الكتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل
المؤلف: الزمخشري
الجزء: ١
الوفاة: ٥٣٨
المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٨٥ - ١٩٦٦ م
المطبعة:
الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ، عباس ومحمد محمود الحلبي وشركاهم - خلفاء
ردمك:
ملاحظات:

الكشاف
عن
حقائق التنزيل وعيون الأقاويل
في
وجوه التأويل
تأليف
أبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي
467 - 538
-
الجزء الأول
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر
عباس ومحمد محمود الحلبي وشركاهم - خلفاء
1

الطبعة الأخيرة
1385 ه‍ = 1966 م
حقوق الطبع محفوظة للناشر
2

بسم الله الرحمن الرحيم
24

الحمد لله
46

رب العالمين. الرحمن الرحيم.
53

ملك يوم الدين.
56

إياك نعبد وإياك نستعين
60

اهدنا الصراط المستقيم.
67

صراط الذين أنعمت عليهم
68

غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
69

بسم الله الرحمن الرحيم
ألم
76

ذلك الكتاب
108

لا ريب فيه
112

هدى للمتقين
116

الذين يؤمنون بالغيب
123

ويقيمون الصلاة
129

ومما رزقناهم ينفقون
132

والذين يؤمنون
133

بما أنزل إليك
136

وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون.
137

أولئك على هدى من ربهم
138

وأولئك هم المفلحون.
145

إن الذين كفروا
150

سواء عليهم
151

أأنذرتهم أم لم تنذرهم
154

لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم
155

غشاوة ولهم عذاب عظيم
164

ومن الناس
166

من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين
167

يخادعون الله والذين آمنوا
173

وما يخادعون إلا أنفسهم
174

وما يشعرون. في قلوبهم مرض
175

فزادهم الله مرضا
177

ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون.
178

وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض
179

قالوا إنما نحن مصلوحون ألا إنهم هم المفسدون
180

ولكن لا يشعرون. وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس
181

قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون.
182

وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا أمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم
184

إنما نحن مستهزؤن
186

الله يستهرئ بهم
187

ويمدهم في طغيانهم يعمهون.
188

أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى
190

فما ربحت تجارتهم
191

وما كانوا مهتدين. مثلهم كمثل الذي استوقد نارا
194

فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم
198

وتركهم في ظلمات لا يبصرون
200

صم بكم عمي
203

فهم لا يرجعون
207

أو كصيب
209

من السماء فيه
214

ظلمات ورعد وبرق
215

يجعلون أصابعهم في آذانهم
216

من الصواعق
217

حذر الموت والله محيط بالكافرين. يكاد البرق يخطف أبصارهم
218

كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم
219

قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم
221

إن الله على كل شئ قدير:
222

يا أيها الناس اعبدوا ربكم
224

الذي خلقكم والذين من قبلكم
228

لعلكم تتقون
230

الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء
232

فأخرج به من الثمرات
234

رزقا لكم
235

فلا تجعلوا لله أندادا
236

وأنتم تعلمون
237

وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا
238

فأتوا بسورة من مثله
241

وادعوا شهداءكم
243

من دون الله إن كنتم صادقين
244

فإن لم تفعلوا
247

ولن تفعلوا
248

فاتقوا النار التي
249

وقودها الناس والحجارة
251

أعدت للكافرين.
252

وبشر الذين آمنوا
253

وعملوا الصالحات
255

أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار
256

كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا
259

قالوا هذا الذي رزقنا من قبل
260

وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون.
261

إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا
263

ما بعوضة
264

فما فوقها
265

فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد
الله بهذا مثلا
266

يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين.
267

الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه
268

ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون.
كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون.
269

هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات
270

وهو بكل شئ عليم. وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني
أعلم ما لا تعلمون.
271

وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن
كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
272

قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب
السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وإذ قلنا للملائكة اسجدوا
لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم أسكن أنت
وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من
الظالمين فأزلهما الشيطان عنها
273

فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر
ومتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم
قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم
274

ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآيتنا أولئك أصحاب النار هم فيها
خالدون يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي
275

أوف بعهدكم وإياي فارهبون. وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول
كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون. ولا تلبسوا الحق بالباطل
276

وتكتموا الحق وأنتم تعلمون. وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين.
أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون. واستعينوا
بالصبر والصلاة
277

وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين. الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه
راجعون. يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على
العالمين. واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا
278

ولا تقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون. وإذ نجيناكم من آل
فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم
بلاء من ربكم عظيم.
279

وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون وإذ وعدنا
موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ثم عفونا عنكم من
بعد ذلك لعلكم تشكرون.
280

وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم
ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير
لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن
لك حتى نرى الله جهرة
281

فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنطرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون
وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى
282

كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وإذ قلنا
ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة
نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم
فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون وإذا استسقى موسى
283

لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس
مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين وإذ قلتم يا موسى
لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها

(1) (قوله كان من أس الجنة) ضبط في نسخ بالقلم بالضم والتشديد وكتب عليه كذا بخط جاد الله وكتب في أخرى أي من أساسها
والصواب أنه من آس الجنة يعنى شجر آس، وهذا صفة العصا سها فيه المصنف ا ه‍.
284

وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا
مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب من الله ذلك
بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا
يعتدون إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم
285

الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وإذ
أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم
تتقون. ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين
ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين.
فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين. وإذ قال موسى لقومه إن
الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزؤا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
286

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان
بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون. قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها
بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.
287

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون.
قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث مسلمة لاشية
فيها قالوا الآن جئت بالحق، فذبحوها وما كادوا يفعلون.
288

وإذ قتلتم نفسا فأدرأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون. فقلنا اضربوه ببعضها
كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون.
289

ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فيه كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما
يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء
290

وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون أفتطمعون أن يؤمنوا
لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم
يعلمون وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم
بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون. أولا يعلمون أن الله
يعلم ما يسرون وما يعلنون. ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني
291

وإن هم إلا يظنون. فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من
عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون
وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله
عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون. بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته
فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك
أصحاب الجنة هم فيها خالدون. وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله
292

وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا
الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون. وإذ أخذنا ميثاقكم
لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون.
ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم
293

بالإثم والعدوان، وإن يأتوكم أسارى تفدوهم وهو محرم عليكم إخراجهم،
أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى
في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون.
أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم
ينصرون. ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن
مريم البينات وأيدناه بروح القدس، أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى
أنفسكم استكبرتم؟
294

ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون. وقالوا قلوبنا غلف، بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا
ما يؤمنون. ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل
295

يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على
الكافرين. بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من
فضله على من يشاء من عباده، فباؤا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين. وإذا
قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق
مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين.
296

ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون وإذ
أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا
وعصينا وأشربوا في قلوبكم العجل بكفركم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم
مؤمنين قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت
إن كنتم صادقين. ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم
297

والله عليم بالظالمين ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود
أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما
يعملون.
298

قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى
وبشرى للمؤمنين من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال،
299

فإن الله عدو للكافرين ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون
أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون. ولما جاءهم رسول من
عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم
كأنهم لا يعلمون.
300

واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا
يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من
أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء
وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، وتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم
ولقد علموا لمن اشتريه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم
301

لو كانوا يعلمون. ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون
يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم.
302

ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم
والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ما ننسخ من آية أو ننسأها
نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ألم تعلم أن الله له
ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير. أم تريدون أن
تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل
سواء السبيل ود كثير من أهل الكتاب لو يرودنكم من بعد إيمانكم كفارا
303

حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله
بأمره إن الله على كل شئ قدير وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم
من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان
هودا أو نصارى تلك أمانيهم
304

قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره
عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقالت اليهود ليست النصارى على شئ
وقالت النصارى ليست اليهود على شئ وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين
لا يعلمون مثل قولهم
305

فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ومن أظلم ممن منع مساجد
الله أن يذكر فيها أسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا
خائفين لهم في الدنيا خزى ولهم في الآخرة عذاب عظيم ولله المشرق والمغرب
306

فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم. وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له
ما في السماوات والأرض كل له قانتون. بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا
فإنما يقول له كن فيكون. وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية
كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم
307

تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا
ولا تسئل عن أصحاب الجحيم ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع
ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك
من الله من ولى ولا نصير. الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون
به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون. يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت
عليكم وأنى فضلتكم على العالمين. واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا
يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات
308

فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين
وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا
309

واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي
للطائفين والعاكفين والركع السجود. وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا
وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه
قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير،
310

وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع
العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا
311

وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو
عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم. ومن
يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة
لمن الصالحين. إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين. ووصى بها

(1) قوله (ما فرط) هكذا في الأصل ولعل قبل هذا سقطا لأن تاب لازم كما لا يخفى ا ه‍ مصححه.
312

إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه
313

ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلها
واحدا ونحن له مسلمون. تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون
عما كانوا يعملون وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا
وما كان من المشركين.
314

قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب
والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن
له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد أهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق
فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. صبغة الله
315

ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون. قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم
ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون. أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل
وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم
ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون. تلك أمة قد خلت لها
ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون.
316

سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق
والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم. وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا
شهداء على الناس
317

ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع
الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة
318

إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم. قد
نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها
319

فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين
أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون. ولئن أتيت
الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم
320

وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم انك
إذا لمن الظالمين. الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وان
فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون: الحق من ربك
321

فلا تكونن من المترين. ولك. وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا
يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير. ومن حيث خرجت فول وجهك
شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما يعملون. ومن حيث
خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا
يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم
322

واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون. كما أرسلنا فيكم رسولا منكم
يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا
تعلمون. فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون يا أيها الذين آمنوا استعينوا
بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين. ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات
بل احياء ولك لا تشعرون ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال
والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وانا إليه راجعون
323

أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. إن الصفا والمروة
من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا يحتاج عليه أن يطوف بهما ومن تطوع
خيرا فإن الله شاكر عليم. إن الذين يكتمون.
324

ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله
ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا
التواب الرحيم إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين خالدين فيها لا خفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون
وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السماوات والأرض واختلاف
الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء
325

من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح
والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ومن الناس من يتخذ
من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين
ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين
اتبعوا من الذين اتبعوا
326

ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم
كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من
النار يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه
لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء
327

وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع
ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ومثل الذين
كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون
يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم
328

واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير
وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم إن
الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في
بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أولئك
الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ذلك
بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب
329

لفي شقاق بعيد ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر
من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي
القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
330

والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا
والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم
المتقون يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد
بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شئ
331

فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان
332

ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم في
القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت
إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين
333

بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه
إن الله سميع عليم فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه
إن الله غفور رحيم يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين
من قبلكم لعلكم تتقون
334

أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين
يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم
إن كنتم تعلمون
335

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد
منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر
ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون
336

وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي
وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
337

هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب
عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى
يتبين لكم
338

الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن
وأنتم عاكفون في المساجد
339

تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون ولا تأكلوا
أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس
بالاثم وأنتم تعلمون يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر
340

بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا
الله لعلكم تفلحون وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب
341

المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد
من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم
كذلك جزاء الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم وقاتلوهم حتى لا تكون
فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين الشهر الحرام بالشهر
الحرام والحرمات قصاص
342

فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع
المتقين وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله
يحب المحسنين وأتموا الحج والعمرة لله
343

فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله
فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة
أو نسك
344

فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام
ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله
حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب
345

الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج
346

وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب
ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم
347

فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه

(1) قوله في دقران) كذا في نسخة بالدال المهملة والقاف، وفى نسخة ذفران وكتب عليها بالهامش بالذال المعجمة والفاء المكسورة
على فعلان من نهاية ابن الأثير اه. وفى القاموس في فصل الدال المهملة مع القاف: ودقزان كسلمان: وادقرب وادى الصفراء. وقال في
فصل الذال المعجمة مع الفاء: وذفران بكسر الفاء: واد قرب وادى الصفراء، أو تصحيف لدقران اه‍ مصححه.
348

كما هداكم وإن كنتم من قبله الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
واستغفروا الله إن الله غفور رحيم فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم
349

أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق
ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
أولئك لهم نصيب مما كسبوا
350

والله سريع الحساب واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم
عليه ومن تأخر فلا إثم عليه
351

لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ومن الناس من يعجبك قوله
في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض
ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته
العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة
352

الله والله رؤوف بالعباد يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات
الشيطان إنه لكم عدو مبين فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله
عزيز حكيم هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي
الامر وإلى الله ترجع الأمور سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل
353

نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب زين للذين كفروا الحياة الدنيا
ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة
354

والله يرزق من يشاء بغير حساب كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين
ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما
اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين
آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم أم
حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء
355

والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله
ألا إن نصر الله قريب يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين
واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم كتب
عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن
تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون يسألونك عن الشهر الحرام
356

قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج
أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم
عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت
أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون إن الذين آمنوا والذين
هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم
357

يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس
358

وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون

(1) قوله (باسم رجل رجل قدحا منها) عبارة أبى السعود: باسم رجل رجل قدحا قدحا اه‍ مصححه.
359

قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة ويسألونك
عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من
المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن
360

ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا
ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى
الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ويسألونك عن المحيض
قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن
فأتوهن من حيث أمركم الله
361

إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى
شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين ولا تجعلوا
الله عرضة لايمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم
362

لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور
حليم للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر
363

فإن فاءو فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم
364

والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن
365

ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن
في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة
والله عزيز حكيم الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
366

ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله
فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما في ما افتدت به تلك حدود الله فلا
تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون
367

فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما
أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون
وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف
ولا تمسكوهن ضرارا
368

لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة
الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن
الله بكل شئ عليم وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن
أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله
واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون والوالدات
يرضعن أولادهن حولين كاملين
369

لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف
نفس إلا وسعها
370

لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا
عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم
فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما
تعملون بصير
371

والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا
بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون
خبير ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء
372

أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن
تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح
373

حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن
الله غفور حليم لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن
فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على
المحسنين وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف
ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى
374

ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
375

وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم
ما لم تكونوا تعلمون
376

والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن
خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم وللمطلقات
متاع بالمعروف حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون ألم
تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم
377

إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون وقاتلوا في سبيل
الله واعلموا أن الله سميع عليم من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا
كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل من بعد
موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن
كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا
من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين
378

وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك
علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليك
وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم وقال لهم
نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم
379

وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم
إن كنتم مؤمنين فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه
فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده
380

فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم
بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة
كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ
علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله وقتل داود
381

جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم
ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين تلك آيات الله نتلوها
عليك بالحق وإنك لمن المرسلين تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم
من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح
382

القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن
اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا
383

ولكن الله يفعل ما يريد يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي
يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون الله لا إله إلا هو الحي
القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده
384

إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما
شاء وسع كرسيه السماوات والأرض
385

ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم
386

لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد
استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم الله ولي الذين آمنوا يخرجهم
من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى
الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في
ربه أن آتاه الله الملك
387

إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله
يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي
القوم الظالمين
388

أو كالذي مر على قرية وهى خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها
فأماته الله مئة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل
389

لبثت مئة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك
آية للناس
390

وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على
كل شئ قدير وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى
ولكن ليطمئن قلبي
391

قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن
يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم
392

مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل
في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف
لمن يشاء والله واسع عليم الذين ينفقون أموالهم في سبيل
الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم
ولا هم يحزنون
393

قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم يا أيها الذين
آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن
بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا
لا يقدرون على شئ مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ومثل الذين ينفقون
أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم

(1) قوله (بسبب ما أزال إليه) كذا في نسخ: وفي أخرى (أسدى إليه) اه‍ مصححه.
394

كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله
بما تعملون بصير أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها
الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار
فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون يا أيها الذين
395

آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا
الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد
الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع
عليم يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر
إلا أولوا الألباب وما أنفقتم من نفقة
396

أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار إن تبدوا الصدقات
فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم
والله بما تعملون خبير ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا
من خير فلأنفسكم وما تنقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم
وأنتم لا تظلمون
397

للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء
من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله
به عليم الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم
ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي
يتخبطه الشيطان من المس
398

ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا
399

فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون
400

يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا
هم يحزنون يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم
لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم
401

إن كنتم تعلمون واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم
لا يظلمون يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب
بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب
402

وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه
الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا
شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء
أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا
تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا
403

إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة
حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا
يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله
بكل شئ عليم وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة
404

فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا
405

الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم لله ما في السماوات وما في
الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب
من يشاء والله على كل شئ قدير آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
406

والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله
لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
407

لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا
تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به
408

واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
409

سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم
ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم. نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه
وأنزل التورية والإنجيل
410

من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله
عزيز ذو انتقام. إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء. هو الذي
يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم. هو الذي أنزل عليك
الكتاب
411

منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات.
412

فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم
تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا
أولوا الألباب. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا
413

من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله
لا يخلف الميعاد. إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا
وأولئك هم وقود النار. كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم
الله بذنوبهم والله شديد العقاب. قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم
414

وبئس المهاد. قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى
كافرة يرونهم مثليهم رأي العين
415

والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار. زين للناس حب
الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل
المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب. قل
أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار
416

خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد. الذين يقولون ربنا
إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار. الصابرين والصادقين والقانتين
والمنفقين والمستغفرين بالأسحار. شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم
قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم.
417

إن الدين عند الله الإسلام
418

وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر
بآيات الله فإن الله سريع الحساب. فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل
للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم.
419

فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد. إن الذين
يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من
الناس فبشرهم بعذاب أليم. أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة
وما لهم من ناصرين. ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب
الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون.

(1) قوله: وكانوا حول قتل إلخ، عبارة أبي السعود: وكانوا حائمين حول إلخ كتبه مصححه.
420

ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات. وغرهم في دينهم ما كانوا
يفترون. فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم
لا يظلمون. قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز
421

من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير. تولج الليل في النهار
وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من
تشاء بغير حساب. لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل
ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله
422

المصير. قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما
في الأرض والله على كل شئ قدير. يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما
عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف
بالعباد. قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله
423

غفور رحيم. قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين. إن الله
اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. ذرية بعضها من بعض
والله سميع ليم. إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني،
424

محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم. فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى
والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك
425

وذريتها من الشيطان الرجيم. فتقبلها ربها بقبول حسن
426

وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكرياء كلما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها
رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
هنالك دعا زكرياء ربه قال رب هب لي من لدنك
427

ذرية طيبة إنك سميع الدعاء. فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن
الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين. قال
رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء.
قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام
428

إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار. وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله
اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. يا مريم اقنتي لربك واسجدي
واركعي مع الراكعين. ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون
أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم
429

إذ يختصمون. إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح
عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين. ويكلم الناس في المهد
وكهلا ومن الصالحين.
430

قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى
أمرا فإنما يقول له كن فيكون. ونعمله الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل. ورسولا
إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير
فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله
وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم
مؤمنين. ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم،
431

وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون. إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط
مستقيم. فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن
أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون. ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول
فاكتبنا مع الشاهدين. ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين. إذ قال الله
يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك
432

فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه
تختلفون. فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم
من ناصرين. وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فنوفيهم أجورهم والله لا يحب
الظالمين. ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم. إن مثل عيسى عند الله
كمثل آدم خقله من تراب ثم قال له كن فيكون. الحق من ربك فلا تكن من
الممترين. فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا
433

ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة
الله على الكاذبين. إن هذا لهو القصص الحق
434

وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم. فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين. قل
يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به
شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.
يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده
أفلا تعقلون. ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم
به علم
435

والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا
مسلما وما كان من المشركين. إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا
النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين. ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم
وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون. يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم
تشهدون. يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون.
وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا
آخره لعلهم يرجعون.
436

ولا تؤمنوا إلا لمن اتبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم،
أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم.
يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
437

ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده
إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل. ويقولون
على الله الكذب وهم يعلمون. بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين.
إن الذين يشترون بعهد الله
438

وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر
إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. وإن منهم لفريقا يلوون
ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله
وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. ما كان لبشر أن يؤتيه الله
439

الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا
ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا
الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون. وإذ أخذ الله ميثاق
النبيين
440

لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به
ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا
معكم من الشاهدين. فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون. أفغير دين الله يبغون
441

وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون. قل آمنا بالله
وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي
موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. ومن
يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. كيف يهدي
الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات
442

والله لا يهدي القوم الظالمين. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين. خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون. إلا الذين تابوا من
بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحين. إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا
لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون. إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل
من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم
443

وما لهم من ناصرين. لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
444

وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم. كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم
إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة
445

قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فمن افترى على الله الكذب. من بعد
ذلك فأولئك هم الظالمون. قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من
المشركين. إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة
446

مباركا وهدى للعالمين. فيه آيات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا
447

ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا
448

ومن كفر فإن الله غني عن العالمين. قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله
شهيد على ما تعملون. قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا
وأنتم شهداء
449

وما الله بغافل عما تعملون. يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا
الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات
الله وفيكم رسوله، ومن يعتصم الله فقد هدي إلى صراط مستقيم. يا أيها الذين
آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله
450

جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم
فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها
451

كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون. ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير
ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون.
452

ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب
عظيم. يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم
بعد إيمانكم
453

فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها
خالدون. تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق، وما الله يريد ظلما للعالمين. ولله
ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور. كنتم خير أمة أخرجت للناس
تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا
لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون. لن يضروكم إلا أذى
454

وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون. ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا
إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة
ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق، ذلك بما عصوا
455

وكانوا يعتدون. ليسوا سواء. من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل
وهم يسجدون. يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين. وما تفعلوا من خير فلن تكفروه والله
عليم بالمتقين. إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله
شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا
كمثل ريح فيها صر
456

أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون.

(1) فإن قلت: فلم قال ظلموا أنفسهم ولم يقتصر بقوله أصابت الحرث أو أصابت حرث قوم. قلت: لأن الغرض تشبيه ما ينفقون
بشئ يذهب على الكلية حتى لا يبقى منه شئ، وحرث الكافرين الظالمين هو الذي يذهب على الكلية لا منفعة لهم فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة،
فأما حرث المسلم المؤمن فلا يذهب على الكلية لأنه وإن كان يذهب صورة إلا أنه لا يذهب معنى لما فيه من حصول أغراض لهم في الآخرة
والثواب بالصبر على الذهاب اه‍ من هامش قال فيه: حاشيته كتبته بإملاء المصنف.
457

يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت
البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا الآيات إن كنتم تعقلون
458

هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا
آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم
بذات الصدور. إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها
459

وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط. وإذ غدوت
من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم. إذ همت طائفتان
منكم أن،
460

تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون. ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة
فاتقوا الله لعلكم تشكرون. إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم
بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين. بلى إن تصبروا وتتقوا
461

ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين.
وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز
الحكيم. ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين. ليس لك من
الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. ولله ما في السماوات وما
462

في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم. يا أيها الذين آمنوا
لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون. واتقوا الناز التي أعدت
للكافرين. وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون. وسارعوا إلى مغفرة من ربكم
وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء
463

والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. والذين إذا فعلوا
فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله
ولم يصروا على فعلوا وهم يعلمون.
464

أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم
أجر العاملين. قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة
المكذبين. هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين. ولا تهنوا ولا تحزنوا، وأنتم
الأعلون إن كنتم مؤمنين. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم
465

قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم
شهداء والله لا يحب الظالمين. وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين.
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم
466

ويعلم الصابرين. ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه
وأنتم تنظرون.
467

وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على
أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين.
وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا
468

ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي
الشاكرين. وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل
الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين. وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا
اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين. يا أيها الذين
آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين. بل الله
مولاكم وهو خير الناصرين.
469

سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم
النار وبئس مثوى الظالمين. ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى
إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد
الدنيا ومنكم من يريد الآخرة
470

ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين. إذ
تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم
لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون. ثم أنزل عليكم
من بعد الغم أمنة نعاسا
471

يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية
يقولون هل لنا من الأمر من شئ قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون
لك يقولون لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا ههنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز
الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم
472

وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور.
ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا
ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم. يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا
وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما
قتلوا ليجعل الله ذلك
473

حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير. ولئن قتلتم في سبيل
الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما تجمعون. ولئن متم أو قتلتم لإلى الله
تحشرون. فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من
حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر
474

فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين. إن ينصركم الله فلا غالب
لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس
475

ما كسبت وهم لا يظلمون. أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه
جهنم وبئس المصير. هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون. لقد من الله
على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم
476

يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي
ضلال مبين. أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من
عند أنفسكم إن الله على كل شئ قدير. وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله
وليعلم المؤمنين. وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله
477

أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للايمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم
والله أعلم بما يكتمون. الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين.
478

ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين
بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف
عليهم
479

ولا هم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين.
الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا
أجر عظيم. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
480

فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم
يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم. إنما ذلكم الشيطان يخوف
أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين. ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر
481

إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم.
إن الذين اشتروا الكفر بالايمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب اليم. ولا يحسبن
الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما
482

ولهم عذاب مهين. ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث
من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء
فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم. ولا يحسبن الذين يبخلون
483

بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم
القيامة ولله ميراث السماوات والأرض، والله بما تعملون خبير. لقد سمع الله
قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق
ونقول ذوقوا عذاب الحريق. ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد.
484

الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد
جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم وإن كنتم صادقين. فإن
كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير. كل
نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل
الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. لتبلون في أموالكم وأنفسكم
485

ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن
تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور. وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب
ليبيننه للناس ولا يكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس
ما يشترون. لا يحسبن الذين يفرحون
486

بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا يحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم
عذاب أليم. ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شئ قدير. إن في خلق
السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب.
487

الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض
ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار. ربنا إنك من تدخل النار
488

فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار. ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن
آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.
ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد
فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم
من بعض،
489

فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن
عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله،
والله عنده حسن الثواب. لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل
490

ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد. لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من
تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار. وإن من أهل
الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات
الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب. يا أيها الذين
آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.
491

سورة النساء
مدنية، وهي مائة وخمس وسبعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث
منهما رجالا كثيرا ونساء
492

واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
493

وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب
494

ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم
495

إنه كان حوبا كبيرا. وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من
النساء مثنى وثلاث ورباع
496

فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا.
497

وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه
498

هنيئا مريئا.
499

ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم
وقولوا لهم قولا معروفا. وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم
رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها
500

إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل
بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم
502

وكفى بالله حسيبا. للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب
مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا. وإذا حضر القسمة
أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا. وليخش
الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا

(1) (قوله أوس بن الصامت) كذا بالأصل، والرواية الصحيحة (أوس بن ثابت) اه‍.
503

قولا سديدا. إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا
504

وسيصلون سعيرا. يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين
505

فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف
506

ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد
وورثه أبواه فلأمه الثلث
507

فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها أو دين
508

آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان
عليما حكيما. ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد
فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم
يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها
أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما
509

السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو
دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم.
510

تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين
فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا
فيها وله عذاب مهين. واللاتي يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا عليهن
أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل
الله لهن سبيلا. واللذان يأتيانها منكم فآذوهما، فإن تابا وأصلحا فأعرضوا
عنهما إن الله كان توابا رحيما.
511

إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب
512

فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما. وليست التوبة للذين يعملون
السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم
كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما. يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا
النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن
513

إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن
تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا. وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج
وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا. وكيف
تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا.
514

ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء
سبيلا. حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات
الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من
515

الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم
516

بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من
أصلابكم
517

وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف، إن الله كان غفورا رحيما. والمحصنات
من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن
تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين
518

فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة، ولا جناح عليكم فيما تراضيتم
به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما. ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ما ملكت أيمانكم
519

من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن
أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان
520

فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك
لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم، والله غفور رحيم. يريد الله ليبين
لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم. والله يريد
أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما. يريد الله
أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا. يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم
بينكم بالباطل
521

إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما. ومن
يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا. إن تجتنبوا
كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما. ولا تتمنوا
522

ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما
اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شئ عليما. ولكل جعلنا موالي
مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان
على كل شئ شهيدا. الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض
523

وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله
واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم

(1) في مالها: أي في مالك، فالإضافة للملابسة بالتصرف والمحافظة كأنه مالها اه‍ سعد
524

فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا. وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا
حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما
525

إن الله كان عليما خبيرا. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا
وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب
بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا.
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا
للكافرين عذابا مهينا. والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله
526

ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا. وماذا عليهم لو آمنوا بالله
واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما. إن الله لا يظلم مثقال ذرة
وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما. فكيف إذا جئنا من كل أمة
بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول
527

لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا. يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم
سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم
مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء

(1) (قوله ورانوا بسكر الخ) الموجود في ديوان الطرماح وكتب اللغة: مخافة أن يرين النوم فيهم * بسكر
الخ، كتبه مصححه.
528

فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا. ألم تر
529

إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل.
والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا. من الذين هادوا يحرفون
الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا
530

ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان
خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا. يا أيها الذين أوتوا
الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها
531

أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا. إن الله لا يغفر أن يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما.
532

ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا.
انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به أثما مبينا. ألم تر إلى الذين أوتوا
نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى
من الذين آمنوا سبيلا. أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا.
533

أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا. أم يحسدون الناس على ما آتاهم
الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما.
فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا. إن الذين كفروا
بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا
العذاب إن الله كان عزيزا حكيما. والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم
جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم
ظلا ظليلا.
534

إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا
بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا. يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن
كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر
535

ذلك خير وأحسن تأويلا. ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل
إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به
ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا. وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله والى
الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا. فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما
قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا.
536

أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا
بليغا. وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله
537

ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله
توابا رحيما. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا
في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما.
538

ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو
أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا. وإذا
539

لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما. ولهديناهم صراطا مستقيما. ومن يطع الله والرسول
فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن
أولئك رفيقا.
540

ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما. يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات
أو انفروا جميعا. وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي
إذ لم أكن معهم شهيدا. ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم يكن بينكم
وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. فليقاتل في سبيل الله الذين
541

يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف
نؤتيه أجرا عظيما. وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال
والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل
لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا. الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله
542

والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان
كان ضعيفا. ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية،
543

وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب. قل متاع الدنيا
قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا.
544

أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، وإن تصبهم حسنة
يقولوا هذه من عند الله، وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك. قل كل من
عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا. ما أصابك من حسنة
545

فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وأرسلناك للناس رسولا، وكفى بالله
شهيدا. من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا.
ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول، والله يكتب
ما يبيتون، فأعرض عنهم وتوكل على الله، وكفى بالله وكيلا. أفلا يتدبرون القرآن
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
546

وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف إذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر
منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم
547

ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا. فقاتل في سبيل الله
لا تكلف إلا نفسك،
548

وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا، والله أشد بأسا وأشد تنكيلا.
من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل
منها. وكان الله على كل شئ مقيتا. وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها
549

إن الله كان على كل شئ حسيبا. الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة
لا ريب فيه، ومن أصدق من الله حديثا. فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم
بما كسبوا،
550

أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا. ودوا لو تكفرون
كما كفروا فتكونون سواء، فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن
تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم، ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا. إلا
الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن
يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم، ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم، فإن
اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا.
551

ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة
أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم
حيث ثقفتموهم، وأولئكم جعلنا عليهم سلطانا مبينا. وما كان لمؤمن أن
يقتل مؤمنا إلا خطأ
552

ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا، فإن
كان من قوم عدوا لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم
وبينهم ميثاق فدية
553

مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة
من الله، وكان الله عليما حكيما. ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها
وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل
الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا
554

تبتغون عرض الحياة الدنيا، فعند الله مغانم كثيرة، كذلك كنتم من قبل
فمن الله عليكم فتبينوا، إن الله كان بما تعملون خبيرا. لا يستوي القاعدون من
المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله
المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة،
555

وكلا وعد الله الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما.
درجات منه ومغفرة ورحمة، وكان الله غفورا رحيما. إن الذين توفاهم الملائكة
ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن
أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا. إلا
المستضعفين من الرجال والنساء والولدان
556

لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم، وكان الله
عفوا غفورا. ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة،
557

ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله
وكان الله غفورا رحيما. وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا
من الصلاة
558

إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. وإذا كنت
فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا
فليكونوا من ورائكم
559

ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ود
الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة،
ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم
وخذوا حذركم، إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا
الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة،
560

إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. ولا تهنوا في ابتغاء القوم، إن
تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون، وكان
الله عليما حكيما. إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله،
ولا تكن للخائنين خصيما، واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما
561

ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم، إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما.
يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول،
وكان الله بما يعملون محيطا. ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا، فمن
يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا. ومن يعمل سوءا أو يظلم
نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على
نفسه، وكان الله عليما حكيما. ومن يكسب خطيئة
562

أو إثما يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا. ولولا فضل الله عليك
ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من
شئ وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم، وكان فضل الله
عليك عظيما. لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح
بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما. ومن
يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين
563

نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك
لمن يشاء، ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا. إن يدعون من دونه إلا إناثا
وإن يدعون إلا شيطانا مريدا. لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا.
ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله
564

ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا. يعدهم ويمنيهم،
وما يعدهم الشيطان إلا غرورا. أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا.
والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين
فيها أبدا وعد الله حقا، ومن أصدق من الله قيلا. ليس بأمانيكم ولا أماني أهل
الكتاب، من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا. ومن يعمل
من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا.
565

ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا، واتخذ
الله إبراهيم خليلا.
566

ولله ما في السماوات وما في الأرض، وكان الله بكل شئ محيطا. ويستفتونك في النساء
قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن
ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى
بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما.
567

وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصالحا
بينهما صلحا، والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح، وإن تحسنوا وتتقوا فإن
الله كان بما تعملون خبيرا. ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم
568

فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا
رحيما. وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما. ولله ما في السماوات
وما في الأرض، ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله
وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا. ولله
ما في السماوات وما في الأرض، وكفى بالله وكيلا.
569

إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين، وكان الله على ذلك قديرا. من كان
يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة، وكان الله سميعا بصيرا. يا أيها
الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين
إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا، وإن تلووا أو تعرضوا
فإن الله كان بما تعملون خبيرا. يا أيها الذين آمنوا
570

آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل،
ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا. إن
الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم
ولا ليهديهم سبيلا.
571

بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما. الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون
المؤمنين، أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا. وقد نزل عليكم في الكتاب
أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في
حديث غيره، إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا.
572

الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان
للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين، فالله يحكم
بينكم يوم القيامة، ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا، إن المنافقين
يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى
573

يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا. مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى
هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا. يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين
أولياء من دون المؤمنين، أتريدون أن تجعلوا لله عليكم
574

سلطانا مبينا. إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا. إلا
الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين
وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما. ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم
وكان الله شاكرا عليما. لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم، وكان الله
575

سميعا عليما. إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا.
إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن
ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. أولئك هم الكافرون
حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا. والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد
منهم أولئك سوف نؤتيهم أجورهم، وكان الله غفورا رحيما.
576

يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك
فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم، ثم اتخذوا العجل من بعد
ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا. ورفعنا فوقهم
الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت
وأخذنا منهم ميثاقا غليظا
577

فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا
غلف، بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا. وبكفرهم وقولهم على مريم
578

بهتانا عظيما. وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما
579

صلبوه ولكن شبه لهم، وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه، مالهم به من علم
إلا اتباع الظن، وما قتلوه يقينا. بل رفعه الله إليه، وكان الله عزيزا حكيما. وإن من
أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا.
580

فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا.
وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل، وأعتدنا للكافرين منهم
عذابا أليما. لكن الراسخون في العلم منهم
581

والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك، والمقيمين الصلاة والمؤتون
الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما. إنا أوحينا
إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان، وآتينا
داود زبورا. ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك، وكلم
الله موسى تكليما. رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل
582

وكان الله عزيزا حكيما. لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة
يشهدون
583

وكفى بالله شهيدا. إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا.
إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا. إلا طريق جهنم
خالدين فيها أبدا، وكان ذلك على الله يسيرا. يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق
من ربكم فآمنوا خيرا لكم، وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض، وكان
الله عليما حكيما. يأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما
584

المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله
ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم، إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له
ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا. لن يستنكف المسيح
أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون
585

ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا. فأما الذين آمنوا
وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، أما الذين استنكفوا
واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا.
588

يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا. فأما الذين آمنوا بالله
واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما.
يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها
نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك
589

وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، يبين الله لكم أن تضلوا
والله بكل شئ عليم.
سورة المائدة
مدنية وهي مائة وثلاث وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود
590

أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم
ما يريد. يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد
ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا
591

ولا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على
البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب. حرمت
عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة
والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم

(1) (قوله في المباعر) أي مواضع البعر وهي الأمعاء، وقوله فزد بضم الفاء وسكون الزاي آخره دال مهملة، ويروى
فصد بسكون الصاد تخفيفا: أي لم يحرم القرى من فصدت له الراحلة فحظي بدمها، وروي قصد بالقاف: أي أعطى قصدا: أي
قليلا اه‍ من القاموس اه‍ مصححه.
592

وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلك فسق، اليوم يئس الذين كفروا
من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الاسلام دينا،
593

فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فإن الله غفور رحيم. يسئلونك ماذا
أحل لهم؟ قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن
مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم
594

واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب. اليوم أحل لكم الطيبات
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن
595

مصحنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو
في الآخرة من الخاسرين. يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم
596

وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا
فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء
فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه

(1) (قوله: الرابع) كذا بالأصل وصوابه الثالث كما هو واضح اه‍.
597

ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم
لعلكم تشكرون. واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا
وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور. يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله
شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى
واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون. وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات
لهم مغفرة وأجر عظيم. والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم.
598

يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم
فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون. ولقد أخذ الله ميثاق
بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة
وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا
599

لأكفرن عنكم سيئاتكم ولاخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد
ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل. فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم
قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على
خائنة منهم إلا قليلا فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين. ومن
الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به
600

فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا
يصنعون. يأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من
الكتب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع
رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط
مستقيم. لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله
شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك
601

السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير. وقالت اليهود
والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق
يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه
المصير. يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا
ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير.
602

وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم
ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين. يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي
كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين.
603

قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا
منها فإنا داخلون. قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم
الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين. قالوا يا موسى
إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون.
604

قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين. قال
فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض
605

فلا تأس على القوم الفاسقين. واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا
فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين
لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب
العالمين.
606

إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين.
607

فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين. فبعث الله غرابا يبحث
في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا
الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين. من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل
608

أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن
أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا
منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون. إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله
ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف
أو ينفوا من الأرض
609

ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. إلا الذين تابوا من قبل
أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا
إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون. إن الذين كفروا لو أن لهم ما في
الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب
اليم. يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم.
610

والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما
611

جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم. فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب
عليه إن الله غفور رحيم. ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء
ويغفر لمن يشاء والله على كل شئ قدير. يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون
في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون
612

للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك، يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن
أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله
شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة
613

عذاب عظيم. سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض
عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله
يحب المقسطين. وكيف يحكمونك وعندهم التوارة فيها حكم الله ثم يتولون من
بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين.
614

إنا أنزلنا التوارة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا
والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا
الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا
615

ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.
616

وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والاذن بالاذن
والسن بالسن والجروح قصاص، فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك هم الظالمون. وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه
من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى
وموعظة للمتقين. وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله
فأولئك هم الفاسقون.
617

وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم
بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة
ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلونكم في ما آتاكم فاستبقوا
الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. وأن احكم بينهم
بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن
تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم
618

وإن كثيرا من الناس لفاسقون. أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله
حكما لقوم يوقنون. يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء
بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين.
فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة،
619

فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم
نادمين. ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم، إنهم لمعكم
حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين.
620

يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه

(1) (قوله فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خالدا) في أبي السعود: أبو بكر وهو الصواب اه‍ مصححه.
621

أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم. إنما وليكم الله ورسوله والذين
آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. ومن يتول الله ورسوله
والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون. يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا
623

دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء، واتقوا الله إن
كنتم مؤمنين. وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم
لا يعقلون. قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما
أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون.
624

قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم
القردة والخنازير وعبد الطاغوت
625

أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل. وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر
وهم قد خرجوا به، والله أعلم بما كانوا يكتمون. وترى كثيرا منهم يسارعون في
الاثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون. لولا ينهاهم الربانيون
والأحبار عن قولهم الاثم وأكلهم السحت،
626

لبئس ما كانوا يصنعون. وقالت اليهود يد الله مغلولة، غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا
627

بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء
628

وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا، وألقينا بينهم العداوة
والبغضاء إلى يوم القيامة، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض
فسادا والله لا يحب المفسدين. ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم
سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم. ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل
629

إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير
منهم ساء ما يعملون. يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل
فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين.
630

قل يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من
ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم
الكافرين. إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى
631

من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
632

لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى
أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون.
633

وحسبوا إلا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم
والله بصير بما يعملون. لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال
المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه
الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار. لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة
وما من إله إلا إله واحد، وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب
أليم. أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه؟ والله غفور رحيم. ما المسيح ابن مريم إلا
رسول قد خلت من قبله الرسل
634

وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون.
قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا، والله هو السميع العليم. قل
يأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل
وأضلوا كثيرا
635

وضلوا عن سواء السبيل. لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود
وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر
فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون.
636

ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون.
ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه
ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون. لتجدن أشد الناس عداوة للذين
آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى
ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون. وإذا سمعوا ما أنزل
637

إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون
638

ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين. وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن
يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين. فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها، وذلك جزاء المحسنين. والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك
أصحاب الجحيم. يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم
639

ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي
أنتم به مؤمنون. لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم
الايمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم
640

أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم
واحفظوا أيمانكم، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون.
641

يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام من عمل الشيطان
فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في
الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون؟. وأطيعوا
الله وأطيعوا الرسول
642

واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين. ليس على الذين آمنوا
وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم
اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين. يا أيها الذين آمنوا
ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب،
فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم.
643

يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل
ما قتل من النعم
644

يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك
صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه
645

والله عزيز ذو انتقام. أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم
عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون. جعل الله الكعبة
البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد

(1) قوله (لتنائكم) التناء: كرمان المقيمون جمع تأني، من تنأ بالمكان: أقام به اه‍ سعد بزيادة.
646

ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شئ عليم.
اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم. ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم
ما تبدون وما تكتمون. قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثر الخبيث
647

فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون. يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء
إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها
والله غفور حليم. قد سألها قوم من قلكم
648

ثم أصبحوا بها كافرين. ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن
الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون. وإذا قيل لهم
تعالوا إلى ما أنزل الله والى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان
آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون. يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم
649

من ضل إذا اهتديتم، إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون. يا أيها
الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل
منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت
تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان
650

ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين. فإن عثر على أنهما استحقا إثما
فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا
أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين. ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة
على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم
651

واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين. يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا
أجبتم؟ قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب.
652

إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح
القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل
وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه
والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم
بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين. وإذ أوحيت إلى الحواريين
أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون.
653

إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من
السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين. قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا
ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين. قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا
654

أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت
خير الرازقين. قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا
لا أعذبه أحدا من العالمين. وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس
اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق
إن كنت قلته فقد علمته، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب.
655

ما قلت لهم إلا ما أمرتني به، أن اعبدوا الله ربي وربكم،
656

وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت
على كل شئ شهيد. إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز
الحكيم.
657

قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، لهم جنات تجري من تحتها
الأنهار،
658

خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه، ذلك الفوز العظيم. لله ملك السماوات
والأرض وما فيهن، وهو على كل شئ قدير.
بحمد الله تعالى قد تم طبع الجزء الأول، ويليه الجزء الثاني
وأوله: تفسير سورة الأنعام
659