليلة القدر الثالث مكي شامي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) انا أنزلناه في ليلة القدر يعني القرآن.
(2) وما أدريك ما ليلة القدر فيه تفخيم لها وإنما سميت بليلة القدر لان
فيها يقدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل.
في المعاني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال قال لي رسول الله (صلى
الله عليه وآله) يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر فقلت لا يا رسول الله فقال إن الله
تعالى قدر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة فكان فيما قدر ولايتك وولاية الأئمة
(عليهم السلام) من ولدك إلى يوم القيامة وقد مضى معنى نزول القرآن فيها في
المقدمة التاسعة من هذا الكتاب.
(3) ليلة القدر خير من ألف شهر.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال اري رسول الله (صلى الله عليه
وآله) في منامه أن بني أمية يصعدون على منبره من بعده ويضلون الناس
على الصراط القهقرى فأصبح كئيبا حزينا قال فهبط عليه جبرئيل فقال يا رسول الله
(صلى الله عليه وآله) ما لي أراك كئيبا حزينا قال يا جبرئيل إني رأيت بني أمية في
ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقرى فقال
والذي بعثك بالحق نبيا إني ما اطلعت عليه فعرج إلى السماء فلم يلبث ان نزل
عليه بآي من القرآن يؤنسه بها قال أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا
351

يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وأنزل عليه إنا أنزلناه في ليلة القدر وما
أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر جعل الله تعالى ليلة القدر لنبيه (صلى
الله عليه وآله) خيرا من ألف شهر ملك بني أمية وفي معناه أخبار أخر فيه وفي غيره
والقمي قال رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نومه كأن قرودا تصعد منبره فغمه ذلك
فأنزل الله سورة القدر انا أنزلناه في ليلة القدر وما أدريك ما ليلة القدر ليلة القدر
خير من ألف شهر تملكه بنو أمية ليس فيها ليلة القدر.
وفي المجمع عن ابن عباس قال ذكر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) رجل
من بني إسرائيل انه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر فعجب من
ذلك عجبا شديدا وتمنى أن يكون ذلك في أمته فقال يا رب جعلت أمتي أقصر
الأمم أعمارا وأقلها أعمالا فأعطاه الله ليلة القدر وقال ليلة القدر خير من ألف
شهر الذي حمل الإسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولامتك من بعدك إلى يوم
القيامة في كل رمضان.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن قوله تعالى انا أنزلناه في
ليلة مباركة قال نعم ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر
الأواخر فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر.
وعنه (عليه السلام) انه سئل عن ليلة القدر فقال التمسها ليلة إحدى وعشرين
أو ليلة ثلاث وعشرين وفي رواية ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث
وعشرين قيل فإن اخذت انسانا الفترة أو علة ما المعتمد عليه من ذلك فقال ثلاث
وعشرون.
وعن أحدهما (عليهما السلام) ان علامتها ان يطيب ريحها وإن كانت في برد
دفئت وإن كانت في حر بردت.
وفي رواية العامة لا حارة ولا باردة تطلع الشمس في صبيحتها ليس لها
شعاع.
وعن الصادق (عليه السلام) العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس
352

فيها ليلة القدر.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل تعرفون ليلة القدر فقال وكيف لا
نعرف والملائكة يطوفون بنا فيها.
(4) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر القمي قال تنزل
الملائكة وروح القدس على إمام الزمان ويدفعون إليه ما قد كتبوه.
وعن الصادق (عليه السلام) قال إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة والروح
والكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون من قضاء الله في تلك السنة الحديث
وقد مر في سورة الرعد وفي الكافي ما في معناه.
وعنه (عليه السلام) إن الروح أعظم من جبرئيل وان جبرئيل أعظم من
الملائكة وان الروح هو خلق أعظم من الملائكة أليس يقول الله تبارك وتعالى
تنزل الملائكة والروح).
(5) سلم هي حتى مطلع الفجر القمي قال تحية تحيى بها الامام إلى أن
يطلع الفجر.
وفي الكافي عن السجاد (عليه السلام) يقول يسلم عليك يا محمد ملائكتي
وروحي سلامي من أول ما يهبطون إلى مطلع الفجر وفي دعائه لدخول شهر
رمضان سلام دائم البركة إلى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما احكم من
قضائه وقرئ مطلع الفجر بكسر اللام.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) من قرأ انا أنزلناه في
ليلة القدر فجهر بها صوته كان كالشاهر سيفه في سبيل الله ومن قرأها سرا كان
كالمتشحط بدمه في سبيل الله ومن قرأها سرا مرات محا الله عنه ألف ذنب من
ذنوبه.
353

سورة البينة سورة لم يكن
وتسمى سورة البرية وسورة القيامة مدنية وقيل مكية وهي تسع آيات
بصري ثمان في الباقين اختلافها آية مخلصين له الدين بصري
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى
تأتيهم البينة القمي يعني قريشا قال هم في كفرهم حتى تأتيهم البينة.
وعن الباقر (عليه السلام) إن البينة محمد (صلى الله عليه وآله).
وفي المجمع اللفظ لفظ الاستقبال ومعناه المضي.
(2) رسول من الله بيان للبينة يتلوا صحفا مطهرة في السماء لا يمسها إلا
الملائكة المطهرون.
(3) فيها كتب قيمة مكتوبات مستقيمة عادلة غير ذات عوج وقيل مطهرة
عن الباطل وأريد بالصحف ما تضمنه الصحف من المكتوب فيها لان النبي (صلى
الله عليه وآله) كان يتلو عن ظهر قلبه لا عن كتاب ولكنه لما تلا مثل ما في
الصحف كان كالتالي لها.
(4) وما تفرق الذين أوتوا الكتاب عما كانوا عليه إلا من بعد ما جاءتهم
البينة قيل يعني لم يزل كانوا مجتمعين في تصديق محمد (صلى الله عليه وآله)
حتى بعثه الله فلما بعثه تفرقوا في أمره واختلفوا فآمن به بعضهم وكفر آخرون
القمي قال لما جاءهم رسول الله بالقرآن خالفوه وتفرقوا بعده.
(5) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين أي لا يشركون به
354

حنفاء ما يلين عن العقائد الزائغة القمي قال طاهرين ويقيموا الصلاة ويؤتوا
الزكاة وذلك دين القيمة أي دين الملة القيمة.
(6) إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين
فيها القمي قال أنزل الله عليهم القرآن فارتدوا وكفروا وعصوا أمير المؤمنين (عليه
السلام أولئك هم شر البرية أي الخليقة وقرئ البريئة بالهمزة.
(7) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية القمي قال
نزلت في آل محمد صلوات الله عليهم.
وفي الأمالي عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله)
فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله) قد أتاكم
أخي ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته
لهم الفائزون يوم القيامة ثم قال إنه أو لكم إيمانا معي وأوفاكم بعهد الله وأقومكم
بأمر الله وأعد لكم في الرعية وأقسمكم بالسوية وأعظمكم عند الله مزية قال فنزلت
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية قال وكان أصحاب محمد
(صلى الله عليه وآله) إذا أقبل علي قالوا جاء خير البرية.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) في هذه الآية إنه التفت إلى علي (عليه
السلام) وقال هم والله أنت وشيعتك يا علي وميعادك وميعادهم الحوض غدا غر
محجلين متوجين.
وفي المجمع ما في معناه وفي المحاسن عن الباقر (عليه السلام) قال هم
شيعتنا أهل البيت.
(8) جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها
أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه لأنه بلغهم أقصى أمانيهم ذلك لمن خشي ربه
فان الخشية ملاك الامر والباعث على كل خير.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال لرجل من الشيعة أنتم أهل الرضا
355

عن الله جل ذكره برضاه عنكم والملائكة إخوانكم في الخير فإذا اجتهدتم ثم ادعوا
وإذا غفلتم اجهدوا وأنتم خير البرية دياركم لكم جنة وقبوركم لكم جنة للجنة
خلقتم وفي الجنة نعيمكم وإلى الجنة تصيرون.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) قال من قرأ سورة لم
يكن كان بريئا من الشرك وادخل في دين محمد (صلى الله عليه وآله) وبعثه الله عز
وجل مؤمنا وحاسبه حسابا يسيرا.
356

سورة الزلزلة
وتسمى سورة الزلزال مدنية عن ابن عباس وقتادة مكية عن
الضحاك وعطاء عدد آيها ثمان آيات كوفي والمدني الأول تسع في الباقين
اختلافها آية أشتاتا غير الكوفي والمدني الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إذا زلزلت الأرض زلزالها اضطرابها.
(2) وأخرجت الأرض أثقالها من الدفاين والأموات جمع ثقل وهو متاع
البيت والقمي قال من الناس.
(3) وقال الانسان مالها قال قال ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام).
(4) يومئذ تحدث أخبارها.
في الخرائج عن الباقر (عليه السلام) إنه قرئت هذه السورة عند
أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال انا الانسان وإياي تحدث أخبارها.
وفي العلل عن تميم بن حاتم قال كنا مع علي (عليه السلام) حيث توجهنا
إلى البصرة قال فبينما نحن نزول إذا اضطربت الأرض فضربها علي (عليه السلام)
بيده الشريفة وقال لها مالك ثم اقبل علينا بوجهه الكريم ثم قال لنا اما انها لو
كانت الزلزلة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز لأجابتني ولكنها ليست
بتلك.
وفي الكافي ما في معناه.
وفي العلل عن فاطمة (عليها السلام) قال أصاب الناس زلزلة على عهد
أبي بكر وفزع الناس إلى أبي بكر وعمر فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي
357

(عليه السلام) فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي (عليه السلام) فخرج عليهم
غير مكترث لما هم فيه فمضى واتبعه الناس حتى انتهوا إلى تلعة فقعد عليها
وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة فقال لهم علي
(عليه السلام) كأنكم قد هالكم ما ترون قالوا وكيف لا يهو لنا ولم نر مثلها قط قال فحرك
شفتيه ثم ضرب الأرض بيده الشريفة ثم قال مالك اسكني فسكنت بإذن الله
فتعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم الأول حيث خرج إليهم قال لهم فإنكم قد
عجبتم من صنيعي قالوا نعم قال أنا الرجل الذي قال الله إذا زلزلت الأرض
زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الانسان مالها فانا الانسان الذي يقول لها
مالك يومئذ تحدث أخبارها إياي تحدث.
وفي المجمع جاء في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال أتدرون ما
أخبارها قالوا الله ورسوله اعلم قال أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمله
على ظهرها تقول عمل كذا وكذا ويوم كذا فهذا أخبارها.
(5) بأن ربك أوحى لها أي تحدث بسبب إيحاء ربك لها أو بإيحاء ربك
لها.
(6) يومئذ يصدر الناس (1) من القبور إلى الموقف أشتاتا متفرقين
بحسب مراتبهم القمي قال يحيون أشتاتا مؤمنين وكافرين ومنافقين ليروا
أعمالهم قال ليقفوا على ما فعلوه.
(7) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره.
(8) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وقرئ يره بضم الياء فيهما.
ورواها في المجمع عن علي (عليه السلام) قيل هي أحكم آية في القرآن
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسميها الجامعة.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره قال

(1) أي يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض متفرقين أهل الايمان على حدة وأهل كل دين على حدة.
358

يقول إن كان من أهل النار وقد كان عمل في الدنيا مثقال ذرة خيرا يره يوم القيامة
حسرة انه كان عمله لغير الله ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قال يقول إن كان من
أهل الجنة عمل شرا يرى ذلك الشر يوم القيامة ثم غفر له.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) لا تملوا من قراءة إذا
زلزلت الأرض فان من كانت قراءته في نوافله لم يصبه الله بزلزلة أبدا ولم يمت
بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا فإذا مات امر به إلى الجنة فيقول الله عز
وجل عبدي أبحتك جنتي فأسكن منها حيث شئت وهويت لا ممنوعا ولا مدفوعا.
وفي الكافي ما في معناه مع زيادات.
359

سورة العاديات
مدنية عن ابن عباس وقتادة وقيل مكية عدد آيها إحدى عشرة آية بالاجماع
بسم الله الرحيم
(1) والعاديات ضبحا قيل اقسم الله بخيل الغزاة تعدو فتضبح ضبحا وهو
أصوات أنفاسها عند العدو.
وفي المجمع عن علي (عليه السلام) هي الإبل حين ذهب إلى غزوة بدر
تمد أعناقها في السير فهي تضبح أي تضبع.
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام) هي الإبل من عرفة إلى مزدلفة ومن
مزدلفة إلى منى.
(2) فالموريات قدحا فالتي توري النار أي تخرجها بحوافرها من حجارة
الأرض القمي قال كانت بلادهم فيها حجارة فإذا وطأتها سنابك الخيل كان تنقدح
عنها النهار.
(3) فالمغيرات تغير أهلها على العدو صبحا في وقت الصبح القمي أي
صبحهم بالغارة.
(4) فأثرن به نقعا فهيجن بذلك غبارا القمي أي ثارت الغبرة من ركض
الخيل.
(5) فوسطن به جمعا من جموع الأعداء القمي قال توسط المشركون
بجمعهم كأنه أراد به إحاطتهم بالمشركين أو هو من غلط الكتاب والصحيح
المشركين.
360

وفي المجمع عن علي (عليه السلام) إنه قرأ فوسطن بالتشديد.
(6) إن الانسان لربه لكنود هو جواب القسم والكنود الكفور.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال أتدرون من الكنود قالوا الله
ورسوله اعلم قال الكنود الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويضرب عبده.
(7) وإنه على ذلك لشهيد قيل يشهد على نفسه بالكنود لظهور أثره عليه أو
ان الله على كنوده لشهيد.
(8) وإنه لحب الخير قيل المال وقيل الحياة لشديد لبخيل أو لقوي
مبالغ فيه.
(9) أفلا يعلم إذا بعثر بعث ما في القبور من الموتى.
(10) وحصل جمع وظهر ما في الصدور.
(11) إن ربهم بهم يومئذ لخبير عليم بما أعلنوا وما أسروا فيجازيهم.
في الأمالي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن هذه السورة قال وجه
رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمر بن الخطاب في سرية فرجع منهزما يجبن
أصحابه ويجبنونه فلما انتهى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام)
أنت صاحب القوم فهيئ أنت ومن تريد من فرسان المهاجرين والأنصار فوجه
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له اسكن النهار وسر الليل ولا تفارقك العين
قال فانتهى علي (عليه السلام) إلى ما أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسار
إليهم فلما كان عند وجه الصبح أغار عليهم فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه
وآله) والعاديات إلى آخرها.
والقمي عنه (عليه السلام) إنها نزلت في أهل واد اليابس اجتمعوا ثني
عشر ألف فارس وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا على أن لا يتخلف رجل عن رجل ولا
يخذل أحد أحدا ولا يفر رجل عن صاحبه حتى يموتوا كلهم على حلف واحد
361

ويقتلوا محمدا (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فنزل جبرئيل
فأخبره بقصتهم وما تعاقدوا عليه وما تواثقوا وأمره أن يبعث أبا بكر إليهم في أربعة
آلاف فارس من المهاجرين والأنصار فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر
فحمد الله فأثنى عليه ثم قال يا معشر المهاجرين والأنصار إن جبرئيل قد أخبرني
أن أهل وادي اليابس اثنى عشر ألفا قد استعدوا وتعاهدوا وتعاقدوا على أن لا
يغدر رجل منهم بصاحبه ولا يفر عنه ولا يخذله حتى يقتلوني وأخي علي بن
أبي طالب (عليه السلام) وأمرني أن أسير إليهم أبا بكر في أربعة آلاف فارس
فخذوا في أمركم واستعدوا لعدوكم وانهضوا إليهم على اسم الله وبركته يوم
الاثنين انشاء الله فأخذ المسلمون عدتهم وتهيؤوا وأمر رسول الله (صلى الله عليه
وآله) أبا بكر بأمره وكان فيما أمره به أنه إذا رآهم أن يعرض عليهم الاسلام فان
تابعوا وإلا واقعهم فقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم واستباح أموالهم وخرب ضياعهم
وديارهم فمضى أبو بكر ومن معه من المهاجرين والأنصار في أحسن عدة وأحسن
هيأة يسير بهم سيرا رفيقا حتى انتهوا إلى أهل وادي اليابس فلما بلغ القوم نزولا
عليهم ونزل أبو بكر وأصحابه قريبا منهم خرج عليهم
من أهل وادي اليابس
مأتا رجل مدججين بالسلاح فلما صادفوهم قالوا لهم من أنتم ومن أين أقبلتم وأين
تريدون ليخرج إلينا صاحبكم حتى نكلمه فخرج عليهم أبو بكر في نفر من
أصحابه المسلمين فقال لهم أنا أبو بكر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قالوا ما أقدمك علينا قال أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان اعرض عليكم
الاسلام وأن تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون ولكم ما لهم وعليكم ما عليهم وإلا
فالحرب بيننا وبينكم قالوا له أما واللات والعزي لولا رحم ماسة وقرابة قريبة
لقتلناك وجميع أصحابك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم فارجع أنت ومن
معك وارتجوا العافية فانا إنما نريد صاحبكم بعينه وأخاه علي بن أبي طالب
(عليه السلام) فقال أبو بكر لأصحابه يا قوم القوم أكثر منكم أضعافا وأعد منكم وقد
نأت داركم عن إخوانكم من المسلمين فارجعوا نعلم رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بحال القوم فقالوا له جميعا خالفت يا أبا بكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)
362

وما أمرك به فاتق الله وواقع القوم ولا تخالف قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فقال إني اعلم ما لا تعلمون والشاهد يرى ما لا يرى الغائب فانصرف وانصرف
الناس أجمعون فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بمقالة القوم له وما رد عليهم أبو
بكر فقال يا أبا بكر خالفت أمري ولم تفعل ما أمرتك وكنت لي والله عاصيا فيما
أمرتك فقام النبي (صلى الله عليه وآله) وصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال
يا معاشر المسلمين إني أمرت أبا بكر أن يسير إلى أهل وادي اليابس وأن يعرض
عليهم الاسلام ويدعوهم إلى الله فان أجابوه وإلا واقفهم وانه سار إليهم وخرج
منهم إليه مائتا رجل فلما سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله
الرعب منهم وترك قولي ولم يطع أمري وإن جبرئيل أمرني عن الله ان ابعث إليهم
عمر مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس فسر يا عمر على اسم الله ولا تعمل
كما عمل أبو بكر أخوك فإنه قد عصى الله وعصاني وأمره بما أمر به أبا بكر فخرج
عمر والمهاجرون والأنصار الذين كانوا مع أبي بكر يقتصد بهم في سيرهم حتى
شارف القوم وكان قريبا منهم بحيث يراهم ويرونه وخرج إليهم مائتا رجل فقالوا له
ولأصحابه مثل مقالتهم لأبي بكر فانصرف وانصرف الناس معه وكاد أن يطير قلبه
مما رأى من عدة القوم وجمعهم ورجع يهرب منهم فنزل جبرئيل وأخبر رسول الله
(صلى الله عليه وآله) بما صنع عمر وأنه قد انصرف وانصرف المسلمون معه فصعد
النبي (صلى الله عليه وآله) المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر بما صنع عمر وما
كان منه وانه قد انصرف وانصرف المسلمون معه مخالفا لامري عاصيا لقولي؟؟
فقدم عليه فأخبره بمثل ما أخبر به صاحبه فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يا عمر عصيت الله في عرشه وعصيتني وخالفت قولي وعملت برأيك لا قبح الله
رأيك وان جبرئيل قد أمرني ان ابعث علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هؤلاء
المسلمين وأخبرني ان الله سيفتح عليه وعلى أصحابه فدعا عليا (عليه السلام)
وأوصاه بما أوصى به أبو بكر وعمر وأصحابه الأربعة آلاف وأخبره أن الله سيفتح
عليه وعلى أصحابه فخرج علي (عليه السلام) ومعه المهاجرون والأنصار وسار بهم
غير سير أبي بكر وعمر وذلك أنه أعنف (1) بهم في السير حتى خافوا أن ينقطعوا من

(1) العنف مثلثة العين: ضد الرفق.
363

التعب وتحفى دوابهم فقال لهم لا تخافوا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قد أمرني بأمر وأخبرني ان الله سيفتح علي وعليكم فأبشروا فإنكم على خير والى
خير فطابت نفوسهم وقلوبهم وساروا على ذلك السير التعب حتى إذا كانوا قريبا
منهم حيث يرونهم ويراهم أمر أصحابه ان ينزلوا وسمع أهل وادي اليابس بمقدم
علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأصحابه فأخرجوا إليهم منهم مأتا رجل
شاكين بالسلاح فلما رآهم علي (عليه السلام) خرج إليهم في نفر من أصحابه
فقالوا لهم من أنتم ومن أين أنتم ومن أين أقبلتم وأين تريدون قال أنا علي بن
أبي طالب (عليه السلام) ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخوه ورسوله
إليكم أدعوكم إلى شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ولكم ان
امنتم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين من خير وشر فقالوا له إياك أردنا
وأنت طلبتنا قد سمعنا مقالتك فخذ حذرك واستعد للحرب العوان واعلم انا
قاتلوك وقاتلوا أصحابك والموعود فيما بيننا وبينك غدا ضحوة وقد أعذرنا فيما
بيننا وبينك فقال لهم علي (عليه السلام) ويلكم تهددوني بكثرتكم وجمعكم فأنا
أستعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
فانصرفوا إلى مراكزهم وانصرف علي إلى مركزه فلما جنه الليل أمر أصحابه ان
يحسنوا إلى دوابهم ويقضموا ويسرجوا فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس
بغلس ثم غار عليهم بأصحابه فلم يعلموا حتى وطأهم الخيل فما أدرك آخر
أصحابه حتى قتل مقاتليهم وسبى ذراريهم واستباح أموالهم وخرب ديارهم وأقبل
بالأسارى والأموال معه فنزل جبرئيل وأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما فتح
الله على علي (عليه السلام) وجماعة المسلمين فصعد رسول الله (صلى الله عليه
وآله) المنبر فحمد الله واثنى عليه واخبر الناس بما فتح الله على المسلمين
واعلمهم أنه لم يصب منهم إلا رجلين ونزل فخرج يستقبل عليا (عليه السلام) في
جميع أهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على ثلاثة أميال من المدينة فلما رآه
علي (عليه السلام) مقبلا نزل عن دابته ونزل النبي (صلى الله عليه وآله) حتى التزمه
وقبل ما بين عينيه فنزل جماعة المسلمين إلى علي (عليه السلام) حيث نزل
364

رسول الله (صلى الله عليه وآله) واقبل بالغنيمة والأسارى وما رزقهم الله من أهل وادي
اليابس ثم قال جعفر بن محمد (عليهما السلام) ما غنم المسلمون مثلها قط إلا أن
يكون من خيبر فإنها مثل خيبر وانزل الله تعالى في ذلك اليوم هذه السورة
والعاديات ضبحا يعني بالعاديات الخيل تعدو بالرجال والضبح ضبحها في أعنتها
ولجمها فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فقد أخبرك انها غارت عليهم صبحا
فأثرن به نقعا قال يعني الخيل يأثرن بالوادي نقعا فوسطن به جمعا إن الانسان
لربه لكنود قال لكفور وإنه على ذلك لشهيد وانه لحب الخير لشديد قال يعنيهما قد شهدا
جميعا وادي اليابس وكانا لحب الحياة حريصين أفلا يعلم إلى آخر السورة قال
نزلت الآيتان فيهما خاصة يضمران ضمير السوء ويعملان به فأخبر الله خبرهما
وفعالهما.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة
العاديات وادمن قراءتها بعثه الله عز وجل مع أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه
عليه يوم القيامة خاصة وكان في حجره ورفقائه إن شاء الله تعالى.
365

سورة القارعة
مكية وهي احدى عشر آية كوفي حجازي ثمان بصري شامي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) القارعة التي تقرع الناس بالافزاع والاجرام بالانفطار والانتشار ما
القارعة ما هي اي اي شئ هي على التعظيم لشأنها والتهويل لها فوضع الظاهر
موضع المضمر لأنه أهول لها القمي يرددها الله لهولها وفزع بها الناس.
(2) وما أدريك ما القارعة وأي شئ أعلمك ما هي أي أنك لا تعلم
كنهها فإنها أعظم من أن تبلغها دراية أحد.
(3) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث في كثرتهم وذلتهم وانتشارهم
واضطرابهم.
(4) وتكون الجبال كالعهن المنفوش كالصوف ذي الألوان المندوف لتفرق
أجزائها وتطايرها في الجو.
(5) فأما من ثقلت موازينه بالحسنات بأن ترجحت مقادير أنواع حسناته
فهو في عيشة في عيش راضية ذات رضى أي مرضية.
(6) وأما من خفت موازينه من الحسنات بان لم تكن له حسنة يعبؤ بها أو
ترجحت سيئاته على حسناته وقد مضى تحقيق الوزن والميزان في سورة الأعراف
فأمه هاوية فمأواه النار يأوي إليها كما يأوي الولد إلى أمه والهاوية من أسماء النار
والقمي قال أم رأسه تقلب في النار على رأسه.
366

أقول: يعني يهوي فيها على أم رأسه.
(7) وما أدراك ما هيه.
(8) نار حامية ذات حمى أي شديدة الحرارة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) قال من قرأ وأكثر من قراءة
القارعة امنه الله من فتنة الدجال ان يؤمن به ومن فيح جهنم فيح جهنم يوم القيامة رزقنا الله
تلاوته انشاء الله تعالى.
367

سورة التكاثر
مدينة وقيل مكية ثمان آيات بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ألهيكم التكاثر شغلكم التباهي بالكثرة.
(2) حتى زرتم المقابر حتى إذا استوعبتم عدد الاحياء صرتم إلى المقابر
فتكاثرتم بالأموات عبر عن انتقالهم إلى ذكر الموتى بزيارة المقابر وقيل معناه
ألهيكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم مضيعين أعماركم في طلب
الدنيا عما هو أهم لكم وهو السعي لآخرتكم فتكون زيارة القبور كناية عن
الموت.
وفي نهج البلاغة ما يؤيد المعنى الأول حيث قال (عليه السلام) بعد تلاوته
لهذه السورة أفبمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون قال ولان
يكونوا عبرا أحق من أن يكونوا مفتخرا ولان يهبطوا بهم جناب ذلة احجى من أن
يقوموا بهم مقام عزة.
وفي روضة الواعظين عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما يدل على المعنى
الثاني قال إنه قرأ ألهيكم التكاثر فقال تكاثر الأموال جمعها من غير حقها
وشدها في الأوعية حتى زرتم المقابر حتى دخلتم قبوركم.
وفي المجمع عنه (صلى الله عليه وآله) أنه تلا هذه السورة فقال يقول ابن
آدم ما لي مالي ومالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت
فأمضيت.
368

(3) كلا سوف تعلمون.
في حديث الروضة السابق قال لو دخلتم قبوركم.
(4) ثم كلا سوف تعلمون قال لو خرجتم من قبوركم إلى محشركم.
(5) كلا لو تعلمون علم اليقين قال وذلك حين يؤتى بالصراط فينصب
بين جسري جهنم.
وفي المحاسن عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى وتعلمون علم
اليقين قال المعاينة.
(6) لترون الجحيم وقرئ بضم التاء.
ورواها في المجمع عن علي (عليه السلام).
(7) ثم لترونها عين اليقين ولعل ذلك حين ورودها.
(8) ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم.
في الروضة في الرواية السابقة قال عن خمس عن شبع البطون وبارد
الشراب ولذة النوم وظلال المساكن واعتدال الخلق.
وفي المجمع عنهما (عليهما السلام) هو الامن والصحة.
وفي العيون عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال الرطب والماء البارد.
وفي الفقيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل نعيم مسؤول عنه صاحبه
إلا ما كان في غزو أو حج.
وفي المجالس عن الصادق (عليه السلام) قال من ذكر اسم الله على الطعام
لم يسئل عن نعيم ذلك الطعام.
والقمي عنه (عليه السلام) قال تسئل هذه الأمة عما أنعم الله عليهم
برسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم بأهل بيته.
369

وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث أن النعيم الذي
يسئل عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن حل محله من أصفياء الله فان الله
أنعم بهم على من اتبعهم من أوليائهم.
والعياشي عن الصادق (عليه السلام) أنه سأله أبو حنيفة عن هذه الآية فقال له ما
النعيم عندك يا نعمان قال القوت من الطعام والماء البارد فقال لئن أوقفك الله يوم
القيامة بين يديه حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين
يديه قال فما النعيم جعلت فداك فقال نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على
العباد وبنا ايتلفوا بعد أن كانوا مختلفين وبنا ألف الله بين قلوبهم وجعلهم إخوانا بعد
ان كانوا أعداء وبنا هداهم الله للاسلام وهو النعمة التي لا تنقطع والله سائلهم عن حق
النعيم الذي أنعم به عليهم وهو النبي (صلى الله عليه وآله) وعترته (عليهم السلام).
وفي رواية انه (عليه السلام) قال له بلغني انك تفسر النعيم في هذه الآية بالطعام والطيب
والماء البارد في اليوم الصائف قال نعم قال لو دعاك رجل وأطعمك طعاما طيبا وسقاك
ماءا باردا ثم امتن عليك به إلى ما كنت تنسبه قال إلى البخل قال أفيبخل الله تعالى قال
فما هو قال حبنا أهل البيت.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) قال ليس في الدنيا نعيم حقيقي فقال له
بعض الفقهاء ممن حضره فيقول الله تعالى ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم أما هذا النعيم
في الدنيا وهو الماء البارد فقال له الرضا (عليه السلام) وعلا صوته كذا فسرتموه أنتم وجعلتموه
على ضروب فقالت طائفة هو الماء البارد وقال غيرهم هو الطعام الطيب وقال آخرون
هو طيب النوم ولقد حدثني أبي عن أبيه عن أبي عبد الله إن أقوالكم هذه ذكرت عنده في
قول الله عز وجل ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم فغضب وقال إن الله عز وجل لا يسأل عباده
عما تفضل عليهم بذلك ولا يمن بذلك عليهم والامتنان بالانعام مستقبح من المخلوقين
فكيف يضاف إلى الخالق عز وجل ما لا يرضى المخلوق به ولكن النعيم حبنا أهل
البيت وموالاتنا يسأل الله عنه بعد التوحيد والنبوة لان العبد إذا وفى بذلك أداه إلى نعيم
الجنة الذي لا يزول.
370

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال إن الله عز وجل أعز
أكرم ان يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه ولكن يسألكم عما أنعم عليكم
بمحمد وآل محمد (عليهم السلام).
وفي رواية عن الباقر (عليه السلام) إنما يسألكم عما أنتم عليه من الحق.
وفي المحاسن عن الصادق (عليه السلام) قال ثلاثة لا يحاسب العبد المؤمن
عليهن طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه وتحصن بها فرجه وفي رواية قال إن
الله أكرم من أن يسأل مؤمنا عن أكله وشربه.
أقول: لعل التوفيق بين الاخبار بأن يقال لا يسئل أحد عن ضروري المطعم
والملبس وغيرهما وإنما يسئل عما زاد على الضرورة وعما أنعم الله به من الارشاد إلى
مودة أهل البيت وطاعتهم كيف صنع بهم (عليهم السلام).
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة ألهاكم
التكاثر في فريضة كتب الله له اجر مأة شهيد ومن قرأها في نافلة كتب له اجر خمسين
شهيدا وصلى معه في فريضة أربعون صفا من الملائكة.
371

سورة العصر
مكية وهي ثلاث آيات بالاجماع اختلافها آيتان
والعصر غير المكي والمدني الأخير
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والعصر
(2) إن الانسان لفي خسر قيل اقسم بصلاة العصر أو بعصر النبوة ان
الانسان لفي خسران في مساعيهم وصرف أعمارهم في مطالبهم.
(3) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا ففازوا
بالحياة الأبدية والسعادة السرمدية وتواصوا بالحق بالثابت الذي لا يصح انكاره عن
اعتقاد أو عمل وتواصوا بالصبر عن المعاصي وعلى الطاعات والمصائب وهذا من
عطف الخاص على العام.
وفي الاكمال عن الصادق (عليه السلام) قال العصر عصر خروج القائم (عليه
السلام) ان الانسان لفي خسر يعني أعدائنا إلا الذين آمنوا يعني بآياتنا وعملوا
الصالحات يعني بمواساة الاخوان وتواصوا بالحق يعني بالإمامة وتواصوا بالصبر يعني
بالعترة.
والقمي عنه (عليه السلام) قال استثنى أهل صفوته من خلقه حيث قال إن الانسان
لفي خسر إلا الذين آمنوا يقول آمنوا بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وتواصوا بالحق
ذرياتهم ومن خلفوا بالولاية تواصوا بها وصبروا عليها.
وفي المجمع عن علي (عليه السلام) والقمي عن الصادق (عليه السلام) انهما قرءا
والعصر ان الانسان لفي خسر إلى آخر الدهر.
372

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ والعصر في نوافله
بعثه الله يوم القيامة مشرقا وجهه ضاحكا سنه قريرا عينه حتى يدخل الجنة.
373

سورة الهمزة
مكية وهي تسع آيات بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ويل لكل همزة لمزة أصل الهمز الكسر واللمز الطعن وشاعا في كسر
الاعراض بالطعن القمي قال همزة الذي يغمز الناس ويستحقر الفقراء وقوله لمزة
الذي يلوي عنقه ورأسه ويغضب إذا رأى فقيرا أو سائلا.
الذي جمع مالا وعدده وجعله عدة للنوازل أو عدة مرة بعد أخرى
والقمي قال أعده ووضعه وقرئ جمع بالتشديد للتكثير.
(3) يحسب أن ماله أخلده تركه خالدا في الدنيا القمي قال ويبقيه.
(4) كلا لينبذن ليطرحن في الحطمة القمي النار التي تحطم كل شئ.
(5) وما أدريك ما الحطمة.
(6) نار الله الموقدة التي أوقدها الله وما أوقده الله لا يقدر أن يطفأه غيره.
(7) التي تطلع على الأفئدة القمي قال تلتهب على الفؤاد.
(8) إنها عليهم مؤصدة قال مطبقة.
(9) في عمد ممددة أي موثقين في اعمد ممدودة القمي
قال إذا مدت العمد عليهم كان والله الخلود.
والعياشي عن الباقر (عليه السلام) ما في معناه وقرئ عمد بضمتين
374

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ ويل لكل همزة
لمزة في فريضة من فرائضه بعد الله عنه الفقر وجلب عليه الرزق ويدفع عنه ميتة
السوء.
375

سورة الفيل خمس آيات بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل.
(2) ألم يجعل كيدهم في تضليل في تضييع وإبطال بأن
دمرهم وعظم شأنها.
(3) وأرسل عليهم طيرا أبابيل جماعات.
(4) ترميهم بحجارة من سجيل من طين متحجر معرب سنك گل.
(5) فجعلهم كعصف مأكول كورق زرع وقع فيه الاكال أو اكل حبه فبقي
صفرا منه أو كتبن اكلته الدواب القمي قال نزلت في الحبشة حين جاؤوا بالفيل ليهدموا
به الكعبة فلما أدنوه من باب المسجد قال له عبد المطلب تدري أين يأم بك قال برأسه
لا قال اتوا بك لتهدم كعبة الله أتفعل ذلك فقال برأسه لا فجهدت به الحبشة ليدخل
المسجد فامتنع فحملوا عليه بالسيوف وقطعوه فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل قال
بعضها إلى أثر بعض ترميهم بحجارة من سجيل قال كان مع كل طير ثلاثة أحجار
حجر في منقاره وحجران في مخالبه وكانت ترفرف على رؤوسهم وترمي في دماغهم
فيدخل الحجر في دماغهم ويخرج من أدبارهم وينتقض أبدانهم فكانوا كما قال
فجعلهم كعصف مأكول قال العصف التبن والمأكول هو الذي يبقى من فضله.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) ما في معناه بروايتين مع زيادات
واختلافات في ألفاظه وقال في إحداهما وبعث الله عليهم الطير كالخطاطيف في
376

مناقيرها حجر كالعدسة أو نحوها فكانت تحاذي برأس الرجل ثم يرسلها على رأسه
فتخرج من دبره حتى لم يبق منهم أحد إلا رجل هرب فجعل يحدث الناس بما رأى إذ
طلع عليه طائر منها فرفع رأسه فقال هذا الطير منها وجاء الطير حتى حاذى رأسه ثم
ألقاها عليه فخرجت من دبره فمات.
وعن الباقر (عليه السلام) انه سئل عن قوله تعالى وأرسل عليهم طيرا أبابيل قال كان طير
ساف جاءهم من قبل البحر رؤوسها كأمثال رؤوس السباع وأظفارها كأظفار السباع
من الطير مع كل طائر ثلاثة أحجار في رجليه حجران وفي منقاره حجر فجعلت ترميهم
بها حتى جدرت أجسادهم فقتلهم بها وما كان قبل ذلك اتي شئ من الجدري ولا
رأوا من ذلك الطير قبل ذلك اليوم ولا بعده قال ومن أفلت منهم يومئذ انطلق حتى إذا
بلغوا حضرموت وهو واد دون اليمن أرسل الله عليهم سيلا فغرقهم أجمعين قال وما
رأي في ذلك الوادي ماء قط قبل ذلك اليوم بخمس عشرة سنة قال ولذلك سمي
حضرموت حين ماتوا فيه.
وفي العلل عنه (عليه السلام) ما يقرب منه.
وفي قرب الإسناد عن الكاظم (عليه السلام) ان أبرهة بن يكسوم قاد الفيل إلى
بيت الله الحرام ليهدمه قبل مبعث النبي (صلى الله عليه وآله) فقال عبد المطلب ان لهذا
البيت ربا يمنعه ثم جمع أهل مكة فدعا وهذا بعد ما أخبره سيف بن ذي يزن فأرسل
الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم ودفعهم عن مكة وأهلها وفي الا مالي في هذه القصة زيادات
قيل وكان السبب فيه أن أبرهة بن الصباح الا شرم ملك اليمن من قبل اصحمة
النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس وأراد أن يصرف إليها الحاج فخرج رجل
من كنانة فقعد فيها ليلا فأغضبه ذلك فحلف ليهد من الكعبة فخرج بجيشه ومعه فيل
قوي اسمه محمود إلى آخر القصة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ في فرائضه ألم تر
كيف فعل ربك شهد له يوم القيامة كل سهل وجبل ومدر بأنه كان من المصلين وينادي
يوم القيامة مناد صدقتم على عبدي قبلت شهادتكم له وعليه أدخلوه الجنة ولا تحاسبوه
377

فإنه ممن أحبه الله وأحب عمله قد سبق أن هذه السورة مع ما بعدها تقرآن في الصلاة
معا.
وفي المجمع عن العياشي عن أحدهما (عليهما السلام) قال ألم تر كيف فعل
ربك ولايلاف قريش سورة واحدة قال وروي أن أبي بن كعب لم يفصل بينهما في
مصحفه.
378

سورة إيلاف
مكية وهي خمس آيات حجازي اربع آيات عند غيرهم اختلافها آية من
جوع حجازي
(1) لايلاف قريش وهو متعلق بقوله فليعبدوا أو كعصف مأكول أو بمحذوف
كاعجبوا.
(2) إيلافهم رحلة الشتاء والصيف.
(3) فليعبدوا رب هذا البيت. (4) الذي أطعمهم من جوع.
وآمنهم من خوف القمي قال نزلت في قريش لأنه كان معاشهم من
الرحلتين رحلة في الشتاء إلى اليمن ورحلة في الصيف إلى الشام وكانوا يحملون من
مكة الادم واللب وما يقع من ناحية البحر من الفلفل وغيره فيشترون بالشام الثياب
والدرمك والحبوب وكانوا يتألفون في طريقهم ويثبتون في الخروج في كل خرجة
رئيسا من رؤساء قريش وكان معاشهم من ذلك فلما بعث الله نبيه (صلى الله عليه وآله)
استغنوا عن ذلك لان الناس وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحجوا إلى
البيت فقال الله فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع فلا يحتاجون ان
يذهبوا إلى الشام وآمنهم من خوف يعني خوف الطريق.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من أكثر قراءة لايلاف
قريش بعثه الله يوم القيامة على مركب من مراكب الجنة حتى يقعد على موائد النور
يوم القيامة إن شاء الله.
379

سورة أرأيت
وتسمى سورة الماعون مكية وقيل مدنية وهي سبع آيات أو ست
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) أرأيت الذي يكذب بالدين بالجزاء القمي قال نزلت في أبي جهل وكفار
قريش.
(2) فذلك الذي يدع اليتيم قال يدفعه يعني عن حقه قيل كان أبو جهل وصيا
ليتيم فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه وأبو سفيان نحر جزورا فسأله يتيم لحما
فقرعه بعصا.
(3) ولا يحض ولا يرغب على طعام المسكين لعدم اعتقاده بالجزاء ولذلك
رتب الجملة على يكذب بالفاء.
(4) فويل للمصلين الفاء جزائية يعني إذا كان عدم المبالاة باليتيم والمسكين
من تكذيب الدين فالسهو عن الصلاة التي هي عماد الدين والرياء ومنع الزكاة أحق
بذلك ولذلك رتب عليه الويل.
(5) الذين هم عن صلاتهم ساهون غافلون غير مبالين بها القمي قال عنى به
تاركون لان كل انسان يسهو في الصلاة.
وفي المجمع عن العياشي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية أهي
وسوسة الشيطان فقال لا كل أحد يصيبه هذا ولكن ان يغفلها ويدع أن يصلي في أول
وقتها.
والقمي عنه (عليه السلام) قال هو تأخير الصلاة عن أول وقتها لغير عذر.
380

وفي الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ليس عمل أحب إلى الله عز وجل
من الصلاة فلا يشغلنكم عن أوقاتها شئ من أمور الدنيا فان الله عز وجل ذم أقواما
فقال الذين هم عن صلاتهم ساهون يعني إنهم غافلون استهانوا بأوقاتها. وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) قال هو الترك لها والتواني عنها.
وفيه وفي الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال هو التضييع.
(6) الذين هم يراؤن الناس بصلاتهم ليثنوا عليهم.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يريد بهم المنافقين الذين لا
يرجون لها ثوابا ان صلوا ولا يخافون عليها عقابا إن تركوا فهم عنها غافلون حتى
يذهب وقتها فإذا كانوا مع المؤمنين صلوها رياء وإذا لم يكونوا معهم لم يصلوا وهو
قوله الذين هم يراؤن ويمنعون الماعون القمي مثل السراج والنار والخمير وأشباه
ذلك مما يحتاج إليه الناس قال وهي وفي رواية أخرى الخمس والزكاة.
وفي المجمع عن علي والصادق (عليهما السلام) هو الزكاة المفروضة ومرفوعا
هو ما يتعاوره الناس بينهم من الدلو والفأس وما لا يمنع كالماء والملح.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال هو القرض تقرضه والمعروف تصنعه
ومتاع البيت تعيره ومنه الزكاة قيل إن لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه وافسدوه فعلينا
جناح أن نمنعهم فقال لا ليس عليكم جناح أن تمنعوهم إذا كانوا كذلك.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) من قرأ سورة أرأيت الذي
يكذب بالدين في فرائضه ونوافله قبل الله صلاته وصيامه ولم يحاسبه بما كان منه في
الحياة الدنيا.
381

سورة الكوثر
مكية وقيل مدنية وهي ثلاث آيات بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إنا أعطيناك الكوثر الخير المفرط الكثرة وفسر بالعلم والعمل والنبوة
والكتاب وبشرف الدارين وبالذرية الطيبة.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) هو الشفاعة.
وعنه (عليه السلام) قال هو نهر في الجنة أعطاه الله نبيه عوضا من ابنه.
والقمي مثله وفي الأمالي عن ابن عباس قال لما نزل على رسول الله (صلى الله
عليه وآله) إنا أعطيناك الكوثر قال له علي بن أبي طالب (عليه السلام) ما الكوثر
يا رسول الله قال نهر أكرمني الله به قال علي (عليه السلام) ان هذا النهر شريف فانعته لنا
يا رسول الله قال نعم يا علي الكوثر نهر يجري تحت عرش الله تعالى ماؤه أشد بياضا
من اللبن وأحلى من العسل والين من الزبد حصاه الزبرجد والياقوت والمرجان حشيشه
الزعفران ترابه المسك الأذفر قواعده تحت عرش الله عز وجل ثم ضرب رسول الله
(صلى الله عليه وآله) على جنب أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال يا علي هذا النهر لي
ولك ولمبينك من بعدي.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه سئل عنه حين نزلت السورة فقال
نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير وهو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة انيته عدد نجوم
السماء فيختلج (1) القرن منهم فأقول يا رب إنهم من أمتي فيقال انك لا تدري ما

(1) الاختلاج: الجذب والنزع، والقرن من الناس: أهل زمان واحد.
382

أحدثوا بعدك.
وفي الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال أنا مع رسول الله (صلى الله
عليه وآله) ومعي عترتي على الحوض فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا فان لكل أهل
نجيبا ولنا نجيب ولنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة فتنافسوا في لقائنا على الحوض فانا
نذود عنه أعدائنا ونسقي منه أحبائنا وأوليائنا من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا
حوضنا فيه مشعبان ينصبان من الجنة أحدهما من تسنيم والاخر من معين على حافتيه
الزعفران وحصاه اللؤلؤ وهو الكوثر.
(2) فصل لربك فدم على الصلاة وانحر
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) هو رفع يديك حذاء وجهك وفي رواية
فقال بيده هكذا يعني استقبل بيده حذاء وجهه القبلة في افتتاح الصلاة.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما نزلت هذه السورة قال النبي (صلى الله عليه
وآله) لجبرئيل ما هذه النحيرة التي امرني بها ربي قال ليست بنحيرة ولكنه يأمرك إذا
تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا
سجدت فإنه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع فان لكل شئ زينة وان زينة
الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) انه سئل عنه فقال النحر الاعتدال في القيام
أن يقيم صلبه ونحره.
أقول: وفي تفسير العامة إن المراد بالصلاة صلاة العيد وبالنحر نحر الهدي
والا ضحية.
(3) إن شانئك مبغضك هو الأبتر الذي لا عقب له إذ لا يبقى له نسل ولا حسن
ذكر وأما أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك إلى يوم القيامة ولك في الآخرة
ما لا يدخل تحت الوصف القمي قال دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله)
المسجد وفيه عمرو بن العاص والحكم بن العاص فقال عمرو يا أبا الأبتر وكان الرجل
383

في الجاهلية إذا لم يكن له ولد سمي أبتر ثم قال عمرو إني لا شنئ محمدا أي ابغضه
فأنزل الله على رسوله السورة ان شانئك هو الأبتر يعني لا دين له ولا نسب.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من كانت قراءته انا
أعطيناك الكوثر في فرائضه ونوافله سقاه الله من الكوثر يوم القيامة وكان محدثه عند
رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصل طوبى.
384

سورة قل يا أيها الكافرون
وتسمى سورة الجحد وعن ابن عباس وقتادة انها
مدنية وهي ست آيات بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) قل يا أيها الكافرون.
(2) لا أعبد ما تعبدون.
(3) ولا أنتم عابدون ما أعبد.
(4) ولا أنا عابد ما عبدتم.
(5) ولا أنتم عابدون ما أعبد.
(6) لكم دينكم ولى دين لا تتركونه ولا اتركه في الا مالي إن نفرا من قريش
اعترضوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) منهم عتبة بن ربيعة وأمية بن خلف والوليد بن
المغيرة والعاص بن سعد فقالوا يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد فنشرك نحن
وأنت في الامر فان يكن الذي نحن عليه الحق فقد أخذت بحظك منه وان يكن الذي
أنت عليه الحق فقد أخذنا بحظنا منه فأنزل الله تبارك وتعالى السورة قيل في سبب التكرير ان
الأول فيما يستقبل فان لا لا تدخل إلا على مضارع بمعنى الاستقبال والثاني في
الحال أو فيما سلف والقمي سأل أبو شاكر الديصاني أبا جعفر الأحول عن ذلك قال
فهل يتكلم الحكيم بمثل هذا القول ويكرره مرة بعد مرة فلم يكن عند الأحول في
ذلك جواب فدخل المدينة فسأل الصادق (عليه السلام) عن ذلك فقال كان سبب نزولها
الآية وتكرارها ان قريشا قالت لرسول الله (صلى الله عليه آله) تعبد إلهنا سنة ونعبد إلهك
سنة وتعبد الهنا سنة ونعبد إلهك سنة فأجابهم الله بمثل ما قالوا الحديث.
385

في ثواب الأعمال والمجمع عنه (عليه السلام) من قرأ قل يا أيها الكافرون وقل
هو الله أحد في فريضة من الفرائض غفر الله له ولوالديه وما ولد وإن كان شقيا محي من
ديوان الأشقياء وأثبت في ديوان السعداء وأحياه الله سعيدا واماته سعيدا وبعثه
شهيدا.
وفي كالمجمع والكافي عنه (عليه السلام) قال كان أبي يقول قل يا أيها الكافرون
ربع القرآن
وزاد في المجمع وكان إذا فرغ منها قال اعبد الله وحده.
وفيه والقمي عنه (عليه السلام) إذ فرغت منها فقل ديني الاسلام ثلاثا.
386

سورة النصر
مدنية وهي ثلاث آيات بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إذا جاء نصر الله إياك على أعدائك والفتح فتح مكة.
(2) ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا جماعات كأهل مكة والطائف
واليمن وسائر قبائل العرب.
(3) فسبح بحمد ربك فنزهه حامدا له على أن صدق وعده واستغفره هضما
لنفسك أو لامتك إنه كان توابا القمي قال نزلت بمنى في حجة الوداع فلما نزلت قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) نعيت إلي نفسي قيل ولعل ذلك لدلالتها على تمام
الدعوة وكمال أمر الدين.
وفي الكافي والعيون عن الصادق (عليه السلام) إن أول ما نزل اقرأ باسم ربك
وآخره إذا جاء نصر الله وفي الكافي عن أم سلمة قالت كان رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بآخره أيامه ولا يقوم ولا يقعد ولا يجئ ولا يذهب إلا قال سبحان الله وبحمده أستغفر
الله وأتوب إليه فسألناه عن ذلك فقال إني أمرت بها ثم قرأ هذه السورة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ إذا جاء نصر الله
في نافلة أو فريضة نصره الله على جميع أعدائه وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق قد
أخرجه الله من جوف قبره فيه أمان من جسر جهنم ومن النار ومن زفير جهنم فلا يمر
على شئ يوم القيامة إلا بشره وأخبره بكل خير حتى يدخل الجنة ويفتح له في الدنيا
من أسباب الخير ما لم يتمن ولم يخطر على قلبه.
387

سورة تبت
وتسمى سورة أبي لهب مكية خمس آيات بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) تبت يدا أبى لهب أي خسرت وهلكت فان التباب خسران يؤدي إلى
الهلاك قيل أريد بيديه نفسه كقوله ولا تلقوا بأيديكم وقيل بل المراد دنياه وآخراه.
وتب اخبار بعد اخبار أو دعاء عليه بعد دعاء.
(2) ما أغنى عنه ماله وما كسب حين نزل به التباب قيل أنه مات بالعدسة بعد
وقعة بدر بأيام معدودة وترك ثلاثا حتى أنتن ثم استؤجر بعض السودان فدفنوه.
(3) سيصلى نارا ذات لهب.
(4) وامرأته وهي أم جميل أخت أبي سفيان حمالة الحطب قيل يعني حطب جهنم
فإنها كانت تحمل الأوزار بمعاداة الرسول وتحمل زوجها على ايذائه وقيل بل أريد به
حزمة الشوك والحسك كانت تحملها فتنثرها بالليل في طريق رسول الله (صلى الله
عليه وآله) وقرئ بالنصب على الشتم.
(5) في جيدها حبل من مسد أي مما مسد أي فتل يعني من نار القمي تبت يدا
أبى لهب قال أي خسرت لما اجتمع مع قريش في دار الندوة وبايعهم على قتل محمد
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان كثير المال فقال الله ما أغنى عنه ماله وما كسب
سيصلى نار ذات لهب عليه فتحرقه وامرأته حمالة الحطب قال كانت أم جميل بنت
صخر وكانت تنم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتنقل أحاديثه إلى الكفار حمالة
الحطب أي احتطبت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جيدها أي في عنقها حبل
388

من مسد أي من نار قال وكان اسم أبي لهب عبد مناف فكناه الله لان منافا صنم
يعبدونه.
وفي المجمع في قوله تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين.
عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على
الصفا فقال يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش فقالوا مالك قال أرأيتكم ان أخبرتكم ان
العدو مصبحكم أو ممسيكم ما كنتم تصدقونني قالوا بلى قال فاني نذير لكم بين يدي
عذاب شديد قال أبو لهب تبا لك ألهذا دعوتنا جميعا فأنزل الله عز وجل تبت يدا أبى
لهب وتب السورة.
وفي قرب الإسناد عن الكاظم (عليه السلام) في حديث آيات النبي (صلى الله
عليه وآله) قال ومن ذلك أن أم جميل امرأة أبي لهب أتته حين نزلت سورة تبت ومع
النبي (صلى الله عليه وآله) أبو بكر بن أبي قحافة فقال يا رسول الله هذه أم جميل محفظة
أي مغضبة تريدك ومعها حجر تريد أن ترميك به فقال إنها لا تراني فقالت لأبي بكر أين
صاحبك قال حيث شاء الله قالت لقد جئته ولو أراه لرميته فإنه هجاني واللات والعزى
إني لشاعرة فقال أبو بكر يا رسول لم ترك قال لا ضرب الله بيني وبينها حجابا.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) قال إذا قرأتم تبت يدا أبى
لهب وتب فادعوا على أبي لهب فإنه كان من المكذبين بالنبي وبما جاء من عند الله
تعالى.
389

سورة الاخلاص
مكية وقيل مدنية وسميت سورة التوحيد وهي خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) قل هو الله أحد
(2) الله الصمد
(3) لم يلد
(4) ولم يولد.
(5) ولم يكن له كفوا أحد وقرئ كفوا بالتسكين وبالتحريك وقلب الهمزة واوا
القمي وكان سبب نزولها أن اليهود جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت له
ما نسبة ربك فأنزل الله.
وفي الكافي والتوحيد عن الصادق (عليه السلام) قال إن اليهود سألوا رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فقالوا أنسب لنا ربك فلبث ثلاثا لا يجيبهم ثم نزلت قل هو الله إلى
آخرها.
وفي التوحيد عن الباقر (عليه السلام) في تفسيرها قال قل أي أظهر ما أوحينا إليك
ونبأناك به بتأليف الحروف التي قرأناها لك ليهدي بها من القى السمع وهو شهيد
وهو اسم مكنى مشار به إلى غائب فالهاء تنبيه على معنى ثابت والواو إشارة إلى الغائب
عن الحواس كما أن قولك هذا إشارة إلى الشاهد عند الحواس وذلك أن الكفار نبهوا
عن آلهتهم بحرف إشارة إلى الشاهد المدرك فقالوا هذه آلهتنا المحسوسة
المدركة بالابصار فأشر أنت يا محمد إلى إلهك الذي تدعو إليه حتى نراه وندركه ولا
390

نأله فيه فأنزل الله تبارك وتعالى قل هو فالهاء تثبيت للثابت والوا وإشارة إلى الغائب عن
درك الابصار ولمس الحواس وأنه تعالى عن ذلك بل هو مدرك الابصار ومبدع
الحواس.
ثم قال (عليه السلام) الله معناه المعبود الذي اله الخلق عن درك ما يأته والإحاطة
بكيفيته ويقول العرب اله الرجل إذا تحير في الشئ فلم يحط به علما ووله إذا فزع إلى
شئ مما يحذره ويخافه والاله هو المستور عن حواس الخلق
قال (عليه السلام) الأحد الفرد المتفرد والأحد والواحد بمعنى واحد وهو المتفرد
الذي لا نظير له والتوحيد الاقرار بالواحدة وهو الانفراد والواحد المتباين الذي لا
ينبعث من شئ ولا يتحد بشئ ومن ثم قالوا إن بناء العدد من الواحد وليس الواحد
من العدد لان العدد لا يقع على الواحد بل يقع على الاثنين فمعنى قوله الله
أحد أي المعبود الذي يأله الخلق عن ادراكه والإحاطة بكيفيته فرد بإلهيته متعال عن
صفات خلقه.
قال (عليه السلام) وحدثني أبي زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)
أنه قال الصمد الذي لا جوف له والصمد الذي قد انتهى سودده والصمد الذي لا يأكل ولا
يشرب والصمد الذي لا ينام والصمد الدائم الذي لم يزل ولا يزال.
قال (عليه السلام) كان محمد بن الحنفية يقول الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره
وقال غيره الصمد المتعالي عن الكون والفساد والصمد الذي لا يوصف بالتغاير.
قال (عليه السلام) الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر ولا ناه.
قال وسئل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن الصمد فقال الصمد الذي لا شريك
له ولا يؤوده حفظ شئ ولا يعزب عنه شئ.
قال الراوي قال زيد بن علي (عليه السلام) الصمد الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون
والصمد الذي أبدع الأشياء فخلقها أضدادا وأصنافا واشكالا وأزواجا وتفرد بالوحدة بلا
ضد ولا شكل ولا مثل ولا ند.
391

قال وحدثني الصادق عن أبيه (عليهما السلام) ان أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن
علي (عليهما السلام) يسألونه عن الصمد فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فلا
تخوضوا في القرآن ولا تجادلوا فيه ولا تتكلموا فيه بغير علم فقد سمعت جدي رسول الله
(صلى الله عليه وآله) يقول من قال في القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار وأن الله سبحانه
قد فسر الصمد فقال الله أحد الله الصمد ثم فسره فقال لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد لم
يلد لم يخرج منه شئ كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ولا
شئ لطيف كالنفس ولا تنشعب منه البدوات (1) كالسنة والنوم والحظرة والهم والحزن
والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسآمة والجوع والشبع تعالى عن أن
يخرج منه شئ وان يتولد منه شئ كثيف أو لطيف ولم يولد ولم يتولد من شئ ولم يخرج
من شئ كما يخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشئ من الشئ والدابة من الدابة
والنبات من الأرض والماء من الينابيع والثمار من الأشجار ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة
من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الاذن والشم من الانف والذوق من الفم والكلام
من اللسان والمعرفة والتمييز من القلب وكالنار من الحجر ألا بل هو الله الصمد الذي لا من
شئ ولا في شئ ولا على شئ مبدع الأشياء وخالقها ومنشئ الأشياء بقدرته يتلاشى ما
خلق للفناء بمشيئته ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد عالم
الغيب والشهدة الكبير المتعال ولم يكن له كفوا أحد قال الراوي سمعت الصادق (عليه
السلام) يقول قدم وفد من فلسطين على الباقر (عليه السلام) فسألوه عن مسائل فأجابهم ثم
سألوه عن الصمد فقال تفسيره فيه الصمد خمسة أحرف فالألف دليل على انيته وهو قوله عز
وجل شهد الله انه لا إلا إله إلا هو وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس واللام دليل
على إلهيته بأنه هو الله والألف واللام مد غمان كما لا يظهران على اللسان ولا يقعان في السمع
ويظهران في الكتابة دليلان على أن إلهيته بلطفه خافية لا تدرك بالحواس ولا تقع في لسان
واصف ولا اذن سامع لان تفسير الاله هو الذي اله الخلق عن درك ماهيته وكيفيته بحس أو
بوهم لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواس وإنما يظهر ذلك عند الكتابة دليل على أن الله تعالى
أظهر ربوبيته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة فإذا نظر عبد

(1) ذو بدوات: أي لا يزال يبدو؟ له رأي جديد ومنه بدا له في الامر إذا ظهر له استصواب شئ غير الأول.
392

إلى نفسه لم ير روحه كما أن لام الصمد لا تتبين ولا تدخل في حاسة من حواسه الخمس فإذا
نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفى ولطف فمتى تفكر العبد في ماهية الباري وكيفيته له فيه
وتحير ولم تحط فكرته بشئ يتصور له لأنه عز وجل خالق الصور فإذا نظر إلى خلقه ثبت له
انه عز وجل خالقهم ومركب أرواحهم في أجسادهم وأما الصاد فدليل على أنه عز وجل
صادق وقوله صدق وكلامه صدق ودعا عباده إلى اتباع الصدق بالصدق ووعد بالصدق دار
الصدق وأما الميم فدليل على ملكه وأنه الملك الحق لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه وأما
الدال فدليل على دوام ملكه وأنه عز وجل دائم متعال عن الكون والزوال بل هو عز وجل
مكون الكائنات الذي كأن بتكوينه كل كائن ثم قال لو وجدت لعلمي الذي أتاني الله عز
وجل حملة لنشرت التوحيد والاسلام والايمان والدين والشرائع من الصمد وكيف لي
بذلك ولم يجد جدي أمير المؤمنين (عليه السلام) حملة لعلمه حتى كان يتنفس
الصعداء ويقول على المنبر سلوني قبل أن تفقدوني فان بين الجوانح مني علما جما هاه
هاه الا لا أجد من يحمله الا واني عليكم من الله الحجة البالغة فلا تتولوا قوما غضب الله
عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ثم قال الباقر (عليه السلام)
الحمد لله الذي من علينا ووفقنا لعبادة الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا
أحدا وجنبنا عبادة الأوثان حمدا سرمدا وشكرا واصبا وقوله عز وجل لم يلد ولم يولد يقول لم
يلد فيكون له ولد يرثه ملكه ولم يولد فيكون له والد يشركه في ربوبيته وملكه ولم يكن له كفوا
أحد فيعازه في سلطانه.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه سأله رجل عن تفسير هذه السورة
فقال هو الله أحد بلا تأويل عدد الصمد بلا تبعيض بدد لم يلد فيكون موروثا هالكا ولم يولد
فيكون إلها مشاركا ولم يكن له من خلقه كفوا أحد وفي نهج البلاغة لم يولد فيكون في العز
مشاركا.
وفي الكافي عن السجاد (عليه السلام) انه سئل عن التوحيد فقال إن الله عز وجل علم أنه
يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله قل هو الله أحد والآيات من سورة الحديد
إلى قوله عليم بذات الصدور فمن رام وراء ذلك فقد هلك.
وعن الرضا (عليه السلام) انه سئل عن التوحيد فقال كل من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها
393

فقد عرف التوحيد قيل كيف يقرؤها قال كما يقرؤها الناس وزاد فيها كذلك الله ربي
مرتين.
وعن الباقر (عليه السلام) قل هو الله أحد ثلث القرآن وفي الاكمال عن أمير المؤمنين
(عليه السلام) قال من قرأ قل هو الله أحد مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فكأنما
قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من مضى به يوم واحد فصلى
فيه خمس صلوات ولم يقرأ فيه بقل هو الله أحد قيل له يا عبد الله لست من المصلين.
وعنه (عليه السلام) من مضت له جمعة ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد ثم مات مات على
دين أبي لهب.
394

سورة الفلق
مدنية في أكثر الأقاويل وقيل مكية عدد آيها خمس بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) قل أعوذ برب الفلق ما يفلق عنه أي يفرق عنه وخص عرفا بالصبح ولذلك
فسر به.
وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن الفلق قال صدع في النار فيه
سبعون ألف دار في كل دار سبعون ألف بيت في كل بيت سبعون ألف اسود في كل أسود
سبعون ألف جرة سم لابد لأهل النار أن يمروا عليها والقمي قال الفلق جب في جهنم يتعوذ
أهل النار من شدة حره سأل الله أن يأذن له ان يتنفس فأذن له فتنفس فأحرق جهنم الحديث.
(2) من شر ما خلق قيل خص عالم الخلق بالاستعاذة منه لانحصار الشر فيه فان
عالم الامر خير كله.
(3) ومن شر غاسق ليل عظم ظلامه كقوله إلى غسق الليل إذا وقب دخل ظلامه في
كل شئ قيل خص الليل لان المضار فيه تكثير ويعسر الدفع ولذلك قيل الليل أخفى
للويل.
(4) ومن شر النفاثات في العقد من شر النفوس أو النساء السواحر اللاتي يعقدن
عقدا في خيوط وينفثن عليها والنفث النفخ مع ريق.
(5) ومن شر حاسد إذا حسد إذا ظهر حسده وعمل بمقتضاه فإنه لا يعود ضرره منه
قبل ذلك إلى المحسود بل يخص به لاغتمامه بسروره وفي المعاني مرفوعا أنه قال في هذه
الآية أما رأيته إذا فتح عينيه وهو ينظر إليك هو ذاك قيل خص الحسد بالاستعاذة منه لأنه
395

العمدة في الاضرار.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كاد
الحسد ان يغلب القدر.
في طب الأئمة عن الصادق (عليه السلام) ان جبرئيل اتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا
محمد قال لبيك يا جبرئيل قال إن فلانا سحرك وجعل السحر في بئر بني فلان فابعث إليه
يعني البئر أوثق الناس عندك وأعظمهم في عينيك وهو عديل نفسك حتى يأتيك بالسحر قال
فبعث النبي (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال انطلق إلى بئر ازوان فان
فيها سحر اسحرني به لبيد ابن أعصم اليهودي فائتني به قال فانطلقت في حاجة رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فهبطت فإذا ماء البئر صار كأنه الجنا من السحر فطلبته مستعجلا حتى
انتهيت إلى أسفل القليب فلم أظفر به قال الذين معي ما فيه شئ فاصعد قلت لا والله ما
كذبت ولا كذب وما نفسي بيده مثل أنفسكم يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم طلبت
طلبا بلطف فاستخرجت حقا فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فقال افتحه ففتحته وإذا في
الحق قطعة كرب النخل في جوفه وتر عليه احدى عشرة عقدة وكان جبرئيل انزل يومئذ
بالمعوذتين على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال النبي (صلى الله عليه وآله) يا علي
اقرأها على الوتر فجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى فرغ منها
وكشف الله عز وجل عن نبيه ما سحر وعافاه وفي رواية إن جبرئيل وميكائيل أتيا النبي (صلى
الله عليه وآله) فجلس أحدهما عن يمينه والاخر عن شماله فقال جبرئيل لميكائيل ما وجع
الرجل فقال ميكائيل هو مطبوب فقال جبرئيل ومن طبه قال لبيد بن أعصم اليهودي ثم ذكر
الحديث وعن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن المعوذتين أهما من القرآن فقال نعم هما من
القرآن فقال الرجل ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ولا في مصحفه فقال (عليه السلام)
أخطأ ابن مسعود وقال كذب ابن مسعود هما من القرآن قال الرجل فأقرأ بهما في المكتوبة
قال نعم وهل تدري ما معنى المعوذتين وفي أي شئ أنزلتا ان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
سحره لبيد بن عاصم اليهودي فقال أبو بصير وما كاد أو عسى أن يبلغ من سحره.
قال الصادق (عليه السلام) بلى كان النبي (صلى الله عليه وآله) انه يجامع وليس
396

يجامع وكان يريد الباب ولا يبصره حتى يلمسه بيده والسحر حق وما سلط السحر الا على
العين والفرج فأتاه جبرئيل فأخبره بذلك فدعا عليا (عليه السلام) وبعثه ليستخرج ذلك من بئر
ازوان وذكر الحديث وروت العامة ما يقرب من ذلك.
والقمي عن الصادق كان سبب نزول المعوذتين انه وعك رسول الله (صلى الله عليه
وآله) فنزل عليه جبرئيل بهاتين السورتين فعوذه بهما وفي المجمع ما يقرب منه.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) قيل له ان ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من
المصحف فقال كان أبي يقول إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه وهما من القرآن.
وفي الكافي عن جابر قال أمنا أبو عبد الله (عليه السلام) في صلاة المغرب فقرأ
المعوذتين ثم قال هما من القرآن.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) قال من أوتر بالمعوذتين وقل هو
الله أحد قيل له يا عبد الله أبشر فقد قبل الله وترك.
397

سورة الناس
مدنية وهي مثل سورة الفلق لأنها احدى المعوذتين وهي ست آيات بلا خلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) قل أعوذ برب الناس.
(2) ملك الناس.
(3) اله الناس.
(4) من شر الوسواس يعني الموسوس عبر عنه بالوسواس مبالغة الخناس
الذي عادته أن يخنس أي يتأخر إذا ذكر الانسان ربه القمي الخناس اسم الشيطان.
(5) الذي يوسوس في صدور الناس إذا غفلوا عن ذكر ربهم.
(6) من الجنة والناس بيان للوسواس.
في الكافي والعياشي عن الصادق (عليه السلام) قال ما من مؤمن إلا ولقلبه اذنان في
جوفه اذن ينفث فيها الوسواس الخناس واذن ينفث فيها الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك
فذلك قوله وأيدهم بروح منه والقمي عنه (عليه السلام) ما من قلب إلا وله اذنان على أحدهما
ملك مرشد وعلى الاخر شيطان مفتن هذا يأمره يأمره وذلك يزجره كذلك من الناس شيطان
يحمل الناس على المعاصي كما يحمل الشيطان من الجن وقد مضى تفسير شياطين الانس
في سورة الأنعام وقد سبق سبب نزول السورة وثواب تلاوتها في تفسير أختها.
398