الكتاب: إملاء ما من به الرحمن
المؤلف: أبو البقاء العكبري
الجزء: ٢
الوفاة: ٦١٦
المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٣٩٩ - ١٩٧٩ م
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

إملاء ما من به الرحمن
من
وجوه الإعراب والقراءات
في جميع
القرآن
تأليف
أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
(538 - 616 ه‍)
الجزء الثاني
دار الكتب العلمية
بيروت - لبنان
1

الطبعة الأولى
1399 ه‍ - 1979 م
2

بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأنفال
(عن الأنفال) الجمهور على إظهار النون، ويقرأ بإدغامها في اللام، وقد
ذكر في قوله " عن الأهلة " و (ذات بينكم) قد ذكر في آل عمران عند قوله
" بذات الصدور " (وجلت) مستقبله توجل بفتح التاء وسكون الواو وهي اللغة
الجيدة، ومنهم من يقلب الواو ألفا تخفيفا، ومنهم من يقلبها ياء بعد كسر التاء، وهو
على لغة من كسر حرف المضارعة، وانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها،
ومنهم من يفتح التاء مع سكون الياء فتركب من اللغتين لغة ثالثة، فتفتح الأول على
اللغة الفاشية، وتقلب الواو ياء على الأخرى (وعلى ربهم يتوكلون) يجوز
أن تكون الجملة حالا من ضمير المفعول في زادتهم، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (حقا) قد ذكر مثله في النساء و (عند ربهم) ظرف، والعامل
فيه الاستقرار، ويجوز أن يكون العامل فيه درجات لأن المراد به الأجور.
قوله تعالى (كما أخرجك) في موضع الكاف أوجه: أحدها أنها صفة لمصدر
محذوف، ثم في ذلك المصدر أوجه تقديره: ثابتة لله ثبوتا كما أخرجك. والثاني:
وأصلحوا ذات بينكم إصلاحا كما أخرجك، وفي هذا رجوع من خطاب الجمع إلى
خطاب الواحد. والثالث تقديره: وأطيعوا الله طاعة كما أخرجك، والمعنى: طاعة
محققة. والرابع تقديره: يتوكلون توكلا كما أخرجك. والخامس هو صفة لحق تقديره:
أولئك هم المؤمنون حقا مثل ما أخرجك. والسادس تقديره: يجادلونك جدالا كما
أخرجك. والسابع تقديره: وهم كارهون كراهية كما أخرجك: أي ككراهيتهم
أو كراهيتك لإخراجك، وقد ذهب قوم إلى أن الكاف بمعنى الواو التي للقسم وهو
بعيد، و (ما) مصدرية، و (بالحق) حال، وقد ذكر نظائره (وإن فريقا) الواو
هنا واو الحال.
3

قوله تعالى (وإذ يعدكم) إذ في موضع نصب: أي واذكروا، والجمهور
على ضم الدال، ومنهم من يسكنها تخفيفا لتوالي الحركات، و (إحدى) مفعول
ثان، و (أنها لكم) في موضع نصب بدلا من إحدى بدل الاشتمال، والتقدير:
وإذ يعدكم الله ملكة إحدى الطائفتين.
قوله تعالى (إذ تستغيثون) يجوز أن يكون بدلا من إذ الأولى، وأن يكون
التقدير: اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لتودون (بألف) الجمهور على إفراد
لفظة الألف، ويقرأ بآلف على أفعل مثل أفلس، وهو معنى قوله " بخمسة آلاف "
(مردفين) يقرأ بضم الميم وكسر الدال وإسكان الراء، وفعله أردف، والمفعول
محذوف: أي مردفين أمثالهم، ويقرأ بفتح الدال على ما لم يسم فاعله: أي أردفوا
بأمثالهم، ويجوز أن يكون المردفون من جاء بعد الأوائل: أي جعلوا ردفا للأوائل،
ويقرأ بضم الميم وكسر الدال وتشديدها، وعلى هذا في الراء ثلاثة أوجه: الفتح
وأصلها مرتدفين، فنقلت حركة التاء إلى الراء وأبدلت ذالا ليصح إدغامها في الدال،
وكان تغيير التاء أولى لأنها مهموسة والدال مجهورة. وتغيير الضعيف إلى القوى أولى.
والثاني كسر الراء على إتباعها لكسرة الدال، أو على الأصل في التقاء الساكنين.
والثالث الضم اتباعا لضمة الميم، ويقرأ بكسر الميم والراء على اتباع الميم الراء، وقيل
من قرأ بفتح الراء وتشديد الدال فهو من ردف بتضعيف العين للتكثير، أو أن
التشديد بدل من الهمزة كأفرجته وفرجته.
قوله تعالى (وما جعله الله) الهاء هنا مثل الهاء التي في آل عمران.
قوله تعالى (إذ يغشيكم) " إذ " مثل " إذ تستغيثون " ويجوز أن يكون ظرفا
لما دل عليه " عزيز حكيم " ويقرأ " يغشاكم " بالتخفيف والألف، و (النعاس)
فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الشين وياء بعدها، والنعاس بالنصب: أي يغشيكم
الله النعاس، ويقرأ كذلك إلا أنه بتشديد الشين و (أمنة) مذكور في آل عمران
(ماء ليطهركم) الجمهور على المد والجار صفة له، ويقرأ شاذا بالقصر وهي
بمعنى الذي (رجز الشيطان) الجمهور على الزاي، ويراد به هنا الوسواس، وجاز
أن يسمى رجزا لأنه سبب للرجز وهو العذاب، وقرئ بالسين، وأصل الرجس
الشئ القذر، فجعل ما يفضى إلى العذاب رجسا استقذارا له.
قوله تعالى (فوق الأعناق) هو ظرف لاضربوا، وفوق العنق الرأس، وقيل
هو مفعول به، وقيل فوق زائدة (منهم) حال من (كل بنان) أي كل بنان
4

كائنا منهم، ويضعف أن يكون حالا من بنان إذ فيه تقديم حال المضاف إليه على
المضاف (ذلك) أي الأمر، وقيل ذلك مبتدأ، و (بأنهم) الخبر: أي ذلك
مستحق بشقاقهم (ومن يشاقق الله) إنما لم يدغم لأن القاف الثانية ساكنة في الأصل
وحركتها هنا لالتقاء الساكنين فهي غير معتد بها.
قوله تعالى (ذلكم فذوقوه) أي الأمر ذلكم، أو ذلكم واقع أو مستحق،
ويجوز أن يكون في موضع نصب: أي ذوقوا ذلكم، وجعل الفعل الذي بعده
مفسرا له، والأحسن أن يكون التقدير: باشروا ذلكم فذوقوه، لتكون الفاء عاطفة
(وأن للكافرين) أي والأمر أن للكافرين.
قوله تعالى (زحفا) مصدر في موضع الحال، وقيل هو مصدر للحال المحذوفة:
أي تزحفون زحفا، و (الأدبار) مفعول ثان لتولوهم.
قوله تعالى (متحرفا أو متحيزا) حالان من ضمير الفاعل في يولهم.
قوله تعالى (ذلكم) أي الامر ذلكم (و) الأمر (أن الله موهن) بتشديد
الهاء وتخفيفها، وبالإضافة والتنوين وهو ظاهر.
قوله تعالى (وأن الله مع المؤمنين) يقرأ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح
على تقدير: والأمر أن الله مع المؤمنين.
قوله تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم) إنما جمع الصم وهو خبر شر،
لأن شرا هنا يراد به الكثرة، فجمع الخبر على المعنى، ولو قال الأصم لكان الإفراد
على اللفظ والمعنى على الجمع.
قوله تعالى (لا تصيبن) فيها ثلاثة أوجه: أحدها أنه مستأنف، وهو جواب
قسم محذوف: أي والله لا تصيبن الذين ظلموا خاصة بل تعم. والثاني أنه نهى،
والكلام محمول على المعنى كما تقول: لا أرينك هاهنا: أي لا تكن هاهنا، فإن
من يكون هاهنا أراه، وكذلك المعنى هنا، إذ المعنى لا تدخلوا في الفتنة فإن من يدخل
فيها تنزل به عقوبة عامة. والثالث أنه جواب الأمر، وأكد بالنون مبالغة، وهو
ضعيف لأن جواب الشرط متردد فلا يليق به التوكيد، وقرئ في الشاذ " لتصيبن "
بغير ألف. قال ابن جنى: الأشبه أن تكون الألف محذوفة كما حذفت في أم والله.
وقيل في قراءة الجماعة: إن الجملة صفة لفتنة، ودخلت النون على المنفى في غير القسم
على الشذوذ.
5

قوله تعالى (تخافون) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة كالذي قبله: أي
خائفون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مستضعفون.
قوله تعالى (وتخونوا أماناتكم) يجوز أن يكون مجزوما عطفا على الفعل الأول
وأن يكون نصبا على الجواب بالواو.
قوله تعالى (وإذ يمكر) هو معطوف على " واذكروا إذ أنتم ".
قوله تعالى (هو الحق) القراءة المشهورة بالنصب، وهو هاهنا فصل، ويقرأ
بالرفع على أن: هو مبتدأ، والحق خبره، والجملة خبر كان، و (من عندك)
حال من معنى الحق: أي الثابت من عندك (من السماء) يجوز أن يتعلق بأمطر،
وأن يكون صفة لحجارة.
قوله تعالى (أن لا يعذبهم) أي في أن لا يعذبهم، فهو في موضع نصب أو جر
على الاختلاف، وقيل هو حال، وهو بعيد لان " أن " تخلص الفعل للاستقبال.
قوله تعالى (وما كان صلاتهم) الجمهور على رفع الصلاة ونصب المكاء،
وهو ظاهر. وقرأ الأعمش بالعكس وهي ضعيفة، ووجهها أن المكاء والصلاة
مصدران، والمصدر جنس، ومعرفة الجنس قريبة من نكرته، ونكرته قريبة من
معرفته. ألا ترى أنه لافرق بين خرجت فإذا الأسد أو فإذا أسد، ويقوى ذلك
أن الكلام قد دخله النفي والإثبات، وقد يحسن في ذلك مالا يحسن في الإثبات المحض
ألا ترى أنه لا يحسن كان رجل خيرا منك، ويحسن ما كان رجلا إلا خيرا منك؟
وهمزة المكاء مبدلة من واو لقولهم مكا يمكو. والأصل في التصدية تصددة، لأنه
من الصد، فأبدلت الدال الأخيرة ياء لثقل التضعيف، وقيل هي أصل وهو من
الصدى الذي هو الصوت.
قوله تعالى (ليميز) يقرأ بالتشديد والتخفيف، وقد ذكر في آل عمران،
و (بعضه) بدل من الخبيث بدل البعض: أي بعض الخبيث على بعض. ويجعل
هنا متعدية إلى مفعول بنفسها، وإلى الثاني بحرف الجر، وقيل الجار والمجرور حال
تقديره: ويجعل بعض الخبيث عاليا على بعض.
قوله تعالى (نعم المولى) المخصوص بالمدح محذوف: أي نعم المولى
الله سبحانه.
قوله تعالى (أن ما غنمتم) " ما " بمعنى الذي: والعائد محذوف، و (من
شئ) حال من العائد المحذوف تقديره: ما غنمتموه قليلا وكثيرا (فأن لله) يقرأ
6

بفتح الهمزة. وفى الفاء وجهان: أحدهما أنها دخلت في خبر الذي لما في الذي من معنى
المجازاة، و " أن " وما عملت فيه في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: فالحكم
أن لله خمسه. والثاني أن الفاء زائدة و " أن " بدل من الأولى، وقيل " ما " مصدرية
والمصدر بمعنى المفعول: أي واعلموا أن غنيمتكم: أي مغنومكم، ويقرأ بكسر الهمزة
في " أن " الثانية على أن تكون " أن " وما عملت فيه مبتدأ وخبرا في موضع خبر الأولى
والخمس بضم الميم وسكونها لغتان قد قرئ بهما (يوم الفرقان) ظرف لأنزلنا
أو لآمنتم (يوم التقى) بدل من يوم الأول، ويجوز أن يكون ظرفا للفرقان
لأنه مصدر بمعنى التفريق.
قوله تعالى (إذ أنتم) إذ بدل من يوم أيضا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكروا
إذ أنتم، ويجوز أن يكون ظرفا لقدير، والعدوة بالضم والكسر لغتان قد قرئ بهما
(القصوى) بالواو، وهي خارجة على الأصل، وأصلها من الواو. وقياس
الاستعمال أن تكون القصيا لأنه صفة كالدنيا والعليا، وفعلى إذا كانت صفة قلبت
واوها ياء فرقا بين الاسم والصفة (والركب) جمع راكب في المعنى، وليس بجمع
في اللفظ، ولذلك تقول في التصغير ركيب كما تقول فريخ، و (أسفل منكم)
ظرف: أي والركب في مكان أسفل منكم: أي أشد تسفلا، والجملة حال من الظرف
الذي قبله، ويجوز أن تكون في موضع جر عطفا على أنتم: أي وإذ الركب أسفل
منكم (ليقضى الله) أي فعل ذلك ليقضى (ليهلك) يجوز أن يكون بدلا من
ليقضى بإعادة الحرف، وأن يكون متعلقا بيقضى أو بمفعولا (من هلك) الماضي هنا
بمعنى المستقبل، ويجوز أن يكون المعنى: ليهلك بعذاب الآخرة من هلك في الدنيا منهم
بالقتل (من حي) يقرأ بتشديد الياء وهو الأصل لأن الحرفين متماثلان متحركان،
فهو مثل شد ومد، ومنه قول عبيد:
عيوا بأمرهم كما * عيت ببيضتها الحمامة
ويقرأ بالإظهار وفيه وجهان: أحدهما أن الماضي حمل على المستقبل وهو يحيا،
فكما لم يدغم في المستقبل لم يدغم في الماضي، وليس كذلك شد ومد فإنه يدغم فيهما
جميعا. والوجه الثاني أن حركة الحرفين مختلفة، فالأولى مكسورة والثانية مفتوحة،
واختلاف الحركتين كاختلاف الحرفين، ولذلك أجازوا في الاختيار لححت عينه
وضبب البلد إذا كثر ضبه، ويقوى ذلك أن الحركة الثانية عارضة، فكان الياء الثانية
ساكنة، ولو سكنت لم يلزم الادغام، وكذلك إذا كانت في تقدير الساكن، والياءان
7

أصل وليست الثانية بدلا من واو، فأما الحيوان فالواو فيه بدل من الياء، وأما الحواء
فليس من لفظ الحية، بل من حوى يحوى إذا جمع، و (عن بينة) في الموضعين
يتعلق بالفعل الأول.
قوله تعالى (إذ يريكهم) أي اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لعليم.
قوله تعالى (فتفشلوا) في موضع نصب على جواب النهى، وكذلك
(وتذهب ريحكم) ويجوز أن يكون فتفشلوا جزما عطفا على النهى، ولذلك
قرئ " ويذهب ريحكم ".
قوله تعالى (بطرا ورئاء الناس) مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال
(ويصدون) معطوف على معنى المصدر.
قوله تعالى (لا غالب لكم اليوم) غالب هنا مبنية، ولكم في موضع رفع
خبر لا، واليوم معمول الخبر، و (من الناس) حال من الضمير في لكم،
ولا يجوز أن يكون اليوم منصوبا بغالب، ولا من الناس حالا من الضمير في غالب،
لأن اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لا يجوز بناؤه، والألف في (جار) بدل من واو
لقولك جاورته، و (على عقبيه) حال.
قوله تعالى (إذ يقول المنافقون) أي اذكروا ويجوز أن يكون ظرفا لزين
أو لفعل من الأفعال المذكورة في الآية مما يصح به المعنى.
قوله تعالى (يتوفى) يقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما (الملائكة)
ولم يؤنث للفصل بينهما ولأن تأنيث الملائكة غير حقيقي، فعلى هذا يكون (يضربون
وجوههم) حالا من الملائكة أو حالا من الذين كفروا، لأن فيها ضميرا يعود
عليهما. والثاني أن يكون الفاعل مضمرا: أي إذ يتوفى الله والملائكة على هذا مبتدأ،
ويضربون الخبر، والجملة حال ولم يحتج إلى الواو لأجل الضمير: أي يتوفاهم
والملائكة يضربون وجوههم، ويقرأ بالتاء والفاعل الملائكة.
قوله تعالى (كدأب) قد ذكر في آل عمران ما يصح منه إعراب
هذا الموضع.
قوله تعالى (وإن الله سميع عليم) يقرأ بفتح الهمزة تقديره: ذلك بأن الله
لم يك مغيرا وبأن الله سميع، ويقرأ بكسرها على الاستئناف.
قوله تعالى (الذين عاهدت) يجوز أن يكون بدلا من الذين الأولى، وأن
8

يكون خبر مبتدأ محذوف: أي هم الذين. ويجوز أن يكون نصبا على إضمار أعنى،
و (منهم) حال من العائد المحذوف.
قوله تعالى (فإما تثقفنهم) إذ أكدت أن الشرطية بما أكد فعل الشرط بالنون
ليتناسب المعنى (فشرد بهم) الجمهور على الدال وهو الأصل، وقرأ الأعمش
بالذال وهو بدل من الدال، كما قالوا: خراديل وخراذيل، وقيل هو مقلوب من
شذر بمعنى فرق، ومنه قولهم: تفرقوا شذر مذر، ويجوز أن تكون من شذر في مقاله
إذا أكثر فيه. وكل ذلك تعسف بعيد.
قوله تعالى (فانبذ إليهم) أي عهدهم فحذف المفعول، و (على سواء)
حال.
قوله تعالى (ولا تحسبن الذين) يقرأ بالتاء على الخطاب للنبي صلى الله عليه
وسلم، والمفعول الثاني (سبقوا) ويقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما هو
مضمر: أي يحسبن من خلفهم، أو لا يحسبن أحد، فالإعراب على هذا كإعراب
القراءة الأولى. والثاني أن الفاعل الذين كفروا، والمفعول الثاني سبقوا، والأول
محذوف: أي أنفسهم، وقيل التقدير: أن سبقوا، وأن هنا مصدرية مخففة من الثقيلة
حكى عن الفراء وهو بعيد لأن أن المصدرية موصولة، وحذف الموصول ضعيف
في القياس شاذ في الاستعمال (إنهم لا يعجزون) أي لا يحسبوا ذلك لهذا. والثاني
أنه (1) متعلق بتحسب إما مفعول أو بدل من سبقوا، وعلى كلا الوجهين تكون
لا زائدة وهو ضعيف لوجهين: أحدهما زيادة لا والثاني أن مفعول حسبت إذا كان
جملة وكان مفعولا ثانيا كانت فيه إن مكسورة لأنه موضع مبتدأ وخبر.
قوله تعالى (من قوة) هو في موضع الحال من " ما " أو من العائد المحذوف
في استطعتم (ترهبون به) في موضع الحال من الفاعل في اعدلوا، أو من المفعول
لأن في الجملة ضميرين يعودان إليهما.
قوله تعالى (للسلم) يجوز أن تكون اللام بمعنى إلى، لأن جنح بمعنى مال،
ويجوز أن تكون معدية للفعل بنفسها وأن تكون بمعنى من أجل، والسلم بكسر السين
وفتحها لغتان، وقد قرئ بهما وهي مؤنثة، ولذلك قال (فاجنح لها).

(1) (قوله والثاني أنه الخ) الظاهر أنه مقابل لقوله لا يحسبوا ذلك الخ يعنى أنه وجه ثان اه‍.
9

قوله تعالى (حسبك الله) مبتدأ وخبر، وقال قوم: حسبك مبتدأ، والله
فاعله: أي يكفيك الله (ومن اتبعك) في من ثلاثة أوجه: أحدها جر عطفا
على الكاف في حسبك، وهذا لا يجوز عند البصريين لأن العطف على الضمير المجرور
من غير إعادة الجار لا يجوز. والثاني موضعه نصب بفعل محذوف دل عليه الكلام
تقديره: ويكفى من اتبعك. والثالث موضعه رفع على ثلاثة أوجه (1): أحدها هو
معطوف على اسم الله، فيكون خبرا آخر كقولك: القائمان زيد وعمرو، ولم يثن
حسبك لأنه مصدر. وقال قوم: هذا ضعيف لأن الواو للجمع، ولا يحسن هاهنا
كما لم يحسن في قولهم: ما شاء الله وشئت، وثم هنا أولى. والثاني أن يكون خبر مبتدأ
محذوف تقديره: وحسبك من اتبعك.
قوله تعالى (إن يكن) يجوز أن تكون التامة فيكون الفاعل (عشرون)،
و (منكم) حال منها أو متعلقة بيكون، ويجوز أن تكون الناقصة فيكون عشرون
اسمها ومنكم الخبر.
قوله تعالى (أسرى) فيه قراءات قد ذكرت في البقرة (والله يريد الآخرة)
الجمهور عل نصب الآخرة على الظاهر، وقرئ شاذا بالجر تقديره: والله يريد
عرض الآخرة، فحذف المضاف وبقى عمله، كما قال بعضهم:
أكل امرئ تحسبين أمرأ * ونار توقد بالليل نارا
أي وكل نار.
قوله تعالى (لولا كتاب) كتاب مبتدأ، و (سبق) صفة له. و (من الله) يجوز
أن يكون صفة أيضا، وأن يكون متعلقا بسبق والخبر محذوف: أي تدارككم.
قوله تعالى (حلالا طيبا) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (خيانتك) مصدر خان يخون، وأصل الياء الواو فقلبت لانكسار
ما قبلها ووقوع الألف بعدها.
قوله تعالى (من ولايتهم) يقرأ بفتح الواو وكسرها وهما لغتان، وقيل هي
بالكسر الإمارة، وبالفتح من موالاة النصرة.

(1) (قوله على ثلاثة أوجه) لم يذكر منها غير وجهين، وانظر لم اسقط الثالث مع أنه معيب اه‍.
10

قوله تعالى (إلا تفعلوه) الهاء تعود على النصر، وقيل على الولاء والتأمر.
قوله تعالى (في كتاب الله) في موضع نصب بأولى: أي يثبت ذلك في
كتاب الله.
سورة التوبة
قوله تعالى (براءة) فيه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أي هذا
براءة أو هذه، و (من الله) نعت له، و (إلى الذين) متعلقة ببراءة كما تقول: برئت
إليك من كذا. والثاني أنها مبتدأ، ومن الله نعت لها، وإلى الذين الخبر، وقرئ شاذا
" من الله " بكسر النون على أصل التقاء الساكنين، و (أربعة أشهر) ظرف لفسيحوا.
قوله تعالى (وأذان) مثل براءة، و (إلى الناس) متعلق بأذان أو خبر له (أن
الله برئ) المشهور بفتح الهمزة، وفيه وجهان: أحدهما: هو خبر الأذان: أي
الإعلام من الله براءته من المشركين. والثاني هو صفة: أي وأذان كائن بالبراءة،
وقيل التقدير: وإعلام من الله بالبراءة، فالباء متعلقة بنفس المصدر (ورسوله)
يقرأ بالرفع وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على الضمير في برئ، وما بينهما
يجرى مجرى التوكيد، فلذلك ساغ العطف. والثاني هو خبر مبتدأ محذوف:
أي ورسوله برئ. والثالث معطوف على موضع الابتداء، وهو عند المحققين
غير جائز، لأن المفتوحة لها موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة، ويقرأ بالنصب
عطفا على اسم إن، ويقرأ بالجر شاذا وهو على القسم، ولا يكون عطفا على المشركين
لأنه يؤدى إلى الكفر.
قوله تعالى (إلا الذين عاهدتم) في موضع نصب على الاستثناء من المشركين
ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر فأتموا (ينقصوكم) الجمهور بالصاد، وقرئ بالضاد
أي ينقضوا عهودكم فحذف المضاف، و (شيئا) في موضع المصدر.
قوله تعالى (واقعدوا لهم كل مرصد) المرصد مفعل من رصدت، وهو
هنا مكان، وكل ظرف لاقعدوا، وقيل هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر
أي على كل مرصد أو بكل.
قوله تعالى (وإن أحد) هو فاعل لفعل محذوف دل عليه ما بعده، و (حتى
يسمع) أي إلى أن يسمع أو كي يسمع. ومأمن مفعل من الأمن وهو مكان،
ويجوز أن يكون مصدرا ويكون التقدير: ثم أبلغه موضع مأمنه.
11

قوله تعالى (كيف يكون) اسم يكون (عهد) وفي الخبر ثلاثة أوجه:
أحدها كيف وقدم للاستفهام، وهو مثل قوله " كيف كان عاقبة مكرهم ". والثاني
أنه للمشركين، و (عند) على هذين ظرف للعهد، أو ليكون أو للجار، أو هي
وصف للعهد. والثالث الخبر عند الله وللمشركين تبيين أو متعلق بيكون، وكيف
حال من العهد (فما استقاموا) في " ما " وجهان أحدهما هي زمانية، وهي المصدرية
على التحقيق، والتقدير: فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، والثاني هي شرطية كقوله
" ما يفتح الله " والمعنى: إن استقاموا لكم فاستقيموا، ولا تكون نافية لأن المعنى
يفسد، إذ يصير المعنى استقيموا لهم لأنهم لم يستقيموا لكم.
قوله تعالى (كيف وإن يظهروا) المستفهم عنه محذوف تقديره: كيف يكون
لهم عهد أو كيف تطمئنون إليهم (إلا) الجمهور بلام مشددة من غير ياء، وقرئ
" إيلا " مثل ريح. وفيه وجهان: أحدهما أنه أبدل اللام الأولى ياء لثقل التضعيف
وكسر الهمزة. والثاني أنه من آلى يؤول إذا ساس، أو من آل يؤول إذا صار إلى آخر
الأمر، وعلى الوجهين قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها (يرضونكم)
حال من الفاعل في لا يرقبوا عند قوم، وليس بشئ لأنهم بعد ظهورهم لا يرضون
المؤمنين، وإنما هو مستأنف.
قوله تعالى (فإخوانكم) أي فهم إخوانكم، و (في الدين) متعلق بإخوانكم.
قوله تعالى (أئمة الكفر) هو جمع إمام، وأصله أئمة مثل خباء وأخبية، فنقلت
حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة وأدغمت في الميم الأخرى، فمن حقق الهمزتين
أخرجهما على الأصل، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها المنقولة إليها، ولا يجوز هنا أن
تجعل بين بين كما جعلت همزة أئذا، لأن الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية، ولو خففت
الهمزة الثانية هنا على القياس لكانت ألفا لانفتاح ما قبلها، ولكن ترك ذلك لتتحرك
بحركة الميم في الأصل.
قوله تعالى (أول مرة) هو منصوب على الظرف (فالله أحق) مبتدأ.
وفي الخبر وجهان: أحدهما هو أحق، و (أن تخشوه) في موضع نصب أو جر:
أي بأن تخشوه، وفي الكلام حذف: أي أحق من غيره بأن تخشوه، أو أن تخشوه
مبتدأ بدل من اسم الله بدل الاشتمال، وأحق الخبر، والتقدير خشية الله أحق. والثاني
أن أن تخشوه مبتدأ، وأحق خبره مقدم عليه، والجملة خبر عن اسم الله.
12

قوله تعالى (ويتوب الله) مستأنف، ولم يجزم لأن توبته على من يشاء ليست
جزاء على قتال الكفار، وقرئ بالنصب على إضمار أن.
قوله تعالى (شاهدين) حال من الفاعل في يعمروا (وفى النار هم خالدون)
أي وهم خالدون في النار، وقد وقع الظرف بين حرف العطف والمعطوف.
قوله تعالى (سقاية الحاج) الجمهور على سقاية بالياء، وهو مصدر مثل
العمارة، وصحت الياء لما كانت بعدها تاء التأنيث، والتقدير: أجعلتم أصحاب سقاية
الحاج، أو يكون التقدير: كإيمان من آمن ليكون الأول هو الثاني، وقرئ " سقاة
الحاج وعمار المسجد " على أنه جمع ساق وعامر (لا يستوون عند الله) مستأنف،
ويجوز أن يكون حالا من المفعول الأول والثاني، ويكون التقدير: سويتم بينهم
في حال تفاوتهم.
قوله تعالى (لهم فيها نعيم) الضمير كناية عن الرحمة والجنات.
قوله تعالى (ويوم حنين) هو معطوف: على موضع في مواطن، و (إذ)
بدل من يوم.
قوله تعالى (دين الحق) يجوز أن يكون مصدر يدينون، وأن يكون
مفعولا به، ويدينون بمعنى يعتقدون (عن يد) في موضع الحال: أي يعطوا
الجزية أذلة.
قوله تعالى (عزير ابن الله) يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ، وابن خبره،
ولم يحذف التنوين إيذانا بأن الأول مبتدأ، وأن ما بعده خبر وليس بصفة، ويقرأ
بحذف التنوين وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مبتدأ وخبر أيضا، وفي حذف التنوين
وجهان: أحدهما أنه حذف لالتقاء الساكنين، والثاني أنه لا ينصرف للعجمة والتعريف
وهذا ضعيف لأن الاسم عربي عند أكثر الناس، ولأن مكبره ينصرف لسكون أوسطه
فصرفه في التصغير أولى. والوجه الثاني أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره: نبينا
أو صاحبنا أو معبودنا، وابن صفة، أو يكون عزيرا مبتدأ وابن صفة والخبر محذوف
أي عزيرا ابن الله صاحبنا. والثالث أن ابنا بدل من عزير، أو عطف بيان، وعزير
على ما ذكرنا من الوجهين وحذف التنوين في الصفة، لأنها مع الموصوف كشئ واحد
(ذلك) مبتدأ، و (قولهم) خبره، و (بأفواههم) حال والعامل فيه
القول، ويجوز أن يعمل فيه معنى الإشارة، ويجوز أن تتعلق الباء بيضاهون،
13

فأما (يضاهون) فالجمهور على ضم الهاء من غير همز، والأصل ضاهى، والألف
منقلبة عن ياء وحذفت من أجل الواو، وقرئ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بعدها
وهو ضعيف، والأشبه أن يكون لغة في ضاهى وليس مشتقا من قولهم امرأة ضهياء،
لأن الياء أصل والهمزة زائدة، ولا يجوز أن تكون الياء زائدة إذ ليس في الكلام
فعيل بفتح الفاء.
قوله تعالى (والمسيح) أي واتخذوا المسيح ربا فحذف الفعل وأحد المفعولين،
ويجوز أن يكون التقدير: وعبدوا المسيح (إلا ليعبدوا) قد تقدم نظائره.
قوله تعالى (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) يأبى بمعنى يكره، ويكره بمعنى يمنع
فلذلك استثنى لما فيه من معنى النفي والتقدير: يأبى كل شئ إلا إتمام نوره.
قوله تعالى (والذين يكنزون) مبتدأ، والخبر (فبشرهم) ويجوز أن
يكون منصوبا تقديره: بشر الذين يكنزون. ينفقونها الضمير المؤنث يعود على الأموال
أو على الكنوز المدلول عليها بالفعل، أو على الذهب والفضة لأنهما جنسان، ولهما
أنواع، فعاد الضمير على المعنى أو على الفضة لأنها أقرب، ويدل ذلك على إرادة
الذهب، وقيل يعود على الذهب ويذكر ويؤنث.
قوله تعالى (يوم يحمى) يوم ظرف على المعنى: أي يعذبهم في ذلك اليوم،
وقيل تقديره: عذاب يوم، وعذاب بدل من الأول، فلما حذف المضاف أقام
اليوم مقامه، وقيل التقدير: اذكر، و (عليها) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل
وقيل القائم مقام الفاعل مضمر: أي يحمى الوقود أو الجمر (بها) أي بالكنوز.
وقيل هي بمعنى فيها: أي في جهنم، وقيل يوم ظرف لمحذوف تقديره: يوم يحمى
عليها يقال لهم هذا ما كنزتم.
قوله تعالى (أن عدة الشهور) عدة مصدر مثل العدد، و (عند) معمول
له، و (في كتاب الله) صفة لاثنى عشر، وليس بمعمول لعدة، لأن المصدر إذا
أخبر عنه لا يعمل فيما بعد الخبر، و (يوم خلق) معمول لكتاب على أن كتابا هنا
مصدر لاجثة، ويجوز أن يكون جثة، ويكون العامل في معنى الاستقرار، وقيل
في كتاب الله بدل من عند، وهو ضعيف لأنك قد فصلت بين البدل والمبدل منه
بخبر العامل في المبدل (منها أربعة) يجوز أن تكون الجملة صفة لاثنى عشر،
وأن تكون حالا من استقرار، وأن تكون مستأنفة (فيهن) ضمير الأربعة، وقيل
14

ضمير اثنى عشر، و (كافة) مصدر في موضع الحال من المشركين، أو من ضمير
الفاعل في قاتلوا.
قوله تعالى (إنما النسئ) يقرأ بهمزة بعد الياء، وهو فعيل مصدر مثل النذير
والنكير، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول: أي إنما المنسوء، وفي الكلام على هذا
حذف تقديره: إن نسا النسئ أو إن النسئ ذو زيادة، ويقرأ بتشديد الياء من غير
همز على قلب الهمزة ياء، ويقرأ بسكون السين وهمزة بعدها وهو مصدر نسأت،
ويقرأ بسكون السين وياء مخففة بعدها على الإبدال أيضا (يضل) يقرأ بفتح الياء
وكسر الضاد، والفاعل (الذين) ويقرأ بفتحهما وهي لغة، والماضي ظللت بفتح
اللام الأولى وكسرها، فمن فتحها في الماضي كسر الضاد في المستقبل، ومن كسرها
في الماضي فتح الضاد في المستقبل، ويقرأ بضم الياء وفتح الضاد على ما لم يسم فاعله،
ويقرأ بضم الياء وكسر الضاد: أي يضل به الذين كفروا أتباعهم، ويجوز أن يكون
الفاعل مضمرا: أي يضل الله أو الشيطان (يحلونه) يجوز أن يكون مفسرا للضلال
فلا يكون له موضع، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (اثاقلتم) الكلام فيها مثل الكلام في ادارأتم، والماضي هنا بمعنى
المضارع: أي مالكم تتثاقلون، وموضعه نصب: أي أي شئ لكم في التثاقل،
أو في موضع جر على رأى الخليل، وقيل هو حال: أي مالكم متثاقلين (من الآخرة)
في موضع الحال: أي بدلا من الآخرة.
قوله تعالى (ثاني اثنين) هو حال من الهاء: أي أحد اثنين، ويقرأ بسكون
الياء وحقها التحريك، وهو من أحسن الضرورة في الشعر، وقال قوم: ليس
بضرورة، ولذلك أجازوه في القرآن (إذ هما) ظرف لنصره لأنه بدل من إذ الأولى،
ومن قال العامل في البدل غير العامل في المبدل قدر هنا فعلا آخر: أي نصره إذ هما
(إذ يقول) بدل أيضا، وقيل إذ هما ظرف لثاني (فأنزل الله سكينته) هي
فعيلة بمعنى مفعلة: أي أنزل عليه ما يسكنه، والهاء في (عليه) تعود على أبى بكر
رضي الله عنه لأنه كان منزعجا، والهاء في (أيده) للنبي صلى الله عليه وسلم
(وكلمة الله) بالرفع على الابتداء، و (هي العليا) مبتدأ وخبر، أو تكون هي
فضلا، وقرئ بالنصب: أي وجعل كلمة الله، وهو ضعيف لثلاثة أوجه: أحدها
أن فيه وضع الظاهر موضع المضمر، إذ الوجه أن تقول كلمته. والثاني أن فيه دلالة
15

على أن كلمة الله كانت سفلى فصارت عليا، وليس كذلك. والثالث أن توكيد مثل
ذلك بهى بعيد إذ القياس أن يكون إياها.
قوله تعالى (لو كان عرضا قريبا) اسم كان مضمر تقدير ولو كان ما دعوتم
إليه (لو استطعنا) الجمهور على كسر الواو على الأصل، وقرئ بضمها تشبيها
للواو الأصلية بواو الضمير نحو " اشتروا الضلالة " (يهلكون أنفسهم) يجوز أن
يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في يحلفون.
قوله تعالى (حتى يتبين) حتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره:
هلا أخرتهم إلى أن يتبين أو ليتبين، وقوله " لم أذنت لهم " يدل على المحذوف، ولا يجوز
أن يتعلق حتى بأذنت، لأن ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية أو لأجل
التبيين، وهذا لا يعاتب عليه.
قوله تعالى (خلالكم) ظرف لاوضعوا: أي أسرعوا فيما بينكم (يبغونكم)
حال من الضمير في أوضعوا.
قوله تعالى (يقول ائذن لي) هو مثل قوله " يا صالح ائتنا " وقد ذكر.
قوله تعالى (هل تربصون) الجمهور على تسكين اللام وتخفيف التاء، ويقرأ
بكسر اللام وتشديد التاء ووصلها والأصل تتربصون، فسكن التاء الأولى وأدغمها
ووصلها بما قبلها وكسرت اللام لالتقاء الساكنين، ومثله " نارا تلظى " وله
نظائر (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم) مفعول نتربص، وبكم
متعلقة بنتربص.
قوله تعالى (أن تقبل) في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم، ويجوز
أن يكون التقدير: من أن تقبل، و (أنهم كفروا) في موضع الفاعل، ويجوز
أن يكون فاعل منع الله، وأنهم كفروا مفعول له: أي إلا لأنهم كفروا.
قوله تعالى (أو مدخلا) يقرأ بالتشديد وضم الميم وهو مفتعل من الدخول،
وهو الموضع الذي يدخل فيه، ويقرأ بضم الميم وفتح الخاء من غير تشديد، ويقرأ
بفتحهما وهما مكانان أيضا، وكذلك المغارة وهي واحد مغارات، وقيل الملجأ
وما بعده مصادر: أي لو قدروا على ذلك لمالوا إليه.
قوله تعالى (يلمزك) يجوز كسر الميم وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما (إذا هم)
إذا هنا للمفاجأة، وهي ظرف مكان وجعلت في جواب الشرط كالفاء لما فيها من
المفاجأة، وما بعدها ابتداء وخبر، والعامل في إذا (يسخطون).
16

قوله تعالى (فريضة) حال من الضمير في الفقراء: أي مفروضة، وقيل هو
مصدر، والمعنى فرض الله ذلك فرضا.
قوله تعالى (قل أذن خير) أذن خبر مبتدإ محذوف: أي هو ويقرأ بالإضافة
أي مستمع خير، ويقرأ بالتنوين ورفع خير على أنه صفة لأذن، والتقدير: أذن
ذو خير، ويجوز أن يكون خير بمعنى أفعل: أي أذن أكثر خيرا لكم (يؤمن بالله)
في موضع رفع صفة أيضا واللام في (للمؤمنين) زائدة دخلت لتفرق بين يؤمن
بمعنى يصدق، ويؤمن بمعنى يثبت الأمان (ورحمة) بالرفع عطف على أذن: أي
هو أذن ورحمة، ويقرأ بالجر عطفا على خير فيمن جر خيرا.
قوله تعالى (والله ورسوله) مبتدأ، و (أحق) خبره، والرسول مبتدأ ثان
وخبره محذوف دل عليه خبر الأول. وقال سيبويه: أحق خبر الرسول، وخبر
الأول محذوف وهو أقوى، إذ لا يلزم منه التفريق بين المبتدأ وخبره، وفيه أيضا
أنه خبر الأقرب إليه، ومثله قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف
وقيل أحق أن يرضوه خبر عن الاسمين، لأن أمر الرسول تابع لأمر الله تعالى،
ولأن الرسول قائم مقام الله بدليل قوله تعالى " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله "
وقيل أفرد الضمير وهو في موضع التثنية، وقيل التقدير: أن ترضوه أحق، وقد
ذكرناه في قوله " والله أحق أن تخشوه " وقيل التقدير: أحق بالإرضاء.
قوله تعالى (ألم يعلموا) يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين، وتكون (أنه)
وخبرها سد مسد المفعولين، ويجوز أن تكون المتعدية إلى واحد، و (من) شرطية
موضع مبتدإ، والفاء جواب الشرط، فأما (أن) الثانية فالمشهور فتحها وفيها أوجه
أحدها أنها بدل من الأولى، وهذا ضعيف لوجهين: أحدهما أن الفاء التي معها تمنع
من ذلك، والحكم بزيادتها ضعيف، والثاني أن جعلها بدلا يوجب سقوط جواب
" من " من الكلام. والوجه الثاني أنها كررت توكيدا كقوله تعالى " ثم إن ربك للذين
عملوا السوء بجهالة " ثم قال " إن ربك من بعدها " والفاء على جواب الشرط.
والثالث أن " أن " هاهنا مبتدأ والخبر محذوف: أي فلهم أن لهم. والرابع أن تكون
خبر مبتدأ محذوف: أي فجزاؤهم أن لهم، أو فالواجب أن لهم، ويقرأ بالكسر
على الاستئناف.
17

قوله تعالى (أن تنزل) في موضع نصب بيحذر على أنها متعدية بنفسها، ويجوز
أن يكون بحرف الجر: أي من أن تنزل، فيكون موضعه نصبا أو جرا على ما ذكرنا
من اختلافهم في ذلك.
قوله تعالى (أبالله) الباء متعلقة ب‍ (يستهزءون) وقد قدم معمول خبر كان
عليها، فيدل على جواز تقديم خبرها عليها.
قوله تعالى (بعضهم من بعض) مبتدأ وخبر: أي بعضهم من جنس بعض
في النفاق (يأمرون بالمنكر) مستأنف مفسر لما قبلها.
قوله تعالى (كالذين) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، وفي
الكلام حذف مضاف تقديره: وعدا كوعد الذين (كما استمتع) أي استمتاعا
كاستمتاعهم (كالذي خاضوا) الكاف في موضع نصب أيضا، وفى " الذي "
وجهان: أحدهما أنه جنس، والتقدير: خوضا كخوض الذين خاضوا، وقد ذكر
مثله في قوله تعالى " مثلهم كمثل الذي استوقد ". والثاني أن " الذي " هنا مصدرية:
أي كخوضهم وهو نادر.
قوله تعالى (قوم نوح) هو بدل من الذين.
قوله تعالى (ورضوان من الله) مبتدأ، و (أكبر) خبره.
قوله تعالى (واغلظ عليهم ومأواهم جهنم) إن قيل كيف حسنت
الواو هنا والفاء أشبه بهذا الموضع ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها أنها واو الحال، والتقدير
افعل ذلك في حال استحقاقهم جهنم، وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم. والثاني أن
الواو جئ بها تنبيها على إرادة فعل محذوف تقديره: واعلم أن مأواهم جهنم. والثالث
أن الكلام محمول على المعنى، والمعنى: أنه قد اجتمع لهم عذاب الدنيا بالجهاد والغلظة
وعذاب الآخرة بجعل جهنم مأوى لهم.
قوله تعالى (ما قالوا) هو جواب قسم، ويحلفون قائم مقام القسم.
قوله تعالى (وما نقموا إلا أن أغناهم الله) أن وما عملت فيه مفعول نقموا
أي وما كرهوا إلا إغناء الله إياهم، وقيل هو مفعول من أجله، والمفعول به محذوف
أي ما كرهوا الإيمان إلا ليغنوا.
قوله تعالى (لئن آتانا من فضله) فيه وجهان: أحدهما تقديره: عاهد
فقال لئن آتانا. والثاني أن يكون عاهد بمعنى قال، إذا العهد قول.
18

قوله تعالى (الذين يلمزون) مبتدأ، و (من المؤمنين) حال من الضمير
في " المطوعين " و (في الصدقات) متعلق بيلمزون، ولا يتعلق بالمطوعين لئلا يفصل
بينهما بأجنبي (واذين لا يجدون) معطوف على الذين يلمزون، وقيل على
المطوعين: أي ويلمزون الذين لا يجدون، وقيل هو معطوف على المؤمنين، وخبر
الأول على هذه الوجوه فيه وجهان: أحدهما (فيسخرون) ودخلت الفاء لما في الذين
من الشبه بالشرط. والثاني أن الخبر (سخر الله منهم) وعلى هذا المعنى يجوز
أن يكون الذين يلمزون في موضع نصب بفعل محذوف يفسر سخر تقديره: عاب الذين
يلمزون، وقيل الخبر محذوف تقديره منهم الذين يلمزون.
قوله تعالى (سبعين مرة) هو منصوب على المصدر، والعدد يقوم مقام
المصدر كقولهم: ضربته عشرين ضربة.
قوله تعالى (بمقعدهم) أي بقعودهم، و (خلاف) ظرف بمعنى خلف
(رسول الله) أي بعده، والعامل فيه مقعد، ويجوز أن يكون العامل فرح،
وقيل هو مفعول من أجله، فعلى هذا هو مصدر: أي لمخالفته، والعامل المقعد
أو فرح، وقيل هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام لأن مقعدهم
عنه تخلف.
قوله تعالى (قليلا) أي ضحكا قليلا أو زمنا قليلا، و (جزاء) مفعول له
أو مصدر على المعنى.
قوله تعالى (فإن رجعك الله) هي متعدية بنفسها ومصدرها رجع، وتأتي
لازمة ومصدرها الرجوع.
قوله تعالى (منهم) صفة لأحد، و (مات) صفة أخرى، ويجوز أن يكون
منهم حالا من الضمير في مات (أبدا) ظرف لتصل.
قوله تعالى (أن آمنوا) أي آمنوا، والتقدير: يقال فيها آمنوا، وقيل إن هنا
مصدرية تقديره: أنزلت بأن آمنوا، أي بالإيمان.
قوله تعالى (مع الخوالف) هو جمع خالفة وهي المرأة، وقد يقال للرجل
خالف وخالفة، ولا يجمع المذكر على خوالف.
قوله تعالى (وجاء المعذرون) يقرأ على وجوه كثيرة قد ذكرناها في قوله
" بألف من الملائكة مردفين ".
19

قوله تعالى (إذا نصحوا) العامل فيه معنى الكلام: أي لا يخرجون حينئذ.
قوله تعالى (ولا على الذين) هو معطوف على الضعفاء فيدخل في خبر ليس،
وإن شئت عطفته على المحسنين فيكون المبتدأ من سبيل، ويجوز أن يكون المبتدأ
محذوفا: أي ولا على الذين إلى تمام الصلة حرج أو سبيل، وجواب إذا (تولوا)
وفيه كلام قد ذكرناه عند قوله " كلما دخل عليها زكريا " (وأعينهم تفيض)
الجملة في موضع الحال، و (من الدمع) مثل الذي في المائدة، و (حزنا) مفعول
له أو مصدر في موضع الحال أو منصوب على المصدر بفعل دل عليه ما قبله (ألا يجدوا)
يتعلق بحزن وحرف الجر محذوف، ويجوز أن يتعلق بتفيض.
قوله تعالى (رضوا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا، وقد
معه مرادة.
قوله تعالى (قد نبأنا الله) هذا الفعل قد يتعدى إلى ثلاثة أولها " نا " والاثنان
الآخران محذوفان تقديره: أخبارا من أخباركم مثبتة، و (من أخباركم) تنبيه على
المحذوف وليست " من " زائدة، إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولا ثانيا، والمفعول
الثالث محذوف وهو خطأ، لأن المفعول الثاني إذا ذكر في هذا الباب لزم ذكر
الثالث، وقيل " من " بمعنى عن.
قوله تعالى (جزاء) مصدر: أي يجزون بذلك جزاء، أو هو مفعول له.
قوله تعالى (وأجدر أن لا يعلموا) أي بأن لا يعلموا.
قوله تعالى (بكم الدوائر) يجوز أن تتعلق الباء بيتربص، وأن يكون حالا من
الدوائر (دائرة السوء) يقرأ بضم السين وهو الضرر وهو مصدر في الحقيقة يقال
سؤته سوءا ومساءة ومسائية، ويقرأ: بفتح السين وهو الفساد والرداءة.
قوله تعالى (قربات) هو مفعول ثان ليتخذ و (عند الله) صفة لقربات
أو ظرف ليتخذ أو لقربات (وصلوات الرسول) معطوف على ما ينفق تقديره:
وصلوات الرسول قربات، و (قربة) بسكون الراء وقرئ بضمها على الاتباع.
قوله تعالى (والسابقون) يجوز أن يكون معطوف على قوله " من يؤمن "
تقديره: ومنهم السابقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، وفى الخبر ثلاثة أوجه: أحدها
(الأولون) والمعنى: والسابقون إلى الهجرة الأولون من أهل الملة، أو والسابقون
إلى الجنة الأولون إلى الهجرة. والثاني الخبر (من المهاجرين والأنصار) والمعنى
فيه الإعلام بأن السابقين من هذه الأمة هم من المهاجرين والأنصار. والثالث أن
20

الخبر (رضي الله عنهم) ويقرأ والأنصار بالرفع على أن يكون معطوفا على
السابقون، أو أن يكون مبتدأ والخبر رضي الله عنهم، وذلك على الوجهين الأولين.
وبإحسان حال من ضمير الفاعل في اتبعوهم (تجرى تحتها) ومن تحتها، والمعنى
فيهما واضح.
قوله تعالى (وممن) من بمعنى الذي، و (منافقون) مبتدأ وما قبله الخبر،
و (مردوا) صفة لمبتدأ محذوف تقديره: ومن أهل المدينة قوم مردوا، وقيل
مردوا صفة لمنافقون، وقد فصل بينهما، ومن أهل المدينة خبر مبتدأ محذوف تقديره:
من أهل المدينة قوم كذلك (لا تعلمهم) صفة أخرى مثل مردوا، وتعلمهم بمعنى
تعرفهم، فهي تتعدى إلى مفعول واحد.
قوله تعالى (وآخرون اعترفوا) هو معطوف على منافقون، ويجوز أن يكون
مبتدأ، واعترفوا صفته، و (خلطوا) خبره (وآخر سيئا) معطوف على عملا،
ولو كان بالباء جاز أن تقول خلطت الحنطة والشعير، وخلطت الحنطة بالشعير،
(عسى الله) الجملة مستأنفة، وقيل خلطوا حال، وقد معه مرادة: أي اعترفوا
بذنوبهم قد خلطوا، وعسى الله خبر المبتدأ.
قوله تعالى (خذ من أموالهم) يجوز أن تكون من متعلقة بخذ، وأن تكون
حالا من (صدقة تطهرهم) في موضع نصب صفة لصدقة، ويجوز أن يكون
مستأنفا والتاء للخطاب: أي تطهرهم أنت (وتزكيهم) التاء للخطاب لا غير لقوله
(بها) ويجوز أن يكون " تطهرهم وتزكيهم بها " في موضع نصب صفة لصدقة مع قولنا
إن التاء فيهما للخطاب، لأن قوله تطهرهم تقديره: بها، ودل عليه بها الثانية، وإذا
كان فيهما ضمير الصدقة جاز أن يكون صفة لها، ويجوز أن تكون الجملة حالا من
ضمير الفاعل في خذ.
قوله تعالى (إن صلاتك) يقرأ بالإفراد والجمع وهما ظاهران، و (سكن)
بمعنى مسكون إليها، فلذلك لم يؤنثه، وهو مثل القبض بمعنى المقبوض.
قوله تعالى (هو يقبل) هو مبتدأ، ويقبل الخبر. ولا يجوز أن يكون هو
فصلا، لأن يقبل ليس معرفة ولا قريب منها.
قوله تعالى (وآخرون مرجون) هو معطوف على وآخرون اعترفوا.
ومرجون بالهمز على الأصل ويغير همز وقد ذكر أصله في الأعراف (إما يعذبهم
وإما يتوب عليهم) إما هاهنا للشك والشك راجع إلى المخلوق، وإذا كانت
21

إما للشك جاز أن يليها الاسم، وجاز أن يليها الفعل، فإن كانت للتخيير ووقع الفعل
بعدها كانت معه أن كقوله: أما أن تلقى، وقد ذكر.
قوله تعالى (والذين اتخذوا) يقرأ بالواو. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف
على وآخرون مرجون: أي ومنهم الذين اتخذوا. والثاني هو مبتدأ، والخبر: أفمن
أسس بنيانه: أي منهم فحذف العائد للعلم به، ويقرأ بغير واو وهو مبتدأ، والخبر
أفمن أسس على ما تقدم (ضرارا) يجوز أن يكون مفعولا ثانيا لاتخذوا وكذلك ما بعده
وهذه المصادر كلها واقعة موضع اسم الفاعل: أي مضرا ومفترقا، ويجوز أن تكون
كلها مفعولا له.
قوله تعالى (لمسجد) اللام لام الابتداء، وقيل جواب قسم محذوف.
و (أسس) نعت له، و (من أل) يتعلق بأسس، والتقدير عند بعض البصريين
من تأسيس أول يوم، لأنهم يرون أن " من " لا تدخل على الزمان، وإنما ذلك لمنذ
وهذا ضعيف هاهنا لأن التأسيس المقدر ليس بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته
ويدل على جواز دخول " من " على الزمان ما جاء في القرآن من دخولها على قبل التي
يراد بها الزمان، وهو كثير في القرآن وغيره والخبر (أحق أن تقوم) و (فيه)
الأولى تتعلق بتقوم، والتاء لخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيه رجال) فيه
ثلاثة أوجه: أحدها هو صفة لمسجد جاءت بعد الخبر. والثاني أن الجملة حال من الهاء
في فيه الأولى. والعامل فيه تقوم. والثالث هي مستأنفة.
قوله تعالى (على تقوى) يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في أسس
أي على قصد التقوى، والتقدير: قاصدا ببنيانه التقوى، ويجوز أن يكون مفعولا
لأسس (جرف) بالضم والإسكان وهما لغتان: وفى (هار) وجهان: أحدهما
أصله هور أو هير على فعل، فلما تحرك حرف العلة، وانفتح ما قبله قلب ألفا وهذا
يعرف بالنصب (1) والرفع والجر مثل قولهم كبش صاف: أي صوف، ويوم راح: أي
روح. والثاني أن يكون أصله هاورا أو هايرا، ثم أخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء
وقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين، فوزنه بعد
القلب قالع، وبعد الحذف قال، وعين الكلمة واو أو ياء يقال تهور البناء وتهير
(فانهار به) به هنا حال: أي فانهار وهو معه.

(1) (قوله وهذا يعرف بالنصب الخ) الأولى تأخيره بعد قوله والثاني أن يكون إلى تمام التصريف اه‍ مصححه.
22

قوله تعالى (بأن لهم الجنة) الباء هنا للمقابلة. والتقدير: باستحقاقهم الجنة
(يقاتلون) مستأنف (فيقتلون ويقتلون) هو مثل الذي في آخر آل عمران
في وجوه القراءة (وعدا) مصدر: أي وعدهم بذلك وعدا، و (حقا) صفته.
قوله تعالى (التائبون) يقرأ بالرفع: أي هم التائبون، ويجوز أن يكون مبتدأ،
والخبر (الآمرون بالمعروف) وما بعده وهو ضعيف، ويقرأ بالياء على إضمار أعنى
أو أمدح، ويجوز أن يكون مجرورا صفة للمؤمنين، (والناهون عن المنكر)
إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام، ولذلك قالوا سبع
في ثمانية: أي سبع أذرع في ثمانية أشبار، وإنما دلت الواو على ذلك لأن الواو تؤذن
بأن ما بعدها غير ما قبلها، ولذلك دخلت في باب عطف النسق.
قوله تعالى (من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم) في فاعل كاد
ثلاثة أوجه: أحدها ضمير الشأن، والجملة بعده في موضع نصب. والثاني فاعله
مضمر تقديره: من بعد ما كاد القوم، والعائد على هذا الضمير في منهم. والثالث
فاعلها القلوب، ويزيغ في نية التأخير، وفيه ضمير فاعل، وإنما يحسن ذلك على
القراءة بالتاء، فأما على القراءة بالياء فيضعف أصل هذا التقدير، وقد بيناه في قوله
" ما كاد يصنع فرعون ".
قوله تعالى (وعلى الثلاثة) إن شئت عطفته على النبي صلى الله عليه وسلم: أي
تاب على النبي وعلى الثلاثة، وإن شئت على عليهم: أي ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة
(لا ملجأ من الله) خبر " لا " من الله (إلا إليه) استثناء مثل لا إله إلا الله.
قوله تعالى (موطئا) يجوز أن يكون مكانا فيكون مفعولا به، وأن يكون
مصدرا مثل الموعد.
قوله تعالى (فرقة منهم) يجوز أن يكون منهم صفة لفرقة، وأن يكون حالا
من (طائفة).
قوله تعالى (غلظة) يقرأ بكسر الغين وفتحها وضمها وكلها لغات.
قوله تعالى (هل يراكم) تقديره: يقولون هل يراكم.
قوله تعالى (عزيز عليه) فيه وجهان: أحدهما هو صفة لرسول، وما مصدرية
موضعها رفع بعزيز. والثاني أن (ما عنتم) مبتدأ، وعزيز عليه خبر مقدم، والجملة
صفة لرسول (بالمؤمنين) يتعلق ب‍ (رؤوف).
23

سورة يونس عليه السلام
قد تقدم القول على الحروف المقطعة في أول البقرة والأعراف، ويقاس الباقي
عليهما، و (الحكيم) بمعنى المحكم، وقيل هو بمعنى الحاكم.
قوله تعالى (أكان للناس عجبا أن أوحينا) اسم كان، وخبرها عجبا،
وللناس حال من عجب، لأن التقدير: أكان عجبا للناس، وقيل هو متعلق بكان،
وقيل هو يتعلق بعجب على التبيين، وقيل عجب هنا بمعنى معجب، والمصدر إذا
وقع موقع اسم مفعول أو فاعل جاز أن يتقدم معموله عليه كاسم المفعول (أن أنذر
الناس) يجوز أن تكون أن مصدرية، فيكون موضعها نصبا بأوحينا، وأن تكون
بمعنى أي فلا يكون لها موضع.
قوله تعالى (يدبر الأمر) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا ثانيا،
وأن يكون حالا.
قوله تعالى (وعد الله) هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام، وهو
قوله " إليه مرجعكم " لأن هذا وعد منه سبحانه بالبعث، و (حقا) مصدر آخر
تقديره: حق ذلك حقا (أنه يبدأ) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف،
وقرئ بفتحها، والتقدير: حق أنه يبدأ فهو فاعل، ويجوز أن يكون التقدير لأنه
يبدأ وماضي يبدأ بدأ، وفيه لغة أبدأ (بما كانوا) في موضع رفع صفة أخرى
لعذاب، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (جعل الشمس ضياء) مفعولان، ويجوز أن يكون ضياء حالا،
وجعل بمعنى خلق، والتقدير: ذات ضياء، وقيل الشمس هي الضياء، والياء منقلبة
عن واو لقولك ضوء، والهمزة أصل، ويقرأ بهمزتين بينهما ألف، والوجه فيه أن
يكون أخر الياء وقدم الهمزة، فلما وقعت الياء ظرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة
عند قوم، وعند آخرين قلبت ألفا، ثم قلبت الألف همزة لئلا يجتمع ألفان (والقمر
نورا) أي ذا نور، وقيل المصدر بمعنى فاعل: أي منيرا (وقدره منازل)
أي وقدر له فحذف حرف الجر، وقيل التقدير: قدره ذا منازل، وقدر على هذا
متعدية إلى مفعولين لأن معناه جعل وصير، ويجوز أن يكون قدر متعديا إلى واحد
بمعنى خلق ومنازل، حال: أي منتقلا.
24

قوله تعالى (إن الذين لا يرجون) خبر إن (أولئك مأواهم النار)
فأولئك مبتدأ ومأواهم مبتدأ ثان، والنار خبره، والجملة خبر أولئك (بما كانوا)
الباء متعلقة بفعل محذوف دل عليه الكلام: أي جوزوا بما كانوا يكسبون.
قوله تعالى (تجرى من تحتهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا
من ضمير المفعول في يهديهم والمعنى يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال
(في جنات) يجوز أن يتعلق بتجري، وأن يكون حالا من الأنهار، وأن يكون متعلقا
بيهدي، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهدى، وأن يكون خبرا ثانيا لأن.
قوله تعالى (دعواهم) مبتدأ (سبحانك) منصوب على المصدر، وهو
تفسير الدعوى لأن المعنى: قولهم سبحانك اللهم، و (فيها) متعلق بتحية (أن الحمد)
أن مخففة من الثقيلة، ويقرأ أن بتشديد النون وهي مصدرية، والتقدير: آخر
دعواهم حمد الله.
قوله تعالى (الشر) هو مفعول يعجل، و (استعجالهم) تقديره: تعجيلا
مثل استعجالهم، فحذف المصدر وصفته المضافة، وأقام المضاف إليه مقامهما.
وقال بعضهم: هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر: أي كاستعجالهم، وهو
بعيد، إذ لو جاز ذلك لجاز زيد غلام عمرو: أي كغلام عمرو، وبهذا ضعفه
جماعة، وليس بتضعيف صحيح إذ ليس في المثال الذي ذكر فعل يتعدى بنفسه عند
حذف الجار، وفى الآية فعل يصح فيه ذلك وهو قوله " يعجل " (فنذر) هو
معطوف على فعل محذوف تقديره: ولكن نمهلهم فنذر، ولا يجوز أن يكون معطوفا
على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذي تقتضيه لو، وليس كذلك لأن
التعجيل لم يقع، وتركهم في طغيانهم وقع.
قوله تعالى (لجنبه) في موضع الحال: أي دعانا مضجعا ومثله (قاعدا أو قائما)
وقيل العامل في هذه الأحوال مس، وهو ضعيف لأمرين: أحدهما أن الحال على
هذا واقعة بعد جواب " إذا " وليس بالوجه، والثاني أن المعنى كثرة دعائه في كل
أحواله، لا على أن الضر يصيبه في كل أحواله. وعليه جاءت آيات كثيرة في القرآن
(كأن لم يدعنا) في موضع الحال من الفاعل في مر (إلى ضر) أي إلى كشف
ضر، واللام في " لجنبه " على أصلها عند البصريين، والتقدير دعانا ملقيا لجنبه.
قوله تعالى (من قبلكم) متعلق بأهلكنا وليس بحال من القرون لأنه زمان.
25

و (جاءتهم رسلهم) يجوز أن يكون حالا: أي وقد جاءتهم، ويجوز أن يكون
معطوفا على ظلموا.
قوله تعالى (لننظر) يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء، ووجهها أن
النون الثانية قلبت ظاء وأدغمت.
قوله تعالى (ولا أدراكم به) هو فعل ماض من دريت، والتقدير: لو شاء
الله لما أعلمكم بالقرآن ويقرأ: ولادراكم به على الإثبات. والمعنى: ولو شاء الله
لأعلمكم به بلا واسطة، ويقرأ في الشاذ " ولا أدرأكم به " بالهمزة مكان
الألف، قيل هي لغة لبعض العرب يقلبون الألف المبدلة من ياء همزة، وقيل هو غلط
لأن قارئها ظن أنه من الدرء وهو الدفع، وقيل ليس بغلط، والمعنى: ولو شاء الله
لدفعكم عن الإيمان به (عمرا) ينتصب نصب الظروف: أي مقدار عمر
أو مدة عمر.
قوله تعالى (مالا يضرهم) " ما " بمعنى الذي، ويراد بها الأصنام، ولهذا
قال تعالى (هؤلاء شفعاؤنا) فجمع حملا على معنى " ما ".
قوله تعالى (وإذا أذقنا) جواب " إذا " الأولى (إذا) الثانية. والثانية للمفاجأة
والعامل في الثانية الاستقرار الذي في (لهم) وقيل " إذا " الثانية زمانية أيضا،
والثانية وما بعدها جواب الأولى.
قوله تعالى (يسيركم) يقرأ بالسين من السير، وينشركم من النشر: أي
يصرفكم ويبثكم (وجرين بهم) ضمير الغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى
الغيبة، ولو قال بكم لكان موافقا لكنتم، وكذلك (فرحوا) وما بعده (جاءتها)
الضمير للفلك، وقيل للريح.
قوله تعالى (إذا هم) هو جواب لما، وهي للمفاجأة كالتي يجاب بها الشرط
(بغيكم) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (على أنفسكم) وعلى متعلقة
بمحذوف. أي كائن لا بالمصدر، لأن الخبر لا يتعلق بالمبتدأ ف‍ (متاع) على هذا خبر
مبتدأ محذوف: أي هو متاع أو خبر بعد خبر. والثاني أن الخبر متاع، وعلى أنفسكم
متعلق بالمصدر، ويقرأ متاع بالنصب، فعلى هذا على أنفسكم خبر المبتدأ، ومتاع
منصوب على المصدر: أي يمتعكم بذلك متاع، وقيل هو مفعول به، والعامل فيه
بغيكم، ويكون البغي هنا بمعنى الطلب: أي طلبكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا،
فعلى هذا على أنفسكم ليس بخبر، لأن المصدر لا يعمل فيما بعد خبره، بل على أنفسكم
26

متعلق بالمصدر، والخبر محذوف تقديره: طلبكم متاع الحياة الدنيا ضلال ونحو ذلك
ويقرأ متاع بالجر على أنه نعت للأنفس، والتقدير: ذوات متاع، ويجوز أن يكون
المصدر بمعنى اسم الفاعل، أي ممتعات الدنيا، ويضعف أن يكون بدلا إذ قد أمكن
أن يجعل صفة.
قوله تعالى (فاختلط به نبات الأرض) الباء للسبب: أي اختلط النبات
بسبب اتصال الماء به، وقيل المعنى خالطه نبات الأرض، أي اتصل به فرباه،
و (مما يأكل) حال من النبات (وازينت) أصله تزينت، ثم عمل فيه ما ذكرنا
في " ادارأتم فيها " ويقرأ بفتح الهمزة وسكون الزاي وياء مفتوحة بعدها خفيفة النون
والياء: أي صارت ذات زينة كقولك: أجرب الرجل إذا صار ذا إبل جربى، وصحح
الياء، والقياس أن تقلب ألفا، ولكن جاء مصححا كما جاء استحوذ، ويقرأ
و " ازيأنت " بزاي ساكنة خفيفة بعدها ياء مفتوحة بعدها همزة بعدها نون مشددة
والأصل وازيانت مثل احمارت ولكن حرك الألف فانقلبت همزة كما ذكرنا في الضالين
(تغن بالأمس) قرئ في الشاذ " تتغن " بتاءين وهو في القراءة المشهورة والأمس
هنا يراد به للزمان الماضي لا حقيقة أمس الذي قبل يومك، وإذا أريد به ذلك كان
معربا. وكان بلا ألف ولام ولا إضافة نكرة.
قوله تعالى (ولا يرهق وجوههم) الجملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا،
والعامل فيها الاستقرار في الذين: أي استقرت لهم الحسنى مضمونا لهم السلامة ونحو
ذلك، ولا يجوز أن يكون معطوفا على الحسنى لأن الفعل إذا عطف على المصدر
احتاج إلى أن ذكرا أو تقديرا، وإن غير مقدرة لأن الفعل مرفوع.
قوله تعالى (والذين كسبوا) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو قوله
" مالهم من الله من عاصم " أو قوله " كأنما أغشيت " أو قوله " أولئك أصحاب "
ويكون (جزاء سيئة بمثلها) معترضا بين المبتدأ وخبره. والثاني الخبر جزاء
سيئة، وجزاء مبتدأ. وفى خبره وجهان، أحدهما بمثلها والباء زائدة كقوله: وجزاء
سيئة سيئة مثلها، ويجوز أن تكون غير زائدة، والتقدير: جزاء سيئة مقدر بمثلها.
والثاني أن تكون الباء متعلقة بجزاء والخبر محذوف: أي وجزاء سيئة بمثلها واقع
(وترهقهم ذلة) قيل هو معطوف على كسبوا، وهو ضعيف لأن المستقبل
لا يعطف على الماضي، وإن قيل هو بمعنى الماضي فضعيف أيضا، وقيل الجملة
حال (قطعا) يقرأ بفتح الطاء وهو جمع قطعة، وهو مفعول ثان لأغشيت، و (من
27

الليل) صفة لقطع، و (مظلما) حال من الليل، وقيل من قطعا أو صفة لقطعا
وذكره لأن القطع في معنى الكثير، ويقرأ بسكون الطاء فعلى هذا يكون مظلما صفة
لقطع، أو حالا منه أو حالا من الضمير في من، أو حالا من الليل.
قوله تعالى (مكانكم) هو ظرف مبنى لوقوعه موقع الأمر: أي الزموا،
وفيه ضمير فاعل، و (أنتم) توكيد له والكاف والميم في موضع جر عند قوم،
وعند آخرين الكاف للخطاب لا موضع لها كالكاف في إياكم (وشركاؤكم) عطف
على الفاعل (فزيلنا) عين الكلمة واوا لأنه من زال يزول، وإنما قلبت ياء لأن
وزن الكلمة فيعل: أي زيولنا مثل بيطر وبيقر فلما اجتمعت الياء والواو على الشرط
المعروف قلبت ياء، وقيل هو من زلت الشئ أزيله، فعينه على هذا ياء، فيحتمل
على هذا أن تكون فعلنا وفيعلنا.
قوله تعالى (هنالك تبلوا) يقرأ بالباء: أي تختبر عملها، ويقرأ بالتاء: أي
تتبع، أو تقرأ في الصحيفة.
قوله تعالى (أنهم لا يؤمنون) أن وما عملت فيه في موضع رفع بدلا من
كلمة، أو خبر مبتدأ محذوف، أو في موضع نصب: أي لأنهم أو في موضع جر على
إعمال اللام محذوفة.
قوله تعالى (أمن لا يهدى) فيها قراءات قد ذكرنا مثلها في قوله " يخطف
أبصارهم " ووجهناها هناك، وأما (إلا أن يهدى) فهو مثل قوله " إلا أن يصدقوا "
وقد ذكر في النساء، وله نظائر قد ذكرت أيضا (فمالكم) مبتدأ وخبره: أي
أي شئ لكم في الإشراك، و (كيف تحكمون) مستأنف: أي كيف تحكمون
بأن له شريكا.
قوله تعالى (لا يغنى من الحق شيئا) في موضع المصدر: أي إغناء، ويجوز
أن يكون مفعولا ليغنى، ومن الحق حال منه.
قوله تعالى (وما كان هذا القرآن) هذا اسم كان، والقرآن نعت له أو عطف
بيان، و (أن يفترى) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه خبر كان: أي وما كان القرآن
افتراء، والمصدر هنا بمعنى المفعول. أي مفترى. والثاني التقدير: ما كان القرآن
ذا افتراء. والثالث أن " أن " خبر كان محذوف، والتقدير: ما كان هذا القرآن ممكنا
أن يفترى، وقيل التقدير: لان يفترى، و (تصديق) مفعول له: أي ولكن
أنزل للتصديق، وقيل التقدير: ولكن كان التصديق الذي: أي مصدق الذي
28

(وتفصيل الكتاب) مثل تصديق (لا ريب فيه) يجوز أن يكون حالا من الكتاب
والكتاب مفعول في المعنى، ويجوز أن يكون مستأنفا (من رب العالمين) يجوز أن
يكون حالا أخرى، وأن يكون متعلقا بالمحذوف: أي ولكن أنزل من رب العالمين.
قوله تعالى (كيف كان) كيف خبر كان، و (عاقبة) اسمها.
قوله تعالى (من يستمعون إليك) الجمع محمول على معنى " من " والإفراد
في قوله تعالى (من ينظر) محمول على لفظها.
قوله تعالى (لا يظلم الناس شيئا) يجوز أن يكون مفعولا: أي لا ينقصهم
شيئا، وأن يكون في موضع المصدر.
قوله تعالى (كأن لم يلبثوا) الكلام كله في موضع الحال، والعامل فيه يحشرهم
وكأن هاهنا مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف: أي كأنهم، و (ساعة) ظرف
ليلبثوا، و (من النهار) نعت لساعة، وقيل كأن لم صفة اليوم، والعائد محذوف
أي لم يلبثوا قبله، وقيل هو نعت لمصدر محذوف: أي حشرا كأن لم يلبثوا قبله،
والعامل في يوم اذكر (يتعارفون) حال أخرى، والعامل فيها يحشرهم، وهي
حال مقدرة. لأن التعارف لا يكون حال (قد خسر) يجوز أن يكون مستأنفا
ويجوز أن يكون التقدير: يقولون قد خسر، والمحذوف حال من الضمير
في يتعارفون.
قوله تعالى (ثم الله شهيد) ثم هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى، وإنما رتبت
الأخبار بعضها على بعض كقولك: زيد عالم ثم هو كريم.
قوله تعالى (ماذا يستعجل) قد ذكرنا في ماذا في البقرة عند قوله تعالى " ماذا
ينفقون " قولين، وهما مقولان هاهنا، وقيل فيها قول ثالث وهو أن تكون " ماذا "
اسما واحدا مبتدأ، ويستعجل منه الخبر، وقد ضعف ذلك من حيث إن الخبر هاهنا
جملة من فعل وفاعل، ولا ضمير فيه يعود على المبتدأ، ورد هذا للقول بأن العائد
الهاء في منه فهو كقولك: زيد أخذت منه درهما.
قوله تعالى (الآن) فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة، والناصب لها محذوف
تقديره: آمنتم الآن.
قوله تعالى (أحق هو) مبتدأ وهو مرفوع به، ويجوز أن يكون هو مبتدأ،
وأحق الخبر، وموضع الجملة نصب بيستنبئونك، و (إي) بمعنى نعم.
29

قوله تعالى (وأسروا الندامة) مستأنف، وهو حكاية ما يكون في الآخرة.
وقيل هو بمعنى المستقبل. وقيل قد كان ذلك في الدنيا.
قوله تعالى (وشفاء) هو مصدر في معنى الفاعل: أي وشاف، وقيل هو في
معنى المفعول: أي المشفي به.
قوله تعالى (فبذلك) الفاء الأولى مرتبطة بما قبلها، والثانية بفعل محذوف
تقديره: فليعجبوا بذلك فليفرحوا، كقولهم: زيدا فاضربه: أي تعمد زيدا فاضربه،
وقيل الفاء الأولى زائدة، والجمهور على الياء وهو أمر للغائب، وهو رجوع من
الخطاب إلى الغيبة، ويقرأ بالتاء على الخطاب كالذي قبله.
قوله تعالى (أرأيتم) قد ذكر في الأنعام (آلله) مثل آلذكرين، وقد ذكر
في الأنعام.
قوله تعالى (في شأن) خبر كان (وما تتلوا) ما نافية، و (منه) أي من
الشأن، أي من أجله، و (من قرآن) مفعول تتلو، ومن زائدة (إلا كنا
عليكم شهودا إذ تفيضون) ظرف لشهودا (من مثقال) في موضع رفع
بيعزب، ويعزب بضم الزاي وكسرها لغتان وقد قرئ بهما (ولا أصغر. ولا أكبر)
بفتح الراء في موضع جر صفة لذرة أو لمثقال على اللفظ، ويقرآن بالرفع حملا على
موضع من مثقال، والذي في سبأ يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (إلا في كتاب)
أي إلا هو في كتاب، والاستثناء منقطع.
قوله تعالى (الذين آمنوا) يجوز أن يكون مبتدأ، وخبره (لهم البشرى)
ويجوز أن يكون خبرا ثانيا، لأن أو خبر ابتداء محذوف: أي هم الذين، ويجوز أن
يكون منصوبا بإضمار أعنى، أو صفة لأولياء بعد الخبر، وقيل يجوز أن يكون
في موضع جر بدلا من الهاء والميم في عليهم.
قوله تعالى (في الحياء الدنيا) يجوز أن تتعلق في بالبشرى، وأن يكون حالا
منها، والعامل الاستقرار، و (لا تبديل) مستأنف.
قوله تعالى (إن العزة) هو مستأنف، والوقف على ما قبله.
قوله تعالى (وما يتبع) فيه وجهان: أحدهما هي نافية، ومفعول يتبع محذوف
دل عليه قوله " إن يتبعون إلا الظن " و (شركاء) مفعول يدعون، ولا يجوز أن
يكون مفعول يتبعون، لأن المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء وليس كذلك. والوجه
الثاني أن تكون " ما " استفهاما في موضع نصب بيتبع.
30

قوله تعالى (إن عندكم من سلطان) إن هاهنا بمعنى " ما " لا غير، (بهذا)
يتعلق بسلطان أو نعت له.
قوله تعالى (متاع في الدنيا) خبر مبتدأ محذوف تقديره افتراؤهم أو حياتهم
أو تقلبهم ونحو ذلك.
قوله تعالى (إذ قال لقومه) " إذ " ظرف، والعامل فيه نبأ، ويجوز أن
يكون حالا (فعلى الله) الفاء جواب الشرط، والفاء في (فاجمعوا) عاطفة على
الجواب، وأجمعوا بقطع الهمزة من قولك أجمعت على الأمر إذا عزمت عليه، إلا أنه
حذف حرف الجر فوصل الفعل بنفسه، وقيل هو متعد بنفسه في الأصل، ومنه
قول الحرث:
أجمعوا أمرهم بليل فلما * أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
وأما (شركاءكم) فالجمهور على النصب، وفيه أوجه: أحدها هو معطوف
على أمركم تقديره: وأمر شركائكم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف. والثاني
هو مفعول معه تقديره: مع شركائكم. والثالث هو منصوب بفعل محذوف: أي
وأجمعوا شركاءكم، وقيل التقدير: وادعوا شركاءكم، ويقرأ بالرفع وهو معطوف
على الضمير في أجمعوا، ويقرأ فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم، والتقدير ذوي
أمركم، لأنك تقول جمعت القوم وأجمعت الأمر، ولا تقول جمعت الأمر على هذا المعنى
وقيل لا حذف فيه لأن المراد بالجمع هنا ضم بعض أمورهم إلى بعض (ثم اقضوا إلى)
يقرأ بالقاف والضاد من قضيت الأمر، والمعنى: أقضوا ما عزمتم عليه من الإيقاع
بي، ويقرأ بفتح الهمزة والفاء والضاد، والمصدر منه الإفضاء، والمعنى: صلوا
إلى ولام الكلمة واو، يقال فضا المكان يفضوا إذا اتسع.
قوله تعالى (من بعده) الهاء تعود على نوح عليه السلام (فما كانوا) الواو
ضمير القوم، والضمير في (كذبوا) يعود على قوم نوح، والهاء في (به)
لنوح، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذي كذب به قوم
نوح: أي بمثله، ويجوز أن تكون الهاء لنوح، ولا يكون فيه حذف، والمعنى:
فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بنوح عليه السلام.
قوله تعالى (أتقولون للحق لما جاءكم) المحكى بيقول محذوف: أي
أتقولون له هو سحر! ثم استأنف فقال (أسحر هذا) وسحر خبر مقدم، وهذا مبتدأ.
قوله تعالى (الكبرياء في الأرض) هو اسم كان، ولكم خبرها، وفى الأرض
31

ظرف للكبرياء منصوب بها، أو بكان، أو بالاستقرار في لكم، ويجوز أن يكون
حالا من الكبرياء، أو من الضمير في لكم. قوله تعالى (ما جئتم به السحر) يقرأ بالاستفهام فعلى هذا تكون " ما "
استفهاما، وفى موضعها وجهان: أحدهما نصب بفعل محذوف موضعه بعد ما تقديره:
أي شئ أتيتم به وجئتم به يفسر المحذوف، فعلى هذا في قوله السحر وجهان، أحدهما
هو خبر مبتدأ محذوف: أي هو السحر. والثاني أن يكون الخبر محذوفا: أي السحر
هو، والثاني موضعها رفع بالابتداء وجئتم به الخبر، والسحر فيه وجهان: أحدهما
ما تقدم من الوجهين. والثاني هو بدل من موضع " ما " كما تقول ما عندك أدينار أم
درهم؟ ويقرأ على لفظ الخبر وفيه وجهان: أحدهما استفهام أيضا في المعنى، وحذفت
الهمزة للعلم بها. والثاني هو خبر في المعنى، فعلى هذا تكون " ما " بمعنى الذي.
وجئتم به صلتها، والسحر خبرها، ويجوز أن تكون " ما " استفهاما، والسحر خبر
مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (وملئهم) فيما يعود الهاء والميم إليه أوجه: أحدها هو عائد على
الذرية، ولم تؤنث لأن الذرية قوم فهو مذكر في المعنى. والثاني هو عائد على القوم
والثالث يعود على فرعون، وإنما جمع لوجهين: أحدهما أن فرعون لما كان عظيما
عندهم عاد الضمير إليه بلفظ الجمع، كما يقول العظيم نحن نأمر. والثاني أن فرعون
صار اسما لأتباعه، كما أن ثمود اسم للقبيلة كلها، وقيل الضمير يعود على محذوف
تقديره من آل فرعون وملائهم: أي ملأ الآل، وهذا عندنا غلط لأن المحذوف لا يعود إليه
ضمير، إذ لو جاز ذلك لجاز أن تقول زيد قاموا، وأنت تريد غلمان زيد قاموا
(أن يفتنهم) هو في موضع جر بدلا من فرعون تقديره: على خوف فتنة من
فرعون، ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف: أي على خوف فتنة فرعون.
قوله تعالى (أن تبوءا) يجوز أن تكون أن المفسرة ولا يكون لها موضع من
الإعراب، وأن تكون مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحينا، والجمهور على
تحقيق الهمزة، ومنهم من جعلها ياء وهي مبدلة من الهمزة تخفيفا (لقومكما) فيه
وجهان: أحدهما اللام غير زائدة، والتقدير: أتخذ لقومكما بيوتا، فعلى هذا يجوز
أن يكون لقومكما أحد مفعولي تبوءا، وأن يكون حالا من البيوت. والثاني اللام
زائدة، والتقدير: بوئا قومكما بيوتا: أي أنزلاهم، وتفعل وفعل بمعنى مثل علقها
وتعلقها، فأما قوله بمصر يجوز أن يتعلق بتبوءا، وأن يكون حالا من البيوت،
32

وأن يكون حالا من قومكما، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل في تبوءا وفيه ضعف
(واجعلوا. وأقيموا) إنما جمع فيهما، لأنه أراد موسى وهارون صلوات الله عليهما
وقومهما، وأفرد في قوله (وبشر) لأنه أراد موسى عليه السلام وحده، إذ كان
هو الرسول وهارون وزيرا له، فموسى عليه السلام هو الأصل.
قوله تعالى (فلا يؤمنوا) في موضعه وجهان: أحدهما النصب وفيه وجهان:
أحدهما هو معطوف على ليضلوا، والثاني هو جواب الدعاء في قوله اطمس واشدد.
والقول الثاني موضعه جزم، لأن معناه الدعاء كما تقول لا تعذبني.
قوله تعالى (ولا تتبعان) يقرأ بتشديد النون، والنون للتوكيد، والفعل مبنى
معها، والنون التي تدخل للرفع لاوجه لها هاهنا لأن الفعل هنا غير معرب، ويقرأ
بتخفيف النون وكسرها. وفيه وجهان: أحدهما أنه نهى أيضا، وحذف النون الأولى
من الثقيلة تخفيفا، ولم تحذف الثانية لأنه لو حذفها لحذف نونا محركة واحتاج إلى
تحريك الساكنة، وحذف الساكنة أقل تغيرا. والوجه الثاني أن الفعل معرب مرفوع
وفيه وجهان: أحدهما هو خبر في معنى النهى كما ذكرنا في قوله " لا تعبدون إلا الله "
والثاني هو في موضع الحال، والتقدير: فاستقيما غير متبعين.
قوله تعالى (وجاوزنا ببني إسرائيل) الباء للتعدية مثل الهمزة كقولك: أجزت
الرجال البحر (بغيا وعدوا) مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (الآن) العامل فيه محذوف تقديره: أتؤمن الآن.
قوله تعالى (ببدنك) في موضع الحال: أي عاريا، وقيل بجسدك لا روح
فيه، وقيل بدرعك.
قوله تعالى (مبوأ صدق) يجوز أن يكون مصدرا، وأن يكون مكانا.
قوله تعالى (إلا قوم يونس) هو منصوب على الاستثناء المنقطع، لأن المستثنى
منه القرية وليست من جنس القوم، وقيل هو متصل لأن التقدير: فلولا كان أهل
قرية، ولو كان قد قرئ بالرفع لكانت إلا فيه بمنزلة غير فيكون صفة.
قوله تعالى (ماذا في السماوات) هو استفهام في موضع رفع بالابتداء. والسماوات
الخبر وانظروا معلقة عن العمل، ويجوز أن تكون بمعنى الذي، وقد تقدم أصل ذلك
(وما تغنى) يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب، وأن تكون نفيا.
قوله تعالى (كذلك حقا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن كذلك في موضع نصب
صفة لمصدر محذوف: أي إنجاء كذلك وحقا بدل منه. والثاني أن يكونا منصوبين
33

بينجى التي بعدهما. والثالث أن يكون كذلك للأولى وحقا للثانية، ويجوز أن يكون،
كذلك خبر المبتدأ: أي الأمر كذلك، وحقا منصوب بما بعدها.
قوله تعالى (وأن أقم وجهك) قد ذكر في الأنعام مثله.
سورة هود عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
إن جعلت هودا اسما للسورة لم تصرفه للتعريف والتأنيث، ويجوز صرفه لسكون
أوسطه عند قوم، وعند آخرين لا يجوز صرفه بحال لأنه من تسمية المؤنث بالمذكر،
وإن جعلته للنبي عليه السلام صرفته.
قوله تعالى (كتاب) أي هذا كتاب، ويجوز أن يكون خبر " الر " أي " الر "
وأشباهها كتاب (ثم فصلت) الجمهور على الضم والتشديد، ويقرأ بالتخفيف
وتسمية الفاعل، والمعنى: ثم فرقت كقوله " فلما فصل طالوت " أي فارق (من
لدن) يجوز أن يكون صفة، أي كائن من لدن، ويجوز أن يكون مفعولا، والعامل
فيه فصلت، وبنيت لدن وإن أضيفت، لأن علة بنائها خروجها عن نظيرها، لأن
لدن بمعنى عند، ولكن هي مخصوصة بملاصقة الشئ وشدة مقاربته، وعند ليست
كذلك بل هي للقريب وما بعد عنه وبمعنى الملك.
قوله تعالى (أن لا تعبدوا) في " أن " ثلاثة أوجه: أحدها هي مخففة من
الثقيلة. والثاني أنها الناصبة للفعل، وعلى الوجهين موضعها رفع تقديره هي أن
لا تعبدوا، ويجوز أن يكون التقدير: بأن لا تعبدوا، فيكون موضعها جرا أو نصبا
على ما حكينا من الخلاف. والوجه الثالث أن تكون " أن " بمعنى أي، فلا يكون
لها موضع، ولا تعبدوا نهى، و (منه) أي من الله، والتقدير: نذير كائن منه،
فلما قدمه صار حالا، ويجوز أن يتعلق بنذير، ويكون التقدير: إنني لكم نذير من
أجل عذابه.
قوله تعالى (وأن استغفروا) " أن " معطوفة على " أن " الأولى، وهي مثلها
ما ذكر (وإن تولوا) أي يتولوا.
قوله تعالى (يثنون) الجمهور على فتح الياء وضم النون، وماضيه ثنى، ويقرأ
كذلك إلا أنه بضم الياء وماضيه أثنى، ولا يعرف في اللغة إلا أن يقال معناه عرضوها
34

للإثناء، كما تقول أبعت الفرس إذا عرضته للبيع. ويقرأ بالياء مفتوحة وسكون الثاء
ونون مفتوحة وبعدها همزة مضمومة بعدها نون مفتوحة مشددة مثل يقرءون، وهو
من ثنيت، إلا أنه قلب الياء واوا لانضمامها ثم همزها لانضمامها، ويقرأ يثنوني مثل
يعشوشب وهو يفعوعل من ثنيت، والصدور فاعل. ويقرأ كذلك إلا أنه بحذف الياء
الأخيرة تخفيفا لطول الكلمة. ويقرأ بفتح الياء والنون وهمزة مكسورة بعدها نون
مرفوعة مشددة، وأصل الكلمة يفعوعل من الثنى، إلا أنه أبدل الواو المكسورة
همزة، كما أبدلت في وسادة فقالوا إسادة، وقيل أصلها يفعال مثل يحمار، فأبدلت
الألف همزة كما قالوا ابياض (ألا حين) العامل في الظرف محذوف: أي ألا حين
يستغشون ثيابهم يستخفون، ويجوز أن يكون ظرفا ليعلم.
قوله تعالى (مستقرها ومستودعها) مكانان، ويجوز أن يكونا مصدرين
كما قال الشاعر * ألم تعلم مسرحي القوافي * أي تسرحي.
قوله تعالى (ولئن) اللام لتوطئة القسم، والقسم محذوف وجوابه (ليقولن)
ومثله " ولئن أذقنا " وجواب القسم " إنه ليئوس " وسد القسم وجوابه مسد جواب
الشرط.
قوله تعالى (ألا يوم يأتيهم) يوم ظرف ل‍ (مصروفا) أي لا يصرف عنهم يوم
يأتيهم، وهذا يدل على جواز تقديم خبر ليس عليها. وقال بعضهم: العامل فيه محذوف
دل عليه الكلام: أي لا يصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم، واسم ليس مضمر فيها:
أي ليس العذاب مصروفا.
قوله تعالى (لفرح) يقرأ بكسر الراء وضمها وهما لغتان، مثل يقظ ويقظ
وحذر وحذر.
قوله تعالى (إلا الذين صبروا) في موضع نصب وهو استثناء متصل، والمستثنى
منه الإنسان وقيل هو منفصل، وقيل هو في موضع رفع على الابتداء، و (أولئك
لهم مغفرة) خبره.
قوله تعالى (وضائق به صدرك) صدرك مرفوع بضائق لأنه معتمد على المبتدأ
وقيل هو مبتدإ وضائق خبر مقدم، وجاء ضائق على فاعل من ضاق يضيق (أن يقولوا)
أي مخافة أن يقولوا، وقيل لأن يقولوا: أي لان قالوا فهو بمعنى الماضي.
قوله تعالى (وباطل) خبر مقدم، و (ما كانوا) المبتدأ والعائد محذوف: أي
يعملونه، وقرئ باطلا بالنصب، والعامل فيه يعملون، وما زائدة.
35

قوله تعالى (أفمن كان) في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف تقديره: أفمن
كان على هذه الأشياء كغيره (ويتلوه) في الهاء عدة أوجه: أحدها يرجع على
" من " وهو النبي صلى الله عليه وسلم، والتقدير: ويتلو محمدا: أي صدق محمد
(شاهد منه) أي لسانه، وقيل الشاهد جبريل عليه السلام، والهاء في منه لله،
وفى (من قبله) للنبي، و (كتاب موسى) معطوف على الشاهد، وقيل الشاهد
الإنجيل، والمعنى أن التوراة والإنجيل يتلوان محمدا صلى الله عليه وسلم في التصديق،
وقد فصل بين حرف العطف والمعطوف بقوله " من قبله " أي وكتاب موسى
عليه السلام من قبله. والوجه الثاني أن الهاء للقرآن: أي ويتلو القرآن شاهد من محمد
صلى الله عليه وسلم وهو لسانه، وقيل جبريل عليه السلام. والثالث أنها تعود على
البيان الذي دلت عليه البينة، وقيل تمام الكلام عند قوله منه ومن قبله كتاب موسى
عليه السلام ابتداء وخبر، و (إماما ورحمة) حالان، وقرئ كتاب موسى بالنصب:
أي ويتلو كتاب موسى (في مرية) يقرأ بالكسر والضم وهما لغتان.
قوله تعالى (يضاعف لهم) مستأنف (ما كانوا) في " ما " ثلاثة أوجه:
أحدها هي بمعنى الذي، والمعنى: يضاعف لهم بما كانوا، فلما حذف الحرف نصب.
والثاني هي مصدرية، والتقدير: مدة ما كانوا يستطيعون. والثالث هي نافية أي من
شدة بغضهم له لم يستطيعوا الإصغاء إليه.
قوله تعالى (لاجرم) فيه أربعة أقوال: أحدها أن " لا " رد لكلام ماض: أي ليس
الأمر كما زعموا، وجرم فعل وفاعله مضمر فيه، و (أنهم في الآخرة) في موضع
نصب، والتقدير: كسبهم قولهم خسرانهم في الآخرة. والقول الثاني أن لاجرم
كلمتان ركبتا وصارتا بمعنى حقا، وأن في موضع رفع بأنه فاعل لحق: أي حق خسرانهم.
والثالث أن المعنى لا محالة خسرانهم، فيكون في موضع رفع أيضا، وقيل في موضع
نصب أو جر إذ التقدير: لا محالة في خسرانهم. والرابع أن المعنى لأمنع من
أنهم خسروا فهو في الإعراب كالذي قبله.
قوله تعالى (مثل الفريقين) مبتدأ، والخبر (كالأعمى) والتقدير: كمثل
الأعمى، وأحد الفريقين الأعمى والأصم والآخر البصير والسميع (مثلا) تمييز.
قوله تعالى (إني لكم) يقرأ بكسر الهمزة على تقدير: فقال إني، وبفتحها
على تقدير: بأنى، وهو في موضع نصب: أي أرسلناه بالإنذار: أي منذرا.
36

قوله تعالى (أن لا تعبدوا) هو مثل الذي في أول السورة.
قوله تعالى (ما نراك) يجوز أن يكون من رؤية العين، وتكون الجملة بعدها
في موضع الحال، وقد معه مرادة، ويجوز أن يكون من رؤية القلب، فتكون الجملة
في موضع المفعول الثاني. والأراذل جمع أرذال، وأرذال جمع رذل، وقيل الواحد
أرذل والجمع أراذل، وجمع على هذه الزنة وإن كان وصفا لأنه غلب فصار كالأسماء
ومعنى غلبته أنه لا يكاد يذكر الموصوف معه، وهو مثل الأبطح والأبرق (بادي
الرأي) يقرأ بهمزة بعد الدال، وهو من بدأ يبدأ إذا فعل الشئ أولا، ويقرأ بياء
مفتوحة. وفيه وجهان: أحدهما أن الهمزة أبدلت ياء لانكسار ما قبلها. والثاني أنه من
بدا يبدو إذا ظهر، وبادى هنا ظرف، وجاء على فاعل كما جاء على فعيل نحو قريب
وبعيد، وهو مصدر مثل العافية والعاقبة، وفى العامل فيه أربعة أوجه: أحدها نراك
أي فيما يظهر لنا من الرأي، أو في أول رأينا.
فإن قيل، ما قبل " إلا " إذا تم لا يعمل فيما بعدها كقولك: ما أعطيت أحدا إلا زيدا
دينارا، لأن إلا تعدى الفعل ولا تعديه إلا إلى واحد كالواو في باب المفعول معه،
قيل: جاز ذلك هنا لأن بادي ظرف أو كالظرف، مثل جهد رأيي أنك ذاهب: أي
في جهد رأيي، والظروف يتسع فيها. والوجه الثاني أن العامل فيه اتبعك: أي اتبعوك
في أول الرأي أو فيما ظهر منه من غير أن يبحثوا. والوجه الثالث أنه من تمام أراذلنا:
أي الأراذل في رأينا. والرابع أن العامل فيه محذوف: أي يقول ذاك في بادي الرأي
به، والرأي مهموز وغير مهموز.
قوله تعالى (رحمة من عنده) يجوز أن تكون من متعلقة بالفعل، وأن تكون
من نعت الرحمة (فعميت) أي خفيت (عليكم) لأنكم لم تنظروا فيها حق النظر
وقيل المعنى عميتم عنها كقولهم: أدخلت الخاتم في أصبعي، ويقرأ بالتشديد والضم:
أي أبهمت عليكم عقوبة لكم، و (أنلزمكموها) الماضي منه ألزمت، وهو متعد
إلى مفعولين، ودخلت الواو هنا تتمة للميم، وهو الأصل في ميم الجمع، وقرئ
بإسكان الميم الأولى فرارا من توالي الحركات.
قوله تعالى (تزدرى) الدال بدل من التاء، وأصلها تزترى وهو يفتعل من
زريت، وأبدلت دالا لتجانس الزاي في الجهر، والتاء مهموسة فلم تجتمع
مع الزاي.
37

قوله تعالى (قد جادلتنا) الجمهور على إثبات الألف، وكذلك (جدالنا)
وقرئ " جدلتنا " فأكثرت جدلنا بغير ألف فيهما، وهو بمعنى غلبتنا بالجدل.
قوله تعالى (إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله) حكم الشرط إذا دخل
على الشرط أن يكون الشرط الثاني والجواب جوابا للشرط الأول كقولك إن أتيتني
إن كلمتني أكرمتك، فقولك إن كلمتني أكرمتك جواب إن أتيتني، وإذا كان كذلك
صار الشرط الأول في الذكر مؤخرا في المعنى حتى لو أتاه ثم كلمه لم يجب الإكراه،
ولكن إن كلمه ثم أتاه وجب إكرامه، وعلة ذلك أن الجواب صار معوقا بالشرط
الثاني، وقد جاء في القرآن منه. قوله تعالى " إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي ".
قوله تعالى (فعلى إجرامي) يقرأ بكسر الهمزة وهو مصدر أجرم، وفيه لغة
أخرى " جرم " ويفتح الهمزة وهو جمع جرم.
قوله تعالى (إنه لن يؤمن) يقرأ بفتح الهمزة، وإنه في موضع رفع بأوحى
ويقرأ بكسرها، والتقدير: قيل إنه، والمرفوع بأوحى.
قوله تعالى (إلى نوح إلا من قد آمن) استثناء من غير الجنس في المعنى،
وهو فاعل لن يؤمن.
قوله تعالى (بأعيننا) في موضع الحال من ضمير الفاعل في اصنع: أي محفوظا.
قوله تعالى (من كل زوجين اثنين) يقرأ كل بالإضافة، وفيه وجهان:
أحدهما أن مفعول احمل اثنين تقديره: احمل فيها اثنين من كل زوج، فمن على هذا
حال لأنها صفة للنكرة قدمت عليها. والثاني أن " من " زائدة والمفعول " كل " واثنين
توكيد، وهذا على قول الأخفش، ويقرأ " من كل " بالتنوين، فعلى هذا مفعول
احمل زوجين، واثنين توكيد له، ومن على هذا يجوز أن تتعلق باحمل، وأن تكون
حالا. والتقدير: من كل شئ أو صنف (وأهلك) معطوف على المفعول،
و (إلا من سبق) استثناء متصل (ومن آمن) مفعول احمل أيضا.
قوله تعالى (بسم الله مجراها) مجراها مبتدأ، وبسم الله خبره، والجملة حال
مقدرة، وصاحبها الواو في اركبوا، ويجوز أن ترفع مجراها بسم الله على أن تكون
بسم الله حالا من الواو في اركبوا، ويجوز أن تكون الجملة حالا من الهاء تقديره:
اركبوا فيها وجريانها بسم الله: وهي مقدرة أيضا، قيل مجراها ومرساها ظرفا مكان
38

وبسم الله حال من الواو: أي مسمين موضع جريانها، ويجوز أن يكون زمانا: أي
وقت جريانها، ويقرأ بضم الميم فيهما، وهو مصدر أجريت مجرى، وبفتحهما،
وهو مصدر جريت ورسيت، ويقرأ بضم الميم وكسر الراء والسين وياء بعدهما، وهو
صفة لاسم الله عز وجل.
قوله تعالى (وهي تجرى بهم) يجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير
في بسم الله، أي جريانها بسم الله، وهي تجرى بهم، ويجوز أن تكون مستأنفة، وبهم
حال من الضمير في تجرى: أي وهم فيها (نوح ابنه) الجمهور على ضم الهاء،
وهو الأصل، وقرئ بإسكانها على إجراء الوصل مجرى الوقف، ويقرأ ابنها يعنى
ابن امرأته، كأنه توهم إضافته إليها دونه لقوله " إنه ليس من أهلك " ويقرأ بفتح
الهاء من غير ألف وحذف الألف تخفيفا، والفتحة تدل عليها، ومثله " يا أبت "
فيمن فتح، ويقرأ " ابناه " على الترئى ليس بندبة، ولأن الندبة لا تكون الهمزة
(في معزل) بكسر الزاي موضع وليس بمصدر، وبفتحها مصدر، ولم أعلم أحدا
قرأ بالفتح (يا بنى) يقرأ بكسر الياء وأصله بنى بياء التصغير، وياء هي لام
الكلمة وأصلها واو عند قوم وياء عند آخرين، والياء الثالثة ياء المتكلم، ولكنها
حذفت لدلالة الكسرة عليها فرارا من توالي الياءات، ولأن النداء موضع تخفيف،
وقيل حذفت من اللفظ لالتقائها مع الراء في اركب، ويقرأ بالفتح. وفيه وجهان:
أحدهما أنه أبدل الكسرة فتحة فانقلبت ياء الإضافة ألفا، ثم حذفت الألف كما
حذفت الياء مع الكسرة لأنها أصلها. والثاني أن الألف حذفت من اللفظ لالتقاء
الساكنين.
قوله تعالى (لا عاصم اليوم) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه اسم فاعل على بابه،
فعلى هذا يكون قوله تعالى (إلا من رحم) فيه وجهان: أحدهما هو استثناء متصل
" ومن رحم " بمعنى الراحم: أي لا عاصم إلا الله والثاني أنه منقطع: أي لكن من
رحمه الله يعصم. الوجه الثاني أن عاصما بمعنى معصوم، مثل " ماء دافق ": أي مدفوق،
فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا: أي إلا من رحمه الله. والثالث أن عاصما بمعنى
ذا عصمة على النسب، مثل حائض وطالق، والاستثناء على هذا متصل أيضا، فأما
خبر لا فلا يجوز أن يكون اليوم، لأن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثة، بل الخبر
من أمر الله، واليوم معمول من أمر، ولا يجوز أن يكون اليوم معمول عاصم،
إذ لو كان كذلك لنون.
39

قوله تعالى (على الجودى) بتشديد الياء وهو الأصل، وقرئ بالتخفيف
لاستثقال الياءين (وغيض الماء) هذا الفعل يستعمل لازما ومتعديا، فمن المتعدى
" وغيض الماء " ومن اللازم " وما تغيض الأرحام " ويجوز أن يكون هذا متعديا أيضا،
ويقال: غاض الماء وغضته، و (بعدا) مصدر: أي وقيل بعد بعدا، و (للقوم
الظالمين) تبيين وتخصيص، وليست اللام متعلقة بالمصدر.
قوله تعالى (إنه عمل) في الهاء ثلاثة أوجه: أحدها هي ضمير الابن: أي إنه
ذو عمل. والثاني أنها ضمير النداء، والسؤال في ابنه: أي أن سؤالك فيه عمل غير
صالح. والثالث أنها ضمير الركوب، وقد دل عليه اركب معنا، ومن قرأ عمل على
أنه فعل ماض فالهاء ضمير الابن لاغير (فلا تسألني) يقرأ بإثبات الياء على الأصل،
وبحذفها تخفيفا، والكسرة تدل عليها، ويقرأ بفتح اللام وتشديد النون على أنها نون
التوكيد، فمنهم من يكسرها ومنهم من يفتحها، والمعنى واضح.
قوله تعالى (وإلا تغفر لي) الجزم بأن، ولم يبطل عملها بلا، لأن " لا " صارت
كجزء من الفعل، وهي غير عاملة في النفي، وهي تنفى ما في المستقبل، وليس كذلك
" ما " فإنها تنفى ما في الحال، ولذلك لم يجز أن تدخل إن عليها لأن إن الشرطية تختص
بالمستقبل، وما لنفى الحال.
قوله تعالى (قيل يا نوح) " يا " و " نوح " في موضع رفع لوقوعهما موقع الفاعل،
وقيل القائم مقام الفاعل مضمر، والنداء مفسر له: أي قيل قول، أو قيل هو يا نوح
(بسلام وبركات) حالان من ضمير الفاعل (وأمم) معطوف على الضمير
في اهبط تقديره: اهبط أنت وأمم، وكان الفصل بينهما مغنيا عن التوكيد،
(سنمتعهم) نعت لأمم.
قوله تعالى (تلك من أنباء الغيب) هو مثل قوله تعالى في آل عمران " ذلك
من أنباء الغيب " وقد ذكر إعرابه (ما كنت تعلمها) يجوز أن يكون حالا من
ضمير المؤنث في نوحيها، وأن يكون حالا من الكاف في إليك.
قوله تعالى (من إله غيره) قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (مدرارا) حال من السماء، ولم يؤنثه لوجهين: أحدهما أن السماء
السحاب فذكر مدرارا على المعنى. والثاني أن مفعالا للمبالغة، وذلك يستوى فيه
المؤنث والمذكر، مثل فعول كصبور، وفعيل كبغي (إلى قوتكم) إلى هنا محمولة
40

على المعنى، ومعنى يزدكم يضف، ويجوز أن يكون " إلى " صفة القوة فتتعلق
بمحذوف، أي قوة مضافة إلى قوتكم.
قوله تعالى (ما جئتنا ببينة) يجوز أن تتعلق الباء بجئت، والتقدير: ما أظهرت
بينة، ويجوز أن تكون حالا: أي ومعك بينة أو محتجا ببينة.
قوله تعالى (إلا اعتراك) الجملة مفسرة لمصدر محذوف تقديره: إن نقول
إلا قولا هو اعتراك، ويجوز أن يكون موضعها نصبا: أي ما نذكر إلا هذا القول.
قوله تعالى (فإن تولوا) أي فإن تتولوا فحذف الثانية (يستخلف)
الجمهور على الضم وهو معطوف على الجواب بالفاء، وقد سكنه بعضهم على الموضع
أو على التخفيف لتوالي الحركات.
قوله تعالى (كفروا ربهم) هو محمول على المعنى: أي جحدوا ربهم، ويجوز
أن يكون انتصب بما حذف الباء، وقيل التقدير: كفروا نعمة ربهم: أي بطروها.
قوله تعالى (غير تخسير) الأقوى في المعنى أن يكون غير هنا استثناء في المعنى
وهو مفعول ثان لتزيدوننى: أي فما تزيدونني إلا تخسيرا، ويضعف أن تكون صفة
لمحذوف إذ التقدير: فما تزيدونني شيئا غير تخسير، وهو ضد المعنى.
قوله تعالى (من خزى يومئذ) يقرأ بكسر الميم على أنه معرب، وانجراره
بالإضافة وبفتحها على أنه مبنى مع " إذ " لأن " إذ " مبنى وظرف الزمان إذا أضيف
إلى مبنى جاز أن يبنى لما في الظروف من الإبهام، ولأن المضاف يكتسى كثيرا من
أحوال المضاف إليه كالتعريف والاستفهام والعموم والجزاء، وأما " إذ " فقد
تقدم ذكرها.
قوله تعالى (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) في حذف التاء ثلاثة أوجه:
أحدها أنه فصل بين الفعل والفاعل. والثاني أن التأنيث غير حقيقي. والثالث أن الصيحة
بمعنى الصياح فحمل على المعنى.
قوله تعالى (كأن لم يغنوا فيها) قد ذكر في الأعراف (لثمود) يقرأ
بالتنوين لأنه مذكر، وهو حي أو أبو القبيلة، وبحذف التنوين غير مصروف على
أنها القبيلة.
قوله تعالى (بالبشرى) في موضع الحال من الرسل (قالوا سلاما) في نصبه
وجهان: أحدهما هو مفعول به على المعنى كأنه قال: ذكروا سلاما. والثاني هو
41

مصدر: أسلموا سلاما، وأما (سلام) الثاني فمرفوع على وجهين: أحدهما هو
خبر مبتدإ محذوف: أي أمرى سلام، أو جوابي أو قولي. والثاني هو المبتدأ والخبر
محذوف: أي سلام عليكم، وقد قرئ على غير هذا الوجه بشئ هو ظاهر في الإعراب
(أن جاء) في موضعه ثلاثة أوجه: أحدها جر تقديره: عن أن جاء، لأن لبث
بمعنى تأخر. والثاني نصب وفيه وجهان. أحدهما أنه لما حذف حرف الجر وصل
الفعل بنفسه، والثاني هو محمول على المعنى: أي لم يترك الإتيان بعجل. والثالث رفع
على وجهين أيضا: أحدهما فاعل لبث. أي فما أبطأ مجيئه، والثاني أن " ما " بمعنى
الذي، وهو مبتدإ، وأن جاء خبره تقديره: والذي لبثه إبراهيم عليه السلام قدر
مجيئه، أو مصدرية: أي لبثه مقدار مجيئه.
قوله تعالى (وامرأته قائمة) الجملة حال من ضمير الفاعل في أرسلنا
(فضحكت) الجمهور على كسر الحاء، وقرئ بفتحها والمعنى: حاضت، يقال
ضحكت الأرنب بفتح الحاء (ومن وراء إسحاق يعقوب) يقرأ بالرفع وفيه
وجهان: أحدهما هو مبتدأ وما قبله الخبر. والثاني هو مرفوع بالظرف، ويقرأ بفتح
الباء وفيه وجهان: أحدهما أن الفتحة هنا للنصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف
على موضع إسحاق، والثاني هو منصوب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره: ووهبنا
له من وراء إسحاق يعقوب. والوجه الثاني أن الفتحة للجر، وهو معطوف على
لفظ إسحاق: أي فبشرناها بإسحاق ويعقوب، وفى وجهي العطف قد فصل بين
يعقوب وبين الواو العاطفة بالظرف، وهو ضعيف عند قوم، وقد ذكرنا ذلك
في سورة النساء.
قوله تعالى (وهذا بعلي شيخا) هذا مبتدأ، وبعلي خبره، وشيخا حال من
بعلى مؤكدة، إذ ليس الغرض الإعلام بأنه بعلها في حال شيخوخته دون غيرها،
والعامل في الحال معنى الإشارة والتنبيه أو أحدهما، ويقرأ شيخ بالرفع، وفيه عدة
أوجه: أحدها أن يكون هذا مبتدأ، وبعلي بدلا منه، وشيخ الخبر. والثاني أن
يكون بعلى عطف بيان وشيخ الخبر. والثالث أن يكون بعلى مبتدأ ثانيا، وشيخ
خبره، والجملة خبر هذا. والرابع أن يكون بعلى خبر المبتدأ، وشيخ خبر مبتدإ
محذوف: أي هو شيخ. والخامس أن يكون شيخ خبرا ثانيا. والسادس أن يكون
بعلى وشيخ جميعا خبرا واحدا كما تقول: هذا حلو حامض، والسابع أن يكون شيخ
بدلا من بعلى.
42

قوله تعالى (أهل البيت) تقديره: يا أهل البيت، أو يكون منصوبا على
التعظيم والتخصيص: أي أعنى، ولا يجوز في الكلام جر مثل هذا على البدل، لأن
ضمير المخاطب لا يبدل منه إذا كان في غاية الوضوح (وجاءته البشرى) هو
معطوف على ذهب، ويجوز أن يكون حالا من إبراهيم، وقد مرادة، فأما جواب
" لما " فيه وجهان: أحدهما هو محذوف تقديره: أقبل يجادلنا، ويجادلنا على هذا
حال. والثاني أنه يجادلنا، وهو مستقبل بمعنى الماضي: أي جادلنا، ويبعد أن يكون
الجواب جاءته البشرى، لأن ذلك يوجب زيادة الواو وهو ضعيف، و (أواه)
فعال من التأوه.
قوله تعالى (آتيهم) هو خبر إن، و (عذاب) مرفوع به، وقيل عذاب
مبتدأ وآتيهم خبر مقدم، وجوز ذلك أن عذابا وإن كان نكرة فقد وصف بقوله
(غير مردود) وأن إضافة اسم الفاعل هاهنا لا تفيده التعريف إذ المراد
به الاستقبال.
قوله تعالى (سئ بهم) القائم مقام الفاعل ضمير لوط، و (ذرعا) تمييز،
و (يهرعون إليه) حال، والماضي منه أهرع (هؤلاء) مبتدأ، و (بناتي)
عطف بيان أو بدل، و (هن) فصل، و (أطهر) الخبر، ويجوز أن يكون هن
مبتدأ ثانيا، وأطهر خبره، ويجوز أن يكون بناتي خبرا، وهن أطهر مبتدأ وخبر.
وقرئ في الشاذ " أطهر " بالنصب. وفيه وجهان: أحدهما أن يكون بناتي خبرا وهن
فصلا، وأطهر حالا. والثاني أن يكون هن مبتدأ، ولكم خبر، وأطهر حال،
والعامل فيه ما فيهن من معنى التوكيد بتكرير المعنى، وقيل العامل لكم لما فيه من معنى
الاستقرار. والضيف مصدر في الأصل وصف به، فلذلك لم يثن ولم يجمع، وقد
جاء مجموعا يقال أضياف وضيوف وضيفان.
قوله تعالى (ما نريد) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي، فتكون نصبا
بتعلم وهو بمعنى يعرف، ويجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب بنريد
وعلمت معلقة.
قوله تعالى (أو آوى) يجوز أن يكون مستأنفا وأن يكون في موضع رفع خبر أن
على المعنى تقديره: أو أنى آوى، ويضعف أن يكون معطوفا على قوة، إذ لو كان
كذلك لكان منصوبا بإضمار أن، وقد قرئ به والتقدير: أو أن آوى. وبكم حال
من قوة، وليس معمولا لها لأنها مصدر.
43

قوله تعالى (فأسر بأهلك) يقرأ بقطع الهمزة ووصلها وهما لغتان، يقال
أسرى وسرى (إلا امرأتك) يقرأ بالرفع على أنه بدل من أحد، والنهى في اللفظ
لأحد، وهو في المعنى للوط: أي لا تمكن أحدا منهم من الالتفات إلا امرأتك، ويقرأ
بالنصب على أنه استثناء من أحد، أو من أهل.
قوله تعالى (جعلنا عاليها) مفعول أول، و (سافلها) ثان (من سجيل)
صفة لحجارة، و (منضود) نعت لسجيل، و (مسومة) نعت لحجارة،
و (عند) معمول مسومة أو نعت لها، و (هي) ضمير العقوبة، و (بعيد)
نعت لكان محذوف، ويجوز أن يكون خبر هي، ولم تؤنث لأن العقوبة والعقاب
بمعنى: أي وما العقاب بعيدا من الظالمين.
قوله تعالى (أخاهم) مفعول فعل محذوف: أي وأرسلنا إلى مدين، و (شعيبا)
بدل، و (تنقصوا) يتعدى إلى مفعول بنفسه، وإلى آخر تارة بنفسه وتارة بحرف
جر، تقول: نقصت زيدا حقه ومن حقه، وهو هاهنا كذلك: أي لا تنقصوا الناس
من المكيال، ويجوز أن يكون هنا متعديا إلى واحد على المعنى: أي لا تعللوا وتطففوا،
و (محيط) نعت لليوم في اللفظ، وللعذاب في المعنى، وذهب قوم إلى أن التقدير:
عذاب يوم محيط عذابه، وهو بعيد لأن محيطا قد جرى على غير من هو له، فيجب
إبراز فاعله مضافا إلى ضمير الموصوف.
قوله تعالى (أو أن نفعل) في موضع نصب عطفا على ما يعبد، والتقدير:
أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن نفعل، وليس بمعطوف على
أن نترك إذ ليس المعنى: أصلواتك تأمرك أن تفعل في أموالنا.
قوله تعالى (لا يجرمنكم) يقرأ بفتح الياء وضمها، وقد ذكر في المائدة،
وفاعله (شقاقي) و (أن يصيبكم) مفعول الثاني.
قوله تعالى (واتخذتموه) هي المتعدية إلى مفعولين، و (ظهريا) المفعول
الثاني. ووراءكم يجوز أن يكون ظرفا لاتخذتم، وأن يكون حالا من ظهريا.
قوله تعالى (فسوف تعلمون من يأتيه) هو مثل الذي في قصة نوح
عليه السلام.
قوله تعالى (كما بعدت) يقرأ بكسر العين، ومستقبله يبعد، والمصدر بعدا
بفتح العين فيهما: أي هلك، ويقرأ بضم العين ومصدره البعد، وهو من البعد
في المكان.
44

قوله تعالى (يقدم قومه) هو مستأنف لا موضع له (فأوردهم) تقديره:
فيوردهم، وفاعل (بئس الورد المورود) نعت له، والمخصوص بالذم
محذوف تقديره: بئس الورد النار، ويجوز أن يكون المورود هو المخصوص بالذم.
قوله تعالى (ذلك من أنباء القرى) ابتداء وخبر، و (نقصه) حال،
ويجوز أن يكون ذلك مفعولا به والناصب له محذوف: أي ونقص ذلك من أنباء القرى،
وفيه أوجه أخر قد ذكرت في قوله تعالى " ذلك من أنباء الغيب " في آل عمران
(منها قائم) مبتدأ وخبر في موضع الحال من الهاء في نقصه (وحصيد) مبتدأ
خبره محذوف: أي ومنها حصيد، وهو بمعنى محصود.
قوله تعالى (إذا أخذ) ظرف، والعامل فيه " أخذ ربك ".
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ و (يوم) خبره، و (مجموع) صفة يوم،
و (الناس) مرفوع بمجموع.
قوله تعالى (يوم يأتي) يوم ظرف، والعامل فيه " تكلم " مقدرة، والتقدير:
لاتكلم نفس، ويجوز أن يكون العامل فيه نفس وهو أجود، ويجوز أن يكون مفعولا
لفعل محذوف. أي اذكروا يوم يأتي ويكون تكلم صفة له، والعائد محذوف: أي
لاتكلم فيه أو لا تكلمه، ويجوز أن يكون منصوبا على إضمار أعنى، وأما فاعل يأتي
فضمير يرجع على قوله " يوم مجموع له الناس " ولا يرجع على يوم المضاف إلى يأتي،
لأن المضاف إليه كجزء من المضاف، فلا يصح أن يكون الفاعل بعض الكلمة،
إذ ذلك يؤدى إلى إضافة الشئ إلى نفسه، والجيد أثبات الياء، إذ لا علة توجب
حذفها، وقد حذفها بعضهم اكتفاء بالكسرة عنها وشبه ذلك بالفواصل ونظير ذلك
" ما كنا نبغ - والليل إذا يسر " (إلا بإذنه) قد ذكر نظيره في آية الكرسي.
قوله تعالى (لهم فيها زفير) الجملة في موضع الحال، والعامل فيها الاستقرار الذي
في النار أو في نفس الظرف، ويجوز أن يكون حالا من النار (خالدين فيها) خالدين
حال، والعامل فيها لهم أو ما يتعلق به (ما دامت). في موضع نصب: أي مدة دوام
السماوات، ودام هنا تامة (إلا ما شاء) في هذا الاستثناء قولان: أحدهما هو
منقطع. والثاني هو متصل. ثم في " ما " وجهان: أحدهما هي بمعنى " من " والمعنى
على هذا أن الأشقياء من الكفار والمؤمنين في النار، والخارج منهم منها الموحدون،
وفى الآية الثانية يراد بالسعداء الموحدون، ولكن يدخل منهم النار العصاة ثم يخرجون
منها، فمقتضى أول الآية أن يكون كل الموحدين في الجنة من أول الأمر. ثم استثنى
من هذا العموم العصاة فإنهم لا يدخلونها في أول الأمر. والوجه الثاني أن " ما " على
45

بابها، والمعنى: أن الأشقياء يستحقون النار من حين قيامهم من قبورهم:
ولكنهم يؤخرون عن إدخالها مدة الموقف، والسعداء يستحقون الجنة ويؤخرون
عنها مدة الموقف، وخالدين على هذا حال مقدرة، وفيها في الموضعين تكرير
عند قوم، إذ الكلام يستقل بدونها. وقال قوم: فيها يتعلق بخالدين وليست
تكريرا، وفى الأولى يتعلق بمحذوف و (عطاء) اسم مصدر: أي إعطاء ذلك،
ويجوز أن يكون مفعولا لأن العطاء بمعنى المعطى. سعدوا بفتح السين وهو الجيد،
وقرئ بضمها وهو ضعيف، وقد ذكر فيها وجهان: أحدهما أنه على حذف الزيادة
أي أسعدوا، وأسسه قولهم رجل مسعود. والثاني أنه مما لازمه، ومتعديه بلفظ
واحد مثل شجا فاه وشجا فوه، وكذلك سعدوا وسعدته، وهو غير معروف
في اللغة ولا هو مقيس.
قوله تعالى (غير منقوص) حال: أي وافيا.
قوله تعالى (وإن كلا) يقرأ بتشديد النون ونصب كل وهو الأصل، ويقرأ
بالتخفيف والنصب وهو جيد، لأن " إن " محمولة على الفعل، والفعل يعمل بعد
الحذف كما يعمل قبل الحذف نحو: لم يكن ولم يك، وفى خبر " إن " على الوجهين
وجهان: أحدهما (ليوفينهم) و " ما " خفيفة زائدة لتكون فاصلة بين لام إن
ولام القسم كراهية تواليهما، كما فصلوا بالألف بين النونات في قولهم: أحسنان عنى.
والثاني أن الخبر " ما " وهي نكرة: أي لخلق أو جمع. ويقرأ بتشديد الميم مع نصب
كل، وفيها ثلاثة أوجه: أحدها أن الأصل لمن " ما " بكسر الميم الأولى، وإن شئت
بفتحها، فأبدلت النون ميما وأدغمت ثم حذفت الميم الأولى كراهية التكرير، وجاز
حذف الأولى وإبقاء الساكنة لاتصال اللام بها وهي الخبر على هذين التقديرين. الوجه
الثاني أنه مصدر لم يلم إذا جمع، لكنه أجرى الوصل مجرى الوقف، وقد نونه قوم،
وانتصابه على الحال من ضمير المفعول في لنوفينهم وهو ضعيف. الوجه الثالث أنه
شدد ميم " ما " كما يشدد الحرف الموقوف عليه في بعض اللغات، وهذا في غاية البعد
ويقرأ و " إن " بتخفيف النون كل بالرفع وفيه وجهان: أحدهما أنها المخففة واسمها
محذوف، وكل وخبرها خبر إن، وعلى هذا تكون " لما " نكرة: أي خلق أو جمع
على ما ذكرناه في قراءة النصب. والثاني أن " إن " بمعنى " ما " و " لما " بمعنى " إلا "
أي ماكل إلا ليوفينهم، وقد قرئ به شاذ شاذا: ومن شدد فهو على ما تقدم،
ولا يجوز أن تكون " لما " بالتشديد حرف جزم ولا حينا لفساد المعنى.
46

قوله تعالى (ومن تاب) هو في موضع رفع عطفا على الفاعل في استقم،
ويجوز أن يكون نصبا مفعولا معه.
قوله تعالى (ولا تركنوا) يقرأ بفتح الكاف، وماضيه على هذا ركن بكسرها
وهي لغة، وقيل ماضيه على هذا بفتح الكاف، ولكنه جاء على فعل يفعل بالفتح
فيهما وهو شاذ، وقيل اللغتان متداخلتان، وذاك أنه سمع ممن لغته الفتح في الماضي
فتحها في المستقبل على لغة غيره فنطق بها على ذلك، ويقرأ بضم الكاف وماضيه
ركن بفتحها (فتمسكم) الجمهور على فتح التاء، وقرئ بكسرها وهي لغة،
وقيل هي لغة في كل ما عين ماضيه مكسورة ولامه كعينه نحو مس أصله مسست،
وكسر أوله في المستقبل تنبيها على ذلك.
قوله تعالى (طرفي النهار) ظرف لأقم (وزلفا) بفتح اللام جمع زلفة مثل
ظلمة وظلم، ويقرأ بضمها. وفيه وجهان: أحدهما أنه جمع زلفة أيضا، وكانت اللام
ساكنة مثل بسرة وبسر، ولكنه أتبع الضم الضم. والثاني هو جمع زلف وقد نطق
به، ويقرأ بسكون اللام وهو جمع زلفة على الأصل نحو بسرة وبسر، أو هو مخفف
من جمع زليف.
قوله تعالى (أولوا بقية) الجمهور على تشديد الياء وهو الأصل، وقرئ
بتخفيفها وهو مصدر بقي يبقى بقية كلقيته لقية، فيجوز أن يكون على بابه، ويجوز
أن يكون مصدرا بمعنى فعيل وهو بمعنى فاعل (في الأرض) حال من الفساد
(واتبع) الجمهور على أنها همزة وصل وفتح التاء والباء: أي اتبعوا الشهوات،
وقرئ بضم الهمزة وقطعها وسكون التاء وكسر الباء، والتقدير: جزاء ما أترفوا.
قوله تعالى (إلا من رحم) هو مستثنى من ضمير الفاعل في يزالون. وذلك
يعود على الرحمة، وقيل الاختلاف.
قوله تعالى (وكلا) هو منصوب (ب‍ (نقص)، و (من أنباء) صفة لكل،
و (ما نثبت) بدل من كل أو هو رفع بإضمار هو، ويجوز أن يكون مفعول نقص
ويكون كلا حالا من " ما " أو من الهاء على مذهب من أجاز تقديم حال المجرور عليه
أو من أنباء على هذا المذهب أيضا، ويكون كلا بمعنى جميعا (في هذه) قيل في الدنيا
وقيل في هذه السورة، والله أعلم.
47

سورة يوسف عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تلك آيات الكتاب) قد ذكر في أول يونس.
قوله تعالى (قرآنا) فيه وجهان: أحدهما أنه توطئة للحال التي هي (عربيا)
والثاني أنه حال وهو مصدر في موضع المفعول: أي مجموعا أو مجتمعا، وعربي صفة
له على رأى من يصف الصفة أو حال من الضمير الذي في المصدر على رأى من قال:
يحتمل الضمير إذا وقع موقع ما يحتمل الضمير.
قوله تعالى (أحسن) ينتصب انتصاب المصدر (بما أوحينا) " ما " مصدرية
وهذا مفعول أوحينا (القرآن) نعت له أو بيان، ويجوز في العربية جره على البدل
من " ما " ورفعه على إضمار هو، والباء متعلقة بنقص، ويجوز أن يكون حالا من
أحسن، والهاء في (قبله) ترجع على القرآن، أو على هذا، أو على الإيحاء.
قوله تعالى (إذ قال) أي اذكر إذ، وفى (يوسف) ست لغات ضم السين
وفتحها وكسرها بغير همز فيهن وبالهمز فيهن، ومثله يونس (يا أبت) يقرأ بكسر
التاء والتاء فيه زائدة عوضا من ياء المتكلم وهذا في النداء خاصة وكسرت
التاء لتدل على الياء المحذوفة، ولا يجمع بينهما لئلا يجمع بين العوض والمعوض، ويقرأ
بفتحها وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه حذف التاء التي هي عوض من الياء، كما تحذف
تاء طلحة في الترخيم، وزيدت بدلها تاء أخرى وحركت بحركة ما قبلها، كما قالوا:
يا طلحة أقبل بالفتح. والثاني أنه أبدل من الكسرة فتحة كما يبدل من الياء ألف.
والثالث أنه أراد يا أبتا كما جاء في الشعر * يا أبتا علك أو عساك * فحذفت الإلف
تخفيفا، وقد أجاز بعضهم ضم التاء لشبهها بتاء التأنيث، فأما الوقف على هذا الاسم
فبالتاء عند قوم لأنها ليست للتأنيث فيبقى لفظها دليلا على المحذوف، وبالهاء عند
آخرين شبهوها بهاء التأنيث، وقيل الهاء بدل من الألف المبدلة من الياء، وقيل هي
زائدة لبيان الحركة، و (أحد عشر) بفتح العين على الأصل وبإسكانها على
التخفيف فرارا من توالي الحركات وإيذانا بشدة الامتزاج، وكرر " رأيت " تفخيما
لطول الكلام، وجعل الضمير على لفظ المذكر لأنه وصفه بصفات من يعقل من
السباحة والسجود، ولذلك جمع الصفة جمع السلامة و (ساجدين) حال لأن الرؤية
من رؤية العين.
48

قوله تعالى (رؤياك) الأصل الهمز، وعليه الجمهور، وقرئ بواو مكان الهمز
لانضمام ما قبلها، ومن العرب من يدغم فيقول: رياك فأجرى المخففة مجرى الأصلية
ومنهم من يكسر الراء لتناسب الياء (فيكيدوا) جواب النهى، (كيدا) فيه
وجهان: أحدهما هو مفعول به، والمعنى: فيضعون لك أمرا يكيدك، وهو مصدر
في موضع الاسم، ومنه قوله تعالى " فأجمعوا كيدكم " أي ما تكيدون به فعلى هذا يكون
في اللام وجهان: أحدهما هي بمعنى من أجلك. والثاني هي صفة قدمت فصارت حالا.
والوجه الآخر أن يكون مصدرا مؤكدا، وعلى هذا في اللام ثلاثة أوجه: منها الاثنان
الماضيان، والثالث أن تكون زائدة لأن هذا الفعل يتعدى بنفسه، ومنه " فإن كان
لكم كيد فكيدون " ونظير زيادتها هنا " ردف لكم ".
قوله تعالى (وكذلك) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف: أي اجتباء
مثل ذلك (إبراهيم وإسحاق) بدلان من أبويك.
قوله تعالى (آيات) يقرأ على الجمع لأن كل خصلة مما جرى آية، ويقرأ على
الإفراد لأن جميعها يجرى مجرى الشئ الواحد، وقيل وضع الواحد موضع الجمع،
وقد ذكرنا أصل الآية في البقرة.
قوله تعالى (أرضا) ظرف لا طرحوه، وليس بمفعول به لأن طرح لا يتعدى
إلى اثنين، وقيل هو مفعول ثان لأن اطرحوه بمعنى أنزلوه، وأنت تقول: أنزلت
زيدا الدار.
قوله تعالى (غيابة الجب) يقرأ بألف بعد الياء وتخفيف الباء، وهو الموضع
الذي يخفى من فيه، ويقرأ على الجمع إما أن يكون جمعها بما حولها كما قال الشاعر:
* يزل الغلام الخف عن صهواته *
أو أن يكون في الجب مواضع على ذلك وفيه قراءات أخر ظاهرة لم نطل بذكرها
(يلتقطه) الجمهور على الياء حملا على لفظ بعض، ويقرأ بالتاء حملا على المعنى،
إذ بعض السيارة سيارة، ومنه قولهم: ذهبت بعض أصابعه.
قوله تعالى (لا تأمنا) في موضع الحال، والجمهور على الإشارة إلى ضمة النون
الأولى، فمنهم من يختلس الضمة بحيث يدركها السمع. ومنهم من يدل عليها بضم
الشفة فلا يدركها السمع، ومنهم من يدغمها من غير إشمام، وفى الشاذ من يظهر النون
وهو القياس.
49

قوله تعالى (نرتع) الجمهور على أن العين آخر الفعل وماضيه رتع، فمنهم من
يسكنها على الجواب، ومنهم من يضمها على أن تكون حالا مقدرة، ومنهم من يقرؤها
بالنون، ومنهم من يقرؤها بالياء، ويقرأ نرتع يكسر العين وهو يفتعل من رعى:
أي ترعى ماشيتنا أو نأكل نحن.
قوله تعالى (يأكله الذئب) الأصل في الذئب الهمز، وهو من قولهم:
تذأبت الريح إذا جاءت من كل وجه، كما أن الذئب كذلك، ويقرأ بالياء
على التخفيف.
قوله تعالى (ونحن عصبة) الجملة حال، وقرئ في الشاذ " عصبة " بالنصب
وهو بعيد، ووجهه أن يكون حذف الخبر ونصب هذا على الحال: أي ونحن
نتعصب أو نجتمع عصبة.
قوله تعالى (فلما ذهبوا) جواب لما محذوف تقديره: عرفناه أو نحو ذلك،
وعلى قول الكوفيين الجواب أوحينا، والواو زائدة (وأجمعوا) يجوز أن يكون حالا
معه قد مرادة، وأن يكون معطوفا.
قوله تعالى (عشاء) فيه وجهان: أحدهما هو ظرف: أي وقت العشاء.
و (يبكون) حال. والثاني أن يكون جمع عاش كقائم وقيام، ويقرأ بضم العين
والأصل عشاة مثل غاز وغزاة، فحذفت الهاء وزيدت الألف عوضا منها، ثم قلبت
الألف همزة: وفيه كلام قد ذكرناه في آل عمران عند قوله سبحانه " أو كانوا غزا "
ويجوز أن يكون جمع فاعل على فعال، كما جمع فعيل على فعال لقرب ما بين الكسر
والضم. ويجوز أن يكون كنؤام ورباب وهو شاذ.
قوله تعالى (على قميصه) في موضع نصب حالا من الدم، لأن التقدير جاءوا
بدم كذب على قميصه. وكذب بمعنى ذي كذب، ويقرأ في الشاذ بالدال، والكذب
النقط الخارجة على أطراف الأحداث، فشبه الدم اللاصق على القميص بها، وقيل
الكذب الطري (فصبر جميل) أي فشأني فحذف المبتدأ، وإن شئت كان المحذوف
الخبر: أي فلى أو عندي.
قوله تعالى (بشراى) يقرأ بياء مفتوحة بعد الألف مثل عصاي، وإنما فتحت
الياء من أجل الألف، ويقرأ بغير ياء، وعلى الألف ضمة مقدرة لأنه منادى
مقصور، ويجوز أن يكون منصوبا مثل قوله " يا حسرة على العباد " ويقرأ بشرى
بياء مشددة من غير ألف، وقد ذكر في قوله تعالى " هدى " البقرة، والمعنى:
50

يا بشارة احضري فهذا أوانك (أسروه) الفاعل ضمير الإخوة، وقيل السيارة،
و (بضاعة) حال.
قوله تعالى (بخس) مصدر في موضع المفعول: أي مبخوس أو ذي بخس،
و (دراهم) بدل من ثمن (وكانوا فيه من الزاهدين) قد ذكر مثله في قوله
" وإنه في الآخرة لمن الصالحين " في البقرة " ونكون عليها من الشاهدين " في المائدة.
قوله تعالى (من مصر) يجوز أن يكون متعلقا بالفعل كقولك: اشتريت من
بغداد: أي فيها أو بها، ويجوز أن يكون حالا من الذي، أو من الضمير في اشترى
فيتعلق بمحذوف (ولنعلمه) اللام متعلقة بمحذوف: أي ولنعلمه مكناه. وقد
ذكر مثله في قوله تعالى " ولتكملوا العدة " وغيره، والهاء في (أمره) يجوز أن
تعود على الله عز وجل: وأن تعود على يوسف.
قوله تعالى (هيت لك) فيه قراءات: إحداها فتح الهاء والتاء وياء بينهما.
والثانية كذلك إلا أنه بكسر التاء. والثالثة كذلك إلا أنه بضمها وهي لغات فيها،
والكلمة اسم للفعل، فمنهم من يقول: هو خبر معناه تهيأت، وبنى كما بنى شتان،
ومنهم من يقول: هو اسم للأمر: أي أقبل وهلم، فمن فتح طلب الخفة، ومن كسر
فعلى التقاء الساكنين مثل جير، ومنهم من ضم شبهه بحيث، واللام على هذا للتبيين
مثل التي في قولهم: سقيا لك. والقراءة الرابعة بكسر الهاء وهمزة ساكنة وضم التاء
وهو على هذا فعل من هاء يهاء مثل شاء يشاء، ويهئ مثل فاء يفئ. والمعنى: تهيأت
لك أو خلقت ذا هيئة لك، واللام متعلقة بالفعل. والقراءة الخامسة هيئت لك وهي
غريبة. والسادسة بكسر الهاء وسكون الهمزة وفتح التاء، والأشبه أن تكون الهمزة
بدلا من الياء، أو تكون لغة في الكلمة التي هي اسم للفعل، وليست فعلا لأن ذلك
يوجب أن يكون الخطاب ليوسف عليه السلام، وهو فاسد لوجهين: أحدهما أنه
لم يتهيأ لها، وإنما تهيأت له. والثاني أنه قال لك ولو أراد الخطاب لكان هئت لي
(قال معاذ الله) هو منصوب على المصدر يقال: عذت به عوذا وعياذا وعياذة
وعوذة ومعاذا (إنه) الهاء ضمير الشأن، والجملة بعده الخبر.
قوله تعالى (لولا أن رأى) جواب " لولا " محذوف تقديره: لهم بها، والوقف
على هذا ولقد همت به، والمعنى أنه لم يهم بها، وقيل التقدير: لولا أن رأى البرهان
لواقع المعصية (كذلك) في موضع رفع: أي الأمر كذلك، وقيل في موضع نصب
51

أي نراعيه كذلك واللام في (لنصرف) متعلقة بالمحذوف، و (المخلصين)
بكسر اللام: أي المخلصين أعمالهم وبفتحها: أي أخلصهم الله لطاعته.
قوله تعالى (من دبر) الجمهور على الجر والتنوين، وقرئ في الشواذ بثلاث
ضمات من غير تنوين، وهو مبنى على الضم لأنه قطع عن الإضافة، والأصل من
دبره وقبله، ثم فعل فيه ما فعل في قبل وبعد، وهو ضعيف لأن الإضافة لا تلزمه
كما تلزم الظروف المبنية لقطعها عن الإضافة.
قوله تعالى (يوسف أعرض) الجمهور على ضم الفاء، والتقدير: يا يوسف،
وقرأ الأعمش بالفتح، والأشبه أن أخرجه على أصل المنادى كما جاء في الشعر:
* يا عديا لقد وقتك الأواقى * وقيل لم تضبط هذه القراءة عن الأعمش،
والأشبه أن يكون وقف على الكلمة ثم وصل، وأجرى الوصل مجرى الوقف فألقى
حركة الهمزة على الفاء وحذفها فصار اللفظ بها " يوسف أعرض " وهذا كما حكى الله
أكبر أشهد بالوصل والفتح، وقرئ في الشاذ أيضا بضم الفاء، وأعرض على لفظ
الماضي وفيه ضعف لقوله (واستغفري) وكان الأشبه أن يكون بالفاء فاستغفري.
قوله تعالى (نسوة) يقرأ بكسر النون وضمها وهما لغتان. وألف الفتى منقلبة
عن ياء لقولهم فتيان، والفتوة شاذ (قد شغفها) يقرأ بالغين، وهو من شغاف
القلب وهو غلافه، والمعنى: أنه أصاب شغاف قلبها، وأن حبه صار محتويا على
قلبها كاحتواء الشغاف عليه، ويقرأ بالعين وهو من قولك: فلان مشغوف بكذا:
أي مغرم به ومولع، و (حبا) تمييز، والأصل قد شغفها حبه، والجملة مستأنفة،
ويجوز أن يكون حالا من الضمير في تراود أو من الفتى.
قوله تعالى (وأعتدت) هو من العتاد، وهو الشئ المهيأ للأمر (متكأ)
الجمهور على تشديد التاء والهمز من غير مد، وأصل الكلمة موتكأ لأنه من توكأت،
ويراد به المجلس الذي يتكأ فيه، فأبدلت الواو تاء وأدغمت، وقرئ شاذا بالمد والهمز،
والألف فيه ناشئة عن إشباع الفتحة، ويقرأ بالتنوين من غير همز، والوجه فيه أنه
أبدل الهمزة ألفا ثم حذفها للتنوين. وقال ابن جنى: يجوز أن يكون من أو كيت
السقاء، فتكون الألف بدلا من الياء ووزنه مفتعل من ذلك، ويقرأ بتخفيف التاء
من غير همز، ويقال المتك الأترج (حاشى لله) يقرأ بألفين وهو الأصل، والجمهور
على أنه هنا فعل وقد صرف منه أحاشى، وأيد ذلك دخول اللام على اسم الله تعالى
ولو كان حرف جر لما دخل على حرف جر، وفاعله مضمر تقديره: حاشى يوسف:
52

أي بعد من المعصية بخوف الله، وأصل الكلمة من حاشيت الشئ، فحاشا صار
في حاشية، أي ناحية، ويقرأ بغير ألف بعد الشين حذفت تخفيفا، واتبع من ذلك
المصحف، وحسن ذلك كثرة استعمالها، وقرئ شاذا " حشا لله " بغير ألف بعد الحاء
وهو مخفف منه، وقال بعضهم: هي حرف جر واللام زائدة، وهو ضعيف لأن
موضع مثل هذا ضرورة الشعر (ما هذا بشرا) يقرأ بفتح الباء: أي إنسانا بل هو
ملك، ويقرأ بكسر الباء من الشراء: أي لم يحصل هذا بثمن، ويجوز أن يكون
مصدرا في موضع المفعول: أي بمشترى، وعلى هذا قرئ بكسر اللام في ملك.
قوله تعالى (رب السجن) يقرأ بكسر السين وضم النون، وهو مبتدأ،
و (أحب) خبره، والمراد المحبس، والتقدير: سكنى السجن، ويقرأ بفتح السين
على أنه مصدر، ويقرأ " رب " بضم الباء من غير ياء، " والسجن " بكسر السين،
والجر على الإضافة: أي صاحب السجن، والتقدير لقاؤه أو مقاساته.
قوله تعالى (بدا لهم) في فاعل بدا ثلاثة أوجه: أحدها هو محذوف،
و (ليسجننه) قائم مقامه: أي بدا لهم السجن فحذف وأقيمت الجملة مقامه،
وليست الجملة فاعلا، لأن الجمل لا تكون كذلك. والثاني أن الفاعل مضمر وهو
مصدر بدا: أي بدا لهم بداء فأضمر. والثالث أن الفاعل ما دل عليه الكلام: أي بدا
لهم رأى: أي فأضمر أيضا، و (حتى) متعلقة بيسجننه. والله أعلم.
قوله تعالى (ودخل معه السجن) الجمهور على كسر السين، وقرئ بفتحها
والتقدير: موضع السجن أو في السجن، و (قال) مستأنف لأنه لم يقل ذلك المنام
حال دخوله، ولا هو حال مقدرة لأن الدخول لا يؤدي إلى المنام (فوق رأسي)
ظرف لأحمل، ويجوز أن يكون حالا من الخبر، و (تأكل) صفة له.
قوله تعالى (أم الله الواحد) أم هنا متصلة (سميتموها) يتعدى إلى مفعولين
وقد حذف الثاني: أي سميتموها آلهة. وأسماء هنا بمعنى مسميات أو ذوي أسماء، لأن
الاسم لا يعبد (أمر ألا) يجوز أن يكون مستأنفا وأن يكون حالا، وقد معه مرادة،
وهو ضعيف لضعف العامل فيه.
قوله تعالى (منهما) يجوز أن يكون صفة لناج، وأن يكون حالا من الذي،
ولا يكون متعلقا بناج لأنه ليس المعنى عليه.
قوله تعالى (سمان) صفة لبقرات، ويجوز في الكلام نصبه نعتا لسبع،
و (يأكلهن) في موضع جر أو نصب على ما ذكرنا، ومثله (خضر).
53

(للرؤيا) اللام فيه زائدة تقوية للفعل لما تقدم مفعوله عليه، ويجوز حذفها
في غير القرآن لأنه يقال عبرت الرؤيا.
قوله تعالى (أضغاث أحلام) أي هذه (بتأويل الأحلام) أي بتأويل أضغاث
الأحلام لابد من ذلك لأنهم لم يدعوا لجهل بتعبير الرؤيا.
قوله تعالى (نجا منهما) في موضع الحال من ضمير الفاعل، وليس بمفعول به
ويجوز أن يكون حالا من الذي (وادكر) أصله اذتكر، فأبدلت الذال دالا
والتاء دالا وأدغمت الأولى في الثانية ليتقارب الحرفان، ويقرأ شاذا بذال معجمة
مشددة، ووجهها أنه قلب التاء ذالا وأدغم.
قوله تعالى (بعد أمة) يقرأ بضم الهمزة وبكسرها: أي نعمة وهي خلاصة
من السجن، ويجوز أن تكون بمعنى حين، ويقرأ بفتح الهمزة والميم وهاء منونة وهو
النسيان، يقال: أمه يأمه أمها.
قوله تعالى (دأبا) منصوب على المصدر: أي تدأبون، ودل الكلام عليه،
ويقرأ بإسكان الهمزة وفتحها، والفعل منه دأب دأبا ودئب دأبا، ويقرأ بألف من
غير همز على التخفيف.
قوله تعالى (يعصرون) يقرأ بالياء والتاء والفتح، والمفعول محذوف: أي
يعصرون العنب لكثرة الخصب، ويقرأ بضم التاء وفتح الصاد: أي تمطرون وهو
من قوله " من المعصرات ".
قوله تعالى (إذ راودتن) العامل في الظرف خطبكن وهو مصدر سمى به الأمر
العظيم، ويعمل بالمعنى لأن معناه: ما أردتن أو ما فعلتن.
قوله تعالى (ذلك ليعلم) أي الأمر ذلك، واللام متعلقة بمحذوف تقديره:
أظهر الله ذلك ليعلم.
قوله تعالى (إلا ما رحم ربى) في " ما " وجهان: أحدهما هي مصدرية وموضعها
نصب، والتقدير: إن النفس لأمارة بالسوء إلا وقت رحمة ربى، ونظيره " فدية مسلمة
إلى أهله إلا أن يصدقوا " وقد ذكروا انتصابه على الظرف، وهو كقولك: ما قمت
إلا يوم الجمعة. والوجه الآخر أن تكون " ما " بمعنى من، والتقدير إن النفس لتأمر
بالسوء إلا لمن رحم ربى، أو إلا نفسا رحمها ربى فإنها لا تأمر بالسوء.
قوله تعالى (يتبوأ منها حيث يشاء) حيث ظرف ليتبوأ، ويجوز أن يكون
54

مفعولا به، ومنها يتعلق بيتبوأ، ولا يجوز أن يكون حالا من حيث لأن حيث لا تنم
إلا بالمضاف إليه، وتقديم الحال على المضاف إليه لا يجوز، ويشاء بالياء، وفاعله
ضمير يوسف، وبالنون ضمير اسم الله على التعظيم، ويجوز أن يكون فاعله ضمير
يوسف لأن مشيئته من مشيئة الله، واللام في ليوسف زائدة: أي مكنا يوسف، ويجوز
أن لا تكون زائدة ويكون المفعول محذوفا: أي مكنا ليوسف الأمور، ويتبوأ حال
من يوسف.
قوله تعالى (لفتيته) يقرأ بالتاء على فعلة، وهو جمع قلة مثل صبية، وبالنون
مثل غلمان، وهو من جموع الكثرة، وعلى هذا يكون واقعا موقع جمع القلة (إذا
انقلبوا) العامل في إذا يعرفونها.
قوله تعالى (نكتل) يقرأ بالنون لأن إرساله سبب في الكيل للجماعة، وبالياء
على أن الفاعل هو الأخ، ولما كان هو السبب نسب الفعل إليه، فكأنه هو الذي
يكيل للجماعة.
قوله تعالى (إلا كما أمنتكم) في موضع نصب على المصدر: أي أمنا كأمنى
إياكم على أخيه (خير حافظا) يقرأ بالألف وهو تمييز، ومثل هذا يجوز إضافته،
وقيل هو حال، ويقرأ " حفظا " وهو تمييز لا غير.
قوله تعالى (ردت) الجمهور على ضم الراء وهو الأصل، ويقرأ بكسرها،
ووجهه أنه نقل كسرة العين إلى الفاء كما فعل في قيل وبيع، والمضاعف يشبه المعتل
(ما نبغي) " ما " استفهام في موضع نصب بنبغي، ويجوز أن تكون نافية، ويكون
في نبغي وجهان: أحدهما بمعنى نطلب، فيكون المفعول محذوف: أي ما نطلب الظلم.
والثاني أن يكون لازما بمعنى ما يتعدى.
قوله تعالى (لتأتنني به) هو جواب قسم على المعنى، لأن الميثاق بمعنى
اليمين (إلا أن يحاط) هو استثناء من غير الجنس، ويجوز أن يكون من الجنس
ويكون التقدير لتأتنني به على كل حال إلا في حال الإحاطة بكم.
قوله تعالى (ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم) في جواب " لما "
وجهان: أحدهما هو آوى، وهو جواب " لما " الأولى. والثانية كقولك: لما جئتك
ولما كلمتك أجبتني، وحسن ذلك أن دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الأبواب.
والثاني هو محذوف تقديره: امتثلوا أو قضوا حاجة أبيهم ونحوه، ويجوز أن يكون
55

الجواب معنى (ما كان يغنى عنهم) و (حاجة) مفعول من أجله، وفاعل
يغنى التفرق.
قوله تعالى (قال إني أنا) هو مستأنف، وهكذا كل ما اقتضى جوابا وذكر
جوابه ثم جاءت بعده، قال: فهي مستأنفة.
قوله تعالى (صواع الملك) الجمهور على ضم الصاد، وألف بعد الواو، ويقرأ
بغير ألف، فمنهم من يضم الصاد، ومنهم من يفتحها، ويقرأ " صاع الملك " وكل
ذلك لغات فيه، وهو الإناء الذي يشرب به: ويقرأ " صوغ الملك " بغين معجمة.
أي مصوغه (قالوا جزاؤه) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مبتدأ، والخبر محذوف
تقديره: جزاؤه عندنا كجزائه عندكم، والهاء تعود على السارق أو على السرق،
وفى الكلام المتقدم دليل عليهما، فعلى هذا يكون قوله (من وجد) مبتدأ، و (فهو)
مبتدأ ثان، و (جزاؤه) خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر الأول، ومن
شرطية والفاء جوابها، ويجوز أن تكون بمعنى الذي، ودخلت الفاء في خبرها لما فيها
من الإبهام، والتقدير: استعباد من وجد في رحله فهو: أي الاستعباد جزء السارق،
ويجوز أن تكون الهاء في جزائه للسرق. والوجه الثاني أن يكون جزاؤه مبتدأ، ومن
وجد خبره، والتقدير: استعباد من وجد في رحله، وفهو جزاؤه مبتدأ، وخبر
مؤكد لمعنى الأول. والوجه الثالث أن يكون جزاؤه مبتدأ، ومن وجد مبتدأ ثان،
وفهو مبتدأ ثالث، وجزاؤه خبر الثالث، والعائد على المبتدأ الأول الهاء الأخيرة،
وعلى الثاني هو (كذلك نجزى) الكاف في موضع نصب: أي جزاء مثل ذلك.
قوله تعالى (وعاء أخيه) الجمهور على كسر الواو وهو الأصل لأنه من وعى
يعى، ويقرأ بالهمزة وهي بدل من الواو وهما لغتان، يقال: وعاء وإعاء، ووشاح
وإشاح، ووسادة وإسادة، وإنما فروا إلى الهمز لثقل الكسرة على الواو، ويقرأ
بضمها وهي لغة.
فإن قيل: لم لم يقل فاستخرجها منه لتقدم ذكره؟ قيل: لم يصرح بتفتيش وعاء
أخيه حتى يعيد ذكره مضمرا، فأظهره ليكون ذلك تنبيها على المحذوف، فتقديره:
ثم فتش وعاء أخيه فاستخرجها منه.
قوله تعالى (كذلك كدنا) و (إلا أن يشاء) و (درجات من نشاء)
كل ذلك قد ذكر (وفوق كل ذي علم عليم) يقرأ شاذا " ذي عالم " وفيه
56

ثلاثة أوجه: أحدها هو مصدر كالباطل. والثاني ذي زائدة، وقد جاء مثل ذلك في الشعر
كقول الكميت * إليكم ذوي آل النبي * والثالث أنه أضاف الاسم إلى
المسمى، وهو محذوف تقديره: ذي مسمى عالم كقول الشاعر:
* إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * أي مسمى السلام.
قوله تعالى (فأسرها) الضمير يعود إلى نسبتهم إياه إلى السرق، وقد دل عليه
الكلام، وقيل في الكلام تقديم وتأخير تقديره: قال في نفسه أنتم شر مكان وأسرها
أي هذه الكلمة، و (مكانا) تمييز: أي شر منه أو منهما.
قوله تعالى (فخذ أحدنا مكانه) هو منصوب على الظرف، والعامل فيه
خذ، ويجوز أن يكون محمولا على المعنى: أي اجعل أحدنا مكانه.
قوله تعالى (معاذ الله) هو مصدر والتقدير: من أن نأخذ.
قوله تعالى (استيأسوا) يقرأ بياء بعدها همزة، وهو من يئس، ويقرأ استيأسوا
بألف بعد التاء وقبل الياء، وهو مقلوب، يقال: يئس وأيس، والأصل تقديم
الياء وعليه تصرف الكلمة، فأما إياس اسم رجل فليس مصدر هذا الفعل بل مصدر
آسيته: أي أعطيته، إلا أن الهمزة في الآية قلبت ألفا تخفيفا (نجيا) حال من ضمير
الفاعل في خلصوا، وهو واحد في موضع الجمع: أي أنجيه كما قال تعالى " ثم نخرجكم
طفلا " (ومن قبل) أي ومن قبل ذلك (ما فرطتم) في " ما " وجهان: أحدهما
هي زائدة، ومن متعلقة بالفعل: أي وفرطتم من قبل. والثاني هي مصدرية.
وفي موضعها ثلاثة أوجه: أحدها رفع بالابتداء، ومن قبل خبره: أي وتفريطكم
في يوسف من قبل وهذا ضعيف، لأن قبل إذا وقعت خبرا أو صلة لا تقطع عن
الإضافة لئلا تبقى ناقصة، والثاني موضعها نصب عطفا على معمول تعلموا، تقديره:
ألم تعرفوا أخذ أبيكم عليكم الميثاق وتفريطكم في يوسف، والثالث هو معطوف على اسم
إن تقديره: وإن تفريطكم من قبل في يوسف، وقيل هو ضعيف على هذين الوجهين
لأن فيهما فصلا بين حرف العطف والمعطوف، وقد بينا في سورة النساء أن هذا ليس
بشئ، فأما خبر إن على الوجه الأخير فيجوز أن يكون في يوسف، وهو الأولى
لئلا يجعل من قبل خبرا (فلن أبرح الأرض) هو مفعول أبرح: أي لن أفارق،
ويجوز أن يكون ظرفا.
قوله تعالى (سرق) يقرأ بالفتح والتخفيف: أي فيما ظهر لنا، ويقرأ بضم السين
وتشديد الراء وكسرها: أي نسب إلى السرق.
57

قوله تعالى (واسئل القرية) أي أهل القرية، وجاز حذف المضاف لأن
المعنى لا يلتبس، فأما قوله تعالى (والعير التي) فيراد بها الإبل، فعلى هذا يكون
المضاف محذوفا أيضا: أي أصحاب العير، وقيل العير القافلة، وهم الناس الراجعون
من السفر، فعلى هذا ليس فيه حذف.
قوله تعالى (يا أسفي) الألف مبدلة من ياء المتكلم، والأصل أسفى، ففتحت
الفاء وصيرت الياء ألف ليكون الصوت بها أتم، و (على) متعلقة بأسفي.
قوله تعالى (تفتؤ) أي لا تفتؤ فحذفت لا للعلم بها، و (تذكر) في موضع
نصب خبر تفتؤ.
قوله تعالى (من روح الله) الجمهور على فتح الراء وهو مصدر بمعنى الرحمة
إلا أن استعمال الفعل منه قليل، وإنما يستعمل بالزيادة مثل أراح وروح، ويقرأ
بضم الراء وهي لغة فيه، وقيل هو اسم للمصدر مثل الشرب والشرب.
قوله تعالى (مزجاة) ألفها منقلبة عن ياء أو عن واو لقولهم زجا الامر يزجو
(فأوف لنا الكيل) أي المكيل.
قوله تعالى (قد من الله علينا) جملة مستأنفة، وقيل هي حال من يوسف
وأخي وفيه بعد لعدم العامل في الحال، وأنا لا يعمل في الحال، ولا يصح أن يعمل
فيه هذا لأنه إشارة إلى واحد، وعلينا راجع إليهما جميعا (من يتق) الجمهور على
حذف الياء، و " من " شرط، والفاء جوابه. ويقرأ بالياء وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه
أشبع كسرة القاف فنشأت الياء. والثاني أنه قدر الحركة على الياء وحذفها بالجزم
وجعل حرف العلة كالصحيح في ذلك. والثالث أنه جعل " من " بمعنى الذي، فالفعل
على هذا مرفوع (ويصبر) بالسكون فيه وجهان: أحدهما أنه حذف الضمة لئلا
تتوالى الحركات، أو نوى الوقف عليه وأجرى الوصل مجرى الوقف. والثاني هو
مجزوم على المعنى لأن " من " هنا وإن كانت بمعنى الذي ولكنها بمعنى الشرط لما فيها
من العموم والإبهام، ومن هنا دخلت الفاء في خبرها، ونظيره " فأصدق وأكن "
في قراءة من جزم، والعائد من الخبر محذوف تقديره: المحسنين منهم، ويجوز أن يكون
وضع الظاهر موضع المضمر: أي لا نضيع أجرهم.
قوله تعالى (لا تثريب) في خبر " لا " وجهان: أحدهما قوله (عليكم) فعلى
هذا ينتصب (اليوم) بالخبر، وقيل ينتصب اليوم ب‍ (يغفر) والثاني الخبر اليوم،
وعليكم يتعلق بالظرف أو بالعامل في الظرف وهو الاستقرار، وقيل هي للتبيين
58

كاللام في قولهم سقيا لك، ولا يجوز أن تتعلق على بتثريب ولا نصب اليوم به،
لأن اسم " لا " إذا عمل ينون.
قوله تعالى (بقميصي) يجوز أن يكون مفعولا به: أي احملوا قميصي، ويجوز
أن يكون حالا: أي اذهبوا وقميصي معكم، و (بصيرا) حال من الموضعين.
قوله تعالى (سجدا) حال مقدرة، لأن السجود يكون بعد الخرور (رؤياي
من قبل) الظرف حال من رؤياي، لأن المعنى رؤياي التي كانت من قبل،
والعامل فيها هذا، ويجوز أن يكون ظرفا للرؤيا: أي تأويل رؤياي في ذلك الوقت،
ويجوز أن يكون العامل في تأويل، لأن التأويل كان من حين وقوعها هكذا، والآن
ظهر له، و (قد جعلها) حال مقدرة، ويجوز أن تكون مقارنة و (حقا) صفة مصدر
أي جعلا حقا، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا، وجعل بمعنى صير، ويجوز أن يكون
حالا: أي وضعها صحيحة، ويجوز أن يكون حقا مصدرا من غير لفظ الفعل بل من
معناه، لأن جعلها في معنى حققها، وحقا في معنى تحقيق (وقد أحسن بي) قيل
الباء بمعنى إلى، وقيل هي على بابها، والمفعول محذوف تقديره: وقد أحسن صنعه
بي، و (إذ) ظرف لأحسن أو لصنعه.
قوله تعالى (من الملك) و (من تأويل الأحاديث) قيل المفعول محذوف:
أي عظيما من الملك وحظا من التأويل، وقيل هي زائدة، وقيل من لبيان الجنس.
قوله تعالى (والأرض يمرون) الجمهور على الجر عطفا على السماوات والضمير
في (عليها) للآية، وقيل للأرض فيكون يمرون حالا منها، وقيل منها ومن
السماوات ومعنى يمرون يشاهدون أو يعلمون، ويقرأ " والأرض " بالنصب: أي
ويسلكون الأرض وفسره يمرون، ويقرأ بالرفع على الابتداء، و (بغتة)
مصدر في موضع الحال، و (أدعو إلى الله) مستأنف، وقيل حال من الياء،
(على بصيرة) حال: أي مستيقنا (ومن اتبعني) معطوف على ضمير الفاعل
في أدعو، ويجوز أن يكون مبتدأ: أي ومن اتبعني كذلك، و (من أهل القرى)
صفة لرجال أو حال من المجرور.
قوله تعالى (قد كذبوا) يقرأ بضم الكاف وتشديد الذال وكسرها: أي علموا
أنهم نسبوا إلى التكذيب، وقيل الضمير يرجع إلى المرسل إليهم: أي علم الأمم أن الرسل
كذبوهم، ويقرأ بتخفيف الذال، والمراد على هذا الأمم لا غير، ويقرأ بالفتح والتشديد:
أي وظن الرسل أن الأمم كذبوهم، ويقرأ بالتخفيف: أي علم الرسل أن الأمم كذبوا
فيما ادعوا (فننجى) يقرأ بنونين وتخفيف الجيم، ويقرأ بنون واحدة وتشديد الجيم على
59

أنه ماض لم يسم فاعله، ويقرأ كذلك إلا أنه بسكون بسكون الياء وفيه وجهان: أحدهما أن
يكون أبدل النون الثانية جيما وأدغمها وهو مستقبل على هذا، والثاني أن يكون ماضيا
وسكن الياء لثقلها بحركتها وانكسار ما قبلها.
قوله تعالى (ما كان حديثا) أي ما كان حديث يوسف، أو ما كان المتلو
عليهم (ولكن تصديق) قد ذكر في يونس (وهدى ورحمة) معطوفان عليه،
والله أعلم.
سورة الرعد
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (المر) قد ذكر حكمها في أول البقرة (تلك) يجوز أن يكون مبتدأ،
و (آيات الكتاب) خبره، وأن يكون خبر " المر " وآيات بدل أو عطف بيان
(والذي أنزل) فيه وجهان. أحدهما هو في موضع رفع، و (الحق) خبره،
ويجوز أن يكون الخبر من ربك، والحق خبر مبتدإ محذوف أو هو خبر بعد خبر،
وكلاهما خبر واحد، ولو قرئ الحق بالجر لجاز على أن يكون صفة لربك. الوجه
الثاني أن يكون، والذي صفة للكتاب، وأدخلت الواو في الصفة كما أدخلت في النازلين
والطيبين، والحق بالرفع، والحق بالرفع على هذا خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (بغير عمد) الجار والمجرور في موضع نصب على الحال تقديره:
خالية عن عمد، والعمد بالفتح جمع عماد أو عمود مثل أديم وأدم وأفيق وأفق وإهاب
وأهب ولا خامس لها. ويقرأ بضمتين، وهو مثل كتاب وكتب ورسول ورسل
(ترونها) الضمير المفعول يعود على العمد، فيكون ترونها في موضع جر صفة
لعمد، ويجوز أن يعود على السماوات فيكون حالا منها (يدبر) و (يفصل)
يقرءان بالياء والنون ومعناهما ظاهر، وهما مستأنفان، ويجوز أن يكون الأول حالا من
الضمير في سخر، والثاني حالا من الضمير في يدبر.
قوله تعالى (ومن كل الثمرات) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون متعلقا
بجعل الثانية، والتقدير: وجعل فيها زوجين اثنين من كل الثمرات. والثاني أن يكون
حالا من اثنين وهو صفة له في الأصل. والثالث أن يتعلق بجعل الأولى، ويكون
جعل الثاني مستأنفا (يغشى الليل) يجوز أن يكون حالا من ضمير اسم الله فيما
يصح من الأفعال التي قبله، وهي " رفع، وسخر ويدبر، ويفصل، ومد، وجعل "
60

قوله تعالى (وفي الأرض قطع) الجمهور على الرفع بالابتداء، أو فاعل الظرف
وقرأ الحسن " قطعا متجاورات " على تقدير: وجعل في الأرض (وجنات) كذلك
على الاختلاف، ولم يقرأ أحد منهم وزرعا بالنصب، ولكن رفعه قوم، وهو عطف
على قطع وكذلك ما بعده، وجره آخرون عطفا على أعناب، وضعف قوم هذه
القراءة، لأن الزرع ليس من الجنات. وقال آخرون: قد يكون في الجنة زرع،
ولكن بين النخيل والأعناب، وقيل التقدير: ونبات زرع فعطفه على المعنى. والصنوان
جمع صنو مثل قنو وقنوان، ويجمع في القلة على أصناء، وفيه لغتان: كسر الصاد
وضمها، وقد قرئ بهما (تسقى) الجمهور على التاء، والتأنيث للجمع السابق،
ويقرأ بالياء: أي يسقى ذلك (ونفضل) يقرأ بالنون والياء على تسمية الفاعل وبالياء
وفتح الضاد، و (بعضها) بالرفع وهو بين (في الأكل) يجوز أن يكون ظرفا
لنفضل، وأن يكون متعلقا بمحذوف على أن يكون حالا من بعضها، أي نفضل
بعضها مأكولا، أو وفيه الأكل.
قوله تعالى (فعجب قولهم) قولهم مبتدأ، وعجب خبر مقدم، وقيل
العجب هنا بمعنى المعجب، فعلى هذا يجوز أن يرتفع قولهم به (أئذا كنا) الكلام
كله في موضع نصب بقولهم، والعامل في إذا فعل دل عليه الكلام تقديره: أئذا
كنا ترابا نبعث، ودل عليه قوله تعالى (لفي خلق جديد) ولا يجوز أن ينتصب
بكنا لأن إذا مضافة إليه، ولا بجديد لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها.
قوله تعالى (قبل الحسنة) يجوز أن يكون ظرفا ليستعجلونك، وأن يكون
حالا من السيئة مقدرة، و (المثلات) بفتح الميم وضم الثاء واحدتها كذلك، ويقرأ
بإسكان التاء وفيه وجهان: أحدهما أنها مخففة من الجمع المضموم فرارا من ثقل
الضمة مع توالي الحركات والثاني أن الواحد خفف ثم جمع على ذلك، ويقرأ بضمتين
وبضم الأول وإسكان الثاني، وضم الميم فيه لغة، فأما ضم الثاء فيجوز أن يكون لغة
في الواحد، وأن يكون اتباعا في الجمع، وأما إسكانها فعلى الوجهين (على ظلمهم)
حال من الناس والعامل المغفرة.
قوله تعالى (ولكل قوم هاد) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه جملة مستأنفة:
أي ولكل قوم نبي هاد. والثاني أن المبتدأ محذوف تقديره: وهو لكل قوم هاد.
والثالث تقديره: إنما أنت منذر وهاد لكل قوم، وهذا فصل بين حرف العطف
والمعطوف، وقد ذكروا منه قدرا صالحا.
61

قوله تعالى (ما تحمل) في " ما " وجهان: أحدهما هي بمعنى الذي، وموضعها
نصب بيعلم. والثاني هي استفهامية فتكون منصوبة بتحمل، والجملة في موضع نصب
ومثله (وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار) يجوز
أن يكون عنده في موضع جر صفة لشئ، أو في موضع رفع صفة لكل، والعامل
فيها على الوجهين محذوف، وخبر كل بمقدار، ويجوز أن يكون صفة لمقدار، وأن
يكون ظرفا لما يتعلق به الجار.
قوله تعالى (عالم الغيب) خبر مبتدأ محذوف: أي هو، ويجوز أن يكون
مبتدأ، و (الكبير) خبره. والجيد الوقف على (المتعال) بغير ياء لأنه رأس
آية، ولولا ذلك لكان الجيد إثباتها.
قوله تعالى (سواء منكم من أسر القول) من مبتدأ، وسواء خبر، فأما
منكم فيجوز أن يكون حالا من الضمير في سواء لأنه في موضع مستو، ومثله " لا يستوى
منكم من أنفق من قبل الفتح " ويضعف أن يكون منكم حالا من الضمير في أسر،
وجهر، لوجهين: أحدهما تقديم ما في الصلة على الموصول، أو الصفة على الموصوف
والثاني تقديم الخبر على منكم، وحقه أن يقع بعده.
قوله تعالى (له معقبات) واحدتها معقبة، والهاء فيها للمبالغة مثل نسابة: أي
ملك معقب، وقيل معقبة صفة للجمع، ثم جمع على ذلك (من بين يديه) يجوز
أن يكون صفة لمعقبات، وأن يكون ظرفا، وأن يكون حالا من الضمير الذي فيه
فعلى هذا يتم الكلام عنده، ويجوز أن يتعلق ب‍ (يحفظونه) أي معقبات يحفظونه
من بين يديه ومن خلفه، ويجوز أن يكون يحفظونه صفة لمعقبات، وأن يكون حالا
مما يتعلق به الظرف (من أمر الله) أي من الجن والإنس، فتكون " من " على
بابها، قيل " من " بمعنى الباء: أي بأمر الله، وقيل بمعنى عن (وإذا أراد) العامل
في " إذا " ما دل عليه الجواب: أي لم يرد أو وقع (من وال) يقرأ بالإمالة من أجل
الكسرة ولامانع هنا، و (السحاب الثقال) قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (خوفا وطمعا) مفعول من أجله.
قوله تعالى (ويسبح الرعد بحمده) قيل هو ملك، فعلى هذا قد سمى بالمصدر،
وقيل الرعد صوته، والتقدير على هذا: ذو الرعد أو الراعد، وبحمده قد ذكر في البقرة
في قصة آدم صلى الله عليه وسلم، و (المحال) فعال من المحل وهو القوة، يقال
محل به إذا غلبه، وفيه لغة أخرى فتح الميم.
62

قوله تعالى (والذين يدعون من دونه) فيه قولان: أحدهما هو كناية
عن الأصنام، أي والأصنام الذين يدعون المشركين إلى عبادتهم (لا يستجيبون
لهم بشئ) وجمعهم جمع من يعقل على اعتقادهم فيها. والثاني أنهم المشركون،
والتقدير: والمشركون الذين يدعون الأصنام من دون الله لا يستجيبون لهم: أي
لا يجيبونهم: أي أن الأصنام لا تجيبهم بشئ (إلا كباسط كفيه) التقدير إلا
استجابة كاستجابة باسط كفيه، والمصدر في هذا التقدير مضاف إلى المفعول كقوله
تعالى " لا يسأم الإنسان من دعاء الخير " وفاعل هذا المصدر مضمر وهو ضمير الماء:
أي لا يجيبونهم إلا كما يجيب الماء باسط كفيه إليه، والإجابة هنا كناية عن الانقياد،
وأما قوله تعالى (ليبلغ فاه) فاللام متعلقة بباسط والفاعل ضمير الماء: أي ليبلغ
الماء فاه (وما هو) أي الماء، ولا يجوز أن يكون ضمير الباسط على أن يكون فاعل
بالغ مضمرا، لأن اسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له لزم إبراز الفاعل، فكان
يجب على هذا أن يقول: وما هو ببالغه الماء، فإن جعلت الهاء في بالغه ضمير الماء
جاز أن يكون هو ضمير الباسط، والكاف في كباسط إن جعلتها حرفا كان منها
ضمير يعود على الموصوف المحذوف، وإن جعلتها اسما لم يكن فيها ضمير.
قوله تعالى (طوعا وكرها) مفعول له أو في موضع الحال (وظلالهم)
معطوف على من، و (بالغدو) ظرف ليسجد.
قوله تعالى (أم هل يستوى) يقرأ بالياء والتاء، وقد سبقت نظائره.
قوله تعالى (أودية) هو جمع واد، وجمع فاعل على أفعلة شاذ، ولم نسمعه
في غير هذا الحرف، ووجهه أن فاعلا قد جاء بمعنى فعيل، وكما جاء فعيل وأفعلة
كجريب وأجربة كذلك فاعل (بقدرها) صفة لأودية (ومما يوقدون) بالياء
والتاء، و (عليه في النار) متعلق بيوقدون، و (ابتغاء) مفعول له (أو متاع)
معطوف على حلية، و (زبد) مبتدأ، و (مثله) صفة له والخبر مما يوقدون،
والمعنى ومن جواهر الأرض كالنحاس ما فيه زبد وهو خبثه مثله: أي مثل الزبد الذي
يكون على الماء، و (جفاء) حال وهمزته منقلبة عن واو، وقيل هي أصل (للذين
استجابوا) مستأنف وهو خبر (الحسنى).
قوله تعالى (الذين يوفون) يجوز أن يكون نصبا على إضمار أعنى.
قوله تعالى (جنات عدن) هو بدل من عقبى، ويجوز أن يكون مبتدأ،
و (يدخلونها) الخبر (ومن صلح) في موضع رفع عطفا على ضمير الفاعل،
63

وساغ ذلك وإن لم يؤكد لأن ضمير المفعول صار فاصلا كالتوكيد، ويجوز أن يكون
نصبا بمعنى مع.
قوله تعالى (سلام) أي يقولون سلام (بما صبرتم) لا يجوز أن تتعلق الباء
بسلام لما فيه من الفصل بالخبر، وإنما يتعلق بعليكم أو بما يتعلق به.
قوله تعالى (وما الحياة الدنيا في الآخرة) التقدير في جنب الآخرة، ولا يجوز
أن يكون ظرفا لا للحياة ولا للدنيا لأنهما لا يقعان في الآخرة، وإنما هو حال،
والتقدير: وما الحياة القريبة كائنة في جنب الآخرة.
قوله تعالى (بذكر الله) يجوز أن يكون مفعولا به: أي الطمأنينة تحصل لهم
بذكر الله، ويجوز أن يكون حالا من القلوب: أي تطمئن وفيها ذكر الله.
قوله تعالى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) مبتدأ، و (طوبى لهم)
مبتدأ ثان وخبر في موضع الخبر الأول، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف: أي
هم الذين آمنوا فيكون طوبى لهم حالا مقدرة، والعامل فيها آمنوا وعملوا، ويجوز أن
يكون الذين بدلا من أناب، أو بإضمار أعنى، ويجوز أن يكون طوبى في موضع
نصب على تقدير جعل وواوها مبدلة من ياء لأنها من الطيب أبدلت واوا للضمة قبلها
(وحسن مآب) الجمهور على ضم النون والإضافة، وهو معطوف على طوبى إذا
جعلتها مبتدأ، وقرئ بفتح النون والإضافة، وهو عطف على طوبى في وجه نصبها،
ويقرأ شاذا بفتح النون ورفع مآب، وحسن على هذا فعل نقلت ضمة سينه إلى الحاء
وهذا جائز في فعل إذا كان للمدح أو الذم.
قوله تعالى (كذلك) التقدير: الامر كما أخبرناك.
قوله تعالى (ولو أن قرآنا) جواب لو محذوف: أي لكان هذا القرآن. وقال
الفراء: جوابه مقدم عليه: أي وهم يكفرون بالرحمن، ولو أن قرآنا على المبالغة
(أو كلم به الموتى) الوجه في حذف التاء من هذا الفعل مع إثباتها في الفعلين قبله
أن الموتى يشتمل على المذكر الحقيقي والتغليب له فكان حذف التاء أحسن، والجبال
والأرض ليسا كذلك (أن لو يشاء) في موضع نصب بييأس، لأن معناه أفلم يتبين
ويعلم (أو تحل قريبا) فاعل تحل ضمير القارعة، وقيل هو للخطاب: أي أو تحل
أنت يا محمد قريبا منهم بالعقوبة، فيكون موضع الجملة نصبا عطفا على تصيب.
قوله تعالى (وجعلوا لله) هو معطوف على كسبت: أي ويجعلهم شركاء،
ويحتمل أن يكون مستأنفا (وصدوا) يقرأ بفتح الصاد: أي وصدوا غيرهم وبضمها
64

أي وصدهم الشيطان أو شركاؤهم وبكسرها، وأصلها صددوا بضم الأول فنقلت
كسرة الدال إلى الصاد.
قوله تعالى (مثل الجنة) مبتدأ والخبر محذوف: أي وفيما يتلى عليكم مثل الجنة
فعلى هذا (تجرى) حال من العائد المحذوف في وعد: أي وعدها مقدرا جريان
أنهارها. وقال الفراء: الخبر " تجرى " وهذا عند البصريين خطأ لأن المثل لا تجرى من
تحته الأنهار، وإنما هو من صفة المضاف إليه. وشبهته أن المثل هنا بمعنى الصفة،
فهو كقولك: صفة زيد أنه طويل، ويجوز أن يكون " تجرى " مستأنفا (أكلها دائم)
هو مثل تجرى في الوجهين.
قوله تعالى (ننقصها) حال من ضمير الفاعل أو من الأرض.
قوله تعالى (وسيعلم الكفار) يقرأ على الإفراد وهو جنس، وعلى الجمع
على الأصل.
قوله تعالى (ومن عنده) يقرأ بفتح الميم وهو بمعنى الذي، وفى موضعه
وجهان: أحدهما رفع على موضع اسم الله: أي كفى الله وكفى من عنده. والثاني في موضع
جر عطفا على لفظ اسم الله تعالى، فعلى هذا (علم الكتاب) مرفوع بالظرف لأنه
اعتمد بكونه صلة، ويجوز أن يكون خبرا، والمبتدأ علم الكتاب، ويقرأ " ومن عنده "
بكسر الميم على أنه حرف، وعلم الكتاب على هذا مبتدأ أو فاعل الظرف، ويقرأ علم
الكتاب على أنه فعل لم يسم فاعله، وهو العامل في " من ".
سورة إبراهيم عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (كتاب) خبر مبتدإ محذوف: أي هذا كتاب، و (أنزلناه) صفة
للكتاب وليس بحال، لأن كتابا نكرة (بإذن ربهم) في موضع نصب إن شئت
على أنه مفعول به: أي بسبب الإذن، وإن شئت في موضع الحال من الناس: أي
مأذونا لهم أو من ضمير الفاعل: أي مأذونا لك (إلى صراط) هذا بدل من قوله إلى
النور بإعادة حرف الجر.
قوله تعالى (الله الذي) يقرأ بالجر على البدل، وبالرفع على ثلاثة أوجه: أحدها
على الابتداء، وما بعده الخبر. والثاني على الخبر والمبتدأ محذوف: أي هو الله،
65

والذي صفة. والثالث هو مبتدأ. والذي صفته، والخبر محذوف تقديره: الله الذي
له ما في السماوات وما في الأرض العزيز الحميد، وحذف لتقدم ذكره (وويل)
مبتدأ، و (للكافرين) خبره (من عذاب شديد) في موضع صفة لويل
بعد الخبر وهو جائز، ولا يجوز أن يتعلق بويل من أجل الفصل بينهما بالخبر.
قوله تعالى (الذين يستحبون) في موضع جر صفة للكافرين، أو في موضع
نصب بإضمار أعنى، أو في موضع رفع بإضمارهم (ويبغونها عوجا) قد ذكر
في آل عمران.
قوله تعالى (إلا بلسان قومه) في موضع نصب على الحال: أي إلا متكلما
بلغتهم، وقرئ في الشاذ " بلسن قومه " بكسر اللام وإسكان السين وهي بمعنى اللسان
(فيضل) بالرفع، ولم ينتصب على العطف على ليبين لأن العطف يجعل معنى
المعطوف كمعنى المعطوف عليه، والرسل أرسلوا للبيان لا للضلال. وقال الزجاج:
لو قرئ بالنصب على أن تكون اللام لام العاقبة جاز.
قوله تعالى (أن أخرج قومك) أن بمعنى أي فلا موضع له، ويجوز أن تكون
مصدرية فيكون التقدير: بأن أخرج، وقد ذكر في غير موضع.
قوله تعالى (نعمة الله عليكم إذ أنجاكم) قد ذكر في قوله " إذ كنتم
أعداء " في آل عمران (ويذبحون) حال أخرى معطوفة على يسومون.
قوله تعالى (وإذ تأذن) معطوف على إذ أنجاكم.
قوله تعالى (قوم نوح) بدل من الذين (والذين من بعدهم) معطوف
عليه، فعلى هذا يكون قوله تعالى (لا يعلمهم) حالا من الضمير في " من بعدهم "،
ويجوز أن يكون مستأنفا، وكذلك (جاءتهم) ويجوز أن يكون والذين من
بعدهم مبتدأ، ولا يعلمهم خبره، أو حال من الاستقرار، وجاءتهم الخبر (في
أفواههم) في علي بابها ظرف لردوا، وهو على المجاز لأنهم إذا سكتوهم فكأنهم
وضعوا أيديهم في أفواههم فمنعوهم بها من النطق: وقيل هي بمعنى إلى: وقيل
بمعنى الباء.
قوله تعالى (أفي الله شك) فاعل الظرف لأنه اعتمد على الهمزة (فاطر
السماوات) صفة أو بدل (ليغفر لكم من ذنوبكم) المفعول محذوف، ومن
صفة له: أي شيئا من ذنوبكم، وعند الأخفش " من " زائدة. وقال بعضهم: من
66

للبدل: أي ليغفر لكم بدلا من عقوبة ذنوبكم كقوله: " أرضيتم بالحياة الدنيا من
الآخرة " (تريدون) صفة أخرى لبشر.
قوله تعالى (وما كان لنا أن نأتيكم) اسم كان، ولنا الخبر، و (إلا بإذن
الله) في موضع الحال، وقد ذكر في أول السورة، ويجوز أن يكون الخبر بإذن الله،
ولنا تبيين.
قوله تعالى (ألا نتوكل) أي في أن لا نتوكل، ويجوز أن يكون حالا: أي
غير متوكلين، وقد ذكر في غير موضع.
قوله تعالى (واستفتحوا) ويقرأ على لفظ الأمر شاذا.
قوله تعالى (يتجرعه) يجوز أن يكون صفة لماء، وأن يكون حالا من الضمير
في يسقى، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (مثل الذين كفروا) مبتدأ، والخبر محذوف: أي فيما يتلى عليكم
مثل الذين، و (أعمالهم كرماد) جملة مستأنفة مفسرة للمثل، وقيل الجملة خبر
مثل على المعنى، وقيل مثل مبتدأ أو أعمالهم خبره: أي مثلهم مثل أعمالهم، وكرماد
على هذا خبر مبتدإ محذوف، أي هي كرماد، وقيل أعمالهم بدل من مثل وكرماد
الخبر، ولو كان في غير القرآن لجاز إبدال أعمالهم من الذين، وهو بدل الاشتمال
(في يوم عاصف) أي عاصف الريح، أو عاصف ريحه، ثم حذف الريح وجعلت
الصفة لليوم مجازا: وقيل التقدير: في يوم ذي عصوف، فهو على النسب كقولهم: نابل
ورامح، وقرئ " يوم عاصف " بالإضافة أي يوم ريح عاصف (لا يقدرون)
مستأنف.
قوله تعالى (ألم تر أن الله) يقرأ شاذا بسكون الراء في الوصل على أنه أجراه
مجرى الوقف (خلق السماوات) يقرأ على لفظ الماضي، وخالق على فاعل وهو
للماضي فيتعرف بالإضافة.
قوله تعالى (تبعا) إن شئت جعلته جمع تابع مثل: خادم وخدم، وغايب وغيب،
وإن شئت جعلته مصدر تبع، فيكون المصدر في موضع اسم الفاعل، أو يكون
التقدير: ذوي تبع (من عذاب الله) في موضع نصب على الحال لأنه في الأصل
صفة لشئ تقديره: من شئ من عذاب الله، ومن زائدة: أي شيئا كائنا من عذاب
الله، ويكون الفعل محمولا على المعنى تقديره: هل تمنعون عنا شيئا، ويجوز أن يكون
67

شئ واقعا موقع المصدر: أي عناء فيكون من عذاب الله متعلقا بمغنون (سواء
علينا أجزعنا) قد ذكر في أول البقرة.
قوله تعالى (إلا أن دعوتكم) استثناء منقطع، لأن دعاءه لم يكن سلطانا:
أي حجة (بمصرخي) الجمهور على فتح الياء وهو جمع مصرخ. فالياء الأولى ياء
الجمع، والثانية ضمير المتكلم، وفتحت لئلا يجتمع الكسرة والياءان بعد كسرتين،
ويقرأ بكسرها، وهو ضعيف لما ذكرنا من الثقل، وفيها وجهان: أحدهما أنه كسر
على الأصل. والثاني أنه أراد مصرخي وهي لغية، يقول أربابها فتى ورميتيه، فتتبع
الكسرة الياء إشباعا، إلا أنه في الآية حذف الياء الأخيرة اكتفاء بالكسرة قبلها
(بما أشركتمون) في " ما " وجهان. أحدهما هي بمعنى الذي، فتقديره على
هذا: بالذي أشركتموني به. أي بالصنم الذي أطعتموني كما أطعتموه، فحذف العائد
والثاني هي مصدرية: أي بإشراككم إياي مع الله عز وجل، و (من قبل) يتعلق
بأشركتموني: أي كفرت الآن بما أشركتموني من قبل، وقيل هي متعلقة بكفرت:
أي كفرت من قبل إشراككم فلا أنفعكم شيئا.
قوله تعالى (وأدخل) يقرأ على لفظ الماضي، وهو معطوف على برزوا،
أو على فقال الضعفاء، ويقرأ شاذا بضم اللام على أنه مضارع، والفاعل الله (بإذن
ربهم) يجوز أن يكون من تمام أدخل، ويكون من تمام خالدين (تحيتهم)
يجوز أن يكون المصدر مضافا إلى الفاعل أي يحيى بعضهم بعضا بهذه الكلمة، وأن
يكون مضافا إلى المفعول، أي يحييهم الله أو الملائكة.
قوله تعالى (كلمة) بدل من مثل (كشجرة) نعت لها، ويقرأ شاذا " كلمة "
بالرفع، وكشجرة خبره، و (تؤتى أكلها) نعت للشجرة، ويجوز أن يكون حالا
من معنى الجملة الثانية: أي ترتفع مؤتية أكلها.
قوله تعالى (مالها من قرار) الجملة صفة لشجرة، ويجوز أن تكون حالا
من الضمير في اجتثت.
قوله تعالى (في الحياة الدنيا) يتعلق بيثبت، ويجوز أن يتعلق بالثابت.
قوله تعالى (كفرا) مفعول ثان لبدل، و (جهنم) بدل من دار البوار،
ويجوز أن ينتصب بفعل محذوف: أي يصلون جهنم أو يدخلون جهنم، و (يصلونها)
تفسير له فعلى هذا ليس ليصلونها موضع، وعلى الأول يجوز أن يكون موضعه حالا
من جهنم أو من الدار أو من قومهم.
قوله تعالى (يقيموا الصلاة) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو جواب قل، وفى
68

الكلام حذف تقديره: قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا: أي إن تقل لهم يقيموا قاله
الأخفش، ورده قوم قالوا: لأن قول الرسول لهم لا يوجب أن يقيموا، وهذا عندي
لا يبطل قوله، لأنه لم يرد بالعباد الكفار بل المؤمنين، وإذا قال الرسول لهم أقيموا
الصلاة أقاموها، ويدل على ذلك قوله " لعبادي الذين آمنوا " والقول الثاني حكى عن
المبرد، وهو أن التقدير قل لهم أقيموا يقيموا فيقيموا المصرح جواب أقيموا المحذوف،
حكاه جماعة ولم يتعرضوا بإفساده، وهو فاسد لوجهين: أحدهما أن جواب الشرط
يخالف الشرط، إما في الفعل أو في الفاعل أو فيهما، فأما إذا كان مثله في الفعل والفاعل
فهو خطأ كقولك: قم تقم، والتقدير على ما ذكر في هذا الوجه: إن يقيموا يقيموا،
والوجه الثاني أن الأمر المقدر للمواجهة، ويقيموا على لفظ الغيبة وهو خطأ إذا كان
الفاعل واحدا. والقول الثالث أنه مجزوم بلام محذوفة، تقديره: ليقيموا، فهو أمر
مستأنف، وجاز حذف اللام لدلالة قل على الأمر (وينفقوا) مثل يقيموا (سرا
وعلانية) مصدران في موضع الحال.
قوله تعالى (دائبين) حال من الشمس والقمر.
قوله تعالى (من كل ما سألتموه) يقرأ بإضافة " كل " إلى " ما " فمن على
قول الأخفش زائدة، وعلى قول سيبويه المفعول محذوف تقديره: من كل ما سألتموه
ما سألتموه، و " ما " يجوز أن تكون بمعنى الذي، ونكرة موصوفة ومصدرية، ويكون
المصدر بمعنى المفعول، ويقرأ بتنوين " كل " فما سألتموه على هذا مفعول آتاكم.
قوله تعالى (آمنا) مفعول ثان، والبلد وصف المفعول الأول (واجنبني)
يقال جنبته وأجنبته وجنبته وقد قرئ بقطع الهمزة وكسر النون (أن نعبد) أي
عن أن نعبد، وقد ذكر الخلاف في موضعه من الإعراب مرارا.
قوله تعالى (ومن عصاني) شرط في موضع رفع وجواب الشرط (فإنك
غفور رحيم) والعائد محذوف: أي له، وقد ذكر مثله في يوسف.
قوله تعالى (من ذريتي) المفعول محذوف: أي ذرية من ذريتي، ويخرج على
قول الأخفش أن تكون من زائدة (عند بيتك) يجوز أن يكون صفة لواد،
وأن يكون بدلا منه (ليقيموا) اللام متعلقة بأسكنت و (تهوى) مفعول ثان لاجعل،
ويقرأ بكسر الواو، وماضيه هوى ومصدره الهوى، ويقرأ بفتح الواو وبالألف
بعدها وماضيه هوى يهوى هوى، والمعنيان متقاربان إلا أن هوى يتعدى بنفسه وهوى
يتعدى بإلى إلا أن القراءة الثانية عديت بإلى حملا على تميل.
69

قوله تعالى (على الكبر) حال من الياء في " وهب لي ".
قوله تعالى (ومن ذريتي) هو معطوف على المفعول في اجعلني، والتقدير:
ومن ذريتي مقيم الصلاة.
قوله تعالى (وإنما يؤخرهم) يقرأ بالنون على التعظيم، وبالياء لتقدم اسم الله
تعالى (ليوم) أي لأجل جزاء يوم، وقيل هي بمعنى إلى.
قوله تعالى (مهطعين) هو حال من الأبصار، وإنما جاز ذلك لأن التقدير
تشخص فيه أصحاب الأبصار لأنه يقال: شخص زيد بصره، أو تكون الأبصار دلت
على أربابها، فجعلت الحال من المدلول عليه، ويجوز أن يكون مفعولا لفعل محذوف
تقديره: تراهم مهطعين (مقنعي رؤوسهم) الإضافة غير محضة لأنه مستقبل أو
حال (لا يرتد) حال من الضمير في مقنعي، أو بدل من مقنعي، و (طرفهم)
مصدر في الأصل بمعنى الفاعل لأنه يقال: ما طرفت عينه، ولم يبق عين تطرف،
وقد جاء مجموعا (وأفئدتهم هواء) جملة في موضع الحال أيضا، فيجوز أن يكون
العامل في الحال يرتد أو ما قبله من العوامل الصالحة للعمل فيها.
فإن قيل: كيف أفرد هواء وهو خبر لجمع؟ قيل لما كان معنى هواء هاهنا قارعة
منحرفة أفرد، كما يجوز إفراد قارعة لأن تاء التأنيث فيها تدل على تأنيث الجمع الذي
في أفئدتهم، ومثله أحوال صعبة، وأفعال فاسدة ونحو ذلك (يوم يأتيهم) هو
مفعول ثان لأنذر، والتقدير: وأنذرهم عذاب يوم، ولا يجوز أن يكون ظرفا لأن
الإنذار لا يكون في ذلك اليوم.
قوله تعالى (وتبين لكم) فاعله مضمر دل عليه الكلام: أي تبين لكم حالهم
و (كيف) في موضع نصب ب‍ (فعلنا) ولا يجوز أن يكون فاعل تبين لأمرين:
أحدهما أن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. والثاني أن كيف لا تكون إلا خبرا أو ظرفا
أو حالا على اختلافهم في ذلك.
قوله تعالى (وعند الله مكرهم) أي علم مكرهم أو جزاء مكرهم، فحذف
المضاف (لتزول منه) يقرأ بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، وهي لام كي،
فعلى هذا في " إن " وجهان: أحدهما هي بمعنى ما: أي ما كان مكرهم لإزالة الجبال
وهو تمثيل أمر النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني أنها مخففة من الثقيلة، والمعنى: أنهم
مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال في الثبوت، ومثل هذا المكر باطل، ويقرأ بفتح اللام
70

الأولى وضم الثانية، وإن على هذا مخففة من الثقيلة واللام للتوكيد، وقرئ شاذا بفتح
اللامين، وذلك على لغة من فتح لام كي، وكان هنا يحتمل أن تكون التامة ويحتمل
أن تكون الناقصة.
قوله تعالى (مخلف وعده رسله) الرسل مفعول أول، والوعد مفعول ثان
وإضافة مخلف إلى الوعد اتساع، والأصل مخلف رسله وعده، ولكن ساغ ذلك
لما كان كل واحد منهما مفعولا، وهو قريب من قولهم:
* يا سارق الليلة أهل الدار *
قوله تعالى (يوم تبدل) يوم هنا ظرف لانتقام أو مفعول فعل محذوف: أي
اذكر يوم، ولا يجوز أن يكون ظرفا لمخلف ولا لوعده، لأن ما قبل إن لا يعمل فيما
بعدها، ولكن يجوز أن يلخص من معنى الكلام ما يعمل في الظرف: أي لا يخلف
وعده يوم تبدل (والسماوات) تقديره غير السماوات، فحذف لدلالة ما قبله عليه
(وبرزوا) يجوز أن يكون مستأنفا: أي ويبرزون، ويجوز أن يكون حالا من
الأرض، وقد معه مرادة.
قوله تعالى (سرابيلهم من قطران) الجملة حال من المجرمين أو من الضمير
في مقرنين، والجمهور على جعل القطران كلمة واحدة، ويقرأ " قطرآن " كلمتين،
والقطر النحاس، والآنى المتناهى الحرارة (وتغشى) حال أيضا.
قوله تعالى (ليجزى) أي فعلنا ذلك للجزاء، ويجوز أن يتعلق ببرزوا.
قوله تعالى (ولينذروا به) المعنى القرآن بلاغ للناس والإنذار، فتتعلق اللام
بالبلاغ أو بمحذوف إذا جعلت للناس صفة، ويجوز أن يتعلق بمحذوف تقديره:
ولينذروا به أنزل أو تلى، والله أعلم.
سورة الحجر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الر تلك آيات الكتاب) قد ذكر في أول الرعد.
قوله تعالى (ربما) يقرأ بالتشديد والتخفيف وهما لغتان، وفى " رب " ثمان
لغات: منها المذكورتان، والثالثة والرابعة كذلك، إلا أن الراء مفتوحة، والأربع
الأخر مع تاء التأنيث " ربت " ففيها التشديد والتخفيف وضم الراء وفتحها. وفى " ما "
71

وجهان: أحدهما هي كافة لرب حتى يقع الفعل بعدها، وهي حرف جر. والثاني
هي نكرة موصوفة: أي رب شئ يوده الذين، ورب حرف جر لا يعمل فيه إلا
ما بعده، والعامل هنا محذوف تقديره: رب كافر يود الإسلام يوم القيامة أنذرت
أو نحو ذلك، وأصل رب أن يقع للتقليل، وهي هنا للتكثير والتحقيق، وقد جاءت
على هذا المعنى في الشعر كثيرا، وأكثر ما يأتي بعدها الفعل الماضي، ولكن المستقبل
هنا لكونه صدقا قطعا بمنزلة الماضي.
قوله تعالى (إلا ولها كتاب) الجملة نعت لقرية، كقولك: ما لقيت رجلا إلا
عالما، وقد ذكرنا حال الواو في مثل هذا في البقرة في قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا
شيئا وهو خير لكم ".
قوله تعالى (لو ما تأتينا) هي بمعنى لولا وهلا وألا، وكلها للتحضيض.
قوله تعالى (ما ننزل الملائكة) فيها قراءات كثيرة كلها ظاهرة (إلا بالحق)
في موضع الحال فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يتعلق بننزل وتكون بمعنى الاستعانة.
قوله تعالى (نحن نزلنا) نحن هنا ليست فصلا، لأنها لم تقع بين اسمين بل هو
إما مبتدأ أو تأكيد لاسم إن.
قوله تعالى (إلا كانوا به يستهزئون) الجملة حال من ضمير المفعول
في يأتيهم، وهي حال مقدرة، ويجوز أن تكون صفة لرسول على اللفظ أو الموضع.
قوله تعالى (كذلك) أي الأمر كذلك، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف
أي سلوكا مثل استهزائهم، والهاء في (نسلكه) تعود على الاستهزاء، والهاء
في (به) للرسول أو للقرآن، وقيل للاستهزاء أيضا، والمعنى: لا يؤمنون بسبب
الاستهزاء فحذف المضاف، ويجوز أن يكون حالا: أي لا يؤمنون مستهزئين.
قوله تعالى (فظلوا) الضمير للملائكة، وقيل للمشركين، فأما الضمير في
(قالوا) فللمشركين البتة (سكرت) يقرأ بالتشديد والضم وهو منقول بالتضعيف
يقال: سكر بصره وسكرته، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان: أحدهما أنه متعد مخففا
ومثقلا. والثاني أنه مثل سعد، وقد ذكر في هود، ويقرأ بفتح السين وكسر الكاف
أي سدت وغطيت كما يغطى السكر على العقل، وقيل هو مطاوع أسكرت الشئ
فسكر: أي انسد.
قوله تعالى (إلا من استرق السمع) في موضعه ثلاثة أوجه: نصب على
72

الاستثناء المنقطع. والثاني جر على البدل: أي إلا ممن استرق. والثالث رفع على
الابتداء، و (فأتبعه) الخبر، وجاز دخول الفاء فيه من أجل أن من بمعنى الذي
أو شرط.
قوله تعالى (والأرض) منصوب بفعل محذوف: أي ومددنا الأرض، وهو
أحسن من الرفع لأنه معطوف على البروج، وقد عمل فيها الفعل (وأنبتنا فيها من
كل شئ) أي وأنبتنا فيها ضروبا، وعند الأخفش من زائدة.
قوله تعالى (ومن لستم) في موضعها وجهان: أحدهما ما نصب لجعلنا، والمراد
بمن العبيد والإماء والبهائم فإنها مخلوقة لمنافعنا. وقال الزجاج: هو منصوب بفعل
محذوف تقديره: وأعشنا من لستم له، لأن المعنى: أعشناكم وأعشنا من لستم. والثاني
موضعه جر: أي لكم ولمن لستم، وهذا يجوز عند الكوفيين.
قوله تعالى (إلا عندنا خزائنه) الجملة، موضع رفع على الخبر " ومن شئ "
مبتدأ، ولا يجوز أن يكون صفة إذ لاخبر هنا، وخزائنه مرفوع بالظرف لأنه قوى
بكونه خبرا، ويجوز أن يكون مبتدأ، والظرف خبره (بقدر) في موضع الحال.
قوله تعالى (الرياح) الجمهور على الجمع، وهو ملائم لما بعده لفظا ومعنى،
ويقرأ على لفظ الواحد وهو جنس. وفى اللواقح ثلاثة أوجه: أحدها أصلها ملاقح،
لأنه يقال: ألقح الريح السحاب، كما يقال: ألقح الفحل الأنثى: أي أحبلها،
وحذفت الميم لظهور المعنى، ومثله الطوائح والأصل المطاوح، لأنه من أطاح الشئ.
والوجه الثاني أنه على النسب: أي ذوات لقاح كما يقال طالق وطامس. والثالث أنه
على حقيقته، يقال: لقحت الريح إذا حملت الماء، وألقحت الريح السحاب إذا حملتها
الماء، كما تقول ألقح الفحل الأنثى فلقحت، وانتصابه على الحال المقدر (فأسقيناكموه)
يقال سقاه وأسقاه لغتان، ومنهم من يفرق، فيقول: سقاه لشقته إذا أعطاه
ما يشربه في الحال أو صبه في حلقه، وأسقاه إذا جعل له ما يشربه زمانا، ويقال أسقاه
إذا دعا له بالسقيا.
قوله تعالى (وإنا لنحن) نحن هنا لا تكون فصلا لوجهين: أحدهما أن بعدها
فعلا. والثاني أن اللام معها.
قوله تعالى (من حمأ) في موضع جر صفة لصلصال، ويجوز أن يكون بدلا
من صلصال بإعادة الجار.
73

قوله تعالى (والجان) منصوب بفعل محذوف لتشاكل المعطوف عليه، ولو قرئ
بالرفع جاز.
قوله تعالى (فقعوا له) يجوز أن تتعلق اللام بقعوا، وب‍ (ساجدين)
و (أجمعون) توكيد ثان عند الجمهور، وزعم بعضهم أنها أفادت ما لم تفده كلهم.
وهو أنها دلت على أن الجميع سجدوا في حال واحدة. وهذا بعيد لأنك تقول: جاء
القوم كلهم أجمعون وإن سبق بعضهم بعضا، ولأنه لو كان كما زعم لكان حالا
لا توكيدا (إلا إبليس) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (إلى يوم الدين) يجوز أن يكون معمول اللعنة، وأن يكون حالا
منها، والعامل الاستقرار في عليك.
قوله تعالى (بما أغويتني) قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (إلا عبادك) استثناء من الجنس، وهل المستثنى أكثر من النصف
أو أقل؟ فيه اختلاف، والصحيح أنه أقل.
قوله تعالى (على مستقيم) قيل على بمعنى إلى، فيتعلق بمستقيم أو يكون وصفا
لصراط، وقيل هو محمول على المعنى، والمعنى استقامته على، ويقرأ " على " أي
على القدر، والمراد بالصراط الدين.
قوله تعالى (إلا من اتبعك) قيل هو استثناء من غير الجنس، لأن المراد
بعبادي الموحدون، ومتبع الشيطان غير موحد، وقيل هو من الجنس لأن عبادي
جميع المكلفين، وقيل إلا من اتبعك استثناء ليس من الجنس، لأن جميع العباد ليس
للشيطان عليهم سلطان أي حجة، ومن اتبعه لا يضلهم بالحجة بل بالتزيين.
قوله تعالى (أجمعين) هو توكيد للضمير المجرور، وقيل هو حال من الضمير
المجرور، والعامل فيه معنى الإضافة. فأما الموعد إذا جعلته نفس المكان فلا يعمل،
وإن قدرت هنا حذف مضاف صح أن يعمل الموعد، والتقدير: وإن جهنم
مكان موعدهم.
قوله تعالى (لها سبعة أبواب) يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون
مستأنفا، ولا يجوز أن يكون حالا من جهنم لأن " أن " لا تعمل في الحال (منهم)
في موضع حال من الضمير الكائن في الظرف، وهو قوله تعالى " لكل باب " ويجوز
أن يكون حالا من (جزء) هو صفة له ثانية قدمت عليه، ولا يجوز أن يكون حالا
74

من الضمير في (مقسوم) لأن الصفة لا تعمل في الموصوف ولا فيما قبله، ولا يكون
صفة لباب لأن الباب ليس من الناس.
قوله تعالى (وعيون ادخلوها) يقرأ على لفظ الأمر، ويجوز كسر التنوين
وضمه، وقطع الهمزة على هذا لا يجوز، ويقرأ بضم الهمزة وكسر الخاء على أنه ماض،
فعلى هذا لا يجوز كسر التنوين لأنه لم يلتق ساكنان، بل يجوز ضمه على إلقاء ضمة
الهمزة عليه، ويجوز قطع الهمزة (بسلام) حال: أي سالمين أو مسلما عليهم،
و (آمنين) حال أخرى بدل من الأولى.
قوله تعالى (إخوانا) هو حال من الضمير في الظرف في قوله تعالى " جنات "
ويجوز أن يكون حالا من الفاعل في ادخلوها مقدرة أو من الضمير في آمنين، وقيل
هو حال من الضمير المجرور بالإضافة، والعامل فيها معنى الإلصاق والملازمة
(متقابلين) يجوز أن يكون صفة لإخوان، فتتعلق " على " بها، ويجوز أن يكون حالا
من الضمير في الجار فيتعلق الجار بمحذوف وهو صفة لإخوان، ويجوز أن يتعلق
بنفس إخوان لأن معناه متصافين، فعلى هذا ينتصب متقابلين على الحال من الضمير
في إخوان.
قوله تعالى (لا يمسهم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في متقابلين، وأن
يكون مستأنفا، و (منها) يتعلق بمخرجين.
قوله تعالى (أنا الغفور) يجوز أن يكون توكيدا للمنصوب ومبتدأ وفصلا،
فأما قوله (هو العذاب) فجوز فيها الفصل والابتداء، ولا يجوز التوكيد لأن العذاب
مظهر والمظهر لا يؤكد بالمضمر.
قوله تعالى (إذ دخلوا) في " إذ " وجهان أحدهما هو مفعول: أي اذكر إذ
دخلوا. والثاني أن يكون ظرفا. وفى العامل وجهان: أحدهما نفس ضيف فإنه
مصدر. وفى توجيه ذلك وجهان: أحدهما أن يكون عاملا بنفسه وإن كان وصفا،
لأن كونه وصفا لا يسلبه أحكام المصادر، ألا ترى أنه لا يجمع ولا يثنى ولا يؤنث
كما لو لم يوصف به؟ ويقوى ذلك أن الوصف الذي قام المصدر مقامه يجوز أن يعمل
والوجه الثاني أن يكون في الكلام حذف مضاف تقديره: نبئهم عن ذوي ضيف
إبراهيم: أي أصحاب ضيافته، والمصدر على هذا مضاف إلى المفعول. والوجه الثاني
من وجهي الظرف أن يكون العامل محذوفا تقديره: عن خبر ضيف (فقالوا سلاما)
قد ذكر في هود.
75

قوله (على أن مسني) هو في موضع الحال: أي بشرتموني كبيرا (فبم
تبشرون) يقرأ بفتح النون وهو الوجه، والنون علامة الرفع، ويقرأ بكسرها
وبالإضافة محذوفة. وفى النون وجهان: أحدهما هي نون الوقاية، ونون الرفع محذوفة
لثقل المثلين، وكانت الأولى أحق بالحذف إذ لو بقيت لكسرت، ونون الإعراب
لا تكسر لئلا تصير تابعة، وقد جاء ذلك في الشعر. والثاني أن نون الوقاية محذوفة،
والباقية نون الرفع لأن الفعل مرفوع، فأبقيت علامته، والقراءة بالتشديد أوجه.
قوله تعالى (ومن يقنط) من مبتدأ، ويقنط خبره، واللفظ استفهام ومعناه
النفي، فلذلك جاءت بعده إلا، وفى يقنط لغتان: كسر النون وماضيه بفتحها،
وفتحها وماضيه بكسرها، وقد قرئ بهما، والكسر أجود لقوله " من القانطين "
ويجوز قانط وقنط.
قوله تعالى (إلا آل لوط) هو استثناء من غير الجنس، لأنهم لم يكونوا مجرمين
(إلا امرأته) فيه وجهان: أحدهما هو مستثنى من آل لوط والاستثناء إذا جاء
بعد الاستثناء كان الاستثناء الثاني مضافا إلى المبتدأ، كقولك له عندي عشرة إلا أربعة
إلا درهما، فإن الدرهم يستثنى من الأربعة فهو مضاف إلى العشرة، فكأنك قلت:
أحد عشر إلا أربعة أو عشرة إلا ثلاثة. والوجه الثاني أن يكون مستثنى من ضمير
المفعول في منجوهم (قدرنا) يقرأ بالتخفيف والتشديد وهما لغتان (إنها) كسرت
إن هاهنا من أجل اللام في خبرها، ولولا اللام لفتحت.
قوله تعالى (ذلك الأمر) في الأمر وجهان: أحدهما هو بدل. والثاني عطف
بيان (أن دابر) هو بدل من ذلك، أو من الأمر إذا جعلته بيانا، وقيل تقديره:
بأن فحذف حرف الجر (مقطوع) خبر أن دابر، و (مصبحين) حال من
هؤلاء، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مقطوع، وتأويله أن دابر هنا في معنى
مدبري هؤلاء، فأفرده وأفرد مقطوعا لأنه خبره، وجاء مصبحين على المعنى.
قوله تعالى (عن العالمين) أي عن ضيافة العالمين.
قوله تعالى (هؤلاء بناتي) يجوز أن يكون مبتدأ، وبناتي خبره، وفى الكلام
حذف: أي فتزوجوهن، ويجوز أن يكون بناتي بدلا أو بيانا والخبر محذوف: أي
أطهر لكم، كما جاء في الآية الأخرى، ويجوز أن يكون هؤلاء في موضع نصب
بفعل محذوف: أي قال تزوجوا هؤلاء.
قوله تعالى (أنهم لفي سكرتهم) الجمهور على كسر إن من أجل اللام.
76

وقرئ بفتحها على تقدير زيادة اللام، ومثله قراءة سعيد بن جبير رضي الله عنه
" إلا أنهم ليأكلون الطعام " بالفتح، و (يعمهون) حال من الضمير في الجار
أو من الضمير المجرور في سكرتهم، والعامل السكرة أو معنى الإضافة.
قوله تعالى (كما أنزلنا) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف تقديره:
آتيناك سبعا من المثاني إيتاء كما أنزلنا أو إنزالا كما أنزلنا لأن آتيناك بمعنى أنزلنا عليك،
وقيل التقدير: متعناهم تمتيعا كما أنزلنا، والمعنى: نعمنا بعضهم كما عذبنا بعضهم،
وقيل التقدير: إنزالا مثل ما أنزلنا، فيكون وصفا لمصدر، وقيل هو وصف لمفعول
تقديره: إني أنذركم عذابا مثل العذاب المنزل على المقتسمين، والمراد بالمقتسمين قوم
صالح الذين اقتسموا على تبييته وتبييت أهله، وقيل هم الذين قسموا القرآن إلى شعر
وإلى سحر وكهانة، وقيل تقديره: لنسألنهم أجمعين مثل ما أنزلنا، وواحد (عضين)
عضة، ولامها محذوفة والأصل عضوة، وقيل المحذوف هاء، وهو من عضه يعضه
وهو من العضيهة وهي الإفك أو الداهية.
قوله تعالى (بما تؤمر) ما مصدرية فلا محذوف إذا، ويجوز أن تكون بمعنى
الذي، والعائد محذوف: أي بما تؤمر به، والأصل بما تؤمر بالصدع به ثم حذف
للعلم به.
قوله تعالى (الذين يجعلون) صفة للمستهزئين، أو منصوب بإضمار فعل،
أو مرفوع على تقديرهم.
سورة النحل
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أتى) هو ماض على بابه، وهو بمعنى قرب، وقيل يراد به المستقبل،
ولما كان خبر الله صدقا قطعا جاز أن يعبر بالماضي عن المستقبل، والهاء في (تستعجلوه)
تعود على الأمر، وقيل على الله.
قوله تعالى (ينزل الملائكة) فيه قراءات، ووجوهها ظاهرة، و (بالروح)
في موضع نصب على الحال من الملائكة: أي ومعها الروح وهو الوحي و (من أمره)
حال من الروح (أن أنذروا) أن بمعنى أي، لأن الوحي يدل على القول فيفسر بأن
فلا موضع لها، ويجوز أن تكون مصدرية في موضع جر بدلا من الروح، أو بتقدير
حرف الجر على قول الخليل، أو في موضع نصب على قول سيبويه (أنه لا إله إلا أنا)
77

الجملة في موضع نصب مفعول أنذروا: أي أعلموهم بالتوحيد، ثم رجع من الغيبة
إلى الخطاب فقال (فاتقون).
قوله تعالى (فإذا هو خصيم) إن قيل الفاء تدل على التعقيب وكونه خصيما
لا يكون عقيب خلقه من نطفة فجوابه من وجهين: أحدهما أنه أشار إلى ما يؤول حاله
إليه فأجرى المنتظر مجرى الواقع، وهو من باب التعبير بآخر الأمر عن أوله كقوله
" أراني أعصر خمرا " وقوله تعالى " ينزل لكم من السماء رزقا " أي سبب الرزق وهو
المطر. والثاني أنه إشارة إلى سرعة نسيانهم مبدأ خلقهم.
قوله تعالى (والأنعام) هو منصوب بفعل محذوف، وقد حكى في الشاذ رفعها،
و (ولكم) فيها وجهان: أحدهما هي متعلقة بخلق، فيكون (فيها دف ء) جملة
في موضع الحال من الضمير المنصوب. والثاني يتعلق بمحذوف، فدفء مبتدأ والخبر
لكم، وفى " فيها " وجهان: أحدهما هو ظرف للاستقرار في لكم. والثاني هو حال
من دف ء، ويجوز أن يكون حالا من دف ء وفيها الخبر، ويجوز أن يرتفع دف ء
بلكم أو بفيها والجملة كلها حال من الضمير المنصوب، ويقرأ " دف " بضم الفاء
من غير همز، ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الفاء وحذفها (ولكم فيها جمال)
مثل ولكم فيها دف ء، و (حين) ظرف لجمال أو صفة له أو معمول فيها.
قوله تعالى (بالغيه) الهاء في موضع جر بالإضافة عند الجمهور، وأجاز الأخفش
أن تكون منصوبة، واستدل بقوله تعالى " إنا منجوك وأهلك " ويستوفى في موضعه
إن شاء الله تعالى (إلا بشق) في موضع الحال من الضمير المرفوع في " بالغيه "
أي مشقوقا عليكم، والجمهور على كسر الشين، وقرئ بفتحها وهي لغة.
قوله تعالى (والخيل) هو معطوف على الانعام: أي وخلق الخيل (وزينة)
أي لتركبوها ولتتزينوا بها زينة، فهو مصدر لفعل محذوف، ويجوز أن يكون
مفعولا من أجله: أي وللزينة، وقيل التقدير: وجعلها زينة، ويقرأ بغير واو،
وفيه الوجوه المذكورة، وفيها وجهان آخران: أحدهما أن يكون مصدرا في موضع
الحال من الضمير في تركبوا. والثاني أن تكون حالا من الهاء: أي لتركبوها
تزينا بها.
قوله تعالى (ومنها جائر) الضمير يرجع على السبيل، وهي تذكر وتؤنث
وقيل السبيل بمعنى السبل فأنث على المعنى. وقصد مصدر بمعنى إقامة السبيل أو تعديل
السبيل، وليس مصدر قصدته بمعنى أتيته.
78

قوله تعالى (منه شراب) من هنا للتبعيض، ومن الثانية للسببية: أي وبسببه
إثبات شجر، ودل على ذلك قوله (ينبت لكم به الزرع).
قوله تعالى (والشمس والقمر) يقرءان بالنصب عطفا على ما قبلهما، ويقرآن
بالرفع على الاستئناف، و (النجوم) كذلك، و (مسخرات) على القراءة
الأولى حال وعلى الثانية خبر.
قوله تعالى (وما ذرأ لكم) في موضع نصب بفعل محذوف، أي وخلق أو
وأنبت و (مختلفا) حال منه.
قوله تعالى (منه لحما) من لابتداء الغاية، وقيل التقدير: لتأكلوا من حيوانه
لحما فيه يجوز أن يتعلق بمواخر، لأن معناه جواري، إذ كان مخر وشق وجرى قريبا
بعضه من بعض، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مواخر.
قوله تعالى (أن تميد) أي مخافة أن تميد (وأنهارا) أي وشق أنهارا (وعلامات)
أي وضع علامات، ويجوز أن تعطف على رواسي (وبالنجم) يقرأ على لفظ
الواحد وهو جنس، وقيل يراد به الجدي، وقيل الثريا، ويقرأ بضم النون والجيم
وفيه وجهان: أحدهما هو جمع نجم مثل سقف وسقف. والثاني أنه أراد النجوم
فحذف الواو كما قالوا في أسد أسود وأسد، وقالوا في خيام خيم، ويقرأ بسكون
الجيم وهو مخفف من المضموم.
قوله تعالى (أموات) إن شئت جعلته خبرا ثانيا لهم: أي وهم يخلقون ويموتون،
وإن شئت جعلت يخلقون وأموات خبرا واحدا، وإن شئت كان خبر مبتدإ محذوف
أي هم أموات (غير أحياء) صفة مؤكدة، ويجوز أن يكون قصد بها أنهم في الحال
غير أحياء ليدفع به توهم أن قوله أموات فيما بعد، إذ قد قال تعالى " إنك ميت " أي
ستموت، و (أيان) منصوب ب‍ (يبعثون) لا بيشعرون.
قوله تعالى (ماذا أنزل ربكم) " ماذا) فيها وجهان: أحدهما " ما " فيها
استفهام " وذا " بمعنى الذي، وقد ذكر في البقرة، والعائد محذوف، أي أنزله،
و (أساطير) خبر مبتدإ محذوف تقديره: ما ادعيتموه منزلا أساطير، ويقرأ أساطير
بالنصب، والتقدير: وذكرتم أساطير، أو أنزل أساطير على الاستهزاء.
قوله تعالى (ليحملوا) أي قالوا ذلك ليحملوا، وهي لام العاقبة (ومن
أوزار الذين) أي وأوزار من أوزار الذين. وقال الأخفش " من " زائدة.
79

قوله تعالى (من القواعد) أي من ناحية القواعد والتقدير: أتى أمر الله (من
فوقهم) يجوز أن يتعلق من يخر، وتكون " من " لابتداء الغاية، وأن تكون حالا
أي كائنا من فوقهم، وعلى كلا الوجهين هو توكيد.
قوله تعالى (تشاقون) يقرأ بفتح النون، والمفعول محذوف: أي تشاقون المؤمنين
أو تشاقونني، ويقرأ بكسرها مع التشديد، فأدغم نون الرفع في نون الوقاية، ويقرأ
بالكسر والتخفيف، وهو مثل " فبم تبشرون " وقد ذكر.
قوله تعالى (إن الخزي اليوم) في عامل الظرف وجهان، أحدهما الخزي،
وهو مصدر فيه الألف واللام. والثاني هو معمول الخبر وهو قوله تعالى (على
الكافرين) أي كائن على الكافرين اليوم، وفصل بينهما بالمعطوف لاتساعهم
في الظرف.
قوله تعالى (الذين تتوفاهم) فيه الجر والنصب والرفع وقد ذكر في مواضع
وتتوفاهم بمعنى توفتهم (فألقوا السلم) يجوز أن يكون معطوفا على قال الذين
أوتوا العلم، ويجوز أن يكون معطوفا على توفاهم، ويجوز أن يكون مستأنفا، والسلم
هنا بمعنى القول، كما قال في الآية الأخرى " فألقوا إليهم القول " فعلى هذا يجوز
أن يكون (ما كنا نعمل من سوء) تفسيرا للسلم الذي ألقوه، ويجوز أن يكون
مستأنفا، ويجوز أن يكون التقدير: فألقوا السلم قائلين ما كنا.
قوله تعالى (ماذا أنزل ربكم) " ما " في موضع نصب بأنزل، ودل على
ذلك نصب الجواب وهو قوله (قالوا خيرا) أي أنزل خيرا.
قوله تعالى (جنات عدن) يجوز أن تكون هي المخصوصة بالمدح مثل زيد
في نعم الرجل زيد، و (يدخلونها) حال منها، ويجوز أن يكون مستأنفا ويدخلونها
الخبر، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا: أي لهم جنات عدن، ودل على ذلك قوله
تعالى " للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة " (كذلك يجزى) الكاف في موضع
نصب نعتا لمصدر محذوف.
قوله تعالى (طيبين) حال من المفعول، و (يقولون) حال من الملائكة.
قوله تعالى (أن اعبدوا) يجوز أن تكون " أن " بمعنى أي، وأن تكون مصدرية
(من هدى) من نكرة موصوفة مبتدأ، وما قبلها الخبر.
قوله تعالى (فإن الله لا يهدى) يقرأ بفتح الياء وكسر الدال على تسمية الفاعل
ولا يهدى خبر إن، و (من يضل) مفعول يهدى. ويقرأ " لا يهدى " بضم الياء
80

على ما لم يسم فاعله. وفيه وجهان: أحدهما أن من يضل مبتدأ، ولا يهدى خبر.
والثاني أن لا يهدى من يضل بأسره خبر إن، كقولك: إن زيدا لا يضرب أبوه.
قوله تعالى (فيكون) يقرأ بالرفع: أي فهو، وبالنصب عطفا على نقول،
وجعله جواب الأمر بعيد لما ذكرناه في البقرة.
قوله تعالى (والذين هاجروا) مبتدأ، و (لنبوئنهم) الخبر، ويجوز أن
يكون في موضع نصب بفعل محذوف يفسره المذكور (حسنة) مفعول ثان
لنبوئنهم، لأن معناه لنعطينهم، ويجوز أن يكون صفة لمحذوف: أي دارا حسنة،
لأن بوأته أنزلته.
قوله تعالى (الذين صبروا) في موضع رفع على إضمارهم، أو نصب على
تقدير أعنى.
قوله تعالى (بالبينات) فيما تتعلق الباء به ثلاثة أوجه: أحدها بنوحى كما تقول:
أوحى إليه بحق، ويجوز أن تكون الباء زائدة، ويجوز أن تكون حالا من القائم مقام
الفاعل وهو إليهم. والوجه الثاني: أن تتعلق بأرسلنا: أي أرسلناهم بالبينات، وفيه
ضعف لأن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعدها إذا تم الكلام على إلا وما يليها، إلا أنه قد
جاء في الشعر كقول الشاعر:
نبئتهم عذبوا بالنار جارتهم * ولا يعذب إلا الله بالنار
والوجه الثالث أن يتعلق بمحذوف تقديره: بعثوا بالبينات، والله أعلم.
قوله تعالى (على تخوف) في موضع الحال من الفاعل أو المفعول في قوله
" أو يأخذهم ".
قوله تعالى (أو لم يروا) يقرأ بالياء والتاء، وقبله غيبة وخطاب يصححان
الأمرين (تتفيؤ) يقرأ بالتاء على تأنيث الجمع الذي في الفاعل، وبالياء لأن التأنيث
غير حقيقي (عن اليمين) وضع الواحد موضع الجمع، وقيل أول ما يبدو الظل
عن اليمين ثم ينتقل وينتشر عن الشمال، فانتشاره يقتضى الجمع، و " عن " حرف
جر موضعها نصب على الحال، ويجوز أن تكون للمجاوزة: أي تتجاوز الظلال
اليمين إلى الشمال. وقيل هي اسم: أي جانب اليمين (والشمائل) جمع شمال (سجدا)
81

حال من الظلال (وهم داخرون) حال من الضمير في سجدا، ويجوز أن يكون
حالا ثانية معطوفة.
قوله تعالى (ما في السماوات) إنما ذكر " ما " دون " من " لأنها أعم والسجود
يشتمل على الجميع.
قوله تعالى (من فوقهم) هو حال من ربهم، ويجوز أن يتعلق بيخافون.
قوله تعالى (اثنين) هو توكيد، وقيل مفعول ثان وهو بعيد.
قوله تعالى (واصبا) حال من الدين.
قوله تعالى (وما بكم) " ما " بمعنى الذي، والجار صلته، و (من نعمة)
حال من الضمير في الجار (فمن الله) الخبر، وقيل " ما " شرطية وفعل الشرط
محذوف: أي ما يكن، والفاء جواب الشرط.
قوله تعالى (إذا فريق) هو فاعل لفعل محذوف.
قوله تعالى (فتمتعوا) الجمهور على أنه أمر، ويقرأ بالياء وهو معطوف على
يكفروا ثم رجع إلى الخطاب فقال (فسوف تعلمون) وقرئ بالياء أيضا.
قوله تعالى (ولهم ما يشتهون) " ما " مبتدأ، ولهم خبره أو فاعل الظرف
وقيل " ما " في موضع نصب عطفا على نصيبا: أي ويجعلون ما يشتهون لهم، وضعف
قوم هذا الوجه وقالوا: لو كان كذلك لقال ولأنفسهم، وفيه نظر.
قوله تعالى (ظل وجهه مسودا) خبره، ولو كان قد قرئ " مسود " لكان
مستقيما، على أن يكون اسم ظل مضمرا فيها، والجملة خبرها (وهو كظيم) حال
من صاحب الوجه، ويجوز أن يكون من الوجه لأنه منه.
قوله تعالى (يتوارى) حال من الضمير في كظيم (أيمسكه) في موضع الحال
تقديره: يتوارى مترددا هل يمسكه أم لا؟ (على هون) حال.
قوله تعالى (وتصف ألسنتهم الكذب) يقرأ بالنصب على أنه مفعول
تصف أو هو بدل مما يكرهون، فعلى هذا في قوله (أن لهم الحسنى) وجهان:
أحدهما هو بدل من الكذب. والثاني تقديره: بأن لهم، ولما حذفت الباء صار في
موضع نصب عند الخليل، وعند سيبويه هو في موضع جر. ويقرأ الكذب بضم الكاف
والذال والباء على أنه صفة للألسنة، وهو جمع واحده كذوب مثل صبور وصبر،
وعلى هذا يجوز أن يكون واحد الألسنة مذكرا أو مؤنثا، وقد سمع في اللسان الوجهان
82

وعلى هذه القراءة " أن لهم الحسنى " مفعول تصف. (لاجرم) قد ذكر في هود مستوفى
(مفرطون) يقرأ بفتح الراء والتخفيف، وهو من أفرط إذا حمله على التفريط
غيره، وبالكسر على نسبة الفعل إليه، وبالكسر والتشديد وهو ظاهر.
قوله تعالى (وهدى ورحمة) معطوفان على لتبين: أي للتبيين والهداية والرحمة.
قوله تعالى (بطونه) فيما تعود الهاء عليه ستة أوجه: أحدها أن الأنعام تذكر
وتؤنث، فذكر الضمير على إحدى اللغتين. والثاني أن الأنعام جنس، فعاد الضمير
إليه على المعنى. والثالث أن واحد الأنعام نعم، والضمير عائد على واحده كما قال
الشاعر: * مثل الفراخ نتفت حواصله * والرابع أنه غائب على
المذكور فتقديره: مما في بطون المذكور، كما قال الحطيئة:
لزغب كأولاد القطا راث خلفها * على عاجزات النهض حمر حواصله
والخامس أنه يعود على البعض الذي له لبن منها. والسادس أنه يعود على الفحل
لأن اللبن يكون من طرق الفحل الناقة، فأصل اللبن ماء الفحل، وهذا ضعيف لأن
اللبن وإن نسب إلى الفحل فقد جمع البطون، وليس فحل الأنعام واحدا، ولا للواحد
بطون، فإن قال أراد الجنس فقد ذكر (من بين) في موضع نصب على الظرف،
ويجوز أن يكون حالا من " ما " أو من اللبن (سائغا) الجمهور على قراءته على فاعل
ويقرأ " سيغا " بياء مشددة وهو مثل سيد وميت وأصله من الواو.
قوله تعالى (ومن ثمرات) الجار يتعلق بمحذوف تقديره: وخلق لكم، أو
وجعل (تتخذون) مستأنف، وقيل هو صفة لمحذوف تقديره: شيئا تتخذون
بالنصب: أي وإن من الثمرات شيئا، وإن شئت شئ بالرفع بالابتداء، ومن ثمرات
خبره، وقيل التقدير: وتتخذون من ثمرات النخيل سكرا، وأعاد من لما قدم وأخر،
وذكر الضمير لأنه عاد على شئ المحذوف، أو على معنى الثمرات: وهو الثمر أو على
النخل: أي من ثمر النخل، أو على الجنس، أو على البعض، أو على المذكور كما
تقدم في هاء بطونه.
قوله تعالى (أن اتخذي) أي اتخذي أو تكون مصدرية.
قوله تعالى (ذللا) هو حال من السبل، أو من الضمير في اسلكى، والواحد
ذلول، ثم عاد من الخطاب إلى الغيبة فقال (يخرج من بطونها - فيه شفاء)
يعود على الشراب، وقيل على القرآن.
83

قوله تعالى (لكيلا يعلم بعد علم شيئا) شيئا منصوب بالمصدر على
قول البصريين، وبيعلم على قول الكوفيين.
قوله تعالى (فهم فيه سواء) الجملة من المبتدأ والخبر هنا واقعة موقع الفعل
والفاعل، والتقدير: فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فيستووا،
وهذا الفعل منصوب على جواب النفي، ويجوز أن يكون مرفوعا عطفا على موضع
برادى: أي فما الذين فضلوا يردون فما يستوون.
قوله تعالى (رزقا من السماوات) الرزق بكسر الراء اسم المرزوق، وقيل هو
اسم للمصدر، والمصدر بفتح الراء (شيئا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو منصوب
برزق لأن اسم المصدر يعمل عمله: أي لا يملكون أن يرزقوا شيئا. والثاني هو بدل
من رزق. والثالث هو منصوب نصب المصدر: أي لا يملكون رزقا ملكا، وقد
ذكرنا نظائره كقوله " لا يضركم كيدهم شيئا ".
قوله تعالى (عبدا) هو بدل من مثل، وقيل التقدير: مثلا مثل عبد، و (من)
في موضع نصب نكرة موصوفة (سرا وجهرا) مصدران في موضع الحال.
قوله تعالى (أينما يوجهه) يقرأ بكسر الجيم: أي يوجهه مولاه، ويقرأ
بفتح الجيم وسكون الهاء على ما لم يسم فاعله، ويقرأ بالتاء وفتح الجيم والهاء على
لفظ الماضي.
قوله تعالى (أو هو أقرب) هو ضمير للامر، وأو قد ذكر حكمها في " أو كصيب
من السماء ".
قوله تعالى (أمهاتكم) يقرأ بضم الهمزة وفتح الميم وهو الأصل وبكسرهما،
فأما كسرة الهمزة فلعلة: وقيل أتبعت كسرة النون قبلها وكسرة الميم اتباعا لكسرة
الهمزة (لا تعلمون شيئا) الجملة حال من الضمير المنصوب في " أخرجكم ".
قوله تعالى (ألم يروا) يقرأ بالتاء لأن قبله خطابا وبالياء على الرجوع إلى الغيبة
(ما يمسكهن) الجملة حال من الضمير في مسخرات أو من الطير، ويجوز أن
يكون مستأنفا.
قوله تعالى (من بيوتكم سكنا) إنما أفرد لأن المعنى ما تسكنون (يوم
ظعنكم) يقرأ بسكون العين وفتحها وهما لغتان، مثل النهر والنهر، والظعن مصدر
ظعن (أثاثا) معطوف على سكنا، وقد فصل بينه وبين حرف العطف بالجار والمجرور
وهو قوله تعالى " ومن أصوافها " وليس بفصل مستقبح كما زعم في الإيضاح، لأن
الجار والمجرور مفعول، وتقديم مفعول على مفعول قياس.
84

قوله تعالى (ويوم نبعث) أي واذكر، أو وخوفهم.
قوله تعالى (يعظكم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في ينهى، وأن
يكون مستأنفا.
قوله تعالى (بعد توكيدها) المصدر مضاف إلى المفعول، والفعل منه وكد،
ويقال أكد تأكيدا، وقد (جعلتم) الجملة حال من الضمير في " تنقضوا "،
ويجوز أن يكون حالا من فاعل المصدر.
قوله تعالى (أنكاثا) هو جمع نكث وهو بمعنى المنكوث: أي المنقوض وانتصب
على الحال من غزلها، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا على المعنى، لأن معنى نقضت
صيرت، و (تتخذون) حال من الضمير في تكونوا أو من الضمير في حرف
الجر، لأن التقدير: لا تكونوا مشبهين (أن تكون) أي مخافة أن تكون (أمة)
اسم كان أو فاعلها إن جعلت كان التامة (هي أربى) جملة في موضع نصب خبر كان،
أو في موضع رفع على الصفة، ولا يجوز أن تكون هي فصلا لأن الاسم الأول نكرة،
والهاء في (به) تعود على الربو وهو الزيادة.
قوله تعالى (فتزل) هو جواب النهى.
قوله تعالى (من ذكر) هو حال من الضمير في عمل.
قوله تعالى (فإذا قرأت) المعنى فإذا أردت القراءة، وليس المعنى إذا فرغت
من القراءة.
قوله تعالى (إنما سلطانه) الهاء فيه تعود على الشيطان، والهاء في (به) تعود
عليه أيضا، والمعنى الذين يشركون بسببه، وقيل الهاء عائدة على الله عز وجل.
قوله تعالى (والله أعلم بما ينزل) الجملة فاصلة بين إذا وجوابها، فيجوز
أن تكون حالا، وأن لا يكون لها موضع وهي مشددة.
قوله تعالى (وهدى وبشرى) كلاهما في موضع نصب على المفعول له، وهو
عطف على قوله ليثبت، لأن تقدير الأول لأن يثبت، ويجوز أن يكونا في موضع
رفع خبر مبتدإ محذوف: أي وهو هدى، والجملة حال من الهاء في نزله.
قوله تعالى (لسان الذي) القراءة المشهورة إضافة لسان إلى الذي، وخبره
(أعجمي) وقرئ في الشاذ اللسان الذي بالألف واللام، والذي نعت، والوقف
بكل حال على بشر.
85

قوله تعالى (من كفر) فيه وجهان: أحدهما هو بدل من قوله الكاذبون:
أي وأولئك هم الكافرون، وقيل هو بدل من أولئك، وقيل هو بدل من الذين
لا يؤمنون. والثاني هو مبتدأ، والخبر " فعليهم غضب من الله ".
قوله تعالى (إلا من أكره) استثناء مقدم، وقيل ليس بمقدم فهو كقول لبيد
* ألا كل شئ ما خلا الله باطل * وقيل " من " شرط وجوابها محذوف
دل عليه قوله " فعليهم غضب " إلا من أكره استثناء متصل، لأن الكفر يطلق على
القول والاعتقاد، وقيل هو منقطع لأن الكفر اعتقاد والإكراه على القول دون
الاعتقاد (من شرح) مبتدأ (فعليهم) خبره.
قوله تعالى (إن ربك) خبر إن (لغفور رحيم) (1) وإن الثانية واسمها تكرير
للتوكيد، ومثله في هذه السورة " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة " وقيل " لا "
خبر لأن الأولى في اللفظ، لأن خبر الثانية أغنى عنه (من بعد ما فتنوا) يقرأ على
ما لم يسم فاعله: أي فتنهم غيرهم بالكفر فأجابوا فإن الله عفا لهم عن ذلك: أي رخص
لهم فيه، ويقرأ بفتح الفاء والتاء: أي فتنوا أنفسهم أو فتنوا غيرهم ثم أسلموا.
قوله تعالى (يوم يأتي) يجوز أن يكون ظرفا لرحيم، وأن يكون مفعولا به:
أي اذكر.
قوله تعالى (قرية) مثل قوله " مثلا عبدا " (والخوف) بالجر عطفا على
الجوع، وبالنصب عطفا على لباس، وقيل هو معطوف على موضع الجوع، لأن
التقدير: أن ألبسهم الجوع والخوف.
قوله تعالى (ألسنتكم الكذب) يقرأ بفتح الكاف والباء وكسر الذال،
وهو منصوب بتصف و " ما " مصدرية، وقيل هي بمعنى الذي، والعائد محذوف.
والكذب بدل منه، وقيل هو منصوب بإضمار أعنى، ويقرأ بضم الكاف والذال وفتح
الياء وهو جمع كذاب بالتخفيف، مثل كتاب وكتب، وهو مصدر، وهي في معنى
القراءة الأولى، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الباء على النعت للألسنة، وهو جمع كاذب
أو كذوب، ويقرأ بفتح الكاف وكسر الذال، والباء على البدل من " ما " سواء
جعلتها مصدرية أو بمعنى الذي.

(1) (قوله خبر إن لغفور إلخ.) المراد بها إن الأولى في قوله تعالى " ثم إن ربك " إلخ وعليه فللذين
متعلق بالخبر كما في السفاقسي. وعند الزمخشري للذين خبر إن الأولى اه‍ مصححه.
86

قوله تعالى (متاع قليل) أي بقاؤهم متاع ونحو ذلك.
قوله تعالى (اجتباه) يجوز أن يكون حالا، وقد معه مرادة، وأن يكون خبرا
ثانيا لأن، وأن يكون مستأنفا (لأنعمه) يجوز أن تتعلق اللام بشاكر، وأن
تتعلق باجتباه.
قوله تعالى (وإن عاقبتم) الجمهور على الألف والتخفيف فيهما، ويقرأ
بالتشديد من غير ألف فيهما: أي تتبعتم (بمثل ما) الباء زائدة، وقيل ليست زائدة،
والتقدير: بسبب مماثل لما عوقبتم (لهو خير) الضمير للصبر أو للعفو، وقد دل
على المصدرين الكلام المتقدم.
قوله تعالى (إلا بالله) أي بعون الله أو بتوفيقه (عليهم) أي على كفرهم،
وقيل الضمير يرجع على الشهداء: أي لا تحزن عليهم فقد فازوا (في ضيق) يقرأ
بفتح الضاد وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر ضاق مثل سار سيرا. والثاني هو مخفف
من الضيق: أي في أمر ضيق، مثل سيد وميت (مما يمكرون) أي من أجل
ما يمكرون، ويقرأ بكسر الضاد، وهي لغة في المصدر، والله أعلم.
سورة الإسراء
بسم الله الرحمن الرحيم
قد تقدم الكلام على (سبحان) في قصة آدم عليه السلام في البقرة، و (ليلا)
ظرف لأسرى، وتنكيره يدل على قصر الوقت الذي كان الإسراء والرجوع فيه
(حوله) ظرف لباركنا، وقيل مفعول به: أي طيبنا أو نمينا (لنريه) بالنون
لأن قبله إخبارا عن المتكلم، وبالياء لأن أول السورة على الغيبة، وكذلك خاتمة
الآية، وقد بدأ في الآية بالغيبة وختم بها ثم رجع في وسطها إلى الإخبار عن النفس
فقال: باركنا ومن آياتنا، والهاء في (أنه) لله تعالى، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم:
أي إنه السميع لكلامنا البصير لذاتنا.
قوله تعالى (ألا يتخذوا) يقرأ بالياء على الغيبة، والتقدير: جعلناه هدى
لئلا يتخذوا، أو آتينا موسى الكتاب لئلا يتخذوا، ويقرأ بالتاء على الخطاب. وفيه
ثلاثة أوجه: أحدها أن " أن " بمعنى أي، وهي مفسرة لما تضمنه الكتاب من الأمر
والنهى. والثاني أن " أن " زائدة: أي قلنا لا تتخذوا. والثالث أن " لا " زائدة،
87

والتقدير: مخافة أن تتخذوا، وقد رجع في هذا من الغيبة إلى الخطاب، وتتخذوا
هنا يتعدى إلى مفعولين: أحدهما (وكيلا) وفي الثاني وجهان: أحدهما (ذرية)
والتقدير: لا تتخذوا ذرية من حملنا وكيلا: أي ربا أو مفوضا إليه، ومن دوني يجوز
أن يكون حالا من وكيل أو معمولا له أو متعلقا بتتخذوا. والوجه الثاني المفعول الثاني
من دوني، وفي ذرية على ثلاثة أوجه: أحدها هو منادى. والثاني هو منصوب
بإضمار أعنى. والثالث هو بدل من وكيل، أو بدل من موسى عليه السلام، وقرئ،
شاذا بالرفع على تقدير هو ذرية، أو على البدل من الضمير في يتخذوا على القراءة
بالياء لأنهم غيب، و (من) بمعنى الذي أو نكرة موصوفة.
قوله تعالى (لتفسدن) يقرأ بضم التاء وكسر السين من أفسد، والمفعول
محذوف أي الأديان أو الخلق، ويقرأ بضم التاء وفتح السين: أي يفسدكم غيركم،
ويقرأ بفتح التاء وضم السين، أي تفسد أموركم (مرتين) مصدر، والعامل فيه من
غير لفظه (وعد أولاهما) أي موعود أولى المرتين: أي ما وعدوا به في المرة الأولى
(عبادا لنا) بالألف وهو المشهور، ويقرأ عبيدا وهو جمع قليل، ولم يأت منه إلا
ألفاظ يسيرة (فجاسوا) بالجيم، ويقرأ بالحاء والمعنى واحد، و (خلال) ظرف
له، ويقرأ خلل الديار بغير ألف، قيل هو واحد، والجمع خلال مثل جبل وجبال
(وكان) اسم كان ضمير المصدر: أي وكان الجوس.
قوله تعالى (الكرة) هي مصدر في الأصل يقال كركرا وكرة، و (عليهم)
يتعلق برددنا، وقيل بالكرة لأنه يقال كر عليه، وقيل هو حال من الكرة (نفيرا)
تمييز، وهو فعيل بمعنى فاعل: أي من ينفر معكم وهو اسم للجماعة، وقيل هو جمع
نفر مثل عبد وعبيد.
قوله تعالى (وإن أسأتم فلها) قيل اللام بمعنى على، كقوله " وعليها ما اكتسبت "
وقيل هي على بابها وهو الصحيح، لأن اللام للاختصاص، والعامل مختص بجزاء
عمله حسنة وسيئة (وعد الآخرة) أي الكرة الآخرة (ليسوءوا) بالياء وضمير
الجماعة: أي ليسوء العباد أو النفير، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير واو: أي ليسوء
البعث أو المبعوث: أو الله، ويقرأ بالنون كذلك، ويقرأ بضم الياء وكسر السين وياء
بعدها وفتح الهمزة: أي ليقبح وجوهكم (ما علوا) منصوب بيتبروا: أي وليهلكوا
علوهم وما علوه، ويجوز أن يكون ظرفا.
88

قوله تعالى (حصيرا) أي حاصرا، ولم يؤنثه لأن فعيلا هنا بمعنى فاعل، وقيل
التذكير على معنى الجنس، وقيل ذكر لأن تأنيث جهنم غير حقيقي.
قوله تعالى (أن لهم) أي بأن لهم (وأن الذين) معطوف عليه: أي يبشر
المؤمنين بالأمرين.
قوله تعالى (دعاءه) أي يدعو بالشر دعاء مثل دعائه بالخير، والمصدر مضاف
إلى الفاعل، والتقدير: يطلب الشر، فالباء للحال، ويجوز أن تكون بمعنى السبب.
قوله تعالى (آيتين) قيل التقدير: ذوي آيتين، ودل على ذلك قوله: " آية
الليل، وآية النهار " وقيل لا حذف فيه، فالليل والنهار علامتان ولهما دلالة على شئ
آخر، فلذلك أضاف في موضع ووصف في موضع.
قوله تعالى (وكل شئ) منصوب بفعل محذوف لأنه معطوف على اسم قد عمل
فيه الفعل، ولولا ذلك لكان الأولى رفعه. ومثله " وكل إنسان ".
قوله تعالى (ونخرج) يقرأ بضم النون، ويقرأ بياء مضمومة وبياء مفتوحة وراء
مضمومة، و (كتابا) حال على هذا: أي ونخرج طائره أو عمله مكتوبا، و (يلقاه)
صفة للكتاب، و (منشورا) حال من الضمير المنصوب، ويجوز أن يكون
نعتا للكتاب.
قوله تعالى (اقرأ) أي يقال.
قوله تعالى (أمرنا) يقرأ بالقصر والتخفيف: أي أمرناهم بالطاعة، وقيل كثرنا
نعمهم، وهو في معنى القراءة بالمد، ويقرأ بالتشديد والقصر: أي وجعلناهم أمراء،
وقيل هو بمعنى الممدودة، لأنه تارة يعدى بالهمزة وتارة بالتضعيف، واللازم منه
أمر القوم: أي كثروا، وأمرنا جواب إذا، وقيل الجملة نصب نعتا لقرية،
والجواب محذوف.
قوله تعالى (وكم أهلكنا) " كم " هنا خبر في موضع نصب بأهلكنا (من
القرون) وقد ذكر نظيره في قوله " كم آتيناهم من آية ".
قوله تعالى (من كان) من مبتدأ، وهي شرط، و (عجلنا) جوابه
(لمن نريد) هو بدل من له بإعادة الجار (يصلاها) حال من جهنم أو من الهاء
في له، و (مذموما) حال من الفاعل في يصلى.
قوله تعالى (سعيها) يجوز أن يكون مفعولا به، لأن المعنى عمل عملها. ولها
من أجلها، وأن يكون مصدرا.
89

قوله تعالى (كلا) هو منصوب (بنمد) والتقدير كل فريق، و (هؤلاء
وهؤلاء) بدل من كل، و (من) متعلقة بنمد. والعطاء اسم للمعطى.
قوله تعالى (كيف) منصوب ب‍ (فضلنا) على الحال أو على الظرف.
قوله تعالى (ألا تعبدوا) يجوز أن يكون " أن " بمعنى أي، وهي مفسرة لمعنى
قضى، ولا نهى، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أي ألزم ربك عبادته ولا زائدة،
ويجوز أن يكون قضى بمعنى أمر، ويكون التقدير: بأن لا تعبدوا.
قوله تعالى (وبالوالدين إحسانا) قد ذكر في البقرة (إما يبلغن) إن
شرطية، وما زائدة للتوكيد، ويبلغن هو فعل الشرط والجزاء فلا تقل، ويقرأ
" يبلغان " والألف فاعل و (أحدهما أو كلاهما) بدل منه. وقال أبو علي:
هو توكيد، ويجوز أن يكون أحدهما مرفوعا بفعل محذوف: أي إن بلغ أحدهما
أو كلاهما، وفائدته التوكيد أيضا، ويجوز أن تكون الألف حرفا للتثنية والفاعل
أحدهما (أف) اسم للفعل ومعناه التضجر والكراهة، والمعنى: لا تقل لهما كفا
أو اتركا، وقيل هو اسم للجملة الخبرية: أي كرهت أو ضجرت من مداراتكما،
فمن كسر بناه على الأصل، ومن فتح طلب التخفيف مثل رب، ومن ضم أتبع،
ومن نون أراد التنكير، ومن لم ينون أراد التعريف، ومن خفف الفاء حذف أحد
المثلين تخفيفا.
قوله تعالى (جناح الذل) بالضم وهو ضد العز، وبالكسر وهو الانقياد ضد
الصعوبة (من الرحمة) أي من أجل رفقك بهما، فمن متعلقة باخفض، ويجوز أن
تكون حالا من جناح (كما) نعت لمصدر محذوف: أي رحمة مثل رحمتهما.
قوله تعالى (ابتغاء رحمة) مفعول له، أو مصدر في موضع الحال (ترجوها)
يجوز أن يكون وصفا للرحمة، وأن يكون حالا من الفاعل، ومن ربك يتعلق بترجوها
ويجوز أن يكون صفة لرحمة.
قوله تعالى (كل البسط) منصوبة على المصدر لأنها مضافة إليه.
قوله تعالى (خطأ) يقرأ بكسر الخاء وسكون الطاء والهمز وهو مصدر خطئ
مثل علم علما، وبكسر الخاء وفتح الطاء من غير همز. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها
مصدر مثل شبع شبعا، إلا أنه أبدل الهمزة ألفا في المصدر وياء في الفعل لانكسار
ما قبلها. والثاني أن يكون ألقى حركة الهمزة على الطاء فانفتحت وحذف الهمزة.
والثالث أن يكون خفف الهمزة بأن قلبها ألفا على غير القياس فانفتحت الطاء،
ويقرأ كذلك إلا أنه بالهمز مثل عنب، ويقرأ بالفتح والهمز مثل نصب وهو كثير،
90

ويقرأ بالكسر والمد مثل قام قياما (الزنا) الأكثر القصر والمد لغة، وقد قرئ به،
وقيل هو مصدر زانى، مثل قاتل قتالا لأنه يقع من اثنين.
قوله تعالى (فلا يسرف) الجمهور على التسكين لأنه نهى، وقرئ بضم الفاء
على الخبر ومعناه النهى، ويقرأ بالياء والفاعل ضمير الولي، وبالتاء: أي لا تسرف
أيها المقتص، أو المبتدئ بالقتل. أي لا تسرف بتعاطي القتل، وقيل التقدير يقال له
لا تسرف (إنه) في الهاء ستة أوجه: أحدها هي راجعة إلى الولي. والثاني إلى
المقتول. والثالث إلى الدم. والرابع إلى القتل. والخامس إلى الحق. والسادس إلى
القاتل: أي إذا قتل سقط عنه عقاب القتل في الآخرة.
قوله تعالى (إن العهد كان مسؤولا) فيه وجهان: أحدهما تقديره: إن
ذا العهد: أي كان مسؤولا عن الوفاء بعده. والثاني أن الضمير راجع إلى العهد،
ونسب السؤال إليه مجازا كقوله تعالى " وإذا الموؤودة سئلت ".
قوله تعالى (بالقسطاس) يقرأ بضم القاف وكسرها وهما لغتان، و (تأويلا)
بمعنى مآلا:
قوله تعالى (ولا تقف) الماضي منه قفا إذا تتبع، ويقرأ بضم القاف وإسكان
الفاء مثل تقم، وماضيه قاف يقوف إذا تتبع أيضا (كل) مبتدأ، و (أولئك)
إشارة إلى السمع والبصر والفؤاد، وأشير إليها بأولئك، وهي في الأكثر لمن يعقل لأنه
جمع ذا، وذا لمن يعقل ولما لا يعقل، وجاء في الشعر: * بعد أولئك الأيام *
فكان وما عملت فيه الخبر واسم كان يرجع إلى كل، والهاء في عنه ترجع إلى كل أيضا
الضمير في مسؤول لكل أيضا، والمعنى: أي السمع يسأل عن نفسه على المجاز، ويجوز
أن يكون الضمير في كان لصاحب هذه الجوارح لدلالتها عليه. وقال الزمخشري
يكون عنه في موضع رفع بمسؤول كقوله " غير المغضوب عليهم " وهذا غلط لأن
الجار والمجرور يقام مقام الفاعل إذا تقدم الفعل، أو ما يقوم مقامه، وأما إذا تأخر
فلا يصح ذلك فيه لأن الاسم إذا تقدم على الفعل صار مبتدأ، وحرف الجر إذا كان
لازما لا يكون مبتدأ، ونظيره قولك بزيد انطلق، ويدلك على ذلك أنك لو ثنيت
لم تقل بالزيدين انطلقا، ولكن تصحيح المسألة أن تجعل الضمير في مسؤول للمصدر،
فيكون عنه في موضع نصب كما تقدر في قولك بزيد انطلق.
قوله تعالى (مرحا) بكسر الراء حال، وبفتحها مصدر في موضع الحال
91

ومفعول له (تخرق) بكسر الراء وضمها لغتان (طولا) مصدر في موضع الحال
من الفاعل أو المفعول، ويجوز أن يكون تمييزا ومفعولا له ومصدرا من معنى تبلغ.
قوله تعالى (سيئه) يقرأ بالتأنيث والنصب: أي كل ما ذكر من المناهي،
وذكر (مكروها) على لفظ كل، أو لأن التأنيث غير حقيقي، ويقرأ بالرفع
والإضافة: أي سيئ ما ذكر.
قوله تعالى (من الحكمة) يجوز أن يكون متعلقا بأوحى، وأن يكون حالا
من العائد المحذوف، وأن يكون بدلا من ما أوحى.
قوله تعالى (أصفاكم) الألف مبدلة من واو لأنه من الصفوة (إناثا) مفعول
أول لاتخذ، والثاني محذوف: أي أولادا، ويجوز أن يكون اتخذ متعديا إلى واحد مثل
" قالوا اتخذ الله ولدا " ومن الملائكة يجوز أن يكون حالا وأن يتعلق باتخذ.
قوله تعالى (ولقد صرفنا) المفعول محذوف تقديره صرفنا المواعظ ونحوها.
قوله تعالى (كما يقولون) الكاف في موضع نصب: أي كونا كقولهم.
قوله تعالى (علوا) في موضع تعاليا، لأنه مصدر قوله تعالى، ويجوز أن يقع
مصدر موقع آخر من معناه.
قوله تعالى (مستورا) أي محجوبا بحجاب آخر فوقه، وقيل هو مستور
بمعنى ساتر.
قوله تعالى (أن يفقهوه) أي مخافة أن يفقهوه أو كراهة (نفورا) جمع
نافر، ويجوز أن يكون مصدرا كالعقود، فإن شئت جعلته حالا، وإن شئت جعلته
مسدرا لولوا لأنه بمعنى نفروا.
قوله تعالى (يستمعون به) قيل الباء بمعنى اللام، وقيل هي على بابها: أي
يستمعون بقلوبهم أم بظاهر أسماعهم و (إذ) ظرف ليستمعون الأولى. والنجوى
مصدر: أي ذو نجوى، ويجوز أن يكون جمع نجى كقتيل وقتلى (إذ يقول) بدل
من " إذ " الأولى وقيل التقدير: اذكر إذ يقول. والتاء في الرفات أصل، والعامل
في " إذ " ما دل عليه مبعوثون لا نفس مبعوثون، لأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها،
و (خلقا) حال وهو بمعنى مخلوق، ويجوز أن يكون مصدرا: أي بعثنا بعثا جديدا.
قوله تعالى (قل الذي فطركم) أي يعيدكم الذي فطركم، وهو كناية عن
92

الأحياء، وقد دل عليه يعيدكم، و (يكون) في موضع نصب بعسى، واسمها
مضمر فيها، ويجوز أن يكون في موضع رفع بعسى ولا ضمير فيها.
قوله تعالى (يوم يدعوكم) هو ظرف ليكون، ولا يجوز أن يكون ظرفا لاسم
كان، وإن كان ضمير المصدر لأن الضمير لا يعمل، ويجوز أن يكون ظرفا للبعث،
وقد دل عليه معنى الكلام، ويجوز أن يكون التقدير اذكر يوم يدعوكم (بحمده)
في موضع الحال: أي فتستجيبون حامدين، ويجوز أن تتعلق الباء بيدعوكم (وتظنون)
أي وأنتم تظنون فالجملة حال.
قوله تعالى (يقولوا) قد ذكر في إبراهيم (ينزع) يقرأ بفتح الزاي وكسرها
وهما لغتان.
قوله تعالى (زبورا) يقرأ بالفتح والضم، وقد ذكر في النساء وفيه وجهان:
أحدهما أنه علم، يقال زبور والزبور كما يقال عباس والعباس. والثاني هو نكرة:
أي كتابا من جملة الكتب.
قوله تعالى (أيهم) مبتدأ و (أقرب) خبره، وهو استفهام، والجملة في
موضع نصب بيدعون، ويجوز أن يكون أيهم بمعنى الذي، وهو بدل من الضمير
في يدعون، والتقدير: الذي هو أقرب، وفيها كلام طويل يذكر في مريم.
قوله تعالى (أن نرسل) أي من أن نرسل فهي في موضع نصب أو جر على
الخلاف بين الخليل وسيبويه، وقد ذكرت نظائره (أن كذب) في موضع رفع
فاعل " منعنا " وفيه حذف مضاف تقديره: إلا إهلاك التكذيب، وكانت عادة الله
إهلاك من كذب بالآيات الظاهرة، ولم يرد إهلاك مشركي قريش لعلمه بإيمان بعضهم
وإيمان من يولد منهم (مبصرة) أي ذات إبصار: أي يستبصر بها، وقيل مبصرة
دالة كما يقال للدليل مرشد، ويقرأ بفتح الميم والصاد: أي تبصرة (تخويفا) مفعول
له أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (وإذ قلنا) أي اذكر (والشجرة) معطوف على الرؤيا والتقدير:
وما جعلنا الشجرة إلا فتنة، وقرئ شاذا بالرفع، والخبر محذوف: أي فتنة، ويجوز
أن يكون الخبر (في القرآن).
قوله تعالى (طينا) هو حال من " من " أو من العائد المحذوف، فعلى الأول يكون
العامل فيه اسجد، وعلى الثاني خلقت، وقيل التقدير: من طين، فلما حذف
الحرف نصب.
93

قوله تعالى (هذا) هو منصوب بأرأيت، و (الذي) نعت له، والمفعول الثاني
محذوف تقديره: تفضيله أو تكريمه، وقد ذكر الكلام في أرأيتك في الأنعام.
قوله تعالى (جزاء) مصدر: أي تجزون جزاء، وقيل هو حال موطئة، وقيل
هو تمييز (من استطعت) " من " استفهام في موضع نصب باستطعت: أي من
استطعت منهم استفزازه، ويجوز أن تكون بمعنى الذي (ورجلك) يقرأ بسكون
الجيم، وهم الرجالة، ويقرأ بكسرها وهو فعل من رجل يرجل إذا صار راجلا،
ويقرأ " ورجالك " أي بفرسانك ورجالك (وما يعدهم) رجوع من الخطاب
إلى الغيبة.
قوله تعالى (ربكم) مبتدأ، و (الذي) وصلته الخبر، وقيل هو صفة لقوله
" الذي فطركم " أو بدل منه، وذلك جائز وإن تباعد ما بينهما.
قوله تعالى (إلا إياه) استثناء منقطع، وقيل هو متصل خارج على أصل الباب.
قوله تعالى (أن نخسف) يقرأ بالنون والياء، وكذلك نرسل ونعيدكم ونغرقكم
(بكم) حال من (جانب البر) أي نخسف جانب البر وأنتم، وقيل الباء متعلقة
بنخسف: أي بسببكم.
قوله تعالى (به تبيعا) يجوز أن تتعلق الباء بتبيع وبتجدوا، وأن تكون حالا
من تبيع.
قوله تعالى (يوم ندعوا) فيه أوجه: أحدها هو ظرف لما دل عليه قوله
(ولا يظلمون فتيلا) تقديره: لا يظلمون يوم ندعو. والثاني أنه ظرف لما دل
عليه قوله متى هو. والثالث هو ظرف لقوله فتستجيبون. والرابع هو بدل من
يدعوكم. والخامس هو مفعول: أي اذكروا يوم ندعو، وقرأ الحسن بياء مضمومة
وواو بعد العين ورفع كل. وفيه وجهان: أحدهما أنه أراد يدعى ففخم الألف فقلبها
واوا. والثاني أنه أراد يدعون وحذف النون، وكل بدل من الضمير (بإمامهم)
فيه وجهان: أحدهما هو متعلق بندعو: أي نقول يا أتباع موسى ويا أتباع محمد
عليهما الصلاة والسلام: أو يا أهل الكتاب يا أهل القرآن. والثاني هي حال تقديره:
مختلطين بنبيهم أو مؤاخذين.
قوله تعالى (أعمى) الأولى بمعنى فاعل. وفي الثانية وجهان: أحدهما كذلك:
أي من كان في الدنيا عميا عن حجته فهو في الآخرة كذلك. والثاني هي أفعل التي
94

تقتضي من، ولذلك قال (وأضل) وأمال أبو عمرو الأولى دون الثانية لأنه رأى أن
الثانية تقتضي من، فكأن الألف وسط الكلمة تمثل أعمالهم.
قوله تعالى (تركن) بفتح الكاف وماضيه بكسرها. وقال بعضهم: هي
مفتوحة في الماضي والمستقبل، وذلك من تداخل اللغتين إن من العرب من يقول:
ركن يركن، ومنهم من يقول: ركن يركن فيفتح الماضي ويضم المستقبل، فسمع من
لغته فتح الماضي فتح المستقبل ممن هو لغته، أو بالعكس فجمع بينهما، وإنما دعا قائل
هذا إلى اعتقاده أنه لم يجئ منهم فعل يفعل بفتح العين فيهما في غير حروف الحلق إلا
أبى يأبى، وقد قرئ بضم الكاف.
قوله تعالى (لا يلبثون) المشهور بفتح الياء والتخفيف؟؟ وإثبات النون على إلغاء
إذن، لأن الواو العاطفة تصير الجملة مختلفة بما قبلها، فيكون إذن حشوا، ويقرأ
بضم الياء والتشديد على ما لم يسم فاعله، وفى بعض المصاحف بغير نون على إعمال
إذن، ولا يكترث بالواو فإنها قد تأتى مستأنفة (خلافك) وخلافك لغتان بمعنى،
وقد قرئ بهما (إلا قليلا) أي زمنا قليلا.
قوله تعالى (سنة من قد أرسلنا) هو منصوب على المصدر: أي سننا بك
سنة من تقدم من الأنبياء صلوات الله عليهم، ويجوز أن تكون مفعولا به: أي اتبع
سنة من قد أرسلنا، كما قال تعالى " فبهداهم اقتده ".
قوله تعالى (إلى غسق الليل) حال من الصلاة: أي ممدودة، ويجوز أن تتعلق
بأقم فهي لانتهاء غاية الإقامة (وقرآن الفجر) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف
على الصلاة: أي وأقم صلاة الفجر. والثاني هو على الإغراء: أي عليك قرآن الفجر
أو الزم.
قوله تعالى (نافلة لك) فيه وجهان: أحدهما هو مصدر بمعنى تهجد: أي
تنفل نفلا، وفاعله هنا مصدر كالعافية. والثاني هو حال: أي صلاة نافلة (مقاما)
فيه وجهان: أحدهما هو حال تقديره: ذا مقام. الثاني أن يكون مصدرا تقديره: أن
يبعثك فتقوم.
قوله تعالى (من القرآن) من لبيان الجنس: أي كله هدى من الضلال، وقيل
هي للتبعيض: أي منه ما يشفى من المرض. وأجاز الكسائي (ورحمة) بالنصب
عطفا على " ما ".
قوله تعالى (ونأى) يقرأ بألف بعد الهمزة: أي بعد عن الطاعة، ويقرأ بهمزة
95

بعد الألف. وفيه وجهان: أحدهما هو مقلوب نأى. والثاني هو بمعنى نهض: أي
ارتفع عن قبول الطاعة، أو نهض المعصية والكبر.
قوله تعالى (أهدى سبيلا) يجوز أن يكون أفعل من هدى غيره، وأن يكون
من اهتدى، على حذف الزوائد، أو من هدى بمعنى اهتدى فيكون لازما.
قوله تعالى (من العلم) متعلق بأوتيتم، ولا يكون حالا من قليل، لأن فيه
تقديم المعمول على " إلا ".
قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له، والتقدير: حفظناه عليك للرحمة،
ويجوز أن يكون مصدرا تقديره: لكن رحمناك رحمة.
قوله تعالى (لا يأتون) ليس بجواب الشرط، لكن جواب قسم محذوف دل
عليه اللام الموطئة في قوله " لئن اجتمعت " وقيل هو جواب الشرط، ولم يجزمه لأن
فعل الشرط ماض.
قوله تعالى (حتى تفجر) يقرأ بالتشديد على التكثير، وبفتح التاء وضم الجيم
والتخفيف. والياء في ينبوع زائدة لأنه من نبع، فهو مثل يغبوب من غب.
قوله تعالى (كسفا) يقرأ بفتح السين، وهو جمع كسفة مثل قربة وقرب،
وبسكونها. وفيه وجهان: أحدهما هو مخفف من المفتوحة، أو مثل سدرة وسدر.
والثاني هو واحد على فعل بمعنى مفعول، وانتصابه على الحال من السماء، ولم يؤنثه
لأن تأنيث السماء غير حقيقي، أو لأن السماء بمعنى السقف. والكاف في " كما " صفة
لمصدر محذوف: أي إسقاطا مثل مزعومك، و (قبيلا) حال من الملائكة، أو من
الله والملائكة (نقرؤه) صفة لكتاب أو حال من المجرور (قل) على الأمر.
وقال على الحكاية عنه.
قوله تعالى (أن يؤمنوا) مفعول منع، و (أن قالوا) فاعله.
قوله تعالى (يمشون) صفة للملائكة، و (مطمئنين) حال من ضمير الفاعل.
قوله تعالى (على وجوههم) حال (وعميا) حال أخرى، إما بدل من الأولى
وإما حال من الضمير في الجار (مأواهم جهنم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن
يكون حالا مقدرة (كلما خبت) الجملة إلى آخر الآية حال من جهنم، والعامل
فيها معنى المأوى، ويجوز أن تكون مستأنفة.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (جزاؤهم) خبره، و (بأنهم) يتعلق
96

بجزاء، وقيل ذلك خبر مبتدأ محذوف: أي الأمر ذلك، وجزاؤهم مبتدأ، وبأنهم
الخبر، ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا أو بيانا، وبأنهم خبر ذلك.
قوله تعالى (لو أنتم) في موضع رفع بأنه فاعل لفعل محذوف وليس بمبتدأ،
لأن " لو " تقتضي الفعل كما تقتضيه إن الشرطية، والتقدير: لو تملكون، فلما حذف
الفعل صار الضمير المتصل منفصلا، و (تملكون) الظاهرة تفسير للمحذوف
(لأمسكتم) مفعوله محذوف: أي أمسكتم الأموال، وقيل هو لازم بمعنى بخلتم
(خشية) مقول له أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (بينات) صفة لآيات أو لتسع (إذ جاءهم) فيه وجهان: أحدهما
هو مفعول به باسأل على المعنى، لأن المعنى: اذكر لبنى إسرائيل إذ جاءهم، وقيل
التقدير: اذكر إذ جاءهم، وهي غير ما قدرت به اسأل. والثاني هو ظرف، وفي
العامل فيه أوجه: أحدها آتينا. والثاني قلنا مضمرة أي فقلنا له سل. والثالث قل.
تقديره: قل لخصمك سل بنى، والمراد به فرعون: أي قل يا موسى، وكان الوجه
أن يقول: إذ جئتهم، فرجع من الخطاب إلى الغيبة.
قوله تعالى (لقد علمت) بالفتح على الخطاب أي علمت ذلك، ولكنك
عاندت، وبالضم: أي أنا غير شاك فيما جئت به (بصائر) حال من هؤلاء، وجاءت
بعد إلا، وهي حال مما قبلها لما ذكرنا في هود عند قوله " وما نراك اتبعك ".
قوله تعالى (لفيفا) حال بمعنى جميعا، وقيل هو مصدر كالنذير والنكير:
أي مجتمعين.
قوله تعالى (وبالحق أنزلناه) أي وبسبب إقامة الحق، فتكون الباء متعلقة
بأنزلنا، ويجوز أن يكون حالا: أي أنزلناه ومعه الحق أو فيه الحق، ويجوز أن يكون
حالا من الفاعل، أي أنزلناه ومعنا الحق (وبالحق نزل) فيه الوجهان الأولان دون
الثالث، لأنه ليس فيه ضمير لغير القرآن.
قوله تعالى (وقرآنا) أي وآتيناك قرآنا، دل على ذلك " ولقد آتينا موسى
الكتاب " أو أرسلناك، فعلى هذا (فرقناه) في موضع نصب على الوصف، ويجوز
أن يكون التقدير: وفرقنا قرآنا، وفرقناه تفسير لا موضع له، وفرقناه، أي في أزمنة،
وبالتخفيف أي شرحناه (على مكث) في موضع الحال: أي متمكثا، والمكث
بالضم والفتح لغتان وقد قرئ بهما، وفيه لغة أخرى كسر الميم.
97

قوله تعالى (للأذقان) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هي حال تقديره: ساجدين
للأذقان. والثاني هي متعلقة بيخرون، واللام على بابها: أي مذلون للأذقان. والثالث
هي بمعنى على، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من (يبكون) ويبكون حال وفاعل
(يزيدهم) القرآن أو المتلو أو البكاء أو السجود.
قوله تعالى (أياما) أيا منصوب ب‍ (تدعوا) وتدعوا مجزوم بأيا، وهي شرط،
فأما " ما " فزائدة للتوكيد، وقيل هي شرطية كررت لما اختلف اللفظان.
قوله تعالى (من الذل) أي من أجل الذل.
سورة الكهف
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (قيما) فيه وجهان: أحدهما هو حال من الكتاب، وهو مؤخر
عن موضعه: أي أنزل الكتاب قيما قالوا وفيه ضعف لأنه يلزم منه التفريق بعض
الصلة وبعض، لأن قوله تعالى (ولم) معطوف على أنزل، وقيل قيما حال، ولم يجعل
حال أخرى. والوجه الثاني أن قيما منصوب بفعل محذوف تقديره: جعله قيما، فهو
حال أيضا، وقيل هو حال أيضا من الهاء في ولم يجعل له، والحال مؤكدة، وقيل منتقلة.
قوله تعالى (لينذر) أي لينذر العباد، أو لينذركم (من لدنه) يقرأ بفتح
اللام وضم الدال وسكون النون وهي لغة، ويقرأ بفتح اللام وضم الدال وكسر النون،
ومنهم من يختلس ضمة الدال، ومنهم من يختلس كسرة النون.
قوله تعالى (ماكثين) حال من المجرور في لهم، والعامل فيها الاستقرار، وقيل
هو صفة لأجر، والعائد الهاء في فيه.
قوله تعالى (كبرت) الجمهور على ضم الباء وقد أسكنت تخفيفا، و (كلمة)
تمييز، والفاعل مضمر: أي كبرت مقالتهم، وفي (تخرج) وجهان: أحدهما
هو في موضع نصب صفة لكلمة. والثاني في موضع رفع تقديره: كلمة كلمة تخرج،
لأن كبر بمعنى بئس. فالمحذوف هو المخصوص بالذم، و (كذبا) مفعول يقولون
أو صفة لمصدر محذوف: أي قولا كذبا، و (أسفا) مصدر في موضع الحال من
الضمير في باخع، وقيل هو مفعول له، والجمهور على أن لم بالكسر على الشرط،
ويقرأ بالفتح أي لأن لا يؤمنوا.
98

قوله تعالى (زينة) مفعول ثان على أن جعل بمعنى صير، أو مفعول له أو حال
على أن جعل بمعنى خلق.
قوله تعالى (أم حسبت) تقديره: بل أحسبت (والرقيم) بمعنى المرقوم على
قول من جعله كتابا، و (عجبا) خبر كان. و (من آياتنا) حال منه، ويجوز أن
يكون خبرين، ويجوز أن يكون عجبا حالا من الضمير في الجار.
قوله تعالى (إذ) ظرف لعجبا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكر إذ.
قوله تعالى (سنين) ظرف لضربنا، وهو بمعنى أنمناهم، و (عددا) صفة
لسنين: أي معدودة أو ذوات عدد، وقيل مصدر أي تعد عددا.
قوله تعالى (أي الحزبين) مبتدأ و (أحصى) الخبر، وموضع الجملة نصب
بنعلم، وفي أحصى وجهان: أحدهما هو فعل ماض، و (أمدا) مفعوله ولما لبثوا
نعت له قدم عليه فصار حالا أو مفعولا له، أي لإجل لبثهم، وقيل اللام زائدة،
وما بمعنى الذي، وأمدا مفعول لبثوا، وهو خطأ، وإنما الوجه أن يكون تمييزا،
والتقدير: لما لبثوه والوجه الثاني هو اسم، وأمدا منصوب بفعل دل عليه الاسم،
وجاء أحصى على حذف الزيادة، كما جاء هو أعطى للمال وأولى بالخير.
قوله تعالى (شططا) مفعول به أو يكون التقدير: قولا شططا.
قوله تعالى (هؤلاء) مبتدأ، و (قومنا) عطف بيان، و (اتخذوا) الخبر.
قوله تعالى (وإذ اعتزلتموهم) " إذ " ظرف لفعل محذوف: أي وقال
بعضهم لبعض (وما يعبدون) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هي اسم بمعنى الذي
و (إلا الله) مستثنى من " ما " أو من العائد المحذوف. والثاني هي مصدرية،
والتقدير: اعتزلتموهم وعبادتهم إلا عبادة الله. والثالث أنها حرف نفى، فيخرج
في الاستثناء وجهان: أحدهما هو منقطع. والثاني هو متصل، والتقدير: وإذ اعتزلتموهم
إلا عبادة الله، أو وما يعبدون إلا الله، فقد كانوا يعبدون الله مع الأصنام، أو كان
منهم من يعبد الله (مرفقا) يقرأ بكسر الميم وفتح الفاء، لأنه يرتفق به فهو كالمنقول
المستعمل مثل المبرد والمنخل، ويقرأ بالعكس وهو مصدر: أي ارتفاقا، وفيه لغة
ثالثة وهي فتحهما، وهو مصدر أيضا مثل المضرب والمنزع.
قوله تعالى (تزاور) يقرأ بتشديد الزاي، وأصله تتزاور فقلبت الثانية زايا
وأدغمت، ويقرأ بالتخفيف على حذف الثانية، ويقرأ بتشديد الراء مثل تحمر،
99

ويقرأ بألف بعد الواو مثل: تحمار ويقرأ بهمزة مكسورة بين الواو والراء مثل تطمئن
و (ذات اليمين) ظرف لتزاور.
قوله تعالى (ونقلبهم) المشهور أنه فعل منسوب إلى الله عز وجل، ويقرأ
بتاء وضم اللام وفتح الباء وهو منصوب بفعل دل عليه الكلام: أي ونرى تقلبهم،
و (باسط) خبر المبتدأ، و (ذراعيه) منصوب به، وإنما عمل اسم الفاعل هنا
وإن كان للماضي لأنه حال محكية (لو اطلعت) بكسر الواو على الأصل، وبالضم
ليكون من جنس الواو (فرارا) مصدر لأن وليت بمعنى فررت، ويجوز أن يكون
مصدرا في موضع الحال، وأن يكون مفعولا له (ملئت) بالتخفيف، ويقرأ
بالتشديد على التكثير، و (رعبا) مفعول ثان، وقيل تمييز.
قوله تعالى (وكذلك) في موضع نصب: أي وبعثناهم كما قصصنا عليك،
و (كم) ظرف و (بورقكم) في موضع الحال، والأصل فتح الواو وكسر
الراء، وقد قرئ به. وبإظهار القاف على الأصل وبإدغامها لقرب مخرجها من
الكاف واختير الإدغام لكثرة الحركات والكسرة، ويقرأ بإسكان الراء على
التخفيف وبإسكانها وكسر الواو على نقل الكسرة إليها، كما يقال فخذ وفخذ وفخذ
(أيها أزكى) الجملة في موضع نصب، والفعل معلق عن العمل في اللفظ،
و (طعاما) تمييز.
قوله تعالى (إذ يتنازعون) إذ ظرف ليعلموا أو لأعثرنا، ويضعف أن يعمل
فيه الوعد لأنه قد أخبر عنه، ويحتمل أن يعمل فيه معنى حق (بنيانا) مفعول وهو
جمع بنيانة، وقيل هو مصدر.
قوله تعالى (ثلاثة) يقرأ شاذا بتشديد الثاء على أنه سكن التاء وقلبها ثاء وأدغمها
في تاء التأنيث، كما تقول ابعث تلك (ورابعهم كلبهم) رابعهم مبتدأ، وكلبهم
خبره، ولا يعمل اسم الفاعل هنا لأنه ماض، والجملة صفة لثلاثة، وليست حالا
إذ لا عامل لها، لأن التقدير: هم ثلاثة، وهو لا يعمل، ولا يصح أن يقدر هؤلاء
لأنها إشارة إلى حاضر، ولم يشيروا إلى حاضر، ولو كانت الواو هنا وفي الجملة التي
بعدها لجاز كما جاز في الجملة الأخيرة، لأن الجملة إذا وقعت صفة لنكرة جاز أن
تدخلها الواو، وهذا هو الصحيح في إدخال الواو في ثامنهم، وقيل دخلت لتدل على
أن ما بعدها مستأنف حق، وليس من جنس المقول برجم الظنون، وقد قيل فيها غير
هذا وليس بشئ، و (رجما) مصدر: أي يرجمون رجما. روى عن ابن كثير " خمسة "
100

بالنصب: أي يقولون نعدهم خمسة، وقيل يقولون بمعنى يظنون، فيكون قوله تعالى
" سادسهم كلبهم " في موضع المفعول الثاني، وفيه ضعف.
قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) في المستثنى منه ثلاثة أوجه: أحدها هو من النهى
والمعنى لا تقولن أفعل غدا إلا أن يؤذن لك في القول. والثاني هو من فاعل: أي
لا تقولن إني فاعل غدا حتى تقرن به قوله إن شاء الله. والثالث أنه منقطع، وموضع
أن يشاء الله نصب على وجهين: أحدهما على الاستثناء، والتقدير: لا تقولن ذلك
في وقت إلا وقت أن يشاء الله: أي يأذن، فحذف الوقت وهو مراد. والثاني هو
حال، والتقدير: لا تقولن أفعل غدا إلا قائلا إن شاء الله، فحذف القول وهو كثير
وجعل قوله أن يشاء في معنى إن شاء، وهو مما حمل على المعنى، وقيل التقدير:
إلا بأن يشاء الله: أي متلبسا بقول إن شاء الله.
قوله تعالى (ثلاثمائة سنين) يقرأ بتنوين مائة، وسنين على هذا بدل من
ثلاث، وأجاز قوم أن تكون بدلا من مائة، لأن مائة في معنى مئات ويقرأ بالإضافة
وهو ضعيف في الاستعمال، لأن مائة تضاف إلى المفرد، ولكنه حمله على الأصل،
إذ الأصل إضافة العدد إلى الجمع، ويقوى ذلك أن علامة الجمع هنا جبر لما دخل
السنة من الحذف، فكأنها تتمة الواحد (تسعا) مفعول ازدادوا، وزاد متعد إلى
اثنين، فإذا بنى على افتعل تعدى إلى واحد (أبصر به وأسمع) الهاء تعود على الله
عز وجل، وموضعها رفع لأن التقدير: أبصر الله، والباء زائدة، وهكذا في فعل
التعجب الذي هو على لفظ الامر. وقال بعضهم: الفاعل مضمر، والتقدير: أوقع
أيها المخاطب إبصارا بأمر الكهف فهو أمر حقيقة (ولا يشرك) يقرأ بالياء وضم
الكاف على الخبر عن الله، وبالتاء على النهى: أي أيها المخاطب.
قوله تعالى (واصبر) هو متعد لأن معناه احبس، و (بالغداة والعشي)
قد ذكرا في الأنعام (ولا تعد عيناك) الجمهور على نسبة الفعل إلى العينين،
وقرأ الحسن تعد عينيك بالتشديد والتخفيف: أي لا تصرفها (أغفلنا) الجمهور
على إسكان اللام، و (قلبه) بالنصب: أي أغفلناه عقوبة له أو وجدناه غافلا،
ويقرأ بفتح اللام وقلبه بالرفع وفيه وجهان: أحدهما وجدنا قلبه معرضين عنه.
والثاني أهمل أمرنا عن تذكرنا.
قوله تعالى (يشوى الوجوه) يجوز أن يكون نعتا لما، وأن يكون حالا من المهل
101

وأن يكون حالا من الضمير في الكاف في الجار (وساءت) أي ساءت النار
(مرتفقا) أي متكأ أو معناه المنزل.
قوله تعالى (إن الذين آمنوا) في خبر إن ثلاثة أوجه: أحدها أولئك لهم
جنات عدن، وما بينهما معترض مسدد. والثاني تقديره: لا نضيع أجر من أحسن
عملا منهم، فحذف العائد للعلم به. والثالث أن قوله تعالى " من أحسن " عام فيدخل
فيه الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ويغنى ذلك عن ضمير كما أغنى عن دخول زيد
تحت الرجل في باب نعم عن ضمير يعود عليه وعلى هذين الوجهين قد جعل خبر إن
الجملة التي فيها إن.
قوله تعالى (من أساور) يجوز أن تكون " من " زائدة على قول الأخفش،
ويدل عليه قوله " وحلوا أساور " ويجوز أن تكون غير زائدة: أي شيئا من أساور
فتكون لبيان الجنس أو للتبعيض، و (من ذهب) من فيه لبيان الجنس أو للتبعيض
وموضعها جر نعتا لأساور، ويجوز أن تتعلق بيحلون، وأساور جمع أسورة،
وأسورة جمع سوار، وقيل هو جمع أسوار (متكئين) حال إما من الضمير في
تحتهم، أو من الضمير في يحلون أو يلبسون. والسندس جمع سندسة. وإستبرق جمع
إستبرقة، وقيل هما جنسان.
قوله تعالى (مثلا رجلين) التقدير: مثلا مثل رجلين، و (جعلنا) تفسير
المثل فلا موضع له، ويجوز أن يكون موضعه نصبا نعتا لرجلين كقولك: مررت
برجلين جعل لأحدهما جنة (كلتا الجنتين) مبتدأ، و (آتت) خبره، وأفرد
الضمير حملا على لفظ كلتا (وفجرنا) بالتخفيف والتشديد، و (خلالهما) ظرف
والثمر بضمتين جمع ثمار، فهو جمع الجمع مثل كتاب وكتب، ويجوز تسكين الميم
تخفيفا، ويقرأ ثمر جمع ثمرة.
قوله تعالى (ودخل جنته) إنما أفرد، ولم يقل جنتيه لأنهما جميعا ملكه
فصارا كالشئ الواحد، وقيل اكتفاء بالواحدة عن الثنتين، كما يكتفى بالواحد عن
الجمع، وهو كقول الهذلي:
والعين بعدهم كأن حداقها * سملت بشوك فهي عور تدمع
قوله تعالى (خيرا منها) يقرأ على الإفراد، والضمير لجنته، وعلى التثنية،
والضمير للجنتين.
102

قوله تعالى (لكنا هو) الأصل لكن أنا فألقيت حركة الهمزة على النون،
وقيل حذفت حذفا وأدغمت النون في النون، والجيد حذف الألف في الوصل وإثباتها
في الوقف، لأن أنا كذلك والألف فيه زائدة لبيان الحركة، ويقرأ بإثباتها في الحالين
وأنا مبتدأ، وهو مبتدأ ثان، و (الله) مبتدأ ثالث، و (ربى) الخبر والياء عائدة
على المبتدأ الأول، ولا يجوز أن تكون لكن المشددة العاملة نصبا، إذ لو كان كذلك
لم يقع بعدها هو لأنه ضمير مرفوع، ويجوز أن يكون اسم الله بدلا من هو.
قوله تعالى (ما شاء الله) في " ما " وجهان: أحدهما هي بمعنى الذي، وهي مبتدأ
والخبر محذوف: أو خبر مبتدأ محذوف: أي الأمر ما شاء الله. والثاني هي شرطية
في موضع نصب يشاء، والجواب محذوف: أي ما شاء الله كان (إلا بالله) في موضع
رفع خبره (أنا) فيه وجهان: أحدهما هي فاصلة بين المفعولين. والثاني هو توكيد
للمفعول الأول فموضعها نصب، ويقرأ (أقل) بالرفع على أن يكون أنا مبتدأ،
وأقل خبره والجملة في موضع المفعول الثاني.
قوله تعالى (حسبانا) هو جمع حسبانة، و (غورا) مصدر بمعنى الفاعل:
أي غائرا: وقيل التقدير: ذا غور.
قوله تعالى (يقلب كفيه) هذا هو المشهور، ويقرأ " تقلب " أي تتقلب
كفاه بالرفع (على ما أنفق) يجوز أن يتعلق بيقلب، وأن يكون حالا: أي متحسرا
على ما أنفق فيها: أي في عمارتها (ويقول) يجوز أن يكون حالا من الضمير
في يقلب، وأن يكون معطوفا على يقلب.
قوله تعالى (ولم تكن له) يقرأ بالتاء والياء وهما ظاهران (ينصرونه)
محمول على المعنى لان الفئة ناس، ولو كان تنصره لكان على اللفظ.
قوله تعالى (هنالك) فيه وجهان: أحدهما هو ظرف، والعامل فيه معنى
الاستقرار في لله، و (الولاية) مبتدأ، و (لله) الخبر. والثاني هنالك خبر الولاية،
والولاية مرفوعة به، ولله يتعلق بالظرف أو بالعامل في الظرف أو بالولاية، ويجوز
أن يكون حالا من الولاية فيتعلق بمحذوف، والولاية بالكسر والفتح لغتان، وقيل
للكسر في الإمارة والفتح في النصرة، و (الحق) بالرفع صفة الولاية، أو خبر مبتدأ
محذوف: أي هي الحق أو هو الحق، ويجوز أن يكون مبتدأ، و (هو خير) خبره
ويقرأ بالجر نعتا لله تعالى.
قوله تعالى (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا) يجوز أن تجعل اضرب بمعنى
103

اذكر فيتعدى إلى واحد، فعلى هذا يكون (كماء أنزلناه) خبر مبتدأ محذوف:
أي هو كماء، وأن يكون بمعنى صير، فيكون كماء مفعولا ثانيا (فاختلط به) قد
ذكر في يونس (تذروه) هو من ذرت الريح تذروه ذروا: أي فرقت، ويقال
ذرت تذرى، وقد قرئ به، ويقال أذرت تذرى كقولك أذريته عن فرسه إذا ألقيته
عنها، وقرئ به أيضا.
قوله تعالى (ويوم نسير الجبال) أي واذكر يوم، وقيل هو معطوف على
عند ربك: أي الصالحات خير عند الله وخير يوم نسير. وفي نسير قراآت كلها
ظاهرة (وترى) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل لكل إنسان، و (بارزة)
حالا (وحشرناهم) في موضع الحال، وقد مرادة: أي وقد حشرناهم.
قوله تعالى (صفا) حال بمعنى مصطفين: أي مصفوفين، والتقدير: يقال لهم
(لقد جئتمونا) أو مفعولا لهم، فيكون حالا أيضا، و (بل) هاهنا للخروج
من قصة إلى قصة.
قوله تعالى (لا يغادر) في موضع الحال من الكتاب.
قوله تعالى (وإذ قلنا) أي واذكر (إلا إبليس) استثناء من غير الجنس،
وقيل من الجنس، و (كان من الجن) في موضع الحال، وقد معه مرادة
(ففسق) إنما أدخل الفاء هنا لأن معنى إلا إبليس امتنع ففسق (بئس) اسمها
مضمر فيها، والمخصوص بالذم محذوف: أي بئس البدل هو وذريته، (للظالمين)
حال من (بدلا) وقيل يتعلق ببئس.
قوله تعالى (ما أشهدتهم) أي إبليس وذريته ويقرأ أشهدناهم (عضدا)
يقرأ بفتح العين وضم الضاد، وبفتح العين وضمها مع سكون الضاد، والأصل هو
الأول، والثاني تخفيف، وفي الثالث نقل، ولم يجمع لأن الجمع في حكم الواحد إذ كان
المعنى أن جميع المضلين لا يصلح أن ينزلوا في الاعتضاد بهم منزلة الواحد، ويجوز أن
يكون اكتفى بالواحد عن الجمع.
قوله تعالى (ويوم نقول) أي واذكر يوم نقول، ويقرأ بالنون والياء،
(وبينهم) ظرف، وقيل هو مفعول به: أي وصيرنا وصلهم إهلاكا لهم.
والموبق مكان وإن شئت كان مصدرا يقال وبق يبق وبوقا وموبقا، ووبق يوبق وبقا
قوله تعالى (مصرفا) أي انصرافا، ويجوز أن يكون مكانا: أي لم يجدوا مكانا
ينصرف إليه عنها والله أعلم.
104

قوله تعالى (من كل مثل) أي ضربنا لهم مثلا من كل جنس من الأمثال
والمفعول محذوف، أو يخرج على قول الأخفش أن تكون من زائدة (أكثر شئ
جدلا) فيه وجهان: أحدهما أن شيئا هنا في معنى مجادل، لأن أفعل يضاف إلى ما هو
بعض له، وتمييزه بجدلا يقتضى أن يكون الأكثر مجادلا، وهذا من وضع العام موضع
الخاص. والثاني أن في الكلام محذوفا تقديره: وكان جدال الإنسان أكثر شئ ثم ميزه.
قوله تعالى (أن يؤمنوا) مفعول منع (أن تأتيهم) فاعله، وفيه حذف
مضاف: أي إلا طلب أو انتظار أن تأتيهم.
قوله تعالى (وما أنذروا) " ما " بمعنى الذي، والعائد محذوف، و (هزوا)
مفعول ثان، ويجوز أن تكون " ما " مصدرية.
قوله تعالى (أن يفقهوه) أي كراهية أن يفقهوه.
قوله تعالى (لو يؤاخذهم) مضارع محكى به الحال، وقيل هو بمعنى الماضي
والوعد هنا يصلح للمكان والمصدر، والموئل مفعل من وأل يئل إذا لجأوا، ويصلح
لهما أيضا.
قوله تعالى (وتلك) مبتدأ، و (أهلكناهم) الخبر، ويجوز أن يكون تلك
في موضع نصب يفسره المذكور، و (لمهلكهم) مفعل بضم الميم، وفتح اللام
وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر بمعنى الإهلاك مثل المدخل. والثاني هو مفعول:
أي لمن أهلك، أو لما أهلك منها، ويقرأ بفتحهما وهو مصدر هلك يهلك، ويقرأ
بفتح الميم وكسر اللام وهو مصدر أيضا ويجوز أن يكون زمانا وهو مضاف إلى الفاعل
ويجوز أن يكون إلى المفعول على لغة من قال هلكته أهلكه، والموعد زمان.
قوله تعالى (وإذ قال) أي واذكر (لا أبرح) فيه وجهان: أحدهما هي الناقصة
وفي اسمها وخبرها وجهان: أحدهما خبرها محذوف: أي لا أبرح أسير، والثاني
الخبر (حتى أبلغ) والتقدير: لا أبرح سيرى، ثم حذف الاسم وجعل ضمير المتكلم
عوضا منه، فأسند الفعل إلى المتكلم. والوجه الآخر هي التامة، والمفعول محذوف
أي لا أفارق السير حتى أبلغ، كقولك: لا أبرح المكان: أي لا أفارق (أو أمضى)
في " أو " وجهان: أحدهما هي لأحد الشيئين: أي أسير حتى يقع إما بلوغ المجمع
أو مضى الحقب. والثاني أنها بمعنى إلا أن: أي إلا أن أمضى زمانا أتيقن معه فوات
مجمع البحرين، والمجمع ظرف، ويقرأ بكسر الميم الثانية حملا على المغرب والمطلع.
105

قوله تعالى (سبيله) الهاء تعود على الحوت، و (في البحر) يجوز أن يتعلق
باتخذ، وأن يكون حالا من السبيل أو من (سربا).
قوله تعالى (أن أذكره) في موضع نصب بدلا من الهاء في أنسانيه: أي
ما أنساني ذكره، وكسر الهاء وضمها جائزان، وقد قرئ بهما (عجبا) مفعول
ثان لاتخذ، وقيل هو مصدر: أي قال موسى عجبا، فعلى هذا يكون المفعول الثاني
لاتخذ في البحر.
قوله تعالى (نبغي) الجيد إثبات الياء، وقد قرئ بحذفها على التشبيه بالفواصل
وسهل ذلك أن الهاء لا تضم هاهنا (قصصا) مصدر: فارتدا على المعنى، وقيل هو
مصدر فعل محذوف: أي يقصان قصصا، وقيل هو في موضع الحال: أي مقتصين
و (علما) مفعول به، ولو كان مصدرا لكان تعليما.
قوله تعالى (على أن تعلمن) هو في موضع الحال: أي أتبعك بإذلالي،
والكاف صاحب الحال، و (رشدا) مفعول تعلمن، ولا يجوز أن يكون مفعول
علمت لأنه لا عائد إذن على الذي، وليس بحال من العائد المحذوف، لأن المعنى على
ذلك يبرز والرشد والرشد لغتان وقد قرئ بهما.
قوله تعالى (خبرا) مصدر، لأن تحيط بمعنى تخبر.
قوله تعالى (تسألني) يقرأ بسكون اللام وتخفيف النون وإثبات الياء، وبفتح
اللام وتشديد النون، ونون الوقاية محذوفة، ويجوز أن تكون النون الخفيفة دخلت
على نون الوقاية، ويقرأ بفتح النون وتشديدها.
قوله تعالى (لتغرق أهلها) يقرأ بالتاء على الخطاب مشددا ومخففا، وبالياء
وتسمية الفاعل.
قوله تعالى (عسرا) هو مفعول ثان لتزهق، لأن المعنى لا تولني أو تغشني.
قوله تعالى (بغير نفس) الباء تتعلق بقتلت أي قتلته بلا سبب، ويجوز أن
يتعلق بمحذوف: أي قتلا بغير نفس، وأن تكون في موضع الحال: أي قتلته ظالما
أو مظلوما، والنكر والنكر لغتان قد قرئ بهما، وشيئا مفعول: أي أتيت شيئا
منكرا، ويجوز أن يكون مصدرا أي مجيئا منكرا.
قوله تعالى (من لدني) يقرأ بتشديد النون، والاسم لدن، والنون الثانية
وقاية وبتخفيفها وفيه وجهان: أحدهما هو كذلك إلا أنه حذف نون الوقاية كما قالوا
106

قدنى وقدى. والثاني أصله ولد وهي لغة فيها، والنون للوقاية، و (عذرا) مفعول
به كقولك: بلغت الغرض.
قوله تعالى (استطعما أهلها) هو جواب إذا، وأعاد ذكر الأهل توكيدا
(أن ينقض) بالضاد المعجمة المشددة من غير ألف، وهو من السقوط شبه
بانقضاض الطائر، ويقرأ بالتخفيف على ما لم يسم فاعله من النقض، ويقرأ بالألف
والتشديد مثل يحمار، ويقرأ كذلك بغير تشديد، وهو من قولك انقضاض البناء إذا
تهدم، وهو ينفعل، ويقرأ بالضاد مشددة من قولك انقاضت السن إذا انكسرت
(لاتخذت) يقرأ بكسر الخاء مخففة، وهو من تخذ يتخذ إذا عمل شيئا، ويقرأ
بالتشديد وفتح الخاء وفيه وجهان: أحدهما هو افتعل من تخذه. والثاني أنه من الأخذ
وأصله أيتخذ، فأبدلت الياء تاء وأدغمت، وأصل الياء الهمزة.
قوله تعالى (فراق بيني) الجمهور على الإضافة، أي تفريق وصلنا، ويقرأ
بالتنوين، وبين منصوب على الظرف.
قوله تعالى (غصبا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال، أو مصدر أخذ
من معناه.
قوله تعالى (مؤمنين) خبر كان، ويقرأ شاذا بالألف على أن في كان ضمير
الغلام أو الشأن، والجملة بعدها خبرها.
قوله تعالى (زكاة) تمييز، والعامل خيرا منه، و (رحما) كذلك، والتسكين
والضم لغتان.
قوله تعالى (رحمة من ربك) مفعول له أو موضع الحال.
قوله تعالى (منه ذكرا) أي من إخباره، فحذف المضاف.
قوله تعالى (مكنا له) المفعول محذوف: أي أمره.
قوله تعالى (فأتبع) يروى بوصل الهمزة والتشديد، و (سببا) مفعوله،
ويقرأ بقطع الهمزة والتخفيف، وهو متعد إلى اثنين أي أتبع سببا سببا.
قوله تعالى (حمئة) يقرأ بالهمز من غير ألف، وهو من حمئت البئر تحمأ إذا
صارت فيها حمأة، وهو الطين الأسود، ويجوز تخفيف الهمزة، ويقرأ بالألف من
غير همز، وهو مخفف من المهموز أيضا، ويجوز أن يكون من حمى الماء إذا اشتد
حره، كقوله تعالى " نارا حامية " (إما أن تعذب) " أن " في موضع رفع
107

بالابتداء، والخبر محذوف: أي إما العذاب واقع منك بهم، وقيل هو خبر: أي
إما هو أن تعذب وإما الجزاء أن تعذب، وقيل هو في موضع نصب: أي إما توقع أن
تعذب أو تفعل (حسنا) أي أمرا ذا حسن.
قوله تعالى (جزاء الحسنى) يقرأ بالرفع والإضافة، وهو مبتدأ أو مرفوع
بالظرف، والتقدير: فله جزاء الخصلة الحسنى بدل، ويقرأ بالرفع والتنوين،
والحسنى بدل أو خبر مبتدأ محذوف، ويقرأ بالنصب والتنوين: أي فله الحسنى جزاء،
فهو مصدر في موضع الحال: أي مجزيا بها، وقيل هو مصدر على المعنى: أي يجزى
بها جزاء، وقيل تمييز، ويقرأ بالنصب من غير تنوين، وهو مثل المنون إلا أنه حذف
التنوين لالتقاء الساكنين (من أمرنا يسرا) أي شيئا ذا يسر.
قوله تعالى (مطلع الشمس) يجوز أن يكون مكانا، وأن يكون مصدرا،
والمضاف محذوف: أي مكان طلوع الشمس.
قوله تعالى (كذلك) أي الأمر كذلك، ويجوز أن يكون صفة لمصدر
محذوف.
قوله تعالى (بين السدين) بين هاهنا مفعول به، والسد بالفتح مصدر سد،
وهو بمعنى المسدود، وبالضم اسم للمسدود، وقيل المضموم ما كان من خلق الله،
والمفتوح ما كان من صنعة الآدمي، وقيل هما لغتان بمعنى واحد وقد قرئ بهما.
قوله تعالى (يأجوج ومأجوج) هما اسمان أعجميان لم ينصرفا للعجمة والتعريف
ويجوز همزهما وترك همزهما، وقيل هما عربيان، فيأجوج يفعول مثل يربوع،
ومأجوج مفعول مثل معقول، وكلاهما من أج الظليم إذا أسرع، أن من أجت النار
إذا التهبت، ولم ينصرفا للتعريف والتأنيث. والخرج يقرأ بغير ألف مصدر خرج،
والمراد به الأجر، وقيل هو بمنى مخرج، والخراج بالألف وهو بمعنى الأجر أيضا،
وقيل هو المال المضروب على الأرض أو الرقاب.
قوله تعالى (ما مكنى فيه) يقرأ بالتشديد على الإدغام، وبالإظهار على الأصل
و " ما " بمعنى الذي وهو مبتدأ، و (خير) خبره (بقوة) أي برجال ذي
ذوي قوة أو متقوى به، والردم بمعنى المردوم به أو الرادم (آتوني) يقرأ بقطع
الهمزة والمد: أي أعطوني، وبوصلها: أي جيؤني، والتقدير: بزبر الحديد، أو
هو بمعنى أحضروا لأن جاء وحضر متقاربان، و (الصدفين) يقرأ بضمتين، وبضم
الأول وإسكان الثاني، وبفتحتين، وبفتح الأول وإسكان الثاني، وبفتح الأول
108

وضم الثاني وكلها لغات، والصدف جانب الجبل (قطرا) مفعول آتوني ومفعول
أفرغ محذوف: أي أفرغه، وقال الكوفيون: هو مفعول أفرغ، ومفعول الأول
محذوف.
قوله تعالى (فما اسطاعوا) يقرأ بتخفيف الطاء. أي استطاعوا، وحذف التاء
تخفيفا: ويقرأ بتشديدها وهو بعيد لما فيه من الجمع بين الساكنين.
قوله تعالى (دكاء) ودكا قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (الذين كانت) في موضع جر صفة للكافرين، أو نصب بإضمار
أعنى: أو رفع بإضمارهم.
قوله تعالى (أفحسب) يقرأ بكسر السين على أنه فعل (أن يتخذوا) سد
مسد المفعولين، ويقرأ بسكون السين ورفع الباء على الابتداء، والخبر أن يتخذوا.
قوله تعالى (هل ننبئكم) يقرأ بالإظهار على الأصل، وبالإدغام لقرب
مخرج الحرفين، (أعمالا) تمييز، وجاز جمعه لأنه منصوب عن أسماء الفاعلين.
قوله تعالى (فلا نقيم لهم) يقرأ بالنون والياء وهو ظاهر، ويقرأ يقوم،
والفاعل مضمر: أي فلا يقوم عملهم أو سعيهم أو صنيعهم، و (وزنا) تمييز أو حال.
قوله تعالى (ذلك) أي الأمر ذلك، وما بعده مبتدأ وخبر، ويجوز أن يكون ذلك
مبتدأ، و (جزاؤهم) مبتدأ ثان، و (جهنم) خبره، والجملة خبر الأول،
والعائد محذوف: أي جزاؤهم به، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ، وجزاؤهم بدلا
أو عطف بيان، وجهنم الخبر، ويجوز أن تكون جهنم بدلا من جزاء أو خبر ابتداء
محذوف، أي هو جهنم، و (بما كفروا) خبر ذلك، ولا يجوز أن تتعلق الباء
بجزاؤهم للفصل بينهما بجهنم (واتخذوا) يجوز أن يكون معطوفا على كفروا، وأن
يكون مستأنفا.
قوله تعالى (نزلا) يجوز أن يكون حالا من جنات، ولهم الخبر، وأن يكون
نزلا خبر كان ولهم يتعلق بكان أو بالخبر أو على التبيين.
قوله تعالى (لا يبغون) حال من الضمير في خالدين. والحلول مصدر
بمعنى التحول.
قوله تعالى (مددا) هو تمييز، ومدادا بالألف مثله في المعنى.
قوله تعالى (إنما إلهكم) أن هاهنا مصدرية، ولا يمنع من ذلك دخول " ما "
109

الكافة عليها، و (بعبادة ربه) أي في عبادة ربه، ويجوز أن تكون على بابها:
أي بسبب عبادة ربه، والله أعلم.
سورة مريم عليها السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قد ذكرنا الكلام على الحروف المقطعة في أول البقرة فليتأمل من ثم.
قوله تعالى (عص) يقرأ بإخفاء النون عند الصاد لمقاربتها إياها واشتراكهما
في الفم، ويقرأ بإظهارها لأن الحروف المقطعة يقصد تمييز بعضها عن بعض إيذانا
بأنها مقطعة، ولذلك وقف بعضهم على كل حرف منها وقفة يسيرة، وإظهار النون
يؤذن بذلك.
قوله تعالى (ذكر رحمة ربك) في ارتفاعه ثلاثة أوجه أحدها هو خبر مبتدأ
محذوف: أي هذا ذكر. والثاني هو مبتدأ والخبر محذوف: أي فيما يتلى عليك ذكر.
والثالث هو خبر الحروف المقطعة ذكره الفراء وفيه بعد لأن الخبر هو المبتدأ في المعنى
وليس في الحروف المقطعة ذكر الرحمة، ولا في ذكر الرحمة معناها، وذكر مصدر
مضاف إلى المفعول، والتقدير: هذا أن ذكر ربك رحمته عبده، وقيل هو مضاف
إلى الفاعل على الاتساع، والمعنى: هذا إن ذكرت رحمة ربك، فعلى الأول ينتصب
عبده برحمة، وعلى الثاني بذكر، ويقرأ في الشاذ " ذكر " على الفعل الماضي، ورحمة
مفعول، وعبده فاعل، و (زكريا) بدل على الوجهين من عبده، ويقرأ بتشديد
الكاف ورحمة وعبده بالنصب: أي هذا القرآن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أو
الأمة، و (إذ) ظرف لرحمة أو لذكر.
قوله تعالى (شيبا) نصب على التمييز، وقيل هو مصدر في موضع الحال، وقيل
هو منصوب على المصدر من معنى اشتعل لأن معناه شاب، و (بدعائك) مصدر
مضاف إلى المفعول: أي بدعائي إياك.
قوله تعالى (خفت الموالي) فيه حذف مضاف: أي عدم الموالي أو جور الموالي
ويقرأ خفت بالتشديد وسكون التاء، والموالي فاعل: أي نقص عددهم، والجمهور
على المد وإثبات الياء في (ورائي) ويقرأ بالقصر وفتح الياء، وهو قصر الممدود.
قوله تعالى (يرثني) يقرأ بالجزم فيهما على الجواب: أي أن يهب يرث،
110

وبالرفع فيهما على الصفة لولى، وهو أقوى من الأولى لأنه سأل وليا هذه صفته،
والجزم لا يحصل بهذا المعنى وقرئ شاذا يرثني وارث على أنه اسم فاعل، و (رضيا)
أي مرضيا، وقيل راضيا، ولام الكلمة واو وقد تقدم، و (سميا) فعيل بمعنى
مساميا، ولام الكلمة واو من سما يسمو.
قوله تعالى (عتيا) أصله عتو على فعول، مثل قعود وجلوس، إلا أنهم استثقلوا
توالي الضمتين والواوين فكسروا التاء فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها،
ثم قلبت الواو التي هي لام ياء لسبق الأولى بالسكون، ومنهم من يكسر العين اتباعا
ويقرأ بفتحها على أنها مصدر على فعيل، وكذلك بكى وصلى وهو منصوب ببلغت:
أي بلغت العتي من الكبر: أي من أجل الكبر، ويجوز أن تكون حالا من عتي،
وأن تتعلق ببلغت، وقيل " من " زائدة، وعتيا مصدر مؤكد أو تمييز أو مصدر في
موضع الحال من الفاعل.
قوله تعالى (قال كذلك) أي الأمر كذلك، وقيل هو في موضع نصب: أي
أفعل مثل ما طلبت، وهو كناية عن مطلوبه.
قوله تعالى (سويا) حال من الفاعل في تكلم.
قوله تعالى (أن سبحوا) يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون بمعنى أي،
و (بقوة) مفعول أو حال (وحنانا) معطوف على الحكم: أي وهبنا له تحننا،
وقيل هو مصدر (وبرا) أي وجعلناه برا، وقيل هو معطوف على خبر كان.
قوله تعالى (إذ انتبذت) في " إذ " أربعة أوجه: أحدها أنها ظرف والعامل
فيه محذوف تقديره: واذكر خبر مريم إذ انتبذت. والثاني أن تكون حالا من
المضاف المحذوف. والثالث أن يكون منصوبا بفعل محذوف: أي وبين إذ انتبذت
فهو على كلام آخر كما قال سيبويه في قوله تعالى " انتهوا خيرا لكم " وهو في الظرف
أقوى وإن كان مفعولا به. والرابع أن يكون بدلا من مريم بدل الاشتمال، لأن
الأحيان تشتمل على الجثث، ذكره الزمخشري وهو بعيد، لأن الزمان إذا لم يكن
حالا من الجثة ولا خبرا عنها ولا وصفا لها لم يكن بدلا منها، وقيل " إذ " بمعنى أن
المصدرية كقولك: لا أكرمك إذ لم تكرمني: أي لأنك لم تكرمني، فعلى هذا يصح
بدل الاشتمال: أي واذكر مريم انتباذها، و (مكانا) ظرف، وقيل مفعول به
على المعنى إذ أتت مكانا (بشرا سويا) حال.
قوله تعالى (لاهب) يقرأ بالهمز وفيه وجهان: أحدهما أن الفاعل الله تعالى،
111

والتقدير: قال لأهب لك. والثاني الفاعل جبريل عليه السلام، وأضاف الفعل إليه
لأنه سبب فيه. ويقرأ بالياء وفيه وجهان: أحدهما أن أصلها الهمزة قلبت ياء للكسر
قبلها تخفيفا. والثاني ليهب الله.
قوله تعالى (بغيا) لام الكلمة ياء، يقال بغت تبغى، وفى وزنه وجهان:
أحدهما هو فعول: فلما اجتمعت الواو والياء قلبت الواو ياء وأدغمت وكسرت الغين
اتباعا، ولذلك لم تلحق تاء التأنيث كما لم تلحق في امرأة صبور وشكور. والثاني هو
فعيل بمعنى فاعل، ولم تلحق التاء أيضا للمبالغة، وقيل لم تلحق لأنه على النسب مثل
طالق وحائض.
قوله تعالى (كذلك) أي الأمر كذلك، وقيل التقدير: قال ربك مثل ذلك
و (هو على هين) مستأنف على هذا القول (ولنجعله آية للناس) أي
ولنجعله آية للناس خلقناه من غير أب وقيل التقدير: نهبه لك ولنجعله (وكان أمرا)
أي وكان خلقه أمرا.
قوله تعالى (فانتبذت به) الجار والمجرور حال: أي فانتبذت وهو معها.
قوله تعالى (فأجاءها المخاض) الأصل جاءها، ثم عدى بالهمزة إلى مفعول
ثان، واستعمل بمعنى ألجأها، ويقرأ بغير همز على فاعلها، وهو من المفاجأة، وترك
الهمزة الأخيرة تخفيفا، والمخاض بالفتح وجع الولادة، ويقرأ بالكسر وهما لغتان،
وقيل الفتح اسم للمصدر مثل السلام والعطاء، والكسر مصدر مثل القتال، وجاء
على فعال مثل الطراق والعقاب.
قوله تعالى (يا ليتني) قد ذكر في النساء (نسيا) بالكسر، وهو بمعنى المنسى
وبالفتح: أي شيئا حقيرا، وهو قريب من معنى الأول، ويقرأ بفتح النون وهمزة
بعد السين، وهو من نسأت اللبن إذا خالطت به ماء كثيرا، وهو في معنى الأول
أيضا، و (منسيا) بالفتح والكسر على الاتباع شاذ مثل المغيرة.
قوله تعالى (من تحتها) يقرأ بفتح الميم، وهو فاعل نادى، والمراد به عيسى
صلى الله عليه وسلم، أي من تحت ذيلها، وقيل المراد من دونها، وقيل المراد به
جبريل عليه السلام، وهو تحتها في المكان كما تقول: داري تحت دارك، ويقرأ
بكسر الميم والفاعل مضمر في الفعل، وهو عيسى أو جبريل صلوات الله عليهما،
والجار على هذا حال أو ظرف، و (أن لا) مصدرية أو بمعنى أي.
قوله تعالى (بجذع النخلة) الباء زائدة: أي أميلي إليك، وقيل هي محمولة
112

على المعنى، والتقدير: هزي الثمرة بالجذع: أي انفضى، وقيل التقدير: وهزي إليك
رطبا جنيا كائنا بجذع النخلة فالباء على هذا حال (تساقط) يقرأ على تسعة أوجه:
بالتاء والتشديد، والأصل تتساقط وهو أحد الأوجه 7. والثالث بالياء والتشديد والأصل
يتساقط فأدغمت التاء في السين. والرابع بالتاء والتخفيف على حذف الثانية والفاعل
على هذه الأوجه النخلة، وقيل الثمرة لدلالة الكلام عليها. والخامس بالتاء والتخفيف
وضم القاف. والسادس كذلك إلا أنه بالياء والفاعل الجذع أو الثمر. والسابع " تساقط "
بتاء مضمومة وبالألف وكسر القاف. والثامن كذلك إلا أنه بالياء والتاسع " تسقط "
بتاء مضمومة وكسر القاف من غير ألف، وأظن أنه يقرأ كذلك بالياء، و (رطبا)
فيه أربعة أوجه: أحدها هو حال موطئة، وصاحب الحال الضمير في الفعل. والثاني
هو مفعول به لتساقط. والثالث هو مفعول هزي. والرابع هو تمييز، وتفصيل هذه
الأوجه يتبين بالنظر في القراءات، فيحمل كل منها على ما يليق به، و (جنيا)
بمعنى مجنى، وقيل هو بمعنى فاعل: أي طريا.
قوله تعالى (وقرى) يقرأ بفتح القاف والماضي منه قررت يا عين بكسر الراء
والكسر قراءة شاذة، وهي لغة شاذة، والماضي قررت يا عين بفتح الراء، و (عينا)
تمييز، و (ترين) أصله ترأيين مثل ترغبين، فالهمزة عين الفعل، والياء لامه،
وهو مبنى هنا من أجل نون التوكيد مثل لتضربن، فألقيت حركة الهمزة على الراء
وحذفت اللام للبناء كما تحذف في الجزم، وبقيت ياء الضمير وحركت لسكونها
وسكون النون بعدها، فوزنه يفين، وهمزة هذا الفعل تحذف في المضارع أبدا، ويقرأ
ترين بإسكان الياء وتخفيف النون على أنه لم يجزم بإما وهو بعيد، و (من البشر)
حال من (أحدا) أو مفعول به.
قوله تعالى (فأتت به) الجار والمجرور حال، وكذلك (تحمله) وصاحب
الحال مريم، ويجوز أن يجعل تحمله حالا من ضمير عيسى عليه السلام، و (جئت)
أي فعلت فيكون (شيئا) مفعولا، ويجوز أن يكون مصدرا: أي مجيئا عظيما.
قوله تعالى (من كان) كان زائدة: أي من هو في المهد، و (صبيا) حال
من الضمير في الجار والضمير المنفصل المقدر كان متصلا بكان، وقيل كان الزائدة
لا يستتر فيها ضمير فعلى هذا لا تحتاج إلى تقدير هو، بل يكون الظرف صلة من،
وقيل ليست زائدة بل هي كقوله " وكان الله عليما حكيما " وقد ذكر، وقيل هي بمعنى
صار، وقيل هي التامة، ومن بمعنى الذي، وقيل شرطية وجوابها كيف.
113

قوله تعالى (وبرا) معطوف على مباركا، ويقرأ في الشاذ بكسر الباء والراء، وهو
معطوف على الصلاة، ويقرأ بكسر الباء وفتح الراء: أي وألزمني برا، أو جعلتني
ذا بر، فحذف المضاف أو وصفه بالمصدر.
قوله تعالى (والسلام) إنما جاءت هذه بالألف واللام لأن التي في قصة يحيى
عليه السلام نكرة، فكان المراد بالثاني الأول كقوله تعالى " كما أرسلنا إلى فرعون
رسولا فعصى فرعون الرسول " وقيل النكرة والمعرفة في مثل هذا سواء (ويوم
ولدت) ظرف، والعامل فيه الخبر الذي هو على، ولا يعمل فيه السلام للفصل
بينهما بالخبر.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (عيسى) خبره، و (ابن مريم) نعت أو
خبر ثان، و (قول الحق) كذلك، وقيل هو خبر مبتدإ محذوف، وقيل عيسى
عليه السلام بدل أو عطف بيان وقول الحق الخبر، ويقرأ قول الحق بالنصب على
المصدر أي أقول قول الحق، وقيل هو حال من عيسى، وقيل التقدير: أعنى قول
الحق، ويقرأ قال الحق، والقال اسم للمصدر مثل القيل، وحكى قول الحق بضم القاف
مثل الروح وهي لغة فيه.
قوله تعالى (وأن الله) بفتح الهمزة. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على قوله
بالصلاة: أي وأوصاني بأن الله ربى. والثاني هو متعلق بما بعده، والتقدير: لأن الله
ربى وربكم فاعبدوه: أي لوحدانيته أطيعوه، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (أسمع بهم وأبصر) لفظه لفظ الأمر ومعناه التعجب، وبهم في موضع
رفع كقولك: أحسن بزيد أي أحس زيد. وحكى عن الزجاج أنه أمر حقيقة، والجار
والمجرور نصب، والفاعل مضمر فهو ضمير المتكلم، كأن المتكلم يقول لنفسه: أوقع
به سمعا أو مدحا، و (اليوم) ظرف والعامل فيه الظرف الذي بعده.
قوله تعالى (إذ قضى الأمر) " إذ " بدل من يوم أو ظرف للحسرة، وهو
مصدر فيه الألف واللام، وقد عمل.
قوله تعالى (إذ قال لأبيه) في " إذ " وجهان: أحدهما هي مثل إذ انتبذت
في أوجهها، وقد فصل بينهما بقوله " إنه كان صديقا نبيا ". والثاني أن " إذ " ظرف،
والعامل فيه صديقا نبيا أو معناه.
قوله تعالى (أراغب أنت) مبتدأ، وأنت فاعله، وأغنى عن الخبر، وجاز
114

الابتداء بالنكرة لاعتمادها على الهمزة، و (مليا) ظرف: أي دهرا طويلا، وقيل
هو نعت لمصدر محذوف.
قوله تعالى (وكلا جعلنا) هو منصوب بجعلنا.
قوله تعالى (نجيا) هو حال، و (هارون) بدل، و (نبيا) حال.
قوله تعالى (مكانا عليا) ظرف.
قوله تعالى (من ذرية آدم) هو بدل من النبيين بإعادة الجار، و (سجدا)
حال مقدرة لأنهم غير سجود في حال خرورهم (وبكيا) قد ذكر، و (غيا)
أصله غوى فأدغمت الواو في الياء.
قوله تعالى (جنات عدن) من كسر التاء أبدله من الجنة في الآية قبلها، ومن
رفع فهو خبر مبتدإ محذوف (إنه) الهاء ضمير اسم الله تعالى، ويجوز أن تكون
ضمير الشأن، فعلى الأول يجوز أن لا يكون في كان ضمير، وأن يكون فيه ضمير
و (وعده) بدل منه بدل الاشتمال، و (مأتيا) على بابه، لأن ما تأتيه فهو
يأتيك، وقيل المراد بالوعد الجنة: أي كان موعده مأتيا وقيل مفعول هنا بمعنى فاعل،
وقد ذكر مثله في سبحان.
قوله تعالى (وما نتنزل) أي وتقول الملائكة.
قوله تعالى (رب السماوات) خبر مبتدإ محذوف، أو مبتدأ والخبر (فاعبده)
على رأى الأخفش في جواز زيادة الفاء.
قوله تعالى (أئذا) العامل فيها فعل دل عليه الكلام: أي أبعث إذا، ولا يجوز
أن يعمل فيها (أخرج) لأن ما بعد اللام وسوف لا يعمل فيما قبلها مثل إن.
قوله تعالى (يذكر) بالتشديد: أي يتذكر، وبالتخفيف منه أيضا، أو من
الذكر باللسان (جثيا) قد ذكر في عتيا وبكيا، وأصله جثو ومصدرا كان أو جمعا.
قوله تعالى (أيهم أشد) يقرأ بالنصب شاذا، والعامل فيه لننزعن، وهي بمعنى
الذي، ويقرأ بالضم، وفيه قولان: أحدهما أنها ضمة بناء وهو مذهب سيبويه، وهي
بمعنى الذي، وإنما بنيت هاهنا لأن أصلها البناء لأنها بمنزلة الذي، " ومن " من
الموصولات إلا أنها أعربت حملا على كل أو بعض، فإذا وصلت بجملة تامة بقيت
على الإعراب، وإذا حذف العائد عليها بنيت لمخالفتها بقية الموصولات فرجعت إلى
حقها من البناء بخروجها عن نظائرها، وموضعها نصب بننزع. والقول الثاني هي
115

ضمة الإعراب. وفيه خمسة أقوال: أحدها أنها مبتدأ وأشد خبره وهو على الحكاية،
والتقدير: لننزعن من كل شيعة الفريق الذي يقال أيهم، فهو على هذا استفهام وهو
قول الخليل. والثاني كذلك في كونه مبتدأ وخبرا واستفهاما، إلا أن موضع الجملة
نصب بننزعن، وهو فعل معلق عن العمل ومعناه التمييز، فهو قريب من معنى العلم
الذي يجوز تعليقه كقولك: علمت أيهم في الدار، وهو قول يونس. والثالث أن
الجملة مستأنفة، وأي استفهام، ومن زائدة: أي لننزعن كل شيعة، وهو قول
الأخفش والكسائي، وهما يجيزان زيادة من في الواجب. والرابع أن أيهم مرفوع
بشيعة، لأن معناه تشيع، والتقدير: لننزعن من كل فريق يشيع أيهم، وهو على
هذا بمعنى الذي، وهو قول المبرد. والخامس أن ننزع علقت عن العمل، لأن معنى
الكلام معنى الشرط، والشرط لا يعمل فيما قبله، والتقدير: لننزعنهم تشيعوا أو لم
يتشيعوا، أو إن تشيعوا، ومثله لأضربن أيهم غضب: أي إن غضبوا أو لم يغضبوا،
وهو قول يحيى عن الفراء، وهو أبعدها عن الصواب.
قوله تعالى (وإن منكم) أي وما أحد منكم فحذف الموصوف، وقيل التقدير:
وما منكم إلا من هو واردها، وقد تقدم نظائرها.
قوله تعالى (مقاما) يقرأ بالفتح وفيه وجهان: أحدهما هو موضع الإقامة. والثاني
هو مصدر كالإقامة، وبالضم وفيه الوجهان. ولام الندى واو، يقال ندوتهم: أي
أتيت ناديهم وجلست في النادي، ومصدره الندو.
قوله تعالى (وكم) منصوب ب‍ (أهلكنا) و (هم أحسن) صفة لكم،
و (رئيا) يقرأ بهمزة ساكنة بعد الواو وهو من الرؤية: أي أحسن منظرا، ويقرأ
بتشديد الياء من غير همز. وفيه وجهان: أحدهما أنه قلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار
ما قبلها ثم أدغم. والثاني أن تكون من الري ضد العطش، لأنه يوجب حسن البشرة
ويقرأ ريئا بهمزة بعد ياء ساكنة وهو مقلوب. يقال في رأى أرى، ويقرأ بياء خفيفة
من غير همز، ووجهها أنه نقل حركة الهمزة إلى الياء وحذفها، ويقرأ بالزاي
والتشديد: أي أحسن زينة، وأصله من زوى يزوى لأن المتزين يجمع ما يحسنه.
قوله تعالى (قل من كان) هي شرطية والأمر جوابها، والأمر هنا بمعنى
الخبر: أي فليمدن له، والأمر أبلغ لما يتضمنه من اللزوم، و (حتى) يحكى ما بعدها
هاهنا، وليست متعلقة بفعل (إما العذاب وإما الساعة) كلاهما بدل مما يوعدون
(فسيعلمون) جواب إذا (ويزيد) معطوف على معنى فليمدد: أي فيمد
116

ويزيد من هو، فيه وجهان: أحدهما هي بمعنى الذي، وهو " شر " صلتها وموضع من
نصب بيعلمون. والثاني هي استفهام، وهو فصل وليست مبتدأ.
قوله تعالى (وولدا) يقرأ بفتح الواو واللام وهو واحد، وقيل يكون جمعا
أيضا، ويقرأ بضم الواو وسكون اللام، وهو جمع ولد مثل أسد وأسد، وقيل يكون
واحدا أيضا، وهي لغة والكسر لغة أخرى.
قوله تعالى (أطلع) الهمزة همزة استفهام لأنها مقابلة لأم وهمزة الوصل محذوفة
لقيام همزة الاستفهام مقامها، ويقرأ بالكسر على أنها همزة وصل، وحرف الاستفهام
محذوف لدلالة أم عليه.
قوله تعالى (كلا) يقرأ بفتح الكاف من غير تنوين، وهي حرف معناه الزجر
عن قول منكر يتقدمها، وقيل هي بمعنى حقا، ويقرأ بالتنوين، وفيه وجهان:
أحدهما هي مصدر كل: أي أعيا: أي كلوا في دعواهم وانقطعوا. والثاني هي بمعنى
النقل: أي حملوا كلا، ويقرأ بضم الكاف والتنوين وهو حال: أي سيكفرون جميعا
وفيه بعد (بعبادتهم) المصدر مضاف إلى الفاعل: أي سيكفر المشركون بعبادتهم
الأصنام، وقيل هو مضاف إلى المفعول: أي سيكفر المشركون بعبادة الأصنام،
وقيل سيكفر الشياطين بعبادة المشركين إياهم، و (ضدا) واحد في معنى الجمع،
والمعنى أن جميعهم في حكم واحد لأنهم متفقون على الإضلال.
قوله تعالى (ونرثه ما يقول) في " ما " وجهان أحدهما هو بدل من الهاء،
وهي بدل الاشتمال: أي نرث قوله. والثاني هو مفعول به: أي نرث منه قوله.
قوله تعالى (يوم نحشر) العامل فيه لا يملكون، وقيل " نعد لهم " وقيل تقديره:
اذكر، و (وفدا) جمع وافد مثل راكب وركب وصاحب وصحب. والورد اسم
لجمع وارد، وقيل هو بمعنى وارد، والورد العطاش، وقيل هو محذوف من وارد
وهو بعيد (لا يملكون) حال (إلا من اتخذ) في موضع نصب على الاستثناء
المنقطع، وقيل هو متصل على أن يكون الضمير في يملكون للمتقين والمجرمين، وقيل
هو في موضع رفع بدلا من الضمير في يملكون.
قوله تعالى (شيئا إدا) الجمهور على كسر الهمزة وهو العظيم، ويقرأ شاذا
بفتحها على أنه مصدر أد يؤد إذا جاءك بداهية: أي شيئا ذا إد، وجعله نفس الداهية
على التعظيم.
قوله تعالى (يتفطرن) يقرأ بالياء والنون، وهو مطاوع فطر بالتخفيف،
117

ويقرأ بالتاء والتشديد، وهو مطاوع فطر بالتشديد، وهو هنا أشبه بالمعنى و (هدا)
مصدر على المعنى لأن تخر بمعنى تهد، وقيل هو حال.
قوله تعالى (أن دعوا للرحمن) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو في موضع نصب
لأنه مفعول له. والثاني في موضع جر على تقدير اللام. والثالث في موضع رفع:
أي الموجب لذلك دعاؤهم.
قوله تعالى (من) نكرة موصوفة، و (في السماوات) صفتها، و (إلا آتى)
خبر كل، وواحد آتى حملا على لفظ كل وقد جمع في موضع آخر حملا على معناها،
ومن الإفراد " وكلهم آتيه ".
قوله تعالى (بلسانك) قيل الباء بمعنى على، وقيل هي على أصلها: أي أنزلناه
بلغتك فيكون حالا.
سورة طه
بسم الله الرحمن الرحيم
(طه) قد ذكر الكلام عليها في القول الذي جعلت فيه حروفا مقطعة، وقيل
معناه يا رجل، فيكون منادى، وقيل " طا " فعل أمر وأصله بالهمز، ولكن أبدل
من الهمزة ألفا، وها ضمير الأرض، ويقرأ طه، وفي الهاء وجهان: أحدهما أنها بدل
من الهمزة كما أبدلت في أرقت فقيل هرقت. والثاني أنه أبدل من الهمزة ألفا ثم حذفها
للبناء وألحقها هاء السكت.
قوله تعالى (إلا تذكرة) هو استثناء منقطع: أي لكن أنزلناه تذكرة:
أي للتذكرة، وقيل هو مصدر: أي لكن ذكرنا به تذكرة، ولا يجوز أن يكون
مفعولا له لأنزلنا المذكورة، لأنها قد تعدت إلى مفعول له: وهو " لتشقى " فلا يتعدى
إلى آخر من جنسه، ولا يصح أن يعمل فيها لتشقى لفساد المعنى، وقيل تذكرة مصدر
في موضع الحال.
قوله تعالى (تنزيلا) هو مصدر: أي أنزلناه تنزيلا، وقيل هو مفعول يخشى،
ومن متعلقة به و (العلى) جمع العليا.
قوله تعالى (له ما في السماوات) مبتدأ وخبر، أو تكون " ما " مرفوعة بالظرف
118

وقال بعض الغلاة " ما " فاعل استوى وهو بعيد، ثم هو غير نافع له في التأويل،
إذ يبقى قوله " الرحمن على العرش " كلاما تاما، ومنه هرب، وفي الآية تأويلات أخر
لا يدفعها الإعراب.
قوله تعالى (وأخفى) يجوز أن يكون فعلا ومفعوله محذوف: أي وأخفى السر
عن الخلق، ويجوز أن يكون اسما: أي وأخفى منه.
قوله تعالى (إذ رأى) " إذ " ظرف للحديث أو مفعول به، أي اذكر (لأهله)
بكسر الهاء وضمها وقد ذكر، ومن ضم أتبعه ما بعده، و (منها) يجوز أن يتعلق
بآتيكم أو حالا من (قبس) والجيد في (هذا) هنا أن يكتب بألف، ولايمال
لأن الألف بدل من التنوين في القول المحقق، وقد أمالها قوم وفيه ثلاثة أوجه: أحدها
أن يكون شبه ألف التنوين بلام الكلمة: إذ اللفظ بهما في المقصور واحد. والثاني
أن تكون لام الكلمة ولم يبدل من التنوين شيئا في النصب كما جاء:
* وآخذ من كل حي عصم *
والثالث أن تكون على رأى من وقف في الأحوال الثلاثة من غير إبدال.
قوله تعالى (نودي) المفعول القائم مقام الفاعل مضمر: أي نودي موسى،
وقيل هو المصدر: أي نودي النداء وما بعده مفسر له و (يا موسى) لا يقوم مقام
الفاعل لأنه جملة (إني) يقرأ بالكسر: أي فقال إني أو لأن النداء قول، وبالفتح
أي نودي بأني كما تقول: ناديته باسمه، و (أنا) مبتدأ أو توكيد أو فصل.
قوله تعالى (طوى) يقرأ بالضم والتنوين، وهو اسم علم للوادي، وهو بدل
منه، ويجوز أن يكون رفعا، أي هو طوى، ويقرأ بغير تنوين على أنه معرفة مؤنث
اسم للبقعة، وقيل هو معدول، وإن لم يعرف لفظ المعدول عنه، فكأن أصله طاوى
فهو في ذلك كجمع وكتع، ويقرأ بالكسر على أنه مثل عنب في الأسماء، وعدا
وسوى في الصفات.
قوله تعالى (وأنا اخترتك) على لفظ الإفراد، وهو أشبه بما قبله: ويقرأ
وإنا اخترناك، على الجمع، والتقدير: لأنا اخترناك فاستمع، فاللام تتعلق باستمع،
ويجوز أن يكون معطوفا على أني أي بأني أنا ربك، وبأنا اخترناك.
قوله تعالى (لذكرى) اللام تتعلق بأقم، والتقدير عند ذكرك إياي، فالمصدر
مضاف إلى المفعول، وقيل هو إلى الفاعل: أي لذكرى إياك أو إياها.
119

قوله تعالى (أخفيها) بضم الهمزة وفيه وجهان: أحدهما أسترها (1) أي من نفسي
لأنه لم يطلع عليها مخلوقا. والثاني أظهرها، قيل هو من الأضداد، وقيل الهمزة للسلب:
أي أزيل خفاءها، ويقرأ بفتح الهمزة ومعناه أظهرها، يقال: خفيت الشئ:
أي أظهرته (لتجزى) اللام تتعلق بأخفيها، وقيل بآتية، ولذلك وقف عليه بعضهم
وقفة يسيرة إيذانا بانفصالها عن أخفيها، وقيل لفظه لفظ كي، وتقديره: القسم:
أي لتجزين، وما مصدرية، وقيل بمعنى الذي: أي تسعى فيه.
قوله تعالى (فتردى) يجوز أن يكون نصبا على جواب النهى، ورفعا أي
فإذا أنت تردى.
قوله تعالى (وما تلك) " ما " مبتدأ، وتلك خبره، وهو بمعنى هذه،
و (بيمينك) حال يعمل فيها معنى الإشارة، وقيل هو بمعنى الذي، فيكون
بيمينك صفة لها.
قوله تعالى (عصاي) الوجه فتح الياء لالتقاء الساكنين، ويقرأ بالكسر وهو
ضعيف لاستثقاله على الياء، ويقرأ عصى، وقد ذكر نظيره في البقرة، و (أتوكأ)
وما بعده مستأنف، وقيل موضعه حال من الياء أو من العصا، وقيل هو خبر هي،
وعصاي مفعول بفعل محذوف، وقيل هي خبر، وأتوكأ خبر آخر، وأهش بالشين
المعجمة: أي أقوم بها على الغنم أو أهول ونحو ذلك، ويقرأ بكسر الهاء: أي أكسر
بها على غنمي عاديتها من قولك: هششت الخبز إذا كسرته بعد يبسه، ويقرأ بضم
الهاء وسين غير معجمة من قولك: هس الغنم يهسها إذا ساقها، وعدى بعلى لأن
معناه أقوم بها أو أهول، و (أخرى) على تأنيث الجمع، ولو قال أخر لكان على
اللفظ، (تسعى) يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا، وإذا للمفاجأة
ظرف مكان، فالعامل فيها تسعى أو محذوف، وقد ذكر ذلك.
قوله تعالى (سيرتها الأولى) هو بدل من ضمير المفعول بدل الاشتمال، لأن
معنى سيرتها صفتها أو طريقتها، ويجوز أن يكون ظرفا: أي في طريقتها، وقيل
التقدير إلى سيرتها، و (بيضاء) حال، و (من غير سوء) يجوز أن يتعلق
بتخرج، وأن يكون صفة لبيضاء أو حالا من الضمير في بيضاء، و (آية) حال
أخرى بدل من الأول أو حال من الضمير في بيضاء: أي تبيض آية أو حال من
الضمير في الجار وقيل منصوبة بفعل محذوف: أي وجعلناها آية أو أتيناك آية،
و (لنريك) متعلق بهذا المحذوف، ويجوز أن يتعلق بما دل عليه آية أي دللنا بها

(1) قوله (أسترها) أي من نفسي. قال السفاقسي: هذا المعنى مروى عن ابن عباس ويؤول على معنى
من تلقاء ومن عندي اه‍.
120

لنريك، ولا يتعلق بنفس آية لأنها قد وصفت، و (الكبرى) صفة لآيات،
وحكمها حكم مآرب. ولو قال الكبر لجاز، ويجوز أن تكون الكبرى نصبا بنريك.
ومن آياتنا حال منها: أي لنريك الآية الكبرى من آياتنا.
قوله تعالى (ويسر لي) يقال يسرت له كذا، ومنه هذه الآية، ويسرته لكذا
ومنه قوله تعالى " فسنيسره لليسرى " و (من لساني) يجوز أن يتعلق باحلل، وأن
يكون وصفا لعقدة.
قوله تعالى (وزيرا) الواو أصل لأنه من الوزر والموازرة، وقيل هي بدل من
الهمزة لأن الوزير يشد أزر الموازر، وهو قليل وفعيل هنا بمعنى المفاعل، كالعشير
والخليط، وفى مفعولي أجعل ثلاثة أوجه: أحدها أنهما وزير وهارون، ولكن قدم
المفعول الثاني، فعلى هذا يجوز أن يتعلق " لي " باجعل، وأن يكون حالا من وزير.
والثاني أن يكون وزيرا مفعولا أول، و " لي " الثاني، وهارون بدل أو عطف بيان،
وأخي كذلك. والثالث أن يكون المفعول الثاني من أهلي، ولى تبيين مثل قوله " ولم
يكن له كفوا أحد " وهارون أخي على ما تقدم، ويجوز أن ينتصب هارون بفعل
محذوف: أي اضمم إلى هارون.
قوله تعالى (اشدد) يقرأ بقطع الهمزة (وأشركه) بضم الهمزة وجزمها
على جواب الدعاء، والفعل مسند إلى موسى، ويقرآن على لفظ الأمر.
قوله تعالى (كثيرا) أي تسبيحا كثيرا أو وقتا كثيرا، والسؤال والسؤلة بمعنى
المفعول مثل الأكل بمعنى المأكول.
قوله تعالى (إذ أوحينا) هو ظرف لمننا (اقذفيه) يجوز أن تكون " أن "
مصدرية بدلا من ما يوحى، أو على تقدير هو أن اقذفيه: ويجوز أن تكون بمعنى:
أي (فليلقه) أمر للغائب، و (منى) تتعلق بألقيت، ويجوز أن تكون نعتا لمحبة
(ولتصنع) أي لتحب ولتصنع، ويقرأ على لفظ الأمر: أي ليصنعك غيرك بأمري
ويقرأ بكسر اللام وفتح التاء والعين: أي لتفعل ما أمرك بمرأى منى (إذ تمشى)
يجوز أن يتعلق بأحد الفعلين: وأن يكون بدلا من إذ الأولى لأن مشى أخته كان منة
عليه، وأن يكون التقدير: اذكر إذ تمشى، و (فتونا) مصدر مثل القعود، ويجوز
أن يكون جمعا تقديره: بفتون كثيرة: أي بأمور تختبر بها، و (على قدر) حال:
أي موافقا لما قدر لك.
قوله تعالى (أن يفرط) الجمهور على فتح الياء وضم الراء فيجوز أن يكون
121

التقدير: أن يفرط علينا منه قول فأضمر القول لدلالة الحال عليه كما تقول: فرط
منى قول، وأن يكون الفاعل ضمير فرعون كما كان في (يطغى).
قوله تعالى (فمن ربكما يا موسى) أي وهارون، فحذف للعلم به، ويجوز
أن يكون طلب الإخبار من موسى وحده إذ كان هو الأصل، ولذلك قال (قال ربنا
الذي) و (خلقه) مفعول أول، وكل شئ ثان: أي أعطى مخلوقه كل شئ،
وقيل هو على وجهه، والمعنى أعطى كل شئ مخلوق خلقه: أي هو الذي ابتدعه،
ويقرأ خلقه على الفعل، والمفعول الثاني محذوف للعلم به.
قوله تعالى (علمها) مبتدأ، وفى الخبر عدة أوجه: أحدها (عند ربى)
و (في كتاب) على هذا معمول الخبر، أو خبر ثان، أو حال من الضمير في عند.
والثاني أن يكون الخبر في كتاب، وعند حال العامل فيها الظرف الذي بعدها على
قول الأخفش، وقيل يكون حالا من المضاف إليه في علمها. وقيل يكون ظرفا
للظرف الثاني، وقيل هو ظرف للعلم. والثالث أن يكون الظرفان خبرا واحدا،
مثل هذا حلو حامض، ولا يجوز أن يكون في كتاب متعلقا بعلمها، وعند الخبر لأن
المصدر لا يعمل فيما بعد خبره (لابضل) في موضع جر صفة لكتاب، وفى التقدير
وجهان: أحدهما لا يضل ربى عن حفظه. والثاني لا يضل الكتاب ربى: أي عنه
فيكون ربى مفعولا، ويقرأ بضم الياء: أي يضل أحد ربى عن علمه، ويجوز أن يكون
ربى فاعلا: أي لا يجد الكتاب ضالا: أي ضائعا كقوله تعالى " ضل من تدعون "
ومفعول (ينسى) محذوف: أي ولا ينساه، ويقرأ بضم الياء: أي لا ينسى أحد ربى
أو لا ينسى الكتاب.
قوله تعالى (مهدا) هو مصدر وصف به، ويجوز أن يكون التقدير: ذات
مهد، ويقرأ مهادا مثل فراش، ويجوز أن يكون جمع مهد (شتى) جمع شتيت
مثل مريض ومرضى، وهو صفة لأزواج أو لبنات (والنهى) جمع نهية،
وقيل هو مفرد.
قوله تعالى (بسحر مثله) يجوز أن يتعلق بلنأتينك، وأن يكون حالا من
الفاعلين (فاجعل بيننا وبينك موعدا) هو هاهنا مصدر لقوله تعالى
(لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا) أي في مكان، (سوى) بالكسر صفة شاذة
مثله قوم عدى، ويقرأ بالضم وهو أكثر في الصفات، ومعناه وسط، ويجوز أن
122

يكون مكانا مفعولا ثانيا لاجعل وموعدا على هذا مكان أيضا، ولا ينتصب بموعد
لأنه مصدر قد وصف، وقد قرئ سوى بغير تنوين على إجراء الوصل مجرى الوقف.
قوله تعالى (قال موعدكم) هو مبتدأ. و (يوم الزينة) بالرفع الخبر
فإن جعلت موعدا زمانا كان الثاني هو الأول، وإن جعلت موعدا مصدرا كان
التقدير: وقت موعدكم يوم الزينة، ويقرأ يوم بالنصب على أن يكون موعدا مصدرا،
والظرف خبر عنه: أي موعدكم واقع يوم الزينة، وهو مصدر في معنى المفعول
(وأن يحشر الناس) معطوف، والتقدير: ويوم أن يحشر الناس فيكون في
موضع جر، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أي موعدكم أن يحشر الناس، ويقرأ
نحشر على تسمية الفاعل: أي فرعون، والناس نصب.
قوله تعالى (فيسحتكم) يقرأ بفتح الياء وضمها، والماضي سحت وأسحت
لغتان، وانتصب على جواب النهى.
قوله تعالى (إن هذين) يقرأ بتشديد إن وبالياء في هذين وهي علامة
النصب، ويقرأ " إن " بالتشديد وهذان بالألف وفيه أوجه: أحدها أنها بمعنى نعم
وما بعدها مبتدأ وخبر. والثاني إن فيها ضمير الشأن محذوف وما بعدها مبتدأ
وخبر أيضا، وكلا الوجهين ضعيف من أجل اللام التي في الخبر، وإنما يجئ مثل
ذلك في ضرورة الشعر. وقال الزجاج التقدير لهما ساحران، فحذف المبتدأ، والثالث
أن الألف هنا علامة التثنية في كل حال، وهي لغة لبنى الحرث، وقيل لكنانة،
ويقرأ إن بالتخفيف، وقيل هي مخففة من الثقيلة وهو ضعيف أيضا، وقيل هي بمعنى
ما واللام بمعنى إلا، وقد تقدم نظائره.
قوله تعالى (ويذهبا بطريقتكم) أي يذهبا طريقكم فالباء معدية كما أن
الهمزة معدية.
قوله تعالى (فأجمعوا) يقرأ بوصل الهمزة وفتح الميم، وهو من الجمع الذي
هو ضد التفريق، ويدل عليه قوله تعالى " فجمع كيده " والكيد بمعنى ما يكاد به،
ويقرأ بقطع الهمزة وكسر الميم، وهو لغة في جمع قاله الأخفش، وقيل التقدير:
على كيدكم، و (صفا) حال: أي مصطفين، وقيل مفعول به: أي اقصدوا
صف أعدائكم.
قوله تعالى (إما أن تلقى) قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (فإذا) هي للمفاجأة، و (حبالهم) مبتدأ والخبر إذا فعلى هذا
(يخيل) حال، وإن شئت كان يخيل الخبر، ويخيل بالياء على أنه مسند إلى السعي:
123

أي يخيل إليهم سعيها، ويجوز أن يكون مسندا إلى ضمير الحبال، وذكر لأن التأنيث
غير حقيقي أو يكون على تقدير يخيل الملقى، و (أنها تسعى) بدل منه بدل الاشتمال
ويجوز أن تكون في موضع نصب على الحال: أي تخيل الحبال ذات سعى. ومن قرأ
بالتاء ففيه ضمير الحبال، وأنها تسعى بدل منه، وقيل هو في موضع نصب: أي
يخيل إليهم بأنها ذات سعى، ويقرأ بفتح التاء وكسر الياء، أي تخيل الحبال
إليهم سعيها.
قوله تعالى (تلقف) يقرأ بالجزم على الجواب، والفاعل ضمير ما، وأنث لأنه
أراد العصا، ويجوز أن يكون ضمير موسى عليه السلام ونسب ذلك إليه لأنه يكون
بتسببه، ويقرأ بضم الفاء على أنه حال من العصا أو من موسى، وهي حال مقدرة،
وتشديد القاف وتخفيفها قراءتان بمعنى، وأما تشديد التاء فعلى تقدير: تتلقف،
وقد ذكر مثله في مواضع (إن ما صنعوا) من قرأ (كيد) بالرفع ففي " ما " وجهان
أحدهما هي بمعنى الذي، والعائد محذوف. والثاني مصدرية، ويقرأ بالنصب على أن
تكون ماكافة، وإضافة كيد إلى ساحر إضافة المصدر إلى الفاعل، وقرئ كيد سحر
وهو إضافة الجنس إلى النوع.
قوله تعالى (في جذوع النخل) في هنا على بابها، لأن الجذع مكان للمصلوب
ومحتو عليه: وقيل هي بمعنى على.
قوله تعالى (والذي فطرنا) في موضع جر: أي وعلى الذي، وقيل هو قسم
(ما أنت قاض) في " ما " وجهان: أحدهما هي بمعنى الذي: أي افعل الذي أنت
عازم عليه. والثاني هي زمانية: أي اقض أمرك مدة ما أنت قاض (هذه الحياة
الدنيا) هو منصوب بتقضى، و " ما " كافة: أي تقضى أمور الحياة الدنيا، ويجوز
أن يكون ظرفا، والمفعول محذوف، فإن كان قد قرئ بالرفع فهو خبر إن.
قوله تعالى (وما أكرهتنا) في " ما " وجهان: أحدهما هي بمعنى الذي معطوفة
على الخطايا، وقيل في موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف: أي وما أكرهتنا
عليه مسقط أو محطوط، و (من السحر) حال من " ما " أو من الهاء. والثاني هي
نافية، وفى الكلام تقديم تقديره. ليغفر لنا خطايانا من السحر ولم تكرهنا عليه.
قوله تعالى (إنه من يأت) الضمير هو الشأن والقصة.
قوله تعالى (جنات عدن) هي بدل من الدرجات، ولا يجوز أن يكون التقدير
124

هي جنات لأن (خالدين فيها) حال، وعلى هذا التقدير لا يكون في الكلام ما يعمل
في الحال، وعلى الأول يكون العامل في الحال الاستقرار أو معنى الإشارة.
قوله تعالى (فاضرب لهم طريقا) التقدير: موضع طريق، فهو مفعول به
على الظاهر، ونظيره قوله تعالى " أن اضرب بعصاك البحر " وهو مثل ضربت زيدا
وقيل ضرب هنا بمعنى جعل، وشرع مثل قولهم ضربت له بسهم، و (يبسا) بفتح
الباء مصدر: أي ذات يبس، أو أنه وصفها بالمصدر مبالغة، وأما اليبس بسكون
الباء فصفة بمعنى اليابس (لا تخاف) في الرفع ثلاثة أوجه: أحدها هو مستأنف.
والثاني هو حال من الضمير في اضرب. والثالث هو صفة للطريق، والعائد محذوف
أي ولا تخاف فيه، ويقرأ بالجزم على النهى أو على جواب الأمر وأما (لا تخشى)
فعلى القراءة الأولى هو مرفوع مثل المعطوف عليه، ويجوز أن يكون التقدير: وأنت
لا تخشى، وعلى قراءة الجزم هو حال: أي وأنت لا تخشى، ويجوز أن يكون التقدير
فاضرب لهم غير خاش، وقيل الألف في تقدير الجزم شبهت بالحروف الصحاح،
وقيل نشأت لإشباع الفتحة ليتوافق رؤوس الآي.
قوله تعالى (بجنوده) هو في موضع الحال: والمفعول الثاني محذوف: أي
فأتبعهم فرعون عقابه ومعه جنوده، وقيل أتبع بمعنى اتبع، فتكون الباء معدية.
قوله تعالى (جانب الطور) هو مفعول به: أي إتيان جانب الطور ولا يكون
ظرفا لأنه مخصوص (فيحل) هو جواب النهى، وقيل هو معطوف فيكون نهيا
أيضا كقولهم: لا تمددها فتشقها (ومن يحلل) بضم اللام: أي ينزل كقوله تعالى
" أو تحل قريبا من دارهم " وبالكسر بمعنى يجب كقوله " ويحل عليه عذاب مقيم ".
قوله تعالى (وما أعجلك) " ما " استفهام مبتدأ وأعجلك الخبر.
قوله تعالى (هم) مبتدأ، و (أولاء) بمعنى الذي (على أثرى) صلته، وقد
ذكر ذلك مستقصى في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون ".
قوله تعالى (وعدا حسنا) يجوز أن يكون مصدرا مؤكدا أو أن يكون مفعولا
به بمعنى الموعود.
قوله تعالى (بملكنا) يقرأ بكسر الميم وفتحها وضمها، وفيه وجهان: أحدهما
أنها لغات، والجميع مصدر بمعنى القدرة. والثاني أن الضم مصدر ملك بين الملك
والفتح بمعنى المملوك: أي بإصلاح ما يملك والكسر مصدر مالك، وقد يكون بمعنى
125

المملوك أيضا، وإذا جعل مصدرا كان مضافا إلى الفاعل، والمفعول محذوف: أي
بملكنا أمرنا أو الصواب أو الخطأ (حملنا) بالتخفيف، ويقرأ بالتشديد على ما لم يسم
فاعله: أي حملنا قومنا (فكذلك) صفة لمصدر محذوف: أي إلقاء مثل ذلك،
وفاعل (نسي) موسى عليه السلام، وهو حكاية عن قومه، وقيل الفاعل
ضمير السامري.
قوله تعالى (أن لا يرجع) أن مخففة من الثقيلة، ولا كالعوض من اسمها المحذوف
وقد قرئ يرجع بالنصب على أن تكون أن الناصبة وهو ضعيف لأن يرجع من أفعال
اليقين، وقد ذكرنا ذلك في قوله " وحسبوا أن لا تكون ".
قوله تعالى (أن لا تتبعن) لا زائدة مثل قوله " ما منعك أن لا تسجد " وقد
ذكر، و (يا ابن أم) قد ذكر في الأعراف (لا تأخذ بلحيتي) المعنى لا تأخذني
بلحيتي، فلذلك دخلت الباء، وفتح اللام لغة، وقد قرئ بهما.
قوله تعالى (بصرت بما لم يبصروا) يتعدى بحرف جر، فإن جئت بالهمز
تعدى بنفسه كفرح وأفرحته، ويبصروا بالياء على الغيبة يعنى قوم موسى، وبالتاء على
الخطاب، والمخاطب موسى وحده، ولكن جمع الضمير لأن قومه تبع له، وقرئ
بصرت بكسر الصاد، وتبصروا بفتحها، وهي لغة (قبضت) بالضاد بملء ء الكف
وبالصاد بأطراف الأصابع وقد قرئ به، و (قبضة) مصدر بالضاد والصاد،
ويجوز أن تكون بمعنى المقبوض فتكون مفعولا به، ويقرأ قبضة بضم القاف وهي
بمعنى المقبوض.
قوله تعالى (لامساس) يقرأ بكسر الميم وفتح السين وهو مصدر ماسه: أي
لا أمسك ولا تمسني، ويقرأ بفتح الميم وكسر السين وهو اسم للفعل: أي لا تمسني
وقيل هو اسم للخبر: أي لا يكون بيننا مماسة (لن تخلفه) بضم التاء وكسر اللام
أي لا تجده مخلفا مثل أحمدته وأحببته، وقيل المعنى سيصل إليك، فكأنه يفي به،
ويقرأ بضم التاء وفتح اللام على ما لم يسم فاعله، ويقرأ بالنون وكسر اللام: أي لن
تخلفه فحذف المفعول الأول.
قوله تعالى (ظلت) يقرأ بفتح الظاء وكسرها وهما لغتان، والأصل ظللت بكسر
اللام الأولى فحذفت ونقلت كسرتها إلى الظاء ومن فتح لم ينقل، (لنحرقنه)
بالتشديد من تحريق النار، وقيل هو من حرق ناب البعير إذا وقع بعضه على بعض،
126

والمعنى لنبردنه وشدد للتكثير، ويقرأ بضم الراء والتخفيف وهي لغة في حرف ناب
البعير (لننسفنه) بكسر السين وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما.
قوله تعالى (وسع) يقرأ بكسر السين والتخفيف، و (علما) تمييز، أي وسع
علمه كل شئ، ويقرأ بالتشديد والفتح وهو يتعدى إلى مفعولين، والمعنى أعطى كل
شئ علما، وفيه وجه آخر وهو أن يكون بمعنى عظم خلق كل شئ عظيم كالأرض
والسماء، وهو بمعنى بسط، فيكون علما تمييز (كذلك) صفة لمصدر محذوف: أي
قصصا كذلك: أي نقص نبأ من أنباء.
قوله تعالى (خالدين) حال من الضمير في يحمل وحمل الضمير الأول على لفظ
من فوحد، وخالدين على المعنى فجمع، و (حملا) تمييز لاسم ساء وساء مثل بئس
والتقدير: وساء الحمل حملا ولا ينبغي أن يكون التقدير: وساء الوزر، لأن المميز
ينبغي أن يكون من لفظ اسم بئس.
قوله تعالى (ينفخ) بالياء على ما لم يسم فاعله، وبالنون والياء على تسمية
الفاعل، و (زرقا) حال، و (يتخافتون) حال أخرى بدل من الأولى، أو حال
من الضمير في زرقا.
قوله تعالى (فيذرها) الضمير للأرض، ولم يجز لها ذكر، ولكن الجبال تدل
عليها. و (قاعا) حال، و (لا ترى) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا أيضا أو
صفة للحال (لاعوج له) يجوز أن يكون حالا من الداعي، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (إلا من أذن) " من " في موضع نصب بتنفع، وقيل في موضع
رفع: أي إلا شفاعة من أذن فهو بدل.
قوله تعالى (وقد خاب) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (فلا يخاف) هو جواب الشرط، فمن رفع استأنف، ومن جزم
فعل النهى.
قوله تعالى (وكذلك) الكاف نعت لمصدر محذوف: أي إنزالا مثل ذلك
(وصرفنا فيه من الوعيد) أي وعيدا من الوعيد وهو جنس، وعلى قول
الأخفش " من " زائدة.
قوله تعالى (يقضى) على ما لم يسم فاعله، و (وحيه) مرفوع به، وبالنون
وفتح الياء ووحيه نصب.
127

قوله تعالى (له عزما) يجوز أن يكون مفعول نجد بمعنى نعلم، وأن يكون عزما
مفعول نجد، ويكون بمعنى نصب، وله إما حال من عزم أو متعلق بنجد.
قوله تعالى (أبى) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (فتشقى) أفرد بعد التثنية لتتوافق رؤوس الآي مع أن المعنى صحيح
لأن آدم عليه السلام هو المكتسب، وكان أكثر بكاء على الخطيئة منها.
قوله تعالى (وأنك) يقرأ بفتح الهمزة عطفا على موضع ألا تجوع، وجاز أن
تقع " أن " المفتوحة معمولة لأن لما فصل بينهما، والتقدير أن لك الشبع والري والكن
ويقرأ بالكسر على الاستئناف أو العطف على " أن " الأولى.
قوله تعالى (فوسوس إليه) عدى وسوس بإلى لأنه بمعنى أسر، وعداه في موضع
آخر باللام لأنه بمعنى ذكر له، أو يكون بمعنى لأجله.
قوله تعالى (فغوى) الجمهور على الألف، وهو بمعنى فسد وهلك، وقرئ
شاذا بالياء وكسر الواو، وهو من غوى الفصيل إذا أبشم على اللبن وليست بشئ.
قوله تعالى (ضنكا) الجمهور على التنوين، وأن الألف في الوقف مبدلة منه،
والضنك الضيق، ويقرأ ضنكى على مثال سكرى.
قوله تعالى (ونحشره) يقرأ بضم الراء على الاستئناف، وبسكونها إما لتوالي
الحركات، أو أنه مجزوم حملا على موضع جواب الشرط وهو قوله " فإن له ".
و (أعمى) حال.
قوله تعالى (كذلك) في موضع نصب: أي حشرنا مثل ذلك، أو فعلنا مثل
ذلك، وإتيانا مثل ذلك، أو جزاء مثل إعراضك، أو نسيانا.
قوله تعالى (يهد لهم) في فاعله وجهان: أحدهما ضمير اسم الله تعالى: أي
ألم يبين الله لهم، وعلق بين هنا إذ كانت بمعنى أعلم كما علقه في قوله تعالى " وتبين لكم
كيف فعلنا بهم ". والثاني أن يكون الفاعل ما دل عليه أهلكنا: أي إهلاكنا، والجملة
مفسرة له، ويقرأ بالنون و (كم) في موضع نصب ب‍ (أهلكنا) أي كم قرنا أهلكنا،
وقد استوفينا ذلك في " سل بني إسرائيل " (يمشون) حال من الضمير المجرور في لهم:
أي ألم يبن للمشركين في حال مشيهم في مساكن من أهلك من الكفار، وقيل هو
حال من المفعول في أهلكنا: أي أهلكناهم في حال غفلتهم.
قوله تعالى (وأجل مسمى) هو معطوف على كلمة: أي ولولا أجل مسمى
128

لكان العذاب لازما، واللزام مصدر في موضع اسم الفاعل، ويجوز أن يكون جمع
لازم مثل قائم وقيام.
قوله تعالى (ومن آناء الليل) هو في موضع نصب بسبح الثانية (وأطراف)
محمول على الموضع أو معطوف على قبل، ووضع الجمع موضع التثنية لأن النهار له
طرفان، وقد جاء في قوله " أقم الصلاة طرفي النهار " وقيل لما كان النهار جنسا جمع
الأطراف، وقيل أراد بالأطراف الساعات، كما قال تعالى " ومن آناء الليل " (لعلك
ترضى) وترضى وهما ظاهران.
قوله تعالى (زهرة) في نصبه أوجه: أحدها أن يكون منصوبا بفعل محذوف
دل عليه متعنا: أي جعلنا لهم زهرة. والثاني أن يكون بدلا من موضع به. والثالث
أن يكون بدلا من أزواج، والتقدير: ذوي زهرة، فحذف المضاف، ويجوز أن
يكون جعل الأزواج زهرة على المبالغة ولا يجوز أن يكون صفة لأنه معرفة.
وأزواجا نكرة. والرابع أن يكون على الذم أي أذم أو أعنى. والخامس أن يكون
بدلا من ما اختاره بعضهم، وقال آخرون: لا يجوز لأن قوله تعالى " لنفتنهم " من
صلة متعنا فيلزم منه الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي. والسادس أن يكون حالا
من الهاء أو من " ما " وحذف التنوين لالتقاء الساكنين وجر الحياة على البدل من
" ما " اختاره مكي، وفيه نظر. والسابع أنه تمييز لما أو للهاء في به، حكى عن الفراء،
وهو غلط لأنه معرفة.
قوله تعالى (والعاقبة للتقوى) أي لذوي التقوى، وقد دل على ذلك قوله
" والعاقبة للمتقين ".
قوله تعالى (أو لم تأتهم) يقرأ بالتاء على لفظ التثنية، وبالياء على معنى البيان
وقرئ (بينة) بالتنوين، و (ما) بدل منها أو خبر مبتدأ محذوف، وحكى عن
بعضهم بالنصب والتنوين على أن يكون الفاعل " ما " وبينة حال مقدمة، و (الصحف)
بالتحريك والإسكان (فنتبع) جواب الاستفهام و (نذل ونخزى) على تسمية
الفاعل وترك تسميته.
قوله تعالى (من أصحاب) من مبتدأ وخبر، والجملة في موضع نصب، ولا تكون
" من " بمعنى الذي إذ لا عائد عليها، وقد حكى ذلك عن الفراء (الصراط السوي) فيه
خمس قراءات: الأولى على فعيل أي المستوى. والثانية السواء أي الوسط والثالثة السوء
بفتح السين بمعنى النشر والرابعة السوءى، وهو تأنيث الأسوأ وأنث على معنى الصراط
129

أي الطريقة كقوله تعالى " استقاموا على الطريقة ". والخامس السوى على تصغير السوء.
(ومن اهتدى) بمعنى الذي، وفيه عطف الخبر على الاستفهام، وفيه تقوية
قول الفراء: ويجوز أن يكون في موضع جر: أي وأصحاب من اهتدى، يعنى
النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يكون استفهاما كالأول.
سورة الأنبياء عليهم السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وهم في غفلة) هم مبتدأ، و (معرضون) الخبر، وفى غفلة
يجوز أن يكون حالا من الضمير في معرضون: أي أعرضوا غافلين، ويجوز أن
يكون خبرا ثانيا.
قوله تعالى (محدث) محمول على لفظ ذكر ولو رفع على موضع من ذكر جاز،
ومن ربهم يجوز أن يتعلق بيأتيهم، وأن يكون صفة لذكر، وأن يتعلق بمحدث وأن
يكون حالا من الضمير في محدث.
قوله تعالى (لاهية) هو حال من الضمير في يلعبون، ويجوز أن يكون حالا
من الواو في استمعوه.
قوله تعالى (الذين ظلموا) في موضعه ثلاثة أوجه أحدها الرفع، وفيه أربعة
أوجه: أحدها أن يكون بدلا من الواو في أسروا والثاني أن يكون فاعلا والواو حرف
للجمع لا اسم. والثالث أن يكون مبتدأ والخبر هل هذا، والتقدير: يقولون هل هذا
والرابع أن يكون خبر مبتدأ محذوف: أي هم الذين ظلموا والوجه الثاني أن يكون
منصوبا على إضمار أعنى والثالث أن يكون مجرورا صفة للناس.
قوله تعالى (قال ربى) يقرأ قل على الأمر، وقال على الخبر (في السماء) حال
من القول أو حال من الفاعل في يعلم وفيه ضعف: ويجوز أن يتعلق بيعلم.
قوله تعالى (أضغاث أحلام) أي هذا أضغاث (كما أرسل) أي إتيانا مثل
إرسال الأولين، و (أهلكناها) صفة لقرية إما على اللفظ أو على الموضع،
و (يوحى) بالياء، و (إليهم) قائم مقام الفاعل، ونوحى بالنون، والمفعول
محذوف: أي الأمر والنهى.
قوله تعالى (جسدا) هو مفرد في موضع الجمع، والمضاف محذوف: أي ذوي
130

أجساد، و (لا يأكلون) صفة لأجساد. وجعلناهم يجوز أن يكون متعديا إلى اثنين،
وأن يتعدى إلى واحد، فيكون جسدا حالا، ولا يأكلون حالا أخرى.
قوله تعالى (فيه ذكركم) الجملة صفة لكتاب، وذكركم مضاف إلى المفعول
أي ذكرنا إياكم، ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل: أي ما ذكرتم من الشرك
وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون المفعول محذوفا (وكم) في موضع نصب
ب‍ (قصمنا) و (كانت ظالمة) صفة لقرية.
قوله تعالى (إذا هم) للمفاجأة فهو مبتدأ، و (يركضون) الخبر، وإذا
ظرف للخبر.
قوله تعالى (تلك دعواهم) تلك في موضع رفع اسم زالت، ودعواهم الخبر.
ويجوز العكس، والدعوى قولهم يا ويلنا، و (حصيدا) مفعول ثان، والتقدير:
مثل حصيد، فلذلك لم يجمع كما لا يجمع مثل المقدر: و (خامدين) بمنزلة هذا حلو
حامض، ويجوز أن يكون صفة لحصيد، و (لاعبين) حال من الفاعل في خلقنا،
و (إن كنا) بمعنى ما كنا، وقيل هي شرط (فيدمغه) قرئ شاذا بالنصب وهو بعيد،
والحمل فيه على المعنى: أي بالحق فالدمغ، (مما يصفون) حال: أي ولكم الويل
واقعا، و " ما " بمعنى الذي أو نكرة موصوفة أو مصدرية.
قوله تعالى (ومن عنده) فيه وجهان: أحدهما أن تكون " من " معطوفة
على " من " الأولى والأولى مبتدأ وله الخبر أو هي مرفوعة بالظرف، فعلى هذا
(لا يستكبرون) حال إما من " من " الأولى أو الثانية على قول من رفع بالظرف،
أو من الضمير في الظرف الذي هو الخبر، أو من الضمير في عنده. والوجه الثاني
أن تكون من الثانية مبتدأ، ولا يستكبرون الخبر.
قوله تعالى (يسبحون) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير
الفاعل قبلها، و (لا يفترون) حال من ضمير الفاعل في يسبحون.
قوله تعالى (من الأرض) هو صفة لآلهة. أو متعلق باتخذوا على معنى ابتداء
غاية الاتخاذ.
قوله تعالى (إلا الله) الرفع على أن إلا صفة بمعنى غير، ولا يجوز أن يكون بدلا،
لأن المعنى يصير إلى قولك: لو كان فيهما الله لفسدتا، ألا ترى أنك لو قلت:
ما جاءني قومك إلا زيد على البدل لكان المعنى: جاءني زيد وحده، وقيل يمتنع البدل،
131

لأن ما قبلها إيجاب، ولا يجوز النصب على الاستثناء لوجهين: أحدهما أنه فاسد في المعنى،
وذلك أنك إذا قلت: لو جاءني القوم إلا زيدا لقتلتهم: كان معناه أن القتل امتنع لكون
زيد مع القوم، فلو نصبت في الآية لكان المعنى: إن فساد السماوات والأرض امتنع
لوجود الله تعالى مع الآلهة، وفى ذلك إثبات إله مع الله، وإذا رفعت على الوصف
لا يلزم مثل ذلك، لأن المعنى لو كان فيهما غير الله لفسدتا. والوجه الثاني أن آلهة هنا
نكرة والجمع إذا كان نكرة لم يستثن منه عند جماعة من المحققين، لأنه لا عموم له
بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء.
قوله تعالى (ذكر من معي) الجمهور على الإضافة، وقرئ بالتنوين على أن
تكون " من " في موضع نصب بالمصدر، ويجوز أن تكون في موضع رفع على إقامة
المصدر مقام ما لم يسم فاعله، ويقرأ كذلك إلا أنه بكسر الميم، والتقدير: هذا ذكر
من كتاب معي، ومن كتاب قبلي ونحو ذلك فحذف الموصوف.
قوله تعالى (الحق) الجمهور على النصب بالفعل قبله، وقرئ بالرفع على تقدير
حذف مبتدأ.
قوله تعالى (بل عباد) أي هم عباد، (مكرمون) بالتخفيف والتشديد،
و (لا يسبقونه) صفة في موضع رفع.
قوله تعالى (فذلك) في موضع رفع بالابتداء، وقيل في موضع نصب بفعل دل
عليه (نجزيه) والجملة جواب الشرط، و (كذلك) في موضع نصب ب‍ (نجزى)
أي جزاء مثل ذلك.
قوله تعالى (أو لم) يقرأ بالواو وبحذفها، وقد ذكر نظيره في البقرة عند قوله
تعالى " وقالوا اتخذ الله " (كانتا) الضمير يعود على الجنسين، و (رتقا) بسكون
التاء: أي ذاتي رتق أو مرتوقتين، كالخلق بمعنى المخلوق، ويقرأ بفتحها وهو بمعنى
المرتوق كالقبض والنقض (وجعلنا) أي وخلقنا، والمفعول (كل شئ) و (حي)
صفة ومن لابتداء الغاية، ويجوز أن يكون صفة لكل تقدم عليه فصار حالا، ويجوز
أن تكون جعل بمعنى صير، فيكون من الماء مفعولا ثانيا، ويقرأ " حيا " على أن
يكون صفة لكل، أو مفعولا ثانيا.
قوله تعالى (أن تميد) أي مخافة أن تميد، أو لئلا تميد، و (فجاجا) حال من
(سبل) وقيل سبلا بدل: أي سبلا (فجاجا) كما جاء في الآية الأخرى.
قوله تعالى (كل) أي كل واحد منهما أو منها، ويعود إلى الليل والنهار والشمس
132

والقمر و (يسبحون) خبر كل على المعنى، لأن كل واحد منها إذا سبح فكلها
تسبح، وقيل يسبحون على هذا الوجه حال، والخبر في فلك، وقيل التقدير: كلها
والخبر يسبحون، وأتى بضمير الجمع على معنى كل، وذكره كضمير من يعقل لأنه
وصفها بالسباحة، وهي من صفات من يعقل.
قوله تعالى (أفإن مت) قد ذكر في قوله تعالى " وما محمد إلا رسول ".
قوله تعالى (فتنة) مصدر مفعول له، أو في موضع الحال: أي فاتنين،
أو على المصدر بمعنى نبلوكم: أي تفتنكم بهما فتنة.
قوله تعالى (إلا هزوا) أي مهزوا به، وهو مفعول ثان، وأعاد ذكرهم
توكيدا.
قوله تعالى (من عجل) في موضع نصب بخلق على المجاز كما تقول خلق من
طين، وقيل هو حال: أي عجلا، وجواب " لو " محذوف، و (حين) مفعول
به لاظرف، و (بغتة) مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (من الرحمن) أي من أمر الرحمن، فهو في موضع نصب بيكلؤكم
ونظيره يحفظونه من أمر الله.
قوله تعالى (لا يستطيعون) هو مستأنف.
قوله تعالى (ننقصها من أطرافها) قد ذكر في الرعد.
قوله تعالى (ولا يسمع) في قراءات وجوهها ظاهرة، و (إذا) منصوبة
بيسمع أو بالدعاء، فعلى هذا القول يكون المصدر المعرف بالألف واللام
عاملا بنفسه.
قوله تعالى (من عذاب) صفة لنفحة أو في موضع نصب بمستهم
قوله تعالى (القسط) إنما أفرد وهو صفة لجمع لأنه مصدر وصف به،
وإن شئت قلت: التقدير ذوات القسط (ليوم القيامة) أي لأجله، وقيل هي
بمعنى في، و (شيئا) بمعنى المصدر، و (مثقال) بالنصب على أنه خبر كان:
أي وإن كان الظلم أو العمل، ويقرأ بالرفع على أن تكون كان التامة، و (من خردل)
صفة لحبة أو لمثقال، و (أتينا) بالقصر جئنا، ويقرأ بالمد بمعنى جازينا بها، فهو
يقرب من معنى أعطينا لأن الجزاء إعطاء، وليس منقولا من أتينا لأن ذلك
ينقل عنهم.
133

قوله تعالى (وضياء) قيل دخلت الواو على الصفة كما تقول: مررت بزيد
الكريم والعالم، فعلى هذا يكون حالا: أي الفرقان مضيئا، وقيل هي عاطفة: أي
آتيناه ثلاثة أشياء. الفرقان، والضياء، والذكر.
قوله تعالى (الذين يخشون) في موضع جر على الصفة، أو نصب بإضمار
أعنى، أو رفع على إضمارهم. و (بالغيب) حال.
قوله تعالى (إذ قال) إذ ظرف لعالمين أو لرشده، أو لآتينا، ويجوز أن يكون
بدلا من موضع " من قبل " ويجوز أن ينتصب بإضمار أعنى أو بإضمار اذكر (لها
عاكفون) قيل اللام بمعنى على كقوله " لن نبرح عليه عاكفين " وقيل هي على بابها،
إذ المعنى لها عابدون، وقيل أفادت معنى الاختصاص.
قوله تعالى (على ذلكم) لا يجوز أن يتعلق با (لشاهدين) لما يلزم من تقديم
الصلة على الموصول فيكون على التبيين، وقد ذكر في مواضع.
قوله تعالى (جذاذا) يقرأ بالضم والفتح والكسر وهي لغات، وقيل الضم على
أن واحده جذاذه، والكسر على أن واحده جذاذه بالكسر، والفتح على المصدر
كالحصاد، والتقدير: ذوي جذاذ، ويقرأ بضم الجيم من غير ألف، وواحده جذه
كقبة وقبب، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الذال الأولى، وواحده جذيذ كقليب وقلب.
قوله تعالى (من فعل هذا) يجوز أن يكون " من " استفهاما، فيكون (إنه)
استئنافا، ويجوز أن يكون بمعنى الذي، فيكون " إنه " وما بعده الخبر.
قوله تعالى (يذكرهم) مفعول ثان لسمعنا، ولا يكون ذلك إلا مسموعا
كقولك: سمعت زيدا يقول كذا، والمعنى: سمعت قول زيد، و (يقال) صفة
ويجوز أن يكون حالا. وفى ارتفاع (إبراهيم) عليه السلام ثلاثة أوجه: أحدها هو
خبر مبتدأ محذوف: أي هو أو هذا، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف: أي إبراهيم
فاعل ذلك، والجملة محكية. والثاني هو منادى مفرد فضمته بناء. والثالث هو مفعول
يقال، لأن المعنى يذكر إبراهيم في تسميته، فالمراد الاسم لا المسمى.
قوله تعالى (على أعين الناس) في موضع الحال: أي على رؤيتهم: أي
ظاهرا لهم.
قوله تعالى (بل فعله) الفاعل (كبيرهم)، (هذا) وصف أو بدل،
134

وقيل الوقف على فعله، والفاعل محذوف: أي فعله من فعله، وهذا بعيد لأن حذف
الفاعل لا يسوغ.
قوله تعالى (على رؤوسهم) متعلقة بنكسوا، ويجوز أن يكون حالا فيتعلق
بمحذوف (ما هؤلاء ينطقون) الجملة تسد مسد مفعولي علمت كقوله " وظنوا
مالهم من محيص "، و (شيئا) في موضع المصدر: أي نفعا (أف لكم) قد ذكر
في سبحان.
قوله تعالى (بردا) أي ذات برد، و (على) يتعلق بسلام أو هي صفة له.
قوله تعالى (نافلة) حال من يعقوب، وقيل هو مصدر كالعاقبة والعافية،
والعامل فيه معنى وهبنا (وكلا) المفعول الأول ل‍ (جعلنا - وإقام الصلاة)
الأصل فيه إقامة، وهي عوض من حذف إحدى الألفين، وجعل المضاف إليه بدلا
من الهاء.
قوله تعالى (ولوطا) أي وآتينا لوطا، و (آتيناه) مفسر للمحذوف، ومثله
ونوحا وداود وسليمان وأيوب وما بعده من أسماء الأنبياء عليهم السلام، ويحتمل أن
يكون التقدير: واذكر لوطا، والتقدير: واذكر خبر لوط، والخبر المحذوف هو
العامل في " إذ " والله أعلم.
قوله تعالى (ونصرناه) أي منعناه من أذاهم، وقيل من بمعنى على، و (إذ
نفشت) ظرف ليحكمان، و (لحكمهم) بمعنى الذين اختصموا في الحرث
وقيل الضمير لهم ولداود وسليمان، وقيل هو لداود وسليمان خاصة، وجمع لأن
الاثنين جمع.
قوله تعالى (مع داود الجبال) العامل في مع (يسبحن) وهو نظير قوله
تعالى " يا جبال أوبى معه " ويسبحن حال من الجبال (والطير) معطوف على الجبال
وقيل هي بمعنى، ويقرأ شاذا بالرفع عطفا على الضمير في يسبحن، وقيل التقدير
والطير كذلك.
قوله تعالى (لكم) يجوز أن يكون وصفا للبوس، وأن يتعلق بعلمنا أو بصنعة
(لتحصنكم) يجوز أن يكون بدلا من لكم بإعادة الجار، ويجوز أن يتعلق بعلمنا:
أي لأجل تحصينكم ويحصنكم بالياء على أن الفاعل الله عز وجل أو داود عليه السلام
أو الصنع أو التعليم أو اللبوس، وبالتاء: أي الصنعة أو الدروع، وبالنون لله تعالى
على التعظيم، ويقرأ بالتشديد والتخفيف، و (الريح) نصب على تقدير: وسخرنا
135

لسليمان، ودل عليه وسخرنا الأولى، ويقرأ بالرفع على الاستئناف، و (عاصفة)
حال، و (تجرى) حال أخرى، إما بدلا من عاصفة، أو من الضمير فيها.
قوله تعالى (من يغوصون له) " من " في موضع نصب عطفا على الرياح،
أو رفع على الاستئناف، وهي نكرة موصوفة والضمير عائد على معناها، و (دون
ذلك) صفة لعمل.
قوله تعالى (رحمة - وذكرى) مفعول له، ويجوز أن ينتصب على المصدر:
أي ورحمناه، و (مغاضبا) حال.
قوله تعالى (ننجي) الجمهور على الجمع بين النونين وتخفيف الجيم، ويقرأ
بنون واحدة وتشديد الجيم، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه فعل ماض، وسكن الياء
إيثارا للتخفيف، والقائم مقام الفاعل المصدر: أي نجى النجاء. وهو ضعيف من
وجهين: أحدهما تسكين آخر الماضي، والثاني إقامة المصدر مقام المصدر مقام الفاعل مع وجود
المفعول الصحيح. والوجه الثاني أنه فعل مستقبل قلبت منه النون الثانية جيما وأدغمت
وهو ضعيف أيضا. والثالث أن أصله ننجي بفتح النون الثانية، ولكنها حذفت كما
حذفت التاء الثانية في " تظاهرون " وهذا ضعيف أيضا لوجهين: أحدهما أن النون
الثانية أصل وهي فاء الكلمة، فحذفها يبعد جدا. والثاني أن حركتها غير حركة النون
الأولى، فلا يستثقل الجمع بينهما بخلاف تظاهرون، ألا ترى أنك لو قلت تتحامى
المظالم لم يسغ حذف التاء الثانية.
قوله تعالى (رغبا ورهبا) مفعول له، أو مصدر في موضع الحال، أو مصدر
على المعنى.
قوله تعالى (والتي أحصنت) أي واذكر التي، ويجوز أن يكون في موضع
رفع: أي وفيما يتلى عليك خبر التي، و (فيها) يعود على مريم، و (آية) مفعول
ثان. وفى الإفراد وجهان: أحدهما أن مريم وابنها جميعا آية واحدة، لأن العجب
منهما كمل. والثاني أن تقديره وجعلناها آية وابنها كذلك فآية مفعول المعطوف عليه،
وقيل المحذوف هو الأول، وآية المذكور للابن.
قوله تعالى (أمتكم) بالرفع على أنه خبر إن، وبالنصب على أنه خبر أو عطف
بيان، و (أمة) بالنصب حال، وبالرفع بدل من أمتكم، أو خبر مبتدأ محذوف
قوله تعالى (وتقطعوا أمرهم) أي في أمرهم. أي تفرقوا، وقيل عدى
136

تقطعوا بنفسه، لأنه بمعنى قطعوا: أي فرقوا، وقيل هو تمييز: أي تقطع أمرهم.
و (له) أي للسعى، وقيل يعود على من.
قوله تعالى (وحرام) يقرأ بالألف وبكسر الحاء وسكون الراء من غير ألف.
وبفتح الحاء وكسر الراء من غير ألف، وهو في ذلك كله مرفوع بالابتداء، وفى الخبر
وجهان: أحدهما هو (أنهم لا يرجعون) و " لا " زائدة: أي ممتنع رجوعهم
إلى الدنيا، وقيل ليست زائدة: أي ممتنع عدم رجوعهم عن معصيتهم، والجيد أن
يكون أنهم فاعلا سد مسد الخبر. والثاني الخبر محذوف تقدير: توبتهم أو رجاء
بعثهم إذا جعلت " لا " زائدة، وقيل حرام خبر مبتدأ محذوف أي ذلك الذي ذكرناه
من العمل الصالح حرام، وحرام وحرم لغتان مثل حلال وحل، ومن فتح الحاء
وكسر الراء كان اسم فاعل من حرم: أي امتنع مثل فلق، ومنه:
* يقول لا غائب مالي ولا حرم * أي ممتنع، ويقرأ " حرم " على أنه فعل بكسر
الراء وضمها، وأنهم بالفتح على أنها مصدرية وبالكسر على الاستئناف، و (حتى)
متعلقة في المعنى بحرام: أي يستمر الامتناع إلى هذا الوقت، ولا عمل لها في (إذا)
ويقرأ " من كل جدث " بالجيم والثاء وهو بمعى الحدب، و (ينسلون) بكسر
السين وضمها لغتان، وجواب إذا " فإذا هي " وقيل جوابها قالوا يا ويلنا، وقيل
واقترب، والواو زائدة.
قوله تعالى (فإذا هي) " إذا " للمفاجأة، وهي مكان، والعامل فيها (شاخصة)
وهي ضمير القصة، و (أبصار الذين) مبتدأ، وشاخصة خبره (يا ويلنا)
في موضع نصب بقالوا المقدر، ويجوز أن يكون التقدير: يقولون فيكون حالا.
قوله تعالى (حصب جهنم) يقرأ بفتح الصاد وهو ما توقد به، وبسكونها
وهو مصدر حصبتها أوقدتها فيكون بمعنى المحصوب، ويقرأ بالضاد محركة وساكنة،
وبالطاء وهما بمعنى (أنتم لها) يجوز أن يكون بدلا من حصب جهنم، وأن يكون
مستأنفا، وأن يكون حالا من جهنم.
قوله تعالى (منا) يجوز أن يتعلق بسبقت، وأن يكون حالا من (الحسنى)
(ولا يسمعون) يجوز أن يكون بدلا من " مبعدون "، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن
يكون حالا من الضمير في مبعدون (هذا يومكم) أي يقولون.
قوله تعالى (يوم نطوي) يجوز أن يكون بدلا من العائد المحذوف من قوله
يوعدون، أو على إضمار أعنى، أو ظرفا للا يحزنهم أو بإضمار اذكر، ونطوي بالنون
137

على التعظيم، وبالياء على الغيبة، وبالتاء وترك تسمية الفاعل، و (السماء) بالرفع
والتقدير طيا كطي، وهو مصدر مضاف إلى المفعول إن قلنا السجل القرطاس، وقيل
هو اسم ملك أو كاتب، فيكون مضافا إلى الفاعل، ويقرأ بكسر السين والجيم وتشديد
اللام، ويقرأ كذلك إلا أنه بتخفيف اللام، ويقرأ بفتح السين وسكون الجيم وتخفيف
اللام، وبضم السين والجيم مخففا ومشددا وهي لغات فيه، واللام في (للكتاب)
زائدة، وقيل هي بمعنى على، وقيل يتعلق بطي والله أعلم.
قوله تعالى (كما بدأنا) الكاف نعت لمصدر محذوف: أي نعيده عوادا مثل بدئه
وفى نصب (أول) وجهان: أحدهما هو منصوب ببدأنا: أي خلقنا أول خلق
والثاني هو حال من الهاء في نعيده، والمعنى مثل أول خلقه، (وعدا) مصدر: أي
وعدنا ذلك وعدا.
قوله تعالى (من بعد الذكر) يجوز أن يتعلق بكتبنا، وأن يكون ظرفا للزبور
لأن الزبور بمعنى المزبور: أي المكتوب.
قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له، ويجوز أن يكون حالا: أي ذا رحمة.
كما قال تعالى " ورحمة للذين آمنوا " ويجوز أن يكون بمعنى راحم.
قوله تعالى (يوحى إلي أنما) " أن " مصدرية، وما الكافة لا تمنع من ذلك.
والتقدير: يوحى إلى وحدانية إلهي (فهل أنتم) هل هنا على لفظ الاستفهام،
والمعنى على التحريض: أي فهل أنتم مسلمون بعد هذا فهو للمستقبل.
قوله تعالى (على سواء) حال من المفعول والفاعل: أي مستوين في العلم بما أعلمتكم
به (وإن أدرى) بإسكان الياء وهو على الأصل، وقد حكى في الشاذ فتحها قال
أبو الفتح: هو غلط لأن " إن " بمعنى ما، وقال غيره: ألقيت حركة الهمزة على
الياء فتحركت وبقيت الهمزة ساكنة فأبدلت ألفا لانفتاح ما قبلها ثم أبدلت همزة
متحركة لأنها في حكم المبتدأ بها، والابتداء بالساكن محال، و (أقريب) مبتدأ،
(وما توعدون) فاعل له لأنه قد اعتمد على الهمزة، ويخرج على قول البصريين
أن يرتفع ببعيد لأنه أقرب إليه، و (من القول) حال من الجهر: أي المجهور
من القول.
قوله تعالى (قل ربى) يقرأ على لفظ الأمر وعلى لفظ الماضي، و (احكم) على
الأمر، ويقرأ ربى أحكم على الابتداء والخبر، و (تصفون) بالتاء والياء وهو ظاهر
والله أعلم.
138

سورة الحج
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إن زلزلة الساعة) الزلزلة مصدر يجوز أن يكون من الفعل اللازم
أي تزلزل الساعة شئ، وأن يكون متعديا: أي أن زلزال الساعة الناس، فيكون
المصدر مضافا إلى الفاعل في الوجهين، ويجوز أن يكون المصدر مضافا إلى الظرف،
قوله تعالى (يوم ترونها) هو منصوب ب‍ (تذهل) ويجوز أن يكون بدلا من
الساعة على قول من بناه، أو ظرف لعظيم، أو على إضمار اذكر، فعلى هذه الوجوه
يكون تذهل حالا من ضمير المفعول، والعائد محذوف: أي تذهل فيها، ولا يجوز
أن يكون ظرفا للزلزلة لأنه مصدر قد أخبر عنه، والمرضعة جاء على الفعل، ولو على
النسب لقال مرضع، " وما " بمعنى من، ويجوز أن تكون مصدرية (وترى
الناس) الجمهور على الخطاب وتسمية الفاعل، ويقرأ بضم التاء: أي وترى أنت
أيها المخاطب، أو يا محمد صلى الله عليه وسلم، ويقرأ كذلك إلا أنه يرفع الناس،
والتأنيث على معنى الجماعة، ويقرأ بالياء: أي ويرى الناس: أي يبصرون،
و (سكارى) حال على الأوجه كلها، والضم والفتح فيه لغتان قد قرئ بهما،
وسكرى مثل مرضى الواحد سكران أو سكر مثل زمن وزمنى، ويقرأ سكرى مثل
حبلى، قيل هو محذوف من سكارى، وقيل هو واحد مثل حبلى كأنه قال: ترى
الأمة سكرى.
قوله تعالى (من يجادل) هي نكرة موصوفة، و (بغير علم) في موضع
المفعول أو حال.
قوله تعالى (إنه) هي وما عملت فيه في موضع رفع بكتب، ويقرأ كتب بالفتح
أي كتب الله، فيكون في موضع نصب، و (من تولاه) في موضع رفع بالابتداء
و " من " شرط، وجوابه (فإنه) يجوز أن يكون بمعنى الذي، وفإنه الخبر،
ودخلت فيه الفاء لما في الذي من معنى المجازاة، وفتحت أن الثانية لأن التقدير:
فشأنه أنه، أو فله أنه، وفيه كلام آخر قد ذكرنا مثله في أنه من يحادد الله، وقرئ
للكسر فيها حملا على معنى قيل له.
قوله تعالى (من البعث) في موضع جر صفة لريب، أو متعلق بريب، وقرأ
الحسن البعث بفتح العين وهي لغة (ونقر) الجمهور على الضم على الاستئناف،
139

إذ ليس المعنى خلقناكم لنقر، وقرئ بالنصب على أن يكون معطوفا في اللفظ،
والمعنى مختلف لأن اللام في لنبين للتعليل، واللام المقدرة مع نقر للصيرورة، وقرئ
بفتح النون وضم القاف والراء، أي نسكن، و (طفلا) حال وهو واحد في معنى
الجمع، وقيل التقدير: نخرج كل واحد منكم طفلا كما قال تعالى " فاجلدوهم ثمانين "
أي كل واحد منهم، وقيل هو مصدر في الأصل، فلذلك لم يجمع (من بعد علم
شيئا) قد ذكر في النحل (وربت) بغير همز من ربا يربوا إذا زاد، وقرئ بالهمز
وهو من ربأ للقوم وهو الربيئة إذا ارتفع على موضع عال لينظر لهم، فالمعنى ارتفعت
(وأنبتت) أي أشياء، أو ألوانا أو من كل زوج بهيج زوجا فالمفعول محذوف،
وعند الأخفش من زائدة.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (بأن الله) الخبر، وقيل المبتدأ محذوف: أي
الأمر ذلك، وقيل في موضع نصب: أي فعلنا ذلك.
قوله تعالى (بغير علم) حال من الفاعل في يجادل، و (ثاني عطفه) حال
أيضا، والإضافة غير محضة: أي معرضا (ليضل) يجوز أن يتعلق بثاني، وبيجادل
(له في الدنيا) يجوز أن تكون حالا مقدرة، وأن تكون مقارنة: أي مستحقا،
ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (على حرف) هو حال: أي مضطربا متزلزلا (خسر الدنيا)
هو حال: أي انقلب قد خسر، ويجوز أن يكون مستأنفا، ويقرأ خاسر الدنيا،
وخسر الدنيا على أنه اسم، وهو حال أيضا (والآخرة) على هذا بالجر.
قوله تعالى (يدعو لمن ضره) هذا موضع اختلف فيه آراء النحاة، وسبب
ذلك أن اللام تعلق الفعل الذي قبلها عن العمل إذا كان من أفعال القلوب، ويدعو
ليس منها. وهم في ذلك على طريقين: أحدهما أن يكون يدعو غير عامل فيما بعده
لا لفظا ولا تقديرا، وفيه على هذا ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون تكريرا ليدعوا الأولى
فلا يكون له معمول. والثاني أن يكون ذلك بمعنى الذي في موضع نصب بيدعو:
أي يدعو الذي هو الضلال، ولكنه قدم المفعول، وهذا على قول من جعل ذا مع
غير الاستفهام بمعنى الذي. والثالث أن يكون التقدير: ذلك هو الضلال البعيد يدعوه
فذلك مبتدأ وهو مبتدأ ثان، أو بدل أو عماد، والضلال خبر المبتدأ، ويدعوه حال
والتقدير: مدعوا وفيه ضعف، وعلى هذه الأوجه الكلام بعده مستأنف، ومن مبتدأ
والخبر (لبئس المولى) والطريق الثاني أن يدعو متصل بما بعده، وفيه على هذا
140

ثلاثة أوجه: أحدها أن: يدعو يشبه أفعال القلوب لأن معناه يسمى من ضره أقرب
من نفعه إلها، ولا يصدر ذلك إلا عن اعتقاد فكأنه قال يظن، والأحسن أن تقديره
يزعم، لأن يزعم قول مع اعتقاد. والثاني أن يكون يدعو بمعنى يقول، ومن مبتدأ،
وضره مبتدأ ثان، وأقرب خبره والجملة صلة " من " وخبر من محذوف تقديره:
إله أو إلهي، وموضع الجملة نصب بالقول، ولبئس مستأنف لأنه لا يصح دخوله
في الحكاية لأن الكفار لا يقولون عن أصنامهم لبئس المولى. والوجه الثالث قول الفراء
وهو أن التقدير يدعو من لضره، ثم قدم اللام على موضعها، وهذا بعيد لأن " ما "
في صلة الذي لا يتقدم عليها.
قوله تعالى (من كان) هو شرط، والجواب فليمدد، و (هل يذهبن)
في موضع نصب بينظر، والجمهور على كسر اللام في ليقطع، وقرئ بإسكانها على
تشبيه ثم بالواو والفاء لكون الجميع عواطف.
قوله تعالى (وأن الله يهدى) أي وأنزلنا أن الله يهدى، والتقدير: ذكر أن
الله، ويجوز أن يكون التقدير: ولأن الله يهدى بالآيات من يشاء أنزلناها.
قوله تعالى (إن الذين آمنوا) خبر " إن " إن الثانية واسمها وخبرها، وهو
قوله " إن الله يفصل بينهم ". وقيل " إن " الثانية تكرير للأولى، وقيل الخبر محذوف
تقديره: مفترقون يوم القيامة أو نحو ذلك، والمذكور تفسير له.
قوله تعالى (والدواب) يقرأ بتخفيف الباء وهو بعيد لأنه من الدبيب، ووجهها
أنه حذف الباء الأولى كراهية التضعيف والجمع بين الساكنين (وكثير) مبتدأ،
و (من الناس) صفة له، والخبر محذوف تقديره مطيعون أو مثابون أو نحو ذلك،
ويدل على ذلك قوله (وكثير حق عليه العذاب) والتقدير: وكثير منهم،
ولا يكون معطوفا على قوله " من في السماوات " لأن الناس داخلون فيه، وقيل هو
معطوف عليه، وكرر للتفصيل (من مكرم) بكسر الراء، ويقرأ بفتح الراء،
وهو مصدر بمعنى الإكرام.
قوله تعالى (خصمان) هو في الأصل مصدر، وقد وصف به، وأكثر الاستعمال
توحيده، فمن ثناه وجمعه على الصفات والأسماء و (اختصموا) إنما جمع حملا
على المعنى، لأن كل خصم فريق فيه أشخاص.
قوله تعالى (يصب) جملة مستأنفة، ويجوز أن تكون خبر ثانيا، وأن تكون
141

حالا من الضمير في لهم (يصهر) بالتخفيف، وقرئ بالتشديد للتكثير، والجملة
حال من الحميم.
قوله تعالى (كلما) العامل فيها (أعيدا) و " من غم " بدل بإعادة الخافض بدل
الاشتمال، وقيل الأولى لابتداء الغاية، والثانية بمعنى من أجل (وذوقوا) أي وقيل
لهم فحذف القول.
قوله تعالى (يحلون) يقرأ بالتشديد من التحلية بالحلي، ويقرأ بالتخفيف من
قولك أحلى ألبس الحلى، وهو بمعنى المشدد، ويقرأ بفتح الباء والتخفيف، وهو من
حليت المرأة تحلى إذا لبست الحلى، ويجوز أن يكون من حلى بعيني كذا إذا حسن،
وتكون " من " زائدة، أو يكون المفعول محذوفا، و (من أساور) نعت له،
وقيل هو من حليت بكذا إذا ظفرت به، و (من ذهب) نعت لأساور (ولؤلؤا)
معطوف على أساور لا على ذهب، لأن السوار لا يكون من لؤلؤ في العادة، ويصح
أن يكون حليا، ويقرأ بالنصب عطفا على موضع من أساور وقيل هو منصوب بفعل
محذوف تقديره: ويعطون لؤلؤا، والهمز أو تركه لغتان قد قرئ بهما.
قوله تعالى (من القول) هو حال من الطيب أو من الضمير فيه.
قوله تعالى (ويصدون) حال من الفاعل في كفروا، وقيل هو معطوف على
المعنى، إذ التقدير: يكفرون ويصدون، أو كفروا وصدوا، والخبر على هذين
محذوف تقديره: معذبون: دل عليه آخر الآية، وقيل الواو زائدة وهو الخبر،
و (جعلناه) يتعدى إلى مفعولين، فالضمير هو الأول، وفي الثاني ثلاثة أوجه:
أحدها (للناس) فيكون (سواء) خبرا مقدما، وما بعده المبتدأ، والجملة حال
إما من الضمير الذي هو الهاء، أو من الضمير في الجار. والوجه الثاني أن يكون للناس
حالا، والجملة بعده في موضع المفعول الثاني. والثالث أن يكون المفعول الثاني سواء
على قراءة من نصب، و (العاكف) فاعل سواء، ويجوز أن يكون جعل متعديا إلى
مفعول واحد، وللناس حال، أو مفعول تعدى إليه بحرف الجر، وقرئ " العاكف "
بالجر على أن يكون بدلا من الناس، وسواء على هذا نصب لاغير (ومن يرد)
الجمهور على ضم الياء من الإرادة، ويقرأ شاذا بفتحها من الورود، فعلى هذا يكون
(بإلحاد) حالا: أي ملتبسا بإلحاد، وعلى الأول تكون الباء زائدة وقيل المفعول
محذوف: أي تعديا بإلحاد، و (بظلم) بدل بإعادة الجار، وقيل هو حال أيضا:
أي إلحادا ظالما، وقيل التقدير: إلحادا بسبب الظلم.
قوله تعالى (وإذ بوأنا) أي اذكر، و (مكان البيت) ظرف، واللام
142

في لإبراهيم زائدة، أي أنزلناه مكان البيت، والدليل عليه قوله تعالى " ولقد بوأنا
بني إسرائيل " وقيل اللام غير زائدة. والمعنى هيأنا (ألا تشرك) تقديره: قائلين
له لا تشرك، فأن مفسرة للقول المقدر، وقيل هي مصدرية: أي فعلنا ذلك لئلا
تشرك، وجعل النهى صلة لها، وقوى ذلك قراءة من قرأ بالياء (والقائمين) أي
المقيمين، وقيل أراد المصلين.
قوله تعالى (وأذن) يقرأ بالتشديد والتخفيف والمد: أي أعلم الناس بالحج
(رجالا) حال، وهو جمع راجل، ويقرأ بضم الراء مع التخفيف، وهو قليل
في الجمع، ويقرأ بالضم والتشديد مثل صائم وصوام، ويقرأ رجالي مثل عجالى
(وعلى كل ضامر) في موضع الحال أيضا: أي وركبانا، وضامر بغير هاء
للمذكر والمؤنث، و (يأتين) محمول على المعنى، والمعنى، وركبانا على ضوامر
يأتين، فهو صفة لضامر، وقرئ شاذا " يأتون " أي يأتون على كل ضامر، وقيل
يأتون مستأنف، و (من كل فج) يتعلق به.
قوله تعالى (ليشهدوا) يجوز أن تتعلق اللام بإذن، وأن تتعلق بيأتوك
والله أعلم.
قوله تعالى (ذلك) أي الأمر ذلك (فهو خير) هو ضمير التعظيم الذي دل
عليه يعظم (إلا ما يتلى) يجوز أن يكون الاستثناء منقطعا، لأن بهيمة الأنعام ليس
فيها محرم، ويجوز أن يكون متصلا ويصرف إلى ما حرم منها بسبب عارض كالموت
ونحوه (من الأوثان) من لبيان الجنس: أي اجتنبوا الرجس من هذا القبيل، وهو
بمعنى ابتداء الغاية هنا.
قوله تعالى (حنفاء) هو حال (غير مشركين) كذلك (فكأنما خر)
أي يخر، ولذلك عطف عليه.
قوله تعالى (تخطفه) ويجوز أن يكون التقدير: فهو يخطفه، فيكون عطف
الجملة على الجملة الأولى، وفيها قراءات قد ذكرت في أول البقرة.
قوله تعالى (فإنها من تقوى القلوب) في الضمير المؤنث وجهان: أحدهما
هو ضمير الشعائر، والمضاف محذوف تقديره: فإن تعظيمها، والعائد على " من "
محذوف: أي فإن تعظيمها منه أو من تقوى القلوب منهم، ويخرج على قول الكوفيين
أن يكون التقدير: من تقوى قلوبهم، والألف واللام بدل من الضمير. والوجه الثاني
143

أن يكون ضمير مصدر مؤنث تقديره: فإن العظمة أو الحرمة أو الخصلة، وتقديره
العائد على ما تقدم.
قوله تعالى (لكم فيها) الضمير لبهيمة الأنعام. والمنسك يقرأ بفتح السين وكسرها
وهما لغتان، وقيل الفتح للمصدر والكسر للمكان.
قوله تعالى (الذين إذا ذكر الله) يجوز أن يكون نصبا على الصفة أو البدل
أو على إضمار أعنى، وأن يكون رفعا على تقديرهم (والمقيمي الصلاة) الجمهور
على الجر بالإضافة، وقرأ الحسن بالنصب، والتقدير: والمقيمين، فحذف النون
تخفيفا لا للإضافة.
قوله تعالى (والبدن) هو جمع بدن، وواحدته بدنة مثل خشب وخشب، ويقال
هو جمع بدنة مثل ثمرة وثمر، ويقرأ بضم الدال مثل ثمر، والجمهور على النصب
بفعل محذوف، أي وجعلنا البدن، ويقرأ بالرفع على الابتداء، و (لكم) أي من
أجلكم فيتعلق بالفعل، و (من شعائر) المفعول الثاني (لكم فيها خير) الجملة
حال (صواف) حال من الهاء: أي بعضها إلى جنب بعض، ويقرأ " صوافن "
واحد صافن وهو الذي يقوم على ثلاث، وعلى سنبك الرابعة، وذلك يكون إذا
عقلت البدنة، ويقرأ " صوافي " أي خوالص لله تعالى، ويقرأ بتسكين الياء، وهو مما
سكن في موضع النصب من المنقوص (القانع) بالألف من قولك قنع به إذا رضى
بالشئ اليسير، ويقرأ بغير ألف من قولك قنع قنوعا إذا سال (والمعتر) المعترض،
ويقرأ المعترى، بفتح الياء، وهو في معناه، يقال عرهم وأعرهم وعراهم واعتراهم
إذا تعرض بهم للطلب (كذلك) الكاف نعت لمصدر محذوف تقديره: سخرناهم
تسخيرا مثل ما ذكرنا.
قوله تعالى (لن ينال الله) الجمهور على الياء، لأن اللحوم والدماء جمع
تكسير، فتأنيثه غير حقيقي، والفصل بينهما حاصل، ويقرأ بالتاء، وكذلك (يناله
التقوى منكم).
قوله تعالى (إن الله يدافع) يقرأ بغير ألف وبالألف وهما سواء، ويقال إن
الألف تدل على أن المدافعة تكون بين الله تعالى وبين من يقصد أذى المؤمنين.
قوله تعالى (أذن) يقرأ على تسمية الفاعل وعلى ترك تسميته، وكذلك (يقاتلون)
والتقدير: أذن لهم في القتال بسبب توجيه الظلم إليهم.
قوله تعالى (الذين أخرجوا) هو نعت للذين الأول، أو بدل منه،
144

أو في موضع نصب بأعنى، أو في موضع رفع على إضمارهم (إلا أن يقولوا) هذا
استثناء منقطع تقديره إلا بقولهم ربنا الله، و (دفع الله) ودفاعه قد ذكر في البقرة،
(صلوات) أي ومواضع صلوات، ويقرأ بسكون اللام مع فتح الصاد وكسرها،
يقرأ بضم الصاد واللام، وبضم الصاد وفتح اللام، وبسكون اللام كما جاء في
" حجرة " اللغات الثلاث، ويقرأ صلوت بضم الصاد واللام وإسكان الواو مثل
صلب وصلوب، ويقرأ " صلويثا " بفتح الصاد وإسكان اللام وياء بعد الواو وثاء
معجمة بثلاث، ويقرأ " صلوتا " بفتح الصاد وضم اللام وهواسم عربي، والضمير
في (فيها) يعود على المواضع المذكورة.
قوله تعالى (الذين إن مكناهم) هو مثل " الذين أخرجوا " (نكير)
مصدر في موضع الإنكار.
قوله تعالى (وكأين) يجوز أن يكون في موضع نصب بما دل عليه أهلكناها،
وأن يكون في موضع رفع بالابتداء، (أهلكناها) وأهلكتها سواء في المعنى
(وبئر) معطوفة على قرية.
قوله تعالى (فإنها) الضمير للقصة، والجملة بعدها مفسرة لها، و (التي في الصدور)
صفة مؤكدة.
قوله تعالى (معجزين) حال ويقرأ " معاجزين " بالألف والتخفيف، وهو
في معنى المشدد مثل عاهد وعهد، وقيل عاجز سابق وعجز سبق.
قوله تعالى (إلا إذا تمنى) قيل هو استثناء من غير الجنس، وقيل الكلام
كله في موضع صفة لنبي، و (القاسية) الألف واللام بمعنى الذي، والضمير
في (قلوبهم) العائد عليها، وقلوبهم مرفوع باسم الفاعل، وأنث لأنه لو كان
موضعه الفعل للحقته تاء التأنيث، وهو معطوف على الذين.
قوله تعالى (فيؤمنوا) هو معطوف على ليعلم وكذلك (فتخبت)
(لهادي الذين) الجمهور على الإضافة، ويقرأ لهاد بالتنوين، والذين نصب به
(في مرية) بالكسر والضم وهما لغتان.
قوله تعالى (يومئذ) منصوب بقوله (لله) ولله الخبر، و (يحكم)
مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من اسم الله تعالى، والعامل فيه الجار.
قوله تعالى (فأولئك) الجملة خبر الذين، ودخلت الفاء لمعنى الجزاء، و (قتلوا)
145

بالتخفيف والتشديد، (وليرزقنهم) الخبر، و (رزقا) مفعول ثان، ويحتمل
أن يكون مصدرا مؤكدا.
قوله تعالى (ليدخلنهم) يجوز أن يكون بدلا من ليرزقنهم، ويجوز أن
يكون مستأنفا، و (مدخلا) بالضم والفتح، وقد ذكر في النساء.
قوله تعالى (ذلك) أي الأمر ذلك وما بعده مستأنف (بمثل ما عوقب به)
الباء فيها بمعنى السبب لا بمعنى الآلة، و (لينصرنه) خبر من.
قوله تعالى (هو الحق) يجوز أن يكون هو توكيدا وفصلا ومبتدأ، و (يدعون)
بالياء والتاء والمعنى ظاهر.
قوله تعالى (فتصبح الأرض) إنما رفع الفعل هنا وإن كان قبله لفظ الاستفهام
لأمرين: أحدهما أنه استفهام بمعنى الخبر: أي قد رأيت فلا يكون له جواب.
والثاني أن ما بعد الفاء ينتصب إذا كان المستفهم عنه سببا له، ورؤيته لإنزال الماء
لا يوجب اخضرار الأرض، وإنما يجب عن الماء، فهي، أي القصة،
وتصبح الخبر، ويجوز أن يكون فتصبح بمعنى أصبحت، وهو معطوف على أنزل
فلا موضع له إذا (مخضرة) حال وهو اسم فاعل، وقرئ شاذا بفتح الميم وتخفيف
الضاد مثل مبقلة ومجزرة: أي ذات خضرة.
قوله تعالى (والفلك) في نصبه وجهان: أحدهما هو منصوب بسخر معطوف
على ما. والثاني هو معطوف على اسم إن، و (تجرى) حال على الوجه الأول،
وخبر على الثاني، ويقرأ بالرفع، وتجرى الخبر (أن تقع) مفعول له: أي كراهة
أن تقع، ويجوز أن يكون في موضع جر: أي من أن تقع، وقيل في موضع نصب
على بدل الاشتمال: أي ويمسك وقوع السماء: أي يمنعه.
قوله تعالى (فلا ينازعنك) ويقرأ " ينزعنك " بفتح الياء وكسر الزاي وإسكان
النون: أي لا يخرجنك.
قوله تعالى (يكادون) الجملة حال من الذين، أو من الوجوه لأنه يعبر بالوجوه
عن أصحابها كما قال تعالى " وجوه يومئذ عليها غبرة " ثم قال: أولئك هم.
قوله تعالى (النار) يقرأ بالرفع. وفيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (وعدها)
الخبر. والثاني هو خبر مبتدأ محذوف: أي هو النار: أي الشر، ووعدها على هذا
مستأنف إذ ليس في الجملة ما يصلح أن يعمل في الحال، ويقرأ بالنصب على تقدير
أعنى، أو بوعد الذي دل عليه وعدها، ويقرأ بالجر على البدل من شر.
146

قوله تعالى (يسلبهم) يتعدى إلى مفعولين، و (شيئا) هو الثاني.
قوله تعالى (ومن الناس) أي ومن الناس رسلا.
قوله تعالى (حق جهاده) هو منصوب على المصدر، ويجوز أن يكون نعتا
لمصدر محذوف: أي جهادا حق جهاده (ملة أبيكم) أي اتبعوا ملة أبيكم، وقيل
تقديره: مثل ملة، لأن المعنى سهل عليكم الدين مثل ملة إبراهيم، فحذف المضاف
وأقام المضاف إليه مقامه (هو سماكم) قيل الضمير لإبراهيم، فعلى هذا الوجه
يكون قوله (وفى هذا) أي وفي هذا القرآن سماكم: أي بسببه سميتم، وقيل الضمير
لله تعالى (ليكون الرسول) يتعلق بسماكم، والله أعلم.
سورة المؤمنون
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (قد أفلح) من ألقى حركة الهمزة على الدال وحذفها فعلته أن الهمزة
بعد حذف حركتها صيرت ألفا ثم حذفت لسكونها وسكون الدال قبلها في الأصل،
ولا يعتد بحركة الدال لأنها عارضة.
قوله تعالى (إلا على أزواجهم) في موضع نصب يحافظون على المعنى، لأن
المعنى صانوها عن كل فرج إلا عن فروج أزواجهم، وقيل هو حال: أي حفظوها
في كل حال إلا في هذه الحال، ولا يجوز أن يتعلق ب‍ (ملومين) لأمرين: أحدهما
أن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها. والثاني أن المضاف إليه لا يعمل فيما قبله، وإنما تعلقت
على يحافظون على المعنى، ويجوز أن تتعلق بفعل دل عليه ملومين: أي إلا على
أزواجهم لا يلامون.
قوله تعالى (لأماناتهم) يقرأ بالجمع لأنها كثيرة كقوله تعالى " أن تؤدوا الأمانات
إلى أهلها " وعلى الإفراد لأنها جنس فهي في الإفراد كعهدهم، ومثله (صلواتهم)
في الإفراد والجمع.
قوله تعالى (هم فيها خالدون) الجملة حال مقدرة، إما من الفاعل
أو المفعول.
قوله تعالى (من سلالة) يتعلق بخلقنا، و (من طين) بمحذوف لأنه صفة
لسلالة، ويجوز أن يتعلق بمعنى سلالة لأنها بمعنى مسلولة.
147

قوله تعالى (خلقنا النطفة علقة) خلقنا بمعنى صيرنا، فلذلك نصب مفعولين
(العظام) بالجمع على الأصل، وبالإفراد لأنه جنس (أحسن الخالقين) بدل
أو خبر مبتدأ محذوف، وليس بصفة لأنه نكرة وإن أضيف، لأن المضاف إليه
عوض عن " من " وهكذا جميع باب أفعل منك.
قوله تعالى (بعد ذلك) العامل فيه (ميتون) واللام هاهنا لا تمنع العمل.
قوله تعالى (به) متعلق بذهاب، وعلى متعلقة ب‍ (قادرون).
قوله تعالى (وشجرة) أي وأنشأنا شجرة، فهو معطوف على جنات (سيناء)
يقرأ بكسر السين، والهمزة على هذا أصل مثل حملاق وليست للتأنيث، إذ ليس
في الكلام مثل سيناء، ولم ينصرف لأنه اسم بقعة ففيه التعريف والتأنيث، ويجوز أن
تكون فيه العجمة أيضا، ويقرأ بفتح السين والهمزة على هذا للتأنيث، إذ ليس في
الكلام فعلال بالفتح، وما حكى الفراء من قولهم ناقة فيها جز عال لا يثبت، وإن ثبت
فهو شاذ لا يحمل عليه.
قوله تعالى (تنبت) يقرأ بضم التاء وكسر الباء. وفيه وجهان: أحدهما هو متعد
والمفعول محذوف تقديره: تنبت ثمرها أو جناها، والباء على هذا حال من المحذوف
أي وفيه الدهن كقولك خرج زيد بثيابه، وقيل الباء زائدة فلا حذف إذا، بل
المفعول الدهن. والوجه الثاني هو لازم يقال: نبت البقل وأنبت بمعنى، فعلى هذا
الباء حال، وقيل هي مفعول: أي تنبت بسبب الدهن، ويقرأ بضم التاء وفتح الباء
وهو معلوم، ويقرأ بفتح التاء وضم الباء وهو كالوجه الثاني المذكور (وصبغ)
معطوف على الدهن، وقرئ في الشاذ بالنصب عطفا على موضع بالدهن.
قوله تعالى (نسقيكم) يقرأ بالنون، وقد ذكر في النحل، وبالتاء وفيه
ضمير الانعام وهو مستأنف.
قوله تعالى (بأعيننا) في موضع الحال: أي محفوظة، و (من كل زوجين
اثنين) قد ذكر في هود.
قوله تعالى (منزلا) يقرأ بفتح الميم وكسر الزاي وهو مكان: أو مصدر نزل
وهو مطاوع أنزلته، ويقرأ بضم الميم وفتح الزاي، وهو مصدر بمعنى الإنزال،
ويجوز أن يكون مكانا كقولك أنزل المكان فهو منزل (وإن كنا) أي وإنا كنا
فهي مخففة من الثقيلة، وقد ذكرت في غير موضع.
148

قوله تعالى (أيعدكم أنكم إذا متم) في إعراب هذه الآية أوجه: أحدها
أن اسم " أن " الأولى محذوف أقيم مقام المضاف إليه تقديره: أن إخراجكم، وإذا
هو الخبر، و (أنكم مخرجون) تكرير، لأن " أن " وما عملت فيه للتوكيد،
أو للدلالة على المحذوف. والثاني أن اسم " أن " الكاف والميم، وذا شرط، وجوابها
محذوف تقديره: إنكم إذا متم يحدث أنكم مخرجون، فإنكم الثانية وما عملت فيه
فاعل جواب إذا، والجملة كلها خبر أن الأولى. والثالث أن خبر الأولى مخرجون،
وأن الثانية مكررة وحدها توكيد، وأجاز ذلك لما طال الكلام كما جاز ذلك في
المكسورة في قوله تعالى " ثم إن ربك للذين هاجروا - و - إن ربك للذين عملوا السوء "
وقد ذكر في النحل. والرابع أن خبر " أن " الأولى محذوف لدلالة خبر الثانية عليه،
ولا يجوز أن يكون إذا خبر الأولى، لأنها ظرف زمان، واسمها جثة، وأما العامل
في إذا فمحذوف، فعلى الوجه الأول يكون المقدر من الاستقرار، وعلى الوجه الثاني
يعمل فيها جوابها المحذوف، وعلى الثالث والرابع يعمل فيها ما دل عليه خبر الثانية،
ولا يعمل فيها متم لإضافتها إليه.
قوله تعالى (هيهات) هو اسم للفعل، وهو خبر واقع موقع بعد. وفى فاعله
وجهان: أحدهما هو مضمر تقديره: بعد التصديق لما توعدون، أو الصحة أو
الوقوع ونحو ذلك. والثاني فاعله " ما " واللام زائدة: أي بعد ما توعدون من البعث.
وقال قوم: هيهات بمعنى البعد فموضعه مبتدأ، ولما توعدون الخبر وهو ضعيف
وهيهات على الوجه الأول لا موضع لها، وفيها عدة قراءات الفتح بلا تنوين على أنه
مفرد، وبالتنوين على إرادة التكثير، وبالكسر بلا تنوين وبتنوين على أنه جمع تأنيث
والضم بالوجهين شبه بقبل وبعد ويقرأ هيهاه بالهاء وقفا ووصلا، ويقرأ أيهاه بإبدال
الهمزة من الهاء الأولى.
قوله تعالى (عما قليل) " ما " زائدة، وقيل هي بمعنى شئ أو زمن، وقيل
بدل منها، وفى الكلام قسم محذوف جوابه (ليصبحن) وعن يتعلق بيصبحن،
ولم تمنع اللام ذلك كما منعتها لام الابتداء، وأجازوا زيد لأضربن، لأن اللام للتوكيد
فهي مثل قد، ومثل لام التوكيد في خبر إن كقوله " بلقاء ربهم لكافرون " وقيل
اللام هنا تمنع من التقديم إلا في الظروف فإنه يتوسع فيها.
قوله تعالى (تترى) التاء بدل من الواو لأنه من المواترة وهي المتابعة، وذلك
من قولهم جاءوا على وتيرة واحدة: أي طريقة واحدة، وهو نصب على الحال:
149

أي متتابعين، وحقيقته أنه مصدر في موضع الحال، وقيل هو صفة لمصدر محذوف
أي إرسالا متواترا. وفى ألفها ثلاثة أوجه: أحدها هي للإلحاق بجعفر كالألف في
أرطى ولذلك تؤنث في قول من صرفها. والثاني هي بدل من التنوين. والثالث هي
للتأنيث مثل سكرى، ولذلك لا تنون على قول من منع الصرف.
قوله تعالى (هارون) هو بدل من أخاه.
قوله تعالى (مثلنا) إنما لم يثن لأن مثلا في حكم المصدر، وقد جاءت تثنيته
وجمعه في قوله " يرونهم مثليهم " وفى قوله تعالى " ثم إلا يكونوا أمثالكم " وقيل إنما
وحد لأن المراد المماثلة في البشرية وليس المراد الكمية، وقيل اكتفى بالواحد
عن الاثنين.
قوله تعالى (وأمه آية) قد ذكر في الأنبياء.
قوله تعالى (ومعين) فيه وجهان: أحدهما هو فعيل من المعن وهو الشئ القليل
ومنه الماعون، وقيل الماعون الماء فالميم أصل. والثاني الميم زائدة، وهو من عنته
إذا أبصرته بعينك وأصله معيون.
قوله تعالى (وإن هذه) يقرأ بفتح الهمزة. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها تقديره:
ولأن، واللام المقدرة تتعلق بفاتقون: أي فاتقون، لأن هذه وموضع إن نصب أو جر
على ما حكينا من الاختلاف في غير موضع. والثاني أنه معطوف على ما قبله تقديره:
إني بما تعملون عليم وبإن هذه. والثالث أن في الكلام حذفا: أي واعلموا أن هذه
ويقرأ بتخفيف النون وهي مخففة من الثقيلة، ويقرأ بالكسر على الاستئناف،
و (أمتكم أمة واحدة) قد ذكر في الأنبياء، وكذلك (فتقطعوا أمرهم
بينهم) و (زبرا) بضمتين جمع زبور مثل رسول ورسل، ويقرأ بالتسكين على
هذا المعنى، ويقرأ بفتح الباء، وهو جمع زبرة وهي القطعة أو الفرقة، والنصب على
موجه الأول على الحال من أمرهم: أي مثل كتب، وقيل من ضمير الفاعل، وقيل
هو مفعول ثان لتقطعوا، وعلى الوجه الثاني هو حال من الفاعل.
قوله تعالى (إن ما) بمعنى الذي، وخبر إن (نسارع لهم) والعائد محذوف
أي نسارع لهم به أو فيه، ولا يجوز أن يكون الخبر من مال لأنه كان من مال فلا
يعاب عليهم ذلك، وإنما يعاب عليهم اعتقادهم أن تلك الأموال خير لهم، ويقرأ
نسارع بالياء والنون، وعلى ترك تسمية الفاعل ونسرع بغير ألف.
150

قوله تعالى (ما آتوا) " ما " بمعنى الذي، والعائد محذوف: أي يعطون ما يعطون
ويقرأ أتوا بالقصر: أي ما جاءوه (أنهم) أي وجلة من رجوعهم إلى ربهم،
فحذف حرف الجر.
قوله تعالى (وهم لها) أي لأجلها، وقيل التقدير: وهم يسابقونها: أي
يبادرونها فهي في موضع المفعول، ومثله و (هم لها عاملون) أي لأجلها
وإياها يعملون.
قوله تعالى (إذا) هي للمفاجأة: وقد ذكر حكمها.
قوله تعالى (على أعقابكم) هو حال من الفاعل في (تنكصون) وقوله تعالى
(مستكبرين) حال أخرى، والهاء في (به) للقرآن العظيم، وقيل للنبي عليه الصلاة
والسلام، وقيل لامر الله تعالى، وقيل للبيت، فعلى هذا القول تكون متعلقة ب‍ (سامرا)
أي تسمرون حول البيت، وقيل بالقرآن، وسامرا حال أيضا، وهو مصدر كقولهم
قم قائما، وقد جاء من المصادر لفظ اسم الفاعل نحو العاقبة والعافية، وقيل هو
واحد في موضع الجمع، وقرئ سمرا جمع سامر مثل شاهد وشهد، و (تهجرون)
في موضع الحال من الضمير في سامرا، ويقرأ بفتح التاء، من قولك هجر يهجر، إذا
هذى. وقيل يهجرون القرآن، ويقرأ بضم التاء وكسر الجيم من أهجر إذا جاء بالهجر
وهو الفحش، ويقرأ بالتشديد وهو في معنى المخفف.
قوله تعالى (خرجا) يقرأ بغير ألف في الأول، وبألف في الثاني، ويقرأ بغير
ألف فيهما، وبألف فيهما وهما بمعنى، وقيل الخرج الأجرة، والخراج ما يضرب
على الأرض والرقاب.
قوله تعالى (عن الصراط) يتعلق ب‍ (ناكبون) ولا تمنع اللام من ذلك.
قوله تعالى (فما استكانوا) قد ذكر في آل عمران بما فيه من الاختلاف.
قوله تعالى (قليلا ما تشكرون) قد ذكر في أول الأعراف.
قوله تعالى (سيقولون لله) الموضع الأول باللام في قراءة الجمهور، وهو
جواب ما فيه اللام، وهو قوله تعالى " لمن الأرض " وهو مطابق للفظ والمعنى، وقرئ
بغير لام حملا على المعنى، لأن معنى " لمن الأرض " من رب الأرض، فيكون الجواب
الله أي هو الله، وأما الموضعان الآخران فيقرءان بغير لام على اللفظ وهو جواب
قوله تعالى " من رب السماوات - من بيده ملكوت " باللام على المعنى، لأن المعنى
في قوله " من رب السماوات " لمن السماوات.
151

قوله تعالى (عالم الغيب) يقرأ بالجر على الصفة أو البدل من اسم الله تعالى قبله،
وبالرفع: أي هو عالم.
قوله تعالى (فلا تجعلني) الفاء جواب الشرط وهو قوله تعالى " إما تريني "
والنداء معترض بينهما، و (على) تتعلق ب‍ (قادرون).
قوله تعالى (ارجعون) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه جمع على التعظيم كما قال
تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر " وكقوله تعالى " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا ".
والثاني أنه أراد يا ملائكة ربى ارجعون. والثالث أنه دل بلفظ الجمع على تكرير
القول فكأنه قال ارجعني ارجعني.
قوله تعالى (يومئذ) العامل في ظرف الزمان العامل في بينهم وهو المحذوف،
ولا يجوز أن يعمل فيه أنساب لأن اسم " لا " إذا بنى لم يعمل.
قوله تعالى (شقوتنا) يقرأ بالكسر من غير ألف، وبالفتح مع الألف وهما
بمعنى واحد.
قوله تعالى (سخريا) هو مفعول ثان والكسر والضم لغتان، وقيل الكسر
بمعنى الهزل والضم بمعنى الإذلال من التسخير، وقيل بعكس ذلك.
قوله تعالى (إنهم) يقرأ بالفتح على أن الجملة في موضع مفعول ثان، لأن جزى
يتعدى إلى اثنين كما قال تعالى " وجزاهم بما صبروا جنة ". وفيه وجه آخر، وهو أن
يكون على تقدير لأنهم أو بأنهم: أي جزاهم بالفوز على صبرهم، ويقرأ بالكسر
على الاستئناف.
قوله تعالى (قال كم لبثتم) يقرأ على لفظ الماضي: أي قال السائل لهم،
وعلى لفظ الأمر: أي يقول الله للسائل قل لهم، وكم ظرف للبثتم أي كم سنة أو نحوها
و (عدد) بدل من كم: ويقرأ شاذا عدد بالتنوين، و (سنين) بدل منه،
و (العادين) بالتشديد من العدد، وبالتخفيف على معنى العادين: أي المتقدمين
كقولك: هذه بئر عادية: أي سل من تقدمنا، وحذف إحدى يائي النسب كما قالوا
الأشعرون، وحذفت الأخرى لالتقاء الساكنين، (إلا قليلا) أي زمنا قليلا أو لبثا
قليلا، وجواب " لو " محذوف: أي لو كنتم تعلمون مقدار لبثكم من الطول لما أجبتم
بهذه المدة، و (عبثا) مصدر في موضع الحال أو مفعول لأجله، و (رب العرش
الكريم) مثل قوله تعالى في البقرة " لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " وقد ذكر.
152

قوله تعالى (لا برهان له به) صفة لإله، والجواب (فإنما حسابه) وقوله
(إنه لا يفلح) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على تقدير بأنه: أي يجازى
بعدم الفلاح، والله أعلم.
سورة النور
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سورة) بالرفع على تقدير: هذه سورة، أو مما يتلى عليك سورة،
ولا يكون سورة مبتدأ، لأنها نكرة وقرئ بالنصب على تقدير: أنزلنا سورة،
ولا موضع ب‍ (أنزلناها) على هذا لأنه مفسر لما لا موضع له فلا موضع له، ويجوز
النصب على تقدير: اذكر سورة فيكون موضع أنزلناها نصبا، وموضعها على الرفع
رفع (وفرضناها) بالتشديد بأنه تكثير ما فيها من الفرائض، أو على تأكيد إيجاب
العمل بما فيها وبالتخفيف على معنى فرضنا العمل بما فيها.
قوله تعالى (الزانية والزاني) في رفعه وجهان: أحدهما هو مبتدأ والخبر محذوف
تقديره: وفيما يتلى عليك الزانية والزاني، فعلى هذا (فاجلدوا) مستأنف. والثاني
الخبر فاجلدوا، وقد قرئ بالنصب بفعل دل عليه فاجلدوا، وقد استوفينا ذلك
في قوله تعالى " واللذان يأتيانها منكم ". ومائة وثمانين ينتصبان انتصاب المصادر
(ولا تأخذكم بهما) لا يجوز أن تتعلق الباء ب‍ (رأفة) لأن المصدر لا يتقدم عليه
معموله، وإنما يتعلق بتأخذ: أي ولا تأخذكم بسببهما، ويجوز أن يتعلق بمحذوف
على البيان: أي أعنى بهما، أي لا ترأفوا بهما، ويفسره المصدر والرأفة فيها أربعة
أوجه: إسكان الهمزة، وفتحها، وإبدالها ألفا، وزيادة ألف بعدها، وكل ذلك
لغات قد قرئ به، و (في) يتعلق بتأخذكم.
قوله تعالى (والذين يرمون المحصنات) في موضعه وجهان: أحدهما الرفع
والآخر النصب على ما ذكر في قوله تعالى " الزانية والزاني " (فاجلدوهم) أي
فاجلدوا كل واحد منهم فحذف المضاف (وأولئك هم الفاسقون) جملة
مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (إلا الذين تابوا) هو استثناء من الجمل التي قبلها عند جماعة،
ومن الجملة التي تليها عند آخرين، وموضع المستثنى نصب على أصل الباب، وقيل
153

موضعه جر على البدل من الضمير في لهم، وقيل موضعه رفع بالابتداء، والخبر
(فإن الله) وفى الخبر ضمير محذوف: أي غفور لهم.
قوله تعالى (إلا أنفسهم) هو نعت لشهداء أو بدل منه، ولو قرئ بالنصب
لجار على أن يكون خبر كان أو على الاستثناء، وإنما كان الرفع أقوى لأن " إلا "
هنا صفة للنكرة كما ذكرنا في سورة الأنبياء في قوله تعالى " لو كان فيهما آلهة إلا الله
لفسدتا " (فشهادة أحدهم) المصدر مضاف إلى الفاعل. وفى رفعه وجهان:
أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أي فالواجب شهادة أحدهم. والثاني هو مبتدأ والخبر
محذوف: أي فعليهم شهادة أحدهم، و (أربع) بالنصب على المصدر: أي أن
يشهد أحدهم أربع، و (بالله) يتعلق بشهادات عند البصريين لأنه أقرب، وبشهادة
عند الكوفيون لأنه أول العاملين، و (إنه) وما عملت فيه معمول شهادات أو شهادة
على ما ذكرنا: أي يشهد على أنه صادق، ولكن العامل علق من أجل اللام في الخبر
ولذلك كسرت إن، وموضعه إما نصب أو جر على اختلاف المذهبين في أن إذا حذف
منه الجار، ويقرأ " أربع " بالرفع على أنه خبر المبتدأ، وعلى هذا لا يبقى للمبتدأ عمل
فيما بعد الخبر لئلا يفصل بين الصلة والموصول، فيتعين أن تعمل شهادات فيما بعدها.
قوله تعالى (والخامسة) أي والشهادة الخامسة، وهو مبتدأ، والخبر (أن لعنة
الله) ويقرأ بتخفيف " أن " وهي المخففة من الثقيلة واسمها محذوف، و (من الكاذبين)
خبر أن (1) على قراءة التشديد، وخبر لعنة على قراءة التخفيف، ويقرأ " والخامسة "
بالنصب على تقدير: ويشهد الخامسة، ويكون التقدير: بأن لعنة الله، ويجوز أن
يكون بدلا من الخامسة.
قوله تعالى (وأن تشهد) هو فاعل يدرأ، و (بالله) يتعلق بشهادات، أو بأن
تشهد كما ذكرنا في الأولى.
قوله تعالى (والخامسة أن غضب الله عليها) هو مثل الخامسة الأولى،
ويقرأ " أن " بالتشديد، و " أن " بالتخفيف، وغضب بالرفع، ويقرأ غضب على
أنه فعل.
قوله تعالى (ولولا فضل الله) جواب " لولا " محذوف تقديره: لهلكتم
ولخرجتم، ومثله رأس العشرين من هذه السورة.

(1) قوله ومن الكاذبين خبر أن الخ) كذا بالنسخ وهو سبق قلم والصواب أن يقول وعليه خبر
أن الخ كما هو واضح اه‍ مصححه.
154

قوله تعالى (عصبة منكم) هي خبر " أن " ومنكم نعت لها، وبه أفاد الخبر.
قوله تعالى (لا تحسبوه) مستأنف، والهاء ضمير الإفك أو القذف، و (كبره)
بالكسر بمعنى معظمه، وبالضم من قولهم: الولاء للكبر، وهو أكبر ولد الرجل:
أي تولى أكبره.
قوله تعالى (إذ تلقونه) العامل في إذا مسكم أو أفضتم، ويقرأ تلقونه بضم التاء
من ألقيت الشئ إذا طرحته، وتلقونه بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف وتخفيفها،
أي تسرعون فيه، وأصله من الولق، وهو الجنون، ويقرأ تقفونه بفتح التاء والقاف
وفاء مشددة مفتوحة بعدها وأصله تتقفون: أي تتبعون.
قوله تعالى (أن تعودوا) أي كراهة أن تعودوا فهو مفعول له، وقيل حذف
حرف الجر حملا على معنى يعظكم: أي يزجركم عن العود.
قوله تعالى (فإنه يأمر) الهاء ضمير الشيطان أو ضمير من، و (زكا) يمال
حملا على تصرف الفعل، ومن لم يمل قال الألف من الواو.
قوله تعالى (ولا يأتل) هو يفتعل من أليت: أي حلفت، ويقرأ يتأل على
يتفعل وهو من الألية أيضا.
قوله تعالى (يوم تشهد) العامل في الظرف معنى الاستقرار في قوله تعالى
" لهم عذاب " ولا يعمل عذاب لأنه قد وصف، وقيل التقدير: اذكر وتشهد بالياء
والتاء وهو ظاهر.
قوله تعالى (يومئذ) العامل فيه (يوفيهم) و (الحق) بالنصب صفة للدين.
وبالرفع على الصفة لله، ولم يحتفل بالفصل، وقد ذكر نظيره في الكهف.
قوله تعالى (لهم مغفرة) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا
بعد خبر.
قوله تعالى (أن تدخلوا) أي في أن تدخلوا وقد ذكر.
قوله تعالى (من أبصارهم) " من " هاهنا بمعنى التبعيض: أي لا يلزمه غض
البصر بالكلية، وقيل هي زائدة، وقيل هي لبيان الجنس، والله أعلم.
قوله تعالى (غير أولى الإربة) بالجر على الصفة أو البدل، وبالنصب على
الحال أو الاستثناء، وقد ذكر في الفاتحة، و (من الرجال) نصب على الحال وإفراد
(الطفل) قد ذكر في الحج.
155

قوله تعالى (من زينتهن) حال (أيها) الجمهور على فتح الهاء في الوصل
لأن بعدها ألفا في التقدير: وقرئ بضم الهاء اتباعا للضمة قبلها في اللفظ
وهو بعيد.
قوله تعالى (والذين يبتغون) رفع أو نصب كما ذكر في " الذين يرمون
المحصنات ".
قوله تعالى (من بعد إكراههن غفور) أي غفور: أي لهن.
قوله تعالى (الله نور السماوات) تقديره: صاحب نور السماوات، وقيل
المصدر بمعنى الفاعل، أي منور السماوات (فيها مصباح) صفة لمشكاة.
قوله تعالى (درى) يقرأ بالضم والتشديد من غير همز: وهو منسوب إلى الدر
شبه به لصفائه وإضاءته، ويجوز أن يكون أصله الهمز ولكن خففت الهمزة وأدغمت
وهو فعيل من الدرء، وهو دفع الظلمة بضوئه، ويقرأ بالكسر على معنى الوجه الثاني
ويكون على فعيل كسكيت وصديق، ويقرأ بالفتح على فعيل وهو بعيد (توقد)
بالتاء والفتح على أنه ماض، وتوقد على أنه مضارع، والتاء لتأنيث الزجاجة، والياء
على معنى الصباح، و (زيتونة) بدل من شجرة، و (لا شرقية) نعت
(يكاد زيتها) الجملة نعت الزيتونة (نور على نور) أي ذلك نور.
قوله تعالى (في بيوت) فيما يتعلق به في أوجه: أحدها أنها صفة لزجاجة
في قوله " المصباح في زجاجة " في بيوت. والثاني هي متعلقة بتوقد: أي توجد
في المساجد. والثالث هي متعلقة بيسبح، وفيها التي بعد يسبح مكررة مثل قوله
" وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها " ولا يجوز أن يتعلق بيذكر لأنه معطوف على
ترفع، وهو في صلة " أن " فلا تعمل فيما قبله، ويسبح بكسر الباء، والفاعل (رجال)
وبالفتح على أن يكون القائم مقام الفاعل له أو فيها، ورجال مرفوع بفعل محذوف
كأنه قيل: من يسبحه؟ فقال رجال: أي يسبحه رجال: وقيل هو خبر مبتدأ محذوف:
أي المسبح رجال، وقيل التقدير: فيها رجال (وإقام الصلاة) قد ذكر في الأنبياء
أي وعن إقام الصلاة (يخافون) حال من الضمير في تلهيهم، ويجوز أن تكون
صفة أخرى لرجال.
قوله تعالى (ليجزيهم) يجوز أن تتعلق اللام بيسبح، وبلا تلهيهم، وبيخافون
ويجوز أن تكون لام الصيرورة كالتي في قوله " ليكون له عدوا وحزنا " وموضعها
حال، والتقدير: يخافون ملهين ليجزيهم.
156

قوله تعالى (بقيعة) في موضع جر صفة لسراب: ويجوز أن يكون ظرفا،
والعامل فيه ما يتعلق به الكاف التي هي الخبر، والياء في قيعة بدل من واو لسكونها
وانكسار ما قبلها، لأنهم قالوا في قاع أقواع، ويقرأ قيعال وهو جمع قيعة، ويجوز
أن تكون الألف زائدة كألف سعلاة فيكون مفردا، و (يحسبه) صفة لسراب
أيضا، (شيئا) في موضع المصدر: أي لم يجده وجدانا، وقيل شيئا هنا بمعنى ماء
علا ما ظن (ووجد الله) أي قدر الله أو إماتة الله (1).
قوله تعالى (أو كظلمات) هو معطوف على كسراب، وفى التقدير وجهان:
أحدهما تقديره أو كأعمال ذي ظلمات، فيقدر ذي ليعود الضمير من قوله إذا أخرج
يده إليه، وتقدر أعمال ليصح تشبيه أعمال الكفار بأعمال صاحب الظلمة، إذ لا معنى
لتشبيه العمل بصاحب الظلمات. والثاني لا حذف فيه، والمعنى أنه شبه أعمال الكفار
بالظلمة في حيلولتها بين القلب وبين ما يهتدى إليه، فأما الضمير في قوله " إذا أخرج
يده "، فيعود إلى مذكور حذف اعتمادا على المعنى تقديره: إذا أخرج من فيها يده
(في بحر) صفة لظلمات، و (لجي) نسبة إلى اللج، وهو في معنى ذي لجة،
و (يغشاه) صفة أخرى، و (من فوقه) صفة لموج. وموج الثاني مرفوع
بالظرف لأنه قد اعتمد: ويجوز أن يكون مبتدأ والظرف خبره، و (من فوقه
سحاب) نعت لموج الثاني، و (ظلمات) بالرفع خبر مبتدأ محذوف: أي هذه
ظلمات ويقرأ سحاب ظلمات بالإضافة والجر على جعل الموج المتراكم بمنزلة السحاب
ويقرأ سحاب بالرفع والتنوين، وظلمات بالجر على أنها بدل من ظلمات الأولى.
قوله تعالى (لم يكد يراها) اختلف الناس في تأويل هذا الكلام، ومنشأ
الاختلاف فيه أن موضوع كاد إذا نفيت وقوع الفعل، وأكثر المفسرين على أن المعنى
أنه لا يرى يده، فعلى هذا في التقدير ثلاثة أوجه: أحدها أن التقدير: لم يرها ولم يكد،
ذكره جماعة من النحويين، وهذا خطأ لأن قوله لم يرها جزم بنفي الرؤية، وقوله
تعالى " لم يكد " إذا أخرجها عن مقتضى الباب كان التقدير: ولم يكد يراها كما هو
مصرح به في الآية، فإن أراد هذا القائل لم يكد يراها وأنه رآها بعد جهد، تناقض
لأنه نفى الرؤية ثم أثبتها، وإن كان معنى لم يكد يراها لم يرها البتة على خلاف الأكثر
في هذا الباب فينبغي أن يحمل عليه من غير أن يقدر لم يرها. والوجه الثاني أن " كاد "
زائدة وهو بعيد. والثالث أنه كان أخرجت هاهنا على معنى قارب، والمعنى لم يقارب
رؤيتها، وإذا لم يقاربها باعدها، وعليه جاء قول ذي الرمة:

(1) (قوله أو إماتة الله) كذا بالنسخ التي بأيدينا ولعل المناسب أو جزاء الله كما في التفاسير اه‍.
157

إذا غير النأى المحبين لم يكد * رسيس الهوى من حب مية يبرح
أي لم يقارب البراح، ومن هاهنا حكى عن ذي الرمة أنه روجع في هذا البيت فقال:
لم أجد بدلا من لم يكد، والمعنى الثاني جهد أنه رآها بعد، والتشبيه على هذا صحيح
لأنه مع شدة الظلمة إذا أحد نظره إلى يده وقربها من عينه رآها.
قوله تعالى (والطير) هو معطوف على من، و (صافات) حال من الطير (كل
قد علم صلاته) ضمير الفاعل في علم اسم الله عند قوم، وعند آخرين هو ضمير
كل وهو الأقوى، لأن القراءة برفع كل على الابتداء، فيرجع ضمير الفاعل إليه،
ولو كان فيه ضمير اسم الله لكان الأولى نصب كل، لأن الفعل الذي بعدها قد نصب
ما هو من سببها، فيصير كقولك: زيدا ضرب عمرو غلامه، فتنصب زيدا بفعل دل
عليه ما بعده، وهو أقوى من الرفع، والآخر جائز.
قوله تعالى (يؤلف بينه) إنما جاز دخول بين على المفرد، لأن المعنى بين
كل قطعة وقطعة سحابة، والسحاب جنس لها (وينزل من السماء) من هاهنا
لابتداء الغاية فأما (من جبال) ففي " من " وجهان: أحدهما هي زائدة، هذا على
رأى الأخفش. والثاني ليست زائدة. ثم فيها وجهان: أحدهما هي بدل من الأولى
على إعادة الجار، والتقدير: وينزل من جبال السماء: أي من جبال في السماء، فعلى
هذا يكون " من " في (من برد) زائدة عند قوم، وغير زائدة عند آخرين. والوجه
الثاني أن التقدير: شيئا من جبال، فحذف الموصوف واكتفى بالصفة، وهذا الوجه
هو الصحيح، لأن قوله تعالى " فيها من برد " يحوجك إلى مفعول يعود الضمير إليه
فيكون تقديره وينزل من جبال السماء جبالا فيها برد، وفي ذلك زيادة حذف وتقدير
مستغنى عنه، وأما من الثانية ففيها وجهان: أحدهما هي زائدة. والثاني للتبعيض.
قوله تعالى (من يمشى على بطنه - و - من يمشى على أربع) " من " فيهما
لما لا يعقل، لأنها صحبت من لمن يعقل، فكان الأحسن اتفاق لفظها، وقيل لما وصف
هذين بالمشى والاختيار حمله على من يعقل.
قوله تعالى (إذا فريق) هي للمفاجأة، وقد تقدم ذكرها في مواضع.
قوله تعالى (قول المؤمنين) يقرأ بالنصب والرفع، وقد ذكر نظيره
في مواضع.
قوله تعالى (ويتقه) قد ذكر في قوله تعالى " يؤده إليك ".
قوله تعالى (طاعة) مبتدأ، والخبر محذوف: أي أمثل من غيرها، ويجوز أن
158

يكون خبرا والمبتدأ محذوف: أي أمرنا طاعة، ولو قرئ بالنصب لكان جائزا
في العربية، وذلك على المصدر: أي أطيعوا طاعة وقولوا قولا، أو اتخذوا طاعة
وقولا، وقد دل عليه قوله تعالى بعدها (قل أطيعوا الله).
قوله تعالى (كما استخلف) نعت لمصدر محذوف: أي استخلافا كما استخلف.
قوله تعالى (يعبدونني) في موضع الحال من ضمير الفاعل في ليستخلفنهم،
أو من الضمير في ليبدلنهم (لا يشركون) يجوز أن يكون حالا بدلا من الحال الأولى
وأن يكون حالا من الفاعل في يعبدونني: أي يعبدونني موحدين.
قوله تعالى (لا يحسبن الذين) يقرأ بالياء والتاء، وقد ذكر مثل ذلك في الأنفال.
قوله تعالى (ثلاث مرات) مرة في الأصل مصدر، وقد استعملت ظرفا،
فعلى هذا ينتصب ثلاث مرات على الظرف، والعامل ليستأذن، وعلى هذا في موضع
(من قبل صلاة الفجر) ثلاثة أوجه: أحدها نصب بدلا من ثلاث. والثاني
جر بدلا من مرات. والثالث رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف: أي هي من قبل،
وتمام الثلاث معطوف على هذا (من الظهيرة) يجوز أن تكون " من " لبيان
الجنس: أي حين ذلك من وقت الظهيرة، وأن تكون بمعنى في، وأن تكون بمعنى
من أجل الظهيرة، وحين معطوف على موضع من قبل.
قوله تعالى (ثلاث عورات) يقرأ بالرفع: أي هي أوقات ثلاث عورات،
فحذف المبتدأ والمضاف، وبالنصب على البدل من الأوقات المذكورة، أو من ثلاث
الأولى، أو على إضمار أعنى.
قوله تعالى (بعدهن) التقدير بعد استئذانهن فيهن، ثم حذف حرف الجر
والفاعل، فيبقى بعد استئذانهن، ثم حذف المصدر.
قوله تعالى (طوافون عليكم) أي هم طوافون.
قوله تعالى (بعضكم على بعض) أي يطوف على بعض، فيجوز أن تكون
الجملة بدلا من التي قبلها، وأن تكون مبنية مؤكدة.
قوله تعالى (والقواعد) واحدتهن قاعدة، هذا إذا كانت كبيرة: أي قاعدة عن
النكاح، ومن القعود قاعدة للفرق بين المذكر والمؤنث، وهو مبتدأ، و (من النساء)
حال، و (اللاتي) صفة، والخبر (فليس عليهن) ودخلت الفاء لما في المبتدأ
من معنى الشرط، لأن الألف واللام بمعنى الذي (غير) حال.
159

قوله تعالى (أو ما ملكتم) الجمهور على التخفيف، ويقرأ " ملكتم " بالتشديد
على ما لم يسم فاعله، والمفاتح جمع مفتح، قيل هو نفس الشئ الذي يفتح به، وقيل
هو جمع مفتح وهو المصدر كالفتح.
قوله تعالى (تحية) مصدرا من معنى سلموا، لأن سلم وحيا بمعنى.
قوله تعالى (دعاء الرسول) المصدر مضاف إلى المفعول: أي دعاكم الرسول،
ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل: أي لا تهملوا دعاءه إياكم.
قوله تعالى (لو إذا) هو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون منصوبا
بيتسللون على المعنى: أي يلاوذون لواذا، أو يتسللون تسللا، وإنما صحت الواو
في لوازا مع انكسار ما قبلها، لأنها تصح في الفعل الذي هو لاوذ، ولو كان مصدر
لاذ لكان لياذا، مثل صام صياما.
قوله تعالى (عن أمره) الكلام محمول على المعنى، لأن معنى يخالفون يميلون
ويعدلون (أن تصيبهم) مفعول يحذر، والله أعلم.
سورة الفرقان
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ليكون) في اسم كان ثلاثة أوجه: أحدها الفرقان. والثاني العبد.
والثالث الله تعالى، وقرئ شاذا على عباده فلا يعود الضمير إليه.
قوله تعالى (الذي له) يجوز أن يكون بدلا من " الذي " الأولى، وأن يكون
خبر مبتدأ محذوف، وأن يكون في موضع نصب على تقدير أعنى.
قوله تعالى (افتراه) الهاء تعود على عبده في أول السورة.
قوله تعالى (ظلما) مفعول جاءوا: أي أتوا ظلما، ويجوز أن يكون مصدرا
في موضع الحال، والأساطير قد ذكرت في الأنعام (اكتتبها) في موضع الحال
من الأساطير: أي قالوا هذه أساطير الأولين مكتتبة.
قوله تعالى (يأكل الطعام) هو في موضع الحال، والعامل فيها العامل في لهذا
أو نفس الظرف (فيكون) منصوب على جواب الاستفهام أو التحضيض (أو
يلقى - أو تكون) معطوف على أنزل لأن أنزل بمعنى ينزل، أو يلقى بمعنى ألقى،
ويأكل بالياء والنون والمعنى فيهما ظاهر.
160

قوله تعالى (جنات) بدل من خيرا (ويجعل لك) بالجزم عطفا على موضع
جعل الذي هو جواب الشرط، وبالرفع على الاستئناف، ويجوز أن يكون من جزم
سكن المرفوع تخفيفا وأدغم.
قوله تعالى (إذا رأتهم) إلى آخر الآية في موضع نصب صفة لسعير. و (ضيقا)
بالتشديد والتخفيف قد ذكر في الأنعام، ومكانا ظرف، ومنها حال منه: أي مكانا
منها، و (ثبورا) مفعول به، ويجوز أن يكون مصدرا من معنى دعوا.
قوله تعالى (خالدين) هو حال من الضمير في يشاءون، أو من الضمير في لهم
(كان على ربك) الضمير في كان يعود على " ما " ويجوز أن يكون التقدير: كان
الوعد وعدا، ودل على هذا المصدر.
قوله تعالى (وعدا) وقوله " لهم فيها " وخبر كان وعدا، أو على ربك (ويوم
نحشرهم) أي واذكر.
قوله تعالى (وما يعبدون) يجوز أن تكون الواو عاطفة، وأن تكون
بمعنى مع.
قوله تعالى (هؤلاء) يجوز أن يكون بدلا من عبادي، وأن يكون نعتا
قوله تعالى (أن نتخذ) يقرأ بفتح النون وكسر الخاء على تسمية الفاعل،
و (من أولياء) هو المفعول الأول، ومن دونك الثاني، وجاز دخول " من " لأنه
في سياق النفي، فهو كقوله تعالى " ما اتخذ الله من ولد " ويقرأ بضم النون وفتح الخاء
على ما لم يسم فاعله، والمفعول الأول مضمر، ومن أولياء الثاني، وهذا لا يجوز عند
أكثر النحويين لأن " من " لا تزاد في المفعول الثاني، بل في الأول كقولك: ما اتخذت
من أحد وليا، ولا يجوز ما اتخذت أحدا من ولى، ولو جاز ذلك لجاز فما منكم
أحد عنه من حاجزين، ويجوز أن يكون من دونك حالا من أولياء.
قوله تعالى (إلا أنهم) كسرت " إن " لأجل اللام في الخبر، وقيل لو لم تكن
اللام لكسرت أيضا لأن الجملة حالية، إذ المعنى إلا وهم يأكلون، وقرئ بالفتح
على أن اللام زائدة، وتكون إن مصدرية، ويكون التقدير: إلا أنهم يأكلون:
أي وما جعلناهم رسلا إلى الناس إلا لكونهم مثلهم، ويجوز أن تكون في موضع
الحال، ويكون التقدير: إنهم ذوو أكل.
قوله تعالى (يوم يرون) في العامل فيه ثلاثة أوجه: أحدها اذكر يوم. والثاني
161

يعذبون يوم، والكلام الذي بعده يدل عليه. والثالث لا يبشرون يوم يرون.
ولا يجوز أن تعمل فيه البشرى لأمرين: أحدهما أن المصدر لا يعمل فيما قبله. والثاني
أن المنفى لا يعمل فيما قبل لا.
قوله تعالى (يومئذ) فيه أوجه: أحدها هو تكرير ليوم الأول. والثاني هو خبر
بشرى فيعمل فيه المحذوف، و (للمجرمين) تبيين أو خبر ثان. والثالث أن يكون
الخبر للمجرمين، والعامل في يومئذ ما يتعلق به اللام. والرابع أن يعمل فيه بشرى
إذا قدرت أنها منونة غير مبنية مع لا، ويكون الخبر للمجرمين، وسقط التنوين لعدم
الصرف، ولا يجوز أن يعمل فيه بشرى إذا بنيتها مع لا.
قوله تعالى (حجرا محجورا) هو مصدر، والتقدير: حجرنا حجرا، والفتح
والكسر لغتان وقد قرئ بهما.
قوله تعالى (ويوم تشقق) يقرأ بالتشديد والتخفيف والأصل تتشقق،
وهذا الفعل يجوز أن يراد به الحال والاستقبال، وأن يراد به الماضي وقد حكى،
والدليل على أنه عطف عليه، ونزل وهو ماض، وذكر بعد قوله " ويقولون حجرا "
وهذا يكون بعد تشقق السماء، وأما انتصاب يوم فعلى تقدير: اذكر، أو على معنى
وينفرد الله بالملك يوم تشقق السماء (ونزل) الجمهور على التشديد، ويقرأ بالتخفيف
والفتح و (تنزيلا) على هذا مصدر من غير لفظ الفعل، والتقدير: نزلوا
تنزيلا فنزلوا.
قوله تعالى (الملك) مبتدأ، وفى الخبر أوجه ثلاثة: أحدها (للرحمن) فعلى
هذا يكون الحق نعتا للملك، ويومئذ معمول الملك أو معمول ما يتعلق به اللام،
ولا يعمل فيه الحق لأنه مصدر متأخر عنه. والثاني أن يكون الخبر الحق، وللرحمن
تبيين أو متعلق بنفس الحق: أي يثبت للرحمن. والثالث أن يكون الخبر يومئذ،
والحق نعت للرحمن.
قوله تعالى (يقول يا ليتني) الجملة حال، وفى يا هاهنا وجهان ذكرناهما
في قوله تعالى " يا ليتني كنت معهم ".
قوله تعالى (مهجورا) هو مفعول ثان لاتخذوا: أي صيروا للقرآن مهجورا
بإعراضهم عنه.
قوله تعالى (جملة) هو حال من القرآن: أي مجتمعا (كذلك) أي أنزل
162

كذلك، فالكاف في موضع نصب على الحال، أو صفة لمصدر محذوف، واللام
في (لنثبت) يتعلق بالفعل المحذوف.
قوله تعالى (جئناك بالحق) أي بالمثل الحق، أو بمثل أحسن تفسيرا من
تفسير مثلهم.
قوله تعالى (الذين يحشرون) يجوز أن يكون التقدير هم الذين، أو أعنى
الذين، و (أولئك) مستأنف، ويجوز أن يكون الذين مبتدأ وأولئك خبره.
قوله تعالى (هارون) هو بدل.
قوله تعالى (فدمرناهم) يقرأ فدمراهم، وهو معطوف على اذهبا، والقراءة
المشهورة معطوفة على فعل محذوف تقديره: فذهبا فأنذرا فكذبوهما فدمرناهم
(وقوم نوح) يجوز أن يكون معطوفا على ما قبله: أي ودمرنا قوم نوح،
و (أغرقناهم) تبيين للتدمير، ويجوز أن يكون التقدير: وأغرقنا قوم نوح
(وعادا) أي ودمرنا أو أهلكنا عادا (وكلا) معطوف على ما قبله، ويجوز أن
يكون التقدير وذكرنا كلا، لأن (ضربنا له الأمثال) في معناه، وأما (كلا)
الثانية فمنصوبة ب‍ (تبرنا) لا غير.
قوله تعالى (مطر السوء) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون مفعولا به ثانيا،
والأصل أمطرت القرية مطرا: أي أوليتها أو أعطيتها. والثاني أن يكون مصدرا
محذوف الزوائد: أي إمطار السوء. والثالث أن يكون نعتا لمحذوف: أي إمطارا
مثل مطر السوء.
قوله تعالى (هزوا) أي مهزوا به، وفى الكلام حذف تقديره: يقولون
(أهذا) والمحذوف حال، والعائد إلى (الذي) محذوف: أي بعثه، و (رسولا)
يجوز أن يكون بمعنى مرسل، وأن يكون مصدرا حذف منه المضاف: أي ذا رسول،
وهو الرسالة.
قوله تعالى (إن كاد) هي مخففة من الثقيلة وقد ذكر الخلاف فيها في مواضع أخر.
قوله تعالى (من أضل) هو استفهام، و (نشورا) قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (لنحيى به) اللام متعلقة بأنزلنا، ويضعف تعلقها بطهور لأن الماء
ما طهر لنحيى (مما خلقنا) في موضع نصب على الحال من (أنعاما وأناسي)
والتقدير: أنعاما مما خلقنا، ويجوز أن يتعلق من بنسقيه لابتداء الغاية كقولك:
163

أخذت من زيد مالا، فإنهم أجازوا فيه الوجهين، وأناسي أصله أناسين جمع إنسان
كسرحان وسراحين فأبدلت النون فيه ياء وأدغمت، وقيل هو جمع إنسي على القياس
والهاء في (صرفناه) للماء، والهاء في (به) للقرآن.
قوله تعالى (ملح) المشهور على القياس يقال ماء ملح، وقرئ " ملح " بكسر
اللام، وأصله مالح على هذا، وقد جاء في الشذوذ فحذفت الألف كما قالوا في بارد
وبرد. والتاء في فرات أصلية ووزنه فعال، و (بينهما) ظرف لجعل، ويجوز أن
يكون حالا من برزخ.
قوله تعالى (على ربه) يجوز أن يكون خبر كان، و (ظهيرا) حال أو خبر
ثان، ويجوز أن يتعلق بظهيرا وهو الأقوى.
قوله تعالى (إلا من شاء) هو استثناء من غير الجنس.
قوله تعالى (بذنوب) هو متعلق ب‍ (خبيرا) أي كفى الله خبيرا بذنوبهم.
قوله تعالى (الذي خلق) يجوز أن يكون مبتدأ، و (الرحمن) الخبر، وأن
يكون خبرا: أي هو الذي، أو نصبا على إضمار أعنى، فيتم الكلام على العرش،
ويكون الرحمن مبتدأ، وفاسأل به الخبر على قول الأخفش، أو خبر مبتدإ محذوف:
أي هو الرحمن، أو بدلا من الضمير في استوى.
قوله تعالى (به) فيه وجهان. أحدهما الباء تتعلق (بخبيرا) وخبيرا مفعول
اسأل. والثاني أن الباء بمعنى عن فتتعلق باسأل، وقيل التقدير: فاسأل بسؤالك عنه
خبيرا، ويضعف أن يكون خبيرا حالا من الفاعل في اسأل، لأن الخبير لا يسأل
إلا على جهة التوكيد مثل " وهو الحق مصدقا " ويجوز أن يكون حالا من الرحمن إذا
رفعته باستوى.
قوله تعالى (لما تأمرنا) يقرأ بالتاء والياء. وفي " ما " ثلاثة أوجه: أحدها
هي بمعنى الذي. والثاني نكرة موصوفة، وعلى الوجهين يحتاج إلى عائد، والتقدير:
لما تأمرنا بالسجود له ثم بسجوده، ثم تأمرنا، ثم تأمرنا، هذا على قول أبى الحسن،
وعلى قول سيبويه حذف ذلك كله من غير تدريج. والوجه الثالث هي مصدرية.
أي أنسجد من أجل أمرك، وهذا لا يحتاج إلى عائد، والمعنى: أنعبد الله
لأجل أمرك.
قوله تعالى (سراجا) يقرأ على الإفراد، والمراد الشمس، وعلى الجمع بضمتين
164

أي الشمس والكواكب، أو يكون كل جزء من الشمس سراجا لانتشارها وإضاءتها
في موضع دون موضع، و (خلفة) مفعول ثان أو حال، وأفرد لأن المعنى يخلف
أحدهما الآخر فلا يتحقق هذا إلا منهما. والشكور بالضم مصدر مثل الشكر.
قوله تعالى (وعباد الرحمن) مبتدأ. وفي الخبر وجهان: أحدهما (الذين
يمشون) والثاني قوله تعالى " أولئك يجزون " والذين يمشون صفة.
قوله تعالى (قالوا سلاما) سلاما هنا مصدر، وكانوا في مبدأ الإسلام إذا خاطبهم
الجاهلون ذكروا هذه الكلمة، لأن القتال لم يكن شرع ثم نسخ. ويجوز أن يكون
قالوا بمعنى سلموا، فيكون سلاما مصدره.
قوله تعالى (مستقرا) هو تمييز، وساءت بمعنى بئس، و (يقتروا) بفتح
الياء، وفي التاء وجهان: الكسر، والضم وقد قرئ بهما، والماضي ثلاثي يقال:
قتر يقتر ويقتر، ويقرأ بضم الياء وكسر التاء، والماضي أقتر، وهي لغة، وعليها جاء
" وعلى المقتر قدره " (وكان بين ذلك) أي وكان الإنفاق، و (قواما) الخبر،
ويجوز أن يكون بين الخبر وقواما حالا، (إلا بالحق) في موضع الحال، والتقدير:
إلا مستحقين.
قوله تعالى (يضاعف) يقرأ بالجزم على البدل من يلق إذ كان من معناه، لأن
مضاعفة العذاب لقى الآثام، وقرأ بالرفع شاذا على الاستئناف (ويخلد) الجمهور
على فتح الياء، ويقرأ بضمها وفتح اللام على ما لم يسم فاعله، وماضيه أخلد بمعنى
خلد، (مهانا) حال، والأثام اسم للمصدر مثل السلام والكلام (إلا من تاب)
استثناء من الجنس في موضع نصب.
قوله تعالى (وذرياتنا) يقرأ على الإفراد، وهو جنس في معنى الجمع وبالجمع
و (قرة) هو المفعول، ومن أزواجنا وذرياتنا يجوز أن يكون حالا من قرة، وأن
يكون معمول هب، والمحذوف من هب فاؤه، والأصل كسر الهاء لأن الواو لا تسقط
إلا على هذا التقدير مثل يعد، إلا أن الهاء فتحت من يهب لأنها حلقية فهي عارضة،
فلذلك لم تعد الواو كما لم تعد في يسع ويدع.
قوله تعالى (إماما) فيه أربعة أوجه: أحدها أنه مصدر مثل قيام وصيام، فلم
يجمع لذلك، والتقدير: ذوي إمام. والثاني أنه جمع إمامة مثل قلادة وقلاد. والثالث
هو جمع آم من آم يؤم مثل حال وحلال. والرابع أنه واحد اكتفى به عن أئمة كما قال
تعالى " نخرجكم طفلا ".
165

قوله تعالى (ويلقون) يقرأ بالتخفيف وتسمية الفاعل، وبالتشديد وترك
التسمية، والفاعل في (حسنت) ضمير الغرفة.
قوله تعالى (ما يعبأ بكم) فيه وجهان: أحدهما ما يعبأ بخلقكم لولا دعاؤكم:
أي توحيدكم. والثاني ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم معه آلهة أخرى.
قوله تعالى (فسوف يكون) اسم كان مضمر دل عليه الكلام المتقدم، أو يكون
الجزاء أو العذاب، و (لزاما) أي ذا لزام أو ملازما، فأوقع المصدر موقع اسم
الفاعل، والله أعلم.
سورة الشعراء
بسم الله الرحمن الرحيم.
(طسم) مثل ألم، وقد ذكر في أول البقرة، (تلك آيات الكتاب) مثل ذلك
الكتاب، و (أن لا يكونوا) مفعول له: أي لئلا أو مخافة أن لا.
قوله تعالى (فظلت) أي فتظل وموضعه جزم عطفا على جواب الشرط،
ويجوز أن يكون رفعا على الاستئناف.
قوله تعالى (خاضعين) إنما جمع جمع المذكر لأربعة أوجه: أحدها أن المراد
بالأعناق عظماؤكم. والثاني أنه أراد أصحاب أعناقهم. والثالث أنه جمع عنق من الناس
وهم الجماعة، وليس المراد الرقاب. والرابع أنه لما أضاف الأعناق إلى المذكر وكانت
متصلة بهم في الخلقة أجرى عليها حكمهم. وقال الكسائي: خاضعين هو حال للضمير
المجرور لا للأعناق، وهذا بعيد في التحقيق لان خاضعين يكون جاريا على غير فاعل
ظلت، فيفتقر إلى إبراز ضمير الفاعل، فكان يجب أن يكون هم خاضعين.
قوله تعالى (كم) في موضع نصب ب‍ (أنبتنا) و (من كل) تمييز، ويجوز
أن يكون حالا.
قوله تعالى (وإذ نادى) أي واذكر إذ نادى، و (أن ائت) مصدرية
أو بمعنى أي.
قوله تعالى (قوم) هو بدل مما قبله (ألا يتقون) يقرأ بالياء على الاستئناف
وبالتاء على الخطاب، والتقدير: يا قوم فرعون. وقيل هو مفعول يتقون.
166

قوله تعالى (ويضيق صدري) بالرفع على الاستئناف: أي وأنا يضيق صدري
بالتكذيب. وبالنصب عطفا على المنصوب قبله، وكذلك (ينطلق فأرسل إلى
هارون) أي ملكا يعلمه أنه عضدي أو نبي معي.
قوله تعالى (إنا رسول رب العالمين) في إفراده أوجه: أحدها هو مصدر
كالرسالة: أي ذوا رسول، وأنا رسالة على المبالغة. والثاني أنه اكتفى بأحدهما إذا
كانا على أمر واحد. والثالث أن موسى عليه السلام كان هو الأصل وهارون تبع
فذكر الأصل.
قوله تعالى (من عمرك) في موضع الحال من (سنين) و (فعلتك)
بالفتح، وقرئ بالكسر: أي المألوفة منك.
قوله تعالى (وتلك) ألف الاستفهام محذوف: أي أو تلك، و (تمنها)
في موضع رفع صفة لنعمة، وحرف الجر محذوف، أي بها، وقيل حمل على تذكر
أو تعدوا (أن عبدت) بدل من نعمة، أو على إضمار هي، أو من الهاء في تمنها
أو في موضع جر بتقدير الباء: أي بأن عبدت.
قوله تعالى (وما رب العالمين) إنما جاء بما لأنه سأل عن صفاته وأفعاله: أي
ما صفته وما أفعاله، ولو أراد العين لقال من، ولذلك أجابه موسى عليه السلام بقوله
(رب السماوات) وقيل جهل حقيقة السؤال فجاء موسى بحقيقة الجواب.
قوله تعالى (للملا حوله) حال من الملا: أي كائنين حوله. وقال الكوفيون
الموصوف محذوف: أي الذين حوله، وهنا مسائل كثيرة ذكرت في الأعراف وطه.
قوله تعالى (بعزة فرعون) أي نحلف.
قوله تعالى (أن كنا) لأن كنا.
قوله تعالى (قليلون) جمع على المعنى لأن الشرذمة جماعة، و (حذرون)
بغير ألف. وبالألف لغتان، وقيل الحاذر بالألف المتسلح، ويقرأ بالدال، والحاذر
القوى والممتلئ أيضا من الغيظ أو الخوف.
قوله تعالى (كذلك) أي إخراجا كذلك.
قوله تعالى (مشرقين) حال، والمشرق: الذي دخل عليه الشروق.
قوله تعالى (لمدركون) بالتخفيف والتشديد، يقال: أدركته وأدركته.
167

قوله تعالى (وأزلفنا) بالفاء: أي قربنا، والإشارة إلى أصحاب موسى، ويقرأ
شاذا بالقاف: أي صيرنا قوم فرعون إلى مزلفة.
قوله تعالى (إذ قال) العامل في إذ نبأ.
قوله تعالى (هل يسمعونكم) يقرأ بفتح الياء والميم: أي يسمعون دعاءكم
فحذف المضاف لدلالة (تدعون) عليه، ويقرأ بضم الياء وكسر الميم: أي يسمعونكم
جواب دعائكم إياهم.
قوله تعالى (كذلك) منصوب ب‍ (يفعلون)
قوله تعالى (فإنهم عدو لي) أفرد على النسب: أي ذوو عداوة، ولذلك يقال
في المؤنث هي عدو، كما يقال حائض، وقد سمع عدوة (إلا رب العالمين) فيه
وجهان: أحدهما هو استثناء من غير الجنس لأنه لم يدخل تحت الأعداء. والثاني هو
من الجنس لأن آباءهم قد كان منهم من يعبد الله وغير الله، والله أعلم.
قوله تعالى (الذي خلقني) الذي مبتدأ، و (فهو) مبتدأ ثان، و (يهدين)
خبره، والجملة خبر الذي، وأما ما بعدها من الذي فصفات للذي الأولى، ويجوز
إدخال الواو في الصفات، وقيل المعطوف مبتدأ وخبره محذوف استغناء بخبر الأول.
قوله تعالى (واجعلني من ورثة) أي وارثا من ورثة، فمن متعلقة بمحذوف.
قوله تعالى (يوم لا ينفع) هو بدل من يوم الأول.
قوله تعالى (إلا من أتى الله) فيه وجهان: أحدهما هو من غير الجنس: أي لكن
من أتى الله يسلم أو ينتفع. والثاني أنه متصل. وفيه وجهان، أحدهما هو في موضع نصب
بدلا من المحذوف أو استثناء منه، والتقدير: لا ينفع مال ولا بنون أحدا إلا من أتى.
والمعنى أن المال إذا صرف في وجوه البر والبنين الصالحين ينتفع بهم من نسب إليهم
وإلى صلاحهم. والوجه الثاني هو في موضع رفع على البدل من فاعل ينفع: وغلب من
يعقل، ويكون التقدير: إلا من مال من أو بنو من فإنه ينفع نفسه أو غيره بالشفاعة.
وقال الزمخشري: يجوز أن يكون مفعول ينفع أي ينفع ذلك إلا رجلا أتى الله.
قوله تعالى (إذ نسويكم) يجوز أن يكون العامل فيه مبين أو فعل محذوف دل
عليه ضلال، ولا يجوز أن يعمل فيه ضلال لأنه قد وصف.
قوله تعالى (فنكون) هو معطوف على كرة: أي لو أن لنا أن نكر فنكون:
أي فأن نكون.
168

قوله تعالى (واتبعك) الواو للحال، وقرئ شاذا " وأتباعك " على الجمع.
وفيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، وما بعده الخبر والجملة حال. والثاني هو معطوف
على ضمير الفاعل في نؤمن، و (الأرذلون) صفة: أي أنستوي نحن وهم.
قوله تعالى (فتحا) يجوز أن يكون مصدرا مؤكدا، وأن يكون مفعولا به،
ويكون الفتح بمعنى المفتوح كما قالوا هذا من فتوح عمر.
قوله تعالى (أتبعثون) هو حال من الضمير في تبنون، و (تخلدون)
على تسمية الفاعل والتخفيف، وعلى ترك التسمية والتشديد والتخفيف، والماضي
خلد وأخلد.
قوله تعالى (أمدكم بأنعام) هذه الجملة مفسرة لما قبلها، ولا موضع لها
من الإعراب.
قوله تعالى (أم لم تكن من الواعظين) هذه الجملة وقعت موقع أم لم تعظ
(إن هذا إلا خلق) بفتح الخاء وإسكان اللام: أي افتراء الأولين: أي مثل
افترائهم، ويجوز أن يراد به الناس: أي هل نحن وأنت إلا مثل من تقدم في دعوى
الرسالة والتكذيب، وإنا نموت ولا نعاد، ويقرأ بضمتين: أي عادة الأولين.
قوله تعالى (في جنات) هو بدل من قوله " فيما هاهنا " بإعادة الجار.
قوله تعالى (فرهين) هو حال، ويقرأ " فارهين " بالألف وهما لغتان.
قوله تعالى (من القالين) أي لقال من القالين، فمن صفة للخبر متعلقة بمحذوف
واللام متعلقة بالخبر المحذوف، وبهذا تخلص من تقديم الصلة على الموصول، إذ لو جعلت
من القائلين الخبر لأعملته في لعملكم.
قوله تعالى (أصحاب الأيكة) يقرأ بكسر التاء مع تحقيق الهمزة، وتخفيفها بالإلقاء
وهو مثل الأنثى والأنثى: وقرئ " ليكة " بياء بعد اللام وفتح التاء، وهذا لا يستقيم
إذ ليس في الكلام ليكة حتى يجعل علما، فإن ادعى قلب الهمزة لاما فهو في غاية البعد.
قوله تعالى (والجبلة) يقرأ بكسر الجيم والباء وضمها مع التشديد وهما لغتان.
قوله تعالى (وإنه) الهاء ضمير القرآن، ولم يجر له ذكر، والتنزيل بمعنى المنزل
(نزل به) يقرأ على تسمية الفاعل، وهو (الروح الأمين) وعلى ترك التسمية
والتشديد، ويقرأ بتسمية الفاعل والتشديد، والروح بالنصب: أي أنزل الله جبريل
بالقرآن، وبه حال.
169

قوله تعالى (بلسان) يجوز أن تتعلق الباء بالمنذرين، وأن تكون بدلا من به:
أي نزل بلسان عربي: أي برسالة، أو لغة.
قوله تعالى (أو لم تكن) يقرأ بالتاء: وفيها وجهان: أحدهما هي التامة، والفاعل
(آية) و (أن يعلمه) بدل، أو خبر مبتدإ محذوف: أي أو لم تحصل لهم آية.
والثاني هي ناقصة: وفي اسمها وجهان: أحدهما ضمير القصة، وأن يعلمه مبتدأ،
وآية خبر مقدم، والجملة خبر كان. والثاني اسمها آية، وفي الخبر وجهان: أحدهما
لهم، وأن يعلمه بدل أو خبر مبتدإ محذوف. والثاني أن يعلمه، وجاز أن يكون الخبر
معرفة، لأن تنكير المصدر وتعريفه سواء، وقد تخصصت آية ب‍ " لهم " ولأن علم
بني إسرائيل لم يقصد به معين، ويقرأ بالياء فيجوز أن يكون مثل الباء، لأن التأنيث
غير حقيقي، وقد قرئ على الياء آية بالنصب على أنه خبر مقدم.
قوله تعالى (الأعجمين) أي الأعجميين، فحذف ياء النسبة كما قالوا الأشعرون
أي الأشعريون، وواحده أعجمي، ولا يجوز أن يكون جمع أعجم لأن مؤنثه عجماء
ومثل هذا لا يجمع جمع التصحيح.
قوله تعالى (سلكناه) قد ذكر مثله في الحجر، والله أعلم.
قوله تعالى (فيأتيهم. فيقولوا) هما معطوفان على يروا.
قوله تعالى (ما أغنى عنهم) يجوز أن يكون استفهاما، فيكون " ما " في موضع
نصب، وأن يكون نفيا، أي ما أغنى عنهم شيئا.
قوله تعالى (ذكرى) يجوز أن يكون مفعولا له، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف
إي الإنذار ذكرى.
قوله تعالى (يلقون) هو حال من الفاعل في " تنزل ".
قوله تعالى (يهيمون) يجوز أن يكون خبر إن فيعمل في كل واد، وأن يكون
حالا فيكون الخبر في كل واد.
قوله تعالى (أي منقلب) هو صفة لمصدر محذوف، والعامل (ينقلبون)
أي ينقلبون انقلابا: أي منقلب، ولا يعمل فيه يعلم لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله،
والله أعلم.
170

سورة النمل
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تلك آيات القرآن) هو مثل قوله " ذلك الكتاب " في أول البقرة
(وكتاب) بالجر عطفا على المجرور، وبالرفع عطفا على آيات، وجاء بالواو كما جاء
في قوله تعالى " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " وقد ذكر.
فإن قيل، ما وجه الرفع عطفا على آيات؟ ففيه ثلاثة أوجه: أحدها أن الكتاب
مجموع آيات، فكأن التأنيث على المعنى. والثاني أن التقدير: وآيات كتاب، فأقيم
المضاف إليه مقام المضاف. والثالث أنه حسن لما صحت الإشارة إلى آيات، ولو ولى
الكتاب تلك لم يحسن، ألا ترى أنك تقول جاءتني هند وزيد، ولو حذفت هندا
أو أخرتها لم يجز التأنيث.
قوله تعالى (هدى وبشرى) هما في موضع الحال من آيات، أو من كتاب إذا
رفعت، ويضعف أن يكون من المجرور، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مبين
جررت أو رفعت ويجوز أن يكونا في موضع خبرا بعد خبر أو على حذف مبتدإ.
قوله تعالى (إذ قال موسى) أي واذكر.
قوله تعالى (بشهاب قبس) الإضافة من باب " ثوب خز " لأن الشهاب نوع
من القبس: أي المقبوس والتنوين على الصفة، والطاء في (يصطلون) بدل من
تاء افتعل من أجل الصاد.
قوله تعالى (نودي) في ضمير الفاعل ثلاثة أوجه: أحدها هو ضمير موسى
عليه السلام، فعلى هذا في (أن) ثلاثة أوجه: هي بمعنى أي، لأن من النداء معنى
القول. والثاني هو مصدرية، والفعل صلة لها، والتقدير: لبركة من في النار أو ببركة:
أي اعلم بذلك، والثالث هي مخففة من الثقيلة، وجاز ذلك من غير عوض لأن بورك
دعاء والدعاء يخالف غيره في أحكام كثيرة. والوجه الثاني لا ضمير في نودي
والمرفوع به أن بورك، والتقدير: نودي بأن بورك، كما تقول: قد نودي بالرخص
والثالث المصدر مضمر: أي نودي النداء، ثم فسر بما بعده كقوله تعالى " ثم بدا لهم "
وأما (من) فمرفوعة ببورك والتقدير: بورك من في جوار وبورك من حولها. وقيل
التقدير: بورك مكان من في النار. النار، ومكان من حولها من الملائكة.
171

قوله تعالى (إنه أنا الله) الهاء ضمير الشأن، وأنا الله مبتدأ وخبر، ويجوز
أن يكون ضمير رب: أي أن الرب أنا الله، فيكون أنا فصلا أو توكيدا أو خبر إن،
والله بدل منه.
قوله تعالى (تهتز) هو حال من الهاء في رآها، و (كأنها جان) حال من
الضمير في تهتز.
قوله تعالى (إلا من ظلم) هو استثناء منقطع في موضع نصب، ويجوز أن
يكون في موضع رفع بدلا من الفاعل.
قوله تعالى (بيضاء) حال، و (من غير سوء) حال أخرى، و (في تسع)
حال ثالثة، والتقدير: آية في تسع آيات، و (إلى) متعلقة بمحذوف تقديره:
مرسلا إلى فرعون، ويجوز أن يكون صفة لتسع، أو لآيات: أي واصلة إلى فرعون
و (مبصرة) حال، ويقرأ بفتح الميم والصاد، وهو مصدر مفعول له: أي تبصرة
و (ظلما) حال من الضمير في جحدوا، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله. ويقرأ
" غلوا " بالغين المعجمة، والمعنى متقارب، و (كيف) خبر كان، و (عاقبة)
اسمها، و (من الجن) حال من جنوده، و (نملة) بسكون الميم وضمها لغتان
(ادخلوا) أتى بضمير من يعقل، لأنه وصفها بصفة من يعقل (لا يحطمنكم)
نهى مستأنف، وقيل هو جواب الأمر وهو ضعيف، لأن جواب الأمر لا يؤكد
بالنون في الاختيار، و (ضاحكا) حال مؤكدة، وقيل مقدرة لأل التبسم مبدأ
الضحك، ويقرأ " ضحكا " على أنه مصدر، والعامل فيه تبسم لأنه بمعنى ضحك،
ويجوز أن يكون اسم فاعل مثل نصب، لأن ماضيه ضحك وهو لازم.
قوله تعالى (عذابا) أي تعذيبا (فمكث) بفتح الكاف وضمها لغتان (غير
بعيد) أي مكانا غير بعيد، أو وقتا أو مكثا: وفي الكلام حذف: أي فجاء،
و (سبأ) بالتنوين على أنه اسم رجل أو بلد، وبغير تنوين على أنها بقعة أو قبيلة
(وأوتيت) يجوز أن يكون حالا، وقد مقدرة، وأن يكون معطوفا لأن تملكهم
بمعنى ملكتهم.
قوله تعالى (ألا يسجدوا) في " لا " وجهان: أحدهما ليست زائدة، وموضع
الكلام نصب بدلا من أعمالهم، أو رفع على تقدير: هي ألا يسجدوا. والثاني هي
زائدة، وموضعه نصب بيهتدون: أي لا يهتدون، لأن يسجدوا أو جر على إرادة
الجار، ويجوز أن يكون بدلا من السبيل: أي وصدهم عن أن يسجدوا، ويقرأ ألا
172

اسجدوا، فألا تنبيه، ويا: نداء، والمنادى محذوف: أي يا قوم اسجدوا. وقال جماعة
من المحققين: دخل حرف التنبيه على الفعل من غير تقدير حذف، كما دخل
في " هلم ".
قوله تعالى (ثم تول عنهم) أي قف عنهم حجزا (1) لتنظر ماذا يردون، ولا
تقديم في هذا، وقال أبو علي: فيه تقديم، أي فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم.
قوله تعالى (إنه من سليمان) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح بدلا من
كتاب، أو مرفوع بكريم.
قوله تعالى (ألا تعلوا علي) موضعه رفع بدلا من كتاب: أي هو أن لا تعلوا
أو في موضع نصب: أي لأن لا تعلوا، ويجوز أن تكون أن بمعنى أي، فلا يكون
لها موضع، ويقرأ بالغين: أي لا تزيدوا.
قوله تعالى (ماذا) هو مثل قوله تعالى " ماذا أراد الله بهذا " وقد ذكر (وكذلك
يفعلون) من تمام الحكاية عنها، وقيل هو مستأنف من الله تعالى.
قوله تعالى (أتمدونني) بالإظهار على الأصل، وبالإدغام لأنهما مثلان.
قوله تعالى (عفريت) التاء زائدة لأنه من العفر، يقال: عفرية وعفريت،
وآتيك) فعل، ويجوز أن يكون اسم فاعل، و (مستقرا) أي ثابتا غير متقلقل
وليس بمعنى الحصول المطلق، إذ لو كان كذلك لم يذكر، و (أأشكر أم أكفر)
في موضع نصب: أي ليبلو شكري وكفري، و (ننظر) بالجزم على الجواب،
وبالرفع على الاستئناف.
قوله تعالى (وصدها) الفاعل (ما كانت) وقيل ضمير اسم الله: أي وصدها
الله عما كانت (إنها) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح أي لأنها أو على البدل من
" ما " وتكون على هذا مصدرية، و (ادخلي الصرح) أي في الصرح، وقد ذكر
نظيره (وأسلمت) أي وقد أسلمت.
قوله تعالى (فإذا هم) إذا هنا للمفاجأة، فهي مكان، وهم مبتدأ، و (فريقان)
الخبر، و (يختصمون) صفة وهي العاملة في إذا، و (اطيرنا) قد ذكر
في الأعراف، و (رهط) اسم للجمع، فلذلك أضيف تسعة إليه، و (يفسدون)
صفة لتسعة أو لرهط.
قوله تعالى (تقاسموا) فيه وجهان: أحدهما هو أمر: أي أمر بعضهم بعضا

(1) قوله (حجزا) في القاموس: الحجز بالكسر وبضم: الناحية اه‍.
173

بذلك، فعلى هذا يجوز في (لنبيتنه) النون تقديره: قولوا لنبيتنه، والتاء على خطاب
الآمر المأمور، ولا يجوز الياء. والثاني هو فعل ماض فيجوز الأوجه الثلاثة، وهو
على هذا تفسير لقالوا، و (مهلك) قد ذكر في الكهف.
قوله تعالى (كيف كان عاقبة) في كان وجهان: أحدهما هي الناقصة،
وعاقبة مرفوعة على أنها اسمها. وفي الخبر وجهان: أحدهما كيف، و (أنا دمرناهم)
إن كسرت كان مستأنفا، وهي مفسر لمعنى الكلام، وإن فتحت فيه أوجه: أحدها
أن يكون بدلا من العاقبة. والثاني خبر مبتدإ محذوف: أي هي أنا دمرناهم. والثالث
أن يكون بدلا من كيف عند بعضهم، وقال آخرون: لا يجوز ذلك لأن البدل من
الاستفهام يلزم فيه إعادة حرفه كقولك: كيف زيد أصحيح أم مريض؟ والرابع هو
في موضع نصب: أي بأنا أو لأنا. والوجه الثاني أن يكون خبر كان أنا دمرناهم إذا
فتحت، وإذا كسرت لم يجز لأنه ليس في الجملة ضمير يعود على عاقبة، وكيف على
هذا حال، والعامل فيها كان أو ما يدل عليه الخبر. والوجه الثاني من وجهي كان أن
تكون التامة، وكيف على هذا حال غير، وإنا دمرنا بالكسر مستأنف، وبالفتح
على ما تقدم إلا في كونها خبرا.
قوله تعالى (خاوية) هو حال من البيوت، والعامل الإشارة، والرفع جائز
على ما ذكرنا في " هذا بعلى شيخا " و (بما) يتعلق بخاوية.
قوله تعالى (ولوطا) أي وأرسلنا لوطا، و (شهوة) قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (وسلام) الجملة محكمية أيضا، وكذلك (آلله خير) أي قل
ذلك كله.
قوله تعالى (ما كان لكم أن تنبتوا) الكلام كله نعت لحدائق، ويجوز أن
يكون مستأنفا، و (خلالها) ظرف، وهو المفعول الثاني، و (بين البحرين)
كذلك، ويجوز أن ينتصب بين بحاجز: أي ما يحجز بين البحرين، و (بشرا)
قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (من في السماوات) فاعل يعلم، و (الغيب) مفعوله، و (إلا الله)
بدل من " من " ومعناه لا يعلم أحد، وقيل إلا بمعنى غير، وهي صفة لمن.
قوله تعالى (بل ادارك) فيه قراءات: إحداها أدرك مثل أخرج، ومنهم من
يلقى حركة الهمزة على اللام. والثانية بل أدرك على افتعل، وقد ذكر في الأعراف.
والثالثة ادارك وأصله تدارك، ثم سكنت التاء واجتلبت لها همزة الوصل. والرابع
174

تدارك: أي تتابع علمهم في الآخرة: أي بالآخرة، والمعنى، بل تم علمهم بالآخرة
لما قام عليه من الأدلة فما انتفعوا بل هم في شك، و (منها) يتعلق ب‍ (عمون).
قوله تعالى (وآباؤنا) هو معطوف على الضمير في كنا من غير توكيد، لأن
المفعول فصل فجرى مجرى التوكيد.
قوله تعالى (عسى أن يكون) فأن يكون فاعل عسى، واسم كان مضمر فيها
أي أن يكون الشأن وما بعده في موضع نصب خبر كان، وقد ذكر مثله في آخر
الأعراف.
قوله تعالى (ردف لكم) الجمهور بكسر الدال، وقرئ بالفتح وهي لغة،
واللام زائدة: أي ردفكم، ويجوز أن لا تكون زائدة، ويحمل الفعل على معنى
دنا لكم، أو قرب أجلكم، والفاعل بعض.
قوله تعالى (ما تكن) من أكننت، ويقرأ بفتح التاء وضم الكاف من كننت:
أي سترت (ولا تسمع) بالضم على إسناد الفعل إلى المخاطب (وما أنت بهادي
العمى) على الإضافة، وبالتنوين والنصب على إعمال اسم الفاعل، وتهدى على أنه
فعل، و (عن) يتعلق بتهدى، وعداه بعن لأن معناه تصرف، ويجوز أن تتعلق
بالعمى، ويكون المعنى أن العمى صدر عن ضلالتهم.
قوله تعالى (تكلمهم) يقرأ بفتح التاء وكسر اللام مخففا بمعنى تسمهم وتعلم
فيهم من كلمه إذا جرحه، ويقرأ بالضم والتشديد، وهو بمعنى الأولى إلا أنه شدد
للتكثير، ويجوز أن يكون من الكلام (إن الناس) بالكسر على الاستئناف وبالفتح
أي تكلهم بأن الناس، أو تخبرهم بأن الناس، أو لأن الناس (ويوم نحشر)
أي واذكر يوم، وكذلك (ويوم ينفخ في الصور. ففزع) بمعنى فيفزع (وكل
أتوه) على الفعل وآتوه بالمد على أنه اسم، و (داخرين) حال.
قوله تعالى (تحسبها) الجملة حال من الجبال أو من الضمير في ترى (وهي تمر)
حال من الضمير المنصوب في تحسبها، ولا يكون حالا من الضمير في جامدة إذ
لا يستقيم أن تكون جامدة مارة مر السحاب، والتقدير: مرا مثل مر السحاب،
و (صنع الله) مصدر عمل فيه ما دل عليه تمر، لأن ذلك من صنعه سبحانه،
فكأنه قال: أصنع ذلك صنعا. وأظهر الاسم لما لم يذكر.
قوله تعالى (خير منها) يجوز أن يكون المعنى أفضل منها فيكون " من " في
موضع نصب، ويجوز أن يكون بمعنى فضل فيكون " منها " في موضع رفع صفة
175

لخير: أي فله خبر حاصل بسببها (من فزع) يالتنوين (يومئذ) بالنصب، ويقرأ
" من فزع يومئذ " بالإضافة، وقد ذكر مثله في هود عند قوله " ومن خزى يومئذ ".
قوله تعالى (هل يجزون) أي يقال لهم، وهو في موضع نصب على الحال:
أي فكبت وجوههم مقولا لهم هل يجزون.
قوله تعالى (الذي حرمها) هو صفة لرب، وقرئ التي على الصفة للبلدة،
والله أعلم.
سورة القصص
بسم الله الرحمن الرحيم
قد تقدم ذكر الحروف المقطعة والكلام على ذلك.
قوله تعالى (نتلو عليك) مفعوله محذوف دلت عليه صفته تقديره: شيئا
من نبأ موسى، وعلى قول الأخفش من زائدة، و (بالحق) حال من النبأ.
قوله تعالى (يستضعف) يجوز أن يكون صفة لشيعا، (يذبح) تفسير له،
أو حال من فاعل يستضعف، ويجوز أن يكونا مستأنفين.
قوله تعالى (منهم) يتعلق بنرى ولا يتعلق ب‍ (يحذرون) لأن الصلة لا تتقدم
على الموصول، و (أن أرضعيه) يجوز أن " تكون " أن مصدرية، وأن تكون
بمعنى أي.
قوله تعالى (ليكون لهم) اللام للصيرورة، لالام الغرض، والحزن
والحزن لغتان.
قوله تعالى (قرة عين) أي هو قرة عين و (لي ولك) صفتان لقرة، وحكى
بعضهم أن الوقف على (لا) وهو خطأ لأنه لو كان كذلك لقال تقتلونه: أي أتقتلونه
على الإنكار، ولا جازم على هذا.
قوله تعالى (فارغا) أي من الخوف، ويقرأ " فرغا " بكسر الفاء وسكون الراء
كقولهم ذهب دمه فرغا: أي باطلا: أي أصبح حزن فؤادها باطلا، ويقرأ " فزعا "
وهو ظاهر ويقرأ " فرغا " أي خاليا من قولهم فرغ الفناء إذا خلا، وإن مخففة من الثقيلة،
وقيل بمعنى ما، وقد ذكرت نظائره، وجواب لولا محذوف دل عليه (إن كادت)
و (لتكون) اللام متعلقة بربطنا.
176

قوله تعالى (عن جنب) هو في موضع الحال إما من الهاء في به: أي بعيدا،
أو من الفاعل في بصرت: أي مستخفية، ويقرأ عن جنب، وعن جانب، والمعنى
متقارب، و (المراضع) جمع مرضعة، ويجوز أن يكون جمع مرضع الذي هو
مصدر، (ولا تحزن) معطوف على تقر، و (على حين غفلة) حال من المدينة
ويجوز أن يكون حالا من الفاعل: أي مختلسا.
قوله تعالى (هذا من شيعته وهذا من عدوه) الجملتان في موضع نصب
صفة لرجلين.
قوله تعالى (من عمل الشيطان) أي من تحسينه، أو من تزيينه.
قوله تعالى (بما أنعمت) يجوز أن يكون قسما، والجواب محذوف، و (فلن
أكون) تفسير له، أي لأتوبن، ويجوز أن يكون استعطافا: أي كما أنعمت على
فاعصمني فلن أكون، و (يترقب) حال مبدلة من الحال الأولى، أو تأكيدا لها
أو حال من الضمير في خائفا، و (إذا) للمفاجأة وما بعدها مبتدأ، و (يستصرخه)
الخبر أو حال، والخبر إذا.
قوله تعالى (يصدر) يقرأ بصاد خالصة وبزاي خالصة لتجانس الدال، ومنهم
من يجعلها بين الصاد والزاي لينبه على أصلها، وهذا إذا سكنت الصاد، ومن ضم
الياء حذف المفعول: أي يصدر الرعاء ماشيتهم، والرعاء بالكسر جمع راع كقائم،
وقيام، وبضم الراء وهو اسم للجمع كالتوام والرحال، و (على استحياء) حال،
و (ما سقيت لنا) أي أجر سقيك فهي مصدرية، و (هاتين) صفة، والتشديد
والتخفيف قد ذكر في النساء في قوله تعالى " واللذان "، و (على أن تأجرني)
في موضع الحال كقولك: أنكحتك على مائة: أي مشروطا عليك، أو واجبا عليك
ونحو ذلك، ويجوز أن تكون حالا من الفاعل، و (ثماني) ظرف.
قوله تعالى (فمن عندك) يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف: أي فالتمام
ويجوز أن يكون في موضع نصب: أي فقد أفضلت من عندك.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (بيني وبينك) الخبر، والتقدير: بيننا،
و (أيما) نصب ب‍ (قضيت) وما زائدة، وقيل نكرة، والأجلين بدل منها،
وهي شرطية، و (فلا عدوان) جوابها. والجذوة بالكسر والفتح والضم لغات،
وقد قرئ بهن.
177

قوله تعالى (أن يا موسى) أن مفسرة، لأن النداء قول، والتقدير: أي يا موسى
وقيل هي المخففة، والتقدير: بأن يا موسى.
قوله تعالى (من الرهب) " من " متعلقة بولي: أي هرب من الفزع، وقيل
بمدبرا، وقيل بمحذوف: أي يسكن من الرهب، وقيل باضمم، أي من أجل
الرهب، والرهب بفتح الراء والهاء، وبفتح الراء وإسكان الهاء، وبضمها وبضم
الراء وسكون الهاء لغات، وقد قرئ بهن (فذانك) بتخفيف النون وتشديدها
وقد بين في " واللذان يأتيانها " وقرئ شاذا " فذانيك " بتخفيف النون وياء بعدها،
قيل هي بدل من إحدى النونين وقيل نشأت عن الإشباع، و (إلى) متعلقة بمحذوف
أي مرسلا إلى فرعون، و (رداءا) حال، ويقرأ بإلقاء حركة الهمزة على الراء
وحذفها (يصدقني) بالجزم على الجواب، وبالرفع صفة لرداء، أو حالا من
الضمير فيه.
قوله تعالى (بآياتنا) يجوز أن يتعلق بيصلون، وأن يتعلق ب‍ (الغالبون)،
و (تكون) بالتاء على تأنيث العاقبة، وبالياء لأن التأنيث غير حقيقي، ويجوز أن
يكون فيها ضمير يعود على من، و (له عاقبة) جملة في موضع خبر كان، أو تكون
تامة، فتكون الجملة حالا.
قوله تعالى (ويوم القيامة) الثانية فيه أربعة أوجه: أحدها هو معطوف على
موضع في هذه: أي وأتبعناهم يوم القيامة. والثاني أن يكون حذف المضاف:
أي وأتبعناهم لعنة يوم القيامة. والثالث أن يكون منصوبا ب‍ (المقبوحين) على أن
تكون الألف واللام للتعريف لا بمعنى الذي. والرابع أن يكون على التبيين: أي
وقبحوا يوم القيامة ثم فسر بالصلة.
قوله تعالى (بصائر) حال من الكتاب أو مفعول له، وكذلك (هدى ورحمة).
قوله تعالى (بجانب الغربي) أصله أن يكون صفة: أي بالجانب الغربي، ولكن
حول عن ذلك وجعل صفة المحذوف ضرورة امتناع إضافة الموصوف إلى الصفة
إذ كانت هي الموصوف في المعنى، وإضافة الشئ إلى نفسه خطأ، والتقدير جانب
المكان الغربي، و (إذ) معمولة للجار أو لما يتعلق به (وما كنت من الشاهدين)
إي إذ قصينا، و (تتلوا) في موضع نصب خبرا ثانيا أو حال من الضمير في ثاويا
(ولكن رحمة) أي أعلمناك ذاك للرحمة أو أرسلناك.
قوله تعالى (قالوا ساحران) هو تفسير لقوله أو لم يكفروا، وساحران بالألف:
178

أي موسى وهارون، وقيل موسى ومحمد صلى الله وسلم عليهما، وسحران بغير ألف:
أي القرآن والتوراة (ومن أضل) استفهام في معنى النفي: أي لا أحد أضل،
و (وصلنا) بالتشديد والتخفيف متقاربان في المعنى، و (الذين) مبتدأ، و (هم
به يؤمنون) خبره، و (مرتين) في موضع المصدر (أو لم نمكن لهم حرما)
عداه بنفسه، لأن معنى نمكن نجعل، وقد صرح به في قوله " أو لم يروا أنا جعلنا
حرما " و (آمنا) أي من الخسف وقصد الجبابرة، ويجوز أن يكون بمعنى يؤمن
من لجأ إليه، أو ذا أمن، و (رزقا) مصدر من معنى يحيى (وكم) في موضع نصب
ب‍ (أهلكنا) و (معيشتها) نصب ببطرت لأن معناه كفرت نعمتها، أو جهلت
شكر معيشتها، فحذف المضاف، وقيل التقدير: في معيشتها، وقد ذكر في سفه
نفسه، و (لم تسكن) حال، والعامل فيها الإشارة، ويجوز أن تكون في موضع
رفع على ما ذكر في قوله تعالى " وهذا بعلى شيخا " (إلا قليلا) أي زمانا قليلا.
قوله تعالى (ثم هو) من أسكن الهاء شبه ثم بالواو والفاء.
قوله تعالى (فمتاع الحياة الدنيا) أي فالمؤتى متاع.
قوله تعالى (هؤلاء) فيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (الذين أغوينا)
صفة لخبر هؤلاء المحذوف: أي هؤلاء هم الذين أغوينا، و (أغويناهم) مستأنف
ذكره أبو علي في التذكرة، قال: ولا يجوز أن يكون أغويناهم خبرا، والذين أغوينا
صفة لأنه ليس فيه زيادة على ما في صفة المبتدأ.
فإن قلت: فقد وصله بقوله تعالى " كما غوينا " وفيه زيادة. قيل: الزيادة
بالظرف لا تصيره أصلا في الجملة، لأن الظروف فضلات. وقال غيره، وهو
الوجه الثاني: لا يمتنع أن يكون هؤلاء مبتدأ، والذين صفة، وأغويناهم الخبر من
أجل ما اتصل به، وإن كان ظرفا لأن الفضلات في بعض المواضع تلزم كقولك:
زيد عمرو في داره.
قوله تعالى (ما كانوا إيانا يعبدون) " ما " نافية، وقيل هي مصدرية،
والتقدير: مما كانوا يعبدون: أي من عبادتهم إيانا.
قوله تعالى (ما كان لهم الخيرة) " ما " هاهنا نفى أيضا، وقيل هي مصدرية:
أي يختار اختيارهم بمعنى مختارهم.
قوله تعالى (سرمدا) يجوز أن يكون حالا من الليل، وأن يكون مفعولا ثانيا
لجعل، و (إلى) يتعلق بسرمدا أو يجعل أو يكون صفة لسرمدا.
179

قوله تعالى (الليل والنهار لتسكنوا فيه) التقدير: جعل لكم الليل لتسكنوا
فيها، والنهار لتبتغوا من فضله، ولكن مزج اعتماد على فهم المعنى، و (هاتوا)
قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (ما إن مفاتحه) " ما " بمعنى الذي في موضع نصب بآياتنا، وأن
واسمها وخبرها صلة الذي، ولهذا كسرت " إن " و (لتنوء بالعصبة) أي تنئ
العصبة، فالباء معدية معاقبة للهمزة في أنأته، يقال أنأته ونؤت به، والمعنى: تثقل
العصبة، وقيل هو على القلب: أي لتنوء به العصبة. ومن (الكنوز) يتعلق بآتينا.
و (إذ قال له) ظرف لآتيناه، ويجوز أن يكون ظرفا لفعل محذوف دل عليه
الكلام: أي بغى إذ قال له قومه.
قوله تعالى (فيما آتاك) " ما " مصدرية بمعنى الذي، وهي في موضع الحال:
أي وابتغ متقلبا فيما آتاك الله أجر الآخرة، ويجوز أن يكون ظرفا لابتغ
قوله تعالى (على علم) هو في موضع الحال، و (عندي) صفة لعلم، ويجوز
أن يكون ظرفا لأوتيته: أي أوتيته فيما أعتقد على علم، و (من قبله) ظرف
لأهلك، و (من) مفعول أهلك. ومن القرون فيه وجهان: أحدهما يتعلق بأهلك
وتكون " من " لابتداء الغاية. والثاني أن يكون حالا من " من " كقولك: أهلك الله
من الناس زيدا.
قوله تعالى (ولا يسئل) يقرأ على ما لم يسم فاعله، وهو ظاهر، وبتسمية
الفاعل و (المجرمون) الفاعل: أي لا يسألون غيرهم عن عقوبة ذنوبهم لاعترافهم
بها، ويقرأ " المجرمين " أي لا يسألهم الله تعالى.
قوله تعالى (في زينته) هو حال من ضمير الفاعل في خرج، و (ويلكم)
مفعول فعل محذوف: أي ألزمكم الله ويلكم، و (خير لمن آمن) مثل قوله
" وما عند الله خير للأبرار " وقد ذكر (ولا يلقاها) الضمير للكلمة التي قالها العلماء
أو للإثابة لأنها في معنى الثواب، أو للأعمال الصالحة، و (بالأمس) ظرف لتمنوا.
ويجوز أن يكون حالا من مكانه لأن المراد بالمكان هنا الحالة والمنزلة، وذلك مصدر.
قوله تعالى (وى كأن الله) " وى " عند البصريين منفصلة عن الكاف، والكاف
متصلة بأن، ومعنى " وى " تعجب، وكأن القوم نبهوا فانتبهوا فقالوا وى كأن
الأمر كذا وكذا، ولذلك فتحت الهمزة من " أن " وقال الفراء: الكاف موصولة
بوى: أي ويك أعلم أن الله يبسط، وهو ضعيف لوجهين: أحدهما أن معنى الخطاب
180

هنا بعيد. والثاني أن تقدير وى اعلم لا نظير له، وهو غير سائغ في كل موضع
(لخسف) على التسمية وتركها، وبالإدغام والإظهار، ويقرأ بضم الخاء وسكون
السين على التخفيف، والإدغام على هذا ممتنع.
قوله تعالى (تلك الدار) تلك مبتدأ، والدار نعت، و (نجعلها) الخبر.
قوله تعالى (أعلم من جاء) " من " في موضع نصب على ما ذكر في قوله
تعالى " أعلم من يضل عن سبيله " في الأنعام.
قوله تعالى (إلا رحمة) أي ولكن ألقى رحمة، أي للرحمة.
قوله تعالى (إلا وجهه) استثناء من الجنس: أي إلا إياه، أو ما عمل
لوجهه سبحانه.
سورة العنكبوت
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أن يتركوا) أن وما عملت فيه تسد مسد المفعولين، و (أن يقولوا)
أي بأن يقولوا، أو لأن يقولوا، ويجوز أن يكون بدلا من أن يتركوا، وإذ قدرت
الياء كان حالا، ويجوز أن تقدر على هذا المعنى.
قوله تعالى (ساء) يجوز أن يعمل عمل بئس، وقد ذكر في قوله " بئسما اشتروا "
ويجوز أن يكون بمعنى قبح فتكون " ما " مصدرية، أو بمعنى الذي، أو نكرة
موصوفة، وهي فاعل ساء.
قوله تعالى (من كان يرجو) من شرط، والجواب (فإن أجل الله)
والتقدير: لآتيه.
قوله تعالى (حسنا) منصوب بوصينا، وقيل هو محمول على المعنى، والتقدير:
ألزمناه حسنا، وقيل التقدير أيضا: ذا حسن كقوله " وقولوا للناس حسنا " وقيل
معنى وصينا قلنا له أحسن حسنا، فيكون واقعا موقع المصدر، أو مصدرا
محذوف الزوائد.
قوله تعالى (والذين آمنوا) مبتدأ و (لندخلنهم) الخبر، ويجوز أن
يكون " الذين " في موضع نصب على تقدير لندخلن الذين آمنوا.
181

قوله تعالى (ولنحمل خطاياكم) هذه لام الأمر، وكأنهم أمروا أنفسهم،
وإنما عدل إلى ذلك عن الخبر لما فيه من المبالغة في الالتزام كما في صيغة التعجب
(من شئ) " من " زائدة، وهو مفعول اسم الفاعل، ومن خطاياهم حال من شئ،
والتقدير: بحاملين شيئا من خطاياهم، و (ألف سنة) ظرف، والضمير في (جعلناها)
للعقوبة أو الطوفة أو نحو ذلك (وإبراهيم) معطوف على المفعول في أنجيناه، أو على
تقدير: واذكر، أو على أرسلنا.
قوله تعالى (النشأة الآخرة) بالقصر والمد لغتان.
قوله تعالى (ولا في السماء) التقدير: ولا من السماء فيها، فمن معطوف على
أنتم، وهي نكرة موصوفة، وقيل ليس فيه محذوف لأن أنتم خطاب للجميع، فيدخل
فيهم الملائكة، ثم فصل بعد الإبهام.
قوله تعالى (إنما اتخذتم) في " ما " ثلاثة أوجه أحدها هي بمعنى الذي،
والعائد محذوف: أي اتخذتموه، و (أوثانا) مفعول ثان أو حال، و (مودة) الخبر
على قراءة من رفع، والتقدير: ذوو مودة. والثاني هي كافة، وأوثانا مفعول،
ومودة بالنصب مفعول له، وبالرفع على إضمار مبتدأ، وتكون الجملة نعتا لأوثان
ويجوز أن يكون النصب على الصفة أيضا: أي ذوي مودة. والوجه الثالث أن تكون
" ما " مصدرية، ومودة بالرفع الخبر ولا حذف في هذا الوجه في الخبر بل في اسم
" إن " والتقدير: إن سبب اتخاذكم مودة، ويقرأ " مودة " بالإضافة في الرفع والنصب
و (بينكم) بالجر وبتنوين مودة في الوجهين جميعا، ونصب بين وفيما يتعلق به
(في الحياة الدنيا) سبع أوجه: الأول أن تتعلق باتخذتم إذا جعلت " ما " كافة لا على
الوجهين الآخرين، لئلا يؤدى إلى الفصل بين الموصول وما في الصلة بالخبر. والثاني
أن يتعلق بنفس مودة إذا لم تجعل بين صفة لها لأن المصدر إذا وصف لا يعمل والثالث
أن تعلقه بنفس بينكم لأن معناه اجتماعكم أو وصلكم. والرابع أن تجعله صفة ثانية
لمودة إذا نونتها وجعلت بينكم صفة. والخامس أن تعلقها بمودة وتجعل بينكم
ظرف مكان، فيعمل مودة فيهما. والسادس أن تجعله حالا من الضمير في بينكم إذا
جعلته وصفا لمودة. والسابع أو تجعله حالا من بينكم لتعرفه بالإضافة. وأجاز قوم
منهم أن تتعلق في بمودة، وإن كان بينكم صفة، لأن الظروف يتسع فيها بخلاف
المفعول به.
182

قوله تعالى (ولوطا) معطوف على نوح وإبراهيم. وقد ذكر
قوله تعالى (إنا منجوك وأهلك) الكاف في موضع جر عند سيبويه، فعلى
هذا ينتصب أهلك بفعل محذوف: أي وننجي أهلك، وفى قول الأخفش هي في موضع
نصب أو جر، وموضعه نصب فتعطف على الموضع، لأن الإضافة في تقدير
الانفصال كما لو كان المضاف إليه ظاهرا، وسيبويه يفرق بين المضمر والمظهر فيقول
لا يجوز إثبات النون في التثنية والجمع مع المضمر كما في التنوين، ويجوز ذلك كله مع
المظهر، والضمير في (منها) للعقوبة، و (شعيبا) معطوف على نوح، والفاء
في (فقال) عاطفة على أرسلنا المقدرة (وعادا وثمود) أي واذكر، أو وأهلكنا
(وقارون) وما بعده كذلك، ويجوز أن يكون معطوفا على الهاء في صدهم،
و (كلا) منصوب ب‍ (أخذنا) و " من " في (من أرسلنا) وما بعدها نكرة
موصوفة وبعض الرواجع محذوف، والنون في عنكبوت أصل، والتاء زائدة لقولهم
في جمعه عناكب.
قوله تعالى (ما يدعون) هي استفهام في موضع نصب بيدعون لا بيعلم، و (من
شئ) تبيين، وقيل " ما " بمعنى الذي، ويجوز أن تكون مصدرية، وشئ مصدر
ويجوز أن تكون نافية، ومن زائدة، وشيئا مفعول يدعون، و (نضربها) حال
من الأمثال، ويجوز أن يكون خبرا، والأمثال نعت.
قوله تعالى (إلا الذين ظلموا) هو استثناء من الجنس، وفي المعنى وجهان:
أحدهما إلا الذين ظلموا فلا تجادلوهم بالحسنى بل بالغلظة لأنهم يغلظون لكم، فيكون
مستثنى من التي هي أحسن لامن الجدال. والثاني لا تجادلوهم البتة، بل حكموا فيهم
السيف لفرط عنادهم.
قوله تعالى (أنا أنزلنا) هو فاعل يكفهم.
قوله تعالى (والذين آمنوا) في موضع رفع بالابتداء، و (لنتبوأنهم)
الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل دل عليه الفعل المذكور، و (غرفا)
مفعول ثان، وقد ذكر نظيره في يونس والحج (والذين صبروا) خبر ابتداء
محذوف.
قوله تعالى (وكأين من دابة) يجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء،
ومن دابة تبيين، و (لا تحمل) نعت الدابة، و (الله يرزقها) جملة خبر كائن،
183

وأنث الضمير على المعنى، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل دل عليه يرزقها:
ويقدر بعد كأين.
قوله تعالى (وإن الدار الآخرة) أي إن حياة الدار لأنه أخبر عنها بالحيوان،
وهي الحياة، ولام الحيوان ياء، والأصل حييان، فقلبت الياء واوا لئلا يلتبس بالتثنية
ولم تقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها لئلا تحذف إحدى الألفين.
قوله تعالى (وليتمتعوا) من كسر اللام جعلها بمعنى كي، ومن سكنها جاز أن
يكون كذلك، وأن يكون أمرا، والله أعلم.
سورة الروم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (من بعد غلبهم) المصدر مضاف إلى المفعول، و (في بضع)
يتعلق بيغلبون، و (من قبل ومن بعد) مبنيان على الضم في المشهور ولقطعهما
عن الإضافة، وقرئ شاذا بالكسر فيهما على إرادة المضاف إليه كما قال الفرزدق.
يامن رأى عارضا يسر به * بين ذراعي وجبهة الأسد
إلا أنه في البيت أقرب، لأن ذكر المضاف إليه في أحدهما يدل على الآخر، ويقرأ
بالجر والتنوين على إعرابهما كإعرابهما مضافين، والتقدير: من قبل كل شئ ومن
بعد كل شئ (ويومئذ) منصوب ب‍ (يفرح) و (بنصر الله) يتعلق به أيضا
ويجوز أن يتعلق ب‍ (ينصر).
قوله تعالى (وعد الله) هو مصدر مؤكد: أو وعد الله وعدا، ودل ما تقدم
على الفعل المحذوف لأنه وعد.
قوله تعالى (ما خلق الله) " ما " نافية، وفي التقدير وجهان: أحدهما هو
مستأنف لا موضع له، والكلام تام قبله، وأو لم يتفكروا مثل " أو لم ينظروا في ملكوت
السماوات ". والثاني موضعه نصب بيتفكروا، والنفي لا يمنع ذلك كما لم يمنع في قوله
تعالى " وظنوا مالهم من محيص "، و (بلقاء ربهم) يتعلق ب‍ (كافرون) واللام
لا تمنع ذلك، والله أعلم.
قوله تعالى (وأثاروا الأرض) قرئ شاذا بألف بعد الهمزة، وهو للإشباع
لاغير (أكثر) صفة مصدر محذوف، و (ما) مصدرية.
184

قوله تعالى (ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى) يقرأ بالرفع والنصب.
فمن رفع جعله اسم كان، وفى الخبر وجهان: أحدهما السوأى (أن كذبوا)
في موضع نصب مفعولا له: أي لأن كذبوا، أو بأن كذبوا، أو في في موضع جر بتقدير
الجار على قول الخليل. والثاني أن كذبوا: أي كان آخر أمرهم التكذيب، والسوأى
على هذا صفة مصدر، ومن نصب جعلها خبر كان، وفى الاسم وجهان: أحدهما
السوأى، والآخر أن كذبوا على ما تقدم، ويجوز أن يجعل أن كذبوا بدلا من السوأى
أو خبر مبتدأ محذوف، والسوأى فعلى تأنيث الأسوأ، وهي صفة لمصدر محذوف،
والتقدير: أساءوا الإساءة السوأى، وإن جعلتها اسما أو خبرا كان التقدير: الفعلة
السوأى، أو العقوبة السوأى (يبلس المجرمون) الجمهور على تسمية الفاعل،
وقد حكى شاذا ترك التسمية، وهذا بعيد لأن أبلس لم يستعمل متعديا، ومخرجه أن
يكون أقام المصدر مقام الفاعل وحذفه، وأقام المضاف إليه مقامه: أي ييبلس
إبلاس المجرمين.
قوله تعالى (حين تمسون) الجمهور على الإضافة، والعامل فيه سبحان،
وقرئ منونا على أن يجعل تمسون صفة له، والعائد محذوف: أي تمسون فيه كقوله
تعالى " واتقوا يوما لا تجزى ".
قوله تعالى (وعشيا) هو معطوف على حين، وله الحمد معترض، وفى السماوات
حال من الحمد.
قوله تعالى (ومن آياته يريكم البرق) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن من آياته
حال من البرق: أي يريكم البرق كائنا من آياته، ألا أن حق الواو أن تدخل هنا على
الفعل، ولكن لما قدم الحال وكانت من جملة المعطوف أولاها الواو، وحسن ذلك
أن الجار والمجرور في حكم الظرف فهو كقوله " آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة " والوجه
الثاني أن " أن " محذوفة: أي ومن آياته أن يريكم، وإن حذفت " أن " في مثل هذا
جاز رفع الفعل. والثالث أن يكون الموصوف محذوفا: أي ومن آياته آية يريكم فيها
البرق، فحذف الموصوف والعائد، ويجوز أن يكون التقدير: ومن آياته شئ أو
سحاب، ويكون فاعل يريكم ضمير شئ المحذوف.
قوله تعالى (من الأرض) فيه وجهان: أحدهما هو صفة لدعوة. والثاني أن
يكون متعلقا بمحذوف تقديره خرجتم من الأرض، ودل على المحذوف (إذا أنتم
185

تخرجون) ولا يجوز أن يتعلق " من " بتخرجون هذه، لأن ما بعد إذا لا يعمل
فيما قبلها.
قوله تعالى (وهو أهون عليه) أي البعث أهون عليه في ظنكم، وقيل أهون
بمعنى هين كما قالوا الله أكبر: أي كبير، وقيل هو أهون على المخلوق، لأنه في الابتداء
نقل من نطفة إلى علقة إلى غير ذلك، وفى البعث يكمل دفعة واحدة.
قوله تعالى (فأنتم فيه سواء) الجملة في موضع نصب جواب الاستفهام:
أي هل لكم فتستووا، وأما (تخافونهم) ففي الحال من الضمير الفاعل
في سواء: أي فتساووا خائفا بعضكم بعضا مشاركته له في المال: أي إذا لم تشارككم
عبيدكم في المال، فكيف تشركون في عبادة الله من هو مصنوع لله (كخيفتكم)
أي خيفة كخيفتكم.
قوله تعالى (فطرة الله) أي الزموا أو اتبعوا دين الله، و (منيبين) حال
من الضمير في الفعل المحذوف، وقيل هو حال من ضمير الفاعل في أقم لأنه في المعنى
للجميع، وقيل فطرة الله مصدر: أي فطركم فطرة.
قوله تعالى (من الذين فرقوا) هو بدل من المشركين بإعادة الجار.
قوله تعالى (ليكفروا) اللام بمعنى كي، وقيل هو أمر بمعنى التوعد كما قال
بعده (فتمتعوا) والسلطان يذكر لأنه بمعنى الدليل، ويؤنث لأنه بمعنى الحجة،
وقيل هو جمع سليط كرغيف ورغفان.
قوله تعالى (إذا هم) إذا مكانية للمفاجأة نابت عن الفاء في جواب الشرط لأن
المفاجأة تعقيب، ولا يكون أول الكلام كما أن الفاء كذلك، وقد دخلت الفاء عليها
في بعض المواضع زائدة.
قوله تعالى (وما آتيتم) " ما " في موضع نصب بآتيتم، والمد بمعنى أعطيتم،
والقصر بمعنى جئتم وقصدتم.
قوله تعالى (ليربوا) أي الربا (فأولئك) هو رجوع من الخطاب إلى الغيبة.
قوله تعالى (ليذيقهم) متعلق بظهر: أي ليصير حالهم إلى ذلك، وقيل التقدير
عاقبهم ليذيقهم.
قوله تعالى (وكان حقا) حقا خبر كان مقدم، و (نصر) اسمها، ويجوز أن
186

يكون حقا مصدرا وعلينا الخبر، ويجوز أن يكون في كان ضمير الشأن وحقا مصدر
وعلينا نصر مبتدأ وخبر في موضع خبر كان.
قوله تعالى (كسفا) بفتح السين على أنه جمع كسفة، وسكونها على هذا المعنى
تخفيف، ويجوز أن يكون مصدرا: أي ذا كسف والهاء في (خلاله) للسحاب
وقيل للكسف.
قوله تعالى (من قبله) قيل هي تكرير لقبل الأولى، والأولى أن تكون الهاء
فيها للسحاب أو للريح أو للكسف، والمعنى: وإن كانوا من قبل نزول المطر من قبل
السحاب أو الريح، فتتعلق " من " بينزل.
قوله تعالى (إلى أثر) يقرأ بالإفراد والجمع، و (يحيى) بالياء على أنه الفاعل
الله أو الأثر أو معنى الرحمة، وبالتاء على أن الفاعل آثار أو الرحمة، والهاء في (رأوه)
للزرع، وقد دل عليه يحيى الأرض، وقيل للريح، وقيل للسحاب (لظلوا)
أي ليظللن لأنه جواب الشرط، وكذا أرسلنا بمعنى نرسل. والضعف بالفتح
والضم لغتان.
قوله تعالى (لا تنفع) بالتاء على اللفظ، وبالياء على معنى العذر، أو لأنه فصل
بينهما، أو لأنه غير حقيقي، والله أعلم.
سورة لقمان
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (هدى ورحمة) هما حالان من آيات، والعامل معنى الإشارة،
وبالرفع على إضمار مبتدأ: أي هي أو هو.
قوله تعالى (ويتخذها) النصب على العطف على يضل، والرفع عطف على
يشترى، أو على إضمار هو، والضمير يعود على السبيل، وقيل على الحديث لأنه
يراد به الأحاديث، وقيل على الآيات.
قوله تعالى (كأن لم يسمعها) موضعه حال، والعامل ولى، أو مستكبرا.
و (كأن في أذنيه وقرا) إما بدل من الحال الأولى التي هي كأن لم أو تبيين لها
أو حال من الفاعل في يسمع.
قوله تعالى (خالدين فيها) حال من الجنات، والعامل ما يتعلق به لهم، وإن
187

شئت كان حالا من الضمير في لهم وهو أقوى (وعد الله حقا) قد ذكر في الروم
(بغير عمد) قد ذكر في الرعد.
قوله تعالى (هذا خلق الله) أي مخلوقه كقولهم: درهم ضرب الأمين،
و (ماذا) في موضع نصب ب‍ (خلق) لا بأرونى لأنه استفهام، فأما كون " ذا " بمعنى
الذي فقد ذكر في البقرة، و (لقمان) اسم أعجمي وإن وافق العربي، فإن لقمانا
فعلانا من اللقم (أن اشكر) قد ذكر نظائره (وإذ قال) أي واذكر، و (بنى)
قد ذكر في هود.
قوله تعالى (وهنا) المصدر هنا حال: أي ذات وهن: أي موهونة، وقيل
التقدير في وهن.
قوله تعالى (معروفا) صفة مصدر محذوف: أي أصحابا معروفا، وقيل
التقدير بمعروف.
قوله تعالى (إنها إن تك) " ها " ضمير القصة أو الفعلة، و (مثقال حبة)
قد ذكر في الأنبياء.
قوله تعالى (من صوتك) هو صفة لمحذوف: أي اكسر شيئا من صوتك،
وعلى قول الأخفش تكون " من " زائدة. وصوت الحمير إنما وحده لأنه جنس.
قوله تعالى (نعمه) على الجمع ونعمة على الإفراد في اللفظ، والمراد الجنس
كقوله " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " و (ظاهرة) حال أو صفة.
قوله تعالى (من شجرة) في موضع الحال من ضمير الاستقرار، أو من " ما "
(والبحر) بالرفع على وجهين: أحدهما هو مستأنف. والثاني عطف على موضع
اسم " إن " وبالنصب عطفا على اسم " إن " وإن شئت على إضمار فعل يفسره ما بعده
وضم ياء (يمده) وفتحها لغتان.
قوله تعالى (إلا كنفس واحدة) في موضع رفع خبر خلقكم
قوله تعالى (بنعمة الله) حال من ضمير الفلك، ويجوز أن يتعلق بتجرى:
أي بسبب نعمة الله عز وجل.
قوله تعالى (ولا مولود هو جاز) مولود يجور أن يعطف على والد فيكون
ما بعده صفة له، ويجوز أن يكون مبتدأ، وإن كان نكرة لأنه في سياق النفي،
والجملة بعده الخبر.
188

قوله تعالى (وينزل الغيث) هذا يدل على قوة شبه الظرف بالفعل، لأنه
عطفه على قوله عنده، كذا يقول ابن جنى وغيره، والله أعلم.
سورة السجدة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ألم) يجوز أن يكون مبتدأ، و (تنزيل) خبره، والتنزيل بمعنى
المنزل وهو في المعنى كما ذكرناه في أول البقرة فعلى هذا (لا ريب فيه) حال من
الكتاب، والعامل تنزيل، و (من رب) يتعلق بتنزيل أيضا، ويجوز أن يكون
حالا من الضمير في فيه، والعامل فيها الظرف لأن ريب هنا مبنى، ويجوز أن يكون
تنزيل مبتدأ، ولا ريب فيه الخبر، ومن رب حال كما تقدم، ولا يجوز على هذا أن
تتعلق " من " بتنزيل، لأن المصدر قد أخبر عنه، ويجوز أن يكن الخبر من رب،
ولا ريب فيه حال من الكتاب، وأن يكون خبرا بعد خبر.
قوله تعالى (أم يقولون) أم هنا منقطعة، أي بل أيقولون، و " ما " في
(ما أتاهم) نافية، والكلام صفة لقوم.
قوله تعالى (مما تعدون) يجوز أو يكون صفة لألف، وأن يكون
صفة لسنة.
قوله تعالى (الذي أحسن) يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف: أي هو الذي،
أو خبرا بعد خبر، والعزيز مبتدأ، والرحيم صفة، والذي خبره، و (خلقه)
بسكون اللام بدل من كل بدل الاشتمال: أي أحسن خلق كل شئ، ويجوز أن
يكون مفعولا أول، وكل شئ ثانيا، وأحسن بمعنى عرف: أي عرف عباده كل
شئ، ويقرأ بفتح اللام على أنه فعل ماض، وهو صفة لكل أو لشئ.
قوله تعالى (أئذا ضللنا) بالضاد: أي ذهبنا وهلكنا، وبالصاد: أنتنا
من قولك: صل للحم إذا أنتن، والعامل في " إذا " معنى الجملة التي في أولها إنا:
أي إذا هلكنا نبعث، ولا يعمل فيه (جديد) لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها
(ولو ترى) هو من رؤية العين، والمفعول محذوف: أي ولو ترى المجرمين،
وأغنى عن ذكره المبتدأ، و (إذ) هاهنا يراد بها المستقبل، وقد ذكرنا مثل ذلك
في البقرة، والتقدير: يقولون ربنا، وموضع المحذوف حال والعامل فيها (ناكسوا).
قوله تعالى (فذوقوا بما نسيتم) أي فذوقوا العذاب، ويجوز أن يكون مفعول
189

فذوقوا (لقاء) على قول الكوفيين في إعمال الأول، ويجوز أن يكون مفعول ذوقوا
(هذا) أي هذا العذاب.
قوله تعالى (تتجافى) و (يدعون ربهم) في موضع الحال، و (خوفا
وطمعا) قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى (ما أخفى لهم) يجوز أن تكون " ما " استفهاما، وموضعها رفع
بالابتداء، وأخفى لهم خبره على قراءة من فتح الياء وعلى قراءة من سكنها، وجعل
أخفى مضارعا تكون " ما " في موضع نصب بأخفى ويجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي
منصوبة بتعلم، و (من قرة) في الوجهين حال من الضمير في أخفى، و (جزاء)
مصدر أي جوزوا جزاء.
قوله تعالى (لا يستوون) مستأنف لا موضع له، وهو بمعنى ما تقدم من التقدير،
و (نزلا) قد ذكر في آل عمران.
قوله تعالى (الذي كنتم به) هو صفة العذاب في موضع نصب، ويجوز أن
يكون صفة النار، وذكر على معنى الجحيم أو الحريق.
قوله تعالى (من لقائه) يجوز أن تكون الهاء ضمير اسم الله: أي من لقاء
موسى الله، فالمصدر مضاف إلى المفعول، وأن يكون ضمير موسى فيكون مضافا
إلى الفاعل، وقيل يرجع إلى الكتاب كما قال تعالى " وإنك لتلقى القرآن " وقيل من لقائك
يا محمد موسى صلى الله وسلم عليهما ليلة المعراج (لما) بالتشديد، ظرف، والعامل
فيه جعلنا منهم أو يهددون، وبالتخفيف وكسر اللام على أنها مصدرية (كم أهلكنا)
قد ذكر في طه.
سورة الأحزاب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (بما تعملون) إنما جاء بالجمع لأنه عنى بقوله تعالى " اتبع أنت
وأصحابك " ويقرأ بالياء على الغيبة.
قوله تعالى (اللاتي) هو جمع التي، والأصل إثبات الياء، ويجوز حذفها اجتزاء
بالكسرة، ويجوز تليين الهمزة وقلبها ياء، و (تظاهرون) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (هو أقسط) أي دعاؤكم فأضمر المصدر لدلالة الفعل عليه
(فإخوانكم) بالرفع: أي فهم إخوانكم، وبالنصب أي فادعوهم إخوانكم (ولكن
190

ما تعمدت قلوبكم) " ما " في موضع جر عطفا على ما الأولى، ويجوز أن
تكون في موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف: أي تؤاخذون به.
قوله تعالى (وأزواجه أمهاتهم) أي مثل أمهاتهم.
قوله تعالى (بعضهم) يجوز أن يكون بدلا وأن يكون مبتدأ، و (في كتاب
الله) يتعلق بأولى، وأفعل يعمل في الجار والمجرور، ويجوز أن يكون حالا، والعامل
فيه معنى أولى، ولا يكون حالا من أولوا الأرحام للفصل بينهما بالخبر، ولأنه عامل
إذا، و (من المؤمنين) يجوز أن يكون متصلا بأولوا الأرحام، فينتصب على
التبيين: أي أعنى، وأن يكون متعلقا بأولى، فمعنى الأول وأولوا الأرحام من المؤمنين
أولى بالميراث من الأجانب، وعلى الثاني وأولوا الأرحام أولى من المؤمنين والمهاجرين
الأجانب (إلا أن تفعلوا) استثناء من غير الجنس.
قوله تعالى (وإذ أخذنا) أي واذكر.
قوله تعالى (إذ جاءتكم) هو مثل " إذ كنتم أعداء " وقد ذكر في آل عمران
و (إذ جاؤكم) بدل من إذ الأولى، و (الظنونا) بالألف في المصاحف. ووجهه
أنه رأس آية فشبه بأواخر الآيات المطلقة لتتآخى رؤوس الآي، ومثله الرسولا
والسبيلا على ما ذكر في القراءات، ويقرأ بغير ألف على الأصل. والزلزال بالكسر
المصدر، و (يثرب) لا ينصرف للتعريف ووزن الفعل، وفيه التأنيث
و (يقولون) حال أو تفسير ليستأذن، و (عورة) أي ذات عورة، ويقرأ
بكسر الواو، والفعل منه عور، فهو اسم فاعل، و (لآتوها) بالقصر جاءها وبالمد
أي أعطوها ما عندهم من القوة والبقاء: و (إلا يسيرا) أي إلا لبثا أو إلا زمنا،
ومثله إلا قليلا، و (لا يولون) جواب القسم، لأن عاهدوا في معنى أقسموا،
ويقرأ بتشديد النون وحذف الواو على تأكيد جواب القسم، و (هلم) قد ذكر
في الأنعام إلا أن ذاك متعد وهذا لازم.
قوله تعالى (أشحة) هو جمع شحيح وانتصابه على الحال من الضمير في يأتون.
وأشحة الثاني حال من الضمير المرفوع في سلقوكم، و (ينظرون) حال، لأن رأيتهم
أبصرتهم، و (تدور) حال من الضمير في ينظرون (كالذي) أي دورانا كدوران
عين الذي، ويجوز أن تكون الكاف حالا من أعينهم: أي مشبهة عين الذي.
قوله تعالى (يحسبون) يجوز أن يكون حالا من أحد الضمائر المتقدمة إذا صح
191

المعنى وتباعد العامل فيه، ويجوز أن يكون مستأنفا، و (بأدون) جمع باد، وقرئ
" بدى " مثل غاز وغزى، و (يسألون) حال.
قوله تعالى (أسوة) الكسر والضم لغتان، وهو اسم للتأسي، وهو المصدر،
وهو اسم كان، والخبر لكم. و (في رسول الله) حال أو ظرف يتعلق بالاستقرار لا بأسوة
أو بكان على قول من أجازه، ويجوز أن يكون في رسول الله الخبر، ولكم تخصيص
وتبيين (لمن كان) قيل هو بدل من ضمير المخاطب بإعادة الجار، ومنع منه
الأكثرون لأن ضمير المخاطب لا يبدل منه فعلى هذا يجوز أن تتعلق بحسنة أو يكون نعتا
لها، ولا تتعلق بأسوة لأنها قد وصفت، و (كثيرا) نعت لمصدر محذوف.
قوله تعالى (وصدق الله ورسوله) إنما أظهر الاسمين هنا مع تقدم ذكرهما
لئلا يكون الضمير الواحد عن الله وغيره.
قوله تعالى (ليجزى الله) يجوز أن يكون لام العاقبة، وأن يتعلق بصدق أو
بزادهم أو بما بدلوا.
قوله تعالى (بغيظهم) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مفعولا به، و (لم
ينالوا) حال، و (من أهل الكتاب) حال من ضمير الفاعل في ظاهروهم،
و (من صياصيهم) متعلقة بأنزل، و (فريقا) منصوب ب‍ (تقتلون)، و (يضاعف)
ويضعف قد ذكر.
قوله تعالى (ومن يقنت) يقرأ بالياء حملا على لفظ " من " وبالتاء على معناها
ومثله، و (تعمل صالحا) ومنهم من قرأ الأولى بالتاء، والثانية بالياء. وقال بعض
النحويين. هذا ضعيف لأن التذكير أصل، فلا يجعل تبعا للتأنيث، وما عللوا به قد
جاء مثله في القرآن، وهو قوله تعالى " خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ".
قوله تعالى (فيطمع الذي) يقرأ بفتح العين على جواب النهى، وبالكسر
على نية الجزم عطفا على تخضعن.
قوله تعالى (وقرن) يقرأ بكسر القاف وفيه وجهان، أحدهما هو من وقر يقر
إذا ثبت، ومنه الوقار، والفاء محذوفة. والثاني هو من قر يقر، ولكن حذفت
إحدى الراءين كما حذفت إحدى اللامين في ظلت فرارا من التكرير، ويقرأ بالفتح
وهو من قرن لاغير، وحذفت إحدى الراءين، وإنما فتحت القاف على لغة في قررت
أقر في المكان.
192

قوله تعالى (أهل البيت) أي يا أهل البيت، ويجوز أن ينتصب على التخصيص
والمدح: أي أعنى أو أخص.
قوله تعالى (والحافظات) أي الحافظات فروجهن، وكذلك (والذاكرات)
أي والذاكرات الله، وأغنى المفعول الأول عن الإعادة.
قوله تعالى (أن تكون لهم الخيرة) إنما جمع لأن أول الآية يراد به العموم.
قوله تعالى (والله أحق أن تخشاه) قد ذكر مثله في التوبة.
قوله تعالى (الذين يبلغون) هو نعت للذين خلوا، ويجوز أن ينتصب على
إضمار أعنى، وأن يرتفع على إضمارهم.
قوله تعالى (ولكن رسول الله) أي ولكن كان رسول الله، وكذلك (وخاتم
النبيين) ويقرأ بفتح التاء على معنى المصدر، كذا ذكر في بعض الأعاريب. وقال
آخرون: هو فعل مثل قاتل بمعنى ختمهم. وقال آخرون: هو اسم بمعنى آخرهم،
وقيل هو بمعنى المختوم به النبيون كما يختم بالطابع، وبكسرها: أي آخرهم.
قوله تعالى (تعتدونها) تفتعلونها من العدد: أي تعدونها عليهن أو تحسبون بها
عليهن، وموضعه جر على اللفظ، أو رفع على الموضع. والسراج اسم للتسريح
وليس بالمصدر.
قوله تعالى (وامرأة مؤمنة) في الناصب وجهان: أحدهما أحللنا في أول الآية.
وقد رد هذا قوم وقالوا: أحللنا ماض و " إن وهبت " هو صفة للمرأة مستقبل، وأحللنا
في موضع جوابه، وجواب الشرط لا يكون ماضيا في المعنى، وهذا ليس بصحيح،
لأن معنى الإحلال هاهنا الإعلام بالحل إذا وقع الفعل على ذلك، كما تقول: أبحت
لك أن تكلم فلانا إن سلم عليك. الوجه الثاني أن ينتصب بفعل محذوف: أي ونحل
لك امرأة، ويقرأ أن وهبت بفتح الهمزة وهو بدل من امرأة بدل الاشتمال، وقيل
التقدير: لأن وهبت، و (خالصة) يجور أن يكون حالا من الضمير في وهبت.
وأن يكون صفة لمصدر محذوف: أي هبة خالصة ويجوز أن يكون مصدرا: أي
أخلصت ذلك لك إخلاصا وقد جاءت فاعلة مصدرا مثل العاقبة والعافية، و (لكيلا)
يتعلق بأحللنا (ومن ابتغيت) " من " في موضع نصب بابتغيت، وهي شرطية،
والجواب (فلا جناح عليك) ويجوز أن يكون مبتدأ، والعائد محذوف: أي
والتي ابتغيتها، والخبر فلا جناح.
193

قوله تعالى (كلهن) الرفع على توكيد الضمير في يرضين، والنصب على توكيد
المنصوب في آتيتهن.
قوله تعالى (إلا ما ملكت يمينك) يجوز أن يكون في موضع رفع بدلا من
النساء، وأن يكون في موضع نصب على أصل الاستثناء، وهو من الجنس، ويجوز
أن يكون من غير الجنس، وقوله تعالى " من أزواج (1) " في موضع نصب، و " من "
زائدة " إلا ما ملكت يمينك " يجوز أن يكون في موضع نصب بدلا من أزواج،
ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا.
قوله تعالى (إلا أن يؤذن لكم) هو في موضع الحال: أي لا تدخلوا
إلا مأذونا لكم (وإلى) تتعلق بيؤذن لأن معناها تدعو. و (غير) بالنصب على الحال
من الفاعل في تدخلوا، أو من المجرور في لكم، ويقرأ بالجر على الصفة للطعام،
وهذا عند البصريين خطأ لأنه جرى على غيرها هو له، فيجب أن يبرز ضمير الفاعل
فيكون غير ناظرين أنتم.
قوله تعالى (ولا مستأنسين) هو معطوف على ناظرين.
قوله تعالى (يدنين) هو مثل قوله تعالى " قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة "
في إبراهيم.
قوله تعالى (ملعونين) هو حال من الفاعل في يجاورونك، ولا يجوز أن يكون
حالا مما بعد أين لأنها شرط، وما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله.
قوله تعالى (سنة الله) هو منصوب على المصدر: أي من ذلك سنة (يوم
تقلب وجوههم) يجوز أن يكون ظرفا لئلا يجدون ولنصيرا، أو ل‍ (يقولون)
ويقولون على الوجهين الأولين حال من الوجوه، لأن المراد أصحابها، ويضعف أن
يكون حالا من الضمير المجرور لأنه مضاف إليه، ويقرأ " تقلب " يعنى السعير
وجوههم بالنصب.
قوله تعالى (ليعذب الله) اللام تتعلق بحملها، والله أعلم.

(1) (قوله وقوله تعالى من أزواج الخ) كذا بالنسخ التي بأيدينا ولا يخفى ما فيه من تشتيت الوجوه في
الكلام على قوله " إلا ما ملكت " الخ فكان المناسب تقديمه عليه لتستقيم الأوجه اه‍ مصححه.
194

سورة سبأ
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (في الآخرة) يجوز أن يكون ظرفا العامل فيه الحمد أو الظرف، وأن
يكون حالا من الحمد، والعامل فيه الظرف.
قوله تعالى (يعلم) هو مستأنف، وقيل هو حال مؤكدة.
قوله تعالى (عالم الغيب) يقرأ بالرفع: أي هو عالم، ويجوز أن يكون مبتدأ
والخبر (لا يعزب) وبالجر صفة لربى أو بدلا.
قوله تعالى (ولا أصغر) بالجر عطفا على ذرة وبالرفع عطفا على مثقال.
قوله تعالى (ليجزى) تتعلق بمعنى لا يعزب، فكأنه قال يحصى ذلك ليجزى.
قوله تعالى (من رجز أليم) يقرأ بالجر صفة لرجز، وبالرفع صفة لعذاب،
والرجز مطلق العذاب.
قوله تعالى (وترى) هو معطوف على ليجزى، ويجوز أن يكون مستأنفا،
و (الذي أنزل) مفعول أول، و (الحق) مفعول ثان وهو فصل، وقرئ الحق
بالرفع على الابتداء والخبر وفاعل (يهدى) ضمير الذي أنزل، ويجوز أن يكون
ضمير اسم الله، ويجوز أن يعطف على موضع الحق وتكون إن محذوفة، ويجوز أن
يكون في موضع فاعل: أي ويروه حقا وهاديا.
قوله تعالى (إذا مزقتم) العامل في إذا ما دل عليه خبر إن. أي إذا مزقتم بعثتم
ولا يعمل فيه ينبئكم لأن إخبارهم لا يقع وقت تمزيقهم، ولا مزقتم لأن إذا مضافة إليها
ولا جديد لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها، وأجازه قوم في الظروف (أفترى) الهمزة
للاستفهام، وهمزة الوصل حذفت استغناء عنها.
قوله تعالى (نخسف بهم) الإظهار هو الأصل، والإدغام جائز لأن الفاء
والباء متقاربان.
قوله تعالى (يا جبال) أي وقلنا يا جبال، ويجوز أن يكون تفسيرا للفصل،
وكذا " وألنا له " (والطير) بالنصب. وفيه أربعة أوجه: أحدها هو معطوف على
موضع جبال. والثاني الواو بمعنى مع والذي أو صلته الواو " أوبى " لأنها لاتنصب
إلا مع الفعل. والثالث أن تعطف على فضلا، والتقدير: وتسبيح الطير قاله الكسائي
195

والرابع بفعل محذوف: أي وسخرنا له الطير، ويقرأ بالرفع وفيه وجهان: أحدهما
هو معطوف على لفظ جبال. والثاني على الضمير في أوبى، وأغنت مع عن توكيده.
قوله تعالى (أن اعمل) أن بمعنى أي: أي أمرناه أن اعمل، وقيل هي
مصدرية.
قوله تعالى (ولسليمان الريح) يقرأ بالنصب: أي وسخرنا، وبالرفع على
الابتداء، أو على أنه فاعل، و (غدوها شهر) جملة في موضع الحال من الريح،
والتقدير: مدة غدوها، لأن الغدو مصدر وليس بزمان (من يعمل) " من "
في موضع نصب: أي وسخرنا له من الجن فريقا يعمل أو في موضع رفع على الابتداء
أو الفاعل: أي وله من الجن فريق يعمل، و (آل داود) أي يا آل، أو أعنى
آل داود، و (شكرا) مفعول له، وقيل هو صفة لمصدر محذوف: أي عملا شكرا
ويجوز أن يكون التقدير: اشكروا شكرا.
قوله تعالى (منسأته) الأصل الهمز لأنه من نسأت الناقة وغيرها إذا سقتها،
والمنسأة العصا التي يساق بها إلا أن همزتها أبدلت ألفا تخفيفا، وقرئ في الشاذ " من سأته "
بكسر التاء على أن من حرف جر، وقد قيل غلط قاريها، وقال ابن جنى سميت العصا
سأة لأنها تسوء، فهي فلة والعين محذوفة وفيه بعد
قوله تعالى (تبينت) على تسمية الفاعل، والتقدير: تبين أمر الجن، و (أن
لو كانوا) في موضع رفع بدلا من أمر المقدر، لأن المعنى تبينت الإنس جهل الجن،
ويجوز أن يكون في موضع نصب: أي تبينت الجن جهلها، ويقرأ بينت على ترك
تسمية الفاعل، وهو على الوجه الأول بين.
قوله تعالى (لسبأ) قد ذكر في النمل، و (مساكن) جمع مسكن بالفتح
والكسر: وهما المنزل موضع السكون، ويجوز أن يكون مصدرا، فيكون الواحد
مفتوحا مثل المقعد والمطلع والمكان بالكسر، و (آية) اسم كان، و (جنتان)
بدل منها أو خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (بلدة) أي هذه بلدة (ورب) أي وربكم رب،، أو ولكم رب،
ويقرأ شاذا " بلدة وربا " بالنصب على أنه مفعول الشكر.
قوله تعالى (أكل خمط) يقرأ بالتنوين، والتقدير: أكل أكل خمط، فحذف
المضاف لأن الخمط شجر والأكل ثمرة، وقيل التقدير: أكل ذي خمط، وقيل هو
196

بدل منه، وجعل خمط أكلا لمجاورته إياه وكونه سببا له، ويقرأ بالإضافة وهو ظاهر
و (قليل) نعت لأكل، ويجوز أن يكون نعتا لخمط وأثل وسدر.
قوله تعالى (ربنا) يقرأ بالنصب على النداء، و (باعد) وبعد على السؤال،
ويقرأ بعد على لفظ الماضي، ويقرأ ربنا وباعد وبعد على الخبر، و (ممزق) مصدر
أو مكان.
قوله تعالى (صدق عليهم) بالتخفيف، و (إبليس) فاعله، و (ظنه)
بالنصب على أنه مفعول كأنه ظن فيهم أمرا وواعده نفسه فصدقه، وقيل التقدير:
صدق في ظنه، فما حذف الحرف وصل الفعل، ويقرأ بالتشديد على هذا المعنى،
ويقرأ إبليس بالنصب على أنه مفعول، وظنه فاعل كقول الشاعر:
* فإن يك ظني صادقا وهو صادقي * ويقرأ برفعهما بجعل الثاني
بدل الاشتمال.
قوله تعالى (من يؤمن) يجوز أن يكون بمعنى الذي فينتصب بتعلم، وأن
يكون استفهاما موضع رفع بالابتداء، و (منها) إما على التبيين: أي لشك منها
أي بسببها، ويجوز أن يكون حالا من شك، وقيل " من " بمعنى في.
قوله تعالى (إلا لمن أذن) يجوز أن تتعلق اللام بالشفاعة لأنك تقول: شفعت
له وأن تتعلق بتنفع (فزع) بالتشديد على ما لم يسم فاعله والقائم مقام الفاعل (عن
قلوبهم) والمعنى أزيل عن قلوبهم، وقيل المسند إليه الفعل مضمر دل عليه الكلام
أي نحى الخوف، ويقرأ بالفتح على التسمية: أي فزع الله، أي كشف عنها، ويقرأ
فرغ: أي أخلى، وقرئ شاذا " افرنقع " أي تفرق ولا تجوز القراءة بها.
قوله تعالى (أو إياكم) معطوف على اسم إن، وأما الخبر فيجب أن يكون مكررا
كقولك: إن زيدا وعمرا قائم. التقدير: إن زيدا قائم وإن عمرا قائم، واختلفوا في الخبر
المذكور فقال بعضهم: هو لأول، وقال بعضهم: هو للثاني، فعلى هذا يكون
(لعلى هدى) خبر الأول، و (أو في ضلال) معطوف عليه، وخبر المعطوف
محذوف لدلالة المذكور عليه، وعكسه آخرون، والكلام على المعنى غير الإعراب،
لأن المعنى إنا على هدى من غير شك، وأنتم على ضلال من غير شك، ولكن خلطه
في اللفظ على عادتهم في نظائره كقولهم: أخزى الله الكاذب منى ومنك.
قوله تعالى (إلا كافة) هو حال من المفعول في أرسلناك، والهاء زائدة للمبالغة،
و (للناس) متعلق به: أي وما أرسلناك إلا كافة للناس عن الكفر والمعاصي وقيل
197

هو حال من الناس إلا أنه ضعيف عند الأكثرين لأن صاحب الحال مجرور ويضعف
هنا من وجه آخر، وذاك أن اللام على هذا تكون بمعنى إلى، إذ المعنى أرسلناك إلى
الناس، ويجوز أن يكون التقدير: من أجل الناس.
قوله تعالى (ميعاد يوم) هو مصدر مضاف إلى الظرف، والهاء في (عنه)
يجوز أن تعود على الميعاد وعلى اليوم، وإلى أيهما أعدتها كانت الجملة نعتا له.
قوله تعالى (بل مكر الليل) مثل ميعاد يوم، ويقرأ بفتح الكاف وتشديد
الراء، والتقدير: بل صدنا كرور الليل والنهار علينا، ويقرأ كذلك إلا أنه بالنصب
على تقدير مدة كرورهما.
قوله تعالى (زلفى) مصدر على المعنى: أي يقربكم قربى (إلا من آمن)
يجوز أن يكون في موضع نصب استثناء منقطعا، وأن يكون متصلا مستثنى من المفعول
في يقربكم، وأن يكون مرفوعا بالابتداء وما بعده الخبر.
قوله تعالى (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه) في " ما " وجهان:
أحدهما شرطية في موضع نصب، والفاء جواب الشرط، ومن شئ تبيين. والثاني
هو بمعنى الذي في موضع رفع بالابتداء وما بعد الفاء الخبر.
قوله تعالى (أهؤلاء) مبتدأ، و (إياكم) في موضع نصب ب‍ (يعبدون)
ويعبدون خبر كان، وفيه دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها لأن معمول
الخبر بمنزلته.
قوله تعالى (أن تقوموا) هو في موضع جر بدلا من واحدة، أو رفع على
تقدير: هي أن تقوموا، أو نصب على تقدير أعنى، و (تتفكروا) معطوف
على تقوموا، و (ما بصاحبكم) نفى، (بين يدي) ظرف لنذير، ويجوز أن
يكون نعتا لنذير، ويجوز أن يكون لكم صفة لنذير، فيكون بين ظرفا للاستقرار،
أو حالا من الضمير في الجار، أو صفة أخرى.
قوله تعالى (علام الغيوب) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو خبر ثان
أو بدل من الضمير في يقذف، أو صفة على الموضع، وبالنصب صفة لاسم " إن "
أو على إضمار أعنى.
قوله تعالى (فلا فوت) أي فلا فوت لهم، و (التناوش) بغير همز من ناش
198

ينوش إذا تناول، والمعنى: من أين لهم تناول السلامة، ويقرأ بالهمز من أجل ضم
الواو، وقيل هي أصل من ناشه يناشه إذا خلصه والله أعلم.
سورة فاطر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (فاطر السماوات) الإضافة محضة لأنه للماضي لاغير، فأما
(جاعل الملائكة) فكذلك في أجود المذهبين، وأجاز قوم أن تكون غير محضة
على حكاية الحال، و (رسلا) مفعول ثان، و (أولى) بدل من رسل أو نعت له
ويجوز أن يكون جاعل بمعنى خالق، فيكون رسلا حالا مقدرة، و (مثنى) نعت
لأجنحة، وقد ذكر الكلام في هذه الصفات المعدولة في أول النساء، و (يزيد
في الخلق) مستأنف.
قوله تعالى (ما يفتح الله) " ما " شرطية في موضع نصب بيفتح، و (من رحمة)
تبيين لما.
قوله تعالى (من خالق غير الله) يقرأ بالرفع، وفيه وجهان: أحدهما هو
صفة لخالق على الموضع، وخالق مبتدأ، والخبر محذوف تقديره لكم أو للأشياء.
والثاني أن يكون فاعل خالق: أي هل يخلق غير الله شيئا، ويقرأ بالجر على الصفة
لفظا (يرزقكم) يجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون صفة لخالق.
قوله تعالى (الذين كفروا) يجوز أن يكون مبتدأ وما بعده الخبر، وأن يكون
صفة لحزبه أو بدلا منه، وأن يكون في موضع جر صفة لأصحاب السعير أو بدل منه،
والله أعلم.
قوله تعالى (حسرات) يجوز أن يكون حالا: أي متلهفة، وأن يكون
مفعولا له.
قوله تعالى (يرفعه) الفاعل ضمير العمل والهاء للكلم: أي أي العمل الصالح
يرفع الكلم، وقيل الفاعل اسم الله فتعود الهاء على العمل.
قوله تعالى (ومكر أولئك) مبتدأ، والخبر (يبور) وهو فصل أو توكيد،
ويجوز أن يكون مبتدأ ويبور الخبر، والجملة خبر مكر.
199

قوله تعالى (سائغ شرابه) سائع على فاعل، وبه يرتفع شرابه لاعتماده على
ما قبله، ويقرأ " أسيغ " بالتشديد وهو فعيل مثل سيد، ويقرأ بالتخفيف مثل ميت
وقد ذكر.
قوله تعالى (ولو كان ذا قربى) أي لو كان المدعو ذا قربى، ويجوز أن يكون
حالا، وكان تامة.
قوله تعالى (ولا النور - ولا الحرور) لا فيها زائدة، لأن المعنى الظلمات لا تساوى
النور، وليس المراد أن النور في نفسه لا يستوى، وكذلك " لا " في (ولا الأموات).
قوله تعالى (جاءتهم رسلهم) حال، وقد مقدرة: أي كذب الذين من
قبلهم وقد جاءتهم رسلهم.
قوله تعالى (ألوانها) مرفوع بمختلف، و (جدد) بفتح الدال جمع جدة وهي
الطريقة، ويقرأ بضمها وهو جمع جديد (وغرابيب سود) الأصل وسود غرابيب،
لأن الغربيب تابع للأسود، يقال أسود غربيب كما تقول أسود حالك، و (كذلك)
في موضع نصب: أي اختلافا مثل ذلك، و (العلماء) بالرفع وهو الوجه، ويقرأ
برفع اسم الله ونصب العلماء على معنى إنما يعظم الله من عباده العلماء.
قوله تعالى (يرجون تجارة) هو خبر إن، و (ليوفيهم) تتعلق بيرجون
وهي لام الصيرورة، ويجوز أن يتعلق بمحذوف: أي فعلوا ذلك ليوفيهم.
قوله تعالى (هو الحق) يجوز أن يكون هو فصلا، وأن يكون مبتدأ.
و (مصدقا) حال مؤكدة.
قوله تعالى (جنات عدن) يجوز أن يكون خبرا ثانيا لذلك، أو خبر مبتدأ
محذوف، أو مبتدأ والخبر (يدخلونها) وتمام الآية قد ذكر في الحج.
قوله تعالى (دار المقامة) مفعول أحلنا، وليس بظرف لأنها محدودة (لا يمسنا)
هو حال من المفعول الأول.
قوله تعالى (فيموتوا) هو منصوب على جواب النفي، و (عنهم) يجوز أن
يقوم مقام الفاعل، و (من عذابها) في موضع نصب، ويجوز العكس، ويجوز
أن تكون " من " زائدة فيتعين له الرفع، و (كذلك) في موضع نصب نعتا لمصدر
محذوف: أي نجزى جزاء مثل ذلك.
200

قوله تعالى (صالحا غير الذي) يجوز أن يكونا صفتين لمصدر محذوف،
أو لمفعول محذوف، ويجوز أن يكون صالحا نعتا للمصدر، وغير الذي مفعول،
و (ما يتذكر) أي زمن ما يتذكر، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة: أي
تعميرا يتذكر فيه.
قوله تعالى (أن تزولا) يجوز أن يكون مفعولا له: أي مخافة أن تزولا، أو عن
ويمسك أي يحبس، و (إن أمسكهما) أي ما يمسكهما فإن بمعنى ما، وأمسك بمعنى
يمسك، وفاعل (زادهم) ضمير النذير، و (استكبارا) مفعول له، وكذلك
(مكر السيئ) والجمهور على تحريك الهمزة، وقرئ بإسكانها، وهو عند
الجمهور لحن، وقيل أجرى الوصل مجرى الوقف، وقيل شبه المنفصل بالمتصل لأن
الياء والهمزة من كلمة، ولا كلمة أخرى فأسكن كما سكن إبل، والله أعلم.
سورة يس
بسم الله الرحمن الرحيم
الجمهور على إسكان النون وقد ذكر نظيره، ومنهم من يظهر النون لأنه حقق
بذلك إسكانها، وفي الغنة ما يقربها من الحركة من أجل الوصل المحض، وفى الإظهار
تقريب للحرف من الوقف عليه، ومنهم من يكسر النون على أصل التقاء الساكنين،
ومنهم من يفتحها كما يفتح أين، وقيل الفتحة إعراب، ويس اسم للسورة كهابيل،
والتقدير: أتل يس (والقرآن) قسم على كل وجه.
قوله تعالى (على صراط) هو خبر ثان لأن، ويجوز أن يكون حالا من الضمير
في الجار (تنزيل العزيز) أي هو تنزيل العزيز، والمصدر بمعنى المفعول: أي
منزل العزيز، ويقرأ بالنصب على أنه مصدر: أي نزل تنزيلا، وبالجر أيضا صفة
للقرآن (لتنذر) يجوز أن تتعلق اللام بتنزيل، وأن تتعلق بمعنى قوله من المرسلين:
أي مرسل لتنذر، و (ما) نافية، وقيل هي بمعنى الذي: أي تنذرهم العذاب الذي
أنذره آباؤهم، وقيل هي نكرة موصوفة، وقيل هي زائدة.
قوله تعالى (فأغشيناهم) بالغين: أي غطينا أعين بصائرهم، فالمضاف محذوف
ويقرأ بالعين: أي أضعفنا بصائرهم عن إدراك الهدى كما تضعف عين الأعشى.
قوله تعالى (وكل شئ) مثل " وكل إنسان ألزمناه " وقد ذكر.
201

قوله تعالى (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) اضرب هنا بمعنى اجعل،
وأصحاب مفعول أول، ومثلا مفعول ثان، وقيل هو بمعنى اذكر، والتقدير: مثلا
مثل أصحاب، فالثاني بدل من الأول، و (إذ جاءها) مثل إذ انتبذت، وقد ذكر،
و (إذ) الثانية بدل من الأولى (فعززنا) بالتشديد والتخفيف، والمفعول محذوف
أي قويناهما.
قوله تعالى (أئن ذكرتم) على لفظ الشرط، وجوابه محذوف: أي إن
ذكرتم كفرتم ونحوه، ويقرأ بفتح الهمزة: أي لأذكرتم، ويقرأ شاذا " أين ذكرتم "
أي عملكم السيئ لازم لكم أين ذكرتم، والكاف مخففة في هذا الوجه.
قوله تعالى (ومالي) الجمهور على فتح الياء، لأن ما بعدها في حكم المتصل
بها إذا كان لا يحسن الوقف عليها والابتداء بما بعدها و " مالي لا أرى الهدهد "
بعكس ذلك.
قوله تعالى (لا تغن عنى) هو جواب الشرط، ولا يجوز أن تقع " ما " مكان
" لا " هنا، لأن " ما " تنفى ما في الحال، وجواب الشرط مستقبل لاغير.
قوله تعالى (بما غفر لي) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها مصدرية: أي بغفرانه
والثاني بمعنى الذي: أي بالذنب الذي غفره. والثالث استفهام على التعظيم ذكره
بعض الناس، وهو بعيد لأن " ما " في الاستفهام إذا دخل عليه حرف الجر حذفت
ألفها، وقد جاء في الشعر بغير حذف.
قوله تعالى (وما أنزلنا) " ما " نافية، وهكذا (وما كنا) ويجوز أن تكون
" ما " الثانية زائدة: أي وقد كنا، وقيل هي اسم معطوف على جند.
قوله تعالى (إن كانت إلا صيحة) اسم كان مضمر: أي ما كانت الصيحة
إلا صيحة، والغرض وصفها بالاتحاد. وإذا للمفاجأة، والله أعلم.
قوله تعالى (يا حسرة) فيه وجهان: أحدهما أن حسرة منادى: أي يا حسرة
احضري فهذا وقتك، و (على) تتعلق بحسرة فلذلك نصبت كقولك: يا ضاربا
رجلا. والثاني المنادى محذوف، وحسرة مصدر: أي أتحسر حسرة، ويقرأ في
الشاذ " يا حسرة العباد " أي يا تحسيرهم، فالمصدر مضاف إلى الفاعل، ويجوز أن
يكون مضافا إلى المفعول: أي أتحسر على العباد.
قوله تعالى (ما يأتيهم من رسول) الجملة تفسير سبب الحسرة (وكم أهلكنا)
202

قد ذكر، و (أنهم إليهم) بفتح الهمزة وهي مصدرية، وموضع الجملة بدل
من موضع كم أهلكنا، والتقدير: ألم يروا أنهم إليهم، ويقرأ بكسر الهمزة على
الاستئناف.
قوله تعالى (وإن كل) قد ذكر في آخر هود.
قوله تعالى (وآية لهم) مبتدأ ولهم الخبر، و (الأرض) مبتدأ، و (أحييناها)
الخبر، والجملة تفسير للآية، وقيل الأرض مبتدأ، وآية خبر مقدم، وأحييناها
تفسير الآية، ولهم صفة آية.
قوله تعالى (من العيون) من على قول الأخفش زائدة، وعلى قول غيره
المفعول محذوف: أي من العيون ما ينتفعون به (وما عملته) في " ما " ثلاثة أوجه
أحدها هي بمعنى الذي، والثاني نكرة موصوفة، وعلى كلا الوجهين هي في موضع
جر عطفا على ثمرة، ويجوز أن يكون نصبا على موضع من ثمره. والثالث هي نافية،
ويقرأ بغير هاء ويحتمل الأوجه الثلاثة إلا أنها نافية بضعف لأن عملت لم يذكر
لها مفعول.
قوله تعالى (والقمر) بالرفع مبتدأ، و (قدرناه) الخبر: وبالنصب على فعل
مضمر: أي وقدرنا القمر لأنه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل فحمل على ذلك،
ومن رفع قال: هو محمول على: وآية لهم في الموضعين، وعلى: والشمس، وهي أسماء
لم يعمل فيها فعل، و (منازل) أي ذا منازل، فهو حال أو مفعول ثان، لأن قدرنا
بمعنى صيرنا، وقيل التقدير: قدرنا له منازل، و (العرجون) فعول، والنون
أصل، وقيل هي زائدة لأنه من الانعراج وهذا صحيح المعنى، ولكن شاذ في الاستعمال
وقرأ بعضهم (سابق النهار) بالنصب وهو ضعيف، وجوازه على أن يكون حذف
التنوين لالتقاء الساكنين، وحمل (يسبحون) على من يعقل لوصفها بالجريان
والسباحة والإدراك والسبق.
قوله تعالى، و (أنا) يجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أي هي أنا، وقيل
هي مبتدأ، وآية لهم الخبر، وجاز ذلك لما كان لأنا تعلق بما قبلها، والهاء والميم
في (ذريتهم) لقوم نوح، وقيل لأهل مكة (فلا صريخ) الجمهور على
الفتح ويكون ما بعده مستأنفا، وقرئ بالرفع والتنوين ووجهه ما ذكرنا في قوله
" ولا خوف عليهم ".
203

قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له أو مصدر، وقيل التقدير: إلا برحمة،
وقيل هو استثناء منقطع (يخصمون) مثل قوله يهد، وقد ذكر في يونس.
قوله تعالى (يا ويلنا) هو مثل قوله " يا حسرة " وقال الكوفيون: وى كلمة،
ولنا جار ومجرور، والجمهور على (من بعثنا) أنه استفهام، وقرئ شاذا من
بعثنا على أنه جار ومجرور يتعلق بويل، و (هذا) مبتدأ، و (ما وعد) الخبر
و " ما " بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة أو مصدر، وقيل هذا نعت لمرقدنا فيوقف
عليه، وما وعد مبتدأ والخبر محذوف: أي حق ونحوه، أو خبر والمبتدأ محذوف:
أي هذا أو بعثنا.
قوله تعالى (في شغل) هو خبر إن، و (فاكهون) خبر ثان، أو هو الخبر
وفى شغل يتعلق به، ويقرأ " فاكهين " على الحال من الضمير في الجار، والشغل
بضمتين، وبضم بعده سكون، وبفتحتين، وبفتحة بعدها سكون لغات قد
قرئ بهن.
قوله تعالى (في ظلال) يجوز أن يكون خبرهم (على الأرائك) مستأنف،
وأن يكون الخبر (متكئون) وفي ظلال حال، وعلى الأرائك منصوب بمتكئون
وظلال جمع ظل مثل ذيب وذياب، أو ظلة مثل قبة، وقباب، والظلل جمع ظلة
لاغير (ما يدعون) في " ما " ثلاثة أوجه: هي بمعنى الذي ونكرة، ومصدرية
وموضعها مبتدأ والخبر لهم، وقيل الخبر (سلام) وقيل سلام صفة ثانية لما، وقيل
سلام خبر مبتدأ محذوف: أي هو سلام، وقيل هو بدل من " ما " ويقرأ بالنصب
على المصدر، ويجوز أن يكون حالا من " ما " أو من الهاء المحذوفة: أي ذا سلامة
أو مسلما، و (قولا) مصدر: أي يقول الله ذلك لهم قولا، أو يقولون قولا،
و (من) صفة لقول.
قوله تعالى (جبلا) فيه قراءات كثيرة، كلها لغات بمعنى واحد.
قوله تعالى. (إن هو) الضمير للمعلم: أي أن ما علمه ذكر، ودل عليه " وما
علمناه " (لتنذر) بالتاء على الخطاب، وبالياء على الغيبة، أو على أنه للقرآن.
قوله تعالى (ركوبهم) بفتح الراء: أي مركوبهم كما قالوا حلوب بمعنى محلوب
وقيل هو النسب: أي ذو ركوب، وقرئ " ركوبتهم " بالتاء مثل حلوبتهم،
ويقرأ بضم الراء: أي ذو ركوبهم، أو يكون المصدر بمعنى المفعول مثل الخلق.
204

و (رميم) بمعنى رامم أو مرموم، و (كن فيكون) قد ذكر في سورة النحل،
والله أعلم.
سورة الصافات
بسم الله الرحمن الرحيم
الواو للقسم، وجواب القسم إن إلهكم، و (صفا) مصدر مؤكد وكذلك (زجرا)
وقيل صفا مفعول به، لأن الصف قد يقع على المصفوف، و (رب السماوات)
بدل من واحد، أو خبر مبتدأ محذوف: أي هو رب.
قوله تعالى (بزينة الكواكب) يقرأ بالإضافة. وفيه وجهان: أحدهما أن يكون
من إضافة النوع إلى الجنس كقولك باب حديد فالزينة كواكب. والثاني أن تكون
الزينة مصدرا أضيف إلى الفاعل، وقيل إلى المفعول: أي زينا السماء بتزييننا
الكواكب، ويقرأ بتنوين الأول ونصب الكواكب، وفيه وجهان: أحدهما إعمال
المصدر منونا في المفعول. والثاني بتقدير أعنى، ويقرأ بتنوين الأول، وجر الثاني
على البدل. وبرفع الثاني بالمصدر: أي بأن زينتها الكواكب أو بأن زينت الكواكب
أو على تقدير هي الكواكب.
قوله تعالى (وحفظا) أي وحفظناها حفظا، و (من) يتعلق بالفعل المحذوف.
قوله تعالى (لا يسمعون) جمع على معنى كل، وموضع الجملة جر على الصفة
أو نصب على الحال أو مستأنف، ويقرأ بتخفيف السين وعداه بإلى حملا على معنى
يصفون. وبتشديدها والمعنى واحد، و (دحورا) يجوز أو يكون مصدرا من معنى
يقذفون، أو مصدرا في موضع الحال، أو مفعولا له، ويجوز أن يكون جمع داحر
مثل قاعد وقعود، فيكون حالا (إلا من) استثناء من الجنس: أي لا يستمعون
الملائكة إلا مخالسة، ثم يتبعون بالشهب، وفي (خطف) كلام قد ذكر في أوائل
البقرة، و (الخطفة) مصدر، والألف واللام فيه للجنس أو للمعهود منهم.
قوله تعالى (بل عجبت) بفتح التاء على الخطاب، وبضمها، قيل الخبر عن
النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل هو عن الله تعالى، والمعنى عجب عباده، وقيل
المعنى أنه بلغ حدا يقول القائل في مثله عجبت.
قوله تعالى (وأزواجهم) الجمهور على النصب: أي واحشروا أزواجهم،
205

أو هو بمعنى مع، وهو في المعنى أقوى، وقرئ شاذا بالرفع عطفا على الضمير في
ظلموا (لا تناصرون) في موضع الحال، وقيل التقدير: في أن لا تناصرون،
و (يتساءلون) حال.
قوله تعالى (لذائقوا العذاب) الوجه الجر بالإضافة، وقرئ شاذا بالنصب
وهو سهو من قارئه، لأن اسم الفاعل تحذف منه النون، وينصب إذا كان فيه
الألف واللام.
قوله تعالى (فواكه) هو بدل من رزق أو على تقدير هو، و (مكرمون)
بالتخفيف والتشديد للتكثير، و (في جنات) يجوز أن يكون ظرفا وأن يكون حالا
وأن يكون خبرا ثانيا، وكذلك (على سرر) ويجوز أن تتعلق على ب‍ (متقابلين)
ويكون متقابلين حالا من مكرمون أو من الضمير في الجار و (يطاف عليهم)
يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون كالذي قبله وأن يكون صفة لمكرمون، و (من
معين) نعت لكأس وكذلك (بيضاء) و (عنها) يتعلق ب‍ (ينزفون).
قوله تعالى (مطلعون) يقرأ بالتشديد على مفتعلون، ويقرأ بالتخفيف: أي
مطلعون أصحابكم، ويقرأ بكسر النون وهو بعيد جدا، لأن النون إن كانت للوقاية
فلا تلحق الأسماء، وإن كانت نون الجمع فلا تثبت في الإضافة.
قوله تعالى (إلا موتتنا) هو مصدر من اسم الفاعل، وقيل هو استثناء و (نزلا)
تمييز، و (شوبا) يجوز أن يكون بمعنى مشوب، وأن يكون مصدرا على بابه.
قوله تعالى (كيف كان عاقبة) قد ذكر في النمل (فلنعم الميجيبون)
المخصوص بالمدح محذوف: أي نحن، و (هم) فصل و (سلام على نوح) مبتدأ
وخبر في موضع نصب بتركنا، وقيل هو تفسير مفعول محذوف: أي تركنا عليه ثناء
هو سلام، وقيل معنى تركنا قلنا، وقيل القول مقدر، وقرئ شاذا بالنصب وهو
وهو مفعول تركنا، وهكذا ما في هذه السورة من الآي، و (كذلك) نعت لمصدر
محذوف: أي جزاء كذلك.
قوله تعالى (إذ جاء) أي اذكر إذ جاء، ويجوز أن يكون ظرفا لعامل فيه من
شيعته، و (إذ قال) بدل من إذا الأولى، ويجوز أن يكون ظرفا لسليم أو لجاء.
قوله تعالى (ماذا تعبدون) هو مثل " ماذا تنفقون " وقد ذكر في البقرة (أئفكا)
هو منصوب ب‍ (تريدون) وآلهة بدل منه، والتقدير: وعبادة آلهة لأن الإفك مصدر
فيقدر البدل منه كذلك والمعنى عليه، وقيل إفكا مفعول له، وآلهة مفعول تريدون
206

و (ضربا) مصدر من فراغ لأن معناه ضرب، ويجوز أن يكون في موضع الحال،
و (يزفون) بالتشديد والكسر مع فتح الياء ويقرأ بضمها وهما لغتان، ويقرأ
بفتح الياء وكسر الزاي والتخفيف وماضيه وزف مثل وعد، ومعنى المشدد والمخفف
والإسراع.
قوله تعالى (وما تعملون) هي مصدرية، وقيل بمعنى الذي، وقيل نكرة
موصوفة، وقيل استفهامية على التحقير لعملهم، وما منصوبة بتعملون، و (بنيانا)
مفعول به.
قوله تعالى (ماذا ترى) يجوز أن يكون ماذا اسما واحدا ينصب بترى: أي أي
شئ ترى، وترى من الرأي لا من رؤية العين ولا المتعدية إلى مفعولين، بل كقولك
هو يرى رأى الخوارج، فهو متعد إلى واحد، وقرئ ترى بضم التاء وكسر الراء،
وهو من الرأي أيضا إلا أنه نقل بالهمزة فتعدى إلى اثنين فماذا أحدهما والثاني محذوف
أي تريني، ويجوز أن تكون ما استفهاما وذا بمعنى الذي، فيكون مبتدأ وخبر:
أي أي شئ الذي تراه أو الذي ترينيه.
قوله تعالى (فلما) جوابها محذوف تقديره نادته الملائكة أو ظهر فضلها. وقال
الكوفيون الواو زائدة أي تله أو ناديناه، و (نبيا) حال من إسحق.
قوله تعالى (إذ قال) هو ظرف لمرسلين، وقيل بإضمار أعنى.
قوله تعالى (الله ربكم ورب) يقرأ الثلاثة بالنصب بدلا من أحسن أو على
إضمار أعنى.
قوله تعالى (الياسين) يقرأ آل بالمد: أي أهله، وقرئ بالقصر وسكون اللام
وكسر الهمزة، والتقدير: الياسين واحدهم الياسى ثم خفف الجمع كما قالوا الأشعرون،
ويقرأ شاذا إدراسين منسوبون إلى إدريس.
قوله تعالى (وبالليل) الوقف عليه تام.
قوله تعالى (في بطنه) حال أو ظرف (إلى يوم يبعثون) متعلق بلبث
أو نعت لمصدر محذوف: أي لبثا إلى يوم.
قوله تعالى (أو يزيدون) أي يقول الرائي لهم هم مائة ألف أو يزيدون، وقيل
بعضهم يقول: مائة ألف، وبعضهم يقول أكثر، وقد ذكرنا في قوله " أو كصيب "
وفى مواضع وجوها أخر.
207

قوله تعالى (أصطفى) بفتح الهمزة، وهي للاستفهام، وحذفت همزة الوصل
استغناء بهمزة الاستفهام، ويقرأ بالمد وهو بعيد جدا، وقرئ بكسر الهمزة على
لفظ الخبر، والاستفهام مراد كما قال عمر بن أبي ربيعة:
ثم قالوا تحبها قلت بهرا * عدد الرمل والحصى والتراب
أي أتحبها، وهو شاذ في الاستعمال والقياس، فلا ينبغي أن يقرأ به (مالكم كيف)
استفهام بعد استفهام (إلا عباد الله) يجوز أن يكون مستثنى من جعلوا، ومن
محضرون، وأن يكون منفصلا.
قوله تعالى (وما تعبدون) الواو عاطفة، ويضعف أن يكون بمعنى مع،
إذ لافعل هنا، و (ما أنتم) نفى، و (من) في موضع نصب بفاتنين، وهي بمعنى
الذي، أو نكرة موصوفة، و (صال) يقرأ شاذا بضم اللام، فيجوز أن يكون جمعا
على معنى " من " وأن يكون قلب فصار صايلا ثم حذفت الياء فبقي صال، ويجوز
أن يكون غير مقلوب على فعل كما قالوا يوم راح، وكبش صاف: أي روح وصوف
(وما منا إلا له) أي أحد إلا وقيل إلا من له، وقد ذكر في النساء.
سورة ص
بسم الله الرحمن الرحيم
الجمهور على إسكان الدال، وقد ذكر وجهه، وقرئ بكسرها. وفيه وجهان:
أحدهما هي كسرها التقاء الساكنين، والثاني هي أمر من صادى، وصادى الشئ قابله
وعارضه: أي عارض بعملك القرآن، ويقرأ بالفتح: أي أتل صاد، وقيل حرك
لالتقاء الساكنين (والقرآن) قسم، وقيل معطوف على القسم وهو صاد، وأما جواب
القسم فمحذوف: أي لقد جاءكم الحق ونحو ذلك، وقيل هو معنى (بل الذين
كفروا) أي وحق القرآن لقد خالف الكفار وتكبروا عن الإيمان، وقيل الجواب
(كم أهلكنا) واللام محذوفة: أي لكم أهلكنا، وهو بعيد لأن كم في موضع نصب
بأهلكنا، وقيل هو معنى هذه الجملة: أي لقد أهلكنا كثيرا من القرون، أو قيل
هو قوله تعالى " إن كل إلا كذب الرسل " وقيل هو قوله تعالى " إن ذلك لحق " وبينهما
كلام طويل يمنع من كونه جوابا.
قوله تعالى (ولات حين مناص) الأصل " لا " زيدت عليها التاء، كما زيدت
208

على رب وثم فقيل ربت وثمت، وأكثر العرب يحرك هذه التاء بالفتح، فأما في الوقف
فبعضهم يقف بالتاء لأن الحروف ليست موضع تغيير، وبعضهم يقف بالهاء كما يقف
على قائمة، فأما حين فمذهب سيبويه أنه خبر لات، واسمها محذوف لأنها عملت عمل
ليس: أي ليس الحين حين هرب، ولا يقال هو مضمر لأن الحروف لا يضمر فيها.
وقال الأخفش: هي العاملة في باب النفي، فحين اسمها، وخبرها محذوف: أي
لا حين مناظر لهم أو حينهم، ومنهم من يرفع ما بعدها، ويقدر الخبر المنصوب كما قال
بعضهم: * فأنا ابن قيس لابراح * وقال أبو عبيدة التاء موصولة بحين
لابلا، وحكى أنهم يقولون تحين وثلاث، وأجاز قوم جرما بعد لات، وأنشدوا عليه
أبياتا، وقد استوفيت ذلك في علل الإعراب الكبير.
قوله تعالى (أن امشوا) أي امشوا، لأن المعنى انطلقوا في القول، وقيل هو
الانطلاق حقيقة، والتقدير: وانطلقوا قائلين امشوا.
قوله تعالى (فليرتقوا) هذا كلام محمول على المعنى: أي إن زعموا ذلك
فليرتقوا.
قوله تعالى (جند) مبتدأ، و (ما) زائدة، و (هنالك) نعت، و (مهزوم)
الخبر، ويجوز أن يكون هنالك ظرفا لمهزوم، و (من الأحزاب) يجوز أن يكون
نعتا لجند: وأن يتعلق بمهزوم، وأن يكون نعتا لمهزوم.
قوله تعالى (أولئك الأحزاب) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا
والمبتدأ من قوله وعاد، وأن يكون من ثمود، وأن يكون من قوله تعالى " وقوم لوط "
والفواق بالضم والفتح لغتان قد قرئ بها، و (داود) بدل، و (سخرنا) قد
ذكر في الأنبياء.
قوله تعالى (الخصم) هو مصدر في الأصل وصف به، فلذلك لا يثني ولا يجمع
و (إذ) الأولى ظرف لنبأ، والثانية بدل منها أو ظرف ل‍ (تسوروا) وجمع الضمير
وهو في الحقيقة لاثنين، وتجوز لأن الاثنين جمع، ويدل على ذلك قوله تعالى (خصمان)
والتقدير: نحن خصمان.
قوله تعالى (وعزتي) بالتشديد: أي غلبني، وقرئ شاذا بالتخفيف، والمعنى
واحد، وقيل هو من وعز بكذا إذا أمر به، وهذا بعيد لأن قبله فعلا يكون هذا
معطوفا عليه، كذا ذكر بعضهم، ويجوز أن يكون حذف القول: أي فقال أكفلنيها،
209

وقال: وعزني في الخطاب. أي الخطابة، و (سؤال نعجتك) مصدر مضاف
إلى المفعول به.
قوله تعالى (إلا الذين آمنوا) استثناء من الجنس، والمستثنى منه بعضهم،
وما زائدة وهم مبتدأ وقليل خبره، وقيل التقدير: وهم قليل منهم.
قوله تعالى (فتناه) بتشديد النون على إضافة الفعل إلى الله عز وجل،
وبالتخفيف على إضافته إلى الملكين (راكعا) حال مقدرة، و (ذلك) مفعول
" غفرنا " وقيل خبر مبتدإ: أي الأمر ذلك (فيضلك) منصوب على الجواب، وقيل
مجزوم عطفا على النهى، وفتحت اللام لالتقاء الساكنين، و (باطلا) قد ذكر
في آل عمران وأم في الموضعين منقطعة، و (كتاب) أي هذا كتاب، و (مبارك)
صفة أخرى (نعم العبد) أي سليمان، وقيل داود فحذف المخصوص بالمدح،
وكذا في قصة أيوب.
قوله تعالى (إذ عرض) يجوز أن يكون ظرفا لأواب، وأن يكون العامل فيه
نعم، وأنه يكون التقدير: اذكر، و (الجياد) جمع جواد، وقيل جيد.
قوله تعالى (حب الخير) هو مفعول أحببت، لأن معنى أحببت آثرت، لأن
مصدر أحببت الأحباب، ويجوز أن يكون مصدرا محذوف الزيادة. وقال أبو علي.
أحببت بمعنى جلست من إحباب البعير وهو بروكه، وحب الخير مفعول له مضاف
إلى المفعول و (ذكر ربى) مضاف إلى المفعول أيضا، وقيل إلى الفاعل: أي عن
أن يذكرني ربى، وفاعل (توارت) الشمس، ولم يجر لها ذكر، ولكن دلت
الحال عليها، وقيل دل عليها ذكر الإشراق في قصة داود عليه السلام، و (ردوها)
الضمير للجياد، و (مسحا) مصدر في موضع الحال، وقيل التقدير: يمسح مسحا.
قوله تعالى (جسدا) هو مفعول ألقينا، وقيل هو حال من مفعول محذوف:
أي ألقيناه، قيل سليمان، وقيل ولده على ما جاء في التفسير، و (تجرى) حال من
الريح، و (رخاء) حال من الضمير في تجرى؟؟: أي لينة، و (حيث) ظرف لتجرى
وقيل لسخرنا، و (الشياطين) عطف على الريح، و (كل) بدل منهم.
قوله تعالى (بغير حساب) قيل هو حال من الضمير في امنن أو في أمسك،
والمعنى غير محاسب، وقيل هو متعلق بعطاؤنا، وقيل هو حال منه: أي هذا عطاؤنا
واسعا، لأن الحساب بمعنى الكافي.
قوله تعالى (وإن له عندنا لزلفى) اسم إن والخبر له، والعامل في عند الخبر.
210

قوله تعالى (بنصب) فيه قراءات متقاربة المعنى، و (رحمة) مفعول له.
قوله تعالى (عبادنا) يقرأ على الجمع، والأسماء التي بعده بدل منه، وعلى الإفراد
فيكون (إبراهيم) بدلا منه، وما بعده معطوف على عبدنا، ويجوز أن يكون جنسا
في معنى الجمع، فيكون كالقراءة الأولى.
قوله تعالى (بخالصة) يقرأ بالإضافة، وهي هاهنا من باب إضافة الشئ إلى
ما يبينه لأن الخالصة قد تكون ذكرى وغير ذكرى، وذكرى مصدر، وخالصة
مصدر أيضا بمعنى الإخلاص كالعافية، وقيل خالصة مصدر مضاف إلى المفعول: أي
بإخلاصهم ذكرى الدار: وقيل خالصة بمعنى خلوص، فيكون مضافا إلى الفاعل:
أي بأن خلصت لهم ذكرى الدار، وقيل خالصة اسم فاعل تقديره: بخالص ذكرى
الدار: أي خالص من أن يشاب بغيره، وقرئ بتنوين خالصة فيجوز أن يكون
ذكرى بدلا منها، وأن يكون في موضع نصب مفعول خالصة، أو على إضمار أعنى،
وأن يكون في موضع رفع فاعل خالصة، أو على تقديره هي ذكرى، وأما إضافة
ذكرى إلى الدار فمن إضافة المصدر إلى المفعول: أي بذكرهم الدار الآخرة، وقيل
هي في المعنى ظرف: أي ذكرهم في الدار الدنيا، فهو إما مفعول به على السعة مثل
يا سارق الليلة، أو على حذف حرف الجر مثل ذهبت الشام.
قوله تعالى (جنات عدن) هي بدل من حسن مآب، و (مفتحة) حال
من جنات في قول من جعلها معرفة لإضافتها إلى عدن، وهو علم كما قالوا جنة الخلد
وجنة المأوى. وقال آخرون: هي نكرة، والمعنى جنات إقامة فتكون مفتحة وصفا
وأما ارتفاع (الأبواب) ففيه ثلاثة أوجه: أحدها هو فاعل مفتحة، والعائد محذوف
أي مفتحة لهم الأبواب منها، فحذف كما حذف في قوله " فإن الجحيم هي المأوى "
أي لهم. والثاني هي بدل من الضمير في مفتحة، وهو ضمير الجنات، والأبواب غير
أجنبي منها لأنها من الجنة، تقول: فتحت الجنة وأنت تريد أبوابها، ومنه " وفتحت
السماء فكانت أبوابا " والثالث كالأول، إلا أن الألف واللام عوضا من الهاء العائدة
وهو قول الكوفيون وفيه بعد.
قوله تعالى (متكئين) هو حال من المجرور في لهم، والعامل مفتحة، ويجوز
أن يكون حالا من المتقين لأنه قد أخبر عنهم قبل الحال، وقيل هو حال من الضمير
في يدعون، وقد تقدم على العامل فيه.
211

قوله تعالى (ما يوعدون) بالياء على الغيبة، والضمير للمتقين وبالتاء، والتقدير
وقيل لهم هذا ما توعدون، والمعنى هذا ما وعدتم.
قوله تعالى (ماله من نفاد) الجملة حال من الرزق، والعامل الإشارة، أي
إن هذا لرزقنا باقيا.
قوله تعالى (هذا) أي الأمر هذا. ثم استأنف فقال (وإن للطاغين) و (جهنم)
بدل من شر، و (يصلونها) حال العامل فيه الاستقرار في قوله تعالى " للطاغين "
وقيل التقدير: يصلون جهنم، فحذف الفعل لدلالة ما بعده عليه.
قوله تعالى (هذا) هو مبتدأ. وفي الخبر وجهان: أحدهما (فليذوقوه)
مثل قولك زيدا ضربه. وقال قوم: هذا ضعيف من أجل الفاء، وليست في معنى
الجواب كالتي في قوله " والسارقة فاقطعوا " فأما (حميم) على هذا الوجه فيجوز أن
يكون بدلا من هذا، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف: أي هو حميم، وأن يكون خبرا
ثانيا. والوجه الثاني أن يكون حميم خبر هذا، وفليذوقوه معترض بينهما، وقيل هذا
في موضع نصب، أي فليذوقوه هذا، ثم استأنف فقال حميم: أي هو حميم، وأما
(غساق) فيقرأ بالتشديد مثل كفار وصبار، وبالتخفيف اسم للمصدر: أي ذو غسق
أو يكون فعال بمعنى فاعل.
قوله تعالى (وآخر) يقرأ على الجمع. وفيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (من
شكله) نعت له: أي من شكل الحميم، و (أزواج) خبره. والثاني أن يكون
الخبر محذوفا: أي ولهم أخر. ومن شكله وأزواج صفتان، ويجوز أن يكون من
شكله صفة، وأزواج يرتفع بالجار، وذكر الضمير لأن المعنى من شكل ما ذكرنا.
ويقرأ على الإفراد وهو معطوف على حميم، ومن شكله نعت له، وأزواج يرتفع بالجار
ويجوز أن يرتفع على تقدير هي: أي الحميم والنوع الآخر.
قوله تعالى (مقتحم) أي النار، و (معكم) يجوز أن يكون حالا من الضمير
في مقتحم، أو من فوج لأنه قد وصف، ولا يجوز أن يكون ظرفا لفساد المعنى،
ويجوز أن يكون نعتا ثانيا، و (لا مرحبا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا:
أي هذا فوج مقولا له لا مرحبا، ومرحبا منصوب على المصدر، أو على المفعول به
أي لا يسمعون مرحبا.
قوله تعالى (من قدم) هي بمعنى الذي، و (فزده) الخبر، ويجوز أن يكون
من نصبا: أي فرد من قدم، وقيل هي استفهام بمعنى التعظيم، فيكون مبتدأ، وقدم
212

الخبر، ثم استأنف وفيه ضعف: و (ضعفا) نعت لعذاب: أي مضاعفا، و (في
النار) ظرف لزد، ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم: أي زده كائنا في النار،
وأن يكون نعتا ثانيا لعذاب، أو حالا لأنه قد وصف.
قوله تعالى (اتخذناهم) يقرأ بقطع الهمزة لأنها للاستفهام، وبالوصف على
حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه، وقيل الأول خبر، وهو وصف في المعنى
لرجال، وأم استفهام: أي أهم مفقودون أم زاغت، و (سخريا) قد ذكر
في المؤمنون.
قوله تعالى (تخاصم أهل النار) هو بدل من حق، أو خبر مبتدإ محذوف: أي
هو تخاصم، ولو قيل هو مرفوع لحق لكان بعيدا لأنه يصير جملة ولا ضمير فيها يعود
على اسم " إن ".
قوله تعالى (رب السماوات) يجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف، وأن يكون
صفة، وأن يكون بدلا، وأن يكون مبتدأ والخبر (العزيز).
قوله تعالى (إذ يختصمون) هو ظرف لعلم، و (أنما) مرفوع بيوحى
إلى، وقيل قائم مقام الفاعل، وإنما في موضع نصب: أي أوحى إلى الإنذار،
أو يأتي نذير.
قوله تعالى (إذ قال) أي اذكر إذ قال (من طين) يجوز أن يكون نعتا لبشر،
وأن يتعلق بخالق.
قوله تعالى (فالحق) في نصبه وجهان: أحدهما مفعول لفعل محذوف: أي
فأحق الحق، أو فاذكر الحق. والثاني على تقدير حذف القسم: أي فبالحق لأملأن
(والحق أقول) معترض بينهما، وسيبويه يدفع ذلك لأنه لا يجوز حذفه إلا مع
اسم الله عز وجل، ويقرأ بالرفع: أي فأنا الحق أو فالحق منى، وأما الحق الثاني
فنصبه بأقول، فيقرأ بالرفع على تقدير تكرير المرفوع قبله، أو على إضمار مبتدإ:
أي قولي الحق، ويكون أقول على هذا مستأنفا موصولا بما بعده: أي أقول لأملأن،
وقيل يكون أقول خبرا عنه والهاء محذوفة: أي أقوله وفيه بعد.
قوله تعالى (ولتعلمن) أي لتعرفن، وله مفعول واحد، وهو (نبأه)
ويجوز أن يكون متعديا إلى اثنين والثاني (بعد حين).
213

سورة الزمر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تنزيل الكتاب) هو مبتدأ، و (من الله) الخبر، ويجوز أن
يكون خبر مبتدإ محذوف: أي هذا تنزيل، و (من) متعلقة بالمصدر، أو حال من
الكتاب، و (الدين) منصوب بمخلص، ومخلصا حال، وأجاز الفراء له الدين
بالرفع على أنه مستأنف (والذين اتخذوا) مبتدأ، والخبر محذوف: أي يقولون
ما نعبدهم، و (زلفى) مصدر أو حال مؤكدة (يكور) حال أو مستأنف،
و (يخلقكم) مستأنف، و (خلقا) مصدر منه، و (في) يتعلق به أو بخلق الثاني
لأن الأول مؤكد فلا يعمل، و (ربكم) نعت أو بدل، وأما الخبر فالله، و (له
الملك) خبر ثان أو مستأنف، ويجوز أن يكون الله بدلا من ذلك، والخبر له
الملك، و (لا إله إلا هو) مستأنف أو خبر آخر، و (يرضه لكم) بضم الهاء
واختلاسها وإسكانها، وقد ذكر مثله في " يؤده إليك " و (منيبا) حال، و (منه)
يتعلق بخول أو صفة لنعمة.
قوله تعالى (أمن هو قانت) يقرأ بالتشديد، والأصل أم من، فأم للاستفهام
منقطعة: أي بل أم من هو قانت، وقيل هي متصلة تقديره: أم من يعصى، أم من
هو مطيع مستويان، وحذف الخبر لدلالة قوله تعالى " هل يستوى الذين " ويقرأ
بالتخفيف، وفيه الاستفهام، والمعادل، والخبر محذوفان، وقيل هي همزة النداء،
و (ساجدا وقائما) حالان من الضمير في قانت، أو من الضمير في (يحذر)
و (بغير حساب) حال من الأجر: أي موفرا، أو من الصابرين: أي غير محاسبين
(قل الله) هو منصوب ب‍ (أعبد).
قوله تعالى (ظلل) هو مبتدأ، ولهم الخبر
فيه الجار، وأن يكون حالا من ظلل، والتقدير
النار) نعت لظلل، و (الطاغوت) مؤنث
قوله تعالى (أفمن) مبتدأ، والخبر محذوف
دل على العامل فيه قوله " لهم غرف " لأنه كقوله
قوله تعالى (ثم يجعله) الجمهور على الر
214

أن يضمر معه " إن " والمعطوف عليه أن الله أنزل في أول الآية، تقديره: ألم تر إنزال
الله، أو إلى إنزال ثم جعله، ويجوز أن يكون منصوبا بتقدير ترى: أي ثم ترى
جعله حطاما.
قوله تعالى (أفمن شرح الله)، و (أفمن يتقى بوجهه) الحكم فيهما كالحكم
في قوله تعالى " أفمن حق عليه " وقد ذكر.
قوله تعالى (كتابا) هو بدل من أحسن، و (تقشعر) نعت ثالث.
قوله تعالى (قرآنا) هو حال من القرآن موطئة، والحال في المعنى.
قوله تعالى (عربيا) وقيل انتصب بيتذكرون.
قوله تعالى (مثلا رجلا) رجلا بدل من مثل، وقد ذكر في قوله " مثلا قرية "
في النحل، و (فيه شركاء) الجملة صفة لرجل، وفي يتعلق ب‍ (متشاكسون)
وفيه دلالة على جواز تقديم خبر المبتدأ عليه، ومثلا تمييز.
قوله تعالى (والذي بالصدق) المعنى على الجمع، وقد ذكر مثله في قوله
" مثلهم كمثل الذي ".
قوله تعالى (كاشفات ضره) يقرأ بالتنوين وبالإضافة وهو ظاهر.
قوله تعالى (قل اللهم فاطر السماوات) مثل " قل اللهم مالك الملك ".
قوله تعالى (بل هي) هي ضمير البلوى أو الحال.
قوله تعالى (أن تقول) هو مفعول له: أي أنذرناكم مخافة أن تقول: يا حسرتا
الألف مبدلة من ياء المتكلم، وقرئ " حسرتاى " وهو بعيد، وقد وجهت على أن
الباء زيدت بعد الألف المنقلبة. وقال آخرون: بل الألف زائدة، وهذا أبعد لما
فيه من الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وفتحت الكاف في (جاءتك) حملا
على المخاطب وهو إنسان، ومن كسر حمله على تأنيث النفس.
قوله تعالى (وجوههم مسودة) الجملة حال من الذين كفروا، لأن ترى
من رؤية العين، وقيل هي بمعنى العلم، فتكون الجملة مفعولا ثانيا، ولو قرئ
وجوههم مسودة بالنصب لكان على بدل الاشتمال، و (مفازتهم) على الإفراد
لأنه مصدر، وعلى الجمع لاختلاف المصدر كالحلوم والإشغال، وقيل المفازة هنا
الطريق، والمعنى في مفازتهم (لا يمسهم السوء) حال.
215

قوله تعالى (أفغير الله) في إعرابها أوجه: أحدها أن غير منصوب ب‍ (أعبد)
مقدما عليه، وقد ضعف هذا الوجه من حيث كان التقدير أن اعبد، فعند ذلك يفضى
إلى تقديم الصلة على الموصول وليس بشئ لأن أن ليست في اللفظ، فلا يبقى عملها
فلو قدرنا بقاء حكمها لأفضى إلى حذف الموصول وبقاء صلته، وذلك لا يجوز إلا في
ضرورة الشعر. والوجه الثاني أن يكون منصوبا بتأمروني وأعبد بدل منه، والتقدير
قل أفتأمروني بعبادة غير الله عز وجل، وهذا من بدل الاشتمال ومن باب أمرتك
الخير. والثالث أن غير منصوب بفعل محذوف: أي أفتلزموني غير الله، وفسره
ما بعده، وقيل لا موضع لأعبد من الإعراب، وقيل هو حال، والعمل على الوجهين
الأوثين، وأما النون فمشددة على الأصل، وقد خففت بحذف الثانية وقد
ذكر نظائره.
قوله (والأرض) مبتدأ، و (قبضته) الخبر، وجميعا حال من الأرض
والتقدير: إذا كانت مجتمعة قبضته: أي مقبوضة، فالعامل في إذا المصدر، لأنه
بمعنى المفعول، وقد ذكر أبو علي في الحجة التقدير: ذات قبضته، وقد رد عليه
ذلك بأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبله، وهذا لا يصح لأنه الآن غير مضاف إليه،
وبعد حذف المضاف لا يبقى حكمه، ويقرأ قبضته بالنصب على معنى في قبضته، وهو
ضعيف لأن هذا الظرف محدود، فهو كقولك زيد الدار (والسماوات مطويات)
مبتدأ والخبر، و (بيمينه) متعلق بالخبر، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في
الخبر، وأن يكون خبرا ثانيا، وقرئ " مطويات " بالكسر على الحال، وبيمينه
الخبر، وقيل الخبر محذوف: أي والسماوات قبضته، و (زمرا) الموضعين حال
(وفتحت) الواو زائدة عند قوم، لأن الكلام جواب حتى وليست زائدة عند
المحققين، والجواب محذوف تقديره: اطمأنوا ونحو ذلك، و (نتبوأ) حال من
الفاعل أو المفعول، و (حيث) هنا مفعول به كما ذكرنا في قوله تعالى " وكلا منها
رغدا حيث شئتما " في أحد الوجوه، و (حافين) حال من الملائكة، و (يسبحون)
حال من الضمير في حافين، والله أعلم.
216

سورة المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (حم تنزيل الكتاب) هو مثل " ألم تنزيل ".
قوله تعالى (غافر الذنب وقابل التوب) كلتاهما صفة لما قبله، والإضافة
محضة، وأما (شديد العقاب) فنكرة، لأن التقدير: شديد عقابه، فيكون بدلا،
ولا يجوز أن يكون شديد بمعنى مشدد كما جاء أذين بمعنى مؤذن، فتكون الإضافة
محضة فيتعرف فيكون وصفا أيضا، وأما (ذي الطول) فصفة أيضا (لا إله إلا
هو) يجوز أن يكون صفة، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (أنهم) هو مثل الذي في يونس.
قوله تعالى (الذين يحملون) مبتدأ، و (يسبحون) خبره (ربنا) أي
يقولون، وهذا المحذوف حال، و (رحمة وعلما) تمييز، والأصل وسع كل
شئ علمك.
قوله تعالى (ومن صلح) في موضع نصب عطفا على الضمير في أدخلهم:
أي وأدخل من صلح، وقيل هو عطف على الضمير في وعدتهم.
قوله تعالى (من مقتكم) هو مصدر مضاف إلى الفاعل، و (أنفسكم)
منصوب به، و (إذ) ظرف لفعل محذوف تقديره: مقتكم إذ تدعون، ولا يجوز
أن يعمل فيه مقت الله لأنه مصدر قد أخبر عنه، وهو قوله: أكبر من ولا مقتكم
لأنهم لم يمقتوا أنفسهم حين دعوا إلى الإيمان، وإنما مقتوها في النار، وعند ذلك
لا يدعون إلى الإيمان.
قوله تعالى (وحده) هو مصدر في موضع الحال من الله: أي دعى مفردا
وقال يونس: ينتصب على الظرف تقديره: دعى على حياله وحده، وهو مصدر
محذوف الزيادة، والفعل منه أوحدته إيحادا.
قوله تعالى (رفيع الدرجات) يجوز أن يكون التقدير: هو رفيع الدرجات،
فيكون (ذو) صفة، و (يلقى) مستأنفا، وأن يكون مبتدأ، والخبر ذو العرش
أو يلقى، و (من أمره) يجوز أن يكون حالا من الروح، وأن يكون متعلقا بيلقى
217

قوله تعالى (يوم هم) يوم بدل من يوم التلاق، ويجوز أن يكون التقدير.
اذكر يوم، وأن يكون ظرفا للتلاق، وهم مبتدأ، و (بارزون) خبره والجملة في
موضع جر بإضافة يوم إليها، و (لا يخفى) يجوز أن يكون خبرا آخر، وأن يكون
حالا من الضمير في بارزون، وأن يكون مستأنفا، (اليوم) ظرف، والعامل فيه
لمن، أو ما يتعلق به الجار، وقيل هو ظرف للملك (لله) أي هو لله، وقيل الوقف
على الملك، ثم استأنف فقال: هو اليوم لله الواحد: أي استقر اليوم لله،
و (اليوم) الآخر ظرف ل‍ (تجزى) و (اليوم) الأخير خبر " لا " أي ظلم كائن
اليوم، و (إذ) بدل من يوم الآزفة، و (كاظمين) حال من القلوب، لأن
المراد أصحابها، وقيل هي حال من الضمير في لدى، وقيل هي حال من الضمير في
أنذرهم (ولا شفيع يطاع) يطاع في موضع جر صفة لشفيع على اللفظ، أو في موضع
رفع على الموضع.
قوله تعالى (وأن يظهر) هو في موضع نصب: أي أخاف الأمرين، ويقرأ
" أو أن يظهر " أي أخاف أحدهما وأيهما وقع كان مخوفا.
قوله تعالى (من آل فرعون) هو في موضع رفع نعتا لمؤمن، وقيل يتعلق
ب‍ (يكتم) أي يكتمه من آل فرعون (أن يقول) أي لأن يقول (وقد جاءكم)
الجملة حال، و (ظاهرين) حال من ضمير الجمع في لكم، و (أريكم) متعد
إلى مفعولين، الثاني (ما أرى) وهو من الرأي الذي بمعنى الاعتقاد.
قوله تعالى (سبيل الرشاد) الجمهور على التخفيف وهو اسم للمصدر، إما الرشد
أو الإرشاد، وقرئ بتشديد الشين، وهو الذي يكثر منه الإرشاد أو الرشد.
قوله تعالى (يوم التناد) الجمهور على التخفيف، وقرأ ابن عباس رضي الله عنه
بتشديد الدال، وهو مصدر تناد القوم إذا تفرقوا: أي يوم اختلاف مذاهب
الناس، و (يوم تولون) بدل من اليوم الذي قبله، و (مالكم من الله)
في موضع الحال.
قوله تعالى (الذين يجادلون) فيه أوجه: أحدها أن يكون خبر مبتدإ محذوف
أي هم الذين، وهم يرجع على قوله " من هو مسرف " لأنه في معنى الجمع. والثاني
أن يكون مبتدأ والخبر يطبع الله، والعائد محذوف: أي على كل قلب متكبر منهم،
و (كذلك) خبر مبتدإ محذوف أي الأمر كذلك، وما بينهما معترض مسدد.
218

والثالث أن يكون الخبر " كبر مقتا " أي كبر قولهم مقتا. والرابع أن يكون الخبر محذوفا
أي معاندون ونحو ذلك. والخامس أن يكون منصوبا بإضمار أعنى.
قوله تعالى (على كل قلب) يقرأ بالتنوين، و (متكبر) صفة له، والمراد
صاحب القلب ويقرأ بالإضافة وإضافة كل إلى القلب يراد بها عموم القلب لاستيعاب
كل قلب بالطبع، وهو في المعنى كقراءة من قرأ على قلب كل متكبر.
قوله تعالى (أسباب السماوات) هو بدل مما قبله (فأطلع) بالرفع عطفا على
أبلغ، وبالنصب على جواب الأمر: أي إن تبن لي أطلع، وقال قوم: هو جواب
لعلى إذ كان في معنى التمني.
قوله تعالى (تدعونني) الجملة وما يتصل بها بدل، أو تبيين لتدعونني الأول.
قوله تعالى (وأفوض أمري إلى الله) الجملة حال من الضمير في أقول.
قوله تعالى (النار يعرضون عليها) فيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، ويعرضون
خبره. والثاني أن يكون بدلا من سوء العذاب، ويقرأ بالنصب بفعل مضمر يفسره
يعرضون عليها تقديره: يصلون النار ونحو ذلك، ولا موضع ليعرضون على هذا،
وعلى البدل موضعه حال إما من النار أو من آل فرعون (أدخلوا) يقرأ بوصل
الهمزة: أي يقال لآل فرعون، فعلى هذا التقدير: يا آل فرعون، ويقرأ بقطع
الهمزة وكسر الخاء: أي يقول الله تعالى للملائكة.
قوله تعالى (وإذ يتحاجون) يجوز أن يكون معطوفا على عدوا، وأن يكون
التقدير: واذكر، و (تبعا) مصدر في موضع اسم الفاعل، و (نصيبا) منصوب
بفعل دل عليه مغنون تقديره: هل أنتم دافعون عنا أو مانعون، ويجوز أن يكون في
موضع المصدر كما كان شئ كذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى " لن تغنى عنهم أموالهم
ولا أولادهم من الله شيئا " فشيئا في موضع عنا، فكذلك نصيبا.
قوله تعالى (يخفف عنا يوما) يجوز أن يكون ظرفا: أي يخفف عنا في يوم
شيئا من العذاب، فالمفعول محذوف، وعلى قول الأخفش يجوز أن تكون " من "
زائدة، ويجوز أن يكون مفعولا: أي عذاب يوم كقوله تعالى " واتقوا يوما " أي
عذاب يوم.
قوله تعالى (لا ينفع) هو بدل من يوم يقوم.
قوله تعالى (ولا المسئ) " لا " زائدة.
219

قوله تعالى (إذ الأغلال) " إذ " ظرف زمان ماض، والمراد بها الاستقبال هنا
لقوله تعالى " فسوف يعلمون " وقد ذكرت في قوله " ولو ترى الذين ظلموا إذ
يرون العذاب " (والسلاسل) بالرفع يجوز أن يكون معطوفا على الأغلال، والخبر
في أعناقهم، وأن يكون مبتدأ والخبر محذوف: أي السلاسل في أعناقهم، وحذف
لدلالة الأول عليه، و (يسحبون) على هذا حال من الضمير في الجار أو مستأنفا
وأن يكون الخبر يسحبون، والعائد محذوف: أي يسحبون بها، وقرئ بالنصب،
ويسحبون بفتح الياء، والمفعول هنا مقدم على الفعل.
قوله تعالى (منهم من قصصنا) يجوز أن يكون منهم رافعا لمن، لأنه قد وصف
به رسلا، وأن يكون مبتدأ وخبرا، والجملة نعت لرسل، وأن يكون مستأنفا (فأي)
منصوب ب‍ (تنكرون).
قوله تعالى (بما عندهم من العلم) من هنا بمعنى البدل: أي بدلا من العلم
وتكون حالا من " ما " أو من الضمير في الظرف.
قوله تعالى (سنة الله) هو نصب على المصدر: أي سننا بهم سنة الله،
والله أعلم.
سورة حم السجدة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تنزيل من الرحمن) هو مثل أول سجدة لقمان (كتاب) أي
هو كتاب، ويجوز أن يكون مرفوعا بتنزيل: أي نزل كتاب، وأن يكون خبرا بعد
خبر أو بدلا، و (قرآنا) حال موطئة من آياته، ويجوز أن يكون حالا من كتاب
لأنه قد وصف.
قوله تعالى (مما تدعونا) هو محمول على المعنى، لأن معنى في أكنة محجوبة
عن سماع ما تدعونا إليه، ولا يجوز أن يكون نعتا لأكنة، لأن الأكنة الأغشية،
وليست الأغشية مما تدعونا إليه، و (ممنون) مفعول من مننت الحبل:
أي قطعته.
قوله تعالى (وجعل فيها) هو مستأنف غير معطوف على خلق، لأنه لو كان
220

معطوفا عليه لكان داخلا في الصلة، ولا يجوز ذلك لأنه قد فصل بينهما بقوله تعالى
" وتجعلون " إلى آخر الآية، وليس من الصلة في شئ.
قوله تعالى (في أربعة أيام) أي في تمام أربعة أيام، ولولا هذا التقدير،
لكانت الأيام ثمانية، يومان في الأول وهو قوله " خلق الأرض في يومين " ويومان
في الآخرة، وهو قوله " فقضاهن سبع سماوات في يومين " (سواء) بالنصب وهو
مصدر: أي فاستوت استواء، ويكون في موضع الحال من الضمير في أقواتها أو
فيها أو من الأرض، ويقرأ بالجر على الصفة للأيام، وبالرفع على تقدير:
هي سواء.
قوله تعالى (ائتيا) أي تعاليا، و (طوعا) و (كرها) مصدران في موضع
الحال، و (أتينا) بالقصر: أي جئنا، وبالمد: أي أعطينا من أنفسنا الطاعة،
و (طائعين) حال وجمع، لأنه قد وضعها بصفات من يعقل، أو التقدير: أتينا
بمن فينا فلذلك جمع، وقيل جمع على حسب تعدد السماوات والأرض (وحفظا)
أي وحفظناها حفظا، أو للحفظ (إذ جاءتهم) يجوز أن يكون ظرفا لأنذرتكم
كما تقول: لقيتك إذ كان كذا، ويجوز أن يكون صفة لصاعقة، أو حالا من
صاعقة الثانية.
قوله تعالى (نحسات) يقرأ بكسر الحاء. وفيه وجهان: أحدهما هو اسم فاعل
مثل نصب ونصبات، والثاني أن يكون مصدرا في الأصل مثل الكلمة ويقرأ بالسكون،
وفيه وجهان: أحدهما هي بمعنى المكسورة وإنما سكن لعارض. والثاني أن يكون اسم
فاعل في الأصل وسكن تخفيفا.
قوله تعالى (وأما ثمود) هو بالرفع على الابتداء، و (فهديناهم) الخبر
وبالنصب على فعل محذوف تقديره: وأما ثمود فهدينا، فسره قوله تعالى فهديناهم.
قوله تعالى (ويوم نحشر) هو ظرف لما دل عليه ما بعده وهو قوله تعالى
(فهم يوزعون) كأنه قال يمنعون يوم نحشر.
قوله تعالى (أن يشهد) أي من أن يشهد، لأن تستتر لا يتعدى بنفسه.
قوله تعالى (وذلكم) هو مبتدأ، و (ظنكم) خبره، و (الذي) نعت
للخبر، أو خبر بعد خبر، و (أرادكم) خبر آخر، ويجوز أن يكون الجميع صفة
أو بدلا وأرداكم الخبر، ويجوز أن يكون أرداكم حالا، وقد معه مرادة.
221

قوله تعالى (يستعتبوا) يقرأ بفتح الياء وكسر التاء الثانية: أي أن يطلبوا زوال
ما يعتبون منه (فما هم من المعتبين) بفتح التاء: أي من المجابين إلى إزالة
العتب، ويقرأ " يستعتبوا " بضم الياء وفتح التاء: أي يطلب منهم مالا يعتبون عليه،
فما هم من المعتبين بكسر التاء: أي ممن يزيل العتب.
قوله تعالى (والغوا فيه) يقرأ بفتح الغين من لغا يلغا، وبضمها من لغا يلغو،
والمعنى سواء.
قوله تعالى (النار) هو بدل من جزاء أو خبر مبتدإ محذوف، أو مبتدأ وما بعده
الخبر، وجزاء مصدر: أي جوزوا بذلك جزاء، ويجوز أن يكون منصوبا بجزاء
أعداء الله، وأن يكون حالا.
قوله تعالى (ألا تخافوا) يجوز أن يكون التقدير: بأن لا تخافوا أو قائلين لا تخافوا
فعلى الأول هو حال: أي تتنزل بقولهم لا تخافوا، وعلى الثاني الحال محذوفة.
قوله تعالى (نزلا) فيه وجهان: أحدهما هو مصدر في موضع الحال من الهاء
المحذوفة أو من ما: أي لكم الذي تدعونه معدا وما أشبهه، و (من) نعت له والثاني
هو جمع نازل مثل صابر وصبر، فيكون حالا من الواو في تدعون أو من الكاف والميم
في لكم، فعلى هذا يتعلق من بتدعون: أي يطلبونه من غفور، أو بالظرف: أي
استقر ذلك من غفور، فيكون حالا من " ما ".
قوله تعالى (كأنه ولى) فيه وجهان: أحدهما هو حال من الذي بصلته،
والذي مبتدأ، وإذا للمفاجأة، وهي خبر المبتدأ: أي بالحضرة المعادي مشيها
للولي، والفائدة تحصل من الحال. والثاني أن يكون خبر المبتدأ، وإذا ظرف لمعنى
التشبيه، والظرف يتقدم على العامل المعنوي، والضمير في (يلقاها) للخصلة
أو الكلمة.
قوله تعالى (خلقهن) الضمير للآيات، وهي الليل والنهار والشمس والقمر.
قوله تعالى (إن الذين كفروا) خبر " إن " محذوف: أي معاندون أو هالكون،
وقيل هو أولئك ينادون.
قوله تعالى (أعجمي) على الاستفهام، ويقرأ بهمزة واحدة، وفتح العين على
النسب إلى عجم، و (عمى) مصدر عمى مثل صدى صدى، ويقرأ بكسر الميم: أي
مشكل فهو اسم فاعل، ويقرأ عمى على أنه فعل ماض، فعلى يتعلق باسم الفاعل
222

أو الفعل وأما المصدر فلا يتعلق به لتقدمها عليه، ولكن يجوز أن يكون على التبيين
أو حالا منه.
قوله تعالى (فلنفسه) هو خبر مبتدإ محذوف: أي فهو لنفسه.
قوله تعالى (وما تحمل) " ما " نافية، لأنه عطف عليها ولا تضع، ثم نقض
النفي بإلا، ولو كانت بمعنى الذي معطوفة على الساعة لم يستقم ذلك، فأما قوله تعالى
" وما تخرج من ثمرة " فيجوز أن تكون بمعنى الذي، والأقوى أن تكون نافية.
قوله تعالى (آذناك) هذا الفعل يتعدى إلى مفعول بنفسه، وإلى آخر بحرف
جر، وقد وقع النفي وما في خبره موقع الجار والمجرور. وقال أبو حاتم: يوقف على
آذناك، ثم يبتدأ فلا موضع للنفي. وأما قوله تعالى (وظنوا) فمفعولاها قد أغنى عنهما
(ومالهم من محيص) وقال أبو حاتم: يوقف على ظنوا، ثم أخبر عنهم بالنفي،
و (دعاء الخير) مصدر مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف، و (ليقولن
هذا لي) جواب الشرط، والفاء محذوفة، وقيل هو جواب قسم محذوف.
قوله تعالى (بربك) الباء زائدة، وهو فاعل يكف، والمفعول محذوف: أي
ألم يكفك ربك: وقيل هذا (أنه) في موضع البدل من الفاعل إما على اللفظ أو على
الموضع: أي ألم يكفك ربك شهادته، وقيل في موضع نصب مفعول يكفي أي ألم يكفك
ربك شهادته.
سورة شورى
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (كذلك يوحى) يقرأ بياء مضمومة على ما سمى فاعله والفاعل (الله)
وما بعده نعت له، والكاف في موضع نصب بيوحى، ويقرأ على ترك التسمية. وفيه
وجهان: أحدهما أن كذلك مبتدأ، ويوحى الخبر، والله فاعل لفعل محذوف كأنه قيل:
من يوحى فقال الله، وما بعده نعت له، ويجوز أن يكون (العزيز) مبتدأ، و (الحكيم)
نعت له أو خبر، و (له ما في السماوات) خبر أو خبر ثان. والثاني أن يكون
كذلك نعتا لمصدر محذوف، وإليك القائم مقام الفاعل: أي وحيا مثل ذلك.
قوله تعالى (فريق) هو خبر مبتدإ محذوف: أي بعضهم فريق في الجنة وبعضهم
فريق في السعير، ويجوز أن يكون التقدير: منهم فريق.
223

قوله تعالى (والظالمون) هو مبتدأ وما بعده الخبر، ولم يحسن النصب لأنه
ليس في الجملة بعده فعل يفسر الناصب.
قوله تعالى (ذلكم) يجوز أن يكون مبتدأ، و (الله) عطف بيان أو بدل،
و (ربى) الخبر، وأن يكون الله الخبر، وربى خبر ثان أو بدل، أو يكون صفة الله
تعالى، و (عليه توكلت) الخبر.
قوله تعالى (فاطر السماوات) أي هو فاطر، ويجوز أن يكون خبرا آخرا،
ويقرأ بالجر بدلا من الهاء في عليه، والهاء في (فيه) ضميرا لجعل، والفعل قد دل
عليه. ويجوز أن يكون ضمير المخلوق الذي دل عليه يذرؤكم: والكاف في (كمثله)
زائدة: أي ليس مثله شئ، فمثله خبر ليس، ولو لم تكن زائدة لأفضى إلى الحال
إذ كان يكون المعنى أن له مثلا، وليس لمثله مثل، وفي ذلك تناقض لأنه إذا كان له
مثل فلمثله مثل، وهو هو مع أن إثبات المثل لله سبحانه محال، وقيل مثل زائدة،
والتقدير: ليس كهو شئ كما في قوله تعالى " فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به " وقد ذكر
وهذا قول بعيد.
قوله تعالى (أن أقيموا) يجوز أن يكون بدلا من الهاء في به، أو من " ما " أو
من الدين كل صالح، ويجوز أن تكون إن بمعنى أي، فلا يكون له موضع.
قوله تعالى (لعل الساعة قريب) يجوز أن يكون ذكر على معنى الزمان،
أو على معنى البعث أو على النسب: أي ذات قرب (وهو واقع) أي جزاء
كسبهم، وقيل هو ضمير الإشفاق.
قوله تعالى (يبشر الله) العائد على الذي محذوف: أي يبشر به (إلا المودة)
استثناء منقطع، وقيل هو متصل، أي لا أسألكم شيئا إلا المودة في القربى فإني
أسألكموها.
قوله تعالى (يختم) هو جواب الشرط (ويمح) مرفوع مستأنف، وليس
من الجواب لأنه يمحو الباطل من غير شرط، وسقطت الواو من اللفظ لالتقاء
الساكنين، ومن المصحف حملا على اللفظ.
قوله تعالى (ويستجيب) هو بمعنى يجيب، و (الذين آمنوا) مفعول به،
وقيل يستجيب دعاء الذين آمنوا، وقيل الذين في موضع رفع: أي ينقادون له.
قوله تعالى (إذا يشاء) العامل في إذا جمعهم لا قدير، لأن ذلك يؤدى إلى أن
224

يصير المعنى وهو على جمعهم قدير إذا يشاء، فتعلق القدرة بالمشيئة وهو محال وعلى
يتعلق بقدير.
قوله تعالى (وما أصابكم) " ما " شرطية في موضع رفع بالابتداء (فيما كسبت)
جوابه. والمراد بالفعلين الاستقبال، ومن حذف الفاء من القراء حمله على قوله، وإن
أطعتموهم إنكم لمشركون " وعلى ما جاء من قول الشاعر:
* من يفعل الحسنات الله يشكرها * ويجوز أن تجعل " ما " على هذا
المذهب بمعنى الذي، وفيه ضعف.
قوله تعالى (الجوار) مبتدأ أو فاعل ارتفع بالجار و (في البحر) حال منه،
والعامل فيه الاستقرار، ويجوز أن يتعلق في بالجوار، و (كالأعلام) على الوجه
الأول حال ثانية، وعلى الثاني هي حال من الضمير في الجوار، و (يسكن) جواب
الشرط (فيظللن) معطوف على الجواب، وكذلك (أو يوبقهن - ويعف).
وأما قوله تعالى (ويعلم الذين) فيقرأ بالنصب على تقدير: وإن يعلم لأنه صرفه عن
الجواب وعطفه على المعنى، ويقرأ بالكسر على أن يكون مجزوما حرك لالتقاء
الساكنين، ويقرأ بالرفع على الاستئناف.
قوله تعالى (مالهم من محيص) الجملة المنفية تسد مسد مفعولي عملت.
قوله تعالى (فمتاع الحياة) أي فهو متاع.
قوله تعالى (والذين يجتنبون) معطوف على قوله تعالى " للذين آمنوا وعلى ربهم
يتوكلون " ويجوز أن يكون في موضع نصب بإضمار أعنى، أو رفع على تقديرهم.
و (كبائر) بالجمع واحدتها كبيرة، ومن أفرد ذهب به إلى الجنس، و (هم)
مبتدأ، و (يغفرون) الخبر، والجملة جواب إذا، وقيل هم مرفوع بفعل محذوف
تقديره: غفروا فحذف الفعل لدلالة يغفرون عليه.
قوله تعالى (ولمن صبر) " من " شرطية، وصبر في موضع جزم بها، والجواب
(إن ذلك) وقد حذف الفاء، وقيل " من " بمعنى الذي، والعائد محذوف: أي
إن ذلك منه.
قوله تعالى (ينصرونهم) يجوز أن يكون في موضع جر حملا على لفظ الموصوف
ورفعا على موضعه.
225

قوله تعالى (فإن الإنسان كفور) أي إن الإنسان منهم.
قوله تعالى (ذكرانا وإناثا) هما حال، والمعنى يقر بين الصنفين.
قوله تعالى (أن يكلمه الله) " أن " والفعل في موضع رفع بالابتداء، وما قبله
الخبر أو فاعل بالجار لاعتماده على حرف النفي، و (إلا وحيا) استثناء منقطع،
لأن الوحي ليس بتكليم (أو من وراء حجاب) الجار متعلق بمحذوف تقديره:
أو أن يكلمه، وهذا المحذوف معطوف على وحى تقديره: إلا أن يوحى إليه أو
يكلمه، ولا يجوز أن يتعلق من بيكلمه الموجودة في اللفظ، لأن ما قبل الاستثناء
المنقطع لا يعمل فيما بعد إلا، وأما (أو يرسل) فمن نصب فمعطوف على موضع
وحيا: أي يبعث إليه ملكا، وقيل في موضع جر: أي بأن يرسل. وقيل في موضع
نصب على الحال، ولا يجوز أن يكون معطوفا على أن يكلمه لأنه يصير معناه: ما كان
لبشر أن يكلمه الله، ولا أن يرسل إليه رسولا. وهذا فاسد ولأن عطفه على أن
يكلم الموجودة يدخله في صلة أن وإلا وحيا يفصل بين بعض الصلة وبعض لكونه
منقطعا، ومن رفع يرسل استأنف، وقيل " من " متعلقة بيكلمه لأنه ظرف، والظرف
يتسع فيه.
قوله تعالى (ما كنت تدرى) الجملة حال من الكاف في إليك.
قوله تعالى (صراط الله) هو بدل من صراط مستقيم بدل المعرفة من النكرة.
والله أعلم.
سورة الزخرف
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (والكتاب) من جعل حم قسما كانت الواو للعطف، ومن قال غير
ذلك جعلها للقسم.
قوله تعالى (في أم الكتاب) يتعلق بعلى، واللام لا تمنع ذلك. ولدينا بدل من
الجار والمجرور، ويجوز أن يكون حالا من الكتاب أو من أم، ولا يجوز أن يكون
واحد من الظرفين خبرا، لأن الخبر قد لزم أن يكون على من أجل اللام، ولكن
يجوز أن كل واحد منهما صفة للخبر فصارت حالا بتقدمها، و (صفحا) مصدر
من معنى تضرب لأنه بمعنى نصفح، ويجوز أن يكون حالا، وقرئ بضم الصاد،
226

والأشبه أن يكون لغة، و (أن) بفتح الهمزة بمعنى، لأن كنتم، وبكسرها على
الشرط، وما تقدم بدل على الجواب (وكم) نصب ب‍ (أرسلنا) و (بطشا) تمييز
وقيل مصدر في موضع الحال من الفاعل: أي أهلكناهم باطشين.
قوله تعالى (وجهه مسودا) اسم كان وخبرها، ويجوز أن يكون في ظل
اسمها مضمرا يرجع على أحدهم، ووجهه بدل منه، ويقرآن بالرفع على أنه مبتدأ
وخبر في موضع خبر ظل (وهو كظيم) في موضع نصب على الحال من اسم ظل،
أو من الضمير في مسودا.
قوله تعالى (أو من) " من " في موضع نصب تقديره: أتجعلون من ينشأ، وفي
موضع رفع، أي أو من ينشأ جزءا وولد، و (في الخصام) يتعلق ب‍ (مبين).
فإن قلت: المضاف إليه لا يعمل فيما قبله. قيل: إلا في غير لأن فيها معنى النفي،
فكأنه قال: وهو لا يبين في الخصام، ومثله مسألة الكتاب أنا زيدا غير ضارب،
وقيل ينتصب بفعل يفسره ضارب، وكذا في الآية.
قوله تعالى (قل أو لو) على لفظ الامر وهو مستأنف، ويقرأ " قال " يعنى
النذير المذكور.
قوله تعالى (براء) بفتح الباء وهمزة واحدة، وهو مصدر في موضع اسم الفاعل
بمعنى برئ، وقد قرئ به.
قوله تعالى (على رجل من القريتين) أي من إحدى القريتين مكة والطائف،
وقيل التقدير: على رجل من رجلين من القريتين، وقيل: كان الرجل من يسكن
مكة والطائف ويتردد إليهما، فصار كأنه من أهلهما.
قوله تعالى (لبيوتهم) هو بدل بإعادة الجار: أي لبيوت من كفر. والسقف
واحد في معنى الجمع، وسقفا بالضم جمع مثل رهن ورهن.
قوله تعالى (جاءنا) على الإفراد ردا على لفظ من، وعلى التثنية ردا على القريتين
الكافر وشيطانه، و (المشرقين) قيل أراد المشرق والمغرب، فغلب مثل القمرين.
قوله تعالى (ولن ينفعكم) في الفاعل وجهان: أحدهما (أنكم) وما عملت
فيه: أي لا ينفعكم تأسيكم في العذاب. والثاني أن يكون ضمير التمني المدلول عليه
بقوله: " يا ليت بيني وبينك ": أي لن ينفعكم تمنى التباعد، فعلى هذا يكون أنكم
بمعنى لأنكم. فأما إذ فمشكلة الأمر، لأنها ظرف زمان ماض، ولن ينفعكم وفاعله
227

واليوم المذكور ليس بماض. وقال ابن جنى في مساءلته أبا على: راجعته فيها مرارا
فآخر ما حصل منه أن الدنيا والأخرى متصلتان، وهما سواء في حكم الله تعالى وعلمه،
فتكون إذ بدلا من اليوم حتى كأنها مستقبلة أو كأن اليوم ماض. وقال غيره: الكلام
محمول على المعنى، والمعنى أن ثبوت ظلمهم عندهم يكون يوم القيامة، فكأنه قال:
ولن ينفعكم اليوم إذا صح ظلمكم عندكم، فهو بدل أيضا، وقال آخرون: التقدير بعد
إذ ظلمتم: فحذف المضاف للعلم به، وقيل إذ بمعنى أن: أي لأن ظلمتم يقرأ " إنكم
في العذاب " بكسر الهمزة على الاستئناف، هذا على أن الفاعل التمني، ويجوز على
هذا أن يكون الفاعل ظلمكم أو جحدكم، وقد دل عليه ظلمتم، ويكون الفاعل المحذوف
من اللفظ هو العامل في إذ لا ضمير الفاعل.
قوله تعالى (أم أنا خير) أم هاهنا منقطعة في اللفظ لوقوع الجملة بعدها،
وهي في المعنى متصلة معادلة، إذ المعنى: أنا خير منه أم لا، أو أينا خير، و (أسورة)
جمع سوار، وأما أساورة فجمع أسوار أو جمع أسورة جمع الجمع، وأصله أساوير
فجعلت الياء عوضا من التاء، وأما (سلفا) فواحد في معنى الجمع مثل الناس والرهط
وأما سلفا بضمتين فجمع مثل أسد وأسد، أو جمع سالف مثل صابر وصبر، أو جمع
سليف مثل رغيف ورغف، وأما سلفا بضم السين وفتح اللام فقيل أبدل من الضمة
فتحة تخفيفا، وقيل هو جمع سلفة مثل غرفة وغرف.
قوله تعالى (مثلا) هو مفعول ثان لضرب: أي جعل مثلا، وقيل هو حال:
أي ذكر ممثلا به، و (يصدون) بضم الصاد يعرضون وبكسرها لغة فيه، وقيل
الكسر بمعنى يضجون.
قوله تعالى (لجعلنا منكم) أي بدلا منكم، وقيل المعنى: لحولنا بعضكم
ملائكة.
قوله تعالى (أن تأتيهم) هو بدل من الساعة بدل الاشتمال.
قوله تعالى (يطاف) تقدير الكلام: يدخلون فيطاف فحذف لفهم المعنى.
قوله تعالى (لا يفتر عنهم) هي حال أو خبر ثان، وكلاهما توكيد.
قوله تعالى (يا مالك) يقرأ " يا مال " بالكسر والضم على الترخيم.
قوله تعالى (إن كان للرحمن ولد) " إن " بمعنى " ما " وقيل شرطية: أي إن
قلتم ذلك، فأنا أول من وحده، وقيل إن صح ذلك فأنا أول الآنفين من عبادته،
ولن يصح ذلك.
228

قوله تعالى (وهو الذي في السماء إله) صلة الذي لا تكون إلا جملة، والتقدير
هنا، وهو الذي هو إله في السماء، وفي متعلقة بإله: أي معبود في السماء، ومعبود
في الأرض، ولا يصح أن يجعل إله مبتدأ وفي السماء خبره، لأنه لا يبقى للذي عائد
فهو كقولك: هو الذي في الدار زيد، وكذلك إن رفعت إلها بالظرف، فإن جعلت
في الظرف ضميرا يرجع على الذي وأبدلت إلها منه جاز على ضعف، لأن الغرض
الكلى إثبات إلهيته لا كونه في السماوات والأرض، وكان يفسد أيضا من وجه آخر
وهو قوله " وفي الأرض إله " لأنه معطوف على ما قبله، وإذا لم تقدر ما ذكرنا صار
منقطعا عنه وكان المعنى إن في الأرض إلها.
قوله تعالى (وقيله) بالنصب، وفيه أوجه: أحدها أن يكون معطوفا على
سرهم: أي يعلم سرهم وقيله. والثاني أن يكون معطوفا على موضع الساعة: أي
وعنده أن يعلم الساعة وقيله. والثالث أن يكون منصوبا على المصدر: أي وقال قيله
ويقرأ بالرفع على الابتداء و (يا رب) خبره، وقيل التقدير: وقيله هو قيل يا رب،
وقيل الخبر محذوف: أي قيله يا رب مسموع أو مجاب، وقرئ بالجر عطفا على لفظ
الساعة، وقيل هو قسم، والله أعلم.
سورة الدخان
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إنا أنزلناه) هو جواب القسم، و (إنا كنا) مستأنف، وقيل
هو جواب آخر من غير عاطف.
قوله تعالى (فيها يفرق) هو مستأنف، وقيل هو صفة لليلة، و " إنا " معترض
بينهما.
قوله تعالى (أمرا) في نصبه أوجه: أحدها هو مفعول منذرين كقوله " لينذر
بأسا شديدا " والثاني هو مفعول له، والعامل فيه أنزلناه أو منذرين أو يفرق. والثالث
هو حال من الضمير في حكيم أو من أمر، لأنه قد وصف، أو من كل، أو من
الهاء في أنزلناه. والرابع أن يكون في موضع المصدر. أي فرقا من عندنا والخامس أن
يكون مصدرا: أي أمرنا أمرا، ودل على ذلك ما يشتمل الكتاب عليه من الأوامر.
والسادس أن يكون بدلا من الهاء في أنزلناه، فأما (من عندنا) فيجوز أن يكون
صفة لأمر، وأن يتعلق بيفرق.
229

قوله تعالى (رحمة) فيه أوجه: أحدها أن يكون مفعول مرسلين فيراد به النبي
صلى الله عليه وسلم. والثاني أن يكون مفعولا له. والثالث أن يكون مصدرا: أي
رحمناكم رحمة. والرابع أن يكون في موضع الحال من الضمير في مرسلين، والأحسن
أن يكون التقدير: ذوي رحمة.
قوله تعالى (رب السماوات) بالرفع على تقدير هو رب، أو على أن يكون
مبتدأ، والخبر (لا إله إلا هو) أو خبر بعد خبر، وبالجر بدلا من ربك.
قوله تعالى (ربكم) أي هو ربكم، ويجوز أن يكون خبرا آخر، وأن يكون
فاعل يميت، وفي " يحيى " ضمير يرجع إلى ما قبله، أو على شريطة التفسير.
قوله تعالى (يوم تأتى) هو مفعول فارتقب.
قوله تعالى (هذا عذاب) أي يقال هذا، و (الذكرى) مبتدأ، ولهم الخبر،
وأن ظرف يعمل في الاستقرار، ويجوز أن يكون أنى الخبر ولهم تبيين (وقد
جاءهم) حال و (قليلا) أي زمانا قليلا، أو كشفا قليلا، (ويوم نبطش)
قيل هو بدل من تأتى، وقيل هو ظرف لعائدون، وقيل التقدير: اذكر، وقيل
ظرف لما دل عليه الكلام: أي ننتقم يوم نبطش، ويقرأ " نبطش " بضم النون وكسر
الطاء، يقال أبطشته إذا مكنته من البطش: أي نبطش الملائكة.
قوله تعالى (عباد الله) أي يا عباد الله: أي أدوا إلى ما وجب عليكم، وقيل
هو مفعول أدوا: أي خلوا بيني وبين من آمن بي (وإني عذت) مستأنف، و (أن
ترجمون) أي من أن ترجمون، و (أن هؤلاء) منصوب بدعا، ويقرأ بالكسر
لأن دعا بمعنى قال، و (رهوا) حال من البحر: أي ساكنا، وقيل هو مفعول
ثان: أي صيره، و (كم) نصب ب‍ (تركوا)، و (كذلك) أي الأمر كذلك،
وقيل التقدير: تركا كذلك.
قوله تعالى (من فرعون) هو بدل من العذاب بإعادة الجار: أي من عذاب
فرعون، ويجوز أن يكون جعل فرعون نفسه عذابا، و (من المسرفين) خبر
آخر أو حال من الضمير في عاليا، و (على علم) حال من ضمير الفاعل: أي
اخترناهم عالمين بهم، وعلى يتعلق باخترنا.
قوله تعالى (والذين من قبلهم) يجوز أن يكون معطوفا على قوم تبع،
فيكون (أهلكناهم) مستأنفا أو حالا من الضمير في الصلة، ويجوز أن يكون مبتدأ
230

والخبر أهلكناهم، وأن يكون منصوبا بفعل محذوف، و (لاعبين) حال و (أجمعين)
توكيد للضمير المجرور (يوم لا يغنى) يجوز أن يكون بدلا من يوم الفصل، وأن
يكون صفة لميقاتهم، ولكنه بنى، وأن يكون ظرفا لما دل عليه الفصل: أي يفصل
بينهم يوم لا يغنى، ولا يتعلق بالفصل نفسه لأنه قد أخبر عنه.
قوله تعالى (إلا من رحم) هو استثناء متصل: أي من رحمه الله بقبول
الشفاعة فيه، ويجوز أن يكون بدلا من مفعولي ينصرون: أي لا ينصرون إلا من
رحم الله.
قوله تعالى (يغلى) يقرأ بالياء: ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الكاف:
أي يشبه المهل غالبا، وقيل هو حال من المهل، وقيل التقدير: هو يغلى: أي الزقوم
أو الطعام. وأما الكاف فيجوز أن تكون خبرا ثانيا، أو على تقدير: هو كالمهل،
ولا يجوز أن يكون حالا من طعام لأنه لا عامل فيها إذ ذاك، ويقرأ بالتاء: أي
الشجرة والكاف في موضع نصب: أي غليا كغلى الحميم (فاعتلوه) بكسر التاء
وضمها لغتان.
قوله تعالى (ذق إنك) إنك يقرأ بالكسر على الاستئناف، وهو استهزاء به،
وقيل أنت العزيز الكريم عند قومك، ويقرأ بالفتح: أي ذق عذاب أنك أنت،
و (مقام) بالفتح والضم مذكورة في الأحزاب، و (في جنات) بدل من مقام
بتكرير الجار، وأما (يلبسون) فيجوز أن يكون خبر إن فيتعلق به في، وأن
يكون حالا من الضمير في الجار، وأن يكون مستأنفا، و (كذلك) أي فعلنا كذلك
أو الأمر كذلك، و (يدعون) حال من الفاعل في زوجنا، و (لا يذوقون)
حال أخرى من الضمير في يدعون، أو من الضمير في آمنين، أو حال أخرى بعد
آمنين، أو صفة لآمنين.
قوله تعالى (إلا الموتة الأولى) قيل الاستثناء منقطع: أي ماتوا الموتة، وقيل
هو متصل لأن المؤمن عند موته في الدنيا بمنزلته في الجنة لمعاينته ما يعطاه منها، أو
ما يتيقنه من نعيمها، وقيل إلا بمعنى بعد، وقيل بمعنى سوى، و (فضلا) مصدر:
أي تفضلنا بذلك تفضيلا، والله أعلم.
231

سورة الجاثية
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (آيات لقوم يوقنون) يقرأ بكسر التاء وفيه وجهان: أحدهما أن
" إن " مضمرة حذفت لدلالة إن الأولى عليها وليست آيات معطوفة على آيات الأولى
لما فيه من العطف على عاملين. والثاني أن يكون كرر آيات التوكيد، لأنها من لفظ
آيات الأولى، فأعربها بإعرابه كقولك: إن بثوبك دما وبثوب زيد دما، فدم الثاني
مكرر لأنك مستغن عن ذكره، ويقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، وفي خلقكم خبره،
وهي جملة مستأنفة، وقيل هي في الرفع على التوكيد أيضا. وأما قوله تعالى (واختلاف
الليل) فمجرورة بفي مقدرة غير الأولى، و (آيات) بالكسر والرفع على ما تقدم،
ويجوز أن يكون اختلاف معطوفا على المجرور بفي، وآيات توكيد، وأجاز قوم أن
يكون ذلك من باب العطف على عاملين.
قوله تعالى (نتلوها) قد ذكر إعرابه في قوله تعالى " نتلوها عليك بالحق وإنك
لمن المرسلين ".
قوله تعالى (يسمع) هو في موضع جر على الصفة أو حال من الضمير في أثيم،
أو مستأنف، و (تتلى) حال، و (كأن لم يسمعها) حال أيضا.
قوله تعالى (ولا ما اتخذوا) هو معطوف على ما كسبوا، وما فيهما بمعنى الذي
أو مصدرية، و (من رجز أليم) قد ذكر في سبأ.
قوله تعالى (جميعا منه) يجوز أن يكون متعلقا بسخر، وأن يكون نعتا لجميع،
ويقرأ منة بالنصب: أي الامتنان، أو من به عليكم منة، ويقرأ منه بالرفع والإضافة
على أنه فاعل سخر، أو على تقدير ذلك منه.
قوله تعالى (قل للذين آمنوا يغفر) قد ذكر مثله في إبراهيم.
قوله تعالى (ليجزى قوما) بالياء والنون على تسمية الفاعل وهو ظاهر، ويقرأ
على ترك التسمية ونصب قوم وفيه وجهان: أحدهما وهو الجيد أن يكون التقدير:
ليجزى الخير قوما على أن الخبر مفعول به في الأصل كقولك: جزاك الله خيرا،
وإقامة المفعول الثاني مقام الفاعل جائزة والثاني أن يكون القائم مقام الفاعل المصدر.
أي ليجزى الجزاء، وهو بعيد.
قوله تعالى (سواء محياهم ومماتهم) يقرأ سواء بالرفع، فمحياهم مبتدأ،
ومماتهم معطوف عليه، وسواء خبر مقدم، ويقرأ سواء بالنصب وفيه وجهان:
232

أحدهما هو حال من الضمير في الكاف: أي نجعلهم مثل المؤمنين في هذه الحال.
والثاني أن يكون مفعولا ثانيا لحسب، والكاف حال، وقد دخل سواء محياهم ومماتهم
على هذا الوجه في الحسبان، ومحياهم ومماتهم مرفوعان بسواء لأنه بمعنى مستو وقد قرئ
باعتماده، ويقرأ مماتهم بالنصب: أي في محياهم ومماتهم، والعامل فيه نجعل أو سواء،
وقيل هما ظرفان، فأما الضمير المضاف إليه فيرجع إلى القبيلين، ويجوز أن يرجع
إلى الكفار لأن محياهم كمماتهم، ولهذا سمى الكافر ميتا، و (على علم) حال،
و (من يهديه) استفهام (من بعد الله) أي من بعد إضلال الله إياه.
قوله تعالى (يومئذ يخسر) هو بدل من يوم الأول.
قوله تعالى (كل أمة) مبتدأ، و (تدعى) خبره، وقرئ بالنصب بدلا من
كل الأولى، فتدعى على هذا مفعول ثان أو وصف لكل أو لأمة.
قوله تعالى (ينطق) يجوز أن يكون حالا من الكتاب، أو خبرا ثانيا.
قوله تعالى (والساعة لا ريب فيها) يقرأ بالرفع على الابتداء، وما بعده الخبر،
وقيل هو معطوف على موضع " إن " وما عملت فيه، ويقرأ بالنصب عطفا على
اسم " إن ".
قوله تعالى (إن نظن إلا) تقديره: إن نحن إلا نظن ظنا، فإلا مؤخرة لولا
هذا التقدير لكان المعنى: ما نظن إلا ظنا، وقيل هي في موضعها لأن نظن قد تكون
بمعنى العلم والشك فاستثنى الشك: أي مالنا اعتقاد إلا الشك.
قوله تعالى (في السماوات) يجوز أن يكون حالا من الكبرياء، والعامل فيه
الاستقرار، وأن يكون ظرفا، والعامل فيه الظرف الأول، أو الكبرياء لأنها
بمعنى العظمة.
سورة الأحقاف
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (من قبل هذا) في موضع جر: أي بكتاب منزل من قبل هذا
(أو أثارة) بالألف: أي بقية، وأثرة بفتح الثاء وسكونها: أي ما يؤثر:
أي يروى.
233

قوله تعالى (من لا يستجيب له) " من " في موضع نصب بيدعو، وهي
نكرة موصوفة، أو بمعنى الذي.
قوله تعالى (ما كنت بدعا) أي ذا بدع يقال: أمرهم بدع: أي مبتدع،
ويجوز أن يكون وصفا: أي ما كنت أول من ادعى الرسالة، ويقرأ بفتح الدال وهو
جمع بدعة: أي ذا بدع.
قوله تعالى (وكفرتم به) أي وقد كفرتم فيكون حالا، وأما جواب الشرط
فمحذوف تقديره: ألستم ظالمين، ويجوز أن تكون الواو عاطفة على فعل الشرط.
قوله تعالى (وإذ لم يهتدوا به) العامل في إذ محذوف: أي إذ لم يهتدوا
ظهر عنادهم.
قوله تعالى (إماما ورحمة) حالان من كتاب موسى.
قوله تعالى (لسانا) هو حال من الضمير في مصدق، أو حال من كتاب لأنه قد
وصف، ويجوز أن يكون مفعولا لمصدق: أي هذا الكتاب يصدق لسان محمد صلى
الله عليه وسلم (وبشرى) معطوف على موضع لينذر.
قوله تعالى (فلا خوف) دخلت الفاء في خبر " إن " لما في الذين من الإبهام،
وبقاء معنى الابتداء بخلاف ليت ولعل، و (خالدين فيها) حال من أصحاب الجنة،
و (جزاء) مصدر لفعل دل عليه الكلام: أي جوزوا جزاء، أو هو
في موضع الحال.
قوله تعالى (حسنا) هو مفعول ثان لوصي، والمعنى ألزمناه حسنا، وقيل التقدير
وصية ذات حسن، ويقرأ حسنا بفتحتين: أي إيصاء حسنا، أو ألزمناه فعلا حسنا،
ويقرأ إحسانا: أي ألزمناه إحسانا، و (كرها) حال أي كارهة (وحمله) أي
ومدة حمله وفصاله ثلاثون، و (أربعين) مفعول بلغ: أي بلغ تمام أربعين،
و (في ذريتي) في هنا ظرف، أي اجعل الصلاح فيهم.
قوله تعالى (في أصحاب الجنة) أي هم في عدادهم فيكون في موضع رفع،
و (وعد الصدق) مصدر وعد، وقد دل الكلام عليه، و (أف) قد ذكر
في سبحان، و (لكما) تبيين (أتعدانني) بكسر النون الأولى، وقرئ بفتحها وهي
لغة شاذة في فتح نون الاثنين، وحسنت هنا شيئا لكثرة الكسرات، و (أن أخرج)
أي بأن أخرج، وقيل لا يحتاج إلى الباء وقد مر نظيره (وهما يستغيثان) حال،
234

و (الله) تعالى مفعول يستغيثان، لأنه في معنى يسألان، و (يلك) مصدر لم
يستعمل فعله، وقيل هو مفعول به: أي ألزمك الله ويلك، و (في أمم) أي
في عدادهم، ومن تتعلق بخلت.
قوله تعالى (وليوفينهم) ما يتعلق به اللام محذوف: أي وليوفيهم أعمالهم:
أي جزاء أعمالهم جازاهم أو عاقبهم.
قوله تعالى (ويوم يعرض) أي اذكروا، أو يكون التقدير: ويوم يعرض
الذين كفروا على النار يقال لهم أذهبتم، فيكون ظرفا للمحذوف.
قوله تعالى (مستقبل أو ديتهم) الإضافة في تقدير الانفصال: أي مستقبلا
أوديتهم، وهو نعت لعارض، و (ممطرنا) أي ممطر إيانا فهو نكرة أيضا، وفي
الكلام حذف: أي ليس كما ظننتم، بل هو ما استعجلتم به، و (ريح) خبر مبتدأ
محذوف: أي هو ريح، أو هي بدل من " ما " و (تدمر) نعت للريح، و (لا ترى)
بالتاء على الخطاب، وتسمية الفاعل، و (مساكنهم) مفعول به، ويقرأ على
ترك التسمية بالياء: أي لا يرى إلا مساكنهم بالرفع، وهو القائم مقام الفاعل، ويقرأ
بالتاء على ترك التسمية وهو ضعيف.
قوله تعالى (فيما إن مكناكم) " ما " بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة،
وإن بمعنى ما النافية، وقيل " إن " زائدة: أي في الذي مكناكم.
قوله تعالى (قربانا) هو مفعول اتخذوا، و (آلهة) بدل منه، وقيل قربانا
مصدر، وآلهة مفعول به، والتقدير: للتقرب بها.
قوله تعالى (وذلك إفكهم) يقرأ بكسر الهمزة وسكون الفاء: أي ذلك
كذبهم، ويقرأ بفتح الهمزة مصدر أفك: أي صرف، والمصدر مضاف إلى الفاعل
أو المفعول، وقرئ " آفكهم " على لفظ الفعل الماضي: أي صرفهم، ويقرئ
كذلك مشددا، وقرئ " إفكهم " ممدودا: أي أكذبهم، وقرئ " آفكهم " مكسور
الفاء ممدود مضموم الكاف: أي صارفهم (وما كانوا) معطوف على إفكهم.
قوله تعالى (وإذ صرفنا) أي واذكر إذ، و (يستمعون) نعت لنفر، ولما
كان النفر جماعة قال يستمعون، ولو قال تعالى يستمع جاز حملا على اللفظ.
قوله تعالى (ولم يعى) اللغة الجيدة عيى يعيا، وقد جاء عيا يعيى، والباء في
(بقادر) زائدة في خبر " إن " وجاز ذلك لما اتصل بالنفي ولولا ذلك لم يجز.
235

و (ساعة) ظرف ليلبثوا، و (بلاغ) أي هو بلاغ، ويقرأ بلاغا: أي بلغ بلاغا
ويقرأ بالجر: أي من نهار ذي بلاغ، ويقرأ بلغ على الامر، والله أعلم.
سورة محمد صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الذين كفروا) مبتدأ، و (أضل أعمالهم) خبره، ويجوز أن
تنتصب بفعل دل عليه المذكور، أي أضل الذين كفروا، ومثله (والذين آمنوا).
قوله تعالى (فإذا لقيتم) العامل في إذا هو العامل في (ضرب) والتقدير:
فاضربوا ضرب الرقاب، فضرب هنا مصدر فعل محذوف، ولا يعمل فيه نفس
المصدر لأنه مؤكد، و (منا) مصدر: أي إما أن تمنوا منا، وأما أن تفادوا فداء
ويجوز أن يكونا مفعولين: أي أولوهم منا، أو اقبلوا فداء، و (حتى تضع الحرب)
أي أهل الحرب (ذلك) أي الأمر ذلك.
قوله تعالى (عرفها) أي قد عرفها فهو حال، ويجوز أن يستأنف.
قوله تعالى (والذين كفروا) هو مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: تعسوا أو
أتعسوا، ودل عليهما (تعسا) ودخلت الفاء تنبيها على الخبر، و (لهم) تبيين (وأضل)
معطوف على الفعل المحذوف، والهاء في (أمثالها) ضمير العاقبة أو العقوبة.
قوله تعالى (وكأين من قرية) أي من أهل قرية، و (أخرجتك) للقرية
لا للمحذوف وما بعدها من الضمائر للمحذوف.
قوله تعالى (كمن زين) هو خبر من قوله تعالى (مثل الجنة) أي فيما نقص
عليك مثل الجنة.
قوله تعالى (فيها أنهار) مستأنف شارح لمعنى المثل، وقيل مثل الجنة مبتدأ،
وفيها أنهار جملة هي خبره، وقيل المثل زائد، فتكون الجنة في موضع مبتدأ مثل قولهم
* ثم اسم السلام عليكما * واسم زائد (غير آسن) على فاعل من
أسن بفتح السين، وأسن من أسن بكسرها، وهي لغة، و (لذة) صفة لخمر،
وقيل هو مصدر: أي ذات لذة، و (من كل الثمرات) أي لهم من كل ذلك
صنف أو زوجان (ومغفرة) معطوف على المحذوف أو الخبر محذوف: أي
ولهم مغفرة.
236

قوله تعالى (كمن هو) الكاف في موضع رفع: أي حالهم كحال من هو خالد
في الإقامة الدائمة، وقيل هو استهزاء بهم: وقيل هو على معنى الاستفهام: أي أكمن
هو، وقيل هو في موضع نصب أي يشبهون من هو خالد فيما ذكرناه، و (آنفا)
ظرف: أي وقتا مؤتنفا، وقيل هو حال من الضمير في قال. أي مؤتنفا (والذين
اهتدوا) يحتمل الرفع والنصب (وآتاهم تقواهم) أي ثوابها.
قوله تعالى (أن تأتيهم) موضعه نصب بدلا من الساعة بدل الاشتمال.
قوله تعالى (فأنى لهم) هو خبر و (ذكراهم) والشرط معترض: أي أنى
لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة، وقيل التقدير: أنى لهم الخلاص إذا جاء تذكرتهم.
قوله تعالى (نظر المغشى) أي نظرا مثل نظر المغشى، و (أولى) مبتدأ،
و (لهم) الخبر وأولى مؤنثه أولات، وقيل الخبر (طاعة) وقيل طاعة صفة،
لسورة، أي ذات طاعة أو مطاعة، وقيل طاعة مبتدأ، والتقدير: طاعة وقول
معروف أمثل من غيره، وقيل التقدير أمرنا طاعة (فإذا عزم الأمر) العامل
في إذا محذوف تقديره: فإذا عزم الأمر فاصدق، وقيل العامل (فلو صدقوا)
أي لو صدقوا إذا عزم الأمر، والتقدير: إذا عزم أصحاب الأمر أو يكون المعنى تحقق
الأمر، و (أن تفسدوا) خبر عسى، وإن توليتم معترض بينهما، ويقرأ توليتم:
أي ولى عليكم.
قوله تعالى (أولئك الذين) أي المفسدون، ودل عليه ما تقدم.
قوله تعالى (الشيطان) مبتدأ، و (سول لهم) خبره، والجملة خبر إن،
و (أملى) معطوف على الخبر، ويجوز أن يكون الفاعل ضمير اسم الله عز وجل.
فيكون مستأنفا، ويقرأ أملى على ما لم يسم فاعله وفيه وجهان: أحدهما القائم مقام
الفاعل لهم. والثاني ضمير الشيطان.
قوله تعالى (يضربون) هو حال من الملائكة أو من ضمير المفعول، لأن
في الكلام ضميرا يرجع إليهم.
قوله تعالى (ثم لا يكونوا) هو معطوف على يستبدل، والله أعلم.
237

سورة الفتح
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (عند الله) هو حال من الفوز لأنه صفة له في الأصل قدم فصار
حالا، ويجوز أن يكون ظرفا لمكان، أو لما دل عليه الفوز، ولا يجوز أن يكون
ظرفا للفوز لأنه مصدر، و (الظالمين) صفة للفريقين.
قوله تعالى (لتؤمنوا) بالتاء على الخطاب لأن المعنى. أرسلناه إليكم، وبالياء
لأن قبله غيبا.
قوله تعالى (إنما يبايعون الله) هو خبر إن، و (يد الله) مبتدأ وما بعده
الخبر، والجملة خبر آخر لأن أو حال من ضمير الفاعل في يبايعون، أو مستأنف.
قوله تعالى (يريدون) هو حال من ضمير المفعول في ذرونا، ويجوز أن يكون
حالا من المخلفون، وأن يستأنف، و (كلام الله) بالألف، ويقرأ " كلم الله "
والمعنى متقارب.
قوله تعالى (يقاتلونهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا مقدرة
(أو يسلمون) معطوف على يقاتلونهم، وفى بعض القراءات " أو يسلموا "
وموضعه نصب واو بمعنى إلى أن أو حتى.
قوله تعالى (ومغانم) أي وأثابهم مغانم أو أثابكم مغانم، لأنه يقرأ (تأخذونها)
بالتاء والياء.
قوله تعالى (وأخرى) أي ووعدكم أخرى، وأثابكم أخرى، ويجوز أن يكون
مبتدأ، و (لم تقدروا) صفته، و (قد أحاط) الخبر، ويجوز أن يكون هذه
صفة، والخبر محذوف: أي وثم أخرى، و (سنة الله) قد ذكر في سبحان.
قوله تعالى (والهدى) هو معطوف: أي وصدوا الهدى، و (معكوفا) حال
من الهدى، و (أن يبلغ) على تقدير: من أن يبلغ، أو عن أن يبلغ، ويجوز أن
يكون بدلا من الهدى بدل الاشتمال: أي صدوا بلوغ الهدى.
قوله تعالى (أن تطؤهم) هو في موضع رفع بدلا من رجال بدل الاشتمال:
أي وطئ رجال بالقتل، ويجوز أن يكون بدلا من ضمير المفعول في تعلموهم: أي
تعلموهم وطأهم، فهو اشتمال أيضا ولم تعلموهم صفة لما قبله (فتصيبكم) معطوف
238

على تطئوا، و (بغير علم) حال من الضمير المجرور أو صفة لمعرة (لعذبنا)
جواب لو تزيلوا، وجواب لولا محذوف أغنى عنه جواب لو، وقيل هو جوابهما
جميعا، وقيل هو جواب الأول. وجواب الثاني محذوف.
قوله تعالى (حمية الجاهلية) هو بدل، وحسن لما أضيف إلى ما حصل معنى
فهو كصفة النكرة المبدلة، و (كلمة التقوى) أي العمل أو النطق أو الاعتقاد
فحذف لفهم المعنى.
قوله تعالى (بالحق) يجوز أن يتعلق بصدق، وأن يكون حالا من الرؤيا
(لتدخلن) هو تفسير الرؤيا أو مستأنف: أي والله لتدخلن، و (آمنين) حال
والشرط معترض مسدد، و (محلقين) حال أخرى أو من الضمير في آمنين
(لا تخافون) يجوز أن يكون حالا مؤكدة: وأن يكون مستأنفا: أي لا تخافون أبدا.
قوله تعالى (بالهدى) هو حال: أي أرسله هاديا.
قوله تعالى (محمد) هو مبتدأ. وفي الخبر وجهان، أحدهما (رسول الله)
فيتم الوقف إلا أن تجعل (الذين) في موضع جر عطفا على اسم الله: أي ورسول
الذين، وعلى هذا يكون (أشداء) أي هم أشداء. والوجه الثاني أن يكون رسول
الله صفة، والذين معطوف على المبتدأ، وأشداء الخبر، و (رحماء) خبر ثان،
وكذلك (تراهم) و (يبتغون) ويجوز أن يكون تراهم مستأنفا: ويقرأ " أشداء
ورحماء " بالنصب على الحال من الضمير المرفوع في الظرف وهو معه. وسجدا حال
ثانية، أو حال من الضمير في ركعا مقدرة، ويجوز أن يكون يبتغون حالا ثالثة.
قوله تعالى (سيماهم) هو فعل من سام يسوم وهو بمعنى العلامة من قوله تعالى
" مسومين " و (في وجوههم) خبر المبتدأ، و (من أثر السجود) حال
من الضمير في الجار.
قوله تعالى (ومثلهم في الإنجيل) إن شئت عطفته على المثل الأول: أي هذه
صفاتهم في الكتابين، فعلى هذا تكون الكاف في موضع رفع: أي هم كزرع، أو
في موضع نصب على الحال: أي مماثلين، أو نعتا لمصدر محذوف: أي تمثيلا كزرع
و (شطأه) بالهمز وبغير همز ولا ألف. وجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الطاء
وحذفها، ويقرأ بالألف على الإبدال وبالمد والهمز، وهي لغة، و (على سوقه)
يجوز أن يكون حالا: أي قائما على سوقه، وأن يكون ظرفا، و (يعجب) حال.
و (منهم) لبيان الجنس تفضيلا لهم بتخصيصهم بالذكر، والله أعلم.
239

سورة الحجرات
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (لا تقدموا) المفعول محذوف أي لا تقدموا مالا يصلح، ويقرأ بفتح
التاء والدال: أي تتقدموا.
قوله تعالى (أن تحبط) أي مخافة أن تحبط أو لأن تحبط على أن تكون اللام
للعاقبة وقيل لئلا تحبط.
قوله تعالى (أولئك) هو مبتدأ، و (الذين امتحن) خبره و (لهم مغفرة)
جملة أخرى، ويجوز أن يكون الذين امتحن الله صفة لأولئك، ولهم مغفرة الخبر والجميع
خبران.
قوله تعالى (أن تصيبوا) هو مثل " أن تحبط ".
قوله تعالى (لو يطيعكم) هو مستأنف، ويجوز أن يكون في موضع الحال
والعامل فيه الاستقرار، وإنما جاز ذلك من حيث جاز أن يقع صفة للنكرة كقولك
مررت برجل لو كلمته لكلمني: أي متهيئ لذلك.
قوله تعالى (فضلا) هو مفعول له أو مصدر من معنى ما تقدم، لأن تزيينه الإيمان
تفضل أو هو مفعول، و (طائفتان) فاعل فعل محذوف (واقتتلوا) جمع على
آحاد الطائفتين.
قوله تعالى (بين أخويكم) بالتثنية والجمع، والمعنى مفهوم.
قوله تعالى (ميتا) هو حال من اللحم، أو من أخيه (فكرهتموه)
المعطوف عليه محذوف تقديره: عرض عليكم ذلك فكرهتموه، والمعنى: يعرض
عليكم فتكرهونه، وقيل إن صح ذلك عندكم فأنتم تكرهونه.
قوله تعالى (لتعارفوا) أي ليعرف بعضكم بعضا، ويقرأ لتعارفوا (إن
أكرمكم) بفتح الهمزة وأن وما بعدها هو المفعول.
قوله تعالى (يلتكم) يقرأ بهمزة بعد الياء، وماضيه ألت، ويقرأ بغير همز
وماضيه لات يليت وهما لغتان، ومعناهما النقصان، وفيه لغة ثالثة ألات يليت،
والله أعلم.
240

سورة ق
بسم الله الرحمن الرحيم
من قال (ق) جعل قسم الواو في (والقرآن) عاطفة، ومن قال غير ذلك كانت
واو القسم وجواب القسم محذوف، قيل هو قوله (قد علمنا) أي لقد وحذفت
اللام لطول الكلام، وقيل هو محذوف تقديره: لتبعثن أو لترجعن أو على ما دل عليه
سياق الآيات، و (بل) للخروج من قصة إلى قصة، وإذا منصوبة بما دل عليه
الجواب: أي يرجع.
قوله تعالى (فوقهم) هو حال من السماء أو ظرف لينظروا (والأرض)
معطوف على موضع السماء: أي ويروا الأرض ف‍ (مددناها) على هذا حال، ويجوز
أن ينتصب على تقدير: ومددنا الأرض، و (تبصرة مفعول له أو حال من
المفعول: أي ذات تبصير أو مصدر: أي بصرناهم تبصرة وذكرى) كذلك.
قوله تعالى (وحب الحصيد) أي وحب النبت المحصود، وحذف الموصوف.
وقال الفراء: هو في تقدير صفة الأول: أي والحب الحصيد، وهذا بعيد مما فيه من
إضافة الشئ إلى نفسه، ومثله حبل الوريد: أي حبل العرق الوريد وهو فعيل بمعنى
فاعل: أي وارد، أو بمعنى مورود فيه (والنخل) معطوف على الحب، و (باسقات)
حال (ولها طلع) حال أيضا و (نضيد) بمعنى منضود، و (رزقا) مفعول له،
أو واقع موقع المصدر، و (به) أي بالماء.
قوله تعالى (ونعلم) أي ونحن نعلم، فالجملة حال مقدرة، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (إذ يتلقى) يجوز أن يكون ظرفا لأقرب، وأن يكون التقدير:
اذكر، و (قعيد) مبتدأ، وعن الشمال خبره، ودل قعيد هذا على قعيد الأول:
أي عن اليمين قعيد، وقيل قعيد المذكور الأول والثاني محذوف، وقيل لا حذف،
وقعيد بمعنى قعيدان، وأغنى الواحد عن الاثنين، وقد سبقت له نظائر، و (رقيب
عتيد) واحد في اللفظ، والمعنى رقيبان عتيدان.
قوله تعالى (بالحق) هو حال أو مفعول به.
قوله تعالى (معها سائق) الجملة صفة لنفس أو كل أو حال من كل، وجاز
لما فيه من العموم، والتقدير: يقال له لقد كنت، وذكر على المعنى.
241

قوله تعالى (هذا) مبتدأ، وفي (ما) وجهان: أحدهما هي نكرة، و (عتيد) صفتها
ولدى معمول عتيد، ويجوز أن يكون لدى صفة أيضا فيتعلق بمحذوف، و " ما "
وصفتها خبر هذا. والوجه الثاني أن تكون " ما " بمعنى الذي، فعلى هذا تكون " ما "
مبتدأ، ولدى صلة، وعتيد خبر " ما "، والجملة خبر هذا، ويجوز أن تكون " ما "
بدلا من هذا، ويجوز أن يكون عتيد خبر مبتدأ محذوف، ويكون " مالدى " خبرا عن
هذا: أي هو عتيد، ولو جاء ذلك في غير القرآن لجاز نصبه على الحال.
قوله تعالى (ألقيا) أي يقال ذلك، وفي لفظ التثنية هنا أوجه: أحدها
أنه خطاب الملكين. والثاني هو لواحد، والألف عوض من تكرير الفعل: أي ألق
أتق. والثالث هو لواحد، ولكن خرج على لفظ التثنية على عادتهم كقولهم: خليلي
عوجا، و: خليلي مرا بي، وذلك أن الغالب من حال الواحد منهم أن يصحبه في السفر
اثنان. والرابع أن من العرب من يخاطب الواحد بخطاب الاثنين كقول الشاعر:
فإن تزجراني يا بن عفان أنزجر * وأن تدعاني أحم عرضا ممنعا
والخامس أن الألف بدل من النون الخفيفة، وأجرى الوصل مجرى الوقف.
قوله تعالى (مريب الذي) الجمهور على كسر التنوين، وقرئ بفتحها فرارا
من الكسرات والياء (غير بعيد) أي مكانا غير بعيد، ويجوز أن يكون حالا من
الجنة، ولم يؤنث لأن الجنة والبستان والمنزل متقاربات، والتقدير: يقال لهم (هذا)
والياء على الغيبة، والتاء على الرجوع إلى الخطاب.
قوله تعالى (من خشي) في موضع رفع: أي هم من خشي، أو في موضع جر
بدلا من المتقين، أو من كل أواب، أو في موضع نصب: أي أعنى من خشي،
وقيل " من " مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: يقال لهم ادخلوها، و (بسلام)
حال.
قوله تعالى (ذلك) أي زمن ذلك (يوم الخلود)
قوله تعالى (فيها) يجوز أن يتعلق بيشاءون، وأن يكون حالا من " ما " أو من
العائد المحذوف، و (كم) نصب ب‍ (أهلكنا)، و (هم أشد) يجوز أن يكون
جر صفة لقرن، ونصبا صفة لكم، ودخلت الفاء في (فنقبوا) عطفا على المعنى
أي بطشوا فنقبوا، وفيها قراءات ظاهرة المعنى، والمعنى هل لهم، أو هل لمن سلك
طريقهم (من محيص) أي مهرب فحذف الخبر.
242

قوله تعالى (وأدبار السجود) بفتح الهمزة جمع دبر، وبكسرها مصدر أدبر،
والتقدير: وقت إدبار السجود، و (يوم يسمعون) بدل من يوم ينادى،
و (يوم تشقق) ظرف للمصير، أو بدل من يوم الأول، و (سراعا) حال،
أي يخرجون سراعا: ويجوز أن يكون يوم تشقق ظرفا لهذا المقدر، والله أعلم.
سورة والذاريات
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ذروا) مصدر العامل فيه اسم الفاعل، و (وقرا) مفعول الحاملات
و (يسرا) مصدر في موضع الحال: أي ميسرة، و (أمرا) مفعول المقسمات.
قوله تعالى (يؤفك عنه) الهاء عائدة على الدين، أو على ما توعدون، وقيل
على قول مختلف: أي يصرف عن ذلك من صرف عن الحق.
قوله تعالى (يوم هم) هو مبنى على الفتح لإضافته إلى الجملة وموضعه رفع:
أي هو يومهم، وقيل هو معرب وفتح على حكم الظرف، وقيل موضعه نصب: أي
أعنى يومهم، وقيل هو ظرف للدين: أي يوم الجزاء، وقيل التقدير: يجازون يوم
هم، وهم مبتدأ، و (يفتنون) الخبر وعداه بعلى، لأن المعنى يجبرون على النار،
وقيل هو بمعنى في، و (آخذين) حال من الضمير في الظرف، والظرف خبر إن.
فإن قيل: كيف جاء الظرف هنا خبرا، وآخذين حالا، وعكس ذلك في
قوله " إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون "؟ قيل: الخبر مقصود الجملة، والغرض
من ذكر المجرمين الإخبار عن تخليدهم،، لأن المؤمن قد يكون في النار، ولكن يخرج
منها، فأما " إن المتقين " فجعل الظرف فيها خبرا لأنهم يأمنون الخروج منها، فجعل
آخذين فضلة.
قوله تعالى (كانوا قليلا) في خبر كان وجهان: أحدهما (ما يهجعون)
وفى " ما " على هذا وجهان: أحدهما هي زائدة أي كانوا يهجعون قليلا، وقليلا
نعت لظرف أو مصدر: أي زمانا قليلا أو هجوعا قليلا. والثاني هي نافية ذكره
بعض النحويين، ورد ذلك عليه لأن النفي لا يتقدم عليه ما في حيزه وقليلا من حيزه.
والثاني أن قليلا خبر كان، و " ما " مصدرية: أي كانوا قليلا هجوعهم كما تقول
كانوا يقل هجوعهم، ويجوز على هذا أن يكون ما يهجعون بدلا من اسم كان بدل
243

الاشتمال، ومن الليل لا يجوز أن يتعلق بيهجعون على هذا القول لما فيه من تقديم معمول
المصدر عليه، وإنما هو منصوب على التبيين: أي يتعلق بفعل محذوف يفسره
يهجعون. وقال بعضهم: تم الكلام على قوله قليلا، ثم استأنف فقال: من الليل
ما يهجعون، وفيه بعد، لأنك إن جعلت " ما " نافية فسد لما ذكرنا، وإن جعلتها
مصدرية لم يكن فيه مدح، لأن كل الناس يهجعون في الليل و (بالأسحار) الباء
بمعنى في.
قوله تعالى (وفى أنفسكم) المبتدأ محذوف: أي وفي أنفسكم آيات، ومن رفع
بالظرف جعل ضمير الآيات في الظرف، وقيل يتعلق ب‍ (تبصرون) وهذا ضعيف
لأن الاستفهام والفاء يمنعان من ذلك.
قوله تعالى (وفي السماء رزقكم) أي سبب رزقكم يعنى المطر.
قوله تعالى (مثل ما) يقرأ بالرفع على أنه نعت لحق أو خبر ثان، أو على أنهما
خبر واحد مثل حلو حامض، و " ما " زائدة على الأوجه الثلاثة، ويقرأ بالفتح
وفيه وجهان: أحدهما هو معرب، ثم في نصبه على هذا أوجه: إما هو حال من
النكرة، أو من الضمير فيها، أو على إضمار أعنى، أو على أنه مرفوع الموضع،
ولكنه فتح كما فتح الظرف في قوله " لقد تقطع بينكم " على قول الأخفش، و " ما "
على هذه الأوجه زائدة أيضا. والوجه الثاني هو مبنى. وفى كيفية بنائه وجهان: أحدهما
أنه ركب مع " ما " كخمسة عشر، و " ما " على هذا يجوز أن تكون زائدة وأن تكون
نكرة موصوفة. والثاني أن تكون بنيت لأنها أضيفت إلى مبهم، وفيها نفسها إبهام،
وقد ذكر مثله في قوله تعالى " ومن خزى يومئذ " فتكون " ما " على هذا أيضا إما زائدة
وإما بمعنى شئ، وأما (أنكم) فيجوز أن يكون موضعها جرا بالإضافة إذا جعلت
" ما " زائدة، وأن تكون بدلا منها إذا كانت بمعنى شئ، ويجوز أن تكون
في موضع نصب بإضمار أعنى، أو رفع على تقدير هو أنكم.
قوله تعالى (إذ دخلوا) " إذ " ظرف لحديث أو لضيف أو لمكرمين لا لأتاك،
وقد ذكر القول في (سلاما) في هود.
قوله تعالى (في صرة) هو حال من الفاعل، و (كذلك) في موضع نصب
ب‍ (قال) الثانية.
قوله تعالى (مسومة) هو نعت لحجارة أو حال من الضمير في الجار، و (عند)
ظرف لمسومة.
244

قوله تعالى (وفي موسى) أي وتركنا في موسى آية، و (إذ) ظرف لآية
أو لتركنا أو نعت لها، و (بسلطان) حال من موسى أو من ضميره، و (بركنه)
حال من ضمير فرعون (وفي عاد وفي ثمود) أي وتركنا آية.
قوله تعالى (وقوم نوح) يقرأ بالجر عطفا على ثمود، وبالنصب على تقدير:
وأهلكنا، ودل عليه ما تقدم من إهلاك الأمم المذكورين، ويجوز أن يعطف على
موضع " وفي موسى " وبالرفع على الابتداء، والخبر ما بعده، أو على تقدير أهلكوا
(والسماء) منصوبة بفعل محذوف: أي ورفعنا السماء، وهو أقوى من الرفع لأنه
معطوف على ما عمل فيه الفعل (والأرض) مثله، وبأيد حال من الفعل، و (نعم
الماهدون) أي نحن، فحذف المخصوص بالمدح (ومن كل شئ) متعلق
ب‍ (خلقنا) ويجوز أن يكون نعتا (لزوجين) قدم فصار حالا.
قوله تعالى (كذلك) أي الأمر كذلك.
قوله تعالى (المتين) بالرفع على النعت لله سبحانه، وقيل هو خبر مبتدأ محذوف
أي هو المتين، وهو هنا كناية عن معنى القوة إذ معناها البطش، وهذا في معنى القراءة
بالجر، والله أعلم.
سورة والطور
بسم الله الرحمن الرحيم
الواو الأولى للقسم، وما بعدها للعطف.
قوله تعالى (في رق) في تتعلق بمسطور، ويجوز أن يكون نعتا آخر، وجواب
القسم (إن عذاب ربك).
قوله تعالى (ماله من) الجملة صفة لواقع: أي واقع غير مدفوع، و (يوم)
ظرف لدافع أو لواقع، وقيل يجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه (فويل)، و (يوم
يدعون) هو بدل من يوم تمور، أو ظرف ليقال المقدرة مع هذه: أي يقال
لهم هذه.
قوله تعالى (أفسحر) هو خبر مقدم، و (سواء) خبر مبتدأ محذوف: أي
صبركم وتركه سواء، و (فاكهين) حال، والباء متعلقة به، وقيل هي بمعنى في،
245

و (متكئين) حال من الضمير في كلوا، أو من الضمير في وقاهم، أو من الضمير
في آتاهم، أو من الضمير في فاكهين، أو من الضمير في الظرف.
قوله تعالى (والذين آمنوا) هو مبتدأ، و (ألحقنا بهم) خبره، ويجوز أن
يكون في موضع نصب على تقدير: وأكرمنا الذين وأتبعناهم فيه اختلاف قد مضى
أصله، و (ألتناهم) قد ذكر في الحجرات، و (من) الثانية زائدة، والأولى
حال من شئ أو متعلقة بألتنا، و (يتنازعون) حال، و (إنه هو البر) بالفتح
أي بأنه أو لأنه، وقرئ بالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (بنعمة ربك) الباء في موضع الحال، والعامل فيه (بكاهن) أو
(مجنون) والتقدير: ما أنت كاهنا ولا مجنونا متلبسا بنعمة ربك، وأم في هذه
الآيات منقطعة، و (نتربص) صفة شاعر.
قوله تعالى (يستمعون فيه) " في " هنا على بابها، وقيل هي بمعنى على.
قوله تعالى (وإن يروا) قيل إن على بابها، وقيل هي بمعنى لو، و (يومهم)
مفعول به، و (يصعقون) بفتح الياء وماضيه صعق، ويقرأ بضمها وماضيه
أصعق، وقيل صعق مثل سعد، و (يوم لا يغنى) بدل من يومهم (وإدبار
النجوم) مثل أدبار السجور، وقد ذكر في قاف.
سورة النجم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إذا هوى) العامل في الظرف فعل القسم المحذوف: أي أقسم بالنجم
وقت هويه، وقيل النجم نزول القرآن، فيكون العامل في الظرف نفس النجم،
وجواب القسم (ما ضل) و (عن) على بابها: أي لا يصدر نطقه عن الهوى،
وقيل هو بمعنى الباء، و (علمه) صفة للوحي: أي علمه إياه.
قوله تعالى (فاستوى) أي فاستقر (وهو) مبتدأ، و (بالأفق) خبره،
والجملة حال من فاعل استوى، وقيل هو معطوف على فاعل استوى، وهو ضعيف
إذ لو كان كذلك لقال تعالى فاستوى هو وهو، وعلى هذا يكون المعنى فاستويا بالأفق
يعنى محمدا وجبريل صلوات الله عليهما، وألف (قاب) مبدلة من واو، و (أو)
على الإبهام: أي لو رآه الرائي لالتبس عليه مقدار القرب.
246

قوله تعالى (ما كذب الفؤاد) يقرأ بالتخفيف، و (ما) مفعولة: أي ما كذب
الفؤاد الشئ الذي رأت العين: أو ما رأى الفؤاد، ويقرأ بالتشديد، والمعنى قريب
من الأول، و (تمارونه) تجادلونه وتمرونه تجحدونه، و (نزلة) مصدر:
أي مرة أخرى، أو رؤية أخرى، و (عند) ظرف لرأى، و (عندها) حال
من السدرة، ويقرأ جنه على أنه فعل وهو شاذ، والمستعمل أجنه، و (إذ) ظرف
زمان لرأى، و (الكبرى) مفعول رأى، وقيل هو نعت لآيات، والمفعول
محذوف: أي شيئا من آيات ربه، و (اللات) يكتب بالتاء وبالهاء. وكذلك الوقف
عليه، والألف واللام فيه، وفى (العزى) زائدة لأنهما علمان، وقيل هما صفتان
غالبتان مثل الحارث والعباس فلا تكون زائدة، وأصل اللات لوية لأنه من لوى يلوى
فحذفت الياء وتحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وقيل ليست بمشتق، وقيل
هو مشتق من لات يليت، فالتاء على هذا أصل، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما
بتشديد التاء قالوا: وهو رجل كان يلت للحاج السويق وغيره على حجر، فلما مات
عبد ذلك الحجر، والعزى فعلى من العز (ومناة) علم لصنم، وألفه من ياء لقولك
منى يمنى إذا قدر، ويجوز أن تكون من الواو، ومنه منوان، و (والأخرى)
توكيد لأن الثالثة لا تكون إلا أخرى، و (ضيزى) أصله ضوزى مثل طوبى كسر
أو لها فانقلبت الواو ياء وليست فعلى في الأصل لأنه لم يأت من ذلك شئ إلا ما حكاه
ثعلب من قولهم: رجل كيصى، وميتة حيكى، وحكى غيره: امرأة عز هي، وامرأة
يعلى، والمعروف عزهاة، وسعلاة، ومنهم من همز ضيزى.
قوله تعالى (أسماء) يجب أن يكون المعنى ذوات أسماء، لقوله تعالى (سميتموها)
لأن لفظ الاسم لا يسمى، و (أم) هنا منقطعة، و (شفاعتهم) جمع على معنى
كم لاعلى اللفظ، وهي هنا خبرية في موضع رفع بالابتداء، ولا تغنى الخبر.
قوله تعالى (ليجزى) اللام تتعلق بما دل عليه الكلام وهو قوله تعالى " أعلم
بمن ضل " أي حفظ ذلك ليجزى، وقيل يتعلق بمعنى قوله تعالى " ولله ما في السماوات "
أي أعلمكم بملكه وقوته.
قوله تعالى (الذين يجتنبون) هو في موضع نصب نعتا للذين أحسنوا، أوفي
موضع رفع على تقديرهم، و (إلا اللمم) استثناء منقطع، لأن اللمم الذنب
الصغير.
247

قوله تعالى (فهو يرى) جملة اسمية واقعة موقع فعلية، والأصل عنده علم
الغيب فيرى، ولو جاء على ذلك لكان نصبا على جواب الاستفهام (وإبراهيم)
عطف على موسى.
قوله تعالى (أن لا تزر) " أن " مخففة من الثقيلة، وموضع الكلام جر بدل من
" ما " أو رفع على تقدير: هو أن لا، و (وزر) مفعول به وليس بمصدر.
قوله تعالى (وأن ليس) " أن " مخففة من الثقيلة، أيضا، وسد ما في معنى ليس
من النفي مسد التعويض.
قوله تعالى (سوف يرى) الجمهور على ضم الياء وهو الوجه، لأنه خبر أن،
وفيه ضمير يعود على اسمها، وقرئ بفتح الياء وهو ضعيف، لأنه ليس فيه ضمير
يعود على اسم أن وهو السعي، والضمير الذي فيه للهاء فيبقى الاسم بغير خبر، وهو
كقولك: إن غلام زيد قام وأنت تعنى قام زيد فلا خبر لغلام، وقد وجه على أن التقدير
سوف يراه، فتعود الهاء على السعي، وفيه بعد.
قوله تعالى (الجزاء الأوفى) هو مفعول يجزى، وليس بمصدر لأنه وصف
بالأوفى، وذلك من صفة المجزى به لا من صفة الفعل، وألف (أقنى) منقلبة
عن واو.
قوله تعالى (عادا الأولى) يقرأ بالتنوين، لأن عادا اسم الرجل أو الحي، والهمزة
بعده محقق، ويقرأ بغير تنوين على أنه اسم القبيلة، ويقرأ منونا مدغما. وفيه تقديران:
أحدهما أنه ألقى حركة الهمزة على اللام، وحذف همزة الوصل قبل اللام فلقى التنوين
اللام المتحركة فأدغم فيها كما قالوا لحمر.
قوله تعالى (وثمود) هو منصوب بفعل محذوف: أي وأهلك ثمود، ولا يعمل
فيه (ما أبقى) من أجل حرف النفي، وكذلك (قوم نوح) ويجوز أن يعطف
على عادا (والمؤتفكة) منصوب ب‍ (أهوى) و (ما غشى) مفعول ثان.
(كاشفة) مصدر مثل العاقبة والعافية: أي ليس لها من دون الله كشف، ويجوز
أن يكون التقدير: ليس لها كاشف، والهاء للمبالغة مثل راوية وعلامة،
والله أعلم.
248

سورة القمر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وكل أمر) هو مبتدأ، و (مستقر) خبره، ويقرأ بفتح القاف
أي مستقر عليه، ويجوز أن يكون مصدر كالاستقرار، ويقرأ بالجر صفة الأمر،
وفي كل وجهان: أحدهما هو مبتدأ، والخبر محذوف: أي معمول به أو أتى. والثاني
هو معطوف على الساعة.
قوله تعالى (حكمة) هو بدل من " ما " وهو فاعل جاءهم، ويجوز أن يكون
خبر مبتدأ محذوف (فما تغنى) يجوز أن تكون نافية، وأن تكون استفهاما في موضع
نصب بتغنى، و (النذر) جمع نذير.
قوله تعالى (نكر) بضم النون والكاف، وبإسكان القاف: وهو صفة بمعنى
منكر، ويقرأ بضم النون وكسر الكاف وفتح الراء على أنه فعل لم يسم فاعله.
قوله تعالى (خشعا) هو حال، وفي العامل وجهان: أحدهما يدعو: أي يدعوهم
الداعي، وصاحب الحال الضمير المحذوف، و (أبصارهم) مرفوع بخشعا، وجاز
أن يعمل الجمع لأنه مكسر، والثاني العامل (يخرجون) وقرئ خاشعا، والتقدير
فريقا خاشعا، ولم يؤنث لأن تأنيث الفاعل تأنيث الجمع وليس بحقيقي، ويجوز أن
ينتصب خاشعا بيدعو على أنه مفعول له، ويخرجون على هذا حال من أصحاب الأبصار
و (كأنهم) حال من الضمير في يخرجون، و (مهطعين) حال من الضمير
في منتشر عند قوم، وهو بعيد لأن الضمير في منتشر للجراد، وإنما هو حال من
يخرجون، أو من الضمير المحذوف، و (يقول) حال من الضمير في مهطعين.
قوله تعالى (وازدجر) الدال بدل من التاء، لأن التاء مهموسة والزاي مجهورة
فأبدلت حرفا مجهورا يشاركها في المخرج وهو الدال.
قوله تعالى (أنى) يقرأ بالفتح: أي بأنى، وبالكسر لأن دعا بمعنى قال.
قوله تعالى (فالتقى الماء) أراد الماءان، فاكتفى بالواحد لأنه جنس، و (على
أمر) حال أو ظرف، والهاء في (حملناه) لنوح عليه السلام، و (تجرى) صفة
في موضع جر، و (بأعيننا) حال من الضمير في تجرى: أي محفوظة، و (جزاء)
مفعول له، أو بتقدير جازيناهم، و (كفر) أي به، وهو نوح عليه السلام،
249

ويقرأ " كفر " على تسمية الفاعل: أي للكافر، و (مدكر) بالدال، وأصله الذال
والتاء، وقد ذكر في يوسف، ويقرأ بالذال مشددا وقد ذكر أيضا (ونذر)
بمعنى إنذار، وقيل التقدير: ونذري، و (مستمر) نعت لنحس، وقيل اليوم،
و (كأنهم) حال، و (منقعر) نعت لنخل، ويذكر ويؤنث.
قوله تعالى (أبشرا) هو منصوب بفعل يفسره المذكور: أي أنتبع بشرا،
و (منا) نعت، ويقرأ " أبشر " بالرفع على الابتداء، ومنا نعت له، و (واحدا)
حال من الهاء في (نتبعه).
قوله تعالى (من بيننا) حال من الهاء: أي عليه منفردا، و (أشر) بكسر
الشين وضمها لغتان مثل فرح وفرح، ويقرأ بتشديد الراء، وهو أفعل من الشر،
وهو شاذ، و (فتنة) مفعول له أو حال، و (قسمة) بمعنى مقسوم.
قوله تعالى (كهشيم المحتظر) يقرأ بكسر الظاء: أي كهشيم الرجل الذي
يجعل الشجر حظيرة، ويقرأ بفتحها: أي كهشيم الشجر المتخذ حظيرة، وقيل هو
بمعنى الاحتظار.
قوله تعالى (إلا آل لوط) هو استثناء منقطع، وقيل متصل لأن الجميع أرسل
عليهم الحاصب فهلكوا إلا آل لوط. وعلى الوجه الأول يكون الحاصب لم يرسل
على آل لوط، و (سحر) مصروف لأنه نكرة، و (نعمة) مفعول له
أو مصدر.
قوله تعالى (إنا كل شئ) الجمهور على النصب، والعامل فيه فعل محذوف
يفسره المذكور، و (بقدر) حال من الهاء أو من كل: أي مقدرا، ويقرأ بالرفع
على الابتداء، وخلقناه نعت لكل أو لشئ، وبقدر خبره، وإنما كان النصب
أقوى لدلالته على عموم الخلق والرفع لا يدل على عمومه، بل يفيد أن كل شئ مخلوق
فهو بقدر.
قوله تعالى (فعلوه) هو نعت لشئ أو كل، وفى (الزبر) خبر المبتدأ.
قوله تعالى (ونهر) يقرأ بفتح النون، وهو واحد في معنى الجمع، ويقرأ بضم
النون والهاء على الجمع مثل أسد وأسد، ومنهم من يسكن الهاء فيكون مثل سقف
وسقف، و (في مقعد صدق) هو بدل من قوله " في جنات " والله أعلم.
250

سورة الرحمن عز وجل
بسم الله الرحمن الرحيم
(الرحمن) ذهب قوم إلى أنها آية، فعلى هذا يكون التقدير الله الرحمن ليكون
لكلام تاما، وعلى قول الآخرين يكون الرحمن مبتدأ وما بعده الخبر، و (خلق
الإنسان) مستأنف وكذلك (علمه) ويجوز أن يكون حالا من الإنسان مقدرة،
وقد معها مرادة.
قوله تعالى (بحسبان) أي يجريان بحسبان (والسماء) بالنصب بفعل محذوف
يفسره المذكور، وهذا أولى من الرفع لأنه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل، وهو
الضمير في يسجدان، أو هو معطوف على الإنسان.
قوله تعالى (أن لا تطغوا) أي لئلا تطغوا، وقيل " لا " للنهي، وإن بمعنى أي،
والقول مقدر و (تخسروا) بضم التاء: أي ولا تنقصوا الموزون، وقيل التقدير:
في الميزان، ويقرأ بفتح السين والتاء، وماضيه خسر، والأول أصح.
قوله تعالى (للأنام) تتعلق اللام بوضعها، وقيل تتعلق بما بعدها أي للأنام
(فيها فاكهة) فتكون إما خبر المبتدأ وتبيينا.
قوله تعالى (والحب) يقرأ بالرفع عطفا على النخل (والريحان) كذلك، ويقرأ
بالنصب: أي وخلق الحب ذا العصف وخلق الريحان، ويقرأ الريحان بالجر عطفا
على العصف.
قوله تعالى (كالفخار) هو نعت لصلصال و (من نار) نعت لمارج.
قوله تعالى (رب المشرقين) أي هو رب، وقيل هو مبتدأ والخبر (مرج)
و (يلتقيان) حال، و (بينهما برزخ) حال من الضمير في يلتقيان،
و (لا يبغيان) حال أيضا.
قوله تعالى (يخرج منهما) قالوا التقدير من أحدهما.
قوله تعالى (المنشآت) بفتح الشين وهو الوجه، و (في البحر) متعلق به،
ويقرأ بكسرها: أي تنشئ المسير، وهو مجاز و (كالأعلام) حال من الضمير
في المنشآت، والهاء في (عليها) للأرض، وقد تقدم ذكره.
251

قوله تعالى (ذو الجلال) بالرفع هو نعت للوجه، وبالجر نعتا للمجرور.
قوله تعالى (كل يوم) هو ظرف لما دل عليه (هو في شأن) أي يقلب الأمور
كل يوم.
قول تعالى (سنفرغ) الجمهور على ضم الراء. وقرئ بفتحها من أجل حرف
الحلق وماضيه فرغ بفتح الراء، وقد سمع فيه فرغ بكسر الراء فتفتح في المستقبل مثل
نصب ينصب.
قوله تعالى (لا تنفذون) لا نافية بمعنى ما، و (شواظ) بالضم والكسر لغتان
قد قرئ بهما، و (من نار) صفة أو متعلق بالفعل (ونحاس) بالرفع عطفا على
شواظ، وبالجر عطفا على نار، والرفع أقوى في المعنى، لأن النحاس الدخان وهو
والشواظ من النار، و (الدهان) جمع دهن، وقيل هو مفرد وهو النطع، و (جان)
فاعل، ويقرأ بالهمز لأن الألف حركت فانقلبت همزة، وقد ذكر ذلك في الفاتحة.
قوله تعالى (يطوفون) هو حال من المجرمين، ويجوز أن يكون مستأنفا،
و (آن) فاعل مثل قاض.
قوله تعالى (ذواتا) الألف قبل التاء بدل من ياء، وقيل من واو وهو صفة
لجنتان أو خبر مبتدأ محذوف. والأفنان جمع فنن وهو الغصن.
قوله تعالى (متكئين) هو حال من خاف والعامل فيه الظرف.
قوله تعالى (من إستبرق) أصل الكلمة فعل على استفعل فلما سمى به قطعت
همزته، وقيل هو أعجمي، وقرئ بحذف الهمزة وكسر النون وهو سهو، لأن ذلك
لا يكون في الأسماء بل في المصادر والأفعال.
قوله تعالى (فيهن) يجوز أن يكون الضمير لمنازل الجنتين، وأن يكون للفرش
أي عليهن، وأفرد الظرف لأنه مصدر، و (لم يطمثهن) وصف لقاصرات،
لأن الإضافة غير محضة، وكذلك (كأنهن الياقوت)، و (الإحسان) خبر جزاء
دخلت إلا على المعنى.
قوله تعالى (خيرات) هو جمع خيرة، يقال امرأة خيرة: وقرئ بتشديد الياء
و (حور) بدل من خيرات، وقيل الخبر محذوف: أي فيهن حور، و (متكئين)
حال، وصاحب الحال محذوف دل عليه الضمير في قبلهم، و (رفرف) في معنى
252

الجمع، فلذلك وصف ب‍ (خضر) وقرئ رفراف، وكذلك (عبقري) و (ذي
الجلال) نعت لربك، وهو أقوى من الرفع لأن الاسم لا يوصف، والله أعلم.
سورة الواقعة
بسم الله الرحمن الرحيم
العامل في (إذا) على أوجه: أحدها هو مفعول اذكر. والثاني هو ظرف لما
دل عليه (ليس لوقعتها كاذبة) أي إذا وقعت لم تكذب. والثالث هو ظرف
لخافضة أو رافعة: أي إذا وقعت خفضت ورفعت. والرابع هو ظرف لرجت،
وإذا الثانية على هذا تكرير للأولى أو بدل منها. والخامس هو ظرف لما دل عليه،
فأصحاب الميمنة: أي إذا وقعت بانت أحوال الناس فيها وكاذبة بمعنى الكذب كالعاقبة
والعافية، وقيل التقدير: ليس لها حالة كاذبة: أي مكذوب فيها، و (خافضة
رافعة) خبر مبتدأ محذوف: أي هي خافضة قوما ورافعة آخرين، وقرئ بالنصب
على الحال من الضمير في كاذبة أو في وقعت (1).
قوله تعالى (إذا رجت) إذا بدل من إذا الأولى، وقيل هو ظرف لرافعة،
وقيل لما دل عليه كأصحاب الميمنة، وقيل هو مفعول اذكر.
قوله تعالى (فأصحاب الميمنة) هو مبتدإ، و (ما أصحاب) مبتدإ، وخبر خبر
الأول. فإن قيل: أين العائد من الجملة إلى المبتدأ؟ قيل لما كان أصحاب الثاني هو
الأول لم يحتج إلى ضمير. وقيل ما أصحاب الميمنة إلا موضع له، وكذلك ما أصحاب
المشأمة والسابقون السابقون، وخبر الأول أولئك المقربون، وهذا بعيد لأن أصحاب
المشأمة ليسوا من المقربين.
قوله تعالى (والسابقون) الأول مبتدأ. والثاني خبره: أي السابقون بالخير
السابقون إلى الجنة، وقيل الثاني نعت للأول أو تكرير توكيدا، والخبر (أولئك).
قوله تعالى (في جنات) أي هم في جنات أو يكون حالا من الضمير في المقربون
أو ظرفا، وقيل هو خبر (ثلة) وعلى الأقوال الأول يكون الكلام تاما عند قوله
تعالى " النعيم " ويكون في ثلة وجهان: أحدهما هو مبتدأ، والخبر (على سرر)
والثاني هو خبر: أي هم ثلة، و (متكئين) حال من الضمير في علي، و (متقابلين)

(1) قوله: أو في وقعت. كذا بالنسخ التي بأيدينا والصواب أن يقال: أو من الواقعة ويدل
عليه عبارة السفاقسي اه‍.
253

حال من الضمير في متكئين، و (يطوف عليهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن
يكون حالا، و (بأكواب) يتعلق بيطوف.
قوله تعالى (وحور عين) يقرأ بالرفع وفيه أوجه: أحدها هو معطوف على
ولدان: أي يطفن عليهم للتنعم لا للخدمة. والثاني تقديره: لهم حور، أو عندهم أو
وثم والثالث تقديره: ونساؤهم حور، ويقرأ بالنصب على تقدير: يعطون أو
يجازون، وبالجر عطفا على أكواب في اللفظ دون المعنى لأن الحور لا يطاف بهن
وقيل هو معطوف على جنات: أي في جنات، وفي حور، والحور جمع حوراء،
والعين جمع عيناء، ولم يضم أوله لئلا تنقلب الياء واوا، و (جزاء) مفعول له أو
على تقدير: يجزون جزاء.
قوله تعالى (إلا قيلا) هو استثناء منقطع، و (سلاما) بدل أو صفة، وقيل
هو مفعول قيل، وقيل هو مصدر.
قوله تعالى (لا مقطوعة) قيل هو نعت لفاكهة، وقيل هو معطوف عليها.
قوله تعالى (أنشأناهن) الضمير للفرش لأن المراد بها النساء. والعرب جمع
عروب، والأتراب جمع ترب.
قوله تعالى (لأصحاب اليمين) اللام متعلقة بأنشأناهن أو بجعلناهن، إذ هو نعت
لأتراب، و (ثلة) أي وهم ثلة، وكذلك (في سموم) أي هم في سموم، والياء
في (يحموم) زائدة، ووزنه يفعول من الحمم أو الحميم.
قوله تعالى (من شجر) أي لآكلون شيئا من شجر، وقيل من زائدة،
و (من زقوم) نعت لشجر، أو لشئ المحذوف، وقيل من الثانية زائدة: أي
لآكلون زقوما من شجر، والهاء في (منها) للشجر، والهاء في (عليه) للمأكول
و (شرب الهيم) بالضم والفتح والكسر، فالفتح مصدر والآخران اسم له، وقيل
هي لغات في المصدر، والتقدير: شربا مثل شرب الهيم، والهيم جمع أهيم وهيماء.
قوله تعالى (لو تعلمون) هو معترض بين الموصوف والصفة، و (في كتاب)
صفة أخرى لقرآن، أو حال من الضمير في كريم، أو خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (لا يمسه) هو نفى، وقيل هو نهى حرك بالضم و (تنزيل) أي
هو تنزيل، ويجوز أن يكون نعتا لقرآن (وتجعلون رزقكم) أي شكر رزقكم
و (ترجعونها) جواب " لولا " وأغنى ذلك عن جواب الثانية، وقيل عكس ذلك
وقيل لولا الثانية تكرير.
254

قوله تعالى (فأما إن كان) جواب أما (فروح) وأما إن فاستغنى بجواب أما
عن جوابها لان " إن " قد حذف جوابها في مواضع، والتقدير: فله روح، ويقرأ بفتح
الراء وضمها، فالفتح مصدر، والضم اسم له، وقيل هو المتروح به، والأصل
(في ريحان) وريوحان على فيعلان، قلبت الواو ياء، وأدغم ثم خفف مثل سيد
وسيد، وقيل هو فعلان قلبت الواو ياء وإن سكنت وانفتح ما قبلها.
قوله تعالى (فنزل) أي فله نزل (وتصلية) بالرفع عطفا على نزل وبالجر
عطفا على حميم، و (حق اليقين) أي حق الخبر اليقين، وقيل المعنى حقيقة اليقين
و (العظيم) صفة لربك، وقيل للاسم، والله أعلم.
سورة الحديد
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (يحيى) يجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور، والعامل الاستقرار
وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (والرسول يدعوكم) الجملة حال من الضمير في تؤمنون.
قوله تعالى (وقد أخذ) بالفتح: أي الله أو الرسول، وبالضم على ترك التسمية.
قوله تعالى (من أنفق) في الكلام حذف تقديره: ومن لم ينفق، ودل على
المحذوف قوله تعالى " من قبل الفتح ".
قوله تعالى (وكلا وعد الله الحسنى) قد ذكر في النساء.
قوله تعالى (يوم ترى) هو ظرف ليضاعف، وقيل التقدير: يؤجرون يوم
ترى، وقيل العامل (يسعى) ويسعى حال، و (بين أيديهم) ظرف ليسعى،
أو حال من النور، وكذلك (بأيمانهم) وقرئ بكسر الهمزة، والتقدير: بأيمانهم
استحقوه، أو وبأيمانهم يقال لهم (بشراكم) وبشراكم مبتدأ، و (جنات) خبره
أي دخول جنات.
قوله تعالى (يوم يقول) هو بدل من يوم الأول، وقيل التقدير: يفوزون
وقيل التقدير: اذكر (انظرونا) انتظرونا وأنظرونا: أخرونا، و (وراءكم)
اسم الفعل فيه ضمير الفاعل: أي ارجعوا ارجعوا، وليس بمعروف لقلة فائدته،
لأن الرجوع لا يكون إلا إلى وراء، والباء في (بسور) زائدة، وقيل ليست زائدة.
255

قوله تعالى (باطنه) الجملة صفة لباب أو لسور، و (ينادونهم) حال من
الضمير في بينهم، أو مستأنف.
قوله تعالى (هي مولاكم) قيل المعنى أولى بكم، وقيل هو مصدر مثل المأوى،
وقيل هو مكان.
قوله تعالى (أن تخشع) هو فاعل يأن، واللام للتبيين، و (ما) بمعنى الذي،
وفي (نزل) ضمير يعود عليه، ولا تكون مصدرية لئلا يبقى الفعل بلا فاعل.
قوله تعالى (وأقرضوا الله) فيه وجهان: أحدهما هو معترض بين اسم إن
وخبرها، وهو يضاعف لهم، وإنما قيل ذلك لئلا يعطف الماضي على اسم الفاعل
والثاني أنه معطوف عليه لأن الألف واللام بمعنى الذي: أي إن الذين تصدقوا.
قوله تعالى (يضاعف لهم) الجار والمجرور هو القائم مقام الفاعل، فلا ضمير
في الفعل، وقيل فيه ضمير: أي يضاعف لهم التصدق: أي أجره.
قوله تعالى (عند ربهم) هو ظرف للشهداء، ويجوز أن يكون أولئك مبتدأ
وهم مبتدأ ثان، أو فصل، والصديقون مبتدأ، والشهداء معطوف عليه، وعند ربهم
الخبر، وقيل الوقف على الشهداء، ثم يبتدئ عند ربهم لهم.
قوله تعالى (كمثل غيث) الكاف في موضع نصب من معنى ما تقدم: أي
ثبت لها هذه الصفات مشبهة بغيث، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أي مثلها كمثل
غيث، و (أعدت) صفة لجنات.
قوله تعالى (في الأرض) يجوز أن يتعلق الجار بمصيبة لأنها مصدر، وأن يكون
صفة لها على اللفظ أو الموضع، ومثله (ولا في أنفسكم) ويجوز أن يتعلق بأصاب،
و (في كتاب) حال: أي إلا مكتوبة، و (من قبل) نعت لكتاب أو
متعلق به.
قوله تعالى (لكيلا) كي هاهنا هي الناصبة بنفسها لأجل دخول اللام عليها كان
الناصبة، والله أعلم.
قوله تعالى (الذين يبخلون) هو مثل الذي في النساء.
قوله تعالى (فيه بأس) الجملة حال من الحديد.
قوله تعالى (ورسله) هو منصوب بينصره: أي وينصر رسله، ولا يجوز أن
256

يكون معطوفا على من لئلا يفصل به بين الجار والمجرور وهو قوله " بالغيب " وبين
ما يتعلق به وهو ينصره.
قوله تعالى (ورهبانية) هو منصوب بفعل دل عليه (ابتدعوها) لا بالعطف
على الرحمة، لأن ما جعله الله تعالى لا يبتدعونه، وقيل هو معطوف عليها، وابتدعوها
نعت له، والمعنى: فرض عليهم لزوم رهبانية ابتدعوها ولهذا قال تعالى (ما كتبناها
عليهم إلا ابتغاء رضوان الله).
قوله تعالى (لئلا يعلم) لا زائدة، والمعنى: ليعلم أهل الكتاب عجزهم،
وقيل ليست زائدة، والمعنى: لئلا يعلم أهل الكتاب عجز المؤمنين، والله أعلم.
سورة المجادلة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وتشتكى) يجوز أن يكون معطوفا على تجادل، وأن يكون حالا.
قوله تعالى (أمهاتهم) بكسر التاء على أنه خبر " ما " وبضمها على اللغة التميمية
و (منكرا) أي قولا منكرا.
قوله تعالى (والذين يظاهرون) مبتدأ، و (تحرير رقبة) مبتدأ أيضا
تقديره: فعليهم، والجملة خبر المبتدأ، وقوله (من قبل أن يتماسا) محمول على
المعنى: أي فعلى كل واحد.
قوله تعالى (لما قالوا) اللام تتعلق بيعودون، ومعنى يعودون للمقول فيه، هذا
إن جعلت " ما " مصدرية، ويجوز أن تجعله بمعنى الذي ونكرة موصوفة، وقيل اللام
بمعنى في، وقيل بمعنى إلى، وقيل في الكلام تقديم تقديره: ثم يعودون فعليهم تحرير
رقبة لما قالوا، والعود هنا ليس بمعنى تكرير الفعل، بل بمعنى العزم على الوطئ.
قوله تعالى (يوم يبعثهم الله) أي يعذبون أو يهانون، واستقر ذلك يوم
يبعثهم، وقيل هو ظرف ل‍ (أحصاه).
قوله تعالى (ثلاثة) هو مجرور بإضافة نجوى إليه، وهي مصدر بمعنى التناجى
أو الالتجاء، ويجوز أن تكون النجوى اسما للمتناجين، فيكون ثلاثة صفة أو بدلا
257

(ولا أكثر) معطوف على العدد ويقرأ بالرفع على الابتداء وما بعده الخبر، ويجوز
أن يكون معطوفا على موضع من نجوى.
قوله تعالى (ويتناجون) يقرأ " وينتجون " وهما بمعنى، يقال تناجوا وأنتجوا.
قوله تعالى (فإذ لم) قيل إذ بمعنى إذا كما ذكرنا في قوله تعالى " إذ الأغلال
في أعناقهم " وقيل هي بمعنى إن الشرطية، وقيل هي على بابها ماضية، والمعنى إنكم
تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بإقامة الصلاة.
قوله تعالى (استحوذ) إنما صحت الواو هنا بنية على الأصل، وقياسه استحاذ
مثل استقام.
قوله تعالى (لأغلبن) هو جواب قسم محذوف، وقيل هو جواب كتب، لأنه
بمعنى قال.
قوله تعالى (يوادون) هو المفعول الثاني لتجد، أو حال أو صفة لقوم، وتجد
بمعنى تصادف على هذا، والله أعلم.
سورة الحشر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (مانعتهم) هو خبر أن، و (حصونهم) مرفوع به، وقيل
هو خبر مقدم.
قوله تعالى (يخربون) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون تفسيرا للرعب، فلا يكون
له موضع. واللينة عينها واو، لأنها من اللون قلبت لسكونها وانكسار ما قبلها.
قوله تعالى (من خيل) من زائدة. والدولة بالضم في المال، وبالفتح في النصرة،
وقيل هما لغتان.
قوله تعالى (للفقراء) قيل هو بدل من قوله تعالى " لذي القربى " وما بعده،
وقيل التقدير: اعجبوا، و (يبتغون) حال (والذين تبوءوا) قيل هو معطوف
على المهاجرين، فيحبون على هذا حال، وقيل هو مبتدأ، ويحبون الخبر.
قوله تعالى (والإيمان) قيل المعنى: وأخلصوا الإيمان وقيل التقدير: ودار
الإيمان، وقيل المعنى: تبوءوا الإيمان: أي جعلوه ملجأ لهم.
258

قوله تعالى (حاجة) أي مس حاجة.
قوله تعالى (لا ينصرونهم) لما كان الشرط ماضيا جاز ترك جزم الجواب
والجدار واحد في معنى الجمع، وقد قرئ " من وراء جدر " وجدور على الجمع.
قوله تعالى (كمثل) أي مثلهم كمثل، و (قريبا) أي استقروا من قبلهم زمنا
قريبا، أو ذاقوا وبال أمرهم قريبا: أي عن قريب.
قوله تعالى (فكان عاقبتهما) يقرأ بالنصب على الخبر، و (أنهما في النار)
الاسم، ويقرأ بالعكس، و (خالدين) حال، وحسن لما كرر اللفظ، ويقرأ
" خالدان " على أنه خبر أن.
قوله تعالى (المصور) بكسر الواو ورفع الراء على أنه صفة، وبفتحها على أنه
مفعول البارئ عز وجل، وبالجر على التشبيه بالحسن الوجه على الإضافة، والله أعلم.
سورة الممتحنة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تلقون) هو حال من ضمير الفاعل في تتخذوا، ويجوز أن يكون
مستأنفا، والباء في (بالمودة) زائدة، و (يخرجون) حال من الضمير في كفروا
أو مستأنف (وإياكم) معطوف على الرسول، و (أن تؤمنوا) مفعول له معمول
يخرجون، و (إن كنتم) جوابه محذوف دل عليه لا تتخذوا، و (جهادا)
مصدر في موضع الحال، أو معمول فعل محذوف دل عليه الكلام: أي جاهدتم
جهادا، و (تسرون) توكيد لتلقون بتكرير معناه.
قوله تعالى (يوم القيامة) ظرف (ليفصل) أو لقوله لن تنفعكم، وفي يفصل
قراءات ظاهرة الاعراب، إلا أن من لم يسم الفاعل جعل القائم مقام الفاعل (بينكم)
كما ذكرنا في قوله تعالى " لقد تقطع بينكم ".
قوله تعالى (في إبراهيم) فيه أوجه: أحدها هو نعت آخر لأسوة. والثاني هو
متعلق بحسنة تعلق الظرف بالعامل. والثالث أن يكون حالا من الضمير في حسنة،
والرابع أن يكون خبر كان، ولكم تبيين، ولا يجوز أن يتعلق بأسوة لأنها قد
وصفت، و (إذ) ظرف لخبر كان، ويجوز أن يكون هو خبر كان، و (برآء)
جمع برئ مثل ظريف وظرفاء وبراء بهمزة واحدة مثل رخال، والهمزة محذوفة،
259

وقيل هو جمع برأسه، وبراء بالكسر مثل طراق، وبالفتح اسم للمصدر مثل سلام،
والتقدير: إنا ذوو براء.
قوله تعالى (إلا قول) هو استثناء من غير الجنس، والمعنى: لا تتأسوا به
في الاستغفار للكفار.
قوله تعالى (لمن كان) قد ذكر في الأحزاب.
قوله تعالى (أن تبروهم) هو في موضع جر على البدل من الذين بدل الاشتمال
أي عن بر الذين، وكذلك (أن تولوهم) و (تمسكوا) قد ذكر في الأعراف
و (يبايعنك) حال، و (يفترينه) نعت لبهتان، أو حال من ضمير الفاعل
في يأتين.
قوله تعالى (من أصحاب القبور) يجوز أن يتعلق بيئس: أي يئسوا من بعث
أصحاب القبور، وأن يكون حالا: أي كائنين من أصحاب القبور.
سورة الصف
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أن تقولوا) يجوز أن يكون فاعل " كبر "، أو على تقدير هو،
ويكون التقدير: كبر ذلك، وأن يكون بدلا، ومقتا تمييز، و (صفا) حال،
وكذلك (كأنهم) و (مصدقا) حال مؤكدة، والعامل فيها رسول أو ما دل عليه
الكلام، و (من التوراة) حال من الضمير في بين، و (مبشرا) حال أيضا،
و (اسمه أحمد) جملة في موضع جر نعتا لرسول، أو في موضع نصب حال من
الضمير في يأتي.
قوله تعالى (متم نوره) بالتنوين والإضافة، وإعرابها ظاهر، و (بالهدى)
حال من رسوله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى (تؤمنون بالله) هو تفسير للتجارة، فيجوز أن يكون في موضع
جر على البدل، أو في موضع رفع على تقدير هي، وإن محذوفة، ولما حذفت
بطل عملها.
قوله تعالى (يغفر لكم) في جزمه وجهان: أحدهما هو جواب شرط محذوف
260

دل عليه الكلام تقديره: إن تؤمنوا يغفر لكم، وتؤمنون بمعنى آمنوا. والثاني هو
جواب لما دل عليه الاستفهام، والمعنى: هل تقبلون إن دللتكم. وقال الفراء:
هو جواب الاستفهام على اللفظ، وفيه بعد لأن دلالته إياهم لا توجب المغفرة لهم.
قوله تعالى (وأخرى) في موضعها ثلاثة أوجه: أحدها نصب على تقدير:
ويعطكم أخرى. والثاني هو نصب بتحبون المدلول عليه ب‍ (تحبونها). والثالث
موضعها رفع: أي وثم أخرى، أو يكون الخبر (نصر) أي هي نصر.
قوله تعالى (كما قال) الكاف في موضع نصب: أي أقول لكم كما قال، وقيل
هو محمول على المعنى، إذ المعنى: انصروا الله كما نصر الحواريون عيسى ابن مريم
عليه السلام، والله أعلم.
سورة الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الملك) يقرأ هو وما بعده بالجر على النعت، وبالرفع على الاستئناف
والجمهور على ضم القاف من (القدوس) وقرئ بفتحها وهما لغتان.
قوله تعالى (وآخرين) هو في موضع جر عطفا على الأميين.
قوله تعالى (يحمل) هو في موضع الحال من الحمار، والعامل فيه معنى
المثل.
قوله تعالى (بئس مثل) مثل هذا فاعل بئس، وفي (الذين) وجهان:
أحدهما هو في موضع جر نعتا للقوم والمخصوص بالذم محذوف: أي هذا المثل. والثاني
في موضع رفع تقديره: بئس مثل القوم مثل الذين، فمثل المحذوف هو المخصوص
بالذم، وقد حذف، وأقيم المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى (فإنه ملاقيكم) الجملة خبر إن، ودخلت الفاء لما في الذي من
شبه الشرط، ومنع منه قوم وقالوا: إنما يجوز ذلك إذا كان الذي هو المبتدأ، أو اسم
إن، والذي هنا صفة، وضعفوه من وجه آخر وهو أن الفرار من الموت لا ينجى منه
فلم يشبه الشرط. وقال: هؤلاء الفاء زائدة، وقد أجيب عن هذا بأن الصفة
والموصوف كالشئ الواحد، ولأن الذي لا يكون إلا صفة، فإذا لم يذكر الموصوف
261

معها دخلت الفاء والموصوف مراد، فكذلك إذا صرح، وأما ما ذكروه ثانيا
فغير صحيح، فإن خلقا كثيرا يظنون أن الفرار من أسباب الموت ينجيهم إلى
وقت آخر.
قوله تعالى (من يوم الجمعة) " من " بمعنى في، والجمعة بضمتين وبإسكان
الميم مصدر بمعنى الاجتماع، وقيل في المسكن هو بمعنى المجتمع فيه مثل رجل ضحكة
أي يضحك منه، ويقرأ بفتح الميم بمعنى الفاعل: أي يوم المكان الجامع مثل رجل
ضحكة: أي كثير الضحك.
قوله تعالى (إليها) إنما أنث الضمير لأنه أعاده إلى التجارة لأنها كانت أهم
عندهم، والله أعلم.
سورة المنافقون
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (كأنهم) الجملة حال من الضمير المجرور في قولهم، وقيل هي
مستأنفة، و (خشب) بالضم والإسكان جمع خشب مثل أسد وأسد، ويقرأ بفتحتين
والواحدة خشبة، و (يحسبون) حال من معنى الكلام، وقيل مستأنف.
قوله تعالى (رسول الله) العامل فيه يستغفر، ولو أعمل تعالوا لقال إلى
رسول الله، أو كان ينصب، و (لووا) بالتخفيف والتشديد، وهو ظاهر،
والهمزة في (استغفرت لهم) مفتوحة همزة قطع، وهمزة الوصل محذوفة، وقد
وصلها قوم على أنه حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه.
قوله تعالى (ليخرجن) يقرأ على تسمية الفاعل والتشديد، و (الأعز)
فاعل و (الأذل) مفعول، ويقرأ على ترك التسمية والإذل على هذا حال، والألف
واللام زائدة، أو يكون مفعول حال محذوفة: أمشبها الأذل.
قوله تعالى (وأكون) بالنصب عطفا على ما قبله، وهو جواب الاستفهام،
ويقرأ بالجزم حملا على المعنى، والمعنى: إن أخرتني أكن، والله أعلم.
262

سورة التغابن
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أبشر) هو مبتدأ، و (يهدوننا) الخبر، ويجوز أن يكون فاعلا
أي أيهدينا بشر.
قوله تعالى (يوم يجمعكم) هو ظرف لخبير، وقيل لما دل عليه الكلام:
أي تتفاوتون يوم يجمعكم، وقيل التقدير. اذكروا يوم يجمعكم.
قوله تعالى (يهد قلبه) يقرأ بالهمز: أي يسكن قلبه.
قوله تعالى (خيرا لأنفسكم) هو مثل قوله تعالى " انتهوا خيرا لكم " والله أعلم.
سورة الطلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إذا طلقتم) قيل التقدير: قل لامتك إذا طلقتم. وقيل الخطاب
له صلى الله عليه وسلم ولغيره (لعدتهن) أي عند أول ما يعتد لهن به وهو
في قبل الطهر.
قوله تعالى (بالغ أمره) يقرأ بالتنوين والنصب وبالإضافة والجر، والإضافة غير
محضة، ويقرأ بالتنوين والرفع على أنه فاعل بالغ، وقيل أمره مبتدأ، وبالغ خبره.
قوله تعالى (واللائي لم يحضن) هو مبتدأ، والخبر محذوف: أي فعدتهن
كذلك، و (أجلهن) مبتدأ، و (أن يضعن) خبره، والجملة خبر أولات،
ويجوز أن يكون أجلهن بدل الاشتمال: أي وأجل أولات الأحمال.
قوله تعالى (أسكنوهن من حيث) من هاهنا لابتداء الغاية، والمعنى تسببوا
في إسكانهن من الوجه الذي تسكنون، ودل عليه قوله تعالى (من وجدكم)
والوجد الغنى، ويجوز فتحها وكسرها، ومن وجدكم بدل من " من حيث ".
قوله تعالى (رسولا) في نصبه أوجه: أحدها أن ينتصب بذكرا: أي أنزل
إليكم أن ذكر رسولا. والثاني أن يكون بدلا من ذكرا، ويكون الرسول بمعنى
الرسالة، و (يتلو) على هذا يجوز أن يكون نعتا، وأن يكون حالا من اسم الله
263

تعالى. والثالث أن يكون التقدير: ذكر أشرف رسول، أو ذكرا ذكر رسول،
ويكون المراد بالذكر الشرف، وقد أقام المضاف إليه مقام المضاف. والرابع أن
ينتصب بفعل محذوف: أي وأرسل رسولا.
قوله تعالى (قد أحسن الله له) الجملة حال ثانية، أو حال من الضمير
في خالدين.
قوله تعالى (مثلهن) من نصب عطفه: أي وخلق من الأرض مثلهن، ومن
رفع استأنفه، و (يتنزل) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون نعتا لما قبله،
والله أعلم.
سورة التحريم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تبتغى) هو حال من الضمير في تحرم، ويجوز أن يكون مستأنفا
وأصل (تحلة) تحللة، فأسكن الأول وأدغم (وإذ) في موضع نصب باذكر.
قوله تعالى (عرف بعضه) من شدد عداه إلى اثنين، والثاني محذوف: أي
عرف بعضه بعض نسائه، ومن خفف فهو محمول على المجازاة لا على حقيقة العرفان
لأنه كان عارفا بالجميع، وهو كقوله تعالى " والله بما تعملون خبير " ونحوه: أي
يجازيكم على أعمالكم.
قوله تعالى (إن تتوبا) جواب الشرط محذوف تقديره: فذلك واجب عليكما
أو يتب الله عليكما، ودل على المحذوف (فقد صغت) لأن إصغاء القلب إلى
ذلك ذنب.
قوله تعالى (قلوبكما) إنما جمع، وهما اثنان لأن لكل إنسان قلبا، وما ليس
في الإنسان منه إلا واحد جاز أن يجعل الاثنان فيه بلفظ الجمع، وجاز أن يجعل بلفظ
التثنية، وقيل وجهه أن التثنية جمع.
قوله تعالى (هو مولاه) مبتدأ وخبره خبر إن، ويجوز أن يكون هو فصلا،
فأما (جبريل وصالح المؤمنين) ففيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، والخبر محذوف
أو مواليه، أو يكون معطوفا على الضمير في مولاه أو على معنى الابتداء. والثاني
264

أن يكون مبتدأ (والملائكة) معطوفا عليه، و (ظهير) خبر الجميع، وهو واحد
في معنى الجمع: أي ظهراء، و (مسلمات) نعت آخر وما بعده من الصفات
كذلك، فأما الواو في قوله تعالى (وأبكارا) فلا بد منها، لأن المعنى بعضهن ثيبات
وبعضهن أبكار.
قوله تعالى (قوا) في هذا الفعل عينه لأن فاءه ولامه معلتان، فالواو حذفت
في المضارع لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، والأمر مبنى على المضارع.
قوله تعالى (لا يعصون الله) هو في موضع رفع على النعت.
قوله تعالى (توبة نصوحا) يقرأ بفتح النون، قيل هو مصدر، وقيل هو اسم
فاعل: أي ناصحة على المجاز، ويقرأ بضمها وهو مصدر لا غير مثل القعود.
قوله تعالى (يقولون) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (امرأة نوح وامرأة لوط) أي مثل امرأة نوح، وقد ذكر في يس
وغيرها، و (كانتا) مستأنف، و (إذ قالت) العامل في إذ المثل، و (عندك)
يجوز أن يكون ظرفا لابن، وأن يكون حالا من (بيتا).
قوله تعالى (ومريم) أي واذكر مريم، أو ومثل مريم، و (فيه) الهاء تعود
على الفرج، والله أعلم.
سورة الملك
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (طباقا) واحدها طبقة، وقيل طبق، و (تفاوت) بالألف وضم
الواو مصدر تفاوت، وتفوت بالتشديد مصدر تفوت وهما لغتان، و (كرتين)
مصدر: أي رجعتين.
قوله تعالى (كفروا بربهم عذاب) بالرفع على الابتداء، والخبر للذين،
ويقرأ بالنصب عطفا على عذاب السعير.
قوله تعالى (فسحقا) أي فالزمهم سحقا، أو فاسحقهم سحقا.
قوله تعالى (من خلق) من في موضع رفع فاعل يعلم، والمفعول محذوف
أي ألا يعلم الخالق خلقه، وقيل الفاعل مضمر، ومن مفعول.
265

قوله تعالى (النشور أأمنتم) يقرأ بتحقيق الهمزة على الأصل، وبقلبها واوا
في الوصل لانضمام الراء قبلها، و (أن يخسف) و (أن يرسل) هما بدلان من
بدل الاشتمال.
قوله تعالى (فوقهم صافات) يجوز أن يكون صافات حالا، وفوقهم ظرف
لها، ويجوز أن يكون فوقهم حالا، وصافات حالا من الضمير في فوقهم (ويقبضن)
معطوف على اسم الفاعل حملا على المعنى: أي يصففن ويقبضن: أي صافات وقابضات،
و (ما يمسكهن إلا الرحمن) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير
في يقبضن، ومفعول يقبضن محذوف: أي أجنحتهن.
قوله تعالى (أمن) من مبتدأ، و (هذا) خبره، و (الذي) وصلته نعت
لهذا أو عطف بيان، و (ينصركم) نعت جند محمول على اللفظ، ولو جمع على
المعنى لجاز، و (مكبا) حال، و (على وجهه) توكيد، و (أهدى) خبر
" من " وخبر " من " الثانية محذوف.
قوله تعالى (غورا) هو خبر أصبح أو حال إن جعلتها التامة وفيه بعد، والغور
مصدر في معنى الغائر، ويقرأ " غورا " بالضم والهمز على فعول، وقلبت الواو همزة
لانضمامها ضما لازما ووقوع الواو بعدها، والله أعلم.
سورة ن
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ن والقلم) هو مثل " يس والقرآن " وقد ذكر.
قوله تعالى (بأيكم المفتون) فيه ثلاثة أوجه: أحدها الباء زائدة. والثاني
أن المفتون مصدر مثل المفعول والميسور: أي بأيكم الفتون: أي الجنون. والثالث
هي بمعنى في: أي في أي طائفة منكم الجنون.
قوله تعالى (لو تدهن فيدهنون) إنما أثبت النون لأنه عطفه على تدهن ولم
يجعله جواب التمني، وفي بعض المصاحف بغير نون على الجواب.
قوله تعالى (أن كان) يقرأ بكسر الهمزة على الشرط، وبفتحها على أنها
مصدرية، فجواب الشرط محذوف دل عليه (إذا تتلى) أي أن كان ذا مال
يكفر، وإذا جعلته مصدرا كان التقدير: لأن كان ذا مال يكفر، ولا يعمل فيه
266

تتلى ولا مال، لأن ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها، و (مصبحين) حال من الفاعل
في يصر منها لا في أقسموا، و (على حرد) يتعلق ب‍ (قادرين) وقادرين حال، وقيل
خبر غدوا لأنها حملت على أصبحوا.
قوله تعالى (عند ربهم) يجوز أن يكون ظرفا للاستقرار، وأن يكون حالا
من (جنات).
قوله تعالى (بالغة) بالرفع نعت لإيمان، وبالنصب على الحال، والعامل فيها
الظرف الأول أو الثاني.
قوله تعالى (يوم يكشف) أي اذكر يوم يكشف، وقيل العامل فيه
(خاشعة) ويقرأ " تكشف " أي شدة القيامة، وخاشعة حال من الضمير في يدعون،
و (من يكذب) معطوف على المفعول أو مفعول معه.
سورة الحاقة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الحاقة) قيل هو خبر مبتدأ محذوف، وقيل مبتدأ وما بعده الخبر
على ما ذكر في الواقعة، و (ما) الثانية مبتدأ، و (أدراك) الخبر والجملة بعده
في موضع نصب، و (الطاغية) مصدر كالعافية، وقيل اسم فاعل بمعنى الزائدة،
و (سخرها) مستأنف أو صفة، و (حسوما) مصدر: أي قطعا لهم، وقيل هو جمع
أي متتابعات، و (صرعى) حال، و (كأنهم) حال أخرى من الضمير في صرعى
و (خاوية) على لغة من أنث النخل، و (باقية) نعت: أي حالة باقية، وقيل
هو بمعنى بقية، و (من قبله) أي من تقدمه بالكفر، ومن قبله: أي من عنده،
وفي جملته، و (بالخاطئة) أي جاءوا بالفعلة ذات الخطأ على النسب مثل
تأمر ولابن.
قوله تعالى (وتعيها) هو معطوف، أي ولتعيها، ومن سكن العين فر من
الكسرة مثل فخذ، و (واحدة) توكيد لأن النفخة لا تكون إلا واحدة، (وحملت الأرض)
بالتخفيف، وقرئ مشددا: أي حملت الأهوال، و (يومئذ) ظرف ل‍ (وقعت)
و (يومئذ) ظرف ل‍ (واهية) و (هاؤم) اسم للفعل بمعنى خذوا، و (كتابيه)
منصوب باقرءوا لا بهاؤم عند البصريين، وبهاؤم عند الكوفيين، و (راضية) على
267

ثلاثة أوجه: أحدها هي بمعنى مرضية مثل دافق بمعنى مدفوق. والثاني على النسب:
أي ذات رضا مثل لابن وتامر. والثالث هي على بابها، وكأن العيشة رضيت بمحلها
وحصولها في مستحقها أو أنها لاحال أكمل من حالها فهو مجاز.
قوله تعالى (ما أغنى عنى) يحتمل النفي والاستفهام، والهاء في هذه المواضع
لبيان الحركة لتتفق رؤوس الآي، و (الجحيم) منصوب بفعل محذوف، و (ذرعها
سبعون) صفة لسلسلة، وفي تتعلق ب‍ (اسلكوه) ولم تمنع الفاء من ذلك، والتقدير
ثم فاسلكوه، فثم لترتيب الخبر عن المقول قريبا من غير تراخ، والنون في (غسلين)
زائدة لأنه غسالة أهل النار، وقيل التقدير: ليس له حميم إلا من غسلين ولا طعام،
وقيل الاستثناء من الطعام والشراب، لأن الجميع يطعم بدليل قوله تعالى " ومن لم
يطعمه " وأما خبر ليس هاهنا أوله، وأيهما كان خبرا فالآخر إما حال من حميم أو
معمول الخبر، ولا يكون اليوم خبرا لأنه زمان، والاسم جثة، و (قليلا) قد
ذكر في الأعراف، و (تنزيل) في يس، و (باليمين) متعلق بأخذنا أو حال
من الفاعل، وقيل من المفعول.
قوله تعالى (فما منكم من أحد) من زائدة، وأحد مبتدأ، وفي الخبر وجهان:
أحدهما (حاجزين) وجمع على معنى أحد، وجر على لفظ أحد، وقيل هو منصوب
بما، ولم يعتد بمنكم فصلا، وأما منكم على هذا فحال من أحد، وقيل تبيين. والثاني
الخبر منكم، وعن يتعلق بحاجزين، والهاء في إنه للقرآن العظيم.
سورة المعارج
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سأل) يقرأ بالهمزة وبالألف وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هي بدل من
الهمزة على التخفيف. والثاني هي بدل من الواو على لغة من قال: هما يتساولان.
والثالث هي من الياء من السيل، والسائل يبنى على الأوجه الثلاثة، والباء بمعنى عن
وقيل هي على بابها: أي سال بالعذاب كما يسيل الوادي بالماء واللام تتعلق بواقع،
وقيل هي صفة أخرى للعذاب، وقيل يسأل؟؟، وقيل التقدير، هو للكافرين،
و (من) تتعلق بدافع: أي لا يدفع من جهة الله، وقيل تتعلق بواقع، ولم يمنع النفي
ذلك لأنه ليس فعل، و (ذي) صفة لله تعالى، و (تعرج) مستأنف، و (يوم
تكون) بدل من قريب (ولا يسأل) بفتح الياء: أي حميما عن حاله، ويقرأ
268

بضمها والتقدير: عن حميم، و (يبصرونهم) مستأنف، وقيل حال وجمع
الضمير على معنى الحميم، و (يود) مستأنف أو حال من ضمير المفعول أو المرفوع،
و (لو) بمعنى أن.
قوله تعالى (نزاعة) أي هي نزاعة، وقيل هي بدل من لظى، وقيل كلاهما
خبر، وقيل خبر إن، وقيل لظى بدل من اسم إن، ونزاعة خبرها، وأما النصب
فقيل هو حال من الضمير في (تدعو) مقدمة، وقيل هي حال مما دلت عليه لظى
أي تتلظى نزاعة، وقيل هو حال من الضمير في لظى على أن تجعلها صفة غالبة مثل
الحارث والعباس، وقيل التقدير: أعنى. وتدعو يجوز أن يكون حالا من الضمير
في نزاعة إذا لم تعمله فيها، و (هلوعا) حال مقدرة، و (جزوعا) حال أخرى
والعامل فيها هلوعا، وإذا ظرف لجزوعا، وكذلك (منوعا).
قوله تعالى (إلا المصلين) هو استثناء من الجنس، والمستثنى منه الإنسان وهو
جنس، فلذلك ساغ الاستثناء منه.
قوله تعالى (في جنات) هو ظرف ل‍ (مكرمون) ويجوز أن يكونا خبرين،
و (مهطعين) حال من الذين كفروا، وكذلك (عزين) وقبلك معمول مهطعين
وعزين جمع عزة، والمحذوف منه الواو، وقيل الياء، وهو من عزوته إلى أبيه وعزيته
لأن العزة الجماعة، وبعضهم منضم إلى بعض، كما أن المنسوب مضموم إلى المنسوب
إليه. وعن يتعلق بعزين: أي متفرقين عنهما، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (يوم يخرجون) هو بدل من يومهم، أو على إضمار أعنى،
و (سراعا) و (كأنهم) حالان، والنصب قد ذكر في المائدة (خاشعة) حال
من يخرجون، والله أعلم.
سورة نوح عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أن أنذر) يجوز أن تكون بمعنى أي، وأن تكون مصدرية، وقد
ذكرت نظائره، و (طباقا) قد ذكر في الملك، و (نباتا) اسم للمصدر فيقع موقع
إتبات ونبت وتنبيت، وقيل التقدير: فنبتم نباتا، و (منها) يجوز أن يتعلق بتسلكوا،
وأن يكون حالا، و (كبارا) بالتشديد والتخفيف بمعنى كبير، و (ودا) بالضم
269

والفتح لغتان، وأما (يغوث ويعوق) فلا ينصرفان لوزن الفعل والتعريف.
وقد صرفهما قوم على أنهما نكرتان.
قوله تعالى (مما خطاياهم) " ما " زائدة. أي من أجل خطاياهم (أغرقوا)
وأصل (ديارا) ديوار لأنه فيعال من دار يدور ثم أدغم.
سورة الجن
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أوحى إلى) يقرأ أحي بغير واو وأصله وحى، يقال وحى وأوحى ثم قلبت
الواو المضمومة همزة. وما في هذه السورة من أن فبعضه مفتوح وبعضه مكسور، وفي
بعضه اختلاف، فما كان معطوفا على أنه استمع فهو مفتوح لاغير لأنها مصدرية.
وموضعها رفع بأوحى، وما كان معطوفا على أنا سمعنا فهو مكسور لأنه حكى بعد
القول، وما صح أن يكون معطوفا على الهاء في به كان على قول الكوفيين على تقدير:
وبأن ولا يجيزه البصريون لأن حرف الجر يلزم إعادته عندهم هنا، فأما قوله تعالى
" وأن المساجد لله " فالفتح على وجهين: أحدهما هو معطوف على أنه استمع فيكون
قد أوحى والثاني أن يكون متعلقا بتدعو: أي فلا تشركوا مع الله أحدا لأن المساجد
له: أي مواضع السجود، وقيل هو جمع مسجد وهو مصدر، ومن كسر استأنف،
وأما " وأنه لما قام " فيحتمل العطف على أنه استمع وعلى إنا سمعنا، و (شططا)
نعت لمصدر محذوف: أي قولا شططا وكذلك (كذبا) أي قولا كذبا ويقرأ تقول
بالتشديد، فيجوز أن يكون كذبا مفعولا ونعتا، و (رصدا) أي مرصدا أو ذا
إرصاد، و (أشر) فاعلي فعل محذوف: أي أريد شر، و (قددا) جمع قدة مثل
عدة وعدد. و (هربا) مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (وأن لو استقاموا) أن مخففة من الثقيلة ولو عرض كالسين وسوف
وقيل " لو " بمعنى أن، وإن بمعنى اللام وليست لازمة كقوله تعالى " لئن لم ينته "
وقال تعالى في موضع آخر " وإن لم ينتهوا " ذكره ابن فصال في البرهان، والهاء في
(يدعوه) ضمير اسم الله: أي قام موحدا لله، و (لبدا) جمع لبدة، ويقرأ بضم
اللام وفتح الباء مثل حطم وهو نعت للمبالغة، ويقرأ مشددا مثل صوم.
قوله تعالى (إلا بلاغا) هو من غير الجنس، و (من أضعف) قد ذكر
270

أمثاله، و (من ارتضى) من استثناء من الجنس، وقيل هو مبتدأ والخبر (فإنه)
و (رصدا) مفعول يسلك: أي ملائكة رصدا، و (عددا) مصدر، لأن أحصى
بمعنى عد، ويجوز أن يكون تمييزا، والله أعلم.
سورة المزمل
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (المزمل) أصله المتزمل، فأبدلت التاء زايا وأدغمت، وقد قرئ
بتشديد الميم وتخفيف الزاي، وفيه وجهان: أحدهما هو مضاعف، والمفعول محذوف:
أي المزمل نفسه. والثاني هو مفتعل، فأبدلت الفاء ميما.
قوله تعالى (نصفه) فيه وجهان، أحدهما هو بدل من الليل بدل بعض من كل
و (إلا قليلا) استثناء من نصفه. والثاني هو بدل من قليلا، وهو أشبه بظاهر
الآية، لأنه قال تعالى " أو انقص منه أو زد عليه " والهاء فيهما للنصف، فلو كان
الاستثناء من النصف لصار التقدير: قم نصف الليل إلا قليلا أو انقص منه قليلا: أي
على الباقي، والقليل المستثنى غير مقدر، فالنقصان منه لا يعقل.
قوله تعالى (أشد وطأ) بكسر الواو بمعنى مواطأة وبفتحها، وهو اسم للمصدر
ووطأ على فعل، وهو مصدر وطئ وهو تمييز.
قوله تعالى (تبتيلا) مصدر على غير المصدر واقع موقع تبتل، وقيل المعنى
بتل نفسك تبتيلا.
قوله تعالى (رب المشرق) يقرأ بالجر على البدل، وبالنصب على إضمار أعنى
أو بدلا من اسم أو بفعل يفسره (فاتخذه) أي اتخذ رب المشرق، وبالرفع على أنه
خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ، ولا إله إلا هو الخبر.
قوله تعالى (والمكذبين) هو مفعول معه، وقيل هو معطوف، و (النعمة)
بفتح النون التنعم، وبكسرها كثرة الخير.
قوله تعالى (ومهلهم قليلا) أي تمهيلا قليلا، أو زمانا قليلا.
قوله تعالى (يوم ترجف) هو ظرف للاستقرار في خبر إن، وقيل هو وصف
271

لعذاب: أي واقعا يوم ترجف، وقيل هو ظرف لأليم. وأصل مهيل مهيول،
فحذف الواو عند سيبويه وسكنت الياء، والياء عند الأخفش، وقلبت الواو ياء.
قوله تعالى (فعصى فرعون الرسول) إنما أعاده بالألف واللام ليعلم أنه
الأول، فكأنه قال: فعصاه فرعون.
قوله تعالى (يوم) هو مفعول تتقون، أي تتقون عذاب يوم، وقيل هو مفعول
كفرتم: أي بيوم، و (يجعل الولدان) نعت اليوم، والعائد محذوف: أي
فيه، و (منفطر) بغير تاء على النسب: أي ذات انفطار، وقيل ذكر حملا على
معنى السقف، وقيل السماء تذكر وتؤنث.
قوله تعالى (ونصفه وثلثه) بالجر حملا على ثلثي، وبالنصب حملا على أدنى
(وطائفة) معطوف على ضمير الفاعل، وجرى الفصل مجرى التوكيد.
قوله تعالى (أن سيكون) أن مخففة من الثقيلة، والسين عوض من تخفيفها
وحذف اسمها، و (يبتغون) حال من الضمير في يضربون.
قوله تعالى (هو خيرا) هو فصل أو بدل أو تأكيد، وخبر المفعول الثاني.
سورة المدثر
بسم الله الرحمن الرحيم
(المدثر) كالمزمل، وقد ذكر.
قوله تعالى (تستكثر) بالرفع على أنه حال، وبالجزم على أنه جواب أو بدل،
وبالنصب على تقدير لتستكثر، والتقدير في جعله جوابا: إنك أن لا تمنن بعملك
أو بعطيتك تزدد من الثواب لسلامة ذلك عن الإبطال بالمن على ما قال تعالى " لا تبطلوا
صدقاتكم بالمن والأذى ".
قوله تعالى (فإذا نقر) " إذا " ظرف، وفي العامل فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو
ما دل عليه (فذلك) لأنه إشارة إلى النقر، و (يومئذ) بدل من إذا، وذلك
مبتدأ، والخبر (يوم عسير) أي نقر يوم. الثاني العامل فيه ما دل عليه عسير:
أي تعسير، ولا يعمل فيه نفس عسير لأن الصفة لا تعمل فيما قبلها. والثالث يخرج
على قول الأخفش، وهو أن يكون " إذا " مبتدأ، والخبر فذلك، والفاء زائدة،
272

فأما يومئذ فظرف لذلك، وقيل هو في موضع رفع بدل من ذلك، أو مبتدأ، ويوم
عسير خبره، والجملة خبر ذلك، و (على) يتعلق بعسير أو هي نعت له، أو حال
من الضمير الذي فيه، أو متعلق ب‍ (يسير) أو لما دل عليه.
قوله تعالى (ومن خلقت) هو مفعول معه أو معطوف، و (وحيدا) حال
من التاء في خلقت، أو من الهاء المحذوفة، أو من " من " أو من الياء في ذرني.
قوله تعالى (لا تبقى) يجوز أن يكون حالا من سقر، والعامل فيها معنى التعظيم،
وأن يكون مستأنفا: أي هي لا تبقى، و (لواحة) بالرفع: أي هي لواحة،
وبالنصب مثل لا تبقى، أو حال من الضمير في أي الفعلين شئت.
قوله تعالى (جنود ربك) هو مفعول يلزم تقديمه ليعود الضمير إلى مذكور،
و (أدبر) ودبر لغتان، ويقرأ إذ وإذا.
قوله تعالى (نذيرا) في نصبه أوجه: أحدها هو حال من الفاعل في قم في أول
السورة. والثاني من الضمير في فأنذر حال مؤكدة. والثالث هو حال من الضمير
في إحدى. والرابع هو حال من نفس إحدى. والخامس حال من الكبر أو من الضمير
فيها. والسادس حال من اسم إن. والسابع أن نذيرا في معنى إنذار: أي فأنذر إنذارا
أو إنها لإحدى الكبر لانذار البشر، وفي هذه الأقوال مالا نرتضيه ولكن حكيناها،
والمختار أن يكون حالا مما دلت عليه الجملة تقديره: عظمت عليه نذيرا.
قوله تعالى (لمن شاء) هو بدل بإعادة الجار.
قوله تعالى (في جنات) يجوز أن يكون حالا من أصحاب اليمين، وأن يكون
حالا من الضمير في يتساءلون.
قوله تعالى (لم نك من المصلين) هذه الجملة سدت مسد الفاعل، وهو
جواب ما سلككم، و (معرضين) حال من الضمير في الجار، و (كأنهم) حال
هي بدل من معرضين أو من الضمير فيه، و (مستنفرة) بالكسر نافرة، وبالفتح
منفرة (فرت) حال، وقد معها مقدرة أو خبر آخر، و (منشرة) بالتشديد على
التكثير، وبالتخفيف وسكون النون من أنشرت، إما بمعنى أمر بنشرها ومكن منه
مثل ألحمتك عرض فلان، أو بمعنى منشورة مثل أحمدت الرجل: أو بمعنى أنشر الله
الميت: أي أحياه، فكأنه أحيا ما فيها بذكره، والهاء في إنه للقرآن أو للوعيد.
قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) أي إلا وقت مشيئة الله عز وجل.
273

سورة القيامة
بسم الله الرحمن الرحيم
في (لا) وجهان: أحدهما هي زائدة كما زيدت في قوله تعالى " لئلا يعلم " والثاني
ليست زائدة، وفي المعنى وجهان: أحدهما هي نفى للقسم بها كما نفى القسم بالنفس.
والثاني أن لا رد لكلام مقدر، لأنهم قالوا أنت مفتر على الله في قولك نبعث فقال
لا، ثم ابتدأ، فقال: أقسم، وهذا كثير في الشعر، فإن واو العطف تأتى في مبادئ
القصائد كثيرا يقدر هناك كلام يعطف عليه، وقرئ " لأقسم ". وفي الكلام وجهان:
أحدهما هي لام التوكيد دخلت على الفعل المضارع كقوله تعالى " وإن ربك ليحكم
بينهم " وليست لام القسم. والثاني هي لام القسم ولم تصحبها النون اعتمادا على المعنى
ولإن خبر الله صدق، فجاز أن يأتي من غير توكيد، وقيل شبهت الجملة الفعلية بالجملة
الاسمية كقوله تعالى " لعمرك إنهم لفي سكرتهم ".
قوله تعالى (قادرين) أي بل نجمعها، فقادرين حال من الفاعل، و (أمامه)
ظرف: أي ليكفر فيما يستقبل، و (يسأل) تفسير ليفجر.
قوله تعالى (إلى ربك) هو خبر (المستقر) ويومئذ منصوب بفعل دل عليه
المستقر، ولا يعمل فيه المستقر لأنه مصدر بمعنى الاستقرار، والمعنى إليه المرجع.
قوله تعالى (بل الإنسان) هو مبتدأ، و (بصيرة) خبره، وعلى يتعلق بالخبر
وفي التأنيث وجهان: أحدهما ه‍ داخلة للمبالغة: أي بصير على نفسه. والثاني هو
على المعنى: أي هو حجة بصيرة على نفسه، ونسب الابصار إلى الحجة لما ذكر
في بني إسرائيل، وقيل بصيرة هنا مصدر، والتقدير: ذو بصيرة، ولا يصح ذلك
إلا على التبيين.
قوله تعالى (وجوه) هو مبتدأ، و (ناضرة) خبره، وجاز الابتداء بالنكرة
لحصول الفائدة، ويومئذ ظرف للخبر، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا: أي ثم وجوه
وناضرة صفة، وأما (إلى) فتتعلق ب‍ (ناظرة) الأخيرة. وقال بعض غلاة المعتزلة
إلى هاهنا اسم بمعنى النعمة: أي منتظرة نعمة ربها، والمراد أصحاب الوجوه.
قوله تعالى (إذا بلغت) العامل في إذا معنى " إلى ربك يومئذ المساق " أي إذا
بلغت الحلقوم رفعت إلى الله تعالى، و (التراقي) جمع ترقوة، وهي فعلوة وليست
274

بتفعلة إذ ليس في الكلام ترق، و (من) مبتدأ، و (راق) خبره: أي من يرقيها
ليبرئها: وقيل من يرفعها إلى الله عز وجل أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟.
قوله تعالى (فلا صدق) لا بمعنى ما و (يتمطى) فيه وجهان: أحدهما الألف
مبدلة من طاء، والأصل يتمطط: أي يتمدد في مشيه كبرا. والثاني هو بدل من واو
والمعنى يمد مطاه: أي ظهره.
قوله تعالى (أولى لك) وزن أولى فيه قولان: أحدهما فعلى، والألف للإلحاق
لا للتأنيث. والثاني هو أفعل، وهو على القولين هنا علم، فلذلك لم ينون، ويدل
عليه ما حكى عن أبي زيد في النوادر هي أولاة بالتاء غير مصروف، فعلى هذا يكون
أولى مبتدأ ولك الخبر. والقول الثاني أنه اسم للفعل مبنى، ومعناه وليك شر بعد شر
ولك تبيين، و (سدى) حال وألفه مبدلة من واو (يمنى) بالياء على أن الضمير
للمنى، فيكون في موضع جر، ويجوز أن يكون للنطفة لأن التأنيث غير حقيقي،
والنطفة بمعنى الماء فيكون في موضع نصب كالقراءة بالتاء، و (الذكر والأنثى)
بدل من الزوجين، و (يحيى) بالإظهار لاغير، لأن الياء لو أدغمت للزم الجمع بين
ساكنين لفظا وتقديرا، والله أعلم.
سورة الإنسان
بسم الله الرحمن الرحيم
في (هل) وجهان: أحدهما هي بمعنى قد. والثاني هي استفهام على بابها
والاستفهام هنا للتقرير أو التوبيخ، و (لم يكن شيئا) حال من الإنسان،
و (أمشاج) بدل أو صفة، وهو جمع مشيج، وجاز وصف الواحد بالجمع هنا لأنه
كان في الأصل متفرقا ثم جمع: أي نطفة أخلاط، و (نبتليه) حال من الإنسان،
أو من ضمير الفاعل.
قوله تعالى (إما شاكرا) إما هاهنا لتفصيل الأحوال، وشاكرا وكفورا حالان
أي يناله في كلتا حالتيه.
قوله تعالى (سلاسل) القراءة بترك التنوين، ونونه قوم أخرجوه على الأصل،
وقرب ذلك عندهم شيئان: أحدهما اتباعه ما بعده. والثاني أنهم وجدوا في الشعر
275

مثل ذلك منونا في الفواصل، وإن هذا الجمع قد جمع كقول الراجز:
* قد جرت الطير أيا منينا *
قوله تعالى (من كأس) المفعول محذوف: أي خمرا أو ماء من كأس، وقيل
" من " زائدة، و (كان مزاجها) نعت لكأس، وأما (عينا) ففي نصبها أوجه:
أحدها هو بدل من موضع من كأس. والثاني من كافور: أي ماء عين أو خمر عين.
والثالث بفعل محذوف: أي أعنى والرابع تقديره: أعطوا عينا. والخامس يشربون
عينا وقد فسره ما بعده.
قوله تعالى (يشرب بها) قيل الباء زائدة، وقيل هي بمعنى " من " وقيل هو
حال أي يشرب ممزوجا بها، والأولى أن يكون محمولا على المعنى، والمعنى يلتذ بها،
و (يفجرونها) حال.
قوله تعالى (يوفون) هو مستأنف البتة.
قوله تعالى (متكئين فيها) يجوز أن يكون حالا من المفعول في جزاهم، وأن
يكون صفة لجنة، و (لا يرون) يجوز أن يكون حالا من الضمير المرفوع في متكئين
وأن يكون حالا أخرى، وأن يكون صفة لجنة، وأما (ودانية) ففيه أوجه:
أحدها أن يكون معطوفا على لا يرون أو على متكئين، فيكون فيه من الوجوه ما في
المعطوف عليه. والثاني أن يكون صفة لمحذوف تقديره: وجنة دانية، وقرئ ودانية
بالرفع على أنه خبر، والمبتدأ (ظلالها) وحكى بالجر: أي في جنة دانية، وهو
ضعيف لأنه عطف على المجرور من غير إعادة الجار، وأما ظلالها فمبتدأ، وعليهم
الخبر على قول من نصب دانية أو جره، لأن دنا يتعدى بإلى، ويجوز أن يرتفع بدانية
لأن دنا وأشر ف بمعنى، وأما (وذللت) فيجوز أن يكون حالا: أي وقد ذللت،
وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (قواريرا قوارير) يقرءان بالتنوين وبغير التنوين وقد ذكر،
والأكثرون يقفون على الأول بالألف لأنه رأس آية. وفي نصبه وجهان: أحدهما
هو خبر كان والثاني حال، وكان تامة: أي كونت، وحسن التكرير لما اتصل
به من بيان أصلها، ولولا التكرير لم يحسن أن يكون الأول رأس آية لشدة اتصال
الصفة بالموصوف، و (قدروها) يجوز أن يكون نعتا لقوارير، وأن يكون
مستأنفا، و (عينا) فيها من الوجوه ما تقدم في الأول والسلسبيل كلمة واحدة ووزنها
فعليل (1) مثل إدريس.

(1) قوله (ووزنها فعليل) أي لأن الباء زائدة كما في البيضاوي اه‍.
276

قوله تعالى (عاليهم) فيه قولان: أحدهما هو فاعل، وانتصب على الحال
من المجرور في عاليهم، و (ثياب سندس) مرفوع به: أي يطوف عليهم في حال
علو السندس، ولم يؤنث عاليا لأن تأنيث الثياب غير حقيقي والقول الثاني هو ظرف
لأن عاليهم جلودهم، وفي هذا القول ضعف، ويقرأ بسكون الياء إما على تخفيف
المفتوح المنقوص، أو على الابتداء والخبر، ويقرأ " عاليتهم " بالتاء وهو ظاهر،
و (خضر) بالجر صفة لسندس، وبالرفع لثياب (وإستبرق) بالجر عطفا على
سندس، وبالرفع على ثياب.
قوله تعالى (أو كفورا) أو هنا على بابها عند سيبويه، وتفيد في النهى المنع
من الجميع، لأنك إذا قلت في الإباحة جالس الحسن أو ابن سيرين كان التقدير:
جالس أحدهما، فإذا نهى قال لاتكلم زيدا أو عمرا، فالتقدير: لاتكلم أحدهما.
فأيهما كلمه كان أحدهما فيكون ممنوعا منه، فكذلك في الآية، ويئول المنع إلى
تقدير: فلا تطع منهما آثما ولا كفورا.
قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) أي إلا وقت مشيئة الله أو إلا في حال مشيئة
الله عز وجل (والظالمين) منصوب بفعل محذوف تقديره: ويعذب الظالمين،
وفسره الفعل المذكور، وكان النصب أحسن لأن المعطوف عليه قد عمل فيه الفعل
وقرئ بالرفع على الابتداء، والله أعلم.
سورة المرسلات
بسم الله الرحمن الرحيم
الواو الأولى للقسم، وما بعدها للعطف، ولذلك جاءت الفاء، و (عرفا)
مصدر في موضع الحال: أي متتابعة، يعنى الريح، وقيل المراد الملائكة فيكون
التقدير بالعرف أو للعرف، و (عصفا) مصدر مؤكد، و (ذكرا) مفعول به،
وفي (عذرا أو نذرا) وجهان: أحدهما مصدران يسكن أوسطهما ويضم. والثاني
هما جمع عذير ونذير، فعلى الأول ينتصبان على المفعول له، أو على البدل من ذكرا،
أو بذكرا، وعلى الثاني هما حالان من الضمير في الملقيات: أي معذرين ومنذرين.
قوله تعالى (إنما) " ما " هاهنا بمعنى الذي، والخبر (لواقع) ولا تكون
" ما " مصدرية هنا ولا كافة.
277

قوله تعالى (فإذا النجوم) جواب إذا محذوف تقديره: بأن الأمر أو فصل،
ويقال لأي يوم، وجوابها العامل فيها، ولا يجوز أن يكون (طمست) جوابا
لأنه الفعل المفسر لمواقع النجوم الكلام لا يتم به، والتقدير: فإذا طمست النجوم
ثم حذف الفعل استغناء عنه بما بعده. وقال الكوفيون: الاسم بعد إذا مبتدأ، وهو
بعيد لما في إذا من معنى الشرط المتقاضي بالفعل
قوله تعالى (وقتت) بالواو على الأصل، لأنه من الوقت، وقرئ بالتخفيف،
ودل عليه قوله تعالى " كتابا موقوتا " وقرئ بالهمز لأن الواو قد ضمت ضما لازما
فهرب منها إلى الهمزة.
قوله تعالى (لأي يوم) أي يقال لهم، و (ليوم الفصل) تبيين لما قبله.
قوله تعالى (ويل) هو مبتدأ، و (يومئذ) نعت له أو ظرف له،
و (للمكذبين) الخبر.
قوله تعالى (ثم نتبعهم) الجمهور على الرفع: أي ثم نحن نتبعهم، وليس
بمعطوف لأن العطف يوجب أن يكون المعنى أهلكنا المجرمين ثم أتبعناهم الآخرين
في الهلاك، وليس كذلك لأن إهلاك الآخرين لم يقع بعد، وقرئ بإسكان العين
شاذا. وفيه وجهان: أحدهما هو على التخفيف لا على الجزم. والثاني هو مجزوم،
والمعنى: ثم أتبعناهم الآخرين في الوعد بالإهلاك، أو أراد بالآخرين آخر
من أهلك.
قوله تعالى (إلى قدر) هو في موضع الحال: أي مؤخرا إلى قدر، و (قدرنا)
بالتخفيف أجود لقوله تعالى (فنعم القادرون) ولم يقل المقدرون، ومن شدد
الفعل نبه على التكثير، واستغنى به عن التكثير بتشديد الاسم، والمخصوص بالمدح
محذوف: أي فنعم القادرون نحن.
قوله تعالى (كفاتا) جمع كافت مثل صائم وصيام وقيل هو مصدر مثل كتاب
وحساب، والتقدير: ذات كفت أي جمع، وأما (أحياء) ففيه وجهان،: أحدهما هو
مفعول كفاتا. والثاني هو المفعول الثاني لجعلنا: أي جعلنا بعض الأرض أحياء بالنبات،
وكفاتا على هذا حال والتاء في فرات أصل.
قوله تعالى (لا ظليل) نعت لظل، و (القصر) بسكون الصاد، وهو المشهور
وهو المبنى، ويقرأ بفتحها وهو جمع قصرة وهي أصل النخلة والشجرة، و (جمالات)
جمع جمالة وهو اسم الجمع مثل الزكارة والحجارة والضم لغة.
278

قوله تعالى (هذا) هو مبتدأ، و (يوم لا ينطقون) خبره، ويقرأ بفتح الميم
وهو نصب على الظرف: أي هذا المذكور في يوم لا ينطقون. وأجاز الكوفيون أن
يكون مرفوع الموضع مبنى اللفظ لإضافته إلى الجملة.
قوله تعالى (فيعتذرون) في رفعه وجهان: أحدهما هو نفى كالذي قبله: أي
فلا يعتذرون. والثاني هو مستأنف: أي فهم يعتذرون فيكون المعنى أنهم لا ينطقون
نطقا ينفعهم: أي لا ينطقون في بعض المواقف وينطقون في بعضها، وليس بجواب
النفي، إذ لو كان كذلك لحذف النون.
قوله تعالى (قليلا) أي تمتعا أو زمانا، والله أعلم.
سورة التساؤل
بسم الله الرحمن الرحيم
قد ذكرنا حذف ألف ما في الاستفهام، و (عن) متعلقة ب‍ (يتساءلون) فأما
(عن) الثانية فبدل من الأولى، وألف الاستفهام التي ينبغي أن تعاد محذوفة، أو هي
متعلقة بفعل آخر غير مستفهم عنه: أي يتساءلون عن النبأ (الذي) يحتمل الجر
والنصب والرفع، و (أزواجا) حال: أي متجانسين متشابهين.
قوله تعالى (ألفافا) هو جمع لف مثل جذع وأجذاع، وقيل هو جمع لف ولف
جمع لفاء.
قوله تعالى (يوم ينفخ) هو بدل من يوم الفصل أو من ميقات، أو هو منصوب
بإضمار أعنى، و (أفواجا) حال.
قوله تعالى (للطاغين) يجوز أن يكون حالا من (مآبا) أي مرجعا للطاغين،
وأن يكون صفة لمرصادا، وأن تتعلق اللام بنفس مرصادا، و (لابثين) حال من
الضمير، في الطاغين حال مقدرة، و (أحقابا) معمول لابثين، وقيل معمول
(لا يذوقون) ويراد أحقابا هنا الأبد ولا يذوقون حال أخرى، أو حال من الضمير
في لابثين، و (جزاءا) مصدر. أي جوزوا جزاء بذلك، و (كذابا) بالتشديد
مصدر كالتكذيب، وبالتخفيف مصدر كذب إذا تكرر منه الكذب، وهو في المعنى
قريب من كذب (وكل شئ) منصوب بفعل محذوف، و (كتابا) حال: أي
مكتوبا، ويجوز أن يكون مصدرا على المعنى، لأن أحصيناه بمعنى كتبناه،
279

و (حدائق) بدل من مفازا، و (لا يسمعون) حال من الضمير في خبر إن
ويجوز أن يكون مستأنفا، و (عطاء) اسم للمصدر وهو بدل من جزاء و (رب
السماوات) بالرفع على الابتداء، وفي خبره وجهان: أحدهما (الرحمن) فيكون
ما بعده خبرا آخر أو مستأنفا. والثاني الرحمن نعت، و (لا يملكون) الخبر، ويجوز
أن يكون رب خبر مبتدأ محذوف: أي هو رب السماوات، والرحمن وما بعده مبتدأ
وخبر، ويقرأ " رب " والرحمن بالجر بدلا من ربك.
قوله تعالى (يوم يقوم) يجوز أن يكون ظرفا للا يملكون ولخطابا (ولا يتكلمون)
(وصفا) حال قوله تعالى (يوم ينظر) أي عذاب يوم، فهو بدل، ويجوز أن يكون
صفة لقريب، والله أعلم.
سورة والنازعات
بسم الله الرحمن الرحيم
(غرقا) مصدر على المعنى، لأن النازع المغرق في نزع السهم أو في جذب الروح
وهو مصدر محذوف الزيادة: أي إغراقا، و (أمرا) مفعول، وقيل حال: أي
يدبرون مأمورات، و (يوم ترجف) مفعول: أي اذكر، ويجوز أن يكون
ظرفا لما دل عليه راجفة أو خاشعة: أي يخاف يوم ترجف، و (تتبعها) مستأنف.
أو حال من الراجفة.
قوله تعالى (يقولون) أي يقول أصحاب القلوب والأبصار.
قوله تعالى (اذهب) أي قال اذهب، وقيل التقدير: إن ذهب فحذف إن.
قوله تعالى (إلى أن تزكى) لما كان المعنى أدعوك جاء بإلى.
قوله تعالى (نكال الآخرة) في نصبه وجهان: أحدهما هو مفعول له. والثاني
هو مصدر لأن أخذه ونكل به هنا بمعنى. فأما جواب القسم فقيل هو (إن في ذلك
لعبرة) وقيل هو محذوف تقديره: لتبعثن.
قوله تعالى (أم السماء) هو مبتدأ، والخبر محذوف: أي أم السماء أشد،
و (بناها) مستأنف، وقيل حال من المحذوف (والأرض) منصوب بفعل محذوف
أي ودحا الأرض، وكذلك (والجبال) أي وأرسى الجبال، و (متاعا) مفعول له
أو مصدر.
قوله تعالى (فإذا جاءت) العامل فيها جوابها، وهو معنى قوله تعالى " يوم يتذكر "
280

قوله تعالى (هي المأوى) أي هي المأوى له، لا بد من ذلك ليعود على " من "
من الخبر ضمير، وكذلك (المأوأى) الثاني والهاء في (ضحاها) ضمير العشية مثل
قولك في ليلة ويومها.
سورة عبس
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أن جاءه) أي لأن جاءه.
قوله تعالى (فتنفعه) بالرفع عطفا على يذكر، وبالنصب على جواب التمني
في المعنى، ويقرأ، و (تصدى) يتفعل من الصدى وهو الصوت: أي لا يناديك
إلا أجبته، ويجوز أن تكون الألف بدلا من دال، ويكون من الصدد، وهو الناحية
والجانب، و (إنها) الضمير للموعظة، والضمير في الفعل للقرآن، و (في صحف)
حال من الهاء، ويجوز أن يكون نعتا للتذكرة، وأن يكون التقدير: هو أو هي
في صحف، وكذلك (بأيدي) و (من نطفة) متعلق بخلق الثانية. وما أكفره
تعجب أو استفهام.
قوله تعالى (ثم السبيل) هو مفعول فعل محذوف: أي ثم يسر السبيل للإنسان،
ويجوز أن ينصب بأن مفعول ثان ليسره، والهاء للإنسان: أي يسره السبيل: أي
هداه له.
قوله تعالى (ما أمره) " ما " بمعنى الذي، والعائد محذوف: أي ما أمره به،
والله أعلم.
قوله تعالى (أنا صببنا) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على البدل من طعامه
أو على تقدير اللام (فإذا جاءت الصاخة) مثل جاءت الطامة، وقيل العامل في إذا
معنى (لكل امرئ) والله أعلم.
281

سورة التكوير
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إذا الشمس) أي إذا كورت الشمس، وجواب إذا (علمت
نفس) و (الجواري) صفة للخنس.
قوله تعالى (عند ذي العرش) يجوز أن يكون نعتا لرسول، وأن يكون نعتا
لمكين، و (ثم) معمول مطاع، وقرئ بضم الثاء، والهاء في (رآه) لجبريل
عليه السلام، و (بظنين) بالظاء: أي بمتهم، وبالضاد: أي ببخيل، وعلى تتعلق
به على الوجهين.
قوله تعالى (فأين تذهبون) أي إلى أين، فحذف حرف الجر كما قالوا
ذهبت الشام، ويجوز أن يحمل. على المعنى كأنه قال: أين تؤمنون، و (لمن شاء)
بدل بإعادة الجار، و (إلا أن يشاء الله) أي إلا وقت مشيئته، والله أعلم.
سورة الانفطار
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب (إذا علمت) و (ما غرك) استفهام لا غير، ولو كان تعجبا لقال
ما أغرك. و (عدلك) بالتشديد قوم خلقك، وبالتخفيف على هذا المعنى، ويجوز
أن يكون معناه صرفك على الخلقة المكروهة.
قوله تعالى (ما شاء) يجوز أن تكون " ما " زائدة، وأن تكون شرطية، وعلى
الأمرين الجملة نعت لصورة، والعائد محذوف: أي ركبك عليها، وفي تتعلق بركبك
وقيل لا موضع للجملة لأن في تتعلق بأحد الفعلين، فالجميع كلام واحد، وإنما
تقدم الاستفهام عن ما هو حقه، و (كراما) نعت، و (يعلمون) كذلك، ويجوز
أن يكون حالا: أي يكتبون عالمين.
قوله تعالى (يصلونها) يجوز أن يكون حالا من الضمير في الخبر، وأن يكون
نعتا لجحيم.
قوله تعالى (يوم لا تملك) يقرأ بالرفع: أي هو يوم، وبالنصب على تقدير
أعنى يوم، وقيل التقدير: يجازون يوم، ودل عليه ذكر الدين، وقيل حقه الرفع،
282

ولكن فتح على حكم الظرف كقوله تعالى " ومنا دون ذلك " وعند الكوفيين هو مبنى
على الفتح، والله أعلم.
سورة التطفيف
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (كالوهم) " في " هم وجهان: أحدهما هو ضمير مفعول متصل،
والتقدير: كالوا لهم، وقيل هذا الفعل يتعدى بنفسه تارة وبالحرف أخرى، والمفعول
هنا محذوف: أي كالوهم الطعام ونحو ذلك، وعلى هذا لا يكتب كالواو وزنوا بالألف
والوجه الثاني أنه ضمير منفصل مؤكد لضمير الفاعل، فعلى هذا يكتبان بالألف.
قوله تعالى (ألا يظن) الأصل لا النافية دخلت عليها همزة الاستفهام، وليست
ألا التي للتنبيه، لأن ما بعد تلك مثبت، وهاهنا هو منفى.
قوله تعالى (يوم يقوم الناس) هو بدل من موضع الجار والمجرور، وقيل
التقدير: يبعثون يوم يقوم الناس، وقيل التقدير: أعنى، وقيل هو مبنى وحقه الجر
أو الرفع، والنون في (سجين) أصل من السجن وهو الحبس، وقيل هو بدل
من اللام.
قوله تعالى (كتاب) أي هو محل كتاب لأن السجين مكان، وقيل التقدير: هو
كتاب من غير حذف، والتقدير: وما أدراك ما كتاب سجين.
قوله تعالى (ثم يقال) القائم مقام الفاعل مضمر تفسره الجملة بعده، وقيل هو
الجملة نفسها، وأما (عليون) فواحدها على وهو الملك، وقيل هو صيغة للجمع
مثل عشرين، وليس له واحد، والتقدير: عليون محل كتاب، وقيل التقدير:
ما كتاب عليين، و (ينظرون) صفة للأبرار ويجوز أن يكون حالا، وأن يكون
مستأنفا، وعلى يتعلق به، ويجوز أن يكون حالا إما من الضمير في المجرور قبلها،
أو من الفاعل في ينظرون.
قوله تعالى (عينا) أي أعنى عينا، وقيل التقدير: يسقون عينا: أي ماء عين
وقيل هو حال من تسنيم، وتسنيم علم، وقيل تسنيم مصدر، وهو الناصب عينا،
و (يشرب بها) قد ذكر في الإنسان.
283

قوله تعالى (هل ثوب) موضع الجملة نصب بينظرون، وقيل لا موضع له،
وقيل التقدير: يقال لهم هل ثوب، والله أعلم.
سورة الانشقاق
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب (إذا) فيه أقوال: أحدها أذنت والواو زائدة. والثاني هو محذوف
تقديره: يقال يا أيها الإنسان إنك كادح، وقيل التقدير: بعثتم أو جوزيتم، ونحو
ذلك مما دلت عليه السورة. والثالث أن " إذا " مبتدأ، وإذا الأرض خبره، والواو
زائدة حكى عن الأخفش. والرابع أنها لا جواب لها، والتقدير: اذكر إذا السماء،
والهاء في " ملاقيه " ضمير ربك، وقيل هو ضمير الكدح: أي ملاقي جزائه،
و (مسرورا) حال، و (ثبورا) مثل التي في الفرقان (وما وسق) " ما " بمعنى
الذي، أو نكرة موصوفة، أو مصدرية.
قوله تعالى (لتركبن) على خطاب الجماعة، ويقرأ على خطاب الواحد، وهو
النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل الإنسان المخاطب، و (طبقا) مفعول، و (عن)
بمعنى بعد، والصحيح أنها على بابها وهي صفة: أي طبقا حاصلا عن طبق: أي حالا
عن حال، وقيل جيلا عن جيل، و (لا يؤمنون) حال، و (إلا الذين آمنوا)
استثناء، ويجوز أن يكون متصلا، وأن يكون منقطعا، والله أعلم.
سورة البروج
بسم الله الرحمن الرحيم
الواو للقسم، وجوابه محذوف: أي لتبعثن ونحوه، وقيل جوابه قتل: أي
لقد قتل، وقيل جوابه: إن بطش ربك (واليوم الموعود) أي الموعود به،
و (النار) بدل من الأخدود، وقيل التقدير: ذي النار لأن الأخدود هو الشق
في الأرض، وقرئ شاذا بالرفع: أي هو النار، و (إذ هم) ظرف لقتل، وقيل
التقدير: اذكر (فلهم عذاب جهنم) قيل هو مثل قوله تعالى " فإنه ملاقيكم "
(فرعون وثمود) قيل هما بدلان من الجنود، وقيل التقدير: أعنى، والمجيد
بالرفع نعت لله عز وجل، وبالجر للعرش، و (محفوظ) بالرفع نعت للقرآن العظيم،
وبالجر للوح.
284

سورة الطارق
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب القسم (إن كل نفس) وإن بمعنى " ما " و (لما) بالتشديد بمعنى إلا،
وبالتخفيف ما فيه زائدة، وإن هي المخففة من الثقيلة: أي إن كل نفس لعليها حافظ
وحافظ مبتدأ، وعليها الخبر، ويجوز أن يرتفع حافظ بالظرف، و (دافق) على
النسب: أي ذو اندفاق، وقيل هو بمعنى مدفوق، وقيل هو على المعنى، لأن
اندفق الماء بمعنى نزل، والهاء في (رجعه) تعود على الإنسان، فالمصدر مضاف
إلى المفعول: أي الله قادر على بعثه، فعلى هذا في قوله تعالى (يوم تبلى السرائر)
أوجه: أحدها هو معمول قادر. والثاني على التبيين: أي يرجع يوم تبلى. والثالث
تقديره اذكر، ولا يجوز أن يعمل فيه رجعه للفصل بينهما بالخبر، وقيل الهاء في رجعه
للماء: أي قادر على رد الماء في الإحليل أو في الصلب، فعلى هذا يكون منقطعا عن
قوله تعالى " يوم تبلى السرائر " فيعمل فيه اذكر، و (رويدا) نعت لمصدر محذوف:
أي إمهالا رويدا، ورويدا تصغير رود، وقيل هو مصدر محذوف الزيادة، والأصل
إروادا، والله أعلم.
سورة الأعلى جل وعلا
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سبح اسم ربك) قيل لفظة اسم زائدة، وقيل في الكلام حذف
مضاف: أي سبح مسمى ربك ذكرهما أبو علي في كتاب الشعر، وقيل هو على
ظاهره: أي نزه اسمه عن الابتذال والكذب إذا أقسمت به.
قوله تعالى (أحوى) قيل هو نعت لغثاء، وقيل هو حال من المرعى: أي أخرج
المرعى أخضر ثم صيره غثاء، فقدم بعض الصلة.
قوله تعالى (فلا تنسى) لا نافية أي فما تنسى، وقيل هي للنهي ولم تجزم لتوافق
رؤوس الآي، وقيل الألف ناشئة عن إشباع الفتحة، و (يؤثرون) بالياء على
الغيبة، وبالتاء على الخطاب: أي قل لهم ذلك.
285

سورة الغاشية
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وجوه) هو مبتدأ، و (خاشعة) خبره، ويومئذ ظرف للخبر،
و (عاملة) وصف لها بما كانت عليه في الدنيا (إلا من ضريع) يجوز أن يكون
في موضع نصب على أصل الباب، وأن يكون رفعا على البدل.
قوله تعالى (إلا من تولى) هو استثناء منقطع، والاياب مصدر آب يؤوب
مثل القيام والصيام، أبدلت الواو ياء لانكسار ما قبلها واعتلالها في الفعل، ويقرأ
بتشديد الياء وأصله إيواب على فيعال فاجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون
فأبدلت الواو ياء وأدغم.
سورة الفجر
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب القسم: إن ربك لبالمرصاد (والوتر) بالفتح والكسر لغتان، و (إذا)
ظرف، والعامل فيه محذوف: أي أقسم به إذا يسر، والجيد إثبات الياء، ومن
حذفها فلتوافق رؤوس الآي، و (إرم) لا ينصرف للتعريف والتأنيث، قيل هو اسم
قبيلة فعلى هذا يكون التقدير: إرم صاحب ذات العماد، لأن ذات العماد مدينة،
وقيل ذات العماد وصف، كما تقول القبيلة ذات الملك، وقيل " إرم " مدينة، فعلى
هذا يكون التقدير: بعاد صاحب إرم، ويقرأ " بعاد إرم " بالإضافة فلا يحتاج إلى
تقدير، ويقرأ " إرم ذات العماد " بالجر على الإضافة (وثمود) معطوف على عاد
وكذلك (فرعون).
قوله تعالى (الذين طغوا) في الجمع وجهان: أحدهما أنه صفة للجمع. والثاني
هو صفة لفرعون وأتباعه، واكتفى بذكره عن ذكرهم.
قوله تعالى (فأكرمه) هو معطوف على ابتلاه، وأما (فيقول) فجواب إذا
وإذا وجوابها خبر عن الإنسان.
قوله تعالى (ولا يحضون) المفعول محذوف: أي لا يحضون أحدا أي لا يحضون
أنفسهم، ويقرأ " ولا تحاضون " وهو فعل لازم بمعنى تتحاضون.
286

قوله تعالى (يومئذ) هو بدل من إذا في قوله تعالى " إذا دكت " والعامل فيه
(يتذكر) و (يقول) تفسير ليتذكر، ويجوز أن يكون العامل في إذا يقول،
وفى يومئذ يتذكر، و (صفا) حال.
قوله تعالى (لا يعذب) و (لا يوثق) يقرءان بكسر الذال والثاء، والفاعل
(أحد) والهاء تعود على الله عز وجل، ويقرآن بالفتح على ما لم يسم فاعله، والهاء
للمفعول، والتقدير: مثل عذابه، ومثل وثاقه، والعذاب والوثاق اسمان للتعذيب
والإيثاق (راضية) حال، والله أعلم.
سورة البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (لا أقسم بهذا البلد) مثل " لا أقسم بيوم القيامة " وقيل لا أقسم
به وأنت حل فيه، بل أقسم بك (ووالد) معطوف على البلد، و (ما) بمعنى من
وجواب القسم (لقد خلقنا) و (في كبد) حال: أي مكابدا.
قوله تعالى (فلا اقتحم) لا بمعنى " ما " وأكثر ما يجئ مثل هذا مكررا مثل
" فلا صدق ولا صلى ".
قوله تعالى (ما العقبة) أي ما اقتحام العقبة لأنه فسره بقوله تعالى (فك رقبة)
وهو فعل سواء كان بلفظ الفعل أو بلفظ المصدر، والعقبة عين فلا تفسر بالفعل،
فمن قرأ فك وأطعم فسر المصدر بالجملة الفعلية لدلالتهما عليه، ومن قرأ فك رقبة
أو إطعام كان التقدير: هو فك رقبة، والمصدر مضاف إلى المفعول، وإطعام غير
مضاف، ولا ضمير فيهما لأن المصدر لا يتحمل الضمير. وذهب بعض البصريين
إلى أن المصدر إذا عمل في المفعول كان فيه ضمير كالضمير في اسم الفاعل، و (يتيما)
مفعول إطعام، و (ثم) هنا لترتيب الأخبار لا لترتيب المخبر عنه، ومن همز
(مؤصدة) أخذه من آصد الباب، ومن لم يهمز جاز أن يكون خفف الهمز،
وأن يكون من أوصده، والله أعلم.
287

سورة الشمس
بسم الله الرحمن الرحيم
الواو الأولى للقسم، وما بعدها عطف، و (إذ) معمول للقسم، وجواب القسم
(قد أفلح) وحذف اللام لطول الكلام، و " ما " في المواضع الثلاثة بمعنى من،
وقيل مصدرية، و (دساها) أصله دسسها فأبدلت السين الأخيرة ألفا لكثرة
الأمثال. والطغوى فعلى من الطغيان، والواو مبدلة من ياء مثل التقوى، ومن قال
طغوت كانت الواو أصلا عنده، و (إذ) ظرف لكذبت أو لطغوى، و (ناقة
الله) منصوب بمعنى احذروا (ولا يخاف) بالواو والجملة حال: أي فعلى ذلك وهو
لا يخاف، وقرئ بالفاء على أنها للعطف من غير مهلة، والضمير في سواها وعقباها
للعقوبة، والله أعلم.
سورة الليل
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وما خلق) " ما " بمعنى من أو مصدرية، فعلى الأول من كنى به عن
الله عز وجل، و (الذكر) مفعول أو يكون عن المخلوق، فيكون الذكر بدلا من
" من " والعائد محذوف (وما يغنى) يجوز أن يكون نفيا: وأن يكون استفهاما،
و (نارا تلظى) يقرأ بكسر التنوين وتشديد التاء، وقد ذكر وجهه في قوله تعالى
" ولا تيمموا الخبيث ".
قوله تعالى (إلا ابتغاء) هو استثناء من غير الجنس، والتقدير: لكن فعل ذلك
ابتغاء وجه ربه.
سورة الضحى
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ودعك) بالتشديد، وقد قرئ بالتخفيف، وهي لغة قليلة قال
أبو الأسود الدؤلي:
ليت شعري عن خليلي ما الذي * غاله في الحب حتى ودعه
أي ترك الحب.
288

قوله تعالى (وما قلى) الألف مبدلة عن ياء لقولهم قليته، والمفعول محذوف:
أي وما قلاك، وكذلك فآواك وفهداك وفأغناك، و (اليتيم) منصوب، بعده،
وكذلك (السائل) و (بنعمة ربك) متعلق ب‍ (حدث) ولا تمنع الفاء من ذلك
لأنها كالزائدة.
سورة ألم نشرح
بسم الله الرحمن الرحيم
(العسر) في الموضعين واحد، لأن الألف واللام توجب تكرير الأول،
وأما يسرا في الموضعين فاثنان، لأن النكرة إذا أريد تكريرها جئ بضميرها
أو بالألف واللام، ومن هنا قيل " لن يغلب عسر يسرين " والله أعلم.
سورة التين
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سنين) هو لغة في سيناء، وقد ذكر في المؤمنين.
قوله تعالى (في أحسن تقويم) هو في موضع الحال من الإنسان، وأراد
بالتقويم القوام، لأن التقويم فعل وذاك وصف للخالق لا للمخلوق، ويجوز أن
يكون التقدير في أحسن قوام التقويم فحذف المضاف، ويجوز أن تكون " في " زائدة
أي قومناه أحسن تقويم.
قوله تعالى (أسفل) هو حال من المفعول، ويجوز أن يكون نعتا لمكان محذوف.
قوله تعالى (فما يكذبك) " ما " استفهام على معنى الإنكار: أي ما الذي
يحملك أيها الإنسان على التكذيب بالبعث.
قوله تعالى (أليس الله بأحكم الحاكمين) أي هو أحكم الحاكمين سبحانه،
والله أعلم.
289

سورة العلق
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (اقرأ باسم ربك) قيل الباء زائدة كقول الشاعر * لا يقرءان السور *
وقيل دخلت لتنبه على البداية باسمه في كل شئ كما قال تعالى " بسم الله الرحمن الرحيم "
فعلى هذا يجوز أن يكون حالا: أي اقرأ مبتدئا باسم ربك.
قوله تعالى (أن رآه) هو مفعول له: أي يطغى لذلك، والرؤية هنا بمعنى العلم
ف‍ (استغنى) مفعول ثان.
قوله تعالى (لنسفعا) إذا وقف على هذه النون أبدل منها ألف لسكونها وانفتاح
ما قبلها، و (ناصية) بدل من الناصية، وحسن إبدال النكرة من المعرفة لما
نعتت النكرة.
قوله تعالى (فليدع ناديه) أي أهل ناديه. وزبانية فعالية من الزبن:
وهو الدفع.
سورة القدر
بسم الله الرحمن الرحيم
الهاء في (أنزلناه) للقرآن العظيم، ولم يجر له ذكر هنا.
قوله تعالى (والروح) يجوز أن يكون مبتدأ، و (فيها) الخبر، وأن يكون
معطوفا على الفاعل، وفيها ظرف أو حال.
قوله تعالى (بإذن ربهم) يجوز أن تتعلق الباء بتنزل، وأن يكون حالا،
قوله تعالى (سلام هي) في سلام وجهان: أحدهما هي بمعنى مسلمة: أي تسلم
الملائكة على المؤمنين، أو يسلم بعضهم على بعض. والثاني هي بمعنى سلامة أو تسليم،
فعلى الأول هي مبتدأ، وسلام خبر مقدم، و (حتى) متعلقة بسلام: أي الملائكة
مسلمة إلى مطلع الفجر، ويجوز أن يرتفع هي بسلام على قول الأخفش، وعلى
القول الثاني ليلة القدر ذات تسليم: أي ذات سلامة إلى طلوع الفجر، وفيه التقدير ان
290

الأولان، ويجوز أن يتعلق حتى بتنزل، ومطلع الفجر بكسر اللام وفتحها لغتان
وقيل الفتح أقيس.
سورة البرية
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (والمشركين) هو معطوف على أهل، و (منفكين) خبر كان
ومن أهل حال من الفاعل في كفروا.
قوله تعالى (رسول) هو بدل من البينة أو خبر مبتدأ محذوف، و (من الله)
يجوز أن يكون صفة لرسول أو متعلقا به، و (يتلو) حال من الضمير في الجار
أو صفة لرسول، ويجوز أن يكون من الله حالا من صحف: أي يتلو صحفا مطهرة
منزلة من الله، و (فيها كتب) الجملة نعت لصحف، و (مخلصين) حال من
الضمير في يعبدوا، و (حنفاء) حال أخرى، أو حال من الضمير في مخلصين.
قوله تعالى (دين القيمة) أي الملة أو الأمة القيمة.
قوله تعالى (في نار جهنم) هو خبر إن، و (خالدين فيها) حال من
الضمير في الخبر، و (البرية) غير مهموز في اللغة الشائعة، وأصلها الهمز من برأ
الله الخلق: أي ابتدأه، وهي فعلية بمعنى مفعولة، وهي صفة غالبة لأنها لا يذكر
معها الموصوف، وقيل من لم يهمزها أخذها من البرى وهو التراب، وقد همزها
قوم على الأصل.
قوله تعالى (خالدين فيها) هو حال، والعامل فيه محذوف تقديره: ادخلوها
خالدين، أو أعطوها، ولا يكون حالا من الضمير المجرور في " جزاؤهم " لأنك
لو قلت ذلك لفصلت بين المصدر ومعموله بالخبر، وقد أجازه قوم واعتلوا له بأن
المصدر هنا ليس في تقدير أن والفعل: وفيه بعد. فأما عند ربهم، فيجوز أن يكون
ظرفا لجزاؤهم، وأن يكون حالا منه، و (أبدا) ظرف زمان، والله أعلم.
291

سورة الزلزلة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (إذا زلزلت الأرض) العامل في إذا جوابها وهو قوله تعالى " تحدث "
أو يصدر، و (يومئذ) بدل من إذا، وقيل التقدير: اذكر إذا زلزلت، فعلى
هذا يجوز أن يكون تحدث عاملا في يومئذ، وأن يكون بدلا. والزلزال بالكسر
المصدر وبالفتح الاسم.
قوله تعالى (بأن ربك) الباء تتعلق بتحدث: أي تحدث الأرض بما أوحى إليها
وقيل هي زائدة، وإن بدل من أخبارها، و (لها) بمعنى إليها، وقيل أوحى يتعدى
باللام تارة وبعلى أخرى (1)، و (يومئذ) الثاني بدل، أو على تقدير اذكر أو ظرف
ل‍ (يصدر) و (أشتاتا) حال، والواحد شت، واللام في (ليروا) يتعلق بيصدر،
ويقرأ بتسمية الفاعل وبترك التسمية، وهو من رؤية العين: أي جزاء أعمالهم،
و (خيرا) و (شرا) بدلان من مثقال ذرة، ويجوز أن يكون تمييزا، والله أعلم.
سورة العاديات
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ضبحا) مصدر في موضع الحال: أي والعاديات ضابحة، و (قدحا)
مصدر مؤكد لأن المورى القادح، و (صبحا) ظرف، والهاء ضمير الوادي،
ولم يجر له ذكر هنا، و (جمعا) حال، وبه حال أيضا، وقيل الباء زائدة: أي
وسطنه، و (لربه) تتعلق بكنود: أي كفور لنعم ربه، و (لحب الخير) يتعلق
بشديد: أي يتشدد لحب جمع المال، وقيل هي بمعنى على.
قوله تعالى (إذا بعثر) العامل في إذا يعلم، وقيل العامل فيه ما دل عليه خبر إن.
والمعنى: إذا بعثر جوزوا، و (يومئذ) يتعلق بخبير، والله أعلم.

(1) (قوله وبعلى أخرى) كذا بالنسخ، ولعل المناسب: وبإلى أخرى كما هو واضح اه‍.
292

سورة القارعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلام في أولها مثل الكلام في أول الحاقة.
قوله تعالى (يوم يكون) العامل فيه القارعة، أو مادلت عليه، وقيل التقدير
اذكروا، و (راضية) قد ذكر في الحاقة، والهاء في (هيه) هاء السكت، ومن
أثبتها في الوصل أجرى الوصل مجرى الوقف لئلا تختلف رؤوس الآي، و (نار)
خبر مبتدأ محذوف: أي هي نار (حاميه).
سورة التكاثر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (لو تعلمون) جواب لو محذوف: أي لو علمتم لرجعتم عن كفركم
و (علم اليقين) مصدر.
قوله تعالى (لترون) هو مثل لتبلون، وقد ذكر، ويقرأ بضم التاء على ما يسم
فاعله، وهو من رؤية العين، نقل بالهمزة فتعدى إلى اثنين، ولا يجوز همز الواو
لأن ضمها غير لازم، وقد همزها قوم كما همزوا واو اشتروا الضلالة، وقد ذكر،
و (عين اليقين) مصدر على المعنى، لأن رأى وعاين بمعنى واحد، والله أعلم.
سورة العصر
بسم الله الرحمن الرحيم
الجمهور على إسكان باء (الصبر) وكسرها قوم، وهو على لغة من ينقل
الضمة والكسرة في الوقف إلى الساكن قبلها حرصا على بيان الإعراب.
293

سورة الحطمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الهاء في الهمزة واللمزة للمبالغة، و (الذي) يحتمل الجر على البدل، والنصب
على إضمار أعنى، والرفع على هو، و (عدده) بالتشديد على أنه فعل إما من
العدد أو الأعداد، و (يحسب) حال من الضمير في جمع، و (أخلده) بمعنى
يخلده، وقيل هو على بابه: أي أطال عمره.
قوله تعالى (لينبذن) أي الجامع، وينبذان: أي هو وماله، وينبذن بضم
الذال: أي هو وماله أيضا وعدده، ويجوز أن يكون المعنى هو وأمواله لأنها
مختلفة.
قوله تعالى (نار الله) أي هي نار الله، و (التي) رفع على النعت، أو خبر مبتدأ
محذوف، أو في موضع نصب بأعنى، و (الأفئدة) جمع قلة استعمل في موضع
الكثرة. والعمد بالفتح جمع عمود أو عماد وهو جمع، قيل ويقرأ بضمتين مثل كتاب
وكتب ورسول ورسل، والتقدير: هم في عمد، ويجوز أن يكون حالا من المجرور
أي موثقين، ويجوز أن يكون صفة لمؤصدة، والله أعلم.
سورة الفيل
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أبابيل) قيل هو جمع لا واحد له من لفظه، وقيل واحده أبول
كعجول، وقيل واحده أبيل، وقيل أبال، و (ترميهم) نعت الطير، والكاف
مفعول ثان، والله أعلم.
294

سورة قريش
بسم الله الرحمن الرحيم
هو تصغير الترخيم، لأن القرش الجمع، والفاعل على قارش، فقياسه قويرش
فرخم وصغر، واللام متعلقة بقوله تعالى " فليعبدوا " أي ليعبدوا الله تعالى من أجل
الفهم، ولا تمنع الفاء من ذلك، وقيل تتعلق بجعلهم من السورة قبلها لأنهما كالسورة
الواحدة، وقيل التقدير: اعجبوا لإيلاف، وفيه قراءات: إحداها إلف وهو مصدر
ألف يألف. والثانية إلاف مثل كتاب وقيام. والثالثة إيلاف، والفعل منه آلف
ممدودا. والرابعة إئلاف بهمزتين خرج على الأصل، وهو شاذ في الاستعمال والقياس.
والخامسة بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة بعدها همزة مكسورة وهو بعيد، ووجهه
أنه أشبع الكسرة فنشأت الياء، وقصد بذلك الفصل بين الهمزتين كالألف في أنذرتهم،
وإيلاف بدل من الأولى، و (رحلة) معمول المصدر.
قوله تعالى (من جوع) و (من خوف) أي من أجل جوع، ويجوز أن
يكون حالا: أي أطعمهم جائعين، والله أعلم.
سورة اليتيم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (فذلك) الفاء جواب شرط مقدر، تقديره: إن تأملته، أو إن
طلبت علمه، و (يدع) بالتشديد: يدفع، وقرئ بفتح الدال وتخفيف العين:
أي يهمله، والله أعلم.
سورة الكوثر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (فصل) الفاء للتعقيب: أي عقب انقضاء الصلاة، و (هو)
مبتدأ أو توكيد أو فصل، والله أعلم.
295

سورة الكافرون
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ما تعبدون) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي، والعائد محذوف
وأن تكون مصدرية ولا حذف، والتقدير: لا أعبد مثل عبادتكم، والله أعلم.
سورة النصر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (يدخلون) حال من الناس، و (أفواجا) حال من الفاعل
في يدخلون.
سورة تبت
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أبى لهب) يقرأ بفتح الهاء وإسكانها، وهما لغتان.
قوله تعالى (ما أغنى) يجوز أن يكون نفيا وأن يكون استفهاما، ولا يكون
بمعنى الذي.
قوله تعالى (وامرأته) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الضمير في يصلى،
فعلى هذا في (حمالة) وجهان: أحدهما هو نعت لما قبله. والثاني تقديره: هي حمالة
و (في جيدها حبل) مبتدأ وخبر في موضع الحال من الضمير في حمالة، ويقرأ
" حمالة " بالنصب على الحال: أي تصلى النار مقولا لها ذلك، والجيد أن ينتصب على
الذم: أي أذم أو أعنى. والوجه الآخر أن تكون امرأته مبتدأ، وحمالة خبره، وفى
جيدها حبل حال من الضمير في حمالة أو خبر آخر، ويجوز أن يرتفع حبل بالظرف
لأنه قد اعتمد، ومن نصب حمالة جعل الجملة بعده خبرا.
296

سورة الإخلاص
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (هو) فيه وجهان: أحدهما هو ضمير الشأن، و (الله أحد)،
مبتدأ وخبر في موضع خبر هو والثاني هو مبتدأ بمعنى المسؤول عنه، لأنهم قالوا:
أربك من نحاس أم من ذهب؟ فعلى هذا يجوز أن يكون الله خبر المبتدأ، وأحد بدل
أو خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون الله بدلا وأحد الخبر، وهمزة أحد بدل من
واو لأنه بمعنى الواحد، وإبدال الواو المفتوحة همزة قليل جاء منه امرأة أناة: أي وناة
لأنه من الونى، وقيل الهمزة أصل كالهمزة في أحد المستعمل للعموم ومن حذف التنوين
من أحد فلالتقاء الساكنين.
قوله تعالى (كفوا أحد) اسم كان. وفى خبرها وجهان: أحدهما كفوا، فعلى
هذا يجوز أن يكون له حالا من كفوا لأن التقدير: ولم يكن أحد كفوا له، وأن يتعلق
بيكن، والوجه الثاني أن يكون الخبر له، وكفوا حال من أحد: أي ولم يكن له أحد
كفوا، فلما قدم النكرة نصبها على الحال، والله أعلم.
سورة الفلق
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى (من شر ما خلق) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي والعائد
محذوف، وأن تكون مصدرية، والخلق بمعنى المخلوق، وإن شئت كان على بابه:
أي من شر خلقه: أي ابتداعه، وقرئ من شر بالتنوين: وما على هذا بدل من شر
أو زائدة، ولا يجوز أن تكون نافية، لأن النافية لا يتقدم عليها ما في حيزها، فلذلك
لم يجز أن يكون التقدير: ما خلق من شر ثم هو فاسد في المعنى، و (النفاثات)
والنافثات بمعنى واحد، والله أعلم.
297

سورة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ذكرنا في أول سورة البقرة أن أصل ناس عند سيبويه أناس فحذفت فاؤه:
وعند غيره لم يحذف منه شئ، وأصله نوس لقولهم في التصغير نويس. وقال قوم:
أصله نيس مقلوب عن نسي أخذوه من النسيان وفيه بعد، و (الوسواس) بالفتح
اسم، وبالكسر المصدر، والتقدير: من شر ذي الوسواس، وقيل سمى الشيطان
بالفعل مبالغة، و (الخناس) نعت له، و (الذي يوسوس) يحتمل الرفع
والنصب والجر.
قوله تعالى (من الجنة) هو بدل من شر بإعادة العامل: أي من شر الجنة،
وقيل هو بدل من ذي الوسواس لأن الموسوس من الجن، وقيل هو حال من الضمير
في يوسوس: أي يوسوس وهو من الجن، وقيل هو بدل من الناس: أي في صدور
الجنة، وجعل " من " تبيينا وأطلق على الجن اسم الناس لأنهم يتحركون في مراداتهم،
والجن والجنة بمعنى، وقيل من الجنة حال من الناس: أي كائنين من القبيلين، وأما
(الناس) الأخير فقيل هو معطوف على ذي الوسواس: أي من شر القبيلين،
وقيل هو معطوف على الجنة، والله أعلم.
تم الكتاب والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمدا وآل سيدنا
محمد أجمعين.
وهذا آخر ما تيسر من إملاء الكتاب (التبيان في إعراب القرآن) ونسأل الله أن
يوفقنا لشكر آلائه، وللعمل بما علمنا، والعصمة من الزلل في القول والعمل، بمنه
وكرمه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، كلما ذكره الذاكرون
وغفل عن ذكره الغافلون.
تم بحمد الله طبع كتاب " إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات
في القرآن " لأبى البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله البكري بشركة مكتبة ومطبعة
مصطفى البابي الحلبي وأولاده؟ القاهرة في 22 شوال 1389 ه‍
1 يناير 1970 م
ملاحظ المطبعة
رجب أحمد علام
مدير الشركة
محمد محمود الحلبي
298