الكتاب: تفسير نور الثقلين
المؤلف: الشيخ الحويزي
الجزء: ٣
الوفاة: ١١١٢
المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة
تحقيق: تصحيح وتعليق : السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الطبعة: الرابعة
سنة الطبع: ١٤١٢ - ١٣٧٠ ش
المطبعة: مؤسسة إسماعيليان
الناشر: مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع - قم
ردمك:
ملاحظات:

كتاب
تفسير نور الثقلين
لمؤلفه
المحدث الجليل العلامة الخبير الشيخ عبد علي بن
جمعة العروسي الحويزي قدس سره
المتوفى سنة 1112
صححه وعلق عليه
السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الجزء الثالث
طبع بنفقة خادم الشريعة الحاج أبو القاسم المشتهر بسالك
وفقه الله تعالى لمرضاته
1

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
إبراهيم والحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة لم يصبه فقر أبدا ولا جنون ولا بلوى.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأها أعطى
من الاجر عشر حسنات بعدد المهاجرين والأنصار و المستهزئين بمحمد صلى الله عليه وآله
3 في تفسير العياشي عن عبد الله بن عطاء المكي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام
عن قول الله: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين قال: ينادى مناد يوم القيامة يسمع
الخلايق انه لا يدخل الجنة الا مسلم، ثم يود سائر الخلق انهم كانوا مسلمين.
4 - في تفسير على ابن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن
أذينة عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من عند الله: لا يدخل
الجنة الا مسلم فيومئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
5 - في مجمع البيان وروى مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا اجتمع أهل
النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا
مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم اسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا:
كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيسمع الله عز وجل ما قالوا فأمر من كان في النار من أهل الاسلام
فأخرجوا منها، فحينئذ يقول الكفار: يا ليتنا كنا مسلمين.
قال عز من قائل ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون
6 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عاصم
2

ابن حميد عن أبي حمزة عن يحيى بن عقيل قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انما أخاف عليكم
اثنتين: اتباع الهوى وطول الأمل، اما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق، واما طول الأمل
فينسى الآخرة.
7 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عمر بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال:
فيما ناجى الله عز وجل موسى عليه السلام: يا موسى لا يطول في الدنيا أملك فيقسو قلبك، والقاسي
القلب منى بعيد.
8 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن ابن
مسكان عن داود بن فرقد عن أبي شبيبة الزهري عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: إذا استحقت ولاية الله والسعادة جاء الاجل بين العينين، وذهب
الأمل وراء الظهر، وإذا استحقت ولاية الشيطان والشقاوة جاء الأمل بين العينين و
ذهب الاجل وراء الظهر، قال: وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله أي المؤمنين أكيس؟ فقال
أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم له استعدادا.
9 - محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن فضالة عن إسماعيل
ابن أبي زياد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أنزل الموت حق
منزلته من عد غدا من اجله، قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أطال عبد الأمل
الا ساء العمل، وكان يقول: لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لأبغض العمل من طلب الدنيا.
10 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: واعلموا ان الأمل يسهى القلب وينسى الذكر،
فأكذبوا الأمل فإنه غرور وصاحبه مغرور.
11 - في كتاب الخصال عن عبد الله بن حسن بن علي عن أمه بنت الحسين عن
أبيها عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، وهلاك
3

آخرها بالشح (1) والأمل.
12 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب بعد أن ذكر قوله تعالى: " فاسئلوا
أهل الذكر " ثم قوله: تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون: تفسير يوسف
القطان ووكيع بن الجراح وإسماعيل السرى وسفيان الثوري أنه قال الحارث: سألت
أمير المؤمنين عليه السلام عن هذه؟ قال: والله انا لنحن أهل الذكر، نحن أهل العلم،
نحن معدن التأويل والتنزيل.
13 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ولقد جعلنا في السماء بروجا قال:
منازل الشمس والقمر وزيناها للناظرين بالكواكب.
14 - في مجمع البيان وزيناها بالكواكب النيرة عن أبي عبد الله عليه السلام وهي في
اثنى عشر برجا.
15 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى موسى بن جعفر عليه السلام حديث طويل
يذكر فيه آيات الرسول صلى الله عليه وآله يقول فيه مخاطبا لنفر من اليهود: اما أول ذلك فإنكم
أنتم تقرؤن ان الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعثه فمنعت في أوان رسالته بالرجوم
وانقضاض النجوم وبطلان الكهنة والسحرة.
16 - في تفسير العياشي عن بكر بن محمد الأزدي عن عمه عبد السلام عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال يا عبد السلام: احذر الناس ونفسك، فقلت: بأبي أنت و
أمي اما الناس فقد أقدر على أن أحذرهم، فاما نفسي فكيف؟ قال: إن الخبيث المسترق
السمع يجيئك فيسترق ثم يخرج في صورة آدمي، فقال عبد السلام: فقلت: بأبي و
أمي هذا ما لا حيلة له قال: هو ذاك (2).

(1) الشح: البخل.
(2) قال في البحار: الظاهر أن المراد به ما تلفظ به من معايب الناس وغيرها من الأمور التي
يريد اخفاؤها فيكون مبالغة في التقية، ويحتمل شموله لما يخطر بالبال، فيكون الغرض رفع
الاستبعاد عما يخفيه الانسان عن غيره ثم يسمعه من الناس وهذا كثير، والمراد بالخبيث الشيطان.
4

17 - في أمالي الصدوق (ره) حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله
البرقي قال: حدثني أبي عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أحمد بن محمد بن أبي نصر
البزنطي عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: كان إبليس لعنه الله يخترق
السماوات السبع، فلما ولد عيسى عليه السلام حجب من ثلث سماوات وكان يخترق أربع
سماوات، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وآله حجب من السبع كلها ورميت الشياطين بالنجوم،
وقالت قريش: هذا قيام الساعة التي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه، وقال عمرو بن
أمية وكان من أزجر أهل الجاهلية: أنظروا هذه النجوم التي يهتدى بها ويعرف بها
أزمان الشتاء والصيف، فإن كان رمى بها فهو هلاك كل شئ، وإن كانت ثبتت ورمى
بغيرها فهو أمر حدث، وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي صلى الله عليه وآله ليس منها صنم
الا وهو منكب على وجهه، وارتجس في تلك الليلة إيوان كسرى وسقطت منه أربع
عشرة شرفة (1) وغاضت بحيرة ساوة (2) وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك
بألف عام، ورأى المؤبد ان (3) في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا
عرابا، قد قطعت دجلة وانسربت في بلادهم، وانقصم طاق الملك كسرى من
وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء (4) وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز
ثم استطار حتى بلغ المشرق ولم يبق سرير ملك من ملوك الدنيا الا أصبح منكوسا
والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك، وانتزع علم الكهنة وبطل سحر السحرة، ولم
تبق كاهنة في العرب الا حجبت عن صاحبها، وعظمت قريش في العرب وسموا آل
الله عز وجل، قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: انما سموا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام

(1) الشرفة من القصر: ما أشرف من بنائه والجمع شرف.
(2) غاض الماء: نقص وغار في الأرض.
(3) المؤبد ان: فقيه الفرس وحاكم المجوس وهو للمجوس كقاضي القضاة للمسلمين.
(4) قال في البحار في بيان الحديث: ان كسرى كان سكر بعض الدجلة وبنى عليها بناءا،
فلعله لذلك وصفوا الدجلة بعد ذلك بالعوراء، لأنه عور وطم بعضها فانخرقت عليه، ورأيت في بعض
المواضع بالغين المعجمة من إضافة الموصوف إلى الصفة أي العميقة.
5

وقالت آمنة: ان ابني والله سقط فاتقى الأرض بيديه ثم رفع رأسه إلى
السماء فنظر إليها ثم خرج منى نور أضاء له كل شئ، وسمعت في الضوء قائلا
يقول: انك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا، وأتى به عبد المطلب لينظر إليه و
قد بلغه ما قالت أمه فأخذه فوضعه في حجره ثم قال:
الحمد لله الذي أعطاني * هذا الغلام الطيب الأردان * قد ساد في المهد على الغلمان
ثم عوذه بأركان الكعبة وقال فيه أشعارا، قال: وصاح إبليس لعنه الله في
أبالسته، فاجتمعوا إليه فقالوا: ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم: ويلكم لقد
أنكرت السماوات والأرض منذ الليلة، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث
مثله منذ رفع عيسى بن مريم، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث،
فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا: ما وجدنا شيئا، فقال إبليس لعنه الله: أنا لهذا
الامر ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم، فوجد الحرم محفوظا
بالملائكة فذهب ليدخل فصاحوا به فرجع، ثم صار مثل الصرد وهو العصفور
فدخل من قبل حراء، فقال له جبرئيل: وراك لعنك الله فقال له: حرف أسألك
عنه يا جبرئيل ما هذا الحدث منذ الليلة في الأرض؟ فقال له: ولد محمد صلى الله عليه وآله فقال:
هل لي فيه نصيب؟ قال: لا، قال: ففي أمته؟ قال: نعم، قال: رضيت.
18 - في تفسير علي بن إبراهيم: وحفظناها من كل شيطان رجيم الا من
استرق السمع فاتبعه شهاب مبين فلم تزل الشياطين تصعد إلى السماء وتتجسس حتى
ولد النبي صلى الله عليه وآله قوله: والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي أي جبالا وأنبتنا فيها من
كل شئ موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين قال: لكل ضرب من
الحيوان قدرنا شيئا مقدرا. وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " و
أنبتنا فيها من كل شئ موزون " فان الله تبارك وتعالى أنبت في الجبال الذهب والفضة و
الجوهر والصفر والنحاس والحديد والرصاص والكحل والزرنيخ وأشباه هذه لا يباع
الا وزنا.
6

وقال علي بن إبراهيم في قوله: وان من شئ الا عندنا خزائنه وما ننزله الا
بقدر معلوم قال: الخزانة الماء الذي ينزل من السماء فينبت لكل حزب من الحيوان ما
قدر الله لها من الفداء.
19 - في روضة الواعظين للمفيد (ره) وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
عليه السلام أنه قال: في العرش تمثال جميع ما خلق الله من البر والبحر، قال: وهذا تأويل
قوله: " وان من شئ الا عندنا خزائنه ".
20 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله وأرسلنا الرياح لواقح قال: التي
تلقح الأشجار.
21 - في تفسير العياشي عن ابن وكيع عن رجل عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تسبوا الريح فإنها بشر، وانها نذر وانها لواقح فاسئلوا الله من
خيرها وتعوذوا من شرها.
22 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا
المستأخرين قال: هم المؤمنون من هذه الأمة.
23 - في تفسير علي بن إبراهيم: ولقد خلقنا الانسان من صلصال قال:
الماء المتصلصل بالطين من حمأ مسنون قال حمأ متغير (1).
24 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن عن النضر بن
شعيب عن عبد الغفار الجازى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: طينة الناصب من
حمأ مسنون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
25 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت حديث
طويل وفيه بعد أن مدح عليه السلام الملائكة وقال: معاذ الله من ذلك ان الملائكة معصومون
محفوظون من الكفر والقبايح بألطاف الله تعالى، قالا: قلنا له: فعلى هذا لم يكن إبليس
أيضا ملكا؟ فقال: لا بل كان من الجن، أما تسمعان الله يقول: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم
فسجدوا الا إبليس كان من الجن " فأخبر عز وجل انه كان من الجن، وهو الذي قال الله تعالى

(1) الحمأ: الطين الأسود.
7

" والجان خلقناه من قبل من نار السموم ".
26 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الاباء ثلاثة: آدم ولد مؤمنا
والجان ولد كافرا: وإبليس ولد كافرا، وليس فيهم نتاج انما يبيض ويفرخ، وولده
ذكور ليس فيهم إناث.
27 - في تفسير علي بن إبراهيم: والجان خلقناه من قبل من نار السموم
قال: أبو إبليس وقال: الجان من ولد الجان منهم مؤمنون وكافرون ويهود ونصارى
وتختلف أديانهم، والشياطين من ولد إبليس وليس فيهم مؤمن الا واحدا اسمه هام بن هيم بن لا
قيس بن إبليس، جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فرآه جسيما عظيما وأمرا مهولا، فقال له: من أنت؟
قال: انا هام بن هيم بن لاقيس بن إبليس، كنت يوم قتل قابيل هابيل غلاما ابن أعوام أنهى عن
الاعتصام وآمر بافساد الطعام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بئس لعمري الشاب المؤمل، والكهل
المؤمر، فقال: دع عنك هذا يا محمد فقد جرت توبتي على يد نوح، ولقد كنت
معه في السفينة فعاتبته على دعائه على قومه، ولقد كنت مع إبراهيم حين القى في
النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما، ولقد كنت مع موسى حين غرق الله فرعون و
نجى بني إسرائيل، ولقد كنت مع هود حين دعا على قومه فعاتبته، ولقد كنت مع
صالح فعاتبته على دعائه على قومه، ولقد قرأت الكتب تبشرني بك ويقرؤنك السلام
ويقولون: أنت أفضل الأنبياء وأكرمهم، فعلمني مما أنزل الله عليك شيئا، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين صلوات الله عليه: علمه، فقال هام: يا محمد انا
لا نطيع الا نبيا أو وصى نبي، فمن هذا؟ قال: هذا أخي ووصى ووزيري ووارثي
علي بن أبي طالب، قال: نعم نجد اسمه في الكتب اليا، فعلمه أمير المؤمنين عليه السلام،
فلما كانت ليلة الهرير بصفين جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
قوله: " وإذ قال ربك للملائكة انى خالق بشرا من صلصال " فقد كتبنا خبره.
28 - في كتاب علل الشرايع عن أبي جعفر عليه السلام عن علي أمير المؤمنين
عليه السلام حديث طويل وفيه قال الله جل جلاله للملائكة: " انى خالق بشرا من صلصال
8

من حمأ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " وذلك من الله
عز وجل تقدمة منه إلى الملائكة في آدم من قبل أن يخلقه احتجاجا منه عليهم،
قال: فاغترف تبارك وتعالى غرفة من الماء العذب الفرات وصلصلها (1) فجمدت، ثم
قال لها: منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين والأئمة المهتدين الدعاة إلى
الجنة وأتباعهم إلى يوم القيامة، ولا أبالي ولا اسئل عما أفعل وهم يسئلون، يعنى بذلك خلقه
انه يسألهم، ثم اغترف من الماء المالح الأجاج فصلصلها فجمدت، ثم قال لها: منك أخلق
الجبارين والفراعنة والعتاة واخوان الشياطين، والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة و
أتباعهم، ولا أبالي ولا اسئل عما أفعل وهم يسألون، قال: وشرط في ذلك البداء ولم يشرط
في أصحاب اليمين البداء، ثم خلط المائين فصلصلهما ثم ألقاهما قدام عرشه، وهما ثلة من
طين (2) ثم أمر الملائكة الأربعة الشمال والدبور والصبا والجنوب أن جولوا على هذه
الثلة الطين وأبروها (3) وانسموها، ثم جزوها وفصلوها وأجروا الطبايع الأربعة الريح
والمرة (4) والدم والبلغم، قال: فجاءت الملائكة عليها وهي الشمال والصبا والجنوب
والدبور فأجروا فيها الطبايع الأربعة، قال: والريح في الطبايع الأربعة في البدن من
ناحية الشمال، قال: والبلغم في الطبايع الأربعة في البدن من ناحية الصبا، قال: والمرة
في الطبايع الأربعة في البدن من ناحية الدبور، قال: والدم في الطبايع الأربعة في
البدن من ناحية الجنوب، قال: فاستقلت النسمة وكمل البدن، قال: فلزمه من
ناحية الريح حب الحياة وطول الأمل والحرص، ولزمه من ناحية البلغم حب الطعام

(1) الصلصال: الطين اليابس الذي لم يطبخ إذا نقر به صوت كما يصوت الفخار. وصلصل
الشئ: صوت.
(2) وفى تفسير القمي: " سلالة " بدل " ثلة ". وكذا فيما يأتي.
(3) قال المجلسي (ره) قوله: " فأبروها " يمكن أن يكون مهموزا من برأه الله أي خلقه
وجاء غير المهموز أيضا بهذا المعنى، فيكون مجازا أي اجعلوها مستعدة للخلق، ويمكن أن يكون
من البرى بمعنى النحت. كناية عن التفريق أو من التأبير من قولم أبر النخل أي أصلحه.
(4) قال زميلنا الفاضل دامت إفاضاته في ذيل الحديث في العلل: قوله الريح والمرة الظاهر أن
المراد بالريح هنا السوداء وبالمرة: الصفراء.
9

والشراب واللين والرفق، ولزمه من ناحية المرة الغضب والسفه والشيطنة والتجبر
والتمرد والعجلة، ولزمه من ناحية الدم حب النساء واللذات وركوب المحارم والشهوات.
قال عمرو: أخبرني جابر ان أبا جعفر عليه السلام قال: وجدناه في كتاب من كتب علي عليه السلام.
29 - وباسناده إلى اسحق القمي (1) عن أبي جعفر الباقر عليه السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: لما كان الله منفردا بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شئ، فأجرى الماء العذب
على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها، ثم نضب (2) الماء عنها فقبض قبضة من صفاء ذلك
الطين وهي طينتنا أهل البيت، ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطينة وهي طينة شيعتنا ثم
اصطفانا لنفسه، فلو ان طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم ولا سرق و
لا لاط ولا شرب المسكر، ولا ارتكب شيئا مما ذكرت، ولكن الله عز وجل أجرى الماء
المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها، ثم نضب الماء عنها، ثم قبض قبضة وهي
طينة ملعونة من حمأ مسنون وهي طينة خبال (3) وهي طينة أعدائنا، فلو ان الله عز وجل
ترك طينتهم كما أخذناها لم تروهم في خلق الآدميين، ولم يقروا بالشهادتين ولم يصوموا
ولم يصلوا ولم يزكوا ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحدا منهم بحسن خلق، ولكن الله تبارك
وتعالى جمع الطينتين طينتكم وطينتهم، فخلطهما وعركهما عرك الأديم (4) ومزجهما
بالمائين، فما رأيت من أخيك المؤمن من شر: لواط (5) أو زنا أو شئ مما ذكرت من
شرب مسكر أو غيره، فليس من جوهريته ولا من ايمانه، انما هو بمسحة الناصب اجترح
هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجهه وحسن خلق أو صوم
أو صلاة أو حج بيت الله أو صدقة أو معروف فليس من جوهريته، انما تلك الأفاعيل من

(1) وقد مر نظير هذا الحديث في سورة يوسف تحت رقم 141 عن كتاب العلل عن أبي.
اسحق الليثي عن أبي جعفر (ع) وفيه زيادات وإضافات يفهم منها معنى هذا الحديث فراجع.
(2) نضب الماء: غار في الأرض وسفل.
(3) الخبال: الفساد.
(4) عرك الأديم: دلكه والأديم: الجلد المدبوغ.
(5) وفى نسخة البحار " من شر لفظ ".
10

مسحة الايمان اكتسبها، وهو اكتساب مسحة الايمان.
30 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي
عمير عن ابن أذينة عن الأحول قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الروح التي في آدم
قوله فإذا سويته ونفخت فيه من روحي قال: هذه روح مخلوقة، والروح التي
في عيسى مخلوقة.
31 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن بحر
عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما يروون ان الله
خلق آدم على صورته؟ فقال: هي صورة محدثة مخلوقة اصطفاها الله واختارها على
ساير الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه، والروح إلى
نفسه فقال: " بيتي " " ونفخت فيه من روحي ".
32 - في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام
عن قول الله عز وجل: " ونفخت فيه من روحي " قال: روح اختاره الله واصطفاه و
خلقه واضافه إلى نفسه، وفضله على جميع الأرواح فنفخ منه في آدم.
33 - وباسناده إلى أبى جعفر الأصم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الروح التي
في آدم والتي في عيسى ما هما؟ قال: روحان مخلوقان اختارهما الله واصطفاهما:
روح آدم وروح عيسى عليهما السلام.
34 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ونفخت فيه من روحي "
قال: من قدرتي.
35 - وباسناده إلى عبد الكريم بن عمرو عن أبي عبد الله عليه السلام " فإذا سويته ونفخت
فيه من روحي " قال: إن الله عز وجل خلق خلقا وخلق روحا، ثم أمر ملكا فنفخ
فيه فليست بالتي نقصت من قدرة الله شيئا من قدرته.
36 - وباسناده إلى عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر
عليه السلام عن قول الله عز وجل: " ونفخت فيه من روحي " كيف هذا النفخ؟ فقال: ان الروح
11

متحرك كالريح وانما سمى روحا لأنه اشتق اسمه من الريح، وانما أخرجت على لفظة
الروح لان الروح مجانس للريح، وانما اضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على ساير
الأرواح، كما اصطفى بيتا من البيوت فقال: " بيتي " وقال لرسول من الرسل:
" خليلي " وأشباه ذلك، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر.
في الكافي مثل هذا الحديث الأخير سواء.
37 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى مسعدة بن زياد قال: حدثني
جعفر بن محمد عن أبيه ان روح آدم عليه السلام لما أمرت أن تدخل فكرهته، فأمرها الله
أن تدخل كرها وتخرج كرها.
38 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن
قول الله " ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " قال: روح خلقها الله فنفخ في آدم منها.
39 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " فإذا سويته ونفخت فيه من
روحي " قال: خلق خلقا وخلق روحا، ثم أمر الملك فنفخ وليست بالتي نقصت من الله
شيئا، هي من قدرته تبارك وتعالى عنه.
40 - وفى رواية سماعة عنه: خلق آدم فنفخ فيه، وسألته عن الروح؟ قال:
هي من قدرته من الملكوت.
41 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها
(1) تربة سنها بالماء حتى خلصت ولاطها بالبلة حتى لزبت (2) فجبل منها صورة ذات
أحناء ووصول وأعضاء وفصول (3) أجمدها حتى استمسكت وأصلدها حتى

(1) الحزن من الأرض: ما غلظ منها واشتد كالجبل، والسهل: ما لان وفى نهج البلاغة
هكذا " ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها وعذبها وسبخها... اه ".
(2) سنها بالماء أي خلطها، ولاطها بالبلة أي خلطها بالرطوبة والبلة: النداوة، ولزبت
أي لصقت. واللازب: اللاصق.
(3) جبل بمعنى خلق. والاحناء جمع حنو، وهي الجوانب. والوصول جمع كثرة للوصل
وهي المفاصل.
12

صلصلت (1) لوقت معدود وأجل معلوم، ثم نفخ فيها من روحه فمثلت انسانا ذا أذهان يجيلها
وفكر يتصرف بها، وجوارح يختدمها، وأدوات يقلبها، ومعرفة يفرق بها بين
الأذواق والمشام والألوان والأجناس، معجونا بطينة الألوان المختلفة والأشباه
المؤتلفة، والأضداد المتعادية، والأخلاط المتباينة، من الحر والبرد، والبلة و
الجمود، والمساءة والسرور، واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم، وعهد
وصيته إليهم في الاذعان بالسجود له، والخنوع لتكرمته، فقال تعالى: " اسجدوا لآدم "
فسجدوا الا إبليس وقبيله اعترتهم الحمية، وغلبت عليهم الشقوة، وتعززوا بخلقة
النار، واستوهنوا خلق الصلصال، فأعطاه النظرة استحقاقا للسخطة، واستتماما
للبلية، وانجازا للعدة، فقال: انك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم.
42 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رن (2) إبليس أربع
رنات: أولهن يوم لعن وحين اهبط إلى الأرض والحديث طويل أخذنا منه موضع
الحاجة.
43 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال:
سمعت أبا الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام يقوله: معنى الرجيم انه مرجوم
باللعن، مطرود من الخير، لا يذكره مؤمن الا لعنه، وان في علم الله السابق إذا خرج
القائم عليه السلام لا يبقى مؤمن في زمانه الا رجمه بالحجارة، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن.
44 - في كتاب علل الشرايع بإسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام أنه قال
لرسول الله صلى الله عليه وآله وقد سأله عن الأيام: فالخميس؟ قال: هو يوم خامس من الدنيا، و
هو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
45 - وبإسناده إلى يحيى بن أبي العلا الرازي عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل
يقوله فيه عليه السلام وقد سئل عن قوله الله عز وجل لإبليس: " فإنك من المنظرين إلى يوم

(1) أصلدها أي جعلها صلدا وهي الصلبة الملساء. وقد مر معنى الصلصل قريبا.
(2) رن الرجل: صاح ورفع صوته بالبكاء.
13

الوقت المعلوم " قال عليه السلام: ويوم الوقت المعلوم يوم ينفخ في الصور نفخة واحدة فيموت
إبليس ما بين النفخة الأولى والثانية.
46 - في تفسير العياشي عن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول إبليس: " فانظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين
إلى يوم الوقت المعلوم " قال له وهب: جعلت فداك أي يوم هو؟ قال: يا وهب أتحسب
أنه يوم يبعث الله فيه الناس، ان الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث الله قائمنا
كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه (1) على ركبتيه فيقول: يا ويله
من هذا اليوم، فيأخذ ناصيته فيضرب عنقه، فذلك اليوم الوقت المعلوم.
47 - عن الحسن بن عطية قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن إبليس عبد الله
في السماء الرابعة في ركعتين ستة آلاف سنة، وكان انظار الله إياه إلى يوم الوقت
المعلوم بما سبق من تلك العبادة.
48 - عن أبان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان علي بن الحسين إذا أتى الملتزم
(2) قال: اللهم ان عندي أفواجا من الذنوب وأفواجا من خطايا وعندك أفواج من
رحمة وأفواج من مغفرة، يا من استجاب لأبغض خلقه إليه إذ قال: " انظرني إلى يوم
يبعثون " استجب لي وافعل بي كذا.
49 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد وأغرق
لكم بالنزع الشديد (3) ورماكم عن مكان قريب فقال: رب بما أغويتني لأزينن

(1) جثا: جلس على ركبتيه.
(2) الملتزم - بفتح الزاء -: دبر الكعبة، سمى به لان الناس يعتنقونه أي يضمونه إلى صدورهم
والالتزام: الاعتناق.
(3) قوله (ع): فوق لكم سهم الوعيد قال الشارح المعتزلي أي جعل له فوقا وهو موضع
الوتر وهذا كناية عن التهيؤ والاستعداد، قوله (ع): وأغرق لكم بالنزع الشديد أي استوفى
مد القوس وبالغ في نزعها ليكون مرماه أبعد ووقع سهامه أشد.
14

لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين قذفا بغيب بعيد، ورجما بظن مصيب (1)
صدقه به أبناء الحمية، واخوان العصبية، وفرسان الكبر والجاهلية.
قال عز من قائل: الا عبادك منهم المخلصين.
50 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن
عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه قال: جاء جبرئيل إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال
له النبي: يا جبرئيل ما تفسير الاخلاص؟ قال: المخلص الذي لا يسأل الناس
شيئا حتى يجد، وإذا وجد رضى، وإذا بقي عنده شيئا أعطاه، فان من لم يسأل
المخلوق أقر الله عز وجل بالعبودية، وإذا وجد فرضى فهو عن الله راض، والله تبارك
وتعالى عنه راض، وإذا أعطى الله عز وجل فهو على حد الثقة بربه عز وجل، والحديث
طويل أخذنا منه موضوع الحاجة.
51 - في أصول الكافي أحمد عن عبد العظيم عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: هذا صراط على مستقيم.
52 - في تفسير العياشي عن أبي جميلة عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبي جعفر عن أبيه (2)
عن قوله: " هذا صراط على مستقيم " قال: هو أمير المؤمنين عليه السلام.
53 - في مجمع البيان قرأ يعقوب " هذا صراط على " بالرفع وروى ذلك عن أبي
عبد الله عليه السلام.
54 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى علي بن النعمان عن بعض أصحابنا
رفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام في قوله: ان عبادي ليس لك عليهم سلطان قال: ليس
على هذه العصابة خاصة سلطان، قال: قلت: وكيف جعلت فداك وفيهم ما فيهم؟ قال:

(1) وفى بعض النسخ وكذا في شرح ابن أبي الحديد " ورجما بظن غير مصيب وقال: هذه
الرواية أشهر بوجوه فمن شاء الوقوف عليها فليراجع ج 3: 230 ط مصر.
(2) وفى المصدر " عن عبد الله بن أبي جعفر عن أخيه " لكن الظاهر هو المختار ففي الصافي:
" العياشي عن السجاد ".
15

ليس حيث تذهب، انما قوله: " ليس لك عليهم سلطان " أن يحبب إليهم الكفر، ويبغض
إليهم الايمان.
55 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان
عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال:
" ان عبادي ليس لك عليهم سلطان " والله ما أراد بهذا الا الأئمة عليهم السلام وشيعتهم، والحديث
طويل أخذنا منه موضوع الحاجة.
56 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: أرأيت
قول الله " ان عبادي ليس لك عليهم سلطان " ما تفسير هذه الآية؟ قال: قال الله: انك
لا تملك أن تدخلهم جنة ولا نارا.
57 - عن أبي بصير قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام وهو يقول: نحن أهل الرحمة
وبيت النعمة وبيت البركة، نحن في الأرض بنيان وشيعتنا عرى الاسلام (1) وما كانت دعوة
إبراهيم الا لنا ولشيعتنا، ولقد استثنى الله إلى يوم القيمة على إبليس، فقال: " ان عبادي
ليس لك عليهم سلطان ".
58 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه إذا كان يوم القيمة يؤتى بإبليس في
سبعين غلا، وسبعين كبلا (2) فينظر الأول إلى زفر في عشرين ومأة كبل وعشرين ومأة
غل، فينظر إبليس فيقول: من هذا الذي أضعف الله له العذاب وانا أغويت هذا الخلق
جميعا؟ فيقال: هذا زفر فيقال: بما جدد له هذا العذاب؟ فيقال ببغيه على علي عليه السلام
فيقول له إبليس: ويل لك وثبوره لك، أما علمت أن الله أمرني بالسجود لآدم فعصيته، و
سألته ان يجعل لي سلطان على محمد وأهل بيته وشيعته فلم يجبني إلى ذلك، وقال:
" ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين ".

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وساير الموسوعات الكبيرة الناقلة عنه لكن في الأصل
" غرس الاسلام " والعرى جمع العروة كلما يؤخذ باليد وما يوثق به ويعول عليه. وقولهم " عرى
الايمان - أو عرى الاسلام " على التشبيه بالعروة التي يستمسك بها ويستوثق.
(2) الكبل: القيد.
16

59 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وان جهنم لموعدهم أجمعين لها
سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم قال: يدخل في كل باب أهل ملة، وللجنة
ثمانية أبواب.
60 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر (ع) في قوله: " وان جهنم
لموعدهم أجمعين " وقوفهم على الصراط، واما " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء
مقسوم " فبلغني والله أعلم ان الله جعلها سبعة درجات أعلاها الجحيم، يقوم أهلها
على الصفا منها، تغلى أدمغتهم فيها كغلى القدور بما فيها، والثانية " لظى نزاعة
للشوى تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى " والثالثة " سقر لا تبقى ولا تذر لواحة
للبشر عليها سبعة عشر " والرابعة الحطمة ومنها تثور " شرر كالقصر كأنه جمالة
صفر " تدق من صار إليها مثل الكحل، فلا تموت الروح، كلما صاروا مثل الكحل
عادوا والخامسة الهاوية فيها مالك، يدعون يا مالك أغثنا فإذا أغاثهم جعل لهم آنية
من صفر من نار فيها صديد ما يسيل من جلودهم كأنه مهل، فإذا رفعوه ليشربوا منه
تساقطت لحم وجوههم من شدة حرها، وهو قول الله " وان يستغيثوا يغاثوا بماء
كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا " ومن هوى فيها هوى سبعين عاما
في النار، كلما احترق جلده بدل جلدا غيره والسادسة هي السعير فيها ثلاثمائة سرادق
من نار، في كل سرادق ثلاثمائة قصر من نار، في كل قصر ثلاثمائة بيت من نار، في
كل بيت ثلاثمائة لون من العذاب من غير عذاب النار، فيها حياة من نار، وعقارب
من نار، وجوامع من نار، وسلاسل من نار، وأغلال من نار، وهو الذي يقول الله:
" انا اعتدنا للكافرين سلاسل واغلالا وسعيرا " والسابعة جهنم وفيها الفلق، وهو جب
في جهنم إذا فتح أسعر النار سعرا، وهو أشد النار عذابا، واما صعود فجبل من صفر من نار
وسط جهنم، واما آثاما فهو واد من صفر مذاب يجرى حول الجبل، فهو أشد النار عذابا.
61 - في تفسير العياشي عن أبي بصير قال: يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب،
17

بابها الأول للظالم (1) وهو زريق، وبابها الثاني لحبتر، والباب الثالث للثالث، و
الرابع لمعاوية، والخامس لعبد الملك، والسادس لعكر بن هو سر (2) والسابع
لأبي سلامة فهم أبواب لمن اتبعهم (3).
62 - في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه السلام عن الواحد إلى
المائة قال له اليهودي: فما السبعة؟ قال: سبعة أبواب النار متطابقات.
63 - عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: إن للنار سبعة
أبواب يدخل منه فرعون وهامان، وقارون وباب يدخل منه المشركون والكفار من لم
يؤمن بالله طرفة عين، وباب يدخل منه بنو أمية هو لهم خاصة لا يزاحمهم فيه أحد، و
هو باب لظى وهو باب سقر وهو باب الهاوية يهوى بهم سبعين خريفا، فكلما هوى بهم سبعين
خريفا فار بهم فورة قذف بهم في أعلاها سبعين خريفا، ثم هوى بهم هكذا سبعين خريفا، فلا
يزالون هكذا أبدا خالدين مخلدين، وباب يدخل منه مبغضونا ومحاربونا وخاذلونا،
وانه لأعظم الأبواب وأشدها حرا، قال محمد بن الفضيل الزرقي: فقلت لأبي عبد الله
عليه السلام: الباب الذي ذكرت عن أبيك عن جدك عليهما السلام انه يدخل منه بنو أمية يدخله من

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر والبحار وغيره لكن في الأصل " الظالمين "
على صيغة الجمع.
(2) وفى المصدر والبحار " عسكر " بالسين، وسيأتي من المجلسي (ره) بيان فيه.
(3) قال المجلسي (ره):، زريق كناية عن الأول لان العرب يتشأم بزرقة العين،
والحبتر هو الثعلب ولعله انما كنى عنه لحيلته ومكره، وفى غيره من الاخبار وقع بالعكس وهو أظهر
إذا لحبتر بالأول أنسب، ويمكن أن يكون هنا أيضا المراد ذلك، وانما قدم الثاني لأنه أشقى وأفظ
وأغلظ. وعسكر بن هو سر كناية عن بعض خلفاء بنى أمية أو بنى العباس. وكذا أبى سلامة كناية
عن أبي جعفر الدوانيقي، ويحتمل أن يكون عسكر كناية عن عايشة وساير أهل الجمل، إذ كان
اسم جمل عايشة عسكرا وروى أنه كان شيطانا " انتهى ".
وقال في غير هذا الموضع: ويحتمل أن يكون كناية عن بعض ولاة بنى أمية كأبى سلامة،
ويحتمل أن يكون أبو سلامة كناية عن أبي مسلم إشارة إلى من سلطهم من بنى العباس.
18

مات منهم على الشرك أو ممن أدرك الاسلام منهم؟ فقال: لا أم لك ألم تسمعه يقول
وباب يدخل منه المشركون والكفار، فهذا باب يدخل منه كل مشرك وكل كافر لا يؤمن بيوم الحساب، وهذا الباب الآخر يدخل منه بنو أمية لأنه هو لأبي سفيان و
معاوية وآل مروان خاصة، يدخلون من ذلك الباب فتحطمهم النار فيه حطما لا يسمع
لهم واعية ولا يحيون فيها ولا يموتون.
64 - في مجمع البيان " لها سبعة أبواب " فيه قولان: أحدهما ما روى عن
أمير المؤمنين عليه السلام ان جهنم لها سبعة أبواب اطباق بعضها فوق بعض، ووضع إحدى
يديه على الأخرى فقال: هكذا، وان الله وضع الجنان على العرض ووضع النيران
بعضها فوق بعض فأسفلها جهنم، وفوقها لظى، وفوقها الحطمة وفوقها سقر، وفوقها
الجحيم، وفوقها السعير، وفوقها الهاوية، وفى رواية الكلبي: أسلفها الهاوية وأعلاها جهنم.
65 - في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عن ابن أبي
نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل أوصى بجزء من ماله؟ فقال: واحد من سبعة
ان الله تعالى يقول: " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ".
66 - أحمد بن محمد بن عيسى عن إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا عليه السلام في
رجل أوصى بجزء من ماله؟ قال: الجزء من سبعة، ان الله تعالى يقول: " لها سبعة أبواب
لكل باب منهم جزء مقسوم ".
عنه عن أبي همام عن الرضا عليه السلام مثله.
67 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها: الا وان التقوى مطايا
ذلل حمل عليها، وأعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة، وفتحت أبوابها ووجدوا ريحها و
طيبها، وقيل لهم: ادخلوها بسلام آمنين.
68 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول
فيه عليه السلام وقد ذكر عليا وأولاده عليهم السلام: الا ان أولياءهم الذين يدخلون الجنة
آمنين، وتتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين.
19

69 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد
الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يقول: لا تغضبوا
ولا تغضبوا، إفشوا السلام وأطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة
بسلام ثم تلا عليهم قول الله عز وجل: " السلام المؤمن المهيمن ". والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
70 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن
الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم عن عمرو بن أبي المقدام
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال " أنتم والله الذين قال الله عز وجل: ونزعنا ما في صدورهم من
غل اخوانا على سرر متقابلين.
71 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن زياد عن محمد بن سليمان عن
أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه
فقال: " اخوانا على سرر متقابلين " والله ما أراد بهذا غيركم والحديثان طويلان
أخذنا منهما موضع الحاجة.
72 - في تفسير العياشي عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس
منكم رجل ولا امرأة الا وملائكة الله يأتونه بالسلام، وأنتم الذين قال الله: " ونزعنا
ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ".
73 - عن محمد بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن سارة قالت لإبراهيم
عليه السلام: قد كبرت فلو دعوت الله ان يرزقك ولدا فتقر أعيننا؟ فان الله قد أتخذك خليلا و
هو مجيب دعوتك إن شاء الله، فسأل إبراهيم ربه أن يرزقه غلاما عليما، فأوحى الله
إليه: انى واهب لك غلاما عليما، ثم أبلوك فيه بالطاعة لي، قال أبو عبد الله عليه السلام: فمكث
إبراهيم بعد البشارة ثلث سنين، ثم جائته البشارة من الله بإسماعيل مره أخرى بعد
ثلث سنين.
74 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن لوطا لبث في قومه ثلثين سنة يدعوهم
إلى الله ويحذرهم عقابه، قال: وكانوا قوما لا يتنظفون من الغائط ولا يتطهرون من
20

الجنابة وكان لوط وآله يتنظفون من الغائط ويتطهرون من الجنابة، و
كان لوط ابن خالة إبراهيم وإبراهيم ابن خالة لوط وكانت امرأة إبراهيم
سارة أخت لوط، وكان إبراهيم ولوط نبيين مرسلين منذرين، وكان لوط
رجلا سخيا كريما يقرى الضيف (1) إذا نزل به ويحذره قومه، قال: فلما رأى قوم
لوط ذلك قالوا، انا ننهاك عن العالمين لا تقرى ضيفا ينزل بك، فإنك ان فعلت فضحنا
ضيفك وأخزيناك فيه، وكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه،
وذلك أن لوطا كان فيهم لا عشيرة له.
قال: وان لوطا وإبراهيم لا يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط، وكانت
لإبراهيم ولوط منزلة من الله شريفة، وان الله تبارك وتعالى كان اذاهم بعذاب قوم لوط
أدركته فيهم مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيه فيؤخر عذابهم: قال أبو جعفر:
فلما اشتد اسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضاه أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب
قوم لوط بغلام عليم فيسلى به مصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه
بإسماعيل، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سراقا، قال: فلما ان رأته الرسل
فزعا وجلا قالوا: سلاما قال سلام قال انا منكم وجلون قالوا لا توجل انا نبشرك بغلام عليم
قال أبو جعفر عليه السلام: والغلام العليم هو إسماعيل من هاجر فقال إبراهيم للرسل: أبشرتموني
على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين
فقال إبراهيم للرسل: فما خطبكم بعد البشارة؟ قالوا انا أرسلنا إلى قوم مجرمين
انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين، قال أبو جعفر: عليه السلام فقال إبراهيم
للرسل: " ان فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت من
الغابرين فلما جاء آل لوط المرسلين قال إنكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما
كانوا فيه يمترون " يقول: من عذاب الله لننذر قومك العذاب " فأسر باهلك " يا لوط
إذا مضى من يومك هذا سبعة أيام ولياليها " بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد الا
امرأتك انه مصيبها ما أصابهم " قال أبو جعفر عليه السلام فقضوا إلى لوط ذلك الامر " ان دابر

(1) قرى الضيف: أضافه وأجاره وأكرمه.
21

هؤلاء مقطوع مصبحين " قال أبو جعفر عليه السلام: فلما كان يوم الثامن من طلوع الفجر
قدم الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط " الحديث " وقد
كتبناه بتمامه في هود.
75 - في كتاب الخصال عن الصباح مولى أبى عبد الله عليه السلام قال: كنت مع أبي
عبد الله فلما مررنا بأحد قال: ترى الثقب الذي فيه؟ قلت: نعم، قال اما انا
فلست أراه. وعلامة الكبر ثلث: كلال البصر (1) وانحناء الظهر ورقة القدم.
76 - في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال: صليت خلف أبى عبد الله
عليه السلام فأطرق ثم قال: اللهم لا تقنطني من رحمتك، ثم جهر فقال: ومن يقنط من رحمة ربه
الا الضالون.
77 - في كتاب التوحيد باسناده إلى معاذ بن جبل حديث طويل عن النبي
صلى الله عليه وآله يقول فيه: قال الله يا بن آدم باحسانى إليك قويت على طاعتي وبسوء ظنك بي
قنطت من رحمتي.
78 - في بصائر الدرجات حدثني السندي بن الربيع عن الحسن بن علي بن
فضال عن علي بن رئاب عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس مخلوق
الا وبين عينيه مكتوب: مؤمن أو كافر، وذلك محجوب عنكم وليس محجوبا عن
الأئمة من آل محمد صلوات الله عليهم، ثم ليس يدخل عليهم أحد الا عرفوه مؤمن أو
كافر، ثم تلا هذه الآية: ان في ذلك لايات للمتوسمين.
79 - أحمد بن الحسن عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن البرة عن علي بن حسان
عن عبد الكريم بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ويحك يا أبا سليمان! انه ليس
من عبد يولد الا كتب بين عينيه مؤمن أو كافر، قال الله عز وجل: " ان في ذلك لايات
للمتوسمين " نعرف عدونا من ولينا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
80 - في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى
عن ابن أبي عمير قال: أخبرني أسباط بياع الزطي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسئله

(1) كل بصره: أعيا ونبأ ولم يحقق المنظور.
22

رجل عن قول الله عز وجل: ان في ذلك لايات للمتوسمين وانها لبسبيل مقيم " قال:
نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.
81 - محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن يحيى بن إبراهيم، قال حدثني أسباط بن
سالم قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت (1) فقال
له: أصلحك الله ما تقول في قول الله عز وجل: " ان في ذلك لايات للمتوسمين " قال:
نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.
82 - محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " ان في ذلك لآيات للمتوسمين "
قال: هم الأمة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عز وجل
في قول الله (2) عز وجل " ان في ذلك لآيات للمتوسمين ".
83 - محمد بن يحيى عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن
سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ان في ذلك لآيات للمتوسمين " فقال:
هم الأئمة " وانها لبسبيل مقيم " قال: لا يخرج منا أبدا.
84 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب
عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: " ان في
ذلك لآيات للمتوسمين " قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله المتوسم وأنا من بعده، والأئمة من
ذريتي المتوسمون وفى نسخة أخرى: أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن محمد بن
أسلم عن إبراهيم بن أيوب باسناده مثله.
85 - أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام
عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الامام فوض الله إليه كما فوض
إلى سليمان بن داود؟ فقال: نعم وذلك أن رجلا سأله عن مسألة فاجابه فيها، وسأله

(1) هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة
واسم قرية في نواحي دمشق أيضا.
(2) متعلق بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.
23

آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأول، ثم سأله آخر فاجابه بغير جواب
الأولين ثم قال: " هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب " وهكذا هي في قراءة
علي عليه السلام، قال: فقلت: أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الامام
؟ قال: سبحان الله أما تسمع الله يقول: " ان في ذلك لآيات للمتوسمين " وهم
الأئمة " وانها لبسبيل مقيم " لا تخرج منها أبدا، ثم قال لي: نعم ان الامام إذا أبصر إلى
الرجل عرفه وعرف لونه، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو،
ان الله يقول: " ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم ان
في ذلك لآيات للعالمين " وهم العلماء فليس يسمع شيئا من الامر ينطق به الا عرفه
ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم.
86 - في روضة الواعظين للمفيد (ره) بعد أن ذكر الصادق عليه السلام وروى عنه
حديثا وقال عليه السلام: إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج
إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه. ويخبر كل قوم بما استنبطوه، ويعرف وليه
من عدوه بالتوسم قال الله عز وجل: " ان في ذلك لايات للمتوسمين وانها لبسبيل مقيم ".
87 - في مجمع البيان وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: اتقوا فراسة المؤمن
فإنه ينظر بنور الله، قال: إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم، ثم قرء هذه الآية.
88 - وروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم، و
السبيل طريق الجنة، ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره (1).
89 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وجه دلائل الأئمة و
الرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله، حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه
قال: حدثني أبي قال، حدثنا أحمد بن علي الأنصاري عن الحسن بن الجهم قال:
حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا عليه السلام وقد اجتمع الفقهاء

(1) " الذي في تفسير علي بن إبراهيم الرواية الأخيرة، وانما لم نأخذها منه لأنها فيه
بلفظ " قال " كما هي عادته، فأخذناها من مجمع البيان للتصريح باسمه فيه عليه السلام. منه عفى
عنه " (عن هامش بعض النسخ).
24

وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا بن رسول الله بأي
شئ تصح الإمامة لمدعيها؟ قال: بالنص والدليل، قال له: فدلالة الامام
فيما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة قال فما وجه اخباركم مما يكون؟ قال
ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله، قال: فما وجه اخباركم مما في قلوب الناس؟
قال له: أما بلغك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله على
قدر ايمانه ومبلغ استبصاره وعلمه، وقد جمع الله للأئمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين،
وقال عز وجل في كتابه العزيز: " ان في ذلك لايات للمتوسمين " فأول المتوسمين
رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده، ثم الحسن والحسين والأئمة من
ولد الحسين إلى يوم القيمة، قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أبا الحسن زدنا
مما جعل الله لكم أهل البيت، فقال الرضا عليه السلام: ان الله تعالى قد أيدنا بروح منه
مقدسة مطهرة، ليست بملك، لم تكن مع أحد ممن مضى الا مع رسول الله صلى الله عليه وآله،
وهي مع الأئمة منا تسددهم وتوفقهم، وهو عمود من نور بيننا وبين الله تعالى.
90 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا قام القائم عليه السلام لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمان الا
عرفه صالح هو أم طالح، ألا وفيه آية للمتوسمين وهو سبيل المقيم.
91 - في كتاب معاني الأخبار الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن
محمد فقلت له: يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد ان أسئلك عنها، قال: إن شئت
أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني: وان شئت فاسئل، قال: فقلت له: يا بن رسول الله
وبأي شئ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي عنه؟ قال: بالتوسم والتفرس، أما سمعت
قول الله عز وجل: " ان في ذلك لآيات للمتوسمين " وقول رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا
فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله.
92 - في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل رفعه في قوله: " لآيات
للمتوسمين " قال: هم آل محمد الأوصياء عليهم السلام.
25

93 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام [ان] في الامام آية للمتوسمين، وهو
السبيل المقيم، ينظر بنور الله وينطق عن الله، لا يعزب عنه شئ مما أراد.
94 - عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: بينما أمير المؤمنين
عليه السلام جالس بمسجد الكوفة قد احتبى بسيفه والقى برنسه وراء ظهره (1) إذ أتته
امرأة مستعدية على زوجها، فقضى للزوج على المرأة، فغضبت فقالت: لا والله ما هو
كما قضيت، لا والله ما تقضى ولا تعدل بالرعية، ولا قضيتك عند الله بالمرضية، قال:
فنظر إليها أمير المؤمنين عليه السلام فتأملها ثم قال لها: كذبت يا جرية يا بذية أيا سلسع
أيا سلفع (2) أيا التي تحيض من حيث لا تحيض النساء، قال: فولت هاربة وهي
تولول وتقول: يا ويلي ويلي ويلي ثلثا، قال فلحقها عمرو بن حريث (3) فقال
لها: يا أمة الله أسئلك، فقالت: ما للرجال والنساء في الطرقات؟ فقال: انك استقبلت
أمير المؤمنين عليا بكلام سررتيني به ثم قرعك أمير المؤمنين بكلمة فوليت مولولة؟
فقالت: ان ابن أبي طالب والله استقبلني فأخبرني بما هو كتمته من بعلى منذ ولى
عصمتي، لا والله ما رأيت طمثا من حيث يرينه النساء، قال: فرجع عمرو بن حريث
إلى أمير المؤمنين فقال: له يا أمير المؤمنين ما نعرفك بالكهانة فقال له: وما ذلك يا ابن
حريث؟ فقال له يا أمير المؤمنين ان هذه المرأة ذكرت انك أخبرتها بما هو فيها وانها لم
تر طمثا قط من حيث تراه النساء، فقال له: ويلك يا بن حريث ان الله تبارك وتعالى
خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، وركب الأرواح في الأبدان، فكتب بين أعينها

(1) احتبى احتباءا: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند إذ لم يكن للعرب
في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها، والبرنس، قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر
الاسلام. كل ثوب رأسه ملتزق به.
(2) البذية: الفحاشة. والسلفع: السليط. وامرأة سلفع يستوى فيه المذكر
والمؤنث. يقال: سلطية جريئة. ولم أجد للسلسع معنى في كتب اللغة.
(3) عمرو بن حريث القرشي المخزومي من أعداء أمير المؤمنين عليه السلام وأولياء
بنى أمية ويظهر من هذا الحديث خبثه وزندقته وعداوته له عليه السلام، وقد ورد في ذمة روايات
كثيرة فراجع تنقيح المقال وغيره.
26

كافر ومؤمن، وما هي مبتلاة به إلى يوم القيمة، ثم أنزل بذلك قرآنا على محمد
صلى الله عليه وآله فقال: " ان في ذلك لآيات للمتوسمين " وكان رسول الله صلى الله عليه وآله المتوسم ثم انا
من بعده، ثم الأوصياء من ذريتي من بعدي، انى لما رأيتها تأملتها فأخبرتها بما هو فيها
ولم أكذب.
95 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه قال عليه السلام في قول الله
عز وجل: فاصفح الصفح الجميل قال: العفو من غير عتاب.
96 - في أمالي الصدوق (ره) باسناده عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه
عليهما السلام قال قال علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام في قول الله عز وجل: " فاصفح
الصفح الجميل " قال: العفو من غير عتاب.
97 - في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن محمد بن أبي
عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السبع المثاني
والقرآن العظيم هي الفاتحة؟ قال: نعم، قلت بسم الله الرحمن الرحيم من السبع
المثاني؟ قال: نعم هي أفضلهن.
98 - في تفسير العياشي ان عبد الرحمن عمن رفعه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن قول الله عز وجل: ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم قال: هي
سورة الحمد، وهو سبع آيات: منها " بسم الله الرحمن الرحيم " وانما سميت المثاني
لأنها تثنى في الركعتين.
99 - عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إذا كانت لك
حاجة فاقرأ المثاني وسورة أخرى وصل ركعتين وادع الله. قلت: أصلحك الله وما المثاني؟
فقال: فاتحة الكتاب: " بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ".
100 - عن سورة بن كليب عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: نحن المثاني
التي أعطى نبينا.
101 - عن يونس بن عبد الرحمن عمن رفعه قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله
: " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " قال: إن ظاهرها الحمد، وباطنها
27

ولد الولد، والسابع منها القائم عليه السلام (1).
102 - قال حسان: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " ولقد آتيناك سبعا من
المثاني والقرآن العظيم " قال: ليس هكذا تنزيلها، انما هي: " ولقد آتيناك سبعا من
المثاني [نحن هم] والقرآن العظيم " ولد الولد.
103 - عن القاسم بن عروة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " ولقد آتيناك سبعا
من المثاني والقرآن العظيم " قال: سبعة أئمة والقائم.
104 - عن السدى عمن سمع عليا عليه السلام يقول: " سبعا من المثاني " فاتحة الكتاب.
105 - عن سماعة قال: قال أبو الحسن عليه السلام: " ولقد آتيناك سبعا من المثاني
والقرآن العظيم " قال: لم يعط الأنبياء الا محمد صلى الله عليه وآله، وهم السبعة الأئمة الذين
يدور عليهم الفلك، " والقرآن العظيم " محمد صلى الله عليه وآله.
106 - عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام قال: سألته عن قوله: " آتيناك
سبعا من المثاني والقرآن العظيم " قال: فاتحة الكتاب يثنى فيها القول.
107 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن
أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام لبعض أحبار اليهود في
أثناء كلام طويل يذكر فيه مناقب النبي صلى الله عليه وآله: وزاد الله عز ذكره محمد صلى الله عليه وآله السبع
الطوال، وفاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم.

(1) قال المحدث الكاشاني (ره): ولعلهم انما عدوا سبعا باعتبار أسمائهم فإنها سبعة،
وعلى هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثناء، وأن يجعل من التثينة باعتبار تثنيتهم مع القرآن،
وأن يجعل كناية عن عددهم الأربعة عشر بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتغاير الاعتباري بين المعطى
والمعطى له " انتهى ".
وقال بعض: ان المراد بالسبع المثاني النبي والأئمة وفاطمة عليهم السلام فهم أربعة عشر
سبعة وسبعة، لقوله: المثاني، فكل واحد من السبعة مثنى وللعلامة المجلسي (ره) وكذا المحدث
الحر العاملي قدس سرهما أيضا بيان في هذا الحديث وما يتلوه في التعبير فراجع البحار ج 7: 114
واثبات الهداة ج 7: 102.
28

108 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفى آخره: وقيل
لأمير المؤمنين عليه السلام: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن " بسم الله الرحمن الرحيم " هي من
فاتحة الكتاب؟ فقال: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأها ويعدها آية منها، ويقول:
فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.
109 - وباسناده إلى الحسن بن علي عن أبيه علي بن محمد عن أبيه محمد بن
علي بن أبيه الرضا عن آبائه عن علي عليه السلام أنه قال: إن " بسم الله الرحمن الرحيم " آية
من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: إن الله تعالى قال لي: يا محمد " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن
العظيم " فأفرد الامتنان على بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم.
110 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبى سلام عن بعض أصحابنا عن أبي
جعفر عليه السلام قال: نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا، صلى الله عليه وآله ونحن وجه الله، نتقلب
في الأرض بين أظهركم عرفنا من عرفنا، ومن جهلنا فامامه اليقين (1).
وفى أصول الكافي مثله.
111 - في مجمع البيان السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وهو قول علي عليه السلام
وروى ذلك عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
112 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن
بشير عن سعد الإسكاف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعطيت السور الطوال مكان
التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل (2) وأعطيت المثاني مكان الزبور.
113 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي بن عبد الله وحميد بن زياد عن الخشاب جميعا

(1) كذا في النسخ لكن في تفسير العياشي وتفسير علي بن إبراهيم والمنقول عنهما في البحار
وغيره " فامامه السعير " وهو الظاهر ويحتمل التصحيف أيضا، ولم أظفر على الحديث في مظانه في
أصول الكافي.
(2) قد مر في المجلد الأول صفحة 258 لهذا الحديث بيان عن الطبرسي (ره) في الذيل
فراجع.
29

عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ومن أوتى القرآن
فظن أن أحدا من الناس أوتى أفضل مما أوتى، فقد عظم ما حقر الله، وحقر ما عظم الله.
114 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن
محمد عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أعطاه الله القرآن فرأى أن رجل اعطى أفضل مما أعطى،
فقد صغر عظيما، وعظم صغيرا، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة
115 - في تفسير العياشي عن حماد عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام
قول الله: لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
في نزل به ضيقة، [فاستسلف من يهودي] (1) فقال اليهودي: والله ما لمحمد ثاغية ولا
راغية (2) فعلى ما أسلفه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انى لأمين الله في سمائه وأرضه ولو
ائتمنتني على شئ لأديته إليك، قال: فبعث بدرقة (3) فرهنها عنده، وأنزلت عليه:
" ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ".
116 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن
محمد عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما نزلت هذه
الآية " لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك
للمؤمنين " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات،
ومن رمى ببصره إلى ما في يدي غيره كثر همه ولم يشف غيظه، ومن لم يعلم أن الله عليه
نعمة الا في مطعم أو ملبس فقط قصر علمه ودنى عذابه، ومن أصبح على الدنيا حزينا
أصبح على الله ساخطا، ومن شكى مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه، ومن دخل النار
من هذه الأمة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا، ومن أتى ذا ميسرة
فتخشع له طلب ما في يديه ذهب ثلثا دينه.

(1) استسلف: اقترض.
(2) الثاغية: الشاة: والراغية: الناقة.
(3) الدرقة - محركة -: الترس من الجلود. ليس فيه خشب ولا عقب.
30

117 - في مجمع البيان وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينظر إلى ما يستحسن من الدنيا.
118 - في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيم في قوله: الذين جعلوا
القرآن عضين قال: قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله الله، فقال: لنسئلنهم
أجمعين عما كانوا يعملون.
119 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: قال في الذين
أبرزوا القرآن عضين، قال: هم قريش.
120 - في أصول الكافي محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن
زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن عباس بن الحريش عن أبي
جعفر الثاني عليه السلام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: سئل رجل أبى فقال: يا ابن
رسول الله سآتيك بمسألة صعبة، أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر
مع رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: فضحك أبى عليه السلام وقال: أبى الله أن يطلع على علمه الا
ممتحنا للايمان، كما قضى على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم
الا بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به، حتى قيل له: اصدع بما تؤمر واعرض
عن المشركين وأيم الله انه لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، ولكنه انما نظر في الطاعة
وخاف الخلاف، فلذلك كف فوددت أن عينك تكون مع مهدى هذه الأمة، والملائكة
بسيوف آل داود بين السماء والأرض، تعذب أرواح الكفرة من الأموات، وتلحق
بهم أرواح أشباههم من الاحياء، ثم اخرج سيفا ثم قال: ها ان هذا منها قال: فقال
أبى أي والذي اصطفى محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره (1) و
قال: انا إلياس، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة، غير انى أحببت أن يكون هذا
الحديث قوة لأصحابك، والحديث طويل أخذنا منه موضوع الحاجة.
121 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن علي الحلبي

(1) الاعتجار: لف العمامة على رأسه. والرد هنا في مقابل الفتح المذكور في صدر الحديث
في قوله: " ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجه.. ا. " وان شئت الوقوف على
تمام الحديث راجع الأصول: باب شأن انا أنزلناه في ليلة القدر الحديث الأول.
31

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اكتتم رسول الله صلى الله عليه وآله مختفيا خائفا خمس سنين، ليس
يظهر أمره وعلي عليه السلام وخديجة، ثم أمره الله عز وجل أن يصدع بما أمر، فظهر
رسول الله صلى الله عليه وآله فأظهر أمره.
122 - وفى خبر آخر انه عليه السلام كان مختفيا بمكة ثلث سنين.
123 - وباسناده إلى عبد الله بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
مكث رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة بعد ما جاء الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلاثة عشر سنة،
منها ثلث سنين مختفيا خائفا لا يظهر، حتى أمره الله عز وجل ان يصدع بما أمر، فأظهر
حينئذ الدعوة
124 - في تفسير العياشي عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
اكتتم رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة سنين ليس يظهر وعلى معه وخديجة، ثم أمره الله أن يصدع
بما يؤمر وظهر رسول الله صلى الله عليه وآله فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب، فإذا أتاهم قالوا:
كذاب امض عنا.
125 - عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ولا
تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قال: نسختها: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ".
126 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " فاصدع بما تؤمر واعرض عن
المشركين انا كفيناك المستهزئين " فإنها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله
بثلث سنين، وذلك أن النبوة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاثنين وأسلم على يوم
الثلاثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم دخل أبو طالب إلى:
النبي وهو يصلى وعلى بجنبه، وكان مع أبي طالب جعفر فقال له أبو طالب:
صل جناح ابن عمك، فوقف جعفر على يسار رسول الله فبدر رسول الله صلى الله عليه وآله
من بينهما، فكان يصلى رسول الله وعلي عليه السلام وجعفر وزيد بن حارثة و
خديجة، فلما أتى لذلك ثلث سنين، أنزل الله عليه: " فاصدع بما تؤمر واعرض عن
المشركين انا كفيناك المستهزئين " وكان المستهزؤون برسول الله خمسة الوليد بن
المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، و
32

الحارث بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد بن المغيرة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله دعى
عليه لما كان بلغه من اذائه واستهزائه، فقال: اللهم أعم بصره، وأثكله بولده،
فعمى بصره وقتل ولده ببدر (1) فمر الوليد بن المغيرة برسول الله صلى الله عليه وآله ومعه
جبرئيل عليه السلام، فقال جبرئيل: يا محمد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين
بك. قال: نعم، وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له، فوطئ على
بعضها فأصاب أسفل عقبه قطعة من ذلك، فدميت فلما مر بجبرئيل عليه السلام أشار إلى
ذلك، فرجع الوليد إلى منزله ونام على سريره، وكانت ابنته نائمة أسفل منه فانفجر
الموضع الذي أشار إليه جبرئيل عليه السلام أسفل عقبه فسال منه الدم حتى صار إلى فراش
ابنته: فانتبهت ابنته فقالت: يا جارية أتحل وكاء القربة (2)؟ قال الوليد: ما هذا
وكاء القربة ولكنه دم أبيك: فاجمعي لي ولدى وولد أخي فانى ميت فجمعتهم فقال
لعبد الله بن أبي ربيعة: ان عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة، فخذ كتابا
من محمد إلى النجاشي ان يرده، ثم قال لابنه هاشم وهو أصغر ولده: يا بنى أوصيك
بخمس خصال فاحفظها: أوصيك بقتل أبى دهم الدوسي فإنه غلبني على امرأتي وهي
بنته، ولو تركها وبعلها كانت تلد لي ابنا مثلك، ودمى في خزاعة وما تعمدوا
قتلى، وأخاف ان تفتنوا بعدي، ودمى في بنى خزيمة بن عامر (3) في
ثقيف فخده ولأسقف نجران على مائتا دينار فاقضها، ثم فاضت نفسه، ومر ربيعة بن
الأسود برسول الله صلى الله عليه وآله فأشار جبرئيل إلى بصره فعمى ومات، ومر به الأسود بن
عبد يغوث، فأشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقى حتى شق بطنه، ومر العاص بن
وائل فأشار جبرئيل إلى رجله فدخل يداه (4) في أخمص قدميه وخرجت من ظاهره

(1) وفى المصدر بعد قوله " ببدر " هكذا: " وكذلك دعا على الأسود بن عبد يغوث والحارث
بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد.... اه ".
(2) الوكاء - ككتاب -: رباط القربة.
(3) وفى السيرة لابن هشام " ربائى ". وفى المصدر " ديانى ".
(4) كذا في النسخ والظاهر أنه مصحف وفى المصدر والمنقول عنه في البحار وغيره " فدخل
عود في أخمص قدمه اه ".
33

ومات، ومر ابن الطلاطلة فأشار جبرئيل إلى وجهه فخرج إلى جبال تهامة فأصابته
السمائم (1) واستسقى حتى انشق بطنه، وهو قول الله: " انا كفيناك المستهزئين "
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقام على الحجر فقال: يا معشر قريش، يا معاشر العرب
أدعوكم إلى شهادة ان لا إله إلا الله، وانى رسول الله، وآمركم بخلع الأنداد و
الأصنام فأجيبوني تملكون بها العرب، وتدين لكم العجم، وتكونون ملوكا في
الجنة، فاستهزؤوا منه وقالوا: جن محمد بن عبد الله، ولم يجسروا عليه لموضع
أبى طالب، فاجتمعت قريش إلى أبى طالب فقالوا: يا أبا طالب ان ابن أخيك قد
سفه أحلامنا وسب آلهتنا، وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا، فإن كان يحمله على ذلك
الغرم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا، ونزوجه أي امرأة شاء من قريش،
فقال له أبو طالب: ما هذا يا بن أخي؟ فقال: يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه
لأنبيائه ورسله، بعثني الله رسولا إلى الناس، فقال: يا بن أخي ان قومك قد أتوني
يسألوني ان أسئلك أن تكف عنهم، فقال: يا عم انى لا أستطيع ان أخالف أمر ربى،
فكف عنه أبو طالب، ثم اجتمعوا إلى أبى طالب فقالوا: أنت سيد من ساداتنا فادفع
إلينا محمدا لنقتله وتملك علينا، فقال أبو طالب قصيدته الطويلة: ويقول فيها:
ولما رأيت القول لا ود بينهم (2) * وقد قطعوا كل العرى والوسائل
كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نطاعن دونه ونناضل (3)
وننصره حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل (4)

(1) السمائم جمع السموم: الريح الحارة.
(2) قوله: " بينهم " في المصدر " عندهم " والعرى جمع العروة: كلما يوثق به ويعول عليه.
(3) قوله " يبزى " أي يقهر ويغلب، قال في البحار أراد " لا يبزى " فحذف لا من جواب
القسم وهي مرادة أي لا يقهر ولم نقاتل وندافع " انتهى " والصحيح كما في الغدير ج 7: 338
" نبزى " أي نقهر، وناضل عنه: حامى وجادل ودافع وتكلم عنه بعذره.
(4) صرعه: طرحه على الأرض شديدا. وذهل عنه: نسيه. والحلائل جمع الحليلة:
الزوجة.
34

قال: فلما اجتمعت [قريش] على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وكتبوا الصحيفة
القاطعة، جمع أبو طالب بني هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في
الكعبة، لئن شاكت محمدا شوكة لأتين عليكم يا بني هاشم فأدخله الشعب، وكان يحرسه
بالليل والنهار قائما بالسيف على رأسه أربع سنين، فلما خرجوا من الشعب حضرت
أبا طالب الوفاة، فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يجود بنفسه، فقال: يا عم ربيت
صغيرا وكلفت يتيما، فجزاك الله عنى خيرا اعطني كلمة اشفع لك بها عند ربى،
فروى أنه لم يخرج من الدنيا حتى أعطى رسول الله الرضا، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو قمت
المقام المحمود لشفعت لأبي وأمي وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية (1)
126 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى موسى بن جعفر عن أبيه عن
آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير
المؤمنين عليه السلام: فان هذا موسى بن عمران قد أرسله الله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى؟
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أرسله الله إلى فراعنة شتى مثل أبى جهل بن هشام،
وعتبة بن ربيعة وشيبة وأبى البختري والنضر بن الحرث، وأبى بن خلف، ومنبه ونبيه
ابني الحجاج، والى المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل
السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب، والحارث بن الطلاطلة
فأراهم الآيات في الآفاق وفى أنفسهم حتى تبين لهم انه الحق، قال اليهودي: لعد انتقم
الله لموسى من فرعون؟ قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمد
صلى الله عليه وآله من الفراعنة، فاما المستهزؤون فقد قال الله عز وجل: " انا كفيناك المستهزئين " فقتل

(1) غير خفى على المحقق الخبير والمطالع البصير لاخبار أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم
ان أبا طالب كان مؤمنا يتقى قومه ويستر دينه، وعليه الشيعة الإمامية، ويعرف ذلك من سيرته
وكلماته وأشعاره أيضا، وقد أفرد العلامة الأستاذ الأميني دام ظله في كتابه الغدير لذلك بابا يذكر
فيه اشعاره وأحواله، ويدفع الشبهات الواهية المنقولة عن بعض العامة في ايمانه واسلامه رضي الله عنه
فراجع ج 7 -: 330 - 409. فما في هذا الخبر اما هو مأخوذ عن العامة وأورده القمي (ره)
على عقيدتهم. أو كان منه صلى الله عليه وآله على ظاهر حال أبى طالب والله العالم.
35

الله خمستهم كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد، فاما الوليد بن المغيرة فمر
بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق، فأصابه شظية منه (1) فانقطع أكحله
حتى أدماه فمات، وهو يقول قتلني رب محمد، واما العاص بن وائل السهمي فإنه خرج في حاجة له
إلى موضع فتدهده (2) حتى حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول: قتلني رب
محمد، واما الأسود بن عبد يغوث فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة فاستظل بشجرة فأتاه
جبرئيل عليه السلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه: امنع عنى هذا فقال: ما أرى أحدا
يصنع بك شيئا الا نفسك فقتله، وهو يقول: قتلني رب محمد، واما الأسود بن الحارث
فان النبي صلى الله عليه وآله دعى عليه أن يعمى بصره وان يثكله ولده، فلما كان في ذلك اليوم خرج
حتى صار إلى موضع، فاتاه جبرئيل عليه السلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمى، وبقى
حتى أثكله الله عز وجل ولده، واما الحارث بن الطلاطلة فإنه خرج من بيته في السموم
فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول: قتلني رب
محمد، وروى أن الأسود بن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه عليه العطش فلم يزل يشرب
الماء حتى انشق بطنه فمات، وهو يقول: قتلني رب محمد كل ذلك في ساعة واحدة: و
ذلك انهم كانوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا له: يا محمد ننتظر بك إلى الظهر فان رجعت
عن قولك والا قتلناك، فدخل النبي صلى الله عليه وآله منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فأتاه
جبرئيل عليه السلام عن الله من ساعته فقال: يا محمد السلام يقرء عليك السلام وهو يقول:
" اصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين " يعنى أظهر أمرك لأهل مكة وادعهم إلى الايمان
قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ قال له: " انا كفيناك المستهزئين "
قال: يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي! قال: قد كفيتهم فأظهر امره عند ذلك، واما
بقيتهم من الفراعنة فقتلوا يوم بدر بالسيف، وهزم الله الجمع وولوا الادبار، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
127 - في كتاب الخصال عن أبان الأحمر رفعه قال: المستهزؤون للنبي صلى الله عليه وآله

(1) الشظية: كل فلقة من شئ كفلقة العود أو القصبة.
(2) تدهده الحجر: تدحرج.
36

خمسة الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد يغوث
الزهري والأسود بن المطلب، والحارث بن عطية الثقفي.
128 - في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى و
محمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم
بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه حاكيا عن
رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله
ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: يا محمد ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون
فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون لكنهم يجحدون بغير حجة
لهم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويستعين بعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شئ في
فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه.
129 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد
الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام:
يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في
جميع أمورك، فان الله عز وجل بعث محمد فأمر بالصبر والرفق فصبر صلى الله عليه وآله حتى
نالوه بالعظايم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عز وجل: " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك
بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين " الحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
130 - في مجمع البيان: وكن من الساجدين أي المصلين عن الضحاك وابن
عباس قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا حزنه أمر فرغ إلى الصلاة (1).

(1) فرغ إلى الشئ: قصد.
37

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة
النحل في كل شهر كفى المغرم في الدنيا، وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون
والجذام والبرص، وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرءها لم يحاسبه
الله تعالى بالنعم التي أنعمها عليه في دار الدنيا، وان مات في يوم تلاها أو ليلته أعطى من
الاجر كالذي مات وأحسن الوصية.
3 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: أول من يبايع القائم جبرئيل، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه
ثم يضع رجلا على بيت الله الحرام ورجل على بيت المقدس، ثم ينادى بصوت ذلق (1)
تسمعه الخلايق: أتى أمر الله فلا تستعجلوه.
4 - عن ابن مهزيار عن القائم عليه السلام حديث طويل وفيه انه عليه السلام تلى: " بسم
الله الرحمن الرحيم أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن بالأمس " فقلت:
يا سيدي يا بن رسول الله فما الامر؟ قال: نحن أمر الله عز وجل وجنوده.
5 - في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سئلته عن قول الله: أتى أمر الله فلا تستعجلوه قال: إذا أخبر الله النبي صلى الله عليه وآله
بشئ إلى وقت فهو قوله: " اتى أمر الله فلا تستعجلوه " حتى يأتي ذلك الوقت، وقال:
ان الله إذا أخبر ان شيئا كائن فكأنه قد كان.
وفيه بعد أن نقل أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام كما نقلنا عنه سابقا، وفى

(1) الذلق: الفصيح.
38

رواية أخرى عن أبان عن أبي جعفر عليه السلام نحوه.
6 - في تفسير علي بن إبراهيم " اتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما
يشركون " قال: نزلت لما سألت قريش رسول الله صلى الله عليه وآله ان ينزل عليهم (1) فأنزل الله
تبارك وتعالى " اتى أمر الله فلا تستعجلوه ".
7 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط
عن الحسين بن أبي العلا عن سعد الإسكاف قال: أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام يسئله
عن الروح أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: جبرئيل من الملائكة والروح
غير جبرئيل، فكرر ذلك على الرجل، فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد
يزعم أن الروح غير جبرئيل: فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: انك ضال تروى عن أهل الضلال
يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون
ينزل الملائكة بالروح والروح غير الملائكة عليهم السلام.
8 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
على من يشاء من عباده ان انذروا انه لا اله الا انا فاتقون يقول: بالكتاب.
وقال علي بن إبراهيم في قوله: خلق الانسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين قال:
خلقه من قطرة من ماء منتن (2) فيكون خصيما متكلما بليغا، وقال أبو الجارود في قوله:
والانعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع والدف ء: حواشي الإبل: ويقال بل هي الادفاء (3)
من البيوت والثياب.
9 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال:
سئل النبي صلى الله عليه وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وادى حقه يوم حصاده، قيل:
وأي مال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواقع القطر، يقيم الصلاة و
يؤتى الزكاة، قيل فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير

(1) وفى المصدر " أن ينزل عليهم العذاب ".
(2) وفى المصدر " من قطرة من ماء مهين ".
(3) ادفأه من الحائط وغيره كنه أي ستره.
39

قيل: فأي المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات (1) في الوحل المطعمات في المحل
(2) نعم المال النخل، من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على شاهقة اشتدت به الريح في يوم
عاصف، الا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت
فقال له رجل: فأين الإبل؟ قال: فيه الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو
مدبرة وتروح مدبرة لا يأتي خيرها الا من جانبها الأشأم.
10 - عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الغنم
إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أقبلت، والبقر إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أدبرت، والإبل
أعناق الشياطين إذا أقبلت أدبرت، وإذا أدبرت أدبرت، ولا يجئ خيرها الا من الجانب
الأشأم، قيل: يا رسول الله فمن يتخذها بعد ذا؟ قال: فأين الأشقياء الفجرة؟.
11 - عن الحارث قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عليكم بالغنم
والحرث فإنهما يروحان بخير ويغدوان بخير، قال: فقيل له: يا رسول الله فأين الإبل؟
قال: تلك أعناق الشياطين ويأتي خيرها من الجانب الأشام، قيل: يا رسول الله ان سمع
الناس بذلك تركوها فقال: إذا لا يعدمها الأشقياء الفجرة.
12 - عن أمير المؤمنين عليه السلام أفضل ما يتخذه الرجل في منزله لعياله الشاة، فمن كان في
منزله شاة قدست عليه الملائكة مرتين في كل يوم، وكذلك في الثلاث يقول: بورك فيكم.
13 - عن الحسن بن مصعب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان لله تعالى في كل يوم و
ليلة ملكا ينادى مهلا مهلا عباد الله عن المعاصي فلولا بهائم رتع وصبية رضع وشيوخ ركع لصب
عليكم العذاب صبا ترضون به رضا.
14 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ولكم فيها جمال حين تريحون وحين
تسرحون قال: حين ترجع من المرعى، قوله: وتحمل أثقالكم إلى بلد ثم تكونوا
بالغيه الا بشق الأنفس قال: إلى مكة والمدينة وجميع البلدان.
15 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى

(1) أي الثابتات في أماكنها لا تزول لعظمها.
(2) المحل: الشدة والجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء.
40

عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ويذكر الحج، فقال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هو أحد الجهادين، هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء،
أما انه ليس شئ أفضل من الحج الا الصلاة، وفى الحج ههنا صلاة، وليس
في الصلاة قبلكم حج، لا تدع الحج وأنت تقدر عليه، أما ترى انه يشعث رأسك و
يقشف فيه جلدك (1) وتمتنع فيه من النظر إلى النساء، وانا نحن ههنا ونحن قريب، و
لنا مياه متصلة، ما نبلغ الحج حتى يشق علينا فكيف أنتم في بعد البلاد، وما من ملك
ولا سوقة (2) يصل إلى الحج الا بمشقة في تغير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس
لا يستطيع ردها، وذلك قوله عز وجل: " وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه الا
بشق الأنفس ان ربكم لرؤف رحيم ".
- في كتاب علل الشرايع أبى (ره) قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن القاسم الكاهلي
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يذكر الحج وذكر مثل ما نقلناه عن الكافي سواء
16 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن
أبوال الخيل والبغال والحمير؟ قال فكرهها، فقلت " أليس لحمها حلال؟ قال: فقال: أليس
قد بين الله لكم: " والانعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون " وقال في الخيل:
والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة فجعل الاكل من الانعام التي قص الله
في الكتاب، وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس
عافوها (3)
17 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن غير واحد عن
أبان عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الخيل كانت وحوشا في بلاد العرب، فصعد

(1) شعث رأسه: تفرق شعره وجلده. والقشف - محركة -: رثاثة الهيئة وسوء الحال
ورجل قشف - ككتف -: لوحته الشمس أو الفقر فتغير.
(2) السوقة الرعية يستوى فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.
(3) عاف الرجل الطعام والشراب وغيرها عيفا: كرهه فلم يأكله أو لم يشربه.
41

إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على جبل جياد ثم صاحا: ألا هلا (1) قال: فما بقي
فرس الا أعطاهما بيده، وأمكن من ناصيته.
18 - عنه عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيمة.
19 - عنه عن ابن فضال عن ثعلبة عن معمر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته
يقول: الخير كله معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيمة.
20 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبدوس بن أبي عبيدة قال:
سمعت الرضا عليه السلام يقول: أول من ركب الخيل إسماعيل، وكانت وحشية لم تركب،
فحشرها الله عز وجل على إسماعيل من جبل منى، وانما سميت الخيل العراب، لان
أول من ركبها إسماعيل.
21 - في كتاب الخصال عن الحسين بن زيد قال: بلغني ان الله تعالى خلق
الخيل من أربعة أشياء، من البحر الأعظم المحدق بالدنيا، ومن النار، ومن دموع ملك
يقال له إبراهيم، ومن بين طيبة.
22 - في كتاب علل الشرايع وباسناده إلى محمد بن يعقوب عن علي بن
محمد باسناده رفعه قال: قال علي عليه السلام لبعض اليهود وقد سئله عن مسائل: أول من ركب
الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل، وأول من ركب البغل ابن آدم عليه السلام وذلك كان
له ابن يقال له معد، وكان عشوقا للدواب، وأول من ركب الحمار حوا.
23 - في كتاب الخصال عن أم الدرداء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
أصبح معافى في جسده آمنا في سربه (2) عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا:
يا ابن آدم يكفيك من الدنيا ما سد جوعتك، ووارى عورتك، فان يكن بيت يكنك
فذاك، وان يكن دابة تركبها فبخ بخ، والخير وما الخير وما بعد ذلك حساب عليك

(1) جياد: جبل بمكة وقيل: إن المعروف في كتب اللغة " أجياد " وهلا: رجز للخيل
أي اقربى.
(2) السرب هنا بمعنى الحرم والعيال.
42

أو عذاب.
24 - عن نافع بن عبد الحارث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سعادة المسلم
سعة المسكن، والجار الصالح، والمركب الهنيئ.
25 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جده عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس لا أدعهن حتى الممات: ركوب الحمار مردفا
الحديث.
26 - وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس لست
بتاركهن حتى الممات: ركوبي الحمار موكفا (1) الحديث.
27 - عن يعقوب بن سالم رفع الحديث إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يرتدف ثلاثة على دابة فان أحدهم ملعون وهو المقدم.
28 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال: ما خلق الله
خلقا الا وقد أمر عليه آخر يغلب به، وذلك أن الله تبارك وتعالى لما خلق البحار
في السماء فخرت وزخرت وقالت: أي شئ يغلبني؟ فخلق الله تعالى الفلك فأدارها
به وذللها، ثم إن الأرض فخرت وقالت: أي شئ يغلبني فخلق الله تعالى الجبال فأثبتها
في ظهرها أوتادا منها من أن تميد بما عليها، فذلت الأرض واستقرت.
29 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه: واما " ق " فهو الجبل المحيط بالأرض، وخضرة السماء
منه، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها.
30 - في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي ومحمد بن يحيى
عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى الا منه، وسبيله الذي من سلك
بغيره هلك، وكذلك يجرى لائمة الهدى واحدا بعد واحد. جعلهم الله أركان الأرض
أن تميد بأهلها.

(1) أي الذي وضع عليها الأكاف وهو برذعة الحمار.
43

الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور العمى عن
محمد بن سنان قال: حدثنا المفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وذكر
كالحديث السابق سواء.
علي بن محمد ومحمد بن الحسين عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد شباب
الصيرفي قال: حدثنا سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام ثم ذكر مثله أيضا.
محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا عن محمد بن الحسن عن علي بن
حسان قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفر عليه السلام
ثم ذكر مثله أيضا بتغيير يسير، وهذه الأحاديث الأربعة طوال أخذنا منها موضع الحاجة.
31 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبى هراسة عن أبي
جعفر عليه السلام قال: لو أن الامام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.
32 - وباسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضا عليه السلام: ولا تخلو
الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف، ولو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج
البحر باهله.
33 - وبإسناد له آخر إلى أبى هراسة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو أن الامام
رفع من الأرض لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.
34 - وباسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن
أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام حديث طويل يقول فيه: وبنا
يمسك الأرض أن تميد بأهلها.
35 - وباسناده إلى الحسين بن علي بن أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق
جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل قال
في آخره بعد ان ذكر خلفاءه الاثني عشر صلوات الله عليه وعليهم: بهم يمسك الله
عز وجل السماء ان تقع على الأرض الا باذنه، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.
36 - وقال الصدوق رضي الله عنه في هذا الكتاب: ويروى في الأخبار الصحيحة
عن أئمتنا عليهم السلام ان من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله أو واحدا من الأئمة عليهم السلام قد
44

دخل مدينة أو قرية في منامه فإنه أمن لأهل المدينة أو القرية مما يخافون ويحذرون، و
بلوغ لما يأملون ويرجون.
37 - في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أبي داود
المسترق قال: حدثنا داود الجصاص قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وعلامات
وبالنجم هم يهتدون قال: النجم رسول الله صلى الله عليه وآله، والعلامات الأئمة عليهم السلام.
38 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أسباط بن سالم قال:
سال الهيثم أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن قول الله عز وجل: " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله النجم، والعلامات الأئمة.
39 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضا عليه السلام
عن قول الله عز وجل: " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " قال: نحن العلامات والنجم
رسول الله صلى الله عليه وآله.
40 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو الورد عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " قال: نحن النجم.
41 - الهيتي وداود الجصاص عن الصادق، والوشا عن الرضا عليهما السلام: النجم
رسول الله، والعلامات الأئمة عليهم السلام.
42 - أبو المضا عن الرضا عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله لعلى: أنت نجم بني هاشم.
43 - وعنه قال عليه السلام: أنت أحد العلامات.
44 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " فإنه
حدثني أبي عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: النجم رسول الله صلى الله عليه وآله، والعلامات الأئمة عليهم السلام.
45 - حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت: " النجم و
الشجر يسجدان " قال: النجم رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد سماه الله في غير موضع،
فقال: " والنجم إذا هوى " وقال: وعلامات وبالنجم هم يهتدون " فان لعلامات الأوصياء، والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
45

46 - في مجمع البيان " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " قيل: أراد به الاهتداء
في القبلة قال ابن عباس: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون
في بركم وبحركم.
47 - وروى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه أن الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى الله عنه: تأمل في مناسبة حديث أبي الجارود في
المقام وموقعه منه.
48 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله
جعفر بن محمد عليهما السلام في قوله الله عز وجل: " وعلامات وبالنجم هم يهتدون "
قال: النجم رسول الله صلى الله عليه وآله، والعلامات الأئمة من بعده عليه وعليهم السلام.
49 - في تفسير العياشي عن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهما
عليهما السلام في قوله: " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " قال: هو أمير المؤمنين عليه السلام.
50 - عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله: " وعلامات وبالنجم
هم يهتدون " قال: نحن العلامات والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله.
51 - عن إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي
ابن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " وبالنجم هم يهتدون " قال: هو الجدي
لأنه نجم لا يزول، وعليه بناء القبلة وبه يهتدون أهل البر والبحر.
52 - عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وعلامات وبالنجم
هم يهتدون " قال: ظاهر وباطن، الجدي عليه تبنى القبلة وبه يهتدى أهل البر و
البحر، لأنه لا يزول (1).
53 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه الآية: والذين يدعون
من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير احياء وما يشعرون إيان

(1) قال المحدث الكاشاني (ره): يعنى معناه الظاهر الجدي والباطن رسول الله
صلى الله عليه وآله.
46

يبعثون قال: الذين يدعون من دون الله الأول والثاني والثالث، كذبوا
رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: والوا عليا واتبعوه، فعادوا عليا ولم يوالوه،
ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم، فذلك قول الله: " والذين يدعون من دون الله "
قال: وأما قوله: " لا يخلقون شيئا " فإنه يعنى لا يعبدون شيئا وهم يخلقون
فإنه يعنى وهم يعبدون، وأما قوله: " أموات غير أحياء " يعنى كفار غير مؤمنين، واما
قوله: " وما يشعرون إيان يبعثون " فإنه يعنى انهم لا يؤمنون، انهم يشركون إلهكم
اله واحد فإنه كما قال الله واما قوله: الذين لا يؤمنون بالآخرة فإنه يعنى
لا يؤمنون بالرجعة انها حق: واما قوله: قلوبهم منكرة فإنه يعنى قلوبهم كافرة واما
قوله: وهم مستكبرون فإنه يعنى عن ولاية علي عليه السلام مستكبرون، قال الله لمن فعل
ذلك وعيد منه لا جرم ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون انه لا يحب المستكبرين
عن ولاية علي عليه السلام.
عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام مثله سواء.
54 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد
الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي
قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: " فالذين لا يؤمنون بالآخرة " يعنى
انهم لا يؤمنون بالرجعة انها حق " قلوبهم منكرة " يعنى انها كافرة " وهم مستكبرون "
يعنى عن ولاية على مستكبرون " ولا جرم ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون انه لا يحب
المستكبرين عن ولاية علي عليه السلام ".
55 - في تفسير العياشي عن مسعدة قال: مر الحسين بن علي عليهما السلام
لمساكين قد بسطوا كساء لهم فألقوا كسرا فقالوا: هلم يا بن رسول الله فأكل معهم (1)
ثم تلا " ان الله لا يحب المستكبرين ". (2)

(1) كذا في النسخ وفى المصدر: " فثنى وركه فأكل معهم " والورك - ككتف - ما فوق الفخذ
كالكتف فوق العضد.
(2) وتمام الحديث انه عليه السلام بعد ما أكل معهم، ثم قال: قد أجبتكم فأجيبوني قالوا:
نعم يا بن رسول الله، فقاموا معه حتى أتوا منزله، فقال للرباب: أخرجي ما كنت تدخرين.
47

56 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان
بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: ومن ذهب يرى أن
له على الآخرة فضلا فهو من المستكبرين، فقلت: انما يرى أن له عليه فضلا بالعافية
إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال: هيهات هيهات! فلعله أن يكون قد غفر له ماء اتى، وأنت
موقوف تحاسب؟ أما تلوت قصة سحرة موسى صلوات الله عليه؟ والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
57 - في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل
عليه السلام هذه الآية هكذا: " وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم في علي قالوا أساطير الأولين "
" ليحملوا " يعنى بني إسرائيل.
58 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم في علي
قالوا أساطير الأولين " سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم فذلك قوله: " أساطير الأولين "
واما قوله ليحملوا أوزارهم كامله يوم القيمة فإنه يعنى ليستكملوا الكفر ليوم القيمة
واما قوله: ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم يعنى يتحملون كفر الذين يتولونهم،
قال الله: الا ساء ما يزرون.
59 - عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ليحملوا أوزارهم كامله يوم
القيمة " يعنى ليستكملوا الكفر يوم القيمة " ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم " يعنى
كفر الذين يتولونهم قال الله: " الا ساء ما يزرون ".
60 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: " ليحملوا أوزارهم
كامله يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم الا ساء ما يزرون " قال: يحملون
آثامهم يعنى الذين غصبوا أمير المؤمنين وآثام كل من اقتدى بهم، وهو قول الصادق عليه السلام
والله ما أهريقت محجمة من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير
حل الا ووزر ذلك في أعناقهم (1) من غير أن ينقص من أوزار العاملين شئ.

(1) وفى نسخة " في أعناقهما " على لفظ التثنية.
48

61 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب
أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعدما بويع له بخمسة أيام خطبة، فقال فيها: واعلموا ان
لكل حق طالبا، ولكل دم ثايرا، والطالب كقيام الثاير بدمائنا، والحاكم في حق
نفسه هو العادل الذي لا يجور، وهو الله الواحد القهار، واعلموا ان على كل شارع بدعة
وزره ووزر كل مقتديه من بعده، من غير أن ينقص من أوزار العالمين شئ، وسينتقم الله
من الظلمة مأكل بمأكل ومشرب بمشرب، من لقم العلقم ومشارب الصبر الأدهم (1)
فليشربوا بالصلب من الراح السم المذاق، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا، ولهم
بكل ما أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا، اما انه لم يبق الا الزمهرير
شتائهم، وما لهم من الصيف الا رقدة وتحسبهم ما زودوا وحملوا على ظهورهم من الآثام
فيا مطايا الخطايا ويا زور الزور، أوزار الآثام مع الذين ظلموا
أي منقلب ينقلبون اسمعوا وأعوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم فسيعلم الذين ظلموا
فاقسم ثم أقسم لتحملنها بنو أمية من بعدى وليعرفنها في دارهم عما قليل فلا يبعد الله
الا من ظلم وعلى البادئ يعنى الأول وما سهل لهم من سبل الخطايا مثل أوزارهم، وأوزار كل
من عمل بوزرهم إلى يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم الا ساء ما يزرون
62 - في مجمع البيان " ومن أوزار الذين يضلونهم " روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
: أيما داع دعى إلى الهدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شئ وأيما
داع دعى إلى ضلالة فاتبع عليه فان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.
63 - في تفسير العياشي عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سمعته يقول: قد مكر الذين من قبلهم ولم يعلم الذين آمنوا فاتى الله بنيانهم فخر
عليهم السقف قال محمد بن كليب عن أبيه قال: انما شاء.
64 - عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " فاتى الله بنيانهم من القواعد "
قال: كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشر.
65 - عن أبي السفاتج عن أبي عبد الله عليه السلام [وعنه بيتهم] من القواعد يعنى بيت

(1) العلقم: الحنظل وكل شجر مر. والصبر: عصارة شجر مر.
49

مكرهم.
66 - عن كليب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " فاتى الله
بنيانهم من القواعد " قال: لا فاتى الله بيتهم من القواعد: وانما كان بيتا.
67 - في مجمع البيان وروى عن أهل البيت عليهم السلام " فاتى الله بيتهم من القواعد "
68 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " قد مكر الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم
من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " قال: بيت
مكرهم أي ماتوا فألقاهم الله في النار، وهو مثل لأعداء آل محمد عليهم السلام.
69 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما
اشتبه عليه من الآيات وكذلك اتيانه بنيانهم وقال عز وجل " فأتى بنيانهم من القواعد "
فاتيانهم من القواعد ارسال العذاب.
70 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام
في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله
وأي أربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل
أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار، ويوم الأربعاء خر عليهم السقف من فوقهم
(الحديث) وفى عيون الأخبار مثله سواء.
71 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ثم يوم القيمة يخزيهم ويقول أين
شركائي الذين تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين
قال: الذين أوتوا العلم الأئمة عليهم السلام يقولون لأعدائهم: أين شركاؤكم ومن
أطعتموهم في الدنيا.
72 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله: " يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم " وقوله:
" الله يتوفى الأنفس حين موتها " وقوله: " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " وقوله: الذين
50

تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم وقوله: " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام
عليكم " فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء،
اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصته بمن يشاء من خلقه ويوكل رسله من يشاء من خاصته
بمن يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن
يفسره لكل الناس، لأن فيهم القوى والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق
حمله، الا لمن سهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه، وانما يكفيك ان تعلم أن
الله المحيى والمميت، وانه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة وغيرهم.
73 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
يقول مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال أجد الله تعالى يقول " يتوفاكم ملك الموت الذي
وكل بكم " و " الله يتوفى الأنفس حين موتها " و " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين " وما أشبه
ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه، ومرة لملك الموت، ومرة للملائكة، فاما قول الله عز
وجل: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " وقوله: " يتوفاكم ملك الموت " و " توفته رسلنا " و
" توفيهم الملائكة طيبين " و " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " فهو تبارك وتعالى أجل
وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى
جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم: " الله يصطفى
من الملائكة رسلا ومن الناس " فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ومن
كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة
والنقمة، يصدرون عن أمره، وفعلهم وفعله وكل ما يأتونه منسوب إليه وإذا كان فعلهم فعل
ملك الموت، وفعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع و
يثيب ويعاقب على يد من يشاء وان فعل امنائه فعله كما قال: " وما تشاؤن الا أن يشاء الله ".
74 - في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: " الله
يتوفى الأنفس حين موتها " وعن قول الله عز وجل: " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين " و " الذين تتوفاهم
الملائكة ظالمي أنفسهم " وعن قول الله عز وجل " توفته رسلنا " وعن قوله
51

عز وجل " ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة " وقد يموت في الدنيا في الساعة
الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه الا الله عز وجل فكيف هذا؟ فقال: ان الله تبارك
وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح: بمنزلة صاحب
الشرطة له أعوان من الانس، يبعثهم في حوائجه فتتوفاهم الملائكة، ويتوفاهم ملك
الموت من الملائكة مع ما يقبض هو، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.
75 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: انه من ليس من أحد من الناس تفارقه روحه جسده حتى يعلم إلى
أي منزلين يصير، إلى الجنة أم إلى النار: أعدو هو لله أو ولى، فإن كان وليا لله فتحت
له أبواب الجنة، وشرع طرقها ونظر إلى ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل، و
وضع عنه كل ثقل، وإن كان عدو الله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها، ونظر
إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه ونزل كل شرور، كل هذا يكون
عند الموت وعنده يكون بيقين، قال الله تعالى: " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين
يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " ويقول، الذين تتوفاهم
الملائكة ظالمي أنفسهم فالقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى ان الله عليم بما
كنتم تعملون * فأدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين
ويقول فيه عليه السلام أيضا، عليكم بتقوى الله فإنها تجمع الخير ولا خير غيرها، و
يدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل:
وقيل للذين اتقوا ماذا انزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة
ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين.
76 - في تفسير العياشي عن ابن مسكان عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
" ولنعم دار المتقين " قال: الدنيا.
77 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " طيبين " قال: هم المؤمنون الذين
طابت مواليدهم.
52

78 - وفيه قوله: " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا
وفى الآخرة " قال الحياة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن، وفى الآخرة
عند الموت وهو قوله: " تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة ".
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق لهذه الآية قريبا بيان غير مرة فليراجع.
79 - في تفسير العياشي عن خطاب بن مسلمة قال قال أبو جعفر عليه السلام: ما
بعث الله نبيا قط الا بولايتنا والبراءة من عدونا، وذلك قول الله في كتابه: ولقد
بعثنا في كل أمه رسولا منهم ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله
ومنهم من حقت عليه الضلالة بتكذيبهم آل محمد ثم قال: سيروا في الأرض فانظروا
كيف كان عاقبة المكذبين.
80 - عن صالح بن ميثم (1) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " وله أسلم من في
السماوات والأرض طوعا وكرها " قال: ذلك حين يقول عليه السلام انا أولى الناس بهذه الآية (2).
وأقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه
حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون إلى قوله: كاذبين.
81 - عن سيرين (3) قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ قال: ما يقول الناس
في هذه الآية " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت "؟ قال: يقولون:
لا قيامة ولا بعث ولا نشورا، فقال: كذبوا والله انما ذلك إذ قام القائم وكر معه الماكرون
فقال أهل خلافكم: قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم، يقولون
رجع فلان وفلان لا والله لا يبعث الله من يموت، ألا ترى أنه قال: " وأقسموا بالله جهد
ايمانهم " كانت المشركون أشد تعظيما لللات والعزى من أن يقسموا بغيرها،
فقال الله: " بلى وعدا عليه حقا ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا

(1) وفى المصدر: " عبد الله بن صالح بن ميثم " لكن الظاهر هو المختار.
(2) وفى المصدر: " قال ذلك بهذه الآية... اه ".
(3) واستظهرنا في هامش المصدر أن يكون مصحف السرى وهو مشترك بين جمع من أصحاب
الصادق (ع) من معلوم الحال وغيره.
53

انهم كانوا كاذبين * انما قولنا لشيئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ".
82 - عن الفضيل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: [أعلمني] آية كتابك، قال:
اكتب بعلامة كذا وكذا، وقل آية (1) من القرآن، قلت لفضيل: وما تلك الآية؟
قال: ما حدثت أحدا بها غير بريد، قال زرارة: أنا أحدثك بها: " وأقسموا بالله
جهد ايمانهم " إلى آخر الآية: قال: فسكت الفضيل ولم يقل لا ولا نعم.
83 - في روضة الكافي سهل عن محمد عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام قوله: تبارك وتعالى: " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت
بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون " قال: فقال لي: يا أبا بصير ما تقول
في هذه الآية؟ قال: قلت: ان المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله: صلى الله عليه وآله ان الله لا يبعث
الموتى، قال: فقال: تبا لمن قال هذا، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم
باللات والعزى؟ قال: قلت: جعلت فداك فأوجدنيه، قال: فقال: يا أبا بصير لو قد
قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا قباع سيوفهم (2) على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من
شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم، فيبلغ ذلك قوما
من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبتم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيمة، قال: فحكى الله قولهم فقال: و
أقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ".
84 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله
من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون " فإنه حدثني أبي عن بعض
رجاله رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يقول الناس فيها؟ قال: يقولون نزلت في
الكفار، قال: إن الكفار لا يحلفون بالله وانما نزلت في قوم من أمة محمد صلى الله عليه وآله قيل
لهم: ترجعون بعد الموت قبل القيامة؟ فيحلفون انهم لا يرجعون، فرد الله عليهم فقال:
ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا انهم كانوا كاذبين

(1) وفى المنقول عن نسخة البرهان " وقرء آية.. اه ".
(2) قباع السيف: ما على طرف مقبضه.
54

يعنى في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم.
قال عز من قائل: انما أمرنا لشئ إذا أردناه ان نقول له كن فيكون.
85 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى صفوان بن يحيى قال:
قلت لأبى الحسن عليه السلام: أخبرني عن الإرادة من الله عز وجل ومن الخلق؟ فقال:
الإرادة من الله تعالى احداثه الفعل لا غير ذلك، لأنه جل اسمه لا يهم ولا يتفكر.
86 - في مجمع البيان: لنبوئنهم في الدنيا حسنة وروى عن علي عليه السلام
لنثوئنهم بالثاء: والقراءة لنبوئنهم.
87 - في بصائر الدرجات الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم
لا تعلمون قال: الذكر القرآن، وآل الرسول صلى الله عليه وآله أهل الذكر وهم المسؤولون.
88 - في أصول الكافي محمد عن أحمد عن ابن فضالة عن ابن بكير عن حمزة
بن الطيار انه عرض على أبي عبد الله عليه السلام بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضوعا منها فقال له: كف و
اسكت، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون الا الكف عنه و
التثبت والرد على الأئمة الهدى، حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلو عنكم فيه العمى،
ويعرفوكم فيه الحق، قال الله تعالى: " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون "
89 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: الذكر أنا، والأئمة عليهم السلام أهل الذكر.
90 - الحسين بن محمد عن معلى بن حمد عن محمد بن أورمة عن علي بن حسان عن عمه
عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا -
تعلمون " قال: أهل الذكر محمد صلى الله عليه وآله ونحن المسؤولون.
91 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضا عليه السلام
فقلت جعلت فداك " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " فقال: نحن أهل الذكر و
نحن المسؤولون، فقلت: فأنتم المسؤولون ونحن السائلون؟ قال: نعم. قلت: حقا
55

علينا أن نسألكم؟ قال: نعم، قلت: حقا عليكم ان تجيبونا، قال: [لا] ذلك النيا ان
شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى: " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك
بغير حساب ".
92 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد
عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " وانه لذكر لك
ولقومك فسوف تسألون " فرسول الله الذكر: وأهل بيته المسؤولون وهم أهل الذكر.
93 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن منصور بن
يونس عن أبي بكر الحضرمي قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام ودخل عليه الورد أخوا
الكميت فقال: جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسألة ما يحضرني منها مسألة
واحدة قال ولا واحدة يا ورد قال: بلى قد حضرني منها واحدة قال:
وما هي؟ قال: قول الله تبارك وتعالى: " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون "
من هم؟ قال: نحن، قال: قلت علينا ان نسألكم، قال: نعم، قلت: عليكم أن
تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا.
94 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل:
" فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " انهم اليهود والنصارى؟ قال: إذا يدعونكم
إلى دينهم ثم قال بيده (1) إلى صدره: ونحن أهل الذكر، ونحن المسؤولون.
95 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين: على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم، و
على شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم الله عز وجل أن يسألونا قال: " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم
لا تعلمون " فأمرهم ان يسألونا وليس علينا الجواب، ان شئنا أجبنا وان شئنا أمسكنا.
96 - أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: كتبت إلى الرضا عليه السلام
كتابا فكان في بعض ما كتبت قال الله عز وجل: " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون "

(1) أي أشار.
56

وقال الله عز وجل: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كان فرقة منهم طائفة
ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " فقد فرضت عليهم المسألة
ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال: قال الله تبارك وتعالى: " فإن لم يستجيبوا فاعلم انما
يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه " (1)
97 - محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد
ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد
ابن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام ونقل حديثا طويلا وفيه يقول عليه السلام وقال الله جل ذكره:
" فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " قال الكتاب الذكر وأهله آل محمد عليهم السلام
أمر الله عز وجل بسؤالهم، ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا
فقال تبارك وتعالى: وأنزلنا عليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون.
98 - في عيون الأخبار في باب مجلس ذكر الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق
بين العترة والأمة حديث طويل وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى
الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في
اثنى عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك قوله عز وجل إلى أن قال: واما التاسعة فنحن
أهل الذكر الذين قال الله تعالى: " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " فنحن
أهل الذكر فاسألونا ان كنتم لا تعلمون، فقالت العلماء: انما عنى بذلك اليهود و
النصارى، فقال أبو الحسن: سبحان الله وهل يجوز ذلك إذا يدعونا إلى دينهم ويقولون
انه أفضل من دين الاسلام؟ فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا
أبا الحسن؟ فقال: نعم الذكر رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن أهله، وذلك بين في كتاب الله
عز وجل حيث يقول في سورة الطلاق: " فاتقوا الله يا أولى الألباب الذين آمنوا قد
أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات " فالذكر رسول الله صلى الله عليه وآله و

(1) قال في الوافي: ولم يفرض عليكم الجواب استفهام استبعاد، كأنه استفهم السر فيه
فأجابه الامام بالآية، ولعل المراد انه لو كنا نجيبكم عن كل ما سئلتم فربما يكون في بعض ذلك ما لا
تستجيبونا فيه فتكونون من أهل هذه الآية.
57

نحن أهله، فهذه التاسعة.
99 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن
محمد عن داود وسليم بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: " فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " من المعنون بذلك؟ فقال: نحن
والله، فقلت: فأنتم المسؤولون؟ قال: نعم، قلت: ونحن السائلون؟ قال: نعم،
قلت: فعلينا ان نسألكم؟ قال: نعم، قلت: وعليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا
ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا، ثم قال: " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب: (1).
100 - في روضة الكافي حدثني علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص
المؤذن عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رسالة طويلة إلى أصحابه: واعلموا انه ليس من
علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأى ولا مقايس، فقد أنزل الله
القرآن وجعل فيه تبيان كل شئ، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا لا يسمع أهل
علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأى ولا مقايس: أغناهم الله عن
ذلك بما اتاهم من علمه، وخصهم به ووضعه عندهم كرامة من الله، أكرمهم بها، وهم
أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين من سألهم، وقد سبق في علم الله
أن يصدقهم ويتبع أثرهم، أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدى به إلى الله باذنه إلى
جميع سبل الحق، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمه الذين أكرمهم الله به
وجعله عندهم الا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة، فأولئك
الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر، والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم، و
أمر بسؤالهم، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم ومقاييسهم حتى دخلهم الشيطان، لأنهم
جعلوا أهل الأيمان في علم القرآن عند الله كافرين، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن
عند الله مؤمنين، وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما، وجعلوا ما حرم الله

(1) " في بصائر الدرجات محمد بن الحسن عن أبي داود عن سليمان بن سعيد عن ثعلبة عن منصور
عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (ع): قول الله تبارك وتعالى: " فاسئلوا " وذكر مثل ما في تفسير علي بن
إبراهيم منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
58

في كثير من الأمر حلالا، فذلك أصل ثمرة أهوائهم.
101 - وفيها خطبة أمير المؤمنين عليه السلام وهي الخطبة الطالوتية قال فيها عليه السلام:
إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر، فإذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف وقد تركتموه
ونبذتموه وخالفتموه؟.
102 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب محمد بن مسلم وجابر الجعفي في
قوله تعالى: " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " قال الباقر عليه السلام: نحن
أهل الذكر.
103 - في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
كتب إلى انما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا، وإذا خفنا خاف، وإذا أمنا أمن، قال الله: " فاسئلوا
أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة: الآية فقد فرض عليكم
المسألة والرد إلينا ولم يفرض علينا الجواب.
104 - عن إبراهيم بن عمر عمن سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عهد نبي الله صار عند
علي بن الحسين عليه السلام، ثم صار عند محمد بن علي، ثم يفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء فإذا
خرج رجل منهم معه ثلاثمائة رجل، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله عامدا إلى المدينة حتى
يمر بالبيداء، فيقول: هذا مكان القوم الذين خسف بهم، وهي الآية التي قال الله:
" أفأمن الذين مكروا السيئات ان يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث
لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين.
105 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن قول الله: " أفأمن الذين مكروا
السيئات أن يخسف الله بهم الأرض " قال: هم أعداء الله، وهم يمسخون يقذفون ويسيخون
في الأرض.
106 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليه السلام في الوعظ والزهد في
الدنيا يقول فيه عليه السلام: ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا الذين مكروا
السيئات فان الله يقول في محكم كتابه: " أفأمن الذين مكروا السيئات ان يخسف الله بهم
الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو
59

يأخذهم على تخوف " فاحذروا ما حذركم الله بما فعل بالظلمة في كتابه، ولا تأمنوا أن ينزل
بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب، والله لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم
فان السعيد من وعظ بغيره.
107 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " أفأمن الذين مكروا السيئات " يا محمد
وهو استفهام " ان يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو
يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين " قال: إذا جاؤوا وذهبوا في التجارات وفى أعمالهم
فيأخذهم في تلك الحالة " أو يأخذهم على تخوف " قال: على تيقظ " فأن ربكم لرؤف رحيم "
108 - قوله: أو لم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيئوا ظلاله عن اليمين
والشمائل سجدا لله وهم داخرون قال: تحويل كل ظل خلقه الله فهو سجود لله، لأنه
ليس شئ الا له ظل يتحرك بتحريكه وتحويله وسجوده.
109 - قوله: ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة
والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون
قال: الملائكة ما قدر الله لهم يمرون فيه (1).
110 - في مجمع البيان " ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض " الآية وقد صح
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيمة
ترعد فرائصهم من مخافة الله، لا تقطر من دموعهم قطرة الا صار ملكا، فإذا كان يوم القيمة
رفعوا رؤسهم وقالوا: ما عبدناك حق عبادتك أورده الكلبي في تفسيره.
111 - في تفسير العياشي عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
ولا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد يعنى بذلك ولا تتخذوا امامين انما
هو امام واحد.
قال عز من قائل: وما بكم من نعمة فمن الله.
112 - في تفسير علي بن إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه يقول عليه السلام
ومن لم يعلم أن لله عليه نعمة الا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنى عذابه.

(1) وفى المصدر: " يأمرون فيه ".
60

113 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن علي بن الحسين الدقاق عن عبد الله
ابن محمد عن أحمد بن عمر عن زيد القتات عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه الا غفر الله له قبل أن يستغفر، وما من عبد أنعم الله
عليه نعمة فعرف انها من عند الله الا غفر الله له قبل ان يحمده.
114 - في تفسير علي بن إبراهيم ويجعلون لله البنات سبحانه
ولهم ما يشتهون قال: قالت قريش، ان الملائكة هم بنات الله فنسبوا ما لا يشتهون
إلى الله، فقال الله تبارك وتعالى: " ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون " يعنى
من البنين.
115 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: البنات حسنات،
والبنون نعمة، والحسنات يثاب عليها والنعمة يسئل عنها، وقال: انه بشر النبي صلى الله عليه وآله
بفاطمة عليها السلام، فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهية فيهم، فقال: ما لكم
ريحانة أشمها ورزقها على الله.
116 - في تفسير العياشي عن انس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا
أنس أسكب لي وضوءا (1) قال فعمدت فسكبت له وضوءا فأعلمته، فخرج فتوضأ ثم
عاد إلى البيت إلى مجلسه ثم رفع رأسه فقال: يا أنس أول من يدخل علينا أمير المؤمنين
وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين، قال انس: فقلت بيني وبين نفسي: اللهم اجعله
رجلا من قومي، قال: فإذا أنا بباب الدار يقرع، فخرجت ففتحت فإذا علي بن أبي
طالب، فدخل فتمشى فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله حين رآه وثب على قدميه مستبشرا
فلم يزل قائما وعلى يتمشى حتى دخل عليه البيت، فاعتنقه رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيت
رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح بكفه وجهه فيمسح به وجه على، ويمسح عن وجه على بكفه
فيمسح به وجهه يعنى وجه نفسه فقال له على: يا رسول الله لقد صنعت بي اليوم شيئا
ما صنعت بي قط؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وما يمنعني وأنت وصيي وخليفتي، والذي يبين
لهم الذي يختلفون فيه بعدى وتسمعهم نبوتي.

(1) سكب الماء: صبه.
61

117 - في الكافي علي بن إبراهيم عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس أحد يغص (1) بشرب اللبن، لان الله عز وجل
يقول: لبنا خالصا سائغا للشاربين.
118 - الحسين بن محمد بن السياري عن عبد الله بن أبي عبد الله الفارسي عمن
ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي رجل: انى اكلت لبنا فضرني، قال: فقال
أبو عبد الله عليه السلام: لا والله ما يضر لبن قط، ولكنك أكلته مع غيره فضرك الذي أكلته،
فظننت ان اللبن الذي ضرك.
119 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن خالد بن
نجيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اللبن طعام المرسلين.
120 - محمد بن يحيى عن سلمة بن خطاب عن عباد بن يعقوب عن عبيد بن
ابن محمد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبن الشاة السوداء خير من لبن
حمراء ولبن بقرة حمراء خير من لبن سوداوين.
121 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألبان البقر دواء.
122 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن يحيى بن إبراهيم بن أبي
البلاد عن أبيه عن جده قال: شكوت إلى أبى جعفر عليه السلام ذربا (2) وجدته،
فقال لي: ما يمنعك من شرب ألبان البقر؟ وقال لي: أشربتها قط؟ فقلت له نعم مرارا،
فقال لي: كيف وجدتها؟ فقلت: وجدتها تدبغ المعدة وتكسوا الكليتين الشحم،
وتشهى الطعام، فقال لي: لو كانت أيامه لخرجت أنا وأنت إلى ينبع (3) حتى نشربه.
123 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بكر بن صالح عن
الجعفري قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول: أبوال الإبل خير من ألبانها،

(1) غص بالماء: اعترض في حلقه شئ منه فمنعه التنفس.
(2) الذرب: فساد المعدة.
(3) قرية كبيرة على سبع مراحل من المدينة
62

ويجعل الله عز وجل الشفاء في ألبانها.
124 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: حسو اللبن (1) شفاء
من كل داء الا الموت.
125 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ومن ثمرات النخيل والأعناب
تتخذون منه سكرا قال: الخل " ورزقا حسنا " الزبيب.
126 - في تفسير العياشي عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله
أمر نوحا أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين، فحمل الفحل والعجوة (2)
فكانا زوجا، فلما نضب الماء (3) أمر الله نوحا أن يغرس الجبلة وهي الكرم، فاتاه
إبليس فمنعه عن غرسها وأبى نوح الا أن يغرسها، وأبى إبليس أن يدعه يغرسها وقالت
ليس لك ولا لأصحابك انما هي لي ولأصحابي، فتنازعا ما سألته، ثم إنهما اصطلحا
على أن جعل نوح لإبليس سهما ولنوح ثلاثة، وقد أنزل الله لنبيه في كتابه ما قد
قرأتموه " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا " فكان
المسلمون بذلك ثم أنزل الله آية التحريم: " انما الخمر والميسر والأنصاب " إلى
" منتهون " يا سعيد فهذه آية التحريم، وهي نسخت الآية الأخرى، (4)
127 - عن محمد بن يوسف عن أبيه قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله:

(1) الحسو: طعام يعمل من الدقيق واللبن أو الماء.
(2) الفحل: ذكر النخل. وفى المصدر " النخل " بدل " الفحل " والعجوة: ضرب من
أجود التمر.
(3) نضب الماء " غار وذهب في الأرض
(4) " في الكافي أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن حماد بن عيسى عن
إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن إبليس لعنه الله نازع نوحا عليه السلام
في الكرم، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: ان له حقا. فأعطاه الثلث فلم يرض إبليس لعنه الله،
ثم أعطاه النصف فلم يرض فطرح جبرئيل عليه السلام نارا فأحرقت الثلثين وبقى الثلث فقال:
ما أحرقت النار فهو نصيبه وما بقي فهو لك يا نوح وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل *
63

وأوحى ربك إلى النحل قال: الهام.
128 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وأوحى ربك إلى النحل " قال: وحى
الهام يأخذ النحل من جميع النور (1) ثم يتخذه عسلا، وحدثني أبي عن الحسن بن علي
الوشاء عن رجل عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وأوحى
ربك إلى النحل " قال: نحن والله النحل الذي أوحى الله إليه " ان اتخذي من الجبال
بيوتا " أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة ومن الشجر يقول: من العجم ومما يعرشون
يقول: من الموالى والذي يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه أعني العلم
الذي يخرج منا إليكم.
129 - في كتاب الخصال عن داود بن كثير الرقي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
لقد أخبرني أبي عن جدي عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل ستة: النحلة والنملة
والضفدع والصرد والهدهد والخطاف، فاما النحلة فإنها تأكل طيبا وتضع طيبا و
هي التي أوحى الله إليها ليست من الجن ولا من الانس، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
130 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما
سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله عن شئ
أوحى إليه ليس من الجن ولا من الانس؟ فقال: أوحى الله تعالى إلى النحل.
131 - في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن
العباس بن عامر عن جابر المكفوف عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

* وفى آخره فقال له: اجعل لي منها نصيبا فجعل له الثلث فأبى أن يرضى، فجعل له النصف فأبى
أن يرضى، فأبى نوح أن يزيده، فقال جبرئيل لنوح عليه السلام: يا رسول الله أحسن فان منك
الاحسان، فعلم نوح عليه السلام انه قد جعل عليها سلطان فجعل نوح له الثلثين، فقال أبو جعفر
عليه السلام: إذا أخذت عصيرا فاطبخه حتى يذهب الثلثان فكل واشرب فذلك نصيب الشيطان (منه
عفى عنه) وعن هامش بعض النسخ.
(1) النور - بفتح النون -: زهر النبات.
64

اتقوا على دينكم واحجبوه بالتقية، فإنه لا ايمان لمن لا تقية له، انما أنتم في الناس
كالنحل في الطير، ولو أن الطير يعلم ما في أجواف النحلة ما بقي منها شئ الا أكلته،
ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم انكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم،
ونحلوكم (1) في السر والعلانية، رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا.
132 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله " وأوحى
ربك إلى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون " إلى " ان في
ذلك لآية لقوم يتفكرون " فالنحل الأئمة، والجبال العرب، والشجر الموالى عتاقه،
ومما يعرشون يعنى الأولاد والعبيد ممن لم يعتق وهو يتولى الله ورسوله والأئمة، و
الثمرات المختلفة ألوانه فنون العلم الذي قد يعلمهم الأئمة (2) شيعتهم، وفيه شفاء للناس
يقول في العلم شفاء للناس والشيعة هم الناس، وغيرهم الله أعلم بهم ما هم، ولو كان كما تزعم أنه
العسل الذي يأكله الناس إذا ما أكل منه وما شرب ذو عاهة الا شفى، لقول الله " فيه شفاء للناس "
ولا خلف لقول الله، وانما الشفاء في علم القرآن لقوله: " وننزل من القرآن ما هو
شفاء ورحمة [للمؤمنين " فهو شفاء ورحمة] لأهله لا شك فيه ولا مرية، وأهله أئمة الهدى الذين
قال الله: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ".
133 - وفى رواية أبى الربيع الشامي عنه في قول الله " وأوحى ربك إلى النحل "
فقال: رسول الله " ان اتخذي من الجبال بيوتا " قال تزوج من قريش، " ومن الشجر "
قال في العرب " ومما يعرشون " قال: في الموالى " يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه "
قال: أنواع العلم، " فيه شفاء للناس ".
134 - عن سيف بن عميرة عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا
عنده فسأله شيخ فقال: بي وجع وانا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ، فقال له: ما يمنعك
من الماء الذي جعل الله منه كل شئ حي؟ قال: لا يوافقني، قال: فما يمنعك من
العسل؟ قال الله: فيه شفاء للناس قال: لا أجده قال: فما يمنعك من اللبن الذي نبت

(1) نحل فلانا: سابه.
(2) كذا في النسخ وفى المصدر (وقد يعلم الشيعة).
65

لحمك واشتد عظمك؟ قال: لا يوافقني، قال له أبو عبد الله عليه السلام: أتريد أن آمرك
بشرب الخمر؟ [لا آمرك] لا والله لا آمرك.
135 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: لعق العسل شفاء
من كل داء قال الله تعالى: " يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس "
136 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان
يكن في شئ شفاء ففي شرطة الحجام (1) أو في شربة عسل.
137 - وباسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تردوا شربة عسل من أتاكم بها.
138 - وباسناده قال قال علي بن أبي طالب عليه السلام: ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن
بالبلغم: القرآن، والعسل، واللبان.
139 - في الكافي محمد ين يحيى عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى
عن جده الحسن بن راشد عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: لعق العسل شفاء من كل داء، قال الله عز وجل: " يخرج من بطونها شراب
مختلف ألوانه فيه شفاء للناس " وهو مع قراءة القرآن ومضغ اللبان يذيب البلغم.
140 في محاسن البرقي عنه عن بعض أصحابنا عن عبد الرحمن بن شعيب عن أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لعق العسل فيه شفاء قال الله: " يخرج من بطونها شراب
مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ".
141 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه قال:
جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين بي وجع في بطني، فقال له
أمير المؤمنين: ألك زوجة؟ قال: نعم، قال: استوهب منها [شيئا] طيبة به نفسها
من مالها، ثم اشتر به عسلا ثم أسكب (2) عليه من ماء السماء، ثم اشربه، فأنى اسمع الله
يقول في كتابه: " وأنزلنا من السماء ماء مباركا " وقال: " يخرج من بطونها شراب مختلف
ألوانه فيه شفاء للناس " وقال: " فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " فإذا

(1) شرطة الحجام بالضم: الآلة التي يحجم بها - على ما قيل.
(2) سكب الماء ونحوه: صبه.
66

اجتمعت البركة والشفاء والهنئ والمرئ شفيت انشاء الله تعالى ففعل ذلك فشفى.
142 - في مجمع البيان وفى النحل والعسل وجوه من الاعتبار، منها اختصاصه
بخروج العسل من فيه، ومنها جعل الشفاء من موضع السم، فان النحل يلسع، ومنها ما
ركب الله من البدايع والعجائب فيه وفى طباعه، ومن أعجبها ان جعل سبحانه لكل فئة منه
يعسوبا هو أميرها يقدمها ويحامى عنها ويدبر أمرها ويسوسها، وهي تبعه وتقتفي أثره ومتى
فقدته انحل نظامها وزال قوامها، وتفرقت شذر مذر، والى هذا المعنى أشار على
أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: أنا يعسوب المؤمنين.
143 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه
رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
ستقف عليه بتمامه في سورة الواقعة انشاء الله تعالى، يقول فيه: ثم ذكر أصحاب الميمنة
وهم المؤمنون حقا بأعيانهم، جعل فيهم أربعة أرواح: روح الايمان، وروح القوة، وروح
الشهوة وروح البدن وقال قبل ذلك: وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به وبروح القوة
جاهدوا عدوهم، وعالجوا معاشهم وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من
شباب النساء، وبروح البدن دبوا ودرجوا، وقال عليه السلام: متصلا بقوله وروح البدن:
فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتى تأتى عليه حالات، فقال الرجل: يا
أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال: اما أولهن فهو كما قال الله عز وجل:
ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا فهذا ينتقص منه جميع
الأرواح، وليس بالذي يخرج من دين الله، لان الفاعل به رده إلى أرذل عمره، فهو
لا يعرف للصلاة وقتا، ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار، ولا القيام في الصف مع الناس
فهذا نقصان من روح الايمان وليس يضره شيئا.
144 - في كتاب الخصال بعد ان ذكر حال الانسان في بلوغ الأربعين والخمسين
إلى التسعين قال: وفى حديث آخر فإذا بلغ إلى المأة فذلك أرذل العمر وقد روى أن أرذل
العمر، أن يكون عقله عقل ابن سبع سنين.
67

145 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: والله خلقكم ثم يتوفاكم إلى قوله
لكيلا يعلم من بعد علم شيئا قال: إذا كبر لا يعلم ما علمه قبل ذلك.
146 - في مجمع البيان وروى عن علي عليه السلام ان أرذل العمر خمس وسبعون
سنة، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله مثل ذلك.
147 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: والله فضل بعضكم على بعض في
الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت ايمانهم فهم فيه سواء
قال: لا يجوز للرجل ان يخص نفسه بشئ من المأكول دون عياله.
148 - في جوامع الجامع ويحكى عن أبي ذر رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وآله
يقول: انما هم اخوانكم فاكسوهم مما تكسون واطعموهم مما تطعمون فما رؤى عبده بعد
ذلك الا وردائه ردائه وإزاره ازاره من غير تفاوت.
149 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا
يعنى حوا خلقت من آدم وحفدة قال: الأختان.
150 - في تفسير العياشي عن عبد الرحمن الأشل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
في قول الله: " وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة " قال: الحفدة بنو البنت، ونحن
حفدة رسول الله صلى الله عليه وآله.
151 - عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام عن قوله: " وجعل لكم من
أزواجكم بنين وحفدة " قال: هم الحفدة وهم العون منهم يعنى البنين.
152 - في مجمع البيان وفى رواية الوالبي هم أختان الرجل على بناته وهو
المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
153 - في الكافي محمد بن أحمد عن ابن فضال عن مفضل بن صالح عن ليث
المرادي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العبد هل يجوز طلاقه؟ فقال: إن كان أمتك
فلا، ان الله عز وجل يقول: عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وإن كانت أمة قوم آخرين
أو حرة جاز طلاقه.
154 - في من لا يحضره الفقيه وروى ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر و
68

أبى عبد الله عليهما السلام قالا: المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه الا بإذن سيده، قلت:
فان السيد كان زوجه بيد من الطلاق؟ قال: بيد السيد " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر
على شئ " أفشئ الطلاق؟.
155 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن
محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ينكح أمته من رجل آخر يفرق بينهما
إذا شاء؟ فقال إن كان مملوكا فليفرق بينهما إذا شاء، ان الله تعالى يقول: " عبدا مملوكا
لا يقدر على شئ " فليس للعبد شئ من الامر، وإن كان زوجها حرا فان طلاقها
صفقتها.
156 - الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير عن الحسن العطار
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع بالعمرة إلى الحج أعليه أن
يذبح عنه؟ قال: لا ان الله يقول: " عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ".
157 - محمد بن يعقوب عن أبي العباس محمد بن جعفر عن أيوب بن نوح عن صفوان
عن سعيد بن يسار قال: سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة حرة تكون تحت المملوك
فتشتريه هل يبطل نكاحه؟ قال: نعم لأنه عبد مملوك لا يقدر على شئ.
158 - في تفسير العياشي عن أبي بصير في الرجل ينكح أمته لرجل له ان يفرق
بينهما إذا شاء؟ قال: إن كان مملوكا فليفرق بينهما إذا شاء، لان الله يقول: " عبدا مملوكا
لا يقدر على شئ " فليس للعبد من الامر شئ، وإن كان زوجها حرا فرق بينهما إذا شاء
المولى.
159 - عن أحمد بن عبد الله العلوي عن الحسن بن الحسين عن الحسين بن زيد بن
(عن خ) على عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: " ضرب الله مثلا
عبدا مملوكا لا يقدر على شئ " ويقول: للعبد لا طلاق ولا نكاح، ذلك إلى سيده والناس
يروون خلاف ذلك، إذا اذن السيد لعبده لا يرون له أن يفرق بينهما.
160 - عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر عليه غلام له فدعاه إليه
69

ثم قال: يا فتى أرد عليك وتطعمنا بدرهم ضربت؟ قال: فقلت: جعلت فداك انا نروي
عندنا ان عليا عليه السلام أهديت له واشتريت جارية فسألها أفارغة أنت أم مشغولة؟ قالت:
مشغولة، قال: فأرسل فاشترى بعضها من زوجها بخمسمائة درهم، فقال كذبوا على على
ولم يحفظوا، أما تسمع إلى قول الله وهو يقول: " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر
على شئ ".
161 - في تفسير علي بن إبراهيم " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ "
قال: لا يتزوج ولا يطلق ثم ضرب الله مثلا في الكفار، ثم قال: وضرب الله مثلا رجلين
أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه أينما يوجهه لايات بخير هل
يستوى هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم قال: كيف يستوى هذا و
هذا الذي يأمر بالعدل أمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم.
قال عز من قائل: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل
لكم السمع والابصار والأفئدة لعلكم تشكرون.
162 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن إبراهيم عن
يونس بن يعقوب قال: كان عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين
ومحمد بن أعين ومحمد بن النعمان وهشام بن سالم والطيار وجماعة فيهم هشام بن الحكم و
هو شاب، فقال أبو عبد الله: يا هشام ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته؟
فقال هشام: يا بن رسول الله انى اجلك واستحييك ولا يعمل لساني بين يديك، فقال
أبو عبد الله عليه السلام: إذا أمرتكم بشئ فافعلوا، قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن
عبيد وجلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلك على وخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة
فاتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد، وعليه شملة سوداء متزرا بها
من صوف وشملة مرتديا بها والناس يسئلونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت
في آخر القوم على ركبتي، ثم قلت: أيها العالم انى رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال
لي: نعم، فقلت: ألك عين؟ فقال: يا بنى أي شئ هذا من السؤال وشى تراه كيف تسأل
عنه؟ فقال: هكذا مسئلتي، فقال: يا بنى سل وإن كانت مسألتك حمقاء قلت:
70

أجبني فيها قال لي: سل، قلت: ألك عين؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال:
أرى بها الألوان والاشخاص، قلت: ألك أنف؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟
قال: أشم به الرائحة، قلت: ألك فم؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أذوق به
الطعم. قلت: فلك اذن؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الصوت، قلت: ألك
قلب؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أميز به كلما ورد على هذه الجوارح
والحواس، قلت: أوليس في هذه الجوارح والحواس غنى عن القلب؟ فقال: لا
قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟ فقال: يا بنى ان الجوارح إذا شكت في
شئ شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب فيستبين اليقين ويبطل الشك، قال
هشام: فقلت له: فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال: نعم، قلت: لابد من
القلب والا لم تستيقن الجوارح؟ قال: نعم.
فقلت: يا أبا مروان فان الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما
يصحح لها الصحيح ويتيقن به ما شككت فيه ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم
وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليهم شكهم وحيرتهم ويقيم ذلك إماما
لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟ قال: فسكت ولم يقل شيئا. ثم التفت إلى
وقال لي: أنت هشام بن الحكم؟ فقلت: لا، فقال: من جلسائه؟ قلت: لا، قال:
فمن أين أنت؟ قال: قلت: من أهل الكوفة، قال: فأنت إذا هو، ثم ضمني إليه و
أقعدني في مجلسه وما زال عن مجلسه وما نطق حتى قمت، قال: فضحك أبو عبد الله عليه السلام
وقال: يا هشام من علمك هذا؟ قلت: شئ أخذته منك والفته، فقال: هذا والله
مكتوب في مصحف إبراهيم وموسى. 163 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجاورد في قوله: أثاثا قال:
المال ومتاعا قال: المنافع إلى حين إلى بلاغها وقال علي بن إبراهيم في قوله: والله
جعل لكم مما خلق ظلالا قال: ما يستظل به.
قال عز من قائل: وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر.
164 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن مالك بن
71

عطية عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحر والبرد مما يكون؟ قال: لي
يا أبا أيوب ان المريخ كوكب حار وزحل كوكب بارد، فإذا بدء المريخ في
الارتفاع انحط زحل وذلك في الربيع، فلا يزالان كذلك كلما ارتفع المريخ درجة
انحط زحل درجة ثلاثة أشهر حتى ينتهى المريخ في الارتفاع وينتهى زحل في الهبوط
فيجلو المريخ، فلذلك يشتد الحر، فإذا كان آخر الصيف وأول الخريف بدء زحل
في الارتفاع وبدء المريخ في الهبوط، فلا يزالان كذلك كلما ارتفع زحل درجة
انحط المريخ درجة حتى ينتهى المريخ في الهبوط وينتهى زحل في الارتفاع، فيجلو
زحل، وذلك في أول الشتاء وآخر الخريف، فلذلك يشتد البرد وكلما ارتفع هذا هبط
هذا، وكلما هبط هذا ارتفع هذا فإذا كان في الصيف يوم بارد فالفعل في ذلك للقمر، وإذا كان
في الشتاء يوم حار فالفعل في ذلك للشمس هذا تقدير العزيز العليم وأنا عبد رب العالمين (1)
165 - في تفسير العياشي عن جعفر بن أحمد عن العمركي عن النيسابوري
عن علي بن جعفر بن محمد عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام انه سئل عن هذه الآية
يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها قال: عرفوه ثم أنكروه.
166 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " قال:
نعمة الله هم الأئمة، والدليل على أن الأئمة نعمة الله قول الله: " ألم تر إلى الذين بدلوا
نعمة الله كفرا " قال الصادق عليه السلام: نحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده، وبنا فاز من فاز.
167 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن
محمد عن الحسن بن محمد الهاشمي قال: حدثني أبي عن أحمد بن عيسى قال:
حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام في قوله عز وجل:
" يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " قال: لما نزلت " انما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " اجتمع
نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض: ما تقولون

(1) قال المجلسي (ره): لعله كان في المجلس من يذهب مذهب الغلاة أو علم (ع)
ان في قلب الراوي شيئا من ذلك فنفاه وأذعن بعبودية نفسه وان الله رب العالمين.
72

في هذه الآية؟ فقال بعضهم: ان كفرنا بهذه الآية نكفر بسايرها وان آمنا فان هذا
ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب، فقالوا: قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول
ولكنا نتولاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا، قال: فنزلت هذه الآية " يعرفون نعمه الله
ثم ينكرونها " يعرفون يعنى ولاية علي عليه السلام، " وأكثرهم الكافرون " بالولاية.
168 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر
عليه السلام في قوله تعالى: ويوم نبعث من كل أمة شهيدا قال: نحن الشهود على هذه الأمة.
169 - في مجمع البيان قوله: " ويوم نبعث من كل أمة شهيدا " يعنى يوم
القيامة بين سبحانه انه يبعث فيه من كل أمة شهيدا وهم الأنبياء والعدول من كل
عصر يشهدون على الناس بأعمالهم، وقال الصادق عليه السلام: لكل زمان وأمة امام تبعث
كل أمة مع امامها.
170 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ويوم نبعث من كل أمة شهيدا " قال
لكل زمان وأمه امام تبعث كل أمة من امامها.
171 - قوله: الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق
العذاب قال: كفروا بعد النبي صلى الله عليه وآله، وصدوا عن أمير المؤمنين عليه السلام " زدناهم عذابا
فوق العذاب بما كانوا يفسدون " ثم قال: ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من
أنفسهم يعنى من الأئمة، ثم قال لنبيه: وجئنا بك يا محمد شهيدا على هؤلاء
يعنى على الأئمة فرسول الله صلى الله عليه وآله شهيدا على الأئمة وهم شهداء على الناس.
172 - في تفسير العياشي عن منصور عن حماد اللحام قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: نحن والله نعلم ما في السماوات وما في الأرض وما في الجنة وما في النار
وما بين ذلك، قال فبقيت أنظر إليه فقال: يا حماد ان ذلك في كتاب الله
ثلث مرات قال: ثم تلا هذه الآية: " ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم
من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة
وبشرى للمسلمين " آية من كتاب الله فيه تبيان كل شئ.
173 - عن عبد الله بن الوليد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال الله لموسى: " وكتبنا له
73

في الألواح من كل شئ " فعلمنا انه لم يكتب لموسى الشئ كله وقال الله لعيسى: " ليبين
لهم الذي يختلفون فيه " وقال الله لمحمد صلى الله عليه وآله: " وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا
عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ".
174 - عن يونس عن عدة من أصحابنا قالوا: قال أبو عبد الله عليه السلام: انى لاعلم
خبر السماوات وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن كأنه في كفى، قال: من
كتاب الله أعلمه، ان الله يقول: " فيه تبيان كل شئ ".
175 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع أهل الأديان والمقالات
في التوحيد قال الرضا عليه السلام في أثناء المحاورات: وكذلك أمر محمد صلى الله عليه وآله وما جاء
به وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا، ولم
يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء عليهم السلام وأخبارهم حرفا
حرفا، واخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيمة.
176 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن
حديد عن مرازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان
كل شئ حتى والله ما ترك شيئا تحتاج إليه العباد حتى لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا
انزل في القرآن الا وقد أنزله الله فيه.
177 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن الحسين بن منذر عن
عمر بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا
تحتاج إليه الأمة الا أنزله في كتابه وبينه لرسوله صلى الله عليه وآله، وجعل لكل شئ حدا وجعل
عليه دليلا يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا.
178 - علي بن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته
يقول: ما من شئ الا وفيه كتاب أو سنة.
179 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد عن عبد الله بن سنان
عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إذا حدثتكم بشئ فاسئلوني من كتاب الله، ثم
74

قال في بعض حديثه: ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن القيل والقال، وفساد المال وكثرة
السؤال، فقيل له: يا بن رسول الله أين هذا من كتاب الله؟ قال: إن الله عز وجل يقول:
" لا خير في كثير من نجويهم الا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " وقال:
" ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " وقال: " لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم
تسؤكم ".
180 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عمن
حدثه عن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما من أمر يختلف فيه اثنان الا وله
أصل في كتاب الله عز وجل، ولكن لا تبلغه عقول الرجال.
181 - محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس ان الله تبارك و
تعالى أرسل إليكم الرسول صلى الله عليه وآله إلى أن قال: فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى
وتصديق الذي بين يديه، وتفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه و
لن ينطق لكم، أخبركم عنه ان فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيمة، وحكم ما بينكم
وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلمتكم (1).
182 - محمد بن يحيى عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن حماد بن عثمان
عن عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قد ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله
وانا أعلم كتاب الله، وفيه بدو الخلق وما هو كائن إلى يوم القيمة، وفيه خبر السماء وخبر
الأرض وخبر الجنة وخبر النار، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر
إلى كفى، ان الله يقول: " فيه تبيان كل شئ ".
183 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن
إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم
وفصل ما بينكم ونحن نعلمه.
184 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف

(1) وفى نسخة " لأخبرتكم " والمختار هو الموافق للمصدر أيضا.
75

ابن عميرة عن أبي المغرا عن سماعة عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: أكل شئ
في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله أو يقولون فيه؟ قال: بل كل شئ في كتاب الله وسنة
نبيه صلى الله عليه وآله.
185 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله المؤمن
عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: والله انى لاعلم كتاب الله من أوله
إلى آخره كأنه في كفى، فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن قال
الله عز وجل: " فيه تبيان كل شئ ".
186 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن يونس بن يعقوب
عن الحارث بن المغيرة وعدة من أصحابنا منهم عبد الاعلى وأبو عبيدة وعبد الله بن بشر
الخثعمي سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول: انى لاعلم ما في السماوات وما في الأرض واعلم ما
في الجنة وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون، قال: ثم سكت هنيئة فرأى أن ذلك
كبر على من سمعه منه فقال: علمت ذلك من كتاب الله عز وجل ان الله عز وجل يقول:
" فيه تبيان كل شئ " (1).
187 - محمد بن يحيى الأشعري عن أحمد بن محمد عن البرقي عن النضر بن سويد
عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله
عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده ابدا، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده
ابدا، وانزل فيه تبيان كل شئ، وخلقكم وخلق السماوات والأرض ونبأ ما قبلكم وفصل ما
بينكم وخبر ما بعدكم، وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون إليه.
188 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عبد الاعلى قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وانا امرء من قريش قد ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمت
كتاب الله وفيه تبيان كل شئ به، والخلق وأمر السماء وأمر الأرض وأمر الأولين

(1) " في بصائر الدرجات: وما يكون إلى أن يقوم الساعة، ثم سكت. ثم قال: أعلم من
كتاب الله أنظر إليه هكذا، ثم بسط كفيه ثم قال: إن الله يقول: " انا أنزلنا إليك الكتاب فيه تبيان كل
شئ منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
76

وأمر الآخرين وأمر ما كان وما يكون. كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني.
189 - على عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن سماعة بن مهران قال: قال أبو
عبد الله عليه السلام: ان العزيز الجبار انزل عليكم كتابه وهو الصادق البار، فيه خبركم
وخبر من قبلكم وخبر من بعدكم وخبر السماء والأرض، ولو أتاكم من يخبركم
عن ذلك لتعجبتم.
190 - في نهج البلاغة في كلام له عليه السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا:
أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على اتمامه، أم كانوا شركاء له؟ فلهم أن يقولوا و
عليه أن يرضى، أم أنزل دينا تاما فقصر الرسول صلى الله عليه وآله عن تبليغه وأدائه والله سبحانه
يقول: " ما فرطنا في الكتاب من شئ وفيه تبيان لكل شئ ".
191 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمر بن عثمان التيمي القاضي قال:
خرج أمير المؤمنين عليه السلام على أصحابه وهم يتذاكرون المروة، فقال: أين أنتم من
كتاب الله؟ قالوا: يا أمير المؤمنين في أي موضع؟ فقال: في قوله عز وجل: ان الله
يأمر بالعدل والاحسان والعدل الانصاف والاحسان التفضل.
192 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم عن أبي
جعفر عليه السلام في خطبة يوم الجمعة الخطبة الأولى: الحمد لله نحمده ونستعينه. وذكر
خطبة طويلة وآخرها ويكون آخر كلامه أن يقول: " ان الله يأمر بالعدل والاحسان
وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " ثم
يقول: اللهم اجعلنا ممن يذكر فتنفعه الذكرى ثم ينزل.
193 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ان الله يأمر بالعدل والاحسان و
إيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي " قال: العدل شهادة ان لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، والاحسان أمير المؤمنين صلوات الله عليه، و
الفحشاء والمنكر والبغي فلان وفلان وفلان.
77

194 - حدثنا محمد بن أبي عبد الله قال: حدثنا موسى بن عمران قال: حدثني
الحسن بن يزيد عن إسماعيل بن مسلم قال: جاء رجل إلى أبى عبد الله جعفر بن محمد
الصادق عليه السلام وانا عنده فقال: يا بن رسول الله " ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء
ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " وقوله:
" أمر ربى الا تعبدوا الا إياه " فقال: نعم ليس لله في عباده أمر الا العدل والاحسان،
فالدعاء من الله عام والهدى خاص، مثل قوله: " يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "
ولم يقل ويهدى جميع من دعى إلى صراط مستقيم.
195 - في مجمع البيان وجاءت الرواية ان عثمان بن مظعون قال: كنت
أسلمت استحياءا من رسول الله صلى الله عليه وآله لكثرة ما كان يعرض على الاسلام ولم يقر الاسلام
في قلبي، فكنت ذات يوم عنده حال تأمله فشخص بصره نحو السماء كأنه يستفهم
شيئا فلما سرى عنه، سألته عن حاله: فقال نعم بينا انا أحدثكم إذا رأيت جبرئيل في
الهواء أتاني بهذه الآية " ان الله يأمر بالعدل والاحسان " وقرأها إلى آخرها، فقر
الاسلام في قلبي واتيت عمه أبا طالب فأخبرته، فقال: يا آل قريش اتبعوا محمدا
ترشدوا، فإنه لا يأمركم الا بمكارم الأخلاق، واتيت الوليد بن المغيرة وقرأت
عليه هذه الآية فقال: إن كان محمد قاله فنعم ما قاله، وان قاله ربه فنعم ما قال، فأنزل
الله: " أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا " يعنى قوله نعم ما قال، ومعنى قوله: " وأكدى "
انه لم يقم على ما قاله وقطعه
196 - وعن عكرمة قال: إن النبي صلى الله عليه وآله قرء هذه الآية على الوليد بن المغيرة
فقال: يا بن أخي أعد فأعاد، فقال: ان له حلاوة، وان عليه لطلاوة، وان أعلاه
لمثمر، وان أسفله لمغدق (1) وما هو قول البشر.
197 - في روضة الواعظين (ره) وقال صلى الله عليه وآله: جماع التقوى في قوله: " ان الله يأمر
بالعدل والاحسان ".

(1) الطلاوة: الحسن والبهجة. والمغدق من الغدق المطر الكثير - العلم
78

198 - في كتاب الخصال عن السكوني عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن
أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: تكلم النار يوم القيمة ثلاثة أميرا وقاريا وذا ثروة من
المال، تقول للأمير: يا من وهب الله له سلطانا ولم يعدل فتزدرده كما تزدرد الطير
حب السمسم (1) وتقول للقاري (الحديث).
199 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان
أسرع الخير ثوابا البر، وان أسرع الشر عقابا البغى.
200 - عن أبي مالك قال: قلت لعلي بن الحسين عليه السلام: اخبرني بجميع
شرايع الدين، قال: قول الحق والحكم بالعدل والوفاء بالعهد، هذه جميع شرايع الدين
201 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: في كتاب علي عليه السلام: ثلث خصال لا يموت
صاحبهن حتى يرى وبالهن: البغى وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها، الحديث.
202 - في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن القاسم المفسر رضي الله عنه قال:
حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن علي بن
محمد بن علي الرضا عن أبيه عن جده عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ما عرف الله
من شبهه بخلقه، ولا وصفه بالعدل من نسب إليه ذنوب عباده.
203 - في تفسير العياشي عن سعد عن أبي جعفر عليه السلام " ان الله يأمر بالعدل و
الاحسان " قال سعد: " ان الله يأمر بالعدل " وهو محمد، " والاحسان " وهو على " وايتاء ذي
القربى " وهو قرابتنا، أمر الله العباد بمودتنا وإيتائنا ونهاهم عن الفحشاء والمنكر،
من بغى على أهل البيت ودعى إلى غيرنا.
204 - عن إسماعيل الحريري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله: " ان الله
يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي " قال:
اقرأ كما أقول لك يا إسماعيل: " ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى
حفه " قال (2) أداء امام إلى امام بعد امام، " وينهى عن الفحشاء والمنكر " قال ولاية

(1) ازدرد اللقمة، ابتلعها.
(2) وفى المصدر بعد قوله " حقه " زيادة وهي: " قلت: جعلت فداك انا لا نقرأ هكذا في قراءة زيد *
79

فلان وفلان.
205 - عن عامر بن كثير وكان داعية الحسين بن علي (1) عن موسى بن أبي
الغدير عن عطاء الهمداني عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " ان الله يأمر بالعدل و
الاحسان وايتاء ذي القربى " قال: العدل شهادة ان لا إله إلا الله، والاحسان ولاية
أمير المؤمنين، وينهى عن الفحشاء والمنكر، الفحشاء الأول، والمنكر الثاني، و
البغى الثالث.
206 - وفى رواية سعد الإسكاف عنه قال: يا سعد " ان الله يأمر بالعدل " وهو
محمد فمن أطاعه فقد عدل، و " الاحسان " على، فمن تولاه فقد أحسن والمحسن في
الجنة، و " إيتاء ذي القربى " قرابتنا أمر الله العباد بمودتنا وإيتائنا، ونهاهم عن الفحشاء
والمنكر، من بغى علينا أهل البيت، ودعى إلى غيرنا.
207 - عن زيد بن الجهم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لما سلموا
على علي عليه السلام بأمرة المؤمنين قال رسول الله صلى الله عليه وآله للأول: قم فسلم على
على بأمرة المؤمنين فقال: امن الله أو من رسوله قال: نعم من الله ومن رسوله
ثم قال لصاحبه: قم فسلم على على بإمرة المؤمنين، فقال: من الله ومن رسوله؟ (2)
قال: نعم من الله ومن رسوله، قال: يا مقداد قم فسلم على على بإمرة المؤمنين
قال: فلم يقل ما قال صاحباه، ثم قال: قم يا باذر فسلم على على بإمرة المؤمنين،

* قال: ولكنا نقرؤها هكذا في قراءة علي (ع)، قلت: فما يعنى بالعدل؟ قال شهادة ان لا إله إلا الله
قلت: والاحسان؟ قال شهادة ان محمدا رسول الله، قلت فما يعنى بإيتاء ذي القربى حقه؟ قال:
أداء... اه " والظاهر سقوطها من النسخ.
(1) أي الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) صاحب
فخ والخارج على بنى عباس، وقصة خروجه وقتله مشهورة مدونة في كتب التواريخ والسير
(2) وفى بعض النسخ " من الله أو من رسوله " وكذا في المواضع الآتية ومثله فيما يأتي في رواية
الكافي.
80

فقام وسلم ثم قال: يا سلمان قم وسلم على على بإمرة المؤمنين فقام وسلم، حتى إذا
خرجا وهما يقولان: لا والله لا نسلم له ما قال أبدا فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه:
ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا بقولكم من الله أو من
رسوله ان الله يعلم ما تفعلون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا
تتخذون ايمانكم دخلا بينكم أن يكون أمة هي أزكى من أمة قال: قلت: جعلت
فداك انما نقرأها " أن تكون أمة هي أربى من أمة " فقال: ويحك يا زيد وما
أربى أن يكون والله أزكى من أئمتكم (1) انما يبلوكم الله به يعنى عليا ولنبين
لكم يوم القيمة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن
يضل من يشاء ويهدى من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون ولا تتخذوا ايمانكم دخلا
بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها بعد ما سلمتم على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين وتذوقوا السوء
بما صددتم عن سبيل الله يعنى عليا ولكم عذاب عظيم.
208 - في أصول الكافي محمد بن الحسين (2) عن محمد بن إسماعيل عن منصور
ان يونس عن زيد بن الهجم الهلالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لما أنزلت
ولاية علي بن أبي طالب وكان قول رسول الله صلى الله عليه وآله، سلموا على على بإمرة المؤمنين
فكان مما اكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد قول رسول الله صلى الله عليه وآله لهما، قوما فسلما
عليه بإمرة المؤمنين، فقالا: أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول الله
صلى الله عليه وآله: من الله ومن رسوله، فأنزل الله عز وجل: " ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها
وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ان الله يعلم ما تفعلون " يعنى به قول رسول الله صلى الله عليه وآله
لهما وقولهما: أمن الله أو من رسوله " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة
أنكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم ان تكونوا أمة هي أزكى من أئمتكم " قال:
قلت: جعلت فداك أئمة؟ قال: أي والله أئمة، قلت: فانا نقرء أربى؟ قال: ما أربى
وأومى بيده فطرحها، " انما يبلوكم الله به " يعنى بعلى عليه السلام " ولنبين لكم يوم القيمة ما

(1) كذا في النسخ وفى المصدر " ما اربى أن يكون والله كي أزكى من أئمتكم ".
(2) كذا في النسخ وفى المصدر " محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين... اه ".
81

كنتم فيه تختلفون * ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء
ولتسئلن يوم القيمة عما كنتم تعملون * ولا تتخذوا ايمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها "
يعنى بعد مقالة رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام " وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله "
يعنى به علي عليه السلام " ولكم عذاب عظيم ".
209 - في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيم في قوله: " وأوفوا بعهد الله
إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا " فإنه حدثني أبي
رفعه قال: قال أبو عبد الله: لما نزلت الولاية وكان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم
سلموا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين فقالا: من الله ومن رسوله؟ فقال لهما: نعم حقا
من الله ومن رسوله، انه أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين يقعده الله يوم
القيمة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة، ويدخل أعدائه النار، فأنزل الله عز وجل: " ولا
تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ان الله يعلم ما تفعلون " يعنى قول
رسول الله صلى الله عليه وآله من الله ومن رسوله، ثم ضرب لهم مثلا فقال: " ولا تكونوا كالتي نقضت
غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم ".
210 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: التي نقضت غزلها امرأة
من بنى تيم بن مرة يقال لها ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن لوى بن غالب، كانت حمقاء
تغزل الشعر، فإذا غزلته نقضته ثم عادت فغزلته، فقال الله: " كالتي نقضت غزلها من بعد
قوة أنكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم " قال: " ان الله تبارك وتعالى أمر بالوفاء ونهى عن
نقض العهد، فضرب لهم مثلا.
رجع إلى رواية علي بن إبراهيم في قوله: " أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم "
فقيل: يا ابن رسول الله نحن نقرأ هي أربى من أمة قال: ويحك وما أربى وأومى بيده
بطرحها " انما يبلوكم الله به " يعنى بعلى بن أبي طالب يختبركم " وليبين لكم يوم القيمة ما
كنتم فيه تختلفون * ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة " قال على مذهب واحد وأمر واحد
" ولكن يضل من يشاء " قال: يعذب بنقض العهد " ويهدى من يشاء " قال: يثيب " ولتسئلن
82

عما كنتم تعملون ".
قوله: " ولا تتخذوا ايمانكم دخلا بينكم " قال هو: مثل لأمير المؤمنين عليه السلام
" فتزل قدم بعد ثبوتها " يعنى بعد مقالة النبي صلى الله عليه وآله فيه " وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل
الله " يعنى عن علي " ولكم عذاب عظيم ".
211 - في تفسير العياشي متصلا بآخر ما سبق عنه أعني قوله: " ولكم عذاب عظيم "
عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عنه قال: " التي نقضت غزلها من قوة بعد أنكاثا " عايشة هي
نكثت ايمانها.
212 - في مجمع البيان قال ابن عباس: ان رجلا من حضرموت يقال له عبدان -
الاشرع قال: يا رسول الله ان امرء القيس الكندي جاورني في أرضى فاقتطع من أرضى (1)
فذهب بها منى والقوم يعلمون انى لصادق لكنه أكرم عليهم منى، فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله
امرء القيس عنه فقال: لا أدرى ما يقول، فأمره أن يحلف، فقال عبدان: انه فاجر
لا يبالي أن يحلف، فقال: ان لم يكن لك شهود فخذ يمينه، فلما قام ليحلف أنظره فانصرفا
فنزل قوله: ولا تشتروا بعهد الله الآيتان فلما قرأهما رسول الله صلى الله عليه وآله قال امرء القيس: اما ما عندي فينفد وهو صادق فيما يقول، لقد اقتطعت أرضه ولم أدر كم هي فليأخذ من أرضى
ما شاء ومثلها معها بما اكلت من ثمرها، فنزل فيه: من عمل صالحا الآية.
213 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي
عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قيل له: ان أبا الخطاب يذكر
عنك انك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت، قال: لعن الله أبا الخطاب والله ما قلت
هكذا، ولكني قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك، ان الله عز وجل
يقول: " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون
فيها بغير حساب " ويقول تبارك وتعالى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن
فلنحيينه حياة طيبة.
214 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو

(1) اقتطع من ماله قطعة: أخذ منه شيئا.
83

مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " قال: القنوع بما رزقه الله.
215 - في نهج البلاغة وسئل عن قول الله تعالى: " فلنحيينه حياة طيبة "؟ فقال:
هي القناعة.
216 - في مجمع البيان " فلنحيينه حياة طيبة " فيه أقوال إلى قوله: " ثانيها "
انها القناعة والرضا بما قسم الله تعالى وروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله.
217 - في الكافي محمد بن يحيى عن علي بن الحسن بن علي عن عباد بن
يعقوب عن عمرو بن مصعب عن فرات بن أحنف عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول:
أو كل كتاب نزل من السماء " بسم الله الرحمن الرحيم " فإذا قرأت " بسم الله الرحمن
الرحيم " فلا تبالي الا تستعيذ، وإذا قرأت " بسم الله الرحمن الرحيم " ستر بك فيما بين السماء
والأرض.
218 - في روضة الكافي خطبة طويلة لأمير المؤمنين عليه السلام يقول فيها:
أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم " بسم الله الرحمن الرحيم والعصر ان الانسان لفى خسر "
إلى آخر السورة.
219 - في عوالي اللئالي وروى عن عبد الله بن مسعود قال: قرأت على
رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: وأعوذ بالله السميع العليم فقال لي: يا ابن أم عبد قل: أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبرئيل.
220 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى حنان بن سدير قال: صليت
خلف أبى عبد الله عليه السلام المغرب قال: فتعوذ باجهار: " أعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان الرجيم وأعوذ بالله ان يحضرون " ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
221 - في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن عبد الصمد بن محمد
عن حنان بن سدير قال: صليت خلف أبى عبد الله عليه السلام فتعوذ باجهار، ثم جهر
ببسم الله الرحمن الرحيم.
222 - في عيون الأخبار حديث طويل عن موسى بن جعفر عليه السلام وقد قال له
84

هارون الرشيد: كيف قلتم: انا ذرية النبي صلى الله عليه وآله والنبي لم يعقب وانما العقب
للذكر لا للأنثى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم " ومن ذريته
داود وسليمان وأيوب " الآية.
223 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي - ره - باسناده إلى محمد بن علي الباقر
عليه السلام حديث يقول فيه حاكيا عن رسول الله صلى الله عليه وآله: فأوحى إلى بسم الله الرحمن الرحيم: " يا
أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك " الآية.
224 - في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه فقال النبي
صلى الله عليه وآله: بسم الله الرحمن الرحيم " يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر " الآية.
225 - عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله " وإذا قرأت القرآن فاستعذ
بالله من الشيطان الرجيم " قلت: كيف أقول؟ قال: تقول: أستعيذ بالسميع العليم (1)
من الشيطان الرجيم؟ وقال: ان الرجيم أخبث الشياطين، قال: قلت له: لم سمى الرجيم؟ قال: لأنه يرجم، قلت: فانفلت منها شئ (2) قال: لا، قلت فكيف:
سمى الرجيم ولم يرجم بعد؟ قال: يكون في العلم انه رجيم.
226 - عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئلته عن التعوذ من الشيطان عند
كل سورة نفتحها؟ قال: نعم، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر ان الرجيم أخبث
الشياطين، فقلت له: لم سمى الرجيم؟ قال: لأنه يرجم، فقلت: هل ينفلت شيئا إذا
رجم؟ قال: لا ولكن يكون في العلم انه رجيم.
227 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال:
سمعت أبا الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول: معنى الرجيم انه مرجوم
باللعن، مطرود من الخير، لا يذكره مؤمن الا لعنه وان في علم السابق إذا خرج
القائم عليه السلام لا يبقى مؤمن في زمانه الا رجمه بالحجارة، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن.
228 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: فقارئ القرآن

(1) وفى المصدر " أستعيذ بالله السميع العليم... اه ".
(2) انفلت: نجا وتخلص.
85

يحتاج إلى ثلاثة أشياء: قلب خاشع، وبدن فارغ، وموضع خال، فإذا خشع لله قلبه
فر منه الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان
الرجيم ".
223 - في مجمع البيان والاستعاذة عند التلاوة مستحبة غير واجبة بلا خلاف
في الصلاة وخارج الصلاة.
224 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد -
الرحمان عن منصور بن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم انه ليس له سلطان على الذين
آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فقال: يا أبا محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه ولا
يسلط على دينه، وقد سلط على أيوب عليه السلام فشوه خلقه ولم يسلط على دينه، وقد يسلط من
المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم، قلت قوله عز وجل: انما سلطانه على الذين
يتولونه والذين هم به مشركون قال: الذين هم بالله مشركون، يسلط على أبدانهم وعلى
أديانهم.
225 - في تفسير العياشي عن حماد بن عيسى رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن قول الله: " انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون " قال ليس له أن
يزيلهم عن الولاية، فاما الذنوب وأشباه ذلك فإنه ينال منهم كما ينال من غيرهم.
226 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم
بما ينزل قالوا انما أنت مفتر قال: كان إذا نسخت آية قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله: أنت
مفتر فرد الله عليهم، فقال: قل لهم يا محمد نزله روح القدس من ربك بالحق يعنى جبرئيل
ليثبت الله الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين.
227 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " روح القدس "
قال: هو جبرئيل، والقدس الطاهر " ليثبت الذين آمنوا " هم آل محمد " وهدى و
بشرى للمسلمين ".
86

228 - في تفسير العياشي عن محمد بن عرامة الصيرفي عمن أخبره عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب إليه منها، و
ليست بأكرم خلقه عليه، فإذا أراد أمرا ألقاه إليها، فألقاه إلى النجوم فجرت به.
229 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله. ولقد نعلم أنهم يقولون انما يعلمه
بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهو لسان أبى فكيهة مولى ابن الحضرمي كان
أعجمي اللسان وكان قد اتبع نبي الله وآمن به، وكان من أهل الكتاب، فقالت قريش:
هذا والله يعلم محمدا علمه بلسانه، يقول الله: وهذا لسان عربي مبين.
230 - في مجمع البيان وقال عبيد الله بن مسلم: كان غلامان في الجاهلية
نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار واسم الآخر خير (1) كانا صقلبيين
يقرآن كتابا لهما بلسانهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ربما مر بهما واستمع لقرائتهما،
فقالوا: انما يتعلم منهما.
231 - في كتاب التوحيد باسناده إلى داود بن القاسم قال: سمعت علي بن موسى
الرضا عليه السلام يقول: من شبه الله بخلقه فهو مشرك، ومن وصفه بالمكان فهو كافر، ومن
نسب إليه ما نهى عنه فهو كاذب، ثم تلا هذه الآية انما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون
بآيات الله وأولئك هم الكاذبون.
232 - في تفسير العياشي عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه
ذكر رجلا كذابا ثم قال: فقال الله: " انما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون ".
233 - عن معمر بن يحيى بن سالم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام، ان أهل الكوفة
يروون عن علي عليه السلام أنه قال: ستدعون إلى سبى والبراءة منى، فان دعيتم إلى سبى فسبوني
وان دعيتم إلى البراءة منى فلا تتبرؤا منى فانى على دين محمد صلى الله عليه وآله فقال أبو جعفر عليه السلام: ما
أكثر ما يكذبون علي عليه السلام انما قال إنكم ستدعون إلى سبى والبراءة منى، فان دعيتم إلى سبى
فسبوني وان دعيتم إلى البراءة منى فانى على دين محمد صلى الله عليه وآله، ولم يقل فلا تتبرؤا منى، قال:
قلت: جعلت فداك فان أراد الرجل يمضى على القتل ولا يتبرء؟ فقال: لا والله [الا]

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر في بعض النسخ " حنتر ".
87

على الذي مضى عليه عمار، ان الله يقول: الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان
233 - عن أبي بكر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال بعضنا: مد الرقاب أحب
إليك أم البراءة من على؟ فقال: الرخصة أحب إلى أما سمعت قول الله في عمار:
الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان.
234 - عن عبد الله بن عجلان عن أبي عبد الله قال سألته فقلت له: ان
الضحاك (1) قد ظهر بالكوفة ويوشك ان ندعى إلى البراءة من على فكيف نصنع! قال:
فابرء منه، قال: قلت: أي شئ أحب إليك؟ قال: أن يمضون على ما مضى على عمار بن
ياسر، اخذ بمكة فقالوا له: ابرء من رسول الله فبرأ منه، فأنزل الله عذره: " الا من اكره
وقلبه مطمئن بالايمان ".
235 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن يزيد: قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: فاما ما
فرض الله على القلب من الايمان فالاقرار والمعرفة والعقد والرضا، والتسليم بان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له الها واحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأن محمدا عبده و
رسوله، والاقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب
من الاقرار والمعرفة وهو عمله، وهو قول الله عز وجل: " الا من اكره وقلبه مطمئن
بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا " وقال: " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " فذلك
ما فرض الله عز وجل على القلب من الاقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الايمان، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
236 - ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي عن محمد بن مروان قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أوصني فقال: لا تشرك
بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت، الا وقلبك مطمئن بالايمان، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.

(1) هو ضحاك بن قيس الشيباني الخارج بالكوفة سنة 127 في خلافة مروان والمقتول
بكفر توثا سنة 128 وقيل إنه قتل سنة 129 ورأى رأى الخوارج والحرورية.
88

237 - علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: قيل
لأبي عبد الله عليه السلام ان الناس يروون ان عليا قال على منبر الكوفة: أيها الناس انكم
ستدعون إلى سبى فسبوني ثم تدعون إلى البراءة منى فلا تتبرؤا منى؟ فقال: ما أكثر
ما يكذب الناس على علي عليه السلام ثم قال: انما قال: انكم ستدعون إلى سبى فسبوني، ثم
تدعون إلى البراءة منى وانى لعلى دين محمد ولم يقل: فلا تتبرؤا منى، فقال له السائل:
أرأيت ان اختار القتل دون البراءة؟ فقال: والله ما ذلك عليه وماله الا ما مضى عليه عمار بن
ياسر، حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالايمان، فأنزل الله عز وجل " الا من
اكره وقلبه مطمئن بالايمان " فقال النبي صلى الله عليه وآله عندها: يا عمار ان عادوا فعد، فقد
أنزل الله عز وجل عذرك وأمرك أن تعود ان عادوا.
238 - على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن محمد بن مروان قال: قال
لي أبو عبد الله عليه السلام: ما منع ميثم رحمه الله من التقية؟ فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت
في عمار وأصحابه " الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ".
239 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال: حدثني
عمرو بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رفع عن
أمتي أربع خصال: خطأها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا، وذلك قول الله
عز وجل: " ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما
حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به " وقوله: " الا من اكره و
قلبه مطمئن بالايمان ".
240 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصية لابنه
محمد بن الحنفية: وفرض الله على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم و
تصدر عن أمره ورأيه فقال عز وجل: " الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان " الآية.
241 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: إن التقية
ترس المؤمن ولا ايمان لم لا تقية له، قلت: جعلت فداك أرأيت قول الله تبارك وتعالى:
89

" الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان " قال: وهل التقية الا هذا؟
242 - في مجمع البيان قيل نزل قوله: " الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان " في
جماعة اكرهوا وهم عمار وياسر أبوه وأمه سمية وصهيب وبلال وخباب عذبوا وقتل أبو عمار
وأمه، فأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه، ثم أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال قوم: كفر عمار
فقال صلى الله عليه وآله: كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه،
وجاء عمار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكى فقال عليه السلام: ما وراك؟ قال: شر يا رسول الله
ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح عينيه
ويقول: ان عادوا لك فعد لهم بما قلت، فنزلت الآية عن ابن عباس وقتادة.
243 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " من كفر بالله بعد ايمانه الا من
اكره وقلبه مطمئن بالايمان " فهو عمار بن ياسر أخذته قريش بمكة فعذبوه بالنار
حتى أعطاهم بلسانه ما أرادوا وقلبه مقر بالايمان، قوله: ولكن من شرح بالكفر
صدرا فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن بنى لوى يقول الله: " فعليهم
غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وان الله لا
يهدى القوم الكافرين. ذلك بان الله ختم على سمعهم وابصارهم وقلوبهم وأولئك هم
الغافلون لا جرم انهم في الآخرة هم الخاسرون " هكذا في قراءة ابن مسعود هذا كله
في عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان عاملا لعثمان بن عفان على مصر.
244 - في تفسير العياشي عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله كان يدعوا أصحابه فمن أراد به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه، و
من أراد به شرا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قوله: أولئك الذين طبع الله
على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون.
245 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم ثم قال أيضا في عمار:
ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها
لغفور رحيم قوله: وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا
من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا
90

يصنعون قال: نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له البليان (1) وكانت بلادهم
خصبة كثيرة الخير، وكانوا يستنجون بالعجين ويقولون هذا ألين، فكفروا بأنعم الله و
استخفوا بنعمة الله، فحبس الله عليهم البليان فجدبوا حتى أحوجهم الله إلى ما كانوا
يستنجون به حتى كانوا يتقاسمون عليه.
246 - في محاسن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي عيينة (2) عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن قوما وسع الله عليهم في أرزاقهم حتى طغوا فاستخشنوا
الحجارة فعمدوا إلى النقي (3) وصنعوا منه كهيئة الافهار فجعلوه في مذاهبهم (4)
فأخذهم الله بالسنين فعمدوا إلى أطعمتهم فجعلوها في الخزائن، فبعث الله على ما في
الخزاين ما أفسده حتى احتاجوا إلى ما كان يستطيبون به في مذاهبهم، فجعلوا
يغسلونه ويأكلونه.
وفى حديث أبي بصير قال: نزلت فيهم هذه الآية: " وضرب الله مثلا قرية كانت
آمنة مطمئنة " إلى آخر الآية.
247 - في تفسير العياشي عن حفص بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
قوما في بني إسرائيل تؤتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في
بلادهم يستنجون بها، فلم يزل الله بهم حتى اضطروا إلى التماثيل يبيعونها ويأكلونها،
وهو قول الله: " ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان
فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ".
248 - عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبى يكره أن يمسح

(1) كذا في النسخ وفى المصدر " الثرثار " مكان " البليان " في الموضعين وهو الظاهر.
(2) كذا في النسخ وفى المصدر (باب فضل الخبز..) " عن محمد بن سنان عن عيينة "
(3) النقي - بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء -: الخبز المعمول من لباب
الدقيق.
(4) الافهار جمع الفهر: الحجر ملاء الكف. والمذاهب جمع المذهب: المتوضأ
وفي بعض النسخ " مناهيهم " بدل " مذاهبهم ".
91

يده في المنديل وفيه شئ من الطعام تعظيما له الا أن يمصها، أو يكون إلى جانبه
صبي فيمصها، قال: فانى أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده فيضحك الخادم، ثم قال: إن
أهل قرية ممن كان قبلكم كان الله قد وسع عليهم حتى طغوا، فقال بعضهم لبعض:
لو عمدنا إلى شئ من هذا النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة
قال عليه السلام: فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دوابا أصغر من الجراد فلم تدع لهم شيئا
خلقه الله الا أكلته من شجر أو غيره، فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا
يستنجون به، فأكلوه وهي القرية التي قال الله تعالى: " ضرب الله مثلا قرية كانت
آمنة مطمئنة " إلى قوله: " بما كانوا يصنعون ".
249 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن علي بن محمد بن سعد عن
محمد بن مسلم عن إسحاق بن موسى قال: حدثني اخى وعمى عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: ثلاثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعد وهم ولا تجالسوهم، مجلسا
فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه، ومجلسا ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رث، و
مجلسا فيه من يصد عنا وأنت تعلم، قال: ثم تلا أبو عبد الله عليه السلام: ثلث آيات من كتاب الله
كأنما كن فيه أو قال كفه " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم "
" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره "
ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا
على الله الكذب.
250 - في كتاب التوحيد محمد بن أحمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه في
جامعه وحدثنا به محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف قال حدثني عبد الرحمان
بن أبي نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم القصير قال: كتب أبو عبد الله عليه السلام
على يدي عبد الملك بن أعين: إذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر
المعاصي التي نهى الله عز وجل عنها كان خارجا من الايمان، وساقطا عنه اسم الايمان، و
ثابتا عليه اسم الاسلام، فان تاب واستغفر عاد إلى الايمان ولم يخرجه إلى الكفر والجحود
والاستحلال، فإذا قال للحلال هذا حرام وللحرام حلال ودان بذلك، فعندنا
92

يكون خارجا من الايمان والاسلام إلى الكفر، وكان بمنزلة رجل دخل الحرم ثم دخل
الكعبة فأحدث في الكعبة حدثا فاخرج عن الكعبة وعن الحرم، فضربت عنقه وصار إلى
النار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
251 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال عز وجل: " ولا تقولوا لما تصف
ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب " قال: هو ما كانت اليهود
تقول: ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا.
252 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الرحمن بن
سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه: ومن فسر القرآن برأيه فقد افترى على
الله الكذب.
253 - في الكافي علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي
عبد الله عليه السلام وقال بعده وبهذا الاسناد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: والأمة
واحدة فصاعدا كما قال الله سبحانه وتعالى: ان إبراهيم كان أمة قانتا لله يقول:
مطيعا لله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
254 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر
وأبى عبد الله عليهما السلام عن قول الله: " ان إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا " قال: شئ
فضل الله به.
255 - قال أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " ان إبراهيم كان أمة قانتا لله
حنيفا " قال: سماه الله أمة.
256 - يونس بن ظبيان عنه " ان إبراهيم كان أمة قانتا " أمة واحدة.
257 - عن سماعة بن مهران قال: سمعت عبدا صالحا (1) يقول: لقد كانت الدنيا
وما [كان] فيها الا واحد يعبد الله، ولو كان معه غيره إذا لاضافه إليه حيث يقول: " ان
إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين " فصبر بذلك ما شاء الله ثم إن الله

(1) وفى المصدر " العبد الصالح " بدل " عبدا صالحا ".
93

آنسه بإسماعيل واسحق فصار ثلاثة.
258 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: " ان إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا " وذلك أنه على دين لم يكن عليه أحد غيره
فكان أمة واحدة، واما قانتا فالمطيع، واما الحنيف فالمسلم، وهداه إلى صراط مستقيم
قال: إلى الطريق الواضح.
259 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: ولا طريق للأكياس من المؤمنين
أسلم من الاقتداء، لأنه المنهج الأوضح، قال الله عز وجل: ثم أوحينا إليك ان اتبع ملة
إبراهيم حنيفا فلو كان لدين الله تعالى سلك أقوم من الاقتداء لندب أوليائه و
أنبيائه إليه.
260 - في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الله
ابن سليمان الصيرفي قال " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: " ان أولى الناس بإبراهيم للذين
اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا " ثم قال: أنتم والله على دين إبراهيم ومنهاجه، وأنتم
أولى الناس، أنتم على ديني ودين آبائي.
261 - عنه عن أبيه ومحمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن عباد
ابن زياد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عباد ما على ملة إبراهيم أحد غيركم.
262 - في تفسير العياشي عن عمر بن أبي ميثم قال: سمعت الحسين بن علي
صلوات الله عليه يقول: ما أحد على ملة إبراهيم الا نحن وشيعتنا وساير الناس منها براء.
263 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما أبقيت الحنيفية شيئا حتى أن منها
قص الشارب والأظفار، والاخذ من الشارب والختان.
264 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد
عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: فأخبر انه تبارك و
تعالى أول من دعا إلى نفسه ودعى إلى طاعته واتباع امره، فبدء بنفسه وقال: " والله يدعو
إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " ثم ثنى برسوله فقال: ادعوا إلى سبيل
94

ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن يعنى بالقرآن.
265 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن
رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال والله نحن السبيل الذي أمركم الله باتباعه. قوله: " و
جادلهم بالتي هي أحسن " قال: بالقرآن.
266 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) قال أبو محمد العسكري عليه السلام: ذكر
عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين وان رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام نهوا عنه
فقال الصادق عليه السلام: لم ينه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن
أما تسمعون قوله تعالى: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم
بالتي هي أحسن " فالجدال بالتي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، والجدال
بغير التي هي أحسن محرم حرمة الله على شيعتنا، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو
ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت، واحياؤه له، فقال الله
حاكيا عنه: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم " فقال الله في
الرد عليه: " قل - يا محمد - يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وستقف انشاء الله على تتمة لهذا الكلام في العنكبوت
عند قوله تعالى: " ولا تجادلوا أهل الكتاب " الآية.
267 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: نحن المجادلون في دين الله على لسان
سبعين نبيا.
268 - في تفسير علي بن إبراهيم ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوم أحد: من له
علم بعمى حمزة؟ فقال الحارث بن الصمت (1): أنا أعرف موضعه فجاء حتى وقف
على حمزة، فكره أن يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيخبره، فقال رسول الله
لأمير المؤمنين عليه السلام: يا علي أطلب عمك فجاء علي عليه السلام فوقف على حمزة فكره
أن يرجع إليه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وقف عليه، فلما رأى ما فعل به بكى ثم

(1) وفى بعض الكتب " الحارث بن الصمة ".
95

قال: ما وقفت موقفا قط أغلظ على من هذا المكان، لئن أمكنني الله من قريش
لأقتلن سبعين رجلا منهم، فنزل عليه جبرئيل فقال: وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما
عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين فاصبر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اصبر.
269 - في تفسير العياشي عن الحسين بن حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ما صنع بحمزة بن عبد المطلب قال: اللهم لك
الحمد واليك المشتكى، وانك المستعان (1) على ما أرى، ثم قال صلى الله عليه وآله: لئن
ظفرت لأمثلن ولامثلن، قال: فأنزل الله: " وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به
ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أصبر أصبر.

(1) وفى المصدر " وأنت المستعان.. اه ".
96

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة بني إسرائيل
في كل ليلة جمعة لم يمت حتى يدرك القائم ويكون من أصحابه.
في مجمع البيان وتفسير العياشي عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من قرأ سورة بني إسرائيل وذكر إلى آخر ما في كتاب ثواب الأعمال.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من قرء سورة
بني إسرائيل فرق قلبه عند ذكر الوالدين أعطى في الجنة قنطارين من الاجر، و
القنطار ألف أوقية ومأتا أوقية، والأوقية منها خير من الدنيا وما فيها.
3 - في تفسير العياشي عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
قول الله سبحانه: فقال أنفة الله (1) وفى رواية أخرى عن هشام عنه مثله.
4 - عن سالم الحناط عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المساجد
التي لها الفضل؟ فقال: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، قلت: والمسجد
الأقصى جعلت فداك؟ فقال: ذلك في السماء إليه اسرى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت:
ان الناس يقولون إنه بيت المقدس؟ فقال: مسجد الكوفة أفضل منه.
5 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني خالد عن الحسن بن محبوب عن محمد
ابن سيار عن أبي مالك الأزدي عن إسماعيل الجعفي قال: كنت في المسجد قاعدا و
أبو جعفر عليه السلام في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة والى الكعبة مرة، ثم قال

(1) قال الطريحي (ره): وفى الحديث: سئلته عن سبحان الله؟ فقال: أنفة هو كقصبة
أي تنزيه الله تعالى، كما أن سبحان تنزيه، قال بعض الشارحين: الانفة في الأصل الضرب على الانف
ليرجع ثم استعمل لتبعيد الأشياء، فيكون هنا بمعنى رفع الله عن مرتبة المخلوقين بالكلية لأنه
تنزيه عن صفات الرذائل والأجسام.
97

سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
وكرر ذلك ثلث مرات، ثم التفت إلى فقال: أي شئ يقولون أهل العراق في هذه
الآية يا عراقي؟ قلت: يقولون: اسرى به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس،
فقال: ليس كما يقولون، ولكنه اسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء،
وقال: ما بينهما حرم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
6 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن ابن عباس قال: قالت اليهود للنبي
صلى الله عليه وآله: موسى خير منك قال النبي صلى الله عليه وآله: ولم؟ قالوا: لان الله عز وجل كلمه أربعة
آلاف كلمة ولم يكلمك بشئ، فقال النبي صلى الله عليه وآله: لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك،
قالوا: وما ذاك؟ قال: قوله عز وجل: " سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد
الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله " وحملت على جناح جبرئيل عليه السلام
حتى انتهيت إلى السماء السابعة، فجاوزت سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، حتى
تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش: انى انا الله لا اله الا انا السلام المؤمن
المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرؤف الرحيم، ورأيته بقلبي وما رأيته بعيني،
فهذا أفضل من ذلك، فقالت اليهود: صدقت يا محمد وهو مكتوب في التورية، و
الحديث طويل فأخذنا منه موضع الحاجة.
7 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عرج بالنبي صلى الله عليه وآله مأة و
عشرين مرة، ما من مرة الا وقد أوصى الله تعالى فيها النبي صلى الله عليه وآله بالولاية لعلى و
الأئمة من ولده عليهم السلام أكثر مما أوصاه بالفرايض.
8 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن
سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا
عبد الله عليه السلام وانا حاضر فقال: جعلت فداك وكم عرج برسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال:
مرتين، فأوقفه جبرئيل عليه السلام موقفا فقال له: مكانك يا محمد، فلقد وقفت
موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي ان ربك يصلى، فقال: يا جبرئيل فكيف يصلى؟ قال: يقول
98

سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبى، فقال: اللهم عفوك عفوك قال
: وكان كما قال الله: " قاب قوسين أو أدنى " فقال له أبو بصير: جعلت فداك ما قاب قوسين
أو أدنى؟ قال: ما بين ستيها (1) إلى رأسها، فقال: كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق (2) و
لا أعلمه الا وقد قال زبرجد، فنظر في مثل سم الإبرة (3) إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال
الله تبارك وتعالى: يا محمد، قال: لبيك ربى قال: من لامتك من بعدك؟ قال الله أعلم
قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين، قال: ثم قال
أبو عبد الله عليه السلام لأبي بصير: يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية على من الأرض، ولكن جاءت
من السماء مشافهة.
9 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن ثابت بن دينار
قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن الله جل جلاله
هل يوصف بمكان؟ فقال: تعالى عن ذلك، قلت: فلم اسرى نبيه صلى الله عليه وآله إلى السماء؟ قال: ليريه
ملكوت السماوات وما فيها من عجايب صنعه وبدايع خلقه، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
10 - وباسناده إلى أبان بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام عن جده عليهما السلام حديث طويل
يقول فيه: ان النبي صلى الله عليه وآله دفع إلى علي عليه السلام لما حضرته الوفاة القميص الذي
اسرى به فيه.
11 - في كتاب التوحيد باسناده إلى يونس بن عبد الرحمن قال: قلت لأبي
الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: لأي علة عرج الله عز وجل نبيه إلى السماء ومنها إلى
سدرة المنتهى ومنها إلى حجب النور وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان؟ فقال عليه السلام:
ان الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يجرى عليه زمان، ولكنه عز وجل أراد أن
يشرف ملائكته وسكان سماواته ويكرمهم بمشاهدته ويريد من عجايب عظمته ما يخبر به

(1) بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة: ما عطف من طرفيها.
(2) أي يتحرك ويضطرب.
(3) سم الإبرة: ثقبها.
99

بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقوله المشبهون سبحان الله وتعالى عما يشركون.
12 - في روضة الكافي أبان عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر عليه السلام قال أتى
جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار، مضطرب
الاذنين، عينيه في حافره وخطاه مد بصره، فإذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه
فإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه، أهدب العرف الأيمن (1) له جناحان من خلفه.
13 - في عيون الأخبار باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى سخر لي
البراق وهي دابة من دواب الجنة، ليست بالقصير ولا بالطويل، فلو ان الله تعالى اذن لها
لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة، وهي أحسن الدواب لونا.
14 - في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما اسرى
بالنبي صلى الله عليه وآله أتى بالبراق ومعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، قال: فأمسك له
واحد بالركاب، وامسك الآخر باللجام، وسوى عليه الآخر ثيابه، فلما ركبها تضعضعت
فلطمها جبرئيل عليه السلام فقال لها: قرى يا براق فما ركبك أحد قبله مثله، ولا يركبك
أحد مثله بعده، الا انه تضعضعت عليه.
15 - في تفسير علي بن إبراهيم وروى الصادق عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: بينا
أنا راقد بالأبطح وعلي عليه السلام عن يميني وجعفر عن يسارى، وحمزة بين يدي، وإذا أنا
بحفيف (2) أجنحة الملائكة وقائل يقول: إلى أيهم بعثت يا جبرئيل؟ فقال: إلى هذا
وأشار إلى، وهو سيد ولد آدم وهذا وصيه ووزيره وخليفته في أمته، وهذا عمه سيد الشهداء
حمزة، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة، دعه
فلتنم عيناه ولتسمع أذناه وليعي قلبه، واضربوا له مثلا: ملك بنى دارا، واتخذ مائدة (3)
وبعث داعيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الملك الله والدار الدنيا، والمائدة الجنة

(1) أي طويلة وكان مرسلا في جانب الأيمن.
(2) الحفيف: الصوت.
(3) وفى المصدر والمنقول عنه في البحار " مأدبة " مكان " مائدة في الموضعين والمأدبة:
طعام صنع لدعوة أو عرس.
100

والداعي أنا.
قال: ثم أركبه جبرئيل البراق وأسري به إلى بيت المقدس، وعرض عليه محاريب
(1) الأنبياء وآيات الأنبياء فصلى [بها] ورده من ليلته إلى مكة فمر في رجوعه
فرأى عيرا لقريش (2) وإذا لهم ماء في آنية فشرب منه وصب باقي ذلك، وقد كانوا أضلوا بعيرا
لهم، وكانوا يطلبونه، فلما أصبح قال لقريش: ان الله قد اسرى بي في هذه الليلة إلى بيت -
المقدس فعرض على محاريب الأنبياء، وانى مررت بعير لكم في موضع كذا وكذا، وإذا لهم
ماء في آنية فشربت منه وأهرقت باقي ذلك، وقد كانوا أضلوا بعيرا لهم، فقال أبو جهل:
قد أمكنتكم الفرصة من محمد سلوه: كم الأساطين فيها والقناديل؟ فقالوا: يا محمد ان
ههنا من دخل بيت المقدس فصف لنا أساطينه وقناديله ومحاريبه، فجاء جبرئيل فعلق
صورة بيت المقدس تجاه وجهه وجعل يخبرهم بما يسألونه، فلما أخبرهم قالوا: حتى
تجئ العير ونسألهم عما قلت، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: وتصديق ذلك ان العير تطلع
عليكم من طلوع الشمس، يقدمها جمل أحمر، فلما أصبحوا اقبلوا ينظرون إلى العقبة و
ويقولون: هذه الشمس تطلع الساعة، فبينا هم كذلك إذ طلعت العير مع طلوع الشمس
يقدمها جمل احمر فسألوهم عما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: لقد كان هذا، ضل لنا
جمل في موضع كذا وكذا، ووضعنا ماءا وأصبحنا وقد أهريق الماء، فلم يزيدهم
ذلك الا عتوا.
16 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد عن
أحمد بن محمد أبى نصر عن أبان بن عثمان عن حديد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله أصبح فقعد فحدثهم بذلك، فقالوا له: صف لنا بيت
المقدس قال: فوصف لهم وانما دخله ليلا فاشتبه عليه النعت، فأتاه جبرئيل عليه السلام
فقال: انظر ههنا فنظر إلى البيت فوصفه وهو ينظر إليه، ثم نعت لهم ما كان من عير لهم
فيما بينهم وبين الشام، ثم قال: هذه عير بنى فلان يقدم من طلوع الشمس، يتقدمها

(1) جمع المحراب.
(2) العير - بالكسر -: الإبل تحمل الميرة ثم غلب على كل قافلة.
101

جمل أورق (1) أو أحمر، قال: وبعثت قريش رجلا على فرس ليردها، قال وبلغ
مع طلوع الشمس، قال قرطة بن عبد عمرو: يا لهفا ان لا أكون لك جذعا (2) حين
تزعم أنك أتيت بيت المقدس ورجعت من ليلتك؟.
17 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن
أبان بن عثمان عن أبي داود عن أبي بردة الأسلمي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول
لعلى عليه السلام: يا علي أن الله أشهدك معي في سبع مواطن، اما أول ذلك فليلة اسرى بي
إلى السماء، قال جبرئيل: أين أخوك فقلت: خلفته ورائي، قال: ادع الله فليأتك
به، فدعوت الله وإذا بمثالك معي، وإذا الملائكة وقوف صفوف فقلت: يا جبرئيل من
هؤلاء؟ قال: هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيمة، فدنوت فنطقت بما كان وما يكون
إلى يوم القيمة، والثاني حين اسرى بي في المرة الثانية، فقال لي جبرئيل: أين
أخوك فقلت: خلفته ورائي فقال: ادع الله فليأتك به فدعوت الله فإذا مثالك معي، فكشط
لي (3) عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها وعمارها، وموضع كل ملك منها، إلى
قوله: واما السادس لما اسرى بي إلى السماء جمع الله لي النبيين، فصليت لهم ومثالك خلفي.
18 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عيسى بن عبيد الله الأشعري عن
الصادق جعفر بن محمد قال: حدثني أبي عن جدي عن أبيه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي إلى السماء حملني جبرئيل على كتفه الأيمن،
فنظرت إلى بقعة بأرض الجبل حمراء أحسن لونا من الزعفران، وأطيب ريحا من
المسك، وإذا فيها شيخ على رأسه برنس (4)، فقلت لجبرئيل: ما هذه البقعة
الحمراء التي هي أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك؟ قال: بقعة

(1) الأورق من الإبل: ما في لونه بياض إلى سواد، والترديد من الراوي
(2) الجذع: الشابة القوية من الإبل والمعز. والظاهر أن كلامه لعنه الله هذا جاريا مجرى
الاستهزاء.
(3) كشط كشيطا: رفع شيئا عن شئ قد غطاه.
(4) البرنس: قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الاسلام.
102

شيعتك وشيعة وصيك علي عليه السلام، فقلت: من الشيخ صاحب البرنس؟ قال: إبليس،
قلت: فما يريد منهم؟ قال: يريد أن يصدهم عن ولاية أمير المؤمنين ويدعوهم إلى
الفسق والفجور، قلت: يا جبرئيل أهو بنا إليهم فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق
الخاطف والبصر اللامح، فقلت: قم يا ملعون فشارك أعداءهم في أموالهم وأولادهم
ونسائهم، فان شيعتي وشيعة على ليس لك عليهم سلطان.
19 - في تفسير علي بن إبراهيم حكى أبى عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن
سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ واحد باللجام وواحد بالركاب وسوى الآخر عليه ثيابه،
فتضعضعت البراق فلطمها جبرئيل عليه السلام ثم قال: اسكني يا براق فما ركبك نبي قبله،
ولا يركبك بعد مثله، قال فرقت به (1) ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ومعه جبرئيل يريه
الآيات من السماء والأرض، قال: فبينا أنا في مسيري إذ نادى مناد عن يميني: يا
محمد فلم أجبه ولم التفت إليه، ثم نادى عن يسارى: يا محمد فلم أجبه ولم التفت
إليه، ثم استقبلتني امرأة كاشفة ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا، فقالت: يا محمد انظرني
حتى أكلمك فلم التفت إليها، ثم سرت فسمعت صوتا أفزعني فنزل بي جبرئيل عليه السلام
فقال: صل فصليت، فقال: تدرى أين صليت؟ فقلت: لا، فقال: صليت بطيبة واليها
مهاجرك ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي: أنزل فصل، فنزلت وصليت فقال لي:
أتدري أين صليت؟ فقلت: لا، فقال: صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى تكليما،
ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي: أنزل فصل، فنزلت وصليت فقال لي أتدري
أين صليت؟ فقلت: لا، فقال: صليت ببيت لحم، وبيت لحم بناحية بيت المقدس
حيث ولد عيسى بن مريم صلوات الله عليه.
ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي الأنبياء
تربط بها، فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي، فوجدنا إبراهيم وموسى و
عيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله قد جمعوا وأقيمت الصلاة، ولا أشك الا وجبرئيل

(1) أي صعدت البراق بالنبي صلى الله عليه وآله.
103

سيتقدمنا (1) فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدمني فأممتهم ولا فخر، ثم أتاني
الخازن بثلاثة أواني، اناء فيه لبن، واناء فيه ماء، وانا فيه خمر، وسمعت قائلا يقول: إن
اخذ الماء غرق وغرقت أمته، وان اخذ الخمر غوى وغوت أمته، وان اخذ اللبن
هدى وهديت أمته، قال: فأخذت اللبن وشربت منه فقال لي جبرئيل هديت وهديت
أمتك، ثم قال لي: ماذا رأيت في مسيرك؟ فقلت: ناداني مناد عن يميني، فقال لي:
أو أجبته؟ فقلت: لا ولم التفت إليه، فقال: ذلك داعى اليهود ولو أجبته لتهودت أمتك
من بعدك، ثم قال لي ماذا رأيت؟ فقلت: ناداني مناد عن يسارى فقال لي: أو أجبته؟
فقلت: لا ولم التفت إليه، فقال: ذاك داعى النصارى ولو أجبته لنصرت أمتك من
بعدك، ثم قال لي ماذا استقبلك؟ فقلت: لقيت امرأة كاشفة ذراعيها عليها من كل
زينة الدنيا، فقالت: يا محمد انظرني حتى أكلمك، فقال لي: أو كلمتها؟ فقلت:
لم أكلمها ولم التفت إليها، فقال: تلك الدنيا ولو كلمتها لاختارت أمتك الدنيا على
الآخرة، ثم سمعت صوتا أفزعني فقال لي جبرئيل: تسمع يا محمد؟ قلت: نعم، قال:
هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاما، فهذا حين استقرت قالوا: فما
ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قبض.
قال فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى سماء الدنيا وعليها ملك يقال له إسماعيل وهو
صاحب الخطفة التي قال الله عز وجل: " الا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب " وتحته
سبعون ألف ملك، تحت كل ملك سبعون الف ملك فقال: يا جبرئيل من هذا معك؟ قال: محمد
قال: وقد بعث؟ قال: نعم، ففتح الباب وسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي،
وقال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، وتلقتني الملائكة حتى دخلت سماء الدنيا، فما
لقيني ملك الا ضاحكا مستبشرا حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقا منه، كريه
المنظر ظاهر الغضب، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء الا انه لم يضحك ولم أر فيه من
الاستبشار ما رأيت ممن ضحك من الملائكة، فقلت: من هذا يا جبرئيل فانى قد فزعت
[منه]؟ فقال: يجوز أن تفزع منه فكلنا نفزع منه، ان هذا مالك خازن النار لم يضحك

(1) وفى المصدر " يستقدمنا ".
104

قط ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته، فينتقم
الله به منهم، ولو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك و
لكنه لا يضحك، فسلمت عليه فرد على السلام وبشرني بالجنة، فقلت لجبرئيل - وجبرئيل
بالمكان الذي وصفه الله " مطاع ثم امين ": - الا تأمره [ان] يرينى النار؟ فقال له جبرئيل:
يا مالك أر محمدا النار، فكشف عنها غطاءا وفتح منها لهب ساطع في السماء و
فارت وارتفعت حتى ظننت لتناولني مما رأيت، فقلت: يا جبرئيل قل فليرد عليها غطائها فأمرها
فقال: ارجعي فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه.
ثم مضيت فرأيت رجلا آدما (1) جسيما، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال:
هذا أبوك آدم، فإذا هو تعرض عليه ذريته فيقول: روح طيب وريح طيبة من جسد طيب
ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله سورة المطففين على رأس سبع عشرة آية " كلا ان كتاب الأبرار لفى
عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم * يشهده المقربون " إلى آخرها (2)
قال، فسلمت على أبى آدم وسلم على واستغفرت له واستغفر لي، فقال: مرحبا بالابن
الصالح والنبي الصالح والمبعوث في الزمن الصالح.
ثم مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه وإذا
بيده لوح من نور ينظر فيه، مكتوب فيه كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا ولا شمالا كهيئة الحزين
فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت دائبا (3) في قبض الأرواح، فقلت:
يا جبرئيل ادنني منه حتى أكلمه، فأدناني منه فسلمت عليه وقال له جبرئيل: هذا نبي
الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد، فرحب بي وحياني بالسلام، فقال: ابشر يا محمد

(1) الآدم: الأسمر، وهو الذي لونه بين السواد والبياض ويقال له بالفارسية
" گندم گون ".
(2) قال المجلسي (ره): لعل الاستشهاد بالآية مبنى على أن المراد بعتاب الأبرار في
الآية أرواحهم، لأنها محل العلوم والمعارف، ويحتمل أن يكون ذكر الآية للمناسبة أي كما أن
أعمالهم نثبت في عليين فكذا أرواحهم تصعد إليها.
(3) دأب في عمل: استمر عليه وجد.
105

فانى أرى الخير كله في أمتك، فقلت: الحمد لله المنان ذي النعم على عباده، ذلك من
فضل ربى ورحمته على، فقال جبرئيل: هو أشد الملائكة عملا، فقلت: أكل من مات
أو هو ميت فيما بعد تقبض روحه؟ فقال: نعم، قلت: وتراهم حيث كانوا وتشهدهم
بنفسك؟ فقال: نعم، فقال ملك الموت: ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي و
مكنني عليها الا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء، وما من دار الا وأنا أتصفحه
(1) كل يوم خمس مرات وأقول: إذا بكى أهل الميت على ميتهم لا تبكوا عليه فان لي
فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى أحد منكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كفى بالموت طامة (2)
يا جبرئيل، فقال جبرئيل: ان ما بعد الموت أطم وأطم من الموت (3).
قال: ثم مضيت فإذا أنا بأقوام بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث فيأكلون
الخبيث ويدعون الطيب، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون
الحرام ويدعون الحلال وهم من أمتك يا محمد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثم رأيت ملكا
من الملائكة جعل الله أمره عجبا، نصف جسده النار والنصف الآخر الثلج فلا النار تذيب
الثلج ولا الثلج يطفئ النار، وهو ينادى بصوت رفيع ويقول: سبحان الذي كف حر
هذه النار فلا تذيب الثلج، وكف برد هذا الثلج فلا تطفئ حر هذه النار، اللهم يا مؤلف بين
الثلج والنار الف بين قلوب عبادك المؤمنين، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك وكله الله
بأكناف السماء وأطراف الأرض وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرض من عباده المؤمنين،
يدعو لهم بما تسمع منذ خلق، وملكان يناديان في السماء أحدهما يقول: اللهم أعط كل منفق
خلفا والآخر يقول: اللهم اعط كل ممسك تلفا.
ثم مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل (4) يقرض اللحم من جنوبهم و
يلقى في أفواههم ويخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الهمازون

(1) تصفح في الامر: نظر فيه.
(2) الطامة: الداهية تفوق ما سواها.
(3) طم الشئ: كثر حتى علا وغلب.
(4) المشافر جمع المشفر - بالكسر - وهو: شفة البعير.
106

اللمازون، ثم مضيت فإذا أنا بأقوام ترضخ رؤسهم (1) بالصخر. فقلت: من هؤلاء يا
جبرئيل فقال: هؤلاء الذين ناموا عن صلاة العشاء، ثم مضيت فإذا أنا بأقوام تقذف النار
في أفواههم وتخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين
يأكلون أموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا، ثم مضيت فإذا
أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟
فقال: هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس
وإذا هم بسبيل آل فرعون، يعرضون على النار غدوا وعشيا، يقولون: ربنا متى تقوم الساعة؟
ثم مضيت فإذا أنا بنسوان معلقات بثديهن، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء
اللواتي تورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم (2) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اشتد غضب الله
على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم، فاطلع على عوراتهم واكل خزائنهم.
قال: ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل خلقهم الله كيف شاء، ووضع
وجوههم كيف شاء ليس شئ من اطباق أجسادهم الا وهو يسبح لله ويحمده من
كل ناحية بأصوات مختلفة، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله،
فسألت جبرئيل عنهم فقال: كما ترى خلقوا، ان الملك منهم إلى جنب صاحبه
ما كلمة قط، ولا رفعوا رؤسهم إلى ما فوقها ولا خفضوها إلى ما تحتها خوفا
لله وخشوعا، فسلمت عليهم فردوا على ايماء برؤوسهم ولا ينظرون إلى من الخشوع،
فقال لهم جبرئيل: هذا محمد نبي الرحمة أرسله الله، إلى العباد رسولا ونبيا، وهو
خاتم النبيين وسيدهم، أفلا يكلمونه قال: فلما سمعوا ذلك من جبرئيل اقبلوا على بالسلام
واكرموني وبشروني بالخير لي ولامتى.
قال: ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا فيها رجلان متشابهان، فقلت: من
هذان يا جبرئيل؟ فقال: ابنا الخالة عيسى ويحيى، فسلمت عليهما وسلما على و
استغفرت لهما واستغفرا لي، وقالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، وإذا

(1) الرضخ: الدق والكسر.
(2) أي يزنين ويلحقن أولاد الزنا بالأزواج فيرثون من أزواجهن كما قال في البحار.
107

فيها من الملائكة وعليهم الخشوع وقد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك
الا ويسبح الله ويحمده بأصوات مختلفة.
ثم صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل فضل حسنه على ساير الخلق كفضل
القمر ليلة البدر على ساير النجوم، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا أخوك
يوسف، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفرا لي، وقال: مرحبا بالنبي الصالح
والأخ الصالح والمبعوث في الزمن الصالح، فإذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل
ما وصفت في السماء الأولى والثانية، وقال لهم جبرئيل في أمرى مثل ما قال للآخرين،
وصنعوا بي مثل ما صنع الآخرون.
ثم صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال:
هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفرا لي،
فإذا فيها من الملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السماوات، فبشروني بالخير و
لامتي، ثم رأيت ملكا جالسا على سرير وتحت يديه سبعون ألف ملك، تحت كل
ملك سبعون ألف ملك، فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله انه هو، فصاح به جبرئيل
فقال: قم فهو قائم إلى يوم القيامة.
ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أعظم
منه، حوله ثلاثة من أمته (1) فأعجبتني كثرتهم، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا
المجيب في قومه هارون بن عمران فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفرا لي
فإذا فيها من الملائكة الخشوع (2) مثل ما في السماوات.
ثم صعدنا إلى السماء السادسة فإذا فيها رجل آدم طويل كأنه من شبوة (3)

(1) كذا في النسخ وفى المصدر " حوله ثلاثة صفوف من أمته " وفى البحار " ثلة من أمته ".
(2) قال في البحار: لعله جمع خاشع كركوع وراكع. وفى بعض النسخ من الملائكة
والخشوع وهو أصوب.
(3) شبوة: أبو قبيلة وموضع بالبادية وحصن باليمن، وعن شرح القاموس: ان شبوة
بطن من القحطانية، وهو شبوة بن ثوبان بن عبس بن شحارة بن غالب بن عبد الله بن عك، وعن *
108

ولو أن عليه قميصين لنفد شعره منها، فسمعته يقول: يزعم بنو إسرائيل انى أكرم ولد
آدم على الله، وهذا رجل أكرم على الله منى، فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا
أخوك موسى بن عمران، فسلمت عليه وسلم على، واستغفرت له واستغفرا لي، وإذا
فيها ملائكة من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات.
قال ثم صعدنا إلى السماء السابعة، فما مررت بملك من الملائكة الا قالوا:
يا محمد احتجم وأمر أمتك بالحجامة، وإذا فيها رجل أشمط (1) الرأس واللحية
جالس على كرسي فقلت: يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت
المعمور في جوار الله تعالى؟ فقال: هذا يا محمد أبوك إبراهيم، وهذا محلك ومحل
من اتقى من أمتك، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه
وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين " فسلمت عليه وسلم على، وقال: مرحبا
بالنبي الصالح والابن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح، وإذا فيها من الملائكة
الخشوع مثل ما في السماوات، فبشروني بالخير ولامتى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله ورأيت
في السماء بحارا من نور يتلألأ يكاد تلألؤها يخطف بالابصار. وفيها بحار من ظلمة
وبحار من ثلج ترعد فكلما فزعت ورأيت هؤلاء سألت جبرئيل فقال: ابشر يا
محمد واشكر كرامة ربك واشكر الله بما صنع إليك، قال فثبتني الله بقوته وعونه حتى
كثر قولي لجبرئيل وتعجبي، فقال جبرئيل: يا محمد أتعظم ما ترى؟ انما هذا
خلق من خلق ربك فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى؟ وما لا ترى أعظم من هذا!،
ان بين الله وبين خلقه تسعين ألف حجاب، وأقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل، وبيننا
وبينه أربعة حجب، حجاب من نور، وحجاب من ظلمة، وحجاب من الغمام، و
حجاب من الماء.

* الثعلبي انه ذكر في وصفه (ع): كأنه من رجال أردشنوءة، وقال الفيروزآبادي: أزدشنوءة -
وقد تشدد الواو -: قيلة سميت لشنان بينهم، قال المجلسي (ره) بعد نقل الأقوال: وعلى المقادير
شبهه صلى الله عليه وآله بإحدى تلك الطوائف في لادمة وطول القامة.
(1) الشمط: بياض في الرأس يخالطه سواد.
109

قال ورأيت من العجائب التي خلق الله وسخر على ما أراده ديكا رجلاه في
تخوم الأرضين السابعة، ورأسه عند العرش، وملكا من ملائكة الله خلقه الله كما أراد،
رجلاه في تخوم الأرضين السابعة، ثم أقبل مصعدا حتى خرج في الهواء إلى السماء
السابعة وانتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه إلى قرب العرش وهو يقول: " سبحان
ربى حيث ما كنت لا تدرى أين ربك من عظم شأنه " وله جناحان في منكبيه، إذا
نشرهما جاوزا المشرق والمغرب، فإذا كان في السحر نشر ذلك الديك جناحيه وخفق
بهما (1) وصرخ بالتسبيح يقول: " سبحان الملك القدوس سبحان الله الكبير المتعال
لا إله إلا الله الحي القيوم " فإذا قال ذلك سبحت ديكة الأرض كلها، وخفقت بأجنحتها،
وأخذت بالصراخ، فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكت ديكة الأرض كلها،
ولذلك الديك زغب أخضر (2) وريش أبيض، كأشد بياض [ما] رأيته قط، وله زغب
أخضر أيضا تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة رأيتها قط.
قال: ثم مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيه ركعتين ومعي
أناس من أصحابي، عليهم ثياب جدد، وآخرين عليهم ثياب خلقان، فدخل أصحاب
الجدد وحبس أصحاب الخلقان، ثم خرجت فانقاد لي نهران، نهر يسمى الكوثر، و
نهر يسمى الرحمة، فشربت من الكوثر، واغتسلت من الرحمة، ثم انقاد إلى جميعا
حتى دخلت الجنة فإذا انا على حافتيها (3) بيوتي وبيوت أزواجي (4) وإذا ترابها
كالمسك، وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة، فقلت: لمن أنت يا جارية؟ فقالت:
لزيد بن حارثة فبشرته بها حين أصبحت، وإذا بطير كالبخت (5) وإذا رمانها مثل
الدلاء (6) العظام وإذا شجرة لو أرسل طاير في أصلها ما دارها سبعمأة سنة، وليست

(1) خفق الطائر: طار
(2) الزغب - محركة -: صغار الريش.
(3) أي على طرفيها.
(4) وفى البحار " وبيوت أهلي ".
(5) البخت: الإبل الخراسانية.
(6) جمع الدلو.
110

في الجنة منزل الا وفيها فتر (1) منها فقلت: ما هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذه شجرة
طوبى قال الله تعالى: " طوبى لهم وحسن مآب " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فلما دخلت
الجنة رجعت إلى نفسي فسألت جبرئيل: من تلك البحار وهو لها وأعاجيبها؟ فقال: هي
سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ولولا تلك الحجب لتهتك نور
العرش وكل شئ فيه، وانتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا الورقة منها تظل أمة من الأمم،
فكنت منها كما قال الله تعالى " قاب قوسين أو أدنى " فناداني: " آمن الرسول بما
انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن " وقد كتبنا ذلك في سورة البقرة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا رب أعطيت أنبيائك فضائل فأعطني، فقال الله عز وجل:
قد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي: لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
ولا منجا منك الا إليك، قال: وعلمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت
" اللهم ان ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك وذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك،
ذلي أصبح مستجيرا بعزتك وفقري أصبح مستجيرا بفناك ووجهي الفاني البالي
أصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقي، الذي لا يفنى " وأقول ذلك إذا أمسيت ثم
سمعت الاذان، فإذا ملك يؤذن لم ير في السماء قبل تلك الليلة، فقال: الله أكبر،
الله أكبر، فقال الله عز وجل: صدق عبدي انا أكبر فقال: أشهد ان لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله
إلا الله، فقال صدق عبدي انا الله لا اله غيري، قال: اشهد ان محمدا
رسول الله، أشهد ان محمدا رسول الله، فقال الله عز وجل: صدق عبدي ان محمدا
عبدي ورسولي انا بعثته وانتجبته، فقال: حي على الصلاة، حي على الصلاة، فقال الله
عز وجل: صدق عبدي دعى إلى فريضتي، فمن مشى إليها راغبا فيها محتسبا كانت
له كفارة لما مضى من ذنوبه، فقال: حي على الفلاح، حي على الفلاح، فقال الله: هي
الصلاح والفلاح والنجاح، ثم أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء عليهم السلام
في البيت المقدس، ثم غشيتني صبابة (2) فخررت ساجدا، فناداني ربى: انى قد فرضت

(1) الفتر بمعنى القطع " قد مر بهذا اللفظ في سورة الرعد أيضا وفى بعض النسخ " القتر " بالقاف
(2) الصبابة: رقة الشوق وحرارته.
111

على كل نبي كان قبلك خمسين صلاة وفرضتها عليك وعلى أمتك فقم بها أنت في
أمتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فانحدرت حتى مررت على إبراهيم عليه السلام فلم يسألني
عن شئ حتى انتهيت إلى موسى، فقال: ما صنعت يا محمد؟ فقلت: قال ربى فرضت
على كل نبي قبلك خمسين صلاة وفرضتها عليك وعلى أمتك، فقال موسى: يا محمد
ان أمتك آخر الأمم وأضعفها، وان ربك لا يرد عليك شئ (1) وان أمتك لا تستطيع
أن تقوم بها. فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك، فرجعت إلى ربى حتى انتهيت
إلى سدرة المنتهى، فخررت ساجدا ثم قلت: فرضت على وعلى أمتي خمسين صلاة،
ولا أطيق ذلك ولا أمتي فخفف عنى، فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى عليه السلام
فأخبرته فقال: ارجع لا تطيق، فرجعت إلى ربى فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى
موسى فأخبرته فقال: ارجع وفى كل رجعة أرجع إليه أخر ساجدا حتى رجع إلى
عشر صلوات، فرجعت إلى موسى عليه السلام فأخبرته، فقال: لا تطيق فرجعت إلى ربى
فوضع على خمسا، فرجعت إلى موسى عليه السلام فأخبرته، فقال: لا تطيق، فقلت: قد
استحييت من ربى ولكن أصبر عليها، فناداني مناد: كما صبرت عليها فهذه الخمس
بخمسين، كل صلاة بعشر، ومن هم من أمتك بحسنة يعملها فعملها كتبت لها عشرا، و
ان لم يعمل كتبت له واحدة، ومن هم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة،
وان لم يعلمها لم تكتب عليه.
فقال الصادق عليه السلام: جزى الله موسى عن هذه الأمة خيرا فهذا تفسير قول الله
عز وجل سبحان الذي اسرى بعبده ليلا الآية.
20 - في من لا يحضره الفقيه بعد ان نقل عن الصادق عليه السلام حديثا وقال
عليه السلام: ان رسول الله صلى الله عليه وآله أمره ربه بخمسين صلاة، فمر على النبيين نبي نبي لا
يسئلونه عن شئ حتى انتهى إلى موسى بن عمران عليه السلام فقال: بأي شئ أمرك ربك
فقال: بخمسين صلاة، فقال: اسئل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك فسأل ربك
فحط عنه عشرا، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسئلونه عن شئ حتى مر بموسى بن عمران

(1) وفى بعض النسخ " لا يزيده شئ " وفى بعضها " لا يؤده شئ " والظاهر أن الأخير مصحف.
112

فقال بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بأربعين صلاة، فقال: سل ربك التخفيف فان أمتك
لا تطيق ذلك، فسئل ربه عز وجل فحط عنه عشرا، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسئلونه عن شئ حتى
مر بموسى عليه السلام فقال: بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بثلثين صلاة فقال: سل ربك التخفيف فأن
أمتك لا تطيق ذلك فسأل ربه عز وجل فحط عنه عشرا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ
حتى مر بموسى فقال: بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بعشرين صلاة، فقال: سل ربك
التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك فسأل ربه فحط عنه عشرا، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه
عن شئ حتى مر بموسى عليه السلام فقال له: بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بعشر صلاة،
فقال: سل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك فانى جئت إلى بني إسرائيل فما افترض الله
عز وجل عليهم فلم يأخذوا به ولم يقروا عليه، فسأل النبي صلى الله عليه وآله ربه عز وجل
التخفيف فخفف عنه فجعلها خمسا، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى
مر بموسى عليه السلام، فقال: بأي شئ أمرك ربك؟ فقال: بخمس صلوات فقال: سل ربك
التخفيف عن أمتك فان أمتك لا تطيق ذلك، فقال: انى لأستحيي ان أعود إلى ربى وجاء
رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس صلوات، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: جزى الله موسى بن عمران عن
أمتي خيرا وقال الصادق عليه السلام: جزى الله موسى بن عمران عنا خيرا.
21 - وروى عن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: سألت أبى سيد العابدين
عليه السلام فقلت له: انه أخبرني عن جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله لما عرج به إلى السماء وأمره
ربه عز وجل بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران:
ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك؟ فقال يا بنى ان رسول الله
صلى الله عليه وآله لا يقترح على ربه عز وجل (1) ولا يراجعه في شئ يأمره به، فلما سأله موسى
ذلك وصار شفيعا لامته إليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى، فرجع إلى ربه عز وجل يسأله
التخفيف إلى أن ردها إلى خمس صلوات قال: فقلت له: يا أبت فلم لم يرجع إلى ربه عز وجل
ولم يسأله التخفيف من خمس صلوات وقد سأله موسى أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف؟

(1) اقترح عليه كذا أي اختاره.
113

فقال: يا بنى أراد عليه السلام أن يحصل لامته التخفيف من أجر خمسين صلاة، لقول الله
عز وجل: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ألا ترى ان عليه السلام لما هبط إلى الأرض
نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول: انها
خمس بخمسين " ما يبدل القول لدى وما انا بظلام للعبيد " قال فقلت له: يا أبة أليس الله
جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: بلى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. قلت: فما معنى
قول موسى لرسول الله صلى الله عليه وآله: ارجع إلى ربك؟ قال: معناه معنى قول إبراهيم:
" انى ذاهب إلى ربى " ومعنى قول موسى عليه السلام " وعجلت إليك ربى لترضى "
ومعنى قوله عز وجل: " ففروا إلى الله " يعنى حجوا إلى بيت الله يا بنى ان الكعبة
بيت الله فمن حج بيت فقد قصد إلى الله والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد
سعى إلى الله عز وجل، وقصد إليه، والمصلى ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله
تعالى، فان لله عز وجل بقاعا في سماواته فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه،
الا تسمع الله عز وجل يقول: " يعرج الملائكة والروح إليه " ويقول الله عز وجل في
قصة عيسى بن مريم عليهما السلام: " بل رفعه الله إليه " ويقول الله عز وجل: " إليه يصعد الكلم
الطيب والعمل الصالح يرفعه " وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب المعارج انتهى.
22 - في الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن علي بن الحكم عن
ربيع بن محمد المسلى عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما
عرج برسول الله صلى الله عليه وآله نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
23 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال: ما تروى هذه الناصبة؟ فقلت: جعلت فداك في ماذا؟ فقال: في أذانهم
وركوعهم وسجودهم، فقلت: انهم يقولون إن أبي بن كعب رآه في النوم، فقال: كذبوا
فان دين الله عز وجل أعز من أن يرى في النوم، قال: فقال له سدير الصيرفي: جعلت
فداك فأحدث لنا من ذلك ذكرا، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله عز وجل لما عرج
114

بنبيه صلى الله عليه وآله إلى سماواته السبع اما أوليهن فبارك عليه والثانية علمه فرضه، فأنزل الله
محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع النور، كانت محدقة بعرش الله، تغشى أبصار
الناظرين، أما واحدا منها فأصفر، فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة، وواحد منها
أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة، وواحد منها أبيض فمن أجل ذلك أبيض
البياض، والباقي على ساير عدد الخلق من النور والألوان في ذلك المحمل حلق و
سلاسل من فضة ثم عرج به إلى السماء فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا
وقالت: سبوح قدوس ما أشبه هذا النور بنور ربنا! فقال جبرئيل عليه السلام: الله أكبر
الله أكبر ثم فتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي صلى الله عليه وآله أفواجا
وقالت: يا محمد كيف أخوك؟ إذا نزلت فاقرأه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله: أفتعرفونه؟
قالوا: وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه منا وميثاق شيعته إلى يوم القيمة علينا
وانا لنتصفح وجوه شيعته كل يوم وليلة خمسا يعنون في كل وقت صلاة وانا
لنصلي عليك وعليه ثم زادني ربى أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه نور الأول و
زادني حلقا وسلاسل.
وعرج بي السماء الثانية، فلما قربت من باب السماء الثانية نفرت الملائكة
إلى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ما
أشبه هذا النور بنور ربنا؟ فقال جبرئيل: أشهد ان لا إله إلا الله
فاجتمعت الملائكة وقالت: يا جبرئيل من هذا معك؟ قال: هذا محمد صلى الله عليه وآله قالوا: وقد بعث؟
قال: نعم، قال النبي صلى الله عليه وآله: فخرجوا إلى شبه المعانيق (1) فسلموا على وقالوا: اقرأ
أخاك السلام فقلت: أتعرفونه؟ قالوا: وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه و
ميثاق شيعته إلى يوم القيمة علينا، وانا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا يعنون
في كل وقت صلاة، قال: ثم زادني ربى أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه الأنوار الأولى.
ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فنفرت الملائكة وخرت سجدا وقالت سبوح

(1) المعانيق جمع المعناق: الفرس الجيد العنق - بفتحتين - وهو ضرب من السير
للدابة والإبل، وقولهم: انطلقنا إلى الناس معانيق أي مسرعين.
115

قدوس ربنا ورب الملائكة والروح، ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا؟ فقال جبرئيل:
اشهد ان محمدا رسول الله، فاجتمعت الملائكة وقالت: مرحبا بالأول ومرحبا
بالآخر، ومرحبا بالحاشر ومرحبا بالناشر، محمد خير النبيين وعلى خير الوصيين،
قال النبي صلى الله عليه وآله: ثم سلموا على وسألوني عن أخي؟ قلت: هو في الأرض فتعرفونه؟
قالوا: وكيف لا نعرفه وقد يحج البيت المعمور كل سنة وعليه رق (1) أبيض فيه
اسم محمد واسم على والحسن والحسين عليهم السلام، وشيعتهم إلى يوم القيمة، وانا
لنبارك عليهم في كل يوم وليلة خمسا يعنون في وقت كل صلاة، ويمسحون رؤسهم
بأيديهم، قال: ثم زادني ربى أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه تلك الأنوار الأول.
ثم عرج بي حتى انتهيت إلى السماء الرابعة، فلم تقل الملائكة شيئا، وسمعت
دويا (2) كأنه في الصدور، فاجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء، وخرجت
إلى شبه المعانيق فقال جبرئيل: حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح حي
على الفلاح فقالت الملائكة: صوتان مقرونان معروفان فقال جبرئيل عليه السلام: قد
قامت الصلاة قد قامت الصلاة فقالت الملائكة: هي لشيعته إلى يوم القيمة ثم اجتمعت الملائكة
وقالت: وكيف تركت أخاك؟ فقلت لهم: وتعرفونه؟ قالوا: نعرفه وشيعته وهم نور
حول عرش الله، وان في البيت المعمور لرقا من نور، فيه كتاب من نور، فيه اسم محمد
وعلى والحسن والحسين والأئمة وشيعتهم إلى يوم القيمة، لا يزيد فيهم رجل ولا
ينقص منهم رجل، وانه لميثاقنا وانه ليقرء علينا كل جمعة، ثم قيل لي: ارفع رأسك
يا محمد، فرفعت رأسي، فإذا اطباق السماء قد خرقت والحجب قد رفعت ثم قال لي:
طأطئ رأسك انظر ماذا ترى فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيت مثل بيتكم هذا وحرم
مثل حرم هذا البيت لو ألقيت شيئا من يدي لم يقع الا عليه فقيل لي: يا محمد ان
هذا الحرم وأنت الحرام ولكل مثل مثال ثم أوحى الله إلى يا محمد ادن من صاد (3)

(1) الرق: جلد رقيق يكتب فيه.
(2) الدوى: الصوت.
(3) سيأتي معناه في الحديث.
116

فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك فدنى رسول الله صلى الله عليه وآله من صاد وهو ماء يسيل من
ساق العرش الأيمن، فتلقى رسول الله صلى الله عليه وآله الماء بيده اليمنى، فمن أجل ذلك صار
الوضوء باليمين، ثم أوحى الله عز وجل إليه: ان اغسل وجهك فإنك تنظر إلى عظمتي،
ثم اغسل ذراعيك اليمنى واليسرى فإنك تلقى بيدك كلامي، ثم امسح رأسك بفضل
ما بقي في يدك من الماء ورجليك إلى كعبيك، فانى أبارك عليك، وأوطيك موطئا
لم يطأه أحد غيرك، فهذا علة الاذان والوضوء، ثم أوحى الله عز وجل إليه: يا محمد
استقبل الحجر الأسود وكبرني على عدد حجبي، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا،
لان الحجب سبع، فافتتح عند انقطاع الحجب، فنت أجل ذلك صار الافتتاح سنة،
والحجب متطابقة بينهن بحار النور، وذلك النور الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله،
فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلث مرات لافتتاح الحجب ثلث مرات، فصار التكبير
سبعا، والافتتاح ثلاثا، فما فرغ من التكبير والافتتاح أوحى الله إليه سم بأسمى،
فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرحمن الرحيم في أول السورة، ثم أوحى الله إليه: ان
احمدني فما قال: الحمد لله رب العالمين، قال النبي صلى الله عليه وآله في نفسه: شكرا فأوحى
الله عز وجل إليه: قطعت حمدي فسم باسمي، فمن أجل ذلك جعل في الحمد الرحمن
الرحيم مرتين، فلما بلغ ولا الضالين قال النبي صلى الله عليه وآله: الحمد لله رب العالمين شكرا
فأوحى الله إليه: قطعت ذكرى فسم باسمي، فمن أجل ذلك جعل بسم الله الرحمن
الرحيم في أول السورة، ثم أوحى الله عز وجل إليه: اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك
وتعالى " قال هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " ثم أمسك عنه
الوحي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله الواحد الاحد الصمد، فأوحى الله إليه لم يلد
ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ثم أمسك عنه الوحي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كذلك
الله ربى، كذلك الله ربنا، فلما قال ذلك، أوحى الله إليه: اركع لربك يا محمد
فركع، فأوحى الله إليه وهو راكع قل: سبحان ربى العظيم وبحمده، ففعل ذلك ثلثا،
ثم أوحى الله إليه: ان ارفع رأسك يا محمد، ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله فقام منتصبا، فأوحى الله
117

عز وجل إليه: ان اسجد لربك يا محمد فخر رسول الله صلى الله عليه وآله ساجدا، فأوحى الله
عز وجل إليه، قل سبحان ربي الأعلى ففعل صلى الله عليه وآله ذلك ثلثا ثم أوحى الله إليه: استو جالسا
ففعل، فلما رفع رأسه من سجوده واستوى جالسا نظر إلى عظمة تجلت له، فخر
ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه، فسبح الله ثلثا فأوحى الله إليه: انتصب قائما ففعل
فلم ير ما كان رأى من العظمة، فمن أجل ذلك صارت ركعة وسجدتين ثم أوحى الله
عز وجل إليه: اقرأ الحمد لله، فقرأها مثل ما قرأ أولا، ثم أوحى الله إليه: اقرأ
انا أنزلناه فإنها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيمة، وفعل في الركوع ما فعل
في المرة الأولى، ثم سجد سجدة واحدة، فلما رفع رأسه تجلت له العظمة فخر
ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه فسبح أيضا، ثم أوحى الله إليه: ارفع رأسك يا محمد
ثبتك ربك، فلما ذهب ليقوم قيل: يا محمد اجلس فجلس، فأوحى الله إليه: يا محمد
إذا ما أنعمت عليك فسم باسمي فألهم ان قال: بسم الله وبالله ولا إله إلا الله والأسماء
الحسنى كلها لله، ثم أوحى الله إليه: يا محمد صلى على نفسك وعلى أهل بيتك، فقال:
صلى الله على وعلى أهل بيتي وقد فعل، ثم التفت فإذا بصفوف الملائكة والمرسلين والنبيين
فقيل يا محمد سلم عليهم فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فأوحى الله عز وجل
إليه ان السلام والتحية والرحمة والبركات أنت وذريتك، ثم أوحى الله عز وجل
إليه: ان لا يلتفت يسارا، وأول آية سمعها بعد قل هو الله أحد وانا أنزلناه آية أصحاب
اليمين وأصحاب الشمال، فمن أجل ذلك كان السلام واحدة تجاه القبلة، ومن أجل
ذلك كان التكبير في السجود شكرا.
وقوله: سمع الله لمن حمده، لان النبي صلى الله عليه وآله سمع ضجة الملائكة بالتسبيح
والتحميد والتهليل فمن أجل ذلك قال: سمع الله لمن حمده، ومن أجل ذلك صارت
الركعتان الأوليان كلما أحدث فيهما حدثا كان على صاحبهما إعادتهما، فهذا الفرض
الأول في صلاة الزوال يعنى صلاة الظهر.
24 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن عباس قال: دخلت عايشة
118

على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقبل فاطمة، فقالت له: أتحبها يا رسول الله؟ قال: أما
والله لو علمت حبى لها لازددت لها حبا، انه لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذن
جبرئيل وأقام ميكائيل، ثم قيل لي: ادن يا محمد، فقلت: أتقدم وأنت بحضرتي
يا جبرئيل؟ قال: نعم ان الله عز وجل فضل أنبياءه المرسلين على الملائكة المقربين،
وفضلك أنت خاصة، فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة ثم التفت عن يميني فإذا
أنا بإبراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة، ثم انى صرت
إلى السماء الخامسة ومنها إلى السادسة فنوديت: يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم،
ونعم الأخ أخوك على، فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني
الجنة، فإذا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحلل والحلى، فقلت حبيبي
جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال: هذه لأخيك علي بن أبي طالب عليه السلام وهذان الملكان
يطويان له الحلى والحلل إلى يوم القيمة، ثم تقدمت امامي فإذا أنا برطب ألين من
الزبد وأطيب رائحة من المسك، وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت
الرطبة نطفة في صلبي، فلما أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة،
ففاطمة حوراء انسية، فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة عليها السلام.
25 - في عيون الأخبار حدثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه
قال: حدثنا محمد بن هاشم قال: حدثنا أحمد بن بندار قال: حدثنا أحمد بن
هلال عن محمد بن أبي عمير عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه
عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي
إلى السماء أوحى إلى ربى جل جلاله: يا محمد انى اطلعت إلى الأرض اطلاعة
فاخترتك منها فجعلتك نبيا، وشققت لك من اسمى اسما فانا المحمود وأنت محمد
ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك
وشققت له اسما من أسمائي فانا العلى الاعلى وهو على وجعلت فاطمة والحسن والحسين
من نوركما ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين
119

يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي (1) ثم أتاني جاحدا بولايتهم
ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي، يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب،
فقال عز وجل: ارفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا انا بأنوار على وفاطمة والحسن والحسين
وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد
ابن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي، والحجة بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب
درى، قلت: يا رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم
حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفى قلوب شيعتك من
الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما فلفتنة
الناس بهما يومئذ أشد من فتنة العجل والسامري.
26 - وباسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لعلي بن موسى الرضا
عليه السلام: يا بن رسول الله أخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال: نعم وان
رسول الله صلى الله عليه وآله قد دخل الجنة ورأى النار لما عرج به إلى السماء، قال: فقلت له: ان قوما
يقولون انهم اليوم مقدرتان غير مخلوقتين؟ فقال عليه السلام: لا هم منا ولا نحن منهم، من أنكر خلق
الجنة والنار فقد كذب النبي صلى الله عليه وآله وكذبنا وليس من ولايتهم على شئ، ويخلد في نار جهنم،
قال الله تعالى: " هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن " و
قال النبي صلى الله عليه وآله: لما عرج به إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه السلام فأدخلني الجنة فناولني
من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة
فحملت بفاطمة عليهما السلام، ففاطمة حورية انسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت
رائحة ابنتي فاطمة عليها السلام.
27 - وباسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن محمد بن علي الرضا عن أبيه
الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن
أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

(1) الشن البالي: القربة الخلقة.
120

عليهم السلام قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدته يبكى بكاءا شديدا،
فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: يا علي ليلة اسرى بي إلى السماء
رأيت نساءا من أمتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهن فبكيت لما رأيت شدة عذابهن
ورأيت امرأة معلقة بشعرة يغلى دماغ رأسها ورأيت امرأة معلقة بلسانها، والحميم
يصير في حلقها، ورأيت امرأة معلقة بثدييها، ورأيت امرأة تأكل جسدها والنار توقد
من تحتها، ورأيت امرأة شد رجلاها إلى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب، و
رأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها (1) و
بدنها متقطع من الجذام والبرص، ورأيت امرأة معلقة برجليها في تنور من نار، ورأيت امرأة
يقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار، ورأيت امرأة يحرق وجهها
ويداها وهي تأكل أمعائها، ورأيت امرأة رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار و
عليه ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها
وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار (2)
قالت فاطمة عليها السلام: حبيبي وقرة عيني! أخبرني ما كان عملهن وسيرتهن
حتى وضع الله عليهن هذا العذاب؟ فقال: يا بنتي اما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا
تغطي شعرها من الرجال، واما المعلقة بلسانها فإنها كانت تؤذى زوجها، واما المعلقة
بثدييها فإنها كانت تمنع زوجها من فراشها، واما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج
من بيتها بغير اذن زوجها، واما التي كانت تأكل لحم جسدها فإنها كانت تزين بدنها
للناس، واما التي شد يداها إلى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت
قذرة الوضوء، قذرة الثياب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض، ولا تتنظف وكانت
تستهين بالصلاة، واما الصماء العمياء الخرساء فإنها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق
زوجها، واما التي يقرض لحمها بالمقاريض فإنها كانت تعرض نفسها على الرجال،
واما التي كانت يحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعائها فإنها كانت قوادة، واما التي

(1) المنخر: الانف - وقيل: ثقبة.
(2) المقامع جمع المقمعة: العمود من حديد.
121

كانت رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار فإنها كانت نمامة كذابة، واما التي
كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فإنها كانت قينة (1)
بوجه حاسدة (2) ثم قال: ويل لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضى
عنها زوجها.
28 - وباسناده إلى الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي
إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي وأقعدني على درنوك (3) من درانيك الجنة، ثم
ناولني سفرجلة، فإذا اقلبها إذا انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر أحسن منها،
فقالت: السلام عليك يا محمد قلت: من أنت؟ قالت: انا الراضية المرضية خلقني
الجبار من ثلاثة أصناف: أسفلي من المسك، ووسطى من كافور، وأعلاي من عنبر، و
عجنني من ماء الحيوان، قال الجبار: كونى فكنت خلقني لأخيك وابن عمك.
29 - وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي إلى السماء رأيت في السماء
الثالثة رجلا قاعدا، رجلا له في المشرق ورجلا له في المغرب وبيده لوح ينظر فيه ويحرك
رأسه، فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ قال: ملك الموت عليه السلام.
30 - في كتاب الخصال عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي إلى السماء رأيت رحما معلقة بالعرش تشكوا رحما إلى
ربها، قلت: كم بينها وبينها من أب؟ قال: يلتقى في أربعين أبا.
31 - في كتاب ثواب الأعمال عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في
وصية له: يا علي انى رأيت اسمك مقرونا إلى اسمى في أربعة مواطن فأنست بالنظر
إليه، انى لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على الصخرة مكتوبا:
لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: من
وزيري؟ قال: علي بن أبي طالب عليه السلام، فما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت

(1) القينة: المغنية.
(2) كذا في النسخ وفى المصدر " نواحة حاسدة ".
(3) الدرنوك: مال خمل من بساط أو ثوب، والجمع درانيك.
122

مكتوبا عليها: انى انا الله لا اله الا أنا وحدي، محمد صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره
ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: من وزيري؟ قال: علي بن أبي طالب عليه السلام،
فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلاله فوجدت مكتوبا على
قوائمه: انا الله لا اله الا انا وحدي، محمد حبيبي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره،
فلما رفعت رأسي نظرت على بطنان العرش مكتوبا: انا الله لا اله الا انا محمد عبدي و
رسولي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره.
32 - عن أبي صالح عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
أعطاني الله تبارك وتعالى خمسا وأعطى عليا خمسا: اسرى بي إليه وفتح له أبواب
السماء حتى نظر إلى ما نظرت إليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
33 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى وهب بن منبه رفعه عن
ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما عرج بي ربى جل جلاله أتاني النداء: يا محمد
قلت: لبيك رب العظمة لبيك فأوحى الله إلى يا محمد فيما اختصصت بالملاء الاعلى؟ فقلت: لا
علم لي الهى فقال: يا محمد هل اتخذت من الآدميين وزيرا واخا ووصيا من بعدك؟ قلت: الهى و
من أتخذ؟ تخير أنت لي يا الهى، فأوحى الله لي: يا محمد قد اخترت لك من الآدميين علي بن أبي
طالب فقلت: الهى ابن عمى؟ فأوحى الله إلى: يا محمد ان عليا وارثك ووارث العلم من بعدك
وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيمة، وصاحب حوضك يسقى من ورد عليه من
مؤمني أمتك، ثم أوحى الله إلى يا محمد انى قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك
الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين حقا حقا أقول يا محمد،
لأدخلن جميع أمتك الجنة الا من أبى من خلقي، فقلت: الهى هل واحد يأبى من دخول
الجنة؟ فأوحى الله إلى: بلى، فقلت: وكيف يأبى؟ فأوحى الله إلى: يا محمد اخترتك
من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى الا انه لا
نبي بعدك، وألقيت محبته في قلبك، وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في
حيوتك، فمن جحد حقه جحد حقك ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة فخررت
لله عز وجل ساجدا شكرا لما أنعم على فإذا مناد ينادى: ارفع رأسك واسألني أعطك،
123

فقلت: الهى أجمع أمتي من بعدى على ولاية علي بن أبي طالب ليردوا جميعا على
حوضي يوم القيمة، فأوحى الله إلى: يا محمد ان قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، و
قضائي ماض فيهم لأهلك [به] من أشاء وأهدى به من أشاء وقد آتيته علمك من بعدك و
جعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك عزيمة منى، لا أدخل الجنة
من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه أبغضك، ومن أبغضك أبغضني، ومن
عاداه فقد عاداك، ومن عاداك فقد عاداني، ومن أحبه فقد أحبك، ومن أحبك فقد أحبني
قد جعلت له هذه الفضيلة، وأعطيتك ان اخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك
من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلى خلفه عيسى بن مريم، ويملأ الأرض عدلا
كما ملئت منهم ظلما وجورا (1) أنجى به من الهلكة وأهدى به من الضلالة وأبرئ به
من العمى واشفي به المريض، فقلت: الهى ومتى يكون ذلك؟ فأوحى الله إلى عز وجل:
يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل، وكثر ألغوا (2) وقل العمل، وكثر القتل وقل
فقهاء الهادين، وكثر فقهاء الضلالة والخؤنة وكثر الشعراء واتخذ قبل قبورهم (3)
مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر
وأمر أمتك به، ونهوا عن المعروف، وكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء،
وصارت أمتك الامراء كفرة وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذووا الرأي
منهم فسقة، وعند ذلك ثلاث خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب وخسف
بجزيرة العرب، وخراب البصرة بيد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل
من ولد الحسين بن علي، وخروج الدجال يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور
السفياني، فقلت: الهى ومتى يكون بعدى من الفتن؟ فأوحى الله إلى وأخبرني ببلاء
بنى أمية وفتنة ولد عمى العباس وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيمة، فأوصيت

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر " كما ملئت ظلما وجورا " بدون لفظة " منهم " والظاهر أنها
زيادة من النساخ.
(2) كذا في النسخ وفى المصدر " وكثر القراء.. اه " وهو الظاهر المناسب للسياق.
(3) وفى المصدر " واتخذ أمتك قبورهم مساجد ".
124

بذلك ابن عمى حين هبطت الأرض وأديت الرسالة والحمد لله على ذلك، كما حمده
النبيون وكما حمده كل نبي قبلي، وما هو خالقه إلى يوم القيمة.
34 - وباسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام
عن آبائه عن علي عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول في آخره: وانه لما
عرج بي إلى السماء اذن جبرئيل مثنى مثنى، ثم قال: نقدم يا محمد، فقلت: يا جبرئيل
أتقدم عليك؟ قال: نعم، لان الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين،
وفضلك خاصة، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي
جبرئيل: تقدم يا محمد ان هذا انتهاء حدى الذي وضعه الله لي في هذا المكان، فان
تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدى حدود ربى جل جلاله، فزج بي زجة (1) في
النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عز وجل في ملكوته، فنوديت: يا محمد أنت
عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلى فتوكل فإنك نوري في عبادي، ورسولي إلى
خلقي، وحجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت جنتي، ولمن عصاك وخالفك خلقت
ناري، ولأوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتك أوجبت ثوابي، فقلت: يا رب ومن
أوصيائي؟ فنوديت يا محمد أوصيائك المكتوبون على ساق العرش فنظرت وانا بين
يدي ربى إلى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا في كل نور سطر أخضر، مكتوب
عليه اسم كل وصى من أوصيائي، أولهم علي بن أبي طالب واخرهم مهدى أمتي، فقلت
يا رب أهؤلاء أوصيائي من بعدى، فنوديت يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي و
أصفيائي وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصيائك وخلفائك وخير خلقي بعدك، و
عزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من
أعدائي ولاملكنه مشارق الأرض ومغاربها ولأسخرن له الرياح ولأذللن له الرقاب
الصعاب، ولأرقينه في الأسباب، ولأنصرنه بجندي، ولأمدنه بملائكتي، حتى

(1) زج بالشئ: رمى به. وفى المصدر " زخ بي زحة " بالخاء وهو أيضا بمعناه. قال
الجزري في النهاية: في الحديث: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ به في النار
أي دفع ورمى.
125

تعلو دعوتي (1) ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين
أوليائي إلى يوم القيمة.
35 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله وحضرت الصلاة اذن جبرئيل، وأقام الصلاة،
فقال: يا محمد تقدم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: تقدم يا جبرئيل، فقال له: انا لا
نتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم.
36 - وباسناده إلى هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت: لأي
علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل؟ ولأي علة يقال في الركوع سبحان
ربى العظيم وبحمده ويقال في السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده؟ قال: يا هشام ان
الله تبارك وتعالى خلق السماوات سبعا، والأرض سبعا والحجب سبعا، فلما اسرى
بالنبي صلى الله عليه وآله وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى، رفع له حجاب من حجبه فكبر
رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل يقول الكلمات التي يقال في الافتتاح فلما رفع له الثاني كبر،
فلم يزل كذلك حتى بلغ سبع حجب، وكبر سبع تكبيرات، فلذلك العلة يكبر للافتتاح
في الصلاة سبع تكبيرات، فلما ذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه (2)
فأبترك على ركبتيه وأخذ يقول: سبحان ربى العظيم وبحمده، فلما اعتدل من
ركوعه قائما نظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه وهو يقول:
سبحان ربي الأعلى وبحمده، فلما قال سبع تكبيرات سكن ذلك الرعب، فلذلك
جرت به السنة.
37 - وباسناده إلى إسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر
عليه السلام: كيف صارت الصلاة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن
ركعتين؟ فقال: إذا سألت عن شئ ففرغ قلبك لتفهم، ان أول صلاة صلاها رسول الله

(1) وفى المصدر " حتى يعلن دعوتي ".
(2) الفريصة: لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع.
126

صلى الله عليه وآله انما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله، وذلك أنه
لما اسرى به وصار عند عرشه تبارك وتعالى، قال: يا محمد ادن من صاد (1)
فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك، فدنا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حيث أمره الله تبارك
وتعالى فتوضأ وأسبغ وضوئه (2) ثم استقبل الجبار تبارك وتعالى قائما فأمره بافتتاح
الصلاة، ففعل فقال: يا محمد اقرأ: " بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين إلى
آخرها " ففعل ذلك ثم أمره ان يقرأ نسبة ربه تبارك وتعالى: " بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد " ثم أمسك فيه القول فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " قل
هو الله أحد الله الصمد " فقال: قل " لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " فامسك عنه
القول، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كذلك الله ربى كذلك الله ربى، كذلك الله ربى، فلما
قال ذلك قال: اركع يا محمد لربك، فركع رسول الله صلى الله عليه وآله فقال وهو راكع:
سبحان ربى العظيم وبحمده، ففعل ذلك ثلثا، ثم قال: ارفع رأسك يا محمد ففعل
رسول الله، فقام منتصبا بين يدي الله عز وجل، فقال: اسجد يا محمد لربك،
فخر رسول الله صلى الله عليه وآله ساجدا فقال: قل: سبحان ربي الأعلى وبحمده، ففعل ذلك
رسول الله ثلثا، فقال له: استو جالسا يا محمد ففعل، فلما استوى جالسا ذكر جلال
ربه جل جلاله فخر رسول الله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر امره ربه عز وجل فسبح أيضا
ثلثا، فقال: انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله فقال له:
اقرأ يا محمد وافعل كما فعلت في الركعة الأولى، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ثم
سجد سجدة واحدة فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك وتعالى الثانية، فخر رسول الله
صلى الله عليه وآله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربه عز وجل، فسبح أيضا ثم قال له: ارفع رأسك
ثبتك الله، واشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وان الساعة آتية لا ريب فيها،
وان الله يبعث من في القبور، اللهم صلى على محمد وآل محمد، وترحم على محمد و
آل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد،

(1) مر في حديث الكافي معناه وانه ماء يسيل من ساق العرش، وسيأتي في آخر الحديث أيضا.
(2) أسبغ فلان الوضوء: أبلغه مواضعه ووفى كل عضو حقه.
127

اللهم تقبل شفاعته وارفع درجته ففعل،، فقال: سلم يا محمد واستقبل (1) رسول الله
صلى الله عليه وآله ربه تبارك وتعالى مطرقا فقال: السلام، فأجابه الجبار جل جلاله فقال: و
عليك السلام يا محمد، بنعمتي قويتك على طاعتي وبعصمتي إياك اتخذتك نبيا وحبيبا،
ثم قال أبو الحسن عليه السلام: وانما كانت الصلاة التي أمر بها ركعتين وسجدتين، وهو
صلى الله عليه وآله انما سجد سجدتين في كل ركعة عما أخبرتك من تذكره [عظمة] ربه تبارك و
تعالى، فجعله الله عز وجل فرضا، قلت: جعلت فداك وما صاد الذي أمر ان يغتسل
منه؟ فقال: عين تنفجر من ركن من أركان العرش يقال له ماء الحياة، وهو ما قال الله
عز وجل: " ص والقرآن ذي الذكر " انما امره أن يتوضأ ويقرء ويصلى.
38 - أبى (ره) قال: حدثنا الحسين بن محمد العطار عن محمد بن الحسن
الصفار ولم يحفظ اسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي إلى السماء سقط
من عرقي فنبت منه الورد فوقع في البحر، فذهب السمك ليأخذها وذهب الدعموص
(2) ليأخذها، فقالت السمكة: هي لي وقال الدعموص: هي لي، فبعث الله عز وجل
إليهما ملكا ليحكم بينهما فجعل نصفها للسمكة، ونصفها للدعموص.
39 - في من لا يحضره الفقيه وسأل محمد بن عمران أبا عبد الله عليه السلام فقال:
لأي علة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة،
وساير الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولأي علة صار التسبيح في الركعتين
الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال: لان النبي صلى الله عليه وآله لما اسرى به إلى السماء كان أول
صلاة فرضها الله عليه الظهر يوم الجمعة، فأضاف الله عز وجل إليه الملائكة تصلى خلفه،
وأمر نبيه ان يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله، ثم فرض عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من
الملائكة، وأمره أن يخفى القراءة، لأنه لم يكن وراه أحد، ثم فرض عليه المغرب
وأضاف إليه الملائكة فأمره بالاجهار وكذلك العشاء الآخرة، فلما كان قرب

(1) وفى المصدر " فقال: سلم يا محمد واستقبل فاستقبل رسول الله... اه ".
(2) الدعموص: دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا نشت.
128

الفجر نزل ففرض الله عز وجل عليه الفجر فأمره بالاجهار ليبين للناس فضله كما بين
للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها، وصار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لان
النبي صلى الله عليه وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عز وجل فدهش، فقال:
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة.
40 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لما عرج بي إلى السماء إذا انا بأسطوانة أصلها من فضة بيضاء ووسطها من ياقوتة و
زبرجد، وأعلاها ذهبة حمراء، فقلت: يا جبرئيل ما هذه؟ فقال: هذا دينك أبيض
واضح مضى، قلت: وما هذه وسطها؟ قال: الجهاد، قلت: فما هذه الذهبة الحمراء؟
قال: الهجرة، وكذلك علا ايمان علي عليه السلام على ايمان كل مؤمن.
41 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما عرج برسول الله صلى الله عليه وآله
انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلى عنه، فقال له: يا جبرئيل أتخليني على هذه
الحال؟ فقال: امضه فوالله لقد وطيت مكانا ما وطأه بشر وما مشى فيه بشر قبلك.
42 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى
عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله
صلى الله عليه وآله ان الله خلق الاسلام فجعل له عرصة، وجعل له نورا، وجعل له حصنا وجعل له ناصرا فاما
عرصته فالقرآن واما نوره فالحكمة واما حصنه فالمعروف واما أنصاره فأنا وأهل
بيتي وشيعتنا فاحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم فإنه لما اسرى بي إلى السماء الدنيا
فنسبني جبرئيل عليه السلام لأهل السماء استودع الله حبى وحب أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم
في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيمة ثم هبط بي إلى الأرض فنسبني إلى
أهل الأرض، فاستودع عز وجل حبى وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي.
فمؤمني أمتي يحفظون وديعتي إلى يوم القيمة، الا فلو ان رجلا من أمتي عبد الله
عز وجل عمره أيام الدنيا، ثم لقى الله عز وجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ما فرج الله
صدره الا عن نفاق.
129

43 - في تفسير علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة
عن زرارة أو الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء
فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلاة فأذن جبرئيل عليه السلام وأقام فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله
فصف الملائكة والنبيون خلف محمد صلى الله عليه وآله.
44 - محمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن
محمد بن عبد الله الخزاز عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: يا هارون بن
خارجة كم بينك وبين المسجد الكوفة يكون ميلا؟ قلت: لا قال: أفتصلي فيه الصلاة
كلها؟ قلت: لا، قال: أما لو كنت بحضرته لرجوت الا تفوتني فيه صلاة، وتدري
ما فضل ذلك الموضع؟ ما من عبد صالح ولا نبي الا وقد صلى في مسجد كوفان حتى أن
رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسرى الله به قال له جبرئيل عليه السلام: تدرى أين أنت يا رسول الله
الساعة؟ أنت مقابل مسجد كوفان، قال: فاستأذن لي ربى حتى آتيه فاصلي فيه ركعتين
فاستأذن الله عز وجل فأذن له والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة،
45 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر
عن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: قال لي: يا أحمد ما الخلاف بينكم وبين أصحاب
هشام بن الحكم في التوحيد؟ فقلت: جعلت فداك قلنا نحن بالصورة للحديث الذي
روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله رآى ربه في صورة شاب، وقال هشام بن الحكم بالنفي للجسم
فقال: يا احمد ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسرى به إلى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى
خرق له في الحجب مثل سم الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله ان يرى، وأردتم
أنتم التشبيه؟ دع هذا يا أحمد، لا ينفتح عليك منه أمر عظيم.
46 - وحدثني أبي عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لما اسرى بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء يرى داخلها
من خارجها، وخارجها من داخلها، من ضيائها، وفيها بيتان من در وزبرجد،
فقلت: يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال: هذا لمن أدام الصيام وأطعم الطعام وتهجد
130

بالليل والناس نيام، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
47 - حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: أول من سبق إلى بلى رسول الله، وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله
تعالى وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل عليه السلام لما اسرى به إلى السماء: تقدم يا
محمد لقد وطأت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولولا أن روحه ونفسه
كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه، وكان من الله عز وجل كما قال الله " قاب
قوسين أو أدنى " أي بل أدنى.
48 - حدثني أبي عن عمرو بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله فأوحى إليه في علي ما أوحى من شرفه ومن عظمته
عند الله، ورد إلى البيت المعمور، وجمع له النبيين فصلوا خلفه عرض في نفس رسول الله
صلى الله عليه وآله من عظم ما أوحى إليه في علي، فأنزل الله: " فان كنت في شك مما أنزلنا
إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " يعنى الأنبياء، فقد أنزلنا إليهم في كتبهم
من فضله ما أنزلنا في كتابك " لقد جائك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين و
لا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين " فقال الصادق عليه السلام:
فوالله ما شك وما سأل.
49 - وحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام، فأنكرت
ذلك عايشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عايشة انى لما اسرى بي إلى السماء دخلت
الجنة فأدناني جبرئيل عليه السلام من شجرة طوبى وناولني من ثمارها، فأكلته فحول الله
ذلك ماء في ظهري، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها
قط الا وجدت رايحة شجرة طوبى منها.
50 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع
قال: حججت من أبى جعفر عليه السلام في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك، وكان
131

معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبى جعفر عليه السلام في ركن البيت وقد
اجتمع عليه الناس، فقال: يا أمير المؤمنين من هذا الذي تكافئ عليه الناس؟ قال:
نبي أهل الكوفة محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فقال: لآتينه فلا سألنه
عن مسايل لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى نبي، قال: فاذهب إليه فاسأله
لعلك تخجله فجاء نافع حتى اتكى على الناس فأشرف على أبي جعفر عليه السلام فقال: يا
محمد بن علي انى قد قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وقد عرفت حلالها
وحرامها، وقد جئتك أسئلك عن مسائل لا يجيب فيها الا نبي أو وصى نبي أو ابن نبي،
فرفع أبو جعفر عليه السلام رأسه فقال: سل عما بدا لك فقال: كم كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله
من سنة؟ قال: أخبرك بقولك أم بقولي؟ قال أخبرني بالقولين جميعا، فقال:
اما في قولي فخمسمأة سنة واما في قولك فستمأة سنة، قال: اخبرني عن قول الله عز وجل: " واسئل
من أرسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " من الذي سئل محمد وكان
بينه وبين عيسى خمسمأة سنة؟ قال أبو جعفر عليه السلام: هذه الآية " سبحان الذي اسرى بعبده
ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا "
كان من الآيات التي أراها الله محمدا صلى الله عليه وآله حيث اسرى به إلى البيت المقدس، انه
حشر الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثم أمر جبرئيل فاذن شفعا وأقام شفعا
وقال في اقامته حي على خير العمل ثم تقدم محمد صلى الله عليه وآله فصلى بالقوم، فلما انصرف
قال: سل يا محمد من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد ان لا إله إلا الله
وانك رسول الله، أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
51 - وباسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى
بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت قيعان يقق (1) ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من

(1) القيعان جمع القاع: أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال. واليقق
المتناهى في البياض وقد تكسر القاف.
132

فضة ولبنة من ذهب، وربما أمسكوا فقلت لهم: مالكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟
فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، فقلت: فما نفقتكم؟ قالوا: قول المؤمن في الدنيا سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإذا قال نبينا، وإذا أمسك أمسكنا.
52 - وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي إلى السماء أخذ جبرئيل
بيدي فأدخلني الجنة وأجلسني على درنوك من درانيك الجنة (1) فناولني سفرجلة
فانفلقت نصفين، فخرجت من بينهما حوراء، فقامت بين يدي فقالت: السلام عليك يا
محمد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، فقلت: وعليك السلام من
أنت؟ قالت: انا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع، أسفلي من المسك،
ووسطى من العنبر، وأعلاي من الكافور، وعجنت بماء الحيوان، ثم قال جل ذكره
لي: كونى، فكنت لأخيك ووصيك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
53 - في تفسير العياشي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله صلى العشاء الآخرة وصلى الفجر في الليلة التي اسرى به فيها بمكة.
54 - عن زرارة وحمران بن أعين ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:
حدث أبو سعد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن جبرئيل قال لي (2) ليلة اسرى
بي وحين رجعت فقلت: يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ فقال: حاجتي ان تقرأ على خديجة
من الله ومنى السلام، وحدثنا عند ذلك انها قالت حين لقيها نبي الله صلى الله عليه وآله فقال لها الذي قال
جبرئيل، قالت: إن الله هو السلام ومنه السلام واليه السلام وعلى جبرئيل السلام.
قال عز من قائل انه هو السميع البصير.
55 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن خالد الطيالسي عن صفوان
بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لم يزل الله عز -
وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة

(1) الدرنوك: ماله خمل من البساط، وقد مر.
(2) وفى البحار " أتاني " مكان " قال لي " وهو الظاهر.
133

ذاته ولا مقدور، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على
المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور، قال: قلت: فلم يزل الله متحركا؟
قال فقال: تعالى الله ان الحركة صفة محدثة بالفعل، قال: قلت: فلم يزل الله متكلما؟
قال: فقال: ان الكلام صفة محدثة ليست بأزلية، كان الله عز وجل ولا متكلم.
56 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي عبد الله عليه السلام وقد سأله بعض الزنادقة
عن الله تعالى، وفيه: قال السائل فيقول: انه سميع بصير؟ قال: وهو سميع بصير
سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، ليس قولي: انه
يسمع بنفسه ويبصر بنفسه انه شئ والنفس شئ آخر، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ
كنت مسؤولا، وافهاما لك إذ كنت سائلا، وأقول يسمع بكله لا ان الكل له بعض، ولكن
أردت افهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك الا إلى أنه السميع البصير،
العالم الخبير، بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى (1).
57 - وفيه عن علي عليه السلام حديث طويل وفيه كان ربا ولا مربوب: والها إذ لا مألوه، و
عالما إذ لا معلوم وسميعا إذ لا مسموع، سميع لا بآلة، وبصير لا بأداة.
58 - وعن الرضا عليه السلام حديث طويل يقول فيه: وسمى ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به
الصوت لا يبصر به، كما أن جزئنا الذي به نسمع لا يقوى على النظر به، ولكن أخبر أنه
لا تخفى عليه الأصوات ليس على حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى،
وهكذا البصر لا بجزء به أبصر كما انا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره، ولكن الله
بصير لا يجهل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
59 - وباسناده إلى أبى هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، أنه قال له رجل
وكيف سمى ربنا سميعا؟ قال: لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالاسماع، ولا نصفه (2) بالسمع
المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالابصار من لون و

(1) " وفى أصول الكافي مثله سواء. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
(2) وفى المصدر " ولم نصفه " وهو الأوفق بحسب السياق.
134

شخص وغير ذلك، ولم نصفه بلحظ العين (1) والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
60 - وباسناده إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك
يزعم قوم من أهل العراق انه يسمع بغير الذي يبصر، ويبصر بغير الذي يسمع؟ قال:
فقال: كذبوا وألحدوا وشبهوا، تعالى الله عن ذلك، انه سميع بصير يسمع بما يبصر، و
يبصر بما يسمع، قال: قلت: يزعمون أنه بصير على ما يعقلونه؟ قال: فقال: تعالى
الله انما يعقل ما كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك.
61 - وباسناده إلى حماد بن عيسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: لم يزل الله
يعلم؟ قال: انى يكون يعلم ولا معلوم، قال: قلت: فلم يزل الله يسمع؟ قال: انى
يكون ذلك ولا مسموع، قال: قلت: فلم يزل يبصر؟ قال: أين يكون ذلك ولا مبصر
ثم قال: لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ذات علامة سميعة بصيرة.
62 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام حديث طويل يقول فيه: وقلنا
انه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثرى من الذرة إلى أكبر منها في
برها وبحرها، ولا تشتبه عليه لغاتها، فقلنا عند ذلك سميع لا بأذن، وقلنا انه بصير لا ببصر
لأنه يرى أثر الذرة السمحاء (2) في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء، ويرى دبيب
النمل في الليلة الدجية (3) ويرى مضارها ومنافعها واثر سفادها وفراخها ونسلها،
فقلنا عند ذلك أنه بصير لا كبصر خلقه.
63 - وباسناده إلى الحسين بن خالد قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لم يزل
الله عز وجل عليما قادرا جبارا قديما سميعا بصيرا، فقلت له: يا بن رسول الله ان أقواما
يقولون لم يزل الله عالما بعلم، وقادرا بقدرة وحيا بحيوة، وسميعا بسمع، وبصيرا ببصر

(1) وفى المصدر " ولم نصفه بنظر لحظ العين ".
(2) السمحاء: السوداء.
(3) الدجية: المظلمة.
135

فقال عليه السلام: من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة أخرى، وليس من ولايتنا على
شئ، ثم قال عليه السلام لم يزل الله عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته، تعالى عما
يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.
64 - في نهج البلاغة قال عليه السلام بصيرا إذ لا منظور إليه من خلقه.
65 - وفيه قال عليه السلام: وكل سميع غيره بصير عن لطيف الأصوات، ويصمه كبيرها
ويذهب عنه ما بعد منها، وكل بصير غيره يعمى عن خفى الألوان ولطيف الأجسام.
66 - وفيه والسميع لا بأداة والبصير لا بتفريق آلة (1).
67 - وفيه بصير لا يوصف بالحاسة.
68 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: " وجعلنا ذريته هم الباقين " يقول: الحق والنبوة والكتاب والايمان في عقبه
وليس كل من في الأرض من بني آدم من ولد نوح، قال الله في كتابه: " احمل فيها من
كل زوجين اثنين وأهلك الا من سبق عليه القول منهم ومن آمن وما آمن معه الا قليل "
وقال أيضا: ذرية من حملنا مع نوح.
69 - حدثني أبي [عن ابن أبي عمير] عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر
عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان نوح إذا أمسى وأصبح يقول: أمسيت أشهد انه ما أمسى
بي من نعمة في دين أو دنيا فإنها من الله وحده لا شريك له، له الحمد على [بها] والشكر كثيرا
فأنزل الله عز وجل: انه كان عبدا شكورا.
70 - في من لا يحضره الفقيه وروى عنه حفص بن البختري أنه قال: كان نوح
عليه السلام يقول: إذا أصبح وأمسى: اللهم إني أشهدك انه ما أصبح وأمسى من نعمة و
عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها على حتى ترضى
وبعد الرضى، يقولها إذا أصبح عشرا، وإذا أمسى عشرا فسمى بذلك عبدا شكورا.
71 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن

(1) وفى بعض نسخ النهج " والبصير بلا تفريق آلة ".
136

أبي سعيد المكارى عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: فما عنى بقوله في نوح
" انه كان عبدا شكورا "؟ قال: كلمات بالغ فيهن، قلت: وما هن؟ قال: كان إذا
أصبح قال: أصبحت أشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فإنها منك
وحدك لا شريك لك، فلك الحمد على ذلك، ولك الشكر كثيرا، كان يقولها إذا أصبح
ثلثا وإذا أمسى ثلثا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
72 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهب بن حفص عن أبي بصير
عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند عايشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب
نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا عايشة ألا أكون عبدا شكورا
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه: " طه ما
أنزلنا عليك القرآن لتشقى ".
73 - عن ابن أبي عمير عن ابن رئاب عن إسماعيل بن الفضل قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات: اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية
في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر على يا رب حتى ترضى
وبعد الرضا فإنك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفى
تلك الليلة.
74 - في كتاب علل الشرايع حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن
عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن نوحا انما سمى عبدا شكورا لأنه كان
يقول إذا أصبح وأمسى: اللهم إني أشهدك انه ما أصبح و أمسي بي من نعمة لي وعافية في دين
أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك. لك الحمد ولك الشكر بها حتى ترضى الهنا.
75 - أبى (ره) قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي
عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " وإبراهيم
الذي وفى " قال: إنه كان يقول إذا أصبح و أمسي: أصبحت وربى محمود، أصبحت
137

لا أشرك به شيئا ولا ادعو مع الله الها آخر، ولا اتخذ من دونه وليا، فسمى بذلك عبدا
شكورا.
76 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " كان عبدا
شكورا " قال: كان إذا أمسى وأصبح يقول: أمسيت أشهد انه ما أمست بي من نعمة في
دين أو دنيا فإنها من الله وحده لا شريك له، له الحمد بها والشكر كثيرا.
77 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن
بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم البطل عن أبي عبد الله عليه السلام في
قوله تعالى: وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين
قال: قتل علي بن أبي طالب وطعن الحسن عليه السلام ولتعلن علوا كبيرا قال: قتل الحسين
عليه السلام فإذا جاء وعد أوليهما فإذا جاء نصر دم الحسين بعثنا عبادا لنا أولى باس شديد
فجاسوا خلال الديار قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمد
صلى الله عليه وآله الا قتلوه وكان وعد الله مفعولا خروج القائم عليه السلام ثم رددنا لكم الكرة عليهم
خروج الحسين عليه السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب لكل بيضة وجهان
المؤدون إلى الناس ان هذا الحسين قد خرج لا يشك المؤمنون فيه وانه ليس بدجال ولا
شيطان، والحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين انه
الحسين عليه السلام جاء الحجة الموت فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده في
حفرته الحسين بن علي عليه السلام، ولا يلي الوصي الا الوصي.
78 - وفى تفسير العياشي بعد أن نقل هذا الحديث إلى آخره قال: وزاد إبراهيم
في حديثه: ثم يملكهم الحسين عليه السلام حتى يقع حاجباه على عينيه.
79 - في مجمع البيان وقراءة علي عليه السلام " عبيدا لنا ".
80 - في تفسير العياشي عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان يقرء:
" بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد " ثم قال: وهو القائم وأصحابه أولى بأس شديد.
81 - في تفسير علي بن إبراهيم وخاطب الله أمة محمد فقال: " لتفسدن في
الأرض مرتين " يعنى فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد " ولتعلن علوا كبيرا " يعنى
138

ما ادعوه من الخلافة " فإذا جاء وعد أولهما " يعنى يوم الجمل " بعثنا عليكم عبادا لنا
أولى باس شديد " يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأصحابه " فجاسوا خلال الديار "
أي طلبوكم وقتلوكم " وكان وعدا مفعولا " يتم ويكون " ثم رددنا لكم الكرة عليهم "
يعنى لبني أمية على آل محمد " وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نقيرا "
من الحسن والحسين ابني على عليهم السلام وأصحابهما وسبوا نساء آل محمد.
82 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فان
بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن تشغر برجلها (1) فتنة شرقية تطأ في خطامها -
(2) ملعون ناعقها وموليها وقائدها وسائقها والمتحرز فيها (3) فكم عندها من رافعة
ذيلها يدعو بويلها دجلة أو حولها، لا مأوى يكنها (4) ولا أحد يرحمها، فإذا
استدار الفلك قلتم مات أو هلك وبأي واد سلك، فعندها توقعوا الفرج، وهو تأويل
هذه الآية ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا
والذي فلق الحبة وبرئ النسمة ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين، ولا يخرج الرجل منهم
من الدنيا حتى يولد لصلبه ألف ذكر، آمنين من كل بدعة وآفة والتنزيل، عاملين
بكتاب الله وسنة رسوله قد اضمحلت عليهم (5) الآفات والشبهات.
83 - عن رفاعة بن موسى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان أول من يكر

(1) أي ترفع برجلها، قيل: كنى بشغر رجلها عن خلو تلك الفتنة من مدبر، أو هو كناية
عن كثرة مداخل الفساد فيها.
(2) الخطام - ككتاب -: كلما يجعل في أنف البعير ليقتاد به.
(3) قال المجلسي (ره): ولعل المعنى من يتحرز من انكارها ورفعها لئلا يخل بدنياه " انتهى "
وفى بعض النسخ " المتحرض " بالضاد ولعله الأنسب بحسب السياق، ثم قال المجلسي (ره): وساير
الخبر كان مصحفا فتركته على ما وجدته والمقصود واضح.
(4) أي يسترها.
(5) وفى المصدر " عنهم الآفات.. اه ".
139

إلى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذو القذة
بالقذة (1) ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: " ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال
وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ".
84 - في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن الحسين بن علي بن فضال عن
أبيه قال: قال الرضا عليه السلام في قول الله تعالى: ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان
أسأتم فلها قال، ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فلها رب يغفر لها، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
85 - في تفسير علي بن إبراهيم متصلا بآخر تفسيره المتقدم أعني قوله:
وسبوا نساء آل محمد " ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فلها فإذا جاء وعد
الآخرة " يعنى القائم صلوات الله عليه وأصحابه ليسوؤا وجوهكم " يعنى يسود
وجوههم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه
وأمير المؤمنين صلوات الله عليه وليتبروا ما علوا تتبيرا أي يعلو عليكم فيقتلوكم، ثم
عطف على آل محمد عليه وعليهم السلام فقال: عسى ربكم ان يرحمكم أي ينصركم
على عدوكم ثم خاطب بنى أمية فقال وان عدتم عدنا يعنى ان عدتم بالسفياني عدنا
بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا أي حبسا
يحصرون فيها، ثم قال عز وجل: ان هذا القرآن يهدى أي يبين للتي هي أقوم
ويبشر المؤمنين يعنى آل محمد صلوات الله عليهم الذين يعملون الصالحات ان لهم
اجرا كبيرا
86 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن إبراهيم بن عبد الحميد
عن موسى بن أكيل النميري عن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " ان هذا
القرآن يهدى للتي هي أقوم " قال: يهدى إلى الامام.
87 - في الكافي علي بن إبراهيم عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن

(1) القذة: ريش السهم، وهذا القول يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان، وقد
تكرر ذكره في الحديث.
140

أبى عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام: حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ثم ثلث
بالدعاء إليه بكتابه أيضا فقال تبارك وتعالى " ان هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم " أي
يدعو " ويبشر المؤمنين ".
88 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: أيها الناس انه من استنصح الله (1) وفق،
ومن اتخذ قوله دليلا هدى للتي هي أقوم.
89 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر
بن محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام قال: الامام منا لا يكون الا معصوما،
وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، وكذلك لا يكون الا منصوصا، فقيل،
يا بن رسول الله فما معنى المعصوم؟ فقال: هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن،
والقرآن يهدى إلى الامام، وذلك قول الله عز وجل: " ان هذا القرآن يهدى للتي
هي أقوم ".
90 - في تفسير العياشي عن أبي إسحاق: " ان هذا القرآن يهدى للتي هي
أقوم " قال: يهدى إلى الولاية.
91 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم عطف على آل محمد بنى أمية فقال:
والذين لا يؤمنون بالآخرة اعتدنا لهم عذابا أليما قوله: ويدع الانسان بالشر
دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا قال: يدعو على أعداءه بالشر كما يدعو لنفسه
بالخير ويستعجل الله بالعذاب وهو قوله: وكان الانسان عجولا.
92 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: واعرف طريق نجاتك وهلاكك،
كي لا تدعو الله بشئ عسى فيه هلاكك وأنت تظن ان فيه نجاتك، قال الله تعالى: " و
يدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا ".
93 - في تفسير العياشي عن سلمان الفارسي قال: إن الله لما خلق آدم فكان

(1) أي من أطاع أوامره وعلم أنه يهديه إلى مصالحه ويرده عن مفاسده ويرشده إلى ما فيه
نجاته ويصرفه عما فيه عطبه، قاله ابن أبي الحديد في شرحه.
141

أول ما خلق عيناه فجعل ينظر جسده كيف يخلق، فلما حانت (1) ولم يتبالغ الخلق
في رجليه فأراد القيام فلم يقدر، وهو قول الله: " خلق الانسان عجولا " وان الله لما خلق
آدم ونفخ فيه لم يستجمع (2) أن يتناول عنقودا فأكله.
94 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما خلق الله آدم نفخ فيه
من روحه وثب ليقوم قبل أن يتم خلقه فسقط، فقال الله عز وجل: " خلق الانسان عجولا "
95 - عن أبي بصير فمحونا آية الليل قال: هو السواد الذي في جوف القمر.
96 - عن نصر بن قابوس عن أبي عبد الله عليه السلام: قال السواد الذي في القمر:
محمد رسول الله.
97 - عن أبي الطفيل قال: كنت في مسجد الكوفة فسمعت عليا عليه السلام وهو
على المنبر وناداه ابن الكوا وهو في مؤخر المسجد، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني
عن هذا السواد في القمر؟ قال: هو قول الله " فمحونا آية الليل ".
98 - عن أبي الطفيل قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: سلوني عن كتاب الله
فإنه ليس من آية الا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، أو في سهل أو في جبل، قال:
فقال له ابن الكوا فما هذا السواد في القمر؟ فقال: أعمى سأل عن عمياء أما سمعت الله
يقول: " فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة " فذلك محوها.
99 - في كتاب الخصال حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال:
حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا سعد بن كثير بن عفير، قال: حدثني ابن لهيعة
وراشد بن سعد عن حريز بن عبد الله عن أبي الرحمن البجلي عن عبد الله بن عمر قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي توفى فيه: ادعوا لي أخي، فأرسلوا إلى علي عليه السلام فدخل
فوليا وجوههما إلى الحايط وردا عليهما ثوبا فاسدي والناس محتوشوه (2) وراء الباب
فخرج علي عليه السلام فقال رجل من الناس: أسر إليك نبي الله شيئا؟ فقال: نعم أسر إلى ألف

(1) أي قربت.
(2) كذا في النسخ وفى المصدر ونسخة البحار " لم يلبث " مكان " لم يستجمع ".
(3) أسدي بيده نحو الشئ: مدها. واحتوش القوم فلانا: اجتمعوا عليه وجعلوه في وسطهم.
142

باب، في كل باب الف باب، قال: ووعيته؟ قال: نعم وعقلته، قال: فما السواد
الذي في القمر؟ قال: إن الله عز وجل قال: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا
آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة " قال له الرجل: عقلت يا علي ووعيت.
100 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ما بال الشمس والقمر لا يستويان في الضوء والنور؟ قال:
لما خلقهما الله عز وجل أطاعا ولم يعصيا شيئا، فأمر الله عز وجل جبرئيل عليه السلام أن يمحو
ضوء القمر فمحاه، فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء ولو أن القمر ترك على حاله
بمنزلة الشمس لم يمح لما عرف الليل من النهار، ولا النهار من الليل، ولا علم الصائم
كم يصوم، ولا عرف الناس عدد السنين، وذلك قول الله عز وجل: " وجعلنا الليل و
النهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا من فضلا من ربكم ولتعلموا
عدد السنين والحساب " قال: صدقت يا محمد، والحديث طويل أخذنا منه موضع
الحاجة.
101 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وروى القاسم بن معاوية عن أبي عبد الله
عليه السلام أنه قال لما خلق الله عز وجل القمر كتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله
على أمير المؤمنين وهو السوداء الذي ترونه، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
102 - وعن الأصبغ بن نباتة قال: قال ابن الكوا لأمير المؤمنين عليه السلام، أخبرني
عن المحو الذي يكون في القمر؟ فقال: الله أكبر، الله أكبر، رجل أعمى يسأل عن
مسألة عمياء أما سمعت الله يقول: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل و
جعلنا آية النهار مبصرة ".
103 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها. وقمرها
آية ممحوة من ليلها، وأجراهما في مناقل مجراهما، وقدر مسيرهما في مدارج
درجهما، ليميز بين الليل والنهار بهما، وليعلم عدد السنين والحساب بمقاديرهما.
143

104 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفي عن أبي
عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه: فنظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو
الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيمة
الذي خص الله به محمدا والأئمة من بعده عليهم السلام وتأملت مولد غائبنا وابطاءه وطول
عمره، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته.
وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام (1) من أعناقهم، التي قال الله
تعالى جل ذكره وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه يعنى الولاية، فأخذتني الرقة
واستولت على الأحزان.
105 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
في قوله: " وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه " يقول: خيره وشره معه حيث كان
لا يستطيع فراقه، حتى يعطى كتابه يوم القيمة بما عمل.
106 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر
وأبى عبد الله عليهما السلام عن قوله: " وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه " قال: قدرة
الذي قدر عليه.
107 - عن خالد بن نجيج عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: اقرأ كتابك كفى
بنفسك اليوم قال: يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه، حتى كأنه فعله
تلك الساعة فلذلك " قالوا يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها "
108 - في مجمع البيان: ولا تزر وازرة وزر أخرى وروى عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال: لا تجن يمينك عن شمالك، وهذا مثل ضربه عليه السلام وفى هذا دلالة واضحة
على بطلان قول من يقول: إن أطفال الكفار يعذبون من آبائهم في النار، انتهى.
109 - في تفسير العياشي عن حمران عن أبي جعفر في قول الله. وإذا أردنا
ان نهلك قرية أمرنا مترفيها قال: تفسيرها أمرنا أكابرها.

(1) الربقة: العروة.
144

110 - عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " وإذا أردنا أن نهلك قرية
أمرنا مترفيها " مشددة منصوبة (1) تفسيرها كثرنا، وقال: لا قرأتها مخففة.
111 - في مجمع البيان وقرأ يعقوب " آمرنا " بالمد على وزن عامرنا وهو
قراءة علي بن أبي طالب عليه السلام، وقرأ " أمرنا " بتشديد الميم محمد بن علي عليهما السلام
بخلاف.
112 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع سليمان المروزي بعد
كلام طويل قال الرضا عليه السلام: ألا تخبرني عن قول الله عز وجل: " وإذا أردنا ان نهلك
قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها " يعنى بذلك انه يحدث إرادة؟ قال: نعم، قال:
فإذا أحدث إرادة كان قولك ان الإرادة هي هو أو شئ منه باطلا، لأنه لا يكون أن
يحدث نفسه، ولا يتغير عن حاله تعالى الله عن ذلك؟ قال سليمان: انه لم يكن عنى بذلك
انه يحدث إرادة، قال: فما عنى به؟ قال: عنى فعل الشئ، قال الرضا عليه السلام:
ويلك كم تردد في هذه المسألة وقد أخبرتك ان الإرادة محدثة لان فعل الشئ محدث،
قال: فليس لها معنى؟ قال الرضا عليه السلام: قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالإرادة
بما لا معنى له فإذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم ان الله عز وجل لم يزل مريدا
قال سليمان: انما عنيت انها فعل من الله تعالى لم يزل، قال: ألا تعلم أن ما لم يزل لا يكون
مفعولا وقديما وحديثا في حالة واحدة فلم يحر جوابا (2).
113 - في مجمع البيان: وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح قيل: القرن
مأة سنة، وروى ذلك مرفوعا، وقيل: أربعون سنة، رواه ابن سيرين مرفوعا.
114 من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم
يصليها مذموما مدحورا وروى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال: معنى الآية من كان
يريد ثواب الدنيا بعمله الذي افترضه الله عليه لا يريد وجه الله والدار الآخرة عجل له
فيها ما يشاء الله من عرض الدنيا، وليس له ثواب في الآخرة، وذلك أن الله سبحانه يؤتيه

(1) وفى تفسير الصافي " مشددة ميمه " وهو الظاهر.
(2) أي لم يرد جوابا.
145

ذلك ليستعين به على الطاعة فيستعمله في معصية الله فيعاقبه الله عليه.
قال عز من قائل: ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان
سعيهم مشكورا
115 - في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ومن أراد
الآخرة فليترك زينة الحياة الدنيا.
116 - في من لا يحضره الفقيه وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال
: تقول أحرم لك شعري وبشرى ولحمي ودمى وعظامي ومخي وعصبي من النساء والطيب
ابتغى بذلك وجهك والدار الآخرة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
117 - في الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي الحسن
علي بن يحيى عن أيوب بن أعين عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: يؤتى يوم القيمة برجل فيقال له: احتج، فيقول: رب خلقتني وهديتني فأوسعت
على فلم أزل أوسع على خلقك وأيسر عليهم لكي تنشر على هذا اليوم رحمتك وتيسره، فيقول
الرب جل ثناؤه وتعالى ذكره: صدق عبدي أدخلوه الجنة.
118 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن جميل عن هارون بن خارجة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العباد ثلاثة (1) قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك عبادة العبيد، و
قوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الاجراء، وقوم عبدوا الله عز وجل
حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة.
119 - في نهج البلاغة هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في
ماله ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويعطيني به الامنة.
120 - وفيه وليس رجل فاعلم احرص على جماعة أمة محمد والفتها (2) منى
أبتغي بذلك حسن الثواب وكريم المآب.

(1) وفى بعض النسخ " العبادة ثلاث ".
(2) الألفة من التأليف. ومرجع الضمير في " ألفتها: الأمة.
146

121 - في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: من صام يوما
تطوعا ابتغاء ثواب وجبت له المغفرة.
122 - وباسناده إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام في قوله عز وجل: " يوفون
بالنذر " الآيات حديث طويل ستقف بتمامه انشاء الله في " هل أتى " وفيه: " انما نطعمكم
لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا " قال " والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم أضمروه
في أنفسهم فأخبر الله باضمارهم، يقولون لا نريد جزاءا تكافوننا به، ولا شكورا تثنون
علينا به، ولكنا انما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه.
قال عز من قائل: وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا.
123 - في مجمع البيان وروى أن ما بين أعلى درجات الجنة وأسفلها ما بين السماء
والأرض.
124 - وروى العياشي بالاسناد عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تقولن:
الجنة واحدة، ان الله يقول: " ومن دونهما جنتان " ولا تقولن درجة واحدة، ان الله يقول:
" درجات بعضها فوق بعض " انما تفاضل القوم بالاعمال، قال: وقلت له: ان المؤمنين
يدخلان الجنة فيكون أحدهما أرفع مكانا من الآخر فيشتهى أن يلقى صاحبه، قال:
من كان فوقه فله أن يهبط، ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد، لأنه لم يبلغ ذلك المكان
ولكنهم إذا أحبوا ذلك واشتهوا التقوا على الأسرة.
125 - عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: وانما يرتفع العباد غدا في الدرجات و
ينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.
126 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى عمرو بن ميمون ان
ابن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يكون في النار قوم ما شاء الله أن يكونوا،
ثم يرحمهم الله فيكونون في أدنى الجنة فيغتسلون في نهر الحياة يسميهم أهل الجنة
الجهنميون، لو أضاف أحدهم أهل الدنيا لاطعمهم وسقاهم وفرشهم ولحفهم وروحهم لا
ينقص ذلك.
147

127 - في أصول الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر
عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: فلان من عبادته و
دينه وفضله كذا، فقال: كيف عقله؟ قلت: لا أدرى، فقال: ان الثواب على قدر
العقل، ان رجلا من بني إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزاير البحر خضراء
نضرة كثيرة الشجرة، ظاهرة الماء، وان ملكا من الملائكة مر به فقال: يا رب أرني
ثواب عبدك هذا، فأراه الله ذلك فاستقله الملك. فأوحى الله إليه: أن اصحبه فأتاه
الملك في صورة انسى فقال له: من أنت؟ فقال: أنا رجل عابد بلغني مكانك و
عبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد الله معك فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح قال
له الملك: ان مكانك لنزه وما يصلح الا للعبادة، فقال له العابد: ان لمكاننا هذا عيبا
فقال له: وما هو؟ قال: ليس لربنا بهيمة، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع فان
هذا الحشيش يضيع، فقال له الملك: ما لربك حمار؟ فقال. لو كان له حمار ما
كان يضيع مثل هذا الحشيش فأوحى الله إلى الملك انما أثيبه على قدر عقله.
128 - في كتاب التوحيد باسناده إلى ابن عباس عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين فما القضاء والقدر اللذان ساقانا وما هبطنا
واديا ولا علونا تلعة (1) الا بهما فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الامر من الله والحكم، ثم
تلا هذه الآية: وقضى ربك ان لا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احسانا
129 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن
إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن قول الله عز وجل: " وبالوالدين احسانا " ما هذا الاحسان؟ فقال:
الاحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك [مما يحتاجان إليه] وان
كانا مستغنيين، أليس يقول الله عز وجل: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون "
قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: واما قول الله عز وجل: اما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو

(1) التلعة: القطعة المرتفعة من الأرض.
148

كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما قال: إن أضجراك فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما
ان ضرباك، قال: وقل لهما قولا كريما قال: إن ضرباك فقل لهما غفر الله لكما
فذلك قول كريم قال: واخفض لهما جناح الذل من الرحمة قال: لا تمل عينيك (1)
من النظر إليهما برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما
ولا تقم قدامهما.
130 - محمد بن يحيى عن أحمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن
حديد بن حكيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أدنى العقوق أف، ولو علم الله شيئا أهون
منه لنهى عنه.
131 - عنه عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لو علم الله شيئا أدنى من أف لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق، ومن
العقوق ان ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما.
132 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي
المأمون الحارثي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حق المؤمن على المؤمن؟
قال: إن من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره، إلى أن قال: وإذا قال له
أف فليس بينهما ولاية.
133 - عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن درست بن أبي
منصور عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله ما حق الوالد
على الولد؟ قال: لا يسميه باسمه، ولا يمشى بين يديه ولا يجلس قبله ولا يستسب له (2)

(1) قال المجلسي (ره): الظاهر: " لا تملأ " بالهمزة كما في مجمع البيان وتفسير العياشي
واما على ما في نسخ الكتاب فلعله أبدلت الهمزة حرف علة: ثم حذفت بالجازم فهو بفتح اللام
المخففة، ولعل الاستثناء في قوله: الا برحمة " منقطع، والمراد بملاء العينين حدة النظر.
(2) أي لا يفعل ما يصير سببا لسب الناس له كأن يسبهم أو آبائهم، وقد يسب الناس والد من
يفعل فعلا شنيعا قبيحا.
149

134 - في تفسير علي بن إبراهيم " فلا تقل لهما أف " قال: لو علم أن شيئا أقل
من أف لقاله " ولا تنهرهما " أي ولا تخاصمهما، وفى حديث آخر: أي بالألف فلا
تقل لهما أفا " وقل لهما قولا كريما " أي حسنا " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة "
قال: تذلل لهما ولا تتبختر عليهما (1).
135 - في روضة الواعضين للمفيد (ره) قال الصادق عليه السلام: قوله تعالى: " و
بالوالدين احسانا " قال: الوالدين محمد وعلى.
136 - في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن
سنان في جواب مسائله في العلل: وحرم الله تعالى عقوق الوالدين لما فيه من الخروج
عن التوقير لطاعة الله تعالى، والتوقير للوالدين، وتجنب كفر النعمة وابطال الشكر،
وما يدعو في ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه، لما في العقوق قلة توقير الوالدين و
العرفان بحقهما، وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد، وترك التربية لعلة
ترك الولد برهما.
137 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه إذا قال المؤمن
لأخيه: أف، انقطع ما بينهما، فان قال: أنت كافر كفر أحدهما، وإذا اتهمه
انماث (2) الاسلام في قلبه كما ينماث الملح في الماء.
138 - عن موسى بن بكر الواسطي قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر
عليه السلام: الرجل يقول لابنه أو لابنته: بأبي أنت وأمي أو بأبوى بذلك بأسا؟
فقال: إن كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا، وان كانا قد ماتا فلا بأس.
139 - عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاثة من
عاندهم ذل: الوالد، والسلطان، والغريم.
140 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يلزم
الوالدين من العقوق لولدهما إذا كان الولد صالحا، ما يلزم الولد لهما.

(1) كذا في النسخ وفى المصدر " ولا تتجبر عليهما ".
(2) انماث الشئ: ذاب.
150

141 - عن عنبسة بن مصعب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام ثلاثة لم يجعل الله تعالى
لاحد من الناس فيهن رخصة: بر الوالدين برين كانا أو فاجرين، والوفاء بالعهد للبر
والفاجر، وأداء الأمانة للبر والفاجر.
142 - في من لا يحضره الفقيه في باب الحقوق المروية باسناده عن سيد
العابدين عليه السلام: واما حق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، و
أعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطى أحدا أحدا، ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن
تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتظلك، وتهجر
النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها فإنك لا تطيق شكرا الا بعون الله وتوفيقه
واما حق أبيك، فان تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يحبك
فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة الا بالله.
143 - في مجمع البيان روى عن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن جده
أبى عبد الله عليه السلام قال: لو علم الله لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أف لأتى به.
144 - وفى رواية أخرى عنه عليه السلام قال: أدنى العقوق أف ولو علم الله شيئا أيسر
منه أو أهون منه لنهى عنه.
145 - وفى خبر آخر فليعمل العاق ما شاء ان يعمل، فلن يدخل الجنة.
146 - وروى أبو أسيد الأنصاري قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ جاءه
رجل من بنى سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوى شئ أبرهما به بعد موتهما؟ قال:
نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وانفاذ عهدهما من بعدهما، واكرام صديقهما،
وصلة الرحم التي لا توصل الا بهما.
147 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر
ابن خلاد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: أدعو لوالدي ان كانا لا يعرفان الحق؟
قال: أدع لهما وتصدق عنهما، وان كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فان رسول الله
صلى الله عليه وآله قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.
151

148 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم
من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أباك.
149 - علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن
مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: ثم بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وهو بمكة عشر سنين، فلم يمت بمكة في تلك العشر
سنين أحد يشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله الا أدخله الله الجنة باقراره، وهو
أيما التصديق، ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلى الله عليه وآله على ذلك الا من
أشرك بالرحمن، وتصديق ذلك ان الله عز وجل انزل عليه في سورة بني إسرائيل بمكة:
" وقضى ربك ان لا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احسانا " إلى قوله تعالى: " انه كان بعباده
خبيرا بصيرا " أدب وعظة وتعليم ونهى خفيف، ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شئ
مما نهى عنه.
150 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن عطاء قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا بن
عطاء ترى زاغت الشمس (1) فقلت: جعلت فداك وما علمي بذلك وانا معك؟ فقال:
لا لم تفعل وأوشك، قال: فسرنا فقال: قد فعلت، قلت: هذا المكان الأحمر؟ قال:
ليس يصلى هنا، هذه أودية النمال وليس يصلى، قال: فمضينا إلى أرض بيضاء قال:
هذه سبخة (2) وليس يصلى بالسباخ، قال: فمضينا إلى أرض حصباء (3)، فقال: هيهنا
فنزل ونزلت فقال: يا بن عطاء أتيت العراق فرأيت القوم يصلون بين تلك السواري في
مسجد الكوفة؟ قال: قلت نعم، فقال: أولئك شيعة أبى على، هذه صلاة الأوابين، إن
الله يقول إنه كان للأوابين غفورا.

(1) زاغت الشمس: أي مالت وزالت عن أعلى درجات ارتفاعها.
(2) السبخة واحدة السباخ: هي أرض مالحة يعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت الا
بعض الأشجار.
(3) الحصباء. صغار الحصى.
152

151 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) يقول في قوله: " انه كان للأوابين غفورا "
قال: هم التوابون المتعبدون.
152 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا أبا محمد عليكم بالورع والاجتهاد
وأداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الصحبة من صحبكم، وطول السجود، وكان
ذلك من سنن الأوابين، قال: أبو بصير: الأوابون التوابون.
153 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال: من صلى أربع ركعات في كل
ركعة خمسين مرة قول هو الله أحد كانت صلاة فاطمة صلوات الله عليها، وهي صلاة الأوابين.
154 - عن محمد بن حفص عن أبي عبد الله (ع) قال: كانت صلاة الأوابين خمسين
صلاة كلها بقل هو الله أحد.
155 - في مجمع البيان " فإنه كان للأوابين غفورا " الأواب التواب. إلى
قوله: وقيل إنهم الذين يصلون بين المغرب والعشاء روى ذلك مرفوعا.
156 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام من المأمون في الفرق
بين العترة والأمة حديث طويل وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء
في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر
موطنا وموضعا، فأول ذلك قوله عز وجل إلى أن قال عليه السلام: والآية الخامسة
وقول الله تعالى: وآت ذا القربى حقه خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها،
واصطفاهم على الأمة، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ادعوا
لي فاطمة، فدعيت له فقال صلى الله عليه وآله: يا فاطمة، قالت: لبيك يا رسول الله، فقال:
هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وهي لي خاصة دون المسلمين، فقد
جعلتها لك لما أمرني الله به، فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.
157 - في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى
ومحمد بن يحيى بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد -
الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول
153

فيه عليه السلام: ثم قال جل ذكره " وآت ذا القربى حقه " وكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية
التي جعلت له، والاسم الأكبر وميراث العلم، وآثار علم النبوة.
158 - علي بن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابنا أظنه السياري عن علي بن
أسباط قال: لما ورد أبو الحسن موسى على المهدى رآه يرد المظالم، فقال: يا أمير -
المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: إن الله تبارك و
تعالى لما فتح على نبيه صلى الله عليه وآله فدك وما والاها، لم يوجف عليه بخيل ولاركاب (1)
فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله " وآت ذا القربى حقه " ولم يدر رسول الله صلى الله عليه وآله من هم، فراجع
في ذلك جبرئيل عليه السلام وراجع جبرئيل ربه: فأوحى الله إليه: ان ادفع فدك إلى فاطمة
عليها السلام، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها: يا فاطمة ان الله أمرني أن أدفع إليك
فدك، فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله
صلى الله عليه وآله فلما ولى أبو بكر أخرج عنها وكلاءها، فأتته فسألته ان يردها فقال لها:
أتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين عليه السلام وأم أيمن
فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض، فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر فقال: ما هذا
معك يا بنت محمد؟ قالت: كتاب كتبه إلى بن أبي قحافة، قال: أرينيه فأبت فانتزعه
من يدها ونظر فيه، ثم تفل فيه ومحاه وحرقه، وقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك
بخيل ولا ركاب فضعي الجبال (2) في رقابنا، فقال له المهدى: يا أبا الحسن حدها

(1) الايجاف: السير الشديد، وفي قوله تعالى: " فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب "
قالوا: المعنى ما أوجفتم على تحصيله وتغنيمه خيلا ولا ركابا، وانما مشيتهم على أرجلكم، فلم
تحصلوا أموالهم بالغلبة والقتال ولكن الله سلط رسله عليه وحواه أموالهم.
(2) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول: في بعض النسخ بالحاء المهملة أي ضعي الحبال
لترفعنا إلى حاكم، قاله تحقيرا وتعجيزا، وقاله تفريع على المحال بزعمه، أي انك إذا أعطيت
ذلك وضعت الحبل على رقابنا وجعلتنا عبيدا لك، أو انك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها أبوك بأنها
ملكت فاحكمي على رقابنا أيضا بالملكية. وفى بعض النسخ بالمعجمة أي ان قدرت على وضع الجبال
على رقابنا فضعي.
154

لي، فقال حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، و
حد منها دومة الجندل (1) فقال له: كل هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين هذا كله،
ان هذا [كله] مما لم يوجف على أهله رسول الله صلى الله عليه وآله بخيل ولا ركاب، فقال: كثير
وأنظر فيه.
159 - في تفسير علي بن إبراهيم قول: " وآت ذا القربى حقه والمسكين و
ابن السبيل " يعنى قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت في فاطمة، فجعل لها فدك والمسكين
من ولد فاطمة وابن السبيل من آل محمد، وولد فاطمة.
160 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن علي بن الحسين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه لبعض الشاميين: اما قرأت هذه الآية: " وآت ذا القربى حقه "؟ قال:
نعم، قال عليه السلام: فنحن أولئك الذين أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله أن يؤتيهم حقهم.
161 - في مجمع البيان وأخبرنا السيد أبو الحمد إلى قوله: عن أبي سعيد الخدري
قال: لما نزلت: قوله: " وآت ذا القرى حقه " أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة فدك،
قال عبد الرحمن بن صالح: كتب المأمون إلى عبيد الله بن موسى (2) يسأله عن
قصة فدك، فكتب إليه عبيد الله بهذا الحديث، رواه عن الفضيل بن مرزوق عن عطية، فرد
المأمون فدك على ولد فاطمة.
162 - في تفسير العياشي عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أنزل
الله: " فلت ذا القربى حقه والمسكين " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل قد عرفت

(1) قال ياقوت: عريش مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم
في وسط الرمل. ثم ذكر بعد كلام له وجه تسميته بالعريش فراجع. وسيف البحر: ساحله. و
دومة الجندل: حصن بين المدينة والشام يقرب من تبوك وهي إلى الشام أقرب: سميت بدوم بن
إسماعيل بن إبراهيم (ع)، وسميت دومة الجندل لان حصنها مبنى بالجندل.
(2) هو عبيد الله بن موسى العبسي من علماء الشيعة ومحدثيهم في القرن الثالث من
الهجرة النبوية.
155

المسكين فمن ذو القربى؟ قال: هم أقاربك، فدعا حسنا وحسينا وفاطمة، فقال:
ان ربى أمرني ان أعطيكم مما أفاء الله على، قال: أعطيتكم فدك.
163 - عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله
اعطى فاطمة فدكا؟ قال: كان وقفها، فأنزل الله " وآت ذا القربى حقه " فأعطاها
رسول الله صلى الله عليه وآله حقها، قلت: رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاها؟ قال: بل الله أعطاها.
164 - عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتت فاطمة
أبا بكر تريد فدك، قال: هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك، قال: فأتت أم أيمن فقال
لها: بم تشهدين؟ قالت: أشهد ان جبرئيل أتى محمدا فقال: ان الله يقول: " فلت
ذا القربى حقه " فلم يدر محمد صلى الله عليه وآله من هم، فقال: يا جبرئيل سل ربك من هم؟ فقال:
فاطمة ذو القربى فأعطاها فدكا، فزعموا أن عمر محى الصحيفة وقد كان كتبها أبو بكر.
165 - عن أبي الطفيل عن علي عليه السلام قال: قال يوم الشورى: أفيكم أحد تم
نوره من السماء حين قال: " وآت ذا القربى حقه والمسكين " قالوا: لا.
166 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن علي بن حديد عن منصور بن يونس
عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: ولا تبذر تبذيرا قال: لا تبذر ولاية على.
167 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن
محبوب عن مالك بن عطية عن عامر بن جذاعة قال: جاء رجل إلى أبى عبد الله عليه السلام:
فقال له عليه السلام: اتق الله ولا تسرف ولا تقتر، ولكن بين ذلك قواما، ان التبذير من
الاسراف، قال الله عز وجل: " ولا تبذر تبذيرا "
168 - في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن قوله: " ولا تبذر تبذيرا " قال: من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر. و
من أنفق في سبيل الله فهو مقتصد.
169 - عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله: " ولا تبذر تبذيرا "
قال بذر الرجل قال: ليس له مال قال: فيكون تبذيرا في حلال؟ قال: نعم
156

170 - عن جميل عن إسحاق بن عمار في قوله: ولا تبذر تبذيرا " قال: لا تبذر في ولاية علي عليه السلام
171 - عن بشر بن مروان قال: دخلنا على أبى عبد الله فدعى برطب فأقبل
بعضهم يرمى النوى قال: فأمسك أبو عبد الله عليه السلام يده فقال: لا تفعل ان هذا من التبذير
وان الله لا يحب الفساد.
172 - في مجمع البيان " ولا تبذير تبذيرا " وروى عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير -
المؤمنين عليه السلام: قال لعنايه كن زاملة للمؤمنين فان خير المطايا أمثلها وأسلمها
ظهرا ولا تكن من المبذرين.
173 - واما تعرضن عنهم الآية وروى عن النبي صلى الله عليه وآله كان لما نزلت هذه الآية
إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطى قال: يرزقنا الله وإياكم من فضله.
174 - في كتاب الناقب لابن شهرآشوب بعد ذكر فاطمة عليها السلام وما
تلقى من الطحن.
كتاب الشيرازي: انها لما ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
يا فاطمة والذي بعثني بالحق ان في المسجد أربعمائة رجل مالهم طعام ولا ثياب ولولا
خشيتي خصلة لأعطيتك ما سالت يا فاطمة انى لا أريد أن ينفك عنك أجرك إلى الجارية، وانى
أخاف ان يخصمك علي بن أبي طالب يوم القيمة بين يدي الله عز وجل إذا طلب حقه منك، ثم
علمها صلاة التسبيح فقال أمير المؤمنين عليه السلام: مضيت تريدين من رسول الله الدنيا
فأعطانا الله ثواب الآخرة قال أبو هريرة: فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من عند فاطمة أنزل
الله على رسوله: واما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها يعنى عن قرابتك
وابنتك فاطمة " ابتغاء " يعنى طلب " رحمة من ربك " يعنى طلب رزق من ربك
" ترجوها فقل لهم قولا ميسورا " يعنى قولا حسنا فلما نزلت هذه الآية انفذ رسول الله صلى الله عليه وآله
إليها جارية للخدمة وسماها فضة.
175 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن يزيد
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها
157

كل البسط فتقعد ملوما محسورا قال: الاحسار الفاقة.
176 - علي بن محمد عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن النضر بن سويد عن موسى
بن بكر عن عجلان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فجاء سائل فقام إلى مكتل (1) فيه تمر
فملأ يده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقام
فأخذ بيده فناوله. ثم جاء آخر فقال: الله رازقنا وإياك. ثم قال: إن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا الا أعطاه، فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقال:
انطلق إليه فاسأله فان قال: ليس عندنا شئ، فقل اعطني قميصك قال. فاخذ قميصه
فرمى به إليه، وفى نسخة أخرى فأعطاه، فأدبه الله تبارك وتعالى على القصد فقال:
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا.
177 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد عن الحسن بن
محبوب عن عبد الله بن سنان في قوله تبارك وتعالى: " والذين انفقوا لم يسرفوا ولم
يقتروا وكان بين ذلك قواما " فبسط كفه وفرق أصابعه وحناها شيئا (2) وعن قوله
تعالى، " ولا تبسطها كل البسط " فبسط راحته وقال: هكذا وقال: القوام ما يخرج
من بين الأصابع ويبقى في الراحة منه شئ.
178 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي
عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه: ثم علم الله جل اسمه نبيه صلى الله عليه وآله كيف ينفق،
وذلك أنه كانت عنده أوقية من الذهب فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل واغتم
هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه، وكان صلى الله عليه وآله رحيما رقيقا، فأدب الله عز وجل نبيه
صلى الله عليه وآله بأمره فقال: " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد
ملوما محسورا " يقول: إن الناس قد يسألونك ولا يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما
عندك من المال كنت قد حسرت من المال (3).

(1) المكتل: زنبيل من خوص.
(2) أي اعوجها يسيرا.
(3) حسر الرجل: أعيا وكل وانقطع.
158

179 - في تفسير العياشي عن الحلبي عن بعض أصحابه عنه قال: قال أبو جعفر
لأبي عبد الله عليه السلام: يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما، قال: وكيف ذلك
يا أبه؟ قال: مثل قوله: " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
180 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " ولا تجعل يدك مغلولة
إلى عنقك " قال: فضم يده وقال: هكذا.
181 - عن محمد بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ولا
تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا " قال:
الاحسار الأقتار.
182 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " ولا تجعل يدك مغلولة
إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا " فإنه كان سبب نزولها ان
رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يرد أحدا يسأله شيئا عنده، فجاء رجل فسأله فلم يحضره شئ،
فقال: يكون انشاء الله، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله اعط قميصك وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
لا يرد أحدا عما عنده، فأعطاه قميصه، فأنزل الله عز وجل: " ولا تجعل يدك مغلولة
إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " فنهاه الله عز وجل أن يبخل ويسرف ويقعد محسورا
من الثياب، فقال الصادق عليه السلام: المحسور العريان.
183 - في تهذيب الأحكام الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: " ولا تجعل يدك مغلولة إلى
عنقك " قال: ضم يده فقال: هكذا " ولا تبسطها كل البسط " قال: بسط راحته و
قال: هكذا.
قال عز من قائل: ان ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر الآية.
184 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وقدر الأرزاق فكثرها وقللها وقسمها على
الضيق والسعة، فعدل فيها ليبتلى من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك
159

الشكر والصبر من غنيها وفقيرها.
185 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق
عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن صالح عن أبي جعفر عليه السلام
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ثم بعث الله محمدا وهو بمكة عشر سنين، فلم يمت بمكة
في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله الا أدخله
الجنة باقراره، وهو ايمان التصديق ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلى الله عليه وآله
على ذلك الا من أشرك بالرحمن وتصديق ذلك ان الله عز وجل أنزل في سورة بني إسرائيل
بمكة " وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احسانا " إلى قوله: " انه كان بعباده خبيرا
بصيرا " أدب وعظة وتعليم ونهى خفيف، ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شئ (1) مما نهى
عنه، وأنزل نهيا عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها، وقال: " ولا تقتلوا
أولادكم خشية املاق نحن نرزقهم وإياكم ان قتلهم كان خطئا كبيرا ولا تقربوا
الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ومن قتل
مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا ولا تقربوا مال
اليتيم الا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا وأوفوا
الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا ولا تقف ما ليس
لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ولا تمش في الأرض
مرحا انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك
مكروها ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله الها آخر فتلقى في جهنم
ملوما مدحورا ".
186 - في تفسير العياشي عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم قال: لا يملق
حاج أبدا، قلت: وما الاملاق؟ قال: قول الله: " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق "
187 - عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحاج لا يملق أبدا قال:

(1) اجترح: اكتسب.
160

قلت: وما الاملاق؟ قال: الافلاس ثم قال: " ولا تقتلوا أولادكم من املاق نحن
نرزقهم وإياكم ".
188 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة يقول: معصية ومقتا فان الله
يمقته ويبغضه قال: وساء سبيلا وهو أشد الناس عذابا، والزنا من أكبر الكبائر.
189 - في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن
سنان في جواب مسائله في العلل: وحرم الزنا لما فيه من الفساد من قتل الأنفس وذهاب
الأنساب وترك التربية للأطفال، وفساد المواريث وما أشبه ذلك من وجوه الفساد.
190 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي
طالب عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في وصية له: يا علي في الزنا ست خصال، ثلاث
منها في الدنيا، وثلاث في الآخرة: فاما في الدنيا فيذهب بالبهاء، ويعجل
الفناء، ويقطع الرزق، واما التي في الآخرة فسوء الحساب، وسخط الرحمن و
الخلود في النار.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: للزاني ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة و
ذكر نحوه.
عن حذيفة اليماني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر المسلمين إياكم والزنا،
فان فيه ست خصال وذكر نحوه.
191 - أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا فشت أربعة ظهرت أربعة: إذا فشت
الزنا ظهرت الزلازل الحديث.
192 - عن علي عليه السلام قال: أربعة لا يدخل منهن واحدة بيتا الا خرب ولم يعمر:
الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا.
193 - عن الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: المؤمن لا تكون سجيته
الكذب والا البخل والا الفجور، ولكن ربما ألم من هذا بشئ فلا يدوم عليه، قيل له:
161

أفيزني؟ قال: نعم هو مفتر تواب، ولكن لا يولد له من تلك النطفة.
194 - عن جعفر بن محمد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما عجت الأرض إلى ربها
كعجيجها من ثلاثة: من دم حرام يسفك عليها، واغتسال من زنا، والنوم عليها قبل
طلوع الشمس.
195 - في من لا يحضره الفقيه روى علي بن حسان الواسطي عن عمه عن
عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكباير سبع، فينا أنزلت ومنا
استحلت، إلى قوله: واما قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين بن علي وأصحابه.
196 - في تفسير العياشي عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته
يقول: [من] قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين عليه السلام في أهل بيته.
197 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن القاسم بن
عروة عن أبي العباس وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا اجتمع العدة على قتل رجل
واحد حكم الوالي ان يقتل أيهم شاوا، وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، ان الله عز وجل
يقول: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل.
198 - علي بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سليمان عن سيف بن عميرة
عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان الله عز وجل يقول في كتابه: " و
من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا " فما هذا
الاسراف الذي نهى الله عنه؟ قال: نهى أن يقتل غير قاتله، أو يمثل بالقاتل قلت: فما
معنى قوله: انه كان منصورا؟ قال: وأي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل إلى أولياء
المقتول فيقتله ولا تبعة تلزمه من قتله في دين ولا دنيا.
199 - في روضة الكافي علي بن محمد عن صالح عن الحجال عن بعض أصحابه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا
لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل: قال: نزلت في الحسين عليه السلام لو قتل أهل الأرض به
ما كان سرفا.
162

200 - في تفسير العياشي جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في
الحسين عليه السلام: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل "
قاتل الحسين عليه السلام (1) " انه كان منصورا " قال: الحسين عليه السلام.
201 - عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ومن قتل مظلوما فقد
جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا " قال: هو الحسين بن علي عليه السلام
قتل مظلوما ونحن أولياؤه، والقائم منا إذا قام طلب بثار الحسين فيقتل حتى يقال:
قد أسرف في القتل، وقال النبي (2): المقتول، الحسين عليه السلام ووليه القائم، والاسراف
في القتل ان يقتل غير قاتله انه كان منصورا فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل
من آل رسول الله صلى الله عليه وآله يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
202 - عن أبي العباس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين قتلا رجلا؟ قال:
يخير وليه ان يقتل أيهما شاء ويغرم الباقي نصف الدية أعنى دية المقتول، فيرد على ذريته
وكذلك ان قتل رجل امرأة ان قلبوا دية المرأة فذلك، وان أبى أولياؤها الا قتل قاتلها
غرموا نصف دية الرجل وقتلوه، وهو قول الله: " فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف
في القتل ".
عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: وقد قال الله: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا
لوليه سلطانا " نحن أولياء الحسين بن علي عليه السلام والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
203 - في من لا يحضره الفقيه روى منصور بن حازم عن هشام عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: انقطاع اليتم الاحتلام وهو أشده.

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وللمنقول عنه في البحار وغيره، وفى الأصل " قال
الحسين (ع) " وفى نسخة " قال الحسن (ع) ".
(2) كذا في الأصل وفى نسخة " المسى " وهكذا في المصدر، وفى تفسير البرهان " الشئ "
وقد خلت نسخة البحار عن هذه اللفظة رأسا. ولما لم أهتد إلى صحيح اللفظة فتركتها على ما في الأصل
مع ذكر ما في غيره من النسخ.
163

204 - وروى الحسن بن علي الوشا عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا بلغ الغلام أشده ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة سنة وجب عليه ما وجب في
المحتلمين احتلم أو لم يحتلم، وكتبت له الحسنات، وجاز له كل شئ الا أن يكون
ضعيفا أو سفيها.
قال عز من قائل: وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا.
205 - في كتاب الخصال عن عنبسة بن مصعب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: ثلاثة لم يجعل الله تعالى لاحد من الناس فيهن رخصة، إلى قوله عليه السلام: والوفاء
بالعهد للبر والفاجر.
206 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
قال: القسطاس المستقيم هو الميزان، له لسان وفيه قوله: ولا تقف ما ليس لك به علم
قال: لا ترم أحدا بما ليس لك به علم، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من بهت مؤمنة أقيم في
طينة خبال (1) أو يخرج مما قال.
207 - في من لا يحضره الفقيه وقال رجل للصادق عليه السلام: ان لي جيرانا ولهم
جوار يتغنين ويضربن بالعود، فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا منى لهن؟
فقال له الصادق عليه السلام: تالله أنت! أما سمعت الله يقول: إن السمع والبصر والفؤاد كل
أولئك كان عنه مسؤولا فقال الرجل: كأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله
عز وجل من عربي ولا عجمي، ولا جرم انى قد تركتها وانا أستغفر الله تعالى، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
208 - في عيون الأخبار باسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: حدثني
سيدي علي بن محمد بن علي الرضا عن أبيه محمد بن علي عن أبيه الرضا عن آبائه عن الحسين
ابن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان أبا بكر منى بمنزلة السمع وان عمر منى بمنزلة
البصر وان عثمان منى بمنزلة الفؤاد، فلما كان من الغد دخلت عليه وعنده أمير المؤمنين عليه السلام

(1) طينة خبال: ماسال من جلود أهل النار يوم القيامة كما في الحديث.
164

وأبو بكر وعمر وعثمان فقلت: يا أبه سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا فما هو؟ فقال:
نعم، ثم أشار إليهم فقال: هم السمع والبصر والفؤاد، وسيسألون عن وصيي هذا و
أشار إلى علي بن أبي طالب ثم قال: إن الله عز وجل يقول: " ان السمع والبصر والفؤاد كل
أولئك كان عنه مسؤولا " ثم قال: وعزة ربى ان جميع أمتي لموقوفون يوم القيمة و
مسؤولون عن ولايته، وذلك قول الله عز وجل: " وقفوهم انهم مسؤولون ".
209 - على كتاب علل الشرايع محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال:
حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن عبد الله البرقي
عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: حدثني علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن
أبيه عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: ليس لك أن تتكلم بما شئت، لان الله عز وجل
يقول: " ولا تقف ما ليس لك به علم " ولان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: رحم الله عبدا قال خيرا
فغنم، أو صمت فسلم، وليس لك أن تسمع ما شئت لان الله عز وجل يقول: " ان السمع
والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
210 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
بن يزيد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول
فيه عليه السلام بعد ان قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه
عليها، وفرقة فيها، ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والبصر في آية أخرى فقال: " و
ما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم " يعنى بالجلود الفروج
والأفخاذ، وقال: " ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك
كان عنه مسؤولا " فهذا ما فرض على العينين من غض البصر عما حرم الله وهو عملها وهو من
الايمان.
211 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه، ومحمد بن يحيى عن أحمد
بن محمد بن عيسى جميعا عن البرقي عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي
165

عن عبد الله عن الحسن بن هارون قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: " ان السمع والبصر و
الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " قال: يسأل السمع عما سمع، والبصر عما نظر
إليه، والفؤاد عما عقد عليه.
212 - في الكافي علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد
قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له رجل: بابى أنت وأمي انى أدخل كنيفا ولى
جيران وعندهم جوار يتغنين وذكر إلى آخر ما نقلنا عن من لا يحضره الفقيه.
في تفسير العياشي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال
له رجل: بأبي وأمي انى ادخل كنيفا ولى جيران يتغنين وذكر إلى آخر ما نقلنا
عنه أيضا.
213 - عن الحسن قال: كنت أطيل الجلوس في المخرج لاسمع غناء بعض
الجيران، قال: فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: يا حسن " ان السمع والبصر
والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " السمع وما وعى، والبصر وما رآى، والفؤاد و
ما عقد عليه.
214 - عن الحسن بن هارون عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " ان السمع والبصر
والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " قال: السمع عما يسمع، والبصر عما يطرف
(1) والفؤاد عما عقد عليه.
215 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: ومن نام بعد فراغه من أدار
الفرايض والسنن والواجبات من الحقوق فذلك قوم محمود، وانى لاعلم لأهل زماننا
هذا شيئا إذا أتوا بهذه الخصال أسلم من النوم، لان الخلق تركوا مراعاة دينهم و
مراقبة أحوالهم، وأخذوا شمال الطريق، والعبد ان اجتهد أن لا يتكلم كيف يمكنه
ان لا يسمع الا ما هو مانع له من ذلك، وان النوم من إحدى الآلات قال الله عز وجل:
" ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ".

(1) طرفت عينه: تحركت بالنظر.
166

216 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تزول قدم عبد يوم
القيمة من بين يدي الله عز وجل حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته، و
جسدك فيما أبليته، ومالك من أين كسبته وأين وضعته، وعن حبنا أهل البيت.
217 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن يزيد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا
يقول فيه عليه السلام بعد أن قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم
وقسمه عليها، وفرقه فيها، وفرض على الرجلين ان لا يمشى بهما إلى شئ من معاصي
الله، وفرض عليهما المشي إلى ما يرضى الله عز وجل فقال: ولا تمش في الأرض مرحا
انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا.
218 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية:
وفرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته، وان لا تمشى بها مشية عاص، فقال عز وجل:
" ولا تمش في الأرض مرحا انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك
كان سيئه عند ربك مكروها ".
219 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس للرضا عليه السلام عند المأمون في
عصمة الأنبياء عليهم السلام حديث طويل يقول فيه: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قصد دار زيد بن حارثة
بن شراحيل الكلبي في أمر أراده، فرأى امرأته تغتسل فقال لها: سبحان الذي خلقك،
وانما أراد بذلك تنزيه الله تعالى عن قول من زعم أن الملائكة بنات الله، فقال الله عز وجل:
أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا انكم لتقولون قولا عظيما
فقال النبي صلى الله عليه وآله لما رآها تغتسل: سبحان الذي خلقك أن يتخذ ولدا يحتاج إلى
هذا التطهير والاغتسال.
220 - في تفسير العياشي عن علي بن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام: ولقد
صرفنا في هذا القرآن يعنى ولقد ذكرنا عليا في القرآن وهو الذكر فما زادهم
167

الا نفورا.
221 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وما يزيدهم الا نفورا قال. إذا
سمعوا القرآن ينفروا عنه ويكذبوه، ثم احتج عز وجل على الكفار الذين يعبدون
الأوثان فقال: قل لهم يا محمد لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى
ذي العرش سبيلا قالوا: لو كانت الأصنام آلهة كما تزعمون لصعدوا إلى العرش،
ثم قال أنفة (1) لذلك سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
222 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن
داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: وان من شئ
الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم قال: تنقض الجدر تسبيحها.
223 - في تفسير العياشي عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت:
قول الله: " وان من شئ الا يسبح بحمده " قال: كل شئ يسبح بحمده، وانا لنرى
أن ينقض الجدار هو تسبيحها.
224 - وفى رواية الحسين بن أبي سعيد عن " الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون
تسبيحهم " قال: كل شئ يسبح بحمده، وقال: انا لنرى أن ينقض الجدار وهو تسبيحها.
225 - عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " وان من شئ الا
يسبح بحمده " فقال: ما ترى أن تنقض الحيطان تسبيحها.
226 - عن الحسن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن أن توسم البهائم في وجوهها: وأن تضرب وجوهها لأنها
تسبح بحمد ربها.
227 - عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من طير يصاد في بر
ولا بحر، ولا شئ يصاد من الوحش الا بتضييعه التسبيح.
228 - عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام انه دخل عليه

(1) أي تنزيها.
168

رجل فقال: فداك أبي وأمي انى أجد الله يقول في كتابه: " وان من شئ الا يسبح
بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " فقال له، هو كما قال، فقال: أتسبح الشجر
اليابسة؟ فقال: نعم، أما سمعت خشب البيت كيف ينقض؟ وذلك تسبيحه فسبحان الله على
كل حال.
229 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي - (ره) عن موسى بن جعفر عن أبيه عن
آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير
المؤمنين عليه السلام: ان إبراهيم عليه السلام حجب عن نمرود بحجب ثلث فقال علي عليه السلام:
لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله حجب عمن أراد قتله بحجب خمس إلى قوله: ثم قال:
وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا
فهذا الحجاب الرابع وستقف على تمام الكلام انشاء الله عند قوله تعالى: " وجعلنا من
بين أيديهم سدا " الآية.
230 - في مجمع البيان عند قوله تعالى: " في جيدها حبل من مسد " عن شعيب
ابن المسيب ويروى عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما نزلت هذه السورة أقبلت العوراء
أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفى يدها فهر (1) وهي تقول: " مذمم أبينا ودينه قلينا (2)
وأمره عصينا " والنبي صلى الله عليه وآله جالس في المسجد ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال:
يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف ان تراك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انها لا تراني، وقرء قرآنا
فاعتصم به كما قال، وقرء: " وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون
بالآخرة حجابا مستورا " فوقفت على أبى بكر ولم تر رسول الله صلى الله عليه وآله، الحديث.
231 - في أصول الكافي علي بن محمد عن إبراهيم الأحمر عن عبد الله بن حماد
عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اقرؤا القرآن بألحان
العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسوق وأهل الكبائر، فإنه سيجئ من بعدى أقوام
يرجعون القرآن ترجيع الغنا والنوح والرهبانية لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة

(1) الفهر - بكسر الفاء -: الحجر قدر ما يدق به الجوز، أو يملا الكف.
(2) من القلى بمعنى البغض.
169

وقلوب من بعجبه شأنهم.
232 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن القرآن نزل بالحزن فاقرأوه بالحزن.
233 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن علي بن أبي حمزة عن أبي
بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جاءني الشيطان
فقال: انما ترائى بهذا أهلك والناس! قال: يا أبا محمد اقرأ قراءة ما بين القراءتين،
تسمع أهلك ورجع بالقرآن صوتك، فان الله عز وجل يحب الصوت الحسن يرجع به ترجيعا.
234 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: ان الرجل الأعجمي من أمتي ليقرء القرآن بعجميته فترفعه
الملائكة على عربيته.
235 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن بعض أصحابه
عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك انا نسمع الآيات في القرآن ليس
هي عندنا كما نسمعها، ولا نحسن ان نقرأها كما بلغنا عنكم، فهل نأثم؟ فقال: لا،
اقرأوا كما تعلمتم، فسيجيئكم من يعلمكم.
236 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سالم
ابن سلمة قال: قرأ رجل على أبى عبد الله عليه السلام وانا أسمع، حروفا من القرآن ليس على
ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس
حتى يقوم القائم عليه السلام، فإذا قام القائم قرء كتاب الله عز وجل على حده، واخرج
المصحف الذي كتبه علي عليه السلام، وقال: أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه
وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله قد جمعته
من اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه، فقال:
اما والله ما ترونه بعد يومكم هذا ابدا، انما كان على أن أخبركم حين جمعته لتقرأوه.
170

237 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن الجهم عن إبراهيم
ابن مهزم عن رجل سمع أبا الحسن عليه السلام يقول: إذا خفت أمرا فاقرأ مأة آية من القرآن
من حيث شئت ثم قل: اللهم اكشف عنى البلاء.
238 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري
عن حفص قال: سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول لرجل: أتحب البقاء في الدنيا؟
فقال: نعم، فقال: ولم؟ قال: لقراءة قل هو الله أحد، فسكت عنه فقال له بعد
ساعة: يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علم من قبره ليرفع الله
به من درجته، فان درجات الجنة على عدد آيات القرآن، يقال له: اقرأ وأرق
فيقرء ثم يرقى، قال حفص: فما رأيت أحدا أشد خوفا على نفسه من موسى بن جعفر،
ولا أرجا للناس منه، وكان قرائته حزنا، فإذا قرأ فكأنه يخاطب انسانا.
239 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن
زياد جميعا عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن يونس بن عمار قال: قال أبو عبد الله: ان
الدواوين يوم القيمة ثلاثة: ديوان فيه النعم، وديوان فيه الحسنات، وديوان فيه السيئات،
فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات فتستغرق عامة الحسنات، ويبقى ديوان السيئات
فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن امامه في أحسن الصورة فيقول: يا رب انا
القرآن وهذا عبدك المؤمن، قد كان يتعب نفسه بتلاوتي، ويطيل ليله بترتيلي، و
تفيض عيناه إذا تهجد فارضه كما أرضاني، قال: فيقول العزيز الجبار: عبدي ابسط
يمينك، فيملأها من رضوان الله العزيز الجبار، ويملأ شماله من رحمة الله، ثم يقال:
هذه الجنة مباحة لك اقرأ واصعد، فإذا قرأ آية صعد درجة.
240 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال: سبعة لا يقرؤن القرآن: الراكع والساجد وفى الكنيف وفى الحمام
والجنب والنفساء والحائض.
241 - وفى عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما
171

سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: سأله كم حج آدم عليه السلام
من حجة؟ فقال له: سبعين حجة ماشيا على قدمه، وأول حجة حجها كان معه الصرد (1)
يدله على مواضع الماء، وخرج معه من الجنة وقد نهى عن اكل الصرد والخطاف (5) وسأله
ما باله لا يمشى؟ قال: لأنه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه
ولم يزل يبكى مع آدم عليه السلام، فمن هناك سكن البيوت معه آيات من كتاب الله تعالى
مما كان آدم يقرأها في الجنة، وهي معه إلى يوم القيمة، ثلاث آيات من أول الكهف
وثلاث آيات من " سبحان الذي اسرى " وهي: " فإذا قرأت القرآن " وثلاث آيات من
يس وهي: " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ".
242 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وعن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه: ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت
لك تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا منه، ولكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بايجاب
الحجة على خلقه، كما قال: " فلله الحجة البالغة " أغشى أبصارهم وجعل على قلوبهم
أكنة عن تأمل ذلك، فتركوه وحجبوا عن تأكيد الملتبس بابطاله فالسعداء يتنبهون
عليه والأشقياء يعمهون عنه.
243 - في روضة الكافي أحمد بن محمد الكوفي عن علي بن الحسين بن علي
عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن هارون عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: كتموا
" بسم الله الرحمن الرحيم " فنعم والله الأسماء كتموها كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل إلى
منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع بها صوته، فتولى
قريش فرارا، فأنزل الله عز وجل في ذلك وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا
على أدبارهم نفورا
244 - في مجمع البيان وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى من على بفاتحة -

(1) الصرد: طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير.
(2) الخطاف: طائر إذا رآى ظله في الماء أقبل إليه ليتخطفه.
172

الكتاب فيها من كنز الجنة بسم الله الرحمن الرحيم، الآية التي يقول الله تعالى: " وإذا
ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ".
245 - في تفسير علي بن إبراهيم وعن ابن أذينة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: بسم الله الرحمن الرحيم أحق ما أجهر، وهي الآية التي قال الله عز
وجل: " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ".
246 - وفيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى تهجد بالقرآن ويستمع له قريش
لحسن صوته (1) فكان إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فروا عنه.
247 - في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع صوته بها، فإذا سمعها المشركون
ولوا مدبرين، فأنزل الله: " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على
أدبارهم نفورا ".
248 - عن زيد بن علي قال: دخلت على علي بن جعفر فذكر بسم الله الرحمن الرحيم
فقال: تدرى ما نزل في بسم الله الرحمن الرحيم؟ فقلت: لا، فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان
أحسن الناس صوتا، وكان يصلى بفناء القبلة فرفع صوته وكان عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة و
أبو جهل بن هشام وجماعة منهم يستمعون قرائته، قال: وكان يكثر ترداد (2) بسم الله -
الرحمن الرحيم فيرفع صوته، قال: فيقولون ان محمدا ليردد اسم ربه تردادا انه ليحبه،
فيأمرون من يقوم فيتسمع عليه، ويقولون: إذا جاءت بسم الله الرحمن الرحيم فأعلمنا حتى
نقوم فنستمع قرائته، فأنزل الله: " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده بسم الله الرحمن -
الرحيم ولوا على أدبارهم نفورا ".
249 - عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال في بسم الله الرحمن الرحيم قال: هو
أحق ما جهر به، وهي الآية التي قال الله " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده بسم الله الرحمن

(1) وفى المصدر " لحسن قرائته " مكان " لحسن صوته ".
(2) وفى المصدر " قراءة " مكان " ترداد ".
173

الرحيم ولوا على أدبارهم نفورا " كان المشركون يستمعون إلى قراءة النبي صلى الله عليه وآله
فإذا قرء بسم الله الرحمن الرحيم نفروا وذهبوا، وإذا فرغ منه عادوا وتسمعوا.
250 - عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا
صلى بالناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم فتخلف من خلفه من المنافقين عن الصفوف،
فإذا جازها في السورة عادوا إلى مواضعهم، وقال بعضهم لبعض: انه ليردد اسم ربه تردادا
انه ليحب ربه، فأنزل الله " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم
نفورا ".
251 - عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا ثمالي ان
الشيطان ليأتي قرين الامام فيسأله هل ذكر ربه؟ فان قال: نعم، اكتسع (1) فذهب،
وان قال: لا، ركب كتفه وكان امام القوم حتى ينصرفون، قال: قلت: جعلت
فداك وما معنى قوله: ذكر ربه؟ قال: الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
252 - عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء أبي بن خلف (2) فأخذ

(1) اكتسع الخيل بأذنابها. أدخلها بين رجليه، واللفظ كناية.
(2) أبي بن خلف من مشركي مكة وأعداء رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو الذي قال له
صلى الله عليه وآله يوما بمكة: ان عندي فرسا أعلفه كل يوم فرقا - وهو مكيال - من ذرة أقتلك عليه،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل أنا أقتلك انشاء الله، فكان من قصته انه خرج إلى المدينة مع من
خرج بحرب المسلمين في وقعة أحد فلما هزم المسلمون وبقى رسول الله صلى الله عليه وآله من
بقي، أدركه أبي بن خلف وهو يقول: أين محمد لا نجوت ان نجوت؟ فقال القوم: يا رسول الله
أيعطف عليه رجل منا؟ قال: دعوه، فلما دنا تناول صلى الله عليه وآله حربة رجل من أصحابه - وهو
الحارث بن الصمة - ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تحرك منها عن فرسه مرارا، فرجع إلى قريش
وهو يخور كما يخور الثور وقد خدش في عنقه خدشا غير كبير، فاحتقن الدم وقال: قتلني والله محمد،
فقالوا: ذهب والله فؤادك، والله ما بك بأس! قال: لو كانت الطعنة بربيعة ومضر لقتلهم، أليس
انه قد كان بمكة قال لي: انا أقتلك، فوالله لو بصق بعد تلك المقالة لقتلني، فلم يلبث الا يوما أو بعض
يوم حتى مات، فقيل مات بسرف وهو موضع على ستة أميال من مكة وفى ذلك يقول حسان بن ثابت
الأنصاري شاعر النبي صلى الله عليه وآله:
لقد ورث الضلالة من أبيه * أبى حين بارزه الرسول
أتيت إليه تحمل منه عضوا * وتوعده وأنت به جهول
وفى نسخة [أجئت محمدا عظما رميما * لتكذبه وأنت به جهول]
وقد نالت بنو النجار منكم * أمية إذ يغوث يا عقيل
إلى آخر الأبيات. راجع ديوانه ص: 340 ط مصر.
174

عظما باليا من حائط ففته (1) ثم قال: يا محمد أإذا كنا عظاما ورفاتا أنا لمبعوثون
خلقا فأنزل الله: " من يحيى العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل
خلق عليم ".
253 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
قال: الخلق الذي يكبر في صدورهم الموت.
قال عز من قائل: ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض.
254 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن صالح عن أبيه عن
آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما خلق الله حلقا
أفضل منى ولا أكرم منى، قال علي عليه السلام: فقلت: يا رسول الله أفأنت أفضل أم جبرئيل؟
فقال عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، و
فضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدى لك يا علي، وللأئمة من ولدك
فان الملائكة لخدامنا وخدام محبينا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
255 - وباسناده إلى صالح بن سهل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن بعض قريش
قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأي شئ سبقت الأنبياء وفضلت عليهم وأنت بعثت آخرهم و
خاتمهم؟ قال: انى كنت أول من أقر بربي جل جلاله وأول من أجاب حيث أخذ الله
ميثاق النبيين " وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " فكنت أول نبي قال: بلى،
فسبقتهم إلى الاقرار بالله عز وجل.
256 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عن محمد بن يحيى

(1) فت الشئ: دقه وكسره بالأصابع.
175

الخثعمي عن هشام عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: سادة
النبيين والمرسلين خمسة، وهم أولو العزم من الرسل، وعليهم دارت الرحا: نوح و
إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء.
257 - في الخرايج والجرايح باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: إن الله
فضل أولى العزم من الرسل على الأنبياء بالعلم، وفضلنا عليهم في فضلهم وعلم رسول الله
صلى الله عليه وآله ما لا يعلمون، وعلمنا علم رسول الله صلى الله عليه وآله فروينا لشيعتنا، فمن قبله منهم فهو
أفضلهم، وأينما نكون فشيعتنا معنا.
258 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام
وقد ذكر نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم فهؤلاء الخمسة أولوا
العزم، وهم أفضل الأنبياء والرسل عليهم السلام.
259 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
عبد الرحمن بن أبي نجران وابن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
يقول عند العلة: اللهم انك عيرت أقواما فقلت: قل ادعوا الذين زعمتم من دونه
فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا فيا من لا يملك كشف ضري ولا تحويله عنى
أحد غيره، صل على محمد وآل محمد واكشف ضري وحوله إلى من يدعو معك
الها آخر لا اله غيرك.
قال عز من قائل ويرجون رحمته ويخافون عذابه
260 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد
عن منصور بن يونس عن الحارث بن المغيرة أو أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما
كان في وصية لقمان؟ قال: كان فيها الأعاجيب، وكان أعجب ما فيها ان قال
لابنه: خف الله عز وجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك، وارج الله رجاءا لو جئته
بذنوب الثقلين لرحمك ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: كان أبى يقول: إنه ما من عبد مؤمن الا وفى
قلبه نوران: نور خيفة ونور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا.
176

261 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن
الهيثم بن واقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من خاف الله أخاف الله منه كل
شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ.
262 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن حمزة بن عبد الله
الجعفري عن جميل بن دراج عن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام من عرف الله
خاف الله، ومن خاف الله سخت نفسه (1) عن الدنيا.
263 - عنه عن ابن أبي نجران عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت؟
فقال هؤلاء قوم يترجحون في الأماني (2) كذبوا، ليسوا براجين من رجا شيئا طلبه
ومن خاف من شئ هرب منه.
264 - ورواه علي بن محمد رفعه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان قوما من مواليك
يلمون بالمعاصي (3) ويقولون نرجو، فقال: كذبوا ليسوا لنا بموالي، أولئك قوم
ترجحت بهم الأماني. من رجا شيئا عمل له، ومن خاف من شئ هرب منه
265 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابه عن صالح بن
حمزة رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان حب الشرف والذكر (4) لا يكونان في
قلب الخائف الراهب.
266 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن حمزة بن حمران قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن مما حفظ من خطب النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أيها الناس
ان لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم وان لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، الا ان المؤمن يعمل
بين مخافتين: بين أجل قد مضى لا يدرى ما الله صانع فيه، وبين أجل قد بقي

(1) أي تركها
(2) قال المحدث الكاشاني (ره) في الوافي: الترجح: الميل: يعنى مالت بهم عن
الاستقامة أمانيهم الكاذبة.
(3) لم به والم: نزل. والم بالذنب: قارب أو باشر اللمم، واللمم: صغار الذنوب.
(4) أي حب الجاه والرياسة والمدح والشهرة.
177

لا يدرى ما الله قاض فيه، فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه، ومن دنياه
لآخرته، وفى الشيبة قبل الكبر، وفى الحياة قبل الممات، فوالله الذي نفس محمد
بيده ما بعد الدنيا من مستعتب (1) وما بعدها من دار الا الجنة أو النار.
267 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن ابن مسكان عن
الحسين بن أبي سارة: قال: سمعت أبي عبد الله (ع) يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى
يكون خائفا راجيا، ولا يكون راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو.
268 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن فضيل بن عثمان عن أبي -
عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله (ع) قال: المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضى لا يدرى ما
صنع الله فيه، وعمر قد بقي لا يدرى ما يكتب فيه من المهالك، فهو لا يصبح الا خائفا
ولا يصلحه الا الخوف.
269 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا أحمد بن محمد عن المعلى بن محمد
عن علي بن محمد عن بكر بن صالح عن جعفر بن يحيى عن علي بن النضر عن أبي عبد الله (ع)
وذكر حديثا طويلا يذكر فيه لقمان ووعظه لابنه وفيه: يا بنى لو استخرج قلب
المؤمن فشق لوجد فيه نوران: نور للخوف ونور للرجا، لو وزنا لما رجح أحدهما
على الآخر بمثقال ذرة.
270 - في من لا يحضره الفقيه وسئل عن قول الله عز وجل: وان من قرية الا
نحن مهلكوها قبل يوم القيمة أو معذبوها عذابا شديدا قال: هو الفناء بالموت.
271 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم قال: سئلت أبا جعفر (ع):
" وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا " قال: انما
أمة محمد من الأمم، فمن مات فقد هلك.
272 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) في قول الله: " وان من قرية الا نحن مهلكوها
قبل يوم القيمة " قال: بالقتل والموت وغيره (2).

(1) المستعتب: موضع الاستعتاب أي طلب الرضا.
(2) وفى المصدر " قال: هو الفناء بالموت أو غيره ".
178

273 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: وما منعنا ان نرسل بالآيات وذلك أن محمدا صلى الله عليه وآله سئل قومه أن يأتيهم
بآية فنزل جبرئيل فقال: ان الله يقول: " وما منعنا ان نرسل بالآيات " إلى قوله الا ان كذب
بها الأولون وكنا إذا أرسلنا إلى قرية آية فلم يؤمنوا بها أهلكناهم، فلذلك أخرنا
عن قومك الآيات.
274 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الحسن بن علي (ع) حديث
طويل يقول فيه (ع) لمروان بن الحكم: أما أنت يا مروان فلست انا سبيتك ولا سبيت
أباك، ولكن الله عز وجل لعنك ولعن أباك ولعن أهل بيتك وذريتك، وما خرج من
صلب أبيك إلى يوم القيمة على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله، والله يا مروان ما تنكر أنت
ولا أحد ممن حضر هذه اللعنة من رسول الله صلى الله عليه وآله ولا بيك من قبلك، وما زادك الله
يا مروان بما خوفك الا طغيانا كبيرا، وصدق الله وصدق رسوله، يقول الله تبارك وتعالى:
والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزدهم الا طغيانا كبيرا وأنت يا
يا مروان وذريتك الشجرة الملعونة في القرآن.
275 - عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أمير المؤمنين (ع) حديث طويل وفيه: و
جعل أهل الكتاب القائمين به والعاملين بظاهره وباطنه من شجرة أصلها ثابت و
فرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها، أي يظهر مثل هذا العلم المحتملة
في الوقت بعد الوقت، وجعل أعدائها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا اطفاء نور الله
بأفواهم، ويأبى الله الا ان يتم نوره، ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك
هذه الآيات التي بينت لك تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا منه.
276 - في تفسير العياشي عن حريز عمن سمع عن أبي جعفر (ع): وما جعلنا
الرؤيا التي أريناك الا فتنة لهم ليعمهوا فيها " والشجرة الملعونة في القرآن "
يعنى بنى أمية.
277 - عن علي بن سعيد قال: كنت بمكة فقدم علينا معروف بن خربوذ فقال: قال لي
أبو عبد الله (ع): ان عليا (ع) قال لعمر: يا أبا حفص الا أخبرك بما نزل في بنى أمية؟
179

قال: بلى، قال: فإنه نزل فيهم: " والشجرة الملعونة في القرآن " قال: فغضب عمر، و
قال: كذبت، بنو أمية خير منك وأوصل للرحم.
278 - عن الحلبي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم قالوا: سألناه عن قوله:
" وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس " قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أرى ان رجالا
على المنابر يردون الناس ضلالا زريق وزفر (1) وقوله: " والشجرة الملعونة في -
القرآن " قال: هم بنو أمية.
279 - وفى رواية أخرى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد رأى رجالا من نار
على منابر من نار، يردون الناس على أعقابهم القهقرى ولسنا نسمى أحدا.
280 - وفى رواية سلام الجعفي عنه أنه قال: انا لا نسمى الرجال بأسمائهم، و
لكن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى قوما على منبره يضلون الناس بعده عن الصراط القهقرى.
281 - عن عمر بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أصبح رسول الله صلى لله عليه واله يوما
حاسرا حزينا (2) فقيل له: ما لك يا رسول الله؟ فقال: انى رأيت الليلة صبيان بنى أمية
يرقون على منبرى هذا، فقلت: يا رب معي؟ فقال: لا ولكن بعدك.
282 - عن أبي الطفيل قال: كنت في مسجد الكوفة فسمعت عليا عليه السلام يقول و
هو على المنبر وناداه ابن الكوا وهو في مؤخر المسجد فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني
عن قول الله: " والشجرة الملعونة في القرآن " فقال: الافجران من قريش و
من بنى أمية.
283 - عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " وما جعلنا الرؤيا
التي أريناك " قال: أرى رجالا من بنى تيم وعدى على المنابر يردون الناس عن الصراط
القهقرى، قلت: " والشجرة الملعونة في القرآن " قال: هم بنو أمية، يقول الله: " ونخوفهم

(1) كناية عن الأول والثاني وقد مر أيضا في المجلد الثاني في بعض الروايات.
(2) حسر الرجل - من باب نصر -: أعيا، وحسر - من باب علم - الرجل على الشئ:
تلهف. وقال في البحار: قوله: حاسرا أي كاشفا عن ذراعيه أو من الحسرة والحاسر أيضا من لا مغفر له
ولا درع ولا جنة.
180

فما يزدهم الا طغيانا كبيرا ".
284 - عن يونس بن عبد الرحمن الأشل قال: سألته عن قول الله: " وما جعلنا
الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس " الآية فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله نام فرأى بنى أمية
يصدون الناس (1) كلما صعد منهم رجل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله الذلة والمسكنة فاستيقظ
جزوعا من ذلك وكان الذين رآهم اثنى عشر رجلا من بنى أمية فأتاه جبرئيل عليه السلام بهذه
الآية، ثم قال جبرئيل: ان بنى أمية لا يملكون شيئا الا ملك أهل البيت ضعفه.
285 - في مجمع البيان " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك " الآية فيه أقوال إلى قوله: و
ثالثها ان ذلك رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وآله في منامه وان قرودا تصعد منبره وتنزل، فساءه ذلك
واغتم به، رواه سهل بن سعيد عن أبيه ان النبي رأى ذلك وقال: انه صلى الله عليه وآله لم يستجمع بعد ذلك
ضاحكا حتى مات، ورواه سعيد بن يسار أيضا وهو المروى عن أبي جعفر وأبى
عبد الله عليهما السلام.
286 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: " وجعلنا
الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن " قال: نزلت لما رأى
النبي صلى الله عليه وآله في نومه كأن قرودا تصعد منبره فساءه ذلك غمه غما شديدا، فأنزل الله: " و
ما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة لهم ليعمهوا فيها والشجرة الملعونة " كذا نزلت
وهم بنو أمية.
287 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه وقد ذكر معاوية بن حرب: ويشترط على شروطا لا يرضاها الله تعالى و
رسوله ولا المسلمون، ويشترط في بعضها أن أدفع إليه قوما من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أبرارا
فيهم عمار بن ياسر، وأين مثل عمار؟ والله لقد رأيتنا مع النبي وما بعد منا خمسة الا كان
سادسهم، ولا أربعة الا كان خامسهم، اشترط دفعهم إليه ليقتلهم ويصلبهم وانتحل دم عثمان

(1) كذا في النسخ لكن الصحيح كما في المصدر والمنقول عنه في البحار والبرهان و
غيره " يصعدون المنابر " مكان " يصدون الناس " ويحتمل التصحيف أيضا.
181

ولعمر الله ما ألب على عثمان (1) ولا جمع الناس عليه قتله، وأشباهه من أهل بيته
أغصان الشجرة الملعونة في القرآن.
288 - في نهج البلاغة فاحذروا عدو الله أن يعديكم (2) بدائه وأن يستفزكم
بخيله ورجله " وفيه أيضا " فلعمر الله فخر على أصلكم ووقع في حسبكم، ودفع في نسبكم
وأجلب بخيله عليكم وقصد برجله سبيلكم يقتنصونكم (3) بكل مكان، ويضربون منكم
كل بنان، لا يمتنعون بحيلة، ولا يدفعون بعزيمة في حومة ذل وحلقة ضيق وعرصة
موت وجولة بلاء (4).
289 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب، الشيرازي روى سفيان الثوري عن
واصل عن الحسن عن ابن عباس في قوله: وشاركهم في الأموال والأولاد انه جلس
الحسن بن علي عليهما السلام ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان يأكلان الرطب فقال يزيد: يا حسن
انى منذ كنت أبغضك، قال الحسن عليه السلام: يا يزيد اعلم أن إبليس شارك أباك في جماعة فاختلط
المائان فأورثك ذلك عداوتي لان الله تعالى يقول: " وشاركهم في الأموال والأولاد " وشارك
الشيطان حربا عند جماعه فولد له صخر فلذلك كان يبغض جدي رسول الله صلى الله عليه وآله.
290 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
عثمان بن عيسى عن عمر بن اذنية عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله حرم الجنة على كل فحاش بذى (5) قليل
الحياء لا يبالي ما قال، ولا ما قيل له، فان فتشته لم تجده الا لغية أو شرك شيطان، قيل:

(1) من ألبهم - بتشديد اللام -: جمعهم.
(2) من أعدى فلان فلانا من خلقه أو من علته وهو مجاوزته من صاحبه إلى غيره. وهذا
من خطبته المعروفة بالقاصعة المتضمنة ذم إبليس لعنه الله على استكباره وتركه السجود لآدم عليه السلام.
وانه أول مر أظهر العصبية وتبع الحمية وتحذير الناس من سلوك طريقته.
(3) اقتنصه: اصطاده.
(4) الحومة: معظم الماء والحرب وغيرهما، وقوله " في حومة ذل.. اه " موضع الجار و
المجرور نصب على الحال أي يقتنصونكم في حومة ذل، والجولة: الموضع الذي تجول فيه.
(5) البذي بمعى الفحاش أيضا.
182

يا رسول الله وفى الناس شرك شيطان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اما تقرء قول الله عز وجل:
" وشاركهم في الأموال والأولاد ".
291 - في الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعدة من أصحابنا عن أحمد
بن محمد جميعا عن الوشاء عن موسى بن بكر عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (ع):
يا أبا محمد أي شئ يقول الرجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟ قلت " جعلت فداك أيستطيع
الرجل أن يقول شيئا؟ فقال: الا أعلمك ما تقول؟ قلت: بلى، قال: تقول: " بكلمات
الله استحللت فرجها وفى أمانة الله أخذتها، اللهم ان قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله بارا تقيا
واجعله مسلما سويا، ولا تجعل فيه شركا للشيطان " قلت: وبأي شئ يعرف ذلك؟
(1) قال: اما تقرأ كتاب الله عز وجل ثم ابتدأ هو: " وشاركهم في الأموال والأولاد "
ثم قال: إن الشيطان ليجئ حتى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل منها، ويحدث
كما يحدث، وينكح كما ينكح، قلت: بأي شئ يعرف ذلك؟ (2) قال: بحبنا
وبغضنا فمن أحبنا كان نطفة العبد، ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان.
وعنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله عن جميل بن دراج عن أبي الوليد عن أبي بصير
قال: قال أبو عبد الله (ع) وذكره نحوه.
292 - في من لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه السلام: من لم يبال ما قال ولا ما
قيل فيه فهو شرك شيطان ومن لم يبال أن يراه الناس مسيئا فهو شرك شيطان ومن
اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان، ومن شغف بمحبة الحرام و
شهوة الزنا فهو شرك شيطان.
293 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: سألته
عن شرك الشيطان، قال: قوله: " وشاركهم في الأموال والأولاد " فإن كان من مال

(1) قال المجلسي (ره): لعله سئل عن الدليل على أنه يكون الولد شرك الشيطان ثم سئل
عن العلامة التي بها يعرف ذلك، والأظهر ان فيه تصحيفا لما سيأتي من خبر أبي بصير بسند آخر.
وفيه مكانه " ويكون فيه شرك الشيطان ".
(2) أي عدم شراكته.
183

حرام فهو شريك الشيطان، قال: ويكون من الرجل حين يجامع فيكون من نطفته
ونطفة الرجل إذا كان حراما.
294 - عن زرارة قال: كان يوسف أبو الحجاج صديقا لعلي بن الحسين
صلوات الله عليه، وانه دخل على امرأته فأراد أن يضمها أعني أبو الحجاج، قال: فقالت
له: أليس انما عهدك بذاك لساعة؟ قال: فاتى علي بن الحسين فأخبره فأمره ان يمسك
عنها، فولدت بالحجاج وهو ابن الشيطان ذي الردهة.
295 - عن عبد الملك بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إذا زنى الرجل
ادخل الشيطان ذكره ثم عملا جميعا، ثم تختلط النطفتان، فيخلق الله منهما فيكون
شركة الشيطان.
296 - عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما قول الله: " شاركهم
في الأموال والأولاد "؟ قال: فقال في ذلك قوله: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان
الرجيم.
297 - عن العلا بن رزين عن محمد عن أحدهما قال: شرك الشيطان ما كان
من مال حرام، فهو من شركه، ويكون من الرجل حين يجامع فتكون نطفته مع
نطفته إذا كان حراما، قال: كلتيهما جميعا تختلطان، وقال: ربما خلق من واحدة
وربما خلق منهما جميعا.
298 - قال: (1) كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فاستأذن عيسى بن منصور عليه،
فقال: مالك ولفلان يا عيسى اما انه ما يحبك! فقال: بأبي وأمي يقول قولنا ويتولى
من نتولى، فقال: ان فيه نحوة إبليس، فقال: بابى وأمي أليس يقول إبليس:
" خلقتني من نار وخلقته من طين "؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ويقول الله: " وشاركهم في
الأموال والأولاد " فالشيطان يباضع ابن آدم هكذا، وقرن بين إصبعيه.
299 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول: كان الحجاج ابن

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا: " صفوان الجمال قال: كنت.. اه ".
184

شيطان يباضع ذي الردهة، ثم قال إن يوسف دخل على أم الحجاج فأراد ان يضمها،
فقالت: أليس انما عهدك بذلك الساعة فامسك عنها فولدت الحجاج.
300 - عن يونس بن أبي الربيع الشامي (1) قال: كنت عنده ليلة فذكر
شرك الشيطان، فعظمه حتى أفزعني فقلت جعلت فداك فما المخرج منها وما نصنع؟ قال:
إذا أردت المجامعة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو بديع السماوات والأرض
اللهم ان قضيت منى في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شركا ولا حظا و
اجعله عبدا صالحا خالصا مخلصا مصغيا وذريته جل ثناؤك.
301 - في تفسير علي بن إبراهيم " وشاركهم في الأموال والأولاد " ما كان من
مال حرام فهو شرك الشيطان، فإذا اشترى به الإماء ونكحهن وولد له فهو شرك الشيطان كما
تلد منه ويكون مع الرجل إذا جامع، فيكون الولد من نطفته ونطفة الرجل إذا كان
حراما، وفى حديث آخر إذا جامع الرجل أهله ولم يسم شاركه الشيطان.
302 - في تفسير العياشي عن جعفر بن محمد الخزاعي عن أبيه قال: سمعت
أبا عبد الله (ع) يذكر في حديث غدير خم، انه لما قال النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام ما قال
واقامه للناس، صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت، فقالوا: سيدنا ما هذه
الصرخة؟ فقال: ويلكم يومكم كيوم عيسى، والله لأ ضلن فيه الخلق، قال: فنزل
القرآن: " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين " فقال: فصرخ
إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت، فقالوا: يا سيدنا ما هذه الصرخة الأخرى؟
فقال: ويحكم حكى الله والله كلامي قرآنا وانزل عليه: " ولقد صدق عليهم إبليس
ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين " ثم رفع رأسه إلى السماء ثم قال: وعزتك وجلالك
لألحقن الفريق بالجميع، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله: بسم الله الرحمن الرحيم " ان
عبادي ليس لك عليهم سلطان " قال: فصرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت فقالوا:

(1) هو خالد أو خليد - مصغرا - بن أوفى العنزي الشامي، عده الشيخ (ره) في رجاله
من أصحاب الباقر عليه السلام، وعليه فان الضمير في قوله " عنده " يرجع إليه يعنى الباقر صلوات الله عليه.
185

يا سيدنا ما هذه الصرخة الثالثة؟ قال: والله من أصحاب على ولكن وعزتك وجلالك
لأزينن لهم المعاصي حتى أبغضهم إليك، قال: فقال أبو عبد الله (ع): والذي بعث بالحق
محمدا للعفاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزنابير على اللحم، والمؤمن أشد من
الجبل، والجبل تدنو إليه بالفأس فتنحت منه (1) والمؤمن لا يستقل عن دينه.
303 - عن عبد الرحمن بن سالم في قول الله: ان عبادي ليس لك عليهم سلطان
وكفى بربك وكيلا قال: نزلت في علي بن أبي طالب (ع)، ونحن نرجو أن تجرى
لمن أحب الله من عباده.
قال عز من قائل: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون الا إياه
304 - في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن القاسم الجرجاني المفسر رحمه الله
قال: حدثنا أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار و
كانا من الشيعة الإمامية عن أبويهما عن الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام في قول الله
عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: الله هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل
مخلوق عند انقطاع الرجا من كل من دونه، وتقطع الأسباب عن جميع من
سواه، تقول بسم الله أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة الا له
المغيث إذا استغيث، المجيب إذا دعى، وهو ما قال رجل للصادق (ع): يا بن رسول الله
دلني على الله ما هو؟ فقد كثر على المجادلون وحيروني؟ فقال له: يا عبد الله هل ركبت
سفينة قط؟ قال: نعم قال: فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تعينك؟ قال: نعم،
قال: فهل تعلق قلبك هنالك ان شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم،
قال الصادق عليه السلام: فذلك الشئ هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجى، وعلى الإغاثة حيث
لا مغيث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
305 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر (ع) في
قوله: قاصفا من الريح قال: هي العاصف.

(1) وفى بعض النسخ " تواليه بالفأس " وفأس - كفلس - " آلة ذات هراوة قصيرة يقطع بها
الخشب وغيره وبالفارسية " تبر " ونحت الجبل: حفره.
186

306 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى زيد بن علي (ع) عن أبي
عبد الله (ع) في قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم يقول: فضلنا بني آدم على ساير
الخلق وحملناهم في البر والبحر يقول: على الرطب واليابس ورزقناهم من الطيبات
يقول: من طيبات الثمار كلها وفضلناهم يقول: ليس من دابة ولا طاير الا تأكل وتشرب
بفيها، ولا ترفع بيدها إلى فيها طعاما وشرابا غير ابن آدم، فإنه يرفع إلى فيه بيده
طعامه، فهذا من التفضيل.
307 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم
ابن عبد الرحيم قال: حدثنا محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة
الثمالي عن أبي جعفر، قال: إن الله لا يكرم روح الكافر، ولكن كرم أرواح عليه السلام
المؤمنين، وانما كرامة النفس والدم بالروح والرزق الطيب هو العلم.
308 - حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن
نباتة ان عليا (ع) سئل عن قول الله تبارك وتعالى: " وسع كرسيه السماوات والأرض "
قال: السماوات والأرض وما بينهما من مخلوق في جوف الكرسي، وله أربعة املاك
يحملونه بإذن الله، فاما ملك منهم ففي صورة الآدميين وهي أكرم الصور على الله.
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
309 - في محاسن البرقي عنه عن بعض أصحابنا عن علي بن أسباط عن عمه
يعقوب أو غيره رفعه قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: اللهم ان هذا من عطائك
فبارك لنا فيه وسوغناه، واخلف لنا خلفا لما أكلناه أو شربناه، لا من حول منا ولا
قوة، ورزقت فأحسنت، فلك الحمد، رب اجعلنا من الشاكرين، وإذا فرغ قال:
الحمد لله الذي كفانا وأكرمنا وحملنا في البر والبحر ورزقنا من الطيبات، وفضلنا
على كثير ممن خلق تفضيلا، الحمد الله الذي كفانا المؤنة وأسبغ علينا.
310 - عنه عن محمد بن عبد الله عن عمر المتطبب عن ابن يحيى الصنعاني
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا وضع الطعام بين يديه قال:
187

اللهم هذا [من] منك وفضلك وعطائك فبارك لنا فيه وسوغناه وارزقنا خلفا لما
أكلناه ورب محتاج إليه رزقت وأحسنت، اللهم اجعلنا من الشاكرين، وإذا رفع
الخوان قال: الحمد لله الذي حملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات وفضلنا
على كثير من خلقه أو ممن خلق تفضيلا.
311 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: إذا نظر
أحدكم في المرآة فليقل: الحمد لله الذي خلقني فأحسن خلقي، وصورني فأحسن
صورتي، وزان منى ما شان من غيري وأكرمني بالاسلام.
312 - عن أبي عبد الله (ع) قال: المؤمن أعظم حرمة من الكعبة.
313 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: ان المؤمن يعرف بالسماء كما يعرف الرجل ولده (1)، وانه لا أكرم على الله
تعالى من ملك مقرب.
314 - وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي كرامة المؤمن على الله
انه لم يجعل لأجله وقتا حتى يهم ببائقة (2) فإذا هم ببائقة قبضه الله إليه.
315 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام " وفضلناهم على كثير
ممن خلقنا تفضيلا " قال: خلق كل شئ منكبا غير الانسان خلق منتصبا.
316 - في كتاب علل الشرايع أبى (ره) قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد
ابن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:
ان الله عز وجل ركب في الملائكة عقلا بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، و
ركب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت
شهوته عقله فهو شر من البهائم.
317 - وباسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضا عن

(1) وفى المصدر هكذا " ان المؤمن يعرف في السماء كما يعرف الرجل أهله وولده ".
(2) البائقة: الداهية. الظلم والتعدي عن الحق.
188

أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه وآله:
فان الملائكة لخدامنا وخدام محبينا، يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون
بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوا
ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم
إلى معرفة ربنا وتسبيحه [وتهليله] وتقديسه، ان الله تبارك تعالى خلق آدم فأودعنا
صلبه وأمر الملائكة بالسجود تعظيما لنا واكراما، وكان سجودهم لله عز وجل عبودية
ولآدم اكراما وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة، وقد سجدوا
لادم كلهم أجمعون.
318 - وقد روينا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن في الملائكة من باقة (1) بقل
خير [منه] والأنبياء والحجج يعلمون ذلك لهم وفيهم ما جهلناه.
319 - وباسناده إلى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه:
لما عرج بي إلى السماء الرابعة اذن جبرئيل وأقام ميكائيل، ثم قيل لي: ادن يا محمد
فقلت: أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟ قال: نعم، ان الله عز وجل فضل أنبياءه
المرسلين على الملائكة المقربين، وفضلك أنت خاصة، فدنوت فصليت بأهل
السماء الرابعة.
320 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل
عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما خلق الله عز وجل
خلقا أكرم على الله عز وجل من مؤمن، لان الملائكة خدام المؤمنين، وان جوار الله
للمؤمنين، وان الجنة للمؤمنين، وان الحور العين للمؤمنين، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
321 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل و
فيه: يا رسول الله أخبرنا عن علي هو أفضل أم ملائكة الله المقربون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله.

(1) الباقة: الحزمة من الزهر أو البقل.
189

وهل شرفت الملائكة الا بحبها لمحمد وعلى وقبول ولايتهما، انه لا أحد من محبي علي عليه السلام
نظف قلبه من الغش والدغل والعلل ونجاسة الذنوب الا كان أطهر وأفضل
من الملائكة.
322 - وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه السائل: قلت: الرسول
أفضل أم الملك المرسل إليه؟ قال: بل الرسول أفضل.
323 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي هريرة وعبد الله بن عباس قالا:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله في أثناء كلام طويل: أنتم أفضل من الملائكة.
324 - في اعتقادات الامامية للصدوق عليه الرحمة وقال النبي صلى الله عليه وآله: انا
أفضل من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجميع الملائكة المقربين، وانا خير البرية
وسيد ولد آدم.
325 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن النضر بن سويد عن ابن مسكان عن
يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبى عبد الله عليه السلام " يوم ندعو كل أناس بامامهم " فقال: يدعو
كل قرن من هذه الأمة بامامهم، قلت: فيجئ رسول الله صلى الله عليه وآله في قرنه وعلى " ع " في قرنه
والحسن " ع " في قرنه والحسين " ع " في قرنه الذي هلك بين أظهرهم؟
قال: نعم.
326 - في عيون الأخبار عن الرضا " ع " وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
في قوله تعالى: " يوم ندعو كل أناس بامامهم " قال: يدعى كل قوم بامام زمانهم، و
كتاب الله وسنة نبيهم.
327 - في كتاب الخصال باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: أمرنا أمير المؤمنين
(ع) بالمسير إلى المدائن من الكوفة، فسرنا يوم الأحد وتخلف عمرو بن حريث في
سبعة نفر، فخرجوا إلى مكان بالحيرة يسمى الخورنق، فقالوا نتنزه " 1 " فإذا كان

(1) نزه الرجل: تباعد من كل مكروه، يقال: خرجنا نتنزه إذا خرجوا إلى البساتين
والخضر والرياض.
190

الأربعاء خرجنا فلحقنا عليا قبل ان يجمع، فبينا هم يتغدون إذ خرج عليهم ضب
فصادوه فأخذه عمرو بن حريث فنصب كفه وقال: بايعوا هذا أمير المؤمنين، فبايعه
السبعة وعمرو ثامنهم، وارتحلوا ليلة الأربعاء فقدموا المدائن يوم الجمعة وأمير المؤمنين
" ع " يخطب ولم يفارق بعضهم بعضا وكانوا جميعا حتى نزلوا على باب المسجد، فلما
دخلوا نظر إليهم أمير المؤمنين " ع " فقال: يا أيها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله أسر إلى الف
حديث في كل حديث الف باب، لكل باب الف مفتاح، وانى سمعت الله جل جلاله يقول:
" يوم ندعو كل أناس بامامهم " وانى أقسم لكم بالله ليبعثن يوم القيمة ثمانية نفر يدعون
بامامهم وهو ضب، ولو شئت ان أسميهم لفعلت، قال: فلقد رأيت عمرو بن حريث سقط
كما تسقط السعفة حياءا ولوما.
328 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن
عبد الرحمن عن حماد عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: السمع و
الطاعة أبواب الخير السامع المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له، و
امام المسلمين تمت حجته واحتجاجه يوم يلقى الله عز وجل، ثم قال: يقول الله تبارك
وتعالى: " يوم ندعو كل أناس بامامهم ".
329 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله
غالب عن أبي جعفر (ع) قال: لما نزلت هذه الآية " يوم ندعو كل أناس بامامهم " قال
المسلمون: يا رسول الله الست امام الناس كلهم أجمعين؟ قال: فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: انا رسول الله إلى الناس أجمعين، ولكن سيكون من بعدى أئمة على الناس
من الله من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون وتظلمهم أئمة الكفر والضلال و
أشياعهم، فمن والاهم واتبعهم وصدقهم فهو منى، ومعي وسيلقاني الا ومن ظلمهم و
كذبهم فليس منى ولا معي وانا منه برئ.
330 - علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله
ابن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم بن البطل عن عبد الله بن سنان قال: قلت
191

لأبي عبد الله عليه السلام: " يوم ندعو كل أناس بامامهم " قال: امامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم
أهل زمانه.
331 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن الحسن بن
شمون عن عبد الله بن عمرو بن الأشعث عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن يحيى بن
عبد الله بن الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يجئ كل غادر
بامام يوم القيمة مايلا شدقه حتى يدخل النار.
332 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن
محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد بن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار
عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " يوم ندعو كل أناس بامامهم " قال: يجئ
رسول الله صلى الله عليه وآله في قومه وعلى في قومه والحسن في قومه، والحسين في قومه، وكل
من مات بين ظهراني قوم جاؤوا معه.
333 - وقال علي بن إبراهيم في قوله: " يوم ندعو كل أناس بامامهم " قال: ذلك يوم
القيمة ينادى مناد: ليقم أبو بكر وشيعته وعمر وشيعته، وعثمان وشيعته، وعلى وشيعته.
334 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
يقول فيه (ع) وقد ذكر المنافقين وكذلك قوله: " سلام على آل ياسين " لان الله سمى النبي
صلى الله عليه وآله بهذا الاسم حيث قال: " يس والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين " لعلمه انهم
يسقطون لاقول " سلام على آل محمد " كما أسقطوا غيره، وكذلك قال: " يوم ندعو كل
أناس بامامهم " ولم يسم بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم.
335 - في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل رجل
يقال له بشر بن غالب أبا عبد الله الحسين عليه السلام فقال: يا بن رسول الله اخبرني عن قول الله
عز وجل: " يوم ندعو كل أناس بامامهم " قال: امام دعى إلى هدى فأجابوه إليه، وامام
دعى إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، وهو قوله عز وجل
" فريق في الجنة وفريق في السعير " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
192

336 - في الصحيفة السجادية اللهم انك أيدت دينك في كل أوان بامام أقمته
علما لعبادك، ومنارا في بلادك، بعد أن وصلت حبله بحبلك، وجعلته الذريعة إلى
رضوانك، وافترضت طاعته وحذرت معصيته، وأمرت بامتثال أمره والانتهاء عند
نهيه، ولا يتقدمه متقدم، ولا يتأخر عنه متأخر.
337 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام قال الله تعالى: " يوم ندعو كل
أناس بامامهم " أي من كان اقتدى بمحق قبل وزكى.
338 - في الخرايج والجرايح في أعلام أبى محمد العسكري قال أبو هاشم
بعد أن روى كرامة له عليه السلام فجعلت أفكر في نفسي عظم ما أعطى الله آل محمد، و
بكيت فنظر إلى وقال: الامر أعظم مما حدثت به في نفسك من عظم شأن آل محمد،
فاحمد الله أن يجعلك متمسكا بحبلهم، تدعى القيمة بهم إذا دعى كل أناس بامامهم
انك على خير.
339 - في كتاب الرجال للكشي (ره) فضالة بن جعفر عن أبان عن حمزة بن الطيار
ان أبا عبد الله عليه السلام اخذ بيدي ثم عد الأئمة إماما إماما يحسبهم حتى انتهى إلى أبى
جعفر عليه السلام فكف، فقلت: جعلني الله فداك لو فلقت رمانة فأحللت بعضها وحرمت
بعضها لشهدت ان ما حرمت حرام وما أحللت حلال، فقال: فحسبك ان تقول بقوله
وما أنا الا مثلهم، لي ما لهم وعلى ما عليهم، فان أردت أن تجئ مع الذين قال الله تعالى:
" يوم ندعو كل أناس بامامهم " فقل بقوله.
340 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه إذا كان يوم القيمة
يدعى كل بامامه الذي مات في عصره، فان انتبه اعطى كتابه بيمينه لقوله: " يوم ندعو
كل أناس بامامهم " فان أوتي كتابه بيمينه " فيقول: هاؤم اقرأوا كتابيه انى ظننت
أنى ملاق حسابيه " الآية والكتاب الامام، فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال نبذوه
وراء ظهورهم، ومن أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله: " ما أصحاب
الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم " إلى آخر الآية
193

341 - عنه عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: سألته عن قوله " يوم ندعو كل
أناس بامامهم " قال: من كان يأتمون به في الدنيا ويؤتى بالشمس والقمر فيقذفان
في حميم ومن يعبدهما.
342 - عن جعفر بن أحمد عن الفضل بن شاذان انه وجد مكتوبا بخط أبيه عن أبي
بصير قال: أخذت بفخذ أبى عبد الله عليه السلام فقلت: أشهد انك امامي، فقال: اما
انه سيدعى كل أناس بامامهم أصحاب الشمس بالشمس وأصحاب القمر بالقمر وأصحاب
النار بالنار، وأصحاب الحجارة بالحجارة.
343 - عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام لا تترك الأرض بغير امام يحل
حلال الله ويحرم حرام الله، وهو قول الله: " يوم ندعو كل أناس بامامهم " ثم قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات ميتة جاهلية فمدوا أعناقهم وفتحوا
أعينهم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أليست الجاهلية الجهلاء فلما خرجنا من عنده قال لنا
سليمان: هو والله الجاهلية الجهلاء، ولكن لما رآكم مددتم أعناقكم وفتحتم أعينكم
قال لكم كذلك.
344 - عن بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أنتم والله على دين الله، ثم
تلا " يوم ندعو كل أناس بامامهم " ثم قال: على امامنا ورسول الله صلى الله عليه وآله امامنا، كم
من امام يجئ يوم القيمة يلعن أصحابه ويلعنونه، ونحن ذرية محمد، وامنا فاطمة.
345 - عن إسماعيل بن همام قال: قال الرضا عليه السلام في قول الله: " يوم ندعو كل
أناس بامامهم " قال: إذا كان يوم القيمة قال الله: أليس عدل من ربكم أن تولوا
كل قوم من تولوا؟ قالوا: بلى، قال: فيقول تميزوا فيتميزون.
346 - عن محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن كنتم تريدون ان
تكونوا معنا يوم القيمة لا يلعن بعضنا بعضا فاتقوا الله وأطيعوا. فان الله يقول: " يوم
ندعو كل أناس بامامهم ".
347 - في مجمع البيان وروى عن الصادق عليه السلام أنه قال: ألا تمجدون الله،
194

إذا كان يوم القيامة فدعى كل قوم إلى من يتولون وفرغنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وفرغتم
إلينا (1) قال: أين ترون يذهب بكم؟ إلى الجنة ورب الكعبة. قالها ثلثا.
348 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن
عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت
عليه كلمة العذاب، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، قال الله عز وجل: " فأما
من أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا "
349 - في تفسير علي بن إبراهيم " ولا يظلمون فتيلا " قال: الجلدة التي في
ظهر النواة.
350 - في عيون الأخبار في باب مجلس للرضا عليه السلام من أهل الأديان والمقالات
في التوحيد كلام الرضا عليه السلام مع عمران وفيه: إياك وقول الجهال أهل العمى و
الضلال، الذين يزعمون أن الله جل وتقدس موجود في الآخرة للحساب والثواب و
العقاب، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجا ولو كان في الوجود لله عز وجل نقص
واهتضام (2) لم يوجد في الآخرة أبدا، ولكن القوم تاهوا وعموا عن الحق من
حيث لا يعلمون، وذلك قوله عز وجل: " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى
وأضل سبيلا " يعنى أعمى عن الحقايق الموجودة.
351 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه يقول
عليه السلام: أشد العمى من عمى عن فضلنا أو ناصبنا العداوة بلا ذنب سبق إليه منا، الا أنا
دعوناه إلى الحق، ودعاه من سوانا إلى الفتنة والدنيا، فأتاهما ونصب البراءة منا و
العداوة.
352 - في كتاب التوحيد أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا

(1) فرغ إليه: قصد.
(2) الاهتضام: الكسر والنقص.
195

أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " ومن كان في هذه أعمى " قال: من لم
يدله خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ودوران الفلك والشمس والقمر
والآيات العجيبات على أن وراء ذلك أمر أعظم منه " فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا "
353 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن الحسين بن سعيد عن
القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
قول الله تعالى: " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " قال: ذلك
الذي يسوف نفسه الحج يعنى حجة الاسلام حتى يأتيه الموت.
354 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم عن
عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين
فقال له: ان ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيمن
نزلت، فقال أبى عليه السلام: سله فيمن نزلت: " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة
أعمى وأضل سبيلا " وفيمن نزلت: " ولا ينفعكم نصحي ان أردت أن أنصح لكم إن كان
الله يريد أن يغويكم " وفيمن نزلت: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا
ورابطوا " فاتاه الرجل فسأله فقال: وددت ان الذي امرك بهذا
واجهني به فاسأله عن العرش ممن خلقه الله ومتى خلقه وكم هو وكيف
هو؟ فانصرف الرجل إلى أبى عليه السلام فقال أبى: فهل أجابك بالآيات؟ قال:
لا، قال أبى: لكن أجيبك فيها بعلم ونور غير المدعى ولا المنتحل، واما قوله: " ومن
كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " ففيه نزل وفى أبيه، واما قوله: " و
لا ينفعكم نصحي ان أردت ان أنصح لكم " ففي أبيه نزلت، واما قوله: " يا أيها الذين آمنوا
اصبروا وصابروا ورابطوا " الآية ففي أبيه نزلت وفينا ولم يكن الرباط الذي أمرنا
به وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط (1)، والحديث طويل

(1) قيل يحتمل أن يكون المراد من قوله عليه السلام: " نزلت الآية.. اه " يعنى انهم مأمورون برباطنا وصلتنا وقد تركوا ولم يأتمروا وسيكون ذلك في زمان ظهور القائم عليه السلام
فيرابطنا من بقي من نسلهم فينصرون قائمنا فيكون من نسلنا المرابط بالفتح أعني القائم عجل الله
تعالى فرجه الشريف ومن نسله المرابط بالكسر ويحتمل على هذا الوجه أيضا الكسر فيهما والفتح
فتأمل.
196

أخذنا منه موضع الحاجة.
355 - وقال أبو عبد الله عليه السلام أيضا: " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل
سبيلا " قال: نزلت فيمن يسوف الحج حتى مات ولم يحج فعمى عن فريضة من فرائض الله
356 - وفيه خطبة له صلى الله عليه وآله وفيها: وأعمى العمى عمى الضلالة بعد الهدى، وشر
العمى عمى القلب.
357 - في كتاب ثواب الأعمال رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: تحشر
المرجئة عميانا فأقول لهم: ليسوا من أمه محمد صلى الله عليه وآله، انهم بدلوا فبدل بهم و
غيروا فغير ما بهم.
358 - وفيه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ومن قرأ القرآن ولم يعلم به
حشره الله عز وجل يوم القيمة أعمى، فيقول: " رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا
قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " فيؤمر به إلى النار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
359 - في تفسير علي بن إبراهيم وان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا
إليك لتفتري علينا غيره قال: يعنى أمير المؤمنين وإذا لاتخذوك خليلا أي صديقا
لو أقمت غيره.
360 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون في عصمة
الأنبياء عليهم السلام حديث طويل يقول فيه المأمون للرضا عليه السلام: فأخبرني عن قول الله تعالى:
" عفى الله عنك لم أذنت لهم " قال الرضا عليه السلام: هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جاره (1)

(1) هذا مثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره، وقيل إن أول من قال ذلك
سهل بن مالك الفزاري، وقصته مذكورة في كتاب مجمع الأمثال (ج 1: 50 ط مصر).
197

خاطب الله تعالى بذلك نبيه صلى الله عليه وآله وأراد به أمته، وكذلك قوله عز وجل: " لئن أشركت
ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " وقوله تعالى: ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن
إليهم شيئا قليلا قال: صدقت يا بن رسول الله.
361 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم
عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل القرآن بإياك أعنى واسمعي يا جاره.
362 - وفى رواية أخرى عن أبي عبد الله عليه السلام: قال معناه ما عتب الله عز وجل به على
نبيه فهو يعنى به ما قد قضى في القرآن مثل قوله: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم
شيئا قليلا " عنى بذلك غيره.
363 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام مجيبا لبعض
الزنادقة وقد قال: ثم خاطبه في أضعاف ما اثنى عليه في الكتاب من الازراء (1) وانخفاض
محله وغير ذلك تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء، مثل قوله: " ولولا أن
ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " والذي بدأ في الكتاب من الازراء على النبي
صلى الله عليه وآله من قربه الملحدين.
364 - في تفسير العياشي عن أبي يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول
الله: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " قال: لما كان يوم الفتح اخرج
رسول الله صلى الله عليه وآله أصناما من المسجد وكان منها صنم على المروة، وطلبت إليه قريش ان
يتركه، وكان مستحيا فهم بتركه، ثم أمر بكسره فنزلت هذه الآية.
365 - عن ابن أبي عمير عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما عاتب الله نبيه فهو يعنى
به من قد مضى في القرآن مثل قوله: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا "
عنى بذلك غيره.
366 - عن عبد الله بن عثمان البجلي عن رجل ان النبي صلى الله عليه وآله اجتمعا عنده وابنتيهما
فتكلموا في علي وكان من النبي صلى الله عليه وآله أن يلين لهما في بعض القول، فأنزل الله:

(1) ازرأه: عابه ووضع من حقه.
198

" لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد
لك علينا نصيرا " ثم لا تجد لك مثل على وليا.
367 - في مجمع البيان " ثم لا تجد لك علينا نصيرا " قيل: لما نزلت هذه
الآية قال النبي صلى الله عليه وآله: اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا عن قتادة.
368 - في تفسير العياشي عن بعض أصحابنا عن أحدهما (ع) قال: إن الله قضى
الاختلاف على خلقه وكان أمرا قد قضاه في حكمه كما قضى على الأمم من قبلكم، و
هي السنن والأمثال تجرى على الناس فجرت علينا كما جرت على الذين من قبلنا
وقول الله حق، قال الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وآله: سنة من قد أرسلنا قبلك من
رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا " فهل ينتظرون الا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل
فانتظروا انى معكم من المنتظرين " وقال: لا تبديل لقول الله وقد قضى الله على موسى
وهو مع قومه يريهم الآيات والعبر (1) ثم مروا على قوم يعبدون أصناما " قالوا يا
موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون " فاستخلف موسى هارون
فنصبوا عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم واله موسى وتركوا هارون، فقال:
" يا قوم انما فتنتم به وان ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا امرى، قالوا لن نبرح عليه
عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " فضرب لكم أمثالهم وبين لكم كيف صنع بهم. وقال: ان
نبي الله صلى الله عليه وآله لم يقبض حتى أعلم الناس أمر علي عليه السلام فقال: من كنت مولاه فعلى مولاه وقال:
انه منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدى، وكان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله
في المواطن كلها، وكان معه في المسجد يدخل على كال حال، وكان أول الناس ايمانا به،
فلما قبض نبي الله صلى الله عليه وآله كان الذي كان لما قضى من الاختلاف، وعمد عمر فبايع أبا بكر ولم
يدفن رسول الله صلى الله عليه وآله بعد، فلما رأى ذلك علي عليه السلام ورأى الناس قد بايعوا أبا بكر،
خشي ان يفتتن الناس، ففرغ إلى كتاب الله وأخذ بجمعه في مصحف، فأرسل أبو بكر
إليه ان تعال فبايع، فقال على: لا أخرج حتى أجمع القرآن، فأرسل إليه مرة

(1) وفى المصدر " والنذر " مكان " والعبر ".
199

أخرى فقال: لا أخرج حتى افرغ، فأرسل إليه الثالثة ابن عم له يقال له قنفذ فقامت
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله تحول بينه وبين علي عليه السلام فضربها فانطلق قبله وليس معه
علي عليه السلام فخشى ان يجمع على الناس، فأمر بحطب فجعل حوالي بيته ثم انطلق عمر بنار
فأراد أن يحرق على على بيته وعلى فاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، فلما
رأى ذلك خرج فبايع كارها غير طائع.
369 - عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " سنة من قد أرسلنا
قبلك من رسلنا " قال: هي سنة محمد، ومن كان قبله من الرسل وهي الاسلام.
370 - في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى عن حماد عن حريز
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عما فرض الله من الصلاة، فقال: خمس صلوات
في الليل والنهار، فقلت: هل سماهن الله وبينهن في كتابه؟ فقال: نعم، قال الله عز وجل
لنبيه صلى الله عليه وآله: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ودلوكها زوالها، ففي
ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سماهن وبينهن ووقتهن، وغسق
الليل انتصافه، ثم قال: وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا فهذه الخامسة.
371 - في من لا يحضره الفقيه وروى بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال
: وأول وقت للعشاء الآخرة ذهاب الحمرة، وآخر وقتها غسق الليل يعنى
نصف الليل.
372 - في الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن يزيد
ابن خليفة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت، فقال
أبو عبد الله: إذا لا يكذب علينا، قلت: ذكر انك قلت: أول صلاة افترضها الله على نبيه
صلى الله عليه وآله الظهر، وهو قول الله عز وجل: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل و
قرآن الفجر " فإذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك ثم لا تزال في وقت إلى أن يصير
الظل قامة وهو آخر الوقت، فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت حتى
يصير الظل قامتين، وذلك المساء، فقال: صدق.
200

373 - علي بن محمد عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد -
الرحمان بن سالم عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أخبرني بأفضل
المواقيت في صلاة الفجر، فقال: مع طلوع الفجر ان الله يقول: " وقرآن الفجر ان
قرآن الفجر كان مشهودا " يعنى صلاة الفجر تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار،
فإذا صلى العبد الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين، أثبتها ملائكة الليل و
ملائكة النهار.
374 - علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن علي بن الحكم عن ربيع بن محمد
المسلى عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما عرج رسول الله
صلى الله عليه وآله نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين فلما ولد الحسن والحسين زاد رسول الله
صلى الله عليه وآله سبع ركعات شكرا لله، فأجاز الله له ذلك، وترك الفجر لم يزد فيها، لأنه يحضرها
ملائكة الليل وملائكة النهار.
375 - في من لا يحضره الفقيه سئل الصادق عليه السلام: لم صارت المغرب
ثلث ركعات وأربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر ولا سفر؟ فقال: ان الله تبارك و
تعالى أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله كل صلاة ركعتين، فأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل
صلاة ركعتين في الحضر، وقصر فيه في السفر، الا المغرب والغداة، فلما صلى
عليه السلام المغرب بلغه مولد فاطمة عليه السلام فأضاف إليها ركعة شكرا لله عز وجل، فلما ان
ولد الحسن عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عز وجل، فلما أن ولد الحسين عليه السلام أضاف
إليها ركعتين شكرا لله عز وجل، فقال: " للذكر مثل حظ الأنثيين " فتركها على حالها
في السفر والحضر.
376 - في العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر و
أبي عبد الله عليهما السلام عن قوله: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " قال: جمعت
الصلوات كلهن ودلوك الشمس زوالها، وغسق الليل انتصافه، وقال: انه ينادى مناد
من السماء كل ليلة إذا انتصف الليل: من رقد عن صلاة العشاء إلى هذه الساعة فلا نامت
201

عيناه، " وقرآن الفجر " قال: صلاة الصبح، واما قوله: " كان مشهودا " قال، تحضره
ملائكة الليل والنهار.
377 - وعن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " أقم الصلاة لدلوك
الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر " قال: إن الله افترض أربع صلوات أول وقتها
من زوال الشمس إلى انتصاف الليل، منها صلاتان أول وقتها من عند زوال الشمس إلى
غروبها، الا ان هذه قبل هذه، ومنها صلاتان أول وقتها من غروب الشمس إلى انتصاف
الليل الا ان هذه قبل هذه.
378 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " أقم الصلاة لدلوك الشمس
إلى غسق الليل " قال: دلوكها زوالها، غسق الليل إلى نصف الليل، ذلك أربع
صلوات وضعهن رسول الله ووقتهن للناس، وقرآن الفجر صلاة الغداة.
379 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى سعيد بن المسيب قال: سألت على
ابن الحسين صلوات الله عليه فقلت له: متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هم اليوم
عليه؟ قال: فقال: بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوى الاسلام، وكتب الله عز وجل
الجهاد، زاد رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة سبع ركعات، في الظهر ركعتين، وفى العصر
ركعتين، وفى المغرب ركعة وفى العشاء الآخرة ركعتين، وأقر الفجر على ما فرضت
بمكة، لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء، ولتعجيل ملائكة النهار إلى الأرض،
فكانت ملائكة النهار وملائكة الليل يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الفجر، فلذلك
قال عز وجل: " وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا " يشهده المسلمون، ويشهده
ملائكة النهار، وملائكة الليل.
380 - وباسناده إلى أبى هاشم الخادم عن أبي الحسن الماضي عليه السلام حديث
طويل يقول في آخره: وما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق غسق.
381 - وباسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن علي بن
أبي طالب عليهم السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل
202

فكان فيما سأله ان قال: أخبرني عن الله عز وجل لأي شئ فرض هذه الخمس صلوات في
خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ان الشمس
عند الزوال لها حلقة تدخل فيها، فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شئ دون
العرش بحمد ربى جل جلاله، وهي الساعة التي يصلى على فيها ربى، ففرض الله عز وجل
على وعلى أمتي فيها الصلاة، وقال: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " وهي
الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيمة، فما من مؤمن يوافق تلك الساعة أن
يكون ساجدا أو راكعا أو قائما الا حرم الله عز وجل جسده على النار، واما صلاة العصر
فهي الساعة التي أكل آدم عليه السلام فيها من الشجرة، فأخرجه الله عز وجل من الجنة
فأمر الله عز وجل ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيمة، واختارها لامتي، فهي من أحب
الصلوات إلى الله عز وجل، وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات، واما صلاة المغرب فهي
الساعة التي تاب الله على آدم عليه السلام، وكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه
عز وجل ثلاثمائة سنة من أيام، وفى أيام الآخرة يوم كألف سنة، ما بين العصر إلى العشاء و
صلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حوا وركعة لتوبته ففرض الله عز وجل
هذه الركعات الثلاث على أمتي، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي عز
وجل أن يستجيب لمن دعاه فيها، وهي الصلاة التي أمرني ربى بها في قوله عز وجل
" فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون " واما صلاة العشاء الآخرة فان للقبر ظلمة
وليوم القيامة ظلمة، أمرني ربي عز وجل وأمتي بهذه الصلاة لتنور القبر، وليعطيني
وأمتي النور على الصراط، وما من قدم مشت إلى صلاة العتمة الا حرم الله عز وجل جسده
على النار، وهي الصلاة التي اختارها الله عز وجل قبلي للمرسلين، واما صلاة الفجر
فان الشمس إذا طلعت تطلع على قرن شيطان، فأمرني ربي عز وجل أن أصلى
قبل طلوع الشمس صلاة الغداة، وقبل ان يسجد لها الكافر لتسجد أمتي لله عز وجل
وسرعتها أحب إلى الله عز وجل، وهي الصلاة التي يشهدها ملائكة الليل و
ملائكة النهار.
203

وفى من لا يحضره الفقيه مثل هذه العلل سواء.
382 - في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن علي بن
عبد الله عن ابن فضال عن مروان عن عمار الساباطي قال: كنا جلوسا عند أبي عبد الله عليه السلام
بمنى، فقال له رجل: ما تقول في النوافل؟ فقال: فريضة، قال: ففزعنا وفزع الرجل
فقال أبو عبد الله عليه السلام: انما أعنى صلاة الليل على رسول الله صلى الله عليه وآله، ان الله عز وجل يقول:
ومن الليل فتهجد به نافلة لك.
383 - في كتاب الخصال فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام: يا علي ثلاث
فرحات للمؤمن في الدنيا: لقاء الاخوان والافطار من الصيام، والتهجد في
آخر الليل.
384 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن النعمان عن بعض رجاله قال:
جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين انى قد حرمت الصلاة بالليل
قال: فقال أمير المؤمنين: أنت رجل قد قيدتك ذنوبك.
385 - وباسناده إلى الحسين بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم صلاة الليل حرم
بها الرزق.
386 - وباسناده إلى آدم بن إسحاق عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة الداء عن
أجسادكم.
387 - وقال أبو عبد الله عليه السلام: صلاة الليل تبيض الوجوه، وصلاة الليل
تطيب الليل وصلاة الليل تجلب الرزق.
388 - وباسناده إلى إسماعيل بن موسى عن جعفر عن أخيه علي بن موسى الرضا
عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: سئل علي بن الحسين عليهما السلام: ما بال المتهجدين
بالليل من أحسن الناس وجها؟ قال: لأنهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره.
204

389 - في من لا يحضره الفقيه وروى جابر بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن
أبيه عليهما السلام ان رجلا سأل علي بن أبي طالب من قيام الليل بالقرآن، فقال له: ابشر من
صلى من الليل عشر ليلة لله مخلصا ابتغاء ثواب الله قال الله عز وجل لملائكته: اكتبوا
لعبدي هذا من الحسنات عدد ما أنبت في الليل من حبة وورقة وشجرة، وعدد كل
قصبة وخوص ومرعى، ومن صلى تسع ليلة أعطاه الله عشر دعوات مستجابات، وأعطاه
كتابه بيمينه ومن صلى ثمن ليلة أعطاه الله أجر شهيد صابر صادق النية، وشفع في أهل بيته ومن
صلى سبع ليلة خرج من قبره يوم يبعث ووجهه كالقمر ليلة البدر، حتى يمر على الصراط مع
الآمنين ومن صلى سدس ليلة كتب في الأوابين، وغفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صلى خمس ليلة
زاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته، ومن صلى ربع ليلة كان في أول الفائزين حتى يمر
على الصراط كالريح العاصف، ويدخل الجنة بغير حساب، ومن صلى ثلث ليلة لم يبق
ملك الا غبطه بمنزلته من الله عز وجل، وقيل له: ادخل من أي أبواب الجنان الثمانية شئت، و
من صلى نصف ليلة فلو أعطى ملاء الأرض ذهبا سبعين ألف مرة لم يعدل جزاؤه وكان له
بذلك عند الله عز وجل أفضل من سبعين رقبة يعتقها من ولد إسماعيل، ومن صلى ثلثي
ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج (1) أدناها حسنة أثقل من جبل أحد عشر مرات
ومن صلى ليلة تامة تاليا لكتاب الله عز وجل راكعا وساجدا وذاكرا أعطى من الثواب
ما أدناه يخرج من الذنوب كما ولدته أمه، ويكتب له عدد ما خلق الله عز وجل من
الحسنات، ومثلها درجات، ويثبت النور في قبره، وينزع الاثم والحسد من قلبه، و
يجار من عذاب النار ويعطى براءة من النار، ويبعث من الآمنين، ويقول الرب تبارك و
تعالى لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أحيى ليلة ابتغاء مرضاتي، اسكنوه
الفردوس، وله فيها ألف مدينة في كل مدينة جميع ما تشهتى الأنفس وتلذ الأعين، و
لم يخطر على بال سوى ما أعددت له من الكرامة والمزيد والقربة.
390 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقد

(1) أي المتلاطم.
205

ذكر أهل المحشر: ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلى الله عليه وآله وهو
المقام المحمود، فيثنى على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثنى على
كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين والشهداء، ثم بالصالحين فتحمده أهل السماوات و
أهل الأرض، فلذلك قوله عز وجل: عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا فطوبى
لمن كان في ذلك اليوم له حظ ونصيب، وويل لمن لم يكن له في ذلك اليوم حظ ولا نصيب.
391 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن
إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان وابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: إذا دخلت المدينة إلى أن قال: ابعثه مقاما محمودا يغبطه به
الأولون والآخرون.
392 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن
زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن شفاعة النبي صلى الله عليه وآله يوم القيمة؟
فقال: يلجم الناس يوم القيمة العرق، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم يشفع لنا فيأتون
آدم فيقولون: اشفع لنا عند ربك، فيقول: ان لي ذنبا وخطيئة فعليكم بنوح فيأتون نوحا فيردهم إلى من يليه، ويردهم كل نبي إلى من يليه حتى ينتهوا إلى عيسى،
فيقول: عليكم بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء، فيعرضون
أنفسهم عليه، ويسألونه فيقول: انطلقوا، فينطلق بهم إلى باب الجنة، ويستقبل باب
الرحمن ويخر ساجدا، فيمكث ما شاء الله فيقول: ارفع رأسك واشفع تشفع، وسل
تعط، وذلك قوله تعالى: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ".
393 - وحدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن معاوية وهشام عن أبي عبد الله
عليه السلام قال " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في أبى وأمي
وعمى وأخ كان لي في الجاهلية.
394 - حدثني أبي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام ان صفية
بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها عمر: غطى قرطك (1) فان قرابتك من

(1) القرط - بالضم -: ما يعلق في شحمة الأذن من درة ونحوها.
206

رسول الله لا ينفعك شيئا، فقالت له: هل رأيت لي قرطا يا بن اللخناء، ثم
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته وبكت، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فنادى: الصلاة
جامعة فاجتمع الناس فقال: ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع؟! لو قد قمت
المقام المحمود لشفعت في خارجكم لا يسألني اليوم أحد من أبوه الا أخبرته،
فقال إليه رجل فقال: من أبى يا رسول الله؟ فقال: أبوك غير الذي تدعى له، ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: ما بال الذي يزعم أن قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟ فقام إليه
عمر فقال: أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله وغضب رسوله، أعف عنى عفا الله عنك،
فأنزل الله: " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم " الآية.
395 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن
أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي قال: قال علي عليه السلام: قد ذكر مناقب الرسول صلى الله عليه وآله و
وعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيمة أقعده الله تعالى على العرش الحديث.
396 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: إذا حشر الناس يوم القيمة نادى مناد: يا رسول الله
ان الله جل اسمه قد امنك من مجاراة (1) محبيك ومحبى أهل بيتك الموالين لهم فيك
والمعادين لهم فيك، فكافهم بما شئت، فأقول: يا رب الجنة فأنادى بوأهم منها حيث
شئت، فذلك المقام المحمود الذي وعدت به.
397 - وباسناده إلى أنس بن مالك، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله مقبلا على
علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وهو يتلو هذه الآية: " فتهجد به نافلة لك عسى ان
يبعثك ربك مقاما محمودا " فقال: يا علي أن ربي عز وجل ملكني بالشفاعة في أهل
التوحيد من أمتي، وحظر ذلك عمن ناصبك أو ناصب ولدك من بعدك.
398 - في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا قمت

(1) جاراه في الحديث مجاراة: أي جرى وخاض معه في الكلام، وفى البحار " مجازاة "
بالزاء المعجمة.
207

المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت
فيمن اذى ذريتي.
399 - وفيها أيضا قال الله تعالى: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: المقام الذي اشفع فيه لامتي.
400 - في تفسير العياشي عن خثيمة الجعفي قال: كنت عند جعفر بن
محمد عليهما السلام أنا ومفضل بن عمر ليلة ليس عنده أحد غيرنا، فقال له مفضل الجعفي:
جعلت فداك حدثنا حديثا نسر به، قال: نعم إذا كان يوم القيمة حشر الله الخلايق في
صعيد واحد حفاة عراة غرلا (1) قال: فقلت: جعلت فداك ما الغرل؟ قال: كما
خلقوا أول مرة، فيقفون حتى يلجمهم العرق (2) فيقولون: ليت الله يحكم بيننا
ولو إلى النار، يرون أن في النار راحة مما هم فيه، ثم يأتون آدم فيقولون: أنت
أبونا وأنت نبي فسل ربك يحكم بيننا ولو إلى النار، فيقول: لست بصاحبكم خلقني
ربى بيده، وحملني على عرشه، وأسجد لي ملائكته، ثم أمرني فعصيته، ولكني
أدلكم على ابني الصديق الذي مكث في قومه ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم كلما كذبوا
اشتد تصديقه: نوح. قال: فيأتون نوحا فيقولون: سل ربك يحكم بيننا ولو إلى
النار، قال: فيقول: لست بصاحبكم انى قلت: " ان ابني من أهلي " ولكني أدلكم
إلى من اتخذه الله خليلا في دار الدنيا ايتوا إبراهيم، قال،: فيأتون إبراهيم فيقول:
لست بصاحبكم انى قلت " انى سقيم " ولكني أدلكم على من كلم الله تكليما: موسى،
قال: فيأتون موسى، فيقولون له، فيقول: لست بصاحبكم " انى قتلت نفسا " ولكني
أدلكم على من كان يخلق بإذن الله ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله: عيسى، فيأتونه
فيقول: لست بصاحبكم ولكني أدلكم على من بشرتكم به في دار الدنيا: أحمد.

(1) قال الطريحي (ره): في الحديث يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد.
قيل: هي أرض مستوية، والغرل - بضم الغين -: من لم يختن.
(2) قال الجزري: فيه: يبلغ العرق منهم ما يلجمهم أي يصل إلى أفواههم فيصير لهم بمنزلة
اللجام يمنعهم عن الكلام يعنى في المحشر.
208

ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ما من نبي، آدم إلى محمد صلوات الله عليهم الا وهم
تحت لواء محمد، قال: فيأتونه ثم قال: فيقولون: يا محمد سل ربك يحكم بيننا
ولو إلى النار قال: فيقول نعم أنا صاحبكم، فيأتي دار الرحمن وهي عدن
وان بابها سعته بعد ما بين المشرق والمغرب، فيحرك حلقة من الحلق،
فيقال: من هذا؟ وهو أعلم به. فيقول: انا محمد، فيقال: افتحوا له، قال: فيفتح
لي قال فإذا نظرت إلى ربى (1) مجدته تمجيدا لم يمجده أحد كان قبلي ولا
يمجده أحد كان بعدى، ثم أخر ساجدا فيقول: يا محمد ارفع رأسك، وقل
نسمع قولك (2) واشفع تشفع وسل تعط، قال: فإذا رفعت رأسي ونظرت إلى ربى
مجدته تمجيدا أفضل من الأول ثم أخر ساجدا فيقول: ارفع رأسك وقل نسمع
قولك، واشفع تشفع وسل توجه، فإذا رفعت رأسي ونظرت إلى ربى مجدته تمجيدا
أفضل من الأول والثاني، ثم أخر ساجدا فيقول: ارفع رأسك وقل نسمع قولك و
اشفع تشفع، وسل توجه، فإذا رفعت رأسي ونظرت إلى ربى أقول: رب احكم بين
عبادك ولو إلى النار فيقول: نعم يا محمد، قال: ثم يؤتى بناقة من ياقوت أحمر و
زمامها زبرجد أخضر حتى أركبها، ثم آتي المقام المحمود حتى أقضى عليه، وهو تل
من مسك أذفر محاذ بحيال العرش، ثم يدعى إبراهيم فيحمل على مثلها فيجئ حتى
يقف عن يمين رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم يرفع رسول الله صلى الله عليه وآله يده يضرب على كتف علي بن أبي
طالب، قال: ثم يؤتى والله بمثلها فيحمل عليها، فيجئ حتى يقف بيني وبين أبيك
إبراهيم، ثم يخرج مناد من عند الرحمن فيقول: يا معشر الخلايق أليس العدل من
ربكم أن يولى كل قوم ما كانوا يتولون في دار الدنيا؟ فيقولون: بلى وأي شئ
عدل غيره، فيقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا ان عيسى هو الله وابن الله
فيتبعونه إلى النار ويقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا ان عزيرا ابن الله
حتى يتبعونه إلى النار ويقوم كل شيطان أضل فرقة فيتبعونه إلى النار حتى تبقى هذه الأمة

(1) قال المجلسي (ره): أي إلى عرشه، أو إلى كرامته، أو إلى نور من أنوار عظمته.
(2) وفى المصدر " يسمع " بالياء بدل " نسمع ".
209

ثم يخرج مناد من عند الله فيقول: يا معشر الخلايق أليس العدل من ربكم ان يولى كل فريق
من كانوا يتولون في دار الدنيا؟ فيقولون: بلى، فيقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه،
ثم يقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم شيطان ثالث فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم
معاوية فيتبعه من كان يتولاه، ويقوم على فيتبعه من كان يتولاه ثم يقوم يزيد بن
معاوية فيتبعه من كان يتولاه، ويقوم الحسن فيتبعه من كان يتولاه ويقوم الحسين فيتبعه
من كان يتولاه، ثم يقوم مروان بن الحكم وعبد الملك فيتبعهما من كان يتولاهما، ثم يقوم
علي بن الحسين فيتبعه من كان يتولاه: ثم يقوم الوليد بن عبد الملك ويقوم محمد بن علي
فيتبعهما من كان يتولاهما ثم أقوم أنا فيتبعني من كان يتولاني، وكأني بكما معي، ثم يؤتى
بنا فنجلس على عرش ربنا (1) ويؤتى بالكتب فتوضع فنشهد على عدونا، ونشفع لمن
كان من شعيتنا مرهقا، قال: قلت: جعلت فداك فما المرهق؟ قال: المذنب،
فاما الذين اتقوا من شيعتنا فقد نجاهم الله فمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون،
قال: ثم جائته جارية له فقالت: ان فلان القرشي بالباب، فقال: ائذنوا له، ثم قال
لنا: اسكتوا.
401 - عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله ان أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله
صلى الله عليه وآله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي، وقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله
الله للعاملين علها فنحن أولى بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بنى عبد المطلب ان الصدقة
لا تحل ولى ولا لكم، ولكني وعدت بالشفاعة، ثم قال: والله أشهد انه قد وعدها فما ظنكم
يا بنى عبد المطلب إذا أخذت بحلقة الباب أتروني مؤثرا عليكم غيركم؟.
ثم قال: إن الجن والإنس يجلسون يوم القيمة في صعيد واحد، فإذا طال بهم الموقف
طلبوا الشفاعة فيقولون: إلى من؟ فيأتون نوحا فيسألونه الشفاعة فيقول: ههيهات قد
رفعت حاجتي (2) فيقولون إلى من؟ فيقال: إلى إبراهيم فيأتون إلى إبراهيم فيسألونه

(1) قال المجلسي (ره): كناية عن ظهور الحكم والامر من عند العرش وخلق الكلام هناك.
(2) وقال (ره): قد رفعت حاجتي أي إلى غيري والحاصل انى أيضا استشفع من غيري فلا
أستطيع شفاعتكم، ويمكن أن يقرأ على بناء المفعول كناية عن رفع الرجاء أي رفع عنى طلب
الحاجة لما صدر منى من ترك الأولى.
210

الشفاعة فيقول: هيهات قد رفعت حاجتي، فيقولون إلى من؟ فيقال: ايتوا موسى فيأتونه
فيسألونه الشفاعة، فيقول: هيهات قد رفعت حاجتي فيقولون: إلى من؟ فيقال: ايتوا
عيسى، فيأتونه ويسألونه الشفاعة فيقول: هيهات قد رفعت حاجتي فيقولون: إلى من؟ فيقال
ايتوا محمدا، فيأتونه فيسألونه الشفاعة فيقوم مدلا حتى يأتي باب الجنة فيأخذ بحلقة الباب
ثم يقرعه فيقال: من هذا؟ فيقول: احمد، فيرحبون (1) ويفتحون الباب، فإذا نظر
إلى الجنة خر ساجدا يمجد ربه ويعظمه، فيأتيه ملك فيقول: ارفع رأسك وسل تعط، و
اشفع تشفع، فيرفع رأسه فيدخل من باب الجنة، فيخر ساجدا ويمجد ربه ويعظمه
فيأتيه ملك فيقول: ارفع رأسك وسل تعط وأشفع تشفع فيقوم فما يسأل شيئا الا أعطاه إياه.
402 - عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام قال: في قوله: " عسى أن يبعثك
ربك مقاما محمودا " قال: هي الشفاعة.
403 - عن سماعة بن مهران عن أبي إبراهيم في قول الله: " عيسى أن يبعثك ربك
مقاما محمودا " قال: يقوم الناس يوم القيمة مقدار أربعين عاما وتؤمر الشمس فتركب
على رؤس العباد، ويلجمهم العرق، وتؤمر الأرض لا تقبل من عرقهم شيئا فيأتون آدم
فيشفعون به فيدلهم على نوح، ويدلهم نوح على إبراهيم، ويدلهم إبراهيم على موسى، و
يدلهم موسى إلى عيسى، ويدلهم عيسى فيقول: عليكم بمحمد صلى الله عليه وآله خاتم النبيين
فيقول محمد: أنا لها (2) فينطلق حتى يأتي باب الجنة فيدق، فيقال: من هذا - والله أعلم -
فيقول: محمد، فيقال: افتحوا له، فإذا فتح الباب استقبل ربه فخر ساجدا، فلا يرفع
رأسه حتى يقال له: تكلم واسئل تعط واشفع تشفع، فيرفع رأسه فيستقبل ربه فيخر ساجدا
فيقال له مثلها، فيرفع رأسه حتى أنه ليشفع من قد أحرق بالنار، فما أحد من الناس يوم
القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد صلى الله عليه وآله، وهو قول الله: " عسى أن يبعثك ربك
مقاما محمودا ".

(1) وفى تفسير البرهان " فيجيئون ".
(2) وفى بعض النسخ " أيها لها ".
211

404 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل
ابن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل للشكر حد إذا فعله
العبد كان شاكرا؟ قال: نعم، قلت: ما هو؟ قال: يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل
ومال، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه، ومنه قوله: رب أدخلني مدخل صدق
وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
405 - في تفسير علي بن إبراهيم " وقل رب أدخلني مدخل صدق و
أخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " فإنها نزلت يوم فتح مكة،
لما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله دخولها أنزل الله: " قل يا محمد أدخلني مدخل صدق "
الآية.
406 - في محاسن البرقي عنه عن أبي عبد الله عن حماد عن حريز عن إبراهيم بن
نعيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا دخلت مدخلا تخافه فاقرأ هذه الآية " رب أدخلني
مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " فإذا عاينت
الذي تخافه قاقرأ آية الكرسي.
407 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد -
الرحمن عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: وقل جاء الحق
وزهق الباطل قال: إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل.
408 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده إلى محمد بن علي الباقر
عليه السلام حديث طويل يذكر فيه خطبة الرسول صلى الله عليه وآله يوم الغدير وفيها: معاشر الناس لا
تضلوا عنه ولا تنفروا منه، والا تستنكفوا من ولايته، فهو الذي يهدى إلى الحق و
يعمل له، ويزهق الباطل وينهى عنه.
409 - في مجمع البيان قال ابن مسعود: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكة و
حول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها بعود في يده، ويقول: " جاء الحق و
212

زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ".
410 - في الخرايج والجرايح عن حكيمة خبر طويل وفيه لما ولد القائم
عليه السلام كان نظيفا مفروغا منه، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب: " جاء الحق وزهق
الباطل ان الباطل كان زهوقا "
411 - في أمالي شيخ الطايفة قدس سره باسناده إلى سليمان بن خالد
قال: حدثنا علي بن موسى عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه قال: دخل
رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة والأصنام حول الكعبة، وكانت ثلاثمائة وستين
صنما، فجعل يطعنها بمخصرة (1) في يده ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل ان
الباطل كان زهوقا وما يبدئ الباطل وما يعيد " فجعلت تنكب لوجهها.
412 - في تفسير العياشي - عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: وانما الشفاء في علم القرآن لقوله وننزل من القرآن ما هو
شفاء للناس ورحمة لأهله لا شك فيه ولا مرية، وأهله أئمة الهدى الذين قال الله: " ثم
أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ".
413 - عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انما الشفاء في علم القرآن
لقوله: ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين لأهله لا شك فيه ولا مرية إلى آخر ما سبق.
414 - عن محمد بن أبي حمزة رفعه إلى أبى جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل على
محمد صلى الله عليه وآله ولا يزيد الظالمين آل محمد حقهم الا خسارا
415 - في كتاب طب الأئمة قال أبو عبد الله عليه السلام: ما اشتكى أحد من
المؤمنين شكاية قط وقال باخلاص نية - ومسح موضع العلة -: " وننزل من القرآن ما هو
شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا " الا عوفي من تلك العلة أية علة كانت
ومصداق ذلك في الآية حيث يقول: " شفاء ورحمة للمؤمنين ".
416 - وباسناده إلى عبد الله بن سنان عن أي عبد الله عليه السلام قال: يا ابن سنان لا باس

(1) المخصرة: ما يتوكأ عليه كالعصا.
213

بالرقية والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله وهل
شئ أبلغ في هذه الأشياء من القرآن أليس الله يقول: " وننزل من القرآن ما هو شفاء و
رحمة للمؤمنين ".
417 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن
المنقري عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله عليه السلام قال النية أفضل من العمل، ألا وان
النية هي العمل، ثم تلا قوله عز وجل: قل كل يعمل على شاكلته يعنى على نيته،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
418 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن أحمد بن
يونس عن أبي هاشم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام، انما خلد أهل النار في النار لان نياتهم
كانت في الدنيا ان لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، وانما خلد أهل الجنة في الجنة لان
نياتهم كانت في الدنيا ان لو بقوا فيها ان يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء
ثم تلا قوله تعالى: " قل كل يعمل على شاكلته ".
419 - في من لا يحضره الفقيه وقال صالح بن الحكم: سئل الصادق عليه السلام
عن الصلاة في البيع والكنايس (1)؟ فقال: صل فيها قلت: اصلى فيها وان كانوا
يصلون فيها؟ قال: نعم أما تقرأ القرآن: " قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن
هو أهدى سبيلا " صل على القبلة ودعهم.
420 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن فضالة عن حماد الناب عن حكم
ابن الحكم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وسئل عن الصلاة في البيع والكنائس؟
فقال: صل فيها قد رأيتها ما أنظفها، قلت: اصلى فيها وان كانوا يصلون فيها؟ فقال: نعم
اما تقرء القرآن: " قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا " صل القبلة
وغر بهم.
421 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " قل كل يعمل على شاكلته "

(1) البيع جمع البيعة: معبد النصارى. والكنائس جمع الكنيسة: متعبد اليهود.
214

أي على نيته " فربكم أعلم بمن هو اهدى سبيلا " فإنه حدثني أبي عن جعفر بن إبراهيم عن أبي
الحسن الرضا عليه السلام قال: إذا كان يوم القيمة أوقف المؤمن بين يديه، فيكون
هو الذي يتولى حسناته فيعرض عليه عمله، فينظر في صحيفته، فأول ما يرى سيئاته
فيتغير لذلك لونه، وترتعد فرائصه (1) وتفزع نفسه، ثم يرى حسناته فتقر عينه و
تسر نفسه وتفرح روحه، ثم ينظر إلى ما أعطاه الله من الثواب فيشتد فرحه، ثم يقول الله
عز وجل للملائكة: هلموا بالصحف التي فيها الأعمال التي لم يعملوها، قال: فيقرأها
فيقولون: وعزتك انا لنعلم انا لم نعمل منها شيئا، فيقول: صدقتم نويتموها فكتبناها
لكم، ثم يثابون عليها.
422 - واما قوله: ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى
فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هو ملك
أعظم من جبرئيل وميكائيل، وكان من رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة عليهم السلام،
وفى خبر آخر هو من الملكوت.
423 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن
ابن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " يسئلونك
عن الروح قل الروح من أمر ربى " قال: خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان
مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو مع الأئمة وهو من الملكوت.
424 - على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن أبي بصير قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " يسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى " قال:
خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل لم يكن مع أحد، ممن مضى غير محمد صلى الله عليه وآله، وهو
مع الأئمة يسددهم، وليس كلما طلب وجد.
425 - في تفسير العياشي عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله:
" يسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى " قال: خلق من خلق الله، وانه يزيد

(1) الفريصة: لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع.
215

في الخلق ما يشاء.
426 - حمران عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام عن قوله: " يسئلونك
عن الروح " قالا: ان الله تبارك وتعالى أحد صمد، والصمد الشئ الذي ليس له
جوف، فإنما الروح خلق من خلقه بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب المؤمنين والرسل.
427 - وفى رواية أبى أيوب الخزاز قال: أعظم من جبرئيل وليس كما ظننت 428 - عن أبي بصير عن أحدهما قال: سألته عن قوله: " ويسئلونك عن
الروح قل الروح من أمر ربى " ما الروح؟ قال: التي في الدواب والناس، قلت وما
هي؟ قال: هي من الملكوت من القدرة.
429 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم
قال: سألت أبا حعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " ونفخت فيه من روحي " كيف هذا
النفخ؟ فقال: ان الروح متحرك كالريح، وانما سمى روحا لأنه اشتق اسمه من
الريح، وانما أخرجت على لفظ الروح لان الروح مجانس للريح، وانما اضافه
إلى نفسه لأنه اصطفاها على ساير الأرواح، كما اصطفى بيتا من البيوت، فقال: " بيتي "
وقال لرسول الله من الرسل " خليلي " وأشباه ذلك، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث
مربوب مدبر. وفى الكافي مثله سواء.
430 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى مسعدة بن زياد قال: حدثني
جعفر بن محمد عن أبيه ان روح آدم لما أمرت أن تدخل فكرهته، فأمرها أن تدخل
كرها وتخرج كرها.
431 - في كتاب علل الشرايع - أخبرني علي بن حاتم قال: أخبرنا القاسم
ابن محمد قال: حدثنا حمدان بن الحسين عن الحسن بن الوليد عن عمران الحجاج
عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: لأي علة إذا خرج الروح من
الجسد وجد له مسا وحيث ركبت لم يعلم به؟ قال: لأنه نما عليه البدن.
432 - في نهج البلاغة قال: وخرجت الروح من جسده فصار جيفة
216

بين أهله.
433 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل وفيه قال السائل: أخبرني عن السراج إذا انطفى أين يذهب نوره؟ قال: يذهب
فلا يعود، قال: فما أنكرت أن يكون الانسان مثل ذلك إذا مات وفارق الروح البدن
لم يرجع إليه أبدا، كما لا يرجع ضوء السراج إليه أبدا ذا انطفى، قال: لم
تصب القياس لان النار في الأجسام كامنة، والأجساد قائمة بأعيانها كالحجر و
الحديد، فإذا ضرب أحدهما بالآخر سطعت من بينهما نار مقتبس منها له ضوء، فالنار
ثابتة في أجسامها، والضوء ذاهب، والروح جسم رقيق قد البس قالبا كثيفا وليس
بمنزلة السراج الذي ذكرت، ان الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاف، وركب
فيه ضروبا مختلفة من عروق وعصب وأسنان وشعر وعظام وغير ذلك، هو يحييه
بعد موته ويعيده بعد فنائه، قال: فأين الروح؟ قال: في بطن الأرض حيث مصرع
البدن إلى وقت البعث، قال: فمن صلب أين روحه؟ قال: في كف الملك الذي
قبضها حتى يودعها الأرض، قال: فأخبرني عن الروح أغير الدم؟ قال: نعم الروح
على ما وصفت لك مادته من الدم، ومن الدم رطوبة الجسم وصفاء اللون وحسن
الصوت وكثرة الضحك، فإذا جمد الدم فارق الروح البدن، قال: فهل توصف
بخفة وثقل ووزن؟ قال: الروح بمنزلة الريح في الزق، إذا نفخت فيه امتلاء الزق
منها، فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه، ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس
لها ثقل ولا وزن.
434 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة أبى ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا:
حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس
جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثنا أبو هاشم داود بن القاسم
الجعفري عن محمد بن علي الثاني عليه السلام قال: أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم ومعه الحسن بن علي
وسلمان الفارسي وأمير المؤمنين عليه السلام متك على يد سلمان (ره) فدخل المسجد الحرام،
217

فجلس إذا أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه السلام فجلس ثم
قال: يا أمير المؤمنين أسئلك عن ثلاث مسائل ان أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك
ما أقضى عليهم، انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم، ولا في آخرتهم وان تكن الأخرى علمت أنك
وهم شرع سواء، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: سلني عما بدا لك، قال: أخبرني عن الرجل
إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الولد كيف يشبه الأعمام
والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى أبى محمد الحسن بن علي عليه السلام فقال: يا
أبا محمد أجبه، فقال: أما ما سألت عنه من أمر الانسان إذا نام أين تذهب روحه فان روحه
معلقة بالريح، والريح معلقة في الهوى، إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فإذا اذن
الله عز وجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح، وجذبت تلك الريح
الهوى، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وان لم يأذن الله عز وجل برد تلك
الروح على صاحبها جذب الهوى الريح وجذبت الروح فلم ترد إلى صاحبها الا إلى وقت
ما يبعث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. (1).
435 - في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى النوفلي قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: ان المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة إلى السماء فقلت له: و
تصعد روح المؤمن إلى السماء؟ قال: نعم، قلت: حتى لا يبقى منه شئ في بدنه؟ قال
لا، لو خرجت حتى لا يبقى منه شئ إذا لمات، قلت: فكيف تخرج؟ فقال: أما ترى
الشمس في السماء في موضعها وضوءها وشعاعها في الأرض، فكذلك الروح أصلها في البدن
وحركتهما ممدودة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
436 - في مجمع البيان يجوز أن يكون الروح الذي سألوا عنه: جبرئيل عليه السلام

(1) " في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل و
فيه قال السائل: فأخبرني ما جوهر الريح؟ قال: الريح هواء إذا تحرك سمى ريحا، فإذا
سكن سمى هواء وبه قوام الدنيا، ولو كفت الريح ثلاثة أيام لفسد كل شئ على وجه الأرض ونتن.
وذلك أن الريح بمنزلة المروحة تذب وتدفع الفساد عن كل شئ وتطيبه، فهي بمنزلة الروح
إذا خرج عن البدن نتن وتغيير تبارك الله أحسن الخالقين، منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
218

على قول الحسن، أم ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف لسان
يسبح الله بجميع ذلك، على ما روى عن علي عليه السلام.
437 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " ولو أن ما في الأرض من شجرة
أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم " وذلك أن
اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن الروح، فقال: " الروح من أمر ربى وما
أوتيتم من العلم الا قليلا " قالوا: نحن خاصة؟ قال: بل الناس عامة، قالوا: فكيف
يجتمع هذان يا محمد تزعم انك لم تؤت من العلم الا قليلا، ولقد أوتيت القرآن
وأوتينا التورية، وقد قرأت: " ومن يؤت الحكمة " وهي التورية " فقد أوتي خيرا
كثيرا " فأنزل الله تبارك وتعالى: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر
يمده من بعده سبعة ابحر ما نفذت كلمات الله يقول: علم الله أكبر من ذلك وما
أوتيتم كثير فيكم قليل عند الله.
438 - في تفسير العياشي عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول
الله: " وما أوتيتم من العلم الا قليلا " قال: تفسيرها في الباطن انه لم يؤت العلم الا
أناس يسير، فقال: " وما أوتيتم من العلم الا قليلا " منكم.
439 - في كتاب التوحيد باسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يقول فيه: ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال،
وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به فلذلك قال: " وما أوتيتم من العلم الا قليلا "
فليس له شبه ولا مثل ولا عدل.
440 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع سليمان المروزي حديث
طويل وفيه قال الرضا عليه السلام: يا جاهل فإذا علم الشئ فقد أراده، قال سليمان: أجل قال:
فإذا لم يرده لم يعلمه؟ قال سليمان: أجل، قال: من أين قلت ذاك وما الدليل ان ارادته علمه و
قد يعلم ما لا يريده أبدا؟ وذلك قوله: ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك
فهو يعلم كيف يذهب ولا يذهب به ابدا؟ قال سليمان لأنه قد فرغ من الامر فليس يزيد
219

فيه شيئا، قال الرضا عليه السلام: هذا قول اليهود فكيف قال: " أدعوني استجب لكم "؟ قال
سليمان: انما عنى بذلك انه قادر عليه، قال: أفيعد ما لا يفي به؟ فكيف قال: " يزيد في
الخلق ما يشاء " وقال عز وجل: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " وقد فرغ
من الامر؟ فلم يحر جوابا. وفى كتاب التوحيد مثله سواء.
441 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الرضا عليه السلام حديث طويل
وفى آخره قال الامر إلى أن قال سليمان: ان الإرادة هي القدرة، قال الرضا عليه السلام وهو
يقدر على ما لا يريد أبدا لابد من ذلك لأنه قال تبارك وتعالى: " ولئن شئنا لنذهبن
بالذي أوحينا إليك " فلو كانت الإرادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به بقدرته،
فانقطع سليمان وترك الكلام عند هذا الانقطاع ثم تفرق القوم.
442 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار بالتوحيد
حديث طويل عن علي عليه السلام يذكر فيه تفسير حروف المعجم وفى آخره قال عليه السلام: ان الله تعالى
نزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب ثم قال: قل لئن اجتمعت
الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم
لبعض ظهيرا.
443 - وباسناده إلى الرضا عليه السلام انه ذكر القرآن يوما فعظم الحجة فيه،
والآية المعجزة في نظمه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
444 - في الخرايج والجرايح في أعلام أبى عبد الله عليه السلام ان ابن أبي العوجاء
وثلاثة نفر من الدهرية اتفقوا على أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن وكانوا بمكة،
وعاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل، فلما حال الحول واجتمعوا في
مقام إبراهيم عليه السلام أيضا قال أحدهم: انى لما رأيت قوله: " يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي
وغيض الماء " كففت عن المعارضة وقال الآخر: وكذا أنا لما وجدت قوله: " فلما استيأسوا
منه خلصوا نجيا " أيست من المعارضة، وكانوا يسترون ذلك، إذ مر عليهم الصادق
عليه السلام فالتفت إليهم وقرأ عليهم: " قل لئن اجتمعت الجن والإنس على أن يأتوا بمثل هذا
220

القرآن لا يأتون بمثله " فبهتوا.
445 - في أصول الكافي أحمد عن عبد العظيم عن محمد بن الفضيل عن أبي جعفر
عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: " فأبى أكثر الناس بولاية علي عليه السلام
الا كفورا " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
446 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي محمد الحسن العسكري
عليه السلام قال: قلت لأبي، علي بن محمد عليهما السلام: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يناظر
اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال: مرارا كثيرة، ان رسول الله صلى الله عليه وآله
كان قاعدا ذات يوم بمكة بفضاء الكعبة إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش، منهم
الوليد بن المغيرة المخزومي، وأبو البختري بن هشام وأبو جهل بن هشام والعاص
بن وائل السهمي، وعبد الله بن أمية المخزومي، وكان معهم جمع ممن يليهم كثير،
ورسول الله صلى الله عليه وآله في نفر من أصحابه يقرء عليهم كتاب الله ويؤدى إليهم عن الله امره
ونهيه، فقال المشركون بعضهم لبعض: لقد استفحم أمر محمد (1) وعظم خطبه،
فتعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته (2) وتوبيخه والاحتجاج عليه، وابطال ما جاء به
ليهون خطبه على أصحابه، ويصغر قدره، فلعله ينزع عما هو فيه من غيه وباطله وتمرده
وطغيانه، فان انتهى والا عاملناه بالسيف الباتر (3).
قال أبو جهل: فمن الذي يلي كلامه ومجادلته؟ قال عبد الله بن أمية المخزومي:
انا إلى ذلك، أنما ترضاني له قرنا حسيبا ومجادلا كفيا؟ قال أبو جهل: بلى، فأتوه
بأجمعهم فابتدأ عبد الله بن أمية المخزومي فقال: يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة و
قلت مقالا هائلا! زعمت أنك رسول رب العالمين، وما ينبغي لرب العالمين وخالق
الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا يأكل كما نأكل ويمشى في الأسواق
كما نمشي، فهذا ملك الروم، وهذا ملك الفرس، لا يبعثان رسولا الا كثير مال

(1) استفحم الامر: تفاقم أي عظم ولم يجر على استواء.
(2) التقريع والتبكيت: التعنيف.
(3) الباتر بمعنى القاطع.
221

عظيم حال، له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام، ورب العالمين فوق هؤلاء
كلهم فهم عبيده ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده، بل لو أراد الله أن
يبعث إلينا نبيا لكان انما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا، ما أنت يا محمد الا مسحور
ولست بنبي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هل بقي من كلامك شئ؟ قال: بلى لو أراد الله أن
يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا مالا وأحسنه حالا، فهلا نزل هذا القرآن الذي
تزعم أن الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم: اما الوليد
ابن المغيرة بمكة، واما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هل
بقي من كلامك شئ يا عبد الله؟ فقال: بلى لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض
ينبوعا بمكة هذه، فإنها ذات أحجار وعرة وجبال تكسح أرضها (1) وتحفرها، و
تجرى منها العيون، فإننا إلى ذلك محتاجون أو يكون لك جنة من نخيل وعنب،
فتأكل منها وتطعمنا، " فتفجر الأنهار خلال " تلك النخيل والأعناب " تفجيرا أو تسقط
السماء كما زعمت علينا كسفا " فإنك قلت لنا: " وان يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا
سحاب مركوم " فلعلنا نقول ذلك (2) ثم قال: " أو تأتى بالله والملائكة قبيلا " تأتى به
وبهم وهم لنا مقابلون، أو يكون لك بيت من زخرف تعطينا منه وتعيننا به فلعلنا نطغى،
فإنك قلت: " كلا ان الانسان ليطغى أن رآه استغنى " ثم قال: " أو ترقى في السماء "
أي تصعد في السماء " ولن نؤمن لرقيك " أي لصعودك " حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه "
من الله العزيز الحكيم إلى عبد الله بن أمية المخزومي ومن معه بأن آمنوا بمحمد بن
عبد الله بن عبد المطلب فإنه رسولي فصدقوه في مقاله، فإنه من عندي ثم لا أدرى يا محمد
إذا فعلت هذا كله أؤمن بك أو لا نؤمن بك، بل لو رفعتنا إلى السماء وفتحت أبوابها

(1) الوعر: المكان الصلب ضد السهل. وتكسح أرضها أي تكنسها عن تلك الأحجار.
(2) قال المجلسي (ره) قوله: " فلعلنا نقول ذلك " لعل الأظهر: فلعلنا لا نقول ذلك،
ويحتمل أن يكون المعنى: افعل ذلك لعلنا نقول ذلك فيكون مصدقا لقولك وحجة علينا، وكذلك
الكلام في قوله: " فلعلنا نطفي ".
222

وأدخلتناها لقلنا: " انما سكرت أبصارنا " أو سحرتنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أما قولك: " لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض "
إلى آخر ما قلته، فإنك اقترحت (1) على محمد رسول الله أشياء: منها لو جاءك به
لم يكن برهانا لنبوته، ورسول الله يرتفع من أن يغتنم جهل الجاهلين ويحتج عليهم
بما لا حجة فيه، ومنها لو جاءك به لكان معه هلاكك، وانما يؤتى بالحجج والبراهين
ليلزم عباد الله الايمان بها لا ليهلكوا بها، فإنما اقترحت هلاكك ورب العالمين ارحم
بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم كما يقترحون، ومنها المحال الذي لا يصح ولا
يجوز كونه، ورسول رب العالمين يعرفك ذلك ويقطع معاذيرك، ويضيق عليك
سبيل مخالفته، ويلجأك بحجج الله إلى تصديقه حتى لا يكون لك عنه محيد ولا محيص
ومنها ما قد اعترفت على نفسك انك فيه معاند متمرد لا تقبل حجة ولا تصغي إلى برهان
ومن كان كذلك فدواؤه عذاب النار النازل من سمائه أو في حميمه أو بسيوف أوليائه.
واما قولك يا عبد الله " لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا " بمكة هذه
فإنها ذات أحجار وصخور وجبال تكسح أرضها وتحفرها وتجرى فيها العيون فإننا إلى
ذلك محتاجون، فإنك سألت هذا وأنت جاهل بدلائل الله، يا عبد الله لو فعلت هذا
كنت من أجل هذا نبيا؟ قال: لا، قال: أرأيت الطايف التي لك فيها بساتين اما كان هناك
مواضع فاسدة صعبة أصلحتها وذللتها وكسحتها وأجريت فيها عيونا استنبطتها قال: بلى،
قال: وهل لك فيها نظراء؟ قال: بلى، قال: فصرت بذلك أنت وهم أنبياء؟ قال: لا،
قال: فكذلك لا يصير هذا حجة لمحمد لو فعلت على نبوته، فما هو الا كقولك: لن
نؤمن لك حتى تقوم وتمشى على الأرض أو حتى تأكل الطعام كما تأكل الناس.
واما قولك يا عبد الله: أو تكون لك جنة من نخيل أو عنب فتأكل منها وتطعمنا
وتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أوليس لأصحابك ولك جنان من نخيل وعنب
بالطائف فتأكلون وتطعمون منها وتفجرون الأنهار خلالها تفجيرا؟ أفصرتم أنبياء

(1) اقترح عليه بكذا: تحكم وسأله إياه بالعنف ومن غير روية.
223

بهذا؟ قال: لا قال: اقتراحكم على رسول الله صلى الله عليه وآله أشياء لو كانت كما تقترحون
لما دلت على صدقة، بل لو تعاطاها لدل تعاطيها على كذبه لأنه يحتج بما لا حجة فيه
ويختدع الضعفاء عن عقولهم وأديانهم، ورسول رب العالمين يجل ويرتفع عن هذا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله وأما قولك أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا
فإنك قلت: " وان يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم " فان في سقوط السماء
عليكم هلاككم وموتكم، فإنما تريد بهذا من رسول الله أن تهلك ورسول رب العالمين أرحم
من ذلك، لا يهلكك ولكنه يقيم عليك حجج الله وليس حجج الله لنبيه وحده على حسب
اقتراح عباده، لان العباد جهال بما يجوز من الصلاح وما لا يجوز منه ومن الفساد، وقد
يختلف اقتراحهم ويتضاد حتى يستحيل وقوعه، والله لا يجرى تدبيره على ما يلزمه
بالمحال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهل رأيت يا عبد الله طبيبا كان دوائه للمرضى على
حسب اقتراحهم، وانما يفعل به ما يعلم صلاحه فيه، أحبه العليل أو كرهه، فأنتم المرضى
والله طبيبكم، فان انقدتم لدوائه شفاكم، وان تمردتم أسقمكم، وبعد فمتى رأيت يا
عبد الله مدعى حق من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكامهم فيما مضى بينه على دعواه
على حسب اقتراح المدعى عليه؟ إذا ما كانت تثبت لاحد على أحد دعوى ولا حق، ولا كان
بين ظالم ومظلوم، ولا بين صادق وكاذب فرق.
ثم قال: يا عبد الله واما قولك أو تأتى بالله والملائكة قبيلا يقابلوننا ونعاينهم
فان هذا من المحال الذي لا خفاء به، لان ربنا عز وجل ليس كالمخلوقين يجئ ويذهب
ويتحرك ويقابل، حتى يؤتى به فقد سألتم بهذا المحال الذي دعوت إليه صفة أصنامكم
الضعيفة المنقوصة، التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تغنى عنكم شيئا، ولا عن أحد، يا عبد الله
أوليس لك ضياع وجنان بالطايف وعقار بمكة وقوام عليها؟ قال: بلى قال: أفتشاهد
جميع أحوالها بنفسك أو بسفراء بينك وبين معامليك؟ قال: بسفراء، قال: أرأيت
لو قال معاملوك وأكرتك وخدمك لسفرائك: لا نصدقكم في هذه السفارة الا أن تأتوا
بعبد الله بن أبي أمية نشاهده فنسمع منه ما تقولون عنه شفاها كنت توسعهم (1) هذا؟ أو كان

(1) وفى البحار منقولا عن المصدر " تسوغهم ".
224

يجوز لهم عند ذلك؟ قال: لا، قال: فما الذي يجب على سفرائك؟ أليس ان يأتوهم عنك بعلامة
صحيحة تدلهم على صدقهم يجب عليهم أن يصدقهم؟ قال: بلى، قال: يا عبد الله أرأيت سفيرك
لو أنه لما سمع منهم عاد إليك وقال: قم معي، فإنهم اقترحوا على مجيئك معي، أيكون لك
أن تقول له: اما أنت رسول مبشر وآمر (1) قال: بلى، قال: فكيف صرت تقترح على
رسول رب العالمين ما لا تسوغ لاكرتك ومعامليك ان يقترحوه على رسولك إليهم؟ وكيف
أردت من رسول رب العالمين ان يستندم إلى ربه بان يأمر عليه وينهى، وأنت لا تسوغ
مثل هذا على رسولك إلى اكرتك وقوامك، هذه حجة قاطعة لابطال ما ذكرته في كل ما
اقترحته يا عبد الله.
واما قولك أو يكون لك بيت من زخرف وهو الذهب أما بلغك أن لعظيم مصر بيوتا
من زخرف؟ قال: بلى، قال: أفصار بذلك نبيا قال: لا قال: فكذلك لا توجب
بمحمد صلى الله عليه وآله لو كانت له نبوة، ومحمد لا يغتنم جهلك بحجج الله.
واما قولك يا عبد الله أو ترقى في السماء ثم قلت: ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل
علينا كتابا نقرؤه يا عبد الله الصعود إلى السماء أصعب من النزول منها، وإذا اعترفت
على نفسك انك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النزول، ثم قلت: " حتى تنزل
علينا كتابا نقرؤه " من بعد ذلك ثم لا أدرى أؤمن بك أو لا أؤمن، فإنك يا عبد الله
مقر انك تعاند حجة الله عليك، فلا دواء لك الا تأديبه على يد أوليائه البشر، أو ملائكة
الزبانية، وقد أنزل الله على حكمة جامعة لبطلان كلما اقترحته، فقال تعالى:
قل يا محمد سبحان ربى هل كنت الا بشرا رسولا ما أبعد ربى عن أن يفعل الأشياء على
ما تقترحه الجهال بما يجوز وبما لا يجوز، و " هل كنت الا بشرا رسولا " لا يلزمني الا إقامة
حجة الله التي أعطاني، فليس لي ان آمر على ربى ولا أنهى ولا أشير، فأكون كالرسول الذي
بعثه ملك إلى قوم مخالفيه فرجع إليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.

(1) كذا في النسخ لكن في البحار هكذا: " أليس يكون لك مخالفا؟ وتقول له: انما أنت
رسول لا مشير ولا آمر؟ قال ه. اه " وهو الظاهر.
225

447 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وقالوا لن نؤمن لك حتى
تفجر لنا من الأرض ينبوعا " فإنها نزلت في عبد الله ابن أبي أمية اخى أم سلمة رحمة الله
عليها، وذلك أنه قال هذا لرسول الله بمكة قبل الهجرة، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى فتح مكة استقبله عبد الله بن أبي أمية فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يرد عليه السلام
فاعرض عنه ولم يجبه بشئ وكانت أخته أم سلمة مع رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل إليها فقال:
يا أختي ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد قبل اسلام الناس كلهم ورد على اسلامي، فليس يقبلني
كما قبل غيره؟ فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله سعد
بك جميع الناس الا أخي من بين قريش والعرب، رددت اسلامه وقبلت اسلام الناس
كلهم الا أخي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أم سلمة ان أخاك كذبني تكذيبا لم يكذبني أحد
من الناس، هو الذي قال: " لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو يكون
لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا
كسفا أو تأتى بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن
نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه " قالت أم سلمة: بأبي أنت وأمي يا رسول الله
ألم تقل ان الاسلام يجب ما قلبه؟ قال: نعم، فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله اسلامه.
448 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: " حتى
تفجر لنا من الأرض ينبوعا " أي عينا " أو يكون لك جنة " أي بستان " من نخيل
وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا " من تلك العيون " أو تسقط السماء كما زعمت علينا
كسفا " وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنه سيسقط من السماء لقوله " وان يروا كسفا
من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم " قوله: " أو تأتى بالله والملائكة قبيلا "
والقبيل الكثير " أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك
حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه " يقول: من الله إلى عبد الله بن أمية ان محمدا صادق، و
ان أنا بعثته ويجئ معه أربعة من الملائكة يشهدون ان الله هو كتبه، فأنزل الله: " قل
سبحان ربى هل كنت الا بشرا رسولا ".
226

449 - في تفسير العياشي عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام
" قالوا أبعث الله بشرا رسولا " قالوا: إن الجن كانوا في الأرض قبلنا، فبعث الله إليهم
ملكا، فلو أراد الله أن يبعث إلينا لبعث ملكا من الملائكة، وهو قول الله: وما منع
الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى الا ان قالوا ابعث الله بشرا رسولا.
450 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وما منع الناس ان يؤمنوا إذ جاءهم
الهدى الا ان قالوا أبعث الله بشرا رسولا " قال: قال الكفار: لم لم يبعث الله إلينا
الملائكة؟ فقال الله: لو بعثنا ملكا ولم يؤمنوا لهلكوا، ولو كانت الملائكة " في الأرض
يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا " فإنه حدثني أبي عن أحمد بن
النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله
جالس وعنده جبرئيل إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل السماء، فامتقع لونه حتى
صار كأنه كركمة (1) ثم لاذ برسول الله صلى الله عليه وآله فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حيث نظر
جبرئيل، فإذا شئ قد ملاء ما بين الخافقين مقبلا حتى كان كقاب من الأرض
(2) ثم قال: يا محمد ان رسول الله إليك أخيرك أن تكون ملكا رسولا
أحب إليك أو تكون عبدا رسولا؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله: إلى جبرئيل وقد رجع إليه
لونه، فقال جبرئيل: بل كن عبدا رسولا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أكون عبدا رسولا
فرفع الملك رجله اليمنى فوضعها في كبد السماء الدنيا ثم رفع الأخرى فوضعها في
الثانية ثم رفع اليمنى فوضعها في الثالثة، ثم هكذا حتى انتهى إلى السابعة يعد كل
سماء خطوة، وكلما ارتفع صغر حتى صار آخر ذلك مثل الصر (3) فالتفت رسول الله
الله صلى الله عليه وآله إلى جبرئيل فقال: قد رأيتك ذعرا ما رأيت مثله، وما رأيت شيئا كان أذعر لي
من تغير لونك؟ فقال: يا نبي الله لا تلمني، أتدري من هذا؟ قال: لا، قال: هذا

(1) امتقع لونه: تغير من حزن أو فزع. والكركمة: الزعفران.
(2) كذا في النسخ وفى المصدر: " حتى كان كقاب قوسين أو أدنى من الأرض ".
(3) الصر - بالكسر -: طائر كالعصفور أصغر.
227

إسرافيل حاجب الرب ولم ينزل من مكانه منذ خلق الله السماوات والأرض، فلما
رأيته منحطا ظننت انه جاء بقيام الساعة، فكان الذي رأيت من تغيير لوني لذلك فلما
رأيت ما اصطفاك الله به رجع إلى لوني ونفسي، أما رأيته كلما ارتفع صغر، انه ليس
شئ يدنو من الرب الأصغر لعظمته، ان هذا حاجب الرب وأقرب خلق الله منه،
واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء، فإذا تكلم الرب تبارك وتعالى بالوحي ضرب
اللوح جبينه فنظر فيه، ثم ألقاه إلينا، فنسعى به في السماوات والأرض، انه لأدنى
خلق الرحمن منه، بينه وبينه تسعون حجابا من نور ينقطع دونها الابصار مالا يعدون
يوصف وانى لأقرب الخلق منه وبيني وبينه مسيرة ألف عام.
451 - وقوله عز وجل: ونحشرهم يوم القيمة على وجوههم عميا
وبكما وصما قال: على جباههم مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا أي كلما انطفت
فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة يرفعه إلى علي بن الحسين صلوات الله
عليهما، قال: إن في جهنم واديا يقال له سعير إذا خبت جهنم فتح سعيرها وهو قوله:
" كلما خبت زدناهم سعيرا ".
452 - في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عمر رفعه إلى أحدهما في قول الله:
" ونحشرهم يوم القيمة على وجوههم " قال: على جباههم.
452 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن سليمان بن راشد باسناده رفعه
إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: تحشر المرجئة عميانا امامهم أعمى، فيقول بعض من
يراهم من غير أمتنا: ما يكون أمة محمد الا عميانا، فأقول لهم: ليسوا من أمة محمد
صلى الله عليه وآله لأنهم بدلوا فبدل بهم وغيروا فغير ما بهم.
454 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو ذر في خبر عن النبي صلى الله عليه وآله
يا باذر يؤتى بجاحد على يوم القيمة أعمى أبكم يتكبكب في ظلمات يوم القيمة، ينادى:
يا حسرتنا على ما فرطت في جنب الله، وفى عنقه طوق من النار.
455 - في مجمع البيان وروى أنس بن مالك عن رجلا قال: يا نبي الله كيف
228

يحشر الكافر على وجهه يوم القيمة؟ قال: إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه
على وجهه يوم القيمة، أورده البخاري ومسلم في الصحيح.
456 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة
ربى إذا لأمسكتم خشية الانفاق وكان الانسان قتورا قال: لو كانت الأمور بيد
الناس لما أعطوا الناس شيئا مخافة الفناء وكان الانسان قتورا أي بخيلا واما قوله
عز وجل: ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات قال: الطوفان والجراد والقمل و
الضفادع والدم والحجر والعصا ويده والبحر.
457 - في تفسير العياشي عن سلام عن أبي جعفر في قوله: " ولقد آتينا
موسى تسع آيات بينات " قال: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم
والحجر والبحر والعصا ويده.
458 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى موسى بن جعفر عليه السلام قال: سألني
نفر من اليهود عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران عليه السلام؟ فقلت: العصا
واخراجه يده من جيبه بيضاء، والجراد والقمل والضفادع والدم، ورفع الطور، والمن
والسلوى آية واحدة، وفلق البحر قالوا: صدقت والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
459 - في كتاب الخصال عن هارون بن حمزة الغنوي الصيرفي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن التسع آيات التي أوتي موسى، فقال: الجراد والقمل
والضفادع والدم والطوفان والبحر والحجر والعصا ويده.
460 - في الكافي علي بن محمد عن عبد الله بن إسحاق عن الحسن بن علي بن
سليمان عن محمد بن عمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قدم على أمير المؤمنين عليه السلام
يهودي من أهل يثرب قد أقر له من في يثرب من اليهود انه اعلمهم وكذلك كانت آباؤه
من قبل قال: وقدم على أمير المؤمنين عليه السلام في عدة من أهل بيته، فلما انتهى إلى المسجد -
الأعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم، ثم وفقوا على باب المسجد وأرسلوا إلى أمير المؤمنين
229

صلوات الله عليه انا قوم من اليهود وقدمنا من الحجاز، ولنا إليك حاجة، فهل تخرج إلينا أم
ندخل إليك؟ قال: فخرج إليهم وهو يقول: سيدخلون ويستأنفون باليمن فما حاجتكم؟
فقال عظيمهم: يا بن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمد صلى الله عليه وآله، فقال:
وأيه بدعة؟ فقال له اليهودي: زعم قوم من أهل الحجاز انك عمدت إلى قوم شهدوا أن
لا إله إلا الله، ولم يقروا ان محمدا رسول الله فقتلتهم بالدخان، فقال له أمير المؤمنين
صلوات الله عليه: فنشدتك بالتسع آيات التي أنزلت على موسى عليه السلام بطور سيناء، و
بحق الكنايس الخمس القدس، وبحق السبت الديان (1) هل تعلم أن يوشع بن نون أتى
بقوم بعد وفاة موسى شهدوا ان لا إله إلا الله ولم يقروا ان موسى رسول الله فقتلهم بمثل
هذه القتلة؟ فقال له اليهودي: نعم اشهد أنك ناموس موسى، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
461 - في مجمع البيان " ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات " اختلف في
هذه الآيات التسع إلى قوله: وقيل: إنها تسع آيات من الاحكام، روى عبد الله بن سلمة
عن عنوان (2) بن عسال ان يهوديا قال لصاحبه: تعال حتى نسأل هذا النبي، فأتى
رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله عن هذه الآية فقال: هو ان لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرفوا
ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق، ولا تمشوا بالبرئ إلى سلطان
ليقتله ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا: ولا تقذفوا المحصنات، ولا تولوا للفرار يوم
الزحف، وعليكم خاصة يا يهود ان لا تعتدوا في السبت، فقبل يده وقال: اشهد
انك نبي.
462 - لقد علمت ما انزل هؤلاء وروى أن عليا عليه السلام قال في " علمت " والله
ما علم عدو الله، ولكن موسى هو الذي علم فقال: لقد علمت.
463 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: فأراد ان يستفزهم من الأرض أراد أن يخرجهم من الأرض، وقد علم

(1) الديان: الحاكم. القاضي.
(2) وفى المصدر " صفوان " بدل " عنوان ".
230

فرعون وقومه ما أنزل تلك الآيات الا الله عز وجل.
قال عز من قائل: وانى لأظنك يا فرعون مثبورا.
464 - في تفسير العياشي عن العباس عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ذكر قول
الله: يا فرعون يا عاصي.
465 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر
عليه السلام في قوله: " فأراد أن يستفزهم من الأرض " أراد ان يخرجهم من الأرض، وقد علم فرعون
وقومه ما انزل تلك الآيات الا الله عز وجل.
466 - وفى رواية علي بن إبراهيم " فأراد " يعنى فرعون " ان يستفزهم من الأرض "
ان يخرجهم من مصر فأغرقناه ومن معه جميعا وقلنا من بعده لبنى إسرائيل اسكنوا
الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا أي من كل ناحية.
467 - وفيه قبل قوله وفى رواية علي بن إبراهيم متصل بقوله عز وجل: و
قول: " فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا " يقول جميعا.
468 - في مجمع البيان وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس الآية وروى عن علي
عليه السلام " فرقناه " بالتشديد.
469 - في الكافي علي بن محمد بإسناده قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عمن
بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها؟ قال: يضع ذقنه على الأرض ان الله عز وجل يقول:
ويخرون للأذقان سجدا.
470 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الصباح عن إسحاق بن عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد عليها؟ قال:
يسجد ما بين طرف شعره، فإن لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن، فإن لم يقدر فعلى
حاجبه الأيسر، فإن لم يقدر فعلى ذقنه، قلت: على ذقنه؟ قال: نعم اما تقرء كتاب
الله عز وجل " ويخرون للأذقان سجدا ".
231

471 - في أصول الكافي علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن
يزيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله
تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير مصوت، وباللفظ غير منطق، وبالشخص غير
مجسد، وبالتشبيه غير موصوف، وباللون غير مصبوغ، منفى عنه الأقطار، مبعد عنه
الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم، مستتر غير مستور، فجعله كلمة تامة على
أربعة أجزاء معا، ليس منها واحد قبل الآخر، فاظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها
وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون، فهذه الأسماء التي ظهرت، فالظاهر
وهو الله تبارك وتعالى، وسخر سبحانه لكل اسم من هذه الأسماء أربعة أركان، فذلك
اثنى عشر ركنا، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما، فعلا منسوبا إليها فهو الرحمن
الرحيم، الملك، القدوس، البارئ، الخالق، المصور، الحي، القيوم لا تأخذه
سنة ولا نوم، العليم، الخبير، السميع، البصير، الحكيم، العزيز، الجبار، المتكبر
العلى، العظيم، المقتدر، القادر، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز (البادئ خ)، المنشى
البديع، الرفيع، الجليل، الكريم، الرزاق المحيى، المميت، الباعث، الوارث،
فهذه الأسماء، وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة وستين اسما فهي نسبة لهذه
الأسماء الثلاثة وهذه الأسماء الثلاثة أركان، وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه
الأسماء الثلاثة، وذلك قوله تعالى: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن يا ما تدعوا
فله الأسماء الحسنى
472 - أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبد الله عن محمد بن عبد الله وموسى بن
عمر والحسن بن علي بن عثمان عن ابن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام هل
كان الله عز وجل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال: نعم، قلت يراها ويسمعها؟
قال: ما كان محتاجا إلى ذلك، لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها هو نفسه ونفسه
هو، قدرته نافذة، فليس يحتاج أن يسمى نفسه، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره
يدعوه بها، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف، فأول ما اختار لنفسه العلي العظيم، لأنه
232

أعلى الأشياء كلها، فمعناه الله واسمه العلي العظيم هو أول أسمائه، علا على كل شئ.
473 - محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي
الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: والذي بعث محمد صلى الله عليه وآله
بالحق، وأكرم أهل بيته، ما من شئ يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق
أو افلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق الا وهو القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني
عنه، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن السرق فإنه لا يزل
قد يسرق لي الشئ بعد الشئ ليلا، فقال: اقرأ إذا أويت إلى فراشك: " قل
ادعوا الله أو ادعوا الرحمن " إلى قوله: " وكبره تكبيرا " والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
474 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الحسين بن سعيد الخزاز عن رجاله عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: الله غاية من غياه والمغيي غير الغاية، توحد بالربوبية، ووصف
نفسه بغير محدودية، فالذاكر الله غير الله، والله غير أسمائه، وكل شئ وقع عليه اسم
شئ سواه فهو مخلوق، الا ترى إلى قوله: " العزة لله " " العظمة لله " وقال: " ولله
الأسماء الحسنى فادعوه بها " وقال " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعو فله
الأسماء الحسنى " فالأسماء مضافة إليه، وهو التوحيد الخالص.
475 - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام يا علي أمان
لامتي من السرق " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا " إلى آخر السورة.
476 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن
سماعة قال: سألته عن قول الله عز وجل: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قال:
المخافة ما دون سمعك، والجهر أن ترفع صوتك شديدا.
477 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن
عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أعلى الامام أن يسمع من خلفه وان كثروا
قال: ليقرء قراءة وسطا يقول الله تبارك وتعالى: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها "
233

478 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الصباح عن إسحاق بن عمار عن أبي
عبد الله عليه السلام في قوله: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قال: الجهر بها رفع الصوت
والتخافت ما لم تسمع نفسك، واقرأ ما بين ذلك.
479 - وروى أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، في قوله: " ولا تجهر بصلاتك
ولا تخافت بها " قال: الاجهار أن ترفع صوتك تسمعه من بعد عنك ولا تسمع من
معك الا سرا.
480 - في الاستبصار روى حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، في رجل جهر
فيما لا ينبغي الاجهار فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه؟ فقال: أي ذلك فعل
متعمدا فقد نقض صلاته، وعليه الإعادة، وان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدرى فلا
شئ عليه وقدمت صلاته.
481 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر
وأبي عبد الله عليهما السلام يقولان: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا "
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان بمكة جهر بصوته، فيعلم بمكانه المشركون، فكانوا
يؤذونه فأنزلت هذه الآية عند ذلك.
482 - عن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: " ولا تجهر بصلاتك ولا
تخافت بها " قال: الجهر بها رفع الصوت، والمخافة ما لم تسمع أذناك، " وما بين
ذلك " ما تسمع اذنيك.
483 - عن الحلبي عن بعض أصحابنا عنه قال: قال أبو جعفر لأبي عبد الله عليه السلام:
يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما، قال: وكيف ذلك يا أبة؟ قال:
مثل قول الله: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " سيئة " ولا تخافت بها " سيئة " وابتغ بين
ذلك سبيلا ".
484 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ولا تجهر بصلاتك ولا
تخافت بها " قال: نسختها " فاصدع بما تؤمر ".
234

485 - عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
" ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قال: نسختها " فاصدع بما تؤمر وأعرض
عن المشركين ".
486 - في من لا يحضره الفقيه وسأل محمد بن عمران أبا عبد الله عليه السلام فقال:
لأي علة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة و
ساير الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ قال: لان النبي صلى الله عليه وآله لما اسرى به إلى
السماء كان أول صلاة فرضها الله عليه الظهر يوم الجمعة، فأضاف الله عز وجل إليه
الملائكة تصلى خلفه، وأمر نبيه عليه السلام أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله، ثم فرض
عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة وأمره ان يخفى القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد
ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة وأمره بالاجهار، وكذلك العشاء الآخرة فلما
كان قرب الفجر نزل ففرض الله عز وجل عليه الفجر، فأمره بالاجهار ليبين للناس فضله،
كما بين للملائكة، فلهذه العلة يجهر فيها، الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
487 - في قرب الإسناد للحميري وباسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى
ابن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل يصلى الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن يجهر؟
قال: إن شاء جهر وان شاء لم يجهر.
488 - في تفسير العياشي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال:
سألته عن قول الله عز وجل: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا "
قال: تفسيرها ولا تجهر بولاية على ولا بما أكرمته به حتى آمرك بذلك " ولا تخافت بها "
يعنى لا تكتمها عليا واعلمه بما أكرمته.
489 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية في قول الله:
" ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا " قال: لا تجهر بولاية على فهو في
الصلاة، ولا بما أكرمته به حتى آمرك به، وذلك قوله: " ولا تجهر بصلاتك ولا
تخافت بها " فإنه يقول: ولا تكتم ذلك عليا، يقول: أعلمه بما أكرمته فأما قوله:
235

" وابتغ بين ذلك سبيلا " يقول: تسألني ان آذن لك أن تجهر بأمر على بولايته، فأذن له
باظهار ذلك يوم غدير خم، فهو قوله يومئذ: اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم
وال من ولاه وعاد من عاداه (1).
490 - في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن
الحسن بن علي الوشاء عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اتى النبي صلى الله عليه وآله رجل
فقال: يا نبي الله الغالب على الدين ووسوسة الصدر، فقال النبي له صلى الله عليه وآله قل: توكلت
على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له
شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا، قال: فصبر الرجل ما شاء الله
ثم مر على النبي صلى الله عليه وآله فهتف به فقال: ما صنعت؟ فقال: أدمنت ما قلت لي يا رسول الله
فقضى الله ديني وأذهب وسوسة صدري.
491 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن
الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله لقد لقيت
من وسوسة الصدر وانا رجل مدين معيل محوج (2) فقال له: كرر هذه الكلمات:
توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك
في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا، فلم يلبث ان جاء فقال: اذهب الله
عنى بوسوسة صدري، وقضى عنى ديني ووسع على رزقي.
492 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: فقد رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا من الأنصار، فقال: ما غيبك عنا؟

(1) " في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن النضر بن سويد عن خالد بن حماد و
محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئلته عن قول الله عز وجل:
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها، قال: يعنى لا تكتمها عليا وأعلمه ما أكرمته به، وابتغ بين
ذلك سبيلا فإنه يعنى اطلب إلى وسلني ان آذن لك ان تجهر بولاية على وادع الناس إليها فاذن له
يوم غدير خم. منه عفى عنه " (هامش بعض النسخ).
(2) المدين - بفتح الميم -: المديون. والمعيل: ذو عيال. والمحوج: المحتاج.
236

فقال: الفقر يا رسول الله وطول السقم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: الا أعلمك كلاما إذا
قلته ذهب عنك الفقر؟ فقال: بلى يا رسول الله، فقال: إذا أصبحت وأمسيت فقل: لا
حول ولا قوة الا بالله توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم
يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا، فقال الرجل: والله ما
قلته الا ثلاثة أيام حتى ذهب عنى الفقر والسقم.
493 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال:
الا أعلمك شيئا إذا قلته قضى الله دينك وأنعشك حالك (1) فقلت: ما أحوجني
إلى ذلك؟ فعلم هذا الدعاء قل في دبر صلاة الفجر: توكلت على الحي الذي لا يموت و
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره
تكبيرا، اللهم إني أعوذ بك من البؤس والفقر ومن غلبة الدين والسقم، وأسألك ان تعينني
على أداء حقك والى الناس.
494 - في تهذيب الأحكام في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: والرجل
إذا قرأ الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من
الذل وكبره تكبيرا، أن يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، قلت: فإن لم يقل الرجل
شيئا من هذا إذا قرأ؟ قال: ليس عليه شئ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
495 - في كتاب التوحيد خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام يقول فيها: الحمد لله الذي
لم يولد فيكون في العز مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا هالكا.
496 - وباسناده إلى المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الحمد لله
الذي لم يلد فيورث ولم يولد فيشارك.
497 - وباسناده إلى يعقوب السراج عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حديث له:
لم يلد لان الولد يشبه أباه ولم يولد فيشبه من كان قبله.
498 - وباسناده إلى حماد بن عمرو النصيبي قال: سألت جعفر بن محمد عليه السلام

(1) نعشه الله نعشا: رفعه وأقامه. تداركه من هلكة. جبره بعد فقر وسد فقره.
237

عن التوحيد فقال: واحد صمد أزلي صمدي لا ظل له يمسكه، وهو يمسك الأشياء بأظلتها
لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يكن له كفوا أحد.
499 - وباسناده إلى ابن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: واعلم أن
الله تعالى واحد أحد صمد لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك.
500 - في نهج البلاغة لم يلد فيكون مولودا، ولم يولد فيصير محدودا جل
عن اتخاذ الأبناء.
501 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمرو الفقيمي
عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه السلام وكان من قول أبى
عبد الله عليه السلام: لا يخلو قولك انهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين، أو يكونا ضعيفين
أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا، فان كانا قويين فلم لا يدفع كل منهما صاحبه و
ينفرد بالتدبير. وان زعمت أن أحدهما قوى والآخر ضعيف، ثبت انه واحد كما تقول
للعجز الظاهر في الثاني، فان قلت: انهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة
أو متفرقين من كل جهة فلما رأينا الخلق منتظما والفلك جاريا، والتدبير واحدا، والليل و
النهار والشمس والقمر، دل صحة الامر والتدبير وائتلاف الامر على أن المدبر واحد، ثم
يلزمك ان ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما
قديما معهما فليزمك ثلاثة فان ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين، حتى يكون بينهم فرجة
فيكونوا خمسة ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
502 - في كتاب الإهليلجة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل فعرف القلب
بعقله انه لو كان معه شريك كان ضعيفا ناقصا ولو كان ناقصا ما خلق الانسان، و
لاختلفت التدابير، وانتقصت الأمور مع التقصير الذي به يوصف الأرباب المتفردون و
الشركاء المتعاينون.
503 - في مصباح الزائر لابن طاوس (ره) في دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة:
238

الحمد لله الذي يم يتخذ ولدا فيكون موروثا، ولم يكن له شريك في الملك فيضاده فيما
ابتدع، ولا ولى من الذل فيرفده فيما صنع.
504 - في كتاب طب الأئمة باسناده إلى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاء
رجل من خراسان إلى علي بن الحسين عليه السلام قال: يا بن رسول الله حججت ونويت عند
خروجي ان أقصدك فان بي وجع الطحال وان تدعو لي بالفرج، فقال له علي بن الحسين
عليه السلام: قد كفاك الله ذلك وله الحمد، فإذا أحسست به فاكتب هذه الآية بزعفران وماء زمزم
واشربه، فان الله تعالى يدفع عنك ذلك الوجع: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما
تدعو فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا، وقل
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل
وكبره تكبيرا.
505 - في تفسير علي بن إبراهيم " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن
له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا " قال: لم يذل فيحتاج إلى
ولى ينصره.
506 - في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
يقول فيه عليه السلام حاكيا عن الله تبارك وتعالى: وأعطيت لك ولامتك التكبير.
507 - في أصول الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عمن
ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل عنده: الله أكبر فقال: الله أكبر من أي شئ؟
فقال: من كل شئ، فقال أبو عبد الله عليه السلام: حددته، فقال الرجل: كيف أقول؟ قال:
قل: الله أكبر من أن يوصف:
508 - ورواه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن مروك بن عبيد
عن جميع بن عمير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أي شئ الله أكبر؟ فقلت: الله أكبر
من كل شئ، فقال: وكان ثم شئ فيكون أكبر منه؟ فقلت: فما هو؟ قال:
أكبر من أن يوصف.
239

509 - في من لا يحضره الفقيه باسناده إلى سليمان بن مهران قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: فكيف صار التكبير يذهب بالضغاط هناك (1) قال:
لان قول العبد: الله أكبر معناه الله أكبر من أن يكون مثل الأصنام المنحوتة والآلهة
المعبودة دونه.
510 - في كتاب مقتل الحسين (ع) لأبي مخنف أن يزيد لعنه الله قال للمؤذن:
قم يا مؤذن فأذن، فقال الله أكبر الله أكبر فقال زين العابدين عليه السلام: صدقت الله أكبر
من كل شئ.
511 - في مجمع البيان وروى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يعلم أهله هذه الآية وما
قبلها عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير.

(1) الضغاط: المزاحمة. وقوله: " هناك " أي عند باب بنى شيبة في الحرم، و
الحديث بتمامه مذكور في الفقيه في باب نكت في حجج الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.
240

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة
الكهف في كل ليلة جمعة لم يمت الا شهيدا، ويبعثه الله من الشهداء، ووقف يوم
القيامة مع الشهداء.
2 - في الكافي الحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر عن علي بن مهزيار عن
أيوب بن نوح عن محمد بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قرء سورة الكهف
في كل ليلة جمعة كانت كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة، قال: وروى غيره أيضا فيمن
قرأها يوم الجمعة بعد الظهر والعصر مثل ذلك.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأها فهو
معصوم ثمانية أيام من كل فتنة، فان خرج الدجال في الثمانية أيام عصمه الله من
فتنة الدجال.
4 - سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء عشر آيات من سورة الكهف
لم يضره فتنة الدجال، ومن قرء السورة كلها دخل الجنة.
5 - وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: الا أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف ملك حين
نزلت، ملأت عظمتها ما بين السماء والأرض؟ قالوا: بلى، قال: سورة أصحاب
الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، وأعطى
241

نورا يبلغ السماء ووقى فتنة الدجال.
6 - وروى الواحدي باسناده عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من حفظ
عشر آيات من سورة الكهف كانت له نورا يوم القيمة.
7 - وروى أيضا باسناده عن سعيد بن محمد الجرمي عن أبيه عن جده عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: من قرء الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى سنة من كل فتنة تكون فان خرج
الدجال عصم منه.
8 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سئل
عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله كم حج آدم من حجة؟
فقال له: سبعين حجة ماشية على قدمه، وأول حجة حجها كان معه الصرد يدله على
مواضع الماء، وخرج معه من الجنة وقد نهى عن أكل الصرد والخطاف، وسأله: ما
باله لا يمشي؟ فقال: لأنه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه،
ولم يزل يبكى مع آدم عليه السلام، فمن هناك سكن البيوت ومعه تسع آيات من كتاب الله تعالى
مما كان آدم يقرأ بها في الجنة، وهي معه إلى يوم القيمة، ثلاث آيات من أول الكهف،
وثلاث آيات من سبحان، " فإذا قرأت القرآن " وثلاث آيات من يس " وجعلنا من بين
أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ".
9 - في تفسير علي بن إبراهيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي
انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما قال: هذا مقدم ومؤخر، لان
معناه الذي انزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا، فقد قدم حرف،
على حرف.
10 في تفسير العياشي عن البرقي عمن رواه رفعه عن أبي بصير عن أبي جعفر
عليه السلام لينذر بأسا شديدا من لدنه قال: البأس الشديد على وهو لدن رسول الله صلى الله عليه وآله قاتل
معه عدوه، فذلك قوله " لينذر بأسا شديدا من لدنه ".
11 - عن الحسن بن صالح قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: لا تقرأ يبشر، انما
242

البشر بشر الأديم، قال: فصليت بعد ذلك خلف الحسن فقرأ تبشر.
12 - في تفسير علي بن إبراهيم وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا مالهم به
من علم قال: قالت قريش حين زعموا ان الملائكة بنات الله عز وجل وما قالت اليهود
والنصارى في قولهم عزيز ابن الله والمسيح ابن الله، فرد الله عز وجل عليهم فقال: مالهم
به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم ان يقولون الا كذبا.
13 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: فلعلك باخع
نفسك يقول: قاتل نفسك على آثارهم.
14 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليه السلام في الواعظ والزهد في
الدنيا يقول فيه عليه السلام: واعلموا ان الله لم يحب زهرة الدنيا وعاجلها لاحد من أوليائه، ولم -
يرغبهم فيها وفى عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وانما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم
فيها أيهم أحسن عملا لآخرته.
15 - في الخرايج الجرايح عن المنهال بن عمر قال: والله أنا رأيت رأس
الحسين عليه السلام حين حمل وأنا بدمشق، وبين يديه رجل يقرأ الكهف حتى بلغ قوله:
أم حسبت ان أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا فانطق الله تعالى الرأس
بلسان ذرب طلق قال: أعجب من أصحاب الكهف حملي وقتلى.
16 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وروى أبو مخنف عن الشعبي انه صلب
رأس الحسين بالصياف في الكوفة فتنحنح الرأس وقرء سورة الكهف إلى قوله:
انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وسمع أيضا يقرأ: " ان أصحاب الكهف و
الرقيم كانوا من آياتنا عجبا ".
17 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام
ابن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن مثل أبى طالب مثل أصحاب الكهف، أسروا الايمان
وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين.
243

18 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن درست الواسطي
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف، إذ كانوا
يشهدون الأعياد ويشدون الزنانير (1) فأعطاهم الله أجرهم مرتين.
19 - في تفسير العياشي عن عبيد الله بن يحيى عن أبي عبد الله عليه السلام انه ذكر
أصحاب الكهف فقال: لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم؟ فقيل له: وما كلفهم قومهم؟ فقال: كلفوهم الشرك بالله العظيم فاظهروا لهم الشرك، وأسروا الايمان حتى
جاءهم الفرج.
20 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أصحاب الكهف أسروا الايمان
وأظهروا الكفر فآجرهم الله.
21 - عن محمد عن أحمد بن علي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " أم حسبت ان
أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " قال: هم قوم فروا وكتب ملك ذلك
الزمان بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشايرهم في صحف من رصاص، فهو قوله: " أصحاب
الكهف والرقيم ".
22 - عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج أصحاب الكهف على غير
معرفة ولا ميعاد، فلما صاروا في الصحراء أخد بعضهم على بعض العهود والمواثيق،
يأخذ هذا على هذا وهذا على هذا، ثم قالوا: أظهروا أمركم فاظهروه فإذا هم
على أمر واحد.
23 - عن الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أصحاب الكهف أسروا الايمان
وأظهروا الكفر، وكانوا على جهار الكفر أعظم أجرا منهم على الاسرار بالايمان.
24 - عن سليمان بن جعفر النهدي قال: قال جعفر بن محمد: يا سليمان من
الفتى؟ قال: قلت: جعلت فداك الفتى عندنا الشاب، قال لي: أما علمت أن أصحاب
الكهف كانوا كلهم كهولا فسماهم الله فتية بايمانهم، يا سليمان من آمن بالله واتقى

(1) جمع الزنار
244

هو الفتى.
25 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لرجل:
ما الفتى عندكم؟ فقال له: الشاب، فقال: لا، الفتى المؤمن، ان أصحاب الكهف كانوا
شيوخا فسماهم الله عز وجل فتية بايمانهم.
26 - في من لا يحضره الفقيه وروى سدير الصيرفي قال: قلت لأبي جعفر
عليه السلام: حديث بلغني عن الحسن البصري فان حقا فانا لله وانا إليه راجعون، قال: وما هو؟
قلت: بلغني ان الحسن كان يقول: لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفي؟
ولو تفرثت كبده (1) عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماءا وهو عملي وتجارتي، وعليه نبت
لحمي ودمى ومنه حجتي وعمرتي قال: فجلس عليه السلام ثم قال: كذب الحسن خذ سواءا واعط
سواءا، وإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وانهض إلى الصلاة، أما علمت أن أصحاب الكهف
كانوا صيارفة يعنى صيارفة الكلام، ولم يعن صيارفة الدراهم (2).

(1) تفرث: تفرق.
(2) أقول: الصرف هو بيع النقود كبيع الذهب بالفضة أو الدينار بالدرهم وصيارفة
جمع الصيرفي وهو النقاد والهاء للنسبة، ثم إن المشهور كراهية بيع الصرف لأنه يفضى إلى
المحرم أو المكروه غالبا، ولعل هذا الخبر انما ورد ردا على من برى اباحته متمسكا بعمل
أصحاب الكهف.
وقال المجلسي (ره) بعد نقل هذا الخبر: لعله عليه السلام انما ذكر ذلك الزاما عليهم
حيث ظنوا انهم كانوا صيارفة الدراهم " انتهى " وقد رواه الصدوق (ره) في الفقيه وليس فيما رواه قوله:
" يعنى صيارفة الكلام. اه " كنا ان الظاهر أنه من كلام الراوي أو الكليني (ره) نعم ورد في بعضها
التصريح بأنهم صيارفة الكلام كما في حديث العياشي ثم قال الصدوق (ره) بعد نقل الحديث: يعنى
صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم " انتهى " وذكر المجلسي (ره) في وجه حمل الصدوق
(ره) الخبر على هذا المعنى وجوها يطول المقام بذكرها، وعلى الطالب أن يراجع البحار.
وعن بعض شراح الحديث: ان المعنى كأن الإمام عليه السلام قال لسدير: مالك ولقول *
245

27 - في تفسير العياشي عن درست عن أبي عبد الله عليه السلام انه ذكر أصحاب
الكهف فقال: كانوا صيارفة كلام، ولم يكونوا صيارفة دراهم.
28 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن إسماعيل
القرشي عمن حدثه عن إسماعيل بن أعبل عن أبيه عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وآله حديث
طويل قال فيه بعد ان ذكر عيسى، ثم يحيى بن زكريا، ثم العزير ثم دانيال، ثم مكيخا
ابن دانيال عليهم السلام وملوك زمانهم، فعند ذلك ملك سابور بن هرمز اثنين وسبعين سنة، و
هو أول من عقد التاج ولبسه، وولى أمر الله عز وجل يومئذ وهو الشواء بن مكيخا، وملك
بعد أردشير أخو شابور سنتين، وفى زمانه بعث الله الفتية أصحاب الكهف والرقيم، و
ولى أمر الله في الأرض يومئذ دستجا بن لشوا بن مكيخا.
29 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: عز وجل: " أم حسبت أن أصحاب
الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " يقول: قد آتيناك من الآيات ما هو أعجب منه،
وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريم عليهما السلام ومحمد صلى الله عليه وآله، واما الرقيم فهما
لوحان من نحاس مرقوم مكتوب فيهما أمر الفتية وأمر اسلامهم، وما أراد منهم دقيانوس
الملك، وكيف كان أمرهم وحالهم وقال علي بن إبراهيم فحدثني أبى عن ابن أبي عمير
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سبب نزول سورة الكهف ان قريشا بعثوا ثلاثة
نفر إلى نجران: النضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط، والعاص بن وائل
السهمي، ليعلموا من اليهود والنصارى مسائل يسألونها رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجوا إلى
نجران إلى علماء اليهود، فسألوهم فقالوا: اسألوه عن ثلاثة مسائل، فان أجابكم فيها

* الحسن البصري؟ أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل، فانتقدوا
ما قرع أسماعهم فاتبعوا الحق ورفضوا الباطل ولم يسمعوا أماني أهل الضلال وأكاذيب رهط
النفاهة، فأنت أيضا كن صيرفيا لما يبلغك من الأقاويل فانتقده آخذا بالحق رافضا للباطل
وليس المراد انهم كانوا صيارفة الدراهم كما هو المتبادر إلى بعض الأوهام، لأنهم كانوا فتية من
أشراف الروم مع عظم شأنهم وكبر خطرهم.
246

على ما عندنا فهو صادق، ثم سلوه عن مسألة واحدة، فان ادعى علمها فهو كاذب
قالوا: وما هذه المسائل؟ قالوا: اسألوه عن فتية كانوا في الزمن الأول فخرجوا وغابوا
وناموا كم بقوا في نومهم؟ حتى انتبهوا، وكم كان عددهم، وأي شئ كان معهم من
غيرهم وما كان قصتهم؟ واسألوه عن موسى عليه السلام حين أمره الله عز وجل أن يتبع العالم
ويتعلم منه من هو، وكيف تبعه وما كان قصته معه؟ واسألوه عن طائف طاف مغرب الشمس
ومطلعها حتى بلغ سد يأجوج ومأجوج من هو؟ وكيف كان قصته؟ ثم أملوا عليهم أخبار
هذه الثلث المسائل، وقالوا لهم: ان أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق، وان
أخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه، قالوا: فما المسألة الرابعة؟ قالوا: سلوه متى
تقوم الساعة؟ فان ادعى علمها فهو كاذب، فان قيام الساعة لا يعلمها الا الله
تبارك وتعالى.
فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبي طالب رضي الله عنه فقالوا: يا أبا طالب ان ابن
أخيك يزعم أن خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل فان أجابنا عنها علمنا أنه صادق
وان لم يخبرنا علمنا أنه كاذب، فقال أبو طالب: سلوه عما بدا لكم، فسئلوه عن الثلث
المسائل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله غدا أخبركم ولم يستثن، فاحتبس الوحي عليه أربعين
يوما، حتى اغتم النبي صلى الله عليه وآله وشك أصحابه الذين كانوا آمنوا به، وفرحت قريش و
استهزؤا وآذوا وحزن أبو طالب، فلما كان بعد أربعين يوما نزل عليه سورة الكهف
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل لقد أبطأت! فقال: انا لا نقدر ان ننزل الا بإذن الله
تعالى، فأنزل الله عز وجل: " أم حبست " يا محمد " ان أصحاب الكهف والرقيم كانوا
من آياتنا عجبا " ثم قص قصتهم فقال: إذ آوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من
لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا
فقال الصادق عليه السلام: ان أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات
وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام فمن لم يجبه قتله، وكانوا هؤلاء قوما مؤمنين
يعبدون الله عز وجل، ووكل الملك بباب المدينة وكلاء ولم يدع أحدا يخرج حتى
247

يسجد للأصنام، فخرجوا هؤلاء بعلة الصيد وذلك انهم مروا براع في طريقهم فدعوه
إلى أمرهم فلم يجبهم وكان مع الراعي كلب، فأجابهم وخرج معهم، فقال الصادق
عليه السلام: لا يدخل الجنة من البهائم الا ثلاثة حمار بلعم بن باعور، وذئب يوسف عليه السلام و
كلب أصحاب الكهف.
فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك، فلما
أمسوا دخلوا إلى ذلك الكهف، والكلب معهم، فألقى الله عز وجل عليهم النعاس، كما
قال الله تبارك وتعالى: " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا " فناموا
حتى أهلك الله عز وجل الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان، وجاء زمان
آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا، فقال بعضهم لبعض: كم نمنا ههنا فنظروا إلى الشمس
قد ارتفعت فقالوا: نمنا يوما أو بعض يوم، ثم قالوا لواحد منهم: خذ هذه الورق وادخل
في المدينة متنكرا لا يعرفوك: فاشتر لنا فإنهم ان علموا بنا وعرفونا قتلونا
أو ردونا في دينهم، فجاء ذلك الرجل فرأى المدينة بخلاف الذي عهدها، ورأى قوما
بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته، ولم يعرف لغتهم، فقالوا له: من أنت و
من أين جئت فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتى وقفوا
على باب الكهف، فأقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم: هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم، وقال
بعضهم: هم خمسة وسادسهم كلبهم، وقال بعضهم: هم سبعة وثامنهم كلبهم وحجبهم الله
عز وجل بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم، فإنه لما
دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكون أصحاب دقيانوس شعروا بهم، فأخبرهم صاحبهم
انهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل، وأنهم آية للناس، فبكوا وسئلوا الله تعالى ان
يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا، ثم قال الملك: ينبغي ان يبنى ههنا مسجد ونزوره
فان هؤلاء قوم مؤمنون، فلهم في كل سنة نقلة نقلتان ينامون ستة أشهر على جنوبهم الأيمن
وستة أشهر على جنوبهم الأيسر، والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف (1).

(1) " في كتاب سعد السعود لابن طاوس (ره) نقلا عن تفسير أبى اسحق إبراهيم بن محمد *
248

30 - في مجمع البيان وقيل: أصحاب الرقيم هم النفر الثلاثة الذين دخلوا
في غار، فانسد عليهم فقالوا: ليدع الله تعالى كل واحد منا بعمله حتى يفرج الله عنا
ففعلوا فنجاهم الله. رواه النعمان بن بشير مرفوعا.
31 - في محاسن البرقي عنه عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن المفضل بن
صالح عن جابر الجعفي يرفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خرج ثلاثة نفر يسيحون في
الأرض، فبينما هم يعبدون الله في كهف في قلة جبل حتى بدت صخرة من أعلى الجبل
حتى التقمت باب الكهف، فقال بعضهم لبعض: عباد الله والله ما ينجيكم مما وقعتم الا أن
تصدقوا الله، فهلم ما عملتم لله خالصا، فإنما أسلمتم بالذنوب، فقال أحدهم: اللهم ان
كنت تعلم انى طلبت امرأة لحسنها وجمالها فأعطيت فيها مالا ضخما، حتى إذا قدرت عليها
وجلست منها مجلس الرجل من المرأة وذكرت النار، فقمت عنها فرقا منك، اللهم
فارفع عنا هذه الصخرة، فانصدعت حتى نظروا إلى الصدع ثم قال الآخر: اللهم ان
كنت تعلم انى استأجرت قوما يحرثون كل رجل منهم بنصف درهم، فلما فرغوا أعطيتهم
أجورهم، فقال أحدهم: قد عملت عمل اثنين والله لا آخذ الا درهما واحدا وترك ماله عندي
فبذرت بذلك النصف الدرهم في الأرض فأخرج الله من ذلك رزقا، وجاء صاحب النصف

* القزويني باسناده إلى انس بن مالك قال: أهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله بساط من قرية
يقال لها بهندف، فقعد عليه على وأبو بكر وعمر وعثمان والزبير و عبد الرحمن بن عوف وسعد،
فقال النبي صلى الله عليه وآله لعلى: يا علي قل يا ريح احمل بنا، فقال على: يا ريح احمل بنا فحمل
بهم حتى أتوا أصحاب الكهف، فسلم أبو بكر وعمر فلم يردوا عليهم السلام، ثم قام علي عليه السلام
فسلم فردوا عليه السلام، فقال أبو بكر: يا علي ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا؟ فقال لهم علي عليه
السلام فقالوا: انا لا نرد بعد الموت الا على نبي أو وصى نبي ثم قال على " يا ريح احملينا
فحملتنا، ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا، فركز برجله الأرض فتوضأ على وتوضأنا ثم قال:
يا ريح احملينا فحملتنا، فوافينا المدينة والنبي صلى الله عليه وآله في صلاة الغداة وهو يقرأ:
" أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله
الصلاة قال: يا علي أخبروني عن مسيركم أم تحبون أن أخبركم؟ قالوا: بل تخبرنا يا رسول الله.
قال انس بن مالك: فقص القصة كأن معنا. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
249

الدرهم فأراده فدفعت إليه ثمن عشرة آلاف، فان كنت تعلم انما فعلته مخافة منك
فارفع عنا هذه الصخرة، قال: فانفرجت منهم حتى نظر بعضهم إلى بعض، ثم إن الآخر قال:
اللهم ان كنت تعلم أن أبى وأمي كانا نائمين فأتيتهما بقعب من لبن (1) فخفت ان أضعه
أن تمج فيه هامة، وكرهت أن أوقظهما من نومهما، فيشق ذلك عليهما فلم أزل كذلك
حتى استيقظا وشربا، اللهم فان كنت تعلم انى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فارفع عنا هذه -
الصخرة، فانفرجت لهم حتى سهل لهم طريقهم، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: من صدق الله نجا.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قوله عز وجل: فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا
قد سبق له بيان في حديث علي بن إبراهيم.
32 - في كتاب طب الأئمة عوذة للصبي إذا كثر بكاؤه ولمن يفزع بالليل، و
للمرأة إذا سهرت من وجع " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي
الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا " حدثنا أبو المغر الواسطي قال: حدثنا محمد بن سليمان
عن مروان بن الجهم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام مأثورة عن أمير المؤمنين عليه السلام
أنه قال ذلك.
33 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن
يزيد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا وفيه بعد
ان قال عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها، و
فرقه فيها وبين ذلك، قلت: قد فهمت نقصان الايمان وتمامه فمن أين جاءت زيادته؟
فقال: قول الله عز وجل: " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه ايمانا
فأما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون * واما الذين في قلوبهم مرض
فزادتهم رجسا إلى رجسهم " وقال: نحن نقص عليك نبأهم بالحق انهم فتية آمنوا
بربهم وزدناهم هدى ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان، لم يكن لاحد منهم
فضل على الآخر، ولا ستوت النعم، ولا استوى الناس وبطل التفضيل، ولكن بتمام

(1) القعب: القدح الضخم الغليظ.
250

الايمان دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند
الله وبالنقصان دخل المفرطون النار
34 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل: لن ندعو من دونه الها لقد قلنا إذا شططا يعنى جورا على الله تعالى ان قلنا إن
له شريكا.
35 - في كتاب التوحيد حدثنا علي بن عبد الله الوراق ومحمد بن علي
السناني وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قالوا حدثنا أبو العباس
أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا
تميم بن بهلول عن أبيه عن جعفر بن سليمان النضري عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال:
سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام عن قول الله عز وجل: من يهد الله فهو المهتد و
من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا فقال: ان الله تبارك وتعالى يضل الظالمين يوم القيمة
عن دار كرامته، ويهدى أهل الايمان والعمل الصالح إلى جنته كما قال الله عز وجل:
" ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء " وقال الله عز وجل: " ان الذين آمنوا وعملوا
الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجرى من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ".
قال مؤلف هذا الكتاب قوله عز وجل: ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال
وقوله عز وجل: وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد قد سبق لهما بيان في حديث على
ابن إبراهيم.
36 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام أنه قال: لا يدخل الجنة من البهائم الا ثلاثة: حمارة بلعم، وكلب أصحاب الكهف
والذئب، وكان سبب الذئب انه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين و
يعذبهم، وكان للشرطي ابن يحبه، فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطي عليه، فأدخل
الله ذلك الذئب الجنة لما احزن الشرطي.
37 - في تفسير العياشي عن محمد بن سنان البطيخي (1)

(1) وفى المصدر " عن محمد بن سنان عن البطيخي ".
251

عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: لو اطلعت عليهم
لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا قال: إن ذلك لم يعن به النبي صلى الله عليه وآله
انما عنى به المؤمنون بعضهم لبعض لكنه حالهم التي هم عليها.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قوله عز وجل: قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما
أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة
فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا
قد سبق له بيان في حديث علي بن إبراهيم.
38 - في محاسن البرقي عن إبراهيم بن عقبة عن محمد بن ميسر عن أبيه عن أبي جعفر
أو عن أبي عبد الله عليهما السلام في قول الله: " فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه " قال:
أزكى طعاما التمر.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قوله عز وجل: انهم ان يظهروا عليكم يرجموكم
أو يعيدوكم في ملتهم قد سبق له بيان في حديث علي بن إبراهيم.
39 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام، حديث طويل
يقول فيه عليه السلام: وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير، منهم أصحاب الكهف أماتهم
الله ثلاثمائة عام، ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم، وليريهم قدرته
وليعلموا أن البعث حق.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون ثلاثة رابعهم
كلبهم إلى قوله عز وجل: وثامنهم كلبهم قد سبق له بيان في حديث علي بن إبراهيم.
40 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال الصادق عليه السلام: يخرج مع
القائم عليه السلام من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلا، خمسة عشر من قوم موسى عليه السلام،
الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون
وأبا دجانة الأنصاري، ومقداد ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما.
قال عز من قائل: فلا تمار فيهم الامراء ظاهرا.
41 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة
252

ابن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إياكم والمراء والخصومة
فإنهما يمرضان القلوب على الاخوان وينبت عليهما النفاق.
42 - وباسناده قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: ثلاث من لقى الله عز وجل بهن دخل الجنة
من أي باب شاء: من حسن خلقه وخشي الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وإن كان
محقا.
43 - وباسناده إلى عمار بن مروان قال قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تمارين حليما
ولا سفيها، فان الحليم يغلبك (1) والسفيه يؤذيك.
44 - في كتاب التوحيد باسناده إلى إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد
عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا زعيم (2) ببيت في أعلى الجنة، وبيت
في وسط الجنة، وبيت في رياض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا.
45 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من يضمن أربعة بأربعة أبيات
في الجنة: من أنفق ولم يخف فقرا، إلى قوله (ع): وترك المراء وان وكان محقا.
46 - عن جعفر بن محمد عن أبيه، عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع خصال
تميت القلب: الذنب على الذنب وكثرة منافثة النساء يعنى محادثتهن، ومماراة الأحمق
تقول ويقول ولا يرجع إلى خيرا أبدا، الحديث.
47 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مرازم
ابن حكيم قال مر أبو عبد الله (ع) بكتاب في حاجة، فكتب ثم عرض عليه ولم يكن فيه
استثناء، فقال: كيف رجوتم ان يتم هذا وليس فيه استثناء؟ انظروا كل موضع لا يكون
فيه استثناء فاستثنوا فيه.
48 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي
جميلة عن المفضل بن صالح عن محمد الحلبي وزرارة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر و

(1) وفى بعض النسخ " يقليك " ويوافقه المصدر أيضا وهو من القلى بمعنى البغض.
(2) الزعيم: الكفيل.
253

أبى عبد الله عليهما السلام في قول الله عز وجل: " واذكر ربك إذا نسيت " قال: إذا حلف الرجل
فنسى أن يستثنى فليستثن.
49 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن
محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز -
وجل: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما " قال: فقال: ان الله عز وجل لما
قال لآدم: ادخل الجنة قال له: يا آدم لا تقرب هذه الشجرة، قال: وأراه إياها؟ فقال
آدم لربه: كيف أقربها وقد نهيتني عنها أنا وزوجتي؟ قال: فقال لهما: لا تقرباها يعنى
لا تاكلا منها، فقال آدم وزوجته: نعم يا ربنا لم نقربها ولم نأكل منها ولم يستثنيا في
قولهما نعم، فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما والى ذكرهما، قال: وقد قال الله عز وجل
لنبيه صلى الله عليه وآله في الكتاب: ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله
ان لا أفعله فتسبق مشية الله في أن لا افعله، فلا أقدر على أن أفعله فلذلك قال الله عز وجل:
" واذكر ربك إذا نسيت " أي استثن مشية الله في فعلك.
50 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا
عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول
الله عز وجل: " واذكر ربك إذا نسيت " قال: ذلك في اليمين، إذا قلت: والله لا أفعل كذا
وكذا، فإذا ذكرت انك لم تستثن فقل انشاء الله.
51 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن
القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الاستثناء في اليمين متى ما ذكر
وإن كان بعد أربعين صباحا، ثم تلا هذه الآية: " واذكر ربك إذا نسيت ".
52 - أحمد بن محمد عن علي بن الحسن عن علي بن أسباط عن الحسن بن زرارة
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " واذكر ربك إذا نسيت " فقال: إذا
حلفت على يمين ونسيت أن تستثنى فاستثن إذا ذكرت.
53 - في من لا يحضره الفقيه وروى حماد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون عن
254

أبي عبد الله عليه السلام قال: للعبد أن يستثنى ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي، ان رسول الله
صلى الله عليه وآله أتاه أناس من اليهود فسألوه عن أشياء، فقال لهم: تعالوا غدا أحدثكم ولم يستثن
فاحتبس جبرئيل عليه السلام عنه أربعين يوما ثم أتاه فقال: " ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك
غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت ".
54 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى علي بن حديد عن مرازم قال: دخل أبو
عبد الله عليه السلام يوما إلى منزل معتب وهو يريد العمرة، فتناول لوحا فيه تسمية أرزاق العيال وما
يخرج لهم، فإذا فيه لفلان وفلان وفلان وليس فيه استثناء، فقال: من كتب هذا الكتاب
ولم يستثن فيه كيف ظن أنه يتم؟ ثم دعى بالدواة فقال: الحق فيه انشاء الله، فالحق فيه
في كل اسم انشاء الله.
55 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن علي
ابن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: إذا حلف الرجل بالله فله ثنيا (1) إلى أربعين يوما، و
ذلك ان قوما من اليهود سئلوا النبي صلى الله عليه وآله عن شئ فقال: ائتوني (2) غدا ولم يستثن حتى
أخبركم فاحتبس عنه جبرئيل (ع) أربعين يوما، ثم أتى وقال: " لا تقولن لشئ انى
فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت ".
56 - عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) ذكر ان آدم لما اسكنه الله الجنة فقال له:
يا آدم لا تقرب هذه الشجرة فقال: نعم ولم يستثن فأمر الله نبيه فقال: " ولا تقولن لشئ
انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت " ولو بعد سنة.
57 - وفى رواية عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " ولا تقولن لشئ
انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت " أن تقول الا من بعد الأربعين
فللعبد الاستثناء في اليمين ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي.
58 - عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قول الله: " و
أذكر ربك إذا نسيت " فقال: إذا حلف الرجل فنسى أن يستثن فليستثن إذا ذكر.

(1) الثنيا - بالضم مع القصر -: الاسم من الاستثناء، وفى المصدر " ثنياها ".
(2) وفى بعض النسخ " ألقوني " مكان " ائتوني ".
255

59 - عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه (ع) عن قول الله: " واذكر
ربك إذا نسيت " فقال: ان تستثنى ثم ذكرت بعد فاستثن حين تذكر.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه وقد سبق لهذه الآية بيان في حديث على
ابن إبراهيم.
60 - في مجمع البيان وقوله: " واذكر ربك إذا نسيت " فيه وجهان أحدهما انه
كلام متصل بما قبله، ثم اختلف في ذلك فقيل: معناه واذكر ربك إذا نسيت الاستثناء ثم تذكرت
فقل إن شاء الله، وإن كان بعد يوم أو شهر أو سنة عن ابن عباس وقد روى ذلك عن أئمتنا
عليهم السلام، ويمكن أن يكون الوجه فيه انه إذا استثنى بعد النسيان فإنه يحصل ثواب
المستثنى من غير أن يؤثر الاستثناء بعد انفصال الكلام في الكلام وابطال الحنث وسقوط
الكفارة في اليمين، وهو الأشبه بمراد ابن عباس في قوله.
61 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل
يقول فيه عليه السلام " وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير منهم أصحاب الكهف،
أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة، وبعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم و
ليريهم قدرته وليعلموا ان البعث حق:
62 - في مجمع البيان وروى أن يهوديا سئل علي بن أبي طالب عليه السلام عن مدة
لبثهم فأخبر بما في القرآن، فقال: انا نجد في كتابنا ثلاثمأة فقال عليه السلام: ذاك
بسني الشمس وهذا بسني القمر.
63 - في كتاب طب الأئمة باسناده إلى سالم بن محمد قال: شكوت إلى
الصادق عليه السلام وجع الساقين، وانه قد أقعدني عن أمر ربى وأسبابي، فقال: عوذها،
قلت: بماذا يا بن رسول الله؟ قال: بهذه الآية سبع مرات فإنك تعافى بإذن الله،
واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك ولا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا
قال: فعوذتها سبعا كما امرني، فرفع الوجع عنى رفعا حتى لم أحس بعد ذلك
بشئ منه.
256

63 - في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام
قال: قال عثمان بن عفان: يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
وآله: تعلموا تفسير أبجد فان فيه الأعاجيب كلها وهل للعالم جهل تفسيره فقال:
يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ قال: ما الألف فآلاء الله إلى قوله عليه السلام: واما كلمن فالكاف
كلام الله لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا.
64 - عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رحمه الله قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله بسبع
أوصاف بحب المساكين والدنو منهم، وأوصاني ان أقول الحق وإن كان مرا الحديث.
65 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل واصبر نفسك مع
الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة
الحياة الدنيا فهذه نزلت في سلمان الفارسي رضي الله عنه، كان عليه كساء يكون
فيه طعامه وهو دثاره ورداؤه، وكان كساء من صوف، فدخل عيينة بن حصين على النبي صلى الله عليه وآله
وسلمان (ره) عنده فتأذى عيينة بريح كساء سلمان، وقد كان عرق فيه وكان يوما
شديد الحر، فعرق في الكساء فقال: يا رسول الله إذا نحن دخلنا عليك فاخرج هذا واصرفه
من عندك، فإذا نحن خرجنا فادخل من شئت فأنزل الله عز وجل: ولا تطع من أغفلنا
قلبه عن ذكرنا وهو عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري.
66 - في مجمع البيان عند قوله: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم " إلى قوله:
أليس الله بأعلم بالشاكرين عن ابن مسعود حديث طويل وهناك: وقال سلمان وخباب:
فينا نزلت هذه الآية، جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصين الفزاري وذووهم
من المؤلفة، فوجدوا النبي صلى الله عليه وآله قاعدا مع بلال وصهيب وعثمان وخباب في ناس من ضعفاء
المؤمنين، فحقروهم فقالوا: يا رسول الله لو نحيت هؤلاء عنك حتى نخلوا بك؟ إلى قوله:
فكنا نقعد معه فإذا أراد ان يقوم قام وتركنا فأنزل الله عز وجل: " واصبر نفسك مع الذين
يدعون ربهم " الآية قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقعد معنا ويدنو حتى كادت ركبتنا تمس
ركبته فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم.
257

67 - وفيه هنا نزلت الآية في سلمان وأبي ذر وصهيب وخباب وغيرهم من فقراء
أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، وذلك أن المؤلفة قلوبهم جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: عيينة بن
حصين والأقرع بن حابس وذووهم فقالوا: يا رسول الله ان جلست في صدر المجلس و
نحيت عنا هؤلاء وروايح صنانهم (1) - وكانت عليهم جبات الصوف - جلسنا نحن إليك واخذنا
عنك فلا يمنعنا من الدخول عليك الا هؤلاء، فلما نزلت الآية قام النبي صلى الله عليه وآله يلتمسهم،
فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله عز وجل فقال: الحمد لله الذي لم يمتني
حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيى ومعكم الممات.
68 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبى عبد الله
عليهما السلام في قوله: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي " قال:
انما عنى بها الصلاة.
69 - عن عاصم الكوري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول في قول الله:
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر قال: وعيد.
70 - في أصول الكافي - أحمد بن عبد العظيم عن محمد بن الفضيل عن أبي
حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: " وقل
الحق من ربكم ولاية علي عليه السلام فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين
آل محمد نارا ".
71 - في تفسير علي بن إبراهيم قال أبو عبد الله عليه السلام: نزلت هذه الآية هكذا:
" وقل الحق من ربكم يعنى ولاية على فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا
للظالمين آل محمد عليه السلام حقهم نارا أحاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء
كالمهل " قال: المهل الذي يبقى في أصل الزيت المغلى، " يشوى الوجوه بئس
الشراب وساءت مرتفقا ".
72 - في تهذيب الأحكام ابن أبي عمير عن بشير عن ابن أبي يعفور قال: كنت

(1) الصنان: نتن الإبط.
258

عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: أصلحك الله انه ربما
أصاب الرجال منا الضيق والشدة، فيدعى إلى البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسناة
يصلحها (1) فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما أحب انى عقدت لهم عقدة،
أو وكيت لهم وكاء وان لي ما بين لابتيها (2) لا ولا مدة بقلم، ان أعوان الظلمة يوم القيمة
في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد.
73 - محمد بن يعقوب عن الحسين بن الحسن الهاشمي عن صالح بن أبي حماد
عن محمد بن خالد عن زياد بن سلمة قال: دخلت على أبى الحسن موسى (ع) فقال لي:
يا زياد انك تعمل عمل السلطان؟ قال: قلت: أجل، قال لي: ولم؟ قلت: أنا رجل
لي مروة، على عيال، وليس وراء ظهري شئ، فقال لي: يا زياد لئن أسقط من
حالق (3) فأتقطع قطعة قطعة أحب إلى من أن أتولى لاحد منهم عملا، وأطأ بساط
رجل منهم الا لماذا؟ قلت: لا أدرى، قال: الا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فك
أسره، أو قضاء دينه، يا زياد ان أهون ما يصنع الله عز وجل بمن تولى لهم عملا ان
يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله عز وجل من حساب الخلايق.
74 - في تفسير العياشي عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال: الظلم
ثلاثة: ظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره الله، وظلم لا يدعه، فالظلم الذي لا يغفره الله الشرك،
واما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه، واما الظلم الذي لا يدعه فالذنب بين العباد.
75 - في مجمع البيان " كالمهل " قيل العكر الزيت إذا قرب إليه سقطت
فروة رأسه (4) روى ذلك مرفوعا.

(1) كرى الأرض: حفرها. والمسناة: العرم وهو ما يبنى في وجه السيل.
(2) وكى القربة: شدها بالوكاء وهو رباط القربة. واللابة: الحرة وهي ارض ذات
حجارة سود كأنها أحرقت بالنار، وقوله عليه السلام " لابتيها " أي لابتى المدينة، لأنها ما بين
حرتين عظيمتين تكتنفانها.
(3) الحالق: الجبل المنيف العالي، لا يكون الا مع عدم نبات كأنه حلق.
(4) فروة رأس: جلده.
259

وفيه عند قوله: " فمالئون منها البطون " وقد روى أن الله تعالى يجوعهم
حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع: فيصرخون إلى مالك، فيحملهم إلى تلك
الشجرة وفيهم أبو جهل، فيأكلون منها فتغلى بطونهم، فيسقون شربة من الماء الحار
الذي بلغ نهايته في الحرارة فإذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله:
يشوى الوجوه.
77 - وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله: " ويسقى من ماء صديد " قال:
يقرب إليه فيتكرهه فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه، فإذا شرب قطع
أمعاءه حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل: " وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم "
ويقول: " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه ".
78 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن القاسم بن
عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " يوم
تبدل الأرض غير الأرض " قال: تبدل خبزة يأكل الناس منها حتى يفرغوا من الحساب،
فقال له قائل: انهم لفى شغل يومئذ عن الأكل والشرب؟ فقال له: ان ابن آدم خلق
أجوف لابد له من طعام وشراب، أهم أشد شغلا أم في النار؟ فقد استغاثوا والله عز وجل يقول:
" وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب ".
79 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله:
" يوم تبدل غير الأرض " قال تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب،
فقال له قائل: انهم يومئذ في شغل عن الأكل والشرب؟ فقال له: ان ابن آدم خلق
أجوف لا بد له من الطعام والشراب أهم أشد شغلا أم هم في النار فقد استغاثوا " وان يستغيثوا
يغاثوا بماء كالمهل ".
80 - عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال
أمير المؤمنين عليه السلام ان أهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا
الشراب، فأتوا بشراب غساق وصديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل
260

مكان، وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ، وحميم يغلى به جهنم منذ خلقت، كالمهل
يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا.
81 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن بعض أصحابه رفعه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله لما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار على، وما
في الجنة قصر ولا منزل الا وفيها فتر منها أعلاها اسفاط (1) حلل من سندس وإستبرق،
يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط، في كل سفط مأة حلة، ما فيها حلة تشبه الأخرى على
ألوان مختلفة، وهو ثياب أهل الجنة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
82 - وقوله عز وجل: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب
وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا قال: نزلت في رجل كان له بستانان
كبيران عظيمان كثيرا الثمار، كما حكى الله عز وجل، وفيهما نخل وزرع وماء وكان له
جار فقير فافتخر الغنى على ذلك الفقير.
83 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من رجل دعا فختم
بقول: ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله الا أجيب حاجته.
84 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى الحسن بن علي بن عبد الملك الزيات عن
رجل عن كرام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربع لأربع إلى قوله: والثالثة للحرق و
الغرق ما شاء الله لا قوة الا بالله، وذلك أنه يقول: ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله
لا قوة الا بالله
85 - في محاسن البرقي عنه عن عدة من أصحابنا عن علي بن أسباط عن أبي -
الحسن الرضا عليه السلام قال: قال لي: إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل: بسم الله
آمنت بالله، توكلت على الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله، فتلقاه الشياطين فتضرب
الملائكة وجوهها وتقول: ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل على الله، وقال:

(1) الفتر: القطع، وفى بعض النسخ " القتر " بالقاف. والاسفاط جمع السفط: ما
يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. وعاء كالقفة أو الجوالق.
261

ما شاء الله لا قوة الا بالله.
86 - عنه عن بكر بن صالح عن سلميان بن جعفر عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام
قال: من خرج وحده في السفر فليقل ما شاء الله لا قوة الا بالله، اللهم آنس وحشتي وأعنى
على وحدتي واد غيبتي (1).
87 - في كتاب التوحيد باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر
محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: سألته عن معنى لا حول ولا قوة الا بالله، فقال: معناه
لا حول لنا عن معصية الله الا بعون الله، ولا قوة لنا على طاعة الله الا بتوفيق
الله عز وجل.
88 - في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال: عجبت لمن
يفزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع؟ إلى أن قال: وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها
كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: " ما شاء الله لا قوة الا بالله " فانى سمعت الله يقول بعقبها:
ان ترن انا أقل منك مالا وولدا فعسى ربى ان يؤتينى خيرا من جنتك وعسى موجبة.
89 - في مجمع البيان: وأحيط بثمره وفى الخبر ان الله عز وجل ارسل عليها نارا
وغار ماؤها (2).
90 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
أورمة ومحمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قوله عز وجل:
هنالك الولاية لله الحق قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.
91 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة عن علي بن
حسان عن عبد الرحمن بن كثير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: " هنالك
الولاية لله الحق " قال: ولاية أمير المؤمنين.
92 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن

(1) وفى بعض النسخ " ورد غيبتي " والمختار موافق للمصدر.
(2) غار الماء: ذهب في الأرض.
262

إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة عن علي بن
الحسين عليه السلام حديث طويل في الزهد في الدنيا وفيه يقول عليه السلام: فهي كروضة اعتم
مرعاها (1) وأعجبت من يراها عذب شربها طيب تربتها تمج عروقها الثرى وينطف
فروعها الندى حتى إذا بلغ العشب ابانه (2) واستوى بنانه هاجت ريح تحت الورق وتفرق
ما اتسق، فأصبحت كما قال الله: هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شئ
مقتدرا.
93 - في نهج البلاغة أما بعد فانى أحذركم الدنيا إلى أن قال: لا تعدوا إذا
تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها، والرضاء بها أن تكون كما قال الله سبحانه: " كماء
أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل
شئ مقتدرا ".
94 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سعيد بن النصر عن جعفر بن محمد
عليه السلام قال: المال والبنون زينة الحياة الدنيا وثمان ركعات آخر الليل
والوتر زينة الآخرة، وقد يجمعهما الله عز وجل لأقوام.
95 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: ان المال والبنين حرث الدنيا، والعمل
الصالح حرث الآخرة، وقد يجمعهما الله لأقوام.
96 - في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن يحيى عن عمر بن علي بن عمر عمن
حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن كان الله عز وجل قال: " المال والبنون زينة الحياة
الدنيا " ان الثمانية ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الآخرة.
97 - في مجمع البيان وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لجلسائه:
خذوا جنتكم، قالوا: حضر عدونا؟ قال: خذوا جنتكم من النار، قولوا: سبحان الله

(1) اعتم النبت: تم طوله وظهر نوره.
(2) مج الرجل الماء من فيه: رمى به. والثرى - كحصا: ندى الأرض ونطف الماء:
إذا قطر قليل قليل، والعشب: الكلاء الرطب، وأبان الشئ: حينه أو أوله.
263

والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإنهن المقدمات، وهن المنجيات، وهن المعقبات،
وهن الباقيات الصالحات.
98 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن عجزتم عن الليل أن تكابدوه، وعن
العدو أن تجاهدوه، فلا تضجروا عن قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
فإنهن من الباقيات الصالحات فقولوها.
99 - وقيل هي الصلوات الخمس وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
100 - وروى عنه أيضا: ان من الباقيات الصالحات القيام بالليل لصلاة الليل.
101 - في كتاب ابن عقدة ان أبا عبد الله عليه السلام قال للحصين بن عبد الرحمن: يا
حصين لا تستصغر مودتنا، فإنها من الباقيات الصالحات، قال: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله
ما أستصغرها ولكن أحمد الله عليها.
102 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: خذوا جنتكم، قالوا: يا رسول الله حضر عدو؟ فقال: لا ولكن خذوا جنتكم
من النار، فقالوا: فيمن نأخذ جنتنا يا رسول الله؟ قال: سبحان الله والحمد لله و
لا إله إلا الله والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيمة ولهن مقدمات ومؤخرات وهي الباقيات
الصالحات (1) ثم قال أبو عبد الله عليه السلام " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله عندما
أحل أو حرم وشبه هذا هو مؤخرات.
103 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى الحسن بن محبوب عمن ذكره
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه ذات يوم: أتدرون لو جمعتم
ما عندكم من الآنية والمتاع أكنتم ترونه تبلغ السماء؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال:
الا أدلكم على شئ أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال:
يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته الفريضة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله

(1) في المصدر " ولهن مقدمات ومؤخرات ومنجيات ومعقبات وهن الباقيات
الصالحات.. اه ".
264

أكبر ثلثين مرة، فان اصلهن في الأرض وفرعهن في السماء، وهن يدفعن الحرق والغرق
والهدم والتردي في البئر، وميتة السوء، وهن الباقيات الصالحات.
104 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد
ابن محبوب عن مالك بن عطية عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله
برجل يغرس غرسا في حائط له، فوقف له وقال: ألا أدلك على غرس أثبت أصلا، و
أسرع ايناعا (1) وأطيب ثمرا وأبقى؟ قال: بلى فدلني يا رسول الله فقال: إذا أصبحت
وأمسيت فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فان لك ان قلته بكل تسبيحة
عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، وهن من الباقيات الصالحات، الحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
105 - في كتاب ثواب الأعمال عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أكثروا من سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيمة لهن مقدمات ومؤخرات
ومعقبات، وهن الباقيات الصالحات.
106 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى ابن عباس قال: لما
نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله: وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا غشى عليه
وحمل إلى حجرة أم سلمة، فانتظره أصحابه وقت الصلاة فلم يخرج، فاجتمع
المسلمون فقالوا: ما لنبي الله؟ قالت أم سلمة: ان نبي الله عنكم مشغول، ثم خرج بعد
ذلك فرقى المنبر فقال: أيها الناس انكم تحشرون يوم القيمة كما خلقتم حفاة عراة، ثم
قرأ على أصحابه: " فحشرناهم فلم نغادر منه أحدا " ثم قرأ " كما بدأنا أول خلق
نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين ".
107 - في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال عبد الله بن سلام: يا محمد
أخبرني عن وسط الدنيا؟ قال: بيت المقدس، قال: ولم ذلك؟ قال: لان فيها المحشر
والمنشر، ومنه ارتفع العرش، وفيه الصراط والميزان، قال: صدقت يا محمد.

(1) ينع الثمر: أدرك وطاب وحان قطافه، وأينع بمعنى ينع أيضا.
265

108 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه:
يحشر الناس على مثل قرصة النقي (1) فيها انهار متفجرة يأكلون ويشربون حتى
يفرغوا من الحساب.
109 - في تفسير علي بن إبراهيم ان النبي صلى الله عليه وآله وقف على حمزة يوم أحد،
وقال: لولا انى أحذر نساء بنى عبد المطلب لتركته للعاوية والسباع، حتى يحشر يوم
القيمة من بطون السباع والطير.
110 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يقول
الناس في هذه الآية " ويوم نحشر من كل أمة فوجا " قلت: يقولون انها في القيمة، قال:
ليس كما يقولون انها في الرجعة، يحشر الله في القيمة من كل أمة ويدع الباقين، انما آية
القيمة: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ".
111 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل
وفيه قال السائل: أخبرني عن الناس يحشرون يوم القيمة عراة؟ قال: بل يحشرون
في اكفانهم، قال: انى لهم بالاكفان وقد بليت؟ قال: إن الذي أحيا أبدانهم
جدد أكفانهم، قال: فمن مات بلا كفن؟ قال: يستر الله عورته بما يشاء من عنده، قال:
أفيعرضون صفوفا؟ قال: نعم هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الأرض.
112 - في كتاب الخصال باسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد
عليه السلام انه جاء إليه رجل فقال: بأبي أنت وأمي عظني موعظة، فقال عليه السلام: إن كان
العرض على الله عز وجل حقا فالمكر لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
113 - في مجمع البيان عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يحشر الناس من قبورهم يوم
القيمة حفاة عراة غرلا (2) فقالت عايشة: يا رسول الله أما يستحيى بعضهم من بعض؟
فقال: " لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه ".

(1) النقي: الخبز الحوارى، وهو الدقيق الأبيض وهو لباب الدقيق.
(2) الغرل جمع الاغرل: من لم يختن.
266

قال مولف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق في الانعام عند قوله: " كما خلقناكم أول
مرة " ما يصلح أن يكون مزيد بيان لقوله عز وجل: وعرضوا على ربك صفا الآية.
114 - في تفسير العياشي عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا كان يوم القيمة رفع الانسان كتابه ثم قيل له: أقرأه، قلت: فيعرف ما فيه؟ فقال:
انه يذكره، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم الا ذكره كأنه فعله تلك الساعة، فلذلك
قالوا يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها.
115 - عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يذكر العبد جميع ما عمل
وما كتب عليه كأنه فعلة تلك الساعة، فلذلك " قالوا يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر
صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها ".
116 في تفسير علي بن إبراهيم قال: ووضع الكتاب فترى المجرمين
مشفقين مما فيه إلى قوله: ولا يظلم ربك أحدا قال: يجدون ما عملوا كله مكتوبا.
117 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت
وفيه بعد ان مدح عليه السلام الملائكة وقال: معاذ الله من ذلك، ان الملائكة معصومون
محفوظون من الكفر والقبايح بألطاف الله تعالى، قالا: قلنا له: فعلى هذا لم يكن إبليس
أيضا ملكا؟ فقال: لا، بل كان من الجن، أما تسمعان الله تعالى يقول: وإذ قلنا للملائكة
اسجدوا لادم فسجدوا الا إبليس كان من الجن فأخبر عز وجل انه كان من الجن،
وهو الذي قال الله تعالى: " والجان خلقناه من قبل من نار السموم ".
118 - في أصول الكافي عنه (1) عن أبيه عن فضالة عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن الملائكة كانوا يحسبون ان إبليس منهم، وكان في علم الله انه ليس منهم
فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب، فقال: " خلقتني من نار وخلقته من طين ".
119 - في تفسير العياشي عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن إبليس كان من الملائكة وهل كان يلي من أمر السماء شيئا؟ قال: لم يكن
من الملائكة ولم يكن يلي من السماء شيئا، كان من الجن وكان مع الملائكة، وكانت

(1) قبله: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد. " منه عفى عنه ".
267

الملائكة تراه انه منها، وكان الله يعلم أنه ليس منها، فلما أمر بالسجود كان منه
الذي كان.
120 - عن محمد بن مروان عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ما أشهدتهم
خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا
قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اللهم أعز الاسلام بعمر بن خطاب أو بابى جهل بن هشام
فأنزل الله: " وما كنت متخذ المضلين عضدا " يعنيهما.
121 - عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعز الاسلام بابى جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب
فقال يا محمد قد والله قال ذلك، - وكان أشد على من ضرب العنق - ثم اقبل على فقال:
هل تدرى ما أنزل الله يا محمد؟ قلت: أنت أعلم جعلت فداك، قال: إن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان في دار الأرقم، فقال: اللهم أعز الاسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن
الخطاب، فأنزل الله: " ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت
متخذ المضلين عضدا ".
122 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جبلة بن سحيم عن أبيه
قال: لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بلغه ان معاوية قد توقف عن اظهار
البيعة له، وقال: ان أقرني على الشام أو الأعمال التي ولانيها عثمان بايعته، فجاء
المغيرة إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين ان معاوية من قد عرفت،
وقد ولاه الشام من كان قبلك، فوله أنت كيما يتسق عرى الأمور ثم اعزله ان
بدا لك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه؟
قال: لا، قال: لا يسألني الله عز وجل عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء
أبدا " وما كنت متخذ المضلين عضدا " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
123 - في كتاب مقتل الحسين (ع) لأبي مخنف ان الحسين عليه السلام قام يتمشى
إلى عبيد الله بن الحر الجعفي وهو في فسطاطه حتى دخل عليه وسلم عليه، فقام إليه ابن الحر
268

وأخلى له المجلس، فجلس ودعاه إلى نصرته فقال عبيد الله بن الحر: والله ما خرجت
من الكوفة الا مخافة أن تدخلها، ولا أقاتل معك، ولو قاتلت لكنت أول مقتول،
ولكن هذا سيفي وفرسي فخذهما، فأعرض عنه بوجهه فقال: إذا بخلت علينا بنفسك
فلا حاجة لنا في مالك " وما كنت متخذ المضلين عضدا ".
124 - في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام عن أمير المؤمنين
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقد ذكر معاوية بن حرب: وأعجب العجب انه
لما رأى ربى تبارك وتعالى قد رد إلى حقي في معدنه، وانقطع طمعه في أن يصير في
دين الله رابعا وفى أمانة حملناها حاكما كر على العاص بن العاص فاستماله فمال إليه
ثم أقبل به بعد أن أطمعه مصر، وحرام عليه أن يأخذ من الفئ دون قسمته درهما، و
حرام على الراعي ايصال درهم إليه فوق حقه، فأقبل يحبط البلاد بالظلم، ويطأهم
بالغشم (1) فمن تابعه أرضاه، ومن خالفه ناواه، ثم توجه إلى ناكثا علينا، مغيرا
في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا، والأنباء تأتيني، والاخبار ترد على بذلك، فأتاني
أعور ثقيف فأشار على أن أوليه البلاد التي هو بها لاداريه بما اوليه منها، وفى الذي
أشار به الرأي في أمر الدنيا لو وجدت عند الله عز وجل في توليه لي مخرجا، أو أصبت
لنفسي في ذلك عذرا، فأعلمت الرأي في ذلك، وشاورت من أثق بنصيحته لله عز وجل
ولرسوله صلى الله عليه وآله ولى وللمؤمنين، فكان رأيه في ابن آكلة الأكباد رأى ينهاني عن
توليته، ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده، ولم يكن الله ليراني ان اتخذ
المضلين عضدا.
125 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها
يعنى أيقنوا انهم داخلوها.
126 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث

(1) الغشم: الظلم.
269

طويل يقول فيه عليه السلام: وقد يكون بعض ظن الكافرين يقينا، وذلك قوله: " ورأى
المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها " أي أيقنوا انهم مواقعوها.
127 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن عباس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم.
128 - في تفسير علي بن إبراهيم فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا بخبر
أصحاب الكهف قالوا: أخبرنا عن العالم الذي أمر الله عز وجل موسى أن يتبعه وما قصته؟
فأنزل الله عز وجل: وإذا قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو امضى
حقبا قال: وكان سبب ذلك أنه كلم الله موسى تكليما، وأنزل عليه الألواح وفيها
كما قال الله عز وجل: " وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ "
رجع موسى عليه السلام إلى بني إسرائيل فصعد المنبر، فأخبرهم ان الله عز وجل قد أنزل عليه
التوراة وكلمه، وقال في نفسه ما خلق الله تعالى خلقا أعلم منى، فأوحى الله عز وجل إلى
جبرئيل عليه السلام: أدرك موسى قد هلك، واعلمه ان عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجل
اعلم منك، فصر إليه وتعلم من علمه، فنزل جبرئيل عليه السلام على موسى عليه السلام وأخبره فذل
موسى في نفسه وعلم أنه أخطأ ودخله الرعب، وقال لوصيه يوشع، ان الله عز وجل قد
امرني ان اتبع رجلا عند ملتقى البحرين وأتعلم منه، فتزود يوشع حوتا مملوحا، فلما
خرجا وبلغا ذلك المكان وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه، فأخرج موسى عليه السلام
الحوت وغسله الماء ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت، وكان ذلك الماء ماء
الحيوان، فحيى الحوت ودخل في الماء، فمضى موسى عليه السلام ويوشع معه حتى عييا، فقال
لوصيه: آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا أي عناءا فذكر وصيه السمكة، فقال
لموسى عليه السلام: انى نسيت الحوت على الصخرة فقال موسى عليه السلام: ذلك الرجل الذي
رأينا عند الصخرة هو الذي نريده فرجعا على آثارهما قصصا، أي عند الرجل وهو في
صلاته، فقعد موسى عليه السلام حتى فرغ من صلاته فسلم عليهما.
فحدثني محمد بن علي بن بلال عن يونس قال: اختلف يونس وهشام ابن إبراهيم
270

في العالم الذي أتاه موسى عليه السلام أيهما كان أعلم، وهل يجوز أن يكون على موسى حجة
في وقته وهو حجة الله عز وجل على خلقه؟ فقال قاسم الصيقل: فكتبوا إلى أبى الحسن الرضا
عليه السلام يسئلونه عن ذلك، فكتب في الجواب اتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزاير
البحر، فاما جالسا واما متكيا فسلم عليه موسى عليه السلام، فأنكر السلام إذ كان بأرض
ليس فيها سلام، قال: من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران، قال: أنت موسى بن
عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال: نعم، قال: فما حاجتك؟ قال: جئت لتعلمني مما علمت
رشدا، قال: انى وكلت بأمر لا تطيقه، ووكلت بأمر لا أطيقه، ثم حدثه العالم
بما يصيب آل محمد صلوات الله عليهم من البلاء حتى اشتد بكاؤهما ثم حدثه عن فضل آل
محمد صلوات الله عليهم حتى جعل موسى يقول: يا ليتني كنت من آل محمد صلوات الله
عليهم حتى ذكر فلانا وفلانا ومبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قومه، وما يلقى منهم ومن
تكذيبهم إياه، وذكر له تأويل هذه الآية " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا
به أول مرة " حين اخذ الميثاق عليهم، فقال له موسى هل اتبعك على أن تعلمني مما
علمت رشدا فقال الخضر: انك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم
تحط به خبرا فقال موسى عليه السلام: ستجدني انشاء الله صابرا ولا اعصى لك أمرا قال
الخضر فان اتبعتني فلا تسئلني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا يقول: لا تسئلني
عن شئ أفعله ولا تنكره على حتى أخبرك أنا بخبره، قال: نعم.
129 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر
وأبى عبد الله عليهما السلام قال: إنه لما كان من أمر موسى عليه السلام الذي كان، أعطى
مكتل (1) فيه حوت مملح، قيل له: هذا يدلك على صاحبك عند عين عند مجمع
البحرين، لا يصيب منها شئ ميتا الا حيى يقال له الحياة، فانطلقا (2) حتى بلغا
الصخرة وانطلق الفتى يغسل الحوت في العين، فاضطرب في يده حتى خدشه وانفلت (3)

(1) المكتل - كمنبر -: الزنبيل
(2) وفى بعض النسخ " فانظر إلى " مكان " فانطلقا ".
(3) انفلت: تخلص.
271

منه ونسيه الفتى، " فلما جاوزا " الوقت الذي وقت فيه أعنى موسى " قال لفتاه آتنا غدائنا
لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال أرأيت " إلى قوله: " على آثارهما قصصا " فلما أتاها
وجد الحوت قد خر في البحر فاقتصا الأثر حتى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر
البحر اما متكيا واما جالسا في كساء له، فسلم عليه موسى فعجب من السلام وهو في
أرض ليس فيها سلام فقال: من أنت؟ قال: انا موسى، قال: أنت موسى بن عمران
الذي كلمه الله تكليما؟ قال: نعم، قال: فما حاجتك؟ " قال: اتبعك على أن
تعلمني مما علمت رشدا " قال: انى وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بأمر لا أطيقه وقد قال له:
" انك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبرا على ما لم تحط به خبرا " فحدثه عن آل محمد
وعما يصيبهم حتى اشتد بكاؤهما، ثم حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أمير المؤمنين
وعن ولد فاطمة وذكر له من فضلهم وما أعطوا حتى جعل يقول: يا ليتني من آل محمد،
وعن مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قومه وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه وتلا هذه الآية
" ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة " فإنه اخذ عليهم الميثاق.
130 - عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان وصى موسى بن عمران يوشع
ابن نون، وهو فتاه الذي ذكر الله في كتابه.
وفى كتاب كمال الدين وتمام النعمة مثل هذا الأخير سواء.
131 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام قال: قال علي عليه السلام - وقد سأله بعض
اليهود عن مسائل -: وأنتم تقولون ان أول عين نبعت على وجه الأرض العين التي ببيت
المقدس وكذبتم، هي عين الحياة التي غسل يوشع بن نون السمكة، وهي العين التي
شرب منها الخضر صلوات الله عليه، وليس يشرب منها أحد الا حيى؟ قال: صدقت والله
انه لبخط هارون واملاء موسى.
132 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبى الطفيل عامر بن
واثلة عن علي عليه السلام حديث طويل يقول فيه لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل: واما أول عين
نبعت على وجه الأرض فان اليهود يزعمون أنها العين التي تحت صخرة بيت المقدس و
كذبوا، ولكنها عين الحيوان التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة، فلما
272

أصابها ماء العين عاشت وشربت، فاتبعها موسى عليه السلام وصاحبه الخضر، بلغنا قال اليهودي:
اشهد بالله لقد صدقت.
134 - وباسناده إلى إبراهيم بن يحيى المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: ان عليا عليه السلام قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل: واما قولك
أول عين نبعت على وجه الأرض فان اليهود يزعمون أنها العين التي ببيت المقدس تحت
الحجر وكذبوا، وهي عين الحياة التي انتهى موسى وفتاه فغسل فيها السمكة المالحة
فحييت، وليس من ميت يصيبه ذلك الماء الا حيى، وكان الخضر على مقدمة ذي القرنين
يطلب عين الحياة، فوجدها الخضر عليه السلام وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين.
135 - وباسناده إلى الحكم بن مسكين عن صالح عن جعفر بن محمد عليهما السلام
حديث طويل يقول فيه: ان عليا (ع) قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسائل: وأنتم
تقولون ان أول عين نبعت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس وكذبتم، هي عين
الحياة التي غسل يوشع بن نون فيها السمكة التي شرب منها الخضر، وليس يشرب منها
أحد الا حيى، قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى.
136 - في مجمع البيان وقد ذكر موسى والخضر (ع) وروى مرفوعا انه قعد
على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء.
137 - في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال: كان
موسى أعلم من الخضر.
138 - عن بريد عن أحمدها قال: قلت له: ما منزلتكم في الماضيين أو من
تشبهون بهم؟ (1) قال: الخضر وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.
139 - عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: انما مثل على ومثلنا من
بعده من هذه الأمة كمثل النبي صلى الله عليه وآله والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة، فكان من
أمرهما ما اقتصه الله لنبيه في كتابه، وذلك أن الله قال لموسى: " انى اصطفيتك على الناس
برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " ثم قال: " وكتبنا له في الألواح من

(1) وفى المصدر " وبمن تشبهون منهم.. اه ".
273

كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ " وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الألواح
وكان موسى يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في تابوته، وجميع العلم قد
كتب له في الألواح كما يظن هؤلاء الذين يدعون انهم فقهاء وعلماء وانهم قد أثبتوا جميع
العلم والفقه في الدين مما يحتاج هذه الأمة إليه، وصح لهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعلموه
وليس كل علم رسول الله صلى الله عليه وآله علموه ولا صار إليهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عرفوه، و
ذلك ان الشئ من الحلال والحرام والأحكام يرد عليهم فيسئلون عنه، ولا يكون عندهم
فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، ويكرهون أن
يسألوا فلا يجيبوا، فيطلب الناس العلم من معدنه، فلذلك استعملوا الرأي والقياس في
دين الله، وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل بدعة ضلاله
فلو انهم إذا سئلوا عن شئ من دين الله فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله ردوه إلى الله و
الرسول، وأولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد عليهم السلام، والذي
منعهم من طلب العلم العداوة والحسد لنا، ولا والله ما حسد موسى العالم وموسى نبي الله
يوحى إليه، حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الأمة بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب
موسى إلى العالم، وسأله ليتعلم منه العلم ويرشده.
فلما ان سأل العالم ذلك علم العالم ان موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل عليه
ولا يصير معه، فعند ذلك قال العالم فكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فقال موسى وهو
خاضع له يستنطقه على نفسه كي يقبله: ستجدني انشاء الله صابرا ولا اعصى لك أمرا
وقد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه، فكذلك والله يا إسحاق بن عمار حال
قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم، لا يحتملون والله علمنا ولا يصبرون عليه، كما
لم يصبر موسى على علم العالم حين صحبه ورآى ما رأى من علمه، وكان ذلك عند موسى
مكروها، وكان عند الله رضا وهو الحق، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ
274

وهو عند الله الحق.
140 - عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليه السلام قال: بينما
موسى قاعد في ملا من بني إسرائيل قال له رجل: ما أرى أحدا اعلم بالله منك، قال موسى:
ما أرى، فأوحى الله إليه بل عبدي الخضر، فسأل السبيل إليه فكان له آية الحوت ان افتقده
وكان من شأنه ما قص الله.
141 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سليمان أعلم من آصف
وكان موسى أعلم من الذي اتبعه.
142 - في أصول الكافي أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين
عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر عن عبد الله بن حماد عن سيف التمار، قال: كنا مع أبي
عبد الله عليه السلام جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: علينا عين، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم -
نر أحدا، فقلنا: ليس علينا عين، فقال: ورب الكعبة ورب البيت ثلاث مرات لو كنت
بين موسى وخضر لأخبرتهما أنى أعلم منهما وأنبأتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى و
الخضر عليهما السلام اعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة
وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة.
143 - أبو علي الأشعري عن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن حمران بن أعين
قال: قلت: لأبى جعفر عليه السلام: ما موضع العلماء؟ قال: مثل ذي القرنين و
صاحب موسى.
144 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن
عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن المغيرة، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان
عليا عليه السلام كان محدثا، فقلت: فيقول نبي، قال: فحرك بيده هكذا ثم قال: أو
كصاحب سليمان أو كصاحب موسى، أو كذى القرنين، أو ما بلغكم أنه قال: و
فيكم مثله.
145 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر
275

وأبى عبد الله عليهما السلام قال: قلت له: ما منزلتكم ومن تشبهون ممن مضى؟
قال: صاحب موسى وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين.
146 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين عن حماد بن عيسى عن
الحسين بن المختار عن حارث بن المغيرة عن حمران بن أعين قال: قال أبو جعفر
عليه السلام: ان عليا عليه السلام كان محدثا، فخرجت إلى أصحابي فقلت: جئتكم بعجيبة،
فقالوا: وما هي؟ قلت: سمعت أبا جعفر يقول: كان علي عليه السلام محدثا، فقالوا: ما
صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟ فرحت إليه فقلت: انى حدثت أصحابي بما
حدثتني، فقالوا: ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟ فقال لي: يحدثه ملك،
قلت: تقول انه نبي؟ فحرك يده هكذا أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى، أو
كذى القرنين أو ما بلغكم أنه قال: وفيكم مثله.
147 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جعفر بن محمد بن عمارة عن
أبيه عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: إن الخضر كان نبيا مرسلا بعثه الله تبارك و
تعالى إلى قومه، فدعاهم إلى توحيده والاقرار بأنبيائه ورسله وكتبه، وكانت
آيته انه كان لا يجلس على خشبة يابسة، ولا أرض بيضاء الا أزهرت خضرا، وانما
سمى خضرا لذلك وكان اسمه تاليا بن ملكان بن عامر بن أرفخشيد بن سام بن نوح عليه السلام.
148 - في تفسير العياشي عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في قول
موسى لفتاه: " آتنا غدائنا " وقوله: " رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير " فقال: انما
عنى الطعام، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان موسى لذو جوعات.
149 - عن ليث بن سليم عن أبي جعفر عليه السلام شكى موسى إلى ربه الجوع في
ثلاثة مواضع: " آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، لاتخذت عليه أجرا، رب انى
لما أنزلت إلى من خير فقير " فقال: انما عنى الطعام.
150 - في عيون الأخبار باسناده إلى محمد بن أبي عباد قال: سمعت الرضا
عليه السلام يقول يوما: يا غلام آتنا الغداء، فكأني أنكرت ذلك، فبين الانكار في فقرأ
276

" قال لفتاه آتنا غدائنا " فقلت: الأمير أعلم الناس وأفضلهم.
151 - في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله قال: إن
موسى صعد المنبر وكان منبره ثلث مراق (1) فحدث نفسه ان الله لم يخلق خلقا
أعلم منه، فأتاه جبرئيل فقال له: انك قد ابتليت وأنزله فان في الأرض من هو أعلم
منك فاطلبه، فأرسل إلى يوشع انى قد ابتليت فاصنع لنا زادا وانطلق بنا واشترى حوتا
من حيتان الحية فأخرج بآذربيجان ثم شواه، ثم حمله في مكتل، ثم انطلقا يمشيان
فانتهيا إلى شيخ مستلق معه عصاه، موضوعة إلى جانبه وعليه كساء إذا قنع رأسه
خرجت رجلاه، وإذا غطى رجليه خرج رأسه، قال: فقام موسى يصلى وقال ليوشع:
احفظ على، قال: فقطرت من الماء (2) في المكتل، فاضطرب الحوت، ثم
جعل يثب من المكتل، قال: وهو قوله: واتخذ سبيله في البحر سربا قال: ثم إنه
جاء طير فوقع على ساحل البحر ثم أدخل منقاره، فقال: يا موسى ما أخذت من
علم ربك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر، قال: ثم قام يمشى فتبعه يوشع.
قال موسى وقد نسي الزبيل (3) يوشع، وانما أعيى حيث جاوز الوقت فيه،
فقال: " آتنا غداءنا لقينا من سفرنا هذا نصبا " إلى قوله: " في البحر عجبا " قال فرجع
موسى يقص أثره حتى انتهى إليه وهو على حاله مستلق فقال له موسى: السلام عليك فقال
السلام عليك يا عالم بني إسرائيل، قال: ثم وثب فأخذ عصاه بيده، قال: فقال له موسى:
ان قد أمرت " ان أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا " فقال كما قص عليكم: " انك لن
تستطيع معي صبرا " قال: فانطلقا حتى انتهيا إلى معبر (4) فلما نظر إليهم أهل المعبر
قالوا: والله لا نأخذ من هؤلاء أجرا اليوم، فحمل عليهم فلما ذهبت السفينة كثرت
الماء خرقها قال له موسى كما أخبرتم، ثم قال: ألم أقل لك انك لم تستطيع معي
صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من امرى عسرا.

(1) مراق جمع المرقاة - بفتح الميم وكسرها -: الدرجة.
(2) وفى المصدر " من السماء " بدل " من الماء ".
(3) الزبيل: الزنبيل.
(4) المعبر: ما عبر به النهر والمراد هنا السفينة.
277

قال: وخرجا على ساحل البحر فإذا غلام يلعب مع غلمان عليه قميص حرير
أخضر، في اذنيه درتان فتوركه العالم (1) فذبحه قال له موسى: " أقتلت نفسا زكية
بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا
أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه
أجرا " خبزا نأكله فقد جعنا، قال: وهي قرية على ساحل يقال لها ناصرة، وبها سمى النصارى
نصارى فلم يضيفوهما ولم يضيفوا بعدهما أحدا حتى تقوم الساعة، وكان مثل السفينة فيكم
وفينا ترك الحسين البيعة لمعوية، وكان مثل الغلام فيكم قول الحسن بن علي لعبد الله
ابن علي: لعنك الله من كافر، فقال له: قد قتلته يا أبا محمد، وكان مثل الجدار فيكم
على والحسن والحسين (2)

(1) أي جعله على وركه معتمدا عليها.
(2) قال المجلسي (ره) في بيان الحديث: اما كون ترك الحسين عليه السلام البيعة
لمعاوية لعنه الله شبيها بخرق السفينة لأنه عليه السلام بترك البيعة مهد لنفسه المقدسة الشهادة،
وبها انكسرت سفينة أهل البيت صلوات الله عليهم وكان فيها مصالح عظيمة:
منها: ظهور كفر بنى أمية وجورهم على الناس. وخروج الخلق عن طاعتهم.
ومنها: ظهور حقيقة أهل البيت عليهم السلام وإمامتهم إذ لو بايعه الحسين عليه السلام أيضا
لظن أكثر الناس وجوب متابعة خلفاء الجور وعدم كونهم عليهم السلام ولاة الامر.
ومنها: ان بسبب ذلك صار من بعده من الأئمة عليهم السلام آمنين مطمئنين ينشرون العلم
بين الناس إلى غير ذلك من المصالح التي لا يعلمها غيرهم، ولو كان ما ذكره المؤرخون من بيعته
عليه السلام له أخيرا حقا كان المراد ترك البيعة ابتداءا، ولا يبعد أن يكون في الأصل يزيد بن
معاوية فسقط الساقط الملعون هو وأبوه، واما ما تضمن من قول الحسن عليه السلام لعبد الله بن علي
فيشكل توجيهه لأنه كان من السعداء الذين استشهدوا مع الحسين صلوات الله عليه على ما ذكره المفيد
وغيره، والقول بأنه عليه السلام علم أنه لو بقي بعد ذلك ولم يستشهد لكفر بعيد، والظاهر أن يكون
عبيد الله - مصغرا - بناءا على ما ذكره ابن إدريس انه لم يستشهد مع الحسين عليه السلام ردا على
المفيد، وذكر صاحب المقاتل وغيره انه صار إلى المختار، فسئل ان يدعو إليه ويجعل الامر له فلم *
278

152 - في مجمع البيان سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أخبرني أبي بن
كعب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ان موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل
أي الناس أعلم؟ قال: أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه ان لي
عبدا، بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يا رب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك
حوتا فتجعله في مكتل، ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة
وضعا رؤسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه، فسقط في البحر
فاتخذ سبيله في البحر سربا وامسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق،
فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبر بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان
من الغد، قال موسى لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال: ولم يجد
موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله تعالى به فقال فتاه: " أرأيت إذ أوينا إلى
الصخرة " الآية قال: وكان للحوت سربا، ولموسى وفتاه عجبا، فقال موسى: " ذلك
ما كنا نبغي " الآية قال: رجعا يقصان الأثر حتى انتهيا إلى الصخرة، فوجدا رجلا مسجى
بثوب، فسلم عليه موسى فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام، قال: أنا موسى، قال:
موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم أتيتك " لتعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع
معي صبرا " يا موسى انى على علم من الله لا تعلمه علمنيه، وأنت على علم من الله علمك لا أعلمه
أنا، فقال له موسى: " ستجدني انشاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا " فقال الخضر:
" فان اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا " فانطلقا يمشيان على

* يفعل: فخرج ولحق بمصعب بن الزبير فقتل في الوقعة وهو لا يعرف.
قوله: " فقال له " أي أمير المؤمنين عليه السلام " قد قتلته " أي سيقتل بسبب لعنك أو هذا
اخبار بأنه سيقتل كما قتل الخضر الغلام لكفره واما مثل الجدار فلعل المراد ان الله تعالى كما حفظ
العلم تحت الجدار للغلامين بصلاح أبيهما فكذلك حفظ العلم لصلاح على والحسن والحسين
عليهم السلام في أولادهم إلى أن يظهره القائم للخلق أو حفظ الله علم رسول الله صلى الله عليه وآله
بأمير المؤمنين للحسنين صلوات الله عليهم فأقام عليا عليه السلام للخلافة بعد أن أصابه ما اصابه من
المخالفين والله يعلم.
279

ساحل البحر فمرت سفينة وكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير قول.
فلما ركبا في السفينة لم يفجأ الا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة
بالقدوم (1) فقال له موسى: قوم حملونا بغير قول، عمدت إلى سفينتهم " فخرقتها
لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا قال
لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمرى عسرا " قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كانت
الأولى من موسى نسيانا، قال: وجاء عصفور فوقع على جوف السفينة فنقر في البحر
نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله الا مثل ما نقص هذا العصفور من
هذا البحر.
ثم خرجا من السفينة فبينا هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب
بين الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتطعه فقتله، فقال له موسى: " أقتلت نفسا زكية
بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا " قال: وهذا
أشد من الأول " قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت " إلى قوله: " يريد ان
ينقض " كان مايلا، فقال الخضر (2) بيده فأقامه، فقال موسى: قوم قد اتيناهم ولم
يضيفونا، " فلو شئت لا تخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك " فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: وددنا ان موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما.
153 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: والصبر ما أوله مر وآخره حلو
فمن دخله من اواخره فقد دخل، ومن دخله من أوائله فقد خرج، ومن عرف قدر الصبر
لا يصبر عما منه الصبر، قال الله تعالى في قصة موسى والخضر عليهما السلام وكيف تصبر
على ما لم تحط به خبرا
154 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه
عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: إن موسى بن عمران، لما كلمه الله تكليما وأنزل
عليه التورية، وكتب له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ، وجعل

(1) القدوم: آلة النجر والنحت.
(2) أي أشار.
280

آيته في يده وعصاه، وفى الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر و
غرق الله عز وجل فرعون وجنوده وعملت البشرية فيه حتى قال في نفسه ما أرى ان الله عز وجل
خلق خلقا أعلم منى، فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل يا جبرئيل أدرك عبدي موسى قبل
أن يهلك، وقل له: ان عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه وتعلم منه، فهبط جبرئيل
على موسى بما أمر الله به ربه عز وجل، فعلم موسى ان ذلك لما حدثت به نفسه، فمضى هو و
فتاه يوشع بن نون عليهما السلام، حتى انتهيا إلى ملتقى البحرين، فوجدا هنالك الخضر عليه السلام
يتعبد الله عز وجل، كما قال الله عز وجل في كتابه: " فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه
رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت
رشدا " قال له الخضر عليه السلام: " انك لن تستطيع معي صبرا " لانى وكلت بعلم لا تطيقه،
ووكلت بعلم لا أطيقه، قال موسى: بل أستطيع معك صبرا، فقال له الخضر: ان القياس لا يحال
له في علم الله وأمره " وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا * قال موسى ستجدني انشاء الله صابرا
ولا اعصى لك أمرا " فلما استثنى المشية قبله " قال فان اتبعتني فلا تسألني عن شئ
حتى أحدث لك منه ذكرا " فقال موسى: لك ذلك على " فانطلقا حتى إذا ركبا
في السفينة خرقها " الخضر عليه السلام فقال له موسى عليه السلام: " أخرقتها لتغرق أهلها لقد
جئت شيئا أمرا * قال ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا * قال موسى لا تؤاخذني بما
نسيت ولا ترهقني من أمر عسرا * فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله " الخضر عليه السلام
فغضب موسى وأخذ بتلبيبه (1) وقال له: " أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا
نكرا " قال له الخضر: ان العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره، بل أمر الله
يحكم عليها، فسلم لما ترى منى واصبر عليه فقد كنت علمت أنك لن تستطيع معي صبرا
قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا
حتى إذا آتيا أهل قرية وهي الناصرة واليها تنسب النصارى استطعما أهلها فأبوا
ان يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد ان ينقض فوضع الخضر عليه السلام يده فأقامه
فقال له موسى لو شئت لا تخذت عليه اجرا.

(1) التلبيب: ما في موضع اللبب وهو المنحر من الثوب ويعرف بالطوق.
281

155 - في مجمع البيان " فأبوا ان يضيفوهما " روى أبي بن كعب عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: كانوا أهل قرية لئام. وفى الشواذ قراءة النبي صلى الله عليه وآله " يريد أن ينقض "
بضم الياء وقراءة علي بن أبي طالب " ينقاص " بالصاد غير معجمة وبالألف.
156 - في تفسير العياشي عن ليث بن سليم عن أبي جعفر عليه السلام شكى موسى إلى
ربه الجوع في ثلاثة مواضع " آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " " لا تخذت
عليه أجرا " " رب لما أنزلت إلى من خير فقير ".
157 - في مجمع البيان " ان سألتك عن شئ " الآية وروى أن النبي
صلى الله عليه وآله تلا هذه الآية فقال: استحيا نبي الله موسى. ولو صبر لرأى ألفا من العجائب.
158 - في تفسير علي بن إبراهيم متصلا بما نقلنا عنه سابقا من قصة الخضر
وموسى ويوشع عليهم السلام فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا إلى ساحل البحر وقد شحنت سفينة
(1) وهي تريد أن تعبر، فقال أرباب السفينة: نحمل هؤلاء الثلاثة نفر، فإنهم قوم
صالحون فحملوهم، فلما جنحت السفينة في البحر قام الخضر عليه السلام إلى جوانب
السفينة فكسرها وحشاها بالخرق والطين، فغضب موسى عليه السلام غضبا شديدا وقال
للخضر عليه السلام: " أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا أمرا " فقال له الخضر عليه السلام: " ألم أقل
لك أنك لن تستطيع معي صبرا قال موسى لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من امرى
عسرا " فخرجوا من السفينة فنظر الخضر عليه السلام إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه
كأنه قطعة قمر وفى اذنيه درتان فتأمله الخضر عليه السلام ثم اخذه فقتله فوثب موسى
على الخضر عليهما السلام وجلد به الأرض " فقال أقتلت نفسا زكية بغير نفس
لقد جئت شيئا نكرا " فقال الخضر عليه السلام: " ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا
قال موسى ان سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا * فانطلقا
حتى " قال " إذا آتيا أهل قرية استطعما أهلها " وكان وقت العشى والقرية تسمى الناصرة و
إليها نسب النصارى ولم يضيفوا أحدا قط ولم يطعموا غريبا فاستطعموهم فلم يطعموهم، ولم

(1) شحنت السفينة: ملاها.
282

يضيفوهم، فنظر الخضر عليه السلام إلى حائط قد زال لينهدم فوضع الخضر عليه السلام يده عليه وقال:
قم بإذن الله فقام، فقال موسى عليه السلام: لم ينبغ أن تضم الجدار حتى يطعمونا ويأوونا،
وهو قوله عز وجل: " لو شئت لا تخذت عليه أجرا " فقال له الخضر عليه السلام: " هذا فراق بيني
وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبرا "
اما السفينة التي فعلت بها ما فعلت فإنها كانت لقوم مساكين يعملون في البحر
فأردت ان أعيبها وكان وراءهم، أي وراء السفينة ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا
هكذا نزلت وإذا كانت السفينة معيوبة لم يأخذ منها شيئا واما الغلام فكان أبواه مؤمنين
وهو طبع كافرا كذا نزلت، فنظرت إلى جبينه وعليه مكتوب طبع كافرا " فخشينا ان
يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا ان يبدلها ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما " فأبدل الله
عز وجل والديه بنتا ولدت سبعين نبيا، واما الجدار الذي أقمنه فكان لغلامين يتيمين في
المدينة، وكان تحته كنز لهما، وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما إلى قوله
تعالى: " ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا ".
159 - حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كان ذلك الكنز لوح من ذهب مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله
محمد رسول الله صلى الله عليه وآله عجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح وعجبت لمن يؤمن بالقدر
كيف يفرق (1) وعجبت لمن يذكر النار كيف يضحك، وعجبت لمن يرى الدنيا وتصرف
أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها.
160 - في كتاب علل الشرايع متصل بآخر ما نقلنا أعني قوله: " لو شئت
لا تخذت عليه أجرا " قال له الخضر " هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه
صبرا " فقال: " اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت ان أعيبها وكان وراءهم
ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا " فأردت بما فعلت أن تبقى لهم ولا يغصبهم الملك
عليها فنسب الأنانية في هذا الفعل إلى نفسه لعلة ذكر التعبيب (2) لأنه أراد ان

(1) أي يخاف.
(2) أي انما لم ينسب الفعل إليه تعالى رعاية للأدب: لان نسبة التعبيب إليه تعالى غير *
283

يعيبها عند الملك إذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها، وأراد الله عز وجل صلاحهم بما
أمره به من ذلك، ثم قال: واما الغلام فكان أبواه مؤمنين وطبع كافرا وعلم الله تعالى
ذكره انه ان بقي كفرا أبواه وافتتنا به، وضلا باضلاله إياهما، فأمرني الله تعالى ذكره
بقتله، وأراد بذلك نقلهم إلى محل كرامته في العاقبة، فاشترك بالأنانية بقوله: " فخشينا ان
يرهقهما طغيانا وكفرا فأراد أن يبدلهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما " وانما اشترك في
الأنانية لان خشي والله لا يخشى، لأنه لا يفوته شئ ولا يمتنع عليه أحد أراده. وانما خشي
الخضر من أن يحال بينه وبين ما أمر فيه فلا يدرك ثواب الامضاء فيه ووقع في نفسه ان الله تعالى
ذكره جعله سببا لرحمة أبوى الغلام، فعمل فيه وسط الأمرين من البشرية مثل ما كان
عمل في موسى عليه السلام لأنه صار في الوقت مخبرا، وكليم الله موسى عليه السلام مخبرا (1) ولم يكن
ذلك باستحقاق للخضر للرتبة على موسى عليهما السلام وهو أفضل من الخضر، بل كان
لاستحقاق موسى للتبيين.
ثم قال: واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما
ولم يكن ذلك الكنز بذهب ولا فضة، ولكن كان لوحا من ذهب فيه مكتوب: عجبت لمن
أيقن بالموت كيف يفرح؟ عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟، عجبت لمن أيقن
ان البعث حق كيف يظلم؟ عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف
يطمئن إليها؟ وكان أبوهما صالحا كان بينهما وبين هذا الأب الصالح سبعون أبا فحفظهما
الله بصلاحه، ثم قال: فأراد ربك ان يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما فتبرء من
الأنانية في آخر القصص، ونسب الإرادة كلها إلى الله تعالى ذكره في ذلك، لأنه لم -
يكن بقي شئ مما فعله فيخبر به بعد، ويصير موسى عليه السلام به مخبرا ومصغيا إلى كلامه
تابعا له، فتجرد من الأنانية، والإرادة تجرد العبد المخلص ثم صار متنصلا (2) مما

* مناسب، واما ما ينسب إليه تعالى فهو إرادة صلاحهم بهذا النعببب.
(1) بكسر الأول وفتح الثاني.
(2) من تنصل إلى فلان من الجناية إذا اعتذر وتبرء عنده منها.
284

اتاه من نسبة الأنانية في أول القصة، ومن ادعاء الاشتراك في ثاني القصة فقال: رحمة
من ربك وما فعلته عن امرى ذلك تأويل ما لم تستطيع عليه صبرا
161 - في تفسير العياشي عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يقرء " وكان
وراءهم ملك " يعنى امامهم " يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ".
162 - في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يقرأ
" كل سفينة صالحة غصبا " وروى ذلك أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: وهي قراءة
أمير المؤمنين عليه السلام.
163 - في كتاب تلخيص الأقوال في تحقيق أحوال الرجال في ترجمة زرارة
ابن أعين روى في الصحيح أن أبا عبد الله عليه السلام ارسل إليه انما أعيبك دفاعا منى عنك، فان
الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدناه مكانه، لادخال الأذى فيمن
نحبه ونقربه، ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا، ويرون ادخال الأذى عليه و
قتله، ويحمدون كل من عبناه، فإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا، وأنت
في ذلك مذموم عند الناس، فيكون ذلك دافع شرهم عنك، لقول الله عز وجل: " و
اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر، فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك
يأخذ كل سفينة غصبا " هذا الرسل من عند الله صالحة لا والله ما عابها الا لكي تسلم من
الملك، فإنهم المثل يرحمك الله فإنك والله أحب الناس إلى، وأحب أصحاب أبي إلى
حيا وميتا، فإنك أفضل سفن ذلك البحر القمقام، وان من ورائك لملكا ظلوما
غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليغصبها وأهلها،، فرحمة الله
عليك حيا، ورحمته ورضوانه عليك ميتا.
164 - في مجمع البيان وروى عن أبي وابن عباس انهما كانا يقرآن " اما
الغلام فكان كافرا وأبواه مؤمنين " وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
165 - في تفسير العياشي عن حريز عمن ذكره عن أحدهما انه قرء " وكان
أبواه مؤمنين فطبع كافرا ".
285

166 - عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ان نجدة الحروري كتب إلى ابن
عباس يسأله عن سبى الذراري؟ فكتب إليه: اما الذراري فلم يكن رسول الله يقتلهم،
وكان الخضر يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم، فان كنت تعلم ما يعلم الخضر فاقتلهم.
167 - عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: بينما العالم
يمشى مع موسى إذ هم بغلام يلعب [فاقله] (1) قال فوكزه العالم فقتله، قال له موسى:
" أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " قال: فادخل العالم يده فاقتلع كتفه
فإذا عليه مكتوب: كافر مطبوع.
168 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " فخشينا " خشي ان أدرك
الغلام أن يدعو أبويه إلى الكفر فيجيبانه.
169 - عن عبد الله بن خلف رفعه قال: كان في كتف الغلام الذي قتله العالم
مكتوب: كافر.
170 - عن عثمان عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله فأردنا ان يبدلهما
ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما قال: أبدلوا جارية فولدت غلاما وكان نبيا.
171 - عن أبي يحيى الواسطي رفعه إلى أحدهما في قول الله: " واما الغلام فكان أبواه
مؤمنين " إلى قوله: " وأقرب رحما " قال: أبدلهما مكان الابن بنتا، فولدت سبعين نبيا
172 - في من لا يحضره الفقيه وقال: في قول الله عز وجل: " واما الغلام
فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا
منه زكاة وأقرب رحما " قال: أبدلهما الله عز وجل مكان الابن ابنة، فولد منها
سبعون نبيا.
173 - في مجمع البيان وروى أنها؟ الغلام المقتول جارية، فولدت
سبعين نبيا عن أبي عبد الله عليه السلام.
174 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عدة من أصحابه

(1) كذا في النسخ وما بين المعقفتين غير موجود في المصدر والمنقول عنه في البحار.
286

عن الحسن بن علي بن يوسف عن الحسن بن سعيد اللخمي قال: ولد لرجل من أصحابنا
جارية فدخل على أبى عبد الله عليه السلام فرآه مسخطا، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أرأيت لو أن الله
تبارك وتعالى أوحى إليك ان اختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول؟ قال: كنت أقول يا رب
تختار لي، قال: فان الله عز وجل قد اختار لك، ثم قال: إن الغلام الذي قتله العالم الذي
كان مع موسى عليه السلام في قول الله عز وجل " فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة
وأقرب رحما " أبدلهما الله به جارية ولدت سبعين نبيا.
175 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد
ابن محمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز -
وجل: " واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما: فقال: اما
انه ما كان ذهبا ولا فضة، وانما كان أربع كلمات: لا اله الا انا، من أيقن بالموت
لم تضحك سنه، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن بالقدر لم
يخش الا الله.
176 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط قال: سمعت أبا
الحسن الرضا عليه السلام يقول: كان في الكنز الذي قال الله عز وجل: " وكان تحته كنز لهما "
كان فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يضحك، وعجبت لمن
أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن رأى الدنيا تقلبها بأهلها كيف يركن إليها، و
ينبغي لمن عقل عن الله ان لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطيه في رزقه، فقلت: جعلت فداك أريد
أن أكتبه، قال: فضرب والله يده إلى الدواة ليضعها بين يدي، فتناولت يده فقبلتها
وأخذت الدواة فكتبته.
177 - في عوالي اللئالي روى الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما
أقام العالم الجدار أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام انى مجازى الأبناء بسعي الآباء ان
خيرا فخير وان شرا فشر لا تزنوا فتزني نساؤكم، من وطئ فراش امرء مسلم وطى فراشه
كما تدين تدان.
287

178 - في قرب الإسناد للحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن
محمد بن أبي نصر قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: وكان في الكنز الذي قال:
وكان تحته كنز لهما لوح من ذهب فيه بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله، محمد رسول
الله، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجبا لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، و
عجبا لمن رآى الدنيا وفعلها بأهلها كيف يركن إليها، وينبغي لمن عقل عن الله ان لا يتهم
الله تبارك وتعالى في قضائه، ولا يستبطيه في رزقه.
179 - في تهذيب الأحكام في دعاء مروى عنهم عليهم السلام اللهم انك حفظت الغلامين
بصلاح أبويهما.
180 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جعفر بن حبيب النهدي انه
سمع جعفر بن محمد يقول: احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين، وكان
أبوهما صالحا.
181 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كم من انسان له حق، لا يعلم
به، قلت: وما ذاك أصلحك الله؟ قال: إن صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا
يعلمان به، اما انه لم يكن بذهب ولا فضة، قلت: فما كان؟ قال: كان علما، قلت
فأيهما أحق به؟ قال: الكبير كذلك نقول نحن.
182 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى: " وكان تحته
كنز لهما " قال: والله ما كان من ذهب ولا فضة، وما كان الا لوح فيه كلمات أربع.
انى انا الله لا اله الا انا ومحمد رسولي، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح قلبه، و
عجبت لمن أيقن بالحساب كيف يضحك سنه، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يستبطي
الله في رزقه، عجبت لمن يرى النشأة الأولى كيف ينكر النشأة الآخرة؟.
183 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا
محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن علي رفعه إلى عمرو بن
جميع رفعه إلى علي عليه السلام في قول الله عز وجل: " وكان تحته كنز لهما " قال: كان
288

ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم الله لا إله إلا الله محمد رسول الله، عجبت لمن يعلم أن
الموت حق كيف يفرح، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن عجبت لمن يذكر النار
كيف يضحك، عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها؟.
184 - في مجمع البيان " وكان تحته كنز لهما " قيل: كان كنزا من الذهب والفضة
ورواه أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وآله.
185 - وقيل: كان لوحا من ذهب وفيه مكتوب: عجبا لمن يؤمن بالقدر كيف
يحزن، عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب، عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبا
لمن يؤمن بالحساب كيف يعتل، عجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟
لا إله إلا الله محمد رسول الله، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام، وفى بعض الروايات زيادة
ونقصان.
186 - " وكان أبوهما صالحا " روى عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان بينهما وبين
ذلك الأب الصالح سبعة آباء.
187 - في تفسير العياشي عن محمد بن عمر عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الله ليحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة، وان الغلامين كان بينهما وبين أبويهما
سبعمأة سنة.
188 - عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله
ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله،
فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله، ثم ذكر الغلامين فقال:: وكان أبوهما
صالحا " ألم تر ان الله شكر صلاح أبويهما لهما.
189 - عن بريد بن رويان قال: قال الحسين عليه السلام لنافع بن الأزرق:
يا بن الأزرق انى أخبرت أنك تكفر أبى وأخي وتكفرني؟ قال له نافع " لئن قلت ذلك
لقد كنتم الحكام ومعالم الاسلام، فلما بدلتم استبدلنا بكم، فقال له الحسين: يا بن
الأزرق أسئلك عن مسألة فأجبني عن قول الله لا إله إلا هو: " واما الجدار فكان لغلامين
289

يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما " إلى قوله: " كنزهما " من حفظ فيهما؟ قال:
فأيهما أفضل، أبويهما أم رسول الله وفاطمة؟ قال: لا بل رسول الله وفاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه وآله، قال: فما حفظهما حتى خلى بينهما وبين الكفر؟ فنهض ثم نفض ثوبه ثم
قال: نبأنا الله عنكم معشر قريش أنتم قوم خصمون، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
190 - عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قالا: يحفظ الله
الأطفال باعمال آبائهم، كما حفظ الغلامين بصلاح أبيهما.
191 - عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام، ان النبي صلى الله عليه وآله
قال: إن الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله، وإن كان أهله أهل السوء
ثم قرء هذه الآية إلى آخرها: " وكان أبوهما صالحا ".
192 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي سعيد عقيصا قال: قلت للحسن
ابن علي بن أبي طالب، يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أن الحق لك
دونه وان معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه
واماما عليهم بعد أبي عليه السلام؟ قلت: بلى، قال: ألست الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله لي
ولأخي الحسين: امامان قاما أو قعدا؟ قلت: بلى، قال: انا فاذن امام لو قمت، وانا
امام إذا قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله لبنى
ضمرة وبنى أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية، أولئك كفار بالتنزيل،
ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل، يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره
لم يجب أن يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة، وإن كان وجه الحكمة فيما
أتيته ملتبسا الا ترى إلى الخضر عليه السلام، لما أخرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط
موسى عليه السلام فعله الاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضى، هكذا انا سخطتم على بجهلكم
بوجه الحكمة فيه، ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد الا قتل.
193 - وباسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد
290

عليهما السلام يقول: إن لصاحب هذا الامر غيبة لا بد منها، يرتاب فيها كل مبطل، فقلت له: ولم
جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يأذن في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال:
وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، ان وجه الحكمة في ذلك
لا ينكشف الا بعد ظهوره، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه السلام، من خرق
السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى عليه السلام، الا وقت افتراقهما، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
194 - وباسناده إلى اسحق الليثي عن الباقر عليه السلام حديث طويل يقول فيه (ع)
أنكر موسى على الخضر واستفضع أفعاله حتى قال له الخضر: يا موسى ما فعلته عن
أمرى انما فعلته عن أمر الله عز وجل.
195 - في أصول الكافي محمد بن عيسى عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي
عبد الله (ع) قال: قال موسى للخضر (ع): قد تحرمت بصحبتك فأوصني، قال:
الزم ما لا يضرك معه شئ كما لا ينفعك مع غيره شئ.
196 - في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى الصادق عليه السلام، قال: إن موسى
ابن عمران عليه السلام، حين أراد أن يفارق الخضر عليه السلام قال: أوصني فكان مما أوصاه أن قال له
إياك واللجاجة، وان تمشى في غير حاجة، أو أن تضحك من غير عجب، واذكر
خطيئتك وإياك وخطايا الناس.
197 - في كتاب الخصال عن الزهري عن علي بن الحسين (ع) قال: كان
آخر ما أوصى به الخضر، موسى بن عمران عليهما السلام ان قال: لا تعير أحدا بذنب، وان
أحب الأمور إلى الله تعالى ثلاثة: القصد في الشدة، والعفو في القدرة، والرفق بعباد الله
وما رفق أحد بأحد في الدنيا الا رفق الله تعالى به يوم القيمة، ورأس الحكمة
مخافة الله تبارك الله وتعالى.
198 - في تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن يوسف بن أبي حماد عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء وجد ريحا مثل ريح المسك الأذفر،
291

فسأل جبرئيل عنها فأخبره جبرئيل عليه السلام انها تخرج من بيت عذب فيه قوم في الله
حتى ماتوا، ثم قال له: ان الخضر عليه السلام كان من أبناء الملوك فآمن بالله، وتخلى في
بيت دار أبيه يعبد الله عز وجل ولم يكن لأبيه ولد غيره فأشاروا على أبيه أن يزوجه، فلعل الله أن
يرزقه ولدا فيكون الملك فيه وفى عقبه فخطب له امرأة بكرا وأدخلها عليه، لم
يلتفت الخضر إليها فلما كان في اليوم الثاني قال لها: تكتمين على أمرى؟ فقالت: نعم قال لها:
ان سئلك أبى هل كان منى إليك ما يكون من الرجال إلى النساء فقولي: نعم فقالت:
أفعل، فسألها الملك عن ذلك فقالت: نعم وأشار عليه الناس ان يأمر النساء أن يفتشنها،
فأمر وكانت على حالتها فقالوا: أيها الملك زوجت العز من العزة زوجة امرأة
ثيبا، فزوجه فلما أدخلت عليه سألها الخضر أن تكتم عليه أمره فقالت: نعم، فلما
ان الملك سألها قالت: أيها الملك ان ابنك امرأة فهل تلد المرأة من المرأة؟ فغضب
عليه وأمر بردم الباب عليه فردم فلما كان يوم الثالث حركته رقة الاباء، فأمر بفتح
الباب ففتح فلم يجدوه فيه، وأعطاه الله عز وجل من القوة أن يتصور كيف يشاء
ثم كان على مقدمة ذي القرنين وشرب من الماء الذي من شرب منه بقي إلى
الصيحة.
قال: فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر حتى وقعا إلى جزيرة من
جزاير البحر، فوجدا فيها الخضر عليه السلام قائما يصلى فلما انفتل دعاهما فسألهما عن خبرهما
فأخبراه فقال لهما: هل يكتمان على أمرى ان أنا رددتكما في يومكما هذا إلى
منازلكما؟ فقالا: نعم، فنوى أحدهما أن يكتم أمره ونوى الآخر ان رده إلى منازله
أخبر أباه بخبره، فدعا الخضر سحابة وقال: احملي هذين إلى منازلهما، فحملتهما
السحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما، فكتم أحدهما أمره، وذهب الآخر إلى
الملك فأخبره بخبره، فقال له الملك: من يشهد لك بذلك؟ قال: فلان التاجر فدل
على صاحبه، فبعث الملك إليه فلما أحضره أنكره وأنكر معرفة صاحبه، فقال له الأول:
أيها الملك ابعث معي خيلا إلى هذه الجزيرة واحبس هذا حتى آتيك بابنك فبعث معه
292

خيلا فلم يجده فأطلق عن الرجل الذي كتم عليه، ثم إن القوم عملوا بالمعاصي
فأهلكهم الله عز وجل وجعل مدينتهم عاليها سافلها وابتدرت الجارية التي كتمت عليه أمره
والرجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة فلما أصبحا التقيا فأخبر كل
واحد منهما صاحبه بخبره، فقالا: ما نجونا الا بذلك، فآمنا برب الخضر عليه السلام و
حسن ايمانهما، وتزوج بها الرجل ووقعا إلى مملكة ملك آخر، ودخلت المرأة
إلى بيت الملك وكانت تزين بنت الملك، فبينما هي تمشطها يوما إذ سقط من يدها المشط،
فقالت: لا حول ولا قوة الا بالله، فقالت لها بنت الملك: ما هذه الكلمة؟ فقالت لها: ان
لي الها تجرى الأمور كلها بحوله وقوته، فقالت لها بنت الملك: ألك اله غير أبى؟
قالت: نعم وهو الهك واله أبيك. فدخلت بنت الملك إلى أبيها فأخبرت أباها بما
سمعت من هذه المرأة، فدعاها الملك فسألها عن خبرها فأخبرته، فقال لها: من
على دينك؟ قالت: زوجي وولدي فدعاهما الملك فأمرهما بالرجوع عن التوحيد
فأبوا عن ذلك، فدعا بمرجل (1) من ماء فاسخنه وألقاهم فيه، فأدخلهم بيتا وهدم
عليهم البيت، فقال جبرئيل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: فهذه الرائحة التي شممتها من
ذلك البيت.
199 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى موسى بن جعفر عليه السلام
حديث طويل يذكر فيه آيات النبي صلى الله عليه وآله وفيه: ومن ذلك ان نفرا من اليهود أتوه
فقالوا لأبي الحسن جدي: استأذن لنا على ابن عمك نسأله، قال: فدخل على فأعلمه،
فقال النبي صلى الله عليه وآله: وما يريدون منى؟ فانى عبد من عبيد الله لا أعلم الا ما علمني ربى،
ثم قال: ائذن لهم فدخلوا، فقال: اسألوني عما جئتم له أم أنبئكم؟ قالوا: نبئنا، قال:
جئتم تسئلوني عن ذي القرنين؟ قالوا: نعم، قال كان غلاما من أهل الروم، ثم
ملك وأتى مطلع الشمس ومغربها، ثم بنى السد فيها، قالوا: نشهد ان هذا
كذا وكذا.

(1) المرجل: القدر من الحجارة والنحاس.
293

200 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن
أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قال: قلت: له ما
منزلتكم ومن تشبهون ممن مضى؟ قال: صاحب موسى وذو القرنين، كانا عالمين ولم
يكونا نبيين.
201 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن
عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن مغيرة قال: قال أبو جعفر عليه السلام:
ان عليا عليه السلام كان محدثا، فقلت: فيقول نبي؟ فحرك بيده هكذا ثم قال أو كصاحب
سليمان، أو كصاحب موسى، أو كذى القرنين، أوما بلغكم أنه قال: وفيكم مثله.
202 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفر
عليه السلام قال: إن ذي القرنين لم يكن نبيا ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه، و
ناصح لله فناصحه، أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زمانا ثم رجع
إليهم، فضربوه على قرنه الآخر، وفيكم من هو على سنته.
203 - وباسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قام ابن الكوا إلى علي بن أبي طالب
عليه السلام وهو على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن ذي القرنين أنبيا كان أو
ملكا؟ وأخبرني عن قرنيه أذهب أو فضة؟ فقال عليه السلام: لم يكن نبيا ولا ملكا، ولا
قرناه من ذهب ولا فضة، ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه، ونصح لله فنصحه الله، و
انما سمى ذا القرنين لأنه دعا قومه فضربوه على قرنه، فغاب عنهم حينا، ثم عاد إليهم
فضرب على قرنه الآخر وفيكم مثله.
204 - وباسناده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: إن ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله عز وجل حجة على عباده، فدعا قومه
إلى الله وأمرهم بتقواه، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا حتى قيل مات أو هلك، بأي
واد سلك، ثم ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر وفيكم من هو على سنته، و
ان الله عز وجل مكن لذي القرنين في الأرض، وجعل له من كل شئ سببا، وبلغ
294

المغرب والمشرق، وان الله عز وجل سيجري سنته في القائم من ولدى، فيبلغه
مشرق الأرض وغربها حتى لا يبقى منها ولا موضعا منها من سهل أو جبل وطأه ذو القرنين
الا وطأه ويظهر الله له عز وجل كنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب، ويملأ
الأرض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.
205 - في تفسير العياشي عن أبي الطفيل قال سمعت عليا عليه السلام يقول: إن
ذا القرنين لم يكن نبيا ولا رسولا كان عبدا أحب الله فأحبه، وناصح الله فنصحه، دعى
قومه فضربوه على أحد قرنيه فقتلوه، ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الآخر فقتلوه.
206 - عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله لم يبعث أنبياء
ملوكا في الأرض الا أربعة بعد نوح، أولهم ذو القرنين واسمه عياش، وداود وسليمان
ويوسف، فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب، واما داود فملك ما بين الشامات
إلى بلاد إصطخر، وكذلك كان ملك سليمان، واما يوسف فملك مصر وبراريها
لم يجاوزها إلى غيرها، وفى كتاب الخصال مثله.
207 - في كتاب الخصال عن محمد بن خالد باسناده رفعه قال: ملك الأرض كلها
أربعة، مؤمنان وكافران، فاما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، واما الكافران
نمرود وبخت نصر، واسم ذي القرنين عبد الله ضحاك بن معد.
208 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبى حمزة الثمالي عن أبي
جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: أول اثنين تصافحا على وجه الأرض ذو القرنين و
إبراهيم الخليل عليه السلام استقبله إبراهيم فصافحه.
209 - في تفسير العياشي بعد ان ذكر أبا عبد الله عليه السلام ونقل عنه حديثا طويلا
قال: وفى خبر آخر عنه جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة، فلما وثب عليه وكان أشبه
الناس بإبراهيم، قال له: أنت إبراهيم خليل الرحمن؟ قال: لا.
210 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل أمة صديق وفاروق، وصديق هذه
295

الأمة وفاروقها علي بن أبي طالب ان عليا سفينة نجاتها وباب حطتها، انه يوشعها و
شمعونها وذو قرنيها.
211 - في الخرايج والجرايح قال الحسن العسكري: وسئل علي عليه السلام عن
ذي القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب؟ فقال: سخر الله السحاب ويسر
له الأسباب وبسط له النور وكان الليل والنهار على سواء، وانه رأى في المنام كأنه دنا من
الشمس حتى أخذ بقرنها في شرقها وغربها، فلما قص رؤياه على قومه عرفهم وسموه ذا القرنين
فدعاهم إلى الله فأسلموا، ثم أمرهم ان يبنوا له مسجدا فأجابوه إليه، فامر أن يجعلوا طوله
أربعمأة ذراع، وعرضه مأتى ذراع وعلوه إلى السماء مأة ذراع، فقالوا: كيف لك بخشبات
تبلغ ما بين الحائطين؟ قال: إذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب (1) حتى يستوى
مع حيطان المسجد، فإذا فرغتم من ذلك أخذتم من الذهب والفضة على قدره، ثم قطعتموه مثل
قلامة الظفر ثم خلطتموه مع ذلك الكبس وعملتم له خشبا من نحاس وصفايح من نحاس
تذوبون ذلك، وأنتم متمكنون من العمل كيف شئتم، وأنتم على أرض مستوية فإذا فرغتم
من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب، فيسارعون فيه لأجل ما فيه من الذهب
والفضة فبنوا المسجد واخرج المساكين ذلك التراب وقد استقل السقف واستغنى
المساكين فجندهم أربعة أجناد، في كل جند عشرة آلاف، ونشرهم في البلاد.
212 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سماك بن حرب عن
رجل من بنى أسد قال: سأل رجل عليا عليه السلام أرأيت ذا القرنين كيف استطاع ان بلغ الشرق
والغرب؟ قال: سخر له السحاب ومد له في الأسباب، وبسط له النور فكان الليل و
النهار عليه سواء.
213 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن ذا القرنين خير
بين السحاب الصعب والسحاب الذلول فاختار الذلول، فركب الذلول، فكان إذا انتهى
إلى قوم كان رسول نفسه إليهم لكي لا يكذب الرسل.

(1) كبس البئر: طمها بالتراب أي سواها ودفنها.
296

214 - عن حارث بن حبيب قال: أتى رجل عليا عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين أخبرني
عن ذي القرنين، فقال: سخر له السحاب وقربت له الأسباب، وبسط له في النور،
فقال له الرجل: كيف بسط له في النور؟ فقال علي عليه السلام: كان يضئ بالليل كما يضيئ
بالنهار (1) ثم قال علي عليه السلام للرجل: أزيدك فيه فسكت.
215 - عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سأل عن ذي القرنين؟
قال: كان عبدا صالحا واسمه عياش، اختاره الله وابتعثه إلى قرن من القرون الأولى في ناحية
المغرب وذلك بعد طوفان نوح، فضربوه على قرن رأسه الأيمن فمات منها، ثم أحياه الله
بعد مأة عام، ثم بعثه الله إلى قرن من القرون الأولى في ناحية المشرق، فكذبوه وضربوه
ضربة على قرن رأسه الأيسر فمات منها، ثم أحياه الله بعد مأة عام وعوضه من الضربتين
اللتين على رأسه قرنين في موضع الضربتين، أجوفين وجعل عين ملكه وآية نبوته
في قرنيه.
ثم رفعه إلى السماء الدنيا فكشط له (2) عن الأرض كلها جبالها وسهولها و
فجاجها، حتى أبصر ما بين المشرق والمغرب، وآتاه الله من كل شئ يعرف به
الحق والباطل، وأيده في قرنيه بكشف من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق، ثم اهبط
إلى الأرض وأوحى إليه: ان سر في ناحية غربي الأرض وشرقيها، فقد طويت لك
البلاد، وذللت لك العباد فأرهبتهم منك فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب، فكان
إذا مر بقرية زأر فيها كما يزأر الأسد المغضب (3) فينبعث من قرنه ظلمات ورعد و
برق وصواعق تهلك من ناواه وخالفه فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل
المشرق والمغرب، قال: وذلك قول الله انا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل
شئ سببا فاتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة

(1) في المصدر " يبصر " بدل " يضيئ " في الموضعين.
(2) كشط عن الشئ: كشف عنه.
(3) زأر الأسد: صات من صدره.
297

إلى قوله: اما من ظلم ولم يؤمن بربه فسوف يعذبه في الدنيا بعذاب الدنيا " ثم يرد إلى ربه "
في مرجعه " فيعذبه عذابا نكرا " إلى قوله " وسنقول له من أمرنا يسرا ثم اتبع " ذو
القرنين من الشمس " سببا ".
ثم قال أمير المؤمنين: ان ذا القرنين لما انتهى من الشمس إلى العين الحامية
وجد الشمس تغرب فيها ومها سبعون ألف يجرونها بسلاسل الحديد والكلاليب
يجرونها من قعر البحر في قطر الأرض الأيمن، كما تجرى السفينة على ظهر الماء
فلما انتهى معها إلى مطلع الشمس سببا " وجدها تطلع على قوم " إلى قوله " بما لديه خيرا "
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ان ذا القرنين ورد على قوم قد أحرقتهم الشمس وغيرت أجسادهم
وألوانهم حتى صيرتهم كالظلمة ثم اتبع ذو القرنين سببا في ناحية الظلمة " حتى إذا بلغ بين
السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا * قالوا يا ذا القرنين ان يأجوج و
مأجوج " خلف هذين الجبلين وهم يفسدون في الأرض، إذا كان إبان (1) زروعنا وثمارنا
خرجوا علينا من هذين السدين فرعوا من ثمارنا وزرعنا حتى لا يبقون منها شيئا " فهل نجعل
لك خرجا " نؤديه إليك في كل عام " على أن تجعل بيننا وبينهم سدا " إلى قوله
" زبر الحديد " قال: فاحتفر له جبل حديد فقلعوا له أمثال اللبن، فطرح بعضهم على
بعض فيما بين الصدفين، وكان ذو القرنين هو أول من بنى ردما على الأرض ثم جعل
عليه الحطب وألهب فيه النار، ووضع عليه المنافخ فنفخوا عليه، فلما دأب قال، ايتونى
بقطر وهو المس الأحمر قال: فاحتفروا له جبلا من مس فطرحوه على الحديد فذاب
معه واختلط به، قال: " فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا " يعنى يأجوج
ومأجوج، " قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد ربى حقا "
إلى هنا رواية علي بن الحسين ورواية محمد بن نضر
وزاد جبرئيل بن أحمد في حديثه عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه " وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض " يعنى يوم القيمة، وكان ذو القرنين

(1) ابان الشئ: حينه وأوله.
298

عبدا صالحا، كان من الله بمكان نصح الله فنصح له، وأحب الله فأحبه، وكان قد سبب
له في البلاد ومكن له فيها حتى ملك ما بين المشرق والمغرب، وكان له خليل من
الملائكة يقال له رقائيل ينزل إليه فيحدثه ويناجيه فبينا هو ذات يوم عنده إذ قال له
ذو القرنين: يا رقائيل كيف عبادة أهل السماء وأين هي من عبادة أهل الأرض؟ فقال:
اما عبادة أهل السماء ما في السماوات موضع قدم الا وعليه ملك قائم لا يقعد أبدا أو راكع
لا يسجد أبدا، أو ساجد لا يرفع رأسه أبدا، فبكى ذو القرنين بكاءا شديدا وقال:
يا رقائيل انى أحب ان أعيش حتى أبلغ من عبادة ربى وحق طاعته بما هو أهله فقال له
رقائيل: يا ذا القرنين ان لله في الأرض عينا تدعى عين الحياة، فيها عزيمة من الله انه
من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو يسئل الله الموت، فان ظفرت بها تعيش ما شئت
قال: وأين ذلك العين وهل تعرفها؟ قال: لا، غير انا نجد في السماء ان لله في الأرض
ظلمة لم يطأها انس ولا جان فقال ذو القرنين: وأين تلك الظلمة؟ قال: رقائيل ما
أدرى ثم صعد رقائيل فدخل ذا القرنين حزن طويل من قول رقائيل ومما اخبره عن
العين والظلمة ولم يخبره بعلم ينتفع به منهما.
فجمع ذو القرنين فقهاء أهل مملكته وعلمائهم وأهل دراسة الكتب وآثار
النبوة، فلما اجتمعوا عنده قال ذو القرنين: يا معشر الفقهاء وأهل الكتب وآثار
النبوة هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله أو من كتب من كان قبلكم من الملوك ان لله
عينا تدعى عين الحياة، فيها من الله عزيمة انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو
الذي يسئل الله الموت؟ قالوا: لا يا أيها الملك قال: فهل وجدتم فيما قرأتم من الكتب
ان لله في الأرض ظلمة لم يطأها انس ولا جان؟ قالوا: لا أيها الملك فحزن عليه ذو القرنين
حزنا شديدا وبكى إذ لم يخبر عن العين والظلمة بما يحب، وكان فيمن حضره غلام
من الغلمان من أولاد الأوصياء أوصياء الأنبياء وكان ساكتا لا يتكلم، حتى إذا أيس
ذو القرنين منهم قال له الغلام: أيها الملك انك تسئل هؤلاء عن أمر ليس لهم به علم،
وعلم ما تريد عندي، ففرح ذو القرنين فرحا شديدا حتى نزل عن فراشه وقال له: ادن
299

منى، فدنا منه فقال: أخبرني قال: نعم أيها الملك انى وجدت في كتاب آدم الذي
كتب يوم سمى له ما في الأرض من عين أو شجر، فوجدت فيه ان لله عينا تدعى عين
الحياة فيها من الله عزيمة انه من شرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسئل الله
الموت، بظلمة لم يطأها انس ولا جان ففرح ذو القرنين وقال: ادن منى يا أيها الغلام تدرى
أين موضعها؟ قال: نعم، وجدت في كتاب آدم انها على قرن الشمس يعنى مطلعها.
ففرح ذو القرنين وبعث إلى أهل مملكته فجمع أشرافهم وفقهاءهم وعلماءهم و
أهل الحكم منهم، فاجتمع إليه ألف حكيم وعالم وفقيه فلما اجتمعوا إليه تهيأ للسير و
تأهب له بأعد العدة وأقوى القوة، فسار بهم يريد مطلع الشمس يخوض البحار ويقطع
الجبال والفيافي (1) والأرضين والمفاوز فسار اثنى عشر سنة حتى انتهى إلى طرف
الظلمة، فإذا هي ليست بظلمة الليل ولا دخان ولكنها هواء يفور فسد ما بين الأفقين فنزل
بطرفها وعسكر عليها وجمع علماء أهل عسكره وفقهائهم وأهل الفضل منهم، فقال:
يا معشر الفقهاء والعلماء انى أريد أن أسلك هذه الظلمة فخروا له سجدا وقالوا: يا أيها
الملك انك لتطلب أمرا ما طلبه ولا سلكه أحد كان قبلك من النبيين والمرسلين، ولا من
الملوك؟ قال: إنه لا بد لي من طلبها، قالوا: أيها الملك انا لنعلم انك إذا سلكتها ظفرت بحاجتك
منها بغير عنت عليك لامرنا ولكنا نخاف أن يعلق بك منها أمر يكون فيه هلاك ملكك
وزوال سلطانك وفساد من في الأرض، فقال: لا بد من أن اسلكها، فخروا سجدا وقالوا:
انا نتبرء إليك مما يريد ذو القرنين.
فقال ذو القرنين: يا معشر العلماء أخبروني بأبصر الدواب؟ قالوا: الخيل
الإناث البكارة أبصر الدواب، فانتخب من عسكره فأصاب ستة آلاف فرس إناثا أبكارا،
وانتخب من أهل العلم والفضل والحكمة ستة آلاف رجل فدفع إلى كل رجل وعقد
لافسحر وهو الخضر على ألف فرس، فجعلهم على مقدمته وأمرهم أن يدخلوا الظلمة،
وسار ذو القرنين في أربعة آلاف وأمر أهل عسكره أن يلزموا معسكره اثنى عشر سنة، فان

(1) خاض الماء: دخله. والفيافي كصحارى لفظا ومعنى.
300

رجع هو إليهم إلى ذلك الوقت والا تفرقوا في البلاد ولحقوا ببلادهم أو حيث شاؤوا،
فقال الخضر: أيها الملك انا نسلك في الظلمة لا يرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال
إذا أصابنا؟ فأعطاه ذو القرنين خرزة حمراء (1) كأنها مشعل لها ضوء، فقال: خذ
هذه الخرزة فإذا أصاب بكم الضلال فارم بها إلى الأرض فإنها تصيح، فإذا صاحت رجع
أهل الضلال إلى صوتها، فأخذها الخضر ومضى في الظلمة، وكان الخضر يرتحل و
ينزل ذو القرنين، فبينا الخضر يسير ذات يوم إذ عرض له واد في الظلمة فقال لأصحابه:
قفوا هذا الموضع لا يتحركن أحد منكم عن موضعه، ونزل عن فرسه فتناول الخرزة
فرمى بها في الوادي فأبطأت عنها بالإجابة حتى ساء ظنه وخاف أن لا يجيبه ثم أجابته، فخرج
إلى صوتها فإذا هي العين بقعرها، وإذا ماؤها أشد بياضا من اللبن وأصفى من الياقوت، و
أحلى من العسل، فشرب منه ثم خلع ثيابه فاغتسل منها، ثم لبس ثيابه ثم رمى بالخرزة
نحو أصحابه فأجابته فخرج إلى أصحابه وركب وأمرهم بالمسير، فساروا.
ومر ذو القرنين بعده فأخطأ الوادي فسلكوا تلك الظلمة بأربعين يوما وأربعين ليلة
ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار ولا شمس ولا قمر ولكنه نور، فخرجوا إلى أرض حمراء
رملة خشخاشة فركة (2) كان حصاها اللؤلؤ فإذا هو بقصر مبنى على طوله فرسخ، فجاء
ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه ثم توجه بوجهه وحده إلى القصر، فإذا طائر وإذا حديدة
طويلة قد وضع طرفاها على جانبي القصر، والطير اسود معلق بأنفه في تلك الحديدة بين السماء
والأرض مزموم كأنه الخطاف أو صورة الخطاف أو شبيه بالخطاف أو هو خطاف، فلما سمع
خشخشة ذي القرنين قال: من هذا؟ قال: انا ذو القرنين، قال: اما كفاك ما وراك حتى وصلت
إلى حد بابى هذا؟ ففرق ذو القرنين فرقا شديدا (3) فقال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرني،

(1) الخرزة - واحد الخرز محركة -: الحب المثقوب من الزجاج ونحوه تنظم منه
المسابح والقلائد ونحوها. فصوص من حجارة كالماس والياقوت.
(2) قال في البحار: الخشخشة: صوت السلاح وكل شئ يابس إذا حل بعضه ببعض والدخول
في الشئ " انتهى " وقوله عليه السلام " فركة " أي كانت لينة بحيث كان يمكن فركها باليد.
(3) فرق - كعلم -: فزع.
301

قال: سل، قال: هل كثر بنيان الآجر والجص؟ قال: نعم، قال: فانتفض الطير وامتلأ حتى
ملأ من الحديدة ثلثها ففرق ذو القرنين فقال: لا تخف وأخبرني، قال: سل، قال:
هل كثرت المعازف؟ (1) قال: نعم قال: فانتفض الطير وامتلاء حتى ملاء من الحديدة
ثلثيها، ففرق ذو القرنين، فقال: لا تخف وأخبرني، قال: سل، قال: هل ارتكب الناس
شهادة الزور في الأرض؟ قال نعم، فانتفض انتفاضة وانتفخ فسد ما بين جداري القصر
قال: فامتلأ ذو القرنين فرقا منه فقال له: لا تخف وأخبرني، قال: سل، قال: هل
ترك الناس شهادة ان لا إله إلا الله؟ قال: لا، فانضم ثلثه، ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف
وأخبرني، قال: سل، قال: هل ترك الناس الصلاة المفروضة؟ قال: لا قال: فانضم
ثلث آخر ثم قال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرني، قال: سل، قال: هل ترك الناس الغسل
من الجنابة؟ قال: لا، قال: فانضم حتى عاد إلى حاله الأول.
وإذا هو بدرجة مدرجة إلى أعلى القصر، قال: فقال الطير: يا ذا القرنين اسلك
هذه الدرجة فسلكها وهو خائف لا يدرى ما هو عليه حتى استوى على ظهرها، فإذا هو
بسطح ممدود البصر، وإذا رجل شاب أبيض مضئ الوجه عليه ثياب بيض حتى
كأنه رجل أو في صورة رجل أو شبيه بالرجل أو هو رجل، وإذا هو رافع رأسه ينظر
إلى السماء ينظر إليها واضع يده على فيه، فلما سمع خشخشة ذي القرنين قال:
من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين، قال: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراك حتى وصلت
إلى؟ قال ذو القرنين: مالي أراك واضعا يدك على فيك؟ قال: يا ذا القرنين انا صاحب
الصور، وان الساعة قد اقتربت وانا انتظر أن أومر بالنفخ فانفخ، ثم ضرب بيده
فتناول حجرا فرمى به إلى ذي القرنين كأنه حجرا أو شبه حجر أو هو حجر، فقال:
يا ذا القرنين خذ هذا، فان جاع جعت وان شبع شبعت فارجع فرجع ذو القرنين
بذلك الحجر حتى خرج به إلى أصحابه فأخبرهم بالطير وما سأله عنه وما قال له،
وما كان من أمره، وأخبرهم بصاحب السطح وما قال له وما أعطاه، ثم قال لهم:

(1) المعازف: الملاهي كالعود والطنبور.
302

انه أعطاني هذا الحجر وقال لي: ان جاع جعت، وان شبع شبعت - وقال: أخبروني
بأمر هذا الحجر فوضع الحجر في إحدى الكفتين، ووضع حجرا مثله في الكفة الأخرى
ثم رفع الميزان فإذا الحجر الذي جاء به أرجح بمثل الآخر، فوضعوا آخر فمال به
حتى وضعوا ألف حجر كلها مثله، ثم رفعوا الميزان فمال بها ولم يستمل به الألف حجر
فقالوا: يا أيها الملك لا علم لنا بهذا.
فقال له الخضر: أيها الملك انك تسئل هؤلاء عما لا علم لهم به، وقد أوتيت علم هذا
الحجر، فقال ذو القرنين: فأخبرنا وبينه لنا، فتناول الخضر الميزان فوضع الحجر
الذي جاء به ذو القرنين في كفة الميزان، ثم وضع حجرا آخر في كفة أخرى، ثم وضع
كف تراب على حجر ذي القرنين يزيده ثقلا، ثم رفع الميزان فاعتدل وعجبوا وخروا
سجدا لله وقالوا: أيها الملك هذا أمر لم يبلغه علمنا، وانا لنعلم ان الخضر ليس بساحر
فيكف هذا وقد وضعنا معه ألف حجر كلها مثله، فمال بها وهذا قد اعتدل به وزاده ترابا؟
قال ذو القرنين: بين يا خضر لنا أمر هذا الحجر، فقال الخضر: أيها الملك ان أمر الله
نافذ في عباده، وسلطانه قاهر، وحكمه فاصل، وان الله ابتلى عباده بعضهم ببعض،
وابتلى العالم بالعالم، والجاهل بالجاهل، والعالم بالجاهل، الجاهل بالعالم،
وانه ابتلاني بك وابتلاك بي، فقال. يرحمك الله يا خضر انما تقول: ابتلاني بك
حين جعلت أعلم منى، وجعلت تحت يدي، أخبرني يرحمك الله عن أمر هذا الحجر؟
فقال الخضر: أيها الملك ان هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور، يقول: إن مثل
بني آدم مثل هذ الحجر الذي وضع ووضع معه ألف حجر فمال بها، ثم إذا وضع عليه
التراب شبع وعاد حجرا مثله، فيقول: كذلك مثلك أعطاك الله من الملك ما أعطاك فلم
ترض به حتى طلبت أمرا لم يطلبه أحد كان قبلك (1) ودخلت مدخلا لم يدخله انس
ولا جان، يقول: كذلك ابن آدم لا يشبع حتى يحثى عليه التراب.
قال: فبكى ذو القرنين بكاءا شديدا وقال: صدقت يا خضر، ضرب لي هذا

(1) وفى نسخة كنسخة البحار -: " أبدا من كان قبلك.. اه "
303

المثل: لا جرم انى لا أطلب اثرا في البلاد بعد مسلكي هذا، ثم انصرف راجعا في
الظلمة، فبينا هم كذلك يسيرون إذ سمعوا خشخشة تحت سنابك (1) خيلهم فقالوا:
أيها الملك ما هذا؟ فقال: خذوا منه، فمن أخذ منه ندم ومن تركه ندم، فأخذ بعض
وترك بعض، فما خرجوا من الظلمة إذا هم بالزبرجد، فندم الآخذ والتارك، ورجع
ذو القرنين إلى دومة الجندل (2) وكان بها منزله فلم يزل بها حتى قبضه الله.
قال: وكان صلى الله عليه وآله إذا حدث بهذا الحديث قال: رحم الله أخي ذا القرنين
ما كان مخطئا إذا سلك ما سلك وطلب ما طلب، ولو ظفر بوادي الزبرجد في مذهبه لما
ترك فيه سنة الزهاد الا أخرجه للناس، لأنه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع
فقد زهد.
216 - جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر رفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: إن
ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير ثم حمل في مسيره ما شاء الله، ثم ركب البحر
فلما انتهى إلى موضع منه، قال لأصحابه: دلوني فإذا حركت الحبل فأخرجوني
فإن لم أحرك الحبل فأرسلوني إلى آخره، فأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما،
فإذا ضارب يضرب خشب الصندوق ويقول: يا ذا القرنين أين تريد؟ قال: أريد ان
أنظر إلى ملكوت ربى في البحر كما رأيته في البر، فقال: يا ذا القرنين ان هذا
الموضع الذي أنت فيه مر في نوح زمان الطوفان، فسقط منه قدوم (3) فهو يهوى
في قعر البحر إلى الساعة لم يبلغ قعره، فلما سمع ذو القرنين ذلك حرك الحبل وخرج.
217 - عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الزلزلة؟
فقال: أخبرني أبي عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان ذا القرنين

(1) السنابك جمع السنبك - بالضم - طرف الحافر.
(2) دومة الجندل: موضع على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول (ص)
يقرب من تبوك، وهي أحد حدود فدك، قيل: سميت بدوم بن إسماعيل، وسميت دومة الجندل
لان حصنها مبنى بالجندل.
(3) القدوم: آلة للنحت والنجر.
304

لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل الظلمة، فإذا بملك قائم طوله خمسمأة ذراع،
فقال له الملك: يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين: ومن أنت؟
قال انا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل، وليس من جبل خلقه الله الا وله
عرق إلى هذا الجبل، فإذا أراد الله ان يزلزل مدينة أوحى إلى فزلزلتها.
218 - عن ابن هشام عن أبيه عمن حدثه عن بعض آل محمد عليه وعليهم السلام قال: إن
ذا القرنين كان عبدا صالحا طويت له الأسباب، ومكن له في البلاد، وكان قد
وصفت له عين الحياة، وقيل له: من يشرب منها شربة لم يمت حتى يسمع الصوت،
وانه خرج في طلبها حتى اتى موضعها، وكان في ذلك الموضع ثلاثمائة وستون عينا،
وكان الخضر على مقدمته، وكان من أشد أصحابه عنده، فدعاه وأعطاه وأعطى قوما
من أصحابه كل رجل منهم حوتا مملحا فقال: انطلقوا إلى هذه المواضع فليغسل كل
رجل منكم حوته عند عين، ولا يغسل معه أحد، فانطلقوا فلزم كل رجل منهم فغسل فيها
حوته، وان الخضر انتهى إلى عين من تلك العيون فلما غمس الحوت ووجد الحوت ريح
الماء حيى فانساب في الماء (1) فلما رأى ذلك الخضر رمى بثيابه وسقط وجعل
يرتمس في الماء ويشرب ويجتهد أن يصيبه، فلما رأى ذلك رجع فرجع أصحابه وأمر
ذو القرنين بقبض السمك. فقال: انظروا فقد تخلفت سمكة فقالوا: الخضر صاحبها،
قال فدعاه فقال: ما خلف سمكتك؟ قال: فأخبره الخبر فقال له: فصنعت ماذا؟
قال: سقطت عليها فجعلت أغوص واطلبها فلم أجدها، قال: فشربت من الماء؟ قال:
نعم، قال: فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها، فقال للخضر: أنت صاحبها.
219 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله
عليه: تغرب الشمس في عين حمئة في بحر دون المدينة التي مما يلي المغرب يعنى
جابلقا (2).
220 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل

(1) أي دخل فيه.
(2) وفى نسخة " باجلقا ".
305

وفيه قال السائل: أخبرني عن الشمس أين تغيب؟ قال: إن بعض العلماء قال: إذا
انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن السماء صاعدة أبدا إلى أن تنحط إلى
موضع مطلعها، يعنى انها تغيب في عين حمئة ثم تخرق الأرض راجعة إلى موضع
مطلعها، فتحير تحت العرش حتى يؤذن لها بطلوع، ويسلب نورها كل يوم ويتجلل
نورا احمر.
221 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي ذر (ره) عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
كنت آخذا بيد النبي صلى الله عليه وآله ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى
غابت فقلت: يا رسول الله أين تغيب؟ قال: في السماء ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى
ترفع إلى السماء السابعة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
222 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل:
لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك قال: لم يعلموا صنعة البيوت.
223 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: لم يعلموا صنعة الثياب.
224 - في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه السلام عن الواحد إلى المأة،
قال له اليهودي: فالشمس من أين تطلع؟ قال له: من بين قرني شيطان، قال: فأين تغرب؟
قال: في عين حامية.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: سبق في تفسير العياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام
بيان لقوله عز وجل " تغرب في عين حامية ".
225 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن
يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: يصلى على الجنازة
في كل ساعة انها ليست بصلاة ركوع ولا سجود وانما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند
غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود، لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين
قرني شيطان.
226 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن جعفر
الأسدي رضي الله عنه قال: كان فيما يورد على من الشيخ أبى جعفر محمد بن عثمان
306

العمرى قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان: واما سألت عنه من
الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ولئن كان كما يقولون إن الشمس تطلع بين قرني
الشيطان وتغيب بين قرني الشيطان، فلا شئ أفضل من الصلاة وأرغم أنف الشيطان.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قوله عز وجل " حتى إذا بلغ بين السدين "
إلى قوله: " وكان وعد ربى حقا " قد سبق في تفسير العياشي له بيان.
227 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى سهل بن زياد عن عبد العظيم الحسنى
عن علي بن محمد العسكري عليه السلام حديث طويل يذكر فيه نوحا عليه السلام وأولاده ساما وحاما
ويافثا حين سارت بهم السفينة: ودعا نوح عليه السلام أن يغير الله ماء صلب حام ويافث، وقد
كتبناه بتمامه عند قوله تعالى: " وهي تجرى بهم في موج كالجبال " وفيه يقول
عليه السلام: جميع الترك والصقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا.
228 - في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن
أحمد بن محمد بن عبد الله عن العباس بن العلا عن مجاهد عن ابن عباس قال: سئل
أمير المؤمنين عليه السلام عن الخلق، فقال: خلق الله ألفا ومأتين في البر وألفا ومأتين في
البحر، وأجناس بني آدم سبعون جنسا، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج.
229 - في تفسير علي بن إبراهيم قال أبو عبد الله عليه السلام: ليس منهم رجل يموت حتى
يولد له في صلبه ألف ولد ذكر، ثم قال: هم أكثر خلق خلقوا بعد الملائكة.
230 - في كتاب الخصال عن الصادق عليه السلام قال: الدنيا سبعة أقاليم،
يأجوج ومأجوج، والروم، والصين، والزنج وقوم موسى وإقليم بابل.
231 - في مجمع البيان ورد في خبر الحذيفة قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن يأجوج
ومأجوج، فقال: يأجوج أمة، ومأجوج أمة كل أمة أربعمأة أمة لا يموت الرجل منهم حتى
ينظر إلى الف ذكر من صلبه كل قد حمل السلاح قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم ثلاثة
أصناف، منهم أمثال الأرز، قلت: يا رسول الله وما الأرز؟ قال: شجر بالشام طويل
وصنف منهم طويل وعرضهم سواء، وهؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد وصنف منهم
307

يفترش أحدهم اذنيه ويلتحف بالأخرى، ولا يمرون بعين ولا وحش ولا جمل ولا
خنزير الا اكلوه ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون
أنهار المشرق وبحيرة طبرية.
232 - في تفسير العياشي عن المفضل قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله اجعل
بينكم وبينهم ردما قال: التقية فما استطاعوا ان يظهروه وما استطاعوا له نقبا
إذا علمت بالتقية لم يقدروا لك على حيلة وهو الحصن، وصار بينك وبين أعداء الله سدا
لا يستطيعون له نقبا.
233 - عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " اجعل بينكم وبينهم سدا فما
اسطاعوا ان يظهروه وما استطاعوا له نقبا " قال: هو التقية.
234 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة
عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام لأقوام يظهرون الزهد ويدعون الناس
أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (1) أخبروني أين أنتم عن سليمان
بن داود ثم ذو القرنين عليه السلام عبد أحب الله فأحبه الله طوى له الأسباب، وملكه مشارق
الأرض ومغاربها، وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب
ذلك عليه.
235 - في تفسير العياشي عن المفضل قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله
إلى قوله قال: وسألته عن قوله: فإذا جاء وعد ربى جعله دكا قال: رفع التقية عند
الكشف، فانتقم من أعداء الله.
236 - في تفسير علي بن إبراهيم " فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء وكان وعد
ربى حقا " قال: إذا كان قبل يوم القيمة في آخر الزمان انهدم ذلك السد وخرج
يأجوج ومأجوج إلى الدنيا وأكلوا الناس.

(1) قشف الرجل وتقشف: قذر جلده ولم يتعهد النظافة وإن كان مع ذلك يطهر نفسه
بالماء والاغتسال.
308

237 - في مجمع البيان وجاء في الحديث انهم يدأبون في حفره نهارهم حتى
إذا أمسوا، وكادوا يبصرون شعاع الشمس، قالوا: نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون
فيعودون من الغد وقد استوى كما كان، حتى إذا جاء وعد الله. قالوا: غدا نفتح و
نخرج انشاء الله، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه بالأمس، فيحفرونه (1)
فيخرجون على الناس، فينشفون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم، فيرمون
سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء، فيقولون: قد قهرنا أهل الأرض وعلونا
أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا (2) في أقفائهم فيدخل في آذانهم فيهلكون بها، قال
النبي صلى الله عليه وآله: والذي نفس محمد بيده ان دواب الأرض لتسمن وتسكر من لحومهم سكرا.
238 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى حذيفة بن اليمان عن -
النبي صلى الله عليه وآله عن أهل يأجوج ومأجوج قال: إن القوم لينقرون بمعاولهم (3) دائبين
فإذا كان الليل قالوا: غدا نفرغ، فيصبحون وهو أقوى منه بالأمس، حتى يسلم منهم
رجل حين يريد الله ان يبلغ أمره، فيقول المؤمن: غدا نفتحه إن شاء الله، فيصبحون ثم
يغدون عليه فيفتحه الله، فوالذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي
الذي بكوفان وقد شربوه حتى نزحوه، فيقول: والله لقد رأيت هذا الوادي مرة،
وان الماء ليجرى في عرضه، قيل: يا رسول الله ومتى هذا؟ قال: حين لا يبقى من
الدنيا الا مثل صبابة الاناء.
239 - في كتاب الخصال عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال:
كنا جلوسا في المدينة في ظل حائط، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في غرفة، فاطلع إلينا فقال:
فيم أنتم؟ قلنا: نتحدث، قال: عماذا؟ قلنا: عن الساعة، فقال: انكم لا ترون الساعة حتى تروا
قبلها عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض، وثلاثة خسوف

(1) وفى المصدر " فيخرقونه ".
(2) النغف - محركة -: دود في أنوف الإبل والغنم.
(3) معاول جمع المعول: الفاس العظيمة ينقر بها الصخر.
309

يكون في الأرض خسفا بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب
وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج، ويكون في آخر الزمان نار
تخرج من اليمن من قعر الأرض، لا تدع خلفها أحدا الا تسوق الناس إلى المحشر،
كلما قاموا قامت، ثم تسوقهم إلى المحشر.
240 - عن حذيفة بن أسيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: عشر آيات
بين يدي الساعة: خمس بالمشرق، وخمس بالمغرب، فذكر الدابة والدجال،
وطلوع الشمس من مغربها، وعيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وانه يغلبهم ويغرقهم
في البحر ولم يذكر تمام الآيات.
241 - في تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام، وتركنا
بعضهم يومئذ يموج في بعض يعنى يوم القيمة.
242 - عن محمد بن حكيم قال: كتبت رقعة إلى أبى عبد الله عليه السلام، فيها:
أتستطيع النفس المعرفة؟ قال فقال: لا، فقلت: يقول الله: الذين كانت أعينهم في غطاء
عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا قال: هو كقوله: " وما كانوا يستطيعون السمع
وما كانوا يبصرون " قلت: فعابهم؟ قال: لم يعتبهم بما صنع هو بهم، ولكن عابهم بما
صنعوا، ولو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شئ.
243 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار في التوحيد
حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدثنا أبي عن أحمد بن علي الأنصاري عن أبي
الصلت عن عبد الله بن صالح الهروي قال: سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا
عليه السلام عن قول الله تعالى: " الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون
سمعا " فقال: ان غطاء العين لا يمنع من الذكر، والذكر لا يرى بالعين، ولكن الله عز وجل
شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب بالعميان، لأنهم كانوا يستثقلون قول النبي صلى الله عليه وآله
فيه " ولا يستطيعون له سمعا " فقال المأمون: فرجت عنى فرج الله عنك والحديث طويل
310

أخذنا منه موضع الحاجة.
244 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: كانوا لا ينظرون إلى ما خلق الله من
الآيات والسماوات والأرض.
245 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه قلت: قوله
عز وجل: " الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى " قال: يعنى بالذكر ولاية أمير -
المؤمنين عليه السلام، وهو قوله " ذكرى " قلت: قوله عز وجل: " لا يستطيعون سمعا " قال:
كانوا لا يستطيعون إذا ذكر على صلوات الله عليه عندهم أن يسمعوا ذكره، لشدة بغض له
وعداوة منهم، له ولأهل بيته، قلت: قوله عز وجل: أفحسب الذين كفروا ان يتخذوا
عبادي من دوني أولياء انا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا قال: يعنيهما وأشياعهم الذين اتخذوهما
من دون الله أولياء، وكانوا يرون انهم بحبهم إياهما ينجيانهم من عذاب الله عز وجل، و
كانوا بحبهما كافرين، قلت قوله عز وجل: " انا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا " أي منزلا
وهي لهما ولأشياعهما معدة عند الله تعالى، قلت: قوله عز وجل: " نزلا " قال:
مأوى ومنزلا.
246 - في مجمع البيان قرء أبو بكر في رواية الأعشى والبرجمي عنه،
وزيد عن يعقوب: " أفحسب الذين كفروا " برفع الباء وسكون السين، وهو قراءة
أمير المؤمنين عليه السلام.
247 - في عوالي اللئالي وروى محمد بن الفضل عن الكاظم عليه السلام في قوله تعالى:
قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا انهم الذين يتمادون بحج الاسلام ويسوفونه.
248 - في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام
وشرايع الدين والبراءة من أهل الاستيشار ومن أبى موسى الأشعري وأهل ولايته
الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا أولئك
الذين كفروا بآيات ربهم بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولقائه كفروا بان لقوا الله بغير
إمامته فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا فهم كلاب أهل النار.
311

249 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أحمد بن
عمر الحلال عن علي بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن العجب الذي يفسد
العمل؟ فقال: العجب درجات، منها ان يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا، ويحسب انه يحسن
صنعا، ومنها ان يؤمن العبد بربه فيمن على الله عز وجل، والله عليه فيه المنة.
250 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن الأصبغ بن نباتة قال: قال ابن
الكوا لأمير المؤمنين عليه السلام: اخبرني عن قول الله عز وجل: " قل هل ننبئكم بالأخسرين
أعمالا " الآية قال: كفرة أهل الكتاب اليهود والنصارى، وقد كانوا على الحق فابتدعوا
في أديانهم وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.
251 - في تفسير العياشي عن امام بن ربعي قال: قام ابن الكوا إلى أمير - المؤمنين عليه السلام وقال اخبرني عن قول الله: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل
سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا " قال: أولئك أهل الكتاب كفروا
بربهم، وابتدعوا في دينهم، فحبطت أعمالهم وما أهل النهر منهم ببعيد.
في مجمع البيان وروى العياشي باسناده قال: قام ابن الكوا إلى أمير المؤمنين
وذكر إلى آخر ما سبق وزاد بعد قوله ببعيد، يعنى الخوارج.
252 - وفيه " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " وروى في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وآله قال: إنه
ليأتي الرجل السمين يوم القيمة لا يزن جناح بعوضة.
253 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
يذكر فيه أهل الموقف وأحوالهم وفيه: ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة فأولئك لا يقيم لهم
يوم القيمة وزنا ولا يعبأ بهم، لأنهم لم يعبئوا بأمره ونهيه يوم القيمة فهم في جهنم خالدون،
تلفح وجوهم النار وهم فيها كالحون.
254 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله عز وجل: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم
يحسبون انهم يحسنون صنعا " قال: هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات و
312

الأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع.
255 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله: نزلت في اليهود وجرت في الخوارج، و
قوله عز وجل " أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم
القيمة وزنا " قال " أي حسنة ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي
هزوا يعنى بالآيات الأوصياء التي اتخذوها هزوا.
256 - حدثنا محمد بن أحمد (1) عن عبد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي
حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: خالدين فيها
لا يبغون عنها حولا قال: خالدين فيها لا يخرجون منها " ولا يبغون عنها حولا "
قال: لا يريدون بها بدلا، قلت قوله عز وجل: قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى
لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا قال: قد أخبرك ان
كلام الله عز وجل ليس له آخر ولا غاية ولا ينقطع أبدا، قلت: قوله عز وجل: " ان
الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا " قال: هذه نزلت
في أبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر، جعل الله عز وجل لهم جنات
الفردوس نزلا، أي مأوى ومنزلا.
257 - في مجمع البيان " كانت لهم جنات الفردوس نزلا " وروى عن عبادة بن
صامت عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الجنة مأة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء و
الأرض الفردوس.
258 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن
الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه والحسين بن أبي العلا وعبد الله بن وضاح وشعيب
العقرقوفي جميعهم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: انما انا بشر مثلكم
قال يعنى في الخلق انه مثلهم مخلوق يوحى إلى انما إلهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء
ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا قال: لا يتخذ مع ولاية آل

(1) وفى المصدر " جعفر بن أحمد " مكان " محمد بن أحمد ".
313

محمد صلوات الله عليهم غيرهم، وولايتهم العمل الصالح، فمن أشرك بعبادة ربه فقد أشرك
بولايتنا وكفر بها، وجحد أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقه وولايته.
259 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله
عن تفسير قوله عز وجل: " من كان يرجو لقاء ربه " الآية فقال: من صلى مراياة الناس
فهو مشرك، ومن زكى مراياة الناس فهو مشرك، ومن صام مراياة الناس فهو مشرك
ومن حج مراياة الناس فهو مشرك، ومن عمل عملا بما امره الله عز وجل مراياة
الناس فهو مشرك، ولا يقبل الله عز وجل عمل مراء.
260 - ففي كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن أبي محمد الحسن العسكري
عليه السلام قال: قلت لأبي علي بن محمد عليهما السلام: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يناظر اليهود
والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال: مرارا كثيرة، ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان قاعدا ذات
يوم بمكة بفناء الكعبة إذا ابتدء عبد الله بن أبي أمية المخزومي فقال: يا محمد لقد ادعيت
دعوى عظمية، وقلت مقالا هائلا، زعمت أنك رسول رب العالمين، وما ينبغي
لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا تأكل كما
نأكل، وتمشى في الأسواق كما نمشي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم أنت السامع لكل
صوت، والعالم بكل شئ، تعلم ما قاله عبادك، فأنزل الله عليه يا محمد: " وقالوا
ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الأسواق " إلى قوله: " رجلا مسحورا " ثم
انزل عليه يا محمد: " قل انما انا بشر " يعنى آكل الطعام " مثلكم يوحى إلى انما إلهكم
اله واحد " يعنى قل لهم انا في البشرية مثلكم، ولكن ربى خصني بالنبوة دونكم، كما
يخص بعض البشر بالغنى والصحة والجمال دون بعض من البشر، فلا تنكروا ان
يخصني أيضا بالنبوة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
261 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه
يقول: ما من عبد يقرأ " قل انما انا بشر مثلكم " إلى آخر السورة الا كان له نور
من مضجعه إلى بيت الله الحرام، وان من كان له نور في بيت الله الحرام كان له نور
314

إلى بيت المقدس.
262 - في كتاب التوحيد عن علي عليه السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما
اشتبه عليه من الآيات: فاما قوله " بل هم بلقاء ربهم كافرون " يعنى بالبعث، فسماه الله عز وجل
لقاه، وكذلك ذكر المؤمنين الذي يظنون أنهم ملاقوا ربهم يعنى انهم يؤمنون انهم يبعثون
ويحشرون ويجزون بالثواب والعقاب والظن هنا اليقين وكذلك قوله: " فمن كان يرجو لقاء
ربه فليعمل عملا صالحا " وقوله: " من كان يرجوا لقاء الله فأن أجل الله لآت " يعنى بقوله من
كان يؤمن بأنه مبعوث، فان وعد الله لآت، من الثواب والعقاب فاللقاء ههنا ليس بالرؤية،
واللقاء هو البعث، فإنهم جميع ما في كتاب الله من لقائه، فإنه يعنى بذلك البعث.
263 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء، قال: لا أحب
أن أشرك في صلاتي أحدا.
264 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين
بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المدايني عن أبي جعفر عليه السلام في
قول الله عز وجل: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه
أحدا " قال: الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله انما يطلب تزكية الناس
يشتهى أن تسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسر خيرا
فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام حتى
يظهر الله له شرا.
265 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشئ من الخير فيراه انسان
فيسره ذلك؟ قال: لا باس، ما من أحد الا ويحب ان يظهر له في الناس الخير، إذا لم
يصنع ذلك لذلك.
266 - أحمد بن محمد بن أحمد عن محمد بن أحمد النهدي عن محمد بن
315

الوليد عن أبان عن عامر بن عبد الله بن خزاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من عبد يقرء
آخر الكهف الا تيقظ في الساعة التي يريد.
267 - في الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر
عن الحسن بن علي الوشاء قال: دخلت على الرضا عليه السلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ
للصلاة، فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك، وقال: مه يا حسن فقلت له: لم تنهاني
أن أصب عليك تكره أن أوجر؟ قال: توجر أنت وأوزر انا، قلت له: وكيف ذلك؟
قال، أما سمعت الله عز وجل يقول: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا
يشرك بعبادة ربه أحدا " وها انا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة، فأكره ان يشركني فيها أحد
268 - في من لا يحضره الفقيه وقال النبي صلى الله عليه وآله: من قرء هذه الآية عند
منامه: " قل انما انا بشر مثلكم يوحى إلى انما إلهكم اله واحد " إلى آخرها سطع له
نور من المسجد الحرام، حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح.
269 - في مجمع البيان " فمن كان يرجو لقاء ربه " الآية عن سعيد بن
جبير قال مجاهد: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: انى أتصدق وأصل الرحم
ولا اصنع ذلك الا لله فيذكر ذلك منى واحمد عليه فيسرني ذلك واعجب به؟ فسكت
رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يقل شيئا فنزلت الآية.
270 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: قال الله عز وجل: انا اغنى الشركاء عن الشرك
فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فانا منه برئ، فهو للذي أشرك، أورده مسلم
في الصحيح.
271 - وروى عن عبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالا: سمعنا رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: من صلى صلاة يرائى بها فقد أشرك، ومن صام صوما يرائى به فقد أشرك،
ثم قرء هذه الآية.
272 - وروى أن أبا الحسن الرضا عليه السلام دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ
للصلاة والغلام يصب على يده الماء. فقال: لا تشرك بعبادة ربك أحدا، فصرف المأمون
316

الغلام، وتولى اتمام وضوئه بنفسه.
273 - أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: وان قرء الآية التي في آخرها
" قل انما انا بشر مثلكم " حين يأخذ مضجعه، كان له نور يتلألأ إلى الكعبة حشو ذلك
النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم من مضجعه، فإن كان في مكة تلاها كان له نورا
يتلألأ إلى البيت المعمور، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ.
274 - وروى الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضي الله عنه باسناده عن عيسى بن
عبد الله عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: ما من عبد يقرأ " قل انما انا بشر مثلكم " إلى
آخر الا كان له نورا في مضجعه إلى بيت الله الحرام، فإن كان من أهل بيت الله الحرام
كان له نورا إلى بيت المقدس.
275 - في تفسير العياشي عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن تفسير هذه الآية: " من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة
ربه أحدا " قال: من صلى أو صام أو أعتق أو حج يريد محمدة الناس فقد أشرك في عمله.
فهو مشرك مغفور (1).
276 - عن علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: انا خير
شريك: من أشرك في عمله لن اقبله الا ما كان لي خالصا.
277 - وفى رواية أخرى قال: إن الله يقول: انا خير شريك من عمل لي ولغيري فهو
لمن عمل له دوني.
278 - عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: لو أن عبدا
عمل عملا يطلب به رحمة الله والدار الآخرة، ثم ادخل فيه رضا أحد من الناس
كان مشركا.
279 - عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله " فليعمل
عمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " قال: العمل الصالح المعرفة بالأئمة " ولا

(1) قال الفيض (ره): يعنى انه ليس من الشرك الذي قال الله تعالى: " ان الله لا يغفر أن
يشرك به " لان المراد بذلك الشرك الجلي، وهذا هو الشرك الخفي.
317

يشرك بعبادة ربه أحدا " التسليم لعلى لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له، ولا هو
من أهله (1).

(1) هذا آخر الجزء الثاني على حسب تجزئة المؤلف (قده): وهذا صورة خطه (ره) على ما في
هامش بعض النسخ: تم الجزء الثاني من التفسير المسمى بنور الثقلين على يد مؤلفه العبد المقصر
الجاني غريق بحار الذنوب عبد علي بن جمعة العروسي نسبا والحويزي بلدا ببلدة شيراز صانها الله
عن الاعواز عصر يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك أحد شهور السنة السادسة
بعد الستين والف من هجرة سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين.
318

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أدمن قراءة
سورة مريم لم يمت حتى يصيبه ما يغنيه في نفسه وماله وولده، وكان في الآخرة من أصحاب
عيسى بن مريم عليهما السلام، وأعطى من الاجر مثل ملك سليمان بن داود
في الدنيا.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأها
اعطى من الاجر بعدد من صدق بزكريا وكذب به، ويحيى ومريم وموسى وعيسى وهارون
وإبراهيم واسحق ويعقوب وإسماعيل عشر حسنات، وبعدد من ادعى لله ولدا، وبعدد من
لم يدع له ولدا.
3 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمي
عن الحجة القائم عليه السلام حديث طويل وفيه: قلت: فأخبرني يا بن رسول الله عن تأويل
كهيعص قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، اطلع الله عبد زكريا عليها، ثم قصها
على محمد صلى الله عليه وآله، وذلك أن زكريا عليه السلام سأل ربه ان يعلمه أسماء الخمسة، فأهبط الله
عليه جبرئيل عليه السلام فعلمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن
سرى عنه همه (1) وانجلى كربه، وإذا ذكر الحسين عليه السلام خنقته العبرة ووقعت عليه
البهرة (2) فقال ذات يوم: الهى ما بالى إذا ذكرت أربعا منهم عليهم السلام تسليت بأسمائهم
من همومي، وإذا ذكرت الحسين عليه السلام تدمع عيني وتثور زفرتي؟ (3) فأنبأه تبارك و

(1) سرى عنه الشئ: كشف عنه ما يجده من الهم والغضب.
(2) خنقته العبرة غص بالبكاء حتى كأن الدموع أخذت بمخنقته وهو الحلق. والبهر:
تتابع النفس.
(3) الزفرة: استيعاب النفس من شدة الهم والحزن.
319

تعالى عن قصته، فقال: " كهيعص " فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء
يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره، فلما سمع بذلك زكريا
عليه السلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام، ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء و
النحيب، وكانت ندبته: الهى أتفجع خير خلقك بولده؟ أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه؟
أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة،؟ الهى أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟ ثم
كان يقول: الهى ارزقني ولدا تقر به عيني عند الكبر، واجعله وارثا ووصيا، واجعل
محله منى محل الحسين عليه السلام فإذا رزقتنيه فأفتني بحبه وبه أفجعني به كما تفجع محمدا
حبيبك صلى الله عليه وآله بولده، فرزقه الله يحيى عليه السلام وفجعه به، وكان حمل يحيى ستة
أشهر، وحمل الحسين عليه السلام كذلك.
في كتاب المناقب لابن شهرآشوب عن إسحاق الأحمري عن الحجة القائم عليه السلام
مثل ما في كتاب كمال الدين وتمام النعمة سواء.
4 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: " وكهيعص " معناه أنا الكافي الهادي الولي
العالم الصادق الوعد.
5 - وباسناده إلى محمد بن عمارة قال: حضرت عند جعفر بن محمد
عليهما السلام فدخل عليه رجل فسأله عن " كهيعص "! فقال عليه السلام: " كاف " كاف
بشيعتنا، " ها " هاد لهم، " يا " ولى لهم، " عين " عالم بأهل طاعتنا، " صاد " صادق
لهم وعد حتى يبلغ بهم المنزلة التي وعدهم إياها في بطن القرآن.
6 - في مجمع البيان وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في دعائه:
أسألك يا كهيعص.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم " كهيعص " جعفر بن أحمد عن عبيد عن الحسن
ابن علي عن أبيه بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هذه أسماء الله مقطعة،
واما قوله: " كهيعص " قال: الله هو الكافي الهادي العالم الصادق ذو الأيادي العظام،
320

وهو كما وصف نفسه تبارك وتعالى.
8 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ذكر رحمة ربك عبده
زكريا يقول: ذكر ربك زكريا فرحمه.
9 - في مجمع البيان: إذ نادى ربه نداءا خفيا وفى الحديث: خير الدعاء
الخفي: وخير الرزق ما يكفي.
10 - في تفسير علي بن إبراهيم: قال رب انى وهن العظم منى يقول " ضعف؟
قال عز من قائل: واشتعل الرأس شيبا.
11 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى حفص بن البختري عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان الناس لا يشيبون، فأبصر إبراهيم عليه السلام شيبا في لحيته فقال: يا رب ما
هذا؟ فقال: هذا وقار، فقال: يا رب زدني وقارا.
12 - وباسناده إلى الحسين بن عمار عن نعيم عن أبي جعفر عليه السلام قال: أصبح
إبراهيم فرأى في لحيته شيبا بيضاء، فقال: الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ و
لم أعص الله طرفة عيني.
13 - وباسناده إلى خالد بن إسماعيل عن أيوب المخزومي عن جعفر بن محمد
عليه السلام انه سمع أبا الطفيل يحدث أن عليا عليه السلام يقول: كان الرجل يموت وقد بلغ الهرم
ولم يشب فكان الرجل يأتي النادي (1) فيه الرجل وبنوه، فلا يعرف الأب من الابن
فقال: أيكم أبوكم؟ فلما كان زمان إبراهيم عليه السلام، قال: اللهم اجعل لي شيبا أعرف
به، فقال: فشاب وأبيض رأسه ولحيته.
14 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وفى العقد ان مروان بن الحكم
قال للحسن بن علي عليهما السلام بين يدي معاوية: أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن و
يقال: إن ذلك من الخرق؟ (2) فقال عليه السلام: ليس كما بلغك ولكنا معشر بني هاشم طيبة

(1) النادي: مجلس القوم ومتحدثهم نهارا، وقيل: المجلس ما داموا مجتمعين فيه:
فإذا تفرقوا زال عنه هذا الاسم.
(2) الخرق: الكذب.
321

أفواهنا، عذبة شفاهنا، فنسائنا يقبلن علينا بأنفاسهن، وأنتم معشر بنى أمية فيكم
بخر شديد (1) فنسائكم يصرفن أفواهن وأنفاسهن إلى أصداغكم (2) فإنما يشيب
منكم موضع العذار.
15 - محاسن البرقي قال عمرو بن العاص للحسين عليه السلام: ما بال الشيب إلى
شواربنا أسرع منه إلى شواربكم؟ فقال عليه السلام: ان نسائكم بخرة فإذا دنا أحدكم
من امرأته نكهته في وجهه (3) فشاب منه شاربه.
16 - في كتاب الخصال عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الشيب في مقدم الرأس يمن، وفى العارضين وفى الذوائب
شجاعة، وفى القفا شؤم.
17 - وفيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: لا تنتفوا الشيب فإنه نور
المسلم، ومن شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيمة.
18 - عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم
القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم: الناتف شيبه، والناكح نفسه،
والمنكوح في دبره.
19 - في تفسير علي بن إبراهيم: ولم أكن بدعائك رب شقيا يقول:
لم يكن دعائي خائبا عندك.
20 - في تفسير العياشي أبو إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن
امرأة عمران لما نذرت ما في بطنها محررا قال: والمحرر للمسجد إذا وضعته، أو دخل
المسجد فلم يخرج من المسجد أبدا، فلما ولدت مريم " قالت رب انى وضعتها أنثى
والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وانى سميتها مريم وانى أعيذها بك وذريتها

(1) بخر الفم: أنتن ريحه.
(2) أصداغ جمع الصدغ - بالضم -: ما بين العين والاذن والشعر المتدلي على هذا الموضع.
(3) قوله عليه السلام " بخرة " أي نتنة. والنكهة ريح الفم.
322

من الشيطان الرجيم " فساهم عليها البتول (1) فأصاب القرعة زكريا، وهو زوج
أختها وكفلها وأدخلها المسجد، فلما بلغت ما تبلغ النساء من الطمث وكانت أجمل
النساء وكانت تصلى فيضئ المحراب لنورها، فدخل عليها زكريا فإذا عندها فاكهة
الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فقال: " أنى لك هذا قالت هو من عند الله
هنالك دعا زكريا ربه قال إني خفت الموالى من ورائي " إلى ما ذكر الله من قصة زكريا ويحيى
21 - في مجمع البيان: وانى خفت الموالى قيل: هم العمومة وبنو العم عن
أبي جعفر عليه السلام.
22 - وقرأ علي بن الحسين ومحمد بن علي الباقر عليهما السلام: " وانى خفت
الموالى " بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء.
23 - في تفسير علي بن إبراهيم " وانى خفت الموالى من ورائي " يقول: خفت
الورثة من بعدى وكانت امرأتي عاقرا ولم يكن يومئذ لزكريا ولد يقوم مقامه ويرثه
وكانت هدايا بني إسرائيل ونذورهم للأحبار، وكان زكريا رئيس الأحبار وكانت
امرأة زكريا أخت مريم بنت عمران بن ما ثان، ويعقوب بن ما ثان وبنو ما ثان إذ ذاك
رؤساء بني إسرائيل وبنو ملوكهم من ولد سليمان بن داود، فقال زكريا: فهب لي
من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا.
24 - في بصائر الدرجات علي بن إسماعيل عن محمد بن عمر الزيات عن ابن بابا
قال: دخلت على أبى الحسن الرضا عليه السلام وقد ولد أبو جعفر عليه السلام فقال: ان الله قد
وهب لي من يرثني ويرث آل داود.
25 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن شريف بن
سابق عن الفضل بن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مر عيسى
ابن مريم عليهما السلام بقبر يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل فإذا هو لا يعذب؟ فقال:
يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان يعذب ومررت به العام فإذا هو ليس يعذب

(1) المساهمة: المقارعة.
323

فأوحى الله عز وجل إليه: انه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيما، فلهذا
غفرت بما عمل ابنه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ميراث الله عز وجل من عبد المؤمن ولد
يعبده من بعده، ثم تلا أبو عبد الله عليه السلام آية زكريا " هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث
من آل يعقوب واجعله رب رضيا ".
26 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى عبد الله بن الحسن باسناده
عن آبائه عليهم السلام انه لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك، وبلغها ذلك،
جاءت إليه وقالت له: يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبى؟ لقد
جئت شيئا فريا؟ أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول فيما
اقتص من خبر يحيى بن زكريا عليه السلام: " إذ قال رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث
من آل يعقوب " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
27 - في مجمع البيان وقرأ علي بن أبي طالب وجعفر بن محمد عليهم السلام
" يرثني وأرث من آل يعقوب لم نجعل له من قبل سميا " قال أبو عبد الله عليه السلام: وكذلك
الحسين عليه السلام لم يكن له من قبل سمى ولم تبك السماء الا عليهما أربعين صباحا، قيل له:
وما كان بكاؤها؟ قال: كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء، وكان قاتل يحيى
ولد زنا وقاتل الحسين ولد زنا.
28 - في ارشاد المفيد رحمه الله وروى سفيان بن عيينة عن علي بن يزيد عن
علي بن الحسين عليهما السلام قال: خرجنا مع الحسين بن علي عليهما السلام فما نزل
منزلا ولا رحل منه الا ذكر يحيى بن زكريا وقتله، وقال: ومن هوان الدنيا على الله
ان رأس يحيى بن زكريا أهدى إلى بغى من بغايا بني إسرائيل.
وفى مجمع البيان مثله الا ان فيه وقال يوما: ومن هوان الدنيا " الخ "
29 - في تفسير علي بن إبراهيم: يا زكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى
لم نجعل له من قبل سميا يقول: لم يسم باسم يحيى أحد قبله، قال رب انى يكون لي
غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا فهو اليبس قال كذلك قال
324

ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا قال رب اجعل لي آية قال
آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا صحيح من غير مرض.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: ما نقلنا من تفسير علي بن إبراهيم، متفرقا من
قوله " كهيعص " جعفر بن أحمد إلى هنا متصل فيه وفيه بعد قوله: من غير مرض: من
هيهنا عن علي بن إبراهيم قال: ثم قص الله قصة مريم وهو ظاهر في أن جميع ذلك رواية.
30 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهم
عليهم السلام قال: فيما وعظ الله عز وجل به عيسى: ونظيرك يحيى من خلقي وهبته لامه
بعد الكبر من غير قوة بها، أردت بذلك أن يظهر لها سلطاني وتظهر فيك قدرتي.
31 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن
محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع
لقوله عز وجل: يا يحيى خذ الكتاب بقوة آتيناه الحكم صبيا فلما بلغ عيسى
عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله إليه، فكان عيسى الحجة على
يحيى وعلى الناس أجمعين.
32 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط قال: رأيت أبا
جعفر عليه السلام وقد خرج على فأجدت النظر إليه وجعلت انظر إلى رأسه ورجليه لأصف قامته
لأصحابنا بمصر، فبينا انا كذلك حتى قعد فقال: يا علي أن الله احتج في الإمامة بمثل
ما احتج به في النبوة، فقال: " وآتيناه الحكم صبيا ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة "
فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي، ويجوز أن يؤتى الحكمة وهو ابن أربعين سنة.
33 - في مجمع البيان وعن معمر قال: إن الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا
نلعب، قال: ما للعب خلقنا فأنزل الله تعالى: " وآتيناه الحكم صبيا " وروى ذلك
عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
34 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى عن موسى بن جعفر
325

عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام و
أحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فهذا يحيى بن زكريا يقال: إنه أوتي الحكم صبيا
والحلم والفهم، وأنه كان يبكى من غير ذنب وكان يواصل الصوم؟ قال له علي عليه السلام
لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى أفضل من هذا، ان يحيى بن زكريا كان في
عصر لا أوثان فيه ولا جاهلية، ومحمد صلى الله عليه وآله أوتي الحكم والفهم صبيا بين عبدة الأوثان
وحزب الشيطان، فلم يرغب لهم في صنم قط ولم ينشط لأعيادهم، ولم ير منه كذب
قط صلى الله عليه وآله، وكان أمينا صدوقا حليما، وكان يواصل الصوم الأسبوع والأقل والأكثر
فيقال له في ذلك فيقول: انى لست كأحدكم، انى أظل عند ربى فيطعمني ويسقين،
وكان يبكى صلى الله عليه وآله حتى يبتل مصلاه خشية من الله عز وجل من غير جرم، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
35 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب (ره) محمد بن إسحاق بالاسناد جاء
أبو سفيان إلى علي عليه السلام فقال: يا أبا الحسن جئتك في حاجة، قال: وفيم جئتني؟ قال:
تمشى معي إلى ابن عمك محمد فنسأله أن يعقد لنا عقدا، ويكتب لنا كتابا، فقال: يا
أبا سفيان لقد عقد لك رسول الله صلى الله عليه وآله عقدا لا يرجع عنه أبدا، وكانت فاطمة عليها السلام
من وراء الستر، والحسن يدرج بين يديها، وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا، فقال
لها: يا بنت محمد قولي لهذا الطفل يكلم لي جده فيسود بكلامه العرب والعجم، فأقبل
الحسن عليه السلام إلى أبي سفيان وضرب إحدى يديه على أنفه، والأخرى على لحيته، ثم
أنطقه الله عز وجل بأن قال: يا أبا سفيان قل: لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى أكون شفيعا
فقال عليه السلام: الحمد لله الذي جعل من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا " آتيناه
الحكم صبيا ".
36 - في محاسن البرقي وفى رواية أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
قوله في كتابه حنانا من لدنا قال: إنه كان يحيى إذا قال في دعائه يا رب يا الله، ناداه الله
من السماء لبيك يا يحيى سل حاجتك.
326

37 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن أبي
سعيد المكارى عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: فما عنى بقوله
في يحيى: " وحنانا من لدنا وزكاة " قال: تحنن الله، قلت: فما بلغ من تحنن الله
عليه؟ قال: كان إذا قال: يا رب، قال الله عز وجل: لبيك يا يحيى، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
38 - في عيون الأخبار باسناده إلى ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن الرضا
عليه السلام يقول: إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج
من بطن أمه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى
احكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم الله عز وجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن
وآمن روعته فقال: وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا وقد سلم
عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال: " والسلام على يوم ولدت ويوم
أموت ويوم ابعث حيا ".
39 - في أصول الكافي أحمد بن مهران وعلي بن إبراهيم جميعا عن محمد بن علي
عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم عن أبي الحسن موسى عليه السلام
أنه قال لرجل نصراني سأله عن مسائل فأجابه عليه السلام فيها: أعجلك أيضا خبرا
لا يعرفه الا قليل ممن قرأ الكتب اخبرني ما اسم أم مريم وأي يوم نفخت فيه مريم، و
لكم ساعة من النهار، وأي يوم وضعت مريم فيه عيسى، ولكم ساعة من النهار؟ فقال
النصراني. لا أدرى، فقال أبو إبراهيم عليه السلام: اما أم مريم فاسمها مرتا وهي وهيبة
بالعربية، واما اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، وهو اليوم الذي
هبط فيه الروح الأمين وليس للمسلمين عيد كان أولى منه، عظمه الله تبارك وتعالى و
عظمه محمد صلى الله عليه وآله، فأمر ان يجعله عيدا فهو يوم الجمعة، واما اليوم الذي ولدت فيه
مريم فهو يوم الثلاثاء لأربع ساعات ونصف من النهار، والنهر الذي ولدت عليه مريم
عيسى هل تعرفه؟ قال: لا، قال: هو الفرات، وعليه شجر النخل والكرم، وليس
327

يساوى بالفرات شئ للكروم والنخل، فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها ونادى
قيدوس (1) ولده وأشياعه فأعانوه، وأخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم،
فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه وعلينا في كتابه فهل فهمته؟ وقرأته اليوم الا حدث،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
40 - في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد داود عن محمد بن همام قال:
حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا سعد بن عمرو الزهري قال: حدثني
بكر بن سالم عن أبيه عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام في قوله
تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا قال: خرجت من دمشق حتى أتت كربلا،
فوضعت في موضع قبر الحسين عليه السلام ثم رجعت من ليلتها.
41 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الرحمن بن المثنى الهاشمي
عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقد ذكر فاطمة عليها السلام:
فعلقت وحملت بالحسين عليه السلام، فحملت ستة أشهر، ثم وضعت ولم يعش ولد قط لستة أشهر
غير الحسين بن علي عليهما السلام وعيسى بن مريم عليه السلام.
42 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن علي بن إسماعيل عن محمد بن
عمرو الزيات عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه
السلام: ولم يولد لستة أشهر الا عيسى بن مريم والحسين بن علي عليهم السلام.
43 - في مجمع البيان وروى عن الباقر عليه السلام انه تناول جيب مدرعتها (2)
فنفخ فيه نفخة فكمل الولد في الرحم من ساعته، كما يكمل الولد في أرحام النساء
تسعة أشهر، فخرجت من المستحم (3) وهي حامل فحج مثقل، فنظرت إليها
خالتها فأنكرتها ومضت مريم على وجهها مستحية من خالتها ومن زكريا، وقيل:
كانت مدة حملها تسع ساعات، وهذا مروى عن أبي عبد الله عليه السلام.

(1) قيدوس: اسم رجل من بني إسرائيل.
(2) المدرعة: جبة مشقوقة المقدم.
(3) المستحم: موضع الاستحمام.
328

44 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن الحسين بن الحسن بن يزيد عن
بدر عن أبيه قال: حدثني سلام أبو علي الخراساني عن سلام بن سعيد المخزومي قال:
بينا أنا جالس عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة، و
ابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبى عبد الله ميمون القداح مولى أبى جعفر عليه السلام،
فسأله عباد بن كثير فقال: يا أبا عبد الله في كم ثوب كفن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: في
ثلاثة أثواب، ثوبين صحاريين وثوب حبرة (1) وكان في البرد قلة، فكأنما أزور
(2) عباد بن كثير من ذلك فقال أبو عبد الله (ع): ان نخلة مريم انما كانت عجوة
(3) ونزلت من السماء فما نبت من أصلها كان عجوة، وما كان من لقاط (4)
فهو لون، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح: والله ما أدرى ما
هذا المثل الذي ضربه لي أبو عبد الله (ع)، فقال ابن شريح: هذا الغلام يخبرك
فإنه منهم - يعنى ميمون - فسأله، فقال ميمون: اما تعلم ما قال لك؟ قال: لا والله،
قال: إنه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك انه ولد من رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلم رسول الله
عندهم، فما جاء من عندهم فهو صواب، وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط.
45 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي
ان رجلا أتى أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام فقال: يا ابن رسول الله أغثني،
قال: وما ذاك؟ قال: امرأتي قد أشرفت على الموت من شدة الطلق (5) قال: اذهب
واقرأ عليها: فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا
وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزى

(1) حبرة - كعنبة -: ثوب يصبغ باليمن قطن أو كتان مخطط.
(2) أي انحرف.
(3) العجوة: نوع من التمر.
(4) قيل: اللقاط بالكسر جمع لقط - بالتحريك -: ما يلتقط من هيهنا وهيهنا من
النوى ونحوه بالضم: الساق الردى.
(5) الطلق: وجع الولادة
329

إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ثم ارفع صوتك بهذه الآية: " والله أخرجكم
من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة قليلا ما
تشكرون " كذلك اخرج أيها الطلق فاخرج بإذن الله، فإنها تبرأ من ساعتها بإذن الله تعالى.
46 - في مجمع البيان " يا ليتني مت قبل هذا " انما تمنت عليها السلام الموت
استحياءا من الناس ان يظنوا بها سوءا عن السدى، وروى عن الصادق عليه السلام لأنها لم تر
في قومها رشيدا ذا فراسة ينزهها من السوء.
47 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن كثير النوا عن أبي جعفر
عليه السلام أنه قال: وقد ذكر يوم عاشورا وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم
عليهما السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
48 - في من لا يحضره الفقيه وروى الحسن بن علي الوشا عن الرضا عليه السلام
قال: ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه السلام، وولد فيها عيسى بن
مريم عليهما السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
49 - في مجمع البيان " قد جعل ربك تحتك سريا " قيل: ضرب جبرئيل
برجله، فظهر ماء عذب يجرى وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام.
50 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة
باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، ما تأكل الحامل من شئ ولا تتداوى به أفضل
من الرطب، قال الله تعالى لمريم: " وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا
جنيا فكلى واشربي وقرى عينا ".
51 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عدة من
أصحابه عن علي بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب، فان الله عز وجل قال لمريم
عليها السلام: " وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " قيل: يا رسول الله
330

فإن لم يكن إبان الرطب؟ (1) قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فإن لم يكن
فسبع تمرات من تمر أمصاركم، فان الله عز وجل يقول: وعزتي وجلالي وعظمتي
وارتفاع مكاني لا تأكل النفساء يوم تلد الرطب فيكون غلاما الا كان حليما، و
إن كانت جارية كانت حليمة.
52 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد جميعا عن
القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام
يتخلل بساتين الكوفة فانتهى إلى نخلة فتوضى عندها ثم ركع وسجد، فأحصيت في
سجدة خمسمأة تسبيحة، ثم استند إلى النخلة، فدعا بدعوات ثم قال: يا حفص انها والله
النخلة التي قال الله جل ذكره لمريم عليها السلام: " وهزى إليك بجذع النخلة تساقط
عليك رطبا جنيا ".
53 - في مجمع البيان وقال الباقر عليه السلام: لم تستشف النفساء بمثل الرطب،
ان الله أطعمه مريم.
54 - وروى أنه لم يكن للجذع رأس فضربتها برجلها فأورقت وأثمرت، و
انتشر عليها الرطب.
55 - في كتاب الناقب لابن شهرآشوب عبد الله بن كثير قال: نزل أبو جعفر
عليه السلام بواد فضرب خباه فيه ثم خرج يمشى حتى انتهى إلى نخلة يابسة، فحمد الله عندها ثم
تكلم بكلام لم اسمع بمثله ثم قال: أيتها النخلة أطعمينا ما جعل الله فيك، فتساقطت رطبا
أحمر وأصفر فأكل ومعه أبو أمية الأنصاري، فقال: يا أبا أمية هذه الآية فينا كالآية في مريم
ان هزت إليها النخلة فتساقطت رطبا جنيا.
56 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد بن يحيى عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: وكان أبو عبد الله البلخي معه فانتهى إلى نخلة خاوية فقال: أيتها النخلة
السامعة الطيبة المطيعة لربها أطعمينا مما جعل الله فيك، قال: فتساقط علينا رطبا

(1) ابان الشئ: حينه.
331

مختلفا ألوانه فأكلنا حتى تضلعنا (1) فقال: إليكم سنة كسنة مريم عليها السلام.
57 - الهيثم النهدي عن إسماعيل بن مهران عن عبد الله الكناسي عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: خرج الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد
الزبير كان يقول بإمامته، قال: فنزلوا في منزل من تلك المنازل تحت نخل يابس
قد يبس من العطش، قال: ففرش للحسن تحت نخلة وللزبيري بحذاه تحت نخلة أخرى
قال: فقال الزبيري ورفع رأسه: لو كان في هذا النخلة رطب لأكلنا منه؟ فقال الحسن
عليه السلام: وانك لتشتهي الرطب؟ قال: نعم، فرفع الحسن عليه السلام يده إلى السماء
ودعا بكلام لم يفهمه الزبيري، فاخضرت النخلة ثم صارت إلى حالها فأورقت
وحملت رطبا، قال: فقال الجمال الذي اكتروا منه: سحر والله! فقال الحسن
عليه السلام: ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبي مجاب، قال: فصعدوا إلى النخلة حتى
تصرموا (2) ما كان فيها فأكفاهم.
58 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن
النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، ثم قال: قالت مريم: انى نذرت للرحمن
صوما أي صوما صمتا - وفى نسخة أخرى أي صمتا - فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم، و
غضوا أبصاركم، ولا تنازعوا ولا تحاسدوا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
59 - في من لا يحضره الفقيه وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن
الصوم ليس من الطعام والشراب وحده، ان مريم قالت " انى نذرت للرحمن صوما "
أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا، فان الحسد
يأكل الايمان كما يأكل النار الحطب.
60 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب في مناقب أبى جعفر الباقر عليه السلام

(1) تضلع الرجل: امتلأ شبعا وريا.
(2) صرم الشئ: قطعة
332

وسأل طاوس اليماني أبا جعفر عليه السلام عن صوم لا يحجز عن أكل وشرب؟ فقال
عليه السلام: الصوم من قوله تعالى: " انى نذرت للرحمن صوما "
61 - في محاسن البرقي وعنه عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ستة كرهها الله لي فكرهتها للأئمة من
ذريتي، وليكرهها الأئمة أتباعهم إلى قوله: وما الرفث في الصيام؟ قال: ما
كره الله لمريم في قوله: " انى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا " قال: قلت
من أي شئ؟ قال: من الكذب.
62 - في مجمع البيان. يا أخت هارون قيل فيه أقوال: " أحدها " أن هارون
هذا كان رجلا صالحا في بني إسرائيل ينسب إليه كل من عرف بالصلاح عن ابن
عباس وقتادة وكعب وابن زيد والمغيرة بن شعبة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله.
63 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله من كتاب عبد الرحمن بن
محمد الأزدي وحدثني سماك بن حرب عن المغيرة بن شعبة ان النبي صلى الله عليه وآله بعثه
إلى نجران فقالوا: ألستم تقرؤن " يا أخت هارون " وبينهما كذا وكذا؟ فذكر ذلك
للنبي صلى الله عليه وآله فقال: ألا قلت لهم: انهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين منهم.
64 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عبد الله بن جبلة عن رجل عن
أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: وجعلني مباركا أينما كنت قال: نفاعا.
وفى أصول الكافي مثله سواء.
5 6 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهم عليهم -
السلام قال: فيما وعظ الله عز وجل به عيسى عليه السلام: يا عيسى إلى قوله: فبوركت كبيرا
وبوركت صغيرا حيث ما كنت، أشهد انك عبدي ابن أمتي.
66 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام أكان عيسى
ابن مريم حين يكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه؟ فقال: كان يومئذ نبيا حجة لله
333

غير مرسل، أما تسمع لقوله حين قال: انى عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا
وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا؟
قلت: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال: كان
عيسى في تلك الحال آية لله ورحمة من الله لمريم حين يكلم فعبر عنها، وكان نبيا حجة
على من سمع كلامه في تلك الحال، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان، وكان
زكريا الحجة لله عز وجل بعد صمت عيسى بسنتين، ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى
الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، اما تسمع لقوله عز وجل: " يا يحيى خذ الكتاب
بقوة وآتيناه الحكم صبيا " فلما بلغ عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى
الله إليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين، وليس تبقى الأرض
يا أبا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ خلق الله آدم عليه السلام، وأسكنه
الأرض، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
67 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى قال:
قلت للرضا عليه السلام قد كنا نسألك قبل أن، يهب الله أبا جعفر فكنت تقول: يهب الله لي
غلاما، فقد وهب الله لك فقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من؟ فأشار
بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلث سنين
قال وما
يضره من ذلك شئ قد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلث سنين.
68 - الحسين بن محمد الخيراني عن أبيه قال: كنت واقفا بين يدي أبى الحسن
عليه السلام بخراسان فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبى جعفر ابني
فكأن القائل استصغر سن أبى جعفر عليه السلام فقال أبو الحسن: ان الله تبارك وتعالى بعث عيسى
ابن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر عليه السلام.
69 - في الكافي حدثني محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به
العباد إلى ربهم، وأحب لك إلى الله عز وجل ما هو؟ فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل
334

من هذه الصلاة، الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليهما السلام قال: وأوصاني
بالصلاة والزكاة ما دمت حيا.
70 - في تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق عليه السلام في قوله: " وأوصاني
بالصلاة والزكاة " قال: زكاة الرؤس لان كل الناس ليست لهم أموال، وانما
الفطرة على الفقير والغنى والصغير والكبير.
71 - في عيون الأخبار باسناده عن الصادق عليه السلام حديث طويل في
تعداد الكبائر يقول فيه عليه السلام: ومنها عقوق الوالدين، لان الله عز وجل جعل العاق
جبارا شقيا في قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام: وبرا بوالدتي ولم يجعلني
جبارا شقيا.
72 - في كتاب الخصال عن سماعة بن مهران عن الصادق عليه السلام حديث طويل وفيه
يقول عليه السلام: وبر الوالدين وضده العقوق.
73 - في أصول الكافي باسناده إلى الحكم بن مسكين عن محمد بن مروان
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يمنع الرجل ان يبر والديه حيين أو ميتين يصلى
عنهما، ويتصدق عنهما، ويحج عنهما ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل
ذلك، فيزيده الله عز وجل بره وصلته كثيرا.
74 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام: بروا آباءكم يبركم
أبناءكم، وعفوا عن نساء الناس تعف نسائكم.
75 - في عيون الأخبار باسناده إلى ياسر الخادم فقال: سمعت أبا الحسن الرضا
عليه السلام يقول: إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلث مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن أمه
فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار
الدنيا: وقد سلم الله عز وجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وأمن روعته فقال: " وسلام
عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا " وقد سلم عيسى بن مريم في هذه الثلاثة
المواطن فقال: والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا.
335

76 - في كتاب علل الشرايع عن وهب اليماني قال: إن يهوديا سأل النبي
صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد كنت في أم الكتاب نبيا قبل أن يخلق آدم؟ قال: نعم قال وهؤلاء
أصحابك المؤمنون مثبتون معك قبل أن يخلقوا؟ قال: نعم قال: فما شأنك لم
تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك كما تكلم عيسى بن مريم على زعمك وقد
كنت قبل ذلك نبيا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: انه ليس أمرى كأمر عيسى بن مريم، ان
عيسى بن مريم خلقه الله عز وجل من أم ليس له أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم،
ولو أن عيسى حين خرج من أمه لم ينطق بالحكمة لم يكن لامه عذر عند الناس، وقد
أتت به من غير أب وكانوا يأخذونها كما يؤخذ به مثلها من المحصنات، فجعل الله
عز وجل منطقه عذرا لامه.
77 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن
محمد بن عبد الله عن أبي مسعود عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: سمعت اسحق
ابن جعفر يقول: الأوصياء إذا حملت بهم أمهاتهم إلى قوله: فإذا كان الليلة التي تلد فيها
ظهر لها في البيت نور تراه ولا يراه غيرها الا أبوه، فإذا ولدته ولدته قاعدا وتفسحت له حتى
يخرج متربعا ثم يستدير بعد وقوعه إلى الأرض فلا يخطى القبلة حيث كانت بوجهه، ثم
يعطس ثلثا يشير بإصبعه بالتحميد، ويقع مسرورا (1) مختونا ورباعيتاه من فوق وأسفل
وناباه وضاحكاه، ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور، ويقيم يومه وليلته تسيل يداه
ذهبا، وكذلك الأنبياء إذا ولدوا وانما الأوصياء أعلاق من الأنبياء.
78 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبى الجارود زياد بن المنذر
عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: لما ولد عيسى بن مريم عليه السلام
كان ابن يوم كأنه ابن شهرين، فلما كان ابن سبعة أشهر أخذته والدته وجاءت به إلى
الكتاب وأقعدته بين يدي المؤدب، فقال له المؤدب: قل: بسم الله الرحمن الرحيم،
فقال عيسى عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال له المؤدب: قل أبجد فرفع عيسى عليه السلام

(1) أي مقطوع السرة.
336

رأسه فقال: وهل تدرى ما أبجد؟ فعلاه بالدرة (1) ليضربه فقال: يا مؤدب لا تضربني
ان كنت تدرى والا فسلني حتى أفسر لك، قال: فسر لي، فقال عيسى عليه السلام: الألف
آلاء الله، والباء بهجة الله، الجيم جمال الله، والدال دين الله، " هوز " ها هول جهنم،
والواو ويل لأهل النار، والزازفير جهنم " حطى " حطت الخطايا عن المستغفرين " كلمن "
كلام الله لا مبدل لكلماته " سعفص " صاع بصاع والجزا بالجزا " قرشت " قرشهم (2)
فحشرهم فقال المؤدب: أيتها المرأة خذي بيد ابنك فقد علم ولا حاجة له
في المؤدب.
79 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن
عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وأنزل في الكيل " ويل للمطففين " ولم يجعل الويل لاحد
حتى يسميه كافرا، قال الله عز وجل: فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم
80 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
القاسم بن محمد الأصفهاني عن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يوم
الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح.
81 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
ولاد الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن قوله: وأنذرهم يوم الحسرة قال: ينادى
مناد من عند الله عز وجل وذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار:
يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور؟ فيقولون:
لا، فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح (3) فيوقف بين الجنة والنار ثم، ينادون جميعا
أشرفوا وانظروا إلى الموت، فيشرفون ثم يأمر الله عز وجل به فيذبح، ثم يقال: يا
أهل الجنة خلود فلا موت أبدا، ويا أهل النار خلود فلا موت أبدا، وهو قوله عز وجل

(1) الدرة: السوط.
(2) قرش الشئ: جمعه من هنا ومن هنا وضم بعضه إلى بعض.
(3) يقال كبش أملح: إذا كان اسود شعره بياض. أو يخالط بياضه سواد.
337

" وانذرهم يوم الحسرة إذ قضى الامر وهم في غفلة " أي قضى على أهل الجنة بالخلود
فيها، وقضى على أهل النار بالخلود فيها.
82 - في مجمع البيان وروى مسلم في الصحيح بالاسناد عن أبي سعيد الخدري
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار قيل:
يا أهل الجنة فيشرفون وينظرون، وقيل: يا أهل النار فيشرفون وينظرون، فيجاء
بالموت كأنه كبش أملح فيقال لهم: تعرفون الموت؟ فيقولون: هذا هذا وكل قد
عرفه، قال: فيقدم فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار
خلود فلا موت، قال: فذلك قوله: " وأنذرهم يوم الحسرة " الآية ورواه أصحابنا
عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام، ثم جاء في آخره فيفرح أهل الجنة
فرحا لو كان أحد يومئذ ميتا لماتوا فرحا، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد
ميتا لماتوا.
83 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: انا نحن نرث الأرض ومن
عليها قال: كل شئ خلقه الله يرثه الله يوم القيمة.
84 - في مجمع البيان: يا أبت انى أخاف ان يمسك عذاب من الرحمن
فتكون للشيطان وليا وقد بينا في ما مضى ان الذي يقوله أصحابنا ان هذا الخطاب
من إبراهيم عليه السلام انما توجه إلى من سماه الله أبا له، لأنه كان جد إبراهيم لامه، وان
أباه الذي ولده كان اسمه تارخ، لاجماع الطائفة على أن آباء الأنبياء إلى آدم عليه السلام
مسلمون موحدون، وبما روى عنه عليه السلام أنه قال: لم يزل ينقلني الله سبحانه
من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات حتى أخرجني في عالمكم هذا، و
الكافر غير موصوف بالطهارة لقوله تعالى: " انما المشركون نجس ".
85 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في
مسجد الكوفة فقالوا: ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع
طلحة والزبير وعايشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه السلام فأمر أن ينادى: الصلاة الجامعة
338

فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغني عنكم
كذا وكذا؟ قالوا: صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك. قال إن لي بستة من الأنبياء
أسوة في ما فعلت، قال الله تعالى في محكم كتابه: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة
حسنة " قالوا: ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال: أولهم إبراهيم عليه السلام إذ قال لقومه:
وأعتزلكم وما تدعون من دون الله فان قلتم: ان إبراهيم اعتزل قومه لغير مكروه
أصابه منهم فقد كفرتم، وان قلتم: اعتزلهم لمكروه رآه منهم فالوصي أعذر، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
86 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد
الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله
عبدا طلب من الله عز وجل حاجة فألح في الدعاء استجيب له أو لم يستجيب، وتلا هذه الآية
" وأدعو ربى عسى ان لا أكون بدعاء ربى شقيا ".
87 - في تفسير علي بن إبراهيم فلما اعتزلهم يعنى إبراهيم عليه السلام وما يعبدون
من دون الله وهبنا له اسحق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا
يعنى لإبراهيم واسحق ويعقوب من رحمتنا رسول الله صلى الله عليه وآله وجعلنا لهم لسان صدق عليا
يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه حدثني بذلك أبى عن الحسن بن علي العسكري
عليه السلام.
88 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يحيى
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لسان الصدق للمرء يجعله الله في
الناس خيرا من المال يأكله ويورثه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
89 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: أوان اللسان الصالح يجعله الله للمرء
في الناس خير له من المال يورثه من لا يحمده.
90 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد
بن أبي نصر عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل:
339

وكان رسولا نبيا: ما الرسول وما النبي؟ قال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت
ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال عز من قائل: وقربناه نجيا.
91 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن
أيوب عن عمرو بن أبان عن أديم أخي أيوب عن حمران قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
جعلت فداك بلغني ان الله تبارك وتعالى ناجى عليا عليه السلام؟ قال: أجل قد كان بينهما مناجاة
بالطائف نزل بينهما جبرئيل.
92 - إبراهيم بن هشام عن يحيى بن عمران عن يونس عن حماد بن عثمان عن
محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان سلمة بن كهيل يروى في علي أشياء قال:
ما هي؟ قلت: حدثني ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان محاصر أهل الطائف وانه خلا بعلى يوما
فقال رجل من أصحابه: عجبا لما نحن فيه من الشدة وانه يناجى هذا الغلام مثل اليوم؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أنا بمناج له انما يناجى ربه، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
هذه أشياء يعرف بعضها من بعض.
93 - محمد بن عيسى عن القاسم بن عروة عن عاصم عن معاوية عن أبي الزبير عن
جابر بن عبد الله قال: لما كان يوم الطائف ناجى رسول الله صلى الله عليه وآله عليا فقال أبو بكر وعمر:
انتجيته دوننا؟ فقال: ما انتجيته، بل الله ناجاه.
94 - علي بن محمد قال: حدثني حمدان بن سليمان قال: حدثني عبد الله بن محمد اليماني
عن منيع عن يونس عن علي بن أعين عن أبي رافع قال: لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا يوم
خيبر فتفل في عينيه ثم قال له: إذا أنت فتحتها فقف بين الناس فان الله أمرني بذلك، قال أبو
رافع: فمضى على وانا معه، فلما أصبح بخيبر وقف بين الناس وأطال الوقوف، فقال الناس:
ان عليا يناجى ربه، فلما مكث أمر بانتهاب المدينة التي افتتحها، قال أبو -
رافع فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: ان عليا وقف بين الناس كما أمرته، فقال قوم:
340

الله ناجاه؟ فقال: نعم يا أبا رافع، ان الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر.
95 - وعنه بهذا الاسناد عن منيع عن يونس عن علي بن أعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
لأهل الطائف: لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يفتح الله به الخيبر، سوطه سيفه، فتشرف
الناس لها، فلما أصبح دعا عليا فقال: اذهب إلى الطائف ثم أمر الله النبي عليه السلام ان
يدخل إليها بعد أن دخله على، فلما صار إليها كان على رأس الجبل فقال له رسول الله:
أثبت فثبت، فسمعنا مثل صرير الرحا فقيل: ما هذا يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن الله
يناجى عليا عليه السلام.
قال عز من قائل: ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا
96 - في كتاب كما الدين وتمام النعمة حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق
رضي الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن
بن علي بن فضال عن أبيه عن هشام بن سالم قال: قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام:
الحسن أفضل أم الحسين عليه السلام؟ فقال: الحسن أفضل من الحسين. قلت: فيكف
صارت الإمامة بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى
لم يرد بذلك الا أن يجعل سنة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليهما السلام،
الا ترى انهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الإمامة،
وان الله عز وجل جعل النبوة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وإن كان موسى
أفضل من هارون عليهما السلام.
97 - وباسناده إلى محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
عاش موسى عليه السلام مأة وستة وعشرين سنة، وعاش هارون عليه السلام مأة وثلاثة وثلثين سنة
98 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه
عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث من كن فيه
كان منافقا وان صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب،
وإذا وعد أخلف، ان الله عز وجل يقول في كتابه: " ان الله لا يحب الخائنين " وقال:
341

" أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين " وفى قوله تعالى: واذكر في الكتاب إسماعيل
انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا.
99 - ابن أبي عمير عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انما سمى
إسماعيل صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره سنة، فسماه الله عز وجل صادق
الوعد، ثم إن الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل: ما زلت منتظرا لك.
100 - في عيون الأخبار باسناده إلى سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا
(ع) قال: أتدري لم سمى إسماعيل صادق الوعد؟ قال: قلت: لا أدرى، قال: وعد
رجلا فجلس له حولا ينتظره.
101 - في كتاب علل الشرايع في باب العلة التي من أجلها سمى إسماعيل بن
حزقيل صادق الوعد، حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال:
حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير ومحمد
ابن سنان عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال: إن إسماعيل الذي قال الله عز وجل في
كتابه: " واذكر في الكتاب إسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا "
لم يكن إسماعيل بن إبراهيم، بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله عز وجل إلى قومه، فأخذوه
فسلخوا فروة رأسه (1) ووجهه، فأتاه ملك فقال: ان الله جل جلاله بعثني إليك
فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع بالأنبياء عليهم السلام.
102 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ان إسماعيل كان رسولا نبيا
سلط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له:
ربك يقرئك السلام ويقول قد رأيت ما صنع بك وقد امرني بطاعتك فمرني بما شئت فقال:
يكون لي بالحسين بن علي عليهما السلام أسوة.
103 - في تفسير علي بن إبراهيم " واذكر في الكتاب إسماعيل انه كان
صادق الوعد " قال: وعد وعدا فانتظر صاحبه سنة، وهو إسماعيل بن حزقيل عليه السلام.

(1) الفروة: جلدة الرأس بشعرها.
342

104 - في مجمع البيان " واذكر في الكتاب " الذي هو القرآن " إسماعيل " بن
إبراهيم " انه كان صادق الوعد " وكان إذا وعد بشئ وفى ولم يخلف " وكان " مع ذلك
" رسولا نبيا " إلى جرهم وقد مضى معناه، قال ابن عباس انه واعد رجلا أن ينتظره في
مكان ونسي الرجل، فانتظره سنة حتى اتاه الرجل، وروى ذلك عن أبي عبد الله
عليه السلام.
105 - وقيل: إن إسماعيل بن إبراهيم مات قبل أبيه، وان هذا هو إسماعيل بن
حزقيل بعثه الله إلى قوله، ورواه أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام، وذكر نحو ما ذكرنا
عن كتاب علل الشرايع.
106 - في كتاب كما الدين وتمام النعمة باسناده إلى جعفر بن محمد
عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عاش إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام مأة
وعشرين سنة.
107 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي البلاد
عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهم السلام قال: كان بدو نبوة إدريس (ع)
انه كان في زمانه ملك جبار، وانه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة نضرة لعبد
مؤمن من الرافضة (1) فأعجبته فسأل وزرائه لمن هذه الأرض؟ قالوا: لعبد مؤمن من عبيد
الملك فلان الرافضي -، فدعا به فقال له: أمتعني بأرضك هذه، فقال له: عيالي أحوج
إليها منك، قال: فسمني بها أثمن لك (2) قال: لا أمتعك بها ولا أسومك دع عنك ذكرها
فغضب الملك عند ذلك وأسف وانصرف إلى أهله وهو مغموم متفكر في أمره، وكانت له
امرأة من الأزارقة (3) وكان بها معجبا يشاورها في الامر إذا نزل به، فلما استقر في

(1) قال المسعودي في اثبات الوصية (ص: 12 ط طهران): وكان من لا يتبعه على
كفره ويرفضه يسمى رافضيا " انتهى " وقال بعض: انه عليه السلام عبر بذلك لئلا يتهم أصحابه
مما ينابزهم العامة بهذا اللقب، ويعلموا ان ذلك كان ديدن أهل الدنيا سلفا وخلفا وعادتهم.
(2) أي يعنى أعطيك الثمن.
(3) الأزارقة من الخوارج أصحاب نافع بن الأزرق كفروا عليا عليه السلام وأصحابه وجوزوا
قتل مخالفيهم وسبى نسائهم فقيل: ان المراد في الحديث ان المرأة كانت بصفة الأزارقة
فكما ان الأزارقة يرون غير أهل نحلتهم مشركا ويستحلون دمه وأمواله فكذلك هذه المرأة.
343

مجلسه بعث إليها يشاورها في أمر صاحب الأرض، فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب
فقالت: أيها الملك ما الذي دهاك (1) حتى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك؟ فأخبرها
بخبر الأرض وما كان من قوله لصاحبها ومن قول صاحبها له، فقالت: أيها الملك انما
يغتم ويهتم ويأسف من لا يقدر على التغيير والانتقام، فان كنت تكره ان تقتله بغير
حجة فانا أكفيك امره وأصير ارضه إليك بحجة، لك فيها العذر عند أهل مملكتك،
قال: وما هي؟ قالت: أبعث إليه أقواما من أصحابي ازارقة حتى يأتوك به، فيشهدون
عليه عندك انه قد برأ من دينك، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه. قال: فافعلي.
قال: وكان لها أصحاب من الأزارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين،
فبعث إلى قوم من الأزارقة فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك
انه قد برأ من دين الملك فشهدوا عليه انه قد برئ من دين الملك فقتله واستخلص
أرضه، فغضب الله تعالى للمؤمن عند ذلك، فأوحى إلى إدريس: أن ائت عبدي هذا
الجبار فقل له: أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة
لك، فأحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لانتقمن له منك في الآجل،
ولأصلبنك ملكك في العاجل، ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك، ولاطعمن الكلاب
لحم امرأتك، فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك؟ فأتاه إدريس عليه السلام برسالة ربه وهو في
مجلسه وحوله أصحابه، فقال: أيها الجبار انى رسول الله إليك وهو يقول لك:
أما رضيت ان قتلت عبدي المؤمن حتى استخلصت أرضه خالصة لك، وأحوجت عياله
من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لانتقمن له منك في الآجل، ولاسلبنك ملكك في العاجل
ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك ولاطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقال الجبار: اخرج

(1) دهى فلانا: أصابه بداهية والداهية: الامر العظيم.
344

عنى يا إدريس فلن تسبقني بنفسك (1) ثم ارسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس
فقالت: لا يهولنك رسالة اله إدريس انا أكفيك أمر إدريس، انا ارسل إليه من يقتله
فتبطل رسالة إلهه وكلما جاء به، قال: فافعلي قال: وكان لإدريس أصحاب من
الروافض مؤمنون يجتمعون إليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم، فأخبرهم إدريس
بما كان من وحى الله عز وجل إليه ورسالته إلى الجبار وما كان من تبليغه رسالة الله عز -
وجل إلى الجبار، فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه القتل وبعثت امرأة الجبار
إليه أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوه. فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع إليه فيه
أصحابه فلم يجدوه، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب إدريس فحسبوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه
فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له: خذ حذرك يا إدريس فان الجبار قاتلك، قد بعث
اليوم أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية.
فتنحى إدريس عن القرية من يومه ذلك، ومعه نفر من أصحابه، فلما كان في
السحر ناجى إدريس ربه فقال: يا رب بعثتني إلى جبار فبلغت رسالتك وقد توعدني
هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلي ان ظفر بي؟ فأوحى الله عز وجل إليه: أن تنح عنه واخرج
من قريته، وخلني وإياه فوعزتي لأنفذن فيه أمرى، ولأصدقن قولك فيه، وما
أرسلتك به إليه، فقال إدريس: يا رب ان لي حاجة، قال الله عز وجل: سل تعطها.
قال: أسألك ان لا تمطر السماء على هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتى أسألك
ذلك، قال الله عز وجل: يا إدريس إذا تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون!
قال إدريس: وان خربت وجهدوا وجاعوا؟ قال الله عز وجل: قد أعطيتك ما سألت
ولن أمطر السماء عليهم حتى تسألني ذلك، وأنا أحق من وفى بوعده.
فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله إليه ووعده

(1) قال المجلسي (ره): فلن تسبقني بنفسك هو تهديد بالقتل، أي لا يمكنك الفرار
بنفسك والتقدم بحيث لا يمكنني اللحوق بك لاهلاكها، ولا تغلبني في أمر نفسك بأن تتخلصها منى
ويحتمل أن يكون المراد: لا تغلبني متفردا بنفسك من غير معاون فلم تتعرض لي.
345

أن لا يمطر السماء على قريتهم حتى يسأله ذلك فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية
إلى غيرها من القرى، فخرجوا منها وعدتهم يومئذ عشرون رجلا، فتفرقوا في
القرى وشاع خبر إدريس في القرى بما سأل ربه، وتنحى إدريس إلى كهف من الجبل
شاهق (1) فلجأ إليه ووكل الله عز وجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وكان يصوم
النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء، وسلب الله عز وجل عند ذلك ملك الجبار و
قتله واخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن، فظهر في المدينة جبار
آخر عاص، فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء
عليهم قطرة من مائها فجهد القوم واشتدت حالهم وصاروا يمتارون الأطعمة (2) من القرى
من بعد، فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض، فقالوا: إن الذي نزل بنا مما ترون
لسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو، وقد تنحى إدريس عنا ولا علم
لنا بموضعه والله أرحم بنا منه، فأجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله ويدعوه ويفزعوا
إليه ويسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم، فقاموا على الرماد و
لبسوا المسوح وحثوا على رؤسهم التراب (3) وعجوا إلى الله بالتوبة والاستغفار و
البكاء والتضرع إليه
فأوحى الله عز وجل إلى إدريس: يا إدريس ان أهل قريتك قد عجوا إلى بالتوبة
والاستغفار والبكاء والتضرع، وانا الله الرحمن الرحيم اقبل التوبة وأعفو عن السيئة
وقد رحمتهم ولم يمنعني من اجابتهم إلى ما سألوني من المطر الا مناظرتك فيما سألتني
أن لا أمطر السماء عليهم حتى تسألني، فاسألني يا إدريس حتى أغيثهم وامطر السماء
عليهم. قال إدريس: اللهم إني لا أسئلك ذلك. قال الله عز وجل: ألم تسألني يا إدريس

(1) الشاهق: المرتفع من الجبال.
(2) أي يجمعونها.
(3) المسوح جمع المسح: الكساء من شعر كثوب الرهبان، ومنه يقال من نسيج الشعر
على البدن تقشفا وقهرا للجسد مسح. وحثا التراب: صبه.
346

فأجبتك إلى ما سألت، وأنا أسألك ان تسألني فلم لا يجيب مسألتي؟ قال إدريس: اللهم
لا أسألك، قال: فأوحى الله عز وجل إلى الملك الذي أمره أن يأتي إدريس بطعامه كل
مساء أن احبس عن إدريس طعامه ولا تأته به، فلما أمسى إدريس في ليلة يومه ذلك فلم يؤت
بطعامه حزن وجاع، فصبر فلما كان في ليلة اليوم الثاني فلم يؤت بطعامه اشتد حزنه
وجوعه، فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده وجوعه وحزنه و
قل صبره، فنادى ربه: يا رب حبست عنى رزقي من قبل أن تقبض روحي؟ فأوحى الله عز وجل
إليه: يا إدريس جزعت ان حبست عنك طعامك ثلاثة أيام ولياليها، ولم تجزع و
تذكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة، ثم سألتك عند جهدهم ورحمتي
إياهم ان تسألني فأمطر عليهم فلم تسألني وبخلت عليهم بمسألتك إياي! فأدبتك
بالجوع، فقل عند ذلك وظهر جزعك فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك
فقد وكلتك في طلبه إلى جبلتك.
فهبط إدريس عليه السلام من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع، فلما دخل القرية
نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه، فهجم على عجوز كبيرة وهي ترفق
قرصتين لها على مقلاة (1) فقال لها: أيتها المرأة أطعميني فانى مجهود من الجوع،
فقالت له: يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا - وحلفت انها ما
تملك غيره شيئا - فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية، فقال لها: أطعميني ما
أمسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب، قالت: انهما قرصتان واحدة لي
والأخرى لابني فان أطعمتك قوتي مت، وان أطعمتك قوت ابني مات، وما هيهنا فضل
أطعمك، فقال لها: " ان ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى به، ويجزيني النصف الآخر
فأحيى به وفى ذلك بلغة لي وله، فأكلت المرأة قرصتها وكسرت الأخرى
بين إدريس وبين ابنها، فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتى مات،
قالت أمه: يا عبد الله قتلت على ابني جزعا على قوته، فقال لها إدريس: فأنا أحييه

(1) المقلاة: وعاء يقلى فيه الطعام.
347

بإذن الله فلا تجزعي، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال: أيتها الروح الخارجة
عن بدن هذا الغلام بأمر الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي، فرجعت روح
الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت أمه كلام إدريس وقوله: أنا إدريس، ونظرت إلى ابنها
قد عاش بعد الموت، قالت: اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادى بأعلى صوتها
في القرية: أبشروا بالفرج قد دخل إدريس في قريتكم، ومضى إدريس حتى جلس
على موضع مدينة الجبار الأول فوجدها وهي تل، فاجتمع إليه أناس من أهل قريته
فقالوا له: يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها ومسنا الجوع
والجهد فيها؟! فادع الله ان يمطر السماء علينا، قال: لا، حتى يأتيني جباركم هذا وجميع
أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك، فبلغ الجبار قوله، فبعث إليه أربعين رجلا
يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له: ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه فدعا عليهم فماتوا،
فبلغ ذلك الجبار فبعث إليه خمسمأة رجل ليأتوه به فأتوه فقالوا له: يا إدريس
ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه، فقال لهم إدريس: انظروا إلى مصارع أصحابكم
فقالوا له: يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت؟
أما لك رحمة؟ فقال: ما أنا بذاهب إليه وما انا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى
يأتيني جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس
وسألوه أن يمضى معهم وجميع أهل قريتهم إلى إدريس مشاة حفاة، فأتوه حتى وقفوا بين
يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل الله عز وجل أن يمطر السماء عليهم، فقال لهم إدريس:
اما الان فنعم فسأل الله عز وجل إدريس عند ذلك ان يمطر السماء عليهم وعلى قريتهم و
نواحيها، فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم (1)
حتى ظنوا انه الغرق، فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء (2)

(1) هطل المطر: نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر.
(2) قال في البحار: أي خوف أنفسهم أوقعهم في الهموم، أو لم يهتمهم الا هم أنفسهم وطلب
خلاصها، ثم اعلم أن الظاهر أن أمره تعالى إدريس عليه السلام بالدعاء لهم لم يكن على سبيل الحتم والوجوب بل على الندب والاستحباب، وكان غرضه عليه السلام في الأحير وفى طلب القوم أن
يأتوه متذللين تنبسيهم وزجرهم عن الطغيان والفساد لئلا يخالفوا ربهم بعد دخوله بينهم، وان أولياء الله
يغضبون لربهم أكثر من سخطه تعالى لنفسه لسعة رحمته وعظم حلمه تعالى شأنه.
348

108 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام أنه قال
لرسول الله صلى الله عليه وآله وقد سأله عن الأيام: فالخميس؟ قال: هو يوم خامس من الدنيا و
هو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة
109 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن مفضل بن
صالح عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخبرني جبرئيل ان ملكا من
الملائكة كانت له عند الله منزلة عظيمة فتعتب عليه فأهبطه من السماء إلى الأرض،
فأتى إدريس عليه السلام فقال له: ان لك من الله منزلة فاشفع لي عند ربك، فصلى ثلاث
ليال لا يفتر وصام (1) أيامها لا يفطر، ثم طلب إلى الله عز وجل في السحر في الملك،
فقال الملك: انك قد أعطيت سؤلك وقد أطلق الله لي جناحي وانا أحب ان أكافيك فاطلب
إلى حاجة، فقال تريني ملك الموت لعلى آنس به فإنه ليس يهنيني مع ذكره شئ. فبسط
جناحه ثم قال: اركب فصعد به يطلب ملك الموت في السماء الدنيا، فقيل له: اصعد فاستقبله
بين السماء الرابعة والخامسة، فقال الملك: يا ملك الموت مالي أراك قاطبا؟ (2) قال:
العجب انى تحت ظل العرش حيث أمرت ان أقبض روح آدمي بين السماء الرابعة و
الخامسة؟ فسمع إدريس عليه السلام فامتعض (3) فخر من جناح الملك فقبض روحه مكانه و
قال الله عز وجل: ورفعناه مكانا عليا.
110 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي داود عن عبد الله بن
أبان عن أبي عبد الله عليه السلام قال في حديث طويل يذكر فيه مسجد السهلة: أما علمت أنه

(1) فتر فلان عن عمله قصر فيه.
(2) قطب: زوى ما بين عينيه وكلح.
(3) امتعض منه: غضب وشق عليه.
349

موضع بيت إدريس النبي عليه السلام الذي كان يخيط فيه؟
111 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عمن حدثه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه و
ألقاه في جزيرة من جزائر البحر، فبقي ما شاء الله عز وجل في ذلك البحر، فلما بعث الله
عز وجل إدريس عليه السلام جاء ذلك الملك إليه فقال: يا نبي الله ادع الله أن يرضى عنى ويرد
جناحي، قال: نعم فدعا إدريس فرد الله عز وجل عليه جناحه ورضى عنه، قال الملك لإدريس:
ألك حاجة؟ قال: نعم أحب ان ترفعني إلى السماء حتى انظر إلى ملك الموت فإنه لاعيش لي
مع ذكره، فأخذه الملك على جناحه حتى انتهى به إلى السماء الرابعة فإذا ملك الموت
يحرك رأسه تعجبا، فسلم إدريس عليه السلام على ملك الموت، فقال له: ما لك تحرك رأسك؟
قال: إن رب العزة أمرني ان أقبض روحك بين السماء الرابعة والخامسة، فقلت: يا
رب وكيف يكون هذا وغلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمأة عام، ومن السماء الرابعة
إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمأة عام، ومن السماء الثالثة إلى السماء الثانية مسيرة
خمسمأة عام، وغلظ السماء الثالثة مسيرة خمسمأة عام، وكل سمائين وما بينهما كذلك
فيكف يكون هذا؟ ثم قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة، وهو قوله عز وجل:
" ورفعناه مكانا عليا " وسمى إدريس لكثرة دراسته الكتب.
112 - وفيه عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل ذكرناه أول الاسراء وفيه: ثم صعدنا
إلى السماء الرابعة وإذا فيها رجل فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا إدريس رفعه الله
مكانا عليا، فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي.
113 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن
أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام و
أحبارهم قال لعلي عليه السلام في كلام طويل: هذا إدريس عليه السلام أعطاه الله عز وجل " مكانا عليا "
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله اعطى ما هو أفضل من هذا. ان الله
جل ثناؤه قال فيه:: ورفعنا لك ذكرك " فكفى بهذا من الله رفعة.
350

114 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب في مناقب زين العابدين عليه السلام قال عليه السلام
في قوله تعالى: وممن هدينا واجتبينا: نحن عنينا بها.
115 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قوله تعالى: " ان الصلاة
كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " قال: كتابا ثابتا، وليس ان عجلت قليلا أو أخرت
قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الإضاعة، فان الله عز وجل يقول لقوم: أضاعوا
الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.
116 - في مجمع البيان وقيل: أضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن
تركوها أصلا. وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
117 - في جوامع الجامع " واتبعوا الشهوات " رووا عن علي عليه السلام: من بنى
الشديد وركب المنظور ولبس المشهور.
118 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
سلم من أمتي من أربع خصال فله الجنة: من الدخول في الدنيا، واتباع الهوى، و
شهوة البطن، وشهوة الفرج.
119 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: لا يسمعون فيها لغوا يعنى في الجنة
الا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا قال: ذلك في جنات الدنيا قبل
القيمة، والدليل على ذلك قوله تعالى: " بكرة وعشيا " فالبكرة والعشي لا يكون
في الآخرة في جنات الخلد وانما يكون الغدو والعشي في جنات الدنيا التي تنتقل إليها
أرواح المؤمنين وتطلع فيها الشمس والقمر.
120 - في محاسن البرقي عنه عن النضر بن سويد عن علي بن صامت عن ابن
أخي شهاب بن عبد ربه قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام ما ألقى من الأوجاع والتخم، فقال:
تغد وتعش ولا تأكل بينهما شيئا فان فيه فساد البدن، أما سمعت قول الله عز وجل يقول: " لهم
رزقهم فيها بكرة وعشيا ".
351

121 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام محمد بن عبد الله العسقلاني قال:
حدثنا النضر بن سويد عن علي بن أبي الصلت عن أخي شهاب بن عبد ربه قال: كأني
شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام ما القى من الأوجاع والتخم وذكر إلى آخر ما
في كتاب المحاسن.
قال عز من قائل: تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا
122 - في تهذيب الأحكام في أدعية نوافل شهر رمضان: سبحان من خلق الجنة
لمحمد وآل محمد، سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم.
123 - في مجمع البيان وقال ابن عباس: ان النبي صلى الله عليه وآله قال لجبرئيل: ما منعك
ان تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فنزل وما نتنزل الا بأمر ربك الآية.
124 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام حديث وفيه يقول عليه السلام: ان الله تعالى
لا يسهو ولا ينسى وانما ينسى ويسهو المخلوق والمحدث، الا تسمعه عز وجل يقول:
وما كان ربك نسيا
125 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه لرجل
سأله عما اشتبه عليه من آيات الكتاب: واما قوله: " وما كان ربك نسيا " فان ربنا
تبارك وتعالى علوا كبيرا ليس بالذي ينسى، ولا يغفل بل هو الحفيظ العليم.
ويقول فيه عليه السلام للسائل أيضا: واما قوله: هل تعلم له سميا فان تأويله: هل
يعلم أحد اسمه الله غير الله تبارك وتعالى، فإياك ان تفسر القرآن برأيك حتى تفقه
عن العلماء، فإنه رب تنزيل يشبه بكلام البشر وهو كلام الله وتأويله لا يشبه كلام
البشر، كما ليس شئ من خلقه يشبهه كذلك لا يشبه فعله تبارك وتعالى شيئا من
أفعال البشر، ولا يشبه شئ من كلامه بكلام البشر، فكلام الله تبارك وتعالى صفته،
وكلام البشر أفعالهم، فلا تشبه كلام الله بكلام البشر فتهلك وتضل.
126 - في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى
عن علي بن أسباط عن خلف بن حماد عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال: سألت
352

أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: أو لم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك
شيئا قال: فقال: لا مقدرا ولا مكونا.
127 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن إسماعيل بن إبراهيم ومحمد بن أبي -
عمير عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله:
" أو لم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " قال. لم يكن شيئا في كتاب ولا علم.
128 - في تفسير علي بن إبراهيم " أو لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم
يك شيئا " أي لم يكن ذكره، ثم أقسم عز وجل بنفسه فقال: فو ربك يا محمد لنحشرنهم
والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا قال: على ركبهم وقوله عز وجل:
وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر
الظالمين فيها جثيا يعنى في البحار إذا تحولت نيرانا يوم القيمة.
129 - وفى حديث آخر: هي منسوخة بقوله عز وجل: " ان الذين سبقت لهم
منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ".
130 - أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن
علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: " وان
منكم الا واردها " قال: أما تسمع الرجل يقول: وردنا بنى فلان فهو الورود ولم يدخله.
131 - في مجمع البيان قال السدى: سألت مرة الهمداني عن هذه الآية
فحدثني ان عبد الله بن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يرد الناس النار ثم يصدرون
بأعمالهم، فأولهم كلمع البرق، ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب ثم
كشد الرجل، ثم كمشيه.
132 - وروى أبو صالح غالب بن سليمان عن كثير بن زياد عن أبي سمية قال:
اختلفنا في الورود، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن. وقال آخرون: يدخلونها جميعا
ثم ينجى الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فأومى بإصبعيه إلى اذنيه وقال:
صمتا ان لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الورود الدخول، لا يبقى بر ولا
353

فاجر الا يدخلها، فيكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن
للنار - أو قال لجهنم: - ضجيجا من بردها، ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين
فيها جثيا.
133 - وروى مرفوعا عن يعلى بن منبه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: تقول النار
للمؤمن يوم القيمة: جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبي.
134 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن المعنى فقال: ان الله تعالى يجعل
النار كالسمن الجامد، ويجمع عليها الخلق ثم ينادى المنادى: أن خذي أصحابك
وذرى أصحابي فوالذي نفسي بيده لهى أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها.
135 - في اعتقادات الامامية للصدوق رحمه الله وروى أنه لا يصيب أحدا
من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها، وانما يصيبهم الألم عند الخروج منها،
فتكون تلك الآلام جزاءا بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد.
136 - في مجمع البيان متصل بقوله: من الوالدة بولدها وقيل: إن الفائدة
في ذلك ما روى في بعض الأخبار ان الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتى يطلعه على
النار وما فيها من العذاب، ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه واحسانه إليه،
فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها، ولا يدخل أحدا النار حتى يطلعه
على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على
ما فاته من الجنة ونعيمها، وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم.
137 - وروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله عاد مريضا فقال: ابشر ان الله عز وجل يقول:
الحمى هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار.
138 - في الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن سعدان
عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: الحمى رائد الموت (1)

(1) إلى أنها يأتي لتهيئة منزل الموت ولاعلام الناس بنزوله: لان الرائد من هو يأتي
قبل المسافر في طلب الكلاء
354

وهي سجن المؤمن في الأرض، وهي حظ المؤمن من النار.
139 - محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن الهيثم بن أبي مسروق عن شيخ
من أصحابنا يكنى بابى عبد الله عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
الحمى رائد الموت، وسجن الله تعالى في أرضه، وفورها من جهنم، وهي حظ كل
مؤمن من النار.
140 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن
ابن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
وإذا تتلى عليهم آياتنا قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما و
أحسن نديا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا قريشا إلى ولايتنا فتنفروا وأنكروا " فقال
الذين كفروا " من قريش " للذين آمنوا " الذين أقروا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت:
" أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا " تعييرا منهم، فقال الله ردا عليهم: وكم
أهلكنا قبلهم من قرن من الأمم السابقة " هم أحسن أثاثا ورئيا ".
141 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل:
" وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا " قال: عنى به الثياب والاكل
والشراب وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: الأثاث المتاع، واما رئيا
فالجمال والمنظر الحسن.
142 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن
ابن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: قوله من كان
في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا قال: كلهم كانوا في ضلالة لا يؤمنون بولاية
أمير المؤمنين عليه السلام ولا بولايتنا، فكانوا ضالين مضلين فليمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم
حتى يموتوا. فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا، قلت: قوله: حتى إذا رأوا ما
يوعدون اما العذاب واما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا
قال: اما قوله: " حتى إذا رأوا ما يوعدون " فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون
355

ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه. فذلك قوله: " من هو شر مكانا " يعنى
عند القائم عليه السلام " وأضعف جندا " قلت: قوله: ويزيد الله الذين اهتدوا هدى قال:
يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم عليه السلام، حيث لا يجحدونه و
لا ينكرونه.
143 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: والباقيات الصالحات خير عند
ربك ثوابا وخير مردا قال: الباقيات هو قول المؤمن: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر.
144 - وحدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا يققا (1)
ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وربما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم
ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: وما نفقتكم؟ قالوا:
قول المؤمن في الدنيا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فإذا قال بنينا و
إذا أمسك أمسكنا.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وفى بعض النسخ دخلت الجنة فرأيت فيها ملائكة
يبنون الخ وقد نقلنا في تفسير " الباقيات الصالحات " في سورة الكهف جملة شافية من
الاخبار فراجع.
145 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله عز وجل: أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ان العاص بن
وائل بن هشام القرشي ثم السهمي وهو أحد المستهزئين وكان لخباب بن الأرت على
العاص بن وائل حق، فأتاه يتقاضاه، فقال له العاص: ألستم تزعمون أن في الجنة الذهب
والفضة والحرير؟ قال: بلى، قال: فموعد ما بيني وبينك الجنة فوالله لأوتين فيها خيرا مما
أوتيت في الدنيا، يقول الله عز وجل: اطلع على الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا

(1) القيعان جمع القاع: الأرض السهلة المطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال.
ويقق: شديد البياض.
356

كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فردا واتخذوا
من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا
والضد القرين الذي يقرن به.
146 - حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا الحسين
ابن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " واتخذوا من
دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " يوم القيامة
أي يكون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيمة ويتبرؤون منهم ومن
عبادتهم إلى يوم القيمة، ثم قال: ليس العبادة هي السجود ولا الركوع وانما هي طاعة
الرجال، من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده، وقوله عز وجل: انا أرسلنا
الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا قال: لما طغوا فيها وفى فتنتها وفى طاعتهم ومد لهم
في طغيانهم وضلالتهم ارسل عليهم شياطين الإنس والجن " تؤزهم أزا " أي تنخسهم نخسا، و
تحصنهم على طاعتهم وعبادتهم، فقال الله عز وجل: فلا تعجل عليهم انما نعد لهم عدا
أي في طغيانهم وفتنتهم وكفرهم.
147 - وفى تفسيره متصل بقوله " وإذا أمسك أمسكنا " عند قوله: " والباقيات
الصالحات " وقوله: " ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " قال: نزلت
في مانعي الزكاة والمعروف، يبعث الله عليهم سلطانا أو شيطانا فينفق ما يجب عليه من
الزكاة في غير طاعة الله ويعذبه على ذلك، وقوله تبارك وتعالى: فلا تعجل عليهم انما
نعد لهم عدا فقال لي: ما هو عندك؟ قلت: عندي عدد الأيام، قال: لا، ان الاباء والأمهات
ليحصون ذلك ولكن عدد الأنفاس.
148 - في الكافي محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار
عن علي بن إسماعيل الميثمي عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول
الله عز وجل: " انما نعد لهم عدا " قال: ما هو عندك؟ قلت: عدد الأيام، قال: إن الاباء
والأمهات يحصون ذلك ولكنه عدد الأنفاس.
357

149 - في نهج البلاغة من كلامه عليه السلام: نفس المرء خطاه إلى أجله.
150 - وقال عليه السلام: كل معدود متنقص وكل متوقع آت.
151 - في عيون الأخبار حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن يحيى المعاذي قال:
حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الله الحكمي الحاكم بنوقان، قال: خرج علينا رجلان
من الري برسالة بعض السلاطين بها إلى الأمير نصر بن أحمد ببخارا وكان أحدهما من
أهل الري والاخر من أهل قم، وكان القمي على المذهب الذي كان قديما بقم في النصب
وكان الرازي متشيعا، فلما بلغا نيسابور قال الرازي للقمي: ألا نبدء بزيارة الرضا
عليه السلام ثم نتوجه إلى بخارا؟ فقال القمي: قد بعثنا سلطاننا برسالة إلى الحضرة ببخارا فلا
يجوز لنا أن نشتغل بغيرها حتى نفرغ منها، فقصدا بخارا وأديا ورجعا حتى حاذيا طوس،
فقال الرازي للقمي: الا نزور الرضا عليه السلام؟ فقال: خرجت من قم مرجئا ولا أرجع إليها
رافضيا، قال: فسلم الرازي أمتعته ودوابه إليه وركب حمارا وقصد مشهد الرضا عليه السلام
وقال لخدام المشهد: خلوا لي المشهد هذه الليلة، وادفعوا إلى مفتاحه ففعلوا ذلك، قال:
فدخلت المشهد وغلقت الباب وزرت الرضا عليه السلام ثم قمت عند رأسه وصليت ما شاء الله تعالى،
وابتدأت في قراءة القرآن من أوله قال: فكنت أسمع صوتا بالقرآن كما أقرء، فقطعت
صلاتي ودرت المشهد كله وطلبت نواحيه فلم أر أحدا، فعدت إلى مكانه وأخذت في
القراءة من أول القرآن فكنت أسمع مثل ما اقرأ حتى بلغت آخر مريم فقرأت: يوم نحشر
المتقين إلى الرحمن وفدا فسمعت الصوت من القبر: " يوم يحشر المتقون إلى
الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا " حتى ختمت القرآن وختم، فلما أصبحت
رجعت إلى نوقان فسألت من بها من المقرئين عن هذه القراءة، فقالوا هذا في اللفظ
والمعنى مستقيم لكنا لا نعرف في قراءة أحد قال فرجعت إلى نيسابور فسئلت من المقرئين
عن هذه القراءة فلم يعرفها أحد منهم حتى رجعت إلى الري فسئلت بعض المقرئين عن هذه
القراءة فقلت: من قرء " يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى
جهنم وردا "؟ فقالوا لي: أين جئت بهذا؟ فقلت: وقع لي احتياج إلى معرفتها في أمر
358

حدث، فقال: هذه قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله من رواية أهل البيت عليهم السلام ثم استحكاني
السبب الذي من أجله سألت عن هذه القراءة فقصيت عليه القصة وصحت لي القراءة.
152 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد
ابن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا أول وافد
على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله و
أهل بيتي؟.
153 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن
شريك العامري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل على صلوات الله عليه رسول الله صلى الله عليه وآله عن
تفسير قوله عز وجل: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " قال: يا علي الوفد لا
يكون الا ركبانا، أولئك رجال اتقوا الله عز وجل فأحبهم، واختصهم ورضى أعمالهم،
فسماهم الله متقين، ثم قال: يا علي أما والذي فلق الحبة وبرئ النسمة انهم ليخرجون من
قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن، عليهم نعال
الذهب شراكها من لؤلؤ يتلألأ.
154 - وفى حديث آخر قال: إن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق الجنة،
عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت، وجلالها (1) الإستبرق والسندس و
خطامها جذل الأرجوان (2) وأزمتهم من زبرجد، فتطير بهم إلى المحشر، مع كل
رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله، يزفونهم (3) حتى ينتهوا بهم
إلى باب الجنة الأعظم، وعلى باب الجنة شجرة، الورقة منها يستظل تحتها مأة ألف

(1) جلال - ككتاب - جمع الجل وهو للدابة كالثوب للانسان تصان به.
(2) الجذل: أصل الشجر الخشبي والأرجوان: شجرة صغيرة الحجم من فصيلة القرنيات
زهرها وردى يظهر في مطلع الربيع قبل الأوراق
(3) زف العروس إلى زوجها: أهداها: قال المجلسي (ره) في مرأة العقول أي يذهبون
بهم على غاية الكرامة كما يزف العروس إلى زوجها.
359

من الناس، وعن يمين الشجرة عين مطهرة مكوكبة (1) قال: فيسقون منها شربة
فيطهر الله عز وجل قلوبهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر. وذلك قوله عز وجل:
" وسقاهم ربهم شرابا طهورا " من تلك العين المطهرة، ثم يرجعون إلى عين أخرى
عن يسار الشجرة فيغتسلون منها، وهي عين الحياة، فلا يموتون أبدا.
ثم قال: يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات والأسقام والحر والبرد،
قال فيقول الجبار جل ذكره للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائي إلى الجنة ولا
تقفوهم مع الخلائق، قد سبق رضائي عنهم ووجبت لهم رحمتي، فكيف أريد أن
أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات، فتسوقهم الملائكة إلى الجنة، فإذا انتهوا إلى
باب الجنة الأعظم ضربوا الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا (2) فيبلغ صوت صريرها
كل حوراء خلقها الله عز وجل وأعدها لأوليائه، فيتباشروا إذ سمعوا صوت صرير
الحلقة ويقول بعضهم لبعض: قد جاءنا أولياء الله فيفتح لهم الباب، فيدخلون الجنة و
يشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين، فيقلن: مرحبا بكم فما كان أشد
شوقنا إليكم، ويقول لهم أولياء الله مثل ذلك، فقال على صلوات الله عليه: من هؤلاء
يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي هؤلاء شيعتك المخلصون في ولايتك، و
أنت امامهم وهو قول الله عز وجل: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " على
الرحائل، " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ".
في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق
المدني عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن قول الله عز وجل: " يوم
نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " فقال: يا علي أن الوفد لا يكونون الا ركبانا، وذكر
نحو ما في تفسير علي بن إبراهيم إلى قوله: ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك.

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر وكتاب الروضة والمنقول عنهما في البحار " مزكية "
وهو الظاهر.
(2) صر صريرا: صوت وصاح شديدا.
360

155 - في محاسن البرقي عنه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن
عثمان وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا "
قال: يحشرون على النجائب.
156 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى عن
الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل:
لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمان عهدا قال: لا يشفع ولا يشفع لهم ولا
يشفعون: الا من اتخذ عند الرحمن عهدا " الا من أذن له بولاية أمير المؤمنين والأئمة من
بعده صلوات الله عليه وعليهم فهو العهد عند الله.
157 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن سليمان بن جعفر عن أبي عبد الله
عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يحسن وصيته عند موته
كان نقصا في مروته، قلت: يا رسول الله وكيف يوصى عند الموت؟ قال: إذا حضرته
الوفاة واجتمع الناس إليه قال: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن
الرحيم، انى أعهد إليك في دار الدنيا انى أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، و
ان محمدا عبدك ورسولك، وان الجنة حق وان النار حق وان البعث حق والحساب حق والقدر
والميزان حق، وان الدين كما وصفت وان السلام كما شرعت، وان القول كما حدثت وان
القرآن كما أنزلت، وانك أنت الله الحق المبين، جزى الله محمدا خير الجزاء وحيا الله
محمدا وآل محمد بالسلام، اللهم يا عدتي عند كربتي ويا صاحبي عند شدتي ويا وليي في
نعمتي: الهى واله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، فإنك ان تكلني إلى نفسي أقرب من
الشر وأبعد من الخير، فآنس في القبر وحشتي، واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا، ثم
يوصى بحاجته وتصديق هذه الوصية في سورة مريم عليها السلام في قوله عز وجل:
" لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا " فهذا عهد الميت والوصية حق على كل
مسلم أن يحفظ هذه الوصية ويتعلمها، وقال علي عليه السلام: علمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال:
علمنيها جبرئيل عليه السلام.
361

وفى الكافي وتهذيب الاحكام مثل هذه الوصية سواء.
158 - في جوامع الجامع وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله قال لأصحابه ذات يوم
أيعجز أحدكم ان يتخذ عند كل صباح ومساء عند الله عهدا؟ قالوا: وكيف ذاك؟ قال: يقول:
اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة انى أعهد إليك بأنى اشهد أن لا إله إلا أنت
وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وانك ان تكلني إلى نفسي تقربني من
الشر وتباعدني من الخير، وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم
القيمة، انك لاتخلف الميعاد، فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع ووضع تحت العرش، فإذا
كان يوم القيمة، نادى مناد: أين الذين لهم عند الله عهد؟ فيدخلون الجنة.
159 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن
عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: قوله:
" لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا " قال: الا من دان الله بولاية أمير -
المؤمنين والأئمة من بعده، فهو العهد عند الله.
160 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى
عن الحسن بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: قوله:
عز وجل: وقالوا اتخذ الرحمن ولدا قال هذا حيث قالت قريش: ان لله عز وجل
ولدا، وان الملائكة إناث، فقال الله تبارك وتعالى ردا عليهم: لقد جئتم شيئا إدا أي
عظيما تكاد السماوات يتفطرن منه يعنى مما قالوه ومما رموه به وتنشق الأرض وتخر
الجبال هدا مما قالوه ومما رموه به ان دعو للرحمن ولدا فقال الله تبارك وتعالى: وما ينبغي
للرحمن ان يتخذ ولدا ان كل من في السماوات والأرض الا آتي الرحمن عبدا لقد
أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيمة فردا واحدا واحدا.
161 - حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن
علي عليه السلام أنه قال: إن الشجر لم يزل حصيدا كله حتى دعى للرحمن ولد، عز الرحمن
وجل أن يكون له ولد، وكادت السماوات أن يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر
362

الجبال هدا، فعند ذلك اقشعر الشجر وصار له شوك حذارا أن ينزل به العذاب و
هذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
162 - وفى متصلا بقوله: واحدا واحدا، قلت: قوله عز وجل: ان الذين
آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا قال: ولاية أمير المؤمنين
عليه السلام هي الود الذي ذكره الله عز وجل. 163 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن
عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: قوله: " ان الذين
آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " قال: ولاية أمير المؤمنين هي الود
الذي قال الله.
164 - في تفسير العياشي عن عمار بن سويد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول في هذه الآية: " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك " وذكر حديثا طويلا وفى آخره:
ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام في آخر صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس
يقول: اللهم هب لعلى المودة في صدور المؤمنين، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين
فأنزل الله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فإنما يسرناه بلسانك
لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا " بنى أمية، فقال: ركع (1) والله لصاع من تمر
في شن بال (2) أحب لي مما سأل محمد ربه، أفلا سأله ملكا يعضده، أو كنزا يستظهر
به على فاقته؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها: " فلعك تارك بعض ما يوحى
إليك " الآية.
165 - في مجمع البيان " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم
الرحمن ودا " قيل فيه أقوال: أحدها انها خاصة في علي عليه السلام، فما من مؤمن الا وفى قلبه محبة
لعلى عليه السلام عن ابن عباس. وفى تفسير أبى حمزة الثمالي حدثني أبو جعفر الباقر عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى: قل اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي في قلوب

(1) كناية عن أحدهما وقد مر أيضا في سورة هود وفى المصدر " رمع " وهي كلمة مقلوبة.
(2) الشن. القربة الصغيرة.
363

المؤمنين ودا، فقالهما فنزلت هذه الآية وروى نحوه عن جابر بن عبد الله إلى قوله:
166 - ويؤيد القول الأول ما صح عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: لو ضربت
خيشوم (1) المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجملتها
على المنافق على أن يحبني ما أحبني، وذلك أنه قضى فانقضى على لسان النبي الأمي
صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق.
167 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات
سيجعل لهم الرحمن ودا " فإنه قال الصادق عليه السلام كان سبب نزول هذه الآية ان أمير المؤمنين
كان جالسا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: قل يا علي: اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين
ودا، فأنزل الله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " ثم خاطب الله
نبيه صلى الله عليه وآله فقال: فإنما يسرناه بلسانك يعنى القرآن لتبشر به المتقين وتنذر قوما لدا قال:
أصحاب الكلام والخصومة.
168 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان الذين
آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " هو على و " انما يسرناه بلسانك
لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا " قال: انما يسره الله على لس انه حين أقام أمير المؤمنين
عليه السلام علما فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه
" لدا " أي كفارا.
169 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الله بن موسى
عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: قوله
تبارك وتعالى: " فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا " قال:
انما يسره الله عز وجل على لسان نبينا صلى الله عليه وآله حين أقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه
علما فبشر به المؤمنين، وانذر به الكافرين، وهم الذين ذكرهم الله تعالى: " قوما
لدا " أي كفارا قلت: قوله عز وجل: وكم أهلكنا من قبلهم من قرن هل تحس
منهم من أحدا وتسمع لهم ركزا قال: أهلك الله عز وجل من الأمم ما لا تحصون
364

فقال: يا محمد " هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا " أي ذكرا والحمد لله.
170 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهم
عليهم السلام قال: فيما وعظ الله عز وجل به عيسى عليه السلام: وطئ رسوم منازل من قبلك و
ادعهم وناجهم هل تحس منهم من أحد، وخذ موعظتك منهم، واعلم أنك ستلحقهم
في اللاحقين.
365

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تدعوا قراءة سورة
طه فان الله يحبها ويحب من قرأها، ومن أدمن من قرائتها أعطاه الله يوم القيمة كتابه بيمينه
ولم يحاسبه بما عمل في الاسلام، وأعطى في الآخرة من الاجر حتى يرضى.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأها اعطى يوم
القيمة ثواب المهاجرين والأنصار.
3 - أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله تعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق
آدم بألفي عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لامة ينزل هذا عليها، وطوبى
لأجواف تحمل هذا، وطوبى لألسن تكلم بهذا.
4 - وعن الحسن قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لا يقرء أهل الجنة من القرآن
الا يس وطه.
5 - وقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان برفع إحدى رجليه في الصلاة ليزيد
تعبه، فأنزل الله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى فوضعها وروى ذلك عن
أبي عبد الله عليه السلام.
6 - في كتاب مقتل الحسين عليه السلام لأبي مخنف رحمه الله ان علي بن
الحسين عليهما السلام قال لمجمع بن يزيد لعنه الله: أنا ابن من أشرقت عليه شجرة طوبى
وأنا ابن من هو: " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ".
7 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن علي عن أبي بصير
عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى قام على
أصابع رجليه حتى تورم فأنزل الله تبارك وتعالى: " طه " بلغة طي يا محمد " ما أنزلنا عليك
366

القرآن لتشقى * الا تذكرة لمن يخشى ".
8 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: واما " طه " فاسم من أسماء النبي صلى الله عليه وآله، ومعناه: يا
طالب الحق الهادي إليه " ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " بل لتسعد.
9 - في أصول الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهب
ابن حفص عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند عايشة
ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
فقال: يا عايشة ألا أكون عبدا شكورا؟ قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم على
أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه: " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ".
10 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن
أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولقد قام رسول الله
صلى الله عليه وآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه، يقوم الليل أجمع
حتى عوتب في ذلك، فقال الله عز وجل: " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " بل لتسعد به
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
11 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى ابن عباس قال: كنا جلوسا
مع النبي صلى الله عليه وآله إذ هبط الأمين جبرئيل عليه السلام، ومعه جام من البلور الأحمر مملو
مسكا وعنبرا، وكان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب وولده الحسن و
الحسين عليهم السلام، فقال له: السلام عليك، الله يقرء عليك السلام ويحييك بعده التحية،
ويأمرك ان تحيى عليا وولديه، قال ابن عباس: فلما صارت في كف رسول الله صلى الله عليه وآله
هلل ثلاثا وكبر ثلاثا، ثم قال بلسان ذرب (1) طلق يعنى الجام: " بسم الله الرحمن
الرحيم طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " والحديث طويل آخذنا منه هذه الكرامة.
12 - في كتاب التوحيد عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه قال السائل:

(1) لسان ذرب: فصيح
367

فقوله: الرحمن على العرش استوى قال أبو عبد الله عليه السلام: بذلك وصف نفسه وكذلك
هو مستول على العرش، أبا ين من خلقه من غير أن يكون العرش حاملا له، ولا أن
يكون العرش حاويا له، ولا أن يكون العرش ممتازا له، ولكنا نقول: هو حامل
العرش وممسك العرش، ونقول من ذلك ما قال: " وسع كرسيه السماوات والأرض "
فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته، ونفينا أن يكون العرش أو الكرسي حاويا وأن
يكون عز وجل محتاجا إلى مكان أو إلى شئ مما خلق، بل خلقه محتاجون إليه.
13 - وفيه خطبة عجيبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها: والمستوى على
العرش بلا زوال.
14 - وفيه عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يذكر فيه عظمة الله جل جلاله يقول
فيه صلى الله عليه وآله بعد ان ذكر الأرضين السبع، ثم السماوات السبع، والبحر المكفوف،
وجبال البرد، وحجب النور والهواء الذي تحار فيه القلوب: هذه السبع والبحر
المكفوف، وجبال البر والهواء والحجب والكرسي عند العرش كحلقة في فلاة
في (1) ثم تلا هذه الآية: " الرحمن على العرش استوى " ما تحمله الاملاك الا بقول
لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة الا بالله، وفى روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن
محمد بن عبد الرحمن بن أبي نجران عن صفوان عن خلف بن حماد عن الحسين بن
زيد الهاشم عن أبي عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله مثله إلى قوله: استوى.
15 - في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن مازن ان أبا عبد الله عليه السلام سئل عن
قول الله عز وجل: " الرحمن على العرش استوى " فقال استوى من كل شئ فليس شئ
أقرب إليه من شئ، وفى تفسير علي بن إبراهيم مثله.
16 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن عن صفوان
ابن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:
" الرحمن على العرش استوى " فقال: استوى من كل شئ. فليس شئ أقرب إليه

(1) القى - بكسر القاف -: قفر الأرض والخلاء.
368

من شئ، لم يبعد منه بعيد ولم يقرب منه قريب، استوى من كل شئ وفى الكافي
مثله سواء.
17 - وباسناده إلى زادان عن سلمان الفارسي حديث طويل يذكر فيه قدوم
الجاثليق المدينة مع مأة من النصارى بعد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم
يجبه عنها، ثم أرشد إلى أمير المؤمنين عليه السالم فسأله عنها فاجابه، فكان فيما سأله أن قال
له: أخبرني عن ربك أيحمل أو يتحمل؟ فقال علي عليه السلام: ان ربنا جل جلاله يحمل
ولا يحمل قال النصراني: وكيف ذلك ونحن نجد في الإنجيل: " ويحمل عرش
ربك فوقهم يومئذ ثمانية " فقال علي عليه السلام: ان الملائكة تحمل العرش وليس العرش
كما تظن كهيئة السرير، ولكنه شئ محدود مخلوق مدبر وربك عز وجل مالكه،
لا أنه عليه ككون الشئ على الشئ، وأمر الملائكة بحمله، فهم يحملون العرش بما
أقدرهم عليه، قال النصراني: صدقت يرحمك الله.
18 - وباسناده إلى الحسن بن موسى الحشاب عن بعض رجاله رفعه عن أبي عبد الله
عليه السلام انه سئل عن قول الله عز وجل: " الرحمن على العرش استوى " فقال: استوى
من كل شئ، فليس شئ أقرب إليه من شئ.
19 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زعم أن الله عز وجل من
شئ أوفى شئ أو على شئ فقد كفر، قلت: فسر لي: قال: أعنى بالحواية من
الشئ له أو بامساكه له أو من شئ سبقه.
20 - وفى رواية أخرى قال: من زعم أن الله من شئ فقد جعله محدثا، ومن زعم أن
الله في شئ فقد جعله محصورا، ومن زعم أنه على شئ فقد جعله محمولا.
21 - وباسناده إلى مقاتل بن سليمان قال: سألت جعفر بن محمد عليه السلام عن قول الله
عز وجل: " الرحمن على العرش استوى " فقال استوى من كل شئ فليس شئ
أقرب إليه من شئ.
22 - وباسناده إلى الحسن بن محبوب عن حماد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
369

كذب من زعم أن الله عز وجل من شئ أو في شئ أو على شئ.
23 - وباسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من زعم أن الله من شئ ان في شئ أو على شئ فقد أشرك، ثم قال: من زعم أن الله من شئ
فقد جعله محدثا، ومن زعم أنه في شئ فقد زعم أنه محصورا، ومن زعم أنه على
شئ فقد جعله محمولا.
24 - وباسناده إلى حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العرش
والكرسي فقال: ان للعرش صفات كثيرة مختلفة، له في كل سبب وضع في القرآن
صفة على حدة، فقوله: " رب العرش العظيم " يقول: الملك العظيم، وقوله:
" الرحمن على العرش استوى " يقول: على الملك احتوى، وهذا ملك الكيفوفية في
الأشياء، ثم العرش في الوصل منفرد من الكرسي لأنهما بابان من أكبر أبواب
الغيوب، وهما جميعا غيبان، وهما في الغيب مقرونان، لان الكرسي هو الباب
الظاهر من الغيب الذي منه يطلع البدع، ومنه الأشياء كلها، والعرش هو الباب
الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية، وصفة الإرادة و
علم الألفاظ والحركات، والترك وعلم العود والبدا، فهما في العلم بابان مقرونان، لان
ملك العرش سوى ملك الكرسي، وعلمه أغيب من علم الكرسي، فمن ذلك قال: " رب
العرش العظيم " أي صفته أعظم من صفة الكرسي، وهما في ذلك مقرونان.
25 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده
الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فسألوه عن أشياء فكان فيما سألوه عنه ان قال له أحدهم: لم صار البيت المعمور
مربعا؟ قال: لأنه بحذاء العرش، فقيل له: ولم صار العرش مربعا؟ قال لان الكلمات
التي بنى عليها أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
26 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه قوله: " الرحمن على العرش استوى " يعنى استوى تدبيره وعلا أمره.
370

27 - وعن الحسن بن راشد قال: سئل أبو الحسن موسى عليه السلام عن قول الله:
" الرحمن على العرش استوى " فقال: استولى على ما دق وجل.
28 - في أصول الكافي خطبة مروية عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيها: والمستوى
على العرش بغير زوال.
29 - في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه السلام عن الواحد إلى المأة
قال له اليهودي: فربك يحمل أو يحمل؟ قال: إن ربى يحمل كل شئ بقدرته، ولا
يحمله شئ، قال: فيكف قوله عز وجل: " ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية "؟
قال: يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى
فكل شئ على الثرى والثرى على القدرة، والقدرة تحمل كل شئ.
30 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وآله يذكر فيه عظمة الله جل
جلاله وفيه يقول عليه السلام بعد ان ذكر الأرضين السبع وما فيهن وما عليهن: والسبع ومن فيهن و
من عليهن، على ظهر الديك كحلقة في فلاة في، والديك له جناح بالمشرق وجناح
بالمغرب، ورجلاه بالتخوم والسبع، والديك فمن فيه ومن عليه على الصخرة
كحلقة في فلاة في، والسبع والديك والصخرة بمن فيها ومن عليها على ظهر الحوت
كحلقة في فلاة في، والسبع والديك والصخرة والحوت عند البحر المظلم كحلقة في
فلاة، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم عند الهواء كحلقة في فلاة
في، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء عند الثرى كحلقة
في فلاة في، ثم تلا هذه الآية: له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت
الثرى ثم انقطع الخبر.
في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي -
نجران عن صفوان عن خلق بن حماد عن الحسين بن زيد الهاشمي عن أبي عبد الله (ع)
عن النبي صلى الله عليه وآله مثله.
31 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى محمد بن يعقوب عن علي بن محمد
باسناده رفعه قال: قال علي عليه السلام ليهودي وقد سأله عن مسائل: اما قرار هذه الأرض
371

لا يكون الا على عاتق ملك، وقدما ذلك الملك على صخرة، والصخرة على قرن ثور
والثور قوائمه على ظهر الحوت، والحوت في اليم الأسفل، واليم على الظلمة، والظلمة
على العقيم، والعقيم على الثرى، وما يعلم ما تحت الثرى الا الله تعالى، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
32 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن مهزيار عن العلاء المكفوف
عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال: سئل عن الأرض على أي شئ هي؟ قال:
على الحوت، قيل له: فالحوت على أي شئ هو؟ قال: على الماء، فقيل له: الماء
على أي شئ هو؟ قال: على الثرى قيل له: فالثرى على أي شئ هو؟ قال: عند ذلك
انقضى علم العلماء.
33 - محمد بن أبي عبد الله عن سهل عن الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن
أبان بن تغلب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأرض على أي شئ هي؟ قال: على الحوت: قلت:
فالحوت على أي شئ هو؟ قال: على الماء، قلت: فالماء على أي شئ هو؟ قال: على الصخرة،
قلت: فعلى أي شئ الصخرة؟ قال: على قرن ثور أملس، قلت فعلى أي شئ الثور؟
قال: على الثرى؟ قلت: فعلى أي شئ الثرى؟ قال: هيهات هيهات عند ذلك ضل علم العلماء.
في روضة الكافي محمد بن أحمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن
أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.
34 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد وعبد الله بن عامر عن محمد بن سنان عن
محمد الجعفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وقد ذكر أئمة الهدى عليهم السلام -: جعلهم
الله أركان الأرض أن تميد بأهلها، والحجة البالغة على من في الأرض ومن تحت الثرى.
35 - في أصول الكافي باسناده إلى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يذكر فيه الأئمة عليهم السلام وفيه: جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها،
وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.
36 - وباسناده إلى سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يذكر فيه
حال الأئمة عليهم السلام وفيه: جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم، والحجة البالغة
372

على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.
37 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه
قال: حدثني عمى محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي قال: حدثني موسى بن
سعدان الحناط عن عبد الله بن القاسم عن عبد الله بن مسكان عن محمد بن مسلم قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: يعلم السر وأخفى قال: السر ما أكننته
(1) في نفسك وأخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته.
38 - في مجمع البيان وروى عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام:
السر ما أخفيته في نفسك، وأخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته.
39 - له الأسماء الحسنى روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن لله سبحانه تسعة
وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة.
40 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: آتيكم منها بقبس يقول: آتيكم بقبس من النار تصطلون من البرد أو أجد
على النار هدى كان قد أخطأ الطريق يقول: أو أجد على النار طريقا.
41 - وفيه وقوله عز وجل: فاخلع نعليك قال: كانتا من جلد حمار ميت.
42 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمي
عن الحجة القائم عليه السلام حديث طويل وفيه: قلت فأخبرني يا بن رسول الله عن أمر الله
لنبيه موسى: " فاخلع نعليك انك بالواد المقدس " فان فقهاء الفريقين يزعمون أنها
كانت من إهاب الميتة؟ قال صلوات الله عليه: من قال ذلك فقد افترى على موسى
عليه السلام، واستجهله في نبوته، لأنه ما خلا الامر فيها من خطيئتين: اما أن تكون صلاة
موسى فيها جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسها في تلك
البقعة إذا لم تكن مقدسة، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من
الصلاة، وإن كانت صلاته غير جائزة فيها فقد أوجب على موسى عليه السلام انه لم يعرف

(1) وفى نسخة " ما أسكنته " مكان " أكننته ".
373

الحلال من الحرام، وعلم ما جاز فيه الصلاة وما لم يجز وهذا كفر، قلت: فأخبرني
يا مولاي عن التأويل فيها، قال صلوات الله عليه: ان موسى ناجى ربه بالواد المقدس
فقال: يا رب انى قد أخلصت لك المحبة منى، وغسلت قلبي عمن سواك، وكان شديد -
الحب لأهله، فقال الله تعالى: " اخلع نعليك " أي انزع حب أهلك من قلبك إن كانت
محبتك لي خالصة، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسول.
43 - وروى أنه أمر بخلعهما لأنهما كانا من جلد حمار ميت.
44 - وروى في قوله عز وجل: " فاخلع نعليك " أي خوفيك: خوفك من
ضياع أهلك، وخوفك من فرعون، (1)
45 - وروى عن الصادق عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: كن لما لا ترجو أرجى
منك لما ترجو، فان موسى بن عمران خرج ليقبس لأهله نارا، فرجع إليهم وهو رسول نبي.
46 - في مجمع البيان وقال الصادق عليه السلام حدثني أبي عن جدي عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فان موسى بن عمران خرج يقتبس
لأهله نارا، فكلمه الله عز وجل فرجع نبيا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
47 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أخبرني عن الوادي المقدس؟ فقال: لأنه قدست فيه الأرواح
واصطفيت فيه الملائكة، وكلم الله عز وجل موسى تكليما، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
48 - في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل:
" فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى " قال: كانتا من جلد حمار ميت.
49 - في الخرائج والجرائح قال علي بن أبي حمزة: كنت مع موسى عليه السلام
بمنى ثم مضى إلى دار بمكة فأتيته وقد صلى المغرب، فدخلت عليه فقال: " اخلع نعليك

(1) " روى في كتاب العلل هذين الحديثين أعني: كونهما من جلد حمار ميت، وقوله:
أي خوفيك إلى آخره مسندين عن الصادق عليه السلام الا انه في كتاب العلل: يعنى ارفع خوفيك
يعنى خوفه من ضياع أهله فقد خلفها بمخض، وخوفه من فرعون - منه (ره) " (عن هامش بعض النسخ)
374

انك بالواد المقدس " فخلعت نعلي وجلست معه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
50 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد ومحمد
ابن خالد جميعا عن القاسم بن عروة عن عبيد بن زرارة عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال:
إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك كنت
من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك، فان الله عز وجل: يقول: أقم الصلاة لذكرى
وان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها،
فصلها ثم أقم الأخرى.
51 - في مجمع البيان وقيل: معناه أقم الصلاة متى ذكرت ان عليك صلاة
كنت في وقتها أم لم تكن عن أكثر المفسرين وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام ويعضده
ما رواه انس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها غير
ذلك، وقرأ: أقم الصلاة لذكرى رواه مسلم في الصحيح.
52 - في تفسير علي بن إبراهيم " وأقم الصلاة لذكرى " قال: إذا نسيتها
ثم ذكرتها فصلها.
53 - وفيه وقال علي بن إبراهيم في قوله: ان الساعة آتية كاد أخفيها قال:
من نفسي، هكذا نزلت، قلت: كيف يخفيها من نفسه؟ قال: جعلها من غير وقت.
54 - في مجمع البيان وروى عن ابن عباس " أكاد أخفيها من نفسي " وهي
كذلك في قراءة أبى وروى ذلك عن الصادق عليه السلام.
55 - في جوامع الجامع وفى مصحف أبى " أكاد أخفيها من نفسي " وروى ذلك
عن الصادق عليه السلام.
56 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى جابر الجعفي عن الباقر عليه السلام
قال: وقال الله عز وجل: في قصة موسى عليه السلام " ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من
غير سوء " يعنى من غير مرض والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وذكرناه هنا
وإن كانت آية القصص لتفسير من غير سوء وسنذكرها فيها انشاء الله تعالى.
375

57 - في جوامع الجامع روى أنه كان عليه السلام ادم، فأخرج يده من مدرعته بيضاء
لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر.
58 - في مجمع البيان عن ابن عباس عن أبي ذر الغفاري قال: صليت مع رسول الله
صلى الله عليه وآله يوما من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد فرفع السائل
يده إلى السماء وقال: اللهم إني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئا، و
كان علي عليه السلام راكعا فأومى بخنصره اليمنى إليه، وكان يتختم فيها، فأقبل السائل
حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي صلى الله عليه وآله، فلما فرغ النبي من صلاته رفع
رأسه إلى السماء وقال: اللهم ان أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري و
يسر لي أمرى واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي وجعل لي وزيرا من أهلي هارون اخى اشدد به ازرى وأشركه في أمرى فأنزلت عليه قرآنا ناطقا: سنشد عضدك
بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك
اللهم فاشرح صدري، ويسر لي أمرى، واجعل لي وزيرا من أهلي، عليا اشدد به
ظهري، قال أبو ذر: فوالله ما استتم رسول الله صلى الله عليه وآله الكلمة حتى نزل عليه جبرئيل من
عند الله، فقال: يا محمد اقرأ، قال: وما اقرأ؟ قال: اقرأ: " انما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " الآية.
59 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى جعفر بن محمد عن أبيه عليهما -
السلام قال: وقف النبي صلى الله عليه وآله بمعرج ثم قال: اللهم ان عبدك دعاك فاستجبت له،
وألقيت عليه محبة منك، وطلب منك أن تشرح له صدره وتيسر له أمره وتجعل له وزيرا
من أهله وتحل العقدة من لسانه، وأنا أسألك بما سألك به عبدك موسى ان تشرح به
صدري وتيسر لي أمرى، وتجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي.
60 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم قال:
قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: الحسن أفضل أم الحسين؟ فقال:
الحسن أفضل من الحسين. قلت: فكيف صارت الإمامة من بعد الحسين في عقبه
376

دون ولد الحسن؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى لم يرد بذلك الا أن يجعل سنة موسى و
هارون جارية في الحسن والحسين عليهما السلام، ألا ترى انهما كانا شريكين في
النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الإمامة وان الله عز وجل جعل النبوة في
ولد هارون ولم تجعلها في ولد موسى، وإن كان موسى أفضل من هارون عليهما السلام.
في جوامع الجامع وعن ابن عباس كان في لسان موسى عليه السلام رتة (1) لما روى
من حديث الجمرة.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن
رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: وكان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل
كلما يلدون ويربى موسى ويكرمه، ولا يعلم أن هلاكه على يده، فلما درج موسى
كان يوما عند فرعون فعطس موسى فقال: الحمد لله رب العالمين فأنكر فرعون
ذلك عليه وقال: ما هذا الذي تقول؟ فوثب موسى على لحيته وكان طويل اللحية،
فهلبها أي قلعها فألمه ألما شديدا، فهم فرعون بقتله فقالت له امرأته: هذا غلام حدث
لا يدرى ما يقول وقد لطمته بلطمتك إياه، فقال فرعون: بل يدرى، فقالت له: ضع
بين يديه تمرا وجمرا فان ميز بينهما فهو الذي تقول، فوضع بين يديه تمرا وجمرا
وقال له: كل، فمد يده إلى التمر فجاء جبرئيل عليه السلام فصرفها إلى الجمر فأخذ الجمر
في فيه فاحترق لسانه وصاح وبكى، فقالت آسية لفرعون: ألم أقل لك انه لم يعقل
فعفى عنه.
قال الراوي: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: وكان هارون أخا موسى للام وأبيه؟ قال:
نعم، أما تسمع قول الله تعالى: " يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي "؟ فقلت: فأيهما
كان أكبر سنا؟ قال: هارون، قلت: وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: كان
الوحي ينزل على موسى وموسى يوحيه إلى هارون. فقلت له: أخبرني عن الاحكام

(1) الرتة بالضم -: العقدة في اللسان والعجمة في الكلام، وقيل: الرتة كالريح
تمنع منه أول الكلام فإذا جاء منه انصل.
377

والقضايا والامر والنهى كان ذلك إليهما؟ قال: كان الذي يناجى ربه ويكتب العلم
ويقضى بين بني إسرائيل موسى، وهارون يخلفه إذا غاب من قومه للمناجاة، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وستقف عليه بتمامه في القصص انشاء الله تعالى.
62 - في ارشاد المفيد رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وآله لما أراد الخروج إلى غزوة
تبوك استخلف أمير المؤمنين عليه السلام في أهله وولده وأزواجه ومهاجره فقال له: يا علي
ان المدينة لا تصلح الا بي أو بك، فحسده أهل النفاق وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروج
النبي صلى الله عليه وآله، وعلموا أنها تتحرس به ولا يكون للعدو فيها مطمع، فساءهم ذلك لما
يرجونه من وقوع الفساد الاختلاف عند خروج النبي صلى الله عليه وآله عنها فأرجفوا به (ع)
وقالوا: لم يستخلفه رسول الله اكراما له ولا اجلالا ومودة وانما استخلفه استثقالا له،
فلما بلغ أمير المؤمنين (ع) ارجاف المنافقين به أراد تكذيبهم وفضيحتهم، فلحق بالنبي
صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ان المنافقين يزعمون انك انما خلفتني استثقالا ومقتا فقال
رسول الله: ارجع يا أخي إلى مكانك فان المدينة لا تصلح الا بي أو بك فأنت
خليفتي في أهلي ودار هجرتي وقومي، أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من
موسى الا أنه لا نبي بعدى؟.
63 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن
رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما حملت به أمه لم يظهر حملها الا عند
وضعها له، وكان فرعون قد وكل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظوهن وذلك
لما كان بلغه عن بني إسرائيل انهم يقولون: انه يولد فينا رجل يقال له: موسى بن
عمران، يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده، فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن
ذكور أولادهم حتى لا يكون ما يريدون، وفرق بين الرجال والنساء وحبس الرجال
في المحابس، فلما وضعت أم موسى بموسى عليه السلام نظرت إليه وحزنت عليه واغتمت و
بكت، وقالت: تذبح الساعة، فعطف الله الموكلة بها عليه، فقالت لام موسى: ما لك
قد اصفر لونك؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدى، فقالت: لا تخافي وكان موسى لا يراه
378

أحد الا أحبه، وهو قول الله: وألقيت عليك محبة منى فأحبته القبطية الموكلة بها.
64 - في تفسير العياشي عن المفضل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله
" فالق الحب والنوى " قال: الحب المؤمن، وذلك قوله: وألقيت عليك محبة
منى والنوى: الكافر الذي نأى عن الحق فلم يقبله.
65 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى موسى بن جعفر عن أبيه
عن آبائه عن الحسن بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال
لأمير المؤمنين عليه السلام: فلقد ألقى الله على موسى عليه السلام محبة منه؟ قال له علي عليه السلام: لقد
كان كذلك ولقد أعطى الله محمدا ما هو أفضل منه، لقد ألقى الله عز وجل عليه محبة منه
فمن هذا الذي يشركه في هذا الاسم إذ تم من الله عز وجل به الشهادة، فلا تتم الشهادة الا أن
يقال: أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد ان محمدا رسول الله، ينادى به على المنابر فلا يرفع
صوت بذكر الله عز وجل الا رفع بذكر محمد عليه السلام معه.
66 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: الموكلة بها: وأنزل الله على أم
موسى التابوت ونوديت أمه: ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليم وهو البحر، ولا تخافي
ولا تحزني انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين فوضعته في التابوت وأطبقته عليه و
ألقته في النيل، وكان لفرعون قصور على شط النيل منزهات، فنظر من قصره ومعه آسية
امرأته إلى سواد في النيل ترفعه الأمواج والرياح تضربه حتى جاءت به إلى باب قصر فرعون
فأمر فرعون بأخذه، فأخذ التابوت ورفع إليه، فلما فتحه وجد فيه صبيا فقال: هذا إسرائيلي
فألقى الله عز وجل في قلب فرعون لموسى محبة شديدة وكذلك في قلب آسية، وأراد
فرعون أن يقتله، فقالت آسية: لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون أنه
موسى ولم يكن لفرعون ولد فقال: أعطوه امرأة تربيه، فجاؤوا بعدة من نساء قد قتل أولادهن
فلم يشرب لبن أحد من النساء إلى قوله عليه السلام: فلما لم يفعل موسى يأخذ ثدي أحد من
النساء اغتم فرعون غما شديدا، فقالت أخته: " هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم و
هم له ناصحون "؟ فقال: نعم، فجائت بأمه فلما أخذته في حجرها وألقمته ثديها إلتقمته
379

وشرب، ففرح فرعون وأهله وأكرموا أمه، فقالوا لها: ربيه لنا ولك من الكرامة ما
تختارين، والى قوله: قال الراوي: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فكم مكث موسى
غايبا من أمه حتى رده الله عليها؟ قال: ثلاثة أيام.
67 - في مجمع البيان وقتلت نفسا فنجيناك من الغم قال: كان قتل
قبطيا كافرا، عن ابن عباس وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: رحم الله أخي موسى قتل
رجلا خطئا وكان ابن اثنتي عشرة سنة.
قال من عز من قائل: فلبثت سنين في أهل مدين.
68 - في تفسير علي بن إبراهيم عند قوله: " أيما الأجلين قضيت فلا عدوان
على " قال: قلت للصادق عليه السلام: أي الأجلين قضى؟ قال: أتمها عشر حجج.
69 - في كتاب علل الشرايع حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان
النيسابوري رضي الله عنه عن عمه أبي عبد الله محمد بن شاذان قال: حدثنا الفضل بن شاذان عن
محمد بن أبي عمير قال: قلت: لموسى بن جعفر عليه السلام: أخبرني عن قول الله عز وجل لموسى:
اذهبا إلى فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى فقال: اما قوله:
" فقولا له قولا لينا " أي كنياه وقولا له يا أبا مصعب، وكان كنية فرعون أبا مصعب الوليد بن
مصعب، اما قوله: " لعله يتذكر أو يخشى " فإنما قال ليكون أحرص لموسى على الذهاب
وقد علم الله عز وجل ان فرعون لا يتذكر ولا يخشى الا عند رؤية البأس، ألا تسمع الله
عز وجل يقول: " حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل
وأنا من المسلمين " فلم يقبل الله ايمانه وقال: " الآن وقد عصيت قبل وكنت
من المفسدين ".
70 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة
قال: حدثني رجل من ولد عدى بن حاتم عن أبيه عن جده عدى بن حاتم وكان مع
أمير المؤمنين عليه السلام في بعض حروبه ان عليا عليه السلام قال ليلة الهرير بصفين حين التقى مع
معاوية رافعا صوته يسمع أصحابه: لأقتلن معاوية وأصحابه، ثم قال في آخر قوله: ان
380

شاء الله يخفض به صوته وكنت منه قريبا فقلت: يا أمير المؤمنين انك حلفت على ما قلت
ثم استثنيت فما أردت بذلك؟ فقال: ان الحرب خدعة وانا عند أصحابي صدوق، فأردت
ان أطمع أصحابي في قولي كيلا يفشلوا ولا يفروا فافهم، فإنك تنفع بهذا بعد اليوم
إن شاء الله تعالى.
71 - في الكافي مثل ما نقلنا عن تفسير علي بن إبراهيم من حديث هارون بن
مسلم وفى آخره بعد قوله: إن شاء الله تعالى: واعلم أن الله جل ثناؤه قال لموسى عليه السلام
حين أرسله إلى فرعون " فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " وقد علم أنه لا يتذكر
ولا يخشى، ولكن ليكون ذلك أحرص لموسى عليه السلام على الذهاب.
72 - في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال:
كتب أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام إلى يحيى بن عبد الله بن الحسن: اما بعد فانى
أحذرك ونفسي وأعدك أليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته وأوصيك ونفسي
بتقوى الله فإنها زين الكلام، وتثبيت النعم إلى قوله: أحذرك معصية الخليفة واحثك على
بره وطاعته، وان تطلب لنفسك أمانا قبل أن تأخذك الأظفار ويلزمك الخناق من كل
مكان، فتروح إلى النفس من كل مكان، ولا تجده حتى يمن الله عليك بمنه وفضله
ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك، ويحفظ فيك أرحام رسول الله صلى الله عليه وآله والسلام
على من اتبع الهدى انا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى.
73 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
سيف بن عميرة عن إبراهيم بن ميمون عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن قول الله عز وجل: أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال: ليس شئ من خلق
الله الا وهو يعرف من شكله الذكر من الأنثى قلت: ما يعنى ثم هدى؟ قال: هداه للنكاح
والسفاح من شكله.
74 - في أصول الكافي عنه (1) عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن

(1) " قبله عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى. مناره "
(عن هامش بعض النسخ).
381

سليمان بن عمرو النخعي قال: وحدثني الحسين بن سيف عن أخيه على عن سليمان عمن
ذكره عن أبي جعفر عليه السلام ثم قال: وباسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله: أن
خياركم أولوا النهى قيل: يا رسول الله ومن أولوا النهى؟ قال: هم أولوا الأخلاق
- الحسنة والأحلام الرزينة (1) وصلة الأرحام، والبررة بالأمهات والاباء، والمعاهدين
للفقراء والجيران، ويطعمون الطعام، ويفشون السلام في العالم، ويصلون والناس
نيام غافلون.
75 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن
رئاب عن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: ان في ذلك
لايات لأولي النهى قال: نحن والله أولوا النهى قلت: ما معنى أولى النهى؟ قال: ما
أخبر الله به رسول الله مما يكون بعده من ادعاء أبى فلان الخلافة والقيام بها، والاخر
من بعده، والثالث من بعدهما، وبنى أمية، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وكان كما أخبر
الله به نبيه وكما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وكما انتهى إلينا من على فيما يكون من
بعده من الملك في بنى أمية وغيرهم، فهذه الآية التي ذكرها الله في الكتاب: " ان في
ذلك لايات لأولي النهى " الذي انتهى إلينا علم ذلك كله، فصبرنا لأمر الله عز وجل،
فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه، نخزنه ونستره ونكتم به من عدونا كما
كتم رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أذن الله له في الهجرة، وجاهد المشركين فنحن على منهاج
رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يأذن لنا في اظهار دينه بالسيف، وندعوا الناس إليه فنصيرهم
عليه عودا كما صيرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بدوا.
76 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الرحمن بن حماد قال: سألت
أبا إبراهيم عليه السلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابة؟ قال: إن الله تبارك وتعالى أعلى و
أخلص من أن يبعث الأشياء بيده، ان الله تبارك وتعالى ملكين خلاقين فإذا أراد أن
يخلق خلقا أمر أولئك الخلاقين، فأخذوا من التربة التي قال الله عز وجل في كتابه:

(1) الرزينة: الأصيلة.
382

منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى فعجنوها بالنطفة
المسكنة في الرحم، فإذا عجنت النطفة بالتربة قالا: يا رب ما نخلق؟ قال: فيوحى الله
تبارك وتعالى ما يريد من ذلك: ذكرا أو أنثى مؤمنا أو كافرا، اسود أو أبيض.
شقيا أو سعيدا، فان مات سالت منه تلك النطفة بعينها لا غيرها، فمن ثم صار الميت
يغسل غسل الجنابة.
77 - وباسناده إلى أبى عبد الله القزويني قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي
عليهما السلام لأي علة يولد الانسان هيهنا ويموت في موضع آخر؟ قال: لان الله
تبارك وتعالى لما خلق خلقه خلقهم من أديم الأرض فمرجع كل انسان إلى تربته.
78 - وباسناده إلى أحمد بن علي الراهب قال: قال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام:
يا ابن عم خير خلق الله ما يعنى السجدة الأولى؟ فقال: تأويله: اللهم أنك منها خلقتني
يعنى من الأرض، ورفع رأسك ومنها أخرجتنا، والسجدة الثانية واليها تعيدنا ورفع
رأسك من الثانية ومنها تخرجنا تارة أخرى.
79 - في الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن
سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد الله عن أبي جعفر عليهما السلام قال: إن الله
عز وجل خلق خلاقين، فإذا أراد أن يخلق خلقا أمرهم فأخذوا من التربة التي قال
في كتابه: " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " فعجن النطفة
بتلك التربة التي يخلق منها بعد ان أسكنها الرحم أربعين ليلة، فإذا تمت له أربعة
أشهر قالوا: يا رب نخلق ماذا؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر أو أنثى أبيض أو أسود،
فإذا خرجت الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه كائنا ما كان، صغيرا
أو كبيرا ذكرا أو أنثى، فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
80 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن محمد
ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: من خلق من تربة دفن فيها.
383

81 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجال عن ابن بكير عن أبي -
منهال عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن النطفة إذا وقعت
في الرحم بعث الله عز وجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها، فماثها في النطفة
فلا يزال قلبه يحن إليها (1) حتى يدفن فيها.
82 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: لم يوجس موسى خيفة على نفسه أشفق من
غلبة الجهال ودول الضلال.
83 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وعن معمر بن راشد قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان موسى عليه السلام لما القى عصاه وأوجس في نفسه
خيفة قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما امنتني قال الله عز وجل: لا تخف
انك أنت الاعلى والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال عز من قائل: فأولئك لهم الدرجات العلى
84 - في أصول الكافي عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله
تعالى: " أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواهم جهنم وبئس المصير
هم درجات عند الله " فقال: الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة، وهم والله يا عمار درجات
المؤمنين، وبولايتهم ومعرفتهم إيانا يضاعف لهم أعمالهم، ويرفع الله لهم الدرجات
العلى. في تفسير العياشي عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام نحوه.
85 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن
أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال
لأمير المؤمنين عليه السلام في أثناء كلام طويل: فان موسى عليه السلام قد ضرب له في البحر طريق
فهل فعل لمحمد شئ من هذا؟ فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى
ما هو أفضل من هذا، خرجنا معه إلى حنين فإذا نحن بواد يشخب (2) فقدرناه فإذا هو

(1) ماث الشئ بالشئ: خلطه - وحن إليه: اشتاق.
(2) أي يسيل.
384

أربع عشرة قائمة فقالوا يا رسول الله العدو من ورائنا والوادي امامنا كما قال أصحاب موسى
" انا لمدركون " فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: اللهم انك جعلت لكل مرسل دلالة
فأرني قدرتك وركب صلوات الله عليه فرسه، فعبرت الخيل لا تندى (1) حوافرها
والإبل لا تندى أخفافها، فرجعنا فكان فتحنا (2)
86 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام علي بن عروة الأهوازي قال: حدثنا
الديلمي عن داود الرقي عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: من كان في سفر فخاف
اللصوص والسبع فليكتب على عرف دابته (3) لا تخاف دركا ولا تخشى فإنه يأمن بإذن الله
عز وجل، قال داود الرقي: فحججت فلما كنا بالبادية جاء قوم من الاعراب
فقطعوا على القافلة وأنا فيهم، فكتبت على عرف حملي: " لا تخاف دركا ولا تخشى "
فوالذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة وخصه بالرسالة، وشرف أمير المؤمنين بالإمامة، ما
نازعني أحد منهم، أعماهم الله عنى.
87 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير الكلبي محمد
عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان جبرئيل قال لرسول الله صلى الله عليه وآله ونقل حديثا
طويلا في حال فرعون وقومه وفيه وانما قال لقومه: " أنا ربكم الاعلى " حين انتهى
فرآه قد يبست فيه الطريق، فقال لقومه: ترون البحر قد يبس من فرقى فصدقوه لما
رأوا ذلك، فذلك قوله: وأضل فرعون قومه وما هدى.
88 - في بصائر الدرجات عبد الله بن محمد عن موسى بن القاسم عن جعفر بن
محمد عن سماعة عن بن عبد الله بن مسكان عن الحكم بن الصلت عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: خذوا بحجزة هذا الأنزع يعنى عليا فإنه الصديق الأكبر، وهو
الفاروق يفرق بين الحق والباطل، من أحبه هداه الله، ومن أبغضه أضله الله، ومن

(1) إلى لا تبتل.
(2) وفى البحار " فكان فتحنا فتحا ".
(3) العرف - بالضم - الشعر النابت في محدب رقبة الفرس.
385

تخلف عنه محقه الله، منه سبطاي السحن والحسين وهما ابناي، ومن الحسين الأئمة
الهداة، أعطاهم الله فهمي، وعلمي، فأحبوهم وتولوهم ولا تتخذوا وليجة من
دونهم، فيحل عليكم غضب من ربكم، ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى، وما
الحياة الدنيا الا متاع الغرور.
89 - في كتاب التوحيد باسناده إلى حمزة بن الربيع عمن ذكره قال:
كنت في مجلس أبي جعفر عليه السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له: جعلت فداك
قول الله تبارك وتعالى: ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى ما ذلك الغضب؟ فقال
أبو جعفر عليه السلام: هو العقاب يا عمرو انه من زعم أن الله عز وجل زال من شئ إلى
شئ فقد وصفه صفة مخلوق، ان الله عز وجل لا يستفزه شئ ولا يغيره.
90 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى أن عمرو بن عبيد وفد على
محمد بن علي الباقر عليهما السلام لامتحانه بالسؤال عنه، فقال له: جعلت فداك
اخبرني عن قوله تعالى: " ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى " ما غضب الله؟ فقال:
أبو جعفر عليه السلام: غضب الله تعالى عقابه، يا عمرو من ظن أن الله يغيره شئ فقد كفر.
91 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
أبيه عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن
الله تبارك وتعالى لا يقبل الا العمل الصالح، ولا يقبل الله الا الوفاء بالشروط
والعهود، فمن وفى لله عز وجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده، و
استكمل وعده، ان الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار،
وأخبرهم كيف يسلكون، فقال: وانى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم
اهتدى وقال: " انما يتقبل الله من المتقين " فمن اتقى الله فيما أمره لقى الله مؤمنا بما جاء
به محمد صلى الله عليه وآله.
92 - علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن
386

سدير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي، ثم استقبل
البيت فقال: يا سدير انما أمر الناس ان يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثم يأتونا
فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله: " وانى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا
ثم اهتدى " ثم أومى بيده إلى صدره: إلى ولايتنا، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
93 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " وانى لغفار لمن تاب وآمن و
عمل صالحا ثم اهتدى " قال: إلى الولاية.
حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن عبد الله عن السندي بن محمد عن
أبان عن الحارث بن عمر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " وانى لغفار لمن تاب و
آمن وعمل صالحا ثم اهتدى " قال: ألا ترى كيف اشترط ولم ينفعه التوبة والايمان
والعمل الصالح حتى اهتدى، والله لو جهد أن يعمل ما قبل منه حتى يهتدى، قال: قلت:
إلى من؟ جعلني الله فداك قال: إلينا.
94 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
وفيه يقول لعلى عليه السلام: ولقد ضل من ضل عنك، ولن يهتدى إلى الله من لم يهتد إليك والى
ولايتك، وهو قول ربي عز وجل: " وانى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى "
يعنى لي ولايته.
95 - في مجمع البيان وقال أبو جعفر عليه السلام ثم " اهتدى " إلى ولايتنا أهل البيت،
فوالله لو أن رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ثم مات ولم يجئ بولايتنا
لأكبه الله في النار على وجهه، رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده، وأورده العياشي
في تفسيره بعدة طرق.
96 - في تفسير العياشي عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله:
" وانى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " قال لهذه الآية تفسير يدل ذلك
التفسير على أن الله لا يقبل من أحد عملا الا ممن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير،
387

وما اشترط فيه على المؤمنين، قال: انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة "
يعنى كل ذنب عمله العبد، وإن كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في
معصية ربه.
97 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو الجارود وأبو الصباح الكناني
عن الصادق عليه السلام وأبو حمزة عن السجاد عليه السلام في قوله: " ثم اهتدى " إلينا أهل البيت،
98 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى فيما اعلم عن يعقوب
ابن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " الا من تاب وآمن وعمل
صالحا ثم اهتدى " قال: إلى ولايتنا والله، أما ترى كيف اشترط عز وجل؟.
99 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: المشتاق لا يشتهى
طعاما ولا يلتذ شرابا، ولا يستطيب رقادا، ولا يأنس حميما، ولا يأوى دارا، و
لا يسكن عمرانا، ولا يلبس لباسا، ولا يقر قرارا، ويعبد الله ليلا ونهارا، راجيا بأن
يصل إلى ما يشتاق إليه ويناجيه بلسان شوقه معبرا عما في سريرته، كما أخبر الله عن
موسى بن عمران عليه السلام في ميعاد ربه بقوله: وعجلت إليك رب لترضى وفسر
النبي صلى الله عليه وآله عن حاله انه ما أكل ولا شرب ولا نام ولا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه ومجيئه
أربعين يوما شوقا إلى ربه.
100 - في محاسن البرقي عنه عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان واسحق
ابن عمار عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن فيما ناجى الله
به موسى أن قال: يا رب هذا السامري صنع العجل، الخوار من صنعه؟ فأوحى الله تبارك
وتعالى إليه: ان تلك فتنتي فلا تفحص عنها.
101 - في مجمع البيان عند قوله تعالى: ويذرك وآلهتك وروى أنه كان
يأمرهم أيضا بعبادة البقر، ولذلك اخرج السامري لهم عجلا جسدا له خوار وقال:
هذا إلهكم واله موسى.
102 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن السحق بن الهيثم عن سعد بن
388

طريف عن الأصبغ بن نباتة ان عليا عليه السلام سئل عن قول الله تبارك وتعالى: " وسع كرسيه
السماوات والأرض " قال: السماوات والأرض وما بينهما من مخلوق في جوف الكرسي
وله أربعة املاك يحملونه بإذن الله، فأما ملك منهم ففي صورة الآدميين، إلى أن قال
عليه السلام: والملك الرابع في صورة الأسد وهو سيد السباع، وهو يرغب إلى الله ويتضرع
إليه ويطلب الشفاعة والرزق لجميع السباع، ولم يكن من هذه الصور أحسن من الثور،
ولا أشد انتصابا منه حتى اتخذ الملاء من بني إسرائيل العجل، فلما عكفوا عليه
وعبدوه من دون الله خفض الملك الذي في صورة الثور رأسه استحياءا من الله أن عبد من
دون الله شئ يشبهه، وتخوف أن ينزل به العذاب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
103 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن أبي عبد الله
عليه السلام حديث طويل وفيه قال قلت: فلم أخذ برأسه يجره إليه وبلحيته ولم يكن له في
اتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب؟ فقال: انما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا
ذلك، ولم يلحق لموسى وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب، ألا ترى أنه قال لهارون:
ما منعك إذ رأيتهم ضلوا الا تتبعن أفعصيت امرى قال هارون: لو فعلت ذلك لتفرقوا
وانى خشيت ان تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي
104 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: انا قد فتنا قومك من بعدك قال:
اختبرناهم من بعدك وأضلهم السامري قال: بالعجل الذي عبدوه، وكان سبب
ذلك ان موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما أخبر
بني إسرائيل بذلك وذهب إلى الميقات، وخلف أخاه على قومه، فلما جاء الثلاثون
يوما ولم يرجع موسى إليهم عصوا وأرادوا أن يقتلوا هارون قالوا: إن موسى كذب
وهرب منا، فجاءهم إبليس في صورة رجل فقال لهم: ان موسى قد هرب منكم ولا
يرجع إليكم أبدا فأجمعوا لي حليكم حتى أتخذكم الها تعبدونه، وكان السامري
على مقدمة قوم موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه، فنظر إلى جبرئيل وكان على
389

حيوان في صورة رمكة (1) وكانت كلما وضعت حافرها (2) على موضع من الأرض
تحرك ذلك الموضع، فنظر إليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى، فأخذ
التراب من حافر رمكة جبرئيل، وكان يتحرك فصره في صرة وكان عنده يفتخر به
علي بن إسرائيل، فلما جاءهم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري: هات التراب
الذي معك، فجاء به السامري فألقاه في جوف العجل، فلما وقع التراب في جوفه
تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر، فسجد له بنو إسرائيل، وكان عدد الذين
سجدوا له سبعين ألفا من بني إسرائيل، فقال لهم هارون كما حكى الله: يا قوم انما
فتنتم به وان ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا امرى قالوا لن نبرح عليه عاكفين
حتى يرجع إلينا موسى فهموا بهارون فهرب منهم وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى
أربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله علم الألواح فيها التوراة
وما يحتاج إليه من أحكام السير والقصص.
فأوحى الله إلى موسى: انا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري وعبدوا
العجل وله خوار فقال (ع): يا رب العجل من السامري فالخوار ممن؟ فقال: منى يا
موسى، انى لما رأيتهم قد ولوا عنى إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة، فرجع موسى
- كما حكى الله - إلى قومه غضبان أسفا قال: يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا
أفطال عليكم العهد أم أردتم ان يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي ثم رمى
بالألواح وأخذ بلحية أخيه ورأسه يجره إليه، فقال: " ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت
امرى " فقال هارون كما حكى الله: " يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي انى خشيت ان تقول
فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي " فقال له بنو إسرائيل: ما اخلفنا موعدك بملكنا
قال: ما خالفناك ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم يعنى من حليهم فقذفناها
قال: التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم اخرج السامري العجل وله

(1) الرمكة: الفرس تتخذ للنسل.
(2) الحافر للدابة بمنزلة القدم للانسان.
390

خوار، فقال له موسى: ما خطبك يا سامري؟ قال السامري: بصرت بما لم تبصروا
به فقبضت قبضة من اثر الرسول يعنى من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر فنبذتها
أي أمسكتها وكذلك سولت لي نفسي أي زينت فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار
وألقاه في البحر، ثم قال موسى للسامري: اذهب فان لك في الحياة ان تقول لا مساس
يعنى ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة. ان تقول: لا مساس حتى يعرفوا انكم
سامرية فلا يغتروا بكم الناس، فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفين لا مساس، ثم هم
موسى بقتل السامري فأوحى الله إليه: لا تقتله يا موسى فإنه سخى، فقال له موسى:
انظر إلى الهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا انما إلهكم
الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما.
105 - حدثني أبي عن الحسين بن سعيد عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: ما بعث الله رسولا الا وفى وقته شيطانان يؤذيانه ويضلان الناس من بعده
فأما الخمسة أولو العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله، فأما
صاحبا نوح فقنطيفوس وخوام، واما صاحبا إبراهيم عليه السلام فكميل وردام، واما صاحبا
موسى عليه السلام فالسامري ومر عقيبا، واما صاحبا عيسى عليه السلام فبولس ومربسون، واما
صاحبا محمد صلى الله عليه وآله فحبتر وزريق (1).
106 - في كتاب الخصال قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان في التابوت
الأسفل من النار اثنى عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين، فأما الستة من
الأولين فابن آدم قاتل أخيه، وفرعون الفراعنة والسامري، الحديث.
107 - عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: شر الأولين والآخرين اثنا عشر: ستة
من الأولين وستة من الآخرين، ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم الذي قتل أخاه، و
فرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين، و

(1) قد مر ان حبتر وزريق كناية عن الأول والثاني وقد مر أيضا وجه تسميتهما بهذين
الاسمين في سورة الحجر عند قوله تعالى " لها سبعة أبواب " في المجلد الثاني.
391

اما الستة من الآخرين، فالعجل وهو نعثل، وفرعون وهو معاوية، وهامان هذه الأمة
زياد وقارونها وهو سعيد، والسامري وهو أبو موسى عبد الله بن قيس، لأنه قال كما قال
سامري قوم موسى: " لا مساس " أي لا قتال، والأبتر وهو عمرو بن العاص.
108 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى إسحاق بن عمار الصيرفي عن أبي
الحسن الماضي عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك حدثني فيهما بحديث، فقد سمعت عن
أبيك فيهما أحاديث عدة. قال: فقال لي: يا اسحق! الأول بمنزلة العجل، والثاني
بمنزلة السامري، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
109 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وعن أبي يحيى الواسطي
قال: لما افتتح أمير المؤمنين عليه السلام البصرة اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري و
معه الألواح فكان كلما لفظ أمير المؤمنين عليه السلام بكلمة كتبها فقال له أمير المؤمنين
عليه السلام بأعلى صوته: ما تصنع؟ قال: أكتب آثاركم لنحدث بها بعدكم، فقال أمير -
المؤمنين عليه السلام: أما ان لكل قوم سامريا وهذا سامري هذه الأمة، الا انه لا يقول:
" لا مساس " ولكنه يقول: لا قتال.
110 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: ونحشر المجرمين يومئذ
زرقا تكون أعينهم مزرقة لا يقدرون أن يطرفوها، وقوله عز وجل: يتخافتون بينهم
قال: يوم القيامة يشير بعضهم إلى بعض انهم لم يلبثوا الا عشرا قال الله عز وجل:
نحن اعلم يما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة قال: اعلمهم وأصلحهم يقولون:
ان لبثتم الا يوما.
111 - في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن النعمان عن أبي الحسن علي بن
موسى الرضا عليهما السلام قال: قلت له: جعلت فداك أن بي ثآليل كثيرة (1) وقد
اغتممت بأمرها فأسئلك أن تعلمني شيئا أنتفع به، فقال عليه السلام: خذ لكل ثؤلول سبع
شعيرات، واقرأ على كل شعيرة سبع مرات: " إذا وقعت الواقعة " إلى قوله: " فكانت

(1) ثآليل جمع الثؤلول: خراج ناتئ صلب مستدير.
392

هباءا منبثا " وقوله عز وجل: ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نفسا فيذرها
قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم تأخذ الشعير شعيرة شعيرة فامسح بها على
كل ثالول، ثم صيرها في خرقة جديدة واربط على الخرقة حجرا وألقها في كنيف قال:
ففعلت فنظرت إليها يوم السابع فإذا هي مثل راحتي وينبغي أن يفعل ذلك في
محاق الشهر.
112 - في مجمع البيان وقيل: إن رجلا من ثقيف سأل النبي صلى الله عليه وآله كيف
يكون الجبال مع عظمها يوم القيمة؟ فقال: ان الله يسوقها بأن يجعلها كالرمال ثم
يرسل عليها الرياح فتفرقها.
113 - وفيه روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: تبدل الأرض غير الأرض و
السماوات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي (1) لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.
114 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره في دعاء مروى عن أبي عبد الله عليه السلام
: وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت.
115 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله فقال:
" ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا
أمتا " قال: الامت الارتفاع والعوج الحزون والذكوات.
116 - وفيه وقوله عز وجل: قاعا صفصفا القاع الذي لا تراب فيه، والصفصف الذي لا
نبات له، وقوله: يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له قال: مناد من عند الله عز وجل وخشعت
الأصوات للرحمن فلا تسمع الا همسا فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
محمد الوابشي عن أبي الورد عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كان يوم القيمة جمع الله
عز وجل الناس في صعيد واحد حفاة عراة، فيوقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا

(1) الأديم: الجلد المدبوغ وعكاظ: سوق من أسواق العرب، وكانت قبائل
العرب تجتمع بها كل سنة ويتفاخرون بها ويحضرها الشعراء فيتناشدون ما أحدثوا من
الشعر ثم يتفرقون: واديم عكاظي: منسوب إليها وهو مما حمل إلى عكاظ فبيع بها
393

شديدا وتشتد أنفاسهم فيمكثون في ذلك مقدار خمسين عاما، وهو قول الله: " وخشعت
الأصوات للرحمن فلا تسمع الا همسا " قال: ثم ينادى مناد من تلقاء العرش: أين
النبي الأمي؟ فيقول الناس: قد أسمعت فسم باسمه، فينادى: أين نبي الرحمة أين
محمد ابن عبد الله الأمي؟ فيتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله امام الناس كلهم حتى ينتهى إلى حوض
طوله ما بين أيلة وصنعاء (1) فيقف عليه، فينادى بصاحبكم فيتقدم على امام الناس، فيقف
معه ثم يؤذن للناس فيمرون فبين وارد الحوض يومئذ وبين مصروف عنه، فإذا رأى
رسول الله صلى الله عليه وآله من يصرف عنه من محبينا بكى، فيقول: يا رب شيعة على أراهم قد
صرفوا تلقاء أصحاب النار، ومنعوا ورود حوضي؟ قال: قال: فيبعث الله إليه ملكا
فيقول: ما يبكيك يا محمد؟ فيقول: لأناس من شيعة على، فيقول له الملك: ان الله
يقول لك: يا محمد ان شيعة على قد وهبتهم لك يا محمد، وصفحت لهم عن ذنوبهم
بحبهم لك ولعترتك، وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون به، وجعلناهم في زمرتك،
فأوردهم حوضك، قال أبو جعفر عليه السلام: فكم من باك يومئذ وباكية ينادون: يا محمد
إذا رأوا ذلك: ولا يبقى أحد يومئذ يتوالانا ويحبنا ويتبرء من عدونا ويبغضهم الا
كانوا في حزبنا ومعنا، ويردوا حوضنا.
117 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات: وأما قوله: يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن
ورضى له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما لا يحيط
الخلائق بالله عز وجل علما، إذ هو تبارك وتعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء، فلا فهم
يناله بالكيف، ولا قلت يثبته بالحدود، فلا تصفه الا كما وصف نفسه: " ليس كمثله
شئ وهو السميع البصير " الأول والاخر والظاهر والباطن الخالق البارئ المصور
خلق الأشياء فليس من الأشياء شئ مثله تبارك وتعالى.
118 - في أصول الكافي أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان

(1) أيلة: بلد بين ينبع ومصر. وصنعاء: بلد باليمن.
394

ابن يحيى قال: سألني أبو قرة المحدث أن ادخله إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام فاستأذنته
في ذلك فاذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والاحكام حتى بلغ سؤاله
إلى التوحيد، فقال أبو قرة: انا روينا ان الله قسم الرؤية والكلام بين نبين، فقسم
الكلام لموسى ولمحمد الرؤية؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين
من الجن والإنس " لا تدركه الابصار " " ولا يحيطون به علما " " وليس كمثله شئ " أليس
محمد؟ قال: بلى، قال: كيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم انه جاء من
عند الله وانه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول: " لا تدركه الابصار ولا يحيطون به علما و
ليس كمثله شئ "؟ ثم يقول: انا رأيته بعيني وأحطت به علما؟ وهو على صورة البشر أما
تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة ان ترميه بهذا، أن يكون يأتي من عند الله بشئ ثم
يأتي بخلافه من وجه آخر، إلى قوله عليه السلام: وقد قال الله: " ولا يحيطون به علما " فإذا
رأته الابصار فقد أحاطت به العلم، ووقعت المعرفة، فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات
فقال أبو الحسن عليه السلام، إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها، وما أجمع المسلمون
عليه انه لا يحاط به علما، ولا تدركه الابصار وليس كمثله شئ.
119 - في كتاب التوحيد خطبة عن علي عليه السلام وفيها: قد يئست عن استنباط
الإحاطة به طوامح العقول (1) وتحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته.
120 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا
يحيطون به علما " قال: " ما بين أيديهم " ما مضى من أخبار الأنبياء، و " ما خلفهم "، من
أخبار القائم صلوات الله عليه، وقوله عز وجل: وعنت الوجوه للحى القيوم
أي ذلت.
121 - في كتاب التوحيد خطبة لعلى عليه السلام وفيها: وعنت الوجوه من مخافته.
122 - في نهج البلاغة وتعنوا الوجوه لعظمته.
123 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في

(1) طوامح جمع الطامح: المرتفع من كل شئ.
395

قوله: لا يخاف ظلما ولا هضما يقول: لا ينقص من علمه شئ، وأما " ظلما "
يقول يذهب به قوله: أو يحدث لهم ذكرا يعنى ما يحدث من أمر القائم والسفياني.
124 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى عن صفوان بن
يحيى قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام لأبي قرة صاحب شبرمة: التوراة و
الإنجيل والزبور والفرقان وكل كتاب انزل كان كلام الله، أنزله للعالمين نورا
وهدى، كلها محدثة وهي غير الله، حيث يقول: " أو يحدث لهم ذكرا ".
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وستسمع إن شاء الله لهذا الكلام تتمة في أول
الأنبياء.
قال عز من قائل: فتعالى الله الملك الحق.
125 - في أصول الكافي خطبة مروية عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيها: والمتعالي
على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم.
126 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: ولا تعجل بالقرآن من قبل ان
يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا نزل عليه
القرآن بادر بقرائته قبل تمام نزول الآية والمعنى، فأنزل الله " ولا تعجل بالقرآن من
قبل أن يقضى إليك وحيه " أي يفرغ من قرائته " وقل رب زدني علما ".
127 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن
مهزم وبعض أصحابنا عن محمد بن علي عن محمد بن إسحاق الكاهلي وأبو علي
الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر عن ربيع بن محمد جميعا
عن مهزم الأسدي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انا مدينة
العلم وعلى الباب، وكذب من زعم أنه يدخل المدينة لا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه
يحبني ويبغض عليا عليه السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
128 - وباسناده إلى أبى يحيى الصنعاني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
لي: يا أبا يحيى ان لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن، قال: قلت: جعلت فداك و
396

ما ذاك؟ قال: يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى، وأرواح الأوصياء الموتى، وروح
الوصي الذي بين أظهركم، يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها، فتطوف به
أسبوعا، وتصلى عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الأبدان التي
كانت فيها، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سرورا،، ويصبح الوصي الذي بين
ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير.
129 - وباسناده إلى الفضل قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام ذات يوم وكان
لا يكنيني قبل ذلك: يا أبا عبد الله، قلت: لبيك، قال: إن لنا في كل جمعة سرورا،
قال: قلت: زادك الله وما ذاك؟ قال: إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش،
ووافى الأئمة عليهم السلام ووافينا معهم، فلا ترد أرواحنا بأبداننا الا بعلم مستفاد، و
لولا ذلك لأنفدنا.
وباسناده إلى يونس أو الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام نحوه بتغيير يسير.
130 - وباسناده إلى صفوان بن يحيى قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: كان
جعفر بن محمد عليهم السلام يقول: لولا انا نزداد لأنفدنا.
131 - وباسناده إلى ذريح المحاربي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا
ذريح لولا انا نزداد لأنفدنا.
132 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن ثعلبة عن زرارة قال:
سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لولا انا نزداد لأنفدنا، قال: قلت: تزدادون شيئا لا
يعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اما انه إذا كان عرض على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم على الأئمة ثم
انتهى الامر إلينا.
133 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض
أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس يخرج شئ من عند الله عز وجل حتى يبدأ برسول
الله صلى الله عليه وآله، ثم بأمير المؤمنين عليه السلام ثم بواحد بعد واحد، لكيلا يكون آخرنا أعلم
من أولنا.
397

134 - في من لا يحضره الفقيه وروى المعلى بن محمد البصري عن أحمد
ابن محمد بن عبد الله عن عمرو بن زياد عن مدرك بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله الصادق
جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إذا كان يوم القيمة جمع الله عز وجل الناس في
صعيد واحد، ووضعت الموازين دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد العلماء
على دماء الشهداء
135 - في مجمع البيان روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا اتى على يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله، فلا بارك الله لي في طلوع شمسه.
136 - في بصائر الدرجات عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن عمرو بن
سعيد المدايني عن عيسى بن حمزة الثقفي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انا نسألك
أحيانا فتسرع بالجواب، وأحيانا فتطرق (1) ثم تجيبنا؟ قال: نعم انه ينكت في
آذاننا وقلوبنا، فإذا نكت نطقنا، وإذا أمسك عنا أمسكنا.
137 - في عوالي اللئالي وقال عليه السلام: علمت علوم الأولين والآخرين.
138 - في كتاب الخصال عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عليا عليه السلام يقول
لأبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني: يا أبا الطفيل العلم علمان: علم لا يسع الناس
الا النظر فيه وهو صبغة الاسلام، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه، وهو قدرة الله تعالى.
139 - عن محمد بن خالد البرقي عن عدة من أصحابنا يرفعونه إلى أبى عبد الله عليه السلام
أنه قال: منهومان لا يشبعان: منهوم علم ومنهوم مال.
140 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل أمير المؤمنين من أعلم الناس؟ قال: من
جمع علم الناس إلى علمه.
141 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة، وأفضل
دينكم الورع.

(1) أطرق الرجل: سكت ولم يتكلم.
398

142 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة لا يشبعن من أربعة: الأرض من المطر،
والعين من النظر، والأنثى من الذكر، والعالم من العلم.
عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين للسائل الشامي الذي
سأله عن المسائل في جامع الكوفة: أربعة لا يشبعن وذكر مثله سواء.
143 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه وآله فقال له: يا رسول الله ما العلم؟ قال: الانصات له، قال: ثم ما؟ قال: الاستماع
له، قال: ثم ما؟ قال: الحفظ له، قال: ثم ما، قال: العمل، قال: ثم ما؟ قال: نشره.
144 - في كتاب التوحيد باسناده إلى ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى
النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله علمني من غرائب العلم، قال: ما صنعت في رأس
العلم حتى تسأل عن غرائبه؟ قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال: معرفة الله
حق معرفته، قال الأعرابي: وما معرفة الله حق معرفته؟ قال: تعرفه بلا مثل
ولا شبه ولا ند وانه واحد أحد ظاهر باطن، أول آخر، لا كفو له ولا نظير له،
فذلك حق معرفته.
145 - وباسناده إلى أبى أحمد العامري قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن
أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه قال: الدنيا كلها جهل الا مواضع العلم، والعلم
كله حجة الا ما عمل به، والعمل كله رياء الا ما كان مخلصا، والاخلاص على خطر
حتى ينظر العبد بما يختم له.
146 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى الدرداء قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وآله: يقول: إن الله عز وجل يجمع العلماء يوم القيامة ويقول لهم: لم أضع
نوري وحكمتي في صدوركم الا وانا أريد بكم خير الدنيا والآخرة، اذهبوا فقد
غفرت لكم على ما كان منكم.
147 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق
رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن
399

علي بن فضال عن أبيه عن محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد
ابن علي الباقر عليهما السلام قال: إن الله تبارك وتعالى عهد إلى آدم عليه السلام ان لا يقرب
الشجرة، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله تبارك وتعالى ان يأكل منها نسي فأكل
منها، وهو قول الله تبارك وتعالى: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له
عزما والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
148 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمى الانسان انسانا لأنه ينسى، وقال الله عز وجل: " ولقد
عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ".
149 - أبى رحمه الله عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن
الحكم عن المفضل بن صالح عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " ولقد
عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما " قال: عهد إليه في محمد والأئمة من
بعده فترك، ولم يكن له عزم فيهم انه هكذا، وانما سموا أولى العزم لأنهم عهد إليهم
في محمد والأوصياء من بعده والمهدى وسيرته، فأجمع عزمهم ان ذلك كذلك
والاقرار به. في أصول الكافي سواء.
في بصائر الدرجات أبو جعفر أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن مفضل
ابن صالح عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام مثله أيضا.
150 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن جعفر بن
محمد عن عبيد الله عن محمد بن عيسى القمي عن محمد بن سليمان عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات في محمد وعلى
وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام من ذريتهم فنسى " هكذا والله أنزلت
على محمد صلى الله عليه وآله.
151 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن داود العجلي
عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق
400

ماءا عذبا وماءا مالحا أجاجا (1) فامتزج الماءان فأخذ طينا من أديم الأرض
فعركه عركا شديدا (2) فقال لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام
وقال لأصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم قال: " ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا
يوم القيمة انا كنا عن هذا غافلين " ثم اخذ الميثاق على النبيين فقال: ألست بربكم وان
هذا محمد رسولي وان هذا على أمير المؤمنين؟ فقالوا: بلى، فثبتت لهم النبوة،
واخذ الميثاق على أولى العزم انني ربكم ومحمد رسولي وعلى أمير المؤمنين،
وأوصيائه من بعده ولاة امرى وخزان علمي عليهم السلام، وان المهدى انتصر به
لديني وأظهر به دولتي. وأنتقم به من أعدائي وأعبد به طوعا وكرها؟ قالوا:
أقررنا يا رب وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدى
ولم يكن لادم عزم على الاقرار به، وهو قوله عز وجل: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل
فنسى ولم نجد له عزما " قال: انما هو فترك، ثم أمر نارا فأججت فقال لأصحاب الشمال:
ادخلوها فهابوها، وقال لأصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما
فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا فقال: قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها، فهابوها فثم ثبتت
الطاعة والولاية والمعصية.
152 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى
ولم نجد له عزما " قال: فيما نهاه عنه من أكل الشجرة.
153 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه
جميعا عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام
في قول الله عز وجل: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما " قال فقال:
ان الله عز وجل لما قال لادم: " أسكن أنت وزوجك الجنة " قال له: يا آدم لا تقرب هذه
الشجرة، قال: وأراه إياها فقال آدم لربه: كيف أقربها وقد نهيتني عنها أنا وزوجتي؟
قال: فقال لهما: لا تقرباها، يعنى لا تأكلا منها فقال آدم وزوجته: نعم يا ربنا

(1) الأجاج: الشديد الملوحة من الماء.
(2) أديم الأرض: وجهها، وعرك الأديم: دلكه.
401

لا نقربها ولا نأكل منها، ولم يستثنيا في قولهما: نعم، فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما
والى ذكرهما.
154 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد
ابن الفضل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى عهد إلى آدم عليه السلام
أن لا يقرب هذه الشجرة، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها نسي فأكل
منها، وهو قول الله تعالى: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما " والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
155 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: والصادق حقا هو الذي يصدق
كل كاذب بحقيقة صدق ما لديه، وهو المعنى الذي لا يسع معه سواه أو ضده، مثل
آدم عليه السلام صدق إبليس في كذبه حين أقسم له كاذبا لعدم ما به الكذب، في آدم عليه السلام
قال الله عز وجل: " ولم نجد له عزما " ولان إبليس كان أول من ابتدء بالكذب، وهو غير
معهود وأظهره وهو غير مشروع، ولا يعرف عند أهل السماوات والأرض ظاهرا وباطنا
فحشر هو بكذبه على معنى لم ينتفع به من صدق آدم عليه السلام على بقاء الأبد، وأفاد ادم بتصديق
كذبه شهادة الله عز وجل بنفي عزمه عما يضاد عهده في الحقيقة، على معنى لم ينتفض من
اصطفائه بكذبه شيئا.
156 - في تفسير العياشي عن موسى بن محمد بن علي عن أخيه أبى الحسن
الثالث عليه السلام قال: الشجرة التي نهى آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد. عهد
إليهما، ان لا ينظر إلى من فضله الله عليه وعلى خلائقه بعين الحسد ولم يجد له عزما.
157 - عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام قال:
سألته كيف أخذ الله آدم بالنسيان؟ فقال: انه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكره ويقول له
إبليس: " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين أو تكونا من
الخالدين ".
158 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب: الباقر عليه السلام في قوله " ولقد عهدنا
402

إلى آدم من قبل كلمات في محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم "
كذا نزلت على محمد صلى الله عليه وآله.
159 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله
عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه وآله: لما ان وسوس الشيطان
إلى آدم دنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه، ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت
إلى الخطيئة، ثم تناول بيده مما عليها فأكل فطار الحلى والحلل عن جسده.
160 - في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس
المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا بن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء
معصومون؟ قال: بلى قال فما معنى قول لله عز وجل: " وعصى آدم ربه فغوى "؟ قال: عليه السلام:
ان الله تعالى قال لادم: " أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه
الشجرة " وأشار لهما إلى الشجرة الحنطة " فتكونا من الظالمين " ولم يقل: ولا تأكلا من هذه
الشجرة ولا مما كان من جنسها، فلم يقربا من تلك الشجرة وانما أكلا من غيرها لما
أن وسوس الشيطان إليهما، وقال: " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة " وانما نهاكما
ان تقربا غيرها ولم ينهكما عن الاكل منها " الا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين *
وقاسمهما انى لكما لمن الناصحين " ولم يكن آدم وحوا شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله
كاذبا " فدلاهما بغرور فأكلا منها " ثقة بيمينه بالله وكان ذلك من آدم قبل النبوة،
ولم يكن بذنب كبير استحق به دخول النار، وانما كان من الصغاير الموهوبة التي تجوز
على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما
لا يذنب صغيرة ولا كبيرة، قال الله تعالى: " وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب
عليه وهدى " وقال عز وجل: " ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران
على العالمين ".
161 - وفيه في باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام وشرايع الدين:
ان ذنوب الأنبياء عليهم السلام صغاير موهوبة.
403

162 - وباسناده إلى أبى الصلت الهروي قال: لما جمع المأمون لعلي بن
موسى الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس
والصابئين وساير المقالات، فلم يقم أحد الا وقد ألزمه حجته كأنه ألقم حجرا قام إليه
علي بن جهنم فقال له: يا ابن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء؟ فقال: نعم قال: فما تعمل
في قول الله عز وجل: " وعصى آدم ربه فغوى "؟ فقال عليه السلام: ان الله عز وجل خلق آدم
حجته في أرضه وخليفته في بلاده، لم يخلقه للجنة، وكانت المعصية من آدم في الجنة
لا في الأرض لتتم مقادير الله عز وجل، فلما اهبط إلى الأرض وجعل حجة و
خليفة عصم بقوله عز وجل: " ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران
على العالمين ".
163 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين حديث طويل
يقول فيه عليه السلام مجيبا بعض الزنادقة وقد قال ذلك الزنديق: وأجده قد شهر هفوات
أنبيائه بقوله: " وعصى آدم ربه فغوى ": واما هفوات الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله
في كتابه فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته
الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم، وان منهم
يتخذ بعضهم الها، كالذي كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على
تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عز وجل.
164 - عن داود بن قبيصة عن الرضا عن أبيه عليهما السلام أنه قال: واما ما سئلت
هل نهى عما أراد فلا يجوز ذلك ولو جاز ذلك لكان حيث نهى آدم عن أكل الشجرة،
أراد منه اكلها ولو أراد منه أكلها ما نادى عليه صبيان الكتائب " وعصى آدم ربه فغوى "
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
165 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال وقد ذكر النوافل اليومية: وانما هذا كله تطوع وليس
بمفروض ان تارك الفريضة كافر وان تارك هذا ليس بكافر ولكنها معصية، لأنه يستحب
404

إذا عمل الرجل عملا من الخير ان يدوم عليه.
166 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن السياري عن
علي بن عبد الله قال: سأله رجل عن قوله تعالى: فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى
قال: من قال بالأئمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم.
قال عز من قائل: ومن اعرض عن ذكرى.
167 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة يقول
فيها عليه السلام: ولئن تقمصها دوني الاشقيان، ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها
ضلالة واعتقداها جهالة، فلبئس ما عليه وردا، ولبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في
دورهما، ويتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا: " يا ليت بيني وبينك
بعد المشرقين فبئس القرين " فيجيبه الأشقى على رثونة: " يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد
أضللتني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للانسان خذولا " فأنا الذي عنه ضل.
168 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن
محمد عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن المستنير عن معاوية بن عمار قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله: ان له معيشة ضنكا قال: هي والله للنصاب، قال:
قلت: جعلت فداك قد تراهم دهرهم الأطول في كفاية حتى ماتوا؟ قال: ذاك والله في
الرجعة يأكلون العذرة.
169 - في مجمع البيان " فان له معيشة ضنكا " أي عيشا ضيقا إلى قوله: و
قيل هو عذاب القبر عن ابن مسعود وأبى سعيد الخدري والسدي، ورواه أبو هريرة مرفوعا.
170 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن
عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
" ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا " قال: يعنى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام
قلت: ونحشره يوم القيامة أعمى؟ قال: يعنى أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب
في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قال: وهو متحير في القيمة يقول: لم حشرتني
405

أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها قال الآيات الأئمة وكذلك
اليوم تنسى يعنى تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة عليهم السلام،
فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم.
171 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن معاوية بن عمار قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لم يحج قط وله مال؟ فقال: هو ممن قال الله عز وجل: " و
نحشره يوم القيمة أعمى " فقلت: سبحان الله أعمى! فقال: أعماه الله عن طريق الخير.
172 - في الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن
الحسن الميثمي عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من
مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممن قال الله عز وجل: " ونحشره يوم القيمة أعمى "
قال: قلت: سبحان الله أعمى! قال: نعم أعماه الله عن طريق الحق.
173 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن فضالة عن
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل لم يحج قط وله مال؟ قال:
هو ممن قال الله: " ونحشره يوم القيمة أعمى " قلت: سبحان الله أعمى! قال: أعماه الله
عن طريق الجنة.
174 - في أصول الكافي متصل بقوله عليه السلام سابقا ولم تسمع قولهم قلت: وكذلك نجزى
من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى قال: يعنى من أشرك بولاية
أمير المؤمنين غيره، ولم يؤمن بآيات ربه ترك الأئمة معاندة، فلم يتبع آثارهم ولم
يتولهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
175 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: أو لم يهد لهم يقول: يبين
لهم قوله: ان في ذلك لايات لأولي النهى قال: نحن أولوا النهى، وقوله: ولولا
كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى قال: كان ينزل بهم العذاب،
ولكن قد أخرهم إلى أجل مسمى.
176 - وفيه أيضا وقوله: لكان لزاما قال: اللزام الهلاك.
406

177 - في كتاب الخصال عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن قول الله: فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فقال: فريضة على
كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات: لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، له الملك وله الحكم يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على
كل شئ قدير قال: فقلت: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى و
يميت ويميت ويحيى، فقال: يا هذا لا شك في أن الله يحيى ويميت ويميت ويحيى،
ولكن قل كما قلت.
178 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن
جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وقد سأله بعض اليهود عن
مسائل: وأما صلاة الفجر فان الشمس إذا طلعت تطلع على قرني شيطان، فأمرني
الله عز وجل ان أصلى صلاة الفجر الغداة قبل طلوع الشمس وقبل أن يسجد لها الكافر
فتسجد أمتي لله عز وجل.
179 - وباسناده إلى سليمان بن جعفر الجعفري عن الرضا عليه السلام حديث طويل
يقول فيه: لا ينبغي لاحد أن يصلى إذا طلعت الشمس لأنها تطلع بقرني شيطان
180 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار
قال: بالغداة والعشي.
181 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: وأطراف النهار لعلك ترضى
قال: يعنى تطوع بالنهار.
182 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن بكير عن
زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه بعد ان ذكر عليه السلام ما جرت به السنة في
الصلاة فقال أبو الخطاب: أفرأيت ان قوى فزاده؟ قال: فجلس وكان متكيا فقال:
ان قويت فصلها كما كانت تصلى وكما ليست في ساعة من النهار فليست في ساعة
407

من الليل ان الله عز وجل يقول: " ومن آناء الليل فسبح ". (1)
183 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به
أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى
قال أبو عبد الله عليه السلام: لما نزلت هذه الآية استوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا ثم قال: من لم يتعز
بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه ولم
يشف غيظه، ومن لم يعرف ان لله عليه نعمة لا في مطعم ولا في مشرب قصر أجله ودنا عذابه.
184 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
علي بن الحكم عن أبي المغرا عن زيد الشحام عن عمرو بن سعيد بن هلال عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال: إياك وان تطمح نفسك إلى من فوقك وكفى بما قال الله عز وجل
لرسول الله صلى الله عليه وآله: " فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم " وقال الله عز وجل لرسول الله
صلى الله عليه وآله: ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
185 - في عوالي اللئالي وروى عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى: وأمر أهلك
بالصلاة واصطبر عليها قال: أمر الله نبيه ان يخص أهل بيته وأهله من دون الناس،
ليعلم الناس ان لأهله عند الله منزلة ليست لغيرهم، فأمرهم من الناس عامة ثم أمرهم خاصة.
186 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق
بين العترة والأمة حديث طويل وفيه: قالت العلماء: فسرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء
في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر

(1) قال المحدث الكاشاني (ره): يعنى إن كانت لك زيادة قوة فاصرفها في كيفية
الصلاة من الاقبال عليها والخشوع فيها ثم المداومة عليها ثم تفريق صلاة الليل على آناته
كتفريق صلاة النهار على ساعاته، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفعله، ومراده عليه السلام
تنبيهه على أنه ان يقدر على الاتيان بهذا العدد أيضا كما ينبغي، ثم نبه عليه السلام على تفريق صلاة
الليل بما معناه انه كما أن الصلاة ليست مختصة بساعة من النهار بل مفرقة على اجزاء النهار فكذلك
ليست مختصة بساعة من الليل بل مفرقة على اجزائها، وآناء الليل ساعاته، وأبو الخطاب هذا
هو محمد بن مقلاص الغالي الملعون.
408

موطنا وموضعا، فأول ذلك إلى أن قال: وأما الثاني عشر فقوله عز وجل: " وأمر
أهلك بالصلاة واصطبر عليها " فخصنا الله تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمة بإقامة
الصلاة، ثم خصنا من دون الأمة فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يجئ إلى باب على وفاطمة عليهما السلام
بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول:
الصلاة رحمكم الله، وما أكرم الله أحدا من ذرارى الأنبياء عليهم السلام بمثل هذه
الكرامة التي أكرمنا بها، وخصنا من دون جميع أهل بيتهم، فقال المأمون
والعلماء: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن الأمة خيرا، فما نجد الشرح والبيان
فيما اشتبه علينا الا عندكم.
187 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة
عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب وصى
المسلمين بكلمات: يقول: تعاهدوا الصلاة وحافظوا عليها وتقربوا بها إلى أن قال
عليه السلام: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله منصبا لنفسه بعد البشرى له بالجنة من ربه فقال عز وجل:
" وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " الآية فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
188 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر
عليها " فان الله أمره أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس ان لأهل محمد عند الله
منزلة خاصة ليست للناس إذ أمرهم من الناس، ثم أمرهم خاصة، فلما أنزل الله
هذه الآية كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجئ كل يوم عند صلاة الفجر حتى يأتي باب على و
فاطمة، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيقول على وفاطمة والحسن و
الحسين عليهم السلام: وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، ثم يأخذ بعضادتي الباب
فيقول: الصلاة الصلاة يرحمكم الله، انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و
يطهركم تطهيرا، فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا، وقال
أبو حمراء خادم النبي صلى الله عليه وآله: أنا شهدته يفعل ذلك
409

189 - وفيه أيضا " وأمر أهلك بالصلاة " أي أمتك " واصطبر عليها لا نسألك
رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى " قال: للمتقين.
190 - في نهج البلاغة كان رسول الله صلى الله عليه وآله نصبا (1) بالصلاة بعد التبشير
له بالجنة، لقول الله سبحانه وأمر هلك بالصلاة واصطبر عليها فكان يأمر بها ويصبر
عليها بنفسه،
191 - في مجمع البيان روى أبو سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأتي باب فاطمة وعلى عليهما السلام تسعة أشهر عند كل صلاة
فيقول: الصلاة رحمكم الله، " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا " رواه ابن عقدة باسناده من طرق كثيرة عن أهل البيت وعن غيرهم مثل
أبى بردة وأبى رافع.
192 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبى الحميرا قال:
شهدت النبي صلى الله عليه وآله أربعين صباحا يجئ إلى باب على وفاطمة فيأخذ بعضادتي الباب
ثم يقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله، انما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
قال من عز من قائل: لا نسالك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى.
193 - في كتاب الخصال عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن أول
ما يدخل به النار أمتي الأجوفان، قالوا: يا رسول الله وما الأجوفان؟ قال: الفرج و
الفم، وأكثر ما يدخل به الجنة تقوى الله وحسن الخلق.
194 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: قال الله تبارك وتعالى لموسى عليه السلام: يا موسى احفظ وصيتي لك بأربعة إلى أن
قال: والثانية ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتم بسبب رزقك.
195 - وباسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أما بعد
فان الاهتمام بالدنيا غير زائد في الموظوف، وفيه تضييع الزاد. والاقبال على

(1) أي تعبا.
410

الآخرة غير ناقص في المقدور، وفيه احراز المعاد وانشد يقول:
لو كان في صخرة في البحر راسية * صماء ملموسة ملس نواحيها (1)
رزق لنفس يراها الله لانفلقت * عنه فأدت كل ما فيها
أو كان بين طباق السبع مجمعة * يسهل الله في المرقى مراقيها
حتى يوفى الذي في اللوح خط له * ان هي اتته والا فهو آتيها
196 - في كشف المحجة لابن طاوس رحمه الله حديث طويل عن أمير المؤمنين
عليه السلام وفيه قيل: فمن الولي يا رسول الله؟ قال: وليكم في هذا الزمان أنا، ومن بعدى
وصيي، ومن وصيي لكل زمان حجج الله، لكيلا يقولون كما قال الضلال من
قبلكم فارقهم نبيهم ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى
وانما كان تمام ضلالتهم جهالتهم بالآيات، وهم الأوصياء، فأجابهم الله: قل كل متربص
فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى وانما كان تربصهم ان
قالوا: نحن في سعة في معرفة الأوصياء حتى يعلن امام علمه.
197 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: " قل كل متربص فتربصوا " أي
انتظروا أمرا " فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى " فإنه حدثني أبي
عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: والله نحن السبيل
الذي أمركم الله باتباعه، ونحن والله الصراط المستقيم، ونحن والله الذين أمر الله
بطاعتهم، فمن شاء فليأخذ هنا، ومن شاء فليأخذ هنا لا تجدون والله عنا محيصا.

(1) الصخرة الصماء: الغليظة الشديدة.
411

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
الأنبياء حبا لها كان كمن رافق النبيين أجمعين في جنات النعيم، وكان مهيبا في أعين
الناس حياة الدنيا.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة الأنبياء
حاسبه الله حسابا يسيرا، وصافحه وسلم عليه كل نبي ذكر اسمه في القرآن.
3 - في تفسير علي بن إبراهيم اقترب للناس حسابهم هم في غفلة معرضون
قال: قربت القيمة والساعة والحساب.
4 - في مجمع البيان وانما وصف بالقرب لان أحد أشراط الساعة مبعث رسول الله
صلى الله عليه وآله، فقد قال: بعثت أنا والساعة كهاتين.
5 - في جوامع الجامع وفى كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ان الدنيا قد
ولت حذاء (1) ولم يبق منها الا صبابة كصبابة الاناء.
6 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى عن صفوان بن يحيى قال:
قال أبو الحسن الرضا عليه السلام لأبي قرة صاحب شبرمة: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان
وكل كتاب كان كلام الله أنزله للعالمين نورا وهدى، وهي كلها محدثة، وهي
غير الله حيث يقول: " أو يحدث لهم ذكرا " وقال: وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث
لا استمعوه وهم يلعبون والله أحدث الكتب كلها الذي أنزلها، فقال أبو قرة: فهل
يفنى؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: أجمع المسلمون على أن ما سوى الله فعل الله، والتوراة
والإنجيل والزبور والفرقان فعل الله، ألم تسمع الناس يقولون: رب القرآن، وأن

(1) الحذاء: السريعة.
412

القرآن يقول يوم القيامة: يا رب هذا فلان وهو اعرف به منه، قد أظمأت نهاره وأسهرت
ليله، فشفعني فيه وكذلك التوراة والإنجيل والزبور كلها محدثة مربوبة أحدثها
من ليس كمثله شئ هدى لقوم يعقلون، فمن زعم انهن لم يزلن فقد أظهر ان الله ليس
بأول قديم ولا واحد وأن الكلام لم يزل معه وليس له بدو، وليس باله، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم لاهية قلوبهم قال: من التلهي.
8 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن
شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: وقال: " انه عليم بذات الصدور " يقول: بما
ألقوه في صدورهم من العدواة لأهل بيتك والظلم بعدك، وهو قول الله عز وجل:
وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا الا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
9 - في تفسير علي بن إبراهيم ما آمنت قبلهم قرية أهلكناها أفهم يؤمنون
قال: كيف يؤمنون ولم يؤمن من كان قبلهم بالآيات حتى هلكوا.
10 - حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن محمد عن أبي داود سليمان بن
سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا
تعلمون من المعنون بذلك؟ قال: نحن، قلت: فأنتم المسؤولون؟ قال: نعم قلت: و
نحن السائلون؟ قال: نعم، قلت: فعلينا أن نسألكم؟ قال: نعم قلت: وعليكم أن
تجيبونا؟ قال: لا ذاك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا، ثم قال: " هذا عطاؤنا فامنن أو
أمسك بغير حساب ".
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد بسطنا الأحاديث في تفسير هذه الآية في النحل
فلتراجع ثمة.
11 - في مجمع البيان وفى تفسير أهل البيت عليهم السلام بالاسناد عن زرارة و
محمد بن مسلم وحمران بن أعين عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: تبدل بالأرض
413

خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب، قال الله تعالى: وما جعلناهم
جسدا لا يأكلون الطعام
12 - في تفسير العياشي زرارة عن أبي جعفر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
قول الله: " يوم تبدل الأرض غير الأرض " يعنى تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها
حتى يفرغ من الحساب؟ قال الله: " وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ".
13 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليهما السلام في الوعظ والزهد
في الدنيا يقول فيه عليه السلام: ولقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من
أهل القرى قبلكم حيث قال: وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وانما عنى بالقرية
أهلها حيث يقول: وأنشأنا بعدها قوما آخرين فقال عز وجل: فلما أحسوا باسنا
إذا هم منها يركضون يعنى يهربون قال: لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه و
مساكنكم لعلكم تسئلون فلما أتاهم العذاب قالوا يا ولينا انا كنا ظالمين فما زالت
تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين وأيم الله ان هذه عظة لكم وتخويف
ان اتعظتم وخفتم.
14 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن بدر بن
الخليل الأسدي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في قول الله عز وجل: " فلما أحسوا
بأسنا إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم
لعلكم تسألون " قال: إذا قام القائم وبعث إلى بنى أمية بالشام هربوا إلى الروم، فتقول
لهم الروم: لا ندخلكم حتى تتنصروا فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم، فإذا
نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح، فيقول أصحاب القائم: لا نفعل
حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا فيدفعونهم إليهم، فذلك قوله: " لا تركضوا وارجعوا
إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون " قال: يسألهم الكنوز وهو أعلم بها، قال:
فيقولون: " يا ولينا انا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا
خامدين " بالسيف وهو سعيد بن عبد الملك الأموي صاحب نهر سعيد بالرحبة.
414

15 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله عز وجل: " وكم
قصمنا من قرية كانت " يعنى أهل قرية كانت " ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما
أحسوا بأسنا " يعنى بنى أمية إذا أحسوا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليه " إذا هم
منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون "
يعنى الكنوز التي كنزوها، قال: فيدخل بنو أمية إلى الروم إذا طلبهم القائم عليه السلام،
ثم يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز التي كنزوها، فيقولون كما حكى الله
عز وجل: " يا ويلنا انا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا
خامدين " قال: بالسيف وتحت ظلال السيوف، وهذا كله مما لفظه ماض ومعناه
مستقبل، وهو مما ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله. (1)
16 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن يونس
ابن يعقوب عن عبد الاعلى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الغنا وقلت: انهم يزعمون

(1) في هامش بعض النسخ هكذا: " في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين حديث
طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يذكر فيه أيام ظهور القائم عليه السلام وفيه: ويخرج
رجل من أهل نجران راهب مستجيب للامام فيكون أهل النصارى أنصاري امابة ويهدم بيعته
ويذر صليبها ويخرج من الموالى إلى موضعها الناس والخيل فيسيرون إلى النخلة: علام هذا
فيكون مجتمع الناس جميعا من الأرض كلها بالفاروق وهي محجة أمير المؤمنين عليه السلام
وهو ما بين البرس والفرات فيقتل يومئذ بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى
يقتل بعضهم بعضا، فيومئذ تأويل هذه الآية: " فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا
خامدين " بالسيف تحت ظل السيف ويختلف من بنى الأشهل الزاجر للحظ في أناس من
غرايب هوابا حتى يأتون بسطون عوذا بالسحر فيومئذ تأويل هذه الآية: " فلما أحسوا بأسنا
إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون " ومساكنهم
الكنوز التي غلبوا من أموال المسلمين. " منه عفى عنه " أقول: ولا يخلو مواضع من هذا
الحديث من التصحيف لكن لم أظفر على المنقول منه فتركتها على حالها.
415

ان رسول الله صلى الله عليه وآله رخص في أن يقال: جيناكم جيناكم جيئونا جيئونا، فقال:
كذبوا ان الله عز وجل يقول: وما خلقنا السماوات والأرض وما بينها لاعبين
لو أردنا ان نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ان كنا فاعلين بل نقذف بالحق على
الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ثم قال: ويل لفلان مما
يصف، رجل لم يحضر المجلس.
17 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن رفعه قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: ليس من باطل يقوم بإزاء حق الأغلب الحق الباطل، وذلك
قول الله: بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق
18 - عنه عن يعقوب بن يزيد عن رجل عن الحكم بن مسكين عن أيوب بن الحر
بياع الهروي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أيوب ما من أحد الا وقد يرد عليه الحق
حتى يصدع قبله، قبله أم تركه، وذلك أن الله يقول في كتابه: " بل نقذف بالحق على
الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ".
19 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت
حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبائح
بألطاف الله تعالى، قال الله تعالى فيهم: " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون "
وقال عز وجل: وله من في السماوات والأرض ومن عنده يعنى الملائكة لا يستكبرون
عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون.
20 - في كتاب التوحيد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أن لله تبارك وتعالى ملائكة
ليس شئ من طباق أجسادهم الا وهو يسبح الله عز وجل ويحمده من ناحيته بأصوات
مختلفة، لا يرفعون رؤسهم إلى السماء، ولا يخفظونها إلى أقدامهم من البكاء و
الخشية لله عز وجل.
21 - وعن علي بن الحسين عليهما السلام حديث طويل في صفة خلق العرش
يقول فيه: له ثمانية أركان، على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم
416

الا الله عز وجل، يسبحون الليل والنهار لا يفترون.
22 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى داود بن فرقد العطار
عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الملائكة أينامون؟ فقال: ما من
حي الا وهو ينام خلا الله وحده، والملائكة ينامون، فقلت: يقول الله عز وجل:
" يسبحون الليل والنهار لا يفترون " قال: أنفاسهم تسبح.
23 - في تفسير علي بن إبراهيم حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وآله في ذكر ما رأى
في المعراج وفيه قال صلى الله عليه وآله: ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل خلقهم
الله كيف شاء، ووضع وجوههم كيف شاء، ليس شئ من أطباق أجسادهم الا وهو
يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء
من خشية الله، فسألت جبرئيل عنهم فقال: كما ترى خلقوا، ان الملك منهم إلى
جنب صاحبه ما كلمه قط، ولا رفعوا رؤسهم إلى ما فوقها، ولا حفظوها! إلى ما تحتها
خوفا وخشوعا، فسلمت عليهم فردوا على ايماءا برؤوسهم، ولا ينظرون إلى من الخشوع،
فقال لهم جبرئيل: هذا محمد نبي الرحمة أرسله الله إلى العباد رسولا ونبيا، وهو
خاتم النبيين وسيدهم أفلا تكلموه؟ قال: فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا على
بالسلام وأكرموني وبشروني بالخير لي ولامتى.
24 - في نهج البلاغة قال عليه السلام في وصف الملائكة: ومسبحون
لا يسأمون ولا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان.
25 - وفيه أيضا يقول فيهم عليه السلام: ولم تجر الفترات فيهم على طول
دؤبهم (1).
26 - في كتاب التوحيد باسناده إلى هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي
أتى أبا عبد الله عليه السلام وكان من قول أبي عبد الله له: لا يخلو قولك: إنهما اثنان من أن
يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والاخر ضعيفا، فان

(1) الدؤوب: الجد والاجتهاد.
417

كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير، وان زعمت أن أحدهما
قوى والاخر ضعيف ثبت انه واحد كما تقول، للعجز الظاهر في الثاني، وان قلت:
انهما اثنان لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو متفرقين من كل جهة، فلما
رأينا الخلق منتظما، والفلك جاريا واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر دل
صحة الامر والتدبير وايتلاف الامر أن المدبر واحد، ثم يلزمك ان ادعيت اثنين
فلا بد من فرجة بينهما حتى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما،
فيلزمك ثلاثة، فان ادعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتى يكون بينهما فرجتان
فيكون خمسا، ثم يناهي في العدد إلى ما لا نهاية في الكثرة.
27 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن
الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما الدليل على أن الله واحد؟ قال: اتصال التدبير وتمام الصنع كما
قال عز وجل: لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا.
28 - وباسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام حديث
طويل وفى آخره قلت: جعلت فداك بقيت مسألة، قال: هات لله أبوك، قلت: يعلم
القديم الشئ الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال: ويحك ان مسائلك
لصعبة أما سمعت الله يقول: " لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا " وقوله: " لعلا بعضهم على
بعض " وقال يحكى قول أهل النار: " ارجعنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل " و
قال: " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " فقد علم الشئ الذي لم يكن ان لو كان كيف
كان يكون.
29 - في تفسير علي بن إبراهيم: واما الرد على الثنوية فقوله: " ما
اتخذ الله من ولد " الآية قال: لو كان الهين لطلب كل واحد منهما العلو، وإذا شاء واحد
أن يخلق انسانا شاء الاخر أن يخالفه فيخلق بهيمة، فيكون الخلق منهما على مشيتهما،
واختلاف إراداتهما انسانا وبهيمة في حالة واحدة، فهذا من أعظم المحال غير موجود،
418

وإذا بطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان وكان واحدا، فهذا التدبير و
اتصاله وقوام بعضه ببعض واختلاف الأهواء والإرادات والمشيات يدل على صانع
واحد، وهو قول الله عز وجل: " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله إذا لذهب
كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض " وقوله: " لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا ".
30 - في كتاب الإهليلجة قال الصادق عليه السلام: وانه لو كان معه اله
لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض، ولا فسد كل واحد منهما على صاحبه.
31 - في كتاب مصباح الزائر لابن طاوس رحمه الله في دعاء الحسين عليه السلام يوم
عرفة لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا وتفطرتا.
32 - في كتاب التوحيد باسناده إلى ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
جعلت فداك ما تقول في القضاء والقدر؟ قال: أقول: إن الله تبارك وتعالى إذا جمع
العباد يوم القيامة سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.
33 - وباسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قلت لأبي -
جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام: يا بن رسول الله انا نرى الأطفال منهم من
يولد ميتا ومنهم من يسقط غير تام، ومنهم من يولد أعمى وأخرس وأصم، ومنهم من
يموت من ساعته إذا سقط إلى الأرض، ومنهم من يبقى إلى الاحتلام، ومنهم من يعمر
حتى يصير شيخا، فكيف ذلك وما وجهه؟ فقال عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى أولى بما
يدبره من أمر خلقه منهم، وهو الخالق والمالك لهم فمن منعه التعمير فإنما منعه ما ليس له
ومن عمره فإنما أعطاه ما ليس له، فهو المتفضل بما أعطى، وعادل فيما منع، ولا يسأل
عما يفعل وهم يسألون قال جابر: فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف لا يسأل عما يفعل؟
قال: لأنه لا يفعل الا ما كان حكمة وصوابا، وهو المتكبر الجبار والواحد القهار
فمن وجد في نفسه حرجا في شئ مما قضى كفر، ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد.
34 - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: يا بن آدم بمشيتي
كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت إلى فرائضي، وبنعمتي قويت
419

على معصيتي جعلتك سميعا بصيرا قويا ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من
سيئة فمن نفسك، وذلك أنى أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك منى، وذلك انى
لا اسأل عما أفعل وهم يسألون.
35 - في عيون الأخبار باسناده إلى محمد بن أبي يعقوب البلخي قال: سألت
أبا الحسن الرضا عليه السلام فقلت: لأي علة صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن؟
فقال: لان الله تعالى جعلها في ولد الحسين ولم يجعلها في ولد الحسن، والله
لا يسأل عما يفعل.
36 - في كتاب الخصال عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهما
السلام حديث طويل وفيه: قال: فقلت له: يا بن رسول الله كيف صارت الإمامة في ولد
الحسين دون ولد الحسن وهما جميعا ولدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسبطاه وسيدا شباب
أهل الجنة؟ فقال عليه السلام: ان موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين، فجعل الله
النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، ولم يكن لاحد أن يقول: لم فعل الله ذلك،
فان الإمامة خلافة الله عز وجل ليس لأحد أن يقول: لم جعلها في صلب الحسين دون
صلب الحسن، لان الله هو الحكيم في أفعاله " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ".
37 - في كتاب علل الشرايع عن علي عليه السلام حديث طويل يقول فيه في أثنائه وقد
ذكر خلقه آدم فاغترف تبارك وتعالى غرفة من الماء العذب الفرات، فصلصلها فجمدت
ثم قال لها: منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين، والأئمة المهتدين
الدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم القيامة، ولا أبالي ولا اسأل عما افعل وهم يسألون،
يعنى بذلك خلقه انهم يسألهم.
38 - في ارشاد المفيد قال رحمه الله وقد ذكر أبا عبد الله جعفر بن محمد
عليهما السلام: ومما حفظ عنه عليه السلام من موجز القول في العدل قوله لزرارة بن أعين:
يا زرارة أعطيك جملة في القضاء والقدر؟ قال له زرارة: نعم جلت فداك قال: إذا كان
يوم القيامة، وجمع الله الخلائق سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.
420

39 - في مجمع البيان هذا ذكر من معي وذكر من قبلي قال أبو عبد الله عليه السلام:
يعنى بذكر من معي ما هو كائن، وبذكر من قبلي ما قد كان.
40 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وقالوا اتخذ الرحمن
ولدا سبحانه بل عباد مكرمون قال: هو ما قالت النصارى ان المسيح ابن الله، وما
قالت اليهود عزيز بن الله، وقالوا في الأئمة ما قالوا، فقال الله عز وجل: سبحانه انفة
له (1) أبا عباد مكرمون، يعنى هؤلاء الذين زعموا انهم ولد الله، وجواب هؤلاء
الذين زعموا ذلك في سورة الزمر في قوله عز وجل: " لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى
مما يخلق ما يشاء ".
41 - في عيون الأخبار في الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام المنقولة عن
الجواد عليه السلام: السلام على الدعاة إلى الله إلى قوله: والمظهرين لأمر الله ونهيه، و
عباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون
42 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل: وفيه والزمهم الحجة بان خاطبهم خطابا يدل على انفراده وتوحيده وبأن لهم أولياء
تجرى أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله، فهم العباد المكرمون لا يسبقونه بالقول وهم
بأمره يعملون، قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم رسول الله صلى الله عليه وآله ومن
حل محله أصفياء الله الذين قال: " فأينما تولوا فثم وجه الله " الذين قرنهم الله بنفسه و
برسوله، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه.
43 - في الخرائج والجرائح في أعلام أمير المؤمنين عليه السلام في روايات الخاصة
اختصم رجل وامرأة إليه، فعلا صوت الرجل على المرأة، فقال له علي عليه السلام: اخسأ
وكان خارجيا، فإذا رأسه رأس الكلب، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين صحت
بهذا الخارجي فصار رأسه رأس الكلب فما يمنعك عن معاوية؟ فقال: ويحك لو أشاء
أن آتي بمعاوية إلى هيهنا على سريره لدعوت الله حتى فعل، ولكن لله خزان لا على

(1) أنفة له أي تنزيه.
421

ذهب ولا فضة ولا انكار على اسرار، هذا تدبير الله أما تقرأ: " بل عباد مكرمون
لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ".
44 - وروى الأصبغ بن نباتة قال: كنا نمشي خلف علي عليه السلام ومعنا رجل من
قريش فقال: يا أمير قد قتلت الرجال وأيتمت الأطفال وفعلت وفعلت؟
فالتفت إليه عليه السلام وقال: اخسأ فإذا هو كلب اسود فجعل يلوذ به ويبصبص (1)
فرآه عليه السلام فرحمه فحرك شفتيه فإذا هو رجل كما كان، فقال رجل من القوم: يا
أمير المؤمنين أنت تقدر على مثل هذا ويناويك معاوية (2) فقال: نحن عباد
مكرمون لا نسبقه بالقول ونحن بأمره عاملون.
45 - في تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق عليه السلام: ما أتى جبرئيل رسول الله
صلى الله عليه وآله الا كئيبا حزينا، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون، فلما أمره الله بنزول
هذه الآية: " الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " نزل عليه وهو ضاحك مستبشر
فقال رسول الله: ما أتيتني يا جبرئيل الا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة قال: نعم يا
محمد لما غرق الله فرعون قال: " آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وانا من
المسلمين " فأخذت حمأة (3) فوضعتها في فيه، ثم قلت له: " الان وقد عصيت قبل وكنت من
المفسدين " وعملت ذلك من غير أمر الله خفت ان تلحقه الرحمة من الله ويعذبني الله
على ما فعلت، فلما كان الان وأمرني الله ان أؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون امنت و
علمت أن ذلك كان لله رضى.
46 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره في خطبة مروية عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال: وان الله اختص لنفسه بعد نبيه صلى الله عليه وآله من بريته خاصة علاهم بتعليته، و
سما بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالرشاد عليه لقرن قرن، و

(1) بصيص الكلب: تحرك بذنبه.
(2) ناواه: عاداه.
(3) الحمأة: الطين الأسود.
422

زمن زمن، انشأهم في القدم قبل كل مذرو ومبرو أنوارا أنطقها بتمجيده بتحميده،
وألهمها شكره وتمجيده، وجعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان
العبودية، واستنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له بأنه فاطر الأرضين و
السماوات، وأشهدهم خلقه، وولاهم ما شاء من أمره، جعلهم تراجمة مشيته وألسن
ارادته، عبيدا " لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا
يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ".
47 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى أبى الحسن الثالث عليه السلام زيارة لأمير -
المؤمنين عليه السلام وفيها يقول الزائر: يا ولى الله ان لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي إلى ربك
عز وجل، فان لك عند الله مقاما محمودا، وان لك عند الله جاها وشفاعة، وقال الله: " لا
يشفعون الا لمن ارتضى ". وفى الكافي مثله سواء.
48 - في عيون الأخبار باسناده إلى الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا
عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " من
لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، ومن لمن يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي،
ثم قال عليه السلام: انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون فما عليهم من
سبيل، قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله فما معنى قول الله
عز وجل: " ولا يشفعون الا لمن ارتضى؟ قال: لا يشفعون الا لمن ارتضى الله دينه.
49 - في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام: قال: هذه
شرائع الدين إلى أن قال: وأصحاب الحدود فساق لا مؤمنون ولا كافرون،
لا يخلدون في النار، ويخرجون منها يوما والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين، إذا
ارتضى الله دينهم.
50 - في كتاب التوحيد حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه
قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن موسى بن
جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه قلت له: يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟
423

فقال: حدثني أبي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
اما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل، قال
ابن أبي عمير: فقلت له: يا ابن رسول الله كيف يكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى
يقول: " ولا يشفعون الا لمن ارتضى " ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى؟ فقال:
يا أبا محمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا الا ساءه ذلك وندم عليه، وقال النبي صلى الله عليه وآله: كفى
بالندم توبة، وقال عليه السلام: من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن، فمن لم يندم
على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن، ولم تجب له الشفاعة، وكان ظالما والله تعالى ذكره
يقول: " ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع " فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف
لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال: يا أبا أحمد ما من أحد يرتكب
كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنه سيعاقب عليها الا ندم على ما ارتكب، ومتى ندم كان
تائبا مستحقا للشفاعة، ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له، لأنه غير
مؤمن بعقوبة ما ارتكب، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: لا
كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الاصرار، واما قول الله عز وجل: " ولا يشفعون
الا لمن ارتضى " فإنهم لا يشفعون الا لمن ارتضى الله دينه، والدين الاقرار بالجزاء
على الحسنات والسيئات، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته
بعاقبته في القيامة.
51 - في تفسير علي بن إبراهيم: قوله: ومن يقل منهم انى اله من دونه فذلك
نجزيه جهنم قال: من زعم أنه امام وليس بامام.
52 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى أن عمرو بن عبيد وفد
على محمد بن علي الباقر عليهما السلام لامتحانه بالسؤال عنه، فقال له: جعلت فداك
ما معنى قول الله تعالى أو لم ير الذين كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما
ما هذا الرتق والفتق؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: كانت السماء رتقا لا ينزل القطر،
وكانت الأرض رتقا لا يخرج النبات ففتق الله السماء بالقطر، وفتق الأرض بالنبات فانقطع
424

عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى.
53 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن الحكم عن سيف بن
عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج هشام بن عبد الملك حاجا
ومعه الأبرش الكلبي، فلقيا أبا عبد الله عليه السلام في المسجد الحرام فقال: هشام للأبرش:
تعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه فقال:
الأبرش، لأسألنه عن مسألة لا يجيبني فيها نبي أو وصى نبي، فقال هشام: وددت انك
فعلت ذلك، فلقى الأبرش أبا عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله اخبرني عن قول الله: " أو لم
ير الذين كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما " فما كان رتقهما وما كان
فتقهما؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبرش هو كما وصف نفسه، كان عرشه على الماء، والماء
على الهواء، والهواء لا يحد، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب فرات،
فلما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا
ثم أزبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحى
الأرض من تحته فقال الله تبارك وتعالى: " ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا "
ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء، فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت
البحور حتى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير
نار، فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر و، وأجراها
في الفلك، وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر، وكانت الأرض غبراء
على لون الماء العذب، وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب، ولم يكن للأرض أبواب
وهو النبت، ولم تمطر السماء عليها فتنبت، ففتق السماء بالمطر، وفتق الأرض بالنبات
وذلك قوله " أو لم ير الذين كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما "
فقال الأبرش: والله ما حدثني بمثل هذا الحديث أحد قط أعده على، فأعاد عليه
وكان الأبرش ملحدا، فقال: وانا أشهد انك ابن نبي ثلاث مرات.
54 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن
425

سعيد عن محمد بن داود عن محمد بن عطية قال: قال رجل من أهل الشام لأبي جعفر
عليه السلام يا أبا جعفر قول الله عز وجل: " أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض
كانتا رتقا ففتقناهما " فقال له أبو جعفر عليه السلام فلعلك تزعم أنهما كانتا رتقا ملتزقتان
ملتصقتان ففتقت أحدهما من الأخرى؟ فقال: نعم، فقال أبو جعفر عليه السلام: استغفر
ربك فان قول الله عز وجل: " كانتا رتقا " يقول: كانت السماء رتقا لا تنزل المطر،
وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث
فيها من كل دابة، فتق السماء بالمطر، والأرض بنبات الحب، فقال الشامي:
اشهد انك من ولد الأنبياء، وان علمك علمهم، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
55 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبي
حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبو منصور عن أبي الربيع قال حججنا مع أبي جعفر
عليه السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك، وكان معه نافع مولى عمر بن
الخطاب، فقال: يا أبا جعفر فأخبرني عن قول الله عز وجل: " أو لم ير الذين كفروا ان
السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما " قال: إن الله تبارك وتعالى اهبط آدم إلى
الأرض وكانت السماء رتقا لا تمطر شيئا، وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلما تاب
الله عز وجل على آدم صلى الله عليه أمر السماء فتفطرت بالغمام، ثم أمرها فأرخت عزاليها
(1) ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار، وتفيهت بالأنهار (2) فكان ذلك
رتقها وهذا فتقها، فقال نافع: صدقت يا ابن رسول الله، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.

(1) أرخى الستر: اسدله. أرسله والعزالي جمع العزلاء: مصب الماء من الراوية
وأرخى السماء عزاليها كناية عن شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه القرب.
(2) أي فتحت أفواهها والقياس " تفوهت " بالواو ويحتمل كونه " تفنقت " فصحف، وفى
روضة الكافي " تفهقت " من فهق الاناء: امتلأ.
426

56 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وفتق بعد الارتتاق صوامت
أبوابها.
57 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام عبد الله بن بسطام قال: حدثنا ابن إسحاق
ابن إبراهيم عن أبي الحسن العسكري عليه السلام قال: حضرته يوما وقد شكى إليه بعض،
اخواننا، فقال: يا ابن رسول الله ان أهلي كثيرا يصيبهم هذا الوجع الملعون، قال:
وما هو؟ قال: وجع الرأس، قال: خذ قدحا من ماء واقرأ عليه: " أو لم ير الذين
كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي
أفلا يؤمنون " ثم أشر به فإنه لا يضره انشاء الله تعالى.
58 - وباسناده إلى حماد بن عيسى يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: إذا شكى
أحدكم وجع الفخذين فليجلس في تور كبير وطست، في الماء المسخن، وليضع
يده عليه وليقرأ: " أو لم ير الذين كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما
وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون ".
59 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون
قال: نسب كل شئ إلى الماء ولم ينسب الماء إلى غيره.
60 - في تفسير العياشي عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال كنا عنده
فسأله شيخ فقال: لي وجع وأنا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ، فقال له: ما
يمنعك من الماء " الذي جعل الله منه كل شئ حي " قال: لا يوافقني، الحديث وقد
كتب في النحل عند قوله تعالى: " فيه شفاء للناس ".
61 - في مجمع البيان وروى العياشي باسناده إلى الحسين بن علوان قال:
سئل أبو عبد الله عليه السلام عن طعم الماء؟ فقال: سل تفقها ولا تسأل تعنتا، طعم الماء طعم الحياة،
قال الله سبحانه: " وجعلنا من الماء كل شئ حي ".
62 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى الحسين بن علوان عن جعفر
عليه السلام قال: كنت عنده جالسا إذ جاء رجل فسأله عن طعم الماء وكانوا يظنون أنه زنديق
427

فأقبل أبو عبد الله عليه السلام يضرب فيه ويصعد ثم قال له: ويلك طعم الماء طعم الحياة، ان الله
عز وجل يقول: " وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون ".
63 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: وقال الله عز وجل: " وجعلنا من
الماء من كل شئ حي " فلما أحيى به كل شئ من نعيم الدنيا بفضله ورحمته حياة
القلوب والطاعات.
64 - في نهج البلاغة قال عليه السلام، بعد ذكره السماوات السبع: جعل سفلاهن
موجا مكفوفا، وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا.
65 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وجعلنا السماء سقفا محفوظا
يعنى من الشياطين أي لا يسترقون السمع واما قوله عز وجل: وما جعلنا لبشر من
قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون فإنه لما أخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله بما يصيب
أهل بيته بعده صلوات الله عليهم، وادعاء من ادعى الخلافة دونهم، اغتم رسول الله فأنزل
الله عز وجل: " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون * كل نفس ذائقة
الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة " أي نختبركم " والينا ترجعون " فأعلم ذلك رسول
الله صلى الله عليه وآله انه لابد ان تموت كل نفس.
66 - وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوما وقد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك
فقال: كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن
الذي نسمع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نريهم أجداثهم، ونأكل تراثهم
كأنا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة ورمينا بكل جائحة (1).
67 - في تفسير العياشي عن زرارة قال: كرهت أن أسأل أبا جعفر عليه السلام عن
الرجعة واستخفيت ذلك، قلت: لأسألن مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: اخبرني
عمن قتل أمات؟ قال: لا، الموت موت والقتل قتل، قلت: ما أحد يقتل الا وقد مات
فقال: قول الله أصدق من قولك فرق بينهما في القرآن قال: " أفإن مات أو قتل " وقال:

(1) الجائحة: النازلة، الشدة.
428

" لئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون " وليس كما قلت يا زرارة الموت موت والقتل قتل
قلت: فان الله يقول: كل نفس ذائقة الموت قال: من قتل لم يذق الموت، ثم قال:
لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت.
68 - في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام مرض
فعاده اخوانه، فقالوا: كيف نجدك يا أمير المؤمنين؟ قال: بشر، قالوا: ما هذا
كلام مثلك؟ قال: إن الله تعالى يقول: ونبلوكم بالخير والشر فتنة فالخير الصحة
والغنى، والشر المرض والفقر.
69 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: خلق الانسان من عجل قال: لما
أجرى في آدم الروح من قدميه فبلغت إلى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر: فقال الله
عز وجل: " خلق الانسان من عجل ".
70 - في مجمع البيان قيل في " عجل " ثلاثة تأويلات: منها أن آدم لما خلق و
جعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلان مبادرا إلى ثمار الجنة، وقيل: هم بالوثوب
فهذا معنى قوله: " من عجل " وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
71 - في نهج البلاغة قال عليه السلام إياك والعجلة بالأمور قبل أو انها والتساقط
فيها عند امكانها، أو اللجاجة فيها إذا تنكرت، أو الوهن عنها إذا استوضحت، فضع كل
أمر موضعه، وأوقع كل عمل موقعه.
72 - في كتاب الخصال عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
من التثبت يكون السلامة، ومع العجلة يكون الندامة، ومن ابتدأ العمل في غير
وقته كان بلوغه في غير حينه.
73 - وعن علي (ع) قال في كلام طويل: لا تعاجلوا الامر قبل بلوغه فتندموا
74 - في مجمع البيان أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها
وقيل بموت العلماء، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نقصانها ذهاب عالمها.
75 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليهما السلام في الوعظ والزهد
429

في الدنيا ذكرنا في هذه السورة بعضه عند قوله تعالى: " وكم قصمنا من قرية " الآية ويتصل
به قوله عليه السلام ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب، فقال عز وجل:
ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا انا كنا ظالمين فان قلتم أيها الناس ان
الله عز وجل انما عنى بهذا أهل الشرك فيكف ذلك وهو يقول: ونضع الموازين القسط ليوم
القيامة لا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بها وكفى بنا حاسبين
اعلموا عباد الله ان أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنصب لهم الدواوين، وانما
يحشرون إلى جهنم، وانما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الاسلام فاتقوا الله عباد الله.
76 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله تبارك وتعالى: " ونضع الموازين القسط ليوم
القيمة فلا تظلم نفس شيئا " فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيمة، يدين الله
تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين، وفى غير هذا الحديث: الموازين هم
الأنبياء والأوصياء عليهم السلام، وقوله عز وجل: " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " فان
ذلك خاصة.
77 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى هشام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن قول الله عز وجل: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا " قال:
هم الأنبياء والأوصياء.
78 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن إبراهيم الهمداني
يرفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام في قوله تعالى:: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة "
قال: الأنبياء والأوصياء عليهم السلام.
79 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة "
قال: المجازاة " وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها " أي جازينا بها، وهي ممدودة
أتينا بها، ثم حكى عز وجل قول إبراهيم لقومه وأبيه: فقال ولقد آتينا إبراهيم
رشده من قبل إلى قوله: بعد ان تولوا مدبرين قال: فلما نهاهم إبراهيم عليه السلام واحتج
430

عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا، فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع أهل مملكته إلى
عيد لهم وكره أن يخرج إبراهيم معه، فوكله ببيت الأصنام، فلما ذهبوا به عمد إبراهيم عليه السلام
إلى طعام فأدخله بيت أصنامهم، فكان يدنو من صنم صنم فيقول له: كل فإذا لم يجبه
أخذه القدوم (1) فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علق القدوم في
عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر، فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى
الأصنام مكسرة فقالوا: من فعل هذا بآلهتنا انه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى
يذكرهم يقال له إبراهيم وهو ابن آزر فجاؤوا به إلى نمرود، فقال نمرود لآزر:
خنتني وكتمت هذا الولد عنى؟ فقال: أيها الملك هذا عمل أمه وذكرت انها تقوم
بحجته، فدعا نمرود أم إبراهيم فقال: ما حملك على ما كتمت أمر هذا الغلام حتى
فعل بآلهتنا ما فعل؟ فقالت: أيها الملك نظرا منى لرعيتك، قال: وكيف ذلك؟
قالت: رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل، فقلت: إن كان هذا الذي
تطلبه دفعته إليه ليقتله وتكف عن قتل أولاد الناس، وان لم يكن ذلك بقي لنا ولدنا
وقد ظفرت به فشأنك فكف عن أولاد الناس وصوب رأيها، ثم قال لإبراهيم: من
فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال إبراهيم: فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان
كانوا ينطقون فقال الصادق عليه السلام: والله ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم، فقيل:
فكيف ذلك؟ فقال: انما قال: فعله كبيرهم هذا ان نطق، وان لم ينطق فلم يفعل
كبيرهم هذا شيئا، فاستشار قومه في إبراهيم فقالوا حرقوه وانصروا آلهتكم ان
كنتم فاعلين فقال الصادق عليه السلام: كان فرعون إبراهيم لغير رشده وأصحابه لغير
رشدهم فإنهم قالوا لنمرود: " حرقوه وانصروا آلهتكم ان كنتم فاعلين " وكان فرعون
موسى وأصحابه لرشدهم فإنه لما استشار أصحابه في موسى عليه السلام " قالوا أرجه وأخاه
وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم ".
فحبس إبراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم

(1) القدوم: آلة النجر والنحت.
431

في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بنى لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيم عليه السلام كيف
تأخذه النار، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار، و
كان الطائر إذا مر في الهواء يحترق، فوضع إبراهيم في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه
لطمة وقال له: ارجع عما أنت عليه، وأنزل الرب تبارك وتعالى ملائكة إلى السماء
الدنيا ولم يبق شئ الا طلب إلى ربه، وقالت الأرض: يا رب ليس على ظهري أحد
يعبدك غيره فيحرق؟ وقالت الملائكة: يا رب خليلك إبراهيم يحرق؟ فقال الله
عز وجل: انه ان دعاني كفيته، وقال جبرئيل: يا رب خليلك إبراهيم ليس في
الأرض أحد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار؟ فقال: اسكت انما يقول
هذا عبد مثلك يخاف الفوت، هو عبدي آخذه إذا شئت، فان دعاني أجبته فدعا
إبراهيم عليه السلام ربه بسورة الاخلاص: يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد و
لم يكن له كفوا أحد نجنى من النار برحتمك، قال: فالتقى معه جبرئيل
في الهواء وقد وضع في المنجنيق، فقال: يا إبراهيم هل لك إلى من حاجة؟ فقال
إبراهيم عليه السلام: اما إليك فلا، واما إلى رب العالمين فنعم، فدفع إليه خاتما عليه مكتوب
لا إله إلا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري إلى الله، وأسندت أمرى إلى الله، وفوضت
امرى إلى الله، فأوحى الله عز وجل إلى النار، كونى بردا فاضطربت أسنان إبراهيم
من البرد حتى قال: وسلاما على إبراهيم وانحط جبرئيل عليه السلام وجلس معه يحدثه
في النار ونظر نمرود فقال: من اتخذ الها فليتخذ مثل اله إبراهيم، فقال عظيم من
عظماء أصحاب نمرود: انى عزمت على النار ان لا تحرقه، فخرج عمود من النار نحو
الرجل فاحرقه فآمن له لوط، فخرج مهاجرا إلى الشام، ونظر نمرود إلى إبراهيم
عليه السلام في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لآزر: يا آزر ما أكرم ابنك على
ربه قال: وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم، وكان الضفدع (1) يذهب بالماء
ليطفئ به النار، قال: ولما قال الله عز وجل للنار كونى بردا وسلاما، لم تعمل

(1) الضفدع: دابة مائية دقيقة العظام وهي كثيرة الأنواع وبالفارسية " غوك "
432

النار في الدنيا ثلاثة أيام، ثم قال الله عز وجل: وأراد به كيدا فجعلناهم الأخسرين
فقال الله عز وجل: ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين إلى
الشام وسواد الكوفة.
80 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد عن الأصبغ بن نباتة ان عليا
عليه السلام مر بقوم يلعبون الشطرنج، فقال: " ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون:؟.
81 - في عوالي اللئالي وانه صلى الله عليه وآله مر بقوم يلعبون الشطرنج فقال: " ما
هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون "؟.
82 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن
أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام
وأحبارهم قال لأمير المؤمنين: فان هذا إبراهيم حد أصنام قومه غضبا لله عز وجل قال
له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستين
صنما، ونفاها من جزيرة العرب، وأذل من عبدها بالسيف، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
83 - في عيون الأخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر عليهما السلام مع
هارون الرشيد ومع موسى المهدى حديث طويل وفيه قال (ع) لما قال له هارون: كيف
تكون ذرية رسول الله وأنتم أولاد ابنته؟ بعدما نقل عليه السلام آية المباهلة، واحتج
بها على أن العلماء قد اجمعوا على أن جبرئيل قال يوم أحد: يا محمد ان هذه
لهى المواساة من على، قال: لأنه منى وانا منه، فقال جبرئيل وانا منكما يا رسول الله
ثم قال: لا فتى الا على لا سيف الا ذو الفقار، فكان كما مدح الله عز وجل خليله
عليه السلام إذا يقول: " فتى يذكرهم هم يقال له إبراهيم " انا معشر بنى عمك نفتخر بقول
جبرئيل انه منا.
84 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا
عن أبي عبد الله عليه السلام ثم قال: سألته عن قول الله عز وجل في قصة إبراهيم: " قال بل فعله
433

كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون " قال: ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم
عليه السلام فقلت: وكيف ذاك؟ قال: انما قال إبراهيم: " فاسألوهم ان كانوا ينطقون "
فكبيرهم فعل، وان لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا فما نطقوا وما كذب إبراهيم عليه السلام
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
85 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن حماد بن عثمان عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انا قد روينا
عن أبي جعفر عليه السلام في قول يوسف: " أيتها العير انكم لسارقون " فقال: والله ما سرقوا
وما كذب، وقال إبراهيم: " بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون "
فقال: والله ما فعلوا وما كذب، قال فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما عندكم يا صيقل؟ قال:
قلت: ما عندنا فيها الا التسليم، قال: فقال: ان الله أحب اثنين وأبغض اثنين: أحب
الخطو فيما بين الصفين، وأحب الكذب في الاصلاح، وأبغض الخطو في الطرقات، و
أبغض الكذب في غير الاصلاح ان إبراهيم عليه السلام انما قال: " بل فعله كبيرهم
هذا " إرادة الاصلاح، ودلالة على أنهم لا يفعلون، وقال يوسف إرادة الاصلاح.
86 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن معمر
ابن عمرو عن عطاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا كذب على مصلح ثم تلا:
" أيتها العير انكم لسارقون " قال: والله ما سرقوا وما كذب، ثم تلا: " بل فعله كبيرهم
هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون " ثم قال: والله ما فعلوه وما كذب.
87 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي
عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكلام ثلاثة: صدق وكذب واصلاح
بين الناس.
88 - في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن
الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال: قيل لأبي جعفر عليه السلام وانا عنده: ان
سالم بن أبي حفصة وأصحابه يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج،
434

فقال: ما يريد سالم منى؟ أيريد ان أجئ بالملائكة، والله ما جاءت بهذا النبيون،
ولقد قال إبراهيم عليه السلام: " بل فعله كبيرهم هذا " وما فعله وما كذب.
89 - وفى حديث أبي حمزة الثمالي انه دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين
عليه السلام وقال: يا ابن الحسين أنت الذي تقول: ان يونس بن متى انما لقى من
الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال: بلى ثكلتك أمك،
قال: فأرني آية ذلك ان كنت من الصادقين؟ فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة،
ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن
عمر: يا سيدي دمى في رقبتك الله الله في نفسي! فقال: هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين؟
ثم قال: يا أيتها الحوت، قال: فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو
يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا سيدي، قال:
ايتنا بالخبر، قال: يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد
الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن
توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما القى نوح من الغرق، و
ما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، و
لقى داود من الخطيئة، إلى أن بعث الله يونس، فأوحى الله إليه: أن يا يونس تول
أمير المؤمنين.
90 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه قال عليه السلام
وان إبراهيم عليه السلام لما وضع في المنجنيق غضب جبرئيل، فأوحى الله تعالى إليه: ما
يبغضك يا جبرئيل؟ فقال: خليك ليس من يعبدك على وجه الأرض غيره سلطت
عليه عدوك وعدوه؟ فأوحى الله عز وجل: اسكت انما يعجل الذي يخاف الفوت مثلك
فاما انا فإنه عبدي آخذه إذا شئت، قال: فطابت نفس جبرئيل فالتفت إلى إبراهيم
عليه السلام فقال: هل لك من حاجة؟ قال: اما إليك فلا، فأهبط الله عز وجل عندها خاتما
فيه ستة أحرف: لا إله إلا الله محمد رسول الله لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، فوضت
435

أمرى إلى الله أسندت ظهري إلى الله حسبي الله، فأوحى الله جل جلاله إليه: أن تختم بهذا
الخاتم فانى أجعل النار عليك بردا وسلاما.
في كتاب الخصال عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى بن جعفر
عليهما السلام مثله سواء.
91 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل
عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: فقال: يا أمير المؤمنين
أخبرني عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأي أربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر أربعاء في
الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل ويوم الأربعاء القى إبراهيم عليه السلام في
النار ويوم الأربعاء وضعوه في المنجنيق.
92 - في كتاب الخصال عن داود بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله -
صلى الله عليه وآله نهى عن قتل ستة: النخلة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف، إلى
أن قال عليه السلام: واما الضفدع فإنه لما أضرمت النار على إبراهيم شكت هوام الأرض إلى
الله تعالى، واستأذنته ان تصب عليها الماء، فلم يأذن الله لشئ منها الا الضفدع، فاحترق
ثلثاه وبقى الثلث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
93 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب عن أبي
عبد الله عليه السلام حديث طويل يذكر فيه القائم عليه السلام وفيه: فإذا انشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله
انحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك، وثلاثة عشر ملكا، كلهم ينظرون القائم عليه السلام، وهم
الذين كانوا مع نوح عليه السلام في السفينة، والذين كانوا مع إبراهيم عليه السلام
حيث ألقى في النار.
94 - وباسناده إلى مفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول
أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام؟ قال: قلت: لا، قال: إن إبراهيم عليه السلام لما
أوقدت له النار نزل إليه جبرئيل بالقميص، وألبسه إياه، فلم يضر معه حر ولا برد، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
436

95 - في مجمع البيان وروى الواحدي بالاسناد مرفوعا إلى أنس بن مالك
عن النبي صلى الله عليه وآله ان نمرود الجبار لما القى إبراهيم في النار نزل إليه جبرئيل بقميص من
الجنة وطنفسة من الجنة (1) فألبسه القميص، وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه.
96 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن هلال قال قال أبو عبد الله
عليه السلام: لما القى إبراهيم عليه السلام في النار تلقاه جبرئيل في الهواء وهو يهوى،
فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال: اما إليك فلا.
97 - وباسناده إلى محمد بن أورمة عن الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: لما القى إبراهيم في النار أوحى الله عز وجل إليها: وعزتي
وجلالي لئن آذيته لأعذبنك، وقال: لما قال الله عز وجل: " يا نار كونى بردا و
سلاما على إبراهيم " ما انتفع أحد بها ثلاثة أيام وما سخنت ماءهم.
98 - في أصول الكافي اسحق قال: حدثني الحسن بن ظريف قال: اختلج
في صدري مسئلتان أردت الكتاب فيهما إلى أبى محمد عليه السلام فكتبت أسأله عن القائم
إذا قام بما يقتضى وأين مجلسه الذي يقضى فيه بين الناس؟ وأردت أن أسأله عن شئ لحمي
الربع فأغفلت خبر الحمى، فجاء الجواب: سألت عن القائم إذا قام، قضى بين الناس
بعلمه كقضاء داود عليه السلام، لا يسأل البينة، وكنت أردت ان تسأل لحمي الربع
فأنسيت فاكتب في ورقة وعلقه في المحموم فإنه يبرأ بإذن الله إن شاء الله: " يا نار كونى
بردا وسلاما على إبراهيم " فعلقنا عليه ما ذكر أبو محمد عليه السلام فأفاق.
99 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
يقول فيه عليه السلام: قولنا ان إبراهيم خليل الله فإنما هو مشتق من الخلة، والخلة
انما معناها الفقر والفاقة، وقد كان خليلا إلى ربه فقيرا واليه منقطعا، وعن غيره
متعففا معرضا مستغنيا، وذلك لما أريد قذفه في النار فرمى به في المنجنيق، فبعث الله
عز وجل إلى جبرئيل عليه السلام وقال له: أدرك عبدي، فجاءه فلقيه في الهواء فقال

(1) الطنفسة: البساط.
437

: كلفني ما بدا لك فقد بعثني الله لنصرتك فقال: بل حسبي الله ونعم الوكيل انى لا
اسأل غيره، ولا حاجة الا إليه فسمى خليله أي فقيره ومحتاجه، والمنقطع إليه عمن سواه.
100 - وعن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: ان إبراهيم عليه السلام لما القى في النار قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل
محمد لما أنجيتني منها، فجعلها الله عليه بردا وسلاما، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
101 - وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي
عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان
إبراهيم قد أسلمه قومه على الحريق فصبر فجعل الله عز وجل النار عليه بردا وسلاما
فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟ قال له علي (ع): لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله لما نزل
بخيبر سمته الخيبرية، فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله، فالسم
يحرق إذا استقر في الجوف، كما أن النار تحرق فهذا من قدرته لا تنكره. (1)
102 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن أبان بن عثمان عن حجر عن أبي عبد الله (ع) قال: خلف إبراهيم صلى الله عليه قومه
وعاب آلهتهم، إلى قوله: فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم، دخل إبراهيم صلى الله عليه
إلى آلهتهم بقدوم فكسرها الا كبيرا لهم، ووضع القدوم في عنقه، فرجعوا إلى آلهتهم
فنظروا إلى ما صنع بها، فقالوا: لا والله ما اجترى عليها ولا كسرها الا الفتى الذي

(1) " في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال
الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام لأصحابه قبل أن يقتل: قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال لي: يا بنى انك ستساق إلى العراق وهي أرض قد التقى فيها النبيون وأوصياء النبيين،
وهي أرض تدعى غمورا، وانك تستشهد بها وتستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون ألم مس
الحديد، وتلا: " يا نار كونى بردا وسلاما " يكون الحرب عليك وعليهم بردا وسلاما والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة. " منه (ره)
438

كان يعيبها ويبرأ منها، فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار، فجمع له الحطب واستجادوه
حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء لينظر إليه
كيف تأخذه النار، ووضع إبراهيم عليه السلام في منجنيق وقالت الأرض: يا رب ليس على
ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار؟ قال الرب: ان دعاني كفيته.
فذكر أبان عن محمد بن مروان عمن رواه عن أبي جعفر عليه السلام أن دعاء إبراهيم
صلى الله عليه يومئذ كان: يا أحد يا أحد يا صمد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له
كفوا أحد ثم قال: توكلت على الله، فقال الرب تبارك وتعالى: كفيت، فقال
للنار: " كونى بردا " قال: فاضطربت أسنان إبراهيم صلى الله عليه من البرد حتى قال الله
عز وجل: " وسلاما على إبراهيم " وانحط جبرئيل عليه السلام فإذا هو جالس مع إبراهيم
يحدثه في النار، قال نمرود: من اتخذ الها فليتخذ مثل اله إبراهيم، قال: فقال
عظيم من عظمائهم: انى عزمت على النار ان لا تحرقه، فأخذ عنق من النار نحوه
حتى أحرقه، قال: فآمن له لوط فخرج مهاجرا إلى الشام هو وسارة ولوط.
103 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن
محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن إبراهيم صلى
الله عليه لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود، فأوثق وعمل له حيرا (1) وجمع له فيه الحطب
وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم صلى الله عليه في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت
النار، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم عليه السلام سليما مطلقا من وثاقه، فأخبر نمرود خبره
فأمر أن ينفوا إبراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله، فحاجهم
إبراهيم عند ذلك، فقال: ان أخذتم ماشيتي ومالي فحقي عليكم أن تردوا على ما ذهب
من عمري في بلادكم، واختصموا إلى قاضى نمرود وقضى على إبراهيم ان يسلم
إليهم جميع ما أصاب في بلادهم، وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا على إبراهيم
صلى الله عليه ما ذهب من عمره في بلادهم، فأخبر بذلك نمرود فأمرهم ان يخلوا سبيله و

(1) الحير: شبه الحظيرة.
439

سبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه، وقال: انه ان بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر
بآلهتكم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
104 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس
عن أحمد بن محمد عن عيسى بن محمد عن علي بن مهزيار عن أحمد بن محمد البزنطي
عن يحيى بن عمران عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ووهبنا له اسحق و
يعقوب نافلة قال: ولد الولد نافلة.
105 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام حديث طويل في وصف الإمامة والامام
وذكر فضل الامام يقول فيه عليه السلام: ثم أكرمه الله عز وجل بأن جعلها في ذريته وأهل الصفوة و
الطهارة فقال عز وجل: ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين و
جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وايتاء
الزكاة وكانوا لنا عابدين فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا قرنا حتى
ورثها النبي صلى الله عليه وآله، فقال الله جل جلاله: " ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه
وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين " فكانت خاصه، فقلدها صلى الله عليه وآله عليا
عليه السلام بأمر الله عز وجل على رسم ما فرض الله تعالى، فصارت في ذريته الأصفياء الذين
آتاهم الله العلم والايمان، بقوله تعالى: " قال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم
في كتاب الله إلى يوم البعث " فهي في ولد علي بن أبي طالب عليه السلام خاصة إلى يوم القيامة
إذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله.
في أصول الكافي مثله سواء.
106 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير أبى العباس
ابن عقدة عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما الصبر
الجميل؟ قال: ذاك صبر ليس شكوى إلى الناس، ان إبراهيم بعث يعقوب إلى
راهب من الرهبان عابد من العباد في حاجة، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب
إليه فاعتنقه وقال: مرحبا بك يا خليل الرحمن، فقال يعقوب: لست بإبراهيم ولكني
440

يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة هنا.
107 - وفى كتاب المناقب لابن شهرآشوب عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
في فضل على وفاطمة عليهما السلام وفيه قال صلى الله عليه وآله: وارزقهما ذريه طاهرة طيبة
مباركة واجعل في ذريتهما البركة، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك
ويأمران بما يرضيك.
108 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين
عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال: إن الأئمة في كتاب
الله عز وجل امامان: قال الله تبارك وتعالى: " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا " لا بأمر
الناس، يقدمون ما أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال: " وجعلناهم
أئمة يدعون إلى النار " يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون
بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله.
109 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: ونجيناه يعنى لوطا من القرية
التي كانت تعمل الخبائث قال: كانوا ينكحون الرجال.
110 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن بعض
أصحابنا عن المعلى أبى عثمان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول عز وجل:
وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم فقال: لا يكون النفش
الا بالليل، ان على صاحب الحرث ان يحفظ الحرث بالنهار، وليس على صاحب الماشية
حفظها بالنهار، انما رعاها بالنهار وأرزاقها، فما أفسدت فليس عليها، وعلى صاحب
الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا وهو
النفش، وان داود عليه السلام حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم وحكم سليمان عليه السلام الرسل
والثلاثة وهو اللبن والصوف في ذلك العام.
111 - أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن بحر عن ابن
مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له قول الله عز وجل: وداود
441

وسليمان أد يحكمان في الحرث قلت: حين حكما في الحرث كان قضية واحدة؟
فقال: انه كان أوحى الله عز وجل إلى النبيين قبل داود إلى أن بعث الله داود: أي غنم
نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم، ولا يكون النفش الا بالليل، فان على
صاحب الزرع أن يحفظ بالنهار، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل، فحكم داود
بما حكمت به الأنبياء عليهم السلام من قبله، وأوحى الله عز وجل إلى سليمان (ع):
وأي غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع الا ما خرج من بطونها، وكذلك جرت
السنة بعد سليمان (ع) وهو قول الله عز وجل: وكلا آتيناه حكما وعلما فحكم كل
واحد منهما بحكم الله عز وجل.
112 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن يزيد بن إسحاق شعر عن هارون
ابن حمزة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البقر والإبل والغنم يكون في الرعى فتفسد
شيئا هل عليها ضمان؟ فقال: ان أفسدت نهارا فليس عليها ضمان من أجل ان أصحابه
يحفظونه، وان أفسدت ليلا فإنه عليها ضمان.
113 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
جمهور عن حماد بن عيسى عن منهال عن عمرو بن صالح عن محمد بن سليمان عن عيثم بن
أسلم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: إن الإمامة عهد من الله عز وجل معهود
لرجال مسمين، ليس للامام ان يزويها عن الذي يكون من بعده، ان الله تبارك وتعالى
أوحى إلى داود (ع) ان اتخذ وصيا من أهلك، فإنه قد سبق في علمي أن لا ابعث نبيا
الا وله وصى من أهله، وكان لداود عليه السلام أولاد عدة، وفيهم غلام كانت أمه عند داود
وكان لها محبا، فدخل داود حين أتاه الوحي فقال لها: ان الله عز وجل أوحى إلى
يأمرني ان أتخذ وصيا من أهلي، فقالت له امرأته: فليكن ابني، قال: ذاك أريد
وكان السابق في علم الله المحتوم عنده انه سليمان، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود:
ان لا تجعل دون أن يأتيك امرى، فلم يلبث داود ان ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم
والكرم، فأوحى الله عز وجل إلى داود: ان أجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب
442

فهو وصيك من بعدك، فجمع داود عليه السلام ولده فلما ان قص الخصمان قال سليمان
عليه السلام: يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال: دخلته ليلا،
قال: قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في علمك هذا، ثم قال
له داود: فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل فكان ثمن
الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان: ان الكرم لم تجتث من أصله وانما أكل حمله
(1) وهو عائد في قابل، فأوحى الله عز وجل إلى داود: ان القضاء في هذه القضية ما قضى
سليمان به. يا داود أردت أمرا واردنا أمرا غيره، فدخل داود على امرأته فقال: أردنا
أمرا وأراد الله أمرا غيره، ولم يكن الا ما أراد الله عز وجل فقد رضينا بأمر الله عز وجل
وسلمنا، وكذلك الأوصياء ليس لهم ان يتعدوا بهذا الامر فيجاوزن صاحبه إلى غيره.
114 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان في بني إسرائيل رجل وكان له كرم
ونفشت فيه الغنم بالليل وقضمته (2) وأفسدته، فجاء صاحب الكرم إلى داود فاستعدى على
صاحب الغنم، فقال داود عليه السلام: اذهبا إلى سليمان عليه السلام ليحكم بينكما، فذهبا
إليه فقال سليمان عليه السلام: إن كان الغنم اكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم ان
يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطونها، وإن كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فإنه
يدفع ولدها إلى صاحب الكرم، وكان هذا حكم داود، وانما أراد ان يعرف بني إسرائيل ان
سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم، ولو اختلف حكمهما لقال: كنا لحكمهما شاهدين.
115 - في من لا يحضره الفقيه روى جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام في قول الله عز وجل: " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم
القوم " قال لم يحكما انما كانا يتناظران ففهمها سليمان.
116 - وروى الوشاء عن أحمد بن عمر الحلبي قال: سألت أبا الحسن
* (هامش * (1) الجث: انتزاع لشجرة من أصله والحمل - بالكسر - ما يحمله الشجر من الثمرة
(2) أي أكلته.
443

عليه السلام عن قول الله عز وجل: " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث "
قال: كان حكم داود رقاب الغنم، والذي فهم الله عز وجل سليمان ان الحكم لصاحب
الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله.
117 - في مجمع البيان واختلف في الحكم الذي حكما به، فقيل إنه كان
كرما قد بدت عناقيده (1) فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان عن هذا
يا نبي الله أرفق (2) قال: وما ذاك؟ قال: تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه
حتى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم
كما كان، ثم دفع كل واحد منهما إلى صاحبه ما له وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله
عليهما السلام.
118 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله ان سليمان قضى بحفظ المواشي على أربابها ليلا
وقضى بحفظ الحرث على أربابه نهارا.
قال عز من قائل: وسخرنا من داود الجبال يسبحن والطير وعلمناه صنعة
لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون.
119 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم
عن الصادق عليه السلام أنه قال في حديث يذكر فيه قصة داود عليه السلام انه خرج يقرء الزبور،
وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر الا جاوبه.
120 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن
جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام
وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال
معه لخوفه؟ قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من

(1) العناقيد جمع العنقود وهو من العنب وغيره: ما تعقد وتراكم من حبه في عرق
واحد وبالفارسية " خوشة ".
(2) كذا في النسخ وفى المصدر " فقال سليمان: غير هذا يا نبي الله ".
444

هذا، انه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي
(1) من شده البكاء، وقد امنه الله عز وجل من عذابه، فأراد ان يتخشع لربه ببكائه
ويكون إماما لمن اقتدى به، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمد
صلى الله عليه وآله ما هو أفضل من هذا، إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال
له: قر فليس عليك الا نبي أو صديق شهيد، فقر الجبل مجيبا لامره، منتهيا إلى طاعته
ولقد مررنا معه بجبل، وإذا الدموع تخرج من بعضه، فقال له: ما يبكيك يا جبل؟
فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بي وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس
والحجارة فأنا أخاف ان أكون تلك الحجارة، قال: لا تخف تلك الحجارة
الكبريت، فقر الجبل وسكن وهدأ (2) وأجاب لقوله.
121 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب كتاب الارشاد للزهري قال سعيد
ابن المسيب: كان الناس لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين عليه السلام فخرج
وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده، فلم يبق شجر
ولا مدر الا سبحوا معه، ففزعت منه فرفع رأسه فقال: يا سعيد أفزعت؟ قلت: نعم يا ابن
رسول الله، فقال: هذا التسبيح الأعظم.
وفى رواية سعيد بن المسيب قال: كان القراء لا يحجون حتى يحج زين العابدين
عليه السلام، وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض، ويمنع نفسه، فسبق يوما إلى
الرحل فألفيته وهو ساجد، فوالذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل و
الراحلة يردون عليه مثل كلامه.
122 - في الكافي أحمد بن أبي عبد الله عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي -

(1) قال الجزري وفيه " انه كان يصلى ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء " أي
خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء وقيل هو ان يجيش جوفه ويغلى بالبكاء
" انتهى " والمرجل - كمنبر -: القدر. والأثافي: الأحجار التي يوضع عليها القدر
(2) هدأ بمعنى سكن أيضا.
445

قرة عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين صلى الله عليه قال: أوحى الله عز وجل إلى داود
عليه السلام انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال، ولا تعمل بيدك شيئا قال: فبكى
داود عليه السلام أربعين صباحا فأوحى الله عز وجل إلى الحديد ان: لن لعبدي داود،
فالآن الله عز وجل له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة
وستين درعا فباعها بثلاثمأة وستين ألفا، واستغنى عن بيت المال.
123 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ولسليمان الريح عاصفة
قال: تجرى من كل جانب إلى الأرض التي باركنا فيها قال: إلى بيت المقدس
والشام.
124 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين
عليه السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء والتطير
منه وثقله وأي أربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه
قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار، ويوم الأربعاء ابتلى
أيوب عليه السلام بذهاب ماله وولده.
125 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ابتلى أيوب سبع سنين بلا ذنب
126 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: إن أيوب عليه السلام ابتلى بغير
ذنب، وان الأنبياء معصومون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا
كبيرا وقال عليه السلام: ان أيوب مع جميع ما ابتلى به لم تنتن له رائحة، ولا قبحت له صورة
ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح، ولا استقذره أحد رآه، ولا استوحش منه أحد شاهده
ولا تدود شئ من جسده، وهكذا يصنع الله عز وجل بجميع من يبليه من أنبيائه و
أوليائه المكرمين عليه، وانما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره، لجهلهم
بما له عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرح، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: أعظم الناس
بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وانما ابتلاه الله بالبلاء العظيم الذي يهون معه على
جميع الناس، لئلا يدعوا له معه الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله تعال ذكره ان يوصله
446

إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه، ليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله تعالى على
ضربين: استحقاق واختصاص، ولئلا يحقروا ضعيفا لضعفه، ولا فقيرا لفقره، ولا مريضا
لمرضه، وليعلموا انه يسقم من يشاء ويشفى من يشاء، متى شاء كيف شاء بأي شئ شاء،
ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء، وشقاوة لمن يشاء، وهو عز وجل في جميع ذلك عدل
في قضاءه، وحكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده الا الا صلح لهم ولا قوة الا بالله.
127 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
انما كانت بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها، وكان
إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش، فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة
حسده إبليس، فقال: يا رب ان أيوب لم يؤد شكر هذه النعمة الا بما أعطيته من الدنيا
فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة، فقال: قد سلطتك على دنياه، فلم
يدع له دنيا ولا ولدا الا أهلك كل شئ له، وهو يحمد الله عز وجل ثم رجع إليه فقال:
يا رب ان أيوب يعلم أنك سترد إليه دنياه التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه تعلم أنه
لا يؤدى شكر نعمة، قال الله عز وجل: قد سلطتك على بدنه ما عدا عينه وقلبه و
لسانه وسمعه، فقال أبو بصير: قال أبو عبد الله عليه السلام: فانقض مبادرا خشية أن
تدركه رحمة الله عز وجل فتحول بينه وبينه، فنفخ في منخريه من نار السموم فصار جسده
نقطا نقطا.
128 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله
البرقي عن أبيه عن عبد الله بن يحيى البصري عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال: سألت
أبا الحسن الماضي عليه السلام عن بلية أيوب التي ابتلى بها في الدنيا لأي علة كانت؟ قال:
لنعمة أنعم الله عليه بها فأدى شكرها، وذكر كالسابق إلى قوله: فتحول بينه وبينه،
ويتصل بذلك فلما اشتد به البلاء وكان في آخر بليته جاءه أصحابه فقالوا: يا أيوب
ما نعلم أحدا ابتلى بمثل هذه البلية الا لسريرة سوء، فلعلك أسررت سوءا في الذي
تبدى لنا قال: فعند ذلك ناجى أيوب ربه عز وجل: رب ابتليتني بهذه البلية وأنت تعلم
447

انه لم يعرض لي أمران قط الا لزمت أخشنهما على بدني ولم آكل أكلة قط الا وعلى
خوانى يتيم، فلو ان لي منك مقعد الخصم لأدليت بحجتي (1) قال: فعرضت سحابة
فنطق فها ناطق فقال: يا أيوب أدل بحجتك، قال: فشد عليه مزره وجثا على ركبتيه
وقال: ابتليتني وأنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط الا الزمت أخشنهما على بدني، ولم
آكل أكلة من طعام الا وعلى خوانى يتيم. قال: فقيل له: يا أيوب من حبب إليك
الطاعة؟ قال: فأخذ كفا من تراب فوضعه في فيه ثم قال: أنت يا رب.
129 - وباسناده إلى الحسن الربيع عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الله تبارك وتعالى ابتلى أيوب عليه السلام بلا ذنب فصبر حتى عير، وان الأنبياء
لا يصبرون على التعيير.
130 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن
عثمان النواء من ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل يبتلى المؤمن بكل
بلية، ويميته بكل ميتة ولا يبتليه بذهاب عقله أما ترى أيوب عليه السلام كيف سلط إبليس على
ماله وعلى أهله، وكل شئ منه، ولم يسلط على عقله، ترك له يوحد الله عز وجل به.
131 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد
ابن عيسى بن زياد عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير وغيره عن أبي
عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال: أحيى
الله عز وجل له أهله الذين كانوا قبل البلية، وأحيى له الذين ماتوا وهو في البلية.
132 - في روضة الكافي يحيى بن عمران عن هارون بن خارجة عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " وآتيناه أهله ومثلهم معهم " قلت: ولده
كيف أوتى مثلهم معهم؟ قال: أحيى الله له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم
مثل الذين هلكوا يومئذ.
133 - علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن منصور
ابن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: " فإذا قرأت القرآن فاستعذ

(1) أدلى بحجته: أصفرها واحتج بها.
448

بالله من الشيطان الرجيم * انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " فقال:
يا أبا محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه، ولا يسلط على دينه، قد سلط على أيوب عليه السلام
فشوه خلقه، ولم يسلط على دينه، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط
على دينهم.
134 - في ارشاد المفيد رحمه الله عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه
عليه السلام: انا سيد الشيب، وفى سنة من أيوب.
135 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب في حديث أبي حمزة الثمالي ان
علي بن الحسين عليهما السلام دعا حوت يونس بن متى، فاطلع الحوت رأسه من البحر
مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت
يونس يا سيدي، قال: ايتنا بالخبر، قال: يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من
آدم إلى أن صار جدك محمد، الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من
الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة،
وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى
أيوب من البلاء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
136 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون مع أهل
الملل والمقالات وما أجاب به علي بن جهم في عصمة الأنبياء باسناده إلى أبى الصلت
الهروي قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليه السلام إلى أن حكى قوله
عليه السلام: واما قوله: وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه انما
ظن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول الله عز وجل: " واما إذا ما
ابتلاه فقدر عليه رزقه " أي ضيق عليه رزقه، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.
137 - وباسناده إلى علي بن محمد الجهم قال: حضرت مجلس المأمون و
عنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء
معصومون؟ قال: بلى، قال فما معنى قول الله عز وجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضبا
449

فظن أن لن نقدر عليه " فقال الرضا عليه السلام، ذاك يونس بن متى عليه السلام،
ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن " ان لن نقدر عليه " أي لن نضيق عليه رزقه ومنه
قول الله عز وجل: " واما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه " أي ضيق عليه وقتر فنادى في
الظلمات: ظلمة الليلة وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت ان لا إله إلا أنت سبحانك
انى كنت من الظالمين بتركي مثل هذه لعبادة التي فرغتني لها في بطن الحوت،
فاستجاب الله وقال عز وجل: " فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون "
فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.
138 - في الكافي أحمد بن محمد العاصمي عن علي بن الحسن التيملي عن
عمرو بن عثمان عن أبي جميلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل من أهل خراسان
بالربذة: جعلت فداك لم أرزق ولدا، فقال له: إذا رجعت إلى بلادك فأردت ان تأتى
أهلك فاقرأ إذا أردت ذلك: " وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى
في الظلمات ان لا إله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين " إلى ثلاث آيات فإنك
سترزق ولدا انشاء الله.
139 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " فظن أن لن نقدر عليه " قال:
أنزل الله على أشد الامرين، وظن به أشد الظن وقال: ان جبرئيل استثنى في هلاك
قوم يونس ولم يسمعه يونس، قلت: ما كان حال يونس لما ظن أن الله لن يقدر عليه، قال:
كان من أمر شديد، قلت: وما كان سببه حتى ظن أن الله لن يقدر عليه؟ قال: وكله الله
إلى نفسه طرفة عين.
140 - قال: وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله في بيت أم سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش، فدخلها من
ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت إليه وهو في جانب
من البيت قائم، رافع يديه يبكى وهو يقول: اللهم لا تنزع منى صالح ما أعطيتني
أبدا، اللهم لا تشمت بي عدوى ولا حاسدا أبدا، اللهم لا تردني في سوء استنقذتني منه
450

أبدا، اللهم ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، قال: وانصرفت أم سلمة تبكى حتى
انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله لبكائها، فقال لها: ما يبكيك يا أم سلمة؟ قالت بأبي أنت و
أمي يا رسول الله ولم لا أبكى أنت بالمكان الذي أنت به من الله، وقد غفر الله لك
ما تقدم من ذنبك وما تأخر، تسأله ان لا يشمت بك عدوا أبدا، وان لا يردك في سوء
استنقذك منه أبدا، وان لا ينزع منك صالح ما أعطاك أبدا، وان لا يكلك إلى نفسك
طرفة عين أبدا؟ فقال: يا أم سلمة وما يؤمننى وانما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه
طرفة عين، فكان منه ما كان.
141 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: و " ذا
النون إذ ذهب مغاضبا " يقول: من اعمال قومه " فظن أن لن نقدر عليه " يقول: ظن
أن لن يعاقب بما صنع.
142 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما رد الله
العذاب الا عن قوم يونس، فكان يونس يدعوهم إلى الاسلام فيأبون ذلك، فهم أن يدعو
عليهم وكان فيهم رجلان: عابد وعالم، وكان اسم أحدهما مليخا والاخر اسمه روبيل، وكان
العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، وكان العالم ينهاه ويقول: لا تدعن عليهم فان
الله يستجيب لك، ولا يحب هلاك عباده فتقبل قول العابد ولم يقبل من العالم، فدعا عليهم
فأوحى الله إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا، فلما قرب الوقت
خرج يونس من بينهم مع العابد وبقى العالم فيها، فلما كان اليوم الذي نزل العذاب قال
العالم لهم: يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم، فقالوا: كيف نصنع؟
فقال: اجتمعوا وأخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد، وبين الإبل
وأولادها، وبين البقر وأولادها، وبين الغنم وأولادها، ثم ابكوا وادعوا، فذهبوا
وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا، فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على
الجبال، وقد كان نزل وقرب منهم، فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الزارعين
يزرعون في أرضهم فقال لهم: ما فعل قوم يونس؟ قالوا - ولم يعرفوه -: ان يونس دعا عليهم
451

فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم،
وفرق العذاب على الجبال، فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به، فغضب ومر على وجهه
مغاضبا لله كما حكى الله عنه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
143 - وفيه أيضا وسئل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن
طاف أقطار الأرض بصاحبة فقال: يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه
فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر
ثم دخل بحر طبرستان، ثم خرج في دجلة الغور، قال: ثم مرت به تحت الأرض حتى
لحقت بقارون، وكان قارون هلك في أيام موسى، ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض
كل يوم قامة، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره، فسمع قارون صوته
فقال للملك الموكل به: أنظرني فانى اسمع كلام آدمي، فأوحى الله إلى الملك: أنظره
فأنظره، ثم قال قارون: من أنت؟ قال: أنا المذنب العاصي الخاطئ يونس بن متى،
قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات هلك، قال: فما
فعل الرؤف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك، قال: فما فعلت
كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات ما بقي من آل عمران أحد،
فقال قارون: وا أسفا على آل عمران، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به أن
يرفع عنه العذاب أيام الدنيا، فرفع عنه، فلما رأى يونس ذلك نادى في الظلمات
" ان لا إله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين " فاستجاب الله له، وأمر الحوت أن
يلفظه (1)، فلفظه على ساحل البحر، وقد ذهب جلده ولحمه وأنبت الله عليه شجرة
من يقطين، وهي الدباء فأظلته من الشمس فسكن.
144 - وفيه أيضا وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبث يونس
في بطن الحوت ثلاثة أيام، ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل،
وظلمة البحر، ان لا إله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين فاستجاب له ربه،

(1) لفظ فلان الشئ من فيه: رمى به
452

فأخرجته الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، وأنبت الله عليه شجرة من
يقطين وهو القرع. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
145 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين حديث
طويل يقول فيه عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده قد شهر هفوات أنبياءه
بحبسه يونس في بطن الحوت، حيث ذهب مغاضبا مذنبا: وأما هفوات الأنبياء عليهم
السلام وما بينه الله في كتابه، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة،
وقدرته القاهرة، وعزته الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم السلام تكبر
في صدور أممهم، وان يتخذ بعضهم الها كالذي كان من النصارى في ابن مريم،
فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عز وجل.
146 - في تفسير العياشي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام كتب
أمير المؤمنين عليه السلام قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله ان جبرئيل حدثه ان يونس بن متى
عليه السلام بعثه الله إلى قومه، وذكر حديثا طويلا يذكر فيه ما فعل قوم يونس وخروج
يونس وتنوخا العابد من بينهم، ونزول العذاب عليهم وكشفه عنهم وفيه: فلما رأى
قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم من رؤس الجبال، وضموا إليهم
نساءهم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما صرف عنهم، وأصبح يونس وتنوخا
يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه، لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم
جميعا، لما خفيت أصواتهم عنهما، فاقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع الشمس
ينظران إلى ما صار إليه القوم، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة و
الرعاة بأعناقهم، ونظرا إلى أهل القرية مطمئنين، قال يونس لتنوخا: يا تنوخا
كذبني الوحي وكذبت وعدى لقومي، لا وعزة ربى لا يرون لي وجها أبدا بعد
ما كذبني الوحي، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية بحر أيلة (1)
مستنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه، فيقول له: يا كذاب! فلذلك قال: " و

(1) مر في الجزء الثاني صفحة 326 بيان للحديث وشرح بعض اللغات فراجع.
453

ذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه " الآية ورجع تنوخا إلى القرية.
147 - عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن يونس لما آذاه قومه دعا الله
عليهم فأصبحوا أول يوم، ووجوههم صفر، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود، قال
وكان الله واعدهم ان يأتيهم العذاب حتى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء وأولادهن
والبقر وأولادها، ولبسوا المسوح (1) والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم، و
الرماد على رؤسهم، وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم، وقالوا: آمنا باله يونس، قال:
فصرف الله عنهم العذاب إلى جبال آمد (2) قال: وأصبح يونس وهو يظن أنهم هلكوا،
فوجدهم في عافية فغضب وحرج كما قال الله: " مغاضبا " والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
148 - عن معمر قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ان يونس لما أمره الله عز وجل
بما أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم، وبين البهائم وأولادها
ثم عجوا إلى الله وضجوا، فكف الله العذاب عنهم، فذهب يونس مغاضبا والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
149 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وفى حديث أبي حمزة الثمالي انه
دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين عليه السلام وقال له: يا ابن الحسين أنت الذي تقول:
ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟
قال: بلى ثكلتك أمك، قال: فأرني آية ذلك ان كنت من الصادقين، فأمر بشد عينه
بعصابة وعيني بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فإذا نحن على شاطئ يضرب أمواجه
بها، فقال ابن عمر: يا سيدي دمى في رقبتك الله الله في نفسي، قال هنيئة وأريه ان كنت
من الصادقين، ثم قال: يا أيتها الحوت قال: فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل
العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا

(1) المسوح جمع المسح - بالكسر -: الكساء من شعر.
(2) قال الحموي: آمد - بكسر الميم - أعظم ديار بكر.
454

سيدي، قال: ايتنا بالخبر، قال: يا سيدي ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن
صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم و
تخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح
من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من
البلاء، وما لقى داود من الخطيئة، إلى أن بعث الله يونس فأوحى الله إليه أن يا يونس:
تول أمير المؤمنين عليا والأئمة الراشدين من صلبه في كلام له.
قال: فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه؟ وذهب مغتاظا فأوحى الله تعالى إلى:
ان التقمي يونس ولا توهني له عظما، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معي في
البحار في ظلمات ثلاث، ينادى انه لا إله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين، قد
قبلت ولاية علي بن أبي طالب والأئمة الراشدين من ولده عليهم السلام، فلما ان آمن
بولايتكم امرني ربى فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدين عليه السلام: ارجع أيها
الحوت إلى وكرك (1) فرجع الحوت واستوى الماء.
150 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره في دعاء يوم الأربعاء: يا من سمع
الهمس من ذي النون في بطن الحوت في الظلمات الثلاث: ظلمة الليل، وظلمة قعر البحر
وظلمة بطن الحوت.
151 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى الحسن بن علي بن عبد الملك الزيات
عن رجل عن كرام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربع لأربع، إلى قوله: والرابعة للغم و
الهم " لا إله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين " قال الله سبحانه: " فاستجبنا له و
نجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ".
152 - في كتاب الخصال عن الصادق عليه السلام جعفر بن محمد عليهما السلام قال: عجبت
لمن يفزع من أربع كيف لا يفزع من أربع، إلى قوله عليه السلام وعجبت لمن أغنم كيف
لا يفزع إلى قوله تعالى: " لا إله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين " فأنى سمعت

(1) الوكر: عش الطائر.
455

الله يقول بعقبها: فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين.
153 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى علي بن محمد الصيمري
الكاتب قال: تزوجت ابنة جعفر بن محمد الكاتب فأحببتها حبا لم يحب أحد أحدا
مثله، وأبطأ على الولد فصرت إلى أبى الحسن علي بن محمد بن الرضا (ع) فذكرت
ذلك له فتبسم، وقال: اتخذ خاتما فضة فيروزج واكتب عليه: رب لا تذرني فردا
وأنت خير الوارثين قال: ففعلت فما اتى على حول حتى رزقت منها ولدا ذكرا.
154 - في عوالي اللئالي روى عن سيد العابدين عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه:
قل لطلب الولد: " رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين واجعل لي من لدنك وليا يرثني "
في حياتي ويستغفر لي بعد وفاتي واجعله خلقا سويا ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا اللهم إني
استغفرك وأتوب إليك انك أنت التواب الرحيم سبعين مرة.
155 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
رجل عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أراد أن يحبل له فليصل ركعتين
بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود، ثم يقول: اللهم ان أسئلك بما سئلك به زكريا
إذ قال: رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، اللهم هب لي ذرية طيبة انك سميع الدعاء
اللهم باسمك استحللتها، وفى أمانتك أخذتها، فان قضيت في رحمها ولدا فاجعله غلاما
مباركا زكيا، ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ولا شركا.
156 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة
عن أبي بكر الحضرمي عن الحارث النضري قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انى من أهل بيت
قد انقرضوا وليس لي ولد؟ فقال: ادع وأنت ساجد: " رب هب لي من لدنك وليا رب
لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين " قال: ففعلت فولد لي على والحسين.
157 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية علي بن إبراهيم في قوله: " و
زكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى و
اصلحنا له زوجه " قال: كانت لا تحيض فحاضت.
456

158 - في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن
محمد عليهما السلام: ان الناس يعبدون الله تعالى على ثلاثة أوجه، فطبقة يعبدونه رغبة
في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهي الطمع، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة
العبيد وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام.
159 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن
جعفر عليهما السلام قال: الرغبة ان تستقبل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك
والرهبة أن تلقى كفيك وترفعهما إلى الوجه.
160 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
الرغبة ان تستقبل ببطن كفيك إلى السماء، والرهبة ان تجعل ظهر كفيك إلى السماء
161 - وباسناده إلى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: ذكر الرغبة وأبرز باطن راحتيه إلى السماء، هكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه
إلى السماء.
162 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلا
عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: مر بي رجل وانا ادعو في
صلاتي بيساري فقال: يا عبد الله بيمينك! فقلت: يا عبد الله ان الله تبارك وتعالى حقه على
هذه كحقه على هذه، وقال: الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما والرهبة تظهر ظهرهما
والأحاديث الثلاث طوال أخذنا منها موضع الحاجة.
163 - في تفسير علي بن إبراهيم: ويدعوننا رغبا ورهبا قال: راغبين
راهبين، وقوله: التي أحصنت فرجها قال: مريم لم ينظر إليها شئ وقوله: فنفخنا
فيها من روحنا قال: روح مخلوقة يعنى من أمرنا.
164 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
أجاب فيه بعض الزنادقة وقد قال معترضا: وأجده يقول: ومن يعمل من الصالحات وهو
457

مؤمن فلا كفران لسعيه ويقول: " وانى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى "
اعلم في الآية الأولى ان الأعمال الصالحة لا تكفر، واعلم في الثانية ان الايمان والأعمال الصالحة
لا تنفع الا بعد الاهتداء قال عليه السلام: واما قوله: " ومن يعمل من الصالحات و
هو مؤمن فلا كفران لسعيه " وقوله: " انى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى "
فان ذلك كله لا يغنى الا مع الاهتداء وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا
بالنجاة مما هلك به الغواة ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد و
اقرارها بالله، ونجى ساير المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر، وقد
بين الله ذلك بقوله: " الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الامن و
هم مهتدون " وبقوله: " الذين قالوا آمنا بأفواهم ولم تؤمن قلوبهم ".
165 - في مجمع البيان وحرام على قرية أهلكناها انهم لا يرجعون وروى
محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: كل قرية أهلكها الله بعذاب فإنهم لا يرجعون.
166 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " وحرام على قرية أهلنكاها
انهم لا يرجعون " فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي بصير عن محمد
بن مسلم عن أبي عبد الله وأبى جعفر عليهما السلام قالا: كل قرية أهلك الله عز وجل
أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرجعة لان
أحدا من أهل الاسلام لا ينكر ان الناس كلهم يرجعون إلى القيامة، من هلك ومن
لم يهلك " انتهى كلامه ".
167 - وفيه أيضا قال الصادق عليه السلام: كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون
في الرجعة، فاما إلى القيامة فيرجعون ومحضوا الايمان محضا وغيرهم ممن لم يهلكوا
بالعذاب ومحضوا الكفر محضا يرجعون.
وقوله عز وجل: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون
قال: إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا ويأكلون ثم
احتج عز وجل على عبدة الأوثان فقال: انكم وما تعبدون من دون الله حصب
458

جهنم إلى قوله: وهم فيها لا يسمعون.
169 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية وجد
منها أهل مكة وجدا شديدا، فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى وكفار قريش يخوضون
في هذه الآية فقال ابن الزبعرى: أمحمد تكلم بهذه الآية؟ فقالوا: نعم، قال ابن
الزبعرى: لئن اعترف بها لأخصمنه فجمع بينهما فقال: يا محمد أرأيت الآية التي
قرأت آنفا، فينا وفى آلهتنا خاصة أم الأمم وآلهتهم؟ فقال: بل فيكم وفى آلهتكم
وفى الأمم وفى آلهتهم، الا من استثنى الله فقال ابن الزبعرى: خصمتك والله ألست
تثنى على عيسى خيرا وقد عرفت ان النصارى يعبدون عيسى وأمه، وان طائفة من الناس
يعبدون الملائكة؟ أفليس هؤلاء مع الألهة في النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا، فضحت
قريش وضحكوا، قالت قريش: خصمك ابن الزبعرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
قلتم الباطل اما قلت: الا من استثنى الله وهو قوله تعالى: ان الذين سبقت لهم منا
الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم
خالدون وقوله: " حصب جهنم " يقول: يقذفون فيها قذفا وقوله: " أولئك عنها
مبعدون " يعنى الملائكة وعيسى بن مريم عليهما السلام.
170 - في مجمع البيان وقراءة علي عليه السلام " حطب " بالطاء.
171 - في كتاب علل الشرايع أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن أحمد بن محمد عن حماد بن عيسى عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إذا كان يوم القيمة أتى بالشمس والقمر في صورة ثورين
عقيرين (1) فيقذفان بهما وبمن يعبدهما في النار، وذلك انهما عبدا فرضيا.
172 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام عن أبيه رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله تبارك وتعالى يأتي يوم القيامة بكل شئ يعبد من دونه من
شمس أو قمر أو غير ذلك، ثم يسأل كل انسان عما كان يعبد، فيقول كل من عبد غير

(1) العقير: المقطوع القوائم.
459

الله: ربنا انا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى، قال: فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة:
اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت، فأولئك عنها مبعدون.
173 - في محاسن البرقي وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الله يأتي بكل شئ يعبد من دونه شمس أو قمر أو تمثال أو صورة؟ فيقال: اذهبوا بهم و
بما كانوا يعبدون إلى النار.
174 - عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري الدهني أو عن جميل بن دراج
عن أبان بن تغلب قال: قال: إن الله يبعث بشيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من الذنوب
أو غيره مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعتهم، قد سهلت لهم الموارد،
وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقا من ياقوت، فلا يزالون يدورون خلال الجنة
عليهم شرك من نور يتلألأ، توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب
هو قول الله تبارك وتعالى: " ان الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون
لا يسمعون حسيسها وهم فيها اشتهت أنفسهم خالدون ".
175 - في أمالي الصدوق رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه يقول لعلى
عليه السلام: يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم
الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا
تحزنون. فيكم نزلت هذه الآية: " ان الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " و
فيكم نزلت: لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم
توعدون.
176 - في نهج البلاغة فبادروا بأعمالكم تكونوا من جيران الله في داره رافق
بهم رسله، وأزارهم ملائكته، وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار ابدا، وصان
أجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
177 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " وان منكم الا واردها كان على
ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " يعنى في البحار إذا
460

تحولت نيرانا يوم القيامة، وفى حديث آخر قال: هي منسوخة بقوله: " ان الذين سبقت
لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ".
178 - حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة
عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول ابتداءا منه: ان الله إذا بدا له ان يبين خلقه
ويجمعهم لما لابد منه أمر مناديا فنادى فاجتمع الإنس والجن في أسرع من طرفة عين،
ثم اذن لسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس، واذن للسماء الثانية فتنزل وهي
ضعف التي تليها، فإذا رآها أهل سماء الدنيا قالوا: جاء ربنا؟ قالوا: لا وهو آت
يعنى امره، حتى تنزل كل سماء يكون كل واحدة منها من وراء الأخرى وهي ضعف
التي تليها، ثم ينزل أمر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الامر والى ربكم ترجع
الأمور، ثم يأمر الله مناديا ينادى " يا معشر الجن والإنس ان استطعتم ان تنفذوا من
أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان، " قال: وبكى حتى إذا سكت
قلت: جعلني الله فداك يا أبا جعفر وأين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما
وشيعته؟ فقال أبو جعفر: رسول الله وشيعته على كثبان (1) من المسك الأذفر على منابر
من نور، يحزن الناس ولا يحزنون، ويفزع الناس ولا يفزعون، ثم تلا هذه الآية:
" من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " فالحسنة والله ولاية على، ثم
قال: لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون.
179 - في مجمع البيان وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ثلاثة على
كثبان مسك لا يحزنهم الفزع الأكبر ولا يكترثون للحساب: رجل قرأ القرآن
محتسبا تم أم به قوما محتسبا، ورجل أذن محتسبا، ومملوك أدى حق الله عز وجل
وحق مواليه.
180 - في ارشاد المفيد رحمه الله ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وآله من تبوك إلى المدينة
قدم عليه عمرو بن معد يكرب الزبيدي فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أسلم يا عمرو يؤمنك الله من

(1) الكثبان جمع الكثيب: التل من الرمل.
461

الفزع الأكبر، فقال: يا محمد وما الفزع الأكبر فانى لا افزع؟ فقال: انه ليس كما
تظن وتحسب، ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت الا نشر، ولا حي الا مات
الا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة أخرى فينشر من مات، ويصفون جميعا وتنشق السماء
وتهد الأرض وتخر الجبال وتزفر النار بمثل الجبال شررا، فلا يبقى ذو روح الا انخلع
قلبه وطاش لبه، وذكر ذنبه وشغل بنفسه الا ما شاء الله، فأين أنت يا عمرو من هذا؟ قال:
ألا انى أسمع أمرا عظيما، فآمن بالله ورسوله وآمن معه من قومه ناس، ورجعوا إلى
قومهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
181 - في من لا يحضره الفقيه باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية:
" ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " من شيعتك ومحبيك يا علي
قال أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟ قال: أي وربى انه لشيعتك
وانهم ليخرجون من قبورهم، وهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي -
طالب حجة الله فيؤتون بحلل خضر من الجنة، وتيجان من الجنة، ونجائب من الجنة
فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء، ويوضع على رأسه تاج الملك، وإكليل الكرامة،
ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة، لا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة
هذا يومكم الذي كنتم توعدون.
182 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن
إسماعيل عن أبي إسماعيل السراج عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
من دفن في الحرم امن من الفزع الأكبر، فقلت له: من بر الناس وفاجرهم؟ قال:
من بر الناس وفاجرهم.
183 - في أصول الكافي باسناده إلى أبى خالد الكابلي عن أبي جعفر
عليه السلام حديث طويل وفيه: والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه، ولا
يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا، فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد
462

الحساب، وآمنه من فزع يوم القيمة الأكبر.
184 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن
جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا
على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهون عليه من سكرات الموت، وأن
يوسع عليه في قبره، وان تلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى، وهو قول
الله عز وجل في كتابه: " وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ".
185 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: يوم نطوى السماء كطي السجل
للكتب قال: السجل اسم الملك الذي يطوى الكتب، ومعنى يطويها يفنيها فتتحول
دخانا والأرض نيرانا.
186 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى ابن عباس قال: لما
نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " غشى عليه
وحمل إلى حجرة أم سلمة فانتظره أصحابه وقت الصلاة فلم يخرج، فاجتمع المسلمون
فقالوا: ما لنبي الله؟ فقالت أم سلمة: ان نبي الله عنكم مشغول ثم خرج بعد ذلك فرقى
المنبر، فقال: أيها الناس انكم تحشرون إلى الله كما خلقتم حفاة عراة، ثم قرأ على
أصحابه: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " ثم قرأ: كما بدأنا أول خلق نعيده
وعدا علينا انا كنا فاعلين
187 - في نهج البلاغة استبدلوا بظهر الأرض بطنا، وبالسعة ضيقا وبالأهل
غربة، وبالنور ظلمة فجاؤها كما فارقوها حفاة عراة، قد ظعنوا عنها بأعمالهم
إلى الحياة الدائمة، والدار الباقية كما قال سبحانه: " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا
عليها انا كنا فاعلين ".
188 - في مجمع البيان ويروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: تحشرون يوم
القيامة عراة حفاة غرلا (1) " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين ".

(1) الغرل جمع الاغرل: الأقلف وهو الذي لم يختن.
463

189 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: ولقد كتبنا في الزبور من بعد
الذكر قال: الكتب كلها ذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون قال: القائم وأصحابه
قال: والزبور فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء.
190 - وفيه قال: أعطى الله داود وسليمان عليهما السلام ما لم يعط أحد من
أنبياء الله من الآيات علمهما منطق الطير، وألان الله لهما الحديد، والصفر من غير نار
وجعلت الجبال يسبحن من داود عليه السلام، فأنزل الله عز وجل إليه الزبور فيه
توحيد وتمجيد ودعاء، واخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين و
الأئمة صلوات الله عليهم من ذريتهما عليهما السلام، واخبار الرجعة وذكر القائم
صلوات الله عليه.
191 - في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه
يقول عليه السلام: فلما دنى عمر آدم هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه فقال له آدم: يا ملك
الموت قد بقي من عمري ثلاثون سنة، فقال له ملك الموت: ألم تجعلها لابنك داود النبي
وطرحتها من عمرك حيث عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك وعرض عليك أعمارهم وأنت
يومئذ بوادي دخنا؟ فقال آدم: يا ملك الموت ما أذكر هذا، فقال له ملك الموت: يا آدم
لا تجهل ألم تسأل الله أن يثبتها لداود في الزبور ومحاها من عمرك من الذكر؟
192 - في أصول الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن
النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن قول الله عز وجل: " ولقد
كتبنا في الزبور من بعد الذكر " ما الزبور وما الذكر؟ قال: الذكر عند الله والزبور
الذي انزل على داود كل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم.
193 - في مجمع البيان " ان الأرض يرثها عبادي الصالحون " وقال أبو جعفر
عليه السلام: هم أصحاب المهدى في آخر الزمان، ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث
رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وقد أورد
464

الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب البعث والنشور أخبارا كثيرة في
هذا المعنى حدثنا بجميعها عنه حافده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد في شهور
سنة ثماني عشرة وخمسمأة، ثم قال في آخر الباب: فأما الحديث الذي أخبرنا به أبو
عبد الله الحافظ بالاسناد عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن انس
ابن مالك ان النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يزداد الامر الا شدة، ولا الناس الا شحا، ولا الدنيا الا
ادبارا، ولا تقوم الساعة الا على شرار الناس، ولا مهدى الا عيسى بن مريم، فهذا
حديث تفرد به محمد بن خالد الجندي، قال أبو عبد بالله الحافظ: ومحمد بن خالد رجل
مجهول، واختلف عليه في اسناده فرواه مرة عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس
ابن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله مرة، ومرة عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن
عن النبي صلى الله عليه وآله وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدى أصح اسنادا، و
فيها بيان كونه من عترة النبي صلى الله عليه وآله. هذا لفظه.
194 - ومن جملتها ما حدثنا أبو الحسن حافده عنه قال: أخبرنا أبو علي
الرودباري قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود السجستاني في كتاب
السنن عن طرق كثيرة ذكرها ثم قال: كلهم عن عاصم المقرى عن زر (1) عن عبد الله
عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه
رجلا منى أو من أهل بيتي وفى بعضها يواطئ اسمه اسمى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما
ملئت ظلما وجورا.
195 - وبالاسناد قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا
عبد الله بن جعفر الرقي قال: حدثني أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن
علي بن ثقيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
المهدى من عترتي من ولد فاطمة.
196 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين حديث طويل
وفيه يقول عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة: واما قوله لنبيه صلى الله عليه وآله: وما أرسلناك الا رحمة للعالمين

(1) وفى المصدر " زيد " بدل " زر ".
465

وانك ترى أهل الملل المخالفة للايمان ومن يجرى مجراهم من الكفار مقيمين على
كفرهم إلى هذه الغاية، وانه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب
السعير، فان الله تبارك اسمه انما عنى بذلك انه جعله سبيلا لانظار أهل هذه الدار،
لان الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض، وكان النبي صلى الله عليه وآله منهم إذا صدع
بأمر الله وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من ساير الخليقة، وان خالفوه هلكوا
وهلك أهل دراهم بالآفة التي كانت بينهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها
بساحتهم، من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب
الذي هلكت به الأمم الخالية، ان الله علم من نبينا ومن الحجج في الأرض الصبر
على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح،
وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه: من كنت مولاه فهذا مولاه وهو
منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدى، وليس من خليقة النبي ولا من شيمته
أن يقول قولا لا معنى له، فلزم الأمة ان تعلم أنه لما كانت النبوة والاخوة موجودتين
في خليفة هارون وموسى معدومتين في من جعله النبي صلى الله عليه وآله بمنزلته انه قد استخلفه
على أمته، كما استخلف موسى هارون حيث قال: أخلفني في قومي، ولو قال لهم:
لا تقلدوا الإمامة الا فلانا بعينه والا نزل بكم العذاب لأتاهم العذاب، وزال باب
الانظار والامهال.
197 - في مجمع البيان وروى أن النبي صلى الله عليه وآله قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية:
هل أصابك من هذه الرحمة شئ؟ قال: نعم انى كنت أخشى عاقبة الامر فامنت بك
لما أثنى الله على بقوله: " ذي قوة عند ذي العرش مكين " وقد قال صلى الله عليه وآله: انما أنا رحمة مهداة.
198 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابنا عن أبي
الحسن الأول عليه السلام قال: بعث الله عز وجل محمدا رحمة للعالمين في سبع و
عشرين من رجب؟ فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا.
199 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الرحمن القصير قال قال
466

لي أبو جعفر عليه السلام: اما لو قام قائمنا ردت الحميراء حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم
لابنة محمد فاطمة عليها السلام منها، قلت: جعلت فداك ولم يجلدها؟ قال: لفريتها
على أم إبراهيم، قلت: فيكف أخره الله للقائم؟ فقال: لان الله تبارك وتعالى بعث
محمدا صلى الله عليه وآله رحمة وبعث القائم عليه السلام نقمة.
200 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو بصير عن الصادق عليه السلام في قوله
تعالى: قل انما يوحى إلى انما إلهكم اله واحد فهل أنتم مسلمون الوصية بعدى
نزلت مشددة.
201 - في عيون الأخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر عليه السلام مع
هارون الرشيد ومع موسى بن المهدى حديث طويل يقول فيه عليه السلام: رأيت النبي
صلى الله عليه وآله ليلة الأربعاء في النوم فقال لي: يا موسى أنت محبوس مظلوم؟ فقلت: نعم يا
رسول الله محبوس مظلوم، فكرر ذلك على ثلاثا ثم قال: وان أدرى لعله فتنة لكم
ومتاع إلى حين.
202 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى أنه لما قدم معاوية إلى
الكوفة قيل له: ان الحسن بن علي عليهما السلام يرتفع على أنفس الناس فلو أمرته
أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة والعى فيسقط من أعين الناس،
فأبى عليهم وأبوا عليه الا أن يأمره بذلك، فأمره فقام دون مقامه في المنبر فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال: اما بعد فإنكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا لتجدوا رجلا جده نبي
لم تجدوه غيري وغير أخي، وانا أعطينا صفقتنا هذه الطاغية وأشار بيده إلى أعلى المنبر
إلى معاوية وهو في مقام رسول الله صلى الله عليه وآله، ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من
أهراقها " وان أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " وأشار بيده إلى معاوية، فقال له
معاوية: ما أردت بقولك هذا؟ فقال: أردت به ما أراد الله عز وجل.
203 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وروى أنه قال الحسن عليه السلام في
صلح معاوية: أيها الناس لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله
467

ما وجدتموه غيري وغير أخي، وان معاوية نازعني حقا هو لي فتركته لصلاح الأمة وحقن
دمائها، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وقد رأيت أن أسالمه وأن يكون
ما صنعته حجة على من كان يتمنى هذا الامر " وان أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ".
204 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: قال رب احكم بالحق قال: معناه
لا تدع للكفار الحق الانتقام من الظالمين، ومثله في سورة آل عمران " ليس لك من
الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ".
468

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
الحج في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنة حتى يخرج إلى بيت الله الحرام وان مات في
سفره دخل الجنة قلت: فإن كان مخالفا؟ قال: يخفف عنه بعض ما هو فيه.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ سورة
الحج أعطى من الاجر كحجة حجها وعمرة اعتمرها بعدد من حج واعتمر فيما مضى
وفيما بقي.
3 - وفيه قال عمران بن الحصين وأبو سعيد الخدري: نزلت الآيتان من أول
السورة ليلا في غزاة بنى المصطلق وهم حي من خزاعة، والناس يسيرون فنادى
رسول الله صلى الله عليه وآله فحثوا المطي حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأها عليهم فلم ير
أكثر باكيا من تلك الليلة، فلما أصبحوا لم يحطوا السرج عن الدواب ولم يضربوا
الخيام والناس بين باك أو جالس حزين متفكر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: أتدرون
أي يوم ذاك؟ قالوا: الله ورسوله اعلم، قال: ذلك يوم يقول الله لادم: ابعث بعث
النار من ولدك، فيقول آدم: من كم كم؟ فيقول عز وجل: من كل ألف تسعمأة
وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة، فكبر ذلك على المسلمين وبكوا فقالوا:
فمن ينجو يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وآله: أبشروا فان معكم خليقتين: يأجوج ومأجوج
ما كانتا في شئ الا كثرتاه، ما أنتم في الناس الا كشعرة بيضاء في الثور الأسود،
أو كرقم في ذراع البكر، أو كشامة في جنب البعير، ثم قال: انى لأرجو ان تكونوا
ربع أهل الجنة فكبروا، ثم قال: انى لأرجو ان تكونوا ثلث أهل الجنة ثم قال: انى
لأرجو ان تكونوا ثلثي أهل الجنة فان أهل الجنة مأة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي ثم
قال: ويدخل من أمتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب، وفى بعض الروايات ان عمر بن
469

الخطاب قال: يا رسول الله سبعون ألفا؟ قال: نعم ومع كل واحد سبعون ألفا،
فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: اللهم
اجعله منهم، فقام رجل من الأنصار فقال: ادع الله ان يجعلني منهم، فقال صلى الله عليه وآله سبقك
بها عكاشة، قال ابن عباس: كان الأنصاري منافقا فلذلك لم يدع له.
4 - في تفسير علي بن إبراهيم يا أيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة
شئ عظيم قال: مخاطبة للناس عامة وقوله: وتضع كل ذات حمل حملها قال:
كل امرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة.
5 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل و
فيه معاشر الناس، التقوى التقوى احذروا الساعة كما قال الله عز وجل " ان زلزلة الساعة
شئ عظيم ".
6 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن سلام مولى رسول الله عن النبي
صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه يقول صلى الله عليه وآله: فيأمر الله عز وجل نارا يقال لها الفلق أشد شئ
في جهنم عذابا، فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال، فيأمر الله عز وجل
أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة، فمن شدة نفختها تنقطع السماء وتنطمس النجوم و
تخمد البحار، وتزول الجبال وتظلم الابصار، وتضع الحوامل حملها، ويشيب الولدان
من هولها يوم القيامة.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وترى الناس سكارى قال: يعنى
ذاهبة عقولهم من الحزن والفزع متحيرين.
8 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن
أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: انى لأعرف آيتين من كتاب الله المنزل تكتبان
للمرأة إذا عسر عليها، تكتبان في ورق ظبي وتعلقه عليها في حقويها (1): بسم الله وبالله
ان مع العسر يسرا سبع مرات " يا أيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شئ عظيم

(1) الحقو: الخصر.
470

يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس
سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " مرة واحدة.
9 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ومن الناس من يجادل في الله
بغير علم أي يخاصم ويتبع كل شيطان مريد قال: المريد الخبيث، ثم خاطب الله عز وجل
الدهرية واحتج عليهم فقال: يا أيها الناس ان كنتم في ريب من البعث أي في شك
فانا خلقناكم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة قال: المخلقة
إذا صارت تاما، وغير مخلقة قال: السقط.
10 - وقال في رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام لنبين لكم انكم كنتم كذلك
في الأرحام ونقر في الأرحام ما نشاء فلا يخرج سقطا.
11 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه
جميعا عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان عن سلام بن المستنير قال: سألت
أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " مخلقة وغير مخلقة " قال: المخلقة هم الذر الذين
خلقهم الله في صلب آدم صلى الله عليه، أخذ عليهم الميثاق ثم أجراهم في أصلاب الرجال
وأرحام النساء، وهم الذين يخرجون إلى الدنيا حتى يسألوا عن الميثاق، واما قوله:
" وغير مخلقة " فهم كل نسمة لم يخلقهم الله عز وجل في صلب آدم حين خلق الذر، وأخذ
عليهم الميثاق وهم النطف من العزل والسقط قبل أن ينفخ فيه الروح والحياة والبقاء.
12 - في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي نصر عن أبي
الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته ان يدعوا الله عز وجل لامرأة من أهلنا لها حمل،
فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: الدعا ما لم تمض أربعة أشهر فقلت له: انما لها أقل من هذا
فدعا لها ثم قال: إن النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوما، ويكون علقة ثلاثين يوما،
ويكون مضغة ثلاثين يوما، ويكون مخلقة وغير مخلقة ثلاثين يوما، فإذا تمت الأربعة
الأشهر بعث الله تبارك وتعالى إليها ملكين خلاقين يصورانه ويكتبان رزقه وأجله
وشقيا أو سعيدا.
471

13 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن أحمد
عن العباس عن ابن أبي نجران عن محمد بن أبي القاسم عن علي بن المغيرة عن أبي عبد الله
عن أبيه صلوات الله عليهما قال: إذا بلغ العبد مأة سنة فذلك أرذل العمر.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد ذكرنا طرفا من الاخبار في النحل عند قوله
عز وجل: " أرذل العمر " فمن أراد الوقوف عليها فليطلبها ثمة.
14 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجبرئيل: يا جبرئيل أرني كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد
يوم القيامة، قال: نعم فخرج إلى مقبرة بنى ساعدة فاتى قبرا فقال له: اخرج بإذن الله
فخرج رجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول: والهفاه، واللهف هو الثبور ثم قال:
ادخل فدخل، ثم قصد به إلى قبر آخر فقال: اخرج بإذن الله، فخرج شاب ينفض
رأسه من التراب وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا
عبده ورسوله، وأشهد ان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور
ثم قال: هكذا يبعثون يوم القيامة يا محمد.
15 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن
دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد الله ان يبعث الخلق أمطر السماء
على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم. وفى أمالي الصدوق
رحمه الله مثله سواء.
16 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: ومن خاصم الخلق في غير ما يؤمر
فقد نازع الخالقية والربوبية، قال الله تعالى: ومن الناس من يجادل في الله بغير علم
ولا هدى ولا كتاب منير وليس أحد أشد عقابا ممن لبس قميص النسك بالدعوى
بلا حقيقة ولا معنى.
17 - في تفسير علي بن إبراهيم " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا
هدى ولا كتاب منير " قال: نزلت هذه الآية في أبى جهل ثاني عطفه قال:
472

تولى عن الحق ليضل عن سبيل الله قال: عن طريق الله عز وجل بالايمان.
18 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن
بكير عن ضريس عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ومن الناس من يعبد الله
على حرف قال: إن الآية تنزل في الرجل، ثم يكون في أتباعه، ثم قلت: كل
من نصب دونكم شيئا فهو ممن عبد الله على حرف؟ فقال: نعم وقد يكون محصنا.
19 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن الفضيل
وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " ومن الناس من يعبد الله على حرف
فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة "
قال زرارة: سألت عنها أبا جعفر عليه السلام فقال هؤلاء قوم عبدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد
من دون الله وشكوا في محمد وما جاء به، فتكلموا بالاسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله، وأقروا بالقرآن وهم في ذلك شاكون في محمد وما جاء به،
وليسوا شكاكا في الله قال الله عز وجل: " ومن الناس من يعبد الله على حرف " يعنى
على شك في محمد وما جاء به فان أصابه خير يعنى عافية في نفسه وماله وولده اطمأن
به ورضى به وان اصابته فتنة بلاء في جسده أو ماله تطير وكره المقام على
الاقرار بالنبي، فرجع إلى الوقف والشك فنصب العداوة لله ولرسوله والجحود
بالنبي وما جاء به.
20 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " ومن الناس
من يعبد الله على حرف " قال: هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله،
فخرجوا من الشرك ولم يعرفوا ان محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله، فهم يعبدون الله على شك
في محمد وما جاء به، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا: ننظر فان كثرت أموالنا وعوفينا
في أنفسنا وأولادنا علمنا أنه صادق وانه رسول الله، وإن كان غير ذلك نظرنا، قال
الله عز وجل: " فان اصابه خير اطمأن به " يعنى عافية في الدنيا " وان اصابته فتنة "
473

يعنى بلاء في نفسه " انقلب على وجهه " انقلب على شكه إلى الشرك خسر الدنيا
والآخرة ذلك هو الخسران المبين يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه
قال ينقلب مشركا يدعو غير الله ويعبد غيره، فمنهم من يعرف فيدخل الايمان قلبه
فيؤمن ويصدق ويزول عن منزلته من الشك إلى الايمان، ومنهم من يثبت على شكه
ومنهم من ينقلب إلى الشرك.
علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة مثله
21 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن الرضا عليه السلام حديث طويل
يقول فيه عليه السلام: فان في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا،
ويرى ان لذة الرياسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة فيترك
ذلك أجمع طلبا للرياسة الباطلة.
22 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: واما السائر في
مفاوز الاعتداء، والخائض في مراتع الغى وترك الحيا باستحباب السمعة والريا والشهوة
والتصنع إلى الخلق المتزيي بزي الصالحين، المظهر بكلامه عمارة باطنه وهو في
الحقيقة خال عنها، قد غمرتها وحشة حب المحمدة وغشيتها ظلمة الطمع فما افتنه
بهواه، وأضل الناس بمقالته، قال الله عز وجل: لبئس المولى ولبئس العشير.
23 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: من كان يظن أن لن
ينصره الله في الدنيا والآخرة فان الظن في كتاب الله عز وجل على وجهين: ظن
يقين علم وظن شك فهذا ظن شك قال: من شك ان الله عز وجل لن يثيبه في الدنيا ولا في
الآخرة فليمدد بسبب إلى السماء أي يجعل بينه وبين الله دليلا، والدليل على أن
السبب وهو الدليل قول الله عز وجل في سورة الكهف: " وآتيناه من كل شئ سببا فأتبع
سببا " أي دليلا وقال: ثم ليقطع أي تميز والدليل على أن القطع هو التميز قوله تعالى:
" وقطعناهم اثنتي عشرة أمما أسباطا " أي ميزناهم فقوله عز وجل: " ثم ليقطع " أي يميز
فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ أي حيلته والدليل على أن الكيد هو الحيلة قوله
474

تعالى: " وكذلك كدنا ليوسف " أي احتلنا له حتى حبس أخاه وقوله تعالى يحكى قول
فرعون: " اجمعوا كيدكم " أي حيلتكم قال: فإذا وضع لنفسه سببا ومميزا دله على
الحق، واما العامة فإنهم رووا في ذلك أنه من لم يصدق بما قال الله عز وجل فليلق حبلا إلى
سقف البيت فليختنق.
قال عز من قائل: ان الذين آمنوا إلى قوله: والمجوس.
24 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه قال عليه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه الأشعث بن
قيس فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل إليهم كتاب ولم يبعث
إليهم نبي؟ قال: بلى يا أشعث قد أنزل الله إليهم كتابا وبعث إليهم رسولا حتى كان لهم ملك
سكر ذات ليلة، فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى
بابه فقالوا: أيها الملك دنست علينا ديننا وأهلكته فاخرج نطهرك ونقيم عليك الحد،
فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا قولي فان يكن لي مخرج مما ارتكبت والا فشأنكم،
فاجتمعوا فقال لهم: هل علمتم ان الله لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وامنا حوا؟
قالوا: صدقت أيها الملك قال: أوليس قد زوج بنيه بناته وبناته من بنيه؟ قالوا:
صدقت هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم، ورفع عنهم
الكتاب فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا منهم قال الأشعث:
والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لاعدت إلى مثلها أبدا.
25 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد
جميعا عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الصباح الكناني عن الأصبغ بن نباتة قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان للشمس ثلاثمائة وستين برجا كل برج منها مثل جزيرة من
جزائر العرب، وتنزل كل يوم على برج منها، فإذا غابت انتهت إلى حد بطنان العرش،
فلم تزل ساجدة إلى الغد ثم ترد إلى موضع مطلعها، ومعها ملكان معها! وان وجهها لأهل
السماء وقفاها لأهل الأرض، ولو كان وجهها لأهل الأرض لاحترقت الأرض ومن
475

عليها من شدة حرها، ومعنى سجودها ما قال سبحانه وتعالى: ألم تر ان الله
يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال و
كثير من الناس.
26 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن
محمد عن أبيه عليهما السلام قال: قيل لعلى عليه السلام: ان رجلا يتكلم في المشية،
فقال: ادعه لي، قال: فدعاه له فقال له: يا عبد الله خلقك الله لما شاء أو لما شئت؟
قال: لما شاء قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت قال: إذا شاء. قال: فيشفيك إذا شاء أو
إذا شئت قال: إذا شاء قال: فيدخلك حيث يشاء أو حيث شئت؟ قال: حيث يشاء قال: فقال
له علي عليه السلام: لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناك.
27 - وباسناده إلى سليمان بن جعفر الجعفري قال: قال الرضا عليه السلام: المشية
من صفات الافعال، فمن زعم أن الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد..
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: استقصاء الكلام في تحقيق المشية والإرادة يحتاج
إلى بسط وبيان، والشافي في ذلك الكافي.
28 - في كتاب الخصال عن النضر بن مالك قال: قلت للحسين بن علي عليهما -
السلام: يا أبا عبد الله حدثني عن قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم فقال: نحن
وبنو أمية اختصمنا في الله تعالى قلنا صدق الله وقالوا كذب، فنحن الخصمان يوم القيامة،
29 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن
محمد بن الفضيل عن ابن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " هذان خصمان
اختصموا في ربهم فالذين كفروا بولاية علي عليه السلام قطعت لهم ثياب من نار ".
30 - في مجمع البيان قيل: نزلت الآية " هذان خصمان اختصموا " في ستة
نفر من المؤمنين والكفار تبادروا يوم بدر، وهم حمزة بن عبد المطلب قتل عتبة بن
ربيعة، وعلي بن أبي طالب قتل الوليد بن عتبة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب قتل
شيبة بن ربيعة عن أبي ذر الغفاري وعطاء وكان أبو ذر يقسم بالله تعالى انها نزلت فيهم،
ورواه البخاري في الصحيح.
476

31 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " هذان خصمان اختصموا
في ربهم " قال: نحن وبنو أمية، نحن قلنا، صدق الله ورسوله، وقالت بنو أمية: كذب الله
ورسوله فالذين كفروا يعنى بنى أمية قطعت لهم ثياب من النار إلى قوله تعالى حديد و
قال: تشويه النار فتسترخي شفته حتى تبلغ سرته، وتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط
رأسه ولهم مقامع من حديد قال: الأعمدة التي يضربون بها.
32 - وقوله عز وجل: كلما أرادوا ان يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها ضربا
بتلك الأعمدة وذوقوا عذاب الحريق فإنه حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: يا ابن رسول الله خوفني فان قلبي قد قسى،
فقال " يا أبا محمد استعد للحيوة الطويلة فان جبرئيل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قاطب
(1) وقد كان قبل ذلك يجئ مبتسما، فقال رسول الله: يا جبرئيل جئتني اليوم قاطبا
فقال: يا محمد قد وضعت منافخ النار، فقال: وما منافخ النار يا جبرئيل؟ فقال:
يا محمد ان الله عز وجل أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم نفخ عليها ألف
عام حتى احمرت، ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة لو أن
قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها، ولو أن حلقة واحدة
من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها، ولو أن
سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه و
وهجه (2) قال: فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى جبرئيل فبعث الله إليهما ملكا فقال لهما:
ان ربكما يقرئكما السلام ويقول: قد امنتكما ان تذنبا ذنبا أعذبكما عليه، فقال أبو
عبد الله عليه السلام: فما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله متبسما بعد ذلك ثم قال: إن أهل النار يعظمون
النار، وان أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم، وان جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة
سبعين عاما، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، وأعيدوا في دركها، هذه
حالهم وهو قول الله عز وجل: " كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا

(1) قطب: زوى ما بين عينيه وعبس.
(2) الوهج - متحركة -: حر النار.
477

عذاب الحريق " ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم فقال أبو عبد الله عليه السلام:
حسبك يا أبا محمد؟ قلت: حسبي حسبي.
33 - في مجمع البيان وقد روى أن الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار
من شدة الجوع، فيصرخون إلى مالك فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل فيأكلون
منها فتغلى بطونهم كغلى الحميم، فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في
الحرارة، فإذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله، " يشوى الوجوه "
فإذا وصل إلى بطونهم صهر ما في بطونهم كما قال سبحانه " يصهر به ما في بطونهم والجلود "
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من شرب الخمر لم يقبل له صلاة أربعين يوما، فان مات وفى بطنه
شئ من ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يسقيه من طينه خبال وهو صديد أهل النار، و
ما يخرج من فروج الزناة، فتجتمع ذلك في قدور جنهم فيشربه أهل النار، فيصهر به ما
في بطونهم والجلود، رواه شبيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم
السلام عن النبي صلى الله عليه وآله.
34 - وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ولهم مقامع
من حديد " لو وضع مقمع (1) من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما اقلوه
في الأرض.
35 - وعن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام قلت له: ان الناس يتعجبون منا إذا
قلنا: يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة، فيقولون لنا فيكونون مع أولياء الله في الجنة
فقال: يا علا ان الله يقول: " ومن دونهما جنتان " لا والله ما يكونون مع أولياء الله، قلت:
كانوا كافرين؟ قال: لا والله لو كانوا كافرين ما دخلوا الجنة، قلت: كانوا مؤمنين؟
قال: لا والله لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار، ولكن بين ذلك، وتأويل هذا لو صح
الخبر: انهم لم يكونوا من أفاضل المؤمنين وخيارهم " انتهى ".
36 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر سبحانه ما أعده للمؤمنين فقال جل ذكره:

(1) المقمع: العمود من حديد.
478

ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى قوله تعالى ولباسهم فيها حرير
حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك
شوقني فقال: يا أبا محمد ان من أدنى نعيم الجنة أن يوجد ريحها من مسيرة ألف عام من
مسافة الدنيا، وأن أدنى أهل الجنة منزلا لو نزل به الثقلان الجن والإنس لوسعهم
طعاما وشرابا، ولا ينقص مما عنده شيئا، وان أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة
فيرفع له ثلاث حدائق، فإذا دخل أدناهن رأى فيها من الأزواج والخدم
والأنهار والثمار ما شاء الله مما يملأ عينه قرة وقلبه مسرة، فإذا شكر الله و
حمده قيل له: ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الأولى، فيقول:
يا رب اعطني هذه، فيقول الله تعالى: ان أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: رب هذه
هذه فإذا هو دخلها شكر الله وحمده، قال: فيقال: افتحوا له بابا إلى الجنة ويقال له:
ارفع رأسك فإذا فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل فيقول عند
مضاعف مسراته: رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت على بالجنان، وأنجيتني من
النيران، قال أبو بصير: فبكيت وقلت له: جعلت فداك زدني قال: يا أبا محمد ان في
الجنة نهرا في حافتيه جوار نابتات، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله
عز وجل مكانها أخرى، قلت: جعلت فداك زدني قال: يا أبا محمد المؤمن يزوج ثمانمأة
عذراء، وأربعة آلاف ثيب، وزوجتين من الحور العين، قلت: جعلت فداك ثمانمأة
عذراء؟ قال: نعم ما يفترش منهن شيئا الا وجدها كذلك قلت: جعلت فداك من أي
شئ خلقن الحور العين؟ قال: من تربة الجنة النورانية ويرى مخ ساقها من وراء سبعين
حلة كبدها مراته وكبده مراتها، قلت: جعلت فداك ألهن كلام يتكلمن به في الجنة
قال: نعم كلام لم يسمع الخلايق أعذب منه، قلت: ما هو؟ قال يقلن بأصوات رحيمة:
نحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبوس، ونحن المقيمات فلا نظعن، و
نحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق لنا، وطوبى لمن خلقنا له، ونحن
اللواتي لو أن قرن أحد بنا، علق في جو السماء لاغشى نوره الابصار، فهاتان الآيتان
وتفسيرهما رد على من أنكر خلق الجنة والنار.
479

قوله عز وجل: " وهدوا إلى الطيب من القول ": التوحيد والاخلاص " وهدوا إلى
صراط الحميد " قال: الولاية.
37 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عمن ذكره عن حنان أبى على عن ضريس
الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى
صراط الحميد فقال: هو والله هذا الامر الذي أنتم عليه.
38 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
أورمة عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (ع) في قوله: " وهدوا
إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد " قال: ذاك حمزة وجعفر وعبيدة و
سلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمار، هدوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
39 - في مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ما أحد أحب إليه
الحمد من الله عز ذكره.
40 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: ان الذين كفروا ويصدون عن
سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه سواء العاكف فيه والباد قال: نزلت
في قريش حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن مكة وقوله: " سواء العاكف فيه والباد " قال:
أهل مكة ومن جاء من البلدان، فهم سواء لا يمنع من النزول ودخول الحرم.
41 - في نهج البلاغة من كتبه إلى قثم بن العباس رحمهما الله وهو عامله على
مكة وأمر أهل مكة ان لا يأخذوا من ساكن أجرا، فان الله سبحانه يقول: " سواء العاكف
فيه والباد " والعاكف المقيم به، والبادي الذي يحج إليه من غير أهله.
42 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى أبى جعفر عن أبيه عن علي عليهم -
السلام كره إجارة بيوت مكة، وقرء " سواء العاكف فيه والباد ".
43 - في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن حسين بن أبي
العلا قال: ذكر أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية " سواء العاكف فيه والباد " فقال:
كانت مكة ليس على شئ منها باب، وكان أول من علق على بابه المصراعين معاوية بن
480

أبي سفيان، وليس ينبغي لاحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور ومنازلها.
44 - في كتاب علل الشرايع حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن
عبد الله عن أحمد وعبد الله بنى محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان
الناب عن عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل:
" سواء العاكف فيه والباد " فقال: لم يكن ينبغي أن يصنع على دور مكة أبواب، لان للحاج
أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم، وان أول من جعل لدور
مكة أبوابا معاوية.
45 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
الحسين بن أبي العلا قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان معاوية أول من علق على بابه مصراعين
بمكة، فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز وجل: " سواء العاكف فيه والباد " وكان
الناس إذا قدموا مكة نزل البادئ على الحاضر حتى يقضى حجه، وكان معاوية
صاحب السلسلة التي قال الله عز وجل: " في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه انه كان
لا يؤمن بالله العظيم " وكان فرعون هذه الأمة.
46 - في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير إلى أن قال: وعنه عن
عبد الرحمن عن حماد عن حريز قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الطواف يعنى لأهل مكة
ممن جاور بها أفضل أو الصلاة؟ فقال: الطواف للمجاورين أفضل، والصلاة لأهل مكة
والقاطنين بها أفضل من الطواف.
47 - وعنه عن عبد الرحمن عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري وحماد وهشام
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل، وإذا قام سنتين خلط
من هذا وهذا، فإذا أقام ثلاث سنين فالصلاة أفضل.
48 - موسى بن القاسم حدثنا عبد الرحمن عن حماد بن عيسى عن حريز عن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له، فقلت
لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة؟ قال: فلينظر أيهما
481

الغالب عليه فهو من أهله.
49 - وعنه عن محمد بن عذافر عن عمر بن يزيد قال قال أبو عبد الله عليه السلام:
المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى سنتين فإذا جاوز سنتين كان قاطنا وليس
له ان يتمتع.
50 - وعنه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام:
لأهل مكة ان يتمتعوا؟ فقال: لا، ليس لأهل مكة أن يتمتعوا، قال: قلت:
فالقاطنون بها؟ قال: إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة، فإذا أقاموا شهرا
فان لهم ان يتمتعوا، قلت: من أين؟ قال: يخرجون من الحرم، قلت: من أين يهلون
بالحج؟ قال: من مكة نحوا مما يقول الناس.
51 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب
اليم قال: نزلت فيمن يلحد في أمير المؤمنين عليه السلام ويظلمه.
52 - في كتاب علل الشرايع أبى رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح
الكناني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " ومن يرد فيه بالحاد بظلم
نذقه من عذاب اليم " كل ظلم يظلم به الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شئ من الظلم
فانى أراه الحادا، ولذلك كان ينهى ان يسكن الحرم.
53 - حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن
الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان ومعاوية بن حفص عن منصور
جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبو عبد الله في المسجد الحرام فقيل له: ان سبعا
من سباع الطير على الكعبة لا يمر به شئ من حمام الحرم الا ضربه؟ فقال: انصبوا له
واقتلوه فإنه قد الحد في الحرم.
54 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة
وعلي بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام " ومن
482

يرد فيه بالحاد بظلم " قال: نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على
كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه السلام، فالحدوا في البيت بظلمهم الرسول
ووليه فبعدا للقوم الظالمين.
55 - في الكافي ابن أبي عمير عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل: " ومن يرد فيه بالحاد بظلم " كل ظلم إلحاد، وضرب الخادم في غير ذنب
من ذلك الالحاد.
56 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن
الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " و
من يرد فيه بالحاد بظلم " قال: كل ظلم الحاد وضرب الخادم في غير ذنب.
57 - في روضة الكافي ابن محبوب عن أبي ولاد وغيره من أصحابنا عن أبي -
عبد الله عليه السلام في قول الله عز ذكره: " ومن يرد فيه بالحاد بظلم " فقال: من عبد فيه غير الله
عز وجل، أو تولى فيه غير أولياء الله فهو ملحد بظلم، وعلى الله تبارك وتعالى ان يذيقه
من عذاب اليم.
58 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابان
عن حكيم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أدنى الالحاد؟ فقال: ان الكبر أدناه.
59 - في تهذيب الأحكام روى موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا ثم قال: وعنه عن ابن أبي عمير عن
حماد عن الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " ومن يرد فيه بالحاد بظلم
نذقه من عذاب اليم " قال: كل الظلم فيه الحاد حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت
أن يكون الحادا.
60 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل
عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله
عز وجل: " ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم " فقال: كل ظلم يظلم الرجل
483

نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شئ، من الظلم فانى أراه الحادا، ولذلك كان
يتقى ان يسكن الحرم.
61 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار قال: حدثني
إسماعيل بن جابر قال: كنت فيما بين مكة والمدينة انا وصاحب لي فتذاكرنا الأنصار
فقال أحدنا: هم نزاع من قبائل، وقال أحدنا: هم من أهل اليمن قال: فانتهينا إلى
أبى عبد الله عليه السلام وهو جالس في ظل شجرة، فابتدأ الحديث ولم نسأله فقال: ان تبعا
لما أن جاء من قبل العراق وجاء معه العلماء وأبناء الأنبياء، فلما انتهى إلى هذا
الوادي لهذيل أتاه ناس من بعض القبائل فقالوا: انك تأتى أهل بلدة قد لعبوا بالناس
زمانا طويلا حتى اتخذوا بلادهم حرما، ونبيهم ربا أو ربة، فقال: إن كان كما
يقولون قتلت مقاتليهم وسبيت ذريتهم، وهدمت بنيتهم، قال: فسالت عيناه حتى وقعتا
على خديه قال: فدعا العلماء وابنا الأنبياء فقال: انظروني أخبروني لما أصابني
هذا؟ قال: فأبوا ان يخبروه حتى عزم عليهم قالوا: حدثنا بأي شئ حدثت نفسك؟
قال: حدثت نفسي أن أقتل مقاتليهم وأسبى ذريتهم وأهدم بنيتهم، فقالوا: انا لا
ندري الذي أصابك الا لذلك، قال: ولم هذا؟ قالوا: لان البلد حرم الله والبيت بيت
الله وسكانه ذرية إبراهيم خليل الرحمن، فقال: صدقتم فما مخرجى مما وقعت فيه؟
قالوا: تحدث نفسك بغير ذلك فعسى الله أن يرد عليك قال: فحدث نفسه بخير فرجعت
حدقتاه حتى ثبتتا مكانهما، قال: فدعا بالقوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم، ثم
أتى البيت وكساه وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مأة جزور (1) حتى حملت الجفان
إلى السباع في رؤس الجبال، ونثرت الاعلاف في الأودية للوحش، ثم انصرف من مكة
إلى المدينة فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان وهم الأنصار، وفى رواية أخرى كساه
النطاع وطيبه.
62 - حميد بن زياد عن ابن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن محمد

(1) الجزور: الناقة التي تنحر.
484

الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تعالى يقول في كتابه: وطهر بيتي للطائفين
والعاكفين والركع السجود فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة الا وهو طاهر، وقد
غسل عرقه والأذى وتطهر.
63 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا
عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله تبارك وتعالى
حول الكعبة عشرين ومأة رحمة، منها ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، و
عشرون للناظرين.
64 - في تهذيب الأحكام روى الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن
عمران الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام أتغتسل النساء إذا أتين البيت؟ قال: نعم
ان الله تعالى يقول: " وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود " وينبغي للعبد
ان لا يدخل الا وهو طاهر، قد غسل عنه العرق والأذى وتطهر.
65 - في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر
عليه السلام عما يروون ان الله عز وجل خلق آدم على صورته فقال: هي صورة محدثة مخلوقة،
اصطفاها الله واختارها على ساير الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة
إلى نفسه، والروح إلى نفسه، فقال: " بيتي " وقال: " ونفخت فيه من روحي ".
66 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه والحسين بن محمد عن عبد الله بن
عامر ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
أبان بن عثمان عن عقبة بن بشير عن أحدهما عليهما السلام قال: إن الله تعالى أمر إبراهيم
ببناء الكعبة وان يرفع قواعدها ويرى الناس مناسكهم، فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت
كل يوم ساقا حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود، قال أبو جعفر عليه السلام: فنادى أبو قبيس
إبراهيم ان لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه، ثم إن إبراهيم عليه السلام اذن
في الناس بالحج، فقال: أيها الناس انى إبراهيم خليل الله، ان الله أمركم ان تحجوا
هذا البيت فحجوه، فأجابه من يحج إلى يوم القيامة، فكان أول من أجابه من
أهل اليمن.
485

67 - في كتاب علل الشرايع أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال:
حدثنا أحمد وعلى ابنا الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد المدائني عن موسى بن
قيس بن أخي عمار بن موسى الساباطي عن مصدق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لما أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم ان اذن في الناس بالحج أخذ الحجر الذي
فيه أثر قدميه وهو المقام، فوضعه بحذاء البيت، لاصقا بالبيت بحيال الموضع الذي
هو فيه اليوم ثم قام عليه فنادى بأعلى صوته بما امره الله عز وجل به، فلما تكلم بالكلام
لم يحتمله الحجر فغرقت رجلاه فيه، فقلع إبراهيم عليه السلام رجله من الحجر قلعا،
فلما كثر الناس وصاروا إلى الشر والبلاء ان ازدحموا عليه فرأوا ان يضعوه في هذا
الموضع الذي هو فيه ليخلوا الطواف لمن يطوف بالبيت، فلما بعث الله عز وجل محمدا
صلى الله عليه وآله رده إلى الموضع الذي وضعه فيه إبراهيم عليه السلام فما زال فيه حتى قبض رسول الله
صلى الله عليه وآله وفى زمن أبى بكر وأول ولاية عمر، ثم قال عمر: قد ازدحم الناس على هذا المقام
فأيكم يعرف موضعه في الجاهلية؟ فقال رجل: انا أخذت قدره بقدر، قال: والقدر
عندك؟ قال: نعم قال: فأت به فجاء به فامر بالمقام فحمل ورد إلى الموضع الذي
هو فيه الساعة.
68 - وباسناده إلى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته لم جعلت التلبية؟
فقال: ان الله عز وجل أوحى إلى إبراهيم عليه السلام: واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا
فنادى فأجيب من كل فج عميق.
69 - أبى رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أمر الله عز وجل
إبراهيم وإسماعيل ببناء البيت وتم بناؤه وأمره ان يصعد ركنا ثم ينادى في الناس:
الا هلم الحج، الا هلم الحج فلوا نادى هلموا إلى الحج لم يحج الا من كان يومئذ
أنسيا مخلوقا، ولكن نادى هلم الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال: لبيك داعى الله،
لبيك داعى الله، فمن لبى عشرا حج عشرا ومن لبى خمسا حج خمسا، ومن لبى أكثر فبعدد
ذلك ومن لبى واحدة حج واحدة، ومن لم يلب لم يحج.
486

70 - وباسناده إلى غالب بن عثمان عن رجل من أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلام
قال: إن الله جل جلاله لما أمر إبراهيم عليه السلام ينادى في الناس بالحج، قام على المقام
فارتفع به حتى صار بإزاء أبى قبيس، فنادى في الناس في الحج، فاسمع من في أصلاب
الرجال وأرحام النساء إلى أن تقوم الساعة.
71 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أمر إبراهيم وإسماعيل ببناء البيت وتم
بناؤه. قعد إبراهيم على ركن ثم نادى: هلم الحج، فلو نادى: هلموا، وذكر مثل
ما نقلنا عن كتاب العلل.
72 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا
عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج، ثم أنزل الله تعالى عليه: واذن في الناس بالحج
يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق فأمر المؤذنين ان
يؤذنوا بأعلى أصواتهم بان رسول الله صلى الله عليه وآله يحج في عامه هذا، فعلم به من حضر في
المدينة وأهل العوالي (1) والاعراب، واجتمعوا لحج رسول الله صلى الله عليه وآله وانما
كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون ويتبعونه، أو يصنع شيئا فيصنعونه، فخرج رسول
الله صلى الله عليه وآله في أربع بقين من ذي قعدة، فلما انتهى إلى ذي الحليفة زالت الشمس
فاغتسل ثم خرج حتى اتى المسجد الذي عند الشجرة، فصلى فيه الظهر، وعزم بالحج
مفردا، وخرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأول، فصف الناس سماطين (2)
فلبى بالحج مفردا، وساق الهدى ستا وستين أو أربعا وستين، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
73 - في عوالي اللئالي وروى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: انما الحاج الشعث (3) الغبر

(1) العوالي: قرى بظاهر المدينة، (2) أي صفين.
(3) الشعث - ككتف -: المنتف الشعر. الحاف الذي لم يدهن المغبر الرأس.
487

يقول الله لملائكته: انظروا إلى زوار بيتي قد جاؤني شعثاء غبراء من كل فج عميق.
74 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: " واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا
وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " يقول: الإبل المهزولة، وقرأ: " يأتون
من كل فج عميق " قال: ولما فرع إبراهيم من بناء البيت امره الله ان يؤذن في الناس
بالحج، فقال: يا رب ما يبلغ صوتي فقال الله اذن، عليك الاذان وعلى البلاغ، و
ارتفع على المقام وهو يومئذ ملصق بالبيت، فارتفع به المقام حتى كان أطول من
الجبال، فنادى وادخل إصبعه في اذنه واقبل بوجهه شرقا وغربا يقول: أيها الناس
كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فأجيبوا ربكم، فأجابوه من تحت البحور السبع
ومن بين المشرق والمغرب، إلى منقطع التراب من أطراف الأرض كلها ومن
أصلاب الرجال، ومن أرحام النساء بالتلبية: لبيك اللهم لبيك، أولا ترونهم يأتون
يلبون؟ فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممن استجاب الله وذلك قوله: " فيه
آيات بينات مقام إبراهيم " يعنى نداء إبراهيم على المقام.
75 - في مجمع البيان وفى الشواذ قراءة ابن عباس رجالا بالتشديد والضم،
وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
76 - وروى عن أبي عبد الله عليه السلام انه قرأ: تأتون.
77 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل
عن محمد بن الفضيل عن الربيع بن خثيم قال: شهدت أبا عبد الله عليه السلام وهو يطاف به حول
الكعبة في محمل وهو شديد المرض، فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه
بالأرض، فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ثم يقول: ارفعوني
فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط قلت له: جعلت فداك يا ابن رسول الله ان هذا
يشق عليك! فقال: انى سمعت الله عز وجل يقول: ليشهدوا منافع لهم فقلت:
منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال: الكل.
78 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن أبي المغراء
488

عن سلمة بن محرز قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ جاءه رجل يقال له: أبو الورد،
فقال لأبي عبد الله: رحمك الله انك لو كنت أرحت بدنك من المحمل؟ فقال أبو
عبد الله عليه السلام: يا أبا الورد انى أحب ان اشهد المنافع التي قال الله عز وجل:
" ليشهدوا منافع لهم " انه لا يشهدها أحد الا نفعه الله، اما أنتم فترجعون مغفورا لكم،
واما غيركم فيحفظون في أهاليهم وأموالهم.
79 - في مجمع البيان " ليشهدوا منافع لهم " وقيل: منافع الآخرة وهي العلو
والمغفرة وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
80 - في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان
في جواب مسائله في العلل: وعلة الحج الوفادة إلى الله عز وجل، وطلب الزيادة و
الخروج من كل ما اقترف، وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل، وما فيه
من استخراج الأموال وتعب الأبدان، وحظرها عن الشهوات واللذات، والتقرب
بالعبادة إلى الله عز وجل، والخضوع والاستكانة والذل، شاخصا في الحر والبرد
والامن والخوف، دائبا في ذلك دائما، وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع و
الرغبة والرهبة إلى الله تعالى، ومنه ترك قساوة القلب وجساوة الأنفس ونسيان الذكر
وانقطاع الرجاء الأمل، وتجديد الحقوق وحظر النفس عن الفساد، ومنفعة من
في شرق الأرض وغربها، ومن في البر والبحر ممن يحج ومن لا يحج من تاجر و
جالب وبايع ومشتر وكاسب ومسكين، وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن
لهم الاجتماع فيها، كذلك ليشهدوا منافع لهم.
81 - وفى باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها انه سمعها من
الرضا عليه السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ، فان قال: فلم أمر بالحج؟ قيل: لعلة
الوفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة وذكر كما ذكر محمد بن سنان وزاد بعد قوله
في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها، مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الأئمة عليهم
السلام إلى كل صقع (1) وناحية كما قال الله عز وجل: " فلولا نفر من كل فرقة

(1) الصقع بمعنى الناحية أيضا.
489

منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يرجعون وليشهدوا
منافع لهم ".
82 - في عوالي اللئالي وروى عن الصادق عليه السلام ان الذكر في قوله: و
يذكروا اسم الله هو التكبير عقيب خمس عشرة صلاة أولها ظهر العيد، وروى عن
الباقر عليه السلام مثله.
83 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن حماد بن
عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: قال علي عليه السلام في قول الله عز وجل:
ويذكروا اسم الله في أيام معلومات: قال: أيام العشر.
84 - وبهذا الاسناد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح
الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات "
قال: هي أيام التشريق.
85 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الصلت عن يونس بن عبد -
الرحمن عن المفضل بن صالح عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى:
" واذكروا اسم الله في أيام معدودات " قال: المعلومات والمعدودات واحدة وهن أيام
التشريق.
86 - في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن حماد بن عيسى
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال أبى عليه السلام: " اذكروا الله في أيام معلومات " قال:
عشر ذي الحجة، وأما معدودات قال: أيام التشريق.
87 - العباس وعلي بن السندي جميعا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سمعته يقول: قال علي عليه السلام في قول الله: " واذكروا الله في أيام معلومات " قال: أيام العشر،
وقوله: " واذكروا اسم الله في أيام معدودات " قال: أيام التشريق.
88 - في مجمع البيان واختلف في هذه الأيام قيل هي أيام التشريق يوم النحر
490

وثلاثة أيام بعده، والمعدودات أيام العشر، وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام.
89 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن
عبد الله بن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله
عز وجل: " انما الصدقات للفقراء والمساكين " قال: الفقير الذي لا يسأل الناس، و
المسكين أجهد منه، والبائس أجهدهم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
90 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام في
قول الله عز وجل: وأطعموا البائس والفقير قال: هو الزمن الذي لا يستطيع ان
يخرج لزمانته.
91 - في الكافي باسناده إلى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل
وستقف عليه مسندا عند قوله تعالى: " وأطعموا القانع والمعتر " انشاء الله تعالى وفيه:
والبائس هو الفقير.
92 - في تهذيب الأحكام روى موسى بن القاسم عن النخعي عن صفوان بن
يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حديث طويل ستقف عليه عند قوله:
" وأطعموا القانع والمعتر " والبائس والفقير.
93 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط
عن داود بن النعمان عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ورأى الناس بمكة و
ما يعملون قال: فقال: فعال كفعال الجاهلية، أما والله ما أمروا بهذا وما أمروا الا أن
يقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم، فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم، ويعرضوا عليها نصرتهم.
94 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل عن
الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير جميعا عن معاوية بن عمار قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: إذا أحرمت فعليك بتقوى الله، إلى أن قال: وقال: اتق المفاخرة و
عليك بورع يحجزك عن معاصي الله، فان الله تعالى يقول: ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا
نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق قال أبو عبد الله عليه السلام: من التفث أن تتكلم في
491

في احرامك بكلام قبيح، فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت تكلمت بكلام طيب، فكان
ذلك كفارة.
95 - أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: انى حين نفرنا
من منى أقمنا أياما ثم حلقت رأسي طلب التلذذ، فدخلني من ذلك شئ، فقال: كان
أبو الحسن صلوات الله عليه إذا خرج من مكة فأتى بثيابه حلق رأسه قال: وقال في قول
الله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم " قال: التفث تقليم الأظفار، وطرح الوسخ
وطرح الاحرام،
96 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل
عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يقصر من شعره وهو
حاج حتى ارتحل من منى؟ قال: ما يعجبني ان يلقى شعر رأسه الا بمنى، وقال في قول
الله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم " قال: هو الحلق وما في جلد الانسان.
97 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن سليمان عن زياد القندي عن
عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان الله امرني في كتابه
بأمر فأحب ان أعمله قال: وما ذاك؟ قلت: قول الله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا
نذورهم " قال: ليقضوا تفثهم لقاء الامام، وليوفوا نذورهم تلك المناسك، قال عبد الله
بن سنان: فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك قول الله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا
نذورهم "؟ قال: اخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك، قال: قلت: جعلت
فداك ان ذريح المحاربي حدثني عنك بأنك قلت: " ثم ليقضوا تفثهم " لقاء الامام
" وليوفوا نذورهم " تلك المناسك؟ فقال: صدق وصدقت، ان للقرآن ظاهرا وباطنا
ومن يحتمل ما يحتمل ذريح؟.
98 - حميد بن زياد عن ابن سماعة عن غير واحد عن أبان عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام في قول الله جل ثناؤه: " ثم ليقضوا تفثهم " قال: هو ما يكون من
الرجل في احرامه، فإذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك
492

الذي كان منه.
99 - في من لا يحضره الفقيه وروى حمران عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله
عز وجل: " ثم ليقضوا تفثهم " قال: التفث حقوق الرجل من الطيب، فإذا قضى
نسكه حل له الطيب.
100 - وروى ربعي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل:
" ثم ليقضوا تفثهم " فقال: قص الشارب والأظفار.
101 - وفى رواية النضر عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ان التفث هو
الحلق وما في جلد الانسان.
102 - وفى رواية البزنطي عن الرضا عليه السلام قال: التفث تقليم الأظفار وطرح
الوسخ وطرح الاحرام عنه.
103 - في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي -
نصر قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: " ليقضوا تفثهم وليوفوا
نذورهم " قال: تقليم الأظفار وطرح الوسخ عنك، والخروج من الاحرام " وليطوفوا
بالبيت العتيق " طواف الفريضة.
104 - في تهذيب الأحكام محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن
زياد عن أحمد بن محمد قال: قال أبو الحسن عليه في قول الله عز شأنه: " وليطوفوا
بالبيت العتيق " قال: طواف الفريضة طواف النساء.
105 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن إسماعيل عن محمد بن يحيى
الصيرفي عن حماد الناب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " وليطوفوا
بالبيت العتيق " قال: هو طواف النساء.
106 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في قول النبي صلى الله عليه وآله
انا ابن الذبيحين حديث طويل وفى آخره: وكانت لعبد المطلب خمس سنن
أجراها الله في الاسلام، حرم نساء الاباء على الأبناء، إلى قوله: وكان يطوف
493

بالبيت سبعة أشواط.
107 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي
طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في وصيته له: يا علي أن عبد المطلب سن في
الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الاسلام، حرم نساء الاباء على الأبناء إلى قوله:
ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن فيهم عبد المطلب سبعة أشواط، فأجرى الله
ذلك في الاسلام.
108 - في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن
سنان في جواب مسائله في العلل: وعلة الطواف بالبيت ان الله عز وجل قال للملائكة:
" انى جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " فردوا على
الله عز وجل هذا الجواب، فندموا فلاذوا بالعرش واستغفروا، فأحب الله عز وجل ان
يتعبد بمثل ذلك العباد، فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى الصراح،
ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى المعمور بحذاء الصراح، ثم وضع هذا البيت
بحذاء البيت المعمور، ثم أمر آدم عليه السلام فطاف به فتاب الله عز وجل عليه، فجرى ذلك
في ولده إلى يوم القيامة.
109 - في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن الحسين بن علي بن
مروان عن عدة من أصحابنا عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام في المسجد
الحرام: لأي شئ سما الله العتيق؟ فقال: انه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض
الا له رب وسكان يسكنونه غير هذا البيت، فإنه لا رب له الا الله وهو الحر (1)
ثم قال: إن الله تعالى خلقه قبل الأرض (2) ثم خلق الأرض من بعده فدحاها
من تحته.
110 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن أبان بن عثمان عمن

(1) وفى نسخة وهو الحق " لكن الظاهر الموافق للمصدر ما اخترناه وهو الحر.
(2) قال الفيض (ره) في الوافي: هذا وجه آخر لتسميته بالعتيق إذا العتيق يقال له كريم.
494

أخبره عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت: لم سمى الله البيت العتيق؟ قال: هو بيت
حر عتيق من الناس لم يملكه أحد.
111 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه ومحمد بن علي عن علي بن النعمان
عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انما سمى البيت العتيق لأنه أعتق
من الغرق عتق الحرم معه كف عنه الماء.
112 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان بن يحيى عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا وفيه يقول
عليه السلام: وانما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق.
113 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام
حديث طويل يقول عليه السلام في آخره: وانما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق.
114 - وباسناده إلى ذريح بن يزيد المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله
عز وجل أغرق الأرض كلها يوم نوح الا البيت، فيومئذ سمى العتيق لأنه أعتق يومئذ
من الغرق، فقلت له: أصعد إلى السماء؟ فقال: لا لم يصل إليه الماء ورفع عنه.
115 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن المغيرة عن
يحيى بن عبادة عن أبي عبد الله عليه السلام انه سمعه يقول: الرجس من الأوثان الشطرنج، وقول
الزور الغناء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
116 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن
عيسى عن محمد بن يحيى الخزاز عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن قول الزور؟ قال: منه قول الرجل للذي يغنى: أحسنت.
117 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك
عن عبد الله بن جبلة عن سماعة بن مهران عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور قال الغناء.
495

118 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد والحسين بن
سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن درست عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن قول الله عز وجل: " فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور " قال: الرجس
من الأوثان الشطرنج، وقول الزور، الغنا.
119 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله عز وجل: " فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور "
قال الرجس من الأوثان الشطرنج، وقول الزور الغنا.
120 - في مجمع البيان " فاجتنبوا الرجس من الأوثان " وروى أصحابنا ان
اللعب بالشطرنج والنرد وساير أنواع القمار من ذلك " واجتنبوا قول الزور " وروى
أصحابنا انه يدخل فيه الغنا وساير الأقوال الملهية.
121 - وروى أيمن بن خزيم عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: خطبنا فقال: أيها
الناس عدلت شهادة الزور بالشرك بالله " ثم قرأ فاجتنبوا الرجس من الأوثان و
اجتنبوا قول الزور ".
122 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: الرجس من الأوثان الشطرنج، وقول الزور الغنا وقوله:
حنفاء لله أي طاهرين.
123 - في كتاب التوحيد باسناده إلى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته
عن قول الله عز وجل: " حنفاء لله غير مشركين به " وعن الحنيفية؟ فقال: هي الفطرة
التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله قال: فطرهم على المعرفة.
124 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن
بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انما يكون الجزاء يضاعف في ما دون البدنة حتى تبلغ البدنة
فإذا بلغ البدنة فلا يضاعف لأنه أعظم ما يكون، قال الله عز وجل: ومن يعظم شعائر الله
فإنها من تقوى القلوب.
496

125 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله تعالى: " ذلك ومن يعظم شعائر الله
فإنها من تقوى القلوب " قال: تعظيم البدن وجودتها قوله عز وجل: لكم فيها
منافع إلى أجل مسمى قال: البدن يركبها المحرم من موضعه الذي يحرم فيه غير
مضر بها ولا معنف عليها، وإن كان لها لبن يشرب من لبنها إلى يوم النحر.
126 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل
عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " لكم
فيها منافع إلى أجل مسمى " قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير عنف عليها، وإن كان
لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها (1).
127 - في من لا يحضره الفقيه وروى أبو بصير عنه في قول الله عز وجل:
" لكم فيها منافع إلى أجل مسمى " قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها،
وإن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها.
128 - في مجمع البيان " لكم فيها " أي في الشعائر " منافع " فمن تأول ان
الشعائر الهدى قال: إن منافعها ركوب ظهرها وشرب لبنها إذا احتيج إليها وهو المروى
عن أبي جعفر عليه السلام.
129 - في تفسير علي بن إبراهيم - قوله عز وجل: فله أسلموا وبشرا المخبتين
قال: العابدين.
130 - قوله عز وجل: فاذكروا اسم الله عليها صواف قال: تنحر قائمة.
131 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن
يحيى عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: " واذكروا اسم الله عليها
صواف " قال: ذلك حين تصف للنحر، تربط يديها ما بين الخف إلى الركبة، ووجوب
جنوبها إذا وقعت على الأرض.
132 - في مجمع البيان وقيل: هو ان تنحر وهي صافة أي قائمة، ربطت يداها

(1) نهك الضرع: استوفى جميع ما فيه
497

ما بين الرسغ (1) أن الخف إلى الركبة عن أبي عبد الله عليه السلام.
133 - وقرأ أبو جعفر عليه السلام " صوافن " بالنون.
134 - في الكافي حميد بن زياد عن ابن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان
عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله، فإذا وجبت جنوبها
قال: إذا وقعت على الأرض فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر قال: القانع
الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يلوى شدقه غضبا (2) والمعتر المار
بك لتطعمه.
135 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان
ابن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: " فإذا وجبت جنوبها
فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " قال: القانع الذي يقنع بما أعطيته، والمعتر
الذي يعتريك، والسائل الذي يسألك في يديه، والبائس هو الفقير.
136 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن مولى لأبي عبد الله
عليه السلام قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام دعا ببدنه فنحرها، فلما ضرب الجزارون
عراقيبها (3) فوقعت إلى الأرض وكشفوا شيئا عن سنامها (4) قال: اقطعوا وكلوا
منها فان الله تعالى يقول: " فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا ".
137 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي الوشا عن عبد الله
ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تصرم بالليل ولا تحصد بالليل ولا
تصلح بالليل ولا تبذر بالليل، فإنك ان تفعل لم يأتك القانع والمعتر، فقلت: ما

(1) الرسغ - بالضم -: مفصل ما بين الساق والقدم والساعد والكف من كل دابة.
(2) كلح في وجهه: عبس والوى شدقه: أعرض به. والشدق: جانب الفم.
(3) العراقيب جمع العرقوب: عصب غليظ فوق عقب الانسان ومن الدابة في رجلها
بمنزلة الركبة في يدها.
(4) السنام: حدبة في ظهر البعير. وبالفارسية " كوهان ".
498

القانع والمعتر؟ قال: القانع الذي يقنع بما أعطيته، والمعتر الذي يمر بك فيسألك،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
138 - في تهذيب الأحكام روى موسى بن القاسم عن النخعي عن صفوان بن
يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم،
كما قال الله تعالى: " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " فقال: القانع الذي يقنع
بما أعطيته، والمعتر الذي يعتريك، والسائل الذي يسألك في يده، والبائس الفقير،
139 - في كتاب علل الشرايع أبى رحمه الله ومحمد بن الحسن بن أحمد بن
الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى بن
عمران الأشعري عن علي بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى الأزرق قال: قلت لأبي إبراهيم
عليه السلام: الرجل يعطى الضحية من يسلخها بجلدها، قال: لا بأس به، انما قال الله
عز وجل: " فكلوا منها وأطعموا " والجلد لا يؤكل ولا يطعم.
140 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن
فضالة عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله
عز وجل: " فإذا وجبت جنوبها " قال: وقعت على الأرض " فكلوا منها وأطعموا القانع
والمعتر " قال: القانع الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يرتد شدقه غضبا و
المعتر المار بك تطعمه.
141 - وبهذا الاسناد علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن سيف
التمار قال قال أبو عبد الله عليه السلام: ان سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقى أبى عليه السلام فقال:
انى سقت هديا فيكف أصنع؟ فقال: أطعم أهلك شيئا، وأطعم القانع ثلثا، وأطعم
المسكين ثلثا، قلت: المسكين هو السائل؟ قال: نعم والقانع يقنع بما أرسلت إليه
من البضعة فما فوقها، والمعتر يعتريك لا يسألك.
142 - في عوالي اللئالي وروى معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: إذا
499

ذبحت أو نحرت فكل وأطعم، كما قال الله: " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ".
143 - في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي -
نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن القانع والمعتر؟ قال: القانع الذي
يقنع بما أعطيته، والمعتر الذي يعتريك.
144 - في تفسير علي بن إبراهيم " فكلوا منها القانع والمعتر " قال:
القانع الذي يسأل فتعطيه، والمعتر الذي يعتريك ولا يسأل.
145 - في مجمع البيان وفى رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القانع
الذي يسأل فيرضى بما اعطى، والمعتر الذي يعترى رحلك ممن لا يسأل.
146 - وقال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: القانع الذي يقنع بما أعطيته
ولا يسخط ولا يلوى شدقه غضبا، والمعتر المار بك لتطعمه.
147 - وروى عنهم عليهم السلام انه ينبغي ان يطعم ثلاثة، ويعطى القانع والمعتر
ثلاثة، ويهدى لأصدقائه الثلث الباقي.
148 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قلت له: ما علة الأضحية؟ قال: إنه يغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطر من دمها
إلى الأرض، وليعلم الله عز وجل من يتقيه بالغيب قال الله عز وجل: لن ينال الله لحومها
ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ثم قال: انظر كيف قبل الله قربان هابيل و
رد قربان قابيل؟.
149 - في جوامع الجامع وروى أن الجاهلية كانوا إذا نحروا لطخوا البيت
بالدم، فلما حج المسلمون أرادوا مثل ذلك فنزلت.
150 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: لتكبروا الله على ما هداكم
قال. التكبير أيام التشريق في الصلوات بمنى في عقيب خمس عشرة صلاة، وفى
الأمصار عقيب عشر صلوات.
151 - قوله عز وجل اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير
500

قال: نزلت في علي وجعفر وحمزة صلوات الله عليه وعليهما ثم حرف.
152 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله
عز وجل: " اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير " قال: إن العامة
يقولون: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة، وانما هو القائم
صلوات الله عليه إذا خرج يطلب بدم الحسين صلوات الله عليه، وهو يقول: نحن أولياء
الدم وطلاب الترة.
153 - في مجمع البيان وروى عن الباقر عليه السلام أنه قال: لم يؤمر رسول الله
صلى الله عليه وآله بقتال ولا اذن له فيه، حتى نزل جبرئيل بهذه الآية: " اذن للذين يقاتلون
بأنهم ظلموا " وقلده سيفا.
154 - وفيه أيضا وكان المشركون يؤذون المسلمين لا يزال يجئ مشجوج و
مضروب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويشكون ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فيقول لهم:
اصبروا فانى لم أومر بالقتال حتى هاجر، فأنزل الله عليه هذه الآية بالمدينة وهي
أول آية نزلت في القتال.
155 - في روضة الكافي ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن
المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: الذين اخرجوا من
ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله قال نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى وحمزة
وجعفر، وجرت في الحسين عليهم السلام أجمعين.
156 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " الذي اخرجوا من ديارهم
بغير حق " قال: الحسين صلوات الله عليه وعلى جده وأبيه وأمه وأخيه وذريته وبنيه، حين
طلبه يزيد ليحمله إلى الشام فهرب إلى الكوفة وقتل بالطف.
157 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام
" الذين اخرجوا من ديارهم " قال: نحن، نزلت فينا،
158 - في مجمع البيان وقال أبو جعفر عليه السلام نزلت في المهاجرين وجرت
501

في آل محمد: الذين اخرجوا من ديارهم وأخيفوا.
159 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد
عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن الدعاء إلى الله
والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم به الا من كان منهم أم هو مباح لكل
من وحد الله عز وجل وآمن برسوله صلى الله عليه وآله، ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عز وجل
والى طاعته وأن يجاهد في سبيله؟ فقال: ذلك قوم لا يحل الا لهم ولا يقوم بذلك الا من
كان منهم، قلت: من أولئك؟ قال، من قام بشرائط الله تعالى في القتال والجهاد على
المجاهدين فهو مأذون له في الدعاء إلى الله تعالى، ومن لم يكن قائما بشرائط الله في الجهاد
على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله
عليه من شرائط الجهاد، قلت: فبين لي رحمك الله.
قال: إن الله تعالى أخبر في كتابه الدعاء إليه ووصف الدعاة إليه، فجعل ذلك لهم
درجات يعرف بعضها بعضا، ويستدل ببعضها على بعض إلى أن قال عليه السلام: ثم أخبر تبارك
وتعالى انه لم يؤمر بالقتال الا أصحاب هذه الشروط، فقال سبحانه وتعالى: " اذن للذين
يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا
ان يقولوا ربنا الله " وذلك أن جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل ولرسوله ولاتباعهم
من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة
والفجار من أهل الخلاف لرسول الله صلى الله عليه وآله والمولى عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا
فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات، وغلبوهم عليه ما أفاء الله (1) على رسوله فهو حقهم أفاء الله
عليهم ورده إليهم وانما معنى الفئ كلما صار إلى المشركين ثم رجع مما كان غلب عليه أو فيه
فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء، مثل قول الله عز وجل " فان فأوا فان الله غفور رحيم "
أي رجعوا ثم قال: " وان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم " وقال:: " وان طائفتان من
المؤمنين اقتتلوا فاصحلوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى

(1) وفى المصدر " مما أفاء الله " وفى الوافي " فما أفاء الله "
502

حتى تفئ إلى أمر الله " أي ترجع " فان فاءت " أي رجعت " فاصلحوا بينهما بالعدل و
اقسطوا ان الله يحب المقسطين " يعنى بقوله: تفئ ترجع، فذلك الدليل على أن الفئ
كل راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه، ويقال للشمس إذا زالت قد فاءت الشمس حين
يفئ الفئ عند رجوع الشمس إلى زوالها، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار،
فإنما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم فذلك قوله: " اذن للذين
يقاتلون بأنهم ظلموا " ما كان المؤمنون أحق به منهم.
وانما اذن للمؤمنين الذين قاموا بشرايط الايمان التي وصفناها، وذلك أنه
لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما، ولا يكون مظلوما حتى يكون
مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الايمان التي اشترط الله تعالى على
المؤمنين والمجاهدين، فإذا تكاملت فيه شرائط الله تعالى كان مؤمنا، وإذا كان
مؤمنا كان مظلوما، وإذا كان مظلوما كان مأذونا في الجهاد، لقوله عز وجل:
" اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير " وان لم يكن مستكملا
لشرائط الايمان فهو ظالم ممن يبغي ويجب جهاده حتى يتوب، وليس مأذونا له في
الجهاد والدعاء إلى الله عز وجل، لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين اذن لهم في -
القرآن في القتال، فلما نزلت هذه الآية " اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا "
في المهاجرين الذين اخرجوا أهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم
إياهم واذن لهم في القتال.
فقلت: فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم فما بالهم في قتال
كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال: لو كان انما اذن لهم
في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكة
من قبائل العرب سبيل، لان الذين ظلموهم غيرهم وانما اذن لهم في قتال من ظلمهم من
أهل مكة لاخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير حق، ولو كانت الآية انما عنت
المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم، إذا لم يبق من
503

الظالمين والمظلومين أحد، وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذا لم يبق من
الظالمين والمظلومين أحد، وليس كما ظننت ولا كما ذكرت، ولكن المهاجرين
ظلموا من جهتين ظلمهم أهل مكة باخراجهم من ديارهم وأموالهم، فقاتلوهم بإذن الله
لهم في ذلك، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كل دونهم من قبائل العرب والعجم
بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم، فقد قاتلوهم بإذن الله تعالى
لهم في ذلك (1)
وبحجة هذه الآية يقاتل مؤمنوا كل زمان وانما اذن الله للمؤمنين الذين قاموا
بما وصف الله تعالى من الشرائط التي شرطها الله على المؤمنين في الايمان والجهاد،
ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك
المعنى، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين وليس بمأذون له
في القتال ولا بالنهي عن المنكر والامر بالمعروف، لأنه ليس من أهل ذلك ولا مأذون
له في الدعاء إلى الله تعالى، لأنه ليس يجاهد مثله، وأمر بدعائه إلى الله ولا يكون
مجاهدا من قد أمر المؤمنون (2) بجهاده وحضر الجهاد عليه ومنعه منه ولا يكون داعيا
إلى الله تعالى من أمر بدعاء مثله إلى التوبة، والحق والامر بالمعروف والنهى عن
المنكر، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به، ولا ينهى عن المنكر من قد
أمر أن ينهى عنه، فمن كانت قد تمت فيه شرائط الله تعالى التي وصف بها أهلها من أصحاب
النبي صلى الله عليه وآله وهو مظلوم، فهو مأذون له في الجهاد، كما اذن لهم (3) في الجهاد،
لان حكم الله تعالى في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء الا من علة أو حادث

(1) قال المجلسي (ره): حاصل الجواب انا قد ذكرنا ان جميع ما في أيدي المشركين
كان من أموال المسلمين، فجميع المسلمين مظلومون من هذه الجهة، والمهاجرين ظلموا
من هذه الجهة، ومن جهة اخراجهم من خصوص مكة.
(2) وفى بعض النسخ " أمر المؤمنين " ولعله الأوفق بالسياق لقوله " ومنعه منه ".
(3) أي لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله.
504

يكون، والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء، والفرائض عليهم واحدة،
يسأل الآخرون عن أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون، ويحاسبون عما به يحاسبون.
ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد
وليس بمأذون له فيه حتى يفئ بما شرط الله تعالى عليه، فإذا تكاملت فيه شرائط الله
تعالى على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذون لهم في الجهاد، فليتق الله تعالى
عبد ولا يغتر بالآماني التي نهى الله تعالى عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله، التي
يكذبها القرآن ويتبرء منها، ومن حملتها ورواتها، ولا يقدم على الله بشبهة لا يعذر بها
فإنه ليس وراء المعترض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها، وهي غاية الأعمال
في عظم قدرها، فليحكم امرء لنفسه وليرها كتاب الله تعالى ويعرضها عليه، فإنه لا أحد
أعرف بالمرء من نفسه، فان وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على
الجهاد، وان علم تقصيرا فليصلحها وليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد، ثم
ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها، ولسنا نقول لمن
أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرايط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين
لا تجاهدوا، ولكن نقول: قد علمناكم ما شرط الله تعالى على أهل الجهاد الذين بايعهم و
اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان، فليصلح امرء ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك
وليعرضها على شرائط الله، فان رأى أنه قد وفى بها وتكاملت فيه فإنه ممن أذن الله
تعالى له في الجهاد، وان أبى ان لا يكون مجاهدا على ما فيه من الاصرار على المعاصي و
المحارم والاقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عز وجل بالجهل والروايات
الكاذبة، فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل ان الله تعالى ينصر هذا الدين
بأقوام لا خلاق لهم فليتق الله امرء وليحذر أن يكون منهم فقد بين لكم ولا عذر لكم بعد
البيان في الجهل، ولا قوة الا بالله وحسبنا الله عليه توكلنا واليه المصير.
160 - في مجمع البيان وقرء جعفر بن محمد عليهما السلام: " وصلوات "
بضم الصاد واللام.
505

161 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر عبادة الأئمة صلوات الله عليهم وسيرتهم
فقال: الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف
ونهوا عن المنكر والى الله عاقبة الأمور وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: " الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة " فهذه لآل محمد
إلى آخر الآية، والمهدى وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر
الدين ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات الشقاة الحق حتى لا يرى أين
الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
162 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب موسى بن جعفر والحسين بن علي (ع)
في قوله تعالى: " الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلواة " قال: هذه فينا أهل البيت.
163 - في مجمع البيان " وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر " وقال أبو
جعفر عليه السلام: نحن هم.
164 وفى تفسير أهل البيت عليهم السلام في قوله: وبئر معطلة أي وكم من عالم لا يرجع إليه ولا ينتفع بعلمه.
165 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " وبئر معطلة وقصر مشيد " قال: البئر
المعطلة الامام الصامت، والقصر المشيد الامام الناطق.
166 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى إبراهيم بن زياد قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " وبئر معطلة وقصر مشيد " قال: البئر المعطلة الامام
الصامت، والقصر المشيد الامام الناطق.
167 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن
يحيى عن علي بن السندي عن محمد بن عمرو عن بعض أصحابنا عن نصر بن قابوس قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " وبئر معطلة وقصر مشيد " قال: البئر
المعطلة الامام الصامت، والقصر المشيد الامام الناطق.
506

168 - وباسناده إلى عبد الله بن القاسم البطل عن صالح بن سهل أنه قال: أمير
المؤمنين عليه السلام هو القصر المشيد، والبئر المعطلة فاطمة وولدها معطلين من الملك.
169 - في أصول الكافي محمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل بن زياد عن
موسى بن القاسم البجلي عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في قوله تعالى: " وبئر
معطلة وقصر مشيد " قال: البئر المعطلة الامام الصامت، والقصر المشيد الامام الناطق
ورواه محمد بن يحيى عن العمركي عن علي بن جعفر عن أبي الحسن مثله.
170 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: " وبئر معطلة وقصر مشيد "
قال: هو مثل لآل محمد صلوات الله عليهم قوله: " وبئر معطلة " هو الذي لا يستقى منها وهو الامام
الذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم إلى وقت ظهوره " والقصر المشيد " هو المرتفع، وهو مثل
لأمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم، وفضائلهم المنتشرة في العالمين المشرفة على
الدنيا وهو قوله: " ليظهره على الدين كله " وقال الشاعر في ذلك:
بئر معطلة وقصر مشرف * مثل لآل محمد متطرف
فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى * والبئر علمهم الذي لا ينزف.
171 - في كتاب الخصال وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله تعالى: أو لم يسيروا
في الأرض قال: معناه: أو لم ينظروا في القرآن.
172 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
أبيه عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أنه قال
: تاه (1) من جهل، واهتدى من أبصر وعقل، ان الله عز وجل يقول: فإنها لا تعمى
الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وكيف يهتدى من لم يبصر وكيف يبصر
من لم يتدبر، اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته، وأقروا بما نزل من عند الله، واتبعوا
آثار الهدى، فإنهم علامات الأمانة والتقى والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
173 - في كتاب الخصال عن علي بن الحسين عليهما السلام حديث طويل يقول

(1) تاه: هلك وذهب.
507

فيه: ان للعبد أربع أعين: عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه وعينان يبصر بهما أمر
آخرته، فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه، فأبصر بهما العيب، و
أمر آخرته،، وإذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه.
174 - في كتاب التوحيد عن الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام مثل
ما في الخصال سواء وزاد في آخرة ثم التفت إلى السائل عن القدر فقال: هذا منه هذا منه.
175 - في تفسير علي بن إبراهيم خطبة له صلى الله عليه وآله وفيها: وأعمى العمى الضلالة بعد
الهدى، وشر العمى عمى القلب.
176 - في روضه الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن
ابن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم عن عمرو بن أبي المقدام عن
أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: انما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرأس، وعينان
في القلب، الا وان الخلايق كلهم كذلك، الا ان الله عز وجل فتح أبصاركم و
أعمى أبصارهم.
177 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمد الكندي عن أحمد بن عديس عن أبان
ابن عثمان عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: وأعمى العمى
عمى القلب، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.
178 - في من لا يحضره الفقيه وقال أبو جعفر عليه السلام: انما الأعمى عمى القلب
فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
179 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: ولا يصح الا لأهل الصفا
والبصيرة، قال الله تعالى: " فاعتبروا يا ولى الابصار " وقال عز من قائل: " فإنها لا تعمى
الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " فمن فتح الله عين قلبه وبصر عينه بالاعتبار
فقد أعطاه منزلة رفيعة وملكا عظيما.
180 - في عوالي اللئالي وقال صلى الله عليه وآله: إذا أراد الله بعبد خيرا فتح عيني قلبه
508

فيشاهد بها ما كمان غائبا عنه.
181 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ويستعجلونك بالعذاب
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرهم ان العذاب قد أتاهم فقالوا: فأين العذاب؟ فاستعجلوه
فقال الله عز وجل: وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون.
182 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثا سعد بن عبد الله عن
يعقوب بن يزيد عن جعفر بن محمد بن عقبة عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
" لابثين فيها أحقابا " قال: الأحقاب ثمانية أحقاب، والحقب ثمانون سنة، والسنة
ثلاثمأة وستون يوما، واليوم كألف سنة مما تعدون.
183 - في ارشاد المفيد رحمه الله عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل و
فيه قال عليه السلام: إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة فهدم أربع مساجد، ولم يبق
مسجد على وجه الأرض له شرف الا هدمها، وجعلها جماء (1) ووسع الطريق الأعظم،
وكسر كل جناح خارج في الطريق، وأبطل الكنف (2) والميازيب إلى الطرقات،
ولا ترك بدعة الا أزالها، ولا سنة الا أقامها، ويفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم (3)
فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم، ثم يفعل الله ما يشاء،
قال: قلت: جعلت فداك فكيف تطول السنون؟ قال: يأمر الله تعالى الفلك باللبوث
وقلة الحركة، فتطول الأيام لذلك والسنون، قال له: انهم يقولون: ان تغير فسد؟
قال: ذاك قول الزنادقة، فأما المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك، قد شق الله القمر
لنبيه صلى الله عليه وآله ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون، وأخبر بطول يوم القيامة وانه كألف
سنة مما تعدون.
184 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهم عليهم

(1) جماء أي ملساء
(2) الكنف: بناء فوق باب الدار
(3) وهي جبال في نواحي طالقان.
509

السلام قال: فيما وعظ الله عيسى صلى الله عليه: واعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون فيه
أجزى بالحسنة أضعافها.
185 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام أنه قال
في كلام طويل: فان في القيامة خمسين موقفا، كل موقف مثل ألف سنة مما تعدون،
ثم تلا هذه الآية " في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ".
186 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى
الواسطي عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور عنه قال قال أبو عبد الله عليه السلام: الأنبياء
والمرسلون على أربع طبقات، فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها، ونبى يرى في النوم
ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد وعليه امام مثل ما كان إبراهيم
على لوط عليهما السلام، ونبى يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك وقد أرسل
إلى طائفة قلوا أو كثروا كيونس، قال الله ليونس: " وأرسلناه إلى مأة ألف أو يزيدون "
قال: يزيدون ثلثين ألفا وعليه امام، والذي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين في
اليقظة وهو امام مثل أولى العزم، وقد كان إبراهيم عليه السلام نبيا وليس بامام حتى قال الله:
" انى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي "؟ فقال الله: " لا ينال عهدي الظالمين "
من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما.
187 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر
عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " و
كان رسولا نبيا " ما الرسول وما النبي؟ فقال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت
ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك،
قلت: الامام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك، ثم تلا هذه الآية:
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث.
188 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار قال: كتب الحسن بن
العباس المعروفي إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي
510

والامام؟ قال: فكتب - أو قال -: الفرق بين الرسول والنبي والامام، ان الرسول
الذي ينزل عليه جبرئيل عليه السلام فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي، وربما رأى في
منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع،
والامام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص.
189 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن الأحول
قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرسول والنبي والمحدث؟ قال: الرسول الذي يأتيه
جبرئيل قبلا (1) فيراه ويكلمه فهذا الرسول، واما النبي فهو الذي يرى في منامه
نحو رؤيا إبراهيم، ونحو ما كان رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من أسباب النبوة قبل الوحي
حتى أتاه جبرئيل عليه السلام من عند الله بالرسالة، وكان محمد صلى الله عليه وآله حين جمع له النبوة
وجاءته الرسالة من عند الله يخبر بها جبرئيل عليه السلام ويكلمه بها قبلا، ومن الأنبياء من جمع
له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلمه ويحدثه من غير أن يكون يرى في
اليقظة، واما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه.
190 - أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن
حسان عن ابن فضال عن علي بن يعقوب الهاشمي عن مروان بن مسلم عن بريد عن أبي
جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام في قوله عز وجل: " وما أرسلنا من قبلك من رسولا ولا نبي
ولا محدث " قلت: جعلت فداك ليست هذه قرائتنا فما الرسول والنبي والمحدث؟
قال: الرسول الذي يظهر له الملك فيكلمه، والنبي هو الذي يرى في منامه، وربما
اجتمعت النبوة والرسالة لواحد، والمحدث الذي سمع الصوت ولا يرى الصورة.
قال: قلت: أصلحك الله كيف يعلم أن الذي رأى في النوم حق وانه من الملك؟ قال:
يوفق لذلك حتى يعرفه، لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء.
191 - محمد بن الحسن عمن ذكره عن محمد بن خالد عن محمد بن سنان عن زيد الشحام
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عليه السلام عبدا قبل أن يتخذه

(1) أي عيانا ومقابلة.
511

نبيا، وان الله اتخذه نبيا قبل ان يتخذه رسولا، وان الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه
خليلا، وان الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما.
192 - علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسين عن إسحاق بن عبد -
العزيز أبى السفاتج عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله اتخذ إبراهيم
عليه السلام عبدا قبل أن يتخذ نبيا، واتخذه نبيا قبل ان يتخذه رسولا، واتخذه رسولا قبل
أن يتخذه خليلا، واتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما، وهذان الحديثان طويلان أخذنا
منهما موضع الحاجة.
193 - محمد عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن زياد
ابن سوقة عن الحكم بن عيينة قال على علي بن الحسين عليهما السلام يوما فقال:
يا حكم هل تدرى الآية التي كان علي بن أبي طالب عليه السلام يعرف قاتله بها، ويعرف
بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس؟ قال الحكم: فقلت في نفسي: قد وقعت
على علم من علم علي بن الحسين، أعلم بذلك تلك الأمور العظام قال: فقلت: لا والله
لا اعلم، قال: ثم قلت: الآية تخبرني بها يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: هو والله قول الله
عز ذكره: " وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث " وكان علي بن أبي طالب
محدثا، فقال له رجل يقال له: عبد الله بن زيد كان أخا على لامه: سبحان الله محدثا!
- كأنه ينكر ذلك - فأقبل عليه أبو جعفر فقال: اما والله ان ابن أمك بعد قد كان يعرف
ذلك، قال: فلما قال له ذلك سكت الرجل، فقال: هي التي هلك فيها أبو الخطاب (1)
فلم يدر ما تأويل المحدث والنبي.
194 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الرحمان
ابن كثير عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان أول وصى كان على وجه الأرض

(1) وهو محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي من الغلاة الملعونين، كان يقول: إن
الأئمة الأنبياء لما سمع انهم محدثون ولم يفرق بين المحدث والنبي، ثم عدل عنه
وكان يقول: إنهم آلهة.
512

هبة الله ابن آدم، وما من نبي مضى الا وله وصى، وكان جميع الأنبياء مأة ألف نبي، وعشرين
ألف نبي منهم خمسة أولو العزم، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله، وان علي بن أبي
طالب كان هبة الله لمحمد عليهما السلام، وورث علم الأوصياء وعلم من كان قبله، أما ان
محمدا ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين، على قائمة العرش مكتوب: حمزة أسد الله
وأسد رسوله، وسيد الشهداء، وفى رواية العرش: على أمير المؤمنين فهذه حجتنا
على من أنكر حقنا، وجحد ميراثنا، وما منعنا من الكلام وامامنا اليقين، فأي حجة
يكون أبلغ من هذا؟.
195 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن يحيى الخثعمي عن
هشام عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: سادة النبيين والمرسلين
خمسة، وهم أولوا العزم من الرسل، وعليهم دارت الرحى: نوح وإبراهيم وموسى و
عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء.
196 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من أحب أن يصافحه مأتا ألف نبي وعشرون ألف نبي فليزر قبر الحسين بن علي عليهما
السلام في النصف من شعبان، فان أرواح النبيين تستأذن الله في زيارة قبره فيؤذن لهم.
197 - في كتاب الخصال عن عتبة بن عمير الليثي عن أبي ذر رحمه الله قال:
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في المسجد جالس وحده، فاغتنمت خلوته إلى أن قال
قلت: يا رسول الله كم النبيون؟ قال: مأة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي، قلت:
كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمأة وثلاثة عشر جما غفيرا (1) قلت: من كان أول
الأنبياء؟ قال: آدم، قلت: من الأنبياء مرسلا؟ قال: نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من
روحه ثم قال صلى الله عليه وآله: يا أبا ذر أربعة من الأنبياء سريانيون: آدم وشيث واخنوخ وهو
إدريس وهو أول من خط بالقلم، ونوح عليه السلام، وأربعة من الأنبياء من العرب: هود و
صالح وشعيب وانا وأول نبي من بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وستمأة نبي.

(1) أي مجتمعين كثيرين.
513

198 - وباسناده إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
خلق الله عز وجل مأة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي أنا أكرمهم على الله ولا فخر،
وخلق الله مأة ألف وصى وأربعة وعشرين ألف وصى، فعلى أكرمهم وأفضلهم، وبإسناد
آخر إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله نحوه.
199 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما
سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وسأله عن ستة من
الأنبياء لهم اسمان؟ فقال: يوشع بن نون وهو ذو الكفل (1) ويعقوب وهو إسرائيل،
والخضر وهو حليفا، ويونس وهو ذو النون، وعيسى وهو المسيح، ومحمد وهو أحمد
صلوات الله عليهم، وسأله عن خمسة من الأنبياء تكلموا بالعربية؟ فقال: هود وشعيب
وصالح وإسماعيل ومحمد صلوات الله عليهم، وسأله من خلق الله تعالى من الأنبياء
مختونا؟ فقال: خلق الله آدم مختونا، وولد شيث مختونا، وإدريس ونوح وسام بن
نوح وإبراهيم وداود وسليمان ولوط وإسماعيل وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله
عليهم أجمعين.
200 - في بصائر الدرجات علي بن إسماعيل عن محمد بن عمرو عن يونس بن
يعقوب عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما من نبي ولا رسول الا
ارسل بولايتنا وبفضلنا على من سوانا.
201 - علي بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن الحارث بن المغيرة عن حمران
قال: حدثنا الحكم بن عتيبة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: إن علم على في آية
من القرآن، قال: وكتمنا الآية، قال: فكنا نجتمع فنتدارس القرآن ولا نعرف
الآية، قال: فدخلت على أبى جعفر عليه السلام فقلت له: ان الحكم بن عتيبة حدثنا عن علي
ابن الحسين عليهما السلام ان علم على في آية من القرآن وكتمنا الآية، قال: اقرأ

(1) كون ذي لكفل هو يوشع عليه السلام أحد الأقوال فيه، وقيل إنه: زكريا، وقيل
الياس، وقيل: حزقيل، وقيل: إنه وصى اليسع بن اخطوب.
514

يا حمران، " وما أرسلنا من رسولا ولا نبي " قال فقال أبو جعفر عليه السلام: " وما أرسلنا من
رسول ولا نبي ولا محدث " قال: كان على محدثا، قالوا: ما صنعت شيئا الا كنت تسأله من
يحدثه؟ قال: قلت: من يحدثه؟ قال: ملك يحدثه، قلت: أقول: إنه نبي أو رسول؟
قال: لا ولكن قل: مثله مثل صاحب سليمان ومثل صاحب موسى ومثله مثل
ذي القرنين.
202 - العباس بن معروف عن القاسم بن عروة عن بريد العجلي قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الرسول والنبي والمحدث؟ قال: الرسول الذي يأتيه الملائكة
فتبلغه عن الله تبارك وتعالى، والنبي الذي يرى في منامه فما رأى فهو كما رأى، و
المحدث الذي يسمع كلام الملائكة وينقر في اذنه، وينكت في اذنه (1)
203 - محمد بن الحسين عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان
عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النبي والرسول والمحدث؟ قال: الرسول
يأتيه جبرئيل فيكلمه فيراه كما يرى الرجل صاحبه الذي يكلمه، فهذا الرسول،
والنبي الذي يؤتى في منامه نحو رؤيا إبراهيم، ونحو ما كان يأتي رسول الله من السبات (2)
إذا اتاه جبرئيل هكذا النبي، ومنهم من يجمع له الرسالة والنبوة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
نبيا يأتيه جبرئيل قبلا فيكلمه فيراه فيأتيه في النوم، والنبي الذي يسمع كلام الملك
غير معاينة فيحدثه، واما المحدث فهو الذي يسمع ولا يعاين ولا يؤتى في المنام.
204 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
فيه: فيذكر رجل ذكره لنبيه صلى الله عليه وآله ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: وما
أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي الا إذا تمنى القى الشيطان في أمنيته فينسخ الله
ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته يعنى انه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعاينه من
نفاق قومه وعقوقهم والانتقال عنهم إلى دار الإقامة الا القى الشيطان المعرض بعداوته

(1) نكت الشئ بقضب أو بإصبع: ضربه به فأثر فيه.
(2) السبات - بالضم -: النوم، وقيل خفته وقيل: ابتداؤه في الرأس حتى يبلغ القلب
515

عند فقده في الكتاب الذي عليه ذمه والقدح فيه، والطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب
المؤمنين، فلا تقبله ولا يصغى إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين، ويحكم الله آياته
بان يحمى أوليائه من الضلال والعدوان، ومشايعة أهل الكفر والطغيان الذين لم يرض
الله أن يجعلهم كالانعام حيث قال: " بل هم أضل سبيلا ".
205 - في مجمع البيان وروى عن ابن عباس وغيره ان النبي صلى الله عليه وآله لما تلا
سورة والنجم وبلغ إلى قوله: " أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى " القى
الشيطان في تلاوته: وتلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجي، فسر بذلك
المشركون فلما انتهى إلى السجدة سجد المسلمون وسجد المشركون لما سمعوا من ذكر
آلهتهم ما أعجبهم، وهذا الخبر ان صح محمول على أنه كان يتكرر فلما بلغ إلى هذا
الموضع ذكر أسماء آلهتهم، وقد علموا من عادته عليه السلام انه يعيبها، قال بعض
الحاضرين من الكافرين: تلك الغرانيق العلى والقى ذلك في تلاوته، فوهم ان ذلك
من القرآن، فأضافه سبحانه إلى الشيطان، لأنه انما حصل باغوائه ووسوسته، وهذا
أورده المرتضى قدس الله روحه في كتابه التنزيه، وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية
وهو وجه حسن في تأويله، وقيل: إن المراد بالغرانيق الملائكة وقد جاء ذلك في
بعض الحديث، وقيل إنه كان عليه السلام إذا تلا القرآن على قريش توقف في فصول الآيات
واتى بكلام على سبيل الحجاج لهم، فلما تلى الآيات قال تلك الغرانيق العلى
على سبيل الانكار عليهم، وعلى ان الامر بخلاف ما قالوه وظنوه، وليس يمتنع
أن يكون هذا في الصلاة، ولان الكلام في الصلاة حينئذ كان مباحا وانما نسخ من بعد.
206 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: " وما أرسلنا من قبلك
من رسول ولا نبي " إلى قوله: " والله عليم حكيم " فان العامة رووا ان رسول الله
صلى الله عليه وآله كان في الصلاة، فقرأ سورة النجم في المسجد الحرام وقريش يسمعون
لقرائته، فلما انتهى إلى هذه الآية: " أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة
الأخرى " اجرى إبليس على لسانه فإنها الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجي،
516

ففرحن قريش وسجدوا وكان في القوم الوليد بن المغيرة المخزومي وهو شيخ كبير
فأخذ كفا من حصى فسجد عليه وهو قاعد، فقالت قريش: قر أقر محمد بشفاعة
اللات والعزى، قال: فنزل جبرئيل عليه السلام فقال له: قرأت ما لم أنزل عليك وانزل
عليه: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا إذا تمنى القى الشيطان في أمنيته
فينسخ الله ما يلقى الشيطان " واما الخاصة فإنه روى عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله
صلى الله عليه وآله أصابه خصاصة، فجاء إلى رجل من الأنصار فقال له: هل عندك من طعام؟ قال:
نعم يا رسول الله، وذبح له عناقا وشواه، فما أدناه منه تمنى رسول الله أن يكون معه
على وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، فجاء أبو بكر وعمر ثم جاء على
بعدهما، فأنزل الله عز وجل في ذلك: " وما أرسلنا من قبلك من رسولا ولا نبي ولا محدث
الا إذا تمنى القى الشيطان في أمنيته " يعنى أبا بكر وعمر " فينسخ الله ما لقى الشيطان "
يعنى لما جاء على صلوات الله عليه بعدهما " ثم يحكم الله آياته للناس " يعنى ينصر الله
أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثم قال: ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة يعنى فلانا و
فلانا للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم يعنى إلى الامام المستقيم ثم قال:
ولا يزال الذين كفروا في مرية منه أي في شك من أمير المؤمنين صلوات الله عليه
حتى يأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم قال: العقيم: الذي له في
الأيام ثم قال: الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات
في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا قال: ولم يؤمنوا بولاية أمير
المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم فأولئك لهم عذاب مهين ثم ذكر المؤمنين و
المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقال جل ذكره: والذين هاجروا في سبيل الله
ثم قتلوا وماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا إلى قوله تعالى: لعليم حليم.
207 - في جوامع الجامع " الملك يومئذ لله " إلى قوله: " وان الله لعليم حليم " وروى أنهم
قالوا: يا رسول الله هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير، ونحن
نجاهد معك كما جاهدوا، فما لنا ان متنا معك؟ فأنزل الله هاتين الآيتين.
517

208 - في مجمع البيان ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية روى أن الآية
نزلت في قوم من مشركي مكة لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم،
فقالوا: إن أصحاب محمد لا يقاتلون في هذا الشهر فحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون
ان لا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبوا فأظفر الله المسلمين بهم.
209 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: " ذلك ومن عاقب بمثل
ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله " فهو رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة،
وهرب منهم إلى الغار وطلبوه ليقتلوه، فعاقبهم الله تعالى يوم بدر وقتل عتبة وشيبة و
الوليد وأبو جهل وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله طلب
يريد بدمائهم فقتل الحسين وآل محمد صلوات الله عليهم بغيا وعدوانا وظلما، وهو
قول يزيد حين تمثل بهذا الشعر:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا: يا يزيد لا تشل
لست من خندف ان لم أنتقم * من بنى أحمد ما كان فعل
قد قتلنا القرم من ساداتهم * وعدلناه ببدر فاعتدل
وكذاك الشيخ أوصاني به * فاتبعت الشيخ فيما قد سأل
وقال يزيد لعنه الله (وقال الشاعر في مثل ذلك خ ل):
يقول والرأس مطروح يقلبه * يا ليت أشياخنا الماضون بالحضر
حتى يقيسوا قتالا لو يقاس به * أيام بدر لكان الوزن بالقدر
فقال الله تبارك وتعالى: " ومن عاقب " يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله " بمثل ما عوقب به "
يعنى الحسين صلوات الله عليه أرادوا أن يقتلوه " ثم بغى عليه لينصرنه الله " يعنى بالقائم
صلوات الله عليه من ولده.
210 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبى حمزة الثمالي
عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
518

يذكر فيه الاثني عشر صلوات الله عليهم بأسمائهم وفى آخره يقول صلى الله عليه وآله: ومن
أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني، بهم يمسك الله عز وجل السماء أن تقع
على الأرض الا باذنه وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها. (1)
211 - وباسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد
عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام حديث طويل يقول فيه:
بنا يمسك السماء ان تقع على الأرض الا باذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها.
212 - في كتاب علل الشرايع حدثنا أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن
أحمد عن الهيثم النهدي عن بعض أصحابنا باسناده رفعه قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله
عليه يقرأ: " ان الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا ان أمسكهما من أحد من
بعده انه كان حليما غفورا " يقولها عند الزلزلة ويقول: ويمسك السماء ان تقع
على الأرض الا باذنه ان الله بالناس لرؤف رحيم.
213 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: ولكل أمة جعلنا منسكا هم
ناسكوه أي مذهبا يذهبون به.
214 - في جوامع الجامع فلا ينازعنك في الامر روى أن بديل بن
ورقاء وغيره من كفار خزاعة قالوا للمسلمين: ما لكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون
ما قتله الله؟ يعنون الميتة.
215 - في الكافي محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن العباس بن عامر عن
أحمد بن رزق الغمشاني عن عبد الرحمن بن الأشل بياع الأنماط عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كانت قريش يلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر، وكان
يغوث قبال الباب ويعوق عن يمين الكعبة، وكان نسر عن يسارها، وكانوا إذا دخلوا
خروا سجدا ليغوث ولا ينحنون ثم يستدبرون بحيالهم إلى يعوق، ثم يستدبرون عن
يسارها بحيالهم إلى نسر، ثم يلبون فيقولون: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك الا شريك

(1) ماد الشئ: تحرك واضطرب.
519

هو لك تملكه وما ملك، قال: فبعث الله ذبابا اخضر له أربعة أجنحة، فلم يبق من ذلك
المسلك والعنبر شيئا الا أكله، وأنزل الله عز وجل: يا أيها الناس ضرب مثل
فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان
يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب.
216 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن علي عليه السلام حديث طويل و
فيه: فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم:
ان لله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس.
217 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " الله يصطفى من الملائكة
رسلا " أي يختار، وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليه السلام " ومن الناس "
الأنبياء والأوصياء، ومن الأنبياء نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه و
آله وعليهم، ومن هؤلاء الخمسة رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن الأوصياء أمير المؤمنين
والأئمة صلوات الله عليهم وفيه تأويل غير هذا.
218 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه
محمد بن الحنفية رضي الله عنه: يا بنى لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كلما تعلم، فان الله
تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض إلى قوله: ثم استعبدها بطاعته فقال
عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون
فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح.
219 - في جوامع الجامع وعن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله في
سورة الحج سجدتان؟ قال: نعم ان لم تسجدهما فلا تقرأهما.
220 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن
بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه
عليه السلام بعد أن قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه
عليها وفرقه فيها: وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة، فقال:
520

" يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون "
وهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين، وقال في موضع آخر: " وان
المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ".
221 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن علي القاساني جميعا عن القاسم بن محمد
عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
جعل الخير كله في بيت، وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا.
222 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي الجارود
قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من هم بشئ من الخير فليعجله فان كل شئ فيه
تأخير فان للشيطان فيه نظرة.
223 - في عيون الأخبار باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اصطنعوا الخير
إلى من هو أهله، والى من هو ليس من أهله، فإن لم تصب من هو أهله فأنت أهله.
224 - وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رأس العقل بعد الايمان التودد إلى
الناس واصطناع الخير إلى كل بر وفاجر.
225 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن
ابن أذينة عن بريد العجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا
اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " وجاهدوا في
الله حق جهاده هو اجتباكم قال: إيانا عنى ونحن المجتبون، ولم يجعل الله تبارك و
تعالى في الدين من حرج، فالحرج أشد من الضيق ملة أبيكم إبراهيم إيانا عنى خاصة
هو سماكم المسلمين الله عز وجل سمانا المسلمين من قبل في الكتب التي مضت
وفى هذا القرآن ليكون الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس
فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى، ونحن الشهداء
على الناس يوم القيامة، فمن صدق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه.
226 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن أحمد
521

ابن عائذ عن عمر بن أذينة عن بريد العجلي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قال الله عز وجل:
" ملة أبيكم إبراهيم " قال: إيانا عنى خاصة " هو سماكم المسلمين من قبل " في
الكتب التي مضت " وفى هذا " القرآن " ليكون الرسول عليكم شهيدا " فرسول الله
صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عز وجل، ونحن الشهداء على الناس، فمن صدق
صدقناه يوم القيامة، ومن كذب يوم القيامة كذبناه.
227 - في عيون الأخبار باسناده إلى ابن أبي عبدون عن أبيه قال: لما حمل
زيد بن موسى بن جعفر إلى المأمون وقد كان خرج بالبصرة وأحرق دور ولد العباس،
وهب المأمون جرمه لأخيه علي بن موسى الرضا، وقال له: يا أبا الحسن لئن خرج أخوك
وفعل ما فعل لقد خرج زيد بن علي فقتل، ولولا مكانك منى لقتلته فليس ما اتاه بصغير؟
فقال الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين لا تقس أخي زيدا إلى زيد بن علي عليه السلام، فإنه كان
من علماء آل محمد، غضب لله تعالى فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله، ولقد حدثني أبي
موسى بن جعفر عليه السلام انه سمع أباه جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: رحم الله
عمى زيدا انه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، ولقد استشارني في
خروجه فقلت له: يا عمى ان رضيت أن تكون المصلوب بكناسة فشأنك؟ فلما ولى
قال جعفر بن محمد عليه السلام: ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه، فقال المأمون: يا أبا الحسن
أليس قد جاء فيمن ادعى الإمامة بغير حقها ما جاء؟ فقال الرضا عليه السلام ان
زيد بن علي عليه السلام لم يدع ما ليس له بحق، وانه كان اتقى لله تعالى من ذلك، أنه قال:
أدعوكم إلى الرضا من آل محمد، وانما جاء ما جاء فيمن يدعى ان الله تعالى نص
عليه ثم يدعوا إلى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم، وكان زيد والله ممن خوطب
بهذه الآية: " وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم ".
228 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام الحج جهاد كل ضعيف، جهاد
المرأة حسن التبعل، لا يخرج المؤمن إلى الجهاد وهو مع من لا يؤمن في الحكم ولا
522

ينفذ في الفئ (1) أمر الله تعالى من مات في ذلك كان معينا لعدونا في حبس حقوقنا،
والاساطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية.
229 - عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه:
والجهاد على أربع شعب: على الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، والصدق في
المواطن وشنئان الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر
ارغم أنف الشيطان، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه ومن غضب لله تعالى
غضب الله له.
230 - عن فضيل بن عياض عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الجهاد أسنة هو أم
فريضة؟ فقال: الجهاد على أربعة أوجه: فجهادان فرض، وجهاد سنة لا يقام الا مع فرض
وجهاد سنة فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله، وهو من أعظم الجهاد،
ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض، واما الجهاد الذي هو سنة لا يقام الا مع فرض
فان مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة، ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا
هو من عذاب الأمة وهو سنة على الامام ان يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم، واما الجهاد
الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في اقامتها وبلوغها واحيائها فالعمل و
السعي فيها من أفضل الأعمال، لأنه احياء سنة، قال النبي صلى الله عليه وآله، من سن سنة حسنة فله
أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شئ.
231 - في محاسن البرقي عنه عن ابن محبوب عن علي بن أبي حمزة عن أبي
بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا
واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون * وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم
وما جعل عليكم في الدين من حرج " في الصلاة والزكاة والصوم والخير، إذا تولوا
الله ورسوله صلى الله عليه وآله وأولى الامر منا أهل البيت قبل الله أعمالهم.
232 - في جوامع الجامع وفى الحديث ان أمتي أمة مرحومة.

(1) وفى نسخة " ولا ينفد في الغى " ولم أظفر على الحديث في الخصال.
523

233 - في الاستبصار باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن الجنب يجعل الزكاة أو النور فيدخل إصبعه فيه قال: إن كانت يده قذرة
فأهرقه، وإن كانت لم يصبها قذر فليغتسل منه، هذا مما قال الله تعالى: " ما جعل
عليكم في الدين من حرج ".
234 - وباسناده إلى أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انا نسافر فربما
بلينا بالغدير من المطر يكون إلى جانب القرية فيكون فيه العذرة، ويبول فيه الصبي،
ويبول فيه الدواب وتروث؟ فقال: ان عرض في قلبك منه شئ فقال هكذا، يعنى
افرج الماء بيدك، ثم توضأ فان الدين ليس بمضيق، فان الله عز وجل يقول: " ما
جعل عليكم في الدين من حرج ".
235 - في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن علي بن الحسن بن
رباط عن عبد الاعلى مولى آل سام قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: عثرت فانقطع ظفري
فجعلت على إصبعي مرارة كيف أصنع بالوضوء؟ قال: يعرف هذا وأشباهه من كتاب
الله عز وجل، قال الله: " ما جعل عليكم في الدين من حرج " امسح عليه.
236 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن ابن
مسكان قال: حدثني محمد بن ميسر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل الجنب
ينتهى إلى الماء القليل في الطريق، ويريد أن يغتسل منه وليس معه اناء يغرف به
ويداه قذرتان؟ قال: يضع يده ثم يتوضأ ثم يغتسل، هذا مما قال الله عز وجل: " ما جعل
عليكم في الدين من حرج ".
عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن علي بن الحسن بن رباط
عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: عثرت فانقطع ظفري، ونقل
كما نقلنا عن التهذيب سواء.
237 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: مما اعطى الله أمتي وفضلهم به على ساير الأمم أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها
524

الا نبي، وذلك أن الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا قال له: اجتهد في دينك ولا
حرج عليك، وان الله تبارك وتعالى اعطى أمتي ذلك حيث يقول: " وما جعل عليكم
في الدين من حرج " يقول: من ضيق، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
238 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن
شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال في حديث
طويل: ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة بالبطحاء هو وأصحابه ولم ينزلوا الدور، فلما
كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا ويهلوا بالحج، وهو قول
الله تعالى الذي انزل على نبيه صلى الله عليه وآله: " فاتبعوا ملة أبيكم إبراهيم " فخرج النبي صلى الله عليه وآله
وأصحابه مهلين بالحج حتى أتى منى فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة
والفجر، ثم غدا والناس معه وكانت قريش تفيض من المزدلفة وهي حمع (1) ويمنعون
الناس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وقريش ترجوا أن تكون افاضته من حيث
كانوا يفيضون، فأنزل الله تعالى عليه: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله "
يعنى إبراهيم وإسماعيل واسحق في افاضتهم منهما، ومن كان بعدهم، فما رأت قريش
أن قبة رسول الله صلى الله عليه وآله قد مضت كأنه دخل في أنفسهم شئ للذي كانوا يرجون من
الإفاضة من مكانهم، حتى انتهى إلى نمرة وهي بطن عرنة (2) بحيال الأراك و
ضربت الناس أخبيتهم عندها.
239 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه السلام أنه قال: ليس على ملة إبراهيم غيرنا،
وسائر الناس منها براء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
240 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: مما أعطى الله أمتي وفضلهم به على سائر الأمم أعطاهم ثلاث خصال

(1) من أسماء مزدلفة وسميت بذلك لاجتماع الناس بها.
(2) عرنة - بضم العين وفتح الراء كهمزة: موضع بعرفات وليس من الموقف.
525

يعطها الا نبي، وذلك أن الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا جعله شهيدا على قومه، وان
الله تبارك وتعالى جعل أمتي شهيدا على الخلق حيث يقول: " ليكون الرسول عليكم
شهيدا وتكونوا شهداء على الناس " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
241 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وفى خبر ان قوله تعالى: " هو
سماكم المسلمين من قبل " فدعوة إبراهيم وإسماعيل لآل محمد عليهم السلام، فإنه لمن
لزم الحرم من قريش حتى جاء النبي صلى الله عليه وآله ثم اتبعه وآمن به، واما قوله تعالى:
" ليكون الرسول عليكم شهيدا " النبي يكون على آل محمد شهيدا ويكونون شهداء
على الناس.
242 - عبد الله بن الحسن عن زين العابدين عليه السلام في قوله تعالى: " لتكونوا
شهداء على الناس " قال: نحن هم.
243 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود
عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه: نحن حجج الله في خلقه ونحن شهداء الله
واعلامه في بريته.
244 - وباسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في
جمع من المهاجرين والأنصار بالمسجد أيام خلافة عثمان: أنشدكم الله أتعلمون ان
الله عز وجل أنزل في سورة الحج: " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا
ربكم وافعلوا الخير " إلى آخر السورة فقال سليمان فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين
أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من
حرج ملة أبيكم إبراهيم؟ فقال عليه السلام: عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه
الأمة، قال سليمان: بينهم لنا يا رسول الله! قال: أنا وأخي وأحد عشر من ولدى؟ قالوا
اللهم نعم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
245 - في مجمع البيان، فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وروى عبد الله
ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تقبل الصلاة الا بالزكاة.
526

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
المؤمنين ختم الله له بالسعادة، إذا كان يدمن قرائتها في كل جمعة، وكان منزله في
الفردوس الاعلى من النبيين والمرسلين.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة
المؤمنين بشرته الملائكة يوم القيامة بالروح والريحان وما تقر به عينه عند نزول
ملك الموت.
3 - في تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق عليه السلام لما خلق الله عز وجل الجنة
قال لها: تكلمي فقالت: قد أفلح المؤمنون.
4 - في عيون الأخبار عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تعالى اعطى المؤمن
ثلاث خصال: العزة في الدنيا، والفلاح في الآخرة، والمهابة في قلوب الظالمين
ثم قرأ: " فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين " وقرأ " قد أفلح المؤمنون " إلى قوله
" هم فيها خالدون ".
5 - عن عبد المؤمن الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال إن الله عز وجل اعطى
المؤمن ثلاث خصال: العز في الدنيا في دينه، والفلاح في الآخرة، والمهابة في
صدور العالمين.
6 - في أصول الكافي باسناده إلى كامل التمار قال قال أبو جعفر عليه السلام: " قد
أفلح المؤمنون " أتدري من هم؟ قلت أنت أعلم، قال قد أفلح المؤمنون المسلمون
ان المسلمين هم النجباء، فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء.
7 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان
عن كامل التمار قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا كامل المؤمن غريب، المؤمن غريب، ثم
527

قال: أتدري ما قول الله: " قد أفلح المؤمنون "؟ قلت: قد أفلحوا فازوا وادخلوا
الجنة، فقال: قد أفلح المؤمنون المسلمون، ان المسلمين هم النجباء.
8 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع والاقبال على
صلاتك، فان الله تعالى يقول: الذين هم في صلاتهم خاشعون.
9 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن
ابن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق.
10 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " الذين هم في صلاتهم خاشعون "
قال: غضك بصرك في صلاتك واقبالك عليها.
11 - في مجمع البيان " هم في صلاتهم خاشعون " روى أن النبي صلى الله عليه وآله رأى رجلا
يعبث بلحيته في صلاته فقال: اما انه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه.
12 - وروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرفع بصره إلى السماء في صلاته، فلما
نزلت الآية طأطأ رأسه ورمى ببصره إلى الأرض.
13 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام: ليخشع الرجل في صلاته فإنه
من خشع قلبه لله عز وجل، خشعت جوارحه فلا يعبث بشئ.
14 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول
فيه عليه السلام بعد أن قال: فان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه
عليها، وفرقه فيها، وفرض الله على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، وأن
يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز وجل عنه، والاصغاء إلى ما أسخط الله عز وجل، فقال
في ذلك: " وقد نزل عليكم في الكتاب ان إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها فلا
تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره " ثم استثنى الله عز وجل موضع النسيان فقال:
528

" واما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " وقال: " فبشر عبادي
الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب "
وقال عز وجل: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن
اللغو معوضون والذين هم للزكوة فاعلون " وقال: " وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه "
وقال: " وإذا مروا باللغو مروا كراما " فهذا ما فرض الله عز وجل على السمع من
الايمان ان لا يصغى إلى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان.
15 - في ارشاد المفيد كلام طويل لأمير المؤمنين عليه السلام وفيه يقول عليه السلام:
كل قول ليس فيه لله ذكر فهو لغو.
16 - في مجمع البيان والذين هم عن اللغو معرضون روى عن أبي عبد الله
عليه السلام قال إن يتقول الرجل عليك بالباطل أو يأتيك بما ليس فيك فتعرض عنه لله.
17 - وفى رواية أخرى: انه الغناء والملاهي.
18 - في اعتقادات الامامية للصدوق (ره) وسئل عليه السلام عن القصاص
أيحل الاستماع لهم؟ فقال: لا.
19 - في عيون الأخبار باسناده إلى محمد بن أبي عباد وكان مشتهرا بالسماع
وشرب النبيذ، قال: سئلت الرضا عليه السلام عن السماع؟ فقال: لأهل الحجاز رأى
فيه وهو في حيز الباطل واللهو، اما سمعت قول الله عز وجل يقول: " وإذا مروا باللغو مروا
كراما ".
20 - في تفسير علي بن إبراهيم: " والذين هم عن اللغو معرضون " يعنى عن
الغنا والملاهي.
21 - والذين هم للزكوة فاعلون قال الصادق صلوات الله عليه: من منع قيراطا من
الزكاة فليس هو بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة والذين هم لفروجهم حافظون
الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم يعنى الإماء فإنهم غير ملومين والمتعة
حدها حد الإماء.
529

22 - في مجمع البيان وملك اليمين في الآية المراد به الإماء، لان الذكور من
المماليك لا خلاف في وجوب حفظ الفرج منهم.
23 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول
فيه عليه السلام بعد أن قال: وفرض على البصر ان لا ينظر إلى ما حرم الله وأن يعرض عما نهى الله
عنه مما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان وذكر قوله تعالى: " قل للمؤمنين يغضوا
من أبصارهم " إلى قوله: " ويحفظن فروجهن " وفسرها: وكل شئ في القرآن من حفظ
الفرج فهو من الزنا الا هذه الآية فإنها من النظر.
24 - في كتاب الخصال عن مسعدة بن زياد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يحرم من
الإماء عشرة: لا يجمع بين الام والبنت، ولا بين الأختين، ولا أمتك وهي أختك من
الرضاعة، ولا أمتك وهي حامل من غيرك حتى تضع، ولا أمتك ولها زوج، ولا أمتك
وهي عمتك من الرضاعة، ولا أمتك وهي خالتك من الرضاعة، ولا أمتك وهي حائض
حتى تطهر ولا أمتك وهي رضيعتك، ولا أمتك ولك فيها شريك.
25 - عن أمير المؤمنين عليه السلام أبعد ما يكون العبد من الله إذا كان همه
فرجه وبطنه.
26 - عن نجم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا نجم كلكم في الجنة معنا الا
انه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل الجنة قد هتك ستره وبدت عورته، قال: قلت له:
جعلت فداك وان ذلك لكائن؟ قال: نعم ان لم يحفظ فرجه وبطنه.
27 - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن أول ما يدخل به النار من أمتي
الأجوفان، قالوا: يا رسول الله وما الأجوفان؟ قال: الفرج والفم، وأكثر ما يدخل
به الجنة تقوى الله وحسن الخلق.
28 - عن الحسن بن المختار باسناده يرفعه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ملعون
ملعون من نكح بهيمة.
530

29 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سلم من أمتي من أربع
خصال فله الجنة: عن الدخول في الدنيا واتباع الهوى، وشهوة البطن، و
شهوة الفرج.
30 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: تحل الفروج بثلاثة وجوه: نكاح بميراث، ونكاح بلا ميراث، ونكاح
بملك يمين.
31 - في الكافي عن أحمد بن محمد عن العباس بن موسى عن إسحاق بن أبي -
سارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عنها يعنى المتعة فقال لي: حلال فلا تتزوج الا
عفيفة، ان الله عز وجل يقول: " والذين هم لفروجهم حافظون " فلا تضع فرجك حيث
لا تأمن على درهمك.
32 - في تفسير علي بن إبراهيم: فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون
قال: من جاوز ذلك والذين هم على صلواتهم يحافظون قال: على أوقاتها
وحدودها.
33 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد ومحمد بن يحيى عن أحمد
عن حماد بن عيسى عن حريز عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل: " الذين هم على صلواتهم يحافظون " قال: هي الفريضة قلت: " الذين هم على
صلاتهم دائمون "؟ قال: هي النافلة.
34 - في عيون الأخبار باسناده عن علي عليه السلام قال في قوله تعالى: أولئك هم
الوارثون الذين يرثون الفرودس هم فيها خالدون: في نزلت.
35 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما خلق الله خلقا الا جعل له في الجنة منزلا، وفى النار منزلا،
فإذا سكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد: يا أهل الجنة أشرفوا فيشرفون
على أهل النار، وترفع لهم منازلهم فيها ثم يقال لهم: هذه منازلكم التي في النار لو عصيتم
531

الله لدخلتموها، قال: فلو أن مات فرحا لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا
لما صرف عنهم من العذاب، ثم ينادى مناد: يا أهل النار ارفعوا رؤسكم، فيرفعون
رؤسهم فينظرون إلى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم فيقال لهم: هذه منازلكم التي
لو أطعتم ربكم لدخلتموها، قال: فلو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار حزنا، فيورث
هؤلاء منازل هؤلاء، ويورث هؤلاء منازل هؤلاء، وذلك قول الله: " أولئك هم الوارثون
الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ".
36 - في مجمع البيان روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ما منكم من أحد الا له
منزلان: منزل في الجنة ومنزل في النار، فان مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله.
37 - في من لا يحضره الفقيه في خبر بلال عن النبي صلى الله عليه وآله الذي يذكر فيه
صفة الجنة، قال الراوي: فقلت لبلال: هل فيها غيرها؟ قال: نعم جنة الفردوس،
قلت: وكيف سورها؟ قال: سورها نور، قلت: الغرف التي هي فيها؟ قال: هي من
نور رب العالمين.
38 - في كتاب علل الشرايع أبى رحمه الله قال: حدثني محمد بن يحيى
العطار عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سهام المواريث من ستة أسهم لا يزيد عليها فقيل له: يا ابن رسول الله ولم صارت
ستة أسهم؟ قال: لان الانسان خلق من ستة أشياء، وهو قول الله عز وجل: ولقد خلقنا
الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة
فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما.
39 - وباسناده إلى الحسين بن خالد قال: قلت للرضا عليه السلام: انا روينا عن النبي -
صلى الله عليه وآله ان من شرب الخمر لم تحسب صلاته أربعين صباحا؟ فقال: صدقوا، فقلت: و
كيف لا تحسب صلاته أربعين صباحا لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قال: لان الله تبارك و
تعالى قدر خلق الانسان النطفة أربعين يوما، ثم نقلها فصيرها علقة أربعين يوما ثم نقلها
فصيرها مضغة أربعين يوما، وهذا إذا شرب الخمر بقيت في مثانته على قدر ما خلق منه
532

وكذلك يجتمع غذاؤه واكله وشربه تبقى في مثانته أربعين يوما.
40 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام: كان
فيما وعظ لقمان ابنه أنه قال: يا بنى ليعتبر من قصر يقينه، وضعفت نيته في طلب الرزق
- إلى قوله عليه السلام -: اما أول ذلك فإنه كان في بطن أمه يرزقه هناك في قرار مكين حيث
لا يؤذيه حر ولا برد، ثم أخرجه من ذلك " الحديث ".
41 - في كتاب مصباح الزائر لابن طاوس رحمه الله في دعاء الحسين بن علي
عليهما السلام يوم عرفة: ابتدأتني بنعمتك قبل ان أكون شيئا مذكورا، وخلقتني من
التراب، وأسكنتني الأرحام، آمنا لريب المنون واختلاف الدهور، فلم أزل ظاعنا
من صلب إلى رحم في تقادم الأيام الماضية، والقرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك
بي واحسانك إلى في دولة أيام الكفرة، الذين نقضوا عهدك وكذبوا رسلك، لكنك
أخرجتني رأفة منك وتحننا على للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني، وفيه أنشأتني
ومن قبل ذلك رؤفت لي بجميع صنعك وسوابغ نعمك، وابتدعت خلقي من منى يمنى،
ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم، لم تشهرني بخلقي ولم تجعل إلى شيئا
من امرى ثم أخرجتني إلى الدنيا تاما سويا.
42 - في الصحيفة السجادية في دعائه عليه السلام بعد الفراغ من صلاة الليل:
اللهم وأنت حدرتنى (1) ماءا مهينا من صلب متضايق العظام حرج المسالك (2)
إلى رحم ضيقة سترتها بالحجب، تصرفني حالا عن حال حتى انتهيت بي إلى تمام الصورة
وأثبت في الجوارح كما نعت في كتابك نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسوت العظام
لحما ثم أنشأتني خلقا آخر كما شئت، حتى إذا احتجت إلى رزقك ولم استغن عن غياث
فضلك جعلت لي قوتا من فضل طعام وشراب أجريته لامتك التي أسكنتني جوفها، و
أودعتني قرار رحمها، ولو تكلني يا رب في تلك الحالات إلى حولي وتضطرني إلى قوتي

(1) حدر الشئ: أنزله من علو إلى أسفل.
(2) الحرج: المكان الضيق.
533

لكان الحول عنى معتزلا، ولكانت القوة منى بعيدة فغذوتني بفضلك غذاء البر اللطيف
تفعل بي ذلك تطولا على إلى غايتي هذه.
43 - في الكافي ابن محبوب عن رفاعة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان النطفة
إذا وقعت في الرحم تصير إلى علقة، ثم إلى مضغة، ثم إلى ما شاء الله، وان النطفة إذا
وقعت في غير الرحم لم يخلق منه شئ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
44 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجال عن ابن بكير عن أبي منهال
عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن النطفة إذا وقعت في الرحم
بعث الله عز وجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها، فماثها في النطفة (1) فلا يزال
قلبه يحن إليها.
45 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم
قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: قال أبو جعفر عليه السلام: ان النطفة تكون في
الرحم أربعين يوما، ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة أربعين يوما، فإذا كمل
أربعة أشهر بعث الله ملكين خلاقين فيقولان: يا رب ما نخلق، ذكرا أو أنثى؟ فيؤمران
فيقولان: يا رب شقى أو سعيد؟ فيؤمران فيقولان: يا رب ما أجله وما رزقه وكل شئ
من حاله، وعدد من ذلك أشياء، ويكتبان الميثاق بين عينيه (2) فإذا كمل الاجل
بعث الله إليه ملكا فزجره زجرة فيخرج وقد نسي الميثاق، فقال الحسن بن الجهم
أفيجوز أن يدعو الله فيحول الأنثى ذكرا أو الذكر أنثى؟ فقال: ان الله يفعل ما يشاء.
46 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن

(1) ماث الشئ في الماء: أذابه فيه. وبالشئ: خلطه به.
(2) قال الفيض (ره): وكتابة الميثاق بين عينيه كناية عن مفطوريته على التوحيد
وشهادته بلسان عجزه وافتقاره على عبوديته وبوتيه معبوده كما أشار إليه في الحديث النبوي:
كل مولود يولد على الفطرة وانما أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه وانما ينسى الميثاق
بالزجرة والخروج لدخوله بها في عالم الأسباب الحائلة بينه وبين مسببها المانعة له عن ادراكه.
534

محبوب عن ابن رئاب عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل إذا أراد ان يخلق
النطفة (1) التي مما أخذ عليها الميثاق في صلب آدم أو ما يبدو له فيه (2) ويجعلها في الرحم
حرك الرجل للجماع وأوحى إلى الرحم ان افتحي بابك حتى يلج فيك خلقي وقضائي
النافذ وقدري، فتفتح الرحم بابها فتصل النطفة إلى الرحم فتردد (3) فيه أربعين
صباحا ثم تصير علقة أربعين يوما، ثم تصير مضغة أربعين يوما، ثم تصير لحما تجرى
فيه عروق مشتبكة ثم يبعث الله ملكين خلاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء الله فيقتحمان (4)
في بطن المرأة من فم المرأة فيصلان الرحم، وفيها الروح القديمة المنقولة في
أصلاب الرجال وأرحام النساء (5) فينفخان فيها روح الحياة والبقاء، ويشقان له
السمع والبصر وجميع الجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله، ثم يوحى الله إلى
الملكين: اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمرى واشترطا له البداء فيما تكتبان،
فيقولان: يا رب ما نكتب؟ قال: فيوحى الله عز وجل إليهما: ارفعا رؤسكما إلى رأس أمه،
فيرفعان رؤسهما فإذا اللوح يقرع جبهة أمه، فينظران فيه فيجدان في اللوح صورته
ورؤيته وأجله وميثاقه شقيا أو سعيدا وجميع شأنه، قال: فيملي أحدهما على صاحبه
فيكتبان جميع ما في اللوح ويشترطان البداء فيما يكتبان (6) ثم يختمان الكتاب

(1) أي يخلقها بشرا تاما
(2) أي يبدو له في خلقه فلا يتم خلقه بان يجعله سقطا قاله المجلسي (ره).
(3) أي تتحول من حال إلى حال.
(4) أي يدخلان من غير استرضاء واختيار لها.
(5) قال المجلسي (ره): أي الروح المخلوقة في الزمان المتقادم قبل خلق جسده و
كثيرا ما يطلق القديم على هذا المعنى في اللغة والعرف كما لا يخفى على من تتبع كتب اللغة و
موارد الاستعمالات، والمراد بها النفس النباتية أو الحيوانية أو الانسانية، وقيل: عطف
البقاء على الحياة دال على أن النفس الحيوانية باقية في تلك النشأة وانها مجردة عن المادة
وان النفس النباتية بمجردها لا تبقى.
(6) وللفيض (ره) هنا كلام طويل فراجع الوافي ج 3 أبواب الولادات باب (1)
535

ويجعلانه بين عينيه، ثم يقيمانه قائما في بطن أمه قال: وربما عتى (1) فانقلب و
لا يكون ذلك الا في كل عات أو مارد، فإذا بلغ أوان خروج الولد تاما أو غير تام أوحى
الله عز وجل إلى الرحم ان افتحي بابك حتى يخرج خلقي إلى أرضى وينفذ فيه أمرى
فقد بلغ أوان خروجه، قال: فتفتح الرحم باب الولد فيبعث الله عز وجل إليه ملكا
يقال له: زاجر فيزجره زجرة فيفزع منها الولد، فينقلب فيصير رجلاه فوق رأسه ورأسه في
أسفل البطن، ليسهل الله على المرأة وعلى الولد الخروج، قال: فإذا احتبس زجره
الملك زجرة أخرى فيفزع منها فيسقط الولد إلى الأرض باكيا فزعا من الزجرة.
47 - محمد عن أحمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة
قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الخلق فقال: ان لله تبارك وتعالى لما خلق الخلق من
طين أفاض بها كإفاضة القداح (2) فأخرج المسلم فجعله سعيدا، وجعل الكافر
شقيا، فإذا وقعت النطفة تلقتها الملائكة فصوروها ثم قالوا: يا رب أذكر أو أنثى فيقول
الرب جل جلاله أي ذلك شاء، فيقولان: تبارك الله أحسن الخالقين، ثم توضع في
بطنها فتردد تسعة أيام في كل عرق ويفصل منها، وللرحم ثلاثة أقفال: قفل في
أعلاها مما يلي أعلى السرة من الجانب الأيمن، والقفل الاخر وسطها، والقفل الاخر
أسفل الرحم، فيوضع بعد تسعة أيام في القفل الاعلى فيمكث فيه ثلاثة أشهر فعند
ذلك يصيب المرأة خبث النفس والتهوع، ثم ينزل إلى القفل الأوسط فيمكث فيه
ثلاثة أشهر وصرة الصبي (3) فيها مجمع العروق وعروق المرأة كلها منها يدخل

(1) عتا عتوا: استكبر وجاوز الحد.
(2) إفاضة القداح: الضرب بها، والقداح جمع القدح - بالكسر - وهو السهم قبل
ان يراش أو ينصل كأنهم كانوا يخلطونها ويقرعون بها بعد ما يكتبون عليها أسمائهم، قال
المحدث الكاشاني (ره): وفى التشبيه إشارة لطيفة إلى اشتباه خير بني آدم بشرهم إلى أن
يميز الخبيث من الطيب.
(3) كذا في النسخ وفى الوافي: " سرة " بالسين في المواضع وهو الصحيح ولعله من
تصرفات النساخ.
536

طعامه وشرابه من تلك العروق، ثم ينزل إلى القفل الأسفل فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فذلك
تسعة أشهر، ثم تطلق المرأة فكلما طلقت انقطع عرق من صرة الصبي فأصابها ذلك
الوجع، ويده على صرته حتى يقع على الأرض ويده مبسوطة، فيكون رزقه حينئذ
من فيه.
48 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل أو غيره قال
قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك الرجل يدعو للحبلى أن يجعل الله ما في بطنها
ذكرا سويا؟ فقال: يدعو ما بينه وبين أربعة أشهر، فإنه أربعين ليلة نطفة أربعين
ليلة علقة، وأربعين ليلة مضغة، فذلك تمام أربعة أشهر، ثم يبعث الله ملكين خلاقين
فيقولان: يا رب ما نخلق ذكرا أو أنثى شقيا أو سعيدا؟ فيقال ذلك فيقولان: يا رب ما رزقه
وما أجله وما مدته؟ فيقال ذلك وميثاقه بين عينيه ينظر إليه، فلا يزال منتصبا في بطن
أمه حتى إذا دنى خروجه بعث الله إليه ملكا فزجره زجرة فيخرج وينسى الميثاق.
49 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن
محبوب عن ابن رئاب عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إذا وقعت النطفة
في الرحم استقرت فيها أربعين يوما، ويكون علقة أربعين ويوما، ويكون مضغة أربعين
يوما، ثم يبعث الله ملكين خلاقين فيقال لهما: اخلقا كما أراد الله تعالى ذكرا أو
أنثى، صوراه واكتبا أجله ورزقه ومنيته (1) وشقيا أو وسعيدا، واكتبا لله الميثاق
الذي أخذه عليه في الذر بين عينيه، فإذا دنى خروجه من بطن أمه بعث الله إليه ملكا
يقال له زاجر فيزجره فيفزع فزعا، فينسى الميثاق ويقع على الأرض يبكى من
زجرة الملك.
50 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " ولقد خلقنا الانسان من
سلالة من طين " قال: السلالة الصفوة من الطعام والشراب الذي يصير نطفة، والنطفة
أصلها من السلالة، والسلالة هو من صفو الطعام والشراب، والطعام من أصل الطين،

(1) المنية: الموت.
537

فهذا معنى قوله جل ذكره: " من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " يعنى
في الأنثيين ثم في الرحم " ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة
عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين " وهذه
استحالة من أمر إلى أمر، فحد النطفة إذا وقعت في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة،
وزعمت المعتزلة انا نخلق أفعالنا واحتجوا بقوله عز وجل: أحسن الخالقين و
زعموا ان هيهنا خالقين غير الله عز وجل، ومعنى الخلق هيهنا التقدير مثل ذلك قول الله
عز وجل لعيسى عليه السلام (1) ليس ذلك كما ذهبت إليه المعتزلة انهم خالقون
لأفعالهم وقوله عز وجل: " خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار
مكين " إلى قوله عز وجل: " ثم أنشأناه خلقا آخر " فهي ستة أجزاء وستة استحالات،
وفى كل جزء واستحالة دية محدودة: ففي النطفة عشرون دينارا، وفى العلقة أربعون
دينارا
وفى المضغة ستون دينارا، وفى العظم ثمانون دينارا، وإذا كسى لحما فمأة
دينار حتى يستهل (2) فإذا استهل فالدية كاملة.
فحدثني أبى بذلك عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: يا ابن
رسول الله فان خرج في النطفة قطرة دم؟ قال: في القطرة عشر النطفة، ففيها اثنان
وعشرون دينارا، قلت: فقطرتان؟ قال: أربعة وعشرون دينارا، قلت: فثلاث،
قال: ستة وعشرون دينارا، قلت: فأربعة؟ قال: ثمانية وعشرون دينارا، قلت:
فخمس؟ قال: ثلاثون دينارا، وما زاد على النصف فهو على هذا الحساب حتى تصير
علقة، فيكون فيها أربعون دينارا، قلت: فان خرجت متخضخضة بالدم؟ (3) قال

(1) إشارة إلى قوله تعالى: " وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فننفخ فيها فتكون
طيرا بإذني.. " سورة المائدة، الآية (110).
(2) استهل الصبي: رفع صوته بالبكاء عند الولادة، وكذا كل متكلم رفع صوته
أو خفضه فقد أهل واستهل.
(3) خضخض الماء ونحو: حركه. وفى رواية الكليني (ره) في الكافي " متحصحصة " بالحاء والصاد المهملتين، والحصحصة: تحريك الشئ في الشئ حتى يستمكن ويستقر فيه،
تحصحص: لزق بالأرض واستوى.
538

قد علقت إن كان ماءا صافيا فيها أربعون دينارا، وإن كان دما اسود فذلك من الجوف
فلا شئ عليه الا التعزير، لأنه ما كان من دم صاف فذلك للولد، وما كان من دم
أسود فهو من الجوف، قال: فقال أبو شبل: فان العلقة صارت فيها شبه العروق واللحم؟
قال: اثنان وأربعون دينارا العشر، قلت إن عشر الأربعين دينارا أربعة دنانير؟
قال: لا انما هو عشر المضغة، لأنه انما ذهب عشرها، فكلما ازدادت زيد حتى تبلغ
الستين، قلت: فان رأيت في المضغة مثل العقدة عظم يابس؟ قال: إن ذلك عظم أول
ما يبتدى ففيه أربعة دنانير، فان زاد فزاد أربعة دنانير حتى يبلغ الثمانين، قلت: فان
كسى العظم لحما؟ قال: كذلك إلى مأة، قلت: فان وكزها (1) فسقط الصبي لا
يدرى حيا كان أو ميتا؟ قال هيهات يا أبا شبل إذا بلغ أربعة أشهر فقد صارت فيه
الحياة وقد استوجب الدية.
51 - في الكافي أيضا بعد أن قال: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن
محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن مسمع عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام قال: وبهذا الاسناد عن أمير المؤمنين قال:
جعل دية الجنين مأة دينار، وجعل منى الرجل إلى أن يكون جنينا خمسة أجزاء،
فإذا كان جنينا قبل أن تلجها الروح مأة دينار، وذلك أن الله عز وجل خلق الانسان
من سلالة وهي النطفة، فهذا جزء ثم علقة فهو جزئان، ثم مضغة ثلاثة اجزاء، ثم عظما
فهو أربعة أجزاء، ثم يكسى لحما فحينئذ تم جنينا فكملت له خمسة أجزاءه مأة دينار،
والمأة دينار خمسة أجزاء، فجعل للنطفة خمس المأة عشرين دينارا، وللعلقة خمسي
المأة أربعين دينارا، وللمضغة ثلاثة أخماس المأة ستين دينارا، وللعظم أربعة أخماس
المأة ثمانين دينارا، فإذا كسى اللحم كانت له مأة كاملة، فإذا نشأ فيه خلق آخر وهو

(1) وكز فلانا: ضربه بجمع الكف.
539

الروح فهو حينئذ نفس ألف دينار كامله إذا كان ذكرا وإن كان أنثى فخمسمأة دينار.
52 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن أبي أيوب
الخزاز عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما صفة النطفة التي تعرف بها؟
فقال: النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة فتمكث في الرحم إذا صارت فيه
أربعين يوما ثم تصير إلى علقة قلت: فما صفة خلقة العلقة التي تعرف بها؟ قال: هي
علقة كعلقة دم الجمجمة الجامدة، تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة أربعين يوما
ثم تصير مضغة، قلت: فما صفة المضغة وخلقتها التي تعرف بها؟ قال: هي مضغة لحم
حمراء فيها عروق خضر مشتبكة، ثم تصير إلى عظم، قلت: فما صفة خلقته إذا كان عظما
قال: إذا كان عظما شق السمع والبصر ورتبت جوارحه، فإذا كان كذلك فان فيه
الدية كاملة.
53 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن
سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسين عليهما السلام عن رجل ضرب امرأة حاملا
برجله فطرحت ما في بطنها ميتا؟ فقال: إن كان نطفة، فعليه عشرون دينارا، قلت فما
حد النطفة؟ قال: هي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه أربعين يوما وان طرحته و
وهو علقة فان عليه أربعين دينارا، قلت فما حد العلقة؟ قال: هي التي إذا وقعت في الرحم
فاستقرت فيه ثمانين يوما قال: وان طرحته وهو مضغة فان عليه ستين دينارا، قلت: فما
حد المضغة؟ فقال: هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه مأة وعشرين يوما قال
وان طرحته وهو نسمة مخلقة له عظم ولحم مزيل الجوارح (1) قد نفخ فيه روح العقل
فان عليه دية كاملة، قلت له: أرأيت تحوله في بطنها إلى حال أبروح كان ذلك أو بغير
روح؟ قال: بروح عدا الحياة القديم المنقول في أصلاب الرجال وأرحام النساء
ولولا أنه كان فيه روح عدا الحياة ما تحول عن حال بعد حال في الرحم، وما كان

(1) أي امتازت وافترقت جوارحه. وفى الوافي " مرمل الجوارح " والترميل بالمهملة:
التزين، وفى التهذيب " مرتب " بدل " مرمل ".
540

إذا على من يقتله دية وهو في تلك الحال.
54 - محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد
ابن أبي نصر عن إسماعيل بن عمرو عن شعيب العقرقوفي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن للرحم أربعة سبل، في أي سبيل سلك فيه الماء كان منه الولد، واحد واثنين
وثلاثة وأربعة لا يكون إلى سبيل أكثر من واحد.
55 - أحمد بن محمد رفعه عن محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الله عز وجل خلق للرحم أربعة أوعية، فما كان في الأول فللأب، وما كان في الثاني
فللام، وما كان في الثالث فللعمومة، وما كان في الرابع فللخؤلة.
56 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله تعالى: " ثم أنشأناه خلقا آخر " فهو نفخ الروح فيه.
57 - في تهذيب الأحكام محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن
عيسى عن العباس بن موسى الوراق عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي جرير القمي
قال: سألت العبد الصالح عليه السلام عن النطفة ما فيها من الدية وما في العلقة وما في
المضغة المخلقة وما يقر في الأرحام؟ قال: إنه يخلق في بطن أمه خلقا بعد خلق يكون
نطفة أربعين يوما، ثم يكون علقة أربعين يوما، ثم مضغة أربعين يوما، ففي النطفة
أربعون دينارا، وفى العلقة ستون دينارا، وفى المضغة ثمانون دينارا، فإذا كسى
العظام لحما ففيه مأة دينار، قال الله عز وجل: " ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله
أحسن الخالقين " فإن كان ذكرا ففيه الدية، وإن كان أنثى ففيها ديتها.
58 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه: قلت: جعلت فداك وغير الخالق الجليل خالق؟ قال: إن
الله تبارك وتعالى يقول: " تبارك الله أحسن الخالقين " فقد أخبر أن في عباده خالقين و
غير خالقين، منهم عيسى بن مريم صلى الله عليه خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فنفخ فيه
فصار طائرا بإذن الله والسامري أخرج لهم عجلا جسدا له خوار.
541

59 - في كتاب الخصال عن زيد بن وهب قال سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام عن قدرة الله عز وجل فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن لله تبارك و
تعالى ملائكة لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته لعظم خلقته وكثرة أجنحته،
ومنهم من لو كلفت الجن والإنس أن يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحسن تركيب
صورته، وكيف يوصف من ملائكته من سبعمأة عام ما بين منكبيه وشحمة اذنيه، ومنهم من
يسد الأفق بجناح من أجنحته دون عظم بدنه، ومنهم من السماوات إلى حجزته، ومنهم
من لو القى في نقرة ابهامه جميع المياه لوسعتها، ومنهم من لو ألقيت السفن في دموع
عينيه لجرت دهر الداهرين، فتبارك الله أحسن الخالقين. وفى كتاب التوحيد مثله
60 - وفى كتاب الخصال أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خمسة خلقوا ناريين
الطويل الذاهب، والقصير القمي (1) والأزرق بخضرة، والزائد والناقص.
61 - في مجمع البيان وروى أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب
لرسول الله صلى الله عليه وآله فلما بلغ إلى قوله " خلقا آخر " خطر بباله " فتبارك الله أحسن الخالقين "
فلما املاها رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك قال عبد الله: إن كان محمد نبيا يوحى إليه فأنا
نبي يوحى إلى، فلحق بمكة مرتدا، ولو صح هذا فان هذا القدر لا يكون معجزا،
ولا يمتنع ان يتفق ذلك من الواحد منا لكن هذا الشقي انما اشتبه عليه وأشبه على نفسه
لما كان في صدره من الكفر والحسد للنبي صلى الله عليه وآله " انتهى ".
62 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: وأنزلنا من السماء ماءا بقدر فأسكناه في الأرض فهي الأنهار والعيون
والآبار (2).
63 - في الكافي عنه عن أحمد بن محمد عن العباس بن معروف عن النوفلي

(1) القمي - بضم القاف وفتح الميم -: السمن، وفى المصدر " العمى " بالعين وليس
له معنى يناسب لمقام.
(2) الأبار جمع البئر.
542

عن اليعقوبي عن عيسى بن عبد الله عن سليمان بن جعفر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول -
الله عز وجل: " وأنزلنا من السماء ماءا بقدر فأسكناه في الأرض وانا على ذهاب به
لقادرون " قال: يعنى ماء العتيق.
64 - في مجمع البيان روى مقاتل عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله
قال: إن الله تعالى انزل من الجنة خمسة انهار، سيحون وهو نهر الهند، وجيحون
وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهر العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها الله
من عين واحدة، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم،
فذلك قوله: " وأنزلنا من السماء ماءا بقدر " الآية.
65 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وشجرة تخرج من طور
سيناء تنبت بالدهن وصبغ للاكلين قال: شجرة الزيتون وهو مثل رسول الله
صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه، فالطور الجبل وسيناء الشجرة.
66 - في مجمع البيان " تنبت بالدهن وصبغ للاكلين " وقد روى عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال: الزيت شجرة مباركة، فائتدموا منه وادهنوا.
67 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام انه كان
في وصية أمير المؤمنين عليه السلام ان أخرجوني إلى الظهر، فإذا تصوبت أقدامكم واستقبلتكم
ريح فادفنوني، فهو أول طور سينا، ففعلوا ذلك.
68 - وباسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر أمير المؤمنين
عليه السلام والغري وهو قطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليما، وقدس عليه
عيسى تقديسا، واتخذ عليه إبراهيم خليلا، واتخذ محمدا صلى الله عليه وآله حبيبا وجعله
للنبيين مسكنا، فوالله ما سكن بعد أبويه الطيبين آدم ونوح أكرم من أمير المؤمنين
عليه السلام.
69 - في جوامع الجامع فإذا جاء أمرنا وفار التنور الآية روى أنه قيل
لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت ومن معك في السفينة: فلما
543

نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب.
70 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل
للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: نعم قلت: ما هو؟ قال: يحمد الله على
كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم الله عليه في ماله حق أداه ومنه قوله تعالى
أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
71 - في من لا يحضره الفقيه قال النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام: يا علي إذا نزلت
منزلا فقل: اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين، ترزق خيره ويدفع
عنك شره.
72 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة
باب فيما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: وإذا نزلتم منزلا فقولوا: اللهم أنزلنا منزلا مباركا
وأنت خير المنزلين.
73 - في نهج البلاغة أيها الناس ان الله قد أعاذكم ممن أن يجور عليكم ولم يعذكم
من أن يبتليكم، وقد قال جل من قائل: ان في ذلك لايات وان كنا لمبتلين.
74 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: فجعلناهم غثاءا الغثاء اليابس الهامد من نبات الأرض (1).
75 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: وجعلنا ابن مريم و
أمه آية إلى قوله ومعين قال: الربوة الحيرة، وذات قرار ومعين الكوفة.
76 - في مجمع البيان " وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " وقيل:
حيرة الكوفة وسوادها. والقرار مسجد الكوفة والمعين الفرات عن أبي جعفر وأبى
عبد الله عليهما السلام، وفى جوامع الجامع مثله.
77 - وفى مجمع البيان يا أيها الرسل كلوا ممن الطيبات وروى عن النبي

(1) الهامد: اليابس من النبات والشجر.
544

صلى الله عليه وآله ان الله طيب لا يقبل الا طيبا، وانه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال:
" يا أيها الرسل كلوا من الطيبات " وقال: " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات
ما رزقناكم ".
77 - في تفسير علي بن إبراهيم أمة واحدة قال: على مذهب واحد.
78 - وقوله عز وجل: كل حزب بما لديهم فرحون قال: كل من اختار
لنفسه دينا فهو فرح به.
79 - في نهج البلاغة فلو رخص الله في الكبر لاحد لرخص لأنبيائه ورسله،
ولكنه سبحانه كره لهم التكابر ورضى لهم لتواضع، فالصقوا بالأرض خدودهم، و
عفروا في التراب وجوههم، وخفضوا أجنحتهم للمؤمنين، فكونوا قوما مستضعفين
قد اختبرهم الله بالمخمصة، وابتلاهم بالمجهدة، وامتحنهم بالمخاوف ومحصهم
بالمكاره، فلا تعتبروا الرضا والسخط بالمال والولد جهلا بمواقع الفتنة والاختبار
في موضع الغنا والاقتار، فقد قال سبحانه: أيحسبون انما نمدهم به من مال و
بنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون فان الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين
في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم.
80 - في مجمع البيان " أيحسبون انما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في
الخيرات بل لا يشعرون " وروى السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى يقول: يحزن عبدي المؤمن إذا قترت
عليه شيئا من الدنيا، وذلك أقرب له منى، ويفرح إذا بسطت له الدنيا، وذلك أبعد
له منى، ثم تلا هذه الآية إلى قوله: " بل لا يشعرون " ثم قال: إن ذلك فتنة لهم.
81 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني
جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان المنقري عن حفص بن غياث قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن قدرت أن لا تعرف فافعل، وما عليك ان لا يثنى عليك
الناس، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله، ثم قال:
545

انى (1) علي بن أبي طالب لا خير في العيش الا لرجلين، رجل يزداد كل يوم خيرا،
ورجل يتدارك منيته بالتوبة، وأنى له بالتوبة، والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله
تبارك وتعالى منه الا بولايتنا أهل البيت، ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا ورضى
بقوته نصف مد في كل يوم وما ستر عورته وما أكن رأسه وهم والله في ذلك خائفون
وجلون ودوا انه حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عز وجل فقال: والذين يؤتون
ما آتوا وقلوبهم وجلة انهم إلى ربهم راجعون ثم قال: ما الذي أتوا، اتوا والله
مع الطاعة والمحبة والولاية وهم في ذلك خائفون ليس خوفهم خوف شك ولكنهم
خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا.
82 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر عز وجل من يريد بهم الخير فقال:
" ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون " إلى قوله: " يؤتون ما آتوا " قال: من العبادة والطاعة.
83 - في روضة الكافي وهيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن قول الله عز وجل: " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة " قال: هي شفاعتهم و
رجاؤهم يخافون أن ترد عليهم أعمالهم ان لم يطيعوا الله عز ذكره ويرجون ان يقبل منهم.
84 - في مجمع البيان " وقلوبهم وجلة " وقال أبو عبد الله عليه السلام: معناه خائفة ان
لا يقبل منهم وفى رواية أخرى أتى وهو خائف راج.
85 - في محاسن البرقي عنه عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي جميلة
عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم
وجلة انهم إلى ربهم راجعون " قال: يعملون ما عملوا وهم يعلمون انهم يثابون عليه.
86 - وروى عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يعملون و
يعلمون انهم سيثابون عليه.
87 - عنه عن أبيه عن ابن سنان عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لو أن العباد وصفوا الحق وعملوا به ولم تعقد قلوبهم على أنه الحق

(1) كذا في النسخ ولم أظفر على الحديث في مظانه في كتاب الكافي.
546

ما انتفعوا.
88 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد
عن منصور بن يونس عن حارث بن المغيرة أو أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له: ما كان
في وصية لقمان؟ قال: كان فيها الأعاجيب وكان أعجب ما كان فيها ان قال: خف
الله عز وجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك، وارج الله رجاءا لو جئته بذنوب
الثقلين لرحمك.
89 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن حمزة بن حمران
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن مما حفظ من خطب النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الا
ان المؤمن يعمل بين مخافتين، بين أجل قد مضى لا يدرى ما الله صانع فيه وبين أجل قد
بقي لا يدرى ما الله عز وجل قاض فيه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
90 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون يقول: هو علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه لم يسبقه أحد.
91 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب في مناقب زين العابدين عليه السلام وكان إذا
دخل شهر رمضان يكتب على غلمانه ذنوبهم حتى إذا كان آخر ليلة دعاهم ثم أظهر
الكتاب وقال: يا فلان فعلت كذا وكذا ولم أؤدبك؟ فيقرون أجمع فيقوم وسطهم
ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين ربك قد أحصى عليك ما عملت
كما أحصيت علينا ولديه كتاب ينطق بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها
فاذكر ذل مقامك بين يدي ربك الذي لا يظلم مثقال ذرة وكفى بالله شهيدا، فاعف
واصفح يعف عنك المليك لقوله تعالى: " وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون ان يغفر الله
لكم " ويبكى وينوح.
92 - في جوامع الجامع حتى إذا خذنا مترفيهم بالعذاب والعذاب قتلهم
يوم بدر، أو الجوع حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر
547

واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف (1) فابتلاهم الله بالقحط حتى اكلوا الجيف والكلاب
والعظام المحترقة والقد (2) والأولاد. وفى مجمع البيان ذكر نحو الثاني ونقله قولا
عن الضحاك.
93 - وفى جوامع الجامع - أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين حيث
خافوا الله فآمنوا به وأطاعوه، وآباءهم إسماعيل وأعقابه وعن النبي صلى الله عليه وآله: لا تسبوا
مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مسلمين، ولا تسبوا الحارث بن كعب ولا أسد بن خزيمة
ولا تميم بن مر فإنهم كانوا على الاسلام، وما شككتم فيه من شئ فلا تشكوا في أن
تبعا كان مسلما.
94 - في تفسير علي بن إبراهيم - ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات
والأرض ومن فيهن قال: الحق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام.
95 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: أم تسألهم خرجا
فخراج ربك خير وهو خير الرازقين يقول: أم تسألهم أجرا فأجر ربك خير وقوله:
وانك لتدعوهم إلى صراط مستقيم قال: إلى ولاية أمير المؤمنين.
96 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله حديث
طويل يقول فيه صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام، من أحبك لدينك واخذ بسبيلك فهو ممن هدى إلى صراط
مستقيم، ومن رغب عن هواك وأبغضك وانجلاك لقى الله يوم القيامة لا خلاق له.
97 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: وان الذين لا يؤمنون بالآخرة عن
الصراط لناكبون قال: عن الامام لحادون.

(1) قال الجزري: الوطأة في الأصل: الدوس بالقدم، فسمى به لغزو والقتل:
لان من يطأ الشئ برجله فقد استقصى في اهلاكه واهانته ومنه الحديث اللهم أشدد وطأتك على
مضر أي خذهم أخذا شديدا، وقال: السنة: الجدب.
(2) القد: الاناء من جلد، والنعل لم يجرد من الشعر. وفى بعض النسخ " القدر "
لكن المختار هو الموافق للمصدر أيضا.
548

98 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
جمهور عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الهيثم بن واقد عن صفوان قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه،
ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل
علينا غيرنا فإنهم عن الصراط لناكبون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
99 - في روضة الكافي خطبة مسندة لأمير المؤمنين عليه السلام: وهي خطبة الوسيلة
يقول فيها عليه السلام وقد ذكر الأشقيين: يقول لقرينه إذا التقيا: " يا ليت بيني وبينك
بعد المشرقين فبئس القرين " فيجيبه الأشقى على رثوثة: " يا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا
لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للانسان خذولا " فأنا الذكر الذي
عنه ضل، والسبيل الذي عنه مال، والايمان الذي به كفر، والقرآن الذي إياه هجر،
والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه نكب.
100 - في جوامع الجامع - ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا
في طغيانهم يعمهون ولما أسلم ثمامة بن أثال الحنفي ولحق باليمامة ومنع الميرة من
أهل مكة وأخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز وهو دم القراد مع الصوف، جاء
أبو سفيان بن حرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: أنشدك الله والرحم، ألست
تزعم انك بعثت رحمة للعالمين؟ فقال: بلى، فقال له: قتلت الاباء بالسيف
والأبناء بالجوع.
101 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن
محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل، فما استكانوا لربهم و
ما يتضرعون فقال: الاستكانة هو الخضوع، والتضرع هو رفع اليدين والتضرع بهما.
102 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن
محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " فما استكانوا لربهم
وما يتضرعون " قال: الاستكانة هي الخضوع، والتضرع رفع اليدين والتضرع بهما.
549

103 - في مجمع البيان وروى عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن
أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: رفع الأيدي من الاستكانة، قلت: وما
الاستكانة؟ قال: الا تقرء هذه الآية: " فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " أورده الثعلبي
والواحدي في تفسيريهما.
104 - وقال أبو عبد الله عليه السلام: الاستكانة الدعاء والتضرع رفع اليدين
في الصلاة.
105 - حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد وذلك حين دعا النبي صلى الله عليه وآله عليهم
فقال: اللهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف فجاعوا حتى أكلوا العلهز وهو الوبر بالدم،
وقال أبو جعفر عليه السلام: هو في الرجعة.
قال عز من قائل: وهو الذي أنشأ لكم السمع والابصار الآية.
106 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: اعجبوا لهذا الانسان ينظر بشحم ويتكلم بلحم
ويسمع بعظم ويتنفس من خرم (1).
107 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم رد الله عز وجل على الثنوية الذين قالوا
بالهين فقال: ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله إذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا
بعضهم على بعض قال: لو كانا الهين كما زعمتم لطلب كل واحد منهما العلو، وإذا
شاء واحد أن يخلق انسانا شاء الاخر أن يخالفه فيخلق بهيمة، فيكون الخلق منهما على
مشيتهما واختلاف إرادتهما انسانا وبهيمة في حالة واحدة، فهذا من أعظم المحال غير
موجود، وإذا بطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان، وكان واحدا، فهذا
التدبير واتصاله وقوام بعضه ببعض يدل على صانع واحد، وهو قول الله عز وجل: " ما
اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله إذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض "
وقوله: لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا.
108 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن

(1) الخرم: الثقب والشق.
550

عليه السلام حديث طويل وفى آخره قلت: جعلت فداك بقيت مسألة قال: هات لله أبوك، قلت:
يعلم القديم الشئ الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال: ويحك ان مسائلك
لصعبة، أما سمعت الله يقول: " لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا " وقوله: " ولعلا بعضهم
على بعض " وقال يحكى قول أهل النار: " ارجعنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل " وقال:
" ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " فقد علم الشئ الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون.
109 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى ثعلبة بن ميمون عن بعض أصحابنا
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: عالم الغيب والشهادة فقال: عالم الغيب
ما لم يكن، والشهادة ما قد كان.
110 - في مجمع البيان وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده عن أبي
صالح عن ابن عباس وجابر بن عبد الله انهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في حجة الوداع
وهو بمنى: لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، وأيم الله لئن فعلتموها
لتعرفني في كتيبة يضاربونكم قال: فغمز من خلفه منكبه الأيسر فالتفت فقال: أو على
فنزل: قل رب اما تريني الآيات.
111 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن بعض
أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بعث أمير المؤمنين عليه السلام إلى بشر بن عطارد التيمي في
كلام بلغه فمر به رسول أمير المؤمنين عليه السلام في بنى أسد وأخذه، فقام إليه نعيم بن دجاجة
الأسدي فأفلته (1) فبعث إليه أمير المؤمنين عليه السلام فأتوه به وامر به أن يضرب فقال نعيم:
أما والله ان المقام معك لذل وان فراقك لكفر؟ قال: فلما سمع ذلك منه قال له:
قد عفونا عنك ان الله عز وجل يقول: ادفع بالتي هي أحسن السيئة اما قولك:
ان المقام معك لذل فسيئة اكتسبتها، واما قولك: وان فراقك لكفر فحسنة اكتسبتها
فهذه بهذه فأمر ان يخلى عنه.
112 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عمن أخبره

(1) أي خلصه من يده.
551

عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " قال: التي هو أحسن
التقية، " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم ".
113 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: وقل رب أعوذ بك من همزات
الشياطين قال: ما يقع في قلبك من وسوسة الشياطين.
114 - في كتاب ثواب الأعمال وذكر أحمد بن أبي عبد الله ان في رواية أبي بصير
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت، وهو قول
الله عز وجل: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلى اعمل صالحا
فيما تركت.
115 - في الكافي يونس عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وهو قوله تعالى
: " رب ارجعون لعلى أعمل صالحا فيما تركت ".
116 - أحمد بن محمد عن علي بن الحسين عن وهيب بن حفص عن أبي بصير
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت، وهو قول
الله تعالى: " رب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت ".
117 - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام: يا علي تارك
الزكاة يسأل الرجعة إلى الدنيا، وذلك قول الله عز وجل: " حتى إذا جاء أحدهم الموت
قال رب ارجعون " الآية.
118 - في أمالي الصدوق رحمه الله عن الصادق عليه السلام حديث طويل وفيه
يقول عليه السلام: إذا مات الكافر شيعه سبعون ألفا منم الزبانية إلى قبره، وانه ليناشد حامليه
بصوت يسمعه كل شئ الا الثقلان ويقول: " لو أن لي كرة فأكون من المؤمنين " ويقول:
" رب ارجعون اعمل صالحا فيما تركت " فتجيبه الزبانية " كلا انها كلمة أنت قائلها "
119 - في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن الفتح بن يزيد الجرجاني
قال قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: جعلت فداك يعرف القديم سبحانه الشئ الذي لم
552

يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال: ويحك ان مسألتك لصعبة، أما قرأت قوله
عز وجل إلى قوله: وقال - يحكى قول الأشقياء -: " رب ارجعون لعلى اعمل صالحا
فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها " فقد علم الشئ الذي لم يكن ان لو كان
كيف كان يكون.
120 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: ومن ورائهم برزخ إلى
يوم يبعثون قال: البرزخ هو أمر بين أمرين وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة
وهو قول الصادق عليه السلام: والله ما أخاف عليكم الا البرزخ، واما إذا صار الامر إلينا فنحن
أولى بكم.
121 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام: ان القبر اما روضة من رياض الجنة
أو حفرة من حفر النار.
122 - وفيه أيضا وقوله: " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون " فقال الصادق
عليه السلام: البرزخ القبر وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة، والدليل على
ذلك قول العالم عليه السلام: والله ما نخاف عليكم الا البرزخ.
123 - في كتاب الخصال عن الزهري قال قال علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب عليه السلام: أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها
ملك الموت، والساعة التي يقوم فيها من قبره، والساعة التي يقوم فيها بين يدي الله،
فاما إلى الجنة واما إلى النار، ثم قال: إن نجوت يا ابن آدم عند الموت فأنت أنت و
الا هلكت، وان نجوت يا بن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت والا هلكت، وان نجوت
حين تحمل الناس على الصراط فأنت أنت والا هلكت، وان نجوت يا ابن آدم حين
تقول لرب العالمين فأنت أنت والا هلكت، ثم تلا: " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون "
وقال: هو القبر، وان لهم فيها لمعيشة ضنكا، والله ان القبر لروضة من رياض الجنة
أو حفرة من حفر النار.
124 - في الكافي محمد بن يحيى عن عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن
553

محمد عن عبد الرحمان بن حماد عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
انى سمعتك وأنت تقول: كل شيعتنا في الجنة على ما كان فيهم؟ قال: صدقتك كلهم
والله في الجنة، قال: قلت: جعلت فداك ان الذنوب كثيرة كبار؟ فقال: اما في
القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصى النبي، ولكني والله أتخوف عليكم
في البرزخ، قلت: وما البرزخ؟ فقال: القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة.
125 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: سلكوا في بطون البرزخ سبيلا سلطت
الأرض عليهم فيه، فأكلت لحومهم وشربت من دمائهم فأصبحوا في فجوات قبورهم جمادا
لا ينمون وضمارا لا يوجدون، لا يفزعهم ورود الأهوال ولا يحزنهم تنكر الأحوال، و
لا يحفلون بالرواجف، ولا يأذنون للقواصف، غيبا لا ينتظرون، وشهودا لا يحضرون
وانما كانوا جميعا فتشتتوا، والا فافترقوا، وما عن طول عهدهم ولا بعد محلهم
عميت أخبارهم وصمت ديارهم، ولكنهم سقوا كأسا بدلتهم بالنطق خرسا وبالسمع
صمما، وبالحركات سكونا فكأنهم في ارتجال الصفة صرعى سبات، جيران لا يتآنسون
وأحباء لا يتزاورون، بليت بينهم عرى التعارف، وانقطعت منهم أسباب الإخاء فكلهم
وحيد وهم جميع، وبجانب الهجر وهم أخلاء لا يتعارفون لليل صباحا ولا لنهار مساءا
أي الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا شاهدوا من أخطار دارهم أفظع مما خافوا
ورأوا من آياتها أعظم مما قد روى، فكلا الغايتين مدت لهم إلى مباءة، فأتت مبالغ
الخوف والرجاء فلو كانوا ينطقون بها لعيوا بصفة ما شاهدوا وما عاينوا (1)

(1) قوله عليه السلام: " في فجوات " هي جمع فجوة: وهي الفرجة المتسعة بين
الشيئين. " وجمادا لا ينمون " قال الشارح المغزلي أي خرجوا عن صورة الحيوانية إلى صورة
الجماد الذي لا ينمى ولا يزيد، ويروى لا ينمون بتشديد الميم من النميمة وهي الهمس والحركة
ومنه قولهم اسكت الله نامته في قول من شدد ولم يهمز " وضمارا " يقال لكل ما لا يرجى من الدين
والوعد، وكل ما لا تكون منه على ثقة ضمار " لا يحفلون بالرواجف " أي لا يكترثون بالزلازل
" ولا يأذنون للقواصف " أي لا يسمعون الأصوات الشديدة، أذنت لكذا أي سمعته، وجمع لغائب غيب وغيب وكلاهما مروى هيهنا، وآلاف جمع آلف، ككفار جمع كافر. وقوله عليه السلام:
" فكأنهم في ارتجال الصفة " أي إذا وصفهم الواصف مرتجلا غير مترو في الصفة ولا متهيئ "
للقول والسبات: النوم والمباءة: المنزل.
554

126 - في الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن خالد بن
عمارة عن أبي بصير: قال أبو عبد الله عليه السلام إذا حيل بينه (1) وبين الكلام أتاه رسول الله
صلى الله عليه وآله ومن شاء الله (2) فجلس رسول الله عن يمينه والاخر عن يساره، فيقول له رسول
الله: اما ما كنت ترجو فهو ذا أمامك، واما ما كنت تخاف منه فقد أمنت منه، ثم يفتح
له بابا إلى الجنة فيقول: هذا منزلك من الجنة، فان شئت رددناك إلى الدنيا ولك فيها
ذهب وفضة، فيقول: لا حجة لي في الدنيا، فعند ذلك يبيض لونه ويرشح جبينه وتقلص
شفتاه (3) وتنشر منخراه وتدمع عينه اليسرى، فأي هذه العلامات رأيت فاكتف بها
فإذا خرجت النفس من الجسد فيعرض عليها كما يعرض عليه وهي في الجسد، فتختار
الآخرة فيغسله فيمن يغسله، ويقلبه فيمن يقلبه فإذا أدرج في أكفانه ووضع على سريره
خرجت روحه تمشى بين أيدي القوم قدما، تلقاه أرواح المؤمنين يسلمون عليه و
يبشرونه بما أعد الله له جل ثناؤه من النعيم، فإذا وضع في قبره رد إليه الروح إلى وركيه (4)
ثم يسأل عما يعلم، فإذا جاء بما يعلم فتح له ذلك الباب الذي أراه رسول الله صلى الله عليه وآله فيدخل
عليه من نورها وبردها وطيب ريحها، قال: قلت: جعلت فداك فأين ضغطة القبر؟
فقال: هيهات ما على المؤمنين شئ والله ان هذه الأرض لتفتخر على هذه فتقول وطئ
على ظهري مؤمن ولم يطأ على ظهرك مؤمن، وتقول له الأرض: والله لقد كنت أحبك
وأنت تمشى على ظهري، فاما إذا وليتك فستعلم ماذا أصنع بك فتفسح له مد بصره

(1) إلى المحتضر.
(2) كنى بمن شاء الله عن أمير المؤمنين عليه السلام، وانما لم يصرح به كتمانا على
المخالفين المنكرين.
(3) قلص الشفتين: انزوائهما.
(4) الورك - ككتف -: ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد
555

127 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي
عن ابن أبي يعفور قال: كان خطاب الجهني خليطا لنا وكان شديد النصب لآل محمد و
كان يصحب نجدة الحروري (1) قال: فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية، فإذا هو
مغمى عليه في حد الموت، فسمعته يقول: مالي ولك يا علي عليه السلام؟! فأخبرت بذلك
أبا عبد الله عليه السلام، فقال أبو عبد الله: رآه ورب الكعبة رآه ورب الكعبة.
128 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال: قلت
لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت الميت إذا مات لم يجعل معه الجريدة؟ قال: تجافى عنه
العذاب والحساب ما دام العود رطبا قال: والعذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر
ما يدخل القبر ويرجع القوم، وانما جعلت السعفتان (2) لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب
بعد جفوفهما إن شاء الله.
129 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمان بن أبي هاشم عن
سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من موضع قبر الا وهو ينطق كل يوم ثلاث مرات:
أنا بيت التراب، انا بيت البلى، انا بيت الدود، قال: فإذا دخله عبد مؤمن قال: مرحبا
واهلا، أما والله لقد كنت أحبك وأنت تمشى على ظهري فكيف إذا دخلت بطني فسترى
ذلك؟ قال فيفسح له مد البصر ويفتح له باب يرى مقعدة من الجنة، قال: ويخرج
من ذلك رجل لم تر عيناه شيئا أحسن منه، فيقول: يا عبد الله ما رأيت شيئا قط
أحسن منك؟ فيقول: انا رأيك الحسن الذي كنت عليه وعملك الصالح الذي كنت
تعمله، قال: ثم تؤخذ روحه فيوضع في الجنة حيث رأى منزله، ثم يقال له: نم
قرير العين فلا يزال نفحة من الجنة تصيب جسده، ويجد لذتها وطيبها حتى يبعث.
قال: وإذا دخل الكافر قالت له: لا مرحبا بك ولا أهلا، اما والله لقد كنت
أبغضك وأنت تمشى على ظهري فكيف إذا دخلت بطني سترى ذلك، قال: فتضم

(1) الحرورية: طائفة من الخوارج منسوبة إلى حروراء وهي قرية بالكوفة رئيسهم نجدة
(2) السعفة: الجريدة من النخل.
556

عليه فتجعله رميما ويعاد كما كان، ويفتح له باب إلى النار فيرى مقعده من النار،
ثم قال: ثم إنه يخرج منه رجل أقبح من رأى قط قال: فيقول له: يا عبد الله من أنت
ما رأيت شيئا أقبح منك؟ قال: فيقول: أنا عملك السيئ الذي كنت تعمله ورأيك
الخبيث، قال: ثم تؤخذ روحه فتوضع حيث رأى مقعده من النار، ثم لم تزل
نفخة من النار تصيب جسده فيجد ألمها وحرها في جسده إلى يوم يبعث، ويسلط الله
على روحه تسعة وتسعين تنينا تنهشه (1) ليس فيها تنين ينفخ على وجه الأرض فتنبت شيئا.
130 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن علي عن غالب بن عثمان عن
بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للقبر كلاما كل يوم يقول: انا بيت الغربة أنا بيت
الوحشة، انا بيت الدود، انا القبر، أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
131 - علي بن محمد عن علي بن الحسن عن حسين بن راشد عن المرتجل بن
معمر عن ذريح المحاربي عن عبادة الأسدي عن حبة العرني قال: خرجت مع أمير -
المؤمنين عليه السلام إلى الظهر (2) فوقف بواد السلام كأنه مخاطب لأقوام، فقمت لقيامه
حتى أعييت ثم جلست حتى مللت، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا، ثم جلست
حتى مللت ثم قمت وجمعت ردائي، فقلت: يا أمير المؤمنين انى قد أشفقت عليك من
طول القيام فراحة ساعة؟ ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال لي: يا حبة ان هو الا
محادثة مؤمن أو مؤانسة، قال: قلت: يا أمير المؤمنين وانهم لكذلك؟ قال: نعم
ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين (3) يتحادثون، فقلت: أجسام أم أرواح؟
فقال: أرواح، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض الا قيل لروحه: الحقي
بوادي السلام وانها لبقعة من جنة عدن.

(1) التنين: الحية العظيمة.
(2) أي إلى ظهر الكوفة
(3) من احتبى بالثواب: اشتمل به. وقيل: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها
ليستند، إذ لم يكن للعرب في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها.
557

132 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن علي عن أحمد بن عمر
رفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ان أخي ببغداد وأخاف أن يموت بها؟ فقال:
ما يبالي حيث ما مات، اما انه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها الا حشر الله روحه
إلى وادى السلام، قلت له: وأين وادى السلام؟ قال: ظهر الكوفة، أما انى كأني
بهم حلق حلق قعود يتحدثون.
133 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط عن أبي
عبد الله عليه السلام قلت له: جعلت فداك يروون ان أرواح المؤمنين في حواصل
طيور (1) خضر حول العرش، فقال: لا، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في
حوصلة طير، لكن في أبدان كأبدانهم.
134 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن
مثنى الحناط عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان أرواح المؤمنين لفى شجرة
من الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها، ويقولون: ربنا أقم الساعة لنا و
انجز لنا ما وعدتنا وألحق آخرنا بأولنا.
135 - سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن درست بن أبي منصور عن ابن
مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة
في الجنة، تتعارف وتتسائل، فإذا قدمت الروح على الأرواح تقول: دعوها فإنها قد
أقبلت من هول عظيم، ثم يسألونها: ما فعل فلان وما فعل فلان؟ فان قالت لهم:
تركته حيا ارتجوه، وان قالت لهم: قد هلك قالوا: قد هوى هوى (2).
136 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن عثمان عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أرواح المؤمنين؟ فقال: في حجرات
في الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها، ويقولون: ربنا أقم لنا الساعة و

(1) الحواصل جمع الحوصلة وهي من الطير بمنزلة المعدة للانسان.
(2) قال المجلسي (ره): أي سقط إلى دركات الجحيم، إذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا.
558

انجز لنا ما وعدتنا والحق آخرنا بأولنا.
137 - على عن أبيه عن محسن بن أحمد عن محمد بن حماد عن يونس بن يعقوب
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا مات الميت اجتمعوا عنده يسألونه عمن مضى وعمن بقي
فإن كان مات ولم يرد عليهم قالوا: قد هوى هوى، ويقول بعضهم لبعض: دعوه حتى
يسكن مما مر عليه من الموت.
138 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن القاسم بن
محمد عن الحسين بن أحمد عن يونس بن ظبيان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال:
ما يقول الناس في أرواح المؤمنين؟ فقلت: يقولون: تكون في حواصل طيور خضر
في قناديل تحت العرش، فقال أبو عبد الله عليه السلام: سبحان الله المؤمن أكرم على الله من أن
يجعل روحه في حوصلة طير، يا يونس إذا كان ذلك أتاه محمد صلى الله عليه وآله وعلى و
فاطمة والحسن والحسين والملائكة المقربون عليهم السلام فإذا قبضه الله عز وجل
صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون، فإذا قدم عليهم القادم
عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا.
139 - محمد عن أحمد عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن أبي بصير
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انا نتحدث عن أرواح المؤمنين انها في حواصل طيور
خضر ترعى في الجنة وتأوى إلى قناديل تحت العرش؟ فقال: لا، اذن ما هي في حواصل
طير. قلت: فأين هي؟ قال: في روضة كهيئة الأجساد في الجنة.
140 - على عن أبيه عن أبي عمير عن محمد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سألته عن أرواح المشركين فقال: في النار يعذبون يقولون: ربنا لا تقم لنا الساعة ولا
تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا.
141 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن
مثنى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أرواح الكفار في نار جهنم يعرضون عليها
يقولون: ربنا لا تقم لنا الساعة ولا تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا.
559

142 - محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد باسناد له قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
شر بئر في النار برهوت الذي فيه أرواح الكفار.
143 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن
جعفر بن محمد الأشعري عن القداح عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال
أمير المؤمنين عليه السلام: شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت، وهو الذي بحضرموت ترده
هام الكفار. (1)
144 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن ن أبى نجران عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انما يسأل في قبره من محض الايمان محضا
أو محض الكفر محضا، وما سوى ذلك فيلهى عنه. (2)
145 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن أبي بكر
الحضرمي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يسأل في القبر الا من محض الايمان محضا أو
محض الكفر محضا، والآخرون يلهون عنهم.
146 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر
بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: لا يسأل في القبر الا من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا.
147 - عن أحمد بن محمد عن الحسين عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن

(1) هام جمع هامة وهي الصدى ورئيس القوم، والصدى الرجل اللطيف الجسد،
والجسد من الآدمي بعد موته، وطائر يخرج من رأس المقتول إذا بلى بزعم الجاهلية، و
كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير هامة فتطير على قبره والمراد بالهامة هنا أرواح الكفار
وأبدانهم المثالية، قاله المحدث الكاشاني (ره)
(2) قوله عليه السلام " محض الايمان. " محض على صيغة الفعل أي أخلص وقوله
عليه السلام: " فيلهى " ليس على معناه الحقيقي بل هو كناية عن عدم التعرض لهم في سؤال ما دون
الايمان والكفر، كذا في هامش المصدر.
560

هارون بن خارجة عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يسأل وهو مضغوط.
148 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن علي
بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيفلت (1) من ضغطة القبر
أحد؟ قال: فقال: نعوذ بالله منها، ما أقل من يفلت من ضغطة القبر، وهذا الحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
149 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن
عبد الله بن عبد الرحمان عن عبد الله بن القاسم عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي -
جعفر عليه السلام: أصلحك الله من المسؤولون في قبورهم؟ قال: من محض الايمان ومن
محض الكفر، قال: قلت فبقية هذا الخلق؟ قال: يلهو والله عنهم ما يعبأ بهم قال:
قلت: وعم يسألون؟ قال: عن الحجة القائمة بين أظهركم فيقال للمؤمن: ما تقول
في فلان بن فلان، فيقول: ذاك امامي، فيقال: نم أنام الله عينك، ويفتح له باب
من الجنة فلا يزال يتحفه من روحها إلى يوم القيامة، ويقال للكافر: ما تقول في
فلان بن فلان؟ قال: فيقول: قد سمعت به وما أدرى ما هو؟ قال: فيقال له: لا
دريت، قال: ويفتح له باب من النار فلا يزال ينفحه (2) من حرها إلى يوم القيامة.
150 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد وعلي بن إبراهيم
عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن ضريس الكناسي قال: سألت أبا
جعفر عليه السلام ان الناس يذكرون ان فراتنا يخرج من الجنة فكيف وهو يقبل من المغرب
وتصب فيه العيون والأودية؟ قال: فقال أبو جعفر عليه السلام وانا اسمع: ان لله جنة خلقها
الله في المغرب، وماء فراتكم يخرج منها واليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم
عند كل مساء، فتسقط على ثمارها وتأكل منها وتتنعم فيها وتتلاقى وتتعارف، فإذا
طلع الفجر هاجت من الجنة فكانت في الهواء فيهما بين السماء والأرض تطير ذاهبة و

(1) من الافلات أي يخلص.
(2) من نفح الريح: هبت وفى المصدر " يتحفه " وهو الأظهر بقرينة صدر الحديث.
561

جائية، وتعهد حفرها إذا طلعت الشمس وتتلاقى في الهواء وتتعارف، قال: وان لله
نارا في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار ويأكلون من زقومها ويشربون
من حميمها ليلهم، فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن يقال له: برهوت
أشد حرا من نيران الدنيا، كانوا فيه يتلاقون ويتعارفون، فإذا كان المساء عادوا
إلى النار، فهم كذلك إلى يوم القيامة، قال: قلت: أصلحك الله فما حال الموحدين
المقرين بنبوة محمد صلى الله عليه وآله من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم امام ولا
يعرفون ولايتكم؟ فقال: أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها فمن كان منهم
له عمل صالح ولم يظهر له عداوة فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها الله في المغرب فيدخل
عليه منها الروح في حفرته إلى يوم القيامة، فليقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته، فاما
إلى النار واما الجنة، فهؤلاء موقوفون لأمر الله قال وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله
والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم، فاما النصاب من أهل القبلة فإنهم
يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله عز وجل في المشرق فيدخل عليهم منها اللهب والشرور
والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة، ثم مصيرهم إلى الحميم " ثم في النار يسجرون
ثم قيل لهم أين ما كنتم تدعون من دون الله " أين امامكم الذي اتخذتموه دون الامام
الذي جعله الله للناس إماما.
151 - في عيون الأخبار في باب قول الرضا عليه السلام لأخيه زيد بن موسى حين افتخر
على من في مجلسه باسناده إلى إبراهيم بن محمد الثقفي قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول:
من أحب عاصيا فهو عاص، ومن أحب مطيعا فهو مطيع، ومن أعان ظالما فهو ظالم، و
من خذل ظالما فهو عادل، انه ليس بين الله وبين أحد قرابة ولا ينال أحد ولاية الله الا
بالطاعة ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبنى عبد المطلب: ايتونى باعمالكم لا بأحسابكم وأنسابكم
قال الله تبارك وتعالى: فإذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون
فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين
خسروا أنفسهم في جهنم خالدون.
562

152 - في تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق عليه السلام: لا يتقدم يوم القيامة أحد
الا بالاعمال، والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: أيها الناس ان العربية ليست
بأب والد (1) وانما هو لسان ناطق فمن تكلم به فهو عربي، الا انكم ولد آدم وآدم
من تراب وأكرمكم عند الله أتقاكم والدليل على ذلك قول الله: " فإذا نفخ في الصور
فلا انساب بينهم يؤمئذ ولا يتسائلون فمن ثقلت موازينه " قال: بالاعمال الحسنة " فأولئك هم
المفلحون * ومن خفت موازينه " قال: من تلك الأعمال الحسنة " فأولئك الذين
خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ".
153 - وفيه أيضا حدثني أبي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام ان
صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها عمر: غطى قرطك فان قرابتك من
رسول الله لا تنفعك شيئا، فقالت له: هل رأيت لي قرطا يا بن اللخناء، ثم دخلت على رسول
الله صلى الله عليه وآله فأخبرته بذلك وبكت فخرج رسول الله فنادى: الصلاة فاجتمع الناس فقال:
ما بال أقوام يزعمون قرابتي لا تنفع، لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في خارجكم
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
154 - في مجمع البيان وقال صلى الله عليه وآله: كل حسب ونسب منقطع الا حسبي
ونسبي.
155 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب في مناقب زين العابدين عليه السلام:
طاوس الفقيه: رأيته يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبد، فلما لم ير أحدا رمق إلى السماء
بطرفه (2) وقال: الهى غارت نجوم سماواتك، وهجعت (3) عيون أنامك وأبوابك
مفتحات للسائلين، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه محمد صلى الله عليه وآله في عرصات القيامة
ثم بكى وقال: وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك و

(1) وفى المصدر: ليست باب وجد ".
(2) رمقة: أطال النظر إليه.
) 3) هجع: نام
563

أنا بك شاك، ولا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض ولكن سولت لي نفسي وأعانني
على ذلك سترك المرخى به على، فأنا الان من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أعتصم
ان قطعت حبلك عنى، فوا سوأتاه غدا من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفين: جوزوا
وللمثقلين حطوا أم مع المخفين أجوز؟ أم مع المثقلين أحط؟ ويلي كلما طال عمري كثرت
خطاياي ولم أتب، أما آن لي أن أستحي من ربى، ثم بكى وأنشأ يقول:
أتحرقني بالنار يا غاية المنى * فأين رجائي ثم أين محبتي
أتيت بأعمال قباح ردية * وما في الورى خلق جنى كجنايتي
ثم بكى وقال: سبحانك تعصى كأنك لا ترى، وتحلم كأنك لم تعص، تتودد
إلى خلقك بحسن الصنيع كأن لك الحاجة إليهم، وأنت يا سيدي الغنى عنهم، ثم خر إلى
الأرض ساجدا قال: فدنوت منه وشلت رأسه (1) فوضعته على ركبتي وبكيت حتى
جرت دموعي على خده، فاستوى جالسا وقال: من الذي أشغلني عن ذكر ربى؟ فقلت له:
أنا طاوس يا ابن رسول الله ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن
عاصون جافون؟ أبوك الحسين بن علي وأمك فاطمة الزهراء وجدك رسول الله! قال: فالتفت
إلى وقال: هيهات هيهات يا طاوس دع عنى حديث أبي وأمي وجدى، خلق الله الجنة لمن أطاع
وأحسن ولو كان عبدا حبشيا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولدا قريشا، أما سمعت
قول الله تعالى: " فإذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون " والله لا ينفعك
غدا الا تقدمه تقدمها من عمل صالح.
156 - في أصول الكافي حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام جواب لرسالة طلحة
والزبير إليه عليه السلام وفيه: زعمتما إنكما أخوايد في الدين وابنا عمى في النسب، فاما النسب،
فلا أنكره وإن كان النسب مقطوعا الا ما وصله الله بالاسلام.
157 - في كتاب مقتل الحسين عليه السلام لأبي مخنف رحمه الله من كلامه عليه السلام في
موقف كربلاء: أما انا ابن بنت نبيكم صلوات الله عليه وآله؟ فوالله ما بين المشرق

(1) شال الشئ: نام.
564

والمغرب لكم ابن بنت نبي غيري، ومن اشعاره عليه السلام فيه أيضا:
انا ابن علي الحر من آل هاشم * كفاني بهذا مفخر حين أفخر
وفاطم أمي ثم جدي محمد * وعمى يدعى ذا الجناحين جعفر
ونحن ولاة الحوض نسقى محبنا * بكأس رسول الله ما ليس ينكر
إذا ما اتى يوم القيامة ظامئا * إلى الحوض يسقيه بكفيه حيدر
ومن أشعاره عليه السلام أيضا:
خيرة الله من الخلق أبى * بعد جدي فانا ابن الخيرتين
أمي الزهراء حقا وأبى * وارث العلم ومولى الثقلين
فضة قد صفيت من ذهب * فانا الفضة وابن الذهبين
والدي شمس وأمي قمر * فانا الكوكب وابن القمرين
عبد الله غلاما يافعا * وقريش يعبدون الوثنين (1)
من له جد كجدي في الورى؟ * أو كأمي من جميع المشرقين؟
خصه الله بفضل وتقى * فأنا الأزهر وابن الأزهرين
جوهر من فضة مكنونة * فانا الجوهر وابن الدرتين
جدي المرسل مصباح الدجى * وأبى الموفى له بالبيعتين
والذي خاتمه جاد به * حين وافى رأسه للركعتين
أيده الله بطهر طاهر * صاحب الامر ببدر وحنين
ذاك والله على المرتضى * ساد بالفضل على أهل الحرمين
158 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يذكر فيه أحوال القيامة وفيه: ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة، فأولئك لا يقيم
لهم يوم القيامة وزنا ولا يعبؤ بهم، لأنهم لم يعبأوا بأمره ونهيه يوم القيمة، فهم في جهنم
خالدون، تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون.

(1) يفع الغلام: راهق العشرين، وقيل: ترعرع وناهز البلوغ.
565

159 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: تلفح وجوههم النار قال:
تلهب عليهم فتحرقهم وهم فيها كالحون أي مفتوحي الفم متربدي الوجوه.
160 - في كتاب التوحيد باسناده إلى علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي -
عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ربنا غلبت علينا شقوتنا قال: بأعمالهم شقوا.
161 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل يذكر فيه أحوال المحشر يقول فيه وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله: ويشهد على
منافقي قومه وأمته وكفارهم بالحادهم وعنادهم ونقضهم عهوده، تغييرهم سنته
واعتدائهم على أهل بيته، وانقلابهم على أعقابهم وارتدادهم على أدبارهم، واحتذائهم في
ذلك سنة من تقدمهم من الأمم الظالمة الخائنة لأنبيائها، فيقولون بأجمعهم: " ربنا غلبت
علينا شقوتنا ".
162 - في تفسير علي بن إبراهيم - قالوا أخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون
قال اخسئوا فيها ولا تكلمون فبلغني والله أعلم انهم تداكوا بعضهم على بعض سبعين
عاما حتى انتهوا إلى قعر جهنم.
163 - في ارشاد المفيد رحمه الله باسناده إلى أم سلمة قالت: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول: إن عليا وشيعته هم الفائزون.
164 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين إلى أن
قال: ومن قرأ مأة آية كتب من الفائزين.
165 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: قال كم لبثتم في الأرض عدد
سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسئل العادين قال: سئل الملائكة الذين
يعدون علينا الأيام ويكتبون ساعاتنا وأعمالنا التي اكتسبنا فيها.
166 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه
قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فقلت له: لم خلق الله الخلق؟ فقال:
566

ان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى، بل خلقهم لاظهار قدرته، و
ليكلفهم طاعته، فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة
بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم.
167 - وباسناده إلى مسعدة بن زياد قال: قال رجل لجعفر بن محمد عليهما السلام:
يا أبا عبد الله انا خلقنا للعجب؟ قال: وما ذلك لله أنت؟ قال: خلقنا للفناء؟ فقال: مه
يا ابن (1) خلقنا للبقاء، وكيف [تفنى] جنة لا تبيد (2) ونار لا تخمد، ولكن انما
تتحول من دار إلى دار.

(1) كذا في النسخ بياض بعد لفظة " يا بن " لكن في المصدر هكذا " يا بن أخ. اه "
(2) لا تبيد: أي لا نهلك
567

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: حصنوا
أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النور، وحصنوا بها نسائكم، فان من أدمن قرائتها في كل
يوم أو في كل ليلة لم يزن أحد (1) من أهل بيته أبدا حتى يموت، فإذا مات شيعه إلى
قبره سبعون ألف ملك، كلهم يدعون ويستغفرون له حتى يدخل في قبره.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة النور
أعطى من الاجر عشر حسنات، بعدد كل مؤمنة ومؤمن فيما مضى وفيما بقي.
3 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تنزلوا النساء الغرف، ولا تعلموهن الكتابة
وعلموهن المغزل وسورة النور.
4 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم
رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تعلموا نساءكم سورة يوسف، ولا تقرؤهن
إياها، فان فيها الفتن وعلموهن سورة النور فان فيها المواعظ.
5 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن
عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء، وتصديق ذلك ان الله
عز وجل أنزل عليه في سورة النساء: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا
عليهن أربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله
لهن سبيلا " والسبيل الذي قال الله عز وجل: سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها
آيات بينات لعلكم تذكرون الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة
ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفى بعض النسخ و " لم بزر أحدا ".
568

عذابهما طائفة من المؤمنين
6 - في تهذيب الأحكام يونس بن عبد الرحمن عن سماعة عن أبي بصير قال
قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يرجم الرجل والمرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهداء، على
الجماع والايلاج والادخال كالميل في المكحلة.
7 - يونس بن عبد الرحمن عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحر
والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مأة جلدة، فأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم.
8 - عنه عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الرجم في القرآن قوله
تعالى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنها قضيا الشهوة.
9 - عنه عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المحصن يرجم والذي قد أملك ولم
يدخل بها يجلد مأة جلدة ونفى سنة.
10 - علي بن إبراهيم عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن
قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في الشيخ والشيخة ان يجلدا مأة
وقضى للمحصن الرجم، وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مأة، ونفى سنة في غير
مصرهما، وهما اللذان قد أملكا ولم يدخل بها.
11 - محمد بن يحيى عن إبراهيم عن صالح بن سعيد عن محمد بن حفص عن
عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ثم رجما عقوبة
لهما، وإذا زنى النصف من الرجال رجم ولم يجلد إذا كان قد أحصن، وإذا زنى الشاب
الحديث السن جلد ونفى سنة من مصره.
12 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن إبراهيم بن الفضل عن
أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا زنى المجنون أو المعتوه (1) جلد الحد
وإن كان محصنا رجم قلت: وما الفرق بين المجنون والمجنونة والمعتوه والمعتوهة؟
* (هامش *) (1) عته عتها: نقص عقله من غير جنون.
569

فقال: المرأة انما تؤتى والرجل يأتي وانما يأتي إذا عقل كيف يأتي اللذة والمرأة
انما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها.
13 - في تفسير علي بن إبراهيم والزنا على وجوه والحد فيه على وجوه،
فمن ذلك أنه أحضر عمر بن الخطاب ستة نفر أخذوا بالزنا، فأمر ان يقام على كل
واحد منهم الحد وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه جالسا عند عمر، فقال: يا عمر
ليس هذا حكمهم، قال: فأقم أنت عليهم الحد، فقدم واحدا منهم فضرب عنقه،
وقدم الثاني فرجمه، وقدم الثالث فظربه الحد، وقدم الرابع فظربه نصف الحد، وقدم
الخامس فعزره، وأطلق السادس، فتعجب عمر وتحير الناس! فقال عمر: يا أبا الحسن
ستة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمس عقوبات وأطلقت واحدا ليس منها حكم
يشبه الاخر؟ فقال: نعم اما الأول فكان ذميا زنى بمسلمة فخرج عن ذمته فالحكم
فيه بالسيف، واما الثاني فرجل محصن زنى فرجمناه، واما الثالث فغير محصن حددناه
واما الرابع فرق زنى ضربناه نصف الحد، واما الخامس فكان منه ذلك الفعل بالشبهة
فعزرناه وأدبناه، واما السادس مجنون مغلوب على عقله سقط من التكليف.
14 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
أبان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: يضرب الرجل الحد قائما، والمرأة قاعدة،
ويضرب كل عضو وترك الرأس والمذاكير.
15 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن إسحاق بن عمار
قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الزاني كيف يجلد؟ قال: أشد الجلد قلت: فمن
فوق ثيابه؟ قال: بل يخلع ثيابه، قلت: فالمفترى؟ قال: يضرب بين الضربين
جسده كله فوق ثيابه.
16 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار
قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الزاني كيف يجلد؟ قال: أشد الجلد، فقلت: فوق
الثياب؟ فقال: بل يجرد.
570

17 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: وليشهد عذابهما يقول: ضربهما طائفة من المؤمنين يجمع لهما الناس إذا
جلدوا.
18 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن ابن محبوب عن حماد بن زياد
عن سليمان بن خالد وذكر حديثا طويلا ثم قال: عنه عن محمد بن يحيى عن غياث بن
إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله عز وجل: " ولا تأخذكم
بهما رأفة في دين الله " قال: في إقامة الحدود وفى قوله تعالى: " وليشهد عذابهما طائفة
من المؤمنين " قال: الطائفة واحد.
19 - في عوالي اللئالي وعن الباقر عليه السلام أن أقل الطائفة الحاضرة للحد هي الواحد.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: لحد الزنا شروط وتفاصيل واحكام ولذلك
مدارك، وهي مذكورة في محالها فلتطلب من هناك.
20 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن
عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: وانزل بالمدينة: الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة والزانية
لا ينكحها الا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين فلم يسم الله الزاني مؤمنا،
ولا الزانية مؤمنة، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس يمترى فيه أهل العلم أنه قال: لا يزنى
الزاني حين يزنى وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، فإنه إذا
فعل ذلك خلع عنه الايمان كخلع القميص.
21 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي -
نصر عن داود بن سرحان عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:
" الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة " قال: هن نساء مشهورات بالزنا، ورجال مشهورون
بالزنا، شهروا به وعرفوا به والناس اليوم بذلك المنزل، فمن أقيم عليه حد الزنا أو
571

متهم بالزنا لم ينبغ لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة.
22 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل
عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " الزاني لا
ينكح الا زانية أو مشركة " فقال: كن نسوة مشهورات بالزنا، ورجال مشهورون
بالزنا، قد عرفوا بذلك والناس اليوم بتلك المنزلة، فمن أقيم عليه حد زنى أو شهر به
لم ينبغ لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة.
23 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي عن أبان بن عثمان
عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " الزاني لا ينكح الا زانية أو
مشركة " قال: هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مشهورين بالزنا،
فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء والناس اليوم على تلك المنزلة، من شهر شيئا من
ذلك أو أقيم عليه الحد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته.
24 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها انها كانت زنت،
قال: إن شاء زوجها أن يأخذ الصداق ممن زوجها، ولها الصداق بما استحل من
فرجها وان شاء تركها.
25 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن
الميثمي عن أبان عن حكم بن حكيم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " والزانية
لا ينكحها الا زان أو مشرك " قال: انما ذلك في الجهر، ثم قال: لو أن انسانا زنى
ثم تاب تزوج حيث شاء.
26 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل قال: سأل
رجل أبا الحسن الرضا عليه السلام وانا أسمع: عن رجل تزوج المرأة متعة ويشترط عليها
الا يطلب ولدها، فتأتي بعد ذلك بولد فشدد في إنكار الولد، وقال: أتجحده اعظاما
لذلك؟ فقال الرجل: فان اتهمها؟ فقال: لا ينبغي لك أن تتزوج الا مؤمنة أو مسلمة،
572

فان الله عز وجل يقول: " الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها
الا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ".
ورواه في الاستبصار كذلك الا ان في: لا ينبغي لك ان تتزوج الا مأمونة
ان الله تعالى يقول.. الخ.
27 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن
عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ونزل بالمدينة: والذين يرمون المحصنات ثم لم
يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا وأولئك هم
الفاسقون الا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فان الله غفور رحيم فبرأه الله
ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالايمان، قال الله عز وجل: " أفمن كان
مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون " وجعله الله منافقا فقال الله عز وجل: " ان المنافقين
هم الفاسقون " وجعله الله عز وجل من أولياء إبليس قال: " الا إبليس كان من الجن
ففسق عن أمر ربه " وجعله ملعونا فقال: " ان الذين يرمون المحصنات الغافلات لعنوا في
الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا
يعملون " وليست تشهد الجوارح على مؤمن أنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب،
فاما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، قال الله عز وجل: " فأما من أوتي كتابه بيمينه
فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا ".
28 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: القاذف يجلد ثمانين جلدة ولا يقبل له شهادة أبدا الا بعد التوبة أو
يكذب نفسه.
29 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن أشيم عمن رواه من أصحابنا
عن أبي عبد الله عليه السلام انه قيل له: لم جعل في الزنا أربعة من الشهود وفى القتل شاهدان؟
فقال: ان الله عز وجل أحل لكم المتعة، وعلم أنها ستنكر عليكم، فجعل الأربعة
573

الشهود احتياطا لكم لولا ذلك لأتى عليكم، وقل ما يجتمع أربعة شهادة بأمر واحد.
30 - حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار
عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن علي بن أحمد بن محمد عن أبيه عن إسماعيل بن
حماد عن أبي حنيفة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيهما أشد الزنا أم القتل؟ قال:
فقال: القتل، قال: فقلت: فما بال القتل جاز فيه شاهدان ولا يجوز في الزنا الا
أربعة؟ فقال لي: ما عندكم فيه يا أبا حنيفة؟ قال قلت: ما عندنا فيه الا حديث عمر ان الله
أجرى في الشهادة كلمتين على العباد قال ليس كذلك يا أبا حنيفة ولكن الزنا فيه حدان ولا
يجوز أن يشهد كل اثنين على واحد، لان الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد،
والقتل انما يقام الحد على القاتل، ويدفع عن المقتول.
31 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: سألت عن رجل افترى على قوم جماعة قال: إن أتوا به مجتمعين
ضرب حدا واحدا، وان اتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حد.
32 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن ابان عن عثمان
عن الحسن العطار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل قذف قوما؟ قال: قال: بكلمة
واحدة؟ قلت: نعم قال: يضرب حدا واحدا، فان فرق بينهم بالقذف ضرب لكل
واحد منهم حدا.
33 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن حمران عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل افترى على قوم جماعة؟ قال: فقال: ان اتوا به مجتمعين
ضرب حدا واحدا، وان أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل حدا - عنه عن سماعة عن أبي
عبد الله عليه السلام مثله.
34 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار
عن إلى الحسن عليه السلام قال: يجلد المفترى ضربا بين الضربين يضرب جسده كله.
35 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن زرعة عن سماعة قال: سألته
574

عن شهود الزور قال: فقال: يجلدون حدا ليس له وقت، وذلك إلى الامام ويطاف بهم
حتى يعرفهم الناس، واما قول الله عز وجل: ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا الا الذين تابوا
قال: قلت: كيف تعرف توبته؟ قال: يكذب نفسه على رؤس الخلايق حتى يضرب و
يستغفر ربه، وإذا فعل فقد ظهرت توبته.
36 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد وحماد عن القاسم
ابن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقذف الرجل فيجلد حدا ثم يتوب
ولا يعلم منه الا خيرا أتجوز شهادته؟ قال: نعم، ما يقال عندكم؟ قلت: يقولون: توبته
فيما بينه وبين الله، ولا تقبل شهادته ابدا فقال: بئس ما قالوا كان أبى يقول: إذا تاب
ولم يعلم منه الا خير جازت شهادته.
37 - في تهذيب الأحكام سهل بن زياد عن ابن محبوب عن نعيم بن إبراهيم
عن عباد البصري عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إذا قذف الرجل الرجل فقال:
انه ليعمل عمل قوم لوط ينكح الرجال؟ قال: يجلد حد القاذف ثمانين جلدة.
38 - الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن أبي مريم
الأنصاري قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل هل يجلد؟ قال:
لا وذاك لو أن رجلا قذف الغلام لم يجلد.
39 - سهل بن زياد عن أبي نصر عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
في الرجل يقذف الصبية يجلد؟ قال: لا حتى تبلغ.
40 - الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن عبيد بن زرارة قال سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: أو أتيت برجل قذف عبدا مسلما بالزنا لا يعلم منه الا خيرا لضربته الحد
حد الحر الا سوطا.
41 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين، وقال: هذا من حقوق الناس.
42 - أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال: سئلته عن المملوك يفترى
575

على الحر؟ قال: عليه ثمانون قلت: فإذا زنى؟ قال: يجلد خمسين.
43 - يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام انه نهى
عن قذف من ليس على الاسلام الا أن يطلع على ذلك منهم، وقال: أيسر ما يكون
أن يكون قد كذب.
44 - محمد بن الحسن الصفار عن الحسين بن علي عن يونس بن عبد الرحمان عن أبي
بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك ما تقول في الرجل
يقذف بعض جاهلية العرب؟ قال: يضرب الحد ان ذلك يدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله.
45 - في عيون الأخبار في باب ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في
جواب مسائله في العلل: وعلة ضرب القاذف وشارب الخمر ثمانين جلدة لان في القذف
نفى الولد وقطع النسل، وذهاب النسب، وكذلك شارب الخمر لأنه إذا شرب هذى، و
إذا هذى افترى فوجب حد المفترى.
46 - في الاستبصار عن إسماعيل بن زياد عن الصادق والباقر عليهما السلام
ان عليا عليه السلام قال: ليس بين خمس نساء وأزواجهن ملاعنة، إلى قوله: والمجلود في
الفرية، لان الله تعالى يقول: " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ".
47 - في مجمع البيان " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون *
الا الذين تابوا " واختلف في هذا الاستثناء إلى ماذا يرجع؟ على قولين: أحدهما انه يرجع
إلى الفسق خاصة دون قوله: " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا " فيزول عنه اسم الفسق بالتوبة، و
لا تقبل شهادته إلى قوله: والاخر أن الاستثناء يرجع إلى الامرين، فإذا تاب قبلت
شهادته حد أو لم يحد عن ابن عباس إلى قوله: وقول أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: لحد القذف وأحكام كثيرة ومدارك
تطلب من محالها.
48 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي -
نصر عن المثنى عن زرارة قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: والذين
576

يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الا أنفسهم قال: هو القاذف الذي يقذف امرأته
فإذا قذفها ثم أقر أنه كذب عليها جلد الحد، وردت إليه امرأته، وان أبى الا أن يمضى
فليشهد عليها أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين، والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان
من الكاذبين، وان أرادت ان تدرء عن نفسها العذاب - والعذاب هو الرجم - شهدت أربع
شهادات بالله انه لمن الكاذبين، والخامسة ان غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن لم
تفعل رجمت وان فعلت درأت عن نفسها الحد، ثم لا تحل له إلى يوم القيامة، قلت:
أرأيت ان فرق بينهما ولهما ولد فمات؟ قال ترثه أمه، وان ماتت أمه ورثه أخواله، و
من قال: إنه ولد زنا جلد الحد، قلت: يرد إليه الولد إذا أقر به؟ قال: لا ولا كرامة
ولا يرث الابن ويرثه الابن.
49 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن سيف عن محمد بن سليمان عن أبي -
جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له: كيف صار الزوج إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع
شهادات بالله؟ وكيف لا يجوز ذلك لغيره وصار إذا قذفها غير الزوج جلد الحد ولو كان
ولدا أو أخا؟ فقال: قد سئل جعفر عليه السلام عن هذا فقال: الا ترى انه إذا قذف الزوج
امرأته قيل له: وكيف علمت أنها فاعلة؟ فان قال: رأيت ذلك منها بعيني كانت شهادته
أربع شهادات بالله، وذلك أنه قد يجوز للرجل أن يدخل المدخل في الخلوة التي لا
يصلح لغيره أن يدخلها، ولا يشهدها ولد ولا والد في الليل والنهار، فلذلك صارت
شهادته أربع شهادات إذا قال: رأيت ذلك بعيني، وإذا قال: انى لم أعاين صار قاذفا
وضرب الحد الا أن يقيم عليها البينة وان زعم غير الزوج إذا قذف وادعى انه رآه بعينه قيل
له: وكيف رأيت ذلك وما أدخلك ذلك المدخل الذي رأيت فيه هذا وحدك؟ أنت
متهم في دعواك، فان كنت صادقا فأنت في حد التهمة، فلابد ممن أدبك بالحد الذي
أوجبه الله عليك، قال: وانما صارت شهادة الزوج أربع شهادات لمكان الأربعة شهداء
مكان كل شاهد يمين.
50 - في عوالي اللئالي روى في الحديث ان هلال بن أمية قذف زوجته بشريك
577

ابن السحماء فقال النبي صلى الله عليه وآله. البينة والا حد في ظهرك، فقال: والذي بعثك بالحق
انني لصادق وسينزل الله ما يبرئ ظهري من الجلد، فنزل قوله تعالى: " والذين
يرمون أزواجهم " الآية.
51 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن عبد الرحمن
ابن الحجاج قال: إن عباد البصري سئل أبا عبد الله عليه السلام وانا حاضر: كيف يلاعن الرجل
المرأة فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا
رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فوجد مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع؟
قال: فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله فانصرف الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى
بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند الله عز وجل بالحكم فيهما فأرسل رسول
الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك الرجل فدعاه فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال: نعم
فقال له: انطلق فأتني بامرأتك: فان الله قد انزل الحكم فيك وفيها، قال: فأحضرها
زوجها فأوقفهما رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله انك لمن
الصادقين فيما رميتها، قال: فشهد ثم قال له: اتق الله فان لعنة الله شديدة، ثم قال له:
اشهد الخامسة ان لعنة الله عليك ان كنت من الكاذبين، قال: فشهد قال: فأمر به فنحى
ثم قال للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به قال:
فشهدت ثم قال لها: أمسكي فوعظها وقال لها: اتقى الله فان غضب الله شديد ثم قال لها:
اشهدي الخامسة ان غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، قال:
فشهدت ففرق بينهما وقال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما.
52 - الحسن بن محبوب عن عباد بن صهيب عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أوقفه
الامام للعان فشهد شهادتين ثم نكل فاكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللعان، قال:
يجلد حد القاذف ولا يفرق بينه وبين امرأته.
53 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إذا قذف الرجل امرأته فإنه لا يلاعنها حتى يقول: رأيت بين رجليها رجلا
578

يزنى بها، قال: وسئل عن الرجل يقذف امرأته؟ قال: يلاعنها ثم يفرق بينهما فلا تحل
له أبدا، فإذا أقر على نفسه قبل الملاعنة جلد حدا وهي امرأته، قال: وسألته عن
المرأة الحرة يقذفها زوجها وهو مملوك؟ قال: يلاعنها، قال: وسألته عن الحر تحته
أمة فيقذفها قال: يلاعنها قال: وسئلته عن الملاعنة التي يرميها زوجها وينتفى من ولدها و
يلاعنها ويفارقها ثم يقول بعد ذلك: الولد ولدى ويكذب نفسه؟ فقال: اما المرأة فلا ترجع
إليه ابدا، واما الولد فانى أرده إليه إذا ادعاه ولا أدع ولده وليس له ميراث ويرث الابن
الأب ولا يرث الأب الابن ويكون ميراثه لأخواله، فإن لم يدعه أبوه فان أخواله يرثونه
ولا يرثهم، وان دعاه أحد ابن الزانية جلد الحد.
54 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي عن ابان عن محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون الملاعنة ولا ايلاء الا بعد الدخول.
55 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الحر بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال: نعم وبين المملوك
والحرة وبين العبد والأمة وبين المسلم واليهودية والنصرانية ولا يتوارثان ولا يتوارث
الحر والمملوكة.
56 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي ومحمد بن
مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل قذف امرأته وهي خرساء قال: يفرق بينهما.
57 - محمد بن يحيى عن العمركي بن علي عن علي بن جعفر عن أخيه أبى الحسن
عليه السلام قال: سألته عن رجل لاعن امرأته فحلف أربع شهادات بالله ثم نكل في الخامسة قال: إن
نكل في الخامسة فهي امرأته وجلد، وان نكلت المرأة عن ذلك إذا كانت اليمين
عليها فعليها مثل ذلك، قال: وسألته عن الملاعنة قائما يلاعن أو قاعدا قال: الملاعنة
وما أشبهها من قيام.
58 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث من كن فيه كان
579

منافقا وان صام وصلى وزعم أنه مسلم، من إذا اؤتمن خان، وان حدث كذب، وإذا وعد
اخلف، ان الله عز وجل قال في كتابه: " ان الله لا يحب الخائنين " وقال:
ان لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين وفى قوله تعالى: " واذكر في الكتاب إسماعيل انه
كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ".
59 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: " والذين يرمون أزواجهم "
إلى قوله تعالى: " إن كان من الصادقين " فإنها نزلت في اللعان، وكان سبب ذلك أنه
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك جاء إليه عويمر بن ساعدة العجلاني وكان من
الأنصار فقال: يا رسول الله ان امرأتي زنى بها شريك بن السمحاء وهي منه حامل،
فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله فأعاد عليه القول فاعرض عنه حتى فعل ذلك أربع مرات،
فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله منزله فنزل عليه آية اللعان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وصلى
بالناس العصر وقال لعويمر: أتيني بأهلك فقد أنزل الله عز وجل فيكما قرآنا، فجاء إليها
فقال لها: رسول الله يدعوك وكانت في شرف من قومها فجاء معها جماعة فلما دخلت المسجد
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعويمر: تقدم إلى المنبر والتعنا، فقال: كيف اصنع؟ فقال: تقدم
وقل: اشهد بالله انى لمن الصادقين فيما رميتها به، فتقدم وقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أعدها فأعادها حتى فعل ذلك أربع مرات، فقال له في الخامسة: عليك لعنة الله ان
كنت من الكاذبين فيما رميتها به، فقال له في الخامسة، ان لعنة الله عليه إن كان من
الكاذبين فيما رماها به (1) ثم قال رسول الله صلى الله: ان اللعنة موجبة ان كنت كاذبا.
ثم قال له: تنح فتنحى ثم قال لزوجته: تشهدين كما شهد والا أقمت عليك حد الله
فنظرت في وجوه قومها فقالت: لا اسود هذه الوجوه في هذه العشية فتقدمت إلى المنبر
وقالت: اشهد بالله ان عويمر بن ساعدة من الكاذبين فيما رماني، فقال لها رسول الله:
أعيديها فاعادتها حتى اعادتها أربع مرات فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: العني نفسك في

(1) كذا في النسخ وفى المصدر هكذا: " فقال له في الخامسة: عليك لعنة الله ان كنت
من الكاذبين فيما رميتها به، فقال: والخامسة ان لعنة الله... اه ".
580

الخامسة إن كان من الصادقين فيما رماك به فقالت في الخامسة ان غضب الله عليها إن كان
من الصادقين فيما رماني به، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ويلك انها موجبة ان كنت
كاذبة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لزوجها: اذهب فلا تحل لك أبدا قال: يا رسول الله
فمالى الذي أعطيتها؟ قال: إن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه، وان كنت صادقا فهو
لها بما استحللت من فرجها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان جاءت بالولد أحمش الساقين
أخفش العينين جعد قطط (1) فهو للامر السيئ وان جاءت به أشهل أصهب (2) فهو لأبيه
فيقال انها جاءت به على الامر السيئ فهذه لا تحل لزوجها وان جاءت بولد لا يرثه أبوه و
ميراثه لامه وان لم يكن له أم فلأخواله، وان قذفه أحد جلد حد القاذف.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: لتحقق اللعان شروط وله مسائل وأحكام و
مدارك، فمن أرادها فليطلبها من محالها.
60 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: ان الذين جاؤوا بالإفك
عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم فان لعلة روت انها نزلت في
عائشة وما رميت به في غزوة بنى المصطلق من خزاعة، واما الخاصة فإنهم رووا انها نزلت
في مارية القبطية وما رمتها به عائشة حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عيسى عن
الحسن بن علي بن فضال قال: حدثني عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقول: لما هلك إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه حزنا شديدا فقالت عائشة: ما الذي
يحزنك عليه؟ ما هو الا ابن جريح، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا صلوات الله عليه وأمره بقتله،
فذهب على صلوات الله عليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حائط، فضرب على
باب البستان فأقبل جريح له ليفتح الباب، فلما رآى عليا صلوات الله عليه عرف في وجهه
الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان، فوثب علي عليه السلام على الحائط ونزل إلى

(1) الأحمش: الدقيق الساقين. والخفش: صغر العين وضعف البصر خلقة. والجعد
من الشعر: ما فيه النواء وتقبض أو القصير منه. والقطط: القصير الجعد من الشعر.
(2) الشهل: ان يشوب سواد العين زرقة، والأصهب: ما يخالط بياض شعره حمرة.
581

البستان واتبعه وولى جريح مدبرا، فلما خشي ان يرهقه (1) صعد في نخلة وصعد على
في اثره فلما دنى منه رمى بنفسه ممن فوق النخلة فبدت عورته، فإذا ليس له ما للرجال
ولا له ما للنساء، فانصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له: يا رسول الله إذا بعثتني
في الامر أكون كالمسمار المحمى في الوبر أم أثبت، قال: لا بل تثبت، قال: والذي
بعثك بالحق ما له ما للرجال وما له ما للنساء، فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء
أهل البيت.
61 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: لا تدع اليقين بالشك، والمكشوف
بالخفي، ولا تحكم على ما لم تره بما يروى لك عنه، وقد عظم الله عز وجل أمر الغيبة و
سوء الظن باخوانك من المؤمنين، فكيف بالجرأة على اطلاق قول واعتقاد بزور و
بهتان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، قال الله تعالى: إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون
بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم.
62 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن
موسى بن جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك الرجل من اخواني بلغني عنه الشئ
الذي أكرهه فسأله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات؟ فقال لي: يا محمد
كذب سمعك وبصرك عن أخيك، وان شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قول فصدقه
وكذبهم، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به، وتهدم به مروته، فتكون من الذين قال الله
عز وجل: ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم
في الدنيا والآخرة.
في روضة الكافي سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن محمد
ابن الفضيل عن أبي الحسن الأول عليه السلام مثل ما في كتاب ثواب الأعمال.
63 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض
أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من

(1) ارهقه: أدركه.
582

الذين قال الله عز وجل: " ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم
عذاب أليم ".
64 - وباسناده إلى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من أذاع فاحشة كان كمبتديها.
65 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من قال في مؤمن ما لا رأته ولا سمعت أذناه كان من الذين قال الله عز وجل:
" ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا
والآخرة ".
66 - في أمالي الصدوق رحمه الله حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا أيوب بن نوح قال: حدثنا
محمد بن أبي عمير قال: حدثني محمد بن حمران عن الصادق جعفر بن محمد عليهما
السلام قال: من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو ممن قال جل جلاله:
" ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة ".
67 - في مجمع البيان - لا تتبعوا خطوات الشيطان وروى عن علي عليه السلام
خطئات بالهمز.
68 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أو يؤتوا أولى القربى وهم قرابة
رسول الله صلى الله عليه وآله واليتامى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا
يقول: يعفو بعضكم عن بعض، ويصفح بعضكم بعضا، فإذا فعلتم كانت رحمة من الله لكم
يقول الله عز وجل: الا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم.
69 - في مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله: " ولتعفوا ولتصفحوا " بالتاء
كما روى بالياء أيضا.
70 - في نهج البلاغة من كلام له عليه السلام على سبيل الوصية: ان أبق فانا ولى
583

دمى، وان أفن فالفناء ميعادي وان أعف فالعفو لي قربة ولكم حسنة فاعفوا ألا تحبون
ان يغفر الله لكم.
71 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب في مناقب زين العابدين عليه السلام وكان
إذا دخل شهر رمضان يكتب على غلمانه ذنوبهم حتى إذا كان آخر ليلة دعاهم، ثم
أظهر الكتاب وقال: يا فلان فعلت كذا ولم أؤدبك؟ فيقرون أجمع فيقوم وسطهم و
يقول لهم: ارفعوا أصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين ربك قد أحصى عليك ما عملت كما
أحصيت علينا ولديه كتاب ينطق بالحق ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة، فاذكر ذل مقامك بين
يدي ربك الذي لا يظلم مثال ذرة وكفى بالله شهيدا، فاعف واصفح يعف عنك المليك لقوله
تعالى: " وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم " ويبكى وينوح.
72 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق
عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسن بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام
حديث طويل يقول فيه: ونزل بالمدينة: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا وأولئك هم الفاسقون * الا
الذين تابوا منم بعد ذلك واصلحوا فان الله غفور رحيم " فبرأه الله ما كان مقيما على
الفرية من أن يسمى بالايمان، قال الله عز وجل: " أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا
يستوون " وجعله الله عز وجل من أولياء إبليس قال: " الا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر
ربه " وجعله ملعونا فقال: ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في
الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم
بما كانوا يعملون وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت عليه
كلمة العذاب، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عز وجل: " فاما من أوتي كتابه
بيمينه فأولئك يقرأون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ".
73 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: واجعل ذهابك
ومجيئك في طاعة الله، والسعي في رضاه، فان حركاتك كلها مكتوبة في صحيفتك،
584

قال الله عز وجل: " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ".
74 - في روضة الكافي أحمد بن محمد عن علي بن الحسن الميثمي عن محمد
ابن عبد الله عن زرارة عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول لرجل من الشيعة: أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
75 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن الحسن بن علي عليهما السلام
حديث طويل يقول فيه - وقد قام من مجلس معاوية وأصحابه بعد ان القمهم الحجر -:
الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات هم والله يا معاوية أنت وأصحابك هؤلاء
وشيعتك والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤن مما يقولون لهم
مغفرة ورزق كريم هم علي بن أبي طالب وأصحابه وشيعته.
76 - في مجمع البيان قيل في معناه أقوال إلى قوله الثالث: الخبيثات من النساء
للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء
للطيبين من الرجال والطيبون من الرجال للطيبات من النساء، عن أبي مسلم والجبائي وهو
المروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قال: هي مثل قوله: " الزاني لا ينكح الا
زانية أو مشركة " الا ان أناسا هموا أن يتزوجوا منهن فنهاهم الله عن ذلك وكره ذلك لهم.
77 - في كتاب الخصال عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إذا طاب قلب المرء طاب جسده، وإذا خبث القلب خبث الجسد.
78 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد مرفوعا عن
عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:
لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها قال الاستيناس
وقع النعل والتسليم.
79 - في مجمع البيان عن أبي أيوب الأنصاري قال: قلنا: يا رسول الله ما
الاستيناس؟ قال: يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة يتنحنح على أهل البيت
585

80 - وعن سهل بن سعيد قال: اطلع رجل في حجرة من حجر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
رسول الله ومعه مدرى (1) يحك رأسه: لو أعلم انك تنظر لطعنت به في عينيك، انما
الاستيذان من النظر.
81 - وروى أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله: أستأذن على أمي؟ فقال: نعم، قال: إنها
ليس لها خادم غيري أفأستأذن عليها كما دخلت؟ قال: أتحب أن تراها عريانة؟
قال الرجل: لا، قال: فاستأذن عليها.
82 - وروى أن رجلا استأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله فتنحنح فقال صلى الله عليه وآله لامرأة
يقال لها روضة: قومي إلى هذا فعلميه وقولي له: قل: السلام عليكم أأدخل؟ فسمعها
الرجل فقالها، فقال: ادخل.
83 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني علي بن الحسين قال: حدثني أحمد بن أبي
عبد الله عن أبيه عن ابان عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
الاستيناس وقع النعل والتسليم.
84 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن هارون
ابن الجهم عن جعفر بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نهى رسول الله ان يدخل الرجل
على النساء الا بإذن أوليائهن.
85 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب الخزاز
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الابن،
قال: ويستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوجتين.
86 - أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يستأذن على أبيه؟ فقال: نعم، وقد كنت استأذن على
أبى وليست أمي عنده، وانما هي امرأة انى توفيت أمي وانا غلام وقد يكون من خلوتهما
ما لا أحب ان أفجأهما عليه، ولا يحبان ذلك منى، والسلام أصوب وأحسن.

(1) المدرى: المشط.
586

87 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن إسماعيل بن مهران عن عبيد بن
معاوية بن شريح عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام عن
جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يريد فاطمة عليها السلام وانا
معه: فلما انتهيت إلى الباب وضع يده فدفعه ثم قال: السلام عليكم، فقالت فاطمة
عليها السلام: عليك السلام يا رسول الله، قال: أدخل؟ قالت: ادخل يا رسول الله،
قال: ادخل ومن معي؟ قالت: يا رسول الله ليس على قناع، فقال: يا فاطمة خذي فضل
ملحفتك فقنعي به رأسك ففعلت، ثم قال: السلام عليكم، فقالت: وعليك السلام يا
رسول الله، قال: أدخل؟ قالت: نعم يا رسول الله، قال: أنا ومن معي؟ قالت: ومن
معك، قال جابر: فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله ودخلت فإذا فاطمة عليها السلام أصفر كأنه
وجه جرادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما لي أرى وجهك أصفر؟ قالت: يا رسول الله
الجوع فقال صلى الله عليه وآله اللهم مشبع الجوعة ودافع الضيعة أشبع فاطمة بنت محمد، قال جابر:
فوالله لنظرت إلى الدم ينحدر من قصصها حتى عاد وجهها أحمر، فما جاعت بعد
ذلك اليوم.
88 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن جراح المدايني قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن دار فيها ثلاثة أبيات وليس لهن حجر؟ قال: انما الاذن على البيوت، ليس
على الدار اذن.
89 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم أدب الله عز وجل خلقه فقال: " يا أيها الذين
آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم " إلى قوله: " فلا تدخلوها حتى يؤذن " قال:
معناه وان لم تجدوا فيها أحدا يأذن لكم فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم.
90 - وفيه ثم رخص الله تعالى فقال: ليس عليكم جناح ان تدخلوا بيوتا
غير مسكونة فيها متاع لكم قال الصادق عليه السلام: هي الحمامات والخانات والأرحية
تدخلها بغير اذن، وقوله: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم
فإنه حدثني أبي عن محمد ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل آية
587

في القرآن في ذكر الفروج فهي من الزنا الا هذه الآية فإنها من النظر.
91 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا قال
فيه عليه السلام بعد ان قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه
عليها وفرقه فيها: وفرض على البصر ان لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، وان يعرض عما
نهى الله عنه مما لا يحل له، وهو عمله وهو من الايمان، فقال تبارك وتعالى: " قل
للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم، وان
ينظر المرء إلى فرج أخيه، ويحفظ فرجه أن ينظر إليه، وقال: وقل للمؤمنات
يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن من أن ينظر إحداهن إلى فرج
أختها، ويحفظ فرجها ممن ان ينظر إليها وقال: كل شئ في القرآن من حفظ الفرج
فهو من الزنا الا هذه الآية فإنها من النظر.
92 - في جوامع الجامع وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كنت عند النبي
صلى الله عليه وآله وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد ان أمرنا بالحجاب فقال: احتجبا
فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا؟ فقال: أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟.
93 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
سيف بن عميرة عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: استقبل شاب من الأنصار
امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت
نظر إليها ودخل في زقاق (1) قد سماه يعنى فلان، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه
عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على
ثوبه وصدره، فقال: والله لاتين رسول الله صلى الله عليه وآله ولأخبرنه، قال: فأتاه فلما رآه
رسول الله قال له: ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرئيل عليه السلام بهذه الآية: " قل للمؤمنين يغضوا
من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ان الله خبير بما يصنعون ".

(1) الزقاق: السكة.
588

94 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد
ابن الحنفية: وفرض على البصر ان لا ينظر إلى ما حرم الله عز وجل عليه، فقال عز من
قائل: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " محرم أن ينظر أحد
إلى فرج غيره.
95 - في كتاب الخصال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
ما للرجل ان يرى من المرأة إذا لم تكن له بمحرم؟ قال: الوجه والكفين و
القدمين.
96 - وفى قال النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام: يا علي أول نظرة لك والثانية
عليك لا لك.
97 - وفيه أيضا فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: ليس في البدن شئ
أقل شكرا من العين، فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر الله إذا تعرى الرجل
نظر الشيطان وطمع فيه فاستتروا، ليس للرجل ان يكشف ثيابه عن فخذيه ويجلس
بين قوم، لكم أول نظرة إلى المرأة فلا تتبعوها بنظرة أخرى واحذروا الفتنة، إذا
رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله فان عند أهله مثل ما رأى، ولا يجعلن للشيطان
على قلبه سبيلا ليصرف بصره عنها، فإذا لم تكن له زوجة فليصل ركعتين ويحمد الله
كثيرا، ويصلى على النبي وآله ثم يسأل الله من فضله فإنه يبيح له برحمته ما يغنيه.
98 - عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل عين باكية
يوم القيامة الا ثلاثة أعين: عين بكت من خشية الله، وعين غضت من محارم الله، وعين
باتت ساهرة في سبيل الله.
99 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة لا يشبعن من أربعة: الأرض من المطر و
العين من النظر، الحديث.
علي بن الحسين بن علي قال: قال أمير المؤمنين عليهم السلام للشامي الذي
سأله عن المسائل في جامع الكوفة: أربعة لا يشبعن من أربعة وذكر كالسابق.
589

100 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سلم من نساء أمتي من
أربع خصال فلها الجنة، إذا حفظت ما بين رجليها، وأطاعت زوجها، وصلت خمسها،
وصامت شهرها.
101 - في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت
الرضا عليه السلام عن الرجل أيحل له أن ينظر إلى شعر أخت امرأته؟ فقال: لا الا أن تكون
من القواعد، قلت له: أخت امرأته والعربية سواء؟ قال: نعم، قلت: فما لي النظر
إليه منها فقال: شعرها وذراعها، وقال: ان أبا جعفر مر بامرأة محرمة وقد استترت
بمروحة على وجهها فأماط المروحة (1) بقضيبه عن وجهها.
102 - وباسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الرجل ما
يصلح له ان ينظر إليه من المرأة التي لا تحل له؟ قال: الوجه والكف وموضع السوار.
103 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم
عن علي بن سويد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: انى مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة
يعجبني النظر إليها؟ فقال لي: يا علي لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق، وإياك
والزنا فإنه يمحق البركة ويهلك الدين.
104 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا حرمة لنساء أهل الذمة ان ينظر إلى شعورهن وأيديهن.
105 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن مروك بن عبيد عن
بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة
إذا لم يكن محرما؟ قال: الوجه والكفان والقدمان.
106 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن عباد
ابن صهيب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا بأس بالنظر إلى رؤس أهل تهامة و

(1) أماط عنه الشئ: ابعده.
590

الاعراب وأهل السواد والعلوج، لأنهم إذا نهوا لا ينتهون (1) قال: والمجنونة و
المغلوبة على عقلها، لا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك.
107 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن
محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أينظر
إليها؟ قال: نعم يشتريها بأعلى الثمن.
108 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحماد بن
عثمان وحفص بن البختري كلهم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بأن ينظر الرجل
إلى وجهها ومعاصمها (2) إذا أراد أن يتزوجها.
109 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن ابن مسكان
عن الحسن بن علي السرى قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يريد ان يتزوج
المرأة يتأملها وينظر إلى خلفها والى وجهها؟ قال: لا باس بأن ينظر الرجل إلى
المرأة إذا أراد أن يتزوجها ينظر إلى خلفها والى وجهها.
110 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن
الفضل عن أبيه عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أينظر الرجل إلى المرأة
يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها؟ قال: لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا.
111 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعبد الله ابني محمد عن علي بن
الحكم عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن المملوك يرى شعر مولاته: قال: لا بأس.
112 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن
ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام المملوك يرى شعر مولاته

(1) قال في مرآة العقول: لعل ارجاع ضمير المذكر للتجوز أو التغليب أو المراد ان
رجالهن إذا نهوا عن كشفهن وأمروا بسترهن لا ينتهون ولا يأتمرون.
(2) المعاصم جمع المعصم: موضع السوار من الساعد.
591

وساقها؟ قال: لا بأس.
113 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن يونس بن عمار و
يونس بن يعقوب جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يحل للمرأة ان ينظر عبدها إلى شئ
من جسدها الا إلى شعرها غير متعمد لذلك.
114 - وفى رواية أخرى: لا بأس ان ينظر إلى شعرها إذا كان مأمونا.
115 - أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن القاسم
ابن عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى:
الا ما ظهر منها قال: الزينة الظاهرة الكحل والخاتم.
116 - الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله تعالى: " ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها "
قال: الخاتم والمسكة وهي القلب (1).
117 - في جوامع الجامع فالظاهرة لا يجب سترها وهي الثياب إلى قوله:
وعنهم عليهم السلام الكفان والأصابع.
118 - في مجمع البيان وفى تفسير علي بن إبراهيم الكفان والأصابع.
119 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها فهي الثياب والكحل والخاتم، وخضاب
الكف والسوار، والزينة ثلاث: زينة للناس، وزينة للمحرم، وزينة للزوج، فاما
زينة الناس فقد ذكرناها، واما زينة المحرم فوضع القلادة فما فوقها، والدملج وما
دونه، والخلخال وما أسفل منه، وما زينة الزوج فالجسد كله.
120 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن
جميل عن الفضيل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذارعين من المرأة هما من

(1) المسك - بالتحريك -: الذبل والأسورة والخلاخيل من القرون والعاج. و
القلب - بالضم - السوار.
592

الزينة التي قال الله تعالى: " ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن "؟ قال: نعم وما دون الخمار
من الزينة، وما دون السوارين.
121 - في مجمع البيان الا لبعولتهن أي أزواجهن يبدين مواضع
زينتهن لهم، استدعاء لميلهم وتحريكا لشهوتهم، فقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن
السلتاء من النساء والمرهاء، فالسلتاء التي لا تخضب، والمرهاء التي لا تكتحل، ولعن
عليه السلام المسوفة والمفسلة، فالمسوفة التي إذا دعاها زوجها إلى المباشرة قالت: سوف
أفعل، والمفسلة هي التي إذا دعاها قالت: أنا حائض وهي غير حائض.
122 - في مجمع البيان أو نسائهن يعنى النساء المؤمنات، ولا يحل لها أن
تتجرد ليهودية أو نصرانية أو مجوسية الا إذا كانت أمة، وهو معنى قوله: أو ما ملكت
ايمانهن أي من الإماء عن ابن جريج والمجاهد والحسن وسعيد المسيب قالوا:
ولا يحل للعبد أن ينظر إلى شعر مولاته، وقيل معناه العبيد والإماء، وروى ذلك
عن أبي عبد الله عليه السلام.
123 - في من لا يحضره الفقيه وروى حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية والنصرانية، فإنهن يصفن ذلك
لأزواجهن.
124 - في الكافي محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان وأبو علي الأشعري
عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن زرارة قال: سألت أبا
جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال إلى آخر
الآية قال: الأحمق الذي لا يأتي النساء.
125 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمد عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن
عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال: سألته عن أولى الإربة من الرجال؟ قال: الأحمق
المولى عليه الذي لا يأتي النساء.
126 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن
593

جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه
عليهم السلام قال: كان بالمدينة رجلان يسمى أحدهما هيت (1) والاخر مانع، فقالا
لرجل - ورسول الله صلى الله عليه وآله يسمع -: إذا فتحتم الطائف إن شاء الله فعليكم بابنة غيلان الثقفية
فإنها شموع بخلاء مبتلة هيفاء شنباء إذا جلست تثنت وإذا تكلمت غنت تقبل بأربع وتدبر
بثمان (2) بين رجليها مثل القدح، فقال النبي صلى الله عليه وآله: لا أراكما من أولى الإربة
من الرجال، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وآله فغرب بهما إلى مكان يقال له العرايا، فكانا
يتسوفان في كل جمعة.
127 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: أو التابعين غير أولى -
الإربة من الرجال فهو الشيخ الفاني الذي لا حاجة له في النساء.
128 - في مجمع البيان " أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال " اختلف في
معناه فقيل: التابع الذي يتبعك لينال من طعامك شيئا، ولا حاجة له في النساء وهو
الأبله المولى عليه عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام

(1) هيت - بالمثناة التحتانية أولا والفوقانية ثانيا على ما ضبطه أهل الحديث: مخنث
نفاه رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة.
(2) في هامش المصدر: الشموع كصبور: المزاح. والمبتلة - كمعظمة -: الجميلة
التامة الخلق، والتي لم يركب بعض لحمها بعضا، ولا يوصف به الرجل، والهيف - بالتحريك -
: ضمر البطن ورقة الخاصرة. والشب - محركة -: عذوبة في الأسنان. وفى بعض النسخ
" شيناء " بالمثناة التحتانية أولا والنون ثانيا وهو كما في القاموس: الحسناء، والنثى: رد
بعض الشئ على بعض، وفى بعض النسخ " تنبت " بالمثناة الفوقانية أولا والياء الموحدة ثانيا
والنون أخيرا: وهو تباعد ما بين الفخذين، والمراد بالأربع اليدان والرجلان وبالثمان
هي مع الكتفين والأليتين واقبالها بأربع كناية عن سرعتها في الاتيان وقبولها الدعوة، و
ادبارها بثمان كناية عن بطؤها ويأسها من حاجتها فيها. وفى بعض النسخ " فعزب " بالعين
المعجمة والزاي أي بعد.
594

129 - وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون وفى الحديث
انه عليه السلام قال: يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فانى أتوب إلى الله تعالى في كل يوم مأة
مرة أورده مسلم في الصحيح.
130 - في الكافي باسناده إلى عاصم بن حميد قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
فاتاه رجل فشكا إليه الحاجة، فأمره بالتزويج قال: فاشتدت به الحاجة فاتى أبا عبد الله
عليه السلام فسأله عن حاله، فقال له: اشتدت بي الحاجة، قال: ففارق ثم اتاه فسأله عن حاله
قال: أثريت وحسن حالي (1) فقال أبو عبد الله عليه السلام: انى أمرتك بأمرين أمر الله
بهما، قال الله عز وجل: وانكحوا الأيامى منكم إلى قوله والله واسع عليم وقال:
" ان يتفرقا يغن الله كلا من سعته ".
131 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله الجاموراني عن
الحسن بن علي بن أبي حمزة عن عبد المؤمن عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
الحديث الذي يرويه الناس ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج
ففعل، ثم أتاه فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج حتى أمره ثلاث مرات؟ فقال
أبو عبد الله عليه السلام: هو حق ثم قال: الرزق من النساء والعيال.
132 - عنه عن الجاموراني عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن محمد بن يوسف
التميمي عن محمد بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
ترك التزويج مخافة العيلة (2) فقد أساء ظنه بالله عز وجل، ان الله عز وجل يقول: إن
يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله.
133 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن جرير عن
وليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء
الظن بالله.

(1) اثرى فلان: كثر ماله واستغنى.
(2) العيلة: الفقر.
595

134 - محمد بن يحيى عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى عن علي بن
الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وشكى إليه
الحاجة فقال: تزوج، فتزوج فوسع عليه.
135 - علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اتى رسول الله صلى الله عليه وآله شاب من الأنصار
فشكى إليه الحاجة، فقال له: تزوج فقال الشاب: انى لأستحيي ان أعود إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله فلحقه رجل من الأنصار فقال: ان لي بنتا وسيمة (1) فزوجها إياه قال:
فوسع الله عليه فاتى الشاب النبي صلى الله عليه وآله فأخبره، فقال رسول الله: يا معشر الشباب
عليكم بالباه (2)
136 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن القداح قال
قال أبو عبد الله عليه السلام: ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها الأعزب.
عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح
عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.
137 - علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن محمد بن خالد عن الجاموراني
عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن كليب بن معاوية الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تزوج أحرز نصف دينه، وفى حديث آخر: فليتق الله في النصف الآخر
أو الباقي.
138 - وعنه عن محمد بن علي عن محمد بن خالد عن محمد الأصم عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رذال موتاكم العزاب.
139 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمار عن عبد الله بن سنان عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: لما لقى يوسف عليه السلام أخاه قال: يا اخى كيف استطعت ان تتزوج

(1) الوسيمة: الحسنة الوجه.
(2) الباه: النكاح.
596

النساء بعدى؟ قال: إن أبى امرني قال: إن استطعت أن يكون لك ذرية تثقل
الأرض بالتسبيح فافعل.
140 - علي بن محمد بن بندار وغيره عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن ابن
فضال وجعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى أبى -
عبد الله عليه السلام فقال: هل لك من زوجة؟ فقال: لا فقال أبى: وما أحب ان لي الدنيا وما فيها
وانى بت ليلة وليست لي زوجة، ثم قال: لركعتان يصليهما رجل متزوج أفضل من رجل
أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره، ثم أعطاه أبى سبعة دنانير ثم قال: تزوج بهذه، ثم
قال أبى: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتخذوا الأهل فإنه أرزق لكم.
141 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن محمد بن أبي عمير عن حريز عن
الوليد قال: قال أبو عبد الله: من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن بالله عز وجل
ان الله عز وجل يقول: " ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ".
142 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن علي بن فضال عن
ثعلبة بن ميمون عن عمر بن أبي بكار عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله زوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وانما
زوجه لتتضع المناكح، وليتأسوا برسول الله صلى الله عليه وآله، وليعلموا ان أكرمهم
عند الله أتقاهم.
143 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن
هشام بن سالم عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله زوج المقداد بن الأسود
ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ثم قال: انما زوجها المقداد لتتضع المناكح،
وليتأسوا برسول الله صلى الله عليه وآله، وليعلموا ان أكرمكم عند الله أتقاكم، وكان الزبير أخا
عبد الله وأبي طالب لأبيهما وأمهما.
144 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله
عن محمد بن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله زوج
597

ضبيعة بنت الزبير بن عبد المطلب من مقداد بن الأسود، فتكلمت في ذلك بنو هاشم
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انى انما أردت أن تتضع المناكح.
145 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن طلحة الصيرفي قال:
سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جده
عليهم السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إياكم وخضراء الدمن (1) قيل: يا رسول الله
وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء.
146 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن
جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم الكرخي
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن
أتزوج، فقال: انظر أين تضع نفسك، ومن تشرك في مالك وتطلعه على دينك وسترك
وأمانتك، فان كنت لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير، والى حسن الخلق.
واعلم أن النساء خلقن شتى * فمنهن الغنيمة والغرام (2)
ومنهن الهلال إذا تجلى * لصاحبه ومنهن الظلام
فمن يظفر بصالحهن يسعد * ومن يغبن فليس له انتقام
وهن ثلاث: فامرأة ولود ودود تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته، ولا تعين الدهر
عليه، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق، ولا تعين زوجها على خير، وامرأة صخابة ولاجة
همازة (3) تستقل الكثير ولا تقبل اليسير.
147 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من أخبار هذه المجموعة

(1) قال الجزري: فيه إياكم وخضراء الدمن: الدمن جمع دمنة وهي ما تدمنه
الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها، أي تلبده في مرابضها، فربما نبت فيها النبات الحسن النضير.
(2) كذا في النسخ، وفى المصدر " الا ان النساء.. اه ".
(3) الصخابة، شديدة الصياح، والولاجة: كثيرة الدخول والخروج.
والهمازة: العيابة الطعانة.
598

وباسناده قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: للمرأة عشر عورات، فإذا زوجت استترت
لها عورة، وإذا ماتت تستر عوراتها كلها.
148 - في كتاب الخصال عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام
عليه السلام قال: ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله: رجل زوج أخاه
المسلم أو أخدمه أو كتم له سرا.
149 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة ينظر الله تعالى إليهم يوم القيامة: من
أقال نادما، أو أغاث لهفان، أو أعتق نسمة، أو زوج عزبا.
150 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: النساء أربع: جامع مجمع، وربيع مربع، وكرب مقمع،
وغل قمل (1).
151 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع من سنن المرسلين: العطر والنساء والسواك والحنا.
152 - وباسناده إلى زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا زيد تزوجت؟
قال: قلت: لا، قال: تزوج تستعف من عفتك ولا تتزوجن خمسا قال زيد: ما هن
يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تتزوجن شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هيدرة ولا لفوتا
قال زيد: يا رسول الله ما عرفت مما قلت شيئا وانى بأمرهن لجاهل، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: ألستم عربا؟ اما الشهبرة فالزرقاء البذية، واما اللهبرة فالطويلة المهزولة
واما النهبرة فالقصيرة الدميمة، واما الهيدرة فالعجوز المدبرة، واما اللفوت فذات
الولد من غيرك.

(1) قال الصدوق (ره) بعد ذكر الحديث: جامع مجمع أي كثيرة الخير مخصبة،
وربيع مربع التي في حجرها ولد وفى بطنها آخر، وكرب مقمع أي سيئة الخلق من زوجها،
وغل قمل أي هي عند زوجها كالغل القمل، وهو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله، فلا يتهيأ له
أن يحك منه شئ وهو مثل للعرب.
599

153 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الاعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله
عليه السلام قال قال رسول الله " تزوجوا الابكار فإنهن أطيب شئ أفواها، وأدر شئ اخلافا
وأفتح شئ أرحاما، أما علمتم انى أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط، يظل
محبنطئا على باب الجنة (1) فيقول الله عز وجل له: ادخل فيقول: لا حتى يدخل أبواي
قبلي. فيقول الله عز وجل لملك من الملائكة: أتيني بابويه فيأمر بهما إلى الجنة
فيقول: هذا بفضل رحمتي لك.
154 - في الكافي أبو علي الأشعري عن بعض أصحابه عن صفوان بن يحيى عن
معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: وليستعفف الذين لا يجدون
نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله قال: يتزوجوا حتى يغنيهم الله من فضله.
155 - في من لا يحضره الفقيه روى العلا عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله عز وجل: فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا قال: الخير أن يشهد
أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويكون بيده عمل يكتسب به أو يكون له حرفة.
156 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا " قال:
كاتبوهم ان علمتم لهم مالا.
157 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان
عن ابن مسكان عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ان علمتم فيهم
خيرا " قال: إن علمتم دينا ومالا.
158 - وباسناده عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن

(1) قال الجزري: في حديث السقط: يظل محبنطئا على باب الجنة، المحبنطئ
بالهمز وتركه: المتغضب المستبطئ للشئ، وقيل: هو الممتنع امتناع طلبه، لا امتناع
اباء " انتهى " وقال ابن منظور في اللسان: المحبنطئ: الممتلى غضبا، والنون والهمزة
والألف والباء زوائد للالحاق إلى أن قال: والمحبنطئ: اللازق بالأرض.
600

قوله: " فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا " قال: الخير ان علمت أن عنده مالا.
159 - علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي -
عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا " قال: كاتبوهم ان
علمتم لهم مالا.
160 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن
أخيه الحسن عن زرعة عن سماعة قال: سألته عليه السلام عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أنه
ليس له قليل ولا كثير، قال: يكاتبه وإن كان يسأل الناس، ولا يمنعه المكاتبة من
أجل أن ليس له مال، فان الله يرزق العباد بعضهم من بعض والمؤمن معان ويقال:
المحسن معان.
161 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن العلا بن الفضيل
عن أبي عبد الله عليه السلام قال في قوله عز وجل: " فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا وآتوهم من
مال الله الذي آتاكم " قال: تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد ان تنقصه ولا
تزيد فوق ما في نفسك، فقلت: كم؟ فقال: وضع أبو جعفر عليه السلام عن مملوك ألفا
من ستة آلاف.
162 - وباسناده عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن
قول الله عز وجل: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال: الذي ان تكاتبه عليه
لا تقول: أكاتبه بخمسة آلاف وأترك له ألفا، ولكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه.
163 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سألته عن قول الله عز وجل: " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " قال: سمعت أبي
يقول: لا يكاتبه على الذي أراد أن يكاتبه، ثم يزيد عليه ثم يضع عنه، ولكنه يضع
عنه مما نوى ان يكاتبه عليه.
164 - في تفسير علي بن إبراهيم ومعنى قوله: " وآتوهم من مال الله الذي
آتاكم " قال: إذا كاتبتهم تجعل لهم من ذلك شيئا.
601

165 - في مجمع البيان " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " من قال إنه خطاب
للسادة اختلفوا في قدر ما يجب فقيل يتقدر بربع المال عن الثوري وروى ذلك
عن علي عليه السلام.
166 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ولا تكرهوا فتياتكم
على البغاء ان أردن تحصنا قال: كانت العرب وقريش يشترون الإماء ويضعون عليهم
الضريبة الثقيلة ويقولون: اذهبوا وازنوا واكتسبوا، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك
فقال: " ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء " إلى قوله تعالى: " غفور رحيم " أي لا يؤاخذهن
الله تعالى بذلك إذا أكرهن عليه، وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: هذه
الآية منسوخة نسختها " فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ".
167 - في مجمع البيان في الشواذ قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير " من بعد
اكراههن لهن غفور رحيم " وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
168 - لتبتغوا عرض الحياة الدنيا قيل: إن عبد الله بن أبي كانت له ست جواري
يكرههن على الكسب بالزنا، فلما نزل تحريم الزنا أتين رسول الله صلى الله عليه وآله فشكون إليه
فنزلت الآية.
169 - في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن
محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الله بن القاسم عن
صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: الله نور
السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فاطمة عليها السلام فيها مصباح الحسن
المصباح في زجاجة الحسين الزجاجة كأنها كوكب درى فاطمة كوكب درى بين
نساء أهل الدنيا توقد من شجرة مباركة إبراهيم (ع) زيتونة لا شرقية ولا غربية
لا يهودية ولا نصرانية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور امام منها بعد امام
يهدى الله لنوره من يشاء يهدى الله للأئمة عليهم السلام من يشاء ويضرب الله الأمثال
للناس والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وستسمع تتمته عند قوله تعالى:
602

" أو كظلمات " الخ إن شاء الله تعالى.
170 - وباسناده إلى يعقوب بن سالم عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل و
فيه ان الله تعالى بعث إلى أهل البيت عليهم السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله من يعزيهم فسمعوا
صوته ولم يروا شخصه، فكان في تعزيته: جعلكم أهل بيت نبيه واستودعكم علمه و
أورثكم كتابه، وجعلكم تابوت علمه وعصى عزه، وضرب لكم مثلا من نوره.
171 - في كتاب التوحيد حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله
عن يعقوب بن يزيد عن العباس بن هلال قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل:
" الله نور السماوات والأرض " فقال: هادي لأهل السماوات وهادي لأهل الأرض، و
في رواية البرقي: هدى من في السماوات وهدى من في الأرض.
172 - وقد روى عن الصادق عليه السلام انه سئل عن قول الله عز وجل: " الله نور السماوات
والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح " فقال: هو مثل ضربه الله لنا، فالنبي والأئمة
صلوات الله عليهم من دلالات الله وآياته التي يهتدى بها إلى التوحيد، ومصالح الدين و
شرايع الاسلام والسنن والفرائض، ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
173 - وتصديق ذلك ما حدثنا به إبراهيم بن هارون الهيثي بمدينة السلام قال:
حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال: حدثنا الحسين بن أيوب عن محمد بن غالب عن
علي بن الحسين بن أيوب عن الحسين بن سليمان عن محمد بن مروان الذهلي عن الفضيل
ان يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " الله نور السماوات والأرض " قال: كذلك الله
عز وجل، قال: قلت: " مثل نوره " قال: محمد صلى الله عليه وآله قلت: " كمشكاة " قال:
صدر محمد صلى الله عليه وآله، قلت: " فيها مصباح " قال: فيه نور العلم يعنى النبوة، قلت: " المصباح
في زجاجة " قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قلب علي عليه السلام، قلت: " كأنها كوكب درى "
قال: لأي شئ تقرأ كأنها؟ قلت: فكيف جعلت فداك؟ قال: " كأنه " قلت: " توقد
من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية " قال: ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام لا يهودي ولا نصراني، قلت: " يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار " قال:
603

يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به، قلت: نور على نور " قال:
الامام في اثر الامام.
174 - وباسناده إلى عيسى بن راشد عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام
في قوله عز وجل: " كمشكاة فيها مصباح " قال: المشكاة نور العلم في صدر النبي
صلى الله عليه وآله " المصباح في زجاجة " الزجاجة صدر علي عليه السلام صار علم النبي إلى صدر
على، علم النبي عليا عليه السلام " الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة " قال:
نور العلم " لا شرقية ولا غربية " قال: لا يهودية ولا نصرانية " يكاد زيتها يضئ ولو لم
تمسسه نار " قال: يكاد العالم من آل محمد يتكلم بالعلم قبل أن يسأل " نور على نور " يعنى
إماما مؤيدا بنور العلم والحكمة في اثر الامام من آل محمد، وذلك من لدن آدم إلى أن
تقوم الساعة، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم الله عز وجل خلفاء في أرضه وحججه على
خلقه لا تخلو الأرض في كل عصر من واحد منهم.
175 - وباسناده إلى جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل:
" الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة " فالمشكوة صدر النبي صلى الله عليه وآله " فيها
مصباح " والمصباح هو العلم " في زجاجة " والزجاجة أمير المؤمنين عليه السلام وعلم
نبي الله عنده.
176 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم
عن إسحاق بن جرير قال سألتني امرأة ان ادخلها على أبى عبد الله عليه السلام فاستأذنت لها، فاذن لها
فدخلت ومعها مولاة لها، فقالت له: يا أبا عبد الله قول الله: " زيتونة لا شرقية ولا غربية "
ما عنى بهذا؟ فقال لها: أيتها المرأة ان الله لم يضرب الأمثال للشجر انما ضرب الأمثال
لبنى آدم.
محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن إسحاق بن جرير مثله
والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.
178 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن
604

عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال في حديث طويل: ثم إن رسول الله
صلى الله عليه وآله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي وهو قول الله عز وجل: " الله نور السماوات
والأرض " يقول: انا هادي السماوات والأرض مثل العلم الذي أعطيته ونوري الذي
يهتدى به " مثل المشكاة فيها المصباح " فالمشكوة قلب محمد صلى الله عليه وآله والمصباح
النور الذي فيه العلم وقوله: " المصباح في زجاجة " يقول: انى أريد ان أقبضك
فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة " كأنها كوكب درى "
فأعلمهم فضل الوصي " توقد من شجرة مباركة " فأصل الشجرة المباركة إبراهيم
صلى الله عليه وهو قول الله عز وجل: " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد "
وهو قول الله عز وجل: " ان الله اصطفى آدم وآل إبراهيم وآل عمران على
العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " " لا شرقية ولا غربية " يقول: لستم
بيهود فتصلوا قبل المغرب، ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق، وأنتم على ملة إبراهيم
صلى الله عليه وقد قال الله عز وجل: " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا
مسلما وما كان من المشركين " وقوله: " يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على
نور يهدى لنوره من يشاء " يقول: مثل أولادكم الذين يولدون مثل الزيت الذي
يعصر من الزيتون " يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره
من يشاء " يكادون ان يتكلموا بالنبوة وان لم ينزل عليهم ملك.
178 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى الصادق عليه السلام حديث طويل
يقول فيه: انا فرع من فرع الزيتونة، وقنديل من قناديل بيت النبوة، وأديب السفرة
وربيب الكرام البررة، ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نور النور، وصفو الكلمة
الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر.
179 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا حميد بن زياد عن محمد بن الحسين عن
محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام في هذه الآية:
" الله نور السماوات والأرض " قال: بدأ بنور نفسه " مثل نوره " مثل هداه في قلب المؤمن
605

" كمشكاة فيها مصباح " والمشكاة جوف المؤمن والقنديل قلبه والمصباح النور الذي
جعله الله في قلبه " توقد من شجرة مباركة " قال: الشجرة المؤمن " زيتونة لا شرقية ولا
غربية " قال: على سواد الجبل لا غربية أي لا شرق لها ولا شرقية أي لا غرب لها، إذا طلعت
الشمس طلعت عليها، وإذا غربت غربت عليها " يكاد زيتها يضئ " يكاد النور الذي جعله
الله في قلبه يضئ وان لم يتكلم " نور على نور " فريضة على فريضة وسنة على سنة " يهدى الله
لنوره من يشاء " يهدى الله لفرائضه وسننه من يشاء " ويضرب الله الأمثال للناس " فهذا مثل
ضربه الله للمؤمن ثم قال: فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور، مدخله نور، ومخرجه نور
وعلمه نور، وكلامه نور، ومصيره يوم القيامة إلى الجنة نور، قلت لجعفر عليه السلام: انهم
يقولون مثل نور الرب؟ قال: سبحان الله ليس لله مثل، قال الله: " فلا تضربوا لله
الأمثال ".
180 - قال علي بن إبراهيم رحمه الله في قول الله عز وجل: " الله نور السماوات و
الأرض " إلى قوله تعالى: " والله بكل شئ عليم " فإنه حدثني أبي عن عبد الله بن جندب قال:
كتبت إلى أبى الحسن الرضا صلوات الله عليه أسأله عن تفسير هذه الآية؟ فكتب إلى
الجواب: أما بعد فان محمدا صلى الله عليه وآله كان أمين الله في خلقه، فلما قبض النبي كنا أهل
البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه عندنا علم المنايا والبلايا وأنساب العرب ومولد
الاسلام، وما من فئة تضل مأة وتهدى مأة الا ونحن نعرف سائقها وقائدها وناعقها، وانا
لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وحقيقة النفاق، وان شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم
وأسماء آبائهم، أخذ الله عز وجل علينا وعليهم الميثاق، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا
ليس على ملة الاسلام (1) غيرنا وغيرهم إلى يوم القيامة، نحن الآخذون بحجزة نبينا
ونبينا الآخذ بحجزة ربنا، والحجزة النور وشيعتنا آخذون بحجزتنا، من فارقنا هلك
ومن تبعنا نجى، والمفارق لنا والجاحد لولايتنا كافر، ومتبعنا وتابع أوليائنا مؤمن

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفى نسخة " جملة " وفى أخرى " حملة " مكان
" ملة " ولا تخلو النسخ عن التصحيف.
606

لا يحبنا كافر ولا يبغضنا مؤمن، فمن مات وهو يحبنا كان حقا على الله ان يبعثه
معنا، نحن نور لمن تبعنا وهدى لمن اهتدى بنا، ومن لم يكن ما فليس من
الاسلام في شئ، بنا فتح الله الدين وبنا يختمه، وبنا أطعمكم الله عشب الأرض (1)
وبنا انزل الله قطر السماء، وبنا آمنكم الله عز وجل من الغرق في بحركم، ومن
الخسف في بربكم، وبنا نفعكم الله في حياتكم وفى قبوركم وفى محشركم وعند الصراط
وعند الميزان وعند دخولكم الجنان، مثلنا في كتاب الله عز وجل " كمثل مشكاة "
المشكاة في القنديل فنحن المشكاة " فيها مصباح " المصباح محمد صلى الله عليه وآله " المصباح
في زجاجة " من عنصره " الزجاجة كأنها كوكب درى توقد من شجرة مباركة زيتونة
لا شرقية ولا غربية " لا دعية ولا منكرة " يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار " القرآن " نور
على نور " امام بعد امام " يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل
شئ عليم " فالنور على صلوات الله عليه، يهدى لولايتنا من أحب وحق على الله أن يبعث
ولينا مشرقا وجهه، منيرا برهانه، ظاهرة عند الله حجته، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
181 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال:
حدثنا القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن منخل عن جابر عن أبي
جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه قال:
هي بيوت الأنبياء وبيت على منها.
182 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو حمزة الثمالي في خبر لما
كانت السنة التي حج فيها أبو جعفر محمد بن علي ولقيه هشام بن عبد الملك أقبل
الناس يتسائلون عليه فقال عكرمة: من هذا؟ عليه سيماء زهرة العلم لأخزينه، فلما
مثل بين يديه ارتعدت فرائصه وأسقط في أيدي أبى جعفر عليه السلام، وقال: يا بن رسول الله

(1) العشب - بالضم -: الكلاء الرطب في أول الربيع، ولا يقال له حشيش حتى يهيج
ويدخل فيه أحرار البقول وذكورها.
607

لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره، فما أدركني ما أدركني آنفا،
فقال له أبو جعفر عليه السلام: ويلك يا عبيد أهل الشام انك بين يدي بيوت أذن الله أن
ترفع ويذكر فيه اسمه.
183 - في عيون الأخبار في الزيارة الجامعة لجميع الأئمة عليهم السلام
المنقولة عن الجواد عليه السلام: خلقكم الله أنورا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا
بكم فجعلكم الله " في بيوت أذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه ".
184 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في باب اتصال الوصية من لدن
آدم عليه السلام باسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي
الباقر عليهما السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: انما الحجة في آل إبراهيم لقول الله
عز وجل: " ولقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " والحجة
الأنبياء وأهل بيوتات الأنبياء حتى تقوم الساعة لان كتاب الله ينطق بذلك، ووصية
الله جرت بذلك في العقب، من البيوت التي رفعها الله تبارك وتعالى على الناس، فقال:
" في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه " وهي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء
وأئمة الهدى.
185 - في روضة الكافي ابان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل: " في بيوت اذن الله ان ترفع " قال: هي بيوت النبي صلى الله عليه وآله.
186 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه
عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
وصل الله طاعة ولى أمره بطاعة رسوله، وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الامر
لم يطع الله ولا رسوله، وهو الاقرار بما انزل من عند الله عز وجل: " خذوا زينتكم عند
كل مسجد " والتمسوا البيوت التي اذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنه أخبركم انهم
رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون
يوما تتقلب فيه القلوب والابصار والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
608

187 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن
عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين
بكلمات: يقول: تعاهدوا الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها، وقد عرف حقها من
طرقها (1) وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع ولا قرة عين من مال
ولا ولد، يقول الله تعالى: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة "
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
188 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أسباط سالم
قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسألنا عن عمير بن مسلم ما فعل؟ فقلت: صالح ولكنه
قد ترك التجارة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: عمل الشيطان ثلاثا، أما علم أن رسول الله صلى الله عليه وآله
اشترى عيرا أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه وقسم في قرابته، يقول الله عز وجل:
" رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " إلى آخر الآية يقول القصاص: ان القوم
لم يكونوا يتجرون، كذبوا ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها وهو أفضل ممن
حضر الصلاة ولم يتجر.
189 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسين بن بشار عن رجل رفعه في
قول الله عز وجل: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " قال: هم التجار
الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، إذا دخل مواقيت الصلاة أدوا إلى الله
حقه فيها.
190 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن محمد بن
الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر عليه السلام لقتادة: من أنت؟ قال: انا قتادة
ابن دعامة البصري فقال له أبو جعفر عليه السلام: أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: نعم، فقال له
أبو جعفر: ويحك يا قتادة ان الله خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه، فهم أوتاد في

(1) قال المجلسي (ره) أي اتى بها ليلا، من الطروق بمعنى الاتيان بالليل، أي واظب
عليها في الليالي، وقيل: جعلها دأبه وصنعه.
609

أرضه قوام بأمره نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه، أظله عن يمين عرشه قال: فسكت
قتادة طويلا ثم قال: أصلحك الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام (1) فما اضطرب
قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك، فقال له أبو جعفر عليه السلام: أتدري أين أنت؟ بين
بين يدي " بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا
تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة " فأنت ثم ونحن أولئك
فقال له قتادة: صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
191 - في نهج البلاغة قال عليه السلام بعد ان ذكر الصلاة وحث عليها:
من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زينة متاع ولا قرة عين من ولد ولا مال، يقول الله
سبحانه: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة ".
192 - وفيه أيضا من كلام له عليه السلام عند تلاوته: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع
عن ذكر الله " وان للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلم يشغلهم تجارة ولا بيع عنه
يقطعون به أيام الحياة، ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين، ويأمرون
بالقسط ويأتمرون به، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه، كأنما قطعوا الدنيا إلى
الآخرة وهم فيها، فشاهدوا ما وراء ذلك، فكأنما أطلعوا غيوب أهل البرزخ في طول
الإقامة فيه، وحققت القيامة عليهم عذابها، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا حتى كأنهم
يرون ما لا يرى الناس، ويسمعون ما لا يسمعون.
193 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل: " لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " قال: كانوا أصحاب تجارة
فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة وهم أعظم أجرا ممن لا يتجر.
194 - في مجمع البيان " في بيوت " الآية وقيل: هي بيوت الأنبياء وروى ذلك
مرفوعا انه سئل النبي صلى الله عليه وآله لما قرأ الآية: أي بيوت هذه؟ فقال: بيوت الأنبياء، فقام

(1) كذا في النسخ والظاهر " قدامهم ".
610

أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ - لبيت على وفاطمة - قال: نعم من أفاضلها.
195 - وروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام انهم قوم إذا حضرت الصلاة
تركوا التجارة، وانطلقوا إلى الصلاة، وهم أعظم أجرا ممن لم يتجر والله سريع الحساب
وسئل أمير المؤمنين عليه السلام: كيف يحاسبهم في حالة واحدة؟ فقال: كما يرزقهم في
حالة واحدة.
196 - في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن
محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الله بن القاسم عن
صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " الله نور السماوات
والأرض " إلى قوله: قلت: أو كظلمات قال: الأول وصاحبه يغشاه موج
الثالث من فوقه موج ظلمات الثاني بعضها فوق بعض معاوية لعنه الله وفتن بنى أمية
إذا اخرج يده المؤمن في ظلمة فتنتهم لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا
إماما من ولد فاطمة عليها السلام فماله من نور امام يوم القيامة.
197 - محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي
الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: والذي بعث محمدا
صلى الله عليه وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شئ يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق
أو افلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه
قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الآبق؟ فقال: اقرأ: " أو
كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج " إلى قوله: " فمن لم يجعل الله له نورا
فما له من نور " فقرأ الرجل فرجع إليه الآبق، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
198 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن أبي جميلة عن عبد الله بن أبي يعفور
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اكتب للآبق في ورقة أو في قرطاس: بسم الله الرحمان الرحيم
يد فلان مغلولة إلى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من
611

نور، ثم لفها واجعلها بين عودين، ثم القها في كوة بيت مظلم في الموضع الذي
كان يأوى فيه.
199 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن
مالك عن محمد بن الحسين الصائغ عن الحسن بن علي عن صالح بن سهل قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عز وجل: " أو كظلمات " فلان وفلان " في بحر لجي
يغشاه موج " يعنى نعثل (1) " من فوقه موج " طلحة والزبير " ظلمات بعضها فوق بعض
معاوية ويزيد وفتن بنى أمية " إذا اخرج يده " في ظلمة فتنتهم " لم يكد يراها ومن لم
يجعل الله له نورا " يعنى إماما من ولد فاطمة عليها السلام " فما له من نور " فما له من امام
يوم القيامة يمشى بنوره كما في قوله تعالى: " يسعى نورهم بين أيديهم وبايمانهم " قال:
انما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم وبايمانهم حتى ينزلوا منازلهم
من الجنان.
200 - حدثني أبي عن بعض أصحابه يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين
صلوات الله عليه: ان لله ملكا في صورة الديك الأملح الأشهب، براثنه (2) في الأرضين
السابعة، وعرفه (3) تحت العرش له جناحان: جناح بالمشرق وجناح بالمغرب،
فأما الجناح الذي في المشرق فمن ثلج، واما الجناح الذي في المغرب فمن نار، فكلما
حضر وقت الصلاة قام على براثنه ورفع عرفه تحت العرش، ثم أمال أحد جناحيه
في الاخر يصفق بهما كما يصفق الديك في منازلكم، فلا الذي من الثلج يطفى النار ولا الذي
من النار يذيب الثلج، ثم ينادى بأعلى صوته: أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله خاتم النبيين وان وصيه خير الوصيين سبوح قدوس رب الملائكة و

(1) نعثل: اسم رجل كان طويل اللحية، وكان عثمان إذا نيل منه وعيب شبه بذلك،
قاله الجزري في النهاية والجوهري وغيرهما.
(2) براثن جمع البرثن وهو من السباع والطير بمنزلة الأصابع من الانسان.
(3) العرف: لحمة مستطيلة في أعلى رأس الديك.
612

الروح، فلا يبقى في الأرض ديك الا أجابه، وذلك قوله عز وجل: والطير صافات
كل قد علم صلاته وتسبيحه.
201 - وباسناده إلى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من طير
يصاد في بر ولا بحر ولا يصاد شئ من الوحش الا بتضييعه التسبيح.
202 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: جاء ابن الكواء إلى
أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين والله ان في كتاب الله آية قد أفسدت على قلبي
وشككتني في ديني؟ فقال له علي عليه السلام. ثكلتك أمك وعدمتك وما تلك الآية؟
قال: قول الله عز وجل: " والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه " فقال له أمير المؤمنين
عليه السلام: يا ابن الكواء ان الله تبارك وتعالى خلق الملائكة في صور شتى، الا ان لله تعالى
ملكا في صورة ديك أبلج أشهب، براثنه في الأرضيين السابعة السفلى وعرفه مثنى
تحت العرش، له جناحان: جناح في المشرق وجناح في المغرب، واحد من نار والاخر
من ثلج، فإذا حضر وقت الصلاة قام على براثنه ثم رفع عنقه تحت العرش، ثم صفق
بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم فلا الذي من النار يذيب الثلج، ولا الذي من الثلج
يطفئ النار فينادى أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا سيد النبيين، وان
وصيه سيد الوصيين، وان الله سبوح قدوس رب الملائكة والروح، قال: فتخفق
الديكة بأجنحتها في منازلكم فتجيبه عن قوله، وهو قوله عز وجل: " والطير صافات
كل قد علم صلاته وتسبيحه " من الديكة في الأرض.
203 - في من لا يحضره الفقيه وقال أبو جعفر عليه السلام: ان لله عز وجل ملكا
على صورة ديك أبيض رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة، له جناح في
المشرق وجناح في المغرب، لا تصيح الديوك حتى يصيح، فإذا صاح خفق بجناحيه،
ثم قال: سبحان الله سبحان الله سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شئ، قال: فيجيبه الله
عز وجل فيقول: لا يحلف بي كاذبا من يعرف ما تقول، وروى أن فيه نزلت: " والطير
صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ".
613

204 - في كتاب الإهليلجة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل يذكر فيه الرياح:
وبها يتألف المفترق، وبها يفترق الغمام المطبق حتى ينبسط في السماء كيف يشاء
مدبره، فيجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله بقدر معلوم لمعاش مفهوم، و
أرزاق مقسومة وآجال مكتوبة.
205 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وآله يذكر فيه عظمة الله جل -
جلاله قال عليه السلام بعد ان ذكر الأرضين السبع: والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم
والهواء والثرى بمن فيه ومن عليه عند السماء كحلقة في فلاة في (1) وهذا وسماء الدنيا
ومن فيها ومن عليها عند التي فوقها كحلقة في فلاة في، وهذا وهاتان السماءان
عند الثالثة كحلقة في فلاة في، وهذه الثلاث ومن فيهن ومن عليهن عند الرابعة كحلقة
في فلاة حتى انتهى إلى السابعة، وهذه السبع ومن فيهن ومن عليهن عند البحر المكفوف
عن أهل الأرض كحلقة في فلاة في، وهذه السبع والبحر المكفوف عند جبال البرد
كحلقة فلاة في، ثم تلا هذه الآية: وينزل من السماء من جبال فيها من برد.
في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمان بن أبي -
نجران عن صفوان عن خلف بن حماد عن الحسين بن زيد الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام عن
النبي صلى الله عليه وآله مثله.
206 - وفيها أيضا علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلمة عن مسعدة بن صدقة قال:
حدثني أبو عبد الله عليه السلام قال: قال لي أبى عليه السلام قال أمير المؤمنين: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ان الله عز وجل جعل السحاب غرابيل للمطر، هي تذيب البرد حتى يصير ماءا لكي لا يضر
شيئا يصيبه، والذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عز وجل يصيب بها من
يشاء من عباده، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
207 - في الكافي محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن علي بن أسباط عن أبيه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: البرد لا يؤكل لان الله عز وجل يقول: " يصيب به من يشاء ".

(1) القى: القفر من الأرض.
614

208 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: والله خلق كل دابة من ماء
أي من منى فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى عن رجلين ومنهم من
يمشى عن أربع يخلق الله ما يشاء ان الله على كل شئ قدير قال: على رجلين الناس
وعلى بطنه الحيات، وعلى أربع البهائم، وقال أبو عبد الله عليه السلام: ومنهم من يمشى على
أكثر من ذلك.
209 - في مجمع البيان قال البلخي: ان الفلاسفة تقول: كل ما له قوائم كثيرة
فان اعتماده إذا سعى على أربعة قوائم فقط، وقال أبو جعفر عليه السلام: ومنهم من يمشى على
أكثر من ذلك.
210 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ويقولون آمنا بالله و
بالرسول وأطعنا إلى قوله: وما أولئك بالمؤمنين فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير
عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليه السلام وعثمان، و
ذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: نرضى برسول
الله صلى الله عليه وآله فقال عبد الرحمن بن عوف: لا تحاكمه إلى رسول الله فإنه يحكم له عليك، و
لكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي، فقال عثمان لأمير المؤمنين عليه السلام: لا نرضى الا بابن
شيبة اليهودي، فقال ابن شيبة لعثمان: تأمنوا رسول الله على وحى السماء وتتهموه في
الاحكام؟ فأنزل عز وجل على رسوله: وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم
إلى قوله: أولئك هم الظالمون ثم ذكر أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال:
انما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا
سمعنا وأطعنا إلى قوله تعالى: فأولئك هم الفائزون.
211 - في مجمع البيان وحكى البلخي انه كانت بين علي عليه السلام وعثمان منازعة
في أرض اشتراها من علي عليه السلام، فخرجت فيها أحجار فأراد ردها بالعيب فلم
يأخذها، فقال: بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الحكم بن أبي العاص: ان حاكمته
إلى ابن عمه حكم له فلا تحاكمه إليه ونزلت الآيات وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام
615

أو قريب منه.
212 - وروى عن علي عليه السلام انه قرأ " قول المؤمنين " بالرفع " وأولئك هم
المفلحون " أي الفائزون بالثواب الظافرون بالمراد، وروى عن أبي جعفر عليه السلام ان
المعنى بالآية أمير المؤمنين عليه السلام.
213 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الله بن عجلان
قال: ذكرنا خروج القائم عليه السلام عند أبي عبد الله فقلت له: وكيف لنا نعلم ذلك؟
فقال: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة.
214 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: قل أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول فان تولوا فإنما عليه ما حمل قال: ما حمل النبي صلى الله عليه وآله من النبوة وعليكم ما
حملتم من الطاعة.
215 - في أصول الكافي باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام خطبة طويلة في وصف
النبي صلى الله عليه وآله وفيها: وادى ما حمل من أثقال النبوة.
216 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي نجران عن أبي -
جميلة عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معاشر قراء القرآن
اتقوا الله عز وجل فيما حملكم من كتابه فانى مسؤول وانكم مسؤولون، انى مسؤول
عن تبليغ الرسالة، واما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي.
217 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل جلاله: وعد الله الذين آمنوا
منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم
قال: هم الأئمة.
218 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: ولقد قال الله عز وجل في كتابه
لولاة الامر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " إلى قوله: " فأولئك هم الفاسقون "
616

يقول: استخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من
بعده حتى يبعث النبي الذي يليه يعبدوني لا يشركون بي شيئا يقول: يعبدونني بايمان
لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك فأولئك هم الفاسقون فقد مكن ولاة الامر بعد
محمد بالعلم ونحن هم، فاسألونا فان صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين، والحديث طويل
أخذنا منه موضع ا لحاجة.
219 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفي عن أبي
عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: واما ابطاء نوح عليه السلام: فإنه لما استنزل
العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرئيل روح الأمين معه سبع نوايات
فقال: يا نبي الله ان الله تبارك وتعالى يقول لك: ان هؤلاء خلايقي وعبادي لست أبيدهم
(1) بصاعقة من صواعقي الا بعد تأكيد الوعدة والزام الحجة، فعاود اجتهادك في
الدعوة لقومك، فانى مثيبك عليه واغرس هذا النوى فان لك في نباتها وبلوغها وادراكها
إذا أثمرت، الفرح والخلاص فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين، فلما نبتت الأشجار
وتأزرت وتسوقت وتغصنت وزهى الثمر (2) على ما كان بعد زمان طويل استنجز من الله
العدة، فأمر الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد،
ويؤكد الحجة على قومه، فأمر بذلك الطوائف التي آمنت به فأرتد منهم ثلاثمأة رجل،
وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثم إن الله تبارك وتعالى لم -
يزل يأمره عند كل مرة بان يغرسها مرة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت
تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا،
فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه وقال: يا نوح الان أسفر الصبح عن الليل بعينك! عن
صرح الحق محضه، وصفا الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة فلو انى أهلكت

(1) أباده: أهلكه.
(2) المؤازرة: أن يقوى الزرع بعضه بعضا فيلتف، والتأزير: التغطية والتقوية.
وتسوقت: أي قوى ساقها وتغصنت أي كثرت وقويت أغصانها وزهو الثمرة: احمرارها واصفرارها.
617

الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدى
السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوتك، فانى
استخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب
الشرك من قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الامر منى لهم مع ما
كنت اعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج
النفاق وشبوح الضلالة (1) فلوا انهم تنسموا من الملك الذي أرى المؤمنين (2) وقت
الاستخلاف وإذا أهلكت أعدائهم [لنشقوا] (3) روائح صفائه ولاستحكمت سرائر
نفاقهم وثارت خبال ملالة قلوبهم (4) ولكاشفوا اخوانهم بالعداوة، وحاربوهم
على طلب الرياسة، والتفرد بالامر والنهى، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار
الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وايقاع الحروب، كلا " فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا "
قال الصادق عليه السلام: وكذلك القائم فإنه تمتد أيام غيبته فيصرح الحق عن محضه
ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يختص
عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين، والامر المنتشر في عهد القائم، قال
الفضل: فقلت: يا ابن رسول الله فان هذه النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبى بكر

(1) شبوح جمع شبح - بالتحريك -: الشخص. وفى بعض النسخ " شيوخ الضلالة "
قال المجلسي (ره) أو بالسين المهملة والنون بمعنى الظهور، أو بالخاء المعجمة جمع سنخ
بالكسر بمعنى الأصل أو بمعنى الرسوخ وعلى التقادير لا يخلو من تكلف.
(2) كذا في النسخ وفى البحار: فلو أنهم تنسموا منى الملك الذي أوتي.. اه ".
وتنسم النسيم: تشممه، واحتمل بعض المحشين أن يكون مصحف تسنم أي ركب الملك وعلاه.
(3) نشقة: شمه.
(4) الخبال: الجنون والفساد، قال في البحار: والحاصل ان هذه الفتن لتخليص
المؤمنين عن النافقين وظهور ما كتموه من الشرك والفساد لكي لا يفسدوا في الأرض بعد ظهور
دولة الحق باختلاطهم بالمؤمنين.
618

وعمر وعثمان وعلي عليه السلام؟ فقال: لا يهدى الله قلوب الناصبة، متى كان الدين
الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الامر في الأمة وذهاب الخوف من قلوبها، و
ارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، وفى عهد علي عليه السلام مع ارتداد
المسلمين، والفتن التي كانت تثور في أيامهم، والحروب التي كانت تنسب إليهم
بين الكفار وبينهم.
220 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا
الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي
ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " نزلت في
القائم من آل محمد عليه وعلى آبائه السلام.
221 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه يقول بعد ذكر معائب الثلاثة وإمهال الله إياهم: كل ذلك لتتم النظرة التي
أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحق القول على
الكافرين، ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه، بقوله: " وعد الله الذين
آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " و
ذلك إذا لم يبق من السلام الا اسمه، ومن القرآن الا رسمه، وغاب صاحب الامر بايضاح العذر
له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون أقرب الناس إليه أشد عداوة له، وعند
ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها، ويظهر دين نبيه صلى الله عليه وآله على يديه على الدين كله ولو
كره المشركون.
222 - في كشف المحجة لابن طاوس رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه فاما الآيات اللواتي في قريش فهي قوله إلى قوله: والثانية: " وعد الله
الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات " إلى قوله: " هم الفاسقون ".
223 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره زيارة للحسين عليه السلام مروية عن أبي -
عبد الله عليه السلام وفيها: اللهم وضاعف صلواتك ورحمتك وبركاتك على عترة نبيك العترة
619

الضائعة الخائفة المستذلة، بقية الشجرة الطيبة الزاكية المباركة، وأعل اللهم كلمتهم
وافلج حجتهم واكشف البلاء واللاواء وحنادس الأباطيل (1) والغم عنهم، وثبت قلوب
شيعتهم وحزبك على طاعتهم ونصرتهم وموالاتهم، وأعنهم وامنحهم الصبر على
الأذى فيك، واجعل لهم أياما مشهودة وأوقاتا محمودة مسعودة توشك منها فرجهم، توجب
فيها تمكينهم ونصرتهم، كما ضمنت لأوليائك في كتابك المنزل فإنك قلت وقولك الحق -:
" وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين "
من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ولنبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا
يشركون بي شيئا ".
224 - في مجمع البيان " وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا " قيل: معناه: وليبدلنهم
من بعد خوفهم في الدنيا أمنا في الآخرة، ويعضده ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال حاكيا
عن الله سبحانه: انى لا أجمع على عبد واحد بين خوفين ولا بين أمنين، ان خافني في الدنيا
أمنته في الآخرة، وان أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة.
225 - واختلف في الآية، والمروى عن أهل البيت عليهم السلام انها في المهدى
من آل محمد
226 - وروى العياشي باسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام انه قرأ الآية و
قال: هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدى هذه الأمة، و
هو الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل
من عترتي اسمه اسمى يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، وروى مثل ذلك
عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات، النبي وأهل بيته.
227 - في جوامع الجامع قال عليه السلام: زويت لي الأرض (2) فأريت مشارقها

(1) اللاواء: الشدة والبلاء. والحنادس جمع الحندس: الليل المظلم.
(2) زوى الشئ: جمعه
620

ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها، وروى المقداد عنه عليه السلام أنه قال: لا يبقى
على الأرض بيت مدر ولا وبر الا أدخله الله كملة الاسلام بعز عزيز أو ذل ذليل، اما ان
يعزهم الله فيجعلهم من أهلها، واما أن يذلهم فيدينون بها.
228 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم
الذين ملكت ايمانكم إلى قوله: ثلاث عورات لكم قال: إن الله تبارك وتعالى نهى أن
يدخل أحد في هذه الثلاثة الأوقات على أحد، لا أب ولا أخت ولا أم ولا خادم لا بأذن، و
الأوقات بعد طلوع الفجر ونصف النهار وبعد العشاء الآخرة، ثم اطلق بعد هذه الثلاثة
الأوقات فقال: ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن يعنى بعد هذه الثلاثة الأوقات
طوافون عليكم بعضكم من بعض.
229 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه ومحمد بن
يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن القاسم
بن سليمان عن جراح المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " يستأذن الذين ملكت ايمانكم
والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات " كما أمركم الله عز وجل ومن بلغ الحلم فلا
يلج على أمه ولا على أخته ولا على خالته، ولا على ما سوى ذلك الا بإذن، فلا يأذنوا حتى
يسلموا، والسلام طاعة لله عز وجل، وقال أبو عبد الله عليه السلام: ليستأذن عليك خادمك إذا
بلغ الحلم في ثلاث عورات إذا دخل في شئ منهن ولو كان بيته في بيتك، قال: وليستأذن
عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة وحين يصبح وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة
انما أمر الله عز وجل بذلك للخلوة، فإنها ساعة عزة وخلوة.
230 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد
الحلبي عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ملكت ايمانكم
قال: هي خاصة في الرجال دون النساء، قلت: فالنساء يستأذن في هذه الثلاث ساعات
قال: لا ولكن يدخلن ويخرجن والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال: من أنفسكم
قال: عليكم استيذان كاستيذان من قد بلغ في هذه الثلاث ساعات.
621

231 - محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي -
عبد الله جميعا عن محمد بن عيسى عن يوسف بن عقيل عن محمد بن قيس عن أبي جعفر
عليه السلام قال: " ليستأذن الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث
مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث
عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعده طوافون عليكم ومن بلغ الحلم منكم "
فلا يلج على أمه ولا على أخته ولا على ابنته ولا على من سوى ذلك الا بإذن، ولا يأذن لاحد
حتى يسلم فان السلام طاعة الرحمن.
232 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن خلف بن حماد عن
ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام في قول ا لله عز وجل: " يا أيها الذين
آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات " قيل:
من هم؟ فقال: المملوكون من الرجال والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا يستأذنون
عليكم عند هذه الثلاث عورات، من بعد صلاة العشاء وهي العتمة، وحين تضعون ثيابكم
من الظهيرة، ومن قبل صلاة الفجر، ويدخل مملوككم وغلمانكم من بعد هذه
الثلاث عورات بغير اذن ان شاؤوا.
233 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى الزهري انه سمع سهل بن
سعد الساعدي يقول: اطلع رجل في حجرة من حجر النبي صلى الله عليه وآله ومعه مدرى يحك بها
رأسه، فقال: لو انى اعلم أن تنظر لطعنت به في عينك انما جعل الاستيذان من أجل النظر.
234 - في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب له الرضا عليه السلام إلى محمد بن
سنان في جواب مسائله في العلل: وحرم النظر إلى شعور النساء المحجوباب بالأزواج
إلى غيرهن من النساء، لما فيه من تهييج الرجال وما يدعو التهييج إليه من الفساد
والدخول فيما لا يحل، وكذلك ما أشبه الشعور الا الذي قال الله عز وجل:
والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن
غير الجلباب فلا بأس بالنظر إلى شعور مثلهن.
622

235 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " والقواعد من النساء اللاتي لا
يرجون نكاحا فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة " قال:
نزلت في العجائز اللاتي يئسن من المحيض والتزويج أن يضعن النقاب ثم قال: " وان
يستعففن خير لهن " أي لا يظهرن للرجال.
236 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن الجاموراني
عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن عمرو بن جبير العرزمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله فسألته عن حق الزوج على المرأة فخبرها ثم قالت:
فما حقها عليه؟ قال: يكسوها من العرى ويطعمها من الجوع، وإذا أذنبت غفر لها
فقالت فليس لها شئ غير هذا؟ قال: لا، قالت: لا والله لا تزوجت أبدا ثم ولت فقال
النبي صلى الله عليه وآله: ارجعي فرجعت فقال: ان الله عز وجل يقول: " وان يستعففن
خير لهن ".
237 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي
عبد الله عليه السلام انه قرأ " ان يضعن ثيابهن " قال: الخمار والجلباب، قلت: بين يدي
من كان؟ قال: بين يدي من كان، غير متبرجة بزينة، فإن لم تفعل فهو خير لها، و
الزينة التي يبدين لهن شئ في الآية الأخرى.
238 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: " القواعد من النساء ليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن " قال:
تضع الجلباب وحده.
239 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن العلا بن رزين
عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال في قول الله عز وجل: " والقواعد من النساء
اللاتي لا يرجون نكاحا " ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ قال: الجلباب
240 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن أبي -
عبد الله عليه السلام انه قرأ " ان يضعن من ثيابهن " قال: الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مسنة.
623

241 - في مجمع البيان " غير متبرجات بزينة " وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
: للزوج ما تحت الدرع، وللابن والأخ ما فوق الدرع، ولغير ذي محرم أربعة
أثواب: درع وخمار وجلباب وازار.
242 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية من أبي جعفر عليه السلام في قوله
عز وجل: ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج
وذلك أن أهل المدينة قبل أن يسلموا كانوا يعزلون الأعمى والأعرج والمريض
ان يأكلوا معهم، كانوا لا يأكلون معهم وكان الأنصار فيهم تيه (1) وتكرم فقالوا: إن
الأعمى لا يبصر الطعام، والأعرج لا يستطيع الزحام على الطعام، والمريض لا يأكل
كما يأكل الصحيح فعزلوا لهم طعامهم على ناحية: وكانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم
جناح، وكان الأعمى والأعرج والمريض يقولون: لعلنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم،
فاعتزلوا من مؤاكلتهم، فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله سألوه عن ذلك فأنزل الله عز وجل:
ليس عليكم جناح ان تأكلوا جميعا أو اشتاتا.
243 - وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: ان تأكلوا من بيوتكم أو بيوت
آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت اخوانكم وبيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم
وبيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو
صديقكم ليس عليكم جناح ان تأكلوا جميعا أو اشتاتا فإنها نزلت لما هاجر رسول
الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وآخى بين المسلمين من المهاجرين والأنصار، وآخى بين
أبى بكر وعمر وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين طلحة والزبير، وبين سليمان
وأبي ذر، وبين المقداد وعمار، وترك أمير المؤمنين صلوات الله عليه فاغتم من ذلك
غما شديدا، وقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي لا تواخى بيني وبين أحد؟ فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: يا علي ما حبستك الا لنفسي، أما ترضى أن تكون أخي وانا أخوك؟ أنت أخي
في الدينا والآخرة، وأنت وصيي ووزيري وخليفتي في أمتي، تقضى ديني وتنجز عداتي

(1) التيه: التكبر.
624

وتتولى غسلي ولا يليه غيرك، وأنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدى.
فاستبشر أمير المؤمنين صلوات الله عليه بذلك، فكان بعد ذلك إذا بعث رسول الله أحدا من
أصحابه في غزاة أو سرية يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين، ويقول له: خذ
ما شئت وكل ما شئت، فكانوا يمتنعون من ذلك حتى ربما فسد الطعام في البيت،
فأنزل الله: " ليس عليكم جناح ان تأكلوا جميعا وا أشتاتا " يعنى ان حضر صاحبه أو لم
يحضر إذا ملكتم مفاتحه.
244 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن محمد بن
مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل لابنه مال فيحتاج الأب؟ قال: يأكل
منه فاما الام فلا تأكل منه الا قرضا على نفسها.
245 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن علي بن جعفر
عن علي بن إبراهيم عليه السلام قال: سألته عن الرجل يأكل من مال ولده قال: لا الا ان يضطر
إليه فيأكل بالمعروف، ولا يصلح للولد ان يأخذ من مال والده شيئا الا بإذن والده.
246 - سهل بن زياد عن ابن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر
صلوات الله عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل: أنت ومالك لأبيك ثم قال
أبو جعفر عليه السلام: وما أحب له أن يأخذ من مال ابنه الا ما احتاج إليه مما لا بد له منه ان الله
لا يحب الفساد.
247 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام عن
عبد الكريم عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون لولده مال فأحب
أن يأخذ منه قال: فليأخذ فإن كانت أمه حية فما أحب أن تأخذ منه شيئا الا قرضا
على نفسها.
248 - سهل بن زياد عن ابن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي -
جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه قال: يأكل منه ما شاء من غير سرف،
وقال: في كتاب على صلوات الله عليه: ان الولد لا يأخذ من مال والده شيئا الا بأذنه،
625

والولد يأخذ من مال ابنه ما شاء، وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع
عليها، وذكر ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لرجل: أنت وما لك لأبيك.
249 - محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي
العلا قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما يحل للرجل من مال ولده قال: قوت لغير
سرف إذا اضطر إليه، قال: فقلت له: فقول رسول الله صلى الله عليه وآله للرجل الذي أتاه فقدم
أباه فقال له: أنت ومالك لأبيك؟ فقال: انما جاء بأبيه إلى النبي فقال: يا رسول الله
هذا أبى وقد ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الأب انه قد أنفقه عليه وعلى نفسه، فقال:
أنت ومالك لأبيك، ولم يكن عند الرجل شئ أو كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبس الأب
للابن؟.
250 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن
عبد الله بن مسكان عن محمد بن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هذه الآية:
" ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم " إلى آخر الآية قلت:
ما يعنى بقوله: " أو صديقكم " قال: هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل
بغير اذنه.
251 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن صفوان عن
موسى بن بكر عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " أو ما ملكتم مفاتحه
أو صديقكم " قال: هؤلاء الذين سمى الله عز وجل في هذه الآية يأكل بغير اذنهم
من التمر والمأدوم، وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير اذنه، فاما ما خلا
ذلك من الطعام فلا.
252 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن جميل
ابن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: للمرأة ان تأكل وان تصدق وللصديق ان يأكل
من منزل أخيه ويتصدق.
253 - في جوامع الجامع وعن الصادق عليه السلام من عظم حرمة الصديق ان جعله
626

من الانس والثقة، والانبساط وطرح الحشمة، بمنزلة النفس والأب والأخ والابن.
254 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن
القاسم بن عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن
هذه الآية: " ليس عليكم جناح ان تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم " الآية قال: ليس
عليكم جناح فيما أطعمت أو أكلت مما ملكت مفاتحه ما لم تفسده.
255 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل: " أو ما ملكتم مفاتحه " قال: الرجل يكون له وكيل يقوم في
ما له فيأكل بغير اذنه.
256 - في مجمع البيان " ان تأكلوا من بيوتكم " وقيل: معناه من بيوت
أولادكم، ويدل عليه قوله عليه السلام: أنت ومالك لأبيك، وقوله عليه السلام: ان أطيب ما يأكل
المرء من كسبه وان ولده من كسبه.
257 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حسين بن
مختار عن أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: " ليس عليكم جناح " الآية
قال: بإذن وبغير اذن.
258 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
محمد بن الحسين عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
قول الله عز وجل: فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم الآية فقال: هو تسليم
الرجل على أهل البيت حين يدخل، ثم يردون عليه فهو سلامكم على أنفسكم.
259 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
قال: يقول: إذا دخل الرجل منكم بيته فإن كان فيه أحد يسلم عليهم، وان لم يكن فيه
أحد فليقل: السلام علينا من عند ربنا، يقول الله عز وجل: تحية من عند الله مباركة طيبة
وقيل: إذا لم ير الداخل بيتا أحدا فيه يقول: السلام عليكم ورحمة الله يقصد به الملكين
الذين عليه شهود.
627

260 - في جوامع الجامع وصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن
يرجو بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق ومنه قوله عليه السلام: سلم على أهل بيتك يكثر
خير بيتك.
261 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحاب من الأربعمأة
باب: إذا دخل أحدكم منزلا فليسلم على أهله يقول: السلام عليكم فإن لم يكن أهل
فليقل: السلام علينا من ربنا، وليقرأ قل هو الله أحد حين يدخل منزله فإنه ينفى الفقر.
262 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله
عز وجل: انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله إلى قوله حتى يستأذنوه
فإنها نزلت في قوم كانوا إذا جمعهم رسول الله صلى الله عليه وآله لأمر من الأمور في بعث يبعثه أو حرب
قد حضرت يتفرقون بغير اذنه فنهاهم الله عز وجل عن ذلك.
263 - قوله عز وجل: فإذا استأذنونك لبعض شانهم فائذن لمن شئت منهم
قال: نزلت في حنظلة بن أبي عياش، وذلك أنه تزوج في الليلة التي كان في صبيحتها
حرب أحد فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقيم عند أهله فأنزل الله عز وجل هذه الآية " فائذن
لمن شئت منهم " فأقام عند أهله ثم أصبح وهو جنب فحضر القتال واستشهد، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: رأيت الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن في صحائف فضة بين السماء والأرض
فكان غسيل الملائكة.
264 - وقوله عز وجل: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا
قال: لا تدعوا رسول الله صلى الله عليه وآله كما يدعوا بعضكم بعضا. وفى رواية أبى الجارود عن أبي
جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا "
يقول: لا تقولوا: يا محمد ولا يا أبا القاسم، ولكن قولوا: يا نبي الله ويا
رسول الله.
265 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب، القاضي أبو محمد الكرخي في
كتابه عن الصادق عليه السلام قالت فاطمة عليها السلام: لما نزلت: " لا تجعلوا دعاء الرسول
628

بينكم كدعاء بعضكم بعضا " هبت رسول الله ان أقول له: يا أبة، فكنت أقول: يا
رسول الله فأعرض عنى مرة أو ثنتين أو ثلاثا، ثم أقبل على فقال: يا فاطمة انها لم تنزل
فيك ولا في أهلك ولا في نسلك، أنت منى وانا منك، انما نزلت في أهل الجفاء والغلظة
من قريش، أصحاب البذخ والكبر قولي: يا أبة فإنها أحيى للقلب وأرضى للرب.
266 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن حسين بن
عمر بن يزيد عن أبيه قال: اشتريت إبلا وأنا بالمدينة مقيم، فأعجبتني اعجابا شديدا
فدخلت على أبى الحسن الأول عليه السلام فذكرتها له فقال: ما لك وللإبل أما علمت أنها
كثيرة المصائب؟ قال: فمن اعجابي بها أكريتها وبعثت بها مع غلمان لي إلى الكوفة
قال: فسقطت كلها فدخلت عليه فأخبرته فقال: فليحذر الذين يخالفون عن امره ان
تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم.
267 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال جل ذكره: " فليحذر الذين يخالفون
عن أمره أن تصيبهم فتنة " يعنى بلية " أو يصيبهم عذاب اليم " قال: القتل، وفيه أيضا
قال الله تبارك وتعالى: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره " أي يعصون امره " ان تصيبهم
فتنة أو يصيبهم عذاب اليم "
268 - في جوامع الجامع وعن جعفر بن محمد عليهما السلام: يسلط عليهم
سلطان جائر أو عذاب اليم في الآخرة
قد تم الجزء الثالث حسب تجزئتنا والله الموفق والمعين وقد فرغت
من تصحيحه والتعليق عليه في السادس من شهر صفر المظفر من
شهور سنة 1384 من الهجرة النبوية وانا العبد الفاني السيد
هاشم بن السيد حسين الحسيني المحلاتي المشتهر
برسولي عفى عنه وعن والديه بحق محمد وآله
الطاهرين. وآخر دعوانا ان الحمد لله
رب العالمين
629