الكتاب: المهدي المنتظر (ع) في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة
المؤلف: دكتر عبد العليم عبد العظيم البستوي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٠ - ١٩٩٩ م
المطبعة:
الناشر: المكتبة المكية - مكة المكرمة - السعودية / دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

المهدي المنتظر
في ضوء
الأحاديث والآثار الصحيحة
وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة
1

بسم الله الرحمن الرحيم
2

الأحاديث الواردة في المهدي
في ميزان الجرح والتعديل
(1)
المهدي المنتظر
في ضوء
الأحاديث والآثار الصحيحة
وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة
تأليف
الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي
المكتبة الملكية
دار ابن حزم
3

جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
1420 ه‍ - 1999 م
الكتب والدراسات التي تصدرها الدار
تعبر عن آراء واجتهادات أصحابها
المكتبة الملكية
حي الهجرة - مكة المكرمة - السعودية - هاتف وفاكس: 5340822
دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع
بيروت - لبنان - ص ب 6366 / 14 - تلفون: 701974
4

هذا الكتاب
" ومن أراد أن يقف على التحقيق المعتبر بشأن المهدي المنتظر
فيمكنه ذلك بالاطلاع على الرسالة التي أعدها الشيخ عبد العليم عبد
العظيم الهندي ونال بها درجة الماجستير من قسم الدراسات العليا بجامعة
الملك عبد العزيز بمكة والتي زادت صفحاتها على ستمائة صفحة وهي
بعنوان " الأحاديث الواردة في المهدي في ميزان الجرح والتعديل " وقد
مكث في إعدادها عدة سنوات جمع فيها ما ورد في الموضوع من
الأحاديث والآثار ودرس أسانيدها وبين ما قاله المحدثون عن أحوال
رجالها وما قاله أهل العلم في صحتها أو ضعفها ونقل فيها الكثير من
أقوال العلماء في تواترها وفي ثبوتها والاحتجاج بها وتكلم فيها في
موضوع المهدي من مختلف الجوانب مما جعلها بحق فيما أعلم أفضل
وأوسع مرجع يرجع إليه في هذه المسألة (1) ".

(1) من كلمات فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد نائب رئيس الجامعة الاسلامية
بالمدينة المنورة سابقا في كتابه: " الرد على من كذب الأحاديث الصحيحة الواردة في
المهدي " ص: 74.
5

بين يدي الكتاب
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن
يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله.
أما بعد...
فإن السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتحية لها أهمية كبيرة
ومنزلة عظيمة في الشريعة الاسلامية، فإن السنة هي تفسير للقرآن الكريم
تبين لفظه وتوضح معناه. قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما
نزل إليهم ولعلهم يتفكرون (44)) (1).
كما أنها زيادة عليه وبيان لأمور كثيرة سكت عنها القرآن، فقد قال
الرسول صلى الله عليه وسلم " ألا إني أوتيت القرآن وأوتيت مثله معه " (2).
وإن هذه الزيادة قد خرجت من حيث خرج القرآن، من مشكاة واحدة،

(1) سورة النحل: 44.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب السنة في سننه (3 / 200) وإسناده صحيح. انظر مشكاة
المصابيح بتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (1 / 57) حديث: 163.
7

قال تعالى: (وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحى يوحى (4)) (1).
ومن ثم وجبت علينا طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجميع: (من يطع
الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (80) (2).
(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلغ
المبين (92)) (3).
ولذلك أمر المسلمون بالتبليغ عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم، " نضر الله
امرءا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه
منه " (4). وقال: " فليبلغ الشاهد الغائب " (5).
ولما كان الله تعالى قد تكفل حفظ هذه الشريعة وبقاءها: (إنا نحن
نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (9)) (6) فقد قيض لها رجالا صالحين أخلصوا
دينهم لله تعالى وبذلوا قصارى جهودهم في حفظ كتاب الله تعالى وسنة
نبيه صلى الله عليه وسلم حتى انتقل إلينا كتاب الله تعالى غضا طريا حفظه الآلاف المؤلفة
في كل جيل كابرا عن كابر، ووصلت إلينا السنة النبوية الطاهرة محفوظة
في الصدور ومقيدة في السطور. وقد تصدى لها رجال لا يحصى عددهم
إلا الله تعالى فوقفوا حياتهم لجمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وحفظها وروايتها
وتحقيقها وتمحيصها بكل أمانة وديانة وإخلاص وبلغوها إلينا بالأسانيد التي
وصلت إليهم بها.

(1) سورة النجم: 3، 4.
(2) سورة النساء: 80.
(3) سورة التغابن: 12.
(4) أخرجه الترمذي (5 / 34) واللفظ له وابن ماجة (1 / 85) وأحمد (1 / 437) من
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو حديث صحيح مستفيض مروي عن
عدة من الصحابة مثل زيد بن ثابت وأنس بن مالك وجبير بن مطعم. انظر: صحيح
الجامع الصغير (6 / 29) أرقام 6639 - 6642.
(5) صحيح البخاري مع الفتح (1 / 158) حديث رقم 67.
(6) سورة الحجر: 9.
8

كما أنهم وضعوا لنا قواعد لمعرفة صحيحها من سقيمها، وهي أدق
قواعد عرفتها البشرية لتحقيق الاخبار والتمييز بين الصحيح والغلط
والصواب والخطأ، كما أنهم ترجموا الآلاف بل مئات الآلاف من رواة
الحديث ونقلته وبينوا درجتهم من حيث العدالة والضعف. جزاهم الله عنا
وعن المسلمين خير الجزاء.
وكان من بين الأحاديث التي وصلت إلينا عن طريق هؤلاء الجهابذة
المؤمنين أحاديث تبشر بخلافة أمير صالح يخرج الدجال في عصره، وينزل
عيسى ابن مريم عليه السلام لقتل الدجال فيصلى ورائه. وهو المعروف
" بالمهدي " أو " المهدي المنتظر ".
والأحاديث والآثار الواردة في المهدي كثيرة جدا. ونظرا إلى هذه
الأحاديث نشأت في المسلمين فكرة " المهدي المنتظر " وكانت هذه الفكرة
لها آثار سياسية وفكرية خطيرة في التاريخ الاسلامي.
فمنذ القرن الأول إلى أيامنا هذه ظهر رجال كثيرون حاولوا استغلال
هذه الفكرة وأرادوا تطبيقها على أنفسهم، أملا منهم أن ينالوا هذه المرتبة
العالية والدرجة الرفيعة أو طعما في الوصول إلى السلطة والحكم بتغرير
العوام السذج بهذه الفكرة، فكم من فتن قامت، وكم من دماء أريقت،
وحروب استمرت زمنا طويلا.
كما تناول هذه الفكرة القصاص والمتشدقون في الكلام، فأصبحوا
يحدثونها للناس بأساليب عجيبة وغريبة، والكلام الغريب محبب إلى عامة
الناس تستمتع منه آذانهم وتتطلع إليه نفوسهم. ونسبت هذه الحكايات إلى
الرسول صلى الله عليه وسلم تارة وإلى أصحابه أو التابعين لهم تارة أخرى وإلى مصادر
أهل الكتاب تارات، حتى جعلت هذه الحكايات فكرة المهدي أشبه بفكرة
وهمية خيالية.
قال الإمام أحمد رحمه الله: " ثلاثة كتب ليس لها أصول، وهي
9

المغازي والتفسير والملاحم " (1). قال الحافظ ابن حجر: " ينبغي أن يضاف
إليها الفضائل، فهذه أودية الأحاديث الضعيفة والموضوعة، إذ كانت العمدة
في المغازي على مثل الواقدي وفي التفسير على مثل مقاتل الكلبي وفي
الملاحم على الإسرائيليات، وأما الفضائل فلا تحصى كم وضع الرافضة
في فضل أهل البيت وعارضهم جهلة أهل السنة بفضائل معاوية، بدءوا
بفضل الشيخين وقد أغناهما الله وأعلى مرتبتهما عنها " (2).
وقال الخطيب البغدادي، تعليقا على كلام الإمام أحمد المذكور:
" وهذا محمول على كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد
عليها لعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها، فأما كتب الملاحم
فجميعها بهذه الصفة وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة
غير أحاديث يسيرة " (3).
ولما كانت فكرة المهدي المنتظر تتعلق بالفتن والملاحم من جهة
وتتعلق بالفضائل والمناقب من جهة أخرى، وللشيعة شغف خاص بها
كانت دواعي الكذب والوضع فيها أكثر وأظهر. ولكن مع ذلك هي فكرة
لا يمكن أن يتجاهلها المفكرون والكتاب والباحثون فقد فرضت نفسها على
الأمة من خلال القرون الطويلة والأدعياء الكثيرين في كل عصر من
العصور، ومن خلال الحكايات التي تروى وتقص من جيل إلى جيل
يحكيها الكبار والمسنون ويصغي إليها الصغار والناشؤون لندرتها وطرافتها
والكل ينتظر ظهور ذلك المنتظر ويتمنى رؤيته وإدراكه.
ولكن ما مدى صحة هذه الفكرة؟ هل صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها
وأخبر بها؟

(1) ذكره الحافظ بن حجر في مقدمة لسان الميزان (1 / 13).
(2) لسان الميزان (1 / 13).
(3) ذكره الملا علي القاري في الاسرار المرفوعة (ص 399).
10

أم أنها أسطورة من الأساطير التي تروى وتقص للتسلية والقضاء على
الوقت عند غلبة التعب والملل. أم أنها زفرة من زفرات المظلومين الذين
يئسوا من نيل حقوقهم في حياتهم لجور بعض الحكام؟
أم أنها مكيدة من مكائد المتلهفين على القيادة والسلطة؟
أم أنها حكاية من حكايات الأمم الماضية تسربت إلى أذهان وعقول
بعض المسلمين؟
لقد رأينا العلماء والكتاب والمؤلفين في أيامنا هذه مختلفين فيها أشد
الاختلاف، فمنهم من يكذبها من أساسها ويراها خرافة، ومنهم من يصدقها
ويؤمن بها ويراها جزءا من المبشرات التي بشر بها النبي الصادق الأمين
صلى الله عليه وسلم.
وطالما تمنى رجال باحثون ومحققون تمحيص القول فيها وجمعها
ودراستها من مصادرها الأساسية، وسجلوا أمنيتهم هذه في كتبهم وأبدوها
في مجالسهم وكلماتهم، كما سيرى القارئ الكريم كل هذا بتفصيل في
صفحات هذا الكتاب.
ولقد كنت واحدا من هؤلاء الذين كانوا يسمعون الكثير في هذا
الموضوع من هنا وهناك بدون أن تكون لدي قدرة لمعرفة حقيقتها وللتمييز
بين غثها وسمينها. فلما من الله تعالى علي بالدراسة والانخراط في سلك
طلبة العلم ووصلت إلى الدراسات العليا واخترت فرع الكتاب والسنة
بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، رأيت أن أجعل هذا البحث موضوعا
لرسالتي لنيل درجة الماجستير في فرع الكتاب والسنة من كلية الشريعة
والدراسات الاسلامية في جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة (1).

(1) وكانت آنذاك فرعا لجامعة الملك عبد العزيز بجدة ثم استلقت وتعرف الان بجامعة
أم القرى بمكة المكرمة. وقد نوقشت هذه الرسالة في عام 1398 ه‍ وأقدمها الان
بين يدي القارئ بعدما أعدت النظر فيها فحذفت أشياء وأضفت أشياء.
11

فاستعنت بالله سبحانه وتعالى وبدأت أولا أجمع كل ما روي في هذا
الموضوع من مظانه في مصادر السنة المختلفة حسبما توفرت لدي أو
تمكنت من الوصول إليها، فما كان مرتبا على الأبواب أخذت من
أبوابها المختصة بهذا الموضوع، وما لم يكن مرتبا على الأبواب اضطررت
إلى البحث فيه حسب الامكان فقرأت وتصفحت كتبا عديدة من أولها إلى
آخرها، ومن بينها " مسند الإمام أحمد بن حنبل " و " المعجم الصغير "
للطبراني و " حلية الأولياء " للحافظ أبي نعيم الأصبهاني و " أخبار أصبهان "
له، و " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي وأجزاء كبيرة من مسند أبي يعلى
والفردوس للديلمي وكتاب الضعفاء للعقيلي وغيرها من مخطوطاتها.
وكان كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي من أوسع المصادر في
هذا الباب حسبما تبين لي من نقول العلماء والمؤلفين في هذا الموضوع
فكنت أشتاق إليه أشد الاشتياق، ولكن لم أجد منه سوى نسختين
مصورتين على الميكروفيلم في مكتبة جامعة الملك عبد العزيز بمكة،
فنظرت في إحداهما مستعينا بالآلة المكبرة فرأيت أن ما يتعلق فيه بموضوع
المهدي كثير جدا فاضطررت إلى أن أنسخ هذا الكتاب حرفا حرفا بقراءته
على الآلة المكبرة، حتى انتهيت منه بعون الله تعالى، وزاد على أربعمائة
صفحة بالخط الدقيق. ولا يعرف ما بذلت فيه من الجهد ولقيت فيه من
العناء والتعب إلا من مر من هذا الوادي وعرف وعروة الطريق وخطورة
المسلك.
ولقد جمعت فيه كل ما توصلت إليه في المراجع المعتمدة لدى أهل
السنة من الأحاديث المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين، وتركت من دونهم
إلا ما ذكره السيوطي في كتابه العرف الوردي، وذلك لشهرة هذا الكتاب
في أوساط الناس، فلا بد من وضع الحقائق أمام أعينهم لكي يعرفوا
قيمتها ومدى الاعتماد عليها. وأما ما سواها من الحكايات والاخبار التي
ليس لها زمام ولا خطام وقد دخلت في بعض الكتب مثل تذكرة القرطبي
وغيرها " بورد، وروي، وسمعنا، ويقال " فلا أتعرض لها، إذ أنها لا
12

تستحق أن تدخل في نطاق بحث علمي جاد. وأما المخترعات القديمة أو
الحديثة التي شحنت بها المصادر الشيعية والتي تنسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو
إلى أئمة أهل البيت من خلال العلوم السرية التي اختص بها أهل البيت
في زعمهم أو الجفر أو كتب الأمم السابقة أو الكشوفات أو المغيبات التي
اطلعوا عليها في زعمهم، وتروى بأسانيد مكذوبة تارة وبدون أسانيد تارات
وتارات، فإنها أكثر من أن تحصر وأهون من أن تذكر، ولا سيما ما ورد
منها في صاحب السرداب وولادته المزعومة وغيبة وما ورد من أوصافه
وخوارقه الكثيرة. وإن مجرد جمعها يحتاج إلى رسائل لا إلى رسالة واحدة
ولا يمكن أن نلتفت إليها ولا يتسع وقتنا لذلك.
ولقد شحن صاحب ينابيع المودة (1) كتابه من مثل هذه الروايات التي
ليس لها خطم ولا أزمة ويسوقها بدون أسانيد إلا ما هو أندر من النادر
ويأخذ من مصادر الله أعلم بحالها. والكتاب مع طوله وكبر حجمه لا
يمكن أن يوثق به في نقوله لأنه ملئ بأخطاء فاحشة بحيث يسبق إلى
القلب أنها مكذوبة مزورة عن قصد وعمد، وأكتفي هنا بذكر مثال واحد.
فقد ذكر حديث: " لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها
والمهدي في وسطها ". فعزاه إلى الشيخين والترمذي والنسائي وأحمد،
وزعم أنه أخذه عن السيوطي في الجامع الصغير من حديث جابر (2).
وليت شعري في أي نسخة من نسخ الصحيحين والكتب المذكورة توجد
وليت شعري في أي نسخة من نسخ الصحيحين والكتب المذكورة توجد
هذه الرواية، هذا مع أن السيوطي إنما عزاه إلى أبي نعيم في أخبار
المهدي فقط، وهو من حديث ابن عباس لا حديث جابر، وضعفه

(1) هو سليمان بن إبراهيم القندوزي (1220 - 1270 ه‍) قال الزركلي: سليمان بن
خوجة إبراهيم قبلان الحسيني الحنفي النقشبندي القندوزي، فاضل من أهل بلخ،
مات في القسطنطينة له " ينابيع المودة في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل البيت " (الاعلام
3 / 186).
(2) ينابيع المودة (ص 221).
13

السيوطي بنفسه (1). وفي الكتاب أمثلة كثيرة من هذا القبيل، ولا ندري إلى
من يرجع الفضل في هذا الاختلاق؟ هل إلى المؤلف نفسه أم إلى أولئك
الذين قاموا بنشر الكتاب المذكور (2)؟ فإن كان هذا حالهم في كتب لا
يكاد يخلو منها بيت من بيوت علماء المسلمين ومكتبة من المكتبات
الاسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، فإن كان هؤلاء لا يتورعون من
الكذب عليها، فما بالك بالكتب النادرة أو المخطوطات التي لم تر النور
بعد، ثم ما بالك بالكتب التي ألفها هؤلاء بأنفسهم لاقناع أتباعهم وما
شحنوها به من أسانيد مخترعة على أهل البيت وغيرهم من الأقوال
المنسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى الصحابة أو إلى أئمة أهل البيت، مثل
كتب الموفق الخوارزمي (3) وغيره. كل هذه وتلك والتي أكثر من إيرادها
صاحب " ينابيع المودة " في كتابه (4) لا يمكن أن تدخل في نطاق بحث
علمي قائم على الموضوعية والتجرد والتمسك بالقواعد والمبادئ العلمية،
ولذلك أكتفي بالإشارة إليها هنا وأعرضت عن إيرادها في صفحات هذا
الكتاب.

(1) فيض القدير شرح الجامع الصغير (5 / 301).
(2) قامت بنشره " المطبعة الحيدرية ومكتبتها في النجف الأشرف " سنة 1384 ه‍ /
1965 ه‍، وقدم له المسمى " العلامة السيد محمد مهدي السيد حسن الخرساني "
وكتب عليه " الطبعة السابعة وتمتاز على باقي الطبعات بالتصحيح والتدقيق "؟؟
(3) يلقبه الشيعة بأخطب خطباء خوارزم وينسون إليه كثيرا مما يروونه في فضائل أهل
البيت وقال شيخ الاسلام ابن تميمة: " إن أخطب خوارزم هذا له مصنف في هذا
الباب فيه من الأحاديث المكذوبة ما لا يخفى كذبه على من له أدنى معرفة بالحديث
فضلا عن علماء الحديث وليس هو من علماء الحديث ولا ممن يرجع إليه في هذا
الشأن البتة وهذه الأحاديث مما يعلم أهل المعرفة بالأحاديث أنها من المكذوبات ".
منهاج السنة (3 / 1).
(4) وعلى سبيل المثال انظر الباب الحادي والسبعين من كتابه (500 - 515) في " إيراد
ما في كتاب المحجة فيما نزل في القائم الحجة " وكذلك الباب الخامس والسبعين
والسادس والسبعين.
14

وبعد الفراغ من جمع الأحاديث والآثار بدأت أبحث في أسانيدها
للتمييز بين صحيحها وضعيفها مستعينا بالقواعد التي قررها المحدثون وأئمة
النقد قدر استطاعتي. وسيرى القارئ الكريم كل هذا في الصفحات القادمة
من هذا الكتاب.
وكنت أهدف في هذا الكتاب إلى أمرين:
1 - دراسة هذه الفكرة من أساسها، وهل لها أصل أم لا؟
2 - إن كان لها أصل فما هو الحد الذي يجب أن نقف عنده من
بين هذا الخضم من الروايات والأقوال.
ولكن كان الموضوع في الوقت نفسه مترامي الأطراف، متعدد
الجوانب ذا ثلاث شعب. فهو من جهة يتعلق بالحديث والسنة وذلك
لمعرفة أصلها من عدمه وتحديد شخصية المهدي وأوصافه ومميزاته الثابتة
من غيرها وهو كذلك يتعلق بالعقائد والفرق لأن هذه الفكرة قد دخلت في
عقائد فرق مختلفة ولهم فيها تفاصيل وتفريعات، ذكرت في مصادرها
واختلافهم كثير في تعيين المراد بها. وهو في الوقت ذاته يتعلق بالتاريخ
وذلك لمعرفة المحاولات المتكررة من قبل أشخاص أرادوا استغلال هذه
الفكرة لتحقيق أحلامهم من السيطرة على الناس والسلطة تحت شعار من
القدسية البراقة وما كانت لحركاتهم من آثار ومضاعفات في الأمة الاسلامية
عبر القرون المختلفة. والامر الثاني والثالث لم يكن يتعلق باختصاصي
كطالب في فرع الكتاب والسنة ولكن تكملة للموضوع وأداء لحقه تعرضت
لهاتين الناحيتين أيضا في المقدمة ولكن بإيجاز بالغ. ولذلك رتبت الكتاب
على مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة كما يلي:
1 - المقدمة.
* وذكرت فيها بإيجاز: معنى المهدي لغة واصطلاحا.
* المنكرون لفكرة المهدية من المتقدمين والمتأخرين.
15

* المثبتون لفكرة المهدية من المتقدمين والمتأخرين.
* اختلاف الفرق المختلفة في تصور المهدي وتعيينه.
* أدعياء المهدية المختلفون.
* سرد موجز لما ألف في المهدي ما له وما عليه.
* الحاجة إلى دراسة الموضوع دراسة علمية.
2 - الباب الأول في: الأحاديث والآثار الثابتة الصريحة في ذكر
المهدي.
3 - الباب الثاني في: الأحاديث والآثار الثابتة غير الصريحة في ذكر
المهدي (1).
4 - الباب الثالث في: الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة
الصريحة في ذكر المهدي.
5 - الباب الرابع في: الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة غير
الصريحة في ذكر المهدي.
6 - الخاتمة، وفيها:
* النتيجة التي وصلت إليها بعد البحث والتحقيق.
* عوامل الانكار لفكرة المهدية.
* شبهات المنكرين.
* كيف نقاوم المحاولات المتكررة لاستغلال هذه الفكرة.

(1) وهذا الجزء يشتمل على البابين الأولين فقط أما الأحاديث والآثار الضعيفة
والموضوعة فستخرج إن شاء الله في كتاب مستقل بعنوان " الموسوعة في أحاديث
المهدي الضعيفة والموضوعة " وسوف تقوم المكتبة المكية بطبعه قريبا إن شاء الله.
16

أما ما يتعلق بتخريج الأحاديث، فأذكر فيه كل من خرجه من الأئمة
في كتبهم مع ذكر أسانيدهم ومتونهم كاملة، ولا أكتفي فيه " بمثله أو
نحوه "، ولا بذكر بعض السند دون بعض. وذلك لكي أضع جميع الحقائق
أمام الباحثين في الموضوع ولكي أسهل عليهم الطريق فأخفف عنهم بعض
التعب الذي عانيت منه في جمعي لهذه الروايات، فيستطيع الباحث أن
يطلع على كل الأسانيد وكل المتون مع ملاحظة ما فيها من الاختلاف
والفرق في بعض الكلمات وكأن المراجع الأصلية موجودة بين يديه.
كما أني اضطررت إلى ذكر أحاديث صحابي واحد في بعض الأحيان
بأرقام خاصة متعددة مع كونها تشترك في كثير من أجزاء متنها وذلك
لاختلاف التعبير في بعض الأحيان أو لزيادة جملة أو جمل تفرد بها سند
دون غيره، ولي في ذلك أسوة فقد قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في
مقدمة صحيحة:
" أنا نعمد إلى جملة ما أسند من الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقسمها
على ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الناس علي غير تكرار، إلا أن يأتي
موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو إسناد يقع إلى
جنب إسناد لعلة تكون هناك لان المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه
يقوم مقام حديث تام فلا بد من إعادة الحديث الذي فيه ما وصفنا من
الزيادة، أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره إذا
أمكن، ولكن تفصيله ربما عسر من جملته فإعادته بهيئته إذا ضاق ذلك
أسلم " (1).
وأما ما يتعلق بتحقيق الأحاديث: فقد ترجمت في الأحاديث
الصحيحة لكل راو من أول السند إلى آخره مستعينا في ذلك بالمراجع
المهمة في هذا الموضوع من كتب أئمة الجرح والتعديل من المتقدمين

(1) صحيح مسلم (1 / 5) المقدمة.
17

والمتأخرين فذكرت لكل راو اسمه ونسبه وكنيته وما يستحقه من درجة
العدالة والضبط فإن كان الراوي من رجال الكتب الستة أبدأ في ترجمته بما
ذكره الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب ويكون حكمه في الراوي هو
المعتمد في الغالب، فإن رأيت أن غيره أرجح ذكرت ما هو الراجح
وذكرت قول الحافظ ابن حجر فيه كما أسرد بعض أقوال الأئمة التفصيلية
في أمره.
وإن كان الراوي من غير رجال الستة ذكرت فيه الراجح من أقوال
الأئمة أولا ثم أتبعته بالأقوال الأخرى. فالحكم المذكور في أول ترجمته
هو المعتمد ثم أتبعته ببعض أقوال أئمة الجرح والتعديل الواردة فيه لمزيد
من التوضيح والتأكيد ولكن بدون استقصاء لان فيه تطويلا ليس هذا
مجاله.
أما إذا كان الراوي من الذين اختلفت فيهم أنظار الأئمة من أهل
الجرح والتعديل وعليه مدار الحديث فحينذاك أذكر كل ما وجدت فيه من
الأقوال في الجرح أو في التعديل ثم أقارن بينهما وأذكر الراجح مع بيان
أدلة الترجيح.
ويلاحظ القارئ الكريم أن بعض الأحاديث قد وردت من طرق
مختلفة متعددة في أول الاسناد ثم تلتقي هذه الطرق كلها في موضع واحد
في أثناء السند بحيث يكون آخر السند واحدا لكل هذه الطرق ففي مثل
هذه الحالة أختار طريقا واحدا لترجمة رجاله وبيان درجتهم وذلك لان
ثبوت إسناد واحد يغني عن البحث في الأسانيد الأخرى لا سيما وأنها
تلتقي في الجزء الأخير من الاسناد. فإن كان الاسناد مختلفا من أوله إلى
آخره فحينذاك أترجم لجميع رجال الأسانيد وذلك لكي نعرف درجة كل
إسناد بحاله.
وعلى سبيل المثال نرجع إلى حديث رقم 21 فقد روي هذا الحديث
من ثلاثين طريقا، تلتقي سبعة وعشرون منها في عاصم بن أبي النجود -
18

وعليه مدار الحديث - عن زر، عن عبد الله، فاخترت منها طريقا واحدا
للبحث التفصيلي وهو المذكور في أول التخريجات، وأما الطرق الثلاثة
الأخرى فهي من غير طريق عاصم، فاخترت منها طريقا واحدا أيضا لكي
نعرف هل المتابعة الموجودة فيه لعاصم صحيحة أم لا؟ وهكذا الامر في
جميع الأحاديث الصحيحة أو الحسنة أي في الباب الأول والثاني.
وأما الأحاديث الضعيفة والموضوعة فقد اكتفيت فيها بذكر تراجم
الضعفاء الذين ضعف الحديث لأجلهم وذلك لأنه إذا ثبت الضعف في راو
واحد أو أكثر في الاسناد ولم يوجد ما يجبره من المتابعات أو الشواهد -
إن كان الضعف خفيفا - فالحديث ضعيف ولو كان بقية رجاله من أوثق
الناس وأحفظهم خلافا لقسم الصحاح فإن العدالة والضبط يجب أن تتوافر
في جميع رواتها من أول الاسناد إلى آخره مع الاتصال والبراءة من الشذوذ
والعلة، فلذلك يجب هناك أن تذكر تراجم جميع الرواة، والله أعلم.
بعد ذكر تراجم رجال الاسناد في جميع الأحاديث - سواء كانت
صحيحة أو ضعيفة - إن وجدت في الحديث حكما من أحد من العلماء
المعتمدين في التصحيح والتضعيف سواء كان من المتقدمين أو المتأخرين
ذكرته.
فإن كان حكمه مخالفا لما توصلت إليه بعد البحث في إسناد
الحديث وملاحظته متنه، ناقشه بإيجاز، وإن كان موافقا لما وصلت إليه
أو قريبا منه (1) سكت عليه. وذلك لان طالبا مبتدئا مثلي يستأنس بأقوال
هؤلاء العلماء فيجد في نفسه ثقة وطمأنينة ويتلذذ بتلك الأريحية التي تعتريه
من سرور الوصول إلى النتيجة الصحيحة بعد عناء البحث والتحقيق. وبعد
هذا كله أذكر النتيجة حسبما ترجح لدي بإيجاز كقولي " إسناده صحيح " أو
" إسناده حسن " أو " إسناده ضعيف " وما إلى ذلك.

(1) كأن يصحح حديثا أراه حسنا فقط أو أن يضعف حديثا أراه ضعيفا جدا وذلك لان
كلمة " ضعيف " من حيث عمومها تشمل الضعيف جدا وحتى الموضوع. والله أعلم.
19

وهناك مجموعة من الأحاديث ذكرها العلماء في كتبهم محذوفة
الأسانيد لم أجد أسانيدها فإن وجدت فيها حكما من العلماء من حيث
الصحة أو الضعف ألحقتها بأمثالها، ومع ذلك بقيت أحاديث لم أجد
أسانيدها ولم أجد فيها حكما من أحد العلماء فذكرتها في آخر الكتاب مع
ذكر المواضع التي أخذت منها.
هذا ما كنت كتبته في عام 1397 ه‍. وقد اطلع على الكتاب بعد
ذلك عدد من كبار العلماء والفضلاء فأثنوا عليه ثناءا جيدا ومنهم سماحة
العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام بالمملكة العربية
السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والافتاء فيها
وسماحة العلامة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل إمام الحرم المكي
والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي حفظهما الله.
أما فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد نائب رئيس الجامعة الاسلامية
بالمدينة المنورة سابقا حفظه الله فقد نوه به في كتابه " الرد على من كذب
بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي ".
وعلى الرغم من أن الكتاب لم يطبع قبل الان، بلغت شهرته الآفاق
وأصبح مرجعا في بابه بفضل الله فاستفاد منه كثيرون في رسائلهم الجامعية
وأبحاثهم العلمية كما ألح علي كثير من طلبة العلم من مختلف أنحاء
العالم بطبعه ونشره إلا أنني لم أسع لذلك كثيرا طمعا مني في أن أجد
فرصة ومتسعا من الوقت لأعيد النظر فيما كتبته من قبل لان تصحيح
الأحاديث أو تضعيفها ليس بالامر الهين فلا بد فيه من التأني وإعادة النظر
مرة بعد أخرى حتى يطمئن القلب ومع ذلك فلا يأمن فيه الانسان الزلل
ولكنه لا يملك ألا جهده والعلم عند الله وحده. ولكنني انشغلت بأبحاث
وكتب أخرى فلم أجد وقتا للمراجعة حتى ألح علي بعض من أحبهم في
الله وأبدى رغبته في طبعه ونشره فلم أجد بدا من أن ألقي نظرة ولو
عاجلة على ما كنت كتبته من سابق فعدلت بعض الأشياء وأضفت بعض
20

الأشياء لكن في حدود ضيقة جدا لان الاكثار من التعديلات يتطلب إعادة
صياغة الكتاب من جديد وذلك ما لا أجد له سبيلا في الوقت الحاضر.
ولقد كنت اعتمدت على كثير من المخطوطات في البحث عن
الأحاديث وغيرها وكنت أحلت إلى مواضعها في تلك المخطوطات وقد
طبع الكثير منها في هذه الفترة فأصبح ميسورا لمن يريد الرجوع إليها
ولكني لم أستطع أن أغير الاحالات لما في ذلك من الصعوبة التي لا
تخفى على طلبة العلم.
وليعلم القارئ الكريم بأنني لم أقصد من هذا البحث إخراج كتاب
مختصر في إثبات فكرة المهدي أو إنكاره ولكني أردت بحث الموضوع
من كافة جوانبه وبكل تجرد وموضوعية فإن ثبت بعد البحث أثبته وإن كان
غير ذلك أعلنته بكل صراحة وهذا عمل موسوعي يستلزم ذكر كل ما
توصلت إليه في مصادر السنة المعتمدة سواء كان صحيحا أو ضعيفا أو
موضوعا ثم دراسته دراسة نقدية ثم ذكر النتيجة التي توصلت إليها وهذا
أمر قد يستثقله بعض القراء لا سيما في هذا العصر - عصر السرعة
والاختزال - حيث يعتمد كثير من الناس في تنمية ثقافاتهم على وسائل
الاعلام المرئية والمسموعة أو مقالات الصحف والجرائد أو المحاظرات
العامة فقط ولهؤلاء الأحبة ذكرت خلاصة بحثي في خاتمة الكتاب
وبإمكانهم الاكتفاء بها إن شاءوا. ولكن عذري إلى هؤلاء الاخوة أنني
أخاطب في هذا الكتاب مجموعتين من الناس على طرفي نقيض فمجموعة
تكذب كل ما ورد في الموضوع فلا بد أن أذكر لها ما صح منها وأرد
على شبهاتها ولو من غير ذكرها صراحة.
ومجموعة أخرى تحتج بكل ما ورد ولو كان ضعيفا أو موضوعا فلا
بد أن أبين لها بأن كثيرا مما ورد في هذا الموضوع لا يصح عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز نسبتها إليه فكان لا بد لي من أن أسعى إلى إحصاء كل
ما يتعلق بالموضوع قدر الامكان والاستطاعة.
21

وختاما لا بد لي أن أذكر بأنني بذلت جهدي المستطاع في البحث
والتحقيق ولكن الباحث لا يأمن على نفسه العثار، والخطأ والنسيان من
لوازم الانسان فلما أصبت فيه من شئ فمن الله تعالى وفضله وكرمه وما
أخطأت فيه فأرجو منه سبحانه العفو والمغفرة.
وإن أي ملاحظة تصلني من أي شخص ستكون موضع اهتمامي
وترحابي إن شاء الله. ورجائي الوحيد من كل من يطلع على هذا الكتاب
أو غيره من كتبي أن يستغفر الله لي ويذكرني في دعواته الصالحة لعل الله
ينفعني بها في هذه الدنيا ويوم القيامة. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من
أتى الله بقلب سليم.
وسبحانك اللهم وبحمدك، وأشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك
وأتوب إليك. وصلى الله وسلم على سيد المرسلين محمد وعلى آله
وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
د. عبد العليم عبد العظيم البستوي
مكة المكرمة
12 / 5 / 1412 ه‍
19 / 11 / 1991 م
22

المقدمة
* المهدي لغة واصطلاحا.
* كثرة الأحاديث الواردة في المهدي.
* المنكرون لفكرة المهدية أو المترددون فيها.
* الأئمة والعلماء الذين نصوا على تواتر أحاديث المهدي.
* الأئمة والعلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي.
اختلاف الفرق المختلفة في تصور المهدي وتعيينه.
* اهتمام العلماء بموضوع المهدي قديما وحديثا.
* سرد موجز لما ألف في المهدي.
* الحاجة إلى دراسة الموضوع دراسة علمية.
23

المهدي لغة واصطلاحا
المهدي في اللغة اسم مفعول من هدى. والهدى هو الرشاد. قال
في الصحاح: الهدى: الرشاد والدلالة - يؤنث ويذكر - يقال: هداه الله
للدين هدى.. وهديته الطريق والبيت هداية أي عرفته (1).
وفي لسان العرب: الهدى: ضد الضلال وهو الرشاد، وفي
الحديث: " سنة الخلفاء الراشدين المهديين ". المهدي: الذي قد هداه الله
إلى الحق. قد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة (2).
لم تستعمل كلمة " المهدي " في القرآن. وإن كانت المادة قد وردت
في مواضع كثيرة (ومن يهد الله فهو المهتد) (3) (ولكل قوم هاد) (4).
وأما في الحديث فقد وردت في عدة مواضع، فقد جاءت صفة
لعيسى بن مريم عليه السلام، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى بن مريم إماما مهديا وحكما

(1) الصحاح للجوهري (6 / 2533).
(2) لسان العرب (15 / 353 / 354).
(3) سورة الكهف: 17.
(4) سورة الرعد: 7.
25

عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها " (1).
وقد وردت وصفا للخلفاء الراشدين أيضا، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين " (2).
قال ابن الأثير في النهاية: المهدي الذي قد هداه الله إلى الحق
ويريد بالخلفاء المهديين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم. وإن
كان عاما في كل من سار سيرتهم (3).
وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة رضي الله عنه فقال: " اللهم اغفر
لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبة الغابرين " (4).
وكان جرير بن عبد الله بن البجلي رضي الله عنه لا يثبت على
الخيل فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال:
" اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا " (5).

(1) مسند أحمد (2 / 411)، وإسناده صحيح، رواه أحمد عن محمد بن جعفر قال ثنا
هشام بن حسان عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومحمد بن جعفر هو
غندر، ثقة، تقريب (2 / 151) وهشام بن حسان هو القردوس من أثبت الناس في
ابن سيرين تقريب (2 / 318) ومحمد هو ابن سيرين.
(2) أخرجه أبو داود في سننه (4 / 200) رقم 4607، والترمذي في جامعه (5 / 44) رقم
2676، وابن ماجة في سننه (1 / 16) رقم 42، 43، 44 وأحمد في مسنده (4 /
126) و (4 / 127) في ثلاثة مواضع، والدارمي (1 / 45) وقال الألباني في تعليقاته
على المشكاة: سنده صحيح. وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه جماعة منهم
الضياء القدسي في اتباع السنن واجتناب البدع (79 / 1) - تخريج المشكاة (1 / 58)،
رقم 165.
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر (5 / 254).
(4) أخرجه مسلم (2 / 634) وأبو داود (3 / 191) وأحمد (6 / 297).
(5) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد (6 / 189) و (6 / 154) وفي كتاب المغازي (8 /
70) و (8 / 71)، وكذلك أخرجه ابن ماجة (1 / 56) وأحمد (4 / 362) و (4 /
365).
26

وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاوية فقال: " اللهم اجعله هاديا مهديا
واهد به " (1).
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: " اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة
مهديين " (2).
وروي في وصف علي رضي الله عنه أيضا، فقد روى الإمام أحمد
في مسنده عن علي رضي الله عنه: قال: قيل: يا رسول الله من يؤمر
بعدك قال: " إن تؤمروا أبا بكر رضي الله عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا
راغبا في الآخرة. وإن تؤمروا عمر رضي الله عنه تجدوه قويا أمينا لا
يخاف في الله لومة لائم. وإن تؤمروا عليا رضي الله عنه ولا أراكم
فاعلين، تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم (3).
وقد وردت هذه الكلمة في الشعر العربي كثيرا، فقد وردت في
مديح الرسول صلى الله عليه وسلم. قال حسان بن ثابت:
ما بال عيني لا تنام كأنما كحلت مآقيها بكحل الأرمد
جزعا على المهدي أصبح ثاويا يا خير من وطئ الحصى لا تبعد (4)
وقال زهير بن القين يخاطب الحسين بن علي رضي الله عنه:

(1) أخرجه الترمذي (5 / 687) وأحمد (4 / 216) وأبو نعيم في حلية الأولياء (8 / 358)
وقال الألباني: سنده صحيح. مشكاة المصابيح (3 / 281) رقم 6235.
(2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4 / 264) وهو في سنن النسائي أيضا (3 / 54 / 55)
من ثلاثة طرق بلفظ: " هداة مهتدين " وقد ذكره في المشكاة معزوا إلى النسائي بلفظ
" مهديين " وقال الألباني: إسناده جيد. تخريج المشكاة (2 / 770) رقم 2497،
صحيح الكلم الطيب (ص 45) رقم 89.
(3) رواه أحمد (5 / 176) وإسناده ضعيف لان فيه أبا إسحاق السبيعي وهو مدلس وقد
عنعن. وأخرج نحوه أبو نعيم في الحلية عن حذيفة (1 / 64) وقال فيه الذهبي:
منكر. الميزان (2 / 613).
(4) السيرة لابن هشام 2 / 669.
27

أقدم هديت هاديا مهديا فاليوم تلقى جدك النبيا (1)
وقد أطلقت هذه الكلمة على بعض الخلفاء الأمويين أيضا فقال
الفرزدق في سليمان بن عبد الملك:
وألقيت من كفيك حبل جماعة وطاعة مهدي شديد النقائم (2)
وقال فيه جرير أيضا:
سليمان المبارك قد علمتم هو المهدي قد وضح السبيل (3)
ولا شك أن هذه الكلمة استعملت في كل هذه النصوص والروايات
بمعناها اللغوي أي الذي هداه الله إلى الحق.
وقال ابن الأثير في النهاية: " قد استعمل في الأسماء حتى صار
كالأسماء الغالبة، وبه سمي المهدي الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجئ
آخر الزمان " (4).
وقد اشتهر هذا الاصطلاح عند المتأخرين فأصبحت هذه الكلمة يراد
منها عند إطلاقها هو المهدي الذي بشرت به الأحاديث أنه يخرج آخر
الزمان (5)، ولزيادة التوضيح يقال له: " المهدي المنتظر " أيضا.
كثرة الأحاديث الواردة في المهدي:
لا شك أن من نظر في كتب السنة المختلفة يرى أحاديث كثيرة قد
وردت في مهدي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمة وتختلف هذه الأحاديث من

(1) البداية والنهاية (8 / 184).
(2) العقيدة والشريعة في الاسلام (ص 341) نقلا عن المهدية في الاسلام (ص 64).
(3) المرجع السابق.
(4) النهاية (5 / 254).
(5) ابن حجر الهيتمي المكي. القول المختصر في علامات المهدي المنتظر 129 ألف.
28

ناحية الصحة أو الضعف. وسأفضل الكلام فيها جمعا ونقدا فيما بعد
ولكن ماذا كان وقع هذه الأحاديث على الأمة الاسلامية.
تلقى الأمة أحاديث المهدي بالقبول:
لقد كان من الطبيعي أن تبادر الأمة الاسلامية بتصديق كل ما صح
عن النبي صلى الله عليه وسلم والايمان به والاعتقاد به بموجبه، وهكذا كان الامر فيما يتعلق
بخلافة المهدي أيضا.
قال العلامة ابن خلدون (1): " اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل
الاسلام على ممر الاعصار إنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل
البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولى على الممالك
الاسلامية ويسمى المهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة
الثابتة في الصحيح على أثره، وإن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل
معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته " (2).
ولكن في مقابل هذا المشهور بين الأمة الاسلامية على مر العصور
قديما وحديثا نرى بعض الناس قد عرضت لهم شبهات في تسليم هذه
الفكرة، فمنهم من رأى أن المراد من المهدي هو عيسى بن مريم عليه
السلام وليس هناك مهدي غيره ومنهم من تردد في الاعتراف بهذه الفكرة
ومنهم من صرح بإنكارها ورأى أنها موضوعة مختلقة من أساسها، ولا
سيما في الماضي القريب فقد ظهرت هذه النزعة في كثير من الكتاب
والأدباء والمصنفين.

(1) هو المؤرخ الشهير أبو زيد ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي
الإشبيلي. ولد 732 ه‍، وتوفي 808 ه‍، وقد اشتهر بسبب كتابه " العبر وديوان المبتدأ
والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر " المعروف بتاريخ ابن خلدون، ولا سيما
بمقدمته المعروفة وله كتب أخرى أيضا. الاعلام (4 / 106).
(2) تاريخ ابن خلدون (1 / 555) - المقدمة.
29

المنكرون لفكرة المهدية
أو المترددون فيها
لم أعرف من المتقدمين من تعرض لانكار هذه الفكرة، نعم لقد
روي عن بعض التابعين أنهم رأوا أن المهدي هو عيسى بن مريم وهذا
القول وإن كان اعترافا بفكرة المهدي في أصل الامر لكنه في الوقت نفسه
يتضمن إنكار مهدي آخر غير عيسى بن مريم عليهما السلام إلا أن هذه
الروايات لم تصح عنهم.
1 - روى ابن أبي شيبة (1) عن مجاهد (2) أنه قال: " المهدي عيسى
بن مريم ".
ولكنه لم يثبت عنه ففيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف كثير
الاضطراب وكان قد اختلط ولم يتميز فترك حديثه (3).

(1) هو الامام الحافظ الكبير أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان
العبسي، مولاهم الكوفي. صاحب المسند والتصانيف. توفي 235 ه‍. تذكرة الحفاظ
(2 / 432).
(2) هو مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المكي، إمام في التفسير والعلم أحد التابعين -
توفي 101 ه‍ أو بعدها - تقريب التهذيب (2 / 229).
(3) انظر رقم 158 في هذا الكتاب. قسم الأحاديث الضعيفة.
30

2 - وروى نعيم بن حماد (1) عن الحسن البصري (2) أنه قال:
" المهدي عيسى بن مريم عليه السلام ".
ولم يصح إسناده أيضا كما سيأتي. ونعيم بن حماد نفسه لا يحتج به
وراوي كتابه عنه ضعيف أيضا.
3 - وروي عنه أيضا أنه قال (3): " ما أرى مهديا فإن كان مهدي فهو
عمر بن عبد العزيز ".
وهذا مع كونه معارضا لقوله الأول لم يصح إسناده عنه (4).
4 - قال ابن حبان (5) في صحيحه: ذكر الاخبار عن وصف اسم
المهدي واسم أبيه ضد قول من زعم أن المهدي عيسى (6).
وابن حبان وإن لم يذكر لنا اسم صاحبه إلا أنه يشير أن هناك من
يرى أن المراد من المهدي هو عيسى وليس هناك مهدي غيره. سواء كان
هذا القائل في عصر ابن حبان أو قبله.
5 - أبو محمد بن الوليد البغدادي (7). وقد ذكر شيخ الاسلام ابن

(1) نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي، أبو عبد الله المروزي صاحب كتاب
الفتن. توفي 228 ه‍ على الصحيح - تقريب (2 / 305) وسيأتي الكلام فيه وفي كتابه
مفصلا.
(2) الإمام الحسن بن أبي الحسن يسار البصري. أبو سعيد، أحد أئمة التابعين. مات
110 ه‍ وله 88 سنة - تذكرة الحفاظ (1 / 72).
(3) انظر رقم 150، 151 من الكتاب. قسم الأحاديث الضعيفة.
(4) انظر رقم 152 من الكتاب قسم الأحاديث الضعيفة.
(5) الحافظ الامام العلامة، أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي. صاحب المسند
الصحيح المعروف وغيره من الكتب كالثقات والمجروحين وروضة العقلاء وغيرها.
مات 354 ه‍ وهو في الثمانين. تذكرة الحفاظ (3 / 922).
(6) الاحسان في تقريب صحيح ابن حبان. (293 ب).
(7) لم أجد له ترجمة.
31

تيمية (1) عنه أنه أنكر أحاديث المهدي اعتمادا على ما روى عن النبي أنه
قال: لا مهدي إلا عيسى بن مريم (2).
6 - وجاء بعد هؤلاء كلهم ابن خلدون المؤرخ الشهير فقد حاول
إنكار هذه الأحاديث على منهج النقد لدى المحدثين وإن كان قد أخطأ في
تطبيق قواعدهم، إلا أنه لم يجزم بالانكار ولكنه متردد فيه ويدل عليه
كلامه بعد مناقشة الأحاديث.
" فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه
آخر الزمان. وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل أو الأقل
منه " (3). وقال أيضا: " فإن صح ظهور هذا المهدي فلا وجه لظهور دعوته
إلا بأن يكون منهم (أي من الفاطميين القاطنين في الحجاز وغيرها)
ويؤلف الله بين قلوبهم في اتباعه حتى تتم له شوكة وعصبية وافية بإظهار
كلمته وحمل الناس عليها " (4).
وابن خلدون وإن كان مخطئا في نقده هذا (5) ولكن نظرا إلى شهرته
لدى الكتاب والمؤلفين والمؤرخين كان كلامه ذا أثر كبير في أوساط
الكتاب والأدباء الذين لم يمعنوا النظر في الأحاديث فتبعوه بدون تحقيق
وأنكروا هذه الأحاديث كلها اعتمادا على ما اشتهر عنه.
7 - الحوت البيروتي (6).

(1) الامام العلامة الحافظ الناقد تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني.
أحد الاعلام المجاهدين المجددين. صاحب المصنفات الكثيرة التي تبلغ إلى
المئات. ولد 661 ه‍، ومات 728 ه‍. تذكرة الحفاظ (4 / 1496).
(2) منهاج السنة (4 / 211).
(3) تاريخ ابن خلدون (1 / 574، 575).
(4) المصدر السابق (1 / 583).
(5) ستأتي مناقشة كلامه وكلام غيره من المنكرين في الخاتمة، والمقصود هنا عرض
أفكارهم فقط.
(6) محمد بن درويش، الحوت، أبو عبد الرحمن فاضل حنفي من أهل بيروت له
" أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب " 1209 - 1276 ه‍. الاعلام (6 /
356).
32

وقد ذكر في كتابه " أسنى المطالب " حديث " المهدي من أهل البيت
يصلحه الله في ليلة " فقال: فيه ياسين العجلي قال في الميزان عن البخاري: فيه
نظر. ثم قال: " وفي المهدي أحاديث أفردت في التأليف وكلها فيها مقال " (1).
8 - السيد محمد رشيد رضا (2).
وقد فضل الكلام في مسألة المهدي في تفسير المنار فقال:
" وأما التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر والجمع بين
الروايات فيه أعسر والمنكرون لها أكثر والشبهة فيها أظهر ولذلك لم يعتد
الشيخان بشئ من رواياتها في صحيحيهما " (3) " ولاجل ذلك كثر الاختلاف
في اسم المهدي ونسبه وصفاته وأعماله وكان لكعب الأحبار جولة واسعة
في تلفيق تلك الأخبار " (4).
" وسبب هذا الاختلاف أن الشيعة كانوا يسعون لجعل الخلافة في آل
الرسول صلى الله عليه وسلم من ذرية علي سلام الله ورضوانه عليهم ويضعون الأحاديث
تمهيدا لذلك " (5).
" إن أحاديث الفتن والساعة عامة وأحاديث المهدي خاصة وإنها كانت
مهب رياح الأهواء والبدع وميدان فرسان الأحزاب والشيع (6) " فهذا نموذج

(1) أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب (ص 326).
(2) محمد رشيد بن علي رضا القلموني الحسيني صاحب مجلة المنار وتفسير المنار
والكتب الشهيرة الأخرى 1282 - 1354 ه‍. الاعلام (6 / 163).
(3) تفسير المنار (9 / 994).
(4) المصدر السابق (9 / 105).
(5) المصدر السابق (9 / 502، 503).
(6) المصدر السابق (9 / 504).
33

من تعارض الروايات وتهافتها في المهدي ولو ذكرنا ما في كتب الشيعة
والمتصوفة في ذلك لجئنا بالعجب العجاب وتمحيص القول فيها لا يتم إلا
بسفر مستقل " (1).
9 - ومن بين هؤلاء المنكرين لأحاديث المهدي الأستاذ محمد فريد
وجدي (2) فقد ذكر ملخصا ما جاء عن المهدي في تذكرة القرطبي أخذا
من مختصره للشعراني ثم قال: " هذا ما ورد من الأحاديث في المهدي
المنتظر، والناظرون فيها من أولي البصائر لا يجدون في صدورهم حرجا
من تنزيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولها. فإن فيها من الغلو والخبط في التواريخ
والاغراق في المبالغة والجهل بأمور الناس والبعد عن سنن الله المعروفة ما
يشعر المطالع لأول وهلة أنها أحاديث موضوعة تعمد وضعها رجال من
أهل الزيغ أو المتشايعين لبعض أهل الدعوة من طلبة الخلافة في بلاد
العرب أو المغرب " (3).
إلى أن قال: " وقد ضعف كثير من أئمة المسلمين أحاديث المهدي
واعتبروها مما لا يجوز النظر فيه وإننا إنما أوردناها مجتمعة لتكون بمرأى
من كل باحث في هذا الامر حتى لا يجرأ بعض الغلاة على التضليل بها
على الناس " (4).
10 - ومن بينهم الأستاذ أحمد أمين صاحب كتاب ضحى الاسلام.
فقد زعم بأن فكرة المهدية مأخوذة من عقائد الشيعة والقائلين برجعة
الأئمة. وأضاف إلى ذلك:
" وزاد القول بالمهدي وانتشر خاصة بين الشيعة ووضعت فيه

(1) المصدر السابق (9 / 504).
(2) محمد فريد بن مصطفى وجدي. من الكتاب الفضلاء الباحثين له " دائرة معارف
القرن العشرين " وغيره 1295 - 1373 ه‍. الاعلام (7 / 220).
(3) دائرة معارف القرن العشرين (10 / 480).
(4) دائرة معارف القرن العشرين (10 / 481).
34

الأحاديث المختلفة ولم يرو البخاري ومسلم شيئا من أحاديث المهدي مما
يدل على عدم صحتها عندهما. وإنما ذكرها الترمذي وأبو داود وابن ماجة
وغيرهم من مثل ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو لم يبق من الدنيا إلا
يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ". ومثل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا
كما ملئت جورا... إلخ (1) ".
وقال أيضا: " وفكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية واجتماعية ودينية
ففي نظري إنها نبعث من الشيعة وكانوا هم البادئين باختراعها وذلك بعد
خروج الخلافة من أيديهم وانتقالها إلى معاوية وقتل علي وتسليم الحسن
لامر معاوية " (2).
وقال أيضا: " واستغل هؤلاء القادة المهرة أفكار الجمهور الساذجة
المتحمسة للدين والدعوة الاسلامية فأتوهم من هذه الناحية الطيبة الطاهرة
ووضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله في ذلك وأحكموا أسانيدها
وأذاعوها من طرق مختلفة، فصدقها الجمهور الطيب لبساطته وسكت رجال
الشيعة لأنها في مصلحتهم وسكت الأمويون لأنهم قلدوها في سفيانيهم
وسكت العباسيون لأنهم حولوها إلى منفعتهم وهكذا كانت مؤامرة شنيعة
أفسدوا بها عقول الناس " (3).
ولم يكتف أحمد أمين بتكذيب أحاديث المهدي فحسب بل تعدى
إلى كثير من الأحاديث التي توجد في دواوين السنة فيقول:
" فامتلأت عقول الناس بأحاديث تروى وقصص تقص ونشأ باب كبير

(1) ضحى الاسلام (3 / 238 - 238).
(2) المصدر السابق (3 / 241).
(3) المصدر السابق (3 / 243).
35

في كتب المسلمين باسم الملاحم فيه أخبار الوقائع من كل لون فأخبار
العرب والروم وأخبار في قتال الترك وأخبار في البصرة وبغداد والإسكندرية
وما جاء في فضل الشام وأنه معقل للملاحم وجعلت هذه الأشياء كلها
أحاديث بعضها نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبعضها نسبوه إلى أئمة أهل البيت
وبعضها إلى كعب الأحبار ووهب بن منبه وهكذا " (1).
11 - ومن بينهم الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد فقال في
آخر جزء العرف الوردي في أخبار المهدي في تعليقه:
" يرى بعض الباحثين أن كل ما ورد فيه عن المهدي وعن الدجال
من الإسرائيليات " (2).
12 - ومن الذين كذبوا أحاديث المهدي كلها الأستاذ سعد محمد
حسن صاحب كتاب " المهدية في الاسلام ". ويزعم هذا الأستاذ أن هذه
العقيدة دخلت في الاسلام من الوثنية والمسيحية فيقول: " لقد كانت عقيدة
المخلص هذه - أكبر الظن - من أهم العوامل التي خلقت عقيدة المهدي
في المجتمع الاسلامي فحيكت هذه على غرار تلك، أما حاكتها فهم
الشيعة على يد ابن السوداء اليهودي المتمسلم الغالي في تشيعه
الموهوم " (3).
وقال أيضا: " ونحن لا نشك في أن عقيدة العامة من أهل السنة بل
وكثير من الخاصة إنما هي أثر شيعي تسرب إليهم فعلمت فيه العقلية السنية
بالصقل والتهذيب. وأما القول بعودة المسيح فهو دون ريب من آثار
المسيحية في الاسلام " (4).

(1) المصدر السابق (3 / 243 - 244).
(2) الحاوي للفتاوي (2 / 166).
(3) المهدية في الاسلام (ص 44).
(4) المصدر السابق (ص 174).
36

" وقد رأت الشيعة في ميدان الحديث الواسع مستندا ومجالا فما كان
هذا الميدان الفسيح يرد ذا حاجة قط أو يوصد دون ملتجئ طارق.
وسرعان ما اختلقت الشيعة الأحاديث الكثيرة ووضعتها مؤيدة لوجهة نظرها
ورفعت إلى النبي لتصبغ هذا المعتقد بصبغة إسلامية رسمية. من ذلك
قولهم: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها
عدلا، كما ملئت جورا... إلخ (1).
13 - ويرى الأستاذ محمد عبد الله عنان أن فكرة المهدي أسطورة
فقد قال في كتابه " تراجم إسلامية " في صدد ذكره لابن تومرت، وأنه قد
انتحل له نسبا غير نسبه البربري الحقيقي نسبة تنسبه إلى أهل البيت فقال:
" ومع ذلك فإنه نظرا لانتحاله صفة المهدي والامام المعصوم لم يعدم رواية
تنسبه لآل البيت إذ لا بد - وفقا لأسطورة المهدي المنتظر - أن يكون
المهدي منهم " (2).
14 - ومن بينهم الأستاذ عبد الرحمن محمد عثمان المشرف على
طبع وتصحيح الطبعة الثانية من كتاب تحفة الأحوذي في شرح جامع
الترمذي. فقد قال في تعليقة له في باب ما جاء في الخلفاء: " يرى
الكثيرون من العلماء أن كل ما ورد من أحاديث في المهدي إنما هي
موضع شك، وأنها لا تصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل إنها من وضع
الشيعة " (3).
ثم عاد في باب ما جاء في تقارب الزمن وقصر الامل فقال في
تعليق له: " يرى الكثيرون من العلماء الثقات الاثبات أن ما ورد من
أحاديث خاصة بالمهدي ليست إلا من وضع الباطنية والشيعة وأضرابهم

(1) المصدر السابق (ص 69).
(2) تراجم إسلامية (ص 237).
(3) تحفة الأحوذي (6 / 474).
37

وأنها لا تصح نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم (1).
15 - ومن بينهم الأستاذ محمد أبو عبية رئيس بعثة الأزهر في لبنان
ولقد قطع هذا الأستاذ شوطا كبيرا جدا في الانكار والتحريف فقد قال في
تعليق له على كتاب النهاية لابن كثير بما معناه: " إن ما جاء من الأحاديث
في شأن المهدي ونزول عيسى بن مريم والدجال إنما هو رمز لانتصار
الحق على الباطل (2) ".
وقد تدخل بعض المستشرقين أيضا فيما ليس من ميدانهم فأنكروا
فكرة المهدي من أساسها. ومن بينهم:
16 - دونلدسن فقد قال: " إن من المحتمل جدا أن الاخفاق الظاهر
الذي أصاب المملكة الاسلامية في توطيد أركان العدل والتساوي على زمن
دولة الأمويين كان من الأسباب لظهور فكرة المهدي آخر الزمان " (3).
ويرى هذا المسكين أن وضع أحاديث المهدي قد تم في عصر قبل
عصر التدوين للسنة النبوية فدخلت هذه الأحاديث في كتب السنة. ولم
يعرف أن المحدثين كانت عندهم أدق ما عرفته البشرية من قواعد التحقيق
والنقد وأن من روى منهم بعض الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة فإنما
رواها بأسانيدها أداء للأمانة وتبليغا لما وصل إليه فقال:
" ومما هو جدير بالملاحظة أن استعمال هذا المصطلح سبق تدوين
الحديث بنحو مائتي سنة وهي مدة كافية لتبلور فكرة المهدي، ولما كان
القرآن نفسه لم يرد فيه ما يؤيد هذه الفكرة كان من الضروري الالتجاء إلى
الحديث لاثباتها ".

(1) المصدر السابق (6 / 625).
(2) عقيدة أهل السنة والآثار - مجلة الجامعة الاسلامية - عدد ذي القعدة 1389 ه‍ (ص
127).
(3) عقيدة الشيعة (ص 231) نقلا عن " المهدي في الاسلام " (ص 53).
38

" ومع هذا فبالنظر إلى عدم ذكر القرآن شيئا عن المهدي وأن
الأحاديث الواردة بشأنه كلها ضعيفة أو مشكوك فيها فإن عقيدة المهدي لا
تدخل في اعتقادات أهل السنة والجماعة " (1).
17 - ومن بينهم جولد زيهر (2).
فقال: " على أنه قد تبين أن الاحتكام إلى الله أو ترك الامر لله الذي
كان يتمثل في اللعنات التي كان يصبها الأتقياء والمتذمرون على الأمويين،
وكان من الأسلحة التي لا تجدي فتيلا على أنه مهما يكن فقد كانوا يرون
أن ما أذن الله به أن يكون أن يعترض عليه إنسان وإذا فلا يسع
المرء إلا أن يضع رجاءه في الله الذي سيحكم يوما ما العالم الملئ
بالمظالم والآثام وتلك هي الآمال الصامتة التي خرجت منها فكرة المهدي
التي وفقت بين الواقع والمثل الاعلى وبدأ على أثرها الاعتقاد الراسخ في
ظهور حاكم إلهي يوجهه الله توجيها حسنا " (3).
وكان بمقابل هؤلاء النفر المعدودين جمهور الأمة الاسلامية فقد قبلوا
ما صح من أحاديث المهدي فمنهم من نص على تواترها ومنهم من احتج
بها واعتقد بمضمونها. ويظهر ذلك في مناسبات مختلفة.
وفي الصفحات القادمة سنلاحظ نماذج منها.

(1) المصدر السابق (ص 231) (نقلا عن المهدية في الاسلام - ص 70).
(2) مستشرق يهودي مجري، ولد 1850 م ومات 1921 ه‍ له كتب
ومؤلفات عدة في مجال الدراسات الاسلامية مليئة بالحقد على الاسلام والمسلمين.
انظر: الأعلام للزركلي (1 / 84، الطبعة السادسة).
(3) العقيدة: والشريعة في الاسلام (ص 231) نقلا عن المهدية في الاسلام (ص 53).
39

الأئمة والعلماء الذين نصوا على
تواتر أحاديث المهدي
1 - الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين الابري السجزي (1). قال
في كتابه " مناقب الشافعي ":
" وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي
وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلا وأن عيسى
عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي
عيسى خلفه. في طول من قصته وأمره ".
وقد نقل كلامه هذا عدد من الأئمة والعلماء وارتضوه، ومنهم:
1 - الامام القرطبي (2) في كتابه " التذكرة بأحوال الموتى وأحوال
الآخرة " (3).

(1) الحافظ الإمام أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الابري (نسبة إلى آبر
قرية من قرى سجستان) السجستاني. مصنف كتاب مناقب الشافعي. توفي 363 ه‍ وهو
في الثمانين. تذكرة الحفاظ (3 / 955)، المشتبه (1 / 3). تبصير المنبته (1 / 30).
(2) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي الأندلسي أبو عبد الله
القرطبي، صاحب كتاب الجامع لاحكام القرآن المعروف بتفسير القرطبي وغيره.
توفي 671 ه‍، الاعلام (6 / 218).
(3) ذكره أحمد بن محمد بن صديق في كتابه " إبزاز لوهم المكنون " (ص 3)، وهو في
مختصر تذكرة القرطبي (ص 174) ويفهم من يقرأ هناك أنه حديث ورد بهذا اللفظ
وليس الامر كذلك، ثم وجدته على الصواب في أصله التذكرة (2 / 723).
40

2 - الإمام أبو الحجاج المزي (1) في كتابه " تهذيب الكمال " (2).
3 - الإمام ابن قيم الجوزية (3) في كتابه " المنار المنيف " (4).
4 - الحافظ ابن حجر (5) في " فتح الباري بشرح صحيح البخاري " (6)
وفي " تهذيب التهذيب " (7) أيضا.
5 - السخاوي (8) في كتابه " فتح المغيث بشرح ألفية الحديث " (9).
6 - السيوطي (10) في آخر كتابه " العرف الوردي في أخبار

(1) جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي الدمشقي - ولد
654 ه‍، ومات 742 ه‍ من مؤلفاته: تهذيب الكمال وتحفة الاشراف. تذكرة الحفاظ
(4 / 1499).
(2) تهذيب الكمال (6 / 596 ب).
(3) شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي 690 -
751 ه‍، له مصنفات تبلغ المائة منها زاد المعاد في هدي خير العباد وإعلام
الموقعين. ذيل طبقات الحنابلة (2 / 477 - 452).
(4) المنار المنيف (ص 142).
(5) شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني 773 - 852 ه‍
من مؤلفاته فتح الباري في شرح صحيح البخاري وتهذيب التهذيب وغيرهما،
الاعلام (1 / 173).
(6) فتح الباري (6 / 494).
(7) تهذيب التهذيب (9 / 144).
(8) شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي 831 - 902 ه‍. من أشهر مصنفاته
الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع وفتح المغيث شرح ألفية الحديث وغيرهما،
الاعلام (7 / 67).
(9) فتح المغيث (3 / 41).
(10) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري السيوطي 849 - 911 ه‍ له نحو
600 مصنف منها الجامع الصغير وتدريب الراوي والاتقان وغيرها. الاعلام (4 / 71).
41

المهدي " (1).
7 - ابن حجر الهيتمي (2) المكي في كتابه " الصواعق المحرقة " (3).
وأيضا في كتابه " القول المختصر في علامات المهدي المنتظر " إلا أنه لم
يصرح هنا باسمه بل قال: قال بعض الأئمة (4).
8 - الملا علي القارئ (5) في كتابه " رسالة المهدي من آل
الرسول " (6).
9 - مرعي بن يوسف (7) الحنبلي في كتابه " فوائد الفكر في ظهور
المهدي المنتظر " وقد ذكره صديق حسن خان في الإذاعة لما كان وما
يكون بين يدي الساعة (8).
10 - محمد البرزنجي (9) في كتابه: " الإشاعة في أشراط
الساعة " (10).

(1) الحاوي في الفتاوي (2 / 165).
(2) شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي الهيتمي السعدي الأنصاري المكي
909 - 974 ه‍، له مؤلفات كثيرة منها الصواعق المحرقة والفتاوي الحديثية، الاعلام
(1 / 223).
(3) الصواعق المحرقة (ص 99).
(4) القول المختصر (118 ألف).
(5) نور الدين علي بن محمد سلطان القاري الهروي المكي - 1014 ه‍ من مؤلفاته شرح
المشكاة وتذكرة الموضوعات، الاعلام (5 / 166).
(6) رسالة المهدي من آل الرسول (ص 25).
(7) مرعي بن يوسف بن أبي بكر الكرمي المقدسي الحنبلي. له نحو سبعين كتابا منها
" فرائد الفكر في الإمام المهدي المنتظر " مخطوط، توفي 1033 ه‍، الاعلام (8 / 88).
(8) الإذاعة (ص 147).
(9) محمد بن عبد الرسول بن عبد السيد الحسيني البرزنجي 1040 - 1103 ه‍ برزنجي
الأصل، سكن المدينة وتوفي بها، له عدة كتب منها الإشاعة، الاعلام (7 / 75).
(10) الإشاعة في أشراط الساعة (ص 87).
42

11 - الزرقاني (1) في شرح المواهب (2).
وزيادة على هؤلاء الذين اكتفوا بذكر كلام الابري واستشهدوا به
هناك علماء آخرون قد نصوا على تواتر الأحاديث الواردة في المهدي
ومنهم:
2 - محمد بن رسول الحسيني البرزنجي - توفي 1103 ه‍، فقد قال
في كتابه الإشاعة في أشراط الساعة: " الباب الثالث في الاشراط العظام
والامارات القريبة التي تعقبها الساعة وهي أيضا كثيرة فمنها المهدي وهو
أولها، واعلم أن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها لا تكاد
تنحصر " (3).
وقال أيضا: " قد علمت أن أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر
الزمان وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة بلغت حد التواتر
المعنوي فلا معنى لانكارها " (4).
وقال أيضا: " وغاية ما ثبت بالأخبار الصحيحة الكثيرة الشهيرة التي
بلغت حد التواتر المعنوي وجود الآيات العظام التي منها بل أولها خروج
المهدي وأنه يأتي في آخر الزمان من ولد فاطمة يملأ الأرض عدلا كما
ملئت ظلما " (5).
3 - ومن العلماء الذين نصوا على تواتر أحاديث المهدي الشيخ

(1) أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المصري الأزهري المالكي
1055 - 1122 ه‍ له عدة كتب منها شرح موطأ الامام مالك، وشرح المواهب
اللدنية، الاعلام (7 / 55)، الرسالة المستطرفة (ص 143).
(2) ذكره الكتاني في نظم المتناثر (ص 145).
(3) الإشاعة في أشراط الساعة (87).
(4) المصدر السابق (112).
(5) الإشاعة (ص 189).
43

محمد السفاريني (1) فقد قال في كتابه لوائح الأنوار البهية:
" والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى وأنه يخرج
قبل نزول عيسى عليه السلام وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد
التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم...
وقد روي عن من ذكر من الصحابة وغير من ذكر عنهم رضي الله عنهم
بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي.
فالايمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في
عقائد أهل السنة والجماعة " (2).
4 - ومن بينهم القاضي محمد بن علي الشوكاني (3) فقد قال في
كتابه " التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح ":
" والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون
حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا
شبهة بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات
المحررة في الأصول " (4).
وقال أيضا: " فتقرر أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة
والأحاديث الواردة في الدجال متواترة، والأحاديث الواردة في نزول

(1) شمس الدين أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني 1114 - 1188 ه‍، عالم
بالحديث والأصول والأدب، له عدة مؤلفات منها الدرر المصنوعات في الأحاديث
الموضوعات، ولوائح الأنوار البهية وسواطع الاسرار الأثرية المعنية في عقد أهل
الفرقة المرضية. الاعلام (6 / 240).
(2) لوائح الأنوار البهية (2 / 80) وعنه مختصر لوائح الأنوار (ص 343).
(3) الامام المحدث والفقيه المجتهد محمد بن علي بن محمد الشوكاني، من كبار علماء
الحديث، 1173 - 1250 ه‍، له مصنفات كثيرة وشهيرة ومن أهمها نيل الأوطار
وفتح القدير والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة. البدر الطالع (2 / 214)،
أبجد العلوم (ص 877).
(4) الإذاعة (ص 114)، نظم المتناثر (ص 146).
44

عيسى ين مريم متواترة " (1).
5 - ومنهم النواب صديق حسن خان القنوجي (2) فقال في كتابه
" الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة ":
" الأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياتها كثيرة جدا تبلغ
حد التواتر المعنوي وهي في السنن وغيرها من دواوين الاسلام من
المعاجم والمسانيد " (3).
وقال أيضا: " لا شك في أن المهدي يخرج في آخر الزمان من غير
تعيين لشهر وعام لما تواتر من الاخبار في الباب واتفق عليه جمهور الأمة
سلفا عن خلف إلا من لا يعتد بخلافة " (4).
وقال أيضا في معرض رده علي ابن خلدون: " فلا معنى للريب في
أمر ذلك الفاطمي الموعود المنتظر المدلول عليه بالأدلة بل إنكار ذلك
جرأة عظيمة في مقابلة النصوص المستفيضة المشهورة البالغة حد
التواتر " (5).
6 - ومنهم الشيخ محمد بن جعفر الكتاني (6) فقد قال في كتابه " نظم

(1) الإذاعة (ص 160).
(2) محمد صديق خان بن حسن علي الحسيني البخاري القنوجي، من رجال النهضة
الاسلامية المجددين. تزيد مؤلفاته على المائة منها فتح البيان في تفسير القرآن
والدين الخالص وغيرهما من الكتب المؤلفة في العربية والفارسية والأردية 1248 -
1307 ه‍. الاعلام (7 / 37).
(3) الإذاعة (ص / 112).
(4) المصدر السابق (ص 145).
(5) المصدر السابق (ص 146).
(6) أبو عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني الحسني الفاسي 1274 - 1345 ه‍،
مؤرخ محدث مكثر في التصنيف، من مصنفاته الرسالة المستطرفة، ونظم المتناثر في
الحديث المتواتر. الاعلام (6 / 300).
45

المتناثر من الحديث المتواتر ": " والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي
المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى بن مريم
عليه الصلاة والسلام " (1).

(1) نظم المتناثر (ص 229) طبعة دار الكتب السلفية. القاهرة.
46

الأئمة والعلماء الذين
احتجوا بأحاديث المهدي
زيادة على أولئك الذين نصوا على تواتر أحاديث المهدي هناك علماء
آخرون كثيرون صححوا أحاديث المهدي وذكروها في مؤلفاتهم ونصوا على
الاحتجاج بها، وفي السطور القادمة أذكر بعض التصريحات التي وجدتها
في هذا الصدد.
1 - الامام سفيان بن سعيد الثوري، (توفي 161 ه‍).
فقد ذكر الإمام أبو داود السجستاني أن سفيان الثوري كان يتكلم في
بعض من خرج مع محمد بن عبد الله بن حسن الملقب بالنفس الزكية
على الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ثم قال: وسفيان يقول: " وإن مر
بك المهدي وأنت في البيت فلا تخرج إليه حتى يجتمع الناس " (1) فهذا
يدل على أن موضوع خلافة المهدي كان أمرا مسلما عندهم.
2 - الامام الحافظ أبو جعفر العقيلي (2) (توفي 323 ه‍).
قال في كتابه " الضعفاء " في ترجمة علي بن نفيل النهدي: " لا يتابع

(1) " سؤالات الاجري " النص: 353 بتحقيقي، يسر الله طبعه.
(2) الحافظ الإمام أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي صاحب كتاب
" الضعفاء الكبير "، توفي سنة 323 ه‍ تذكرة الحفاظ (3 / 834).
47

على حديثه في المهدي ولا يعرف إلا به، وفي المهدي أحاديث جياد من
غير هذا الوجه بخلاف هذا اللفظ " (1).
وقال أيضا في ترجمة زياد بن بيان الرقي: " وفي المهدي أحاديث
صالحة الأسانيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج مني رجل ويقال من أهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي " (2).
3 - ومنهم الإمام أبو الحسين ابن المنادي (3) (توفي 336 ه‍).
قال في شرحه لحديث " اثنا عشر خليفة ".
" يحتمل أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج آخر الزمان " (4).
4 - ومنهم الإمام أبو حاتم ابن حبان البستي (توفي 354 ه‍).
وقد عقد في صحيحه عدة أبواب في ذكر المهدي واستدل عليها
بأحاديث عديدة منها: ذكر البيان بأن خروج المهدي إنما يكون بعد ظهور
الظلم والجور في الدنيا وغلبهما على الحق (5).
ذكر الاخبار عن وصف اسم المهدي واسم أبيه ضد قول من زعم
أن المهدي عيسى بن مريم (6). وذكر الاخبار عن وصف المدة التي يكون
المهدي في آخر الزمان (7). ذكر الموضع الذي يبايع فيه المهدي (8). ذكر

(1) الضعفاء (ص 300) وذكر نحو هذا في ترجمة ياسين العجلي أيضا (ط 4 / 466).
(2) المرجع السابق (ص 139 - 140).
(3) المحدث الحافظ المقرئ، أبو الحسين أحمد بن جعفر ابن المنادي 256 - 336 ه‍،
روى عن أبي داود السجستاني وغيره، قال ابن النديم: له مائة ونيف وعشرون
كتابا. تذكر الحفاظ (3 / 849)، الاعلام (1 / 103).
(4) ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13 / 213).
(5) الاحسان في تقريب صحيح ابن حبان (8 / 293 ألف).
(6) المصدر السابق (8 / 293 ب).
(7) المصدر السابق (8 / 294 ألف).
(8) المصدر السابق (8 / 294 ألف).
48

الخبر المصرح بأن القوم الذين يخسف بهم إنما هم القاصدون إلى المهدي
في زوال الامر عنه (1).
5 - ومنهم الإمام أبو سليمان الخطابي (2) (توفي 388 ه‍).
فقال في صدد كلامه على حديث أنس بن مالك رضي الله عنه " لا
تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان وتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة
الحديث ". قال: ويكون ذلك في زمن المهدي أو عيسى عليهما الصلاة
والسلام أو كليهما (3).
6 - ومنهم الامام البيهقي (4) (توفي 458 ه‍).
فقد قال: والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة
أستاذا وفيها بيان كونه من عترة النبي صلى الله عليه وسلم (5).
7 - ومنهم الحافظ أبو القاسم السهيلي (6) (توفي 581 ه‍).
فقد قال: " ومن سؤددها (فاطمة) أيضا أن المهدي المبشر به آخر

(1) المصدر السابق (8 / 266 ألف).
(2) الامام العلامة المفيد المحدث الرحال أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن
خطاب البستي الخطابي له كتاب " معالم السنن " ومصنفات أخرى. توفي ببست
388 ه‍، تذكرة الحفاظ (3 / 1020).
(3) ذكره المباركفوري في تحفة الأحوذي (6 / 625).
(4) الامام الحافظ العلامة أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسر وجردي
البيهقي، ولد في 384 ه‍ وتوفي بنيسابور في 458 ه‍ له السنن الكبرى وكتاب الأسماء
والصفات وغيرهما، تذكرة الحفاظ (3 / 1132).
(5) ذكره المزي في تهذيب الكمال (6 / 597 ألف)، وابن القيم في المنار المنيف (ص
143).
(6) الحافظ العلامة البارع أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الخثعمي 508 -
581 ه‍، من كتبه الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام وغيرهما. تذكرة
الحافظ (4 / 1348)، الاعلام (4 / 86).
49

الزمان من ذريتها فهي مخصوصة بهذا كله. والأحاديث الواردة في المهدي
كثيرة " (1).
8 - ومنهم الإمام أبو عبد الله القرطبي (توفي 761 ه‍).
فقد قال في كتابه " التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة " في
كلامه على حديث لا مهدي إلا عيسى بن مريم: " إسناده ضعيف،
والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من
ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه " (2).
9 - ومنهم شيخ الاسلام ابن تيمية الحراني (توفي 728 ه‍).
فقد قال في كتابه منهاج السنة: " إن الأحاديث التي يحتج بها على
خروج المهدي أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم
من حديث ابن مسعود وغيره " (3).
ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة في هذا الصدد.
وقال في موضع آخر في معرض رده على الذين يدعون مهدية ابن
الحسن العسكري: " إن لفظ الحديث حجة عليكم فإن لفظه يواطئ اسمه
اسمي واسم أبيه اسم أبي فالمهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم اسمه محمد
بن عبد الله لا محمد بن الحسن. وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه
قال هو من ولد الحسن بن علي لا من ولد الحسين بن علي ".
" وأحاديث المهدي معروفة رواها الإمام أحمد وأبو داود والترمذي
وغيرهم كحديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو لم يبق من
الدنيا إلى يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي

(1) الروض الأنف (1 / 160).
(2) ذكره السيوطي في الحاوي (2 / 165). ثم رأيته في التذكرة (2 / 723).
(3) منهاج السنة (4 / 211)، والمنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي (ص 533).
50

يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما
ملئت ظلما وجورا ".
إلى أن قال: ولهذا كان الحديث المعروف عند السلف والخلف أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال في المهدي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي صار
يطمع كثير من الناس أن يكون هو المهدي حتى سمى المنصور ابنه محمدا
ولقبه بالمهدي باسمه واسم أبيه باسم أبيه ولم يكن هو الموعود به (1).
10 - ومنهم الإمام ابن قيم الجوزية (توفي 751 ه‍).
وقد قال في كتابه " إغاثة اللهفان عن مصائد الشيطان ": " والأمم
الثلاث تنتظر منتظرا يخرج في آخر الزمان فإنهم وعدوا به في كل ملة
والمسلمون ينتظرون نزول المسيح عيسى بن مريم من السماء لكسر
الصليب وقتل الخنزير وقتل أعدائه من اليهود وعباده من النصارى.
وينتظرون خروج المهدي من أهل بيت النبوة يملأ الأرض عدلا كما
ملئت جورا " (2).
وقد عقد في كتابه " المنار المنيف " فصلا خاصا بالمهدي وفصل
الكلام فيه وذكر عددا من أحاديث المهدي مع تحقيقها ثم قال: " وهذه
الأحاديث أربعة أقسام، صحاح وحسان وغرائب وموضوعة " (3) ثم ذكر
أقوال الناس في المهدي ثم قال: كل هذه الفرق تدعى في مهديها الظلوم
الغشوم والمستحيل المعدوم أنه الامام المعصوم. والمهدي المعلوم الذي
بشر به النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بخروجه (4).

(1) منهاج السنة (2 / 132).
(2) إغاثة اللهفان عن مصائد الشيطان (2 / 332).
(3) المنار المنيف (ص 148).
(4) المصدر السابق (ص 145).
51

ومنهم الامام الحافظ عماد الدين ابن كثير (1) (توفي 744 ه‍).
فقد قال في تفسيره لقول الله تعالى في سورة المائدة (ولقد أخذ
الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا) بعد ذكر حديث
" لا يزل أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا.. إلخ ".
" ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثنى عشر خليفة صالحا يقيم
الحق ويعدل فيهم ولا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم بل قد وجد
منهم أربعة على نسق وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
رضي الله عنهم ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني
العباس، ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم ولا محالة. والظاهر أن منهم
المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره. فذكر أنه يواطئ اسمه
اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم أبيه فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت
جورا وظلما ".
" وليس هذا بالمنتظر الذي تتوهم الرافضة وجوده ثم ظهوره في
سرداب سامرا فإن ذلك ليس له حقيقة ولا وجود بالكلية بل هو من هوس
العقول السخيفة وتوهم الخيالات الضعيفة وليس المراد بهؤلاء الخلفاء
الاثني عشر الأئمة الاثني عشر الذين يعتقد فيهم الاثنا عشرية من الروافض
لجهلهم وقلة عقلهم " (2).
وقال ابن كثير أيضا في البداية والنهاية بعد ما ذكر بعض الأحاديث
" وقد نطقت هذه الأحاديث التي أوردناها آنفا بالسفاح والمنصور والمهدي
ولا شك أن المهدي الذي هو ابن المنصور ثالث خلفاء بني العباس ليس

(1) هو الامام الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، ولد
701 ه‍، وتوفي 774 ه‍، له مصنفات كثيرة شهيرة ومن أهمها تفسير القرآن الكريم،
والبداية والنهاية وغيرها. ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني (ص 57) وذيل طبقات
الحفاظ للسيوطي (ص 361).
(2) تفسير القرآن الكريم (2 / 35).
52

هو المهدي الذي وردت الأحاديث المستفيضة بذكره وأنه يكون في آخر
الزمان يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وقد أفردنا
للأحاديث الواردة فيه جزءا على حدة، كما أفرد له أبو داود كتابا في سننه
وقد تقدم في بعض هذه الأحاديث آنفا أنه يسلم الخلافة إلى عيسى بن
مريم إذا نزل إلى الأرض. والله أعلم " (1).
وأما في كتابه الفتن والملاحم فقد خصص فصلا كاملا لهذا
الموضوع وقال: " فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان وهو
أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين.. فقد نطقت به الأحاديث المروية
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكون في آخر الدهر وأظن ظهوره يكون قبل نزول
عيسى بن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث (2).
وقال أيضا: " وأنه يكون من أهل البيت من ذرية فاطمة بنت الرسول
صلى الله عليه وسلم ثم ولد الحسن لا الحسين كما تقدم النص على ذلك في الحديث
المروي عن علي بن أبي طالب والله أعلم (3).
وقال أيضا في معرض بيانه لأحاديث الرايات السود وأنها ليست هي
رايات بني العباس: " بل رايات سود أخر تأتي صحبة المهدي وهو محمد
بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه يصلحه الله في ليلة
واحدة أي يتوب عليه ويوفقه ويلهمه ويرشده بعد أن لم يكن كذلك ويؤيده
بناس من أهل المشرق ينصرونه ويقيمون سلطانه وتكون راياتهم سود
أيضا.. والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان
يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق ويبايع له عند البيت كما
دل على ذلك بعض الأحاديث، وقد أفردت في ذكر المهدي جزءا على

(1) البداية والنهاية (6 / 248).
(2) الفتن والملاحم (1 / 27).
(3) المصدر السابق (1 / 30).
53

حدة ولله الحمد (1).
12 - ومنهم الامام الحافظ جلال الدين السيوطي (توفي 911 ه‍).
قال في كتابه الاعلام بحكم عيسى عليه السلام: " وقد وردت
الأحاديث بأن المهدي يأتي قبل عيسى بن مريم عليه السلام فيملأ الأرض
عدلا بعد أن ملئت جورا ويأتي عيسى فيقر صنع المهدي " (2).
وقال في كتابه الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف. في بيان رده
على من زعم أن الدنيا لا تبقى بعد الألف فقال: "... ولا ظهر المهدي
الذي ظهوره قبل الدجال بسبع سنين ولا وقعت الاشراط التي قبل ظهور
المهدي " (3). وقد ألف كتابا خاصا بالمهدي وهو العرف الوردي في أخبار
المهدي كما سيأتي ذكره.
13 - ومنهم أيضا الشيخ أبو الحسن السمهودي (4) (توفي 911 ه‍).
فقد قال: " ويتحصل مما ثبت في الاخبار عنه " أي عن المهدي " أنه
من ولد فاطمة وفي أبي داود أنه من ولد الحسن. والسر فيه ترك الحسن
الخلافة له شفقة على الأمة فجعل القائم بالخلافة - الحق - عند شدة
الحاجة وامتلاء الأرض ظلما من ولده. وهذه سنة الله في عباده أن يعطى
لمن ترك شيئا من أجله أفضل مما ترك أو ذريته. وما روى من كونه من
ولد الحسين فواه جدا " (5).

(1) المصدر السابق (1 / 31).
(2) الاعلام بحكم عيسى عليه السلام. الحاوي (2 / 289).
(3) الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف. الحاوي (2 / 167).
(4) هو نور الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الحسني الشافعي. ولد في
سمهود بمصر 844 ه‍، وتوفي بالمدينة 911 ه‍، من مؤلفاته وفاء الوفاء بأخبار دار
المصطفى وغيره. الاعلام (5 / 123).
(5) ذكره العباد في مقالته " عقيدة أهل السنة والأثر " (ص 144).
54

14 - ومنهم الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي المكي
(توفي 974 ه‍).
قال في القول المختصر: " والذي يتعين اعتقاده ما دلت عليه
الأحاديث الصحيحة في وجود المهدي المنتظر الذي يخرج الدجال وعيسى
في زمنه وأنه المراد حيث أطلق المهدي والمذكور قبله لم يصح فيهم شئ
وبعده أمراء صالحون أيضا لكن ليسوا مثله فهو الأخير في الحقيقة " (1).
وقال في الصواعق المحرقة: " الأظهر أن خروج المهدي قبل نزول
عيسى وقيل بعده " ثم ذكر كلام الابري المتقدم وقال: " وما ذكره من أن
المهدي يصلي بعيسى هو الذي دلت عليه الأحاديث كما علمت ".
وقال في رده على الرافضة: " ومما يرد عليهم ما صح أن اسم أبي
المهدي يوافق اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبي محمد الحجة لا يوافق
ذلك " (2).
15 - وقال الشيخ علي المتقي الهندي (3) (توفي 975 ه‍).
في رسالته المسماة الرد على من حكم وقضى أن المهدي الموعود
جاء ومضى: " اعلم رحمك الله لا شك أن وجود المهدي الموعود ثبت
بالأحاديث والآثار نحو من ثلاثمائة فصاعدا " (4).
وقال في كتابه " البرهان في علامات مهدي آخر الزمان " " ولقد كثرت
طائفة في بلاد الهند يعتقدون شخصا شريفا ولد في الهند: أنه هو المهدي

(1) القول المختصر في علامات المهدي المنتظر (129 ألف).
(2) الصواعق المحرقة (ص 100). وانظر الفتاوى الحديثة أيضا (ص 27).
(3) هو الشيخ علاء الدين علي بن عبد الملك حسام الدين القادري الهندي الشهير
بالمتقي. ولد في الهند وتوفي بمكة سنة 975 ه‍ وله مؤلفات في الحديث وغيره منها
كنز العمال في سنن الأقوال والافعال، الاعلام (5 / 124).
(4) الرد على من حكم وقضى أن المهدي قد جاء ومضى (134 ألف).
55

الموعود في آخر الزمان وصفاته تخالف ما ورد من الأحاديث النبوية وآثار
الصحابة والتابعين رضي الله عنهم في شأن المهدي الموعود به " (1).
16 - وقال الشيخ الملا علي القارئ الهروي (توفي 1014 ه‍) في
كتابه شرح الفقيه الأكبر: " ترتيب القضية أن المهدي عليه السلام يظهر أولا
في الحرمين الشريفين ثم يأتي بيت المقدس فيأتي الدجال ويحصره في
ذلك الحال فينزل عيسى عليه السلام من المنارة الشرقية في دشق الشام
ويجئ إلى قتال الدجال فيقتله بضربة في الحال فإنه يذوب كالملح في
الماء عند نزول عيسى عليه السلام من السماء - فيجتمع عيسى عليه السلام
بالمهدي رضي الله عنه وقد أقيمت الصلاة فيشير المهدي لعيسى بالتقدم
فيمتنع معللا بأن هذه الصلاة أقيمت لك فأنت أولى بأن يكون الامام في
هذا المقام ويقتدي به ليظهر متابعته لنبينا صلى الله عليه وسلم (2).
وقد ألف كتابا خاصا فيما يتعلق بالمهدي وسيأتي ذكره.
17 - ومنهم الشيخ عبد الرؤوف المناوي (3) (توفي 1031 ه‍).
وقد تعرض لموضوع المهدي في عدة مواضع من كتابه فيض القدير
شرح الجامع الصغير وأذكر هنا بعضها. فقد قال في شرحه لحديث: إذا
رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله
المهدي. " فإن فيها خليفة الله " المهدي محمد بن عبد الله " المهدي " الجائي
قبل عيسى عليه الصلاة والسلام أو معه وقد ملئت الأرض ظلما وجورا
فيملؤها قسطا وعدلا ويمكث في الخلافة خمسا أو سبعا أو تسعا (4).

(1) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (ص 3).
(2) شرح الفقه الأكبر (ص 101).
(3) هو الشيخ محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي الحدادي المناوي القاهري.
ولد 952 ه‍ وتوفي 1031 ه‍، له نحو ثمانين مصنفا منها: فيض القدير شرح الجامع
الصغير. الاعلام (7 / 57).
(4) فيض القدير (1 / 363).
56

وقال في شرح حديث " منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه ": فإنه
" عيسى " ينزل عند صلاة الصبح على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيجد
الإمام المهدي يريد الصلاة فيحس به فيتأخر ليتقدم فيقدمه عيسى عليه
السلام ويصلي خلفه فأعظم به فضلا وشرفا لهذه الأمة (1).
18 - وقال الشيخ محمد بشير السهسواني (2) (توفى 1362 ه‍).
" وأما بعد قرن أتباع التابعين فقد تغيرت الأحوال تغيرا فاحشا وغلبت
البدع وصارت السنة غريبة واتخذ الناس البدعة سنة والسنة بدعة ولا تزال
السنة في المستقبل غريبة إلا ما استثني في زمان المهدي رضي الله عنه
وعيسى عليه السلام إلى أن تقوم الساعة على شرار الناس " (3).
19 - وقال العلامة شمس الحق العظيم آبادي (4) (توفي 1329 ه‍) في
كتابه عن المعبود شرح أبي داود: " وخرجوا أحاديث المهدي جماعة من
الأئمة منهم أبو داود والترمذي وابن ماجة والبزار والحاكم والطبراني وأبو
يعلى الموصلي وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل علي وابن عباس
وابن عمر وطلحة وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد

(1) المصدر السابق (6 / 17).
(2) العلامة المحدث محمد بشير بن محمد بدر الدين السهسواني. من كبار علماء
الحديث في الهند، توفي 1326 ه‍، ومن أشهر مؤلفاته صيانة الانسان عن وسوسة
الشيخ دحلان. الاعلام (6 / 278). ومقدمة صيانة الانسان (ص 13)، وتراجم
علماء حديث الهند (ص 219).
(3) صيانة الانسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص 322).
(4) العلامة المحدث الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق بن أمير علي العظيم آبادي
الهندي، ولد 1273 ه‍، وتوفي 1329 ه‍، من مؤلفاته غاية المقصود في شرح سنن
أبي داود ولخصه أخوه في كتاب " عون المعبود بشرح سنن أبي داود " وإعلام أهل
العصر بأحكام ركعتي الفجر. مقدمة إعلام أهل العصر ج - ط، وقد ألف أخونا
الأستاذ محمد عزيز شمس كتابا خاصا في سيرته نشرته الجامعة السلفية في بنارس
بالهند.
57

الخدري وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن أياس وعلي الهلالي وعبد الله
بن الحارث بن جزء رضي الله عنهم.
وإسناد أحاديث هؤلاء بين صحيح وحسن وضعيف وقد بالغ الامام
المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون المغربي في تاريخه في تضعيف أحاديث
المهدي كلها فلم يصب بل أخطأ " (1).
20 - وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن المباركفوري (2) (توفي
1353 ه‍) في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي. " الأحاديث الواردة في
خروج الإمام المهدي كثيرة جدا ولكن أكثرها ضعاف ولا شك أن حديث
عبد الله بن مسعود الذي رواه في هذا الباب لا ينحط عن درجة
الحسن وله شواهد كثيرة من بين حسان وضعاف. فحديث عبد الله بن
مسعود هذا مع شواهده وتوابعه صالح للاحتجاج بلا مرية.
فالقول بخروج الإمام المهدي وظهوره هو القول الحق والصواب
والله تعالى أعلم " (3).
21 - ومن الذين احتجوا بأحاديث المهدي وردوا على من ضعفه
محدث مصر العلامة الشيخ أحمد شاكر (توفي 1377 ه‍) فقال في تعليقاته
على مسند الإمام أحمد في معرض رده على ابن خلدون في تضعيفه
لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في المهدي لأجل عاصم بن أبي
النجود. فذكر أقوال الأئمة فيه ثم قال: " أفمثل هذا يطرح حديثه ويجعل
سبيلا لانكار شئ ثبت بالسنة الصحيحة من طرق متعددة من حديث كثير

(1) عون المعبود (11 / 361 - 362).
(2) العلامة الحافظ الشيخ أبو العلي محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري.
من أئمة السنة في القارة الهندية. ولد في 1283 ه‍ وتوفي 1353 ه‍ ومن مؤلفاته تحفة
الأحوذي في شرح جامع الترمذي، وأبكار المنن في الرد على آثار السنن. مقدمة
تحفة الأحوذي (2 / 189 - 216).
(3) تحفة الأحوذي (6 / 485).
58

من الصحابة حتى لا يكاد يشك في صحته أحد (1).
22 - ومن العلماء الموجودين سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن
عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية وهيئة كبار العلماء
وإدارة البحوث العلمية والافتاء بالرياض.
فقال في تعليقه على محاضرة الشيخ عبد المحسن العباد: "... فأمر
المهدي أمر معلوم والأحاديث فيه مستفيضة بل متواترة متعاضدة وقد حكى
غير واحد من أهل العلم تواترها كما حكاه الأستاذ في هذه المحاضرة.
وهي متواترة تواترا معنويا لكثرة طرقها واختلاف مخارجها وصحابتها
ورواتها وألفاظها. فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره
ثابت وخروجه حق " (2).
23 - وقال العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:
" الأحاديث في ذلك (في خروج المهدي) كثيرة جدا، وأشهرها حديث
عبد الله بن مسعود مرفوعا... وقد أخطأ ابن خلدون خطأ واضحا حيث
ضعف أحاديث المهدي كلها ولا غرابة في ذلك فإن الحديث ليس من
صناعته. والحق أن الأحاديث الواردة في المهدي فيها الصحيح والحسن
وفيها الضعيف والموضوع، وتمييز ذلك ليس سهلا إلا على المتضلع في
علم السنة ومصطلح الحديث (3).

(1) شرح مسند الإمام أحمد (5 / 198).
(2) مجلة الجامعة الاسلامية - عدد ذي القعدة 1389 ه‍ (ص 162).
(3) تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق (ص 16). الحديث رقم 18.
59

اختلاف الفرق المختلفة
في تصور المهدي وتعيينه
إن فكرة المهدية قديمة الجذور ولها آثار بعيدة المدى في التاريخ
الاسلامي، وقد تنوعت أفكار الفرق المختلفة في تعيين المراد بها وتحديد
أوصافه ومميزاته. وسنذكر الان بعض الأفكار الأساسية لبعض الفرق في
مسألة المهدية وآراءهم المختلفة في من هو المراد بها.
أهل السنة:
ولما كان مبدؤهم الأساس تتبع النصوص في جميع الأمور فإنهم
يرون أن المهدي أحد الخلفاء العادلين المسلمين سيولد إذا شاء الله ويجري
عليه كل ما تقتضيه الطبيعة البشرية حسب سنة الله في الكون. وسيتولى
الحكم إذا شاء الله تعالى فيحكم بالعدل ويتتبع خطوات الرسول صلى الله عليه وسلم فتظهر
له آثاره من الرخاء والطمأنينة.
وإن خير تعبير لعقيدة أهل السنة والجماعة في هذا الباب هو ما تقدم
من كلام أبي الحسن الابري:
" وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي
وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلا وأن عيسى
عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي
عيسى خلفه ".
60

ولقد كان الامر سهلا ميسورا فلم يكن وجود خلافة من هذا القبيل
أمرا مستبعدا على العقول والأذهان ولا بعيدا عن القلوب والوجدان ولها
أمثلة ومن خير أمثلتها الخلافة الراشدة فقد رأت البشرية فيها أفضل نموذج
للحكم العادل بعد الأنبياء. فإن وجد هؤلاء في أول العصر الاسلامي
فليس من المستحيل أو حتى من المستبعد أن يوجد بعدهم أيضا من ينسج
على منوالهم ويحذو حذوهم في تحكيم شريعة الله وتطبيقها في الأرض.
ولكن بعد ما ظهرت الفتن والخلافات بين المسلمين وقامت فرق
ومذاهب عديدة دخلت عوامل سياسية وحزبية وطائفية فغيرت هذه الفكرة
من حقيقتها إلى قصة وهمية خيالية عند بعض الفرق.
الشيعة:
ولقد كان الفضل في هذا التغيير راجعا إلى الفرق الشيعية المختلفة،
فأدخلت فيها أمورا لا تمت إلى الأفكار الاسلامية بصلة قريبة أو بعيدة
كالغيبة والرجعة.
وقد لخص جولد زيهر فكرة هذه الفرق في كتابه العقيدة والشريعة
في الاسلام فقال: " والرجعة إحدى العناصر الجوهرية في نظرية الإمامة
عند كافة فروع الشيعة " (1) وقال: " الاعتقاد بالامام الخفي يسود كافة فروع
الشيعة ويعتقد كل فرع منها بخلوده وعودته إلى الظهور في المستقبل
مهديا " (2).
ودخلت هذه العناصر الجديدة في الفكرة المهدية عند الشيعية من
مؤسس فتنتهم عبد الله بن سبأ اليهودي المتمسلم (3)، فقد كان أول من أراد

(1) العقيدة والشريعة في الاسلام (ص 191)، نقلا عن المهدية في الاسلام (ص 41).
(2) المصدر السابق (191).
(3) قال ابن عساكر في تاريخه: كان أصله من اليمن وكان يهوديا فأظهر الاسلام وطاف
بلاد المسلمين ليلفتهم عن طاعة الأئمة ويدخل بينهم الشر ودخل دمشق لذلك. قال
الذهبي: من غلاة الزنادقة ضال مضل. وقال ابن حجر: وأخبار عبد الله بن سبأ
شهيرة في التواريخ وليست له رواية ولله الحمد، وله أتباع يقال لهم السبائية يعتقدون
إلهية علي بن أبي طالب وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته. ميزان الاعتدال (2 /
426). ولسان الميزان (3 / 289 - 290).
61

إدخال فكرة الرجعة بين المسلمين. فكان يزعم بادئ ذي بدء أن محمدا
صلى الله عليه وسلم لم يمت وكان يقول:
" العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمدا يرجع، وقد
قال الله عز وجل: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)
محمد أحق بالرجوع من عيسى " (1).
وقد كان من أبرز زعماء الفتنة الدامية التي أودت بحياة الخليفة
الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه. وبعد استشهاد عثمان رضي الله عنه
نراه قد تحول بأفكاره من رجعة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الغلو في علي رضي الله
عنه، فزعم أنه عنده علوم سرية قد خصه بها النبي صلى الله عليه وسلم ثم زعم " إنه كان
نبيا ثم غلا فيه حتى زعم أنه إله ". ودعا إلى ذلك قوما من غواة أهل
الكوفة ورفع خبرهم إلى علي رضي الله عنه فأمر بإحراق قوم منهم في
حفرتين (2) وقال مرتجزا.
لما رأيت الامر أمرا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا (3)
فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن عليا
وإنما كان شيطانا تصور للناس في صورة علي رضي الله عنه وأن عليا
صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم عليه السلام (4).

(1) تاريخ الطبري (5 / 98).
(2) الفرق بين الفرق (ص 233).
(3) التنبيه والرد (ص 18).
(4) الفرق بين الفرق (ص 234).
62

وزعم أن عليا حي لم يمت، ففيه الجزء الإلهي ولا يجوز أن
يستولي عليه وهو الذي يجئ في السحاب والرعد صوته والبرق تبسمه
وأنه سينزل إلى الأرض بعد ذلك فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (1).
لقد كان هدف عبد الله بن سبأ الأساسي هو إثارة الفتن والقلاقل بين
المسلمين من كل وجه ممكن وإفساد عقائدهم بأي طريق ولقد وجد في
التظاهر بحب أهل البيت منفذا كبيرا ومرتعا خصبا لتحقيق مآربه التخريبية.
فقد كان المسلمون جميعا ينظرون إلى أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم نظرة حب
وتقدير لمنزلتهم من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من السهل جدا إثارة عواطف عامة
المسلمين بحجة الدفاع عن أهل البيت والولاء لهم وتأييدهم.
وهكذا حدث. فقد استغل عبد الله بن سبأ هذه الناحية وكذلك كل
الذين شايعوه ومشوا على فكرته في جميع العصور حسب مصالحهم
وأغراضهم وأهوائهم السياسية والمادية. ومن هنا نرى فرق الشيعة جميعا
على فكرة الرجعة لمن اختارته لها مهديا. إلا أن السر في تعدد أحزابهم
هو ما كانت تمليه ظروفهم السياسية وأهوائهم المادية وأغراضهم المختلفة
فكلما سولت لأحدهم نفسه أن يغامر بطلب الولاية والرياسة أو المنافع
الأخرى اختار له مهديا وتظاهر بالدعوة إلى إمامته، فإذا مات ذلك المهدي
المزعوم قبل أن تتحقق مآربه ادعى أنه غاب ولم يمت ولا بد أن يرجع
قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما، ومن هنا كثر
المهديون عندهم. وسأجمل الكلام في السطور التالية في المهديين عند
فرق الشيعة.
السبائية:
وهم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي وقد تقدم أنه كان يدعى رجعة
علي بن أبي طالب إلى الدنيا.

(1) الملل والنحل (1 / 174).
63

وقد قيل لابن سبأ: إن عليا قد قتل فقال: إن جئتمونا بدماغه في
صرة (1) لم نصدق بموته. لا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الأرض
بحذافيرها (2).
وترى هذه الفرقة: أن عليا هو المهدي المنتظر دون غيره (3) وأنه
يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (4).
الكيسانية:
وهم أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي (5) وكان في أول أمره ناصبيا
يبغض عليا وأنصاره أشد البغض حتى حاول إقناع عمه نائب المدائن

(1) هكذا في الفرق، وفي التنبيه والرد " سبعين قارورة " وفي الفصل " سبعين مرة ".
(2) التنبيه والرد (ص 18)، والفرق بين الفرق (ص 235)، الفصل في الملل والأهواء
والنحل (4 / 180)، الملل والنحل (1 / 174).
(3) الفرق بين الفرق (ص 234).
(4) مقالات الاسلاميين (1 / 86)، التنبيه والرد (ص 18)، الفصل (4 / 180).
(5) هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، كان والده أبو عبيد قد أسلم في حياة
النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره وأمره عمر رضي الله عنه على جيش كثيف لقتال الفرس سنة
13 ه‍، فاستشهد في معركة على جسر دجلة وولد المختار في العام الأول من
الهجرة وقتله مصعب بن الزبير سنة 67 ه‍، كانت أخته صفية زوجة لعبد الله بن عمر
بن الخطاب رضي الله عنهما. البداية والنهاية (8 / 290)، تجريد أسماء الصحابة (2 / 185) لسان الميزان (6 / 6).
وقد اختلف في سبب اشتهار أتباعه بالكيسانية فقيل إن المختار يقال له " كيسان ".
مقالات الاسلاميين (1 / 91)، الفرق (ص 38) وقيل: إنه أخذ مقالته عن كيسان
مولى لعلي رضي الله عنه. مقالات (1 / 91) الفرق (ص 38). وقيل: لان صاحب
شرطته أبو عمرة اسمه " كيسان ". المهدية في الاسلام (ص 95) ويرى الشهرستاني
أن الكيسانية هم أصحاب " كيسان " مولى علي رضي الله عنه. ويرى المختارية فرقة
منهم. الملل والنحل (1 / 147) ويرى ابن حزم أنهم أصحاب المختار " وهم عندنا
شعبة من الزيدية ". الفصل (4 / 179).
64

بتسليم الحسن بن علي رضي الله عنه إلى معاوية ليتخذ عنده اليد البيضاء
أبدا (1). ثم أصبح بعد ذلك مع مسلم بن عقيل بن أبي طالب ضد بني
أمية فحبسه ابن زياد وضربه مائة جلدة فشفع له ابن عمر رضي الله عنه
فأطلق سراحه فجاء إلى ابن الزبير رضي الله عنه وأصبح من أنصاره وقاتل
معه (2). ثم أخذ منه كتابا إلى أميره بالكوفة وانتقل إليه وكان يمدح ابن
الزبير في العلانية ولكنه كان في السر يسبه ويمدح محمد ابن الحنفية
ويدعو إليه (3) وكان يظهر حب آل البيت ويدعو إليهم حتى أصبح له أنصار
وأعوان فاستولى على الكوفة وتمكن من قتل قتلة الحسين بن علي
رضي الله عنهما، ثم طغى في الأرض وبغى حتى قاتله مصعب بن الزبير
فقتله في سنة 67 ه‍ وقتل من أنصاره كثيرا وانتهت فتنته.
وكان المختار هذا يدعي الكهانة ويزعم أنه ينزل عليه الوحي، وكان
يقول بالبداء فكان يدعى لاتباعه أن الله قد وعده بكذا وكذا فإذا لم يكن
كذلك قال: إن الله قد بدا له، وادعى كثيرا من الأكاذيب والخرافات (4).
وكان المختار هذا يدعو إلى مهدية محمد ابن الحنفية (5) وإمامته

(1) البداية والنهاية (8 / 290).
(2) البداية والنهاية (8 / 290).
(3) البداية والنهاية (8 / 290).
(4) الفرق بين الفرق (ص 52)، الملل والنحل (1 / 148، 149) وفي الحديث " أن في
ثقيف كذابا ومبيرا "، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم (4 / 1972 رقم 2545،
والترمذي (6 / 467) و (10 / 443) مع التحفة وأحمد (6 / 26) والحاكم (3 / 553)
وقال النووي: " اتفق العلماء على أن المراد بالكذاب هنا المختار بن أبي العبيد،
وبالمبير الحجاج بن يوسف " شرح صحيح مسلم للنووي (15 / 100) وقال: إنه كان
شديد الكذب ومن أقبحه أنه أدعى أن جبرئيل صلى الله عليه وسلم يأتيه.
(5) البداية والنهاية (9 / 38).
ومحمد ابن الحنفية هو: محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي والحنفية أمه
واسمها خولة بنت جعفر بن قيس من بني حنيفة. سبيت في الردة من اليمامة، يكنى
أبا القاسم وأبا عبد الله، اختلف في تاريخ ميلاده فقيل في خلافة أبي بكر وقيل في
خلافة عمر، وكذلك في وفاته فقيل 81 و 82 و 92 و 93، قال ابن كثير: كان
من سادات قريش ومن الشجعان المشهورين ومن الأقوياء المذكورين. لما بويع لابن
الزبير لم يبايعه ابن الحنفية فجرى بينهما شر عظيم حتى هم ابن الزبير به وبأهله
فلما قتل ابن الزبير واستقر أمره عبد الملك وبايعه ابن عمر تابعه ابن الحنفية.
قال العجلي: تابعي ثقة كان رجلا صالحا. وقال ابن حبان: كان من أفاضل أهل
بيته. البداية والنهاية (9 / 38)، تهذيب التهذيب (9 / 354).
65

وينسب كل أكاذيبه إليه ولكن محمد ابن الحنفية قد تبرأ من أقواله (1)،
ولما خاف عنه الفتنة في دين الناس أراد قدوم العراق ليصير إليه الذين
اعتقدوا إمامته. فلما سمع بذلك المختار خاف على إمارته وذهاب ملكه
وأن ابن الحنفية إذا بلغ العراق سيتحول إليه الناس فدبر له مكيدة عظيمة
فقال لاتباعه: " أنا علي بيعة المهدي ولكن للمهدي علامة وهو أن يضرب
بالسيف فإن لم يقطع السيف جلده فهو المهدي ". ولما بلغ خبر كلامه
هذا إلى ابن الحنفية ترك عزمه على السفر إلى الكوفة وبقي في مكة خوفا
من أن يقتله المختار بهذه الحيلة (2).
وقد اتفقت فرق الكيسانية كلها على إمامة ابن الحنفية في حياته
ولكن بعدما مات أقر قوم منهم بموته وحولوا الإمامة إلى غيره على خلاف
كثير فهم. وقال قوم آخرون: إنه حي ولم يمت وأنه في جبل رضوى (3)
وعنده عين من الماء وعين من العسل يأتيه رزقه غدوا وعشيا، تحدثه
الملائكة، وعن يمينه أسد وعن يساره نمر يحفظانه من أعدائه إلى وقت
خروجه (4) وأنه صاحب الزمان يخرج ويقتل الدجال ويهدي الناس من

(1) الملل والنحل (1 / 149).
(2) الفرق بين الفرق (ص 47).
(3) اسم جبل على مسيرة يوم من ينبع وعلى سبع مراحل من المدينة معجم البلدان (3 /
51).
(4) مقالات الاسلاميين (1 / 92) الفرق بين الفرق (ص 36)، الملل والنحل (1 / 150)
البداية والنهاية (9 / 39).
66

الضلالة ويصلح الأرض بعد فسادها (1) ولم يمت ولا يموت حتى يملأ الأرض
عدلا كما ملئت جورا (2).
وكان كثير الشاعر على مذهب الكيسانية ينتظر رجعة ابن الحنفية
وقال في ذلك:
ألا إن الأئمة من قريش * ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه * هم الأسباط بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى * يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيب لا يرى فيهم زمانا * برضوى عنده عسل وماء (3)
وقال في قصيدة أخرى:
ألا قل للوصي فدتك نفسي * أطلت بذلك الجبل المقاما
أضر بمعشر والوك منا وسموك الخليفة والاماما
وعادوا فيك أهل الأرض طرا * مقامك عنهم ستين عاما
وما ذاق ابن خولة طعم موت * ولا وارت له أرض عظاما
لقد أمسى بمجرى شعب رضوى * تراجعه الملائكة الكلاما
وأنه له لرزقا كل يوم * وأشربة يعل بها الطعاما (4)
وكان من بين هؤلاء الذين ينتظرون رجعة ابن الحنيفة الشاعر

(1) التنبيه والرد (ص 19).
(2) الفصل (4 / 179).
(3) مقالات الاسلاميين (1 / 93)، الفرق بين الفرق (ص 42)، الملل والنحل (1 /
151).
(4) الفرق بين الفرق (ص 42)، الأغاني (9 / 14) وذكرها ابن كثير أيضا مع بعض
الاختلاف في الأبيات، البداية والنهاية (9 / 39).
67

المعروف بالسيد الحميري فقال في قصيدة له:
يا شعب رضوى قاطن بك لا يرى * حتى متى تخفى وأنت قريب
يا ابن الوصي ويا سمي محمد * وكنيه نفسي عليك تذوب
لو غاب عنا عمر نوح أيقنت * منا النفوس بأنه سيؤوب (1)
وروى ابن سعد بإسناده عن أبي حمزة قال: " كانوا يسلمون على
محمد بن علي السلام عليك يا مهدي. فيقول: أجل أنا مهدي أهدي إلى
الخير ولكن إذا سلم أحدكم فليقل السلام عليك يا محمد " (2).
إلا أن مدار هذه الرواية على أبي حمزة الثمالي ثابت بن أبي صفية
دينار، وهو متروك الحديث اتفق الأئمة على تضعيفه ووهاه أحمد وابن
معين والنسائي والدارقطني والجوزجاني وغيرهم (3).
وتنتظر فرقة من الكيسانية (4) عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن
جعفر بن أبي طالب، ويزعمون أنه حي بجبال أصفهان إلى اليوم، لم
يمت ولا يموت، ولا بد له من أن يظهر حتى يلي أمور الناس وهو
المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم (5).
قال ابن حزم: وعبد الله هذا هو القائم بفارس أيام مروان بن محمد
وقتله أبو مسلم بعد أن سجنه دهرا وكان عبد الله هذا ردئ الدين معطلا
مستصحبا للدهرية (6). وقال أبو الفرج الأصبهاني: كان سيئ السيرة ردئ

(1) المهدية في الاسلام (ص 159).
(2) البداية والنهاية (9 / 38)، تهذيب التهذيب (9 / 355).
(3) تهذيب التهذيب (2 / 7).
(4) وهم أناس من الحربية، مقالات الاسلاميين (1 / 97).
(5) مقالات الاسلاميين (1 / 97)، الفصل (4 / 179).
(6) الفصل (4 / 179).
68

المذهب قتالا مستظهرا ببطانة السوء ومن يومي بالزندقة (1).
الزيدية:
وهم أتباع زيد بن علي الهاشمي (2).
ومعظمهم ثلاث فرق:
الجارودية - السليمانية - البترية.
أما السليمانية فقالوا: إن الإمامة شورى فيما بين الخلق ويصح أن
تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين وأنها تصح في المفضول مع وجود
الأفضل (3)، والبترية قولهم في الإمامة كقول السليمانية (4) ولذلك فلا نعرف
لهم مهديا ينتظرون رجعته، وأما الفرقة الثالثة وهي الجارودية فهم يختلفون
مع بقية الزيدية في انتظار المهدي.
الجارودية:
وهم أتباع أبي الجارود زياد بن أبي زياد (5) وقد اختلفوا في انتظار

(1) مقاتل الطالبيين (ص 162) وكان خروجه في 127 ه‍.
(2) هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين العلوي الهاشمي.
ولد سنة 79، قرأ على واصل بن عطاء فتعلم منه الاعتزال وخرج بالكوفة على بني
أمية في خلافة هشام بن عبد الملك ومعه أربعون ألفا من أهل الكوفة فقاتله الحكم
بن الصلت فقتل سنة 122 ه‍، قال ابن حبان رأى جماعة من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم. الكامل (5 / 242)، تهذيب تاريخ ابن عساكر (6 / 15) تهذيب التهذيب (3 /
419).
(3) الملل والنحل (1 / 159).
(4) المصدر السابق (1 / 161).
(5) هو زياد بن المنذر الهمداني ويقال النهدي، أبو الجارود الأعمى الكوفي، كان من
غلاة الرافضة، وكان من الكذابين الكبار، قال ابن حبان: كان رافضيا يضع الحديث
في مثالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ويروي في فضائل أهل البيت
رضي الله عنهم أشياء ما لها أصول، لا يحل كتب حديثه. مات بعد 150 ه‍. كتاب
المجروحين (1 / 304)، تهذيب التهذيب (3 / 386)، الاعلام (3 / 93).
69

مهديهم ورجعته، فمنهم من لم يعين واحدا بالانتظار وقال: كل من شهر
سيفه ودعا إلى دينه من ولد الحسن والحسين.
ومنهم من ينتظر محمد بن عبد الله النفس الزكية (1).
وكان محمد بن عبد الله النفس الزكية قد بايعه جماعة من أهل
الحجاز في أواخر دولة مروان بالخلافة وكان من بينهم أبو جعفر
المنصور الذي أصبح فيما بعد الخليفة العباسي الثاني بعد وفاة أبي العباس
السفاح في أواخر سنة 136 ه‍.
فلما بويع المنصور بالخلافة اختفي محمد ومعه أخوه إبراهيم خوفا
من المنصور أن يبطش بهما. وخاف المنصور أن يخرجا عليه يطالبانه
بالخلافة، ولما لم يتمكن المنصور من القبض عليهما قبض على أبيهما
وجماعة من أقاربهما وحبسهم في سجن المدينة ثم نقلهم إلى العراق
ومات كثير منهم في السجن.
فلما ضاق محمد ذرعا بالاختفاء تواعد هو وأخوه بالظهور في يوم
واحد فظهر محمد في المدينة وهجم على أمير المدينة وسجنه ثم استولى
على المدينة كما استولى أخوه على البصرة في اليوم نفسه وبايعه أهل المدينة
وتلقب بالمهدي (2) وقد صرح بمهديته في بعض رسائله إلى المنصور.

(1) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو
عبد الله المدني، كان يدعى النفس الزكية لزهده ونسكه. ولد سنة 93 ه‍، كان
صواما قواما من الصالحين، وكان قليل الحديث، قال النسائي: ثقة وذكره ابن حبان
في الثقات. قتل سنة 145 ه‍. مروج الذهب (3 / 294)، البداية والنهاية (10 / 90)،
تهذيب التهذيب (9 / 252).
(2) لقد ذكر أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبين روايات مؤداها أن محمد النفس
الزكية كان يدعو إلى مهديته في صغره، وكان المنصور وغيره من العباسيين يقرون
له بذلك في أول الأمر. مقاتل الطالبيين (ص 232 - 299).
70

قال ابن كثير: تلقب بالمهدي طمعا أن يكون هو المذكور في
الأحاديث فلم يكن به ولا تم له ما رجاه ولا ما تمناه فإنا لله (1).
وجرت بينه وبين المنصور مكاتبات كل منهما يعد فضائله وحقه
للخلافة والامارة ولكن لم تنحل المشكلة بالمكاتبات، فوجه المنصور
جيشا قوامه عشرة آلاف جندي بقيادة عيسى بن موسى العباسي، ودافع
النفس الزكية وأصحابه بضراوة ولكنهم لم يستطيعوا أن يصمدوا أمام
الجيش العباسي وكان المصير أن قتل محمد النفس الزكية وهو ينادي:
" ويحكم ابن نبيكم مجروح مظلوم ". وكان ذلك في 14 رمضان سنة
145 ه‍ (2).
لقد قتل محمد بن عبد الله، ولكن الجارودية اختلفوا في موته فقالت
جماعة منهم: إنه قد مات وساقوا الإمامة إلى غيره.
وقال آخرون: إنه حي لم يقتل ولا مات ولا يموت حتى يملأ الأرض
عدلا كما ملئت جورا (3)، ويزعمون أنه هو المهدي المنتظر الذي
يخرج فيملك الأرض (4).
وقول هؤلاء فيه كقول المحمدية من الامامية فهم أيضا ينتظرون
محمد بن عبد الله هذا (5)، ويشترك معهم أيضا المغيرية من الرافضة من
أتباع المغيرة بن سعيد، وهم أيضا ينتظرون رجعة محمد النفس الزكية

(1) البداية والنهاية (10 / 84).
(2) المصدر السابق (10 / 89).
(3) الفصل (4 / 179).
(4) مقالات الاسلاميين (1 / 141)، الفرق بين الفرق (ص 31).
(5) مقالات الاسلاميين (1 / 99)، الفرق بين الفرق (ص 31).
71

ويزعمون أنه هو المهدي وأنه حي مقيم بجبال ناحية الحاجر وأنه لا يزال
مقيما هناك إلى أوان خروجه (1).
وطائفة أخرى من الجارودية تنتظر يحيى بن عمر بن يحيى بن
الحسين بن زيد بن علي (2) وقد خرج بالكوفة أيام المستعين فوجه إليه
محمد بن عبد الله بن طاهر ابن عمه الحسين بن إسماعيل، فقتل يحيى بن
عمر، وذلك في سنة 248 أو 250 ه‍.
فقالت الطائفة المذكورة " أن يحيى بن عمر هذا حي لم يقتل ولا
مات ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا " (3).
ومنهم من ساق الإمامة إلى محمد بن القاسم بن علي وكان بالطائف
أيام المعتصم العباسي، وبايعه أناس كثيرون ولكن بعد حروب غلب عليه
المعتصم فسجن في إحدى قباب قصره، فهرب من سجنه فاختلف فيه
الناس فقيل: إنه اختفى إلى أن توفي، وقيل: عاش إلى أيام المتوكل
فحبس ومات في محبسه. ولكن زعم كثير من الجارودية أنه حي لم يمت
ولا قتل ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (4)، وأنه

(1) مقالات الاسلاميين (1 / 98).
(2) هو يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين السبط، خرج
في سنة 235 ه‍ أيام المتوكل العباسي في خراسان فحبسه المتوكل ثم تركه، فخرج
ثانية في أيام المستعين فاستولى على الكوفة وتولاه كثير من أهل بغداد فأرسل إليه
محمد بن عبد الله ابن طاهر جيشا فانهزم يحيى فقتل، وذلك في سنة 250 ه‍. مقاتل
الطالبيين (ص 639 / 664)، البداية والنهاية (10 / 314) و (11 / 5)، الكامل (7 /
126)، مروج الذهب (4 / 63).
(3) الفصل (4 / 179)، الفرق (ص 32)، مقالات الاسلاميين (1 / 142)، مقاتل
الطالبيين (ص 639).
(4) مقالات الاسلاميين (1 / 141) و (1 / 159)، مقاتل الطالبيين (ص 577 - 588)،
البداية والنهاية (10 / 282)، النجوم الزاهرة (2 / 230).
72

مهدي هذه الأمة (1).
الامامية:
ويدعون الامامية لزعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على إمامة علي
رضي الله عنه نصا ويقينا صادقا (2).
وقد اختلفوا فرقا كثيرة جدا حتى قال بعضهم: إن نيفا وسبعين فرقة
من الفرق المذكورة في الخبر هي في الشيعة خاصة ومن عداهم فهو خارج
عن الأمة (3).
ذكر عبد القاهر البغدادي منهم خمس عشرة فرقة (4) وسأذكر بعضهم
هنا وهم من عرفت لهم مهديا خاصا ينتظرون رجعته ويدعون غيبته.
1 - الكاملية:
وهم يقولون برجعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه (5).
2 - المحمدية:
وهم ينتظرون محمد بن عبد الله النفس الزكية ويزعمون أنه في جبل
حاجر من ناحية نجد إلى أن يؤمر بالخروج فيخرج ويملك الأرض ويبايع
له بمكة بين الركن والمقام يحيى له من الأموات سبعة عشر رجلا يعطي
كل واحد منهم حرفا من حروف الاسم الأعظم فيهزمون الجيوش، وزعم

(1) مروج الذهب (3 / 465)، تاريخ الطبري (10 / 205).
(2) مقالات الاسلاميين (1 / 89)، الملل والنحل (1 / 162).
(3) الملل والنحل (1 / 165).
(4) الفرق بين الفرق (ص 53).
(5) المصدر السابق (ص 54).
73

هؤلاء أن الذي قتلته جند عيسى بن موسى العباسي بالمدينة لم يكن
محمد بن عبد الله بن الحسن، وكان جابر الجعفي على هذا المذهب (1).
3 - الباقرية:
وهم ينتظرون محمد الباقر (2) ويزعمون أنه هو المهدي المنتظر.
روى المحاملي في أماليه عنه أنه قال: يزعمون أني أنا المهدي، وإني إلى
أجلي أدنى مني إلى ما يدعون (3).
4 - الناووسية:
أتباع رجل من أهل البصرة كان ينتسب إلى ناووس بها (4) وهم
ينتظرون جعفر الصادق (5) ويزعمون أنه لم يمت ولا يموت وأنه المهدي
المنتظر (6) ورووا عنه أنه قال: لو رأيتم رأسي يدهده عليكم من الجبل فلا
تصدقوا فإني صاحبكم صاحب السيف (7).

(1) مقالات الاسلاميين (1 / 99)، الفرق بين الفرق (ص 58).
(2) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر تابعي روى عن
أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وغيرهم. ولد 56 ه‍ وقيل غيره، وتوفي بعد
110 ه‍، تهذيب التهذيب (9 / 351).
(3) الحاوي (2 / 158).
(4) الفرق بين الفرق (ص 61)، وقيل أتباع رجل يقال له ناووس وقيل نسبوا إلى قرية
ناوسا. الملل والنحل (1 / 166)، وقيل إلى رئيس لهم يقال له عجلان بن ناووس
من أهل البصرة. مقالات الاسلاميين (1 / 100).
(5) أبو عبد الله جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين، ولد سنة 80، وتوفي سنة
148 ه‍، البداية والنهاية (10 / 105)، تهذيب التهذيب (2 / 103).
(6) مقالات الاسلاميين (1 / 100)، الفرق بين الفرق (ص 61).
(7) الفصل (4 / 180)، الملل والنحل (1 / 167).
74

5 - الشميطية:
أتباع يحيى بن أبي شميط، وقد صدقوا بموت وأداروا الإمامة
وزعموا أن المنتظر من ولده (1).
6 - الإسماعيلية:
قالوا إن الامام بعد جعفر هو ابنه إسماعيل، وقد مات إسماعيل هذا
في حياة والده ولكن طائفة منهم قالت منهم قالت إنه لم يمت حتى يملك
إنما أظهر موته تقية من خلفاء بني العباس، فهم ينتظرون رجعته (2).
7 - المباركية:
وهم فرقة من الإسماعيلية أقروا بموت إسماعيل وجعلوا الإمامة بعده
لابنه محمد بن إسماعيل بن جعفر وقالوا برجعته وغيبته (3).
8 - القرامطة:
وقد ذكر الأشعري في المقالات والملطي في التنبيه والرد (4) أنهم
فرقة من الامامية أتباع قرمط (5) ظهروا في سنة 281 ه‍ في خلافة المعتصم

(1) الفرق بين الفرق (ص 62).
(2) مقالات الاسلاميين (1 / 100)، الفرق بين الفرق (ص 63)، الملل والنحل (1 /
167).
(3) الملل والنحل (1 / 137).
(4) مقالات الاسلاميين (1 / 100)، التنبيه والرد (ص 20).
(5) رأس الفرقة الباطنية المعروفة بالقرامطة. اسمه حمدان أو الفرج بن عثمان أصله من
خوزستان. قال الزركلي: تداخلت أخباره في كتب التاريخ بأخبار دعاته والأرجح أنه
هو الذي قبض عليه عامل الرحبة سنة 293 وقتله المكتفي بالله العباسي. الاعلام
(6 / 36).
75

بالله وهم ينتظرون أيضا محمد بن إسماعيل بن جعفر وزعموا أنه حي إلى
اليوم ولم يمت ولا يموت حتى يملك الأرض وأنه هو المهدي الذي
تقدمت البشارة به واحتجوا في ذلك بروايات رووها عن أسلافهم يخبرون
فيها أن سابع الأئمة قائمهم (1).
9 - الموسوية:
قالوا إن الامام بعد جعفر هو ابنه موسى بن جعفر وزعموا أنه حي
لم يمت ولا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها يملأ الأرض
عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا (2).
10 - الاثنا عشرية:
وهي أشهر فرق الامامية الموجودة في هذه الأيام ويسمون القطعية
أيضا لأنهم قطعوا بموت موسى بن جعفر (3). قال ابن حزم: " وهم جمهور
الشيعة ومنهم المتكلمون والنظارون والعدد العظيم " (4).
وهم يقولون باثني عشر إماما وهم: علي ثم ابنه الحسن ثم أخوه
الحسين ثم علي زين العابدين ثم ولده محمد الباقر ثم ولده جعفر الصادق
ثم ولده موسى الكاظم ثم علي الرضا ثم محمد التقي ثم علي النقي ثم
حسن العسكري، ثم ولده المزعوم محمد.
يزعمون أن للحسن العسكري ولدا سماه محمدا واختفى هذا الولد
خوفا من حكام عصره في سرداب دار أبيه وسيخرج فيملأ الأرض قسطا

(1) مقالات الاسلاميين (1 / 101).
(2) مقالات الاسلاميين (1 / 103)، الملل والنحل (1 / 169).
(3) الفرق بين الفرق (ص 64).
(4) الفصل (4 / 181).
76

وعدلا كما ملئت جورا وظلما وهو المهدي المنتظر عندهم (1).
وإن مذهبهم في المهدية مذهب مضحك جدا وقد أوجز رأيهم في
المهدي الأستاذ محب الدين الخطيب كما يلي:
"... ومن عقائدهم الأساسية أنه عندما يقوم المهدي... من نومته
الطويلة التي زادت على ألف ومائة سنة سيحيي الله له ولابائه جميع حكام
المسلمين السابقين مع الحكام المعاصرين لقيامه وعلى رأس الجميع الجبت
والطاغوت أبو بكر وعمر فمن بعدهما. فيحاكم على اغتصابهم الحكم منه
ومن آبائه الأحد عشر إماما لان الحكم في الاسلام حق لهم من الله منذ
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة ولا حق فيه لاحد غيرهم.
وبعد محاكمة هؤلاء الطواغيت المغتصبين يقتص منهم فيأمر بقتل
وإعدام كل خمسمائة معا حتى يستوفي قتل ثلاثة آلاف من رجال الحكم
في جميع عصور الاسلام ويكون ذلك في الدنيا قبل البعث النهائي في يوم
القيامة ثم بعد موت من يموت وإعدام من يعدم يكون البعث الأكبر للحشر
ثم إلى الجنة أو النار، الجنة لآل البيت والذين يعتقدون فيهم هذه العقائد
والنار لكل من ليس بشيعي.
والشيعة يسمون هذا الاحياء والمحاكمة والقصاص باسم " الرجعة "
وهي من عقائدهم الأساسية التي لا يرتاب فيها شيعي واحد.
... ولاجل أن تعلم عقيدة الرجعة في كتبهم المعتبرة أذكر لك ما
قاله شيخ الشيعة أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المعروف عندهم
باسم " الشيخ المفيد " في كتابه الارشاد في تاريخ حجج الله على العباد
(ص 398 - 402) وهو مطبوع على الحجر في إيران طبعة قديمة لم
يذكر تاريخها ولكنها طبعت على خط محمد علي محمد حسن
الكلبايكاني.

(1) المصدر السابق (4 / 181).
77

روى الفضل بن شاذان عن محمد بن علي الكوفي عن وهب بن
حفص عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله يعني جعفر الصادق:
ينادي باسم القائم (أي إمامهم الثاني عشر الذي يزعمون أنه ولد منذ
أكثر من أحد عشر قرنا ولم يمت بعد لأنه سيقوم ويحكم وينادي باسمه
في ليلة ثلاث وعشرين ويقوم في يوم عاشوراء) لكأني به في اليوم العاشر
من المحرم قائما بين الركن والمقام جبرئيل عن يمينه ينادي البيعة له فتسير
إليه الشيعة من أطراف الأرض تطوى لهم طيا حتى يبايعوه وقد جاء الأثر
بأنه يسير من مكة حتى يأتي الكوفة فينزل على نجفنا ثم يفرق الجنود منها
في الأمصار.
وروى الحجال عن ثعلبة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه
السلام أي محمد الباقر قال: " كأني بالقائم عليه السلام على نجف الكوفة
وسار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة جبرئيل عن يمينه
وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد ".
وروى عبد الكريم الجعفي قال: قلت لأبي عبد الله يعني جعفر
الصادق كم يملك القائم عليه السلام قال سبع سنين تطول الأيام حتى
تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم فتكون سنو ملكه سبعين
سنة من سنيكم هذه.
قال أبو بصير: جعلت فداك فكيف يطول الله السنين قال: يأمر الله
الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون. وإذا آن قيامه
مطر الناس جمادى الآخرة وعشرة أيام من رجب مطرا لم ير الخلائق مثله
فينبت الله لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم فكأني أنظر إليهم مقبلين
ينقضون شعورهم من التراب.
وروى عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه
السلام قال: إذا قام القائم من آل محمد أقام خمسمائة من قريش فضرب
78

أعناقهم ثم أقام خمسمائة أخرى فضرب أعناقهم ثم خمسمائة أخرى حتى
يفعل ذلك ست مرات. قلت ويبلغ عدد هؤلاء هذا. (وإنما استغرب ذلك
لان الخلفاء الراشدين وبني أمية وسائر حكام المسلمين إلى زمن جعفر
الصادق لا يبلغ عددهم عشر معشار هذا العدد).
فقال جعفر الصادق: نعم منهم ومن مواليهم. وفي رواية أخرى: إن
دولتنا آخر الدول ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلا يقولوا
إذا رأوا سيرتنا إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء.
وروى جابر الجعفي عن أبي عبد الله قال: إذا قام قائم آل محمد
ضرب فساطيط يعلم فيها القرآن على ما أنزل فأصعب ما يكون على من
حفظ اليوم (أي على ما حفظه الناس من المصحف العثماني كما هو في
زمن جعفر الصادق) لأنه يخالف فيه التأليف.
وروى عبد الله بن عجلان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إذا قام
قائم آل محمد حكم الناس بحكم داود!.
وروى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله قال: يخرج مع القائم عليه
السلام من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا من قوم موسى وسبعة من
أهل الكهف ويوشع بن نون وسليمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك
الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا.
وهذه النصوص منقولة بالحرف وبكل أمانة من كتاب عالم من أعظم
علمائهم وهو الشيخ المفيد مروية بأسانيدهم المكذوبة - بلا شك - على آل
البيت الذين كان من أكبر مصائبهم أن يكون هؤلاء الكذابون خاصة شيعتهم
وكتاب الشيخ المفيد مطبوع في إيران ونسخه الأثرية محفوظة وموجودة.
... وقال السيد المرتضى في كتاب " المسائل الناصرية ": إن أبا بكر
وعمر يصلبان يومئذ على شجرة في زمن المهدي أي إمامهم الثاني عشر
الذي يسمون قائم آل محمد، وتكون تلك الشجرة رطبة قبل الصلب فتصير
79

يابسة بعده " (1).
ولهم في هذا الباب خرافات وأكاذيب كثيرة منسوبة إلى جعفر
الصادق وإلى غيره من أئمة أهل البيت بحيث أن إحصائها يحتاج إلى سفر
ضخم ولا يسع هذا الكتاب لكل تلك الأكاذيب.
ومن أكاذيبهم أيضا أن المهدي المزعوم هذا سيخرج مصحف فاطمة
وهو غير المصحف الموجود الان وقد نسب الكليني صاحب الكافي إلى
جعفر الصادق أنه قال: " وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما
يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام... مصحف فيه مثل قرآنكم هذا
ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد. مكثت فاطمة بعد النبي
خمسا وسبعين يوما صبت عليها مصائب من الحزن لا يعلمها إلا الله
فأرسل الله إليها جبرئيل يسليها يعزيها ويحدثها عن أبيها وما يحدث لذريتها
وكان علي يستمع ويكتب ما سمع. حتى جاء منه مصحف قدر القرآن
ثلاث مرات ليس فيه شئ من حلال ومن حرام ولكن فيه علم ما
يكون " (2).
هذا نموذج مختصر من تلك الأساطير والأكاذيب التي يحكونها حول
المهدي المنتظر المزعوم. فقد ثبت تاريخيا أن الحسن العسكري مات ولم
يعقب وقد مات عقيما. وقد نص على ذلك ابن جرير وابن قانع وغيرهما
من المؤرخين. قال محب الدين الخطيب:
" إنه شخصية موهومة نسبت كذبا للحسن العسكري الذي مات عن
غير ولد وصفى أخوه جعفر تركته على أنه لا ولد له وللعلويين سجل
مواليد يقوم عليه نقيب في تلك الأزمان لا يولد منهم مولود إلا سجل فيه
ولم يسجل فيه للحسن العسكري ولد. ولا يعرف العلويون المعاصرون

(1) الخطوط العريضة. ضمن مجموع السنة (1 / 32 - 36).
(2) الكافي للكليني (3 / 199).
80

للحسن العسكري أنه مات من ولد ذكر " (1).
ومن الأدلة الواضحة على كذب هذه الأسطورة المختلقة أن رواتها
أنفسهم مضطربون أشد الاضطراب في تفاصيلها فوقع بينهم اختلاف كبير
في الوالد والولد والام والغيبة. وقد ذكره الشهرستاني في الملل والنحل
بالتفصيل (2).
ومع هذا الاختلاف والاضطراب والتخليط في هذه الأسطورة التي
اختلقها بعض زعمائهم لأغراضهم الخاصة (3) أصبح الكثير منهم يشكون
بها حتى اضطروا من جديد إلى اختراع أحاديث نسبوها إلى أئمتهم من
أهل البيت بأنه لا يخرج حتى يقع كثير من أتباعهم في شك من أمره
وأصبح البعض منهم يوقتون لخروجه تسلية للاتباع السذج وتبريرا
لعواطفهم، ولما وقع خلاف ذلك وثبت كذبهم مرة أخرى اضطروا إلى
اختراع أحاديث نسبوها إلى أئمة أهل البيت في كراهية التوقيت. وهكذا
اخترعت مجموعة خرافات وأكاذيب لحماية الأكذوبة الأولى ولكن حتى
الان لم يقر لهم قرار (4).
وهكذا أصبح هؤلاء كما قال ابن القيم " عارا على بني آدم وضحكة
يسخر منهم كل عاقل " (5).
وقد أحسن من قال:

(1) الخطوط العريضة ضمن مجموع السنة (1 / 44) وانظر أيضا الفصل (4 / 181)
والمنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي (ص 172 / 173).
(2) الملل والنحل (1 / 171 - 173).
(3) انظر الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب في مجموع السنة (1 / 45).
(4) انظر كتاب الكافي للكليني باب نادر في حال الغيبة (4 / 390)، باب الغيبة (4 /
394) باب التمحيص والامتحان (4 / 446) باب، كراهية التوقيت (4 / 443)
وغيرها.
(5) المنار المنيف (ص 153).
81

ما آن للسرداب أن يلد الذي * كلمتوه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفاء فإنكم * ثلثتم العنقاء والغيلانا (1)
ولما رأى هؤلاء أن الأحاديث الثابتة الواردة في المهدي تقضي على
أسطورتهم بالبطلان فهي تنص على كون المهدي اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم
واسم أبيه اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم ووجدوا أنفسهم في موقف حرج، بدؤوا في
اختلاق أكاذيب وتأويلات مضحكة:
1 - اختلقوا أحاديث ليس لها زمام ولاخطام ونسبوها إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم وإلى علي وغيره وزعموا بها أنه ابن الحسن العسكري حتى أنهم لم
يتورعوا عن ذكر اسمه بالصراحة في هذه الأحاديث المخترعة (2).
2 - صاروا يؤولون أحاديث المهدي الصحيحة بتأويلات مضحكة أو
ينكرونها فمنهم من ذهب إلى حذف هذه الكلمة من الرواية وذكر " اسمه
اسمي " فقط (3) وأنكر زيادة " أسم أبيه اسم أبي " وزعم أن اللازم طرحها
والاعراض عنها إن لم يمكن تأويلها (4).
ومنهم من زعم أن هذه الرواية محرفة والصواب " اسم أبيه اسم ابني "
بالنون يعني الحسن (5).
ومنهم من لجأ إلى تحريف معناها: فقالوا: إن المراد بأبيه هو جده،
وهو الحسين وكنيته أبو عبد الله فمعناه محمد بن أبي عبد الله وجعلت

(1) المصدر السابق (ص 152).
(2) راجع مثل هذه الروايات في ينابيع المودة (ص 443)، (ص 445) وغيرها والمهدي
المنتظر (ص 50).
(3) منهاج السنة (4 / 211).
(4) المهدي المنتظر (ص 45).
(5) الإشاعة في أشراط الساعة (ص 87).
82

الكنية اسما ومنهم ابن طلحة في كتابه غاية السول في مناقب الرسول (1).
وكأنهم أحدقوا النظر في آبائه من الحسن العسكري إلى علي بن أبي طالب
فلم يجدوا أحدا اسمه عبد الله في هذه الأجيال الطويلة كلها ولو وجدوا
لكان أهون.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
" ومن له أدنى نظر يعرف أن هذا تحريف صريح وكذب على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل يفهم أحد من قوله يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم
أبي إلا أن اسم أبيه عبد الله وهل يدل هذا اللفظ على أن جده كنيته أبو
عبد الله، ثم أي تمييز يحصل له بهذا، فكم من ولد الحسين من اسمه
محمد، وكل هؤلاء يقال في أجدادهم محمد بن أبي عبد الله كما قيل في
هذا. وكيف يعدل من يريد البيان إلى من اسمه محمد بن الحسن فيقول
إن اسمه محمد بن عبد الله ويعني بذلك أن جده أبو عبد الله. وهذا كان
تعريفه بأنه محمد بن الحسن أو ابن أبي الحسن لان جده عليا كنيته أبو
الحسن أحسن من هذا وأبين لمن يريد الهدى والبيان. وأيضا فإن المهدي
المنعوت من ولد الحسن بن علي لا من ولد الحسين كما تقدم لفظ
حديث علي " (2).
الباطنية:
وهي حركة سرية إلحادية ظهرت بين المسلمين بأسماء مختلفة في
بلاد مختلفة وأوقات مختلفة وعاثت في الأرض فسادا وقد فصل الكلام
فيها عبد القاهر البغدادي في كتابه المعروف " الفرق يبن الفرق " (3).

(1) منهاج السنة (4 / 211).
(2) المصدر السابق (4 / 211).
(3) الفرق بين الفرق (ص 281 - 312). وانظر أيضا كتاب " الإسماعيلية ". عقائد
وتاريخ للعلامة إحسان إلهي ظهير رحمه الله.
83

والذي يتصل بموضوعنا هنا هي حركتهم التي ظهرت في بلاد
المغرب على يد عبيد الله بن ميمون القداح - جد الخلفاء العبيديين
الفاطميين - وكان يهوديا صباغا بسلمية من قرى الشام، فأظهر الاسلام
وانتقل إلى بلاد أفريقية " (1).
وبث دعاته في بلاد المغرب (إفريقيا) لأنها كانت بعيدة عن مركز
الخلافة الاسلامية كما كانت بعيدة عن الثقافة الاسلامية أيضا، ولذلك وجد
مجالا واسعا لنشر أفكاره المسمومة الالحادية في قبائل البربر وغيرها من
القاطنين هناك. وانتسب هناك إلى أهل البيت كذبا وزورا فزعم أنه
عبيد الله بن الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق مع أن
العلوم لدى علماء الانساب أن محمد بن إسماعيل مات ولم يعقب (2).
وادعى أنه هو المهدي المنتظر ونجح في إغواء الجهلة من القبائل
وأصبحت له قوة فاستولى على بلاد المغرب وأنشأ دولة وكان ظهوره في
سجلماسة سنة 296 ه‍ ودعي له على المنابر في المساجد وبنى مدينة سماها
" المهدية " ومات فيها سنة 322 ه‍ (3). وكان يظهر الرفض ويبطن الزندقة (4).
وبعد موته خلفه ابن القائم محمد ثم ابنه المنصور إسماعيل ثم ابنه
المعز، وهو الذي استولى على مصر سنة 358 ه‍ وبني مدينة القاهرة
وانتهت دولتهم في مصر سنة 568 ه‍ (5).
وكانوا دهرية زنادقة ينكرون الرسل والشرائع كلها ولهم استدراج
خبيث ومكيدة معقدة لنشر دعوتهم قد ذكرها البغدادي في الفرق ولا يسع

(1) العبر (2 / 193)، البداية والنهاية (11 / 161) تاريخ الخلفاء (ص 6).
(2) الفرق بين الفرق (ص 282، 283).
(3) البداية والنهاية (11 / 180).
(4) العبر (2 / 193)، الفرق بين الفرق (ص 288).
(5) تاريخ الخلفاء (ص 482).
84

المجال لذكرها هنا (1).
وهكذا قامت هذه الحركة الإباحية باستغلال فكرة المهدية وعاثت في
الأرض فسادا مدة طويلة. قال ابن تيمية:
" إن طوائف ادعى كل منهم أنه المهدي المبشر به مثل مهدي
القرامطة الباطنية الذي أقام دعوتهم بالمغرب وهم من ولد ميمون القداح
وادعوا أن ميمونا هذا من ولد محمد بن إسماعيل وإلى ذلك انتسبت
الإسماعيلية. وهم ملاحدة في الباطن خارجون عن جميع الملل أكفر من
الغالية كالنصيرية ومذهبهم مركب من مذهب المجوس والصابئة والفلاسفة
مع إظهار التشيع. وجدهم رجل يهودي كان ربييا لرجل مجوسي وقد
كانت لهم دولة وأتباع وقد صنف العلماء كتبا في كشف أسرارهم وهتك
أستارهم مثل كتاب القاضي أبي بكر الباقلاني والقاضي عبد الجبار
الهمداني وكتاب الغزالي ونحوهم " (2).
وقال السيوطي: " إن أكثرهم زنادقة خارجون عن الاسلام ومنهم من
سب الأنبياء ومنهم من أباح الخمر ومنهم من أمر بالسجود له والخير
رافض خبيث لثيم يأمر بسب الصحابة رضي الله عنهم ومثل هؤلاء لا
تنعقد له بيعة ولا تصح لهم إمامة ".
قال أبو الحسن القابسي (3):
" إن الذين قتلهم عبيد الله وبنوه من العلماء والعباد أربعة آلاف رجل

(1) الفرق بين الفرق (ص 281 - 312).
(2) منهاج السنة (4 / 211).
(3) أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري القيرواني (324 - 402 ه‍) ابن
القابسي، كان حافظا للحديث وعلله ورجاله فقيها أصوليا من مصنفاته الممهد في
الفقه وملخص الموطأ وغيرهما. الاعلام (5 / 145).
85

ليردوهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت " (1).
الخوارج:
لم أعرف للخوارج كلاما قيما يتعلق بالمهدي لا نفيا ولا إثباتا (2)
ولعل السبب في ذلك أنهم كانوا صرحاء في خروجهم ومروقهم بعيدين
عن التستر وسبل النفاق فلذلك لم يحاولوا استغلال فكرة المهدية كما
فعلت فرق الشيعة المختلفة بحيث كلما سولت لأحدهم نفسه إحداث أمر
ما اختار لنفسه مهديا من أهل البيت أو نصب نفسه مهديا أو بابا للمهدي
وعمل كل ما يريد تحت هذا الشعار الديني حتى ولو كان يريد هدم كيان
الاسلام وزلزلة أركانه.
لكن وجدت فرقة من الأباضية من الخوارج ذكرها البغدادي في
الفرق الخارجة عن الاسلام التي تنتسب إليه وهم أتباع يزيد بن أبي أنيسة
الخارجي البصري، ادعى زعيمهم هذا أن الله عز وجل يبعث رسولا من
العجم وينزل عليه كتابا من السماء وينسخ بشرعه شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وزعم
أن أتباع ذلك النبي المنتظر هم الصابئون المذكورون في القرآن (3). إلا
أنهم لم يقولوا بأن ذلك الرسول هو " المهدي المنتظر " (4).
الصوفية:
وللصوفية مصادر كثيرة للمعرفة في زعمهم، كالخضر وتوجيهاته

(1) تاريخ الخلفاء (ص 7).
(2) وإن عدم معرفة رأي خاص لهم في هذه المسألة لا يستلزم أن الخوارج لا تؤمن
بالمهدية ولا تقول بها كما رأى الأستاذ سعد محمد حسن في كتابه " المهدية في
الاسلام " (ص 173).
(3) الفرق بين الفرق (ص 279 - 280).
(4) خلافا لما ذكره الأستاذ سعد محمد حسن في كتابه " المهدية في الاسلام " (ص 173).
86

والعلوم اللدنية المنتقلة من الصدور إلى الصدور وبواطن أحرف القرآن
بالإضافة إلى ما يدعونه من الكشوف والالهامات والمنامات وغير ذلك.
وهكذا فليس من الغريب أن يكون للصوفية دور كبير في شرح فكرة
المهدية.
قال ابن خلدون: " وأكثر من تكلم من هؤلاء المتصوفة المتأخرين في
شأن الفاطمي ابن العربي الحاتمي (1) في كتاب عنقاء مغرب وابن قسي (2)
في كتاب خلع النعلين وعبد الحق ابن سبعين (3) وابن أبي وأطيل تلميذه
في شرحه لكتاب خلع النعلين وأكثر كلماتهم في شأنه ألغاز وأمثال " (4).
فمنهم من يسميه بخاتم الأولياء وأنه لبنة الفضة، وقال ابن عربي:
إن هذا الإمام المنتظر وهو من أهل البيت من ولد فاطمة وظهوره يكون
بعد مضي (خ ف ج) من الهجرة أي سنة 683 ه‍ فلما انتهت تلك المدة
قال مقلدوه إن المراد منها مولده وأنه يخرج في 710 ه‍ (5).
وذكر ابن خلدون نماذج من كلامهم في هذا الباب ثم قال: " إلى
كلام من أمثال هذا يعينون فيه الوقت والرجل والمكان بأدلة واهية
وتحكمات مختلفة فينقضي الزمان ولا أثر لشئ من ذلك فيرجعون إلى

(1) قدوة القائلين بوحدة الوجود محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي.
ولد 560 ه‍، ومات 638 ه‍ له مصنفات كثيرة منها فصوص الحكم والفتوحات
المكية. ميزان الاعتدال (3 / 659)، لسان الميزان (5 / 311).
(2) أحمد بن الحسين أبو القاسم ابن قسي. كان رومي الأصل استعرب وعكف على
الوعظ وكثر مريدوه فحاول الاستيلاء على الأندلس ولكن ضعف أمره وقتل في سنة
546 ه‍. الاعلام (1 / 113)، و (10 / 16).
(3) عبد الحق بن إبراهيم بن محمد الإشبيلي المرسي المعروف بابن سبعين، من فلاسفة
المتصوفة والقائلين بوحدة الوجود (613 - 669 ه‍). الاعلام (4 / 51).
(4) تاريخ ابن خلدون (1 / 576) المقدمة.
(5) تاريخ ابن خلدون (1 / 578).
87

تجديد رأي آخر منتحل كما تراه من مفهومات لغوية وأشياء تخيلية وأحكام
نجومية، في هذا انقضت أعمار الأول منهم والاخر " (1).

(1) المصدر السابق (1 / 582) وراجع من (575 - 583).
88

أدعياء المهدوية الآخرون
إن من الصعب جدا بل من المستحيل إحصاء عدد الذين ادعوا
المهدوية في التاريخ الاسلامي، وذلك لان منهم من لم يحالفهم الحظ
فانتهت دعوتهم عليهم أو على بعض الاتباع الخاملين ولم تحصل لهم قوة
ولا شوكة، فبقيت أمانيهم وأحلامهم مدفونة في صدورهم ولذلك لم
يسجل لنا التاريخ أسماءهم ولا أعمالهم، وكما قال ابن تيمية " فهؤلاء
كثيرون لا يحصي عددهم إلا الله " (1).
وقد ذكرت في الصفحات الماضية أسماء كثير من الذين ادعوا
المهدوية أو ادعى لهم أتباعهم وأصبحت مهديتهم جزءا من عقائد بعض
الفرق الدينية، وسأذكر الان أسماء من وقفت عليهم أنهم ادعوا هذا الامر
من غير أصحاب الفرق.
1 - الحارث بن سريج:
وكان خرج على أمير خراسان في سنة 116 ه‍ أيام الخليفة هشام بن
عبد الملك، وزعم أنه يدعو إلى الكتاب والسنة وكان يقول: " أنا صاحب
الرايات السود واستولى على بعض البلاد من خراسان إلى أن انهزم أمام
الجيش الأموي وضعفت قوته فهرب إلى بلاد الترك وبقي هناك اثنتي عشرة

(1) منهاج السنة (4 / 211).
89

سنة إلى أن آل الامر إلى يزيد بن الوليد الناقص فكتب إليه الأمان وكما
يقول ابن كثير: " حتى خرج من بلاد الترك وصار إلى المسلمين ورجع عن
موالاة المشركين إلى نصرة الاسلام وأهله ولما تولى الخلافة مروان بن
محمد خرج الحارث من جديد وكان معه الجهم بن صفوان - صاحب
الفرقة الجهمية - وكان يدعو الناس إلى الحارث بن سريج ويقرأ عليهم
سيرته في المساجد والطرقات - حتى تصدى له نصر بن سيار أمير خراسان
فقتل كثيرا من أصحابه ومنهم الجهم بن صفوان ثم اتفق الحارث وابن
الكرماني (1) على نصر بن سيار ولكن بعد مدة اختلفا فيما بينهما فوقع
بينهما القتال فانهزم أصحاب الحارث فقتل مع مائة من أصحابه وذلك في
رجب سنة 128 ه‍ (2).
2 - المهدي العباسي:
وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الله أبي جعفر المنصور ولد في سنة
127 ه‍ وقيل في 121 ه‍ وقيل 126 ه‍، وتوفي سنة 169 ه‍.
لقبه أبو جعفر المنصور بالمهدي لموافقته في الاسم الوارد في
الحديث. قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
" لما كان الحديث المعروف عند السلف والخلف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
في المهدي " يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي " صار يطمع كثير من
الناس أن يكون هو المهدي حتى سمى المنصور ابنه محمد ولقبه

(1) جديع بن علي الأزدي. كان من أعيان خراسان وخرج على نصر بن سيار والي بني
أمية واتفق مع أبي مسلم الخراساني فدعاه نصر بن سيار فجاء إليه فقتله أصحاب
نصر في الطريق في سنة 129 ه‍. الطبري (9 / 91)، الكامل (5 / 385).
(2) تاريخ الطبري (9 / 66، 67)، الكامل لابن الأثير (5 / 328)، البداية والنهاية (9 /
113)، (10 / 26، 27).
90

بالمهدي (1) مواطاة اسمه باسمه واسم أبيه باسم أبيه ولم يكن هو الموعود
به " (2).
وقد ذكر ابن القيم أن القائلين بمهديته استدلوا بأحاديث الرايات
السود وهي إن صحت " لم يكن فيه دليل على أن المهدي الذي تولى
من بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان بل هو مهدي من
جملة المهديين وعمر بن عبد العزيز كان مهديا بل هو أولى باسم المهدي
منه " (3).
وقال ابن كثير: " وإنما لقب بالمهدي رجاء أن يكون الموعود به في
الأحاديث فلم يكن به وإن اشتركا في الاسم فقد افترقا في الفعل ذاك يأتي
في آخر الزمان عند فساد الدنيا فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا
وظلما " (4).
ولعل من دواعي تلقيب المنصور ابنه بالمهدي محاربة دعاية النفس
الزكية وقد كان هو الاخر يدعي المهدوية فأراد المنصور أن يحارب
المهدي بمهدي آخر.
تولى المهدي الخلافة من 158 ه‍ إلى سنة 169 ه‍ (5).
3 - المهدي المغربي ابن تومرت:
ولد محمد بن عبد الله تومرت فيما بين 471 ه‍ إلى 491 ه‍، في
إحدى القبائل البربرية وكان والده يلقب بتومرت فاشتهر به (6)، ولكنه ادعى

(1) وذلك حينما أخذ له البيعة بولاية العهد من بعده. البداية والنهاية (10 / 76).
(2) منهاج السنة (2 / 132).
(3) المنار المنيف (ص 150).
(4) البداية والنهاية (10 / 151).
(5) تاريخ الخلفاء (ص 253 - 257).
(6) تراجم إسلامية (ص 237)، الكامل (10 / 569).
91

فيما بعد أنه علوي من أهل البيت فاخترع له نسبا إلى علي بن أبي
طالب (1).
خرج يطلب العلم فتجول في البلاد الاسلامية وحج البيت وسافر إلى بغداد ويروى في هذا الصدد تلمذه على الغزالي ولكن يرى بعض
المؤرخين أنه ليس بصحيح (2) وأنه اخترع هذا لكي يستغل ما كان يتمتع به
الغزالي من مكانة ومنزلة في نفوس الناس وزعم فيما بعد أن الغزالي هو
الذي بشره بالدولة والحكم (3).
ولما رجع من رحلته سنة 511 ه‍ تظاهر بالامرة بالمعروف والنهي عن
المنكر ودعا إلى قتال المرابطين لأنهم مجسمة مشبهة في زعمه ينكرون
التأويل في صفات الباري. وتجول في مدن المغرب وبث دعاته في جميع
النواحي ولما تيقن من قوته وكثرة أتباعه أعلن إمامته ودعا إلى قتال الكفرة
من المجسمين (ويعني به المرابطين وكان الامر في ذلك الوقت بيد
علي بن يوسف بن تاشفين) وتغيير المنكر والامر بالمعروف وأعلن أنه
المهدي المنتظر. فقام في رمضان سنة 515 ه‍ فقال:
" الحمد لله الفعال لما يريد القاضي بما يشاء ولا راد لامره ولا
معقب لحكمه وصلى الله عليه سيدنا محمد رسول الله المبشر بالامام
المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يبعثه الله
إذا نسخ الحق بالباطل وأزيل العدل بالجور مكانه الغرب الأقصى مبعثه
وزمانه آخر الزمان واسمه اسم النبي عليه الصلاة والسلام ونسبه نسب النبي
صلى الله تعالى وملائكته الكرام عليه وسلم. وقد ظهر جور الامراء
وامتلأت الأرض بالفساد وهذا آخر الزمان والاسم الاسم والنسب النسب

(1) شذرات الذهب (4 / 70) تراجم إسلامية (ص 238)، الاعلام (7 / 105).
(2) الكامل لابن الأثير (10 / 569) وقد فصل الكلام فيه الأستاذ عبد الله عنان في كتابه
تراجم إسلامية (ص 240 - 241).
(3) تراجم إسلامية (ص 241).
92

والفعل الفعل " (1).
وآمن به عدد من أتباعه وبايعوه على ذلك فأصبح خطباؤه يقولون
على المنابر الامام المعصوم، المهدي المعلوم، الذي بشرته به في صريح
وحيك الذي اكتنفته بالنور الواضح والعدل اللامح، الذي ملا البرية قسطا
وعدلا كما ملئت ظلما وجورا (2).
ولكن كل ما فعله ابن تومرت من الكذب والتظاهر والادعاء بالمهدية
قد ذهب هباء منثورا قبل أن تتحقق أحلامه فمات في سنة 524 ه‍ ودفن
بمسجده في تينملل (3) وخلفه صاحبه عبد المؤمن وهو الذي أقام دولة
الموحدين في المغرب على أنقاض دولة المرابطين.
وكان هذا يدعي أنه ملا الأرض عدلا وقسطا على عكس من
ذلك تماما. قال ابن القيم:
" أما المهدي المغاربة محمد بن تومرت فإنه رجل كذاب ظالم متغلب
بالباطل ملك بالظلم والتغلب والتحيل فقتل النفوس وأباح حريم المسلمين
وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم وكان شرا على الملة من الحجاج بن يوسف
بكثير ".
" وكان يودع بطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياء يأمرهم
أن يقولوا للناس إنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم ثم يردم عليهم ليلا
لئلا يكذبوه بعد ذلك. وسمى أصحابه الجهمية " الموحدين " نفاة صفات
الرب وكلامه وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه ورؤية المؤمنين له
بالابصار يوم القيامة، واستباح قتل من خالفهم من أهل العلم والايمان

(1) تراجم إسلامية (ص 248).
(2) منهاج السنة (2 / 132).
(3) الاعلام (7 / 104).
93

وتسمى بالمهدي المعصوم (1).
4 - المهدي السوداني:
وهو محمد أحمد بن عبد الله وكانت أسرته تنتسب إلى الحسن بن
علي بن أبي طالب، كما كانت أمه تنتسب إلى العباس بن عبد المطلب.
ولد محمد أحمد في 27 رجب عام 1260 ه‍ أو 1258 ه‍ في مدينة
دنقلة بالسودان وأصبح ينتقل مع أسرته من بلد إلى بلد حتى استقر بهم
الامر في مدينة " المنجرة " في الخرطوم (2).
درس محمد أحمد على بعض المشايخ الموجودين في بلده دراسة
أولية ثم التحق بالطريقة السمانية وأصبح من مريدي الشيخ محمد شريف.
ومن بلايا التصوف في كل عصر ومصر إلا ما شاء الله ادعاء معرفة
الغيب عن طريق الكشوف والكرامات وغيرها. ولعل محمد أحمد أيام
تجواله من المدرسة إلى شيخ الطريقة قد اطلع على فكرة المهدوية فتاقت
نفسه إلى ذلك.
ويقال إن لشيخه محمد الضكير ضلعا كبيرا في إثارة هذه النزعة فيه
كما أن من أسباب الخلاف بينه وبين شيخه السماني محمد شريف أنه كان
يريد من شيخه أن يدعي المهدوية فأبى ذلك فانتقل إلى شيخ آخر في
الطريقة نفسها وهو الشيخ القرشي، ولعل شيخه هذا كان أكثر ذكاء ودهاء
من سابقه وعرف أن مريده الطامع والطامح تواق إلى المهدوية فمهد له
السبيل إلى ذلك، فلما مات ترك له وصية:
" إن زمن المهدي المنتظر قد حان وإن الذي يشيد على ضريحي قبة

(1) المنار المنيف (ص 153).
(2) جغرافية وتاريخ السودان (ص 637).
94

ويختن أولادي هو المهدي المنتظر " (1).
وكانت هذه شروطا سهلة ولم يكن هناك مانع لمحمد أحمد من
تحقيق هذه الشروط، وبينما كان يشيد القبة على ضريح شيخه ظهرت
حادثة أخرى وهي:
أن عبد الله التعايشي أحد المشعوذين والمنجمين قد دخل عليه فلما
رآه خر على الأرض مغشيا فلما أفاق سأله الحاضرون فقال:
" نظرت أنوار المهدية على وجهه فصعقت من شدة تأثيرها على
حواسي " (2).
وكان محمد أحمد يتمتع بشعبية في المنتسبين إلى الطريقة السمانية
وكان له أتباع ومريدون فأصبح يمهد لهم الدعوة إلى مهدويته واستغل في
ذلك كل الأوضاع الاقتصادية والسياسية الموجودة في ذلك الوقت فلما
آنس منهم القبول ووجد من نفسه القوة أعلن مهديته في سنة 1881 م،
1298 ه‍ ووجه رسائل إلى فقهاء السودان في الجهات المختلفة وإلى
الحكام في مصر والسلطان عبد الحميد وملكة انكلترا، فيقول في إحدى
رسائله سنة 1298 ه‍:
جاءني النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ومعه الخلفاء الراشدون والأقطاب

(1) السودان بين يدي غوردون وكتشنر (1 / 74) نقلا عن المهدية في الاسلام (ص
204).
(2) السودان بين يدي غوردون وكتشنر (1 / 75) نقلا عن المهدية في الاسلام (ص
205). وتظهر أهمية هذه البشارة المبيتة حينما نرى أن التعايشي هذا الذي ما كان
يستطيع أن يقرأ كلمات من القرآن قد جعله محمد أحمد خليفة له ولما رأى التذمر
من قبل بعض أتباعه، وجه إليهم رسالة شديدة زعم فيها أنه فعله بأمر سيد الوجود
وأن التعايشي معصوم في أفعاله وأن منزلته كمنزلة أبي بكر ومن وجد فيه حرجا
حتى ولو في نفسه فقد سلب منه الايمان... إلخ السودان بين يدي غوردون وكتشنر
(1 / 169) عن المهدية في الاسلام (ص 206).
95

والخضر عليه السلام وأمسك بيدي صلى الله عليه وسلم وأجلسني على كرسيه وقال لي:
أنت المهدي المنتظر ومن شك في مهديتك فقد كفر وأن الترك كفار وهم
أشد الناس كفرا لأنهم ساعون في إطفاء نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره
ولو كره الكافرون. وأخبرني صلى الله عليه وسلم بأن النصر يسير بين يدي أربعين ميلا وأنه
صلى الله عليه وسلم يحضر بذاته الكريمة أمام جيشي ومعه الخلفاء الراشدون.. وأن الله
أيدني بالأولياء والشهداء والصالحين من لدن آدم عليه السلام إلى زماننا
هذا ومؤمني الجن، يجاهدون معي ولا يهزم لي جيش وإن الله ناصري
ومؤيدي على كل من حاربني من الثقلين وإن أصحابي كأصحابه صلى الله عليه وسلم
وعامتهم أكبر مقاما في دار الخلد من الشيخ عبد القادر الجيلي " (1).
ويردد مثل هذه العبارة في كثير من رسائله. وهكذا جعل محمد
أحمد " سيد الوجود " عبدا لأهوائه فكلما تاقت نفسه إلى شئ ما نسبه إلى
سيد الوجود وأنه قد بشره به يقظة لا مناما. ولقد سيطر على بلاد السودان
وزعم أن سيد الوجود أخبره بأنه ستكون له بيعة أخرى حينما يصل إلى
بيت الله الحرام (2)، وزعم أن سيد الوجود بشره بأنه يملك جميع
الأرض (3).
ولكن ذهبت أحلامه أدراج الرياح فوافته المنية في رمضان 1302 ه‍ (4)
وخلفه ذلك التعايشي الذي كان قد أغمي عليه لما رأى أنوار المهدية في
وجهه. وحاول التعايشي أن يستمر في طريقه ولكن لم يستطع أن يصمد أمام
الجيوش المصرية فقتل في معركة بتاريخ 24 نوفمبر 1899 م (5) وانتهت هذه
المهدوية بجميع خرافاتها، ولقد كذبته الأيام في دعاويه وفيما كان يزعم أن

(1) المصدر السابق (1 / 85).
(2) المهدية في الاسلام (ص 229).
(3) المصدر السابق (ص 215).
(4) المصدر السابق (ص 215).
(5) تاريخ السودان (ص 935).
96

سيد الوجود أخبره به يقظة لا مناما بحضرة الخلفاء الأربعة وغيرهم.
5 - السيد محمد الجونفوري:
لقد عرفنا كثيرا عن الحركات المهدوية التي قامت في المغرب أو
السودان، وبلاد الشرق أيضا لم تعدم من يدعي فيها هذه الدعوى فنشأت
في الهند أيضا فرقة مهدوية.
وكان مؤسس هذه الفرقة محمد بن يوسف الجونفوري، ولد
في سنة 848 ه‍ في مدينة جونبور بشرق الهند وطلب العلم من بعض
المشايخ ثم اشتغل بالعبادة والرياضة حتى ترك الأهل والأولاد وخرج
يتجول في الفيافي والصحاري والجبال، ورجع بدعوى المهدية فأخذ يبشر
الناس بمهديته من بلد إلى بلد وتبعه أناس كثيرون مغترين بزهده وتقشفه
كشأنهم وراء كل ناعق. وفي سنة 901 ه‍ سافر للحج وادعى في مكة
المكرمة أنه مهدي ومن تبعه فهو مؤمن. ثم رجع إلى الهند وأخذ يتجول
من بلد إلى بلد يدعو الناس إلى مهديته وتوجه إلى خراسان ولعله أراد أن
يطبق عليه حديث الرايات السود من خراسان ولكن حالت بعض الموانع
دونه فمات وهو ينتظر الدخول في خراسان، وكانت وفاته سنة 910 ه‍ (1).
قال في نزهة الخواطر: " قال أبو رجا محمد الشاه جهانبوري في
الهدية المهدوية أن الجونبوري لم يمنع أصحابه من ذلك (أي من نسبة
المهدوية إليه) وبدل اسم أبيه بعبد الله واسم أمه بآمنة وأشاعهما في الناس
وصنف كتابا في أصول ذلك المذهب... ومنها:
" أنه مهدي موعود وأنه أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
رضي الله عنهم بل إنه أفضل من آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى على
نبينا وعليهم السلام ".

(1) نزهة الخواطر (7 / 324 - 326).
97

ومنها: أنه كان مساويا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في المنزلة وإن كان تابعا
له في الدين.
ومنها: أنه ما خالف من الكتاب والسنة قوله وفعله فهو غير صحيح.
ومنها: أن الجونبوري وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كلاهما مسلمان كاملان
وسائر الأنبياء ناقصوا الاسلام.
ومنها: أن الجونبوري شريك في بعض الصفات الإلهية بعد فوزه
بمنصب الرسالة والنبوة (1).
وقد عاثت هذه الفرقة فسادا في ذلك العصر فزعموا أن شيخهم هو
إمام ذلك العصر وأن من لم يدخل في طاعته فقد مات ميتة جاهلية وقتلوا
كثيرا من مخالفيهم واستباحوا اغتيالهم، ولقد ألف علي المتقي صاحب كنز
العمال رسالتين للرد عليهم وهما " الرد على من حكم وقضى أن المهدي
قد جاء ومضى " قال فيه:
" ومن قبائحهم أنهم يعتقدون أن من أنكر بهذا السيد الماضي الذي
ادعى المهدوية فهو كافر وبهذا الاعتقاد يكفرون المسلمين ويكفرون
بتكفيرهم (2). وقال في كتابه الاخر " البرهان في علامات مهدي آخر
الزمان ":
" كفى دليلا على بطلان اعتقاد هذه الطائفة قتلهم العلماء، فإن خصلتهم
هذه تدل على عدم الدليل على اعتقادهم وعجزهم عن إثبات معتقدهم " (3).
وقال البرزنجي: " وقد سمعت كثيرا من القادمين من بلاد الهند إلى
الحرمين من العلماء والصلحاء أن أولئك القوم إلى الان على ذلك الاعتقاد

(1) المصدر السابق (7 / 325).
(2) الرد على من حكم وقضى (ص 137 - 138 ب).
(3) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (ص 6 - 17).
98

الخبيث وأنهم يعرفون بالمهدوية وربما سموا بالقتالية لان كل من قال لهم
إن اعتقادكم باطل قتلوه. حتى إن الرجل الواحد منهم يكون بين الجمع
الكثير من المسلمين فإذا قيل له إن اعتقادك باطل قتل القائل ولا يبالي
أيقتل أو يسلم " (1).
6 - مهديون لم يحالفه الحظ:
وهناك أناس آخرون ادعوا المهدوية ولكن لم يحالفهم الحظ فلم
ينشر ذكرهم ولم يقدر لهم النجاح في دعواهم. وقد أشار إليهم العلماء
في بعض كتبهم.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: وأعرف في زماننا غير واحد من
المشايخ الذين فيهم زهد وعبادة يظن كل منهم أنه المهدي وربما يخاطب
أحدهم بذلك مرات ويكون المخاطب له بذلك الشيطان وهو يظن أنه
خطاب من الله ويكون أحدهم اسمه أحمد بن إبراهيم فيقال محمد وأحمد
سواء وإبراهيم الخليل هو جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوك إبراهيم فقد واطأ
اسمك اسمه واسم أبيك اسم أبيه (2).
وذكر ابن خلدون: أن رجلا يعرف بالتويزري ادعى أنه الفاطمي
المنتظر برباط ماسة واتبعه الكثير وخاف رؤساء المصامدة على أمرهم
فدسوا له من قتله. وذلك في أول المائة الثامنة.
وكذلك ظهر في غمارة في أواخر المائة السابعة وعشر التسعين رجل
يعرف بالعباس وادعى أنه المهدي.
وذكر عن أحد مشايخه أن رجلا صحبه في أحد أسفاره وكان قد
جاء من كربلاء ليدعي المهدوية في المغرب ولكنه لم يجد الفرصة مؤاتية

(1) الإشاعة (ص 121).
(2) منهاج السنة (4 / 211).
99

له فرجع (1).
وذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة " تمرتاش بن النوين جوبان " " أنه
كان شجاعا فاتكا إلا أنه خف عقله فزعم أنه المهدي الذي يخرج في آخر
الزمان. فبلغ ذلك أباه فركب إليه ورده عن هذا المعتقد ".
قتل هذا التمرتاش سنة 728 ه‍ (2).
وذكر أيضا في ترجمة أحمد بن عبد الله بن هاشم أبي العباس
المعروف بالملثم بأنه " حصل له انحراف مزاج فادعى في سنة 689 ه‍
دعاوي عريضة من رؤية الله تعالى في المقام مرارا وأنه أسري به إلى
السماوات السبع... وأن الله كلمه وأخبره بأنه المهدي... وأنه رأى النبي
صلى الله عليه وسلم فأعلمه بأنه من ولده وأنه المهدي. إلخ ما جاء في ترجمته.
مات هذا الرجل في سنة 740 ه‍ (3).
وقال علي المتقي:
" ثم اعلم رحمك الله أن من أول الاسلام إلى الان كثير من الناس
ادعوا هذه المهدوية من الامراء والمشايخ منهم شخص يسمى سيد محمد
نور بخش.
ومنهم كان شيخ في الروم يسمى أويس في زمن السلطان بايزيد
رحمه الله " (4).
وقال البرزنجي:
وظهر بجبال شهر زمير وأنا طفل إذا بقرية يقال لها أزملة، رجل

(1) تاريخ ابن خلدون (1 / 583) (المقدمة).
(2) الدرر الكامنة (1 / 518)، الترجمة 1417.
(3) المصدر السابق (1 / 185 - 188)، الترجمة. 482
(4) البيان في علامات مهدي آخر الزمان. مخطوط. غير مرقم الصفحات.
100

يسمى محمد وادعى أنه المهدي واتبعه خلق ثم إن أمير تلك البلاد أحمد
خان الكردي أغار عليه فهرب وأخذ أخاه وخرب قريته جماعة من
أتباعه فزالت شوكته (1).
وقال أيضا: " وظهر قبل تأليفي لهذا الكتاب بقليل رجل جبال عفرا
والعمارية من الأكراد يسمى عبد الله ويدعى أنه شريف حسيني وله ولد
صغير ابن اثنتي عشرة سنة أو أقل أو أكثر قد سماه محمدا ولقبه بالمهدي
الموعود وتبعه جماعة كثيرة من القبائل وسفك دماء وقد انهزم المدعي
وأخذ هو وابنه إلى استنبول ثم إن السلطان عفا عنهم ومنعهما من الرجوع
إلى بلادهما وماتا جميعا (2).
وقال صديق حسن خان: وادعى جماعة من المشايخ والصوفية أنهم
المهديون ثم تابوا عن هذه الدعوى المنتنة، فهؤلاء الذين ادعوا المهدوية
بالباطل واتبعهم بعض السفهاء وحصلت منهم فتن ومفاسد كثيرة في
الدين (3).
7 - المهدي الجهيماني:
ومن أفظع وأسوأ ما ابتلي به المسلمون من هذه الفتن النكراء تلك
التي قام بها جهيمان بن سيف العتيبي مع شرذمة من أصحابه وقد سول
لهم الشيطان أن أحدهم هو المهدي المنتظر الذي ورد ذكره في الأحاديث
فاستولوا على الحرم المكي الشريف في غرة محرم 1400 ه‍ وأغلقوا أبوابه
واستباحوا حرمته وأراقوا الدماء فيه وروعوا الآمنين من المصلين والطائفين
والذاكرين. فاستباحوا الدم الحرام في البلد الحرام بل في المسجد الحرام
وفي الشهر الحرام وقد أصدرت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية

(1) الإشاعة (ص 121).
(2) المصدر السابق (ص 121، 122).
(3) الإذاعة (ص 150).
101

فتوى بضرورة تطهير الحرم الشريف من هذه الشرذمة الباغية المارقة ولو
بالقوة واتخذ ولاة الامر في المملكة العربية السعودية حرسها الله الاجراءات
اللازمة للقضاء على فتنتهم التي استمرت نحو أسبوعين ذهبت ضحيتها
مجموعة من الناس حتى تم استئصال شرهم واستراح المسلمون من هذه البلية.
8 - الرجل الأشوري أو المهدي الصهيوني:
قبل أن أقدم الكتاب للطبع اطلعت على كتاب نشرته دار الاعتصام
في القاهرة عام 1409 ه‍ / 1989 م وألفه مؤلفه سعيد أيوب في ذي القعدة
1406 ه‍ / يوليو 1986 م بعنوان " المسيح الدجال، قراءة سياسية في أصول
الديانات الكبرى ".
ذكر المؤلف فيه بعض الحقائق معتمدا على الآيات القرآنية
والأحاديث الصحيحة إلا أنه خلطها بكثير من الأوهام والتخيلات من
الأحاديث الواهية والموضوعة والإسرائيليات القديمة وما يسمى بالجفر عند الإمامية
والإسرائيليات الحديثة من مؤلفات الغربيين في تفسيرات كتبهم
المقدسة وأضاف إليها استنتاجاته الخاصة وتحليلاته وتصوراته الشخصية.
فأخرج للناس خليطا عجيبا من الحقائق والتخيلات فضاعت فيه الحقائق
لان الحقيقة تكون حقيقة عندما تكون وحدها أما إذا امتزجت واختلطت
بالأوهام والتخيلات فإنها تختفي وتضيع والأحاديث الموضوعة ليست إلا
تخيلات مختلقيها نسبوها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لترويجها والنصوص المحرفة من
التوراة والإنجيل ليست إلا تخيلات وتصورات محرفيها أدخلوها في الكتب
المقدسة لترويجها وكذلك ما زورته أصابع التخريب المعاصرة المسماة
بالبنائين الأحرار " الماسونية " لتضليل الناس وتدمير الأديان والقيم الانسانية.
والغريب أن المؤلف يؤمن بكل هذا الخليط إيمانا يفوق الوصف فلا
يستنكف من السخرية والاستهزاء بالذين قد يشكون في تلك الأمور أو
بعضها.
102

وحيث أن قائد المعسكر الاسلامي الذي يحارب الدجال قبل نزول
المسيح سيكون هو المهدي المبشر به في الأحاديث فقد تحدث المؤلف
كثيرا عن هذا الموضوع وجمع بين كل غث وسمين واستنتج استنتاجات
غريبة. ولست بصدد مناقشة كل هذه الأمور ولكني أذكر هنا شيئا واحدا
فقط وهو ما ذكره المؤلف عن الرجل الأشوري الذي عرفه من تفاسير
بعض الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى وفسره بأنه هو المهدي المنتظر
المذكور في كتب المسلمين وإليك ما ذكر عنه:
- " لقد ذكرت معركة في أصول أهل الكتاب وهذه المعركة لها ملامح
في أصول الاسلام، معركة يدور رحاها في المستقبل. قال أهل الكتاب
عن أطرافها: (ستكون هناك قوتان متضاربتان متنافستان على مركز السيادة
على العالم: دول غرب أوروبا والأشوري) (تفسير حزقيال / فكري ص
231، تفسير دانيال / حنا 193).
- قالوا في التفسير عن حدود دولته: " الفرات هو الحد الطبيعي بين
اليهود والأشوري (تفسير حزقيال / فكري 236) وموطن الأشوري فارس،
إيران، تركيا (تفسير زكريا / فكري ص 226).
- وقالوا في التفسير عن مهمته: "... يد الله هي التي ستضرب
بواسطة الأشوري " (تفسير أشعيا / حنا 123) وسيكون هو عدو إسرائيل
آخر الزمان (تفسير دانيال / إيرنسايد ص 95) وسيرسله الله على أمة منافقة
هذه الأمة هي شعبه (تفسير أشعيا / حنا ص 123).
- وقالوا في التفسير عن شعبه: " شعبه قوي. لم يكن له نظير في
الأزل. ولا يكون بعده. قدامه نار تأكل، وخلفه لهيب يحرق، وأمامه جنة
عدن (أي الشهادة) يجرون كالأبطال رجال حرب يمشون كل واحد في
طريقه ولا يغيرون سبلهم ولا يزاحم بعضهم بعضا: وبين الأسلحة يقعون
ولا ينكسون (؟ / 9 / 3) ".
- ثم قالوا في التفسير عن خيوله: ".. الخيل الداهم يخرج من
103

فارس... " (تفسير زكريا / فكري ص 108).
ثم قال المفسرون عن موقف الغرب واليهود منهم: "... سيعقد
اليهود مع القائد الروماني حلفا، خوفا من الأشوري (تفسير دانيال / ص
191، تفسير حزقيال / فكري 341) والقائد الروماني يعني الغرب عند أهل
الكتاب، وستكون جيوش الأشوري هي الخصم الأكبر للغرب " (تفسير
دانيال / حنا 261).
- قالوا في التفسير: ".. ملك أشور يكون من المسيحية! غير ممكن
أبدا.. " (تفسير أشعيا / حنا 124.
- (... انه قائد شرس. خلف جدير بسلاطين الإمبراطورية العثمانية
الظالمين الجائرين). تفسير دانيال / إيرنسايد 94 / 96.
- (يقول إن رؤساءه جميعا ملوكا). أشعيا 5 / 11.
فإذا كان الغرب قد جمع له الجمع فما هي الدول التي ستناصر الأشوري؟
قالوا في التفسير:
(.. ستكون القوة داخل حلفه مكونة من إيران وسوريا، وليبيا
والسودان. وصور (جنوب لبنان) وشعوب منطقة الشرق الأدنى وقبائل دول
بحر قزوين والبحر الأسود، والإسماعيليين والهاجرين..). حزقيال / فكري
339، دانيال / إيرنسايد 137.
- وماذا سيفعل الأشوري؟ قالوا في التفسير: (إنه هو الذي
سيستخدمه الرب في القضاء على الشعب اليهودي). أشعيا / حنا 123 / 1.
(وسيحتل الأشوري نصف إسرائيل في أول أيامه). حزقيال / فكري
341، دانيال 191.
(وسيستخدم العصا على إسرائيل). دانيال / حنا 192. تفسير زكريا
ص 255.
104

(وسيضرب قاضيها بقضيب على خده). حزقيال / فكري 341،
دانيال / حنا 191.
(وسيغزو أورشليم في حرب النهاية) تفسير زكريا / فكري 226
(وسوف يأتي ملوك الغرب وجيوشهم بقيادة قائد الغرب، ويجتمعون
لمقاتلته ولكنهم يبادوا، ويتم الله عمل الأشوري على جبل صهيون في
أورشليم) دانيال / حنا 192).
- ويبقى سؤال هو: أين مصر من الاحداث؟
قالوا في التفسير: (إن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ستستمر
حتى مجئ المسيح (دانيال / حنا 261) وأن هناك شخصية مقدر لها أن
تحظى باهتمام بالغ وملحوظ وهي ملك الجنوب وهو رئيس يتولى حكم
مصر (المستقلة!) في المستقبل وسوف يتصرف بما يوافق القائد الروماني
(الغرب) وذلك من قبيل مقاومته للأتراك أعدائه التاريخيين).
ثم ما هي أسباب المعارك بين الأشوري والغرب؟ قالوا في التفسير،
(سيكون هناك تحالف غربي، وتحالف شرقي، وتكون فلسطين هي
موضوع النزاع). دانيال / إيرنسايد 133.
وبعد مسيرة الأشوري في مصادر أهل الكتاب - نجدهم قد وقعوا في
تناقض عجيب فعلى الرغم من أن الأشوري هو يد الله التي يضرب بها،
وأن جنوده أمامهم جنة عدن وأن الله سيتم له عمله والجيوش التي أمامه
ستباد إلا أن الخلط الذي حدث جاء فيه أن الأشوري سيدخل النار. ربما
لأنه ليس من أهل الكتاب هكذا يعتقدون، ولكن الأعجب أنه لا يوجد أي
نص في الكتاب المقدس يحدد هذه النهاية للأشوري حتى إن إيرنسايد قال
في تفسيره " لسنا نقرأ هنا شيئا بخصوص هلاكه ". (دانيال / إيرنسايد
137).
حقيقي!: لقد جامل علماء النصرانية اليهود وهم في هذه المجاملة
105

لم يحسنوا سد الثغرات (1).
هذا ما ذكره المصنف من بعض تفاسير أهل الكتاب ذكرته كما هو
مع حذف تحليلات المؤلف التي تخللت هذه الفقرات لحملها على
المفاهيم الاسلامية مستعينا في ذلك بكل ما أمكن من الصحيح أو الضعيف
أو الموضوع أو الإسرائيليات أو الجفر أو حتى تصوراته الخاصة التي
يسميها ب‍ " الاحداث المنظورة والمقروءة " أو " المرآة التي ينعكس عليها
الحدث الذي يتطابق مع دائرة الزمن، أو عالم المشاهدة المنظور الذي
ينطبق مع مخزون دائرة الذهن " أو " عالم المشاهدة المنظور الذي ينطبق مع
أحاديث عالم الغيب المخبوء الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 12).
وقد أخذ المؤلف هذه المعلومات من الكتب التالية:
1 - تفسير حزقيال رشاد فكري ط كنيسة الاخوة 1983 م.
2 - تفسير دانيال ناشد حنا ط كنيسة الاخوة 1980 م.
3 - تفسير زكريا رشاد فكري طبعة أولى؟
4 - تفسير أشعيا ناشد حنا ط كنيسة الاخوة 1983 م.
5 - تفسير دانيال أ. ه‍ ايرنسايد دار الحياة الأردن؟
إني لا أدري شيئا عن مؤلفي هذه التفاسير ومتى ألفوها، وسنوات
الطبع التي ذكرها المؤلف كلها متأخرة. ولكني أعلم علم اليقين أن الغيب
لا يعلمه إلا الله. وأنه قد يطلع بعض أنبيائه على بعض المغيبات. إذن لا
سبيل إلى معرفة الغيب إلا الوحي فهل هؤلاء المفسرون كانوا أنبياء يوحى
إليهم؟

(1) (المسيح الدجال لمؤلفه سعيد أيوب الصفحات 164 - 171) القاهرة ذي القعدة
1406 ه‍ / أول يوليو 1986.
نشر دار الاعتصام، الطبعة الأولى 1409 ه‍ - 1989 م.
106

وإلا فمن أين اكتشفوا هذا الغيب؟
إن نظرة عاجلة على سياق القصة تبين أن هذه الأسطورة إنما وضعت
بعد سقوط الخلافة العثمانية بل بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 م.
فمن أين نزل هذا الوحي بعد هذه الاحداث؟ ثم إن من يمعن النظر
في هذه الأسطورة ويتابع ما حدث في حرب الخليج بعد الاحتلال العراقي
للكويت في 2 أغسطس 1990 م وما تلاه من أحداث وحروب يكاد يجزم
بأن هذه الأسطورة إنما هي تلميحات لسيناريو تلك الحرب وما حدث فيها
ربما وضعت ضمن تخطيط سابق لايهام " الأشوري المعاصر " بأنه قد بشرت
به كتب الأنبياء السابقين وأنه هو الذي يسمى بالمهدي المنتظر في الكتب
الاسلامية وبالتالي فهو سوف يدمر القوى المعادية وينتصر عليها وسوف
يبيد اليهود إلخ.
وإذا قدر للحقائق أن تنكشف في يوم من الأيام فقد نجد أن
" الأشوري المعاصر " قد خضع عن طريق الأصابع الخفية لعملية طويلة
لغسيل المخ حتى أيقن تماما بأنه هو المهدي المنتظر وأقدم على فعلته
النكراء سعيا وراء المجد الموهوم فأشعل نار الفتنة وفتح بابا لتدمير بلده
وشعبه ومزق الأمة الاسلامية شر ممزق فقدم للصهيونية خدمة لم تصل
عليها طوال تاريخها.
ويظهر ذلك جليا في إعلانه قبل الحرب بفترة بأنه من أهل بيت
النبي صلى الله عليه وسلم لان المهدي المنتظر يكون من أهل بيته وتصريحاته المتتالية بأنه
سوف يحرق نصف إسرائيل، ويدمر نصف إسرائيل إلخ. مع التمسك
الشديد بكلمة النصف لان الأسطورة تقول كذلك وتنازله السريع من كل
ادعاءاته ومطالبه طوال ثماني سنوات من حربه مع إيران. وزيارات أعوانه
المتكررة إليها وإرساله الكثير من الطائرات للجوء إليها، كل ذلك سعيا منه
لارضائها لان الأسطورة قالت إن إيران ستكون من الدول المؤيدة للأشوري
إلى آخر ما هنالك في هذه الأسطورة من هذا القبيل وإن مؤلف هذا
107

الكتاب قد خدع بهذه الأسطورة ظنا منه أنه اكتشف حقائق لم يصل إليها
أحد من قبل فكان سببا في خداع كثير من الناس من الذين قرأوا كتابه
وليس عندهم من القدرة العلمية ما يكفي لتحليل الأمور وتفنيد الأوهام
والتخيلات. فإن وجد في كتاب المسلمين وناشريهم من يخدع بمثل هذه
الأسطورة ولو بحسن نية فتلك هي الكارثة كل الكارثة.
وهذا نموذج واحد من الآثار الضارة التي لحقت وتلحق بالأمة
الاسلامية من جراء الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي
تحجب العقول وتخدر الأفكار وتهيئ النفوس للخضوع للمشعوذين
والدجالين في كل عصر ومصر وقد استخدمها أعداء الأمة أيضا لتشويه
صورة الاسلام النقية أولا ولتضليل العوام من المسلمين وخداعهم آخرا،
وما أخبار القاديانية والبهائية عنا ببعيد. ولكن صدق الله:
(إنهم يكيدون كيدا (15) وأكيد كيدا (16) فمهل الكافرين أمهلهم رويدا).
108

اتخاذ المهدية مرحلة
من مراحل التضليل
ذكرت في الصفحات الماضية بإيجاز بالغ أناسا ادعوا المهدوية واستغلوها
لتحريض الناس على اتباعهم ونصرتهم في سبيل وصولهم إلى مآربهم تحت
شعار من القدسية المزيفة فمنهم من نجح حتى حين ومنهم من ذهبت أمانيه
مدفونة في صدره ولم يستطع أن يحقق أحلامه ويصل إلى مرامه.
ولكن وجد أناس لم تشبع غرائزهم حتى بادعاء المهدوية بل
جاوزوها إلى ما ورائها فادعوا النبوة أو الألوهية. ولكنهم لو بينوا ما كان
يختلج في صدورهم في أول الأمر لتكالب عليهم الناس وبادروهم
بالتكذيب والتنكيل، فرأوا من المصلحة التدرج، فأظهروا الصلاح والورع
والزهد والاجتهاد في العبادة فلما جمعوا حولهم طائفة تعتقد فيهم الخير
والصلاح ارتقوا فادعوا الولاية وأكثروا من المكاشفات والالهامات
والمنامات فإذا صدقهم أتباعهم ارتقوا فادعوا المهدوية ثم النبوة وهلم جرا.
وهكذا جعلوا المهدوية قنطرة للوصول إلى دعاوي النبوة وغيرها.
وأذكر في هذا الصدد طائفتين ظهرتا في العصور المتأخرة وهما البابية
البهائية والقاديانية.
البهائية:
وهي إحدى الحركات الالحادية التي تعمل للقضاء على الاسلام بكل
109

أسلوب ممكن وتنتسب إلى علي محمد الشيرازي ولكن الحقيقة أن علي
محمد كان فتى غرا عاميا لم يكن يعرف من العلم شيئا ولا يفقه ماذا
يقول، ولكنه كان ميالا إلى الغلو في الزهد والعبادة على طريقة الشيعة
الاثني عشرية (1) فاستغله الملا حسين البشروئي أحد تلاميذ كاظم الرشتي (2)
وكان هذا البشروئي على اتصال وثيق مع أحد الجواسيس الروسيين في
السفارة الروسية في إيران ويسمى " كنيازد الكوركي ".
وكان البشروئي قد تعرف بالشيرازي في مجالس الرشتي فلما مات
الرشتي أخذ البشروئي يواصل الاجتماع مع هذا الشاب المغتر وأصبح
يوحي إليه أنه سيكون له شأن وأن ظهور المهدي المنتظر قد دنا أجله ومن
الممكن أن يكون هو باب المهدي (3) وما زال به حتى أعلن علي محمد
الشيرازي في 5 جمادى الأولى سنة 1260 ه‍ أنه " باب المهدي المنتظر "
وكان في الخامسة والعشرين من عمره، ونصب البشروئي نفسه بابا للباب.
ولم تمض مدة طويلة حتى سول له البشروئي أن يعلن بأنه هو
" المهدي المنتظر " وجلب له البشروئي ثمانية عشر رجلا من أصحابه
فأظهروا أنهم آمنوا بمهديته.
ولم تكن المسألة مهدية الشيرازي أو عدمها ولكن هذه الطائفة كانت
تريد كيان الاسلام فبينما كان مهديهم مسجونا في قلعة ماكو اجتمعوا
في مؤتمر بصحراء بدشت في سنة 1264 ه‍ وقرروا فيه نسخ دين الاسلام
وشيوع المرأة والمال وإلغاء التكاليف (4) وعرضت قراراتهم على الباب في

(1) البهائية لمحب الدين الخطيب (ص 6).
(2) كاظم بن قاسم الحسيني الموسوي الرشتي، أحد علماء الإمامية الشيعية. مات
1259 ه‍. الاعلام (6 / 67).
(3) الباب هو الشخص الذي يكون واسطة بين الشيعة الإمامية وإمامهم الغائب. البهائية
(ص 6).
(4) البهائية مطية الاستعمار (ص 254).
110

سجنه فوافقهم (1).
قام علماء إيران ضدهم واستقر الامر على أن حكم عليه بالاعدام
وأعدم في 28 شعبان سنة 1266 ه‍ (2) رغم كل المحاولات التي قام بها
القنصل الروسي لانقاذه (3).
وبعد موته انقسم البابيون إلى فرقتين فقسم منهم اتبع يحيى علي
المازندراني الملقب " بصبح أزل " وآخرون اتبعوا حسين علي الملقب
ببهاء الله، وهنا ظهر الوجه الحقيقي لهذه المؤامرة الشنيعة فقد ادعى
بهاء الله إلغاء الأديان وأنه هو مظهر الله الحقيقي وأن جميع الأنبياء إنما
جاؤوا ليبشروا به وأن الباب كان مقدمة لظهوره إلى غير ذلك.. وقد
هلك في سنة 1309 ه‍ / 1892 م وأتباعه ما زالوا ينشرون ضلالاته متعاونين
مع الصهيونية العالمية (4).
القاديانية:
كانت الحكومة الاستعمارية البريطانية في الهند قد ضاقت ذرعا من
حركة الامامين الشهيدين أحمد الرائي بريلوي وإسماعيل الدهلوي وإن القوة
العسكرية لهذه الحركة وإن كانت قد انتهت بقتل الشهيدين في معركة
بالاكوت سنة 1246 ه‍ / 1830 م ولكن جذوة العقيدة التي كانت تضطرم في
نفوس المسلمين في الهند ما زالت تقض مضجع الحكام الاستعماريين
وجميع القوى المعادية للاسلام، ولذلك مال الحكم الاستعماري إلى إيجاد

(1) البهائية (ص 15).
(2) المصدر السابق (ص 19).
(3) البهائية مطية الاستعمار (ص 255).
(4) للتفصيل في معرفة عقائدهم وحركاتهم راجع: البهائية لمحب الدين الخطيب. البهائية
بين الشريعة والقانون لعلي على المنصور. البهائية إحدى مطايا الاستعمار والصهيونية
لعبد القادر شيبة والبابية والبهائية كلاهما للعلامة إحسان إلهي ظهير رحمه الله.
111

حركات معادية أخرى لشغل المسلمين بها عن مقاومتهم، وكانت القاديانية
من هذا النوع.
وكان مؤسسها غلام أحمد القادياني المولود في سنة 1839 م أو
1840 م قد اعترف بولائه للاستعمار البريطاني في مواضع كثيرة من
مؤلفاته (1).
وكان القادياني مضطرب الأفكار مبتلى بأنواع من الأمراض والاسقام
كما كان يعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية (2) وكان مثل هذا الرجل صالحا
جدا لأن يقع فريسة في أيدي الانكليز الذين أغدقوا عليه من النعم التي كانوا
ينهبونها من جيوب اليتامى والأرامل وعلى حساب دماء الأبرياء والصلحاء.
لقد تظاهر الرجل في أول أمره بالدفاع عن الاسلام وحاز ثقة الكثير
من العامة والخاصة. ولكنه لم يلبث أن أعلن في سنة 1885 م أنه مجدد
للاسلام وفي سنة 1891 م ادعى أنه المهدي الموعود وفي السنة نفسها أنه
المسيح الموعود وفي سنة 1901 م أنه النبي المستقل (3).
وكان الرجل يدعي كل هذه الدعاوى في آن واحد فلم يزل يسمي
نفسه مهديا موعودا ومسيحا موعودا ونبيا كاملا وأفضل من سائر الأنبياء
وقد ألف عدة كتب سمى نفسه فيها مهديا. فمن بين مؤلفاته " حقيقة
المهدي " و " لوح المهدي " ولما مات ألف ابنه بشير أحمد سيرته وسماها
" سيرة المهدي " وكذلك ألف أحد أتباعه وهو محمد حسين القادياني " كتاب
المهدي " (4) وكان يرى من شروط الايمان بمهديته إنكار الجهاد فقال في
كتابه شهادة القرآن:

(1) القاديانية (ص 26) وما بعدها. القادياني والقاديانية (ص 85 - 96).
(2) انظر التفاصيل في كتاب " القاديانية " للأستاذ إحسان إلهي ظهير رحمه الله.
(3) القاديانية (ص 138).
(4) القاديانية (ص 310، 311).
112

" أنا مؤمن بأنه كلما ازداد أتباعي وكثر عددهم قل المؤمنون بالجهاد،
لأنه يلزم الايمان بأني مسيح أو مهدي إنكار الجهاد " (1).
وفي الوقت نفسه كان يدعو المسلمين إلى ترك انتظار مهدي آخر
فقال: " لا أزال منذ عشرين عاما أنشر بالحماسة القلبية كتابا باللغات
الفارسية والعربية والانكليزية والأردية تكرر فيها مرة بعد مرة أن المسلمين
من واجبهم الذي يكونون آثمين عند الله إن تركوه أن يكونوا أولياء
مخلصين مؤمنين لهذه الحكومة ويكفوا أيديهم عن الجهاد والانتظار
للمهدي السفاك وما إليها من الظنون الواهية التي لا يمكن ثبوتها من القرآن
أبدا (2).
ولكن تنبأ هذا المسكين تنبؤات لا تعد ولا تحصى وكذبته الأيام في
حياته ورد عليه علماء المسلمين بمئات الكتب والمقالات وكان من بينهم
الشيخ ثناء الله الآمرتسري (3) وكان نشيطا جدا في تفنيد أكاذيبه وتضليلاته
حتى اضطر القادياني إلى أن يدعوه للمباهلة فباهله على أن يموت الكاذب
منهما في حياة الصادق وكان ذلك في أول ربيع الأول 1325 ه‍ (15 ابريل
1907 م) (4). فكانت النتيجة أن القادياني الكذاب مات شر ميتة في 24
ربيع الثاني 1326 ه‍ (26 مايو 1908 م) وبقي الشيخ ثناء الله يدعو إلى الله
قريبا من أربعين سنة بعد هلاك القادياني (5).

(1) القاديانية (ص 17).
(2) المسألة القاديانية ضمن مجموعة القاديانية نشر رابطة العالم الاسلامي (ص 79).
(3) طائفة القاديانية لمحمد خضر حسين (ص 120).
(4) تاريخ مرزا (ص 70).
(5) القاديانية (ص 159).
113

أناس لم يدعوا المهدوية
ولكن ظن بهم أنهم مهديون
ذكرت في الصفحات الماضية أولئك الذين ادعوا المهدوية، ولكن
هناك ناس لم أعرف عنهم أنهم ادعوا المهدوية قط إلا أن بعض الناس قد
ظنوا أنهم هم المراد من أحاديث المهدي، فمنهم:
1 - عيسى بن مريم عليه السلام:
لقد ذكرت في قائمة المنكرين للمهدي أن بعض الناس قالوا: المراد
من المهدي هو عيسى ولا مهدي غيره (1) ولا شك أن عيسى بن مريم من
المهديين بالمعنى العام، بل من أفضلهم ولكنه ليس بذاك المهدي الذي
نحن في صدده.
2 - موسى بن طلحة بن عبيد الله:
القرشي، التميمي، أبو عيسى أو أبو محمد المدني، نزيل الكوفة
المتوفي سنة 103 ه‍ على الصحيح. كان من الصلحاء الأتقياء الفصحاء،
قال ابن عساكر: يقال إنه ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سماه، روى
عن أبيه وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.

(1) انظر ص 30.
114

قال أبو حاتم: يقال إنه أفضل ولد طلحة بعد محمد وكان يسمى في
زمانه " المهدي " وروى نعيم بن حماد بإسناده عن خالد بن سمير قال:
هرب موسى بن طلحة بن عبيد الله من المختار إلى البصرة مع وجوه أهل
الكوفة وكان الناس يرون في زمانه أنه " المهدي " (1).
3 - عمر بن عبد العزيز:
وهو خامس الخلفاء الراشدين المعروف بعدله وفضله وزهده توفي
في رجب 101 ه‍ وله أربعون سنة ومدة خلافته سنتان ونصف (2)، ولما
رأى الناس ما في خلافته من العدل والجود خطر في بال بعضهم أنه هو
المراد من الخليفة المبشر به. فقد روى مسلم حديث أبي نضرة عن جابر
مرفوعا " يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا ولا يعده عدا ".
فقال الجريري: قلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريان أنه عمر بن
عبد العزيز: فقالا: لا (3).
وقال وهب بن منبه: إن كان في هذه الأمة مهدي فهو عمر بن عبد
العزيز (4).
وروى ابن سعد روايات أخرى في هذا الصدد عن ابن الحنفية
وسعيد بن المسيب أيضا.
هذا، وإن صح إطلاق المهدي عليه لغويا لكنه ليس هو المهدي
الذي يخرج آخر الزمان كما سنعرف. قال ابن القيم: لا ريب أنه كان

(1) الفتن (38 ب)، الجرح والتعديل (4 / 1 / 147)، تهذيب التهذيب (10 / 350) تقريب
التهذيب (2 / 284).
(2) تقريب التهذيب (2 / 60).
(3) صحيح مسلم (4 / 2234) رقم 2913.
(4) تاريخ الخلفاء (ص 216).
115

راشدا مهديا ولكن ليس بالمهدي الذي يخرج في آخر الزمان (1).
4 - سليمان بن عبد الملك:
الخليفة الأموي، قال السيوطي كان من خيار ملوك بني أمية (2) وولي
الخلافة سنة 96 ه‍، توفي سنة 99 ه‍ (3).
روى ابن أبي شيبة عن حكيم بن سعد قال: لما قام سليمان فأظهر
ما أظهر. قلت لأبي يحيى: هذا المهدي الذي يذكر؟ قال: لا (4).
5 - السيد أحمد بن عرفان الشهيد البريلوي:
وهو رجل مجاهد من المجاهدين في الهند قام هو وساعده الأيمن
الشاه إسماعيل الشهيد بحركة جهادية عظيمة وخرا شهيدين في معركة مع
السيخ في بالاكوت سنة 1246 ه‍ وكانت حركتهما حركة إسلامية محضة
ولم يدع السيد المهدوية قط، ولكن بعض الاتباع الخاملين قد توهموا في
أمره. فادعوا أنه هو المهدي وأرادوا أن يطبقوا عليه أحاديث المهدي ومنها
" إذا رأيتم الرايات السود من قبل خراسان ".. إلخ (5) وقد رد عليهم علماء
الحديث وزعماء المجاهدين في حينه. فقال صديق حسن خان: " وقد
حمل قوم من علماء الهند هذا الحديث على خروج السيد أحمد البريلوي
بتكلفات باردة مع أن السيد كان رجلا صالحا حج وجاهد وغزا ولم يدع
المهدوية قط ولم تكن تنبغي له هذه الدعوى " (6).

(1) المنار المنيف (ص 150).
(2) تاريخ الخلفاء (ص 210).
(3) المصدر السابق (ص 210).
(4) الحاوي (2 / 158).
(5) انظر تخريجه برقم 2، 7 في الكتاب.
(6) الإذاعة (ص 123)، وانظر أيضا (ص 142).
116

وقال العلامة شمس الحق العظيم آبادي في صدد كلامه على انتظار
الشيعة للمهدي المنتظر: " وأقرب من هذا ما زعم أكثر العوام وبعض
الخواص في حق الغازي الشهيد الامام الأمجد السيد أحمد البريلوي
رضي الله تعالى عنه أنه المهدي الموعود المبشر في الأحاديث وأنه لم
يستشهد في معركة الغزو بل إنه اختفى عن أعين الناس وهو حي موجود
في هذا العالم إلى الان حتى أفرط بعضهم فقال: إنا لقيناه في مكة
المعظمة حول المطاف ثم غاب بعد ذلك ويزعمون أنه سيعود وسيخرج
بعد مرور الزمان فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وهذا
غلط باطل ".
" والحق الصحيح أن السيد الإمام استشهد ونال منازل الشهداء (1) ولم
يختف عن أعين الناس قط والحكايات المروية في ذلك كلها مكذوبة
مخترعة وما صح منها فهو محمول على محمل حسن وقد طال النزاع في
أمر السيد الشهيد في حياته واختفائه حتى جعلوه جزء العقيدة ويجادلون من
ينكره وإلى الله المشتكى من صنيع هؤلاء ونعوذ بالله من هذه العقيدة
المنكرة الواهية والله أعلم " (2).
والذي لا مرية فيه أن حركة الشهيدين أحمد البريلوي وإسماعيل
الدهلوي كانت أروع حركة إسلامية عرفتها القارة الهندية وكانت تدعو إلى
إحياء شريعة الله في الأرض ولها تاريخ حافل بالبطولات والتضحيات في
سبيل الله، وإن الحركة كانت بعيدة كل البعد عن مثل هذه الترهات..
ولكن لا غرابة إن قام المستعمرون وأذنابهم بتشويه سمعة هذه الحركة فهو
ديدنهم مع كل حركة إسلامية.
ولكن مع الأسف قد وقع فيه بعض المؤلفين بسبب اعتمادهم على
المصادر الأوروبية التي لا يهمها أبدا أن تعرض الحقائق كما هي بل إنما

(1) إن شاء الله تعالى.
(2) عن المعيود (11 / 368).
117

يهمها أن تعرض كل حركة كما تمليه مصالحهم، وعلى سبيل المثال ما
كتبه الأستاذ سعد محمد حسن في كتابه " المهدية في الاسلام " في ذكر هذه
الحركة غير لائق وبعيد عن الحقيقة كل البعد بالإضافة إلى ما يغلب على
أسلوبه من المبالغة والتهويل في كل مباحثه (1).
6 - المهدي السنوسي:
وهو محمد بن محمد بن علي السنوسي زعيم السنوسية الثاني. وقد
قويت الحركة السنوسية في أيامه جدا حتى خاف منه السلطان عبد الحميد
وهو والد الملك محمد إدريس السنوسي ملك ليبيا السابق، ولد 1260،
وتوفي 1320 ه‍ (2) قال السيد محمد رشيد رضا: " ويقال إن السنوسية
يعتقدون أن شيخهم المهدي السنوسي هو الإمام المنتظر ومنهم من يقول
أنه اختفى وقد بلغنا أنهم كانوا إذا سئلوا عن موته يقولون الحي يموت ولا
يقولون إنه قد مات " (3).

(1) انظر المهدية في الاسلام (ص 268 - 269).
(2) الاعلام (7 / 301).
(3) تفسير المنار (9 / 501).
118

اهتمام العلماء بموضوع المهدي
قديما وحديثا
نظرا إلى أهمية الموضوع ولما له من آثار في المجتمع الاسلامي
بل في المجتمع الانساني كله ونظرا إلى حرص المسلمين على المحافظة
على كل ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من عقائد وأعمال وأخلاق ومعاملات
وأخبار الأمم الماضية أو القادمة أو المغيبات التي تتعلق بالدار الآخرة
وغيرها، فقد اهتم العلماء والمحدثون بجمع الأحاديث الواردة في المهدي
أيضا.
وطرق المحدثين في جمع الأحاديث مختلفة فمنهم من جمعها باعتبار
الصحابة أي حديث كل صحابي في موضع واحد وهذه طريقة المسانيد
ومنهم من يجمعها باعتبار شيوخه أي حديث كل شيخ في موضع واحد
وهي طريقة المعاجم ولكن أكثر الطرق رواجا لدى المحدثين هي جمع
الأحاديث حسب المواضيع مرتبة في كتب وأبواب وهي طريقة الجوامع
والسنن. وفي هذه الطريقة تظهر انطباعات المؤلف وأفكاره عن طريق
تراجم أبوابه. وهنا سأذكر بعض المحدثين الذي عرفت أنهم اهتموا
بموضوع المهدي في كتبهم.
1 - عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري:
أبو بكر الصنعاني. توفي 211 ه‍ صاحب المصنف المعروف.
119

وقد عقد في مصنفه بابا باسم " باب المهدي " وذكر فيه أحد عشر
حديثا بعضها مرفوعة وبعضها موقوفة (1).
2 - نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي:
أبو عبد الله المروزي. توفي 228 ه‍ (2).
وقد جمع كتابا سماه " كتاب الفتن " وقد اهتم في هذا الكتاب اهتماما
بالغا بأحاديث المهدي من المرفوعات والموقوفات والمقطوعات وأقوال
الناس وروايات أهل الكتاب. حتى أنني لا أكون مبالغا إن قلت أنه أوسع
مرجع من المراجع القديمة التي عرفتها في هذا الموضوع. وإن أغلب
روايات كتاب العرب الوردي للسيوطي مأخوذة منه.
وقد عقد في كتابه عدة أبواب تتعلق بالمهدي في اسمه ونسبته
وصفته ونعته وسيرته وعدله وخصبة زمانه وعلاماته وبيعته وحروبه ومدة
ملكه وما يكون بعده وغيره ذلك. وذكر تحت كل باب أحاديث وآثارا
كثيرة بالإضافة إلى أنه ذكر أحاديث وآثارا أخرى تتعلق بالمهدي في أبواب
أخرى (3).
ولكن ما مدى الاعتماد على هذا الكتاب؟
أما مؤلفه فقد روى عنه البخاري مقرونا وروى له الباقون سوى
النسائي بواسطة.
وقال الخطيب يقال: إنه أول من جمع المسند وكان فقيها من أعلم
الناس بالفرائض متصلبا في السنة حبس في فتنة خلق القرآن حتى مات
وهو في الحبس. وكان شديدا على أهل الرأي.

(1) مصنف عبد الرزاق (11 / 371).
(2) تقريب التهذيب (2 / 305).
(3) كتاب الفتن (89 ب) - (105 ألف).
120

ولكن اختلف الأئمة في روايته فقد وثقه أحمد وابن معين والعجلي
وغيرهم. ولكنه كان كثير الأوهام ومن هنا لينه عدة من الأئمة مع
الاعتراف بفضله وعلمه وتمسكه بالسنة ومنهم ابن معين نفسه وأبو داود
والنسائي وصالح جزرة وقال الدارقطني: " إمام في السنة كثير الوهم ". قال
الذهبي في الميزان: أحد الأئمة الاعلام على لين في حديثه. وقال في
التذكرة: كان من أوعية العلم ولا يحتج به. وقال ابن حجر: " صدوق
يخطئ كثيرا " (1).
ولقد بحثت كثيرا من مروياته في هذا الباب فوجدت أن أغلب
الأحاديث التي تفرد بها ضعيفة بمن هو فوقه، وإنما أفرط نعيم في الجمع
بدون تمحيص. قال مسلمة بن قاسم: " كان صدوقا وهو كثير الخطأ له
أحاديث منكرة في الملاحم انفرد بها ".
ولقد تتبع ابن عدي أوهامه فذكر بضعة عشر حديثا وقال: " أرجو أن
باقي حديثه مستقيم ". ومن هنا يمكن أن يحتمل أمره في غير هذه التي
أحصاها ابن عدي.
إلا أن في صحة نسبة الكتاب إليه نظر ولا نستطيع أن نحمله كل
المسؤولية. فقد وجدت منه نسختين مصورتين على الميكروفلم إحداهما
مصورة من نسخة المتحف البريطاني في لندن برقم 9449، وهي في مكتبة
جامعة الملك عبد العزيز بمكة برقم 855 مخطوطات في 204 أوراق..
والأخرى مصورة من مكتبة عاطف أفندي في تركيا برقم 602 في 135
ورقة وهي في مكتبة الجامعة برقم 216، وللكتاب مختصر في المكتبة
الظاهرية (أدب 62) في 124 ورقة (2).

(1) التاريخ الكبير للبخاري (4 / 2 / 100)، الجرح والتعديل (4 / 1 / 463)، الكامل لابن
عدي (3 / 864)، تهذيب الكمال (709 ب)، تذكرة الحفاظ (2 / 418)، المغني (2 /
700) ميزان الاعتدال (4 / 267)، تقريب التهذيب (2 / 305)، تهذيب التهذيب
(10 / 458)، هدي الساري (ص 447).
(2) تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين (ص 288).
121

وراوي هذا الكتاب في كلتا النسختين هو أبو زيد عبد الرحمن بن
حاتم المرادي. وقد تكلم فيه أيضا. قال ابن يونس في تاريخ مصر:
تكلموا فيه، وقال مسلمة بن القاسم: ليس عندهم بثقة. وقال ابن
الجوزي: متروك الحديث. وعلق عليه الذهبي فقال: هذا من شيوخ
الطبراني ما علمت به بأسا يروي عن نعيم بن حماد وجماعة. انتهى. وقال
في المغني: ضعيف (1).
ومن هذا الطريق يروي الطبراني بعض أحاديثه كما أنه راوي الكتاب
كله أيضا وعنه أبو نعيم الأصبهاني في الحلية وغيرها وعنه الخطيب البغدادي
في تاريخ بغداد، ولم أر نسخة أخرى بطريق أخرى. نعم يذكر بعض مروياته
الحاكم في المستدرك عن طريق أبي بكر محمد بن المؤمل (2) عن الفضل بن
محمد بن المسيب الشعراني البيهقي عن نعيم. والشعراني هذا قال أبو حاتم:
تكلموا فيه. وقال الحاكم: هو ثقة ولم يطعن فيه بحجة ورماه الحسين بن
محمد القتباني بالكذب وسمعت أبا عبد الله الأخرم فقال: صدوق إلا أنه كان
غاليا في التشيع. مات 282 ه‍ (3).
إلا أنني لا أعلم عن وجود نسخة كاملة من هذا الطريق فإن وجدت
فستكون متابعة للمرادي.
وهكذا فجميع الروايات التي تفرد بها هذا الكتاب لم أحتج به وإنما
هي تصلح للاعتبار. والله أعلم.
3 - أبو بكر بن أبي شيبة:
توفي 235 ه‍.

(1) المغني في الضعفاء (2 / 377)، ميزان الاعتدال (2 / 554)، لسان الميزان (3 / 408).
(2) ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (16 / 23) ووصفه بالامام... أحد البلغاء
والفصحاء، ولكن لم يذكر فيه توثيقا أو تجريحا من أحد. ت 350 ه‍.
(3) الجرح والتعديل (3 / 2 / 69) ميزان الاعتدال (3 / 358)، لسان الميزان (4 / 447).
122

وهو صاحب المصنف الكبير المعروف " بمصنف ابن أبي شيبة " (1)
وجمع في كتابه أحاديث المهدي في موضع واحد وذكر فيه 16 رواية من
الأحاديث والآثار وستأتي في مواضعها في هذا الكتاب.
4 - ابن ماجة:
محمد بن يزيد الربعي القزويني. توفي 273 ه‍، صاحب كتاب السنن
المعروف وقد عقد في كتاب الفتن من سننه بابا باسم " باب خروج
المهدي " وذكر فيه سبعة أحاديث (2).
5 - أبو داود:
سليمان بن الأشعث السجستاني توفي 275 ه‍. صاحب السنن وقال
في سننه: أول كتاب المهدي. ثم ذكر فيه ثلاثة عشر حديثا ثم قال: آخر
كتاب المهدي (3).
6 - الترمذي:
أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي. توفي 297 ه‍.
صاحب الجامع. وقد قال في كتاب الفتن من جامعه " باب ما جاء
في المهدي " وذكر فيه ثلاثة أحاديث. وقال بعد الحديث الأول: وفي
الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة (4).
7 - ابن خزيمة:
أبو بكر محمد بن إسحاق السلمي النيسابوري توفي 311 ه‍. ولم

(1) المصنف الجزء الثاني من المجلد الثاني (321 ب - 322 ألف).
(2) سنن ابن ماجة (2 / 1366 - 1368).
(3) سنن أبي داود (4 / 106 - 109).
(4) سنن الترمذي (4 / 505 و 506).
123

أطلع على ما كتبه في هذا الموضوع ولكن ذكره المناوي فيمن اعتنوا
بجمع أحاديث المهدي (1) وقد طبع من صحيح ابن خزيمة أربعة مجلدات
فقط وقد وصلت إلى كتاب المناسك. فلا أدري هل أنه جمع أحاديث
المهدي في صحيحه هذا أم في كتاب آخر. وذلك لان من مؤلفاته كتاب
يسمى " كتاب الفتن " (2).
8 - ابن حبان:
أبو حاتم محمد بن حيان التميمي البستي. توفي 354 ه‍.
وقد عقد في صحيحه عدة أبواب في المهدي.
منها: ذكر الخبر المصرح بأن القوم الذين يخسف بهم إنما هم
القاصدون إلى المهدي في زوال الامر عنه (3).
ذكر البيان بأن خروج المهدي إنما يكون بعد ظهور الظلم والجور
في الدنيا وغلبهما على الحق والجد.
ذكر الاخبار عن وصف اسم المهدي واسم أبيه ضد قول من زعم
أن المهدي عيسى بن مريم.
ذكر البيان بأن المهدي يشبه خلقه خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ذكر الاخبار عن وصف المدة التي يكون المهدي في آخر الزمان.
ذكر الموضع الذي يبايع فيه المهدي (4).
بالإضافة إلى بعض الأحاديث الأخرى ذكرها في أبواب أخرى وهي
لها علاقة بالمهدي.

(1) فيض القدير (1 / 363).
(2) صحيح ابن خزيمة (1 / 14) مقدمة الدكتور مصطفى الأعظمي.
(3) الاحسان (266 ألف).
(4) المصدر السابق (293 ألف - 294 ب).
124

وقد جمعها الهيثمي (1) في موارد الظمآن في زوائد ابن حبان في
" باب ما جاء في المهدي " (2).
وهناك أصحاب كتب المسانيد والمعاجم وغيرها من كتب التاريخ
والرجال قد رووا كثيرا من أحاديث المهدي دون أن يفردوا لها بابا خاصا
لأجل طريقتهم في جمع كل حديث باعتبار راويه من أول السند أو آخر
السند وقد رتب بعضها المرتبون فيما بعد في أبواب المهدي. وسيأتي ذكر
رواياتهم مع تحقيقها وبيان مواضعها في الكتاب إن شاء الله.

(1) الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (735 - 807 ه‍)
اعتنى بجمع الزوائد في الكتب المختلفة، ومن أهم مصنفاته " مجمع الزوائد " (ذيل
طبقات الحفاظ للسيوطي ص 372).
(2) موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (ص 463).
125

سرد موجز لما ألف في المهدي
ما له وما عليه
بالإضافة إلى ما ذكرت من اعتناء الأئمة بجمع أحاديث المهدي في
مصنفاتهم وكتبهم حفاظا على التراث النبوي وأداء للواجب بالتبليغ إلى من
بعدهم، أفرد كثير من العلماء قديما وحديثا هذا الموضوع بتأليفات
مستقلة. وسأذكر في السطور الآتية بعض من وقفت عليهم ممن أفردوا هذا
الموضوع بالتأليف.
1 - عباد بن يعقوب الرواجني:
توفي 250 ه‍.
ذكر صاحب كتاب المهدي المنتظر بين التصور والتصديق أنه له
كتاب " أخبار المهدي " ولكنه لم يذكر مصدره ومن أين عرفه (1).
أما الذي نسب إليه الكتاب فقد كان من الغلاة في التشيع، أخرج له
البخاري حديثا واحدا مقرونا وقال ابن حجر في التقريب: صدوق
رافضي (2).

(1) المهدي المنتظر (ص 30).
(2) تقريب التهذيب (1 / 395)، وتهذيب التهذيب (5 / 109).
126

2 - ابن أبي خيثمة أحمد بن زهير بن حرب:
توفي 279 ه‍.
قال السهيلي: " والأحاديث الواردة في أمر المهدي كثيرة وقد جمعها
أبو بكر ابن أبي خيثمة فأكثر " (1).
3 - أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادى:
توفي 336 ه‍.
قال ابن حجر في شرحه لحديث " اثنا عشر خليفة " نقلا عن ابن
الجوزي في كشف المشكل: " قال أبو الحسين ابن المنادى في الجزء الذي
جمعه في المهدي "... إلخ (2).
4 - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني:
توفي 430 ه‍.
له مؤلف في المهدي سماه ابن القيم " كتاب المهدي " وكذلك
السيوطي في الجامع الصغير. ولكنه ذكره في العرف الوردي باسم
" الأربعين " وذكر أحاديثه كلها في كتابه بعدما حذف أسانيدها، ويا ليته لم
يفعل حتى يستطيع الباحث النظر فيها. ومن قبله ذكر ابن القيم بعض
رواياته بأسانيدها وبعضها بعد حذف الأسانيد.
5 - محمد بن يوسف الكنجي الشافعي:
توفي 658 ه‍.

(1) الروض الأنف للسهيلي (1 / 160).
(2) فتح الباري (13 / 312).
127

له كتاب " البيان بأخبار صاحب الزمان ".
مطبوع في النجف 1382 ه‍ (1).
6 - يوسف بن يحيى السلمي الشافعي:
توفي 685 ه‍.
له كتاب " عقد الدور في أخبار المهدي المنتظر " وقد أخذ منه بعض
الروايات علي المتقي في كتابه " البرهان " (2).
7 - ابن قيم الجوزية:
توفي 751 ه‍.
قال في " المهدي المنتظر " له " كتاب المهدي " ولم أعرفه فلعله ما
أورده ابن القيم في آخر كتابه " المنار المنيف " (3)..
8 - ابن كثير:
عماد الدين أبو الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي (700 - 774 ه‍).
وقد ألف جزءا في أحاديث المهدي فقال في كتابه الفتن والملاحم
" وقد أفردت في ذكر المهدي جزءا على حدة ولله الحمد ". وقال في

(1) المهدي المنتظر (ص 31)، ولم أر هذا الكتاب أما مؤلفه فقد قال الذهبي في
التذكرة: المحدث المفيد فخر الدين محمد بن يوسف الكنجي قتل بجامع دمشق
لدبره وفضوله. التذكرة (4 / 1441).
(2) ذكر الدكتور صلاح الدين المنجد في تعليقاته على كتاب " الأئمة الاثني عشر " (ص
138) أن له نسخة مخطوطة في سوهاج (تاريخ 161) ونسخة مصورة (ميكروفلم)
بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية. وقد طبع في بيروت.
(3) المهدي المنتظر (ص 31).
128

" البداية والنهاية ": وقد أفردنا للأحاديث الواردة فيه جزءا على حدة " (1).
9 - السخاوي:
شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي. توفي 902 ه‍.
قال في كتابه " المقاصد الحسنة ":
" حديث المهدي: يروى ذكره في أحاديث أفردها بعض الحفاظ
بالتأليف... بينتها في ارتقاء الغرف ".
وقال العجلوني: " المهدي من ولد فاطمة. ورد ذكره في أحاديث
أفردها بعض الحفاظ بالتأليف منهم الحافظ السخاوي في كتاب سماه
" ارتقاء الغرف " (2) ".
10 - السيوطي:
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر. توفي 911 ه‍.
له كتاب " العرف الوردي في أخبار المهدي " وطبع في مجموعة
فتاويه المسماة " الحاوي في الفتاوي " (3) وقد لخص فيه كتاب أخبار المهدي
لأبي نعيم الأصبهاني وزاد عليه كثيرا من مصادر أخرى.
ومن مزايا هذا الكتاب أنه جمع أكبر عدد وارد في هذا الباب مع
بيان مصادرها ولكنه جمع هذه الأحاديث والآثار محذوفة الأسانيد ولا يبين
درجتها من الصحة أو الضعف إلا في موضع أو موضعين. والحق أن في
هذا الكتاب كثير من الروايات الضعيفة والواهية وحتى الموضوعة.

(1) البداية والنهاية (6 / 284)، الفتن والملاحم (1 / 32).
(2) المقاصد الحسنة (435)، كشف الخفا (ص 288).
(3) الحاوي (2 / 123 - 166).
129

وهذه الطريقة للجمع وإن كانت حسنة للعلماء والباحثين لأنها تدلهم
على المصادر وبإمكانهم البحث عن أحوالها، ولكنها في الوقت نفسه تلحق
ضررا كبيرا بالعامة لأنهم لا يجدون في أنفسهم ملكة للبحث والتحقيق.
وهكذا حدث فقد جرت عادة كل الذين ألفوا بعده - إلا من رحم الله - أن
ساقوا كل هذه الروايات واستدلوا بها وهكذا انتشر كثير من الاخبار
والقصص الواهية فصدقها الناس وآمنوا بها وكأنها لا تحتمل أي نقاش أو
تردد. والله أعلم.
وله نسخة مخطوطة في مكتبة الحرم المكي في المجاميع برقم 59
ص 145، 166، نسخت في 1053 ه‍.
11 - ابن كمال باشا الحنفي:
توفي 940 ه‍.
له كتاب " تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان " (1).
12 - محمد بن طولون الدمشقي:
توفي 953 ه‍.
ألف كتابا في المهدي سماه " المهدي إلى ما ورد في المهدي ".
ذكره مؤلفه في كتابه الأئمة الاثنا عشر (2).
13 - أحمد بن حجر الهيتمي المكي:
توفي 974 ه‍.

(1) " المهدي المنتظر " (ص 32)، وينابيع المودة (ص 9)، وقال صاحب مقدمة ينابيع
المودة " نسخة شائعة في مكتبات استانبول " منها نسخة ضمن مجموعة برقم 446
مكتبة عاشر أفندي سليمانية.
(2) الأئمة الاثنا عشر (ص 118).
130

له كتاب " القول المختصر في علامات المهدي المنتظر " وله نسخة
في مكتبة الحرم المكي (مجاميع رقم 59 ورقة 117 - 133).
وقال فيها: " دعاني إلى تأليفه ادعاء جماعة في زماننا وقبله أنهم
المهديون وما دروا أنهم الضالون المضلون ".
رتبه على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة. ذكر في الباب الأول ما جاء
عن النبي صلى الله عليه وسلم في علامات المهدي وخصوصياته. وذكر فيه 63 علامة،
وفي الباب الثاني ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم وهي 39 علامة،
وفي الثالث ما جاء عن التابعين وتابعيهم وذكر فيه 56 علامة.
ويظهر من مطالعة الكتاب أنه ترتيب لكتاب السيوطي تماما وزاد عليه
أنه حذف المصادر وأسماء الرواة أيضا وأصبحت كل رواياته علامات كأنها
حجج قاطعة، مع أن أكثرها ما أنزل الله بها من سلطان.
14 - علي بن حسام الدين المتقي الهندي:
توفي 975 ه‍.
وهو صاحب كتاب كنز العمال الشهير وله كتاب " البرهان في
علامات مهدي آخر الزمان " وقد صرح في مقدمته أنه رتب فيه كتاب
العرف الوردي للسيوطي وزاد فيه قليلا عن عقد الدرر للسلمي، ورتبه على
مقدمة وثلاثة عشر بابا وخاتمة ذكر في الكتاب كرامات المهدي ونسبه
وحليته ومولده وعلامات قبل خروجه وبيعته وفتوحه وغير ذلك.
وكان المؤلف قد رد بهذا الكتاب على من كان يدعي المهدوية في
ذلك العصر فذكر هذه الروايات والعلامات لكي يبين أنه ليس بمهدي وذكر
في آخر الكتاب فتاوي علماء مكة من المذاهب الأربعة في الرد على تلك
الطائفة.
والكتاب كسابقه يحتوي على كل غث وسمين، ورطب ويابس،
131

توجد منه نسخة في مكتبة الحرم المكي (حديث: 35) وهي غير مرقمة
الصفحات وله نسخة أخرى في مكتبة جامعة الملك عبد العزيز بمكة برقم
130 مخطوطات وهي ناقصة قليلا من أولها وآخرها.
وله رسالة أخرى في هذا الموضوع سماها " الرد على من حكم
وقضى أن المهدي الموعود جاء ومضى " رد بها على طائفة المهدوية في
بلده وتوجد نسخة هذه الرسالة ضمن المجموعة المذكورة أيضا 134 -
140.
15 - الملا علي بن سلطان القارئ:
توفي 1014 ه‍.
له رسالة سماها " المهدي من آل الرسول " وتعرف أيضا باسم
" المشرب الوردي في مذهب المهدي " رأيت منها نسخة في مكتبة الحرم
المكي مطبوعة طبعة حجرية قديمة في 40 صفحة لم يذكر فيها اسم الناشر
ولا تاريخ الطبع.
وقد ألفه المؤلف للرد على بعض المتعصبين الذين ادعوا أن المهدي
يتبع المذهب الحنفي. ورأي أنه إن اختار التقليد فلا شك أنه يتبع المذهب
الحنفي " ولكن القول الأحق أنه يكون المجتهد المطلق " (1).
أما مصدره في الروايات والأحاديث فالغالب أنه كتاب السيوطي وقد
أورد فيها الروايات بدون تحقيق ولا تمييز بين صحيح وضعيف.
16 - ابن بريدة:
قال المناوي " وأفردت أخباره (أي المهدي) بتآليف عشرة أو تزيد
وجاء ابن بريدة فجمع زبدها في مجلد حافل سماه " العواصم من الفتن

(1) المهدي من آل الرسول (ص 3).
132

القواصم " (1) ".
17 - مرعي بن يوسف الكرمي، المقدسي الحنبلي:
توفي 1033 ه‍.
له كتاب " فرائد الفكر في الإمام المهدي المنتظر ".
ذكره السفاريني في لوامع الأنوار البهية، وصديق حسن خان في
الإذاعة والزركلي في الأعلام (2).
18 - محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني:
توفي 1182 ه‍.
قال صديق حسن خان: " وقد جمع السيد العلامة بدر الملة المنير
محمد بن إسماعيل الأمير اليماني الأحاديث القاضية بخروج المهدي وأنه
من آل محمد صلى الله عليه وسلم وأنه يظهر في آخر الزمان... " (3).
19 - القاضي محمد بن علي الشوكاني:
توفي 1250 ه‍.
وقد أضاف إلى مسألة المهدي مسألة الدجال والمسيح فسمى كتابه
" التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح ". ذكره
صديق حسن خان في الإذاعة (4).

(1) فيض القدير (1 / 363).
(2) لوامع الأنوار البهية (2 / 73)، الإذاعة (ص 148)، الأعلام (1 / 363).
(3) الإذاعة (ص 113).
(4) الإذاعة (ص 114).
133

20 - شهاب الدين أحمد بن أحمد بن إسماعيل الحلواني الشافعي
توفي 1308 ه‍.
له كتاب " القطر الشهدي في أوصاف المهدي " قال في مقدمة ينابيع
المودة: " منظومة طبعت ملحقا بكتاب فتح رب الأرباب بمصر سنة 1345
بمطبعة المعاهد " (1).
21 - محمد بن محمد بن أحمد الحسيني البلبيسي:
له " العطر الوردي في شرح القطر الشهدي في أوصاف المهدي "،
شرحه سنة 1308 ه‍ (2).
22 - أبو العلاء إدريس بن محمد بن إدريس الحسيني العراقي:
له " تأليف في المهدي " (3).
23 - الشيخ مصطفى البكري:
له " الهداية الندية للأمة المهدية فيما جاء في فضل الذات المهدية " (4).
24 - محمد بن عبد العزيز بن مانع:
من علماء نجد في القرن الرابع عشر.
له " تحديق النظر في أخبار الإمام المنتظر " (5).

(1) ينابيع المودة (ص 13).
(2) المصدر السابق (ص 15).
(3) نظم المتناثر (ص 145).
(4) ينابيع المودة (ص 19).
(5) المرجع السابق (ص 9) وقال: نسخة منه بدار الكتب كما في فهرسها (1 / 127).
134

25 - الشيخ ولاية الله الصادقبوري الهندي:
له كتاب " الأربعين في أخبار المهديين " أخبرني به الشيخ عطاء الله
حنيف الفوجياني صاحب التعليقات السلفية على سنن النسائي.
26 - حنيف الدين عبد الرحمن المرشدي:
له كتاب " تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان ".
وقد ورد اسم الكتاب في فهرس المجموعة رقم 59 من مكتبة الحرم
المكي (141 - 144) ولكني لم أجده ضمن الرسائل في داخل
المجموعة.
27 - رشيد راشد التاذفي الحلبي:
له كتاب " تنوير الرجال في ظهور المهدي والدجال " مطبوع (1).
28 - رسالة في المهدي:
ضمن مجموعة رقم 3758 بمكتبة أسعد أفندي سليمانية. تركيا (2).
29 - النجم الثاقب:
النجم الثاقب في بيان أن المهدي من أولاد علي بن أبي طالب. في
87 صفحة بمكتبة لاله لي سليمانية (3).
30 - الدكتور أحمد أمين:
له كتاب " المهدي والمهدوية " مطبوع في القاهرة سنة 1951 م. ولم

(1) المهدي المنتظر (ص 33).
(2) ينابيع المودة (ص 11).
(3) المصادر السابق (ص 18).
135

أتمكن من الحصول على هذا الكتاب ولكنه لخص أفكاره في كتاب آخر
له وهو " ضحى الإسلام ".
والمؤلف يرى أن كل ما ورد من الأحاديث والآثار في المهدي
موضوع مختلق وأن فكرة المهدوية من أساسها من وضع الشيعة نتيجة
التقلبات السياسية (1).
ولا شك أن هذا الكلام غير سليم على إطلاقه كما يتبين من
الكتاب.
31 - أحمد بن محمد بن الصديق:
له كتاب " إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون " أو " المرشد
المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي ".
وقد رد به المؤلف على ابن خلدون في تضعيفه لأحاديث المهدي
وهي ثمانية وعشرون حديثا. ووافق ابن خلدون في تضعيف بعض
الأحاديث ولكن لما كان الطابع الغالب على الكتاب هو الدفاع والرد على
الانتقادات فقد حاول الدفاع عن بعض الأحاديث التي ضعفها ابن خلدون
وهو محق في ذلك.
وبعد مناقشة طعون ابن خلدون في الأحاديث التي ذكرها أضاف إليها أحاديث وآثار أخرى بلغ مجموعها إلى المائة. إلا أنه لم يبين درجة هذه
الأحاديث.
32 - سعد محمد حسن:
وله كتاب " المهدية في الإسلام منذ أقدم العصور حتى اليوم ". طبع
سنة 1373 ه‍ / 1953 م في مطابع دار الكتاب العربي بمصر. وهذا الكتاب

(1) انظر أقواله في قائمة المنكرين لفكرة المهدية.
136

هو أكبر مؤلف عثرت عليه في هذا الموضوع، وقد فصل المؤلف في
دراسة الموضوع من الناحية التاريخية والناحية الأدبية.
ولكنه ادعى بطلان فكرة المهدوية بالحرف الواحد وذكر بعض
الأحاديث الواردة في المهدي وادعى أنها كلها موضوعة مكذوبة بل قد
تجاوز إلى إنكار نزول المسيح (1) وغيره من الملاحم مع تواتر الأحاديث
في ذلك. وكذلك يبادر إلى تكذيب كل ما يخالف آرائه بدون أي دليل،
فحديث " أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها
دينها " موضوع عنده وقد وضع في منتصف القرن الثاني الهجري (2)،
وحديث " المهدي من أهل البيت " اختلقه محمد ابن الحنفية أو اختلق له
فرواه (3).
ولا شك أن هذا الأسلوب لرد الأحاديث لا يتفق مع الذوق العلمي
القائم على البحث والتحقيق، كما أن من أسلوبه المبالغة والتفخيم في كل
كتابه.
33 - عبد المحسن العباد:
نائب رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقا.
له رسالة " عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر ".
طبعت في مجلة الجامعة الإسلامية عدد ذي القعدة 1389 ه‍.
(126 - 164) (4).

(1) المهدية في الإسلام (ص 147).
(2) المصدر السابق (ص 271).
(3) المصدر السابق (ص 105).
(4) ثم طبعت مع رسالة أخرى له بعنوان: " الرد على من كذب الأحاديث الصحيحة في
المهدي ".
137

وهي محاضرة ألقاها المؤلف في إحدى ندوات الجامعة الإسلامية.
والرسالة مع صغر حجمها وقلة صفحاتها كثيرة الفوائد غزيرة العلم، حسنة
الترتيب والتنسيق، وبإمكان المرء أن يطلع على أقوال جمهور أهل العلم
وآرائهم في شأن المهدي في وقت قليل وأسلوب واضح. والحقيقة أن هذه
الرسالة - حسب علمي - أول كتاب ألف في موضوعه بالاعتماد على
الصحيح وترك الضعيف والموضوع، فكل من أفرد موضوع المهدي
بالتأليف لم يهتم بهذه الناحية مع أنها هي الأهم.
وأما الأحاديث فلم يذكر منها المؤلف إلا القليل واكتفى في كثير
منها بنقل أقوال بعض العلماء كالهيثمي وغيره. وقد ذكر أنه بصدد تأليف
رسالة في موضوع المهدي فلو أتم هذه الرسالة بشكل جامع يكون أحسن
وأنفع للناس، وقد استفدت منه كثيرا في هذا الكتاب.
34 - محمد حسن آل ياسين، الكاظمية العراق:
له كتاب " المهدي المنتظر بين التصور والتصديق ".
منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت - الطبعة الثانية 1392 ه‍.
رسالة صغيرة تشتمل على 64 صفحة، ومؤلفها من الشيعة الإمامية
الاثني عشرية ولذلك فهدفه الأساسي هو محاولة إثبات مهدية ابن الحسن
العسكري المزعوم وإثبات غيبته.
والكتاب مع صغر حجمه نموذج قبيح من التمويه والتلبيس، وإنطاق
النصوص بما لا تنطق، مع أن المؤلف يتشدق كثيرا بالتجرد والأمانة
العلمية ولست الآن في مجال مناقشته، ولكن أذكر مثالا واحدا. يذكر
المؤلف في الفصل الثاني (أو المرحلة الثانية) من كتابه: أن السنة والشيعة
ينتظران المهدي وليس بينهما خلاف سوى في تعيين الرجل، فيرى الإمامية
بأنه محمد بن الحسن العسكري وقد ولد وغاب واختفى عن الأنظار ويزعم
أن معتقد الشيعة هذا جريا وراء النص وتعبدا به واتباعا لمنطوقه الصريح
138

(ص 43) وأن هذا النص لم يكن خبرا واحدا أو خبرين وإنما هي
مجموعة أخبار نبوية متواترة تجاوزت العد بالعشرات إلى الحساب بالمئات
ورواها عدد كبير من الصحابة وأخرجها عدد كبير من الحفاظ والرواة
وبهذه الاستفاضة والتواتر لم يعد يصح النقاش في صحة هذه الأحاديث
والقطع بما دلت (ص 44).
وبعد هذا الادعاء العريض حاول التسلل إذ دون إثبات ذلك خرط
القتاد، فزعم أن هذه الأحاديث تتجه نحو الهدف بعبارات شتى وتقصد
التعيين بألفاظ مختلفة ككونه من قريش، من أولاد عبد المطلب من آل
محمد، من العترة، من أهل البيت، من أولاد علي، من أولاد فاطمة.
وإلى هنا لا أدري خلافا بين المعتمد لدى أهل السنة وبينه فلا فائدة من
هذا التطويل. ولكن محل الخلاف هو تعيين ولد الحسن العسكري
الموهوم وكان الواجب على المؤلف أن يسرد الأدلة المئات ويثبته. ولكنه
لم يستطع سوى أن يذكر بعض الروايات المكذوبة ويحيل إلى ينابيع
المودة، ولكن ما هو ينابيع المودة؟ قد تقدم البحث فيه خطبة الكتاب،
ويكفي أن أقول هنا أنه كتاب ألف في القرن الثاني عشر.
فهل من العقل فضلا عن التجرد والأمانة العلمية أن يقول المرء أن
هذه الأحاديث ثبتت في كتاب ألف بعد ألف سنة أو أكثر، فمن أين
وجدت هذه الأدلة بعد هذه القرون الطويلة وأين أسانيدها؟ وهل كانت
مختفية في سرداب أيضا، وإن لم يكن كذلك فالواجب أن يذكر أدلته من
مراجعها الأساسية ويبحث في أسانيدها ومتونها ويثبت للناس بأن هذه
النصوص حجة صحيحة لإثبات دعواه، ولكن هيهات وهيهات...
وخيل إلى المؤلف أنه أثبت أن المراد من المهدي هو ابن الحسن
العسكري لا غير ثم يذكر في هذا الفصل الخاص بمهديته قائمة بأسماء
الصحابة الذين رويت عنهم أحاديث المهدي وأسماء الأئمة الذين خرجوا
هذه الأحاديث، ناقلا ذلك من مقالة الشيخ العباد. مع بعض الزيادات
المضحكة لكي يموه على أتباعه أن كل هذه الروايات تنص على أن
139

المهدي هو ابن العسكري لا غير، ويا له من خذلان.
ومن هنا يتضح أن هذه العقيدة المضحكة بمهدية ابن العسكري
بتفاصيلها عقيدة زائفة ولو كانت سليمة وصحيحة لما احتاج المؤلف إلى
كل هذا التمويه والتلبيس، فإن الحق أبلج والباطل لجلج.
وكتابه ملئ من مثل هذا النوع من " التحقيق " واكتفيت بذكر نموذج
واحد فقط والله أعلم.
الحاجة إلى دراسة الموضوع دراسة علمية:
لقد لا حظنا في الصفحات الماضية أقوال الناس وآراؤهم المتباينة في
مسألة المهدوية كما رأينا ادعاءات الفرق والطوائف المختلفة في تعيين
المهدي المنتظر واستغلال بعض الناس هذه الفكرة للوصول إلى المطامع
الشخصية من السلطة والقيادة، وكيف قامت على أثرها الفتن والمشاكل
والحروب التي أقلقت المسلمين في كثير من الأحيان فماذا كان رد فعل
علماء الأمة إزاء هذه المشكلة؟
لقد تناولها كثير من العلماء بالبحث والتنقيب وألف كتب كثيرة في
هذا الموضوع.
ولكن اختلفت آراءهم أيضا إزاء هذه المشاكل فقسم منهم مال إلى
سد هذا التيار الجارف من الادعاءات بالاعتماد على كثير من الخرافات
والأساطير المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين، وجعلوها من
علامات المهدي المنتظر وأصبح المهدي كأنه من نسيج الخيال وأحيط
بعلامات وخوارق وإرهاصات حرم منها حتى الأنبياء.
وقام أناس آخرون فحاولوا إبطال هذه الفكرة من أساسها وأنها كلها
موضوعة مختلقة ليست من الإسلام في شئ.
وإزاء هذا الخضم من القيل والقال وقف المسلم العادي حيران وقد
140

كثرت التساؤلات عن هذه الفكرة وهل هناك مهدي حقا أم هو من نسيج
الخيال؟ وإن كان حقيقة فما مدى صحة هذه الأساطير التي تروى
والقصص والحكايات التي تحكى وفيها ما هو مخالف لصريح المعقول
والمشاهد. فكيف يمكن أن تصدر من لسان النبوة؟.
فإن قلنا إنها كلها حق وصدق فكيف يتصور أن الإسلام أتى بهذه
الخرافات وكيف يقرر الإسلام مبدأ يثير المشاكل ويقلق المسلمين ويضيع
أوقاتهم وطاقاتهم في هذه الحروب الطاحنة والفتن المردية.
وإن قلنا إنها كلها باطلة ومكذوبة فكيف يمكن أن نتصور أن
المسلمين وأئمتهم من المحدثين والفقهاء والمؤرخين وغيرهم على مر
العصور والأزمان يقررون هذه الفكرة الزائفة ويؤمنون بها ويصدقونها.
ومن هنا شعر كثير من كبار المفكرين والعلماء بالحاجة إلى تمحيص
القول في هذه المسألة، ومن بينهم السيد محمد رشيد رضا فقد تكلم عن
مسألة المهدي في تفسيره ثم قال في نهايته " وتمحيص القول فيه لا يتم إلا
بسفر مستقل " (1).
ومنهم السيد محب الدين الخطيب، فقد قال في إحدى تعليقاته على
المنتقى من منهاج الاعتدال للحافظ الذهبي:
" وعلى كل حال فالأخبار على المهدي تحتاج إلى دراسة وتحقيق
وتمحيص " (2).
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:
" وقد أخطأ ابن خلدون خطأ واضحا حيث ضعف أحاديث المهدي
كلها ولا غرابة في ذلك فإن الحديث ليس من صناعته والحق أن الأحاديث

(1) تفسير المنار (9 / 504).
(2) المنتقى من منهاج الاعتدال (ص 175).
141

الواردة في المهدي فيها الصحيح والحسن وفيها الضعيف والموضوع،
وتمييز ذلك ليس سهلا إلا على المتضلع في علم السنة ومصطلح
الحديث (1).
وكانت هذه هي الأمور التي دفعتني للبحث في هذا الموضوع وتمييز
الصحيح من السقيم قدر استطاعتي.
وفي الصفحات القادمة سأفصل الكلام في كل حديث بإذن الله تعالى
وأذكر الصحيح منها والضعيف.

(1) تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق (ص 15، 16).
142

الباب الأول
الأحاديث والآثار الثابتة
الصريحة في ذكر المهدي
143

تنبيه
إذا كان الراوي من رجال الحديث ممن لهم ترجمة في كتاب
" تقريب التهذيب " للحافظ ابن حجر رحمه الله. بدأت ترجمته بما قاله هو،
ومن عادته أن يشير إلى من أخرج له من الأئمة الستة بالرموز وإليك بيان
هذه الرموز.
للبخاري في الصحيح - خ
ولسنن أبي داود - د
ولسنن الترمذي - ت
وللجماعة - ع
ولتعليقات البخاري في الصحيح - خت
وله في خلق أفعال العباد - عخ
وفي رفع اليدين - ي
وفي فضائل الأنصار له - صد
وفي القدر - قد
وفي المسائل - ل
وفي الشمائل للترمذي - تم
وفي مسند مالك له - كن
ولصحيح مسلم - م
وللنسائي - س
ولسنن ابن ماجة - ق
وللسنن الأربع - 4
وله في الأدب المفرد - بخ
وفي جزء القراءة - ز
ولأبي داود في المراسيل - مد
وله في الناسخ - خد
وفي التفرد - ف
وفي مسند مالك - كد
وللنسائي في مسند علي - عس
ولابن ماجة في التفسير - فق
ومن ليس له رواية في الأمهادت الست: تمييز.
145

الأحاديث المرفوعة
(1) عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة " (1).
تخريج الحديث:
(ألف)
(1) أخرجه ابن ماجة قال:
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو داود الحفري، ثنا ياسين، عن
إبراهيم بن محمد بن الحنفية، عن أبيه عن علي قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره (2).
(2) وأخرجه الإمام أحمد في مسنده:
ثنا فضل بن دكين، ثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن محمد بن
الحنفية، عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) قال ابن كثير: أي يتوب عليه ويوفقه ويلهمه ويرشده بعد أن لم يكن كذلك. الفتن
والملاحم (1 / 31).
(2) سنن ابن ماجة (2 / 1367) حديث رقم 4085.
147

المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة (1).
(3) وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه قال:
الفضل بن دكين وأبو داود، عن ياسين العجلي، عن إبراهيم بن
محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة (2).
وأخرجه أيضا عن وكيع، عن ياسين به، عن علي موقوفا بمثله (3).
(4) وأخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن قال:
حدثنا القاسم بن مالك المزني، عن ياسين بن سيار، قال سمعت
إبراهيم بن محمد بن الحنفية قال: حدثني أبي، حدثني علي بن
أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي (منا
أهل البيت) يصلحه الله تعالى في ليلة " (4).
(5) وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير قال:
قال لي أبو نعيم: قال حدثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن
محمد بن علي بن الحنفية، عن أبيه، عن علي رفعه قال: " المهدي
منا أهل البيت " وفي إسناده نظر (5).
(6) وأخرجه أبو يعلى في مسنده قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو داود عمر بن سعد، عن
ياسين، عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه، عن علي، قال: قال

(1) مسند أحمد (1 / 84).
(2) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
(3) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
(4) الفتن (100) ألف) وما بين القوسين في (103 ب) بالإسناد نفسه.
(5) التاريخ الكبير (1 / 1 / 317).
148

رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي منكم أهل البيت يصلحه الله في ليلة " (1).
(7) وأخرجه العقيلي في الضعفاء فقال:
حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثني أبو نعيم، قال: حدثنا
ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن
علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي منا أهل
البيت يصلحه الله في ليلة.
قال العقيلي: " لا يتابع ياسين على هذا اللفظ وفي المهدي أحاديث
صالحة الأسانيد من غير هذا الطريق " (2).
(8) وأخرجه ابن عدي في الكامل بعدة طرق:
قال: ثنا أحمد بن إبراهيم بن أبي سفيان بقيسارية، أخبرنا محمد بن
حماد الطهراني، أخبرنا أبو نعيم، ثنا ياسين العجلي، عن
إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ".
(9) وقال أيضا:
ثنا عبد الله بن أبي سفيان، ثنا زكريا بن الحكم، ثنا أبو نعيم، ثنا
ياسين، - وكان يجالسنا عند الثوري - عن إبراهيم بن محمد بن
الحنفية، عن أبيهم (!) عن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي منا
أهل البيت يصلحه الله في ليلة ".
(10) وقال أيضا:
أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة إلخ (بمثل ما تقدم
عن أبي يعلى).

(1) مسند أبي يعلى ط (1 / 359).
(2) الضعفاء ط (4 / 466).
149

(11) وقال أيضا:
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، أخبرني يحيى بن إسماعيل قراءة،
ثنا جعفر عن علي، ثنا ابن يمان، عن ياسين بن شيبان، عن
إبراهيم بن محمد بن علي، عن أبيه، عن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المهدي مني يصلحه الله في ليلة ".
قال ابن يمان: سمعت سفيان يسأل ياسين عن هذا الحديث.
قال ابن عدي: وياسين العجلي هذا يعرف بهذا الحديث (المهدي)
ورواه أبو داود الحفري وأبو نعيم والثوري على ما ذكرناه وهو
يعرف به (1).
(12) وأخرجه أبو نعيم في الحلية قال:
حدثنا أبو أحمد (2)، ثنا فضيل بن محمد الملطي، ثنا إبراهيم بن
ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن
علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي منا أهل البيت يصلحه الله
تعالى في ليلة " أو قال: " في يومين ".
قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث محمد. رواه وكيع
وابن نمير وأبو داود الحفري عن ياسين، ورواه محمد بن فضيل
عن سالم بن أبي حفصة عن إبراهيم (3).
(13) وأخرجه أبو نعيم أيضا في أخبار أصبهان قال:
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، حدثني ابن
نمير، ثنا أبي وأبو نعيم، قالا: ثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن

(1) الكامل ط (7 / 2643).
(2) قال محقق الكتاب: في فع: سليمان بن أحمد.
(3) حلية الأولياء (3 / 177).
150

محمد بن الحنفية، عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منا يصلحه الله في ليلة (1).
(14) وأخرجه أبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن، قال:
حدثنا ابن عفان، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن أبي خيثمة، حدثنا
أبو نعيم، حدثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية،
عن أبيه عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي منا - أهل
البيت - يصلحه الله في ليلة " (2).
(ب)
(15) وأخرجه أبو نعيم أيضا في أخبار أصبهان عن طريق آخر قال:
حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا محمد بن علي العلوي، ثنا محمد بن
علي بن خلف، ثنا حسن بن صالح بن أبي الأسود، عن محمد بن
فضيل، حدثني سالم بن أبي حفصة عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، عن
أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منا أهل البيت
يصلحه الله في ليلة (3).
رجال الحديث:
(1) عثمان بن أبي شيبة: هو عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان
العبسي مولاهم، أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ شهير
وله أوهام (خ م د س ق) (4).

(1) أخبار أصبهان (1 / 170).
(2) السنن الواردة في الفتن (5 / 1059).
(3) المصدر السابق (1 / 170).
(4) تقريب التهذيب (2 / 13).
151

روى عنه البخاري 53 ومسلم 135 حديثا (1).
(2) أبو داود الحفري: هو عمر بن سعد بن عبيد. ثقة عابد. من
التاسعة. مات 203 ه‍. (م 4) (2).
(3) ياسين العجلي: هو ياسين بن شيبان ويقال ابن سنان العجلي
الكوفي، لا بأس به، من السابعة (ق).
قال ابن معين (3): ليس به بأس. وقال أبو زرعة (4): لا بأس به.
وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: صالح (5).
(4) إبراهيم بن محمد بن الحنفية: هو إبراهيم بن محمد بن علي بن
أبي طالب الهاشمي. صدوق. من الخامسة (ت عس ق).
قال العجلي (6): ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقد ذكر

(1) تهذيب التهذيب (7 / 149) وترجمته في: طبقات ابن سعد (6 / 412)، الجرح
والتعديل (3 / 1 / 167)، تاريخ بغداد (11 / 284)، الكاشف (2 / 255)، تذكرة
الحفاظ (2 / 444)، ميزان الاعتدال (3 / 35).
(2) تقريب التهذيب (2 / 56)، تهذيب التهذيب (7 / 452).
(3) سيد الحفاظ إمام الجرح والتعديل أبو زكريا يحيى بن معين البغدادي (158 -
233 ه‍) روى عنه أحمد والبخاري ومسلم أبو داود وغيرهم. تذكرة الحفاظ (2 /
429).
(4) الإمام حافظ العصر عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد القرشي الرازي مات في آخر
يوم من سنة 264 ه‍ وله أربع وستون سنة، حدث عنه مسلم والترمذي وابن ماجة
والنسائي وغيرهم. تذكرة الحفاظ (2 / 557)، تقريب التهذيب (1 / 536).
(5) التاريخ الكبير (4 / 2 / 429)، الجرح والتعديل (4 / 2 / 312)، الكاشف (3 / 248)،
المغني (2 / 729)، ميزان الاعتدال (4 / 359)، تهذيب التهذيب (11 / 172)، تقريب
التهذيب (2 / 341).
(6) الإمام الحافظ أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي (182 / 261 ه‍)
الكوفي له مصنف في الجرح والتعديل. قال الذهبي: وهو كتاب مفيد يدل على
سعة حفظه. تذكرة الحفاظ (2 / 560) وقد طبع كتابه بتحقيقي. والحمد لله.
152

البخاري (1) هذا الحديث في ترجمته من تاريخه الكبير ثم قال: في
إسناده نظر (2).
(5) محمد بن الحنفية: هو محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي. أبو
القاسم بن الحنفية المدني. ثقة عالم. من الثانية. مات بعد 80
(ع).
قال العجلي: تابعي ثقة كان رجلا صالحا. وقال إبراهيم بن
الجنيد (3): لا نعلم أحدا أسند عن علي ولا أصح مما أسند
محمد (4).
(6) علي بن أبي طالب: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته، توفي في
رمضان سنة 40 وله ثلاث وستون سنة (5).
طريق: ب
(1) أبو بكر الطلحي (لم أجد له ترجمة).

(1) شيخ الإسلام إمام الحفاظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري.
صاحب الجامع الصحيح وغيره. ولد سنة 194 ه‍ وتوفي سنة 256 ه‍. تذكرة الحفاظ
(2 / 555).
(2) التاريخ الكبير (1 / 1 / 317)، الجرح والتعديل (1 / 1 / 124) المراسيل (ص 15)،
جامع التحصيل (1 / 280)، الكاشف (1 / 91) تقريب التهذيب (1 / 42) تهذيب
التهذيب (1 / 157).
(3) الحافظ العالم أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد نزيل سامرا سأل يحيى بن
معين عن الرجال وصنف وجمع. توفي في حدود 260 ه‍. تذكرة الحفاظ (2 /
586).
(4) التاريخ الكبير (1 / 1 / 182)، الجرح والتعديل (4 / 1 / 26)، تقريب التهذيب (2 /
192)، تهذيب التهذيب (9 / 354).
(5) تقريب التهذيب (2 / 39)، وانظر: أسماء الصحابة لابن منده (2 / 51 ألف)، أسد
الغابة (4 / 16)، تجريد أسماء الصحابة (1 / 393).
153

(2) محمد بن علي العلوي (لم أجد له ترجمة).
(3) محمد بن علي بن خلف. إن كان هو محمد بن علي بن
خلف أبو عبد الله العطار. فقد قال فيه الخطيب: كان ثقة
مأمونا (1). وإن كان محمد بن علي بن خلف أخو داود بن علي
الأصبهاني الفقيه فقد ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال روى عنه
عمر بن الحسن بن الأشناني (2) والله أعلم.
(4) الحسن بن صالح بن أبي الأسود. ذكره ابن حبان في
الثقات (3) وقال الأزدي، زائغ حائد عن الحق (4).
(5) محمد بن فضيل بن غزوان الضبي الكوفي، صدوق عارف.
رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة 195 ه‍ / ع (5).
(6) سالم بن أبي حفصة. العجلي، أبو يونس الكوفي. صدوق في
الحديث إلا أنه شيعي غال. من الرابعة. مات في حدود الأربعين
(بخ ت).
وثقة ابن معين والعجلي وقال أحمد (6): ما أظن بن بأسا. وضعفه الفلاس (7)

(1) تاريخ بغداد (3 / 57).
(2) المرجع السابق (3 / 67.
(3) الثقات (8 / 169).
(4) لسان الميزان (2 / 214) 172.
(5) التقريب (2 / 201).
(6) شيخ الإسلام وسيد المسلمين في عصره الحافظ الحجة أبو عبد الله أحمد بن
محمد بن حنبل الشيباني المروزي البغدادي. أحد الأئمة الأربعة. توفي 241 ه‍ وله
سبع وسبعون سنة. تذكرة الحفاظ (2 / 431)، تقريب التهذيب (1 / 24).
(7) الإمام الحافظ الثبت أبو حفص عمرو بن علي بن بحر الصيرفي الفلاس البصري،
من كبار أئمة الجرح والتعديل. توفي سنة 249 ه‍، تذكرة الحفاظ (2 / 487).
154

وأبو حاتم (1) وأبو أحمد الحاكم (2) وغيرهم. ووهاه النسائي (3) فقال: ليس
بثقة. وأما تشيعه فقد كاد الجميع أن يتفقوا على غلوه فيه (4).
وبقية رجاله هم رجال الطريق الأول.
ومدار الطرق الأربعة عشر الأولى على ياسين العجلي عن إبراهيم بن
محمد وهما صدوقان كما تقدم، وبناء على هذا فإسناد الحديث لا ينزل
عن درجة الحسن لذاته.
وقد ذكر ابن عدي والذهبي هذا الحديث في ترجمة ياسين العجلي
وذكرا عن البخاري أنه قال: " فيه نظر " (5) ولكن لم أجد هذه الكلمة في
ترجمة ياسين العجلي من التاريخ الكبير ولا ذكره البخاري في كتاب
الضعفاء فالله أعلم. وذكر العقيلي عن البخاري أنه قال: " في حديثه نظر ".
واعتمد عليه ابن خلدون فقال: " وياسين العجلي وإن قال فيه ابن
معين ليس به بأس فقد قال البخاري " فيه نظر " وهذه اللفظة في اصطلاحه
قوية في التضعيف جدا. وأورد له ابن عدي في الكامل والذهبي في

(1) الإمام الحافظ محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي والد ابن أبي حاتم صاحب
كتاب الجرح والتعديل وغيره (195 - 277) ه‍ تذكرة الحفاظ (2 / 567)، مقدمة
الجرح والتعديل (ص 349).
(2) الإمام الحافظ محدث خراسان محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري
الكرابيسي. وهو الحاكم الكبير. توفي سنة 378 ه‍ وله ثلاث وتسعون سنة. تذكرة
الحفاظ (3 / 976).
(3) الإمام أحمد بن شعيب بن علي بن سنان، أبو عبد الرحمن النسائي الحافظ صاحب
السنن، توفي 303 ه‍ وله ثمان وثمانون سنة. تقريب التهذيب (1 / 16).
(4) الضعفاء للنسائي (ص 293)، الكاشف (1 / 343)، ديوان الضعفاء (ص 115)،
المغني في الضعفاء (1 / 250)، ميزان الاعتدال (2 / 110)، تقريب التهذيب (1 /
279)، تهذيب التهذيب (3 / 433).
(5) الضعفاء للعقيلي ط (4 / 465) الكامل ط (7 / 2643) ميزان الاعتدال (4 / 359).
155

الميزان هذا الحديث على وجه الاستنكار له وقال هو معروف به " (1).
ولكن قد سبق أن البخاري إنما قال " في إسناده نظر " وهذا لا يعني
تضعيف الراوي وقد ذكره البخاري في ترجمته إبراهيم بن محمد بن الحنفية
لا في ترجمة ياسين العجلي. ومع ذلك فهو جرح غير مفسر ولم أجد من
فسر وجهة نظره، فلا يمكن تضعيف الحديث من أجله لا سيما وقد تبين
أن رجاله كلهم ممن يحتج بهم وإسناده متصل. ولعل الإمام البخاري يشير
إلى ما وقع فيه من خلاف في رفعه ووقفه وسيأتي الكلام في ذلك.
وأما إيراد ابن عدي والذهبي هذا الحديث في ترجمة ياسين العجلي
فقد قال الغماري: " إنهما ما أورداه مستنكرين له كما زعمه بل لأنه حديثه
الوحيد الذي لم يرو غيره، ولذا قال ابن عدي: وقال البخاري لا أعلم له
حديثا غير هذا " وعادة الحفاظ إذا ترجموا لراو مقل ذكروا له ما رواه في
ترجمته لأنه به يعرف " (2).
قلت وقد تابعه سالم بن أبي حفصة. (ب) ولكن في السند إليه من
لم أعرفهم.
هذا وقد صحح هذا الحديث عدة من العلماء، فقال ابن حجر:
" وقع في سنن ابن ماجة عن ياسين غير منسوب فظنه بعض الحفاظ
المتأخرين ياسين بن معاذ الزيات فضعف الحديث به فلم يصنع شيئا " (3)
وهذا يعني أنه يرى صحة هذا الحديث.
ورمز له السيوطي بالحسن (4) وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (5).

(1) تاريخ ابن خلدون (1 / 567).
(2) إبراز الوهم المكنون (ص 104).
(3) تهذيب التهذيب (11 / 172).
(4) فيض القدير (6 / 278).
(5) شرح مسند أحمد (2 / 58)، حديث رقم 645.
156

وقال الألباني: صحيح (1).
النتيجة:
إسناده حسن.

(1) صحيح الجامع الصغير (6 / 22)، حديث رقم 6611، وذكر أنه حققه في الروض
النضير (2 / 53) وسلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 2371.
157

(2) عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فائتوها فإن فيها خليفة
الله المهدي " (1).
تخريج الحديث:
أخرجه أبو الفتح الأزدي قال: حدثنا العباس بن إبراهيم، حدثنا
محمد بن ثواب، حدثنا حنان بن سدير، عن عمرو بن قيس (2) عن
الحسن، عن عبيدة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره (3).
رجال الحديث:
(1) العباس بن إبراهيم: أبو الفضل القراطيسي الأيلي. روى عنه
سليمان بن أحمد الطبراني وأبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي.
قال الخطيب: كان ثقة. توفي 304 ه‍ (4).
(2) محمد بن ثواب: الهباري - بتشديد الموحدة - الكوفي. صدوق
ضعفه مسلمة بلا حجة. من الحادية عشرة. مات 260 ه‍ (ق). قال
ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي وهو صدوق. وذكره ابن حبان
في الثقات. وقال مسلمة في كتاب الصلة: ضعيف (5).

(1) وقع في الموضوعات المطبوعة " فإن فيها خليفة المهدي "، وهو خطأ
(2) وقع في الموضوعات عمر بن قيس، وهو تصحيف والتصحيح من الميزان واللسان
وتنزيه الشريعة وغيرها.
(3) ورد ذكره في الموضوعات (2 / 38)، اللآلئ المصنوعة (1 / 437) القول المسدد في
الذب عند المسند للإمام أحمد (ص 59 / 60)، لسان الميزان (2 / 166)، تنزيه
الشريعة (2 / 18).
(4) تاريخ بغداد (12 / 152).
(5) الجرح والتعديل (3 / 2 / 218)، تقريب التهذيب (2 / 149)، تهذيب التهذيب (9 / 87).
158

(3) حنان بن سدير: بن حكيم بن سهيل بن صهيب الكندي الصيرفي
روى عن: عمرو بن قيس الملائي وأبيه سدير وغيرهما. وروى عنه
محمد بن ثواب الهباري. ومحمد بن جنيد العابد والعلاء بن عمرو
الحنفي وعلي بن محمد الطنافسي وآخرون. ذكره ابن أبي حاتم في
الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان
في الثقات.
وأورده الحافظ ابن حجر في اللسان وذكر حديثا من " مناكيره " ثم
قال: قال الدارقطني في المؤتلف والمختلف وفي العلل: إنه من
شيوخ الشيعة.
وهناك ترجمة أخرى في لسان الميزان باسم " حبان بن مدير
الصيرفي " وفيه قال الأزدي: ليس بالقوي عندهم روى عن عمرو بن
قيس عن الحسن... إلخ فذكر هذا الحديث. وقال ابن حجر في
آخر ترجمته: " وأنا أخشى أن يكون هذا هو حنان بن سدير
" تصحف اسمه واسم أبيه " ". انتهى.
ويتبين من إيراد الأزدي هذا الحديث في ترجمته أنه يقصد صاحب
هذه الرواية وهو " ليس بالقوي عنده " أيا كان اسمه. والله أعلم (1).
(4) عمرو بن قيس: هو الملائي الكوفي. وهو الذي يروي عنه
حنان بن سدير كما صرح بذلك في الجرح والتعديل وعلل
الدارقطني وغيرهما. وهو ثقة متقن عابد من السادسة مات سنة
بضع وأربعين ومائة (بخ م 4).

(1) الجرح والتعديل (1 / 2 / 299)، ثقات ابن حبان (8 / 299) العلل للدارقطني (2 / 2
ألف)، المؤتلف لعبد الغني (ص 31)، الإكمال لابن ماكولا (2 / 318). لسان
الميزان (2 / 367).
159

وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ويعقوب بن سفيان
والترمذي وابن خراش وابن نمير والعجلي وغيرهم. قال أبو زرعة:
ثقة مأمون. وقال ابن عدي: كان من ثقات أهل العلم وأفاضلهم
توفي 146 ه‍ (1).
(5) الحسن: بن أبي الحسن البصري. اسم أبيه: يسار الأنصاري،
مولاهم. ثقة فقيه فاضل مشهور. وكان يرسل كثيرا ويدلس. قال
البزار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول: حدثنا
وخطبنا يعني قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة. وهو رأس أهل
الطبقة الثالثة. مات 110 ه‍ وقد قارب الستين. (ع) (2).
(6) عبيدة: هو ابن عمرو السلماني الكوفي كما صرح بذلك الحافظ بن
حجر في القول المسدد وهو أبو عمرو المرادي. توفي 72 ه‍ (ع).
تابعي كبير مخضرم. ثقة ثبت. قال ابن معين: لا يسأل عن مثله.

(1) الجرح والتعديل (3 / 1 / 354)، تقريب التهذيب (2 / 77) تهذيب التهذيب (8 / 92)،
قال ابن الجوزي في الموضوعات عقب هذا الحديث " قال يحيى: عمرو لا شئ "
وسكت عليه ابن حجر في القول المسدد والسيوطي في اللآلي وابن عراق في تنزيه
الشريعة والألباني في الضعيفة، ولكن لم أجد هذا الكلام في ترجمة الملائي في
المراجع الموجودة عندي. ولكن هناك عمرو بن قيس آخر وهو الكندي الكوفي وفي
ترجمته في الميزان: قال ابن معين لا شئ وقد رأيته، وقال أبو داود وأبو حاتم:
ثقة وكذا وثقة ابن عقدة، فلعل ابن الجوزي رحمه الله فهم أنه هو المذكور في هذا
السند. ويتعين ذلك بما ذكره الذهبي في ترجمة عمرو بن أبي قيس الرازي فقال:
قال ابن الجوزي عقب الأول (أي عمرو بن قيس الكندي) ويأتي في الحديث
عمرو بن قيس خمسة ليس فيهم من طعن فيه غير هذا (المغني في الضعفاء 2 /
488). ولكن تبين لنا أن المراد في هذه الرواية هو الملائي، وليس الكندي كما
سبق. والله أعلم. ترجمة الكندي في: الجرح والتعديل (3 / 1 / 255)، الميزان (3 /
284)، تهذيب التهذيب (8 / 92) لسان الميزان (4 / 374).
(2) تقريب التهذيب (1 / 165).
160

وثقه العجلي وعثمان بن سعيد وابن المديني والفلاس وآخرون (1).
(7) عبد الله: هو ابن مسعود الصحابي الجليل من السابقين الأولين مات 32 ه‍ (2).
وبعد النظر في رجال الإسناد تبين أن رجاله كلهم صالحون
للاحتجاج ما عدا حنان بن سدير وهو ليس بالقوي كما قال
الأزدي.
وقد أورد هذا الحديث ابن الجوزي في الموضوعات وقال: " هذا
حديث لا أصل له ولا نعلم أن الحسن سمع من عبيدة ولا عمرو
سمع من الحسن، قال يحيى: عمرو لا شئ (3).
وقد تعقبه ابن حجر في القول المسدد (4) والسيوطي في اللآلئ
المصنوعة بورود هذا المتن من طريق آخر عن ثوبان رضي الله عنه
وشواهد أخرى.
ولكن الذي يتبين لي أن هذا الإسناد بحد ذاته لا يمكن أن يذكر في
الموضوعات إذ ليس في رواته من يتهم بالوضع، بل كلهم ثقات غير
حنان بن سدير كما سبق. وقد وثقه ابن حبان وهو وإن كان يعتبر من

(1) طبقات ابن سعد (6 / 93)، التاريخ الكبير (3 / 2 / 82)، الجرح والتعديل (3 / 1 / 91)
تذكرة الحفاظ (1 / 50)، تقريب التهذيب (1 / 574)، تهذيب التهذيب (7 / 84)،
القول المسدد (ص 59).
وقد وقع في لسان الميزان في هذه الرواية " أبو عبيدة " وهو لم يسمع من أبيه ابن
مسعود ولكن في الموضوعات " عبيدة " وكذلك في القول المسدد وتنزيه الشريعة
واللآلئ المصنوعة والميزان، وهو الصحيح والله أعلم فإنه أحد الرواة عن ابن
مسعود.
(2) تقريب التهذيب (1 / 450).
(3) الموضوعات (2 / 38).
(4) القول المسدد (ص 59).
161

المتساهلين في التوثيق فإن الأزدي أيضا عليه مؤاخذات كثيرة للعلماء في
كثير من جرحه للرواة: أما سماع عمرو بن قيس عن الحسن فهو وإن لم
يصرح به هنا لكنه ليس من المدلسين، ولا توجد بينهما مسافة كبيرة لا
زمنا ولا مكانا أما سماع الحسن عن عبيدة فهو أيضا ممكن إلا أن الحسن
البصري مدلس ولكن ذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من المدلسين (1)
فتقبل عنعنته والله أعلم.
وعلى هذا فهذا الإسناد صالح للاستشهاد ولا سيما وأن متنه قد ورد
من طريق آخر عن ثوبان رضي الله عنه بسند حسن. وبذلك يصبح هذا
الحديث حسنا لغيره، والله أعلم (2).

(1) طبقات المدلسين (ص 9).
(2) انظر حديث ثوبان برقم (7).
162

(3) عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض
نباتها ويعطي المال صحاحا (1) وتكثر الماشية وتعظم الأمة،
يعيش سبعا أو ثمانيا يعني حججا ".
تخريج الحديث:
أخرجه الحاكم في المستدرك قال: أخبرني أبو العباس محمد بن
أحمد المحبوبي بمرو، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا النضر بن شميل، ثنا
سليمان بن عبيد، ثنا أبو الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره (2).
رجال الحديث:
(1) أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي. صاحب الترمذي وأحد رواة
جامعه. توفي سنة 346 ه‍. قال في الشذرات: محدث مرو وشيخها
ورئيسها توفي في رمضان وله سبع وتسعون سنة. روى جامع
الترمذي عن مؤلفه وروى عن سعيد بن مسعود صاحب النضر بن
شميل وأمثاله (3).
(2) سعيد بن مسعود المروزي، روي عن النضر في شميل ويزيد بن
هارون وغيرهما روى عنه محمد بن أحمد المحبوبي وعمر بن

(1) الصحاح بالفتح بمعنى الصحيح. ويجوز أن يكون بالضم أيضا كطوال وطويل. وفيه
" يقاسم ابن آدم أهل النار قسمة صحاحا أي أنه يقاسمهم قسمة صحيحة فله نصفها
ولهم نصفها ". قاله ابن الأثير في النهاية (3 / 12).
(2) المستدرك (4 / 557، 558)، وذكره في كنز العمال (7 / 188)، عن ابن مسعود،
والظاهر أنه وهم. والله أعلم.
(3) تذكرة الحفاظ (2 / 863)، شذرات الذهب (2 / 373).
163

أحمد بن علك وغيرهما، ذكره ابن حبان في الثقات ووصفه الذهبي " بالمحدث المسند أحد الثقات ". وذكره ابن أبي حاتم في الجرح
والتعديل باسم " سعد بن مسعود " وقال فيه: " صدوق " (1). مات
271 ه‍.
(3) النضر بن شميل: أبو الحسن المازني، النحوي. نزيل مرو. ثقة
ثبت. من كبار التاسعة. مات سنة 204 ه‍. (ع).
قال ابن المبارك (2): ذاك أحد الأحدين لم يكن أحد من أصحاب
الخليل يدانيه.
وقال أبو حاتم: ثقة صاحب سنة. ووثقه ابن المديني (3) وابن أبي
حاتم وآخرون (4).
(4) سليمان بن عبيد السلمي البصري. ثقة. وثقة ابن معين وقال أبو
حاتم صدوق (5).
(5) أبو الصديق الناجي: اسمه بكر بن عمرو وقيل ابن قيس. بصري
ثقة. من الثالثة (ع). وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن

(1) الجرح والتعديل (2 / 1 / 95)، ثقات ابن حبان (8 / 271) سير أعلام النبلاء (12 /
504).
(2) الإمام الحافظ شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك بن واضح أبو عبد الرحمن الحنظلي
المروزي (118 - 181 ه‍) أفنى عمره في الأسفار حاجا ومجاهدا وتاجرا. تذكرة
الحفاظ (1 / 274).
(3) حافظ العصر، أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر السعدي المديني ثم البصري
(161 - 234) وروى عنه الذهلي والبخاري وأبو داود وغيرهم. كان علما في
معرفة الحديث والعلل. تذكرة الحفاظ (2 / 428).
(4) التاريخ الكبير (4 / 2 / 90)، الجرح والتعديل (4 / 1 / 477)، تذكرة الحفاظ (1 /
314)، تهذيب التهذيب (10 / 437) تقريب التهذيب (2 / 301).
(5) الجرح والتعديل (2 / 1 / 129).
164

حبان (1).
(6) أبو سعيد الخدري: اسمه سعد بن مالك بن سنان. صحابي جليل.
مكثر في الحديث (2).
وبعد النظر في رجال الأسناد تبين أنهم كلهم ممن يحتج بهم.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (3). ووافقه
الذهبي (4).
وقال الألباني: هذا سند صحيح رجاله ثقات (5).
النتيجة:
إسناده صحيح.

(1) تقريب التهذيب (1 / 106)، تهذيب التهذيب (1 / 486).
(2) الاستيعاب (4 / 1672) رقم 2997. أسد الغابة (2 / 365) رقم 2035. الإصابة (2 /
35).
(3) المستدرك (4 / 558).
(4) تلخيص المستدرك (4 / 558).
(5) سلسلة الأحاديث الصحيحة (2 / 336) رقم 711.
165

(4) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" المهدي مني، أجلى الجبهة، أفنى الأنف، يملأ الأرض قسطا
وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، ويملك سبع سنين " (1). تخريج الحديث:
(ألف)
(1) أخرجه أبو داود في سننه قال: حدثنا سهل بن تمام بن بزيع،
أخبرنا عمران القطان عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد
الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره (2).
(2) وأخرجه الحاكم في المستدرك قال: حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا عمرو بن عاصم
الكلابي، ثنا عمران القطان، ثنا قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي
سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منا أهل
البيت، أشم الأنف أقنى، أجلى، يملأ الأرض قسطا كما ملئت
جورا وظلما، يعيش هكذا وبسط يساره وأصبعين من يمينه المسبحة
والإبهام وعقد ثلاثة " (3).

(1) أجلي الجبهة: الأجلي: الخفيف ما بين النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر
عن جبهته. النهاية (1 / 290)، أقنى الأنف: القنا في الأنف: طوله ورقة أرنبته مع
حدب في وسطه. (4 / 116)، أشم الأنف: الشمم: ارتفاع قصبة الأنف واستواء
أعلاها وإشراف الأرنبة قليلا (2 / 502)، وهو كناية عن الرفعة والعلو وشرف
الأنفس.
(2) سنن أبي داود (4 / 106).
(3) المستدرك (4 / 557).
166

(ب)
(3) وأخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن قال: حدثنا الوليد، عن
سعيد، عن قتادة عن أبي نضرة وأبي الصديق، عن أبي سعيد
الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المهدي أجلى الجبين أقنى
الأنف / يحثي المال حثيا لا يعده عدا يملأ الأرض عدلا كما ملئت
جورا / يعيش سبعا ثم يموت (1).
(ج)
(4) وأخرجه نعيم بن حماد أيضا من طريق آخر قال: حدثنا المعتمر بن
سليمان عن القاسم بن الفضل، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المهدي أقنى أجلى (2).
(د)
(5) وأخرجه نعيم بن حماد أيضا عن طريق آخر فقال: قال الوليد عن
أبي رافع إسماعيل بن رافع، عمن حدثه، عن أبي سعيد الخدري
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المهدي أقنى، أجلى (3).
(ه‍)
(6) وأخرجه أيضا نعيم بن حماد بطريق آخر قال: حدثنا ابن وهب،
عن الحارث بن نبهان، عن عمرو بن دينار، عن أبي نضرة، عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المهدي أقنى

(1) كتاب الفتن. الفقرة الأولى في (100 ب)، والثانية في (99 ألف)، والثالثة في
(104 ألف) بالإسناد المذكور غير أنه لم يذكر أبا نضرة في الثانية.
(2) كتاب الفتن (100 ب).
(3) المرجع السابق (100 ب).
167

الأنف، أجلى الجبين، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما
وجورا يملك سبع سنين " (1).
رجال الحديث:
(ألف)
طريق أبي داود:
سهل بن تمام بن بزيع: السعدي، البصري، أبو عمرو. صدوق
يخطئ. من العاشرة (د). قال أبو زرعة: لم يكن يكذب كان ربما وهم
في الشئ. وقال أبو حاتم: شيخ. وذكره ابن حبان في الثقات وقال:
يخطئ (2).
ولكنه توبع بعمرو بن عاصم الكلابي عند الحاكم وهو أيضا صدوق
في حفظه شئ كما سيأتي. وقد روى كل منهما عن عمران القطان
فاعتضدا.
طريق الحاكم
(1) أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم. توفي 346 ه‍. قال الحاكم:
كان محدث عصره بلا مدافعة. وثقه ابن خزيمة وابن أبي حاتم
أيضا (3).

(1) المرجع السابق (99 ب)، (101 ألف) وأخرجه أوله أيضا في (103 ألف) بلفظ " وهو
رجل مني " وأخرج آخره أيضا في (104 ألف) بلفظ: " يملك سبع سنين ".
(2) الجرح والتعديل (2 / 1 / 94)، ميزان الاعتدال (2 / 237)، تهذيب التهذيب (4 /
248)، تقريب التهذيب (1 / 335).
(3) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (6 / 386)، تذكرة الحفاظ (2 / 860) شذرات
الذهب (2 / 373).
168

(2) محمد بن إسحاق الصغاني، أبو بكر. ثقة ثبت. من الحادية عشرة
(م 4) (1). وثقه النسائي والدارقطني (2) وابن حبان وآخرون.
(3) عمرو بن عاصم الكلابي، القيسي، أبو عثمان البصري. صدوق في
حفظه شئ. من صغار التاسعة (ع). وثقة ابن معين وابن حبان.
وقال ابن سعد: صالح. قال أبو داود: لا أنشط لحديثه. وقال أبو
حاتم: لا يحتج بعمرو (3). والتقى الطريقان في عمران القطان وهو:
(4) عمران بن داور، أبو العوام القطان البصري. وقد اختلفت أقوال
الأئمة فيه وإليك أقوالهم:
التعديل:
ذكره يحيى بن سعيد (4): فأحسن الثناء عليه. وقال أحمد: أرجو أن
يكون صالح الحديث. عفان (5): حدث عنه ووثقه. قال ابن شاهين (6):
كان من أخص الناس بقتادة. وقال الساجي (7): صدوق وثقه عفان. قال

(1) الجرح والتعديل (2 / 3 / 196)، تاريخ بغداد (1 / 24)، المنتظم (5 / 78)، تقريب
التهذيب (1 / 144)، تهذيب التهذيب (9 / 36).
(2) الحافظ الناقد علي بن عمر بن أحمد الدارقطني. صاحب السنن والعلل وغيرهما.
توفي سنة 385 ه‍. تاريخ بغداد (12 / 34).
(3) ميزان الاعتدال (3 / 269)، تقريب التهذيب (2 / 72)، تهذيب التهذيب (8 / 58 /
59).
(4) سيد الحافظ أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان البصري (120 - 198 ه‍) قال ابن
المديني: ما رأيت أحدا أعلم بالرجال منه. تذكرة الحفاظ (1 / 298).
(5) عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي. أبو عثمان الصفار، البصري الحافظ الثبت،
توفي 220 ه‍ تذكرة الحفاظ (1 / 380).
(6) الحافظ الإمام المفيد المكثر أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ المعروف
بابن شاهين. صاحب التصانيف (297 - 385). تذكرة الحفاظ (3 / 987).
(7) الإمام الحافظ محدث البصرة أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي. توفي سنة 307 ه‍.
تذكرة الحفاظ (3 / 709).
169

العجلي: بصري ثقة. قال الحاكم: صدوق.
وقال أبو داود: هو من أصحاب الحسن وما سمعت إلا خيرا.
قال عمرو بن علي الفلاس: كان ابن مهدي يحدث عنه وكان يحيى
لا يحدث عنه وقد ذكره يحيى يوما فأحسن الثناء عليه.
الجرح:
قال ابن معين: عمران القطان ليس بالقوي وهو دون أبي هلال ولم
يكن لأبي هلال كتاب. وقال مرة: ليس بشئ لم يرو عنه يحيى بن
سعيد. وقال أيضا: كان يرى رأي الخوارج ولم يكن داعية.
النسائي: ضعفه. قال أبو داود: ضعيف. أفتى في أيام إبراهيم بن
عبد الله بن حسن بفتوى شديدة فيها سفك الدماء.
قال ابن عدي (1): هو من يكتب حديثه. قال يزيد بن زريع: كان
حروريا يرى السيف. قال البخاري: صدوق يهم. قال الدارقطني: كان
كثير المخالفة والوهم (2).
وهكذا نرى أنه صدوق في دينه وإن الذين ضعفوه فقد ضعفه بعضهم
لكونه يرى رأي الخوارج والصواب في هذا أنه كان أفتى بتأييد إبراهيم بن
عبد الله بن حسن لما خرج على المنصور مع أخيه محمد بن عبد الله
النفس الزكية. ولم يكن من الخوارج في شئ (3). وآخرون ضعفوه من

(1) الإمام الكبير أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (277 - 365) صاحب كتاب
الكامل وغيره. تذكرة الحفاظ (3 / 940).
(2) التاريخ الكبير (3 / 2 / 325) كتاب الضعفاء والمتروكين (ص 400)، الجرح والتعديل
(3 / 1 / 296)، المغني في الضعفاء (2 / 478)، ميزان الاعتدال (3 / 236)، خلاصة
تذهيب تهذيب الكمال (2 / 301).
(3) تهذيب التهذيب (8 / 131).
170

قبل سوء حفظه ووهمه. ومثل هذا يعتضد بمعتبر على الأقل إن لم نحتج
به وحده. ولذلك قال الذهبي: " صدوق " (1).
وقال ابن حجر: " صدوق يهم " (2).
(5) قتادة: بن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت. رأس
الطبقة الرابعة (ع). قال الذهبي: حافظ ثقة ثبت لكنه مدلس ورمى
بالقدر. ومع هذا فاحتج به أصحاب الصحاح لا سيما إذا قال:
حدثنا (3).
(6) أبو نضرة: المنذر بن مالك بن قطعة (بضم القاف وفتح المهملة)
العبدي العوقي (بفتح العين والواو) البصري. ثقة من الثالثة (خت م
4).
وثقة ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن حنبل وغيرهم. وقال ابن
حبان في الثقات: كان ممن يخطئ. وأورده العقيلي في الضعفاء
ولم يذكر جرحا وابن عدي في الكامل وقال: كان عريفا لقومه (4).
(7) أبو سعيد الخدري: صحابي.
(ب)
(1) الوليد: بن مسلم القرشي. مولاهم. أبو العباس الدمشقي، ثقة لكنه

(1) المغني في الضعفاء (2 / 478).
(2) تقريب التهذيب (2 / 83).
(3) الجرح والتعديل (3 / 2 / 133)، ميزان الاعتدال (3 / 385)، الخلاصة (2 / 350)،
تقريب التهذيب (2 / 23)، تهذيب التهذيب (8 / 351).
(4) الجرح والتعديل (4 / 1 / 241)، المغني في الضعفاء (2 / 676) ميزان الاعتدال (4 /
181)، تقريب التهذيب (2 / 275)، تهذيب التهذيب (10 / 303)، الخلاصة (3 /
56)، المغني في الضبط (ص 58).
171

كثير التدليس والتسوية. من الثامنة (ع) (1).
(2) سعيد: إن كان هو سعيد بن بشير الأزدي، الشامي، فهو ضعيف.
ضعفه ابن معين والنسائي وأبو أحمد الحاكم وأبو داود وآخرون،
وقواه شعبة وابن عيينة وغيرهما. قال البخاري: يتكلمون في حفظه
وهو محتمل (2).
وإن كان سعيد بن عبد العزيز التنوخي الدمشقي فهو ثقة جليل. قال
أحمد: ليس بالشام رجل أصح حديثا من سعيد بن عبد العزيز هو
والأوزاعي عندي سواء... ووثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم
والنسائي وآخرون (3).
بقية رجاله رجال الطريق الأول.
(ج)
(1) المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، أبو محمد البصري، ثقة من
كبار التاسعة. وثقة ابن معين وأبو حاتم وابن سعد (4) والعجلي وابن
حبان وغيرهم (5).
.

(1) تقريب التهذيب (2 / 336).
(2) طبقات ابن سعد (7 / 468)، التاريخ الكبير (2 / 1 / 460)، الجرح والتعديل (2 / 1 /
6)، الكاشف (1 / 356)، ميزان الاعتدال (2 / 128) ديوان الضعفاء (1 / 118)،
تهذيب التهذيب (4 / 9).
(3) طبقات ابن سعد (7 / 468)، التاريخ الكبير (2 / 1 / 497)، الجرح والتعديل (2 / 1 /
43)، تذكرة الحفاظ (1 / 219)، ميزان الاعتدال (2 / 149)، تقريب التهذيب (1 /
301) تهذيب التهذيب (4 / 59).
(4) الحافظ العلامة محمد بن سعد البصري. كاتب الواقدي. مصنف الطبقات الكبيرة
وغيره. توفي 230 ه‍. تذكرة الحفاظ (2 / 425).
(5) طبقات ابن سعد (7 / 290)، الجرح والتعديل (4 / 1 / 402) تذكرة الحفاظ (1 /
266)، ميزان الاعتدال (4 / 142)، تقريب التهذيب (2 / 463)، تهذيب التهذيب
(10 / 227).
172

(2) القاسم بن فضل: بن معدان بن قريط الحداني الأزدي أبو المغيرة
البصري. ثقة رمي بالإرجاء. وثقه يحيى بن سعيد القطان وابن
مهدي وأحمد وابن سعد والنسائي والترمذي وابن حبان وابن شاهين
وابن معين وآخرون (1).
(د)
(1) الوليد بن مسلم: ثقة مدلس وقد عنعن. تقدم آنفا.
(2) أبو رافع إسماعيل بن رافع: متروك الحديث. وستأتي ترجمته
بالتفصيل في القسم الثاني من الكتاب.
(3) عمن حدثه: غير معروف.
(ه‍)
(1) ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، أبو محمد
المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد. من التاسعة. مات 197 ه‍.
وصفه ابن سعد بالتدليس ولكن ذكره الحفاظ ابن حجر في المرتبة
الأولى من المدلسين ولذلك فلا يضر تدليسه ولا عنعنته (2).
(2) الحارث بن نبهان: الجرمي (بفتح الجيم) أبو محمد البصري،
متروك. من الثالثة. مات بعد الستين (ت ق).
قال الإمام أحمد: كان رجلا صالحا لم يكن يعرف الحديث ولا
يحفظه منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال أيضا:

(1) طبقات ابن سعد (7 / 283)، الجرح والتعديل (3 / 2 / 116)، ميزان الاعتدال (3 /
277)، تقريب التهذيب (2 / 119)، تهذيب التهذيب (8 / 329).
(2) الجرح والتعديل (2 / 2 / 189)، تهذيب التهذيب (6 / 71)، تقريب التهذيب (1 /
460) الخلاصة (1 / 186).
173

ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: متروك
الحديث ضعيف الحديث منكر الحديث (1).
(3) عمرو بن دينار: المكي، وأبو محمد الأثرم الجمحي. ثقة ثبت. من
الرابعة (ع). وثقه النسائي وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم (2).
(4) أبو نضرة: ثقة. تقدم آنفا.
وبعد النظر في رجال الأسانيد تبين أن مدار الحديث في الإسناد
الأول على عمران القطان وقد تكلم فيه ابن خلدون (3) لأجله ولكنه كان
من أخص الناس بقتادة كما نص عليه ابن شاهين وقد توبع بالأسانيد
الأخرى. فأما الإسنادان (د) و (ه‍) فهما ضعيفان جدا ولا يصلحان
للاعتبار وأما (ب) ففيه عنعنة الوليد بن مسلم وقتادة وعدم التعيين في
سعيد. ومداره على نعيم وهو سيئ الحفظ ولكنه مع ذلك لا ينزل عن
درجة الاعتبار وكذلك (ج) ورجاله ثقات ولكن مداره أيضا على نعيم، فهو
أيضا يصلح للاعتبار.
ثم إن متن هذا الحديث قد روي بطرق أخرى عن أبي سعيد، فأما
قوله: " أجلى الجبهة أقنى الأنف " فقد رواه مطر الوراق عن أبي الصديق
عن أبي سعيد (حديث 30) وأما قوله: يملأ الأرض قسطا وعدلا.. إلخ
فقد رواه أيضا زيد العمي عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري (حديث
رقم 5) وهكذا يتبين أن عمران وإن كان يهم أحيانا إلا أنه لم يهم في هذا
الحديث بشهادة غيره له.

(1) التاريخ الصغير (ص 181)، الضعفاء للنسائي (ص 287)، الجرح والتعديل (1 / 2 /
92)، الكامل لابن عدي كتاب الضعفاء والكذابين للبرذعي (ص 21)، المغني في
الضعفاء (1 / 143)، ميزان الاعتدال (1 / 444)، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (1 /
186)، تقريب التهذيب (1 / 144)، تهذيب التهذيب (2 / 159).
(2) الجرح والتعديل (3 / 1 / 231)، ميزان الاعتدال (3 / 260). تقريب التهذيب (2 /
69)، تهذيب التهذيب (8 / 30).
(3) تاريخ ابن خلدون (1 / 561).
174

وهكذا فالحديث حسن إن شاء الله تعالى.
قال الحاكم عقب إخراج هذا الحديث: هذا حديث صحيح على
شرط مسلم ولم يخرجاه. وعلق عليه الذهبي فقال: عمران ضعيف ولم
يخرج له مسلم (1).
قال ابن القيم: رواه أبو داود بإسناد جيد (2). وذكره السيوطي في
الجامع الصغير ورمز له بالصحة (3).
وقد ذكر صديق حسن خان بعض ما سبق من الجرح في عمران
القطان ثم قال: ولكن ذلك كله لا ينافي الضبط والصدق الذي عليهما
مدار الصحة والقوة (4).
وقال الألباني: إسناده حسن (5).
النتيجة:
الحديث حسن لشواهده.

(1) المستدرك (4 / 557).
(2) المنار المنيف (ص 144).
(3) الجامع الصغير (ص 187).
(4) الإذاعة (ص 121).
(5) صحيح الجامع الصغير (6 / 22) رقم 6612 وقد خرجه في الروض النضير (2 /
53).
175

(5) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يكون في أمتي المهدي إن طال عمره أو قصر عاش سبع
سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين، يملأ الأرض قسطا وعدلا،
تخرج الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها ".
زاد ابن أبي شيبة:
" وتعيش أمتي في زمانه عيشا لم تعشه قبل ذلك ".
تخريج الحديث:
1 - أخرجه الإمام أحمد في مسنده: ثنا ابن نمير، ثنا موسى يعني
الجهني، قال: سمعت زيد العمي، قال: ثنا أبو الصديق الناجي، قال:
سمعت أبا سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم فذكره (1).
2 - وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة في مصنفه قال: أبو معاوية وابن
نمير عن موسى الجهني، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن
أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في أمتي المهدي، إن
طال عمره أو قصر عمره يملك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين،
فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وتمطر السماء مطرها وتخرج الأرض
بركتها. قال: وتعيش أمتي في زمانه عيشا لم تعشه قبل ذلك (2).
3 - وأخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن قال: ثنا معاوية، عن
موسى الجهني، عن زيد العمي، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: يملك المهدي سبع، ثمان، تسع سنين (3).

(1) مسند أحمد (3 / 26 / 27).
(2) مصنف ابن أبي شيبة. الجزء الثاني المجلد الثاني (321 ب).
(3) كتاب الفتن.
176

رجال الحديث:
(1) ابن نمير: هو عبد الله بن نمير (بضم النون مصغرا) الهمداني أبو
هشام الكوفي. ثقة صاحب حديث من أهل السنة. من كبار التاسعة
(ع) وثقه يحيى بن معين وأبو حاتم وابن حبان وابن سعد والعجلي
وغيرهم.
(2) موسى الجهني: هو موسى بن عبد الله ويقال ابن عبد الرحمن
الجهني أبو سلمة الكوفي. ثقة عابد. من السادسة (م ت س. ق).
وثقه يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وابن معين والنسائي
والعجلي وابن حبان وغيرهم (1).
(3) زيد العمي: هو زيد بن الحواري أبو الحواري العمي، البصري.
قاضي هراة. يقال اسم أبيه مرة. ضعيف (2). وقد سمي العمي لأنه
كلما سئل عن شئ قال: حتى أسأل عمي. وإليك أقوال الأئمة
فيه:
قال الحسن بن سفيان (3): ثقة.
وقال أحمد بن حنبل: صالح روى عنه سفيان وشعبة وهو فوق
يزيد الرقاشي وفوق فضل بن عيسى.
وقال أبو بكر البزار: صالح روى عنه الناس.

(1) التاريخ الكبير (3 / 1 / 216)، الجرح والتعديل (2 / 2 / 186)، تقريب التهذيب (1 /
457)، تهذيب التهذيب (6 / 58).
(2) التاريخ الكبير (4 / 1 / 288)، الجرح والتعديل (4 / 1 / 149)، تقريب التهذيب (2 /
285)، تهذيب التهذيب (10 / 254).
(3) الحافظ الإمام شيخ خراسان أبو العباس الحسن بن سفيان الشيباني النسوي صاحب
المسند الكبير والأربعين. توفي سنة 303 ه‍. تذكرة الحفاظ (2 / 705).
177

قال الدارقطني: صالح وضعفه النسائي.
وقال السعدي: متماسك.
وقال ابن معين: صالح. وقال أيضا: زيد لا شئ. وقال: ضعيف
يكتب حديثه.
قال النسائي: ضعيف.
قال ابن سعد: كان ضعيفا في الحديث.
وقال ابن المديني: كان ضعيفا عندنا.
وقال العجلي: بصري ضعيف الحديث وليس بشئ.
وقال أبو داود: حدث عنه شعبة وليس بذاك. وقال أيضا: ما
سمعت إلا خيرا.
وقال أبو زرعة: زيد العمي ليس بقوي واهي الحديث ضعيف.
وقال ابن عدي: هو في جملة الضعفاء يكتب حديثه على ضعفه.
وقال أيضا: عامة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء هو وهم، على
أن شعبة قد روى عنه كما ذكرت ولعل شعبة لم يرو عن أضعف
منه.
وقال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة لا أصول لها حتى
يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها. وكان يحيى يمرض القول فيه
وهو عندي لا يجوز الاحتجاج بخبره ولا كتبه إلا للاعتبار (1).
(4) أبو الصديق الناجي: بكر بن عمرو. ثقة: تقدم.

(1) التاريخ الكبير (2 / 1 / 392)، الجرح والتعديل (1 / 2 / 560)، الكامل لابن عدي.
كتاب المجروحين (1 / 306)، ميزان الاعتدال (2 / 102)، تهذيب التهذيب (3 /
408)، تقريب التهذيب (1 / 274).
178

(5)
أبو سعيد الخدري: صحابي.
وبالنظر في رجال الإسناد تبين أنهم كلهم ثقات ما عدا زيد العمي
وجمهور الأئمة على تضعيفه، إلا أنه ليس شديد الضعف بحيث يترك
حديثه بل هو صالح للاعتبار.
ولحديثه هذا شواهد كثيرة، ومن شواهده ما رواه أبو بكر بن أبي
شيبة عن مجاهد قال: حدثني فلان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث
12) وفيه: " وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض من نباتها
وتمطر السماء مطرها، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط ".
ومن شواهده أيضا الحديث السابق (الحديث 3).
وقد رواه زيد العمي نفسه بألفاظ أخر وفيها جمل لم يتابع عليها ولم
أجد لها شواهد. ولذلك أوردتها في قسم الأحاديث الضعيفة. والله أعلم.
النتيجة:
الحديث حسن لشواهده.
179

(6) عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا.
فيقول: لا، إن بعضهم أمير بعض. تكرمة الله لهذه الأمة ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه الحارث بن أبي أسامة (1) في مسنده قال: حدثنا
إسماعيل بن عبد الكريم حدثنا إبراهيم بن عقيل، عن أبيه، عن وهب بن
منبه، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره (2).
(2) وأخرجه أبو نعيم في " أخبار المهدي " كما ذكره السيوطي في
العرف الوردي (3).
رجال الحديث:
(1) إسماعيل بن عبد الكريم: بن معقل بن منبه، أبو هاشم الصنعاني،
صدوق. من التاسعة (د. فق). توفي 210 ه‍.
قال ابن معين: ثقة رجل صدق. وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال مسلمة بن قاسم: جائز الحديث. وذكره ابن حبان في
الثقات (4).

(1) الإمام الحافظ أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة داهر التميمي البغدادي
صاحب المسند. ولد سنة 186 ه‍، وتوفي 282 ه‍. تذكرة الحفاظ (2 / 619).
(2) المنار المنيف (ص 147 / 148).
(3) الحاوي (2 / 134).
(4) الجرح والتعديل (1 / 1 / 187)، تقريب التهذيب (1 / 72)، تهذيب التهذيب (1 /
315).
180

(2) إبراهيم بن عقيل: بن معقل الصنعاني. صدوق. من الثامنة (د).
قال ابن معين: إبراهيم ثقة وأبوه ثقة. وقال أيضا: لم يكن به
بأس. وكذلك وثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات (1).
(3) عقيل بن معقل به منبه اليماني. ابن أخي وهب. صدوق. من
السابعة (د).
قال أحمد: عقيل من ثقاتهم. وقال أيضا: قرأ عقيل بن معقل
التوراة والإنجيل. ووثقه أيضا ابن معين وغيره وذكره ابن حبان في
الثقات (2).
(4) وهب بن منبه: بن كامل اليماني. أبو عبد الله الأبناوي. ثقة. من
الثالثة (خ م د ت س فق) مات سنة بضع عشرة ومائة.
وثقه العجلي وأبو زرعة والنسائي وذكره ابن حبان في الثقات، وشذ
عمرو بن علي الفلاس فقال: كان ضعيفا. قال الذهبي: من أحبار
علماء التابعين ولد في آخر خلافة عثمان وكان ثقة صادقا كثير النقل
من كتب إسرائيليات. توفي سنة 114 ه‍ (3).
(5) جابر: بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري. صحابي جليل
غزا تسع عشرة غزوة ومات بالمدينة (ع).
توفي بعد السبعين 73 أو 77 أو 78 أو بعد ذلك (4).
وهكذا تبين أن هذا الإسناد رجاله كلهم ثقات. ولكن قال ابن

(1) تقريب التهذيب (1 / 40)، تهذيب التهذيب (1 / 146).
(2) تقريب التهذيب (2 / 29)، تهذيب التهذيب (7 / 255)، الكاشف (2 / 275).
(3) ميزان الاعتدال (4 / 352)، تقريب التهذيب (2 / 339)، تهذيب التهذيب (11 /
168).
(4) تقريب التهذيب (1 / 122)، تهذيب التهذيب (2 / 42).
181

معين: لم يلق وهب بن منبه جابر بن عبد الله ولكن ينبغي أن
تكون صحيفة وقعت إليه (1). وقال ابن معين أيضا في إسماعيل بن
عبد الكريم: ثقة رجل صدق والصحيفة التي يرويها عن وهب عن
جابر ليست بشئ إنما هو كتاب وقع إليهم ولم يسمع وهب عن
جابر شيئا (2).
وعلى هذا فهذا الإسناد منقطع. ولكن يندفع هذا بثبوت سماع وهب
عن جابر بن عبد الله. فقد قال المزي: وقد روى ابن خزيمة في صحيحه
عن الذهلي عنه (أي إسماعيل بن عبد الكريم) عن إبراهيم بن عقيل عن
وهب قال هذا ما سألت جابر بن عبد الله فذكر حديثا. قال: فهذا إسناد
صحيح وفيه رد على من قال: إنه لم يسمع من جابر (3). وكذلك ذكر
البخاري عن جابر تعليقا قال: كانت الطواغيت التي يتحاكمون إليها في
جهينة واحد، وفي أسلم واحد، وفي كل حي واحد. وقد رواه ابن أبي
حاتم موصولا عن وهب بن منبه قال: سألت جابر بن عبد الله عن
الطواغيت فذكر مثله (4).
وبناء على هذا فالإسناد متصل ورجاله رجال الصحيح. والله أعلم
وقال ابن القيم " هذا إسناد جيد " (5).
النتيجة:
إسناده صحيح.

(1) المراسيل (ص 137).
(2) تهذيب التهذيب (1 / 316).
(3) تهذيب التهذيب (1 / 316).
(4) فتح الباري (8 / 252) تفسير سورة النساء. باب وإن كنتم مرضى أو على سفر...
إلخ.
(5) المنار المنيف (ص 148).
182

وإسماعيل بن عبد الكريم وإبراهيم بن عقيل وعقيل بن معقل، وإن
كان ابن حجر قال في كل واحد منهم " صدوق " إلا أنهم ثقات بتوثيق
الأئمة لهم وحديثهم لا ينزل عن درجة الصحيح والله أعلم.
وقد أخرجه أبو عمر والداني أيضا في السنن الواردة في الفتن ولكن
في إسناده من لم أعرفهم وسيأتي في القسم الثاني من هذا الكتاب إن
شاء الله.
183

(7) عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد
منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا
لم يقتله قوم ".
ثم ذكر شيئا لا أحفظه. فقال:
" فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة
الله المهدي ".
تخريج الحديث:
(ألف)
(1) أخرجه ابن ماجة في سننه قال: حدثنا محمد بن يحيى، وأحمد بن
يوسف، قالا: ثنا عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن خالد
الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره (1).
(2) وأخرجه الحاكم أيضا في المستدرك قال: أخبرنا أبو عبد الله الصفار،
ثنا محمد بن إبراهيم بن أرومة، ثنا الحسين بن حفص، ثنا سفيان،
عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم
ابن خليفة ثم لا يصير إلى أحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل
المشرق فيقاتلونكم قتالا لم يقاتله قوم. ثم ذكر شيئا فقال: إذا رأيتموه
فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي (2).

(1) سنن ابن ماجة (2 / 1367) حديث رقم 4084.
(2) المستدرك (4 / 463).
184

(3) وأخرجه أبو عمرو الداني في سننه قال: حدثنا حمزة بن علي،
حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عثمان بن إسماعيل السكري،
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان
الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن ثوبان قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقتتل عند كنزكم نفر ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم
لا يصير الملك إلى أحد منهم. ثم تقبل الرايات السود من قبل
خراسان، فائتوها ولو حبوا على الركب فإن فيها خليفة الله
المهدي " (1).
(4) وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة قال: أخبرنا علي بن أحمد سويد
الشبامي، حدثنا عبد الرزاق. (ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ،
أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن مخلد بن أبان الجوهري ببغداد،
حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا يعقوب بن
حميد بن كاسب، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري عن خالد
الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقتتل عند كنزكم هذه ثلاثة كلهم ولد خليفة، لا
تصير إلى واحد منهم. ثم تقبل الرايات السود من خراسان
فيقتلونكم مقتلة لم تروا مثلها ". ثم ذكر شيئا: " فإذا كان ذلك فائتوه
ولو حبوا على الثلج فإن خليفة الله ".
وفي رواية عبدان: " ثم تجئ الرايات السود فيقتلونكم قتلا لم يقتله
قوم. ثم يجئ خليفة الله المهدي. فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه فإنه
خليفة الله المهدي " (2).

(1) السنن الواردة في الفتن (5 / 1032) حديث رقم 548.
(2) دلائل النبوة (6 / 515) ولكنه ذكره في باب: " ما جاء في الأخبار عن ملك بني
عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ". فلعله حمله على المهدي العباسي، خلافا
لغيره من العلماء.
185

(5) وقال البيهقي أيضا: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو حامد
أحمد بن محمد بن الحسين الخسروجردي، حدثنا موسى بن عبد
المؤمن، حدثنا أبو جعفر محمد بن مسعود، أخبرنا عبد الرزاق،
فذكره بإسناده ومعناه. وقال: " فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على
الثلج فإنه خليفة الله المهدي ". تفرد به عبد الرزاق عن الثوري.
(6) وأخرجه أبو نعيم أيضا في أخبار المهدي كما ذكره السيوطي (1).
(ب)
(7) وأخرج آخره الإمام أحمد في مسنده: ثنا وكيع، عن شريك، عن
علي بن زيد، عن أبي قلابة، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها فإن فيها
خليفة الله المهدي (2).
(8) وأخرجه البيهقي أيضا فقال بعد إخراجه بالإسناد السابق: وروي من
وجه آخر عن أبي قلابة وليس بالقوي: أنا علي بن أحمد بن عبدان
أنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا محمد بن غالب ثنا كثير بن يحيى ثنا
شريك عن علي بن زيد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقبلت الرايات السود من عقب
خراسان فأتوها ولو حبوا فإن فيها خليفة الله المهدي (3).
(9) وعن طريق أحمد أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (4).
(10) وذكره الديلمي في الفردوس بلفظ: إذا رأيتم الرايات السود قد

(1) الحاوي (2 / 127).
(2) مسند أحمد (5 / 277).
(3) دلائل النبوة (6 / 516) وذكره عنه ابن كثير في البداية والنهاية (6 / 245).
(4) العلل المتناهية (147 ب)، ومختصر العلل (75 ب).
186

جاءت من قبل خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي (1) وهو
في كنز العمال بلفظ " ستطلع عليكم رايات سود من قبل خراسان
فأتوها ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله تعالى المهدي " (2).
(11) وعزاه السيوطي إلى أبي نعيم في أخبار المهدي ونعيم بن حماد في
الفتن (3).
رجال الحديث:
(1) محمد بن يحيى: بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري. ثقة
حافظ جليل. من الحادية عشرة (خ 4).
اتفق الأئمة على توثيقه والثناء عليه. وروى عنه البخاري أربعة
وثلاثين حديثا (4).
(2) أحمد بن يوسف: بن خالد الأزدي، أبو الحسن النيسابوري
المعروف بحمدان. حافظ ثقة من الحادية عشرة (س ق) (5).
(3) عبد الرزاق: بن همام بن نافع الحميري، مولاهم. أبو بكر
الصنعاني. ثقة حافظ شهير. عمي في آخر عمره فتغير. وكان
يتشيع. من التاسعة (ع). وكان يدلس (6).

(1) الفردوس (107 ألف).
(2) كنز العمال (7 / 187) ونسبه إلى أبي هريرة بهذا اللفظ وعزاه إلى أحمد والترمذي،
ولكني لم أجد هذا اللفظ عنه وإنما روى بنحوه كما سيأتي.
(3) الحاوي (2 / 133)، ونسبه إلى نعيم بن حماد ولكنه في كتابه عن ثوبان موقوفا.
وسيأتي في القسم الثاني من الكتاب.
(4) الجرح والتعديل (4 / 1 / 125)، تاريخ بغداد (3 / 415)، تذكرة الحفاظ (2 / 530)،
الكاشف (3 / 107)، تقريب التهذيب (2 / 217)، تهذيب التهذيب (9 / 511).
(5) تقريب التهذيب (1 / 29).
(6) الجرح والتعديل (3 / 1 / 39)، تذكرة الحفاظ (1 / 394)، ميزان الاعتدال (2 / 609)،
تقريب التهذيب (1 / 505)، تهذيب التهذيب (6 / 310)، الاغتباط بمعرفة من رمى
بالاختلاط (ص 17).
187

ثم التقى معه إسناد الحاكم في سفيان الثوري... الخ.
(4) سفيان: بن سعيد بن مسروق الثوري. أبو عبد الله الكوفي. ثقة
حافظ فقيه عابد إمام حجة. من رؤوس الطبقة السابقة. توفي
161 ه‍. كان ربما دلس (1).
(5) خالد الحذاء: هو خالد بن مهران أبو المنازل الحذاء. ثقة يرسل.
من الخامسة. توفي 141 ه‍. وقد أشار حماد بن زيد إلى أن حفظه
تغير لما قدم من الشام. وعاب عليه بعضهم دخوله في عمل
السلطان (ع). ولكن قال الذهبي: ما خالد في الثبت بدون
هشام بن عروة وأمثاله. وقال في الكاشف: ثقة إمام (2).
(6) أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجرمي. البصري.
ثقة فاضل، كثير الإرسال. قال العجلي: فيه نصب يسير. من
الثالثة. مات بالشام هاربا من القضاء سنة 104 ه‍ وقيل بعدها (ع).
قال الذهبي: ثقة في نفسه إلا أنه يدلس عمن لحقهم وعمن لم
يلحقهم وكان له صحف يحدث منها ويدلس. وذكره الحفاظ ابن
حجر في المرتبة الأولى من المدلسين (3).
(7) أبو أسماء الرحبي: عمرو بن مرثد الدمشقي يقال اسمه عبد الله.
ثقة. من الثالثة. مات في خلافة عبد الملك (بخ م 4) (4).

(1) تقريب التهذيب (1 / 311).
(2) الكاشف (1 / 274)، ميزان الاعتدال (1 / 642)، تقريب التهذيب (1 / 219)، تهذيب
التهذيب (3 / 120).
(3) ميزان الاعتدال (2 / 426)، تقريب التهذيب (1 / 417)، وطبقات المدلسين (ص
6)، تهذيب التهذيب (5 / 226).
(4) تقريب التهذيب (2 / 78).
188

(8) ثوبان الهاشمي: مولى النبي صلى الله عليه وسلم. صحبه ولازمه ونزل بعده الشام.
مات بحمص سنة 54 ه‍. (بخ م 4) (1).
(ب)
(1) وكيع: بن الجراح بن مليح الرؤاسي. ثقة حافظ عابد. من كبار
التاسعة. مات في آخر 196 ه‍ أو أول 197 ه‍. وله سبعون سنة
(ع) (2).
(2) شريك: بن عبد الله النخعي الكوفي. القاضي بواسط ثم الكوفة،
صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة. وكان
عادلا فاضلا عابدا شديدا على أهل البدع. من الثانية. مات 177
أو 178 ه‍. (خت م 4). وصفه الدارقطني وعبد الحق الإشبيلي
بالتدليس وذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثانية (3).
(3) علي بن زيد: بن جدعان التيمي البصري. ضعيف من الرابعة مات
131 ه‍ أو قبلها (بخ م 4) (4).
وبقية رجاله هم رجال الطريق الأول.
وبالنظر في رجال الأسانيد تبين أن طريق أحمد والبيهقي (قسم ب)
فيه شريك بن عبد الله وعلي بن زيد بن جدعان وهما ضعيفان. وقد سقط
أبو أسماء بين أبي قلابة وثوبان في إسناد أحمد ولكنه ذكر في إسناد
البيهقي. وبهذا الطريق أي طريق أحمد: أورده ابن الجوزي في العلل
المتناهية في الأحاديث الواهية وقال: فيه علي بن زيد بن جدعان قال

(1) تقريب التهذيب (1 / 120)، تجريد أسماء الصحابة (1 / 70).
(2) تقريب التهذيب (2 / 331).
(3) تقريب التهذيب (1 / 351)، تهذيب التهذيب (4 / 334)، طبقات المدلسين (ص 11).
(4) تقريب التهذيب (2 / 37).
189

أحمد ويحيى: ليس بشئ (1). وضعفه البيهقي فقال: " ليس بالقوي ".
وذكره ابن القيم في المنار المنيف وقال: فيه علي بن زيد وقد روى
له مسلم متابعة ولكن هو ضعيف وله مناكير تفرد بها فلا يحتج بما يتفرد
به (2).
وذكره الذهبي في الميزان وقال: أراه منكرا. وقد رواه الثوري وعبد
العزيز بن المختار عن خالد الحذاء عن أبي قلابة فقال: عن أسماء عن
ثوبان. انتهى (3).
ويظهر من كلامه أنه يريد النكارة في هذا الإسناد لا المتن نفسه
حيث قال: " فقال عن أسماء عن ثوبان " وذلك لأن أبا أسماء سقط من
إسناد أحمد. والله أعلم.
وأورده في المشكاة فقال: رواه أحمد والبيهقي في دلائل النبوة فقال
الألباني في تعليقه: وإسنادهما ضعيف (4).
ورمز له السيوطي بالصحة (5) ولعله لشواهده.
وأما طريق ابن ماجة فرجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين،
ولكن فيه كما قال ابن خلدون: " أبا قلابة الجرمي وذكر الذهبي وغيره أنه
مدلس وفيه سفيان الثوري وهو مشهور بالتدليس وكل واحد منهما قد عنعن
ولم يصرح بالسماع فلا يقبل. وفيه عبد الرزاق بن همام وكان مشهورا
بالتشيع وعمي في آخر وقته فاختلط. قال ابن عدي: حدث بأحاديث في

(1) العلل المتناهية (147 ب).
(2) المنار المنيف (ص 149).
(3) ميزان الاعتدال (3 / 128). وقوله " أسماء " كذا في الميزان ولعل الصواب " أبي
أسماء ".
(4) مشكاة المصابيح (3 / 26).
(5) فيض القدير (1 / 363).
190

الفضائل لم يوافقه عليها أحد ونسبوه إلى التشيع " (1).
وقد ضعفه الألباني أيضا لأجل عنعنة أبي قلابة (2).
فأما اختلاط عبد الرزاق فلا يضر في صحة هذا الإسناد. فقد كان
اختلاطه بعد سنة مائتين (3) والظاهر أن سماع الذهلي وأحمد بن يوسف
السلمي كان قبل الاختلاط، فقد قال ابن حجر: " احتج به (عبد الرزاق)
الشيخان في جملة من حديث من سمع منه قبل الاختلاط " (4). ولذلك
أخرج البخاري لمحمد بن يحيى الذهلي عن عبد الرزاق وأخرج مسلم
لأحمد بن يوسف السلمي عن عبد الرزاق (5) وقد قال الذهلي في شيخه
عبد الرزاق:
" كان عبد الرزاق أيقظهم في الحديث وكان يحفظ " (6). ويظهر من
هذا واضحا أن الذهلي سمع منه قبل اختلاطه وإلا لم يشهد لحفظه بهذا
الأسلوب. والله أعلم.
وأما عنعنة أبي قلابة وسفيان الثوري وهما من المدلسين، فلا تضر
في صحة الإسناد أيضا لأن المدلسين ليس كلهم على حد سواء عند
المحققين. وقد رتبهم الحافظ ابن حجر في كتابه طبقات المدلسين على
خمس مراتب. الأولى: من لم يوصف بذلك إلا نادرا. والثانية: من
احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في
جنب ما روى كالثوري أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة (7).

(1) تاريخ ابن خلدون (1 / 571، 572).
(2) الضعيفة (1 / 101).
(3) حلية الأولياء (9 / 184)، هدي الساري (ص 419).
(4) هدي الساري (ص 419).
(5) التقييد والإيضاح (ص 460).
(6) تهذيب التهذيب (6 / 314).
(7) طبقات المدلسين (ص 2).
191

وذكر أبا قلابة في المرتبة الأولى (1) وسفيان الثوري في المرتبة
الثانية (2) وذكر عن البخاري أنه قال في سفيان: ما أقل تدليسه. وبناء على
هذا فعنعنتهما لا تضر.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي
أيضا (3).
وقال ابن كثير: تفرد به ابن ماجة. وهذا إسناد قوي صحيح (4).
وقال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات (5).
النتيجة:
إسناده صحيح.
قال ابن كثير: وهذه الرايات ليست هي الرايات التي أقبل بها أبو
مسلم الخراساني فاستلب بها دولة بني أمية في 132 ه‍ بل رايات سود أخر
تأتي بصحبة المهدي وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه (6).
ورأى بعض العلماء أن هذا الحديث قد وضع للعباسيين إشارة إلى
شارتهم " السواد " وبدأ يطعن في عبد الرزاق (7).

(1) المصدر السابق (ص 6).
(2) المصدر السابق (ص 10).
(3) المستدرك (4 / 464).
(4) الفتن والملاحم (1 / 31).
(5) الزوائد (ق 249 / 2) كما ذكره الألباني في الضعيفة (1 / 102) ومحمد فؤاد عبد
الباقي في تحقيقه لابن ماجة (2 / 1367). ثم رأيته في مصباح الزجاجة (4 / 203 -
204).
(6) الفتن والملاحم (1 / 31).
(7) تفسير المنار (9 / 503).
192

ولكن هذا الزعم ليس بصحيح، فعبد الرزاق ثقة عند المحدثين
ورواية من سمع منه قبل الاختلاط صحيحة. ثم إن مدار الحديث ليس
على عبد الرزاق فقط بل لا يوجد عبد الرزاق أصلا في رواية أحمد
والحاكم ورواية البيهقي الثانية.
ومما يدل على بطلان هذا الزعم أننا قد وجدنا في التاريخ من يدعي
" أنه صاحب الرايات السود " قبل عصر العباسيين. وهو الحارث بن سريج
وقد تقدم ذكره في مقدمة هذا الكتاب وأنه كان يدعي أنه صاحب الرايات
السود، وكان قد قتل في سنة 128 ه‍ في عصر الخليفة الأموي مروان
الحمار فهذا يدل على أن هذا الحديث كان معروفا قبل عصر العباسيين
ولعلهم قد اتخذوا السواد شارة لهم ليطبقوا هذا الحديث على أنفسهم.
والله أعلم.
والإضافة في قوله " خليفة الله " إضافة تشريف مثل " بيت الله " و
" ناقة الله " و " أهل الله " وليست بمعنى النائب عن الله لأن الله سبحانه
وتعالى ليس له نائب.
وقد وردت كلمة " خليفة " في الأحاديث للدلالة على أمير المسلمين
مثل الحديث الآتي في الباب الثاني من هذا الكتاب " من خلفائكم خليفة
يحثو المال حثيا، لا يعده عدا " وقد أخرجه مسلم وغيره.
وحديث حذيفة الذي أخرجه أبو داود: إن الناس كانوا يسألون
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر إلخ وفيه " إن كان لله خليفة
في الأرض فضرب ظهرك الحديث " وهو حديث حسن كما في صحيح
سنن أبي داود (1) فاستخدمت كلمة " خليفة " لقبا لأمير المسلمين وأضيفت
إلى الله سبحانه وتعالى تشريفا وتكريما. والله أعلم.
وليس معنى هذا الحديث المبادرة إلى مبايعة كل راية سوداء خرجت

(1) صحيح سنن أبي داود (3 / 799) حديث 3569.
193

من قبل خراسان بل لابد من وجود العلامات الأخرى الدالة على المهدي
كما سيأتي في خاتمة الكتاب. ولذلك قال الإمام سفيان الثوري: " وإن مر
بك المهدي وأنت في البيت فلا تخرج إليه حتى يجتمع الناس ". كما مر
في ذكر العلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي.
194

(8) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" المهدي من عترتي من ولد فاطمة ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه أبو داود في السنن قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم،
حدثني عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر، عن
زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة
قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة.
قال عبد الله بن جعفر: وسمعت أبا المليح يثني على علي بن نفيل
ويذكر منه صلاحا (1).
(2) وأخرجه أيضا ابن ماجة في السنن قال: حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة، ثنا أحمد بن عبد الملك، ثنا أبو المليح الرقي، عن زياد بن بيان،
عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، قال: كنا عند أم سلمة فتذاكرنا
المهدي فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المهدي من ولد
فاطمة " (2).
(3) وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك قال: أخبرني أبو النصر
الفقيه، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا عبد الله بن صالح، أنا أبو المليح
الرقي، حدثني زياد بن بيان - وذكر من فضله - قال: سمعت علي بن نفيل
يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة تقول: سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يذكر المهدي فقال: " نعم هو حق وهو من بني فاطمة " (3).
(4) وأخرجه الحاكم أيضا من طريق آخر قال: وحدثناه أبو أحمد

(1) سنن أبي داود طبعة عبد الحميد (4 / 107)، عون المعبود (11 / 373، 374).
(2) سنن ابن ماجة (2 / 1368) حديث رقم 4086.
(3) المستدرك (4 / 557).
195

بكر بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي،
ثنا عمرو بن خالد الحراني، ثنا أبو المليح، عن زياد بن بيان، عن
علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم المهدي فقال: " هو من ولد فاطمة " (1).
(5) وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير قال: قال عبد الغفار بن
داود: حدثنا أبو المليح الرقي، سمع زياد بن بيان، وذكر من فضله سمع
علي بن نفيل جد النفيلي، سمع سعيد بن المسيب، عن أم سلمة زوج
النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: " المهدي حق وهو من ولد فاطمة " (2).
(6) وأخرجه العقيلي في الضعفاء قال: حدثنا هارون بن كامل قال:
حدثنا علي بن معبد بن شداد قال: حدثنا أبو المليح، عن زياد بن بيان
عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي من ولد فاطمة " (3).
(7) وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير قال: حدثنا الحسين بن
إسحاق، ثنا عبد السلام بن عبد الحميد، ثنا أبو المليح الرقي، عن
زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة
قالت: ذكر المهدي عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " من ولد فاطمة رضي الله
عنها " (4).
(8) وأخرجه أيضا ابن عدي في الكامل قال: ثنا الحسين بن عبد الله
القطان وجعفر بن أبي أحمد الوزان الحراني قالا: ثنا علي بن جميل، ثنا
أبو المليح، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب،
عن أم سلمة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " المهدي من عترتي، من

(1) المصدر المذكور (4 / 557).
(2) التاريخ الكبير (2 / 1 / 346).
(3) الضعفاء للعقيلي (ص 139 / 140)، وأيضا (ص 300).
(4) المعجم الكبير (23 / 267).
196

ولد فاطمة " (1).
وأخرجه أيضا بسند آخر عن علي بن نفيل به.
(9) وذكره الذهبي أيضا في التذكرة بسنده عن الحسن بن أحمد
البزار قال: أنا أحمد بن محمد القطان أنا أبو جعفر محمد بن غالب
حدثني أحمد بن عبد الملك الحراني، أنا أبو المليح الرقي، عن زياد بن
بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المهدي من ولد فاطمة عليها السلام " (2).
(10) وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية بسنده عن أبي أحمد
محمد بن عبد الله بن جامع قال: نا أبو علي محمد بن سعيد الحراني،
قال: نا عبد الملك الميموني، قال: نا أحمد بن عبد الملك بن واقد،
قال: نا أبو المليح الرقي، عن زياد بن بيان، شيخ من أهل الرقة، عن
علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة قالت: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المهدي من ولد فاطمة عليها السلام ".
ورواه أيضا عن طريق أبي داود والعقيلي (3).
(11) وأخرجه أيضا أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن "
(99 - 100) كما ذكره الألباني (4). ثم رأيته في كتاب الداني قال: حدثنا
ابن عفان، حدثنا أحمد، حدثنا سعيد، حدثنا نصر، حدثنا علي، حدثنا
أبو المليح، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب،

(1) الكامل ط (3 / 1053).
(2) تذكرة الحفاظ (2 / 463).
(3) العلل المتناهية (147 ب) وتلخيص العلل المتناهية للذهبي (75 ب).
(4) سلسلة الأحاديث الضعيفة (1 / 108) تحت حديث رقم 80. ووقع في كنز العمال
عزوه إلى مسلم. وهذا تصحيف أو وهم إذ لا وجود له في صحيح مسلم والله
أعلم.
197

عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي من ولد فاطمة " (1).
(12) وقال في موضع آخر: حدثنا حمزة بن علي، حدثنا
عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن أحمد بن علي النسائي، حدثنا
محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي، حدثنا سعيد بن واقد الحراني، حدثنا
أبو المليح الحسن بن عمرو الرقي، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل،
عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي
من عترتي من ولد فاطمة " (2).
(13) وأخرجه في موضع ثالث أيضا قال: حدثنا ابن عفان، حدثنا
قاسم، حدثنا ابن أبي خيثمة، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أبو المليح،
عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم
سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المهدي من عترتي من ولد
فاطمة " (3).
رجال الحديث:
(1) أحمد بن إبراهيم: بن كثير بن زيد الدورقي. النكري. أبو عبد الله
البغدادي. ثقة حافظ. من العاشرة. توفي 246 ه‍. (م د ت ق).
وثقه صالح جزره والعقيلي والخليلي وابن حبان وقال أبو حاتم:
صدوق (4).

(1) السنن الواردة في الفتن (5 / 1049) حديث 565.
(2) المصدر السابق (5 / 1057) حديثا 575.
(3) المصدر السابق (5 / 1061) حديث 581.
(4) التاريخ الكبير (1 / 2 / 6)، الجرح والتعديل (1 / 1 / 39)، تاريخ بغداد (4 / 6)، تذكرة
الحفاظ (2 / 555)، الكاشف (1 / 50) تقريب التهذيب (1 / 9)، تهذيب التهذيب
(1 / 10).
198

(2) عبد الله بن جعفر: بن غيلان الرقي، أبو عبد الرحمن القرشي،
مولاهم. ثقة. لكنه تغير بآخره فلم يفحش اختلاطه توفي 220 ه‍
من العاشرة (ع).
وثقه أبو حاتم وابن معين والعجلي وقال النسائي: ليس به بأس قبل
أن يتغير.
قال هلال بن العلاء: ذهب بصره سنة 16 وتغير سنة 18 ومات
سنة 220 ه‍.
ذكره ابن حبان في الثقات وقال: لم يكن اختلاطه فاحشا ربما
خالف. قال الذهبي في الميزان: أحد العلماء الثقات (1).
ومع أن اختلاطه لم يكن فاحشا ولا يحتاج إلى متابعة لم ينفرد
بهذه الرواية بل قد رواه أبو بكر بن أبي شيبة أيضا وهو ثقة حافظ
صاحب تصانيف عن أحمد بن عبد الملك وهو ثقة عن أبي
المليح، كما هو في إسناد ابن ماجة المذكور.
وبعد ما صح هذا الإسناد إلى أبي المليح فلا حاجة إلى الإطالة
بذكر ترجمة رجال بقية الطرق لأنها كلها تلتقي في أبي المليح
الحسن بن عمر الرقي عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل... الخ.
(3) أبو المليح الرقي: هو الحسن بن عمرو أو عمر بن يحيى الفزاري
مولاهم. ثقة. من الثامنة. مات 181 ه‍. وقد جاوز التسعين (خ د
س ق).
وثقه أبو زرعة وابن معين والدارقطني وذكره ابن حبان في الثقات.
قال أحمد: ثقة ضابط الحديث صدوق وهو عندي أضبط من

(1) الجرح والتعديل (2 / 2 / 23)، ميزان الاعتدال (2 / 403)، تقريب التهذيب (1 /
406)، تهذيب التهذيب (5 / 173).
199

جعفر بن برقان. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه (1).
(4) زياد بن بيان الرقي: صدوق عابد. من السادسة (د ق). أثني عليه
أبو المليح الراوي عنه. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن
حبان في الثقات وقال: كان شيخا صالحا. روى له أبو داود وابن
ماجة حديثا واحدا في المهدي.
قال الذهبي في الكاشف: صدوق قانت لله (2).
(5) علي بن نفيل: بن زارع النهدي، أبو محمد الجزري، الحراني، لا
بأس به، من السادسة، مات 125 ه‍ (د ق).
قال عبد الله بن جعفر الرقي سمعت أبا المليح الرقي يثني على
علي بن نفيل ويذكر منه صلاحا. قال أبو حاتم: لا بأس به.
وذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: ذكره العقيلي في كتابه
وقال: لا يتابع على حديثه في المهدي ولا يعرف إلا به. قال:
وفي المهدي أحاديث جياد من غير هذا الوجه (3).
(6) سعيد بن المسيب: بن حزن القرشي المخزومي. أحد العلماء
الأثبات الفقهاء الكبار. من كبار الثانية. اتفقوا على أن مرسلاته
أصح المراسيل. قال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما
منه. مات بعد 90 وقد ناهز الثمانين (ع) (4).

(1) التاريخ الصغير (ص 199)، التاريخ الكبير (1 / 2 / 299)، الجرح والتعديل (1 / 2 /
24)، الكاشف (1 / 225)، تقريب التهذيب (1 / 169)، تهذيب التهذيب (2 / 309).
(2) التاريخ الكبير (2 / 1 / 346)، الجرح والتعديل (1 / 2 / 525)، الكاشف (1 / 328)،
المغني في الضعفاء (1 / 242)، ميزان الاعتدال (2 / 87)، تقريب التهذيب (1 /
265)، تهذيب التهذيب (3 / 356).
(3) التاريخ الكبير (3 / 2 / 299)، الجرح والتعديل (3 / 1 / 206) الكاشف (2 / 297).
تقريب التهذيب (2 / 45)، تهذيب التهذيب (7 / 391).
(4) تقريب التهذيب (1 / 306).
200

(7) أم سلمة: هند بنت أبي أمية المخزومية. أم المؤمنين. من أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم. ماتت 72 ه‍ على الصحيح (1).
ولقد رأينا أن الحديث له طرق كثيرة تلتقي كلها في أبي المليح
الرقي. وقد فصلت الكلام في رجال إسناد أبي داود وتبين من خلال بحثنا
أن رجاله كلهم ممن يحتج بهم فزياد بن بيان وعلي بن نفيل صدوقان
والآخرون ثقات. ولكن قد ساق الإمام البخاري هذا الحديث في كتابه
التاريخ الكبير في ترجمة زياد بن بيان وقال: " في إسناده نظر " (2).
وقال العقيلي في ترجمة علي بن نفيل: لا يتابع على حديثه في
المهدي ولا يعرف إلا به (3). وتبعهما كثير من العلماء منهم ابن عدي
والمنذري وغيرهما (4).
وقال ابن الجوزي بعدما ذكر كلام العقيلي: وهو كلام معروف من
كلام سعيد بن المسيب والظاهر أن زياد بن بيان وهم في رفعه. قال ابن
عدي: زياد معروف بهذا الحديث وقد أنكره عليه البخاري (5). وذكر كلامه
هذا ضياء الدين الموصلي في كتابه " الوقوف على الموقوف " ساكتا
عليه (6). وقال الذهبي في ترجمة زياد بن بيان في الميزان إشارة إلى هذا
الحديث: " لم يصح حديثه " (7) وذكر كلام العقيلي أيضا في ترجمة علي بن
نفيل ساكتا عليه (8) وقال ابن خلدون: قد ضعفه أبو جعفر العقيلي وقال:

(1) المرجع السابق (2 / 617).
(2) التاريخ الكبير (1 / 2 / 346).
(3) الضعفاء (ص 140).
(4) مختصر سنن أبي داود (6 / 160).
(5) العلل المتناهية (148 ب).
(6) الوقوف على الموقوف (ق 10 - 11).
(7) ميزان الاعتدال (2 / 87)، المغني في الضعفاء (1 / 242).
(8) ميزان الاعتدال (3 / 160).
201

لا يتابع علي بن نفيل عليه ولا يعرف إلا به (1).
ومن هنا نرى أنهم لم يجدوا علة قادحة واضحة في هذا الحديث
ولذلك اختلفوا فمنهم من يرى أن زياد بن بيان واهم في هذا استئناسا
بقول البخاري. ومنهم من يرى أن النفيلي هو المتوهم تبعا للعقيلي.
ولكن إذا نظرنا في رجال الإسناد لا نرى فيهم مغمزا فكلهم من
الذين يحتج بأمثالهم لدى العلماء أما كلام العقيلي في علي بن نفيل بأنه لا
يتابع عليه فلا حاجة له إلى المتابعة. وأما قول البخاري في ترجمة زياد بن
بيان " في إسناد نظر " فليس جرحا في الراوي ولكنه يرى النظر في إسناد
الرواية. ولم أجد من فسر وجه النظر هذا سوى أشار إليه ابن الجوزي من
أنه كلام معروف لسعيد بن المسيب وأن زياد بن بيان وهم في رفعه.
وذكره المنذري أيضا دون أن يسمى قائله (2) وسيأتي كلام ابن المسيب هذا
في الآثار (برقم 17) وإسناده بمجموع طرقه حسن. إذن فليس هو أحسن
حالا من هذا الإسناد حتى يكون علة لتضعيف هذا الحديث. ولا منافاة
بين الروايتين فهذا القول من الأمور الغيبية التي لا يقول بها ابن المسيب
رحمه الله إلا إذا كان عنده خبر صحيح من الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم لا سيما
وأن ابن المسيب لم يعرف برواية الإسرائيليات ولا الأخذ من أهل الكتاب
فقول ابن المسيب جاء جوابا على استفسار عن المهدي وهل هو حق أم
لا؟ فأوضح بأنه حق وأنه من ولد فاطمة. وجاءت رواية علي بن نفيل
هذه فبينت الخبر الذي اعتمد عليه ابن المسيب رحمه الله في فتواه. فكلا
الخبرين عنه صحيح. والله أعلم.
وقد سكت عليه أبو داود. وقال في رسالته إلى أهل مكة: وما لم
أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض (3).

(1) تاريخ ابن خلدون (1 / 560).
(2) مختصر سنن أبي داود (6 / 160).
(3) رسالة أبي داود إلى أهل مكة (ص 27).
202

وأورده السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة (1).
وقال العزيزي في السراج المنير بشرح الجامع الصغير: " إسناده
حسن " (2).
وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: " هذا سند
جيد رجاله كلهم ثقات، وله شواهد كثيرة ". وكذلك في تعليقاته على
مشكاة المصابيح (3).
وقال في صحيح الجامع الصغير: " صحيح " (4).
النتيجة:
إسناده حسن.

(1) الجامع الصغير (ص 187)، فيض القدير (6 / 277).
(2) السراج المنير (4 / 530).
(3) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (1 / 93)، ومشكاة المصابيح (3 / 2).
(4) صحيح الجامع الصغير (6 / 22) حديث رقم 6610، وأحال إلى الروض النضير
(2 / 540).
203

الآثار
(9) عن علي قال:
" المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ".
تخريج الحديث:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال: وكيع عن ياسين عن
إبراهيم بن محمد عن أبيه عن علي مثله ولم يرفعه.
رجال الحديث:
(1) وكيع بن الجراح: ثقة. تقدمت ترجمته في رقم 1.
(2) ياسين بن شيبان أو سنان ويقال سيار العجلي: لا بأس به. تقدمت
ترجمته في رقم 1.
(3) إبراهيم بن محمد بن الحنفية: صدوق. تقدمت ترجمته في رقم 1.
(4) أبوه: محمد بن الحنفية: ثقة. تقدمت ترجمته في رقم 1.
وهكذا نرى أن إسناده حسن على الأقل. وقد روي مثله مرفوعا
أيضا عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم.
وقد تفرد وكيع بوقفه وقد خالفه جماعة من الثقات أبو داود الحفري
205

وأبو نعيم الفضل بن دكين، وعبد الله بن نمير الهمداني، وغيرهم فلا شك
أن رواية الجماعة أرجح من رواية الفرد. ولكن لو فرضنا أن ياسين
العجلي تردد في رفعه فرواه لوكيع موقوفا على علي رضي الله عنه فإنه
مرفوع حكما لأن مثل هذا لا يقال بالرأي. والله أعلم.
(10) عن محمد بن الحنفية قال: كنا عند علي رضي الله عنه فسأله رجل
عن المهدي فقال علي رضي الله عنه:
" هيهات ". ثم عقد بيده سبعا فقال:
" ذاك يخرج في آخر الزمان إذا قال الرجل الله، الله، قتل،
فيجمع الله تعالى له قوما قزع كقزع السحاب يؤلف الله بين
قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد ولا يفرحون بأحد يدخل
فيهم، على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم
الآخرون وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر ".
قال أبو الطفيل: قال ابن الحنفية: أتريده؟ قلت: نعم. قال: إنه
يخرج من بين هذين الخشبتين. قلت: لا جرم والله، لا أريمهما حتى
أموت فمات بها. يعني مكة حرسها الله تعالى.
تخريج الحديث:
أخرجه الحاكم في المستدرك قال: حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا عمرو بن محمد
العنقزي، ثنا يونس بن أبي إسحاق، أخبرني عمار الدهني، عن أبي
الطفيل، عن محمد بن الحنفية قال: فذكره (1).

(1) المستدرك للحاكم (4 / 554).
206

رجال الحديث:
(1) أبو العباس محمد بن يعقوب: هو الأصم. ثقة. تقدم في 4.
(2) الحسن بن علي بن عفان العامري: أبو محمد الكوفي. صدوق،
من الحادية عشرة. مات 270 ه‍. (د ق). وثقه الدارقطني
ومسلمة بن قاسم وابن حبان وقال ابن أبي حاتم: صدوق (1).
(3) عمرو بن محمد العنقزي: أبو سعيد الكوفي. ثقة، من التاسعة،
مات 99 ه‍ (خت م 4) وثقه النسائي وأحمد والعجلي. وقال ابن
معين: ليس به بأس (2).
(4) يونس بن أبي إسحاق: السبيعي. أبو إسرائيل الكوفي. صدوق يهم
قليلا. من الخامسة مات 152 ه‍. (زم 4). وثقه ابن معين وابن
سعد وابن حبان. وقال ابن مهدي والنسائي: لا بأس به. وقال
العجلي: جائز الحديث.
ولينه أبو حاتم وأبو أحمد الحاكم وقال ابن المديني عن يحيى:
كانت فيه غفلة شديدة.
وكان أحمد يضعف حديثه عن أبيه. وقال مرة: حديثه مضطرب.
ذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من المدلسين. قال الذهبي في
الكاشف: صدوق. وقال في الميزان: صدوق ما به بأس ما هو في
قوة مسعر ولا شعبة.
ومن هنا يتبين أن وهمه يسير ولا ينزل عن درجة الحسن والله أعلم (3).

(1) تقريب التهذيب (1 / 168)، تهذيب التهذيب (2 / 301).
(2) تقريب التهذيب (2 / 78)، تهذيب التهذيب (8 / 99).
(3) الكاشف (3 / 303)، ميزان الاعتدال (4 / 483)، تقريب التهذيب (2 / 384)، تهذيب
التهذيب (11 / 434)، طبقات المدلسين (ص 13).
207

(5) عمار الدهني: عمار بن معاوية، أبو معاوية البجلي، الكوفي
صدوق يتشيع. من الخامسة (م 4) (1). وثقه أحمد وابن معين وأبو
حاتم والنسائي وابن حبان. وقال سفيان: قطع بشر بن مروان
عرقوبيه في التشيع.
(6) أبو الطفيل: عامر بن واثلة. آخر من مات من الصحابة. ولد عام
أحد ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن أبي بكر فمن بعد. مات 110
على الصحيح (ع) (2).
(7) محمد بن الحنفية: ثقة عالم. تقدم في 1.
وبالنظر في رجال الحديث تبين أن رجاله ثقات والضعف في
يونس بن أبي إسحاق يسير لا يضر في صحة الحديث.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
وسكت عليه الذهبي (3). والحديث على شرط مسلم فقط. فإن يونس
وعمارا لم يخرج لهما البخاري.
النتيجة:
إسناده حسن.
(11) عن ابن عباس قال:
" منا ثلاثة: منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي ".

(1) تقريب التهذيب (2 / 48)، تهذيب التهذيب (7 / 406).
(2) تقريب التهذيب (1 / 389) وانظر الكاشف (2 / 58)، تهذيب التهذيب (5 / 82).
(3) المستدرك (4 / 554).
208

تخريج الحديث:
(ألف)
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال: وكيع، عن فضل بن
مرزوق، سمعه من ميسرة بن حبيب، عن المنهال، عن سعيد بن
جبير، عن ابن عباس قال: فذكره (1).
(2) وأخرجه أيضا الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد قال: أخبرني
علي بن أحمد الرزاز، أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد، حدثنا
محمد بن عثمان العبسي، حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا
فضيل بن مرزوق، عن ميسرة - يعني ابن حبيب -، عن المنهال -
يعني ابن عمرو -، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: منا
ثلاثة: منا المنصور ومنا السفاح ومنا المهدي (2).
(ب)
(3) وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة قال: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ،
وأبو بكر القاضي، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب،
حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا
ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال كنت عند
ابن عباس فتذاكروا المهدي، فقال: " يكون منا ثلاثة أهل البيت،
منا السفاح، والمنصور، والمهدي " (3).
(4) وأخرجه الخطيب أيضا بطريق آخر قال: أخبرني علي بن أحمد
الرزاز، قال: أنبأنا أحمد بن سلمان الفقيه قال: نبأنا أبو قلابة

(1) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
(2) تاريخ بغداد (5 / 391).
(3) دلائل النبوة (6 / 514).
209

الرقاشي قال: نبأنا علي بن الجعد قال: أنبأنا زهير بن معاوية، عن
مسيرة - يعني ابن حبيب - عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن
جبير قال: كنا عند ابن عباس فذكرنا المهدي وكان منضجعا
فاستوى جالسا فقال: منا السفاح ومنا المنصور ومنا المهدي (1).
رجال الحديث:
(1) وكيع بن الجراح الرؤاسي. ثقة حافظ عابد. تقدم في 7.
(2) فضيل بن مرزوق: الأغر، الرقاشي، الكوفي، أبو عبد الرحمن،
صدوق يهم. رمي بالتشيع. من السابعة.. مات في حدود 160
(ي م 4).
وثقه الثوري وابن عيينة وابن معين في رواية وقال في رواية أخرى:
صالح الحديث إلا أنه شديد التشيع. وقال أحمد: لا أعلم إلا
خيرا. وقال العجلي: جائز الحديث وكان فيه تشيع. وقال النسائي
وابن معين في رواية: ضعيف. وقال الحاكم: ليس هو من شرط
الصحيح وقد عيب على مسلم إخراجه لحديثه. قال ابن حبان في
الثقات: يخطئ، وقال في الضعفاء: منكر الحديث جدا كان ممن
يخطئ على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات وعن الثقات
الأشياء المستقيمة فاشتبه أمره (2).
(3) ميسرة بن حبيب: النهدي، أبو حازم الكوفي. صدوق. من السابعة
(بخ د ت س). وثقة أحمد وابن معين والعجلي والنسائي وآخرون
وقال أبو حاتم: لا بأس به (3).

(1) تاريخ بغداد (1 / 64).
(2) كتاب المجروحين (2 / 202)، تقريب التهذيب (2 / 113) تهذيب التهذيب (8 /
299).
(3) تقريب التهذيب (2 / 291)، تهذيب التهذيب (10 / 386).
210

(4) المنهال بن عمرو: الأسدي مولاهم، الكوفي. صدوق ربما وهم.
من الخامسة (خ 4). وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وابن حبان
وقال الدارقطني: صدوق. قال شعبة: أتيت منزل المنهال فسمعت
منه صوت الطنبور فرجعت. قال الجوزجاني: سئ المذهب.
قلت: والأولى أن يقال فيه: صدوق (1).
(5) سعيد بن جبير: الأسدي الكوفي، ثقة ثبت فقيه. قتل بين يدي
الحجاج سنة 95 ه‍ (2).
(6) ابن عباس: الصحابي المعروف.
(ب)
(1) أبو عبد الله الحافظ. محمد بن عبد الله النيسابوري، الحاكم
صاحب المستدرك. إمام حافظ ت 405 ه‍ (3).
(2) أبو بكر القاضي. أحمد بن الحسن الحرشي. النيسابوري، أثنى عليه
الحاكم وقال أبو بكر السمعاني: هو ثقة في الحديث. ت
421 ه‍ (4).
(3) أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، ثقة، تقدم في الحديث السابق.
(4) الحسن بن مكرم البغدادي البزاز، روى عن أبي النضر هاشم بن
القاسم وغيره. قال الخطيب: كان ثقة. ت 274 ه‍ (5).

(1) الكاشف (3 / 177)، المغني في الضعفاء (2 / 679)، ميزان الاعتدال (4 / 192)،
تقريب التهذيب (2 / 278)، تهذيب التهذيب (10 / 319).
(2) تقريب التهذيب (1 / 292).
(3) تاريخ بغداد (5 / 473)، تذكرة الحفاظ (3 / 1039). ميزان الاعتدال (3 / 608).
(4) سير أعلام النبلاء (17 / 356).
(5) تاريخ بغداد (7 / 432). شذرات الذهب (2 / 165).
211

(5) أبو النضر هاشم بن القاسم الليثي، مولاهم، البغدادي، مشهور
بكنيته، ثقة ثبت، من التاسعة. مات 207 ه‍ / ع (1).
(6) أبو خيثمة زهير بن معاوية بن حديج: الجعفي الكوفي. نزيل
الجزيرة. ثقة ثبت إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة. من
التاسعة. مات 172 ه‍ أو بعد ذلك (ع) (2).
وبقية رجاله هم رجال الطريق الأول.
فالإسناد الأول ضعيف لأجل فضيل بن مرزوق ولكن تابعه زهير بن
معاوية في الإسناد الثاني " إسناد البيهقي " وهو ثقة. وبقية رجاله كلهم ثقات
ما عدا المنهال بن عمرو ففيه كلام يسير لا يضر.
قال السيوطي: وأخرج الخطيب وابن عساكر وغيرهما من طريق
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: منا السفاح ومنا المنصور ومنا
المهدي. قال الذهبي: إسناده صالح (3).
وقد ورد مرفوعا أيضا ولكنه ضعيف كما سيأتي في القسم الثاني من
الكتاب.
النتيجة:
إسناده حسن ويمكن أن يقال فيه صحيح لأن الكلام في المنهال
يسير. والله أعلم.
ولكن الظاهر أن المراد من المهدي هنا هو المهدي العباسي. قال

(1) التقريب (2 / 314).
(2) المصدر السابق (1 / 265).
(3) تاريخ الخلفاء (ص 242).
212

ابن كثير: وقد نطقت هذه الأحاديث التي أوردناها آنفا بالسفاح والمنصور
والمهدي. ولا شك أن المهدي الذي هو ابن المنصور ثالث خلفاء بني
العباس ليس هو المهدي الذي وردت الأحاديث المستفيضة بذكره وأنه
يكون في آخر الزمان (1).
وقد ذكر ابن القيم بعض أدلة القائلين بمهدية " المهدي العباسي "
وضعفها ثم قال: وهذا والذي قبله لو صح لم يكن فيه دليل على أن
المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج آخر الزمان بل
هو مهدي من جملة المهديين (2).
(12) عن مجاهد قال حدثني فلان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
" إن المهدي لا يخرج حتى يقتل النفس الزكية فإذا قتلت النفس
الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض فأتى
الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها
وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض من نباتها وتمطر
السماء مطرها وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط ".
تخريج الحديث:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: عبد الله بن نمير قال: ثنا موسى
الجهني قال: حدثني عمر بن قيس الماحي (3) قال: حدثني مجاهد قال:
حدثني فلان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فذكره (4).

(1) البداية والنهاية (6 / 248).
(2) المنار المنيف (ص 150).
(3) كذا في الأصل " الماحي "، ولعل الصواب " الماصر " كما هو في التقريب والتهذيب
وغيرها. ثم رأيته في المطبوع من مصنف ابن أبي شيبة (15 / 199). على الصواب.
(4) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب) و (322).
213

رجال الحديث:
(1) عبد الله بن نمير: ثقة صاحب حديث من أهل السنة. تقدم في
الحديث 5.
(2) موسى الجهني: ثقة عابد. تقدم في الحديث 5.
(3) عمر بن قيس الماصر: أبو الصباح الكوفي. مولى ثقيف. ثقة (بخ د).
وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو داود وأحمد بن صالح وذكره ابن
حبان في الثقات. قال ابن حزم: عمر بن قيس: مجهول. وعلق
عليه ابن حجر فقال: " فما أدري أراد هذا أم غيره ". قال الذهبي:
ثقة مرجئ. وقال ابن حجر في التقريب: " صدوق ربما وهم " (1).
(4) مجاهد بن جبر: أبو الحجاج المخزومي. مولاهم المكي. ثقة إمام
في التفسير والعلم. من الثالثة. مات 101 أو بعده وله 83 سنة
وهو وإن كان قد أرسل عن بعض الصحابة ولكنه قد صرح
بالتحديث هنا (2).
النتيجة:
إسناده صحيح. رجاله كلهم ثقات.
ومجاهد لم يصرح هنا باسم الصحابي، ولكنه سمع من جماعة من
الصحابة رضي الله عنهم.
قال البرزنجي: النفس الزكية هذا غير النفس الزكية الذي قتل في
زمن المنصور العباسي قتله موسى بن عيسى عم المنصور (3).

(1) الكاشف (2 / 319)، تقريب التهذيب (2 / 62)، تهذيب التهذيب (7 / 490).
(2) تقريب التهذيب (2 / 229)، تهذيب التهذيب (10 / 42).
(3) الإشاعة (ص 114).
214

قلت: ولعله قد لقب بهذا اللقب بسبب ورود هذه الكلمة في هذا
الحديث كما تلقب بالمهدي أملا بأن يكون هو المبشر به. والظاهر أن
هذه الكلمة وردت في هذا الحديث بمعناها اللغوي ولا يراد بها شخص
معين كما في قوله تعالى في سورة الكهف: * (قال أقتلت نفسا زكية بغير
نفس) * الآية. وهو يتفق بهذا المعنى مع الأحاديث الأخرى التي تدل على
أن ظهور المهدي يكون بعدما تملأ الأرض ظلما وجورا ويتفق مع أثر علي
رضي الله عنه المتقدم بأن المهدي يخرج في آخر الزمان إذا قال
الرجل: الله، الله، قتل. أي أن تلك الأيام ستكون عصيبة على المؤمنين.
وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " يأتي على الناس زمان، الصابر فيهم على دينه
كالقابض على الجمر " (1).
(13) عن عبد الله بن عمرو قال
" يا أهل الكوفة أنتم أسعد الناس بالمهدي ".
تخريج الحديث:
(أ)
(1) أخرجه ابن شيبة في المصنف قال: يعلي بن عبيد، عن
الأجلح، عن عمار الدهني، عن سالم، عن عبد الله بن عمرو قال:
فذكره (2).
(ب)
(2) وأخرجه أيضا أبو عمرو الداني في سننه، قال: حدثنا عبد
الرحمن بن عثمان، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا عبد

(1) صحيح سنن الترمذي (2 / 156) حديث 1844.
(2) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
215

الرحمن بن صالح، حدثنا عبد الله بن الأجلح، عن عمار الدهني، عن
سالم بن أبي الجعد قال: خرجنا حجاجا، فجئت إلى عبد الله بن
عمرو بن العاص، فقال: ممن أنت يا رجل؟ قال: قلت: من أهل
العراق. قال: فكن إذا من أهل الكوفة. قال: فقلت: أنا منهم، قال:
فإنهم أسعد الناس بالمهدي (1).
(3) وعزاه السيوطي إلى ابن سعد أيضا (2).
رجال الحديث:
(أ)
(1) يعلى بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي، ثقة إلا في حديثه عن الثوري،
ففيه لين، من كبار التاسعة، مات سنة بضع ومائتين / ع (3).
(2) الأجلح هو: الأجلح بن عبد الله بن حجية الكندري، ويقال اسمه
يحيى. مات 145 ه‍ (بخ 4) ضعيف.
وثقة ابن معين في راية والعجلي وقال ابن معين مرة: لا بأس به
وقال مرة: صالح. وقال الفلاس وابن عدي: صدوق. قال ابن
حجر: " صدوق شيعي ".
وقال ابن سعد: كان ضعيفا جدا. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي
كان كثير الخطأ مضطرب الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وضعفه أبو داود والنسائي وأحمد والقطان ويعقوب بن سفيان
وغيرهم. قال العقيلي: روى عن الشعبي أحاديث مضطربة لا يتابع

(1) السنن الواردة في الفتن (5 / 1058) حديث 578.
(2) الحاوي (2 / 138).
(3) التقريب (2 / 378). التهذيب (11 / 402).
216

عليها. وقال ابن حبان: كان لا يدري ما يقول، جعل أبا سفيان أبا
الزبير ويقلب الأسامي هكذا.
وجرح هؤلاء مفسر فهو مقدم على تعديل من سبق (1).
(3) عمار بن معاوية الدهني، أبو معاوية البجلي. الكوفي، صدوق
يتشيع من الخامسة / م 4.
وثقه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم وقال ابن المديني عن
سفيان: قطع بشر بن مروان عرقوبيه في التشيع (2).
(4) سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني، ثقة وكان يرسل كثيرا. من
الثالثة. ت 97 ه‍ أو بعد ذلك / ع.
وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم (3).
(ب)
(1) عبد الرحمن بن عثمان بن عفان القشيري، أبو المطرف، روى عن
قاسم بن أصبغ وغيره. قال ابن بشكوال: كان رجلا صالحا زاهدا
منقبضا ثقة فيما رواه. ت 395 ه‍ (4).
(2) قاسم بن أصبغ بن محمد البياني. قال ابن فرحون: كان ثبتا،
صادقا حليما مأمونا بصيرا بالحديث والرجال، نبيلا في النحو
والعربية، ت 340 ه‍ (5).

(1) الجرح والتعديل (4 / 2 / 163)، كتاب المجروحين (1 / 165)، المغني (1 / 32)،
(2 / 738)، الميزان (4 / 388)، التقريب (1 / 49)، التهذيب (1 / 189).
(2) التقريب (2 / 48)، التهذيب (7 / 406).
(3) التقريب (1 / 279)، التهذيب (3 / 432).
(4) الصلة (1 / 305 - 306).
(5) بغية الملتمس (ص 447)، جذوة المقتبس (ص 330) الديباج المذهب (2 / 145).
217

(3) أحمد بن زهير: هو أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب، صاحب
التاريخ. قال الدارقطني: ثقة مأمون. وقال الخطيب: كان ثقة عالما
متقنا حافظا مات 279 ه‍ (1).
(4) عبد الرحمن بن صالح. الأزدي. العتكي، الكوفي، نزيل بغداد
صدوق يتشيع. من العاشرة. ت 235 ه‍ (2).
اتهمه أبو داود بوضع كتاب مثالب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن
وثقه أحمد وابن معين وغيرهما. قال ابن معين: ثقة صدوق شيعي،
لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يكذب في نصف حرف. فلعل
المقصود " بوضع " في كلام أبي داود أي جمع وألف والله أعلم.
(5) عبد الله بن الأجلح، الكندي، أبو محمد الكوفي، صدوق. من
التاسعة / ت ق.
قال أبو حاتم، لا بأس به، وكذا الدارقطني. وذكره ابن حبان في
الثقات (3) وبقية رجاله هم رجال الإسناد الأول.
وبعد دراسة تراجم رجال الإسناد تبين أن الإسناد الأول فيه الأجلح
الكندي وأكثر الأئمة على تضعيفه. ولكن تابعه ولده في الإسناد الثاني وهو
صدوق. وعمار الدهني روى عنه الأجلح وابنه عبد الله بن الأجلح
كلاهما. كما ذكر المزي في تهذيب الكمال في ترجمة عمار الدهني (4).
النتيجة:
إسناده حسن إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. ولكنه

(1) تاريخ بغداد (4 / 162)، سير أعلام النبلاء (11 / 492).
(2) التقريب (1 / 484)، التهذيب (6 / 197).
(3) التقريب (1 / 401)، التهذيب (5 / 139).
(4) سير أعلام النبلاء (3 / 18).
218

رضي الله عنه كان ينظر في كتب أهل الكتاب ويروي عنهم. فقد يكون
الخبر من الإسرائيليات. والله أعلم.
(14) عن ابن سيرين قال:
" المهدي من هذه الأمة وهو الذي يؤم عيسى بن مريم ".
تخريج الحديث:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال: أبو أسامة، عن هشام، عن
ابن سيرين قال: فذكره (1).
وأخرجه أيضا نعيم بن حماد في الفتن قال: حدثنا أبو أسامة، عن
هشام، عن محمد قال: المهدي من هذه الأمة وهو الذي يؤم عيسى بن
مريم عليهما السلام (2).
رجال الحديث:
(1) أبو أسامة: حماد بن أسامة القرشي، مولاهم. الكوفي. مشهور
بكنيته. ثقة ثبت، ربما دلس، وكان بآخره يحدث من كتب غيره.
من كبار التاسعة. مات 201 ه‍ (ع). ذكره الذهبي في الميزان فقال:
أحد الأثبات. وذكر عن الأزدي أنه نقل عن الثوري بلا إسناد طعنا
فيه ثم قال: أبو أسامة لم أورده لشئ فيه ولكن ليعرف أن هذا
القول باطل.
قال أحمد: كان ثبتا ما كان أثبته لا يكاد يخطئ. ذكره ابن حجر
في المرتبة من المدلسين وقال: متفق على الاحتجاج به (3).

(1) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
(2) الفتن (103 ألف).
(3) ميزان الاعتدال (1 / 588)، تقريب التهذيب (1 / 195)، طبقات المدلسين (ص 9).
219

(2) هشام بن حسان: الأزدي، القردوسي. أبو عبد الله البصري. ثقة من
أثبت الناس في ابن سيرين. وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال لأنه
قيل كان يرسل عنهما. من السادسة. مات 147 أو 148 (ع) (1).
(3) ابن سيرين. محمد بن سيرين الأنصاري. أبو بكر بن أبي عمرة
البصري. ثقة ثبت عابد كبير القدر. كان لا يرى الرواية بالمعنى.
من الثالثة. مات 110 ه‍ (ع) (2).
النتيجة:
إسناده صحيح. رجاله كلهم ثقات.
15 - عن علي بن عبد الله بن العباس قال:
" لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: عن معمر، عن ابن طاووس،
عن علي بن عبد الله بن عباس قال: فذكره (3).
(2) وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن قال: حدثنا ابن المبارك، وابن
ثور، وعبد الرزاق عن معمر، عن ابن طاووس. عن علي بن عبد الله بن
عباس قال: لا يخرج المهدي حتى تطلع الشمس آية (4).
(3) وأخرجه أبو الحسن الحربي في الأول من الحربيات. كما ذكره
السيوطي (5).

(1) تقريب التهذيب (2 / 318)، تهذيب التهذيب (9 / 435).
(2) تقريب التهذيب (2 / 169).
(3) مصنف عبد الرزاق (11 / 373) رقم 20775.
(4) الفتن (91 ب).
(5) الحاوي (2 / 136).
220

رجال الإسناد:
(1) معمر بن راشد الأزدي: أبو عروة البصري. نزيل اليمن. ثقة ثبت
فاضل. إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئا
وكذا فيما حدث به بالبصرة. من كبار السابعة. مات 154 (ع).
وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن شيبة والنسائي وآخرون. وقال
ابن معين: إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه، إلا عن الزهري
وابن طاووس فإن حديثه عنهما مستقيم. فأما أهل الكوفة وأهل
البصرة فلا وما عمل في حديث الأعمش شيئا (1). وروايته هنا عن
ابن طاووس فهي صحيحة.
(2) ابن طاووس: هو عبد الله بن طاووس بن كيسان اليماني، أبو
محمد، ثقة فاضل عابد. من السادسة. مات 132 ه‍ (ع) (2).
(3) علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي أبو محمد، ثقة عابد، من
الثالثة. مات 118 ه‍ (بخ م 4). تابعي روى عن أبيه وأبي سعيد
وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم (3).
النتيجة:
إسناده صحيح. رجاله كلهم ثقات.
16 - عن إبراهيم بن ميسرة قال: قلت لطاووس: عمر بن عبد العزيز
المهدي؟ قال:

(1) طبقات ابن سعد (5 / 546)، المعارف لابن قتيبة (ص 221)، الجرح والتعديل (4 /
1 / 255)، تهذيب الأسماء واللغات (1 / 107)، الكاشف (3 / 164)، تذكرة الحفاظ
(1 / 190)، ميزان الاعتدال (4 / 154)، المغني في الضعفاء (2 / 671)، تقريب
التهذيب (2 / 266)، تهذيب التهذيب (10 / 243).
(2) تقريب التهذيب (1 / 424).
(3) المصدر السابق (2 / 40).
221

" كان مهديا وليس بذاك المهدي. إذا كان زيد المحسن في
إحسانه وتيب عن المسئ من إساءته. وهو يبذل المال ويشتد
على العمال ويرحم المساكين ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه ابن أبي شيبة قال: حميد بن عبد الرحمن، عن
محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة قال: قلت لطاووس: فذكره (1).
(2) وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن قال: حدثنا حميد بن عبد
الرحمن، عن محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس قال:
قد كان عمر بن عبد العزيز مهديا وليس به. إن المهدي إذا كان زيد
المحسن في إحسانه وتيب على المسئ من إساءته (2).
(3) وأخرجه نعيم في موضع آخر قال: حدثنا حميد الرؤاسي، عن
محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس قال: إذا كان
المهدي زيد المحسن في إحسانه وتيب على المسئ من إساءته وهو يبذل
المال ويشد على العمال ويرحم المساكين (3).
(4) وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه قال: قال محمد بن أبي
عمر عن ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قال: قلت لطاووس: أهو
المهدي؟ - يعني عمر بن عبد العزيز - قال: هو مهدي وليس به، لم
يستكمل العدل كله (4).

(1) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
(2) كتاب الفتن (103 ألف).
(3) المصدر السابق (99 ب).
(4) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1 / 572)، النص 1592.
222

رجال الحديث:
(1) حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي. أبو
عوف الكوفي. ثقة. من الثالثة. مات 189 وقيل 190 وقيل بعدها
(ع) وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي وآخرون (1).
(2) محمد بن مسلم الطائفي. صدوق يخطئ. من الثامنة (خت م 4).
وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان وغيرهم.
قال ابن معين: ثقة لا بأس به وابن عيينة أثبت وكان إذا حدث من
حفظه يخطئ وإذا حدث من كتابه فليس به بأس وابن عيينة أوثق
منه. قال أبو داود: ليس به بأس. وقال مرة: ثقة. قال ابن
مهدي: كتبه صحاح.
قال أحمد: ما أضعف حديثه. وقال الساجي: صدوق يهم في
الحديث. قال ابن عدي: له أحاديث حسان وغرائب وهو صالح
الحديث لا بأس به لم أر له حديثا منكرا (2).
(3) إبراهيم بن ميسرة الطائفي نزيل مكة. ثبت حافظ. من الخامسة
(ع).
وثقه أحمد ويحيى والعجلي والنسائي وابن سعد وذكره ابن حبان
في الثقات. قال أبو حاتم: صالح (3).
(4) طاووس: تابعي معروف.
فرجال هذا الإسناد كلهم ثقات ما عدا محمد بن مسلم الطائفي
والذي يظهر لي أنه حسن الحديث إلا عند المخالفة، لا سيما وقد وردت

(1) تقريب التهذيب (1 / 203)، تهذيب التهذيب (3 / 44).
(2) ميزان الاعتدال (4 / 41)، تقريب التهذيب (2 / 207)، تهذيب التهذيب (9 / 444).
(3) تقريب التهذيب (1 / 44)، تهذيب التهذيب (1 / 172).
223

معظم فقرات هذه الرواية من طرق أخرى أخرجها نعيم بن حماد في
الفتن (1) ومرويات كتابه وإن كانت لا تصلح للاحتجاج ولكنها لا بأس بها
في الاعتبار والاستشهاد. والله أعلم.
النتيجة.
إسناده حسن.
17 - عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب:
" المهدي حق هو؟ قال: حق. قال: قلت: ممن هو؟ قال:
من قريش. قلت: من أي قريش؟ قال: من بني هاشم. قلت:
من أي بني هاشم؟ قال: من بني عبد المطلب. قلت: من أي
عبد المطلب؟ قال: من ولد فاطمة ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن، قال: حدثنا ابن المبارك، وابن
ثور، وعبد الرزاق عن معمر. عن قتادة: فذكره (2).
(2) وأخرجه أيضا أبو عمرو الداني في سننه. قال: حدثنا ابن عفان،
حدثنا أحمد، حدثنا سعيد، حدثنا نصر، حدثنا علي، حدثنا خالد بن سلام،
عن رجل، عن معمر. عن قتادة قال: قلت لابن المسيب: المهدي أحق هو؟
قال: نعم. قلت: ممن هو؟ قال: من قريش قلت: من أي قريش؟ قال:
من بني هاشم. قلت: من أي بني هاشم؟ قال: من بني عبد المطلب.
قلت: من أي بني عبد المطلب؟ قال: من ولد فاطمة (3).

(1) انظر فهارس القسم الثاني من الكتاب.
(2) الفتن (ص 102).
(3) السنن الواردة في الفتن (5 / 1056) حديث 574.
224

(3) وأخرجه في موضع آخر، قال: حدثنا ابن عفان، حدثنا قاسم،
حدثنا أحمد، حدثنا أحمد بن شبوية، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر. عن
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: المهدي
حق؟ قال: حق. قلت: ممن؟ قال: من كنانة. قال: قلت: ثم ممن؟
قال: من قريش. قدم أحدهما قبل الآخر. قلت: ثم ممن؟ قال: من بني
هاشم. قلت: ثم ممن؟ قال: من ولد فاطمة (1).
(4) وعزاه السلمي إلى ابن المنادي أيضا وزاد في آخره: قلت: من
أي ولد فاطمة؟ قال: حسبك الآن (2).
رجال الحديث:
رجال الإسناد الأول ابن المبارك وعبد الرزاق ومعمر وقتادة كلهم ثقات معروفون غير أن نعيم بن حماد قد تكلم فيه. فهذا الإسناد ضعيف
ولكنه يتقوى بالإسناد الثاني وفيه رجل مجهول يرويه عن معمر.
وزاد الإسناد الثالث بين معمر وقتادة " سعيد بن أبي عروبة " ولعل
السبب في هذا أن الإمام عبد الرزاق الصنعاني كان اختلط بأخرة وسماع
أحمد بن شبوية عند بعد اختلاطه. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل
عن حديث " النار جبار " فقال: هذا باطل، من يحدث عن عبد الرزاق؟
قلت: حدثني أحمد بن شبوية. قال: هؤلاء سمعوا منه بعدما عمي كان
يلقن فلقنه وليس هو في كتبه. وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه،
كان يلقنها بعدما عمي (3).
فكل هذه الأسانيد فيها كلام ولكنها يقوي بعضها بعضا فالحديث
بمجموع طرقه حسن. وهو من كلام سعيد من المسيب وقد تقدم مرفوعا

(1) المصدر السابق (5 / 1060) حديث 580.
(2) عقد الدرر (ص 23).
(3) ميزان الاعتدال (2 / 609 - 610).
225

أيضا من طريقه من حديث أم سلمة رضي الله عنها بنحوه مختصرا
" المهدي من عترتي من ولد فاطمة ".
النتيجة:
إسناده حسن.
18 - عن مطر قال:
" بلغنا أن المهدي يصنع شيئا لم يصنعه عمر بن عبد العزيز.
قلنا: ما هو؟ قال: يأتيه رجل فيسأله فيقول: ادخل بيت المال
فخذ. فيدخل فيأخذ. فيخرج فيرى الناس شباعا فيندم فيرجع
إليه فيقول: خذ ما أعطيتني. فيأبى ويقول: إنا نعطي ولا
نأخذ ".
تخريج الحديث
(1) أخرجه نعيم قال: حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر،
قال: ذكر عنده عمر بن عبد العزيز فقال: فذكره (1).
(2) وأخرجه أيضا أبو عمرو الداني في سننه قال: حدثنا ابن عفان،
حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا
ضمرة، عن ابن شوذب عن مطر قال: قيل له: عمر بن عبد العزيز
مهدي؟ قال مطر: لقد بلغنا عن المهدي شئ لم يبلغه عمر. قال: يكثر
المال في زمان المهدي، قال: فيأتيه رجل فيسأله فيقول له: ادخل فخذ.
فيأخذ ثم يخرج، فيرى الناس شباعا، قال: فيندم فيقول: أنا من بين الناس، فيرجع إليه فيسأله أن يأخذ منه ما أعطاه، فيأبى فيقول إنا نعطي
(1) الفتن (99 / ألف).
226

ولا نأخذ (1).
رجال الحديث:
مطر هو ابن طهمان الوراق. روى عن أنس ولكن قيل أنه مرسل.
ويروي عن عكرمة وعطاء والحسن البصري وغيرهم. ذكره الحافظ في
الطبقة السادسة ومن الذين عاصروا صغار التابعين لكن لم يثبت لهم لقاء
أحد من الصحابة.
والإسناد الأول فيه نعيم بن حماد والراوي عنه وقد تكلم فيهما
ولكن الإسناد الثاني صحيح. وقد تقدمت تراجم رجاله.
النتيجة:
إسناده صحيح إلى مطر من قوله. ومطر هو من أتباع التابعين.
19 - عن السميط. قال:
" اسمه اسم نبي، وهو ابن إحدى أو اثنين وخمسين سنة يقوم
على الناس سبع سنين. وربما قال: ثمان سنين ".
تخريج الحديث:
أخرجه أبو عمرو الداني في سننه قال: حدثنا ابن عفان، حدثنا
أحمد، حدثنا سعيد، حدثنا نصر، حدثنا علي، حدثنا شعيب أو غيره.
عن عمران. عن الشميط، قال المروزي: فذكره.
ثم قال: حدثنا ابن عفان، حدثنا قاسم: حدثنا أحمد، حدثنا
شعيب بن إسحاق، عن عمران بن حدير، عن الشميط. فذكره (2).

(1) السنن الواردة في الفتن (5 / 1064) حديث 585.
(2) السنن الواردة في الفتن (5 / 1058) حديث 576، 577.
227

رجال الحديث:
(1) ابن عفان: عبد الرحمن بن عثمان بن عفان الزاهد، ثقة، تقدم.
(2) قاسم: بن أصبغ البياني، كان ثبتا صادقا، تقدم.
(3) أحمد: بن زهير، بن أبي خيثمة بن حرب بن شداد، وثقه
الدارقطني وقال الخطيب: كان ثقة عالما إلخ ت 279 ه‍ (1).
(4) شعيب بن إسحاق. روى عن عمران بن حدير وغيره. قال ابن
حجر. ثقة، رمي بالارجاء، وسماعه من ابن أبي عروبة بأخرة. من
كبار التاسعة. مات 289 ه‍ / خ م د س ق.
(5) عمران بن حدير السدي. أبو عبيدة البصري. ثقة. م السادسة،
مات 149 ه‍ / م د ت س (2).
(6) السميط: بن عمير ويقال ابن سمير، السدوسي البصري، أبو عبد الله، صدوق. من الثالثة / بخ م س ق.
وهو تابعي روى عن أنس بن مالك وأبي موسى الأشعري وكعب
وغيرهم وقد وقع في المطبوع من سنن الداني " الشميط " بالشين
المعجمة وقع عند البخاري في الأدب " سميط أو شميط " بالشك.
وقد ضبطه الدارقطني وابن ماكولا وغيرهما بالسين المهملة (3). وهذا الإسناد صحيح إلى السميط. والمتن من قوله. ولكن وقع في
الإسناد الأول عند الداني، " الشميط، قال المروزي ". والظاهر أن زيادة

(1) تاريخ بغداد (4 / 162)، سير أعلام النبلاء (11 / 492)، لسان الميزان (1 / 174).
(2) التقريب (2 / 82).
(3) المؤتلف والمختلف للدارقطني (3 / 1245)، الإكمال (4 / 360)، تهذيب الكمال
(12 / 145)، التقريب (1 / 334).
228

" قال المرزوي " خطأ لأن المزي لم يذكر في شيوخه أحدا ينسب
بالمروزي. والله أعلم.
وقوله: " هو ابن إحدى أو اثنتين وخمسين سنة " رواه نعيم بن حماد
أيضا عن طريق عمران بن حدير " عن سميط. عن كعب " من قوله ورجاله
فوق نعيم ثقات غير أني ذكرته في قسم الضعيف من أجل نعيم، والسميط
يروي عن كعب أيضا كما ذكر الدارقطني في المؤتلف فالله أعلم هل ذكر
كعب هنا وهم من نعيم أم أن السميط نفسه روى على الوجهين.
229

الباب الثاني
الأحاديث والآثار الثابتة غير
الصريحة في ذكر المهدي
231

الأحاديث المرفوعة
20 - عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي
يملأها عدلا كما ملئت جوزا ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه أبو داود في سننه قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة،
حدثنا الفضل بن دكين، أخبرنا فطر، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي
الطفيل، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره (1).
(2) وأخرجه أحمد في مسنده: ثنا حجاج وأبو نعيم قالا: ثنا فطر،
عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، قال حجاج: سمعت عليا
رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدهر إلا يوم
لبعث الله عز وجل رجلا منا يملؤها عدلا كما ملئت جورا.
قال أبو نعيم: رجلا منا. قال وسمعته يذكره عن حبيب، عن أبي
الطفيل، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (2).

(1) سنن أبي داود (4 / 107).
(2) مسند أحمد (1 / 99). وبتحقيق أحمد شاكر (2 / 117).
233

(3) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال: الفضل بن دكين قال:
ثنا فطر، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، عن علي، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي
يملؤها عدلا كما ملئت جورا (1).
(4) وأخرجه أبو عمر الداني في سننه قال: حدثنا أبو الحسن
طاهر بن غلبون المقرئ، حدثنا عبد الله بن محمد المفسر، حدثنا
أحمد بن علي القاضي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا حجاج بن محمد،
حدثنا فطر، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليا
رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم،
لبعث الله رجلا يملؤها عدلا كما ملئت جورا (2).
رجال الحديث:
(1) عثمان بن أبي شيبة: ثقة حافظ شهير. وله أوهام. تقدمت ترجمته
في 1 وقد تابعه في هذه الرواية عن أبي نعيم أخوه أبو بكر بن أبي
شيبة والإمام أحمد كما سبق.
(2) أبو نعيم: هو الفضل بن دكين واسم دكين عمرو بن حماد بن
زهير بن درهم التيمي الملائي. الكوفي الأحول. توفي 218 أو 219 ه‍ من كبار شيوخ البخاري (ع) ثقة ثبت. اتفق الأئمة على
توثيقه حتى قال يحيى القطان: إذا وافقني هذا الأحول ما أبالي من
خالفني. وصفه أحمد بن صالح المصري بالتدليس. وذكره ابن
حجر في المرتبة الأولى من المدلسين ومع أن عنعنته تقبل لقد
صرح هنا بالتحديث.

(1) مصنف ابن أبي شيبة (321 / ب).
(2) السنن الواردة في الفتن (5 / 1045) حديث 561.
234

قال الذهبي في الميزان: حافظ حجة إلا أنه يتشيع عن غير غلو
ولا سبة (1).
(3) فطر: بن خليفة المخزومي. مولاهم. أبو بكر الحناط. صدوق
رمي بالتشيع. من الخامسة (خ 4). وقد وثقه أكثر الأئمة وتكلم فيه
بعضهم وإليك أقوالهم:
التعديل:
أحمد: ثقة صالح الحديث. وقال أيضا: كان عند يحيى بن سعيد: ثقة.
قال ابن معين: ثقة.
قال العجلي: كوفي. ثقة حسن الحديث وكان فيه تشيع قليل.
قال النسائي: لا بأس به. وقال أيضا ثقة: حافظ كيس.
وروى النسائي عن ابن نمير قال: فطر حافظ كيس.
قال أبو حاتم: صالح الحديث وكان يحيى بن سعيد يرضاه ويحسن
القول فيه ويحدث عنه.
قال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله تعالى. ومن الناس من يضعفه.
قال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أبا نعيم يرفع من فطر ويوثقه ويذكر
أنه كان ثبتا في الحديث.
وذكره ابن حبان: في الثقات وقال: وقد قيل أنه سمع من أبي
الطفيل فإن صح فهو من التابعين.

(1) طبقات ابن سعد (6 / 400)، التاريخ الكبير (4 / 1 / 118)، التاريخ الصغير (ص
227، الجرح والتعديل (3 / 2 / 61)، تاريخ بغداد (12 / 346)، الكاشف (2 /
381)، ميزان الاعتدال (3 / 350)، تذكرة الحفاظ (1 / 372)، طبقات المدلسين
(ص 6)، تقريب التهذيب (2 / 110)، تهذيب التهذيب (8 / 270).
235

قال ابن عدي: له أحاديث صالحة عند الكوفيين، وهو متماسك
وأرجو أنه لا بأس به.
الجرح:
قال أحمد بن يونس: كنا نمر على فطر وهو مطروح لا نكتب عنه.
قال الساجي: صدوق ليس بمتقن. كان أحمد بن حنبل يقول: هو
خشبي مفرط.
وقال الساجي أيضا: وكان يقدم عليا على عثمان.
قال السعدي: زائغ غير ثقة.
قال الدارقطني: فطر زائغ ولم يحتج به البخاري.
قال أبو بكر بن عياش: ما تركت الرواية عنه إلا لسوء مذهبه.
قال قطبة بن العلاء: تركت فطرا لأنه يروي أحاديث فيها إزراء على
عثمان (1).
(4) القاسم بن أبي بزة: واسمه نافع. أبو عبد الله أو أبو عاصم القارئ
المخزومي. ثقة. من الخامسة. مات 114 أو 115 وقيل بعدها
(ع). وثقه ابن معين والعجلي والنسائي وابن سعد وغيرهم (2).
(5) أبو الطفيل: عامر بن واثلة آخر من مات من الصحابة. تقدمت
ترجمته.

(1) طبقات ابن سعد (6 / 364)، التاريخ الكبير (4 / 1 / 139)، الجرح والتعديل (3 / 2
90)، ديوان الضعفاء (ص 249)، المغني في الضعفاء (2 / 515)، ميزان الاعتدال
(3 / 363)، الكاشف (2 / 387) تهذيب التهذيب (8 / 300)، تقريب التهذيب (2 /
114).
(2) الكاشف (2 / 389)، تقريب التهذيب (2 / 115)، تهذيب التهذيب (7 / 310).
236

(6) علي: صحابي معروف رضي الله عنه.
بعد النظر في رجال الحديث تبين أنهم كلهم ثقات من رجال
الصحيحين غير فطر فقد روى له البخاري فقط مقرونا.
ولقد تكلم ابن خلدون في هذا الحديث لأجل فطر بن خليفة (1).
ولكن قد رأينا أن جمهور الأئمة وكبارهم على توثيقه والذين تكلموا فيه
إنما تكلموا لأجل تشيعه وبعد ثبوت عدالته لا تترك روايته بسبب بدعته
كما سيأتي بالتفصيل. ولذلك فالراجح أنه يحتج به. ولذلك قال الذهبي:
" ثقة شيعي " كما في ديوان الضعفاء.
قال العظيم آبادي: وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد القطان
ويحيى بن معين والنسائي والعجلي وابن سعد والساجي. وقال أبو حاتم:
صالح الحديث. وأخرج له البخاري. ويكفي توثيق هؤلاء الأئمة لعدالته
فلا يلتفت إلى قول ابن يونس وأبي بكر بن عياش والجوزجاني في تضعيفه
بل هو قول مردود. والله أعلم. ووافقه أحمد شاكر أيضا (2).
والحديث قد سكت عنه أبو داود والمنذري (3) وقال الذهبي: سنده
صالح (4) وأورده السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالحسن (5). وقال العظيم
آبادي: الحديث سنده حسن قوي (6). وقال أحمد شاكر. إسناداه صحيحان (7).

(1) تاريخ ابن خلدون (1 / 558، 559).
(2) عون المعبود (11 / 373)، وتحقيق أحمد شاكر لمسند أحمد (2 / 117).
(3) مختصر سنن أبي داود (6 / 159).
(4) تلخيص العلل المتناهية (75 ألف).
(5) الجامع الصغير (ص 131).
(6) عون المعبود (11 / 373).
(7) مسند أحمد بتحقيقه (2 / 117) رقم 773. ويقصد من الإسنادين: أحمد عن حجاج
وأبي نعيم عن فطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن علي.
وأحمد عن أبي نعيم عن فطر عن حبيب عن أبي الطفيل عن علي. وحبيب في
الإسناد الثاني: هو حبيب بن أبي ثابت الأسدي. ثقة فقيه جليل. وكان كثير
الإرسال والتدليس. ذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين ومعناه أن عنعنته
لا تقبل. ولكنه توبع بالقاسم بن أبي بزة. تذكرة الحفاظ (1 / 116)، طبقات
المدلسين (ص 13).
237

وقال الألباني: صحيح (1).
النتيجة:
إسناده صحيح.
وقد ورد هذا المتن من طريق آخر عن ابن مسعود كما سيأتي.
والحديث ذكره أبو داود في كتاب المهدي في سننه. وابن أبي شيبة
في معرض ذكره لأحاديث المهدي في مصنفه. وأبو عمرو الداني في باب
ما جاء في المهدي. والله أعلم.

(1) صحيح الجامع الصغير (5 / 71)، رقم (5181). وذكر أنه حققه في الروض النضير
(2 / 52).
238

21 - عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من
أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ".
تخريج الحديث:
(ألف)
(1) أخرجه أبو داود قال: حدثنا مسدد قال: أخبرنا يحيى، عن
سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره (1).
(2) وأخرجه أبو داود أيضا من طريقين آخرين. حدثنا مسدد أن
عمر بن عبيد حدثهم ح وحدثنا محمد بن العلاء، أخبرنا أبو بكر - يعني ابن
عياش - عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى سفيان (2).
(3) وأخرجه الترمذي قال: حدثا عبيد بن أسباط بن محمد
القرشي، أخبرنا أبي، أخبرنا سفيان الثوري، عن عاصم بن بهدلة، عن
زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذهب الدنيا حتى يملك
العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (3).
(4) وأخرجه أحمد في مسنده: ثنا عمر بن عبيد الطنافسي، عن
عاصم بن أبي النجود: عن زر بن حبيش، عن عبد الله قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل
من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (4).

(1) سنن أبي داود (4 / 106).
(2) المرجع السابق أيضا.
(3) جامع الترمذي (4 / 505).
(4) مسند أحمد (1 / 448) و (1 / 376 / 377).
239

(5) وأخرجه أيضا عن طريق آخر في موضع آخر قال: ثنا يحيى بن
سعيد، عن سفيان، حدثني عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " لا تذهب الدنيا أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من
أهل بيتي يواطئ اسمه " (1).
(6) وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير بطرق عدة (2): قال: حدثنا
يحيى بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن جرير بن عبد الله البجلي
الكوفي، ثنا جعفر بن علي بن خالد بن جرير، ثنا أبو الأحوص قال:
سألت عاصم بن أبي النجود فقلت: أبا بكر ذكرت عن زر بن حبيش، عن
عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تذهب الدنيا حتى يملك
رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي؟ " قال: نعم (3).
(7) وقال أيضا: حدثنا الحسن بن علي العمري، ثنا عبد الغفار بن
عبد الله الموصلي، ثنا علي بن مسهر، عن أبي إسحاق الشيباني، عن
عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تذهب الليالي والأيام حتى يملك رجل من أهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي ".
(8) وقال أيضا: حدثنا القاسم بن محمد بن الدلال الكوفي، ثنا
إبراهيم بن إسحاق الصيني ثنا عبد الله بن حكيم بن جبير، عن عاصم،
عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يذهب الدنيا حتى
يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي " (4).
(9) وقال أيضا: حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى بن

(1) مسند أحمد (1 / 377) و (1 / 430).
(2) المعجم الكبير (10 / 164 - 167).
(3) أخرجه في الصغير أيضا (2 / 148).
(4) الكامل ط (2 / 517).
240

سعيد ح وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا محمد بن عبد
الرحمن بن سهم الأنطاكي، ثنا أبو إسحاق الفزاري ح. وحدثنا محمد بن
عبد الله الحضرمي، ثنا عبيد بن أسباط بن محمد، ثنا أبي، كلهم، عن
سفيان الثوري، عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا
تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي "
واللفظ لحديث مسدد.
(10) وقال أيضا: حدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي، ثنا أبي، ثنا
الوليد بن مسلم، ثنا عبد الملك بن أبي غنية، أخبرني عاصم، عن زر،
عن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا ينقضي الدنيا حتى يلي
رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ".
(11) وقال أيضا: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا محمد بن
أبان الواسطي، ثنا عمر بن عبيد الطنافسي، عن عاصم، عن زر بن
حبيش، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يذهب
الدنيا أو لا ينقضي الأيام حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي ".
(12) وقال أيضا: حدثنا أحمد بن عمرو البزار، ثنا محمد بن
عمار بن صبيح، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن
أبي الجحاف، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل
بيتي ".
(13) حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا الحسين بن عمرو العنقزي،
ثنا تميم بن الجعد، عن عمرو بن قيس الملائي، عن عاصم، عن زر،
عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يذهب الأيام والليالي ولو لم
يبق من الدنيا إلا يوم حتى يبعث الله رجلا من أمتي يواطئ اسمه اسمي ".
14 - وأخرجه ابن عدي في الكامل قال: ثنا أحمد بن محمد بن
241

سعيد، ثنا جعفر بن محمد بن سعيد، ثنا حسن بن حسين، ثنا تليد بن
سليمان، عن حمزة الزيات عن عاصم عن ذر (كذا، والصواب زر) عن
عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تذهب الدنيا حيى يلي أمتي رجل
من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ".
قال ابن عدي: وهذا من حديث حمزة الزيات عن عاصم لا أعرفه
إلا من هذا الطريق (1).
15 - وأخرجه مسعود بن علي السجزي في سؤالاته للحاكم قال:
حدثنا السيد أبو الحسن إملاء قال: أخبرنا محمد بن علي الأنصاري
بطوس، حدثنا أحمد بن سعيد بن عبد الله بن الزبير الموصلي، حدثنا
علي بن مسهر، عن الشيباني، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل
بيتي يواطئ اسمه اسمي (2).
16 - وأخرجه أبو عمرو الداني في سننه قال:: حدثنا حمزة بن
علي، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا جعفر بن محمد السوسي،
وعلي بن العباس المقانعي والقاسم بن زكريا قالوا: أخبرنا أبو كريب
محمد بن العلاء، حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا عاصم، عن زر، عن
عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذهب الليالي والأيام
حتى يملك رجل من أهلي، يواطئ اسمه اسمي (3).
17 - وقال أيضا: حدثنا حمزة بن علي، حدثنا عبد الله بن محمد،
حدثنا أحمد بن مسعود الوزان بحلب، حدثنا محمد بن عبد الملك
الدقيقي، حدثنا أبو علي الحنفي، حدثنا محمد بن عياش بن عمرو

(1) الكامل ط (2 / 517).
(2) سؤالات السجزي للحاكم (ص 251) النص 341.
(3) السنن الواردة في الفتن (5 / 1046) حديث 562.
242

العامري، حدثنا عاصم، عن زر، عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لن
تذهب الدنيا حتى يملك الدنيا رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.
قلت: يا أبا عبد الرحمن، ما يواطئ؟ قال: يشبه (1).
18 - وقال أيضا: حدثنا حمزة بن علي، حدثنا عبد الله بن محمد،
حدثنا قاسم المطرز، حدثنا علي بن المنذر، حدثنا إسحاق بن منصور،
حدثنا جعفر الأحمر، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عاصم، عن زر، عن
عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تذهب الدنيا حتى يلي على أمتي رجل
من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (2).
19 - وقال أيضا: حدثنا حمزة بن علي، حدثنا عبد الله بن محمد،
حدثنا قاسم، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا
سفيان، حدثنا عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تذهب
الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (3).
20 - وأخرجه البزار في مسنده قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: نا
يحيى بن سعيد قال: نا سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله عن
النبي صلى الله عليه وسلم. وحدثنا عبيد بن أسباط بن محمد قال: حدثني أبي، عن
سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تذهب
الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي (4).
21 - وقال أيضا: حدثنا علي بن المنذر، والفضل بن سهل قالا: نا
إسحاق بن المنصور، قال: نا جعفر الأحمر، عن أبي إسحاق الشيباني،
عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تذهب الدنيا

(1) المصدر السابق (5 / 1051) حديث 566.
(2) المصدر السابق (5 / 1052) حديث 567.
(3) المصدر السابق (5 / 1052) حديث 568.
(4) مسند البزار (5 / 204) حديث 1803، 1804 وقال: وهذا الحديث لا نعلم رواه
عن الثوري بهذا الإسناد إلا يحيى بن سعيد وأسباط بن محمد.
243

حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.
وقال: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الشيباني عن عاصم عن زر
عن عبد الله إلا جعفر الأحمر، ولا عن جعفر إلا إسحاق بن منصور (1).
22 - وقال البزار أيضا: حدثنا يوسف بن محمد بن سابق قال: نا
يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية قال: حدثني أبي، عن عاصم، عن
زر، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث الشيباني عن عاصم (2).
23 - وقال أيضا: حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح قال: نا
إسماعيل بن أبان، قال: نا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبي الجحاف،
عن عاصم، عن زر، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تذهب الدنيا
حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.
وقال: وهذا الحديث غريب، لا نعلمه يروى عن أبي الجحاف عن
عاصم إلا من هذا الوجه. ولا نعلم أسند أبو الجحاف عن عاصم عن زر
عن عبد الله إلا هذا الحديث (3).
24 - وقال البزار أيضا: حدثنا علي بن المنذر، قال: نا محمد بن
فضيل قال: نا عثمان بن شبرمة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن
النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من حديث الثوري عن عاصم.
وقال: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عثمان بن شبرمة إلا
محمد بن فضيل. وقد روى هذا الكلام عن عاصم جماعة منهم فطر
وزائدة وحماد بن سلمة وغيرهم (4).

(1) المصدر السابق (5 / 205) حديث 1805.
(2) المصدر السابق (5 / 2063) حديث 1806.
(3) المصدر السابق، حديث 1807.
(4) المصدر السابق (5 / 207) حديث 1808.
244

25 - وأخرجه الهيثم بن كليب في مسنده قال: حدثنا ابن أبي
خيثمة، نا يعقوب بن كعب الأنطاكي، نا أبي، عن عبد الملك بن أبي
غنية، عن عاصم، عن زر عن ابن عباس (1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا
تنقضي الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أمتي يواطئ اسمه اسمي (2).
26 - وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد قال: أخبرنا عبد الغفار بن
محمد بن جعفر المؤدب، حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي،
حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الهيتي - أبو بكر قدم بغداد - حدثنا
أحمد بن يحيى الصدفي، حدثنا إسحاق بن منصور السلولي، حدثنا
سليمان بن قرم، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي (3).
27 - ورواه أيضا الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ بإسناده قال:
أخبرنا الأبرقوهي، أنا ابن أبي الجود، أنا ابن الطلابة، أنا عبد العزيز
الأنماطي، أنا المخلص: نا محمد بن هارون، نا عمرو بن علي، نا
يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك العرب رجل من أهل
بيتي يواطئ اسمه اسمي (4).
(ب)
28 - وأخرجه الطبراني في الكبير قال: حدثنا محمد بن السري بن

(1) كذا في المطبوع والظاهر أنه خطأ لأن المؤلف ذكره في مسند ابن مسعود.
(2) مسند الهيثم بن كليب (2 / 111) حديث 636.
(3) تاريخ بغداد (4 / 388).
(4) تذكرة الحفاظ (2 / 488). وأخرجه أبو بكر الشافعي أيضا في الغيلانيات عن محمد بن
شداد، ثنا عباد بن صهيب الأغضف ثنا سفيان به (ص 164)، حديث 393.
245

مهران الناقد، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا يوسف بن حوشب
الشيباني، ثنا أبو يزيد الأعور، عن عمرو بن مرة، عن زر بن حبيش، عن
عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يذهب الدنيا حتى يملك
رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي " (1).
29 - وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء فقال: حدثنا محمد بن
عمر بن مسلم قال: ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية وعلي بن إسحاق
ومحمد بن أبان قالوا: ثنا يوسف بن حوشب قال: ثنا أبو يزيد الأعور،
عن عمرو بن مرة، عن ذر بن حبيش (كذا؟ والصواب زر) عن عبد الله بن
مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من
أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.
قال محمد بن عمر: سألت أبا العباس بن عقدة عن أبي يزيد الأعور
فقال: هو خلف بن حوشب. قال أبو نعيم: غريب من حديث يوسف بن
حوشب وخلف لم نكتبه إلا من هذا الوجه (2).
30 - وأخرجه ابن عدي في الكامل قال: ثنا محمد بن أبان بن
ميمون وعلي بن سعيد قالا: ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا يوسف بن
حوشب أبو يزيد الأعور، عن عمرو بن مرة، عن زر بن حبيش، عن
عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من
أهل بيتي يوافق اسمه اسمي " (3).
رجال الحديث:
الطرق السبعة والعشرون في قسم (ألف) كلها مدارها على عاصم عن

(1) المعجم الكبير ط (10 / 161) حديث (10208).
(2) حلية الأولياء (5 / 75).
(3) الكامل لابن عدي ط (7 / 2625).
246

زر.. إلخ ولذلك أختار إليه طريقا واحدا وهو طريق أبي داود.
(1) مسدد: بن مسرهد بن مسربل البصري الأسدي، أبو الحسن، توفي
228 ه‍ (خ د ت س). ثقة حافظ. وثقه ابن معين والنسائي
والعجلي وأبو حاتم وابن قانع وابن حبان وغيرهم (1).
(2) يحيى: بن سعيد القطان، أبو سعيد البصري. إمام الجرح
والتعديل. ومثله لا يسأل عنه. قال الإمام أحمد: ما رأت عيناي
مثله. قال في التقريب: ثقة متقن حافظ إمام قدوة. ولد 120 ه‍
وتوفي 198 ه‍ (2).
(3) سفيان: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري. أبو عبد الله
الكوفي. توفي 161 ه‍. ثقة حافظ فقيه، عابد إمام حجة. من
رؤوس الطبقة السابعة. كان ربما دلس. وهو من المرتبة الثانية من
المدلسين (3) فلا تضر عنعنته بالإضافة إلى أن عددا كبيرا غيره روى
هذا الحديث عن عاصم.
(4) عاصم: هو ابن أبي النجود واسمه بهدلة - وقيل: إن بهدلة اسم أم
عاصم - الأسدي مولاهم. الكوفي. أبو بكر. أحد القراء. توفي
128 ه‍. أخرج له الشيخان مقرونا بغيره. وهو محل خلاف بين
الأئمة فوثقه أناس وتكلم فيه آخرون. وهذه هي أقوالهم:

(1) الجرح والتعديل (4 / 1 / 438)، تذكرة الحفاظ (2 / 421)، تقريب التهذيب (2 /
242)، تهذيب التهذيب (10 / 108).
(2) الجرح والتعديل (4 / 2 / 150)، تاريخ بغداد (14 / 135)، تذكرة الحفاظ (1 / 298)،
الكاشف (3 / 256)، الخلاصة (3 / 149)، تقريب التهذيب (2 / 248)، تقريب
التهذيب (11 / 216).
(3) تقريب التهذيب (1 / 311)، طبقات المدلسين (ص 10).
247

التعديل:
قال أحمد: كان رجلا صالحا قارئا للقرآن وأهل الكوفة يختارون
قراءته وأنا أختارها وكان خيرا ثقة. والأعمش أحفظ منه وكان شعبة يختار
الأعمش عليه في ثبت الحديث.
وقال أيضا: عاصم صاحب قرآن وحماد صاحب فقه وعاصم أحب
إلينا. قال ابن معين: لا بأس به. قال العجلي: كان صاحب سنة وقراءة
وكان ثقة رأسا في القرآن ويقال: إن الأعمش قرأ عليه وهو حدث وكان
يختلف عنه في زر وأبي وائل. وقال أبو حاتم: صالح. وهو أكثر حديثا
من أبي قيس الأودي وأشهر وأحب إلي منه وهو أقل اختلافا عندي من
عبد الملك بن عمير. وقال أيضا: محله عندي محل الصدق. صالح
الحديث وليس محله أن يقال هو ثقة ولم يكن بالحافظ.
قال الحاكم: طرق عاصم عن زر عن عبد الله كلها صحيحة على ما
أصلته في هذا الكتاب بالاحتجاج بأخبار عاصم بن أبي النجود إذ هو إمام
من أئمة المسلمين.
قال أبو زرعة: ثقة. قال النسائي: ليس به بأس. قال أبو بكر بن
عياش: سمعت أبا إسحاق يقول: ما رأيت أقرأ من عاصم. وذكره ابن
حبان في الثقات. وقال ابن شاهين في الثقات قال ابن معين: ثقة. لا
بأس به من نظراء الأعمش.
قال الآجري: سألت أبا داود عن عاصم وعمرو بن مرة فقال: عمرو
فوقه. (وعمرو بن مرة: ثقة عابد كما في التقريب).
الجرح:
قال ابن سعد: كان ثقة إلا أنه كثير الخطأ في حديثه. قال
يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب وهو ثقة. قال ابن علية: كل من
اسمه عاصم سئ الحفظ. قال ابن خراش: في حديثه نكرة. قال
248

العقيلي: لم يكن فيه إلا سوء الحفظ. قال الدارقطني: في حفظه شئ.
قال البزار: لم يكن بالحفاظ ولا نعلم أحدا ترك حديثه على ذلك وهو
مشهور. قال حماد بن سلمة: خلط عاصم في آخر عمره. قال شعبة: حدثنا
عاصم بن أبي النجود وفي النفس ما فيها. قال يحيى القطان: ما وجدت
رجلا اسمه عاصم إلا وجدته ردئ الحفظ. قال النسائي: ليس بحافظ
(وقد سبق أنه قد: ليس به بأس).
وهكذا رأينا أن الأئمة مجمعون على صدقه ولكن تكلم فيه بعضهم
لسوء حفظه. ولا شك أن كثيرا من كبار الأئمة كأحمد وأبي زرعة وابن
معين والنسائي والعجلي والحاكم على توثيقه مطلقا وهذا يعني أنهم كانوا
يرون أن سوء حفظه يسير وليس بالفاحش ومثل هذا لا ينزل عن درجة
الحسن. إلا إذا خولف بمن هو أقوى منه. ولهذا قال الذهبي في الميزان:
ثبت في القراءة وهو في الحديث دون الثبت. صدوق يهم، ثم قال: هو
حسن الحديث. وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام.
حجة في القراءة وحديثه في الصحيحين مقرون (1).
(5) زر بن حبيش بن حباشة الأسدي الكوفي، أبو مريم. مات 81 ه‍.
أو بعدها، ثقة جليل مخضرم. وثقه ابن معين وابن سعد وأحمد
والعجلي وغيرهم (2).

(1) طبقات ابن سعد (6 / 320)، التاريخ الكبير (3 / 2 / 487)، الجرح والتعديل (3 / 1 /
341)، الضعفاء للعقيلي (ص 324)، المستدرك (4 / 557)، الكاشف (2 / 49)،
المغني في الضعفاء (1 / 322) ديوان الضعفاء (ص 157)، ميزان الاعتدال (2 /
357)، معرفة القراء الكبار (1 / 73)، تقريب التهذيب (1 / 383)، تهذيب التهذيب
(5 / 38).
(2) التاريخ الكبير (2 / 1 / 447)، الجرح والتعديل (1 / 2 / 622) تذكرة الحفاظ (1 /
57)، الكاشف (1 / 320)، تقريب التهذيب (1 / 259)، تهذيب التهذيب (3 / 321).
249

(6) عبد الله بن مسعود: الصحابي المعروف.
(ب)
إسناد الطبراني:
(1) محمد بن السري بن مهران الناقد البغدادي. سمع محمد بن
عبد الله الأزدي وغيره روى عنه الطبراني وآخرون. قال الخطيب،
كان ثقة (1).
(2) عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان القرشي الأموي، " مولاهم "
يلقب بمشكدانة. روى عنه مسلم وغيره. صدوق فيه تشيع. من
العاشرة مات 239 ه‍ (م د س) (2).
(3) يوسف بن حوشب: قال الذهبي في الميزان: حدث عنه
عبد الله بن عمر مشكدانة. لا يكاد يعرف. وزاد عليه ابن حجر في
اللسان: وهذا ذكره ابن عدي وقال: إنه كوفي روى عن أبي يزيد
الأعور في المهدي. قال: أحاديثه مختلفة وليس بالكبيرة (3).
(4) أبو يزيد الأعور: خلف بن حوشب، الكوفي، ويقال أبو مرزوق
الأعور توفي 140 ه‍. من السادسة (خت عس) أثنى عليه ابن عيينة
وقال النسائي: ليس به بأس. ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في
الثقات (4).

(1) تاريخ بغداد (5 / 318).
(2) الجرح والتعديل (2 / 2 / 110) الميزان (2 / 466) التقريب (1 / 435) التهذيب (5 /
332).
(3) ميزان الاعتدال (2 / 463)، لسان الميزان (6 / 320).
(4) تقريب التهذيب (1 / 225)، تهذيب التهذيب (3 / 150).
250

(5) عمرو بن مرة: بن عبد الله بن طارق الجملي المرادي. أبو عبد الله
الكوفي الأعمي. ثقة عابد. كان لا يدلس. رمي بالإرجاء (ع).
وثقه ابن معين وأبو حاتم وابن نمير ويعقوب بن سفيان وغيرهم (1).
وبقية رجاله هم رجال الطريق الأول.
ولقد رأينا أن الإسناد الثاني وإن كان ضعيفا لكنه صالح للاعتبار
والإسناد الأول (قسم ألف) رجاله كلهم ثقات، سوى عاصم والراجح فيه
أنه حسن الحديث ويتقوى بالإسناد الثاني فيصبح الحديث صحيحا لغيره.
قال الترمذي بعد إخراج الحديث: هذا حديث حسن صحيح (2) وقال
ابن الجوزي: إسناد حسن وقد حكم له بالصحة (3).
قال العظيم آبادي: والحاصل أن عاصم بن بهدلة ثقة على رأي
أحمد وأبي زرعة وحسن الحديث صالح الاحتجاج على رأي غيرهما ولم
يكن فيه إلا سوء الحفظ فرد الحديث بعاصم ليس من دأب المنصفين على
أن الحديث قد جاء من غير طريق عاصم أيضا فارتفعت عن عاصم مظنة
الوهم والله أعلم (4).
وقال المباركفوري: أخرجه أبو داود وسكت عنه والمنذري وابن
القيم. وقال أيضا: لا شك أن حديث عبد الله بن مسعود الذي رواه
الترمذي في هذا الباب لا ينحط عن درجة الحسن وله شواهد كثيرة من
بين حسان وضعاف. فحديث عبد الله بن مسعود هذا مع شواهده وتوابعه
صالح للاحتجاج بلا مرية (5).

(1) تقريب التهذيب (2 / 78)، تهذيب التهذيب (8 / 102).
(2) جامع الترمذي (4 / 505).
(3) العلل المتناهية (148 ألف).
(4) عون المعبود (11 / 372).
(5) تحفة الأحوذي (6 / 485، 486).
251

وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (1).
وقال الألباني في تعليقه على المشكاة: إسناده حسن (2) وقال في
صحيح الجامع الصغير: صحيح (3).
النتيجة:
إسناده صحيح لغيره.
والحديث أخرجه أبو داود في كتاب المهدي والترمذي في باب ما
جاء في المهدي وأبو عمرو الداني في باب ما جاء في المهدي. وقد
حمله العلماء سلفا عن خلف على المهدي ولم يخالفهم فيه أحد - فيما
علمت - حتى المنكرين للمهدوية.

(1) مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (5 / 199) رقم 3572 و 3573 و (6 / 74) رقم
4098 و (6 / 139) رقم 4279.
(2) مشكاة المصابيح بتحقيقه (3 / 24) رقم 5453.
(3) صحيح الجامع الصغير (6 / 142) حديث (7152). وتخريج أحاديث فضائل الشام
ودمشق (ص 16).
252

22 - عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه الترمذي في باب ما جاء في المهدي قال:
حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار، أخبرنا بن عيينة، عن
عاصم، عن زر، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره (1).
(2) وأخرجه الإمام أحمد في مسنده قال: ثنا سفيان بن عيينة، ثنا
عاصم، عن ذر، (كذا في المسند والصواب: زر)، عن عبد الله، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي " (2).
رجال الحديث:
(1) عبد الجبار بن العلاء العطار. البصري. أبو بكر. نزيل مكة توفي
248 ه‍ (م ت س). لا بأس به من صغار العاشرة. قال النسائي:
ثقة. وقال مرة: لا بأس به. وقال العجلي: بصري ثقة. وقال أبو
حاتم: صالح. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان متقنا
سمعت ابن خزيمة يقول: ما رأيت أسرع قراءة منه. وقال الذهبي
في الكاشف: ثقة سريع القراءة (3).
(2) سفيان بن عيينة: بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد

(1) جامع الترمذي (4 / 505).
(2) مسند أحمد (1 / 376).
(3) طبقات ابن سعد (5 / 501)، الجرح والتعديل (3 / 1 / 32)، الكاشف (2 / 148)،
تقريب التهذيب (1 / 466)، تهذيب التهذيب (6 / 104).
253

الكوفي، ثم المكي (107 - 198 ه‍) (ع). ثقة حافظ فقيه حجة.
اتفق الأئمة على ثوثيقه والثناء عليه في الفقه والعلم والورع والحفظ
حتى قال اللالكائي: هو مستغن عن التزكية لتثبته وإتقانه وأجمع
الحفاظ على أنه أثبت الناس في عمرو بن دينار. قال الشافعي:
لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. قال ابن عمار: سمعت
يحيى بن سعيد القطان يقول: أشهدوا أن سفيان بن عيينة اختلط
سنة سبع وتسعين ومائة. فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها
فسماعه لا شئ. ومن هنا قال ابن حجر: " إلا أنه تغير بأخرة ".
ولكن الذهبي قال: يغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة
سمعوا منه قبل سنة سبع. ثم استبعد هذه الحكاية وقال: مع أن
يحيى متعنت جدا في الرجال وسفيان فثقة مطلقا. وقد فصل القول
فيه الشيخ عبد الرحمن المعلمي في كتابه التنكيل ثم قال:
الحق أن ابن عيينة لم يختلط ولكن كبر سنه فلم يبق حفظه على ما
كان عليه فصار ربما يخطئ في الأسانيد التي لم يكن قد بالغ في
اتقانها كحديثه عن أيوب، والذي يظهر أن ذلك خطأ هين ولهذا لم
يعبأ به أكثر الأئمة ووثقوا ابن عيينة مطلقا (1).
(3) عاصم. حسن الحديث، تقدمت ترجمته.
(4) زر، ثقة، تقدمت ترجمته.
(5) عبد الله بن مسعود: صحابي، تقدمت ترجمته.

(1) طبقات ابن سعد (5 / 497)، التاريخ الكبير (2 / 2 / 94) الجرح والتعديل (2 / 1 /
225)، المعارف (ص 221)، تاريخ بغداد (9 / 174) تذكرة الحفاظ (1 / 262)،
ميزان الاعتدال (2 / 170) المغني في الضعفاء (1 / 268)، تهذيب الأسماء واللغات
(1 / 224) تقريب التهذيب (1 / 312)، تهذيب التهذيب (4 / 118)، التنكيل (1 /
264).
254

وهذا الإسناد رجاله ثقات سوى عاصم وهو حسن الحديث.
قال الترمذي: حسن صحيح (1).
قال الألباني: حسن (2).
ولقد تكلم ابن خلدون في صحة هذا الحديث وما في معناه من
أحاديث عبد الله بن مسعود لأجل عاصم بن أبي النجود (3).
وقد رد عليه أحمد شاكر فقال: " إن عاصم بن أبي النجود من أئمة
القراء المعروفين ثقة في الحديث أخطأ في بعض حديثه ولم يغلب خطؤه
على روايته حتى ترد ". ثم ذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل في عاصم حتى
قال: " وهذا أكثر ما قيل فيه من الجرح أفمثل هذا يطرح حديثه ويجعل
سبيلا لإنكار شئ ثبت بالسنة الصحيحة من طرق متعددة من حديث كثير
من الصحابة حتى لا يكاد يشك في صحته أحد، لما في رواته من عدل
وصدق لهجة ولارتفاع احتمال الخطأ ممن كان في حفظه شئ بما ثبت
عن غيره ممن هو مثله في العدل والصدوق وقد يكون أحفظ منه. ما هكذا
تعلل الأحاديث " (4).
النتيجة:
إسناده حسن.

(1) جامع الترمذي (4 / 505).
(2) صحيح الجامع الصغير (6 / 359) حديث رقم 8016.
(3) تاريخ ابن خلدون (1 / 557).
(4) مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (6 / 198)، وقال إسناده صحيح (5 / 196) رقم
3571.
255

23 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك رجل من أهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه ابن حبان في صحيحه قال: أخبرنا الفضل بن الحباب
في عقبة، حدثنا مسدد حدثنا محمد بن إبراهيم أبو شهاب، حدثنا
عاصم بن بهدلة، عن زر، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فذكره (1).
(2) وأخرجه أيضا الطبراني في الكبير قال: حدثنا معاذ بن المثني،
ثنا مسدد به ولفظه: " لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل من
أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم (2).
رجال الحديث:
(1) الفضل بن الحباب: الجمحي، البصري، أبو خليفة. توفي 305 ه‍.
ثقة. قال الذهبي في الميزان: كان ثقة عالما ما علمت فيه لينا إلا ما
قال السليماني: إنه من الرافضة. فهذا لم يصح عن أبي خليفة. وقال
في التذكرة: كان محدثا صادقا مكثرا. ذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الخليلي: إلى التوثيق أقرب. وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة
مشهورا كثير الحديث وكان يقول بالوقف وهو الذي نقم عليه (3).

(1) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (7 / 235)، موارد الظمآن (ص 463) رقم
1877.
(2) المعجم الكبير (10 / 164 / 10216).
(3) أخبار أصبهان (2 / 151)، ميزان الاعتدال (3 / 350)، تقريب التهذيب (2 / 242)،
لسان الميزان (4 / 439)، شذرات الذهب (2 / 246).
256

(2) مسدد بن مسرهد: ثقة حافظ. تقدمت ترجمته.
(3) محمد بن إبراهيم أبو شهاب الكناني. قال البخاري: لم أر أحدا
روى عنه غير مسدد روى عن عاصم بن بهدلة حديثا في المهدي.
وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور يكتب حديثه. وذكره ابن حبان في
الثقات (1).
(4) عاصم بن بهدلة: حسن الحديث. تقدمت ترجمته.
(5) زر بن حبيش. ثقة.
ففي هذا الإسناد محمد بن إبراهيم الكناني وهو يصلح للاعتبار على
أقل تقدير والحديث قد رواه عن عاصم غير واحد كما سبق وكما
سيأتي. ولم ينفرد أبو شهاب إلا بكلمة " ليلة " بدلا من " يوم " في
رواية الآخرين وهذا لا يؤثر شيئا في المعنى. والله أعلم.
النتيجة:
الحديث حسن.
.

(1) التاريخ الكبير (1 / 1 / 25)، الجرح والتعديل (3 / 2 / 185)، ثقات ابن حبان و (9 /
239)، لسان الميزان (5 / 25).
257

24 - عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" يلي أمر هذه الأمة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان قال: حدثنا أحمد بن بندار،
ثنا عباس بن حمدان، ثنا إبراهيم بن عامر، ثنا أبي، عن يعقوب، عن
سعيد بن الحسن ابن أخت ثعلبة، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم،
عن زر، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره (1).
(2) وأشار إليه أبو داود دون أن يسوق لفظه فقال: حدثنا محمد بن
العلاء، أخبرنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن
النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى سفيان (2).
(3) وأخرجه الطبراني في الكبير قال: حدثنا أحمد بن محمد الجمال
الأصبهاني، ثنا إبراهيم بن عامر بن إبراهيم، ثنا أبي، عن يعقوب القمي،
عن سعد بن الحسين، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي
النجود، عن زر بن جيش، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يلي أمر هذه الأمة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه
اسمي " (3).
رجال الحديث:
(1) أحمد بن بندار: بن إسحاق، أبو عبد الله الشعار. توفي 359 ه‍.

(1) أخبار أصبهان (1 / 329).
(2) انظر الحديث التالي.
(3) المعجم الكبير (10 / 167 / 10227).
258

قال أبو نعيم: ثقة (1).
(2) عباس بن حمدان: بن محمد بن مسلم الحنفي، أبو الفضل. توفي
294 ه‍. قال أبو نعيم: ثقة ثبت كان من عباد الله الصالحين صنف
المسند. يروي عن العراقيين والأصبهانيين (2).
(3) إبراهيم بن عامر: بن إبراهيم بن واقد، أبو إسحاق المؤذن الأشعري
الأصبهاني. قال أبو نعيم: كان خيرا فاضلا. قال ابن أبي حاتم:
قدمت أصبهان وكان قد توفي كتبت عن أخيه أحمد. وسأل
أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل أبا مسعود أحمد بن الفرات
عمن يكتب، فسمى أربعة أنفس أحدهم إبراهيم بن عامر (3).
(4) عامر بن إبراهيم: بن واقد بن عبد الله الأشعري الأصبهاني. توفي
201 أو 202 ه‍. من التاسعة (س). ثقة. وثقه عمرو بن علي
الفلاس وأبو داود الطيالسي (4).
(5) يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي. أبو الحسن. توفي
174 ه‍. من الثامنة (خت 4). صدوق. قال الطبراني: كان ثقة.
وذكره ابن حبان في الثقات وقال النسائي: ليس به بأس. قال أبو
نعيم: كان جرير إذا رآه يقول: هذا مؤمن آل فرعون.
قال الدارقطني: ليس بالقوي. ولكنه لم يفسر جرحه. ولهذا قال
الذهبي في الكاشف: صدوق. وهو الذي يترجح عندي وأما ابن

(1) أخبار أصبهان (1 / 151).
(2) المصدر السابق (2 / 141).
(3) الجرح والتعديل (1 / 1 / 116)، أخبار أصبهان (1 / 174).
(4) الجرح والتعديل (3 / 1 / 319)، أخبار أصبهان (2 / 36)، تقريب التهذيب (5 / 61)،
تهذيب التهذيب (1 / 386).
259

حجر فقد قال: صدوق يهم. والله أعلم (1).
(6) سعيد بن الحسن: بن سعيد الإسكاف. ترجم له أبو نعيم في أخبار
أصبهان ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وذكر هذه الرواية في
ترجمته.
روى عنه ثلاثة: يعقوب القمي، وأحمد بن جعفر، وأبو حامد (2).
وقع في المعجم الكبير " سعد بن الحسين " ولعله تحريف.
(7) أبو بكر بن عياش: بن سالم الأسدي، الكوفي الحناط. والراجح
أن كنيته هي اسمه.
ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح (فق 4). وثقه
ابن معين وآخرون وتكلموا فيه لخطئه في حديثه. قال أحمد: ثقة
وربما غلط. وقال مهنا عن أحمد: كثير الخطأ جدا، قلت: كان
في كتبه خطأ؟ قال: لا، كان إذا حدث من حفظه.
وقد سبر ابن عدي أحاديثه ثم قال: هو في كل رواياته عن كل من
روى عنه لا بأس به وذلك أني لم أجد له حديثا منكرا إذا روى
عنه ثقة إلا أن يروي عن ضعيف.
وقال ابن حبان: كان من الحفاظ المتقنين وكان يحيى وعلي بن
المديني يسيئان الرأي فيه وذلك أنه لما كبر ساء حفظه فكان يهم
إذا روى والخطأ والوهم شيئان لا ينفك عنهما البشر فمن كان لا
يكثر ذلك منه فلا يستحق ترك حديثه بعد تقدم عدالته.. والصواب

(1) أخبار أصبهان (2 / 253)، ديوان الضعفاء (ص 345)، الكاشف (3 / 292)، المغني
في الضعفاء (2 / 758)، ميزان الاعتدال (4 / 452)، تقريب التهذيب (2 / 376)،
تهذيب التهذيب (11 / 390).
(2) أخبار أصبهان (1 / 329).
260

في أمره مجانبة ما علم أنه أخطأ فيه والاحتجاج بما يرويه سواء
وافق الثقات أو خالفهم (1). ومقتضي هذا أنه حسن الحديث على
الأقل إلا إذا خولف أو تبين خطؤه.
(8) عاصم: حسن الحديث. تقدم.
(9) زر بن حبيش: ثقة. تقدم.
(10) عبد الله بن مسعود: صحابي.
ففي هذا الإسناد سعيد بن الحسن وهو مستور ولكن رواه أبو داود
عن محمد بن العلاء عن أبي بكر بن عياش عن عاصم.. إلخ،
ومحمد بن العلاء هو ابن كريب الهمداني أبو كريب الكوفي. توفي
248 ه‍. من العاشرة (ع). ثقة حافظ. وقد روى عنه البخاري
خمسة وسبعين حديثا ومسلم خمسمائة وخمسين حديثا (2).
وهكذا يصح الحديث عن أبي بكر بن عياش وهو حسن الحديث
كما بينت. ومع ذلك فقد توبع في معنى هذا الحديث بعدد من الثقات عن
عاصم مثل: سفيان الثوري وعمر بن عبيد الطنافسي ويحيى بن سعيد
القطان وغيرهم (3). ومدار الحديث على عاصم وهو حسن الحديث.
النتيجة:
إسناده حسن.

(1) طبقات ابن سعد (6 / 386) تذكرة الحفاظ (1 / 265)، الكاشف (3 / 316)، تقريب
التهذيب (2 / 399)، تهذيب التهذيب (12 / 34).
(2) الكاشف (3 / 86)، تقريب التهذيب (2 / 197)، تهذيب التهذيب (9 / 385).
(3) انظر رقم 16 من هذا الكتاب.
261

25 - عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث
فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه
اسم أبي ".
تخريج الحديث:
أخرجه أبو داود في كتاب المهدي من سننه قال:
حدثنا مسدد أن عمر بن عبيد حدثهم ح:
وحدثنا محمد بن العلاء أخبرنا أبو بكر - يعني ابن عياش / ح:
وحدثنا مسدد قال أخبرنا يحيى عن سفيان. ح:
وحدثنا أحمد بن إبراهيم قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا
زائدة. ح:
وحدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثني عبيد الله بن موسى، عن
فطر: المعنى واحد.
كلهم: عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو
لم يبق من الدنيا إلا يوم - قال زائدة في حديثه - لطول الله ذلك اليوم.
ثم اتفقوا - حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي
واسم أبيه اسم أبي ".
زاد في حديث فطر: يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما
وجورا. وقال في حديث سفيان: لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك
العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.
262

قال أبو داود: لفظ عمر وأبي بكر بمعنى سفيان (1).
وقد جمع الإمام أبو داود هنا في سياق واحد بين متون مختلفة
وأسانيد متعددة اشتركت في بعض الفقرات وانفردت في بعضها وقد وردت
منفصلة في كتب أخرى. ولو أردنا إرجاع كل متن إلى سنده تصير أربعة
أحاديث بخمسة طرق. تقدم الكلام في الأول في الحديث (21) وفي
الثالث في الحديث (24) وسيأتي الثاني في الحديث (26) وأما الرابع
فسأبحث فيه هنا. وهو:
(1) حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا
زائدة، عن عاصم عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو لم يبق
من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من
أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي.
(2) وأخرجه أيضا أبو نعيم في أخبار أصبهان قال: حدثنا أبو
محمد بن حيان، ثنا أبو بكر بن الجارود، ثنا محمد بن عيسى الزجاج،
ثنا أبو نعيم، ثنا فطر، عن أبي إسحاق وعاصم، عن زر، عن عبد الله
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوما (2) واحدا بعث الله
عز وجل رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي (3).
(3) وأخرجه ابن أبي شيبة قال: الفضل بن دكين، قال، ثنا فطر (4)،
عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذهب الدنيا حتى
يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي (5).

(1) سنن أبي داود (4 / 106).
(2) كذا في أخبار أصبهان وفي رواية أبي داود وغيره " يوم " كما سبق.
(3) أخبار أصبهان (2 / 195).
(4) الظاهر أن " عاصم " سقط من هذا الإسناد فإني لم أجد لفطر رواية عن زر. وجميع
رواة هذا الحديث مجمعون على روايته عن عاصم عن زر. والله أعلم.
(5) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
263

(4) وأخرجه الطبراني في الكبير قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا
أبو نعيم، ثنا فطر بن خليفة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن
حبيش، عن عبد الله بن مسعود يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يذهب الدنيا
حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم
أبي (1).
(5) وقال الطبراني أيضا: حدثنا العباس بن محمد المجاشعي
الأصبهاني، ثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني، ثنا عبيد الله بن موسى،
عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا مني
أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي " (2).
(6) وأخرجه أيضا أبو عمرو الداني في سننه قال: حدثنا حمزة بن
علي، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن الحسين الجهني بدمشق،
حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا
زائدة، عن عاصم، عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو لم
يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجل من أمتي،
يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي " (3).
(7) وأخرجه أيضا الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده قال: حدثنا
علي بن عبد العزيز، نا أبو نعيم، نا فطر، عن عاصم، عن زر، عن
عبد الله يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله تعالى
رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي (4).

(1) المعجم الكبير ط (10 / 163 / 10213).
(2) المصدر السابق (10 / 166 / 10222).
(3) السنن الواردة في الفتن (5 / 1054) حديث 571.
(4) مسند الشاشي (2 / 110) حديث 634.
264

رجال الحديث:
(أ) طريق أبي داود
(1) أحمد بن إبراهيم: الدورقي. ثقة حافظ. تقدم
(2) عبيد الله بن موسى: بن أبي المختار باذام العبسي الكوفي أبو محمد
الحافظ. توفي 213 ه‍ (ع).
قال ابن حجر في التقريب: ثقة كان يتشيع. قال أبو حاتم: كان
أثبت في إسرائيل من أبي نعيم واستصغر في سفيان الثوري. وقال
الذهبي في الكاشف: أحد الأعلام على تشيعه وبدعته. ثقة. وقال
في الميزان: شيخ البخاري، ثقة في نفسه لكنه شيعي منحرف،
وكان ذا زهد وعبادة وإتقان.
وثقه ابن معين وأبو حاتم والعجلي وابن عدي وابن سعد وآخرون
وتكلم فيه أحمد ويعقوب بن سفيان وغيرهما. روى عنه البخاري
27 حديثا (1).
(3) زائدة بن قدامة: الثقفي، أبو الصلت الكوفي. ثقة ثبت صاحب
سنة. من السابعة. توفي 160 وقيل بعدها (ع). وثقه الثوري وابن
عيينة وأحمد والذهلي وأبو زرعة وأبو حاتم والدارقطني وآخرون (2).
(4) عاصم: بن أبي النجود. حسن الحديث. تقدم
(5) زر بن حبيش. ثقة. تقدم.

(1) طبقات ابن سعد (6 / 400)، التاريخ الكبير (3 / 1 / 104) الجرح والتعديل (2 / 2 /
335)، تذكرة الحفاظ (1 / 353)، ديوان الضعفاء (ص 206)، الكاشف (2 /
234)، المغني في الضعفاء (2 / 418)، ميزان الاعتدال (3 / 16)، تقريب التهذيب
(1 / 539) تهذيب التهذيب (7 / 50).
(2) تقريب التهذيب (1 / 251)، تهذيب التهذيب (3 / 306).
265

(6) عبد الله بن مسعود: الصحابي الجليل.
(ب) طريق أبي نعيم
(1) أبو محمد بن حيان: هو عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان أبو
محمد المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني. توفي 369 ه‍. قال أبو
نعيم: أحد الثقات الأعلام صنف الأحكام والتفسير والشيوخ ووثقه
أيضا ابن مردويه وأبو بكر الخطيب (1).
(2) أبو بكر بن الجارود: هو محمد بن علي بن الجارود، قال أبو
نعيم: كثير الحديث صاحب أصول، ثقة. توفي 325 ه‍ (2).
(3) محمد بن عيسى الزجاج: أبو عبد الله. ثقة مأمون. قاله أبو نعيم
أيضا (3).
(4) أبو نعيم: الفضل بن دكين. ثقة ثبت. تقدم.
(5) فطر بن خليفة: ثقة شيعي كما قال الذهبي في ديوان الضعفاء
تقدم.
(6) أبو إسحاق: هو السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني، الكوفي توفي
126 ه‍ أو بعدها (ع). مكثر ثقة عابد. وثقه أحمد وابن معين
والنسائي والعجلي وأبو حاتم وغيرهم. روى عنه فطر بن خليفة.
ولم يذكر المزي زر بن حبيش في شيوخه (4) ولكنه روى عمن هو
أقدم منه.

(1) أخبار أصبهان (2 / 90)، تذكرة الحفاظ (3 / 945).
(2) أخبار أصبهان (2 / 249).
(3) المصدر السابق (2 / 195).
(4) تهذيب الكمال ط (22 / 102).
266

ذكر ابن حجر أنه اختلط بآخره، ولكن الذهبي قد نفى اختلاطه
فقال في الميزان: من أئمة التابعين بالكوفة وأثباتهم ألا أنه شاخ
ونسي ولم يختلط وقد سمع منه سفيان بن عيينة وقد تغير قليلا.
وقال في المغني: ثقة نبيل شاخ ونسي ولم يضعفه أحد وسمع منه
ابن عيينة وقد تغير شيئا، وهكذا فاختلاطه لا يؤثر في صحة
الحديث إلا عند المخالفة. نعم لقد كان من المدلسين، وذكره ابن
حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين. وقد عنعن في هذه
الرواية (1). ولكن قد تابعه عاصم في هذه الرواية.
وبقية رجاله ورجال ابن أبي شيبة هم رجال أبي داود وغيره.
وهكذا رأينا أن رجال أبي داود كلهم ثقات سوى عاصم وهو حسن
الحديث. فالحديث حسن بإسناد أبي داود ويزداد قوة بإسناد أبي
نعيم حيث تابعه أبو إسحاق السبيعي ورجاله كلهم ثقات أيضا إلا
أن أبا إسحاق السبيعي مدلس وقد عنعن ولكنه اعتضد أيضا برواية
عاصم. فيرتقي الحديث إلى صحيح لغيره. والله أعلم.
قال الحاكم: طرق عاصم عن زر عن عبد الله كلها صحيحة إذ
عاصم إمام من أئمة المسلمين (2).
وقال الألباني في تعليقاته على المشكاة: وإسناده حسن (3).

(1) طبقات ابن سعد (6 / 314)، التاريخ الكبير (3 / 2 / 247)، الجرح والتعديل (3 / 1 /
243)، العلل لابن المديني (ص 40 / 49)، تذكرة الحفاظ (1 / 114)، الكاشف
(2 / 334)، المغني في الضعفاء (2 / 486) ميزان الاعتدال (3 / 270)، تقريب
التهذيب (2 / 73)، تهذيب التهذيب (8 / 63)، طبقات المدلسين (ص 16)،
الاغتباط (ص 21).
(2) المستدرك (4 / 557).
(3) مشكاة المصابيح (3 / 24) رقم 5452.
267

وقال في صحيح الجامع الصغير: صحيح (1).
النتيجة:
الحديث صحيح لغيره.

(1) صحيح الجامع الصغير (5 / 70) رقم 5180، وذكر أنه حققه في الروض النضير
(ص 647).
268

26 - عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث
فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه
اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه أبو داود في كتاب المهدي في سننه قال: حدثنا
أحمد بن إبراهيم قال: حدثني عبيد الله بن موسى، عن فطر، عن عاصم،
عن زر، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره (1).
(2) وأخرجه ابن حبان في " ذكر الأخبار عن وصف اسم المهدي
واسم أبيه ضد قول من زعم أن المهدي عيسى بن مريم " فقال: أخبرنا
الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة قال: ثنا عمرو بن علي بن بحر قال:
ثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن عاصم، عن زر عن عبد الله قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى يملك الناس رجل من أهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملأها قسطا وعدلا " (2).
(3) وأخرجه الحاكم في المستدرك معلقا: فذكر حديث " لا مهدي
إلا عيسى بن مريم " وذكر علله ثم قال: " فذكرت ما انتهى إلي من علة
هذا الحديث تعجبا لا محتجا به في المستدرك على الشيخين رضي الله
عنهما فإن أولى من هذا الحديث ذكره في هذا الموضع حديث: سفيان
الثوري وشعبة وزائدة وغيرهم من أئمة المسلمين عن عاصم بن بهدلة عن
زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه

(1) سنن أبي داود (4 / 106)، وانظر الحديث السابق رقم 25.
(2) الإحسان (8 / 293 ب).
269

اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا
وظلما " (1).
(4) وأخرجه الطبراني في الكبير بطرق عدة (2) قال: حدثنا
يعقوب بن إسحاق النيسابوري، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا أبو غسان
المسمعي، ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن عاصم عن زر عن
عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يذهب الأيام حتى يملك رجل من أهل
بيتي يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما
وجورا.
(5) وقال أيضا: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا حامد بن
يحيى البلخي، ثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن
حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه
اسمي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما ".
(6) وقال أيضا: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا حميد بن
محمد الرازي، ثنا هارون بن المغيرة، عن عمرو بن أبي قيس، عن
عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: " لو لم يبق من
الدنيا إلا ليلة لطول الله تلك الليلة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما
وجورا ".
(7) وقال أيضا حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا عبد الله بن عمر بن
أبان، ثنا يوسف بن حوشب، ثنا واسط بن الحارث، عن عاصم بن أبي

(1) المستدرك (4 / 443).
(2) المعجم الكبير (10 / 163 - 166) الأحاديث: 10227 / 2، 10219، 10224،
10225، 10214، 10220.
270

النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يوافق
اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا ".
(8) وقال أيضا: حدثنا موسى بن هارون، ثنا عبد الله بن داهر
الرازي، ثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن عاصم بن أبي
النجود، عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ".
(9) وقال أيضا: حدثنا عمر بن إبراهيم البغدادي، ومحمد بن
أحمد بن أبي خيثمة، ثنا محمد بن علي بن خالد العطار، ثنا عمرو بن
عبد الغفار، ثنا شعبة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن
عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يذهب الدنيا حتى يلي رجل من
أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، يواطئ اسمه
اسمي ".
(10) وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير أيضا قال: حدثنا
يحيى بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن محمد بن زياد بن جرير بن
عبد الله البجلي الكوفي، حدثنا جعفر بن علي بن خالد بن جرير بن
عبد الله البجلي، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن عاصم بن أبي
النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ".
وقال: لم يروه عن أبي الأحوص إلا جعفر بن علي تفرد به
يحيى بن إسماعيل (1).

(1) المعجم الصغير (2 / 148).
271

(11) وأخرجه الدارقطني في الأفراد قال: نا البغوي، نا عبد الله بن
عمر بن أبان قال: نا يوسف بن حوشب قال: حدثنا ماسط (الصواب
واسط) بن الحارث، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يذهب الدهر حتى يملك رجل من أهل بيتي يوافق
اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما " (1).
(12) وأخرجه ابن عدي في الكامل: ثنا محمد بن إبراهيم بن
ميمون السراج، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، بمثل إسناد الدارقطني
ولفظه: لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا
وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
قال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: ثنا مشكدانة من أصله، ثنا
يوسف بن حوشب، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم
مثله. ولم يذكر في إسناده واسط. وهذا لا يرويه عن واسط غير
يوسف بن حوشب (2).
(13) وأخرجه ابن عدي أيضا قال: أخبرنا علي بن سعيد، ثنا
عبد الله بن داهر. الرازي ومحمد بن حميد قالا: ثنا عبد الله بن عبد
القدوس، عن الأعمش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تمضي الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملؤها عدلا كما ملئت ظلما ".
قال ابن عدي: وهذا رواه عن عبد الله بن عبد القدوس عباد بن
يعقوب الرواجني فلم يجعل في إسناده بين الأعمش وزر عاصم وقال: عن
الأعمش عن زر (3).

(1) رواه عن طريقة ابن الجوزي في العلل المتناهية (146 ألف).
(2) الكامل لابن عدي ط (7 / 2555) و (6 / 2082) مختصرا
(3) المرجع السابق (4 / 1544).
272

14 - وأخرجه أبو عمرو الداني في سننه قال: حدثنا سلمون بن
داود، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن أحمد بن الهيثم
الدوري، حدثنا أبي، حدثنا سورة بن الحكم، حدثنا سليمان بن قرم،
ويحيى بن ثعلبة، وحماد بن سلمة، وقيس وأبو بكر بن عياش، عن
عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة
حتى يملك رجل من أهل بيتي، اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ
الأرض عدلا وقسطا، كما ملئت جورا " (1).
15 - وقال أيضا: حدثنا حمزة بن علي، حدثنا عبد الله بن محمد،
حدثنا قاسم المطرز. حدثنا علي بن المنذر الطريقي، حدثنا محمد بن
فضيل. حدثنا عثمان بن شبرمة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي اسمه
اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض عدلا وقسطا. كما ملئت جورا
وظلما " (2).
16 - وقال أيضا: حدثنا حمزة بن علي، حدثنا عبد الله بن محمد
حميد الرازي، حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، حدثنا الأعمش، عن
عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى
يملك رجل من أهلي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما
ملئت جورا " (3).
17 - وأخرجه البزار أيضا في مسنده قال: حدثنا الفضل بن سهل،
قال: نا عبد الله بن داهر، قال: نا عبد الله بن عبد القدوس، عن
الأعمش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1) السنن الواردة في الفتن (5 / 1039) حديث 554.
(2) المصدر السابق (5 / 1040) حديث 555.
(3) المصدر السابق (5 / 1049) حديث 563.
273

قال: " لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه
اسمي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ".
قال: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن عاصم، عن زر،
عن عبد الله. إلا عبد الله بن عبد القدوس (1).
18 - وأخرجه الهيثم بن كليب في مسنده قال: حدثنا أحمد بن
زهير، نا عبد الله بن داهر الرازي، نا عبد الله بن مسعود قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " (2).
19 - وقال أيضا: حدثنا أبو عمرو أحمد بن حازم بن أبي غرزة، نا
عبيد الله، نا فطر، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله تعالى فيه رجلا
من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي يملؤها عدلا كما
ملئت جورا (3).
20 - وقال أيضا: حدثنا ابن أبي غرزة، نا إبراهيم بن الحكم بن
ظهير، حدثني أبي، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم
مثله (4).
21 - وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد قال: أخبرني أبو
القاسم عبد العزيز بن محمد بن نصر الستوري، وأبو الحسن علي بن
أحمد بن محمد الرزاز قالا: نبأنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي،
قال: حدثني محمد بن أحمد بن الهيثم الدوري، قال: حدثني أحمد بن

(1) مسند البزار (5 / 225) حديث 1832.
(2) مسند الهيثم بن كليب الشاشي (2 / 111) حديث 635.
(3) المصدر السابق (2 / 109) حديث 632.
(4) المصدر السابق حديث 633.
274

الهيثم قال: حدثني سورة بن الحكم صاحب الرأي قال: نبأنا سليمان بن
قرم، ويحيى بن ثعلبة، وحماد بن سلمة، وقيس بن الربيع، وأبو بكر بن
عياش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يملك الناس رجل من أهل بيتي اسمه اسمي واسم أبيه
اسم أبي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا " (1).
22 - وأخرجه أبو نعيم أيضا كما ذكره السيوطي (2).
رجال الحديث:
إسناد أبي داود:
(1) أحمد بن إبراهيم: ثقة. تقدم
(2) عبيد الله بن موسى: ثقة يتشيع. تقدم
(3) فطر بن خليفة: ثقة شيعي. تقدم.
(4) عاصم بن أبي النجود: حسن الحديث. تقدم.
(5) زر بن حبيش: ثقة. تقدم.
(6) عبد الله بن مسعود: صحابي.
إسناد ابن حبان:
(1) الحسين بن أحمد بن بسطام: لم أجد له ترجمة، ولكن ابن حبان
يشترط الصحة في كتابه هذا (3)، وهو وإن كان معروفا بتساهله في

(1) تاريخ بغداد (1 / 370) وعن طريقة ابن الجوزي في العلل المتناهية (154 ب).
(2) الحاوي (2 / 58).
(3) الإحسان (المطبوع) (1 / 81).
275

توثيق المجهولين لكن هذا شيخه فلا بد أنه عرفه ووثقه. ولذلك
يحمل أمره على العدالة. والله أعلم.
(2) عمرو بن علي بن بحر: بن كنيز، أبو حفص الفلاس، الصيرفي،
الباهلي البصري، ثقة حافظ. من العاشرة. مات 249 ه‍ (ع).
قال أبو زرعة: كان من فرسان الحديث. روى عنه البخاري 47
حديثا ومسلم حديثين (1).
(3) ابن مهدي: هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري.
مولاهم. أبو سعيد البصري. ثقة ثبت حافظ. عارف بالرجال
والحديث. قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه. مات 198 ه‍
(ع) (2).
(4) سفيان: ابن مهدي يروي عن السفيانين الثوري وابن عيينة وكل
منهما روى عن عاصم. فلا أدري من المراد هنا. ولكن ابن مهدي
يكثر عن الثوري. ولا ضير فالكل ثقة، وقد تقدمت ترجمتاهما.
وبقية رجاله هم رجال أبي داود.
إسناد الطبراني الأول:
(1) يعقوب بن إسحاق النيسابوري، أبو عوانة الإسفرائيني، صاحب
المسند المعروف. إمام محدث معروف. قال الحاكم: أبو عوانة من
علماء الحديث وأثباتهم... مات 310 ه‍ (3).
(2) مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، صاحب الصحيح إمام

(1) تقريب التهذيب (2 / 75)، تهذيب التهذيب (8 / 80).
(2) تقريب التهذيب (1 / 499).
(3) تذكرة الحفاظ (3 / 779) البداية والنهاية (11 / 159) شذرات الذهب (2 / 274).
276

معروف. قال ابن حجر: ثقة حافظ إمام مصنف، عالم الفقه، مات
261 ه‍ / ت (1).
(3) أبو غسان المسمعي، مالك بن عبد الواحد البصري، ثقة. من
العاشرة مات 230 ه‍ / م د (2).
(4) معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري، سكن اليمن،
صدوق ربما وهم من التاسعة، مات 200 ه‍ / ع (3).
(5) هشام بن أبي عبد الله سنبر، أبو بكر الدستوائي، ثقة ثبت وقد رمي
بالقدر، من كبار السابعة، مات 154 ه‍ / ع (4).
وبقية رجاله هم رجال أبي داود.
إسناد الطبراني الثاني:
(1) الحسين بن إسحاق التستري: ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء
وقال: كان من الحفاظ الرحالة. مات 290 ه‍ (5).
(2) حامد بن يحيى البلخي: أبو عبد الله، نزل طرسوس، ثقة حافظ.
من العاشرة مات 242 ه‍ / د. (6).
(3) سفيان بن عيينة إمام معروف.
وبقية رجاله هم أيضا رجال أبي داود.

(1) التقريب (2 / 245).
(2) التقريب (2 / 225).
(3) التقريب (2 / 257).
(4) التقريب (2 / 319).
(5) سير أعلام النبلاء (14 / 57).
(6) التقريب (1 / 146).
277

وبعد ثبوت صحة هذه الأسانيد لا حاجة إلى دارسة تراجم رجال
الأسانيد الأخرى حيث أن مدارها جميعا على عاصم بن أبي النجود
وهو حسن الحديث كما تقدم فالحديث حسن الإسناد. وأما ما رمي
به عبيد الله بن موسى وفطر بن خليفة في إسناد أبي داود من
التشيع فلا يضر ذلك في صحة الحديث لثبوت عدالتهما كما سيأتي
لا سيما وقد ورد الحديث من طرق أخرى عند ابن حبان والطبراني
وليس في رجالها من رمي بالتشيع. والله أعلم.
قال الألباني في تخريج المشكاة (1): إسناده حسن. وقال في صحيح
الجامع الصغير: صحيح.
النتيجة:
إسناده حسن.

(1) مشكاة المصابيح بتعليقاته (3 / 24) حديث 5452. صحيح الجامع الصغير (5 / 70)
حديث 5180. وذكر أنه خرجه أيضا في الروض النضير (647).
278

27 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ".
تخريج الحديث:
(ألف)
(1) أخرجه البخاري في صحيحه قال: حدثنا ابن بكير، حدثنا
الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني نافع مولى أبي قتادة
الأنصاري، أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم إذا نزل ابن
مريم فيكم وإمامكم منكم (1).
(2) وأخرجه مسلم في صحيحه قال: حدثني حرملة بن يحيى،
أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني نافع
مولى أبي قتادة الأنصاري، أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف
أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم " (2).
(3) وأخرجه أحمد في مسنده: ثنا عثمان بن عمر، ثنا ابن أبي
ذئب، عن الزهري، عن نافع مولى أبي قتادة، عن أبي هريرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: كيف بكم إذا نزل فيكم عيسى بن مريم وإمامكم منكم (3).
(4) وأخرجه ابن حبان في صحيحه قال: أخبرنا عبد الله بن
محمد بن مسلم، قال: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: ثنا الوليد بن
مسلم، قال: ثنا الأوزاعي، عن ابن شهاب، أن نافع بن أبي نافع مولى
أبي قتادة أخبره، أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم إذا

(1) صحيح البخاري مع فتح الباري (6 / 491).
(2) صحيح مسلم (1 / 136) رقم 155.
(3) مسند أحمد (2 / 336).
279

نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم (1).
(5) وأخرجه البيهقي أيضا في كتاب الأسماء والصفات قال: أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق، أنا أحمد بن إبراهيم، ثنا ابن
بكير، حدثني الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي
قتادة الأنصاري قال: إن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:
كيف أنتم إذا نزل ابن مريم من السماء فيكم وإمامكم منكم (2).
قال البيهقي: رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير وأخرجه
مسلم ومن وجه آخر عن يونس.
(6) وأخرجه أيضا أبو عمرو الداني في سننه (3)، وابن منده بطرق
عن الزهري به (4).
(ب)
وقد روى الحديث مع بعض الاختلاف في اللفظ.
(7) أخرجه مسلم في صحيحه قال: وحدثني محمد بن حاتم،
حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن أخي ابن شهاب، عن عمه قال:
أخبرني نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أنه سمع أبا هريرة يقول: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وأمكم (5).

(1) الإحسان (7 / 284).
(2) الأسماء والصفات (ص 242).
(3) السنن الواردة في الفتن (6 / 1231) حديث 683.
(4) الإيمان (2 / 515) الأحاديث (413، 414، 416).
(5) صحيح مسلم (1 / 136) حديث رقم 245 (155).
280

(ج)
(8) وأخرجه مسلم أيضا من طريق آخر قال: وحدثنا زهير بن
حرب، حدثني الوليد بن مسلم، حدثنا ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب،
عن نافع، عن مولى أبي قتادة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كيف
أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمكم منكم.
فقلت لابن أبي ذئب: إن الأوزاعي حدثنا عن الزهري، عن نافع، عن
أبي هريرة، " وإمامكم منكم " قال ابن أبي ذئب: تدري ما أمكم منكم؟ قلت:
تخبرني؟ قال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم (1).
(د)
وللحديث رواية ثالثة بالشك بين اللفظين.
(9) أخرجها الإمام أحمد بن حنبل قال: ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن
الزهري، عن حنظلة الأسلمي، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كيف بكم إذا نزل بكم ابن مريم فأمكم أو قال فإمامكم منكم (2).
(10) وأخرجها نعيم بن حماد أيضا في الفتن: عبد الرزاق، عن
معمر، عن الزهري أخبرني عمرو بن سفيان الثقفي - ثم ساق حديثا - ثم
قال: قال الزهري: عن نافع مولى أبي قتادة، عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بكم إذا نزل بكم ابن مريم فأمكم.
أو قال: إمامكم منكم (3).
(11) كما أخرجه ابن منده في كتاب الإيمان عن طريق عبد الرزاق نفسه (4).

(1) المصدر السابق (1 / 137) حديث رقم 246 (155).
(2) مسند أحمد (2 / 272).
(3) كتاب الفتن (161 ألف).
(4) الإيمان (2 / 516) حديث 415.
281

رجال الحديث:
الإسناد الأول: أخرجه البخاري.
الإسناد الثاني: أخرجه مسلم.
الإسناد الثالث: عثمان بن عمر: بن فارس العبدي. بصري. أصله
من بخارى. ثقة. قيل كان يحيى بن سعيد لا يرضاه. من التاسعة. مات
209 ه‍ (ع) (1). وبقية رجاله هم رجال البخاري ومسلم.
الإسناد الرابع: عبد الله بن محمد بن مسلم: هو الحافظ أبو بكر
الإسفرائيني. كان من الأثبات (2).
عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي. لقبه دحيم. ثقة حافظ متقن (خ د
س ق) (3). وبقية رجاله هم رجال مسلم.
الإسناد الخامس: أبو عبد الله الحافظ: هو الإمام الحاكم صاحب
المستدرك.
أبو بكر بن إسحاق: أحمد بن إسحاق بن أيوب الضبعي. ثقة
سيأتي.
أحمد بن إبراهيم الدورقي: ثقة حافظ. تقدم.
وبقية رجاله هم رجال البخاري إلا أن كلمة " من السماء " لا توجد
في الصحيحين.
الإسناد السابع: أخرجه مسلم.
الإسناد الثامن: أخرجه مسلم أيضا.

(1) تقريب التهذيب (2 / 13).
(2) تذكرة الحفاظ (3 / 792).
(3) تقريب التهذيب (1 / 471).
282

الإسنادان التاسع والعاشر: عبد الرزاق في الصنعاني. صاحب
المصنف. ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره فتغير وكان يتشيع
ولكن الإمام أحمد سمع منه قبل الاختلاط كما صرح بذلك الحافظ زين
الدين العراقي في التقييد والإيضاح (1).
معمر بن راشد: ثقة ثبت. وفي روايته عن ثابت والأعمش
وهشام بن عروة شئ وكذلك فيما حدث به بالبصرة. وليست روايته هنا
كذلك. تقدم.
الزهري: الإمام المعروف.
حنظلة الأسلمي: المدني. ثقة من الثامنة (بخ م د س ق) (2).
بإمعان النظر في ألفاظ الحديث يتبين أن الحديث روي على أربعة أوجه:
(1) بلفظ: " وإمامكم منكم " (قسم ألف).
(2) بلفظ: " أمكم " (قسم ب).
(3) بلفظ: " فأمكم منكم " (قسم ج).
(4) بالشك " فأمكم أو قال فإمامكم منكم " (قسم د).
أما الشك فيرجع إلى اليقين بعد الترجيح. فبقي الكلام في الألفاظ
الثلاثة الأولى وبينها بعض الاختلاف في المعنى. أما الثالث: فقد فسره
ابن أبي ذئب فقال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم كما
سبق. ولفظه يحتمل أيضا أن يفسر " فأمكم منكم " أي فأمكم رجل منكم.
وهذا يتفق مع رواية " فإمامكم منكم " أي أن الإمام يكون غير عيسى، رجل
من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

(1) تقريب التهذيب (1 / 505)، التقييد والإيضاح (ص 460)، حلية الأولياء (9 / 184).
(2) تقريب التهذيب (1 / 206).
283

بقي الكلام في لفظ " فأمكم " والمتبادر منه أن عيسى هو الذي
سيكون إماما ولكن هذه الكلمة تفرد بها ابن أخي الزهري. وقال فيه ابن
حجر في التقريب: " صدوق له أوهام " ولكن قد روى نحوه سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا: " لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم
بالأعماق.... فبينما هم يعدون للقتال ويسيرون الصفوف إذ أقيمت
الصلاة صلاة الصبح فينزل عيسى بن مريم صلوات الله فأمهم (1).
ولكن سهيل بن أبي صالح أيضا قد تكلم فيه ابن معين وغيره. قال
ابن حجر: صدوق تغير حفظه بآخره (2).
ويمكن أن يحمل على المجاز فأمهم أي فأمر إمامهم بالصلاة.
ومن هنا يتبين أن الراجح هو اللفظ الأول أي " وإمامكم منكم " ولم
يخرجه البخاري إلا بهذا اللفظ وهي رواية الأكثرين من تلاميذ الزهري مثل
يونس وابن أبي ذئب والأوزاعي. وقال البخاري بعد ذكر هذه الرواية عن
طريق يونس عن الزهري: تابعه عقيل والأوزاعي. وقال ابن حجر: فأما
متابعة عقيل فوصلها ابن منده في كتاب الإيمان من طريق الليث عنه وأما
متابعة الأوزاعي فوصلها ابن منده أيضا وابن حبان والبيهقي في البعث وابن
الأعرابي في معجمه من طرق عنه ولفظه مثل رواية يونس (3).
هذا وقد وردت في هذا المعنى أحاديث عن غير أبي هريرة من
الصحابة. ومنهم جابر بن عبد الله رضي الله عنه. ففي حديثه عند مسلم
" فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم تعال صل بنا فيقول لا أن
بعضكم على بعض أمراء. تكرمة الله لهذه الأمة (4).

(1) مسلم (4 / 2221، رقم 2897)، الحاكم (4 / 482).
(2) تقريب التهذيب (1 / 338).
(3) فتح الباري (6 / 493).
(4) صحيح مسلم (2 / 193) وسيأتي.
284

وعنه عند أحمد في حديث طويل فيه... " فإذا هم بعيسى بن
مريم صلى الله عليه وسلم فتقام الصلاة فيقال له تقدم يا روح الله. فيقول ليتقدم إمامكم
فيصل بكم (1) ".
وفي حديث عثمان بن أبي العاص مرفوعا " وينزل عيسى بن مريم
عليه السلام عند صلاة الفجر فيقول له أميرهم روح الله.. تقدم صل
فيقول هذه الأمة أمراء بعضهم على بعض فيتقدم أميرهم فيصلي...
إلخ " (2).
وفي حديث أبي أمامة الباهلي مرفوعا.. " فقالت أم شريك بنت أبي
العكر: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل وجلهم
ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح. فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم
الصبح إذا نزل عليه عيسى بن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام ينكص
ويمشي القهقرى ليتقدم عيسى يصلي بالناس فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم
يقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت. فيصلي بهم إمامهم (3).

(1) مسند أحمد (4 / 367 / 368).
(2) أخرجه أحمد (4 / 216، 217). والحاكم في المستدرك (4 / 478) بطريقين. وابن
أبي شيبة في المصنف (317 ألف) والطبراني كما في مجمع الزوائد (7 / 432) وأبو
يعلى في مسنده كما في تاريخ دمشق لابن عساكر (1 / 614) وإتحاف الخيرة (217
ب) ومدارهم جميعا على علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف. وقد تابعه أيوب
السختياني في إحدى طريقي الحاكم ولكن مدار هذه المتابعة على سعيد بن هبيرة.
وقال فيه الذهبي " واه ". وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات كأنه كان
يضعها أو توضع له فيجيب فيها: تلخيص المستدرك (4 / 478)، الجرح والتعديل
(2 / 1 / 71) لسان الميزان (3 / 48).
(3) أخرجه ابن ماجة (2 / 1359) رقم 4077 وفيه إسماعيل بن رافع وهو ضعيف جدا
وهو منقطع أيضا ولكن رواه بطريق آخر حنبل بن إسحاق في كتاب الفتن (52 ب).
وذكر إسناده أيضا أبو داود (4 / 117) والحاكم في المستدرك (4 / 536) وليس فيه
هذا الجزء. وابن عساكر في تاريخ دمشق (1 / 611) وعزاه السيوطي إلى ابن خزيمة
(الحاوي 2 / 135) وإسنادهم حسن.
285

وعن أبي سعيد الخدري مرفوعا: منا الذي يصلي عيسى بن مريم
خلفه (1).
وعن حذيفة مرفوعا بلفظ: يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم
كأنما يقطر من شعره الماء فيقول المهدي: تقدم صل بالناس. فيقول
عيسى إنما أقيمت الصلاة لك فيصلي خلف رجل من ولدي (2).
وهذه الأحاديث تفيد أن عيسى عليه السلام ينزل فيصلي وراء رجل
من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يكون أمير المسلمين يومذاك. ولكن بقي السؤال من هو
ذلك الرجل الصالح؟
نجد جواب هذا السؤال في حديث الذي أخرجه الحارث بن أبي
أسامة عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل عيسى بن
مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا فيقول: لا، إن بعضكم أمير
على بعض تكرمة الله لهذه الأمة.
وإسناده جيد. وقد سبق برقم 6. وينظر أيضا الحديث (37).
وقد سبق عن الحافظ أبي الحسن الآبري أنه قال: تواترت الأخبار
بأن المهدي من هذه الأمة وإن عيسى يصلي خلفه. وقال الحافظ ابن
حجر: وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر
الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو
عن قائم لله بحجة. والله أعلم (3).

(1) إسناده حسن وسيأتي.
(2) ذكره السيوطي في الحاوي (2 / 158) وعزاه إلى أبي عمرو الداني، وهو في سننه
في حديث طويل مع بعض الاختلاف في اللفظ وسيأتي في القسم الثاني من هذا
الكتاب ضمن الأحاديث الضعيفة.
(3) فتح الباري (6 / 494).
286

28 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لو لم يبق من الدنيا الا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيت
النبي صلى الله عليه وسلم ".
تخريج الحديث.
(1) أخرجه ابن حبان في صحيحه قال: أخبرنا الفضل بن حباب
قال: حدثنا مسدد بن مسرهد، حدثنا محمد بن إبراهيم أبو شهاب، عن
عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحديث (1).
(2) وأخرجه أبو عمرو الداني في سننه قال: حدثنا حمزة بن علي،
حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو خليفة، حدثنا مسدد، حدثنا أبو
شهاب عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل من أهل
بيتي " (2).
رجال الحديث:
(1) الفضل بن حباب: ثقة تقدم.
(2) مسدد بن مسرهد: ثقة حافظ. تقدم.
(3) محمد بن إبراهيم أبو شهاب الكناني. قال البخاري في التاريخ
الكبير: لم أر أحدا روى عنه غير مسدد روى عن عاصم بن بهدلة

(1) الإحسان تقريب صحيح ابن حبان (7 / 235 ألف) ذكر الخبر المصرح بأن خبر
أنس بن مالك لم يرد بعموم خطابه على الأحوال كلها. موارد الظمآن (ص 463)
حديث رقم 1876 باب ما جاء في المهدي.
(2) السنن الواردة في الفتن (5 / 1054) حديث 572. باب ما جاء في المهدي.
287

حديثا في المهدي. ذكره ابن حبان في الثقات. قال أبو حاتم:
ليس بالمشهور يكتب حديثه. وقال أبو نعيم في أخبار أصبهان:
محمد بن إبراهيم الكناني الأصبهاني حدث بهراة 289 ه‍. يروي
عن يونس بن حبيب روى عنه علي بن محمد الدغولي. ذكره
المتأخر (1). تقدم.
(4) عاصم بن بهدلة: حسن الحديث. تقدم.
(5) أبو صالح: ذكوان السمان الزيات المدني. ثقة ثبت. من الثالثة
توفي 101 ه‍ (ع) (2). وثقة ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وابن
سعد والساجي والحربي وأحمد بن حنبل والعجلي وآخرون. قال
أحمد: ثقة ثقة من أجل الناس وأوثقهم.
(6) أبو هريرة: الصحابي الجليل. اختلف في اسمه كثيرا. توفي 57،
58 أو 59 ه‍.
وهكذا نرى أن رجال الحديث كلهم وثقوا. ما عدا محمد بن
إبراهيم أبو شهاب الكناني وقد روى عنه اثنان ووثقه ابن حبان فأقل أحواله
أن يصلح للاعتبار فإن توبع بمعتبر أو وجدت له شواهد فيصبح حديثه
حسنا. وهو هكذا هنا. فأما الشواهد لحديثه فكثيرة كأحاديث ابن مسعود
المتقدمة 21، 22، 23، 24 وغيرها وكأحاديث أبي سعيد الخدري الآتية
30، 31، 32 وغيرها من طرق عدة وأما هذا اللفظ فلم أجد أحدا ذكره
غير ابن حبان. ولكن الظاهر أنه قد توبع فيه أيضا. فقد ورد في العلل
للدارقطني:
أنه سئل عن حديث أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال

(1) أخبار أصبهان (2 / 212).
(2) تذكرة الحفاظ (1 / 89)، الكاشف (1 / 297)، تقريب التهذيب (1 / 238)، تهذيب
التهذيب (3 / 220).
288

رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لطول الله تلك الليلة.
فقال: يرويه عاصم بن أبي النجود واختلف عنه فرواه أبو شيبة
يزيد بن معاوية وابن عيينة وحماد بن سلمة ومحمد بن إبراهيم أبو شهاب
الكناني عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا وزاد ألفاظا لم
يذكرها عاصم. ورفعه محفوظ (1).
فيتبين من كلام الدارقطني المذكور أن هذا الحديث رواه عن طريق
عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا أربعة وهم: أبو شيبة يزيد بن
معاوية: لا بأس به. من الثامنة (تمييز) (2) وابن عيينة: ثقة حافظ إمام حجة
فقيه. وحماد بن سلمة: ثقة عابد، ومحمد بن إبراهيم أبو شهاب الكناني:
وهو صاحب هذه الرواية. ولكني لم أجد من هذه الروايات غير رواية أبي
شهاب الكناني. وأما رواية سفيان بن عيينة فقد أوردها الترمذي موقوفا
على أبي هريرة عن طريق:
عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار العطار، حدثنا سفيان بن عيينة،
عن عاصم، أنا أبو صالح، عن أبي هريرة قال: لو لم يبق من الدنيا إلا
يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي (رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه
اسمي) وسيأتي الكلام عليها في الموقوفات (رقم 43).
فأما روايته مرفوعا فلم أعرفها، وكذلك رواية الثوري موقوفا كما
ذكرها الدارقطني لم أعرفها وأما رواية أبي حصين فقد أخرجها ابن ماجة
بلفظ لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله عز وجل حتى يملك رجل من
أهل بيتي يملك جبل الديلم والقسطنطينية. وإسناده ضعيف لأجل قيس بن
الربيع الراوي عن أبي حصين وهو صدوق تغير بآخره وأدخل عليه ابنه ما
ليس من حديثه. وسيأتي في قسم الأحاديث الضعيفة.

(1) العلل للدارقطني. المجلد الثالث القسم الثاني (154 ب).
(2) تقريب التهذيب (2 / 371).
289

وأما رواية حماد فذكرها نعيم في الفتن موقوفا على أبي هريرة،
وستأتي برقم (43) وعلى كل حال فهذا الحديث لا ينزل عن درجة
الحسن لشواهده الكثيرة وإن لم نعرف المتابعات التي أشار إليها
الدارقطني. والله أعلم.
النتيجة:
الحديث حسن لشواهده.
290

29 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يبايع لرجل ما بين الركن والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله
فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ثم تجئ الحبشة
فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا. هم الذين يستخرجون
كنزه ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه أحمد في مسنده: ثنا زيد بن الحباب، ثنا ابن أبي
ذئب، حدثني سعيد بن سمعان، سمعت أبا هريرة يحدث أبا قتادة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره (1).
(2) وأخرجه أيضا في موضع آخر: ثنا يزيد، أنا ابن أبي ذئب، عن
سعيد بن سمعان قال: سمعت أبا هريرة يخبر أبا قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: يبايع لرجل ما بين الركن والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا
استحلوه فلا يسأل عن هلكة العرب ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا
يعمر بعده أبدا وهم الذين يستخرجون كنزه (2).
(3) وأخرجه أيضا بطريق ثالث: ثنا أبو النضرة، عن ابن أبي ذئب،
وإسحاق بن سليمان قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد بن سمعان قال:
سمعت أبا هريرة يحدث أبا قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يبايع لرجل بين الركن
والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة
العرب ثم تأتي الحبشة فيخرجونه خرابا لا يعمر بعده أبدا وهم الذين
يستخرجون كنزه (3).

(1) مسند أحمد (2 / 291).
(2) المصدر السابق (2 / 312).
(3) المصدر السابق (2 / 328).
291

(4) وأخرجه أيضا من طريق رابع: حدثنا حسن بن محمد، أنا ابن
أبي ذئب، عن سعيد بن سمعان، أنه سمع أبا هريرة يخبر أبا قتادة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: يبايع لرجل بين الركن والمقام ولن يستحل هذا البيت إلا
أهله فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ثم تأتي الحبشة فيخربونه
خرابا لا يعمر بعده أبدا. وهم الذين يستخرجون كنزه (1).
(5) وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده. قال:
حدثنا ابن أبي ذئب قال: أخبرني سعيد بن سمعان مولى
المشمعل (2): قال: سمعت أبا هريرة يحدث أبا قتادة وهو يطوف بالبيت
فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بايع لرجل بين الركن والمقام وأول من يستحل
هذا البيت أهله فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ثم يجئ الحبشة
فيخربونه خرابا لا يعمر بعده. وهم الذين يستخرجون كنزه (3).
(6) وأخرجه ابن حبان في صحيحه قال أخبرنا أبو يعلى، قال: ثنا
أبو خيثمة، قال: ثنا إسحاق بن سلمان (4) الرازي. قال: سمعت ابن أبي
ذئب يذكر عن سعيد بن سمعان، أنه سمع أبا هريرة يحدث أبا قتادة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يبايع لرجل بين الركن والمقام ولن يستحل هذا البيت
إلا أهله فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ثم يظهر الحبشة فيخربونه
خرابا لا يعمر بعده أبدا وهم الذين يستخرجون كنزه (5).

(1) المصدر السابق (2 / 351).
(2) كذا في منحة المعبود " سعيد بن سمعان مولى المشمعل " ولكن لم أجد أحدا نص
في ترجمته على كونه مولى المشمعل. ولكن هناك راو آخر يروي عن أبي هريرة
ويروي عنه ابن أبي ذئب وهو عجلان المدني مولى المشمعل. والله أعلم. وعجلان
هذا قال فيه ابن حجر في التقريب: " لا بأس به " (2 / 16).
(3) منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبو داود (2 / 216).
(4) كذا في الأصل والصواب إسحاق بن سليمان الرازي. تقريب التهذيب (1 / 58)،
تهذيب التهذيب (1 / 234).
(5) الإحسان (8 / 294 ب).
292

(7) وأخرجه الحاكم في المستدرك قال: حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا ابن أبي ذئب.
وحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ واللفظ له. ثنا
حامد بن أبي حامد المقرئ، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي، قال: سمعت
ابن أبي ذئب، يحدث عن سعيد بن سمعان قال: سمعت أبا هريرة
رضي الله عنه يحدث أبا قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يبايع رجل بين الركن
والمقام ولن يستحل هذا البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة
العرب ثم تجئ الحبشة فتخربه خرابا لا يعمر بعده أبدا وهم الذين
يستخرجون كنزه (1).
(8) وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة في مصنفه عن يزيد بن هارون عن
ابن أبي ذئب به (2).
وعلي بن الجعد في مسنده عن ابن أبي ذئب به (3).
رجال الحديث:
(1) زيد بن الحباب: بن الريان ويقال رومان التيمي. أبو الحسين
العكلي (م 4).
قال الذهبي في التذكرة: ثقة، وغيره أقوى منه.
وثقة ابن المديني والعجلي وأبو جعفر السبتي وأحمد بن صالح
والدارقطني وابن ماكولا وعثمان بن أبي شيبة وابن معين وغيرهم
وقال ابن معين في رواية: كان يقلب حديث الثوري. قال ابن حجر

(1) المستدرك (4 / 452).
(2) المصنف (15 / 52).
(3) مسند علي بن الجعد (2 / 1005) حديث 2911.
293

في التقريب: صدوق يخطئ في حديث الثوري (1). وقد تابعه في
هذه الرواية عن ابن أبي ذئب أبو النضر - ثقة ثبت - وإسحاق بن
سليمان الرازي - ثقة فاضل - وآخرون كما سبق، كلهم عن ابن أبي
ذئب.
(2) ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن
الحارث بن أبي ذئب. القرشي العامري أبو الحارث المدني. ثقة
فقيه فاضل. من السابعة. مات 158 ه‍ وقيل 159 ه‍ (ع).
وثقه يعقوب بن شيبة والنسائي وابن سعد والخليلي وابن معين وقال
ابن معين: ابن أبي ذئب ثقة وكل من روى عنه ابن أبي ذئب ثقة
إلا أبا جابر البياضي. وقال أحمد: ابن أبي ذئب يعد صدوقا أفضل
من مالك إلا أن مالكا أشد تنقية للرجال منه وكان ابن أبي ذئب لا
يبالي عمن يحدث (2).
(3) سعيد بن سمعان الأنصاري الزرقي. مولاهم المدني. ثقة، من
الثالثة (د ت س).
وثقه النسائي وابن حبان والدارقطني وقال الحاكم: تابعي معروف.
قال الأزدي: ضعيف. وقال ابن حجر في التقريب: لم يصب الأزدي في
تضعيفه. وقال الذهبي في الميزان: فيه جهالة ضعفه الأزدي وقواه غيره
وقال النسائي: ثقة. انتهى. ولكن روى عنه أكثر من واحد ووثقه أكثر من
واحد كما في التهذيب فلم تبق فيه جهالة بل هو ثقة معروف. والله
أعلم (3).

(1) الجرح والتعديل (1 / 2 / 592)، تاريخ بغداد (8 / 442)، تذكرة الحفاظ (1 / 350)،
ميزان الاعتدال (2 / 100)، الخلاصة (1 / 350) تقريب التهذيب (1 / 273)، تهذيب
التهذيب (3 / 403).
(2) تذكرة الحفاظ (1 / 191)، تقريب التهذيب (2 / 184)، تهذيب التهذيب (9 / 303).
(3) التاريخ الكبير (2 / 1 / 439)، الجرح والتعديل (2 / 1 / 30)، الكاشف (1 / 363)،
المغني (1 / 291)، ميزان الاعتدال (2 / 143)، تقريب التهذيب (1 / 298)، تهذيب
التهذيب (4 / 45).
294

رجال الحديث كلهم ثقات. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه (1) وعلق عليه الذهبي فقال: ما خرجا لابن
سمعان شيئا ولا روى عنه غير ابن أبي ذئب (2) وقد تلكم فيه (3). ولكن
قال أحمد شاكر: " فأما أن الشيخين لم يرويا لابن سمعان شيئا فهذا حق.
وأما إنه لم يرو عنه غير ابن أبي ذئب ففي التهذيب راويان آخران عنه،
وأما إنه تكلم فيه فإنه لا قيمة له لأن الذي تكلم فيه هو الأزدي وحده.
وهو ينفرد بتضعيف الكثير من الرواة دون حجة ولا نقل صحيح ويكفي ما
ذكرنا ممن وثق ابن سمعان وأن البخاري وابن أبي حاتم لم يذكرا فيه
جرحا " (4).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد ورجاله ثقات (5).
قال أحمد شاكر: إسناده صحيح (6).
قال الألباني: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير
سعيد بن سمعان وهو ثقة. ولذلك سكت الحافظ في الفتح عليه بعد ما
عزاه لأحمد (7). وهو في الفتح (3 / 461) في باب هدم الكعبة.

(1) المستدرك (4 / 452).
(2) في المستدرك " ولا روى عنه ابن أبي ذئب " وقد صححه أحمد شاكر. المسند
بتحقيقه (15 / 36).
(3) تلخيص المستدرك للذهبي (4 / 452).
(4) مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (15 / 35) رقم 7897.
(5) مجمع الزوائد (3 / 298).
(6) مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (15 / 35) رقم 7897 و (15 / 245) رقم 8099.
(7) سلسلة الأحاديث الصحيحة (2 / 119) رقم 579.
295

النتيجة:
إسناده صحيح.
والحديث ليس صريحا في ذكر المهدي ولكن ذكره ابن حبان في
ذكر الموضع الذي يبايع فيه المهدي. وذكره الهيثمي في " باب المهدي "
والساعاتي في ترتيب الطيالسي: باب ما جاء في بيعة المهدي وخراب
الكعبة آخر الزمان.
قلت: وفي هذا نظر عندي، لأن الحديث لم يذكر فيه أي صفة
للمهدي بل فيه ذكر لرجل ما يبايع له بين الركن والمقام ثم يشير الحديث
إلى استحلال البيت الحرام وفتنة تقع بين المسلمين بعد ذلك حتى تجئ
الحبشة فتخرب الكعبة والمعروف أن عصر المهدي ثم عصر المسيح
يتميزان بالقسط والعدل والرخاء والأمن والله أعلم.
296

30 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي، أجلى أقنى،
يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما. يكون سبع سنين ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه أحمد في مسنده: ثنا أبو النضر. ثنا أبو معاوية شيبان،
عن مطر بن طهمان، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره (1).
(2) وأخرجه أبو يعلي في مسنده قال: حدثنا قطن بن نسير، نا
عدي بن عمارة، نا مطر بن الوراق، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد،
عن رسول الله صلى الله الله عليه وسلم قال: ليقومن على أمتي من أهل بيتي أقنى أجلى يوسع
الأرض عدلا كما وسعت ظلما وجورا، يملك سبع سنين (2).
(3) وأخرجه ابن حبان في صحيحه قال: أخبرنا محمد بن علي بن
العباس المروزي بالبصرة قال: ثنا الحسن بن عرفة قال: ثنا هاشم بن
القاسم قال: ثنا شيبان بن عبد الرحمان، عن مطر الوراق، عن أبي
الصديق الناجي، عن أبي سعيد قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة
حتى يملك رجل من أهل بيتي أقنى يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله
ظلما يملك سبع سنين (3).
قال ابن حبان: أبو الصديق اسمه بكر بن قيس الناجي.
(4) وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان قال: حدثنا محمد بن

(1) مسند أحمد (3 / 17).
(2) مسند أبي يعلي (66 ألف)، والمقصد العلي في زوائد مسند أبي يعلى (ق: 169)
ومجمع الزوائد (7 / 314).
(3) الإحسان (8 / 294 ألف).
297

جعفر، ثنا أحمد بن الحسين الأنصاري، ثنا أحمد بن محمد بن
الحسين بن حفص، ثنا جدي الحسين، ثنا عكرمة بن إبراهيم، عن مطر
الوراق، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يستخلف رجل من أهل بيتي أجنأ
أقنى يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبل ذلك ظلما يكون سبع سنين " (1).
رجال الحديث:
تلتقي الطرق الأربعة كلها في مطر الوراق وأما قبله فإليك تراجم
رجاله عن طريق أحمد.
(1) أبو النضر: هو هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي، مولاهم.
البغدادي، مشهور بكنيته ولقبه قيصر. ثقة ثبت. من التاسعة (ع).
مات 205 أو 207 ه‍.
وثقه أحمد وابن معين وابن سعد وأبو حاتم وابن قانع وآخرون.
قال العجلي: بغدادي صاحب سنة وكان أهل بغداد يفخرون به (2).
(2) أبو معاوية شيبان: بن عبد الرحمن التيمي مولاهم النحوي البصري.
ثقة صاحب كتاب. يقال: إنه منسوب إلى نحوة، بطن من الأزد لا
إلى علم النحو. من السابعة (ع).
وثقه أحمد ويحيى بن معين والعجلي والنسائي وابن سعد وغيرهم.
قال الساجي: صدوق وعنده مناكير وأحاديث عن الأعمش تفرد بها
وأثنى عليه أحمد. وفي كتاب الجرح والتعديل قال أبو حاتم:
حسن الحديث صالح الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به. ولكن

(1) أخبار أصبهان (1 / 84).
(2) التاريخ الكبير (4 / 2 / 235)، الجرح والتعديل (4 / 2 / 105)، تاريخ بغداد (14 / 63)
تذكرة الحفاظ (1 / 359)، تقريب التهذيب (1 / 356)، تهذيب التهذيب (11 / 18).
298

كلمة " لا يحتج به " محل خلاف في ثبوتها. حتى قال ابن حجر:
" وهو وهم في النقل " وقد وجدت في بعض النسخ دون بعض.
قال محقق الكتاب وهو الشيخ عبد الرحمان المعلمي: يوشك أن
تكون من زيادة بعض النساخ لأن أبا حاتم يكثر أن يقول يكتب
حديثه ولا يحتج به فلما قال في هذه الترجمة يكتب حديثه جرى
قلم الناسخ على العادة بزيادة ولا يحتج به وهي كالنافية لما قبلها
ولما عليه جمهور الأئمة. والله أعلم.
وأما قول الساجي فقد قال ابن حجر في مقدمة الفتح: وهو
معارض بقول أحمد بن حنبل: ثبت في كل المشايخ. قال الذهبي
في الميزان: ثقة مشهور. وقال في المغني: ثقة حجة (1).
(3) مطر - بفتحتين - بن طهمان الوراق. أبو رجاء السلمي مولاهم.
الخراساني صدوق كثير الخطأ. وحديثه عن عطاء ضعيف. من
السادسة (خت م 4).
وإليك أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه:
التعديل:
قال يحيى بن معين: مطر الوراق صالح. قال العجلي: بصري
صدوق. وقال مرة: لا بأس به. قال أبو حاتم: هو صالح الحديث أحب
إلي من عقبة الأصم ومن سليمان بن موسى الأشدق. وقال أبو زرعة:
صالح كأنه لين أمره. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ.

(1) التاريخ الكبير (2 / 2 / 254)، الجرح والتعديل (2 / 1 / 355)، تاريخ بغداد (9 /
271)، تذكرة الحفاظ (1 / 218)، المغني في الضعفاء (1 / 301)، ميزان الاعتدال
(2 / 258)، تقريب التهذيب (1 / 356)، تهذيب التهذيب (2 / 373)، هدي الساري
مقدمة فتح الباري (ص 410).
299

الجرح:
قال أحمد: كان يحيى بن سعيد يشبه مطر الوراق بابن أبي ليلى في
سوء الحفظ. وابن أبي ليلى مضطرب الحديث. وكان يحيى بن سعيد
القطان: يضعف حديث مطر عن عطاء. قال ابن سعد: فيه ضعف في
الحديث. قال الساجي: صدوق يهم. قال أبو داود: ليس هو عندي
بحجة. ولا يقطع به في حديث إذا اختلف. قال عثمان بن دحية: لا
يساوي دستجة بقل أي حزمة. ولكن قال الذهبي: هذا غلو من عثمان
فمطر من رجال مسلم حسن الحديث. قال ابن عدي: ولمطر عن قتادة
وعطاء وسائر شيوخه أحاديث صالحة. وكان بصريا يكتب المصاحف
بالبصرة فلذا سمي الوراق وهو مع ضعفه يجمع حديثه ويكتب.
وبعد دراسة هذه الأقوال قال الذهبي: حسن الحديث كما سبق آنفا.
وقال في المغني: ثقة تابعي. وقال في ديوان الضعفاء: تابعي صدوق قد
لين (1).
(4) أبو الصديق الناجي: بكر بن عمرو. ثقة. تقدم.
(5) أبو سعيد الخدري: صحابي.
ولقد رأينا أن رجال الحديث كلهم ثقات من رجال الشيخين غير
مطر الوراق. وقد أخرج له مسلم وهو على رأي الذهبي حسن الحديث
وعلى رأي ابن حجر صدوق كثير الخطأ، فيصلح للاعتبار. فإن وجدنا أن
غيره أيضا يروي مثله أو نحوه تبين أنه لم يخطئ في هذا الحديث.

(1) التاريخ الصغير (ص 144)، التاريخ الكبير (4 / 1 / 400)، الضعفاء للنسائي (ص
304)، الجرح والتعديل (4 / 1 / 288)، الكامل (ج 7)، الضعفاء للعقيلي (ص
401)، ديوان الضعفاء (ص 300) المغني في الضعفاء (2 / 622) ميزان الاعتدال
(4 / 126) تقريب التهذيب (2 / 252)، تهذيب التهذيب (10 / 169) المغني في
الضبط (ص 72).
300

وهكذا الأمر هنا فقد روى نحوه عمران القطان عن قتادة عن أبي نضرة
عن أبي سعيد مرفوعا: المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف يملأ
الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك سبع سنين (راجع
الحديث 4).
وأما جزءه الأخير: يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما يكون
سبع سنين فله شواهد كثيرة. وانظر الحديث 3، 4، 5، 20، 31، 32،
33، وغيرها.
ومن هنا عرفنا أن مطر الوراق مع كونه يخطئ في بعض أحاديثه
ويهم لم يخطئ في هذا الحديث. والله أعلم.
وقد أورده الهيثمي من طريق أبي يعلى في مجمع الزوائد فقال: فيه
عدي بن أبي عمارة. قال العقيلي: في حديثه اضطراب وبقية رجاله رجال
الصحيح (1)، ولكن قد رأينا أن إسناد أحمد ليس فيه عدي بن عمارة.
النتيجة:
إسناده حسن.
وقد ذكره ابن حبان في ذكر الأخبار عن وصف المدة التي يكون
المهدي في آخر الزمان. وذكره الهيثمي في " باب ما جاء في المهدي " في
المقصد العلي وكذلك في مجمع الزوائد. وذكره السيوطي في العرب
الوردي في أخبار المهدي.

(1) مجمع الزوائد (7 / 314).
301

31 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تملأ الأرض جورا وظلما فيخرج رجل من عترتي يملك سبعا
أو تسعا فيملأ الأرض قسطا وعدلا ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه أحمد في مسنده قال: قال الحسن بن موسى قال: ثنا
حماد بن سلمة، عن أبي هارون العبدي ومطر الوراق، عن أبي الصديق
الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره (1).
(2) وأخرجه أيضا من طريق آخر قال:
ثنا عبد الصمد، ثنا حماد بن سلمة، أنا مطرف المعلي، عن أبي
الصديق، عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تملأ الأرض ظلما وجورا
ثم يخرج رجل من عترتي يملك سبعا أو تسعا فيملأ الأرض قسطا
وعدلا (2).
(3) وأخرجه الحاكم في المستدرك قال: حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، ثنا حجاج بن الربيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا حماد بن
سلمة، عن مطر وأبي هارون، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تملأ الأرض جورا وظلما
فيخرج رجل من عترتي. الحديث.
رجال الحديث:
أخرجه الإمام أحمد عن اثنين من مشايخه أولهما:

(1) مسند أحمد (3 / 70).
(2) المصدر السابق (3 / 28).
302

(1) الحسن بن موسى: الأشيب. أبو علي البغدادي. قاضي الموصل
وغيرها. ثقة من التاسعة. مات 209 أو 210 ه‍ (1).
وثقه أحمد وابن معين وابن حبان وابن المديني وغيرهم. وقال أبو
حاتم وصالح بن محمد وابن خراش: صدوق. وروى عبد الله بن
علي بن المديني عن أبيه أنه قال: كان ببغداد كأنه ضعفه. ولكن
قال الخطيب: لا أعلم علة تضعيفه إياه. وقال الذهبي: " الأولى
أثبت ". أي رواية توثيق ابن المديني له. وهي الموافقة لرأي جمهور
الأئمة. قال الذهبي: ثقة مشهور (2).
(2) والثاني هو: عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري. مولاهم
التنوري، أبو سهل البصري. صدوق ثبت في شعبة. من التاسعة.
مات 207 ه‍ (ع). وثقه الحاكم وابن نمير وابن حبان وابن سعد
وآخرون. وقال ابن قانع: ثقة يخطئ. قال الذهبي: حجة (3).
(3) حماد بن سلمة بن دينار، أبو سلمة البصري. ثقة عابد له أوهام
مات 167 ه‍. وثقه ابن معين وأحمد ويحيى القطان وغيرهم. وقال
ابن المديني من سمعتموه يتكلم في حماد فاتهموه. وهو مع كونه
من أثبت الناس في ثابت وحميد الطويل يخطئ أحيانا في حديث
غيرهما. قال ابن معين: من سمع من حماد بن سلمة الأصناف

(1) المستدرك (4 / 558).
(2) طبقات ابن سعد (7 / 338)، التاريخ الكبير (1 / 2 / 306)، الجرح والتعديل (1 / 2 /
37)، تاريخ بغداد (7 / 426) تذكرة الحفاظ (1 / 369)، الكاشف (1 / 227)،
المغني في الضعفاء (1 / 168) ميزان الاعتدال (1 / 524)، الخلاصة (1 / 221)،
تقريب التهذيب (1 / 171)، تهذيب التهذيب (2 / 323).
(3) طبقات ابن سعد (7 / 300)، التاريخ الكبير (3 / 2 / 105)، تذكرة الحفاظ (1 /
334)، الكاشف (2 / 196)، الخلاصة (2 / 163)، تقريب التهذيب (1 / 507)،
تهذيب التهذيب (6 / 327).
303

ففيها الاختلاف ومن سمع منه نسخا فهو صحيح. وقال ابن سعد:
ثقة كثير الحديث ربما حدث بالحديث المنكر. ولذلك قال الذهبي
في الميزان: كان ثقة له أوهام. وقال في ديوان الضعفاء: إمام ثقة
يهم كغيره. وقال في الكاشف: ثقة صدوق يغلط وليس في قوة
مالك. وأما ما قاله ابن حجر في التقريب: تغير حفظه بآخرة فلم
يذكره ممن سبق إلا البيهقي. قال المعلمي: أما التغير - أي في
حماد - فلا مستند له. ونصوص الأئمة تبين أن حمادا أثبت الناس
في ثابت وحميد مطلقا وكأنه كان قد أتقن حفظ حديثهما. فأما
حديثه عن غيرهما فلم يكن يحفظه فكان يقع له فيه الخطأ إذا
حدث من حفظه أو حين يحول إلى الأصناف التي جمعها (1).
(4) مطر الوراق: صدوق يهم. تقدم في الحديث 30.
وقد تابعه هنا أبو هارون العبدي ولكنه متروك الحديث فلا فائدة من
متابعته. وقد وقع في الرواية الثانية لأحمد " مطرف المعلى " ولم
أجد رجلا بهذا الوصف في كتب التراجم الميسرة لي والظاهر أنه
محرف من " مطر السلمي " وهو الوراق هذا. والله أعلم.
(5) أبو الصديق الناجي: بكر بن عمرو. ثقة. تقدم.
(6) أبو سعيد الخدري: صحابي.
ورجال الحديث كلهم ثقات من رجال الشيخين سوى مطر الوراق
وهو من رجال مسلم وقد سبق أن يخطئ في بعض رواياته. ولكن
نظرا للشواهد الكثيرة الواردة في هذا المعنى عن أبي سعيد وغيره

(1) طبقات ابن سعد (7 / 282)، التاريخ الكبير (2 / 1 / 23)، الجرح والتعديل (1 / 2 /
140)، تاريخ بغداد (13 / 390)، تذكرة (1 / 202)، الكاشف (1 / 251)، المغني
في الضعفاء (1 / 189) ميزان الاعتدال (1 / 590)، الخلاصة (1 / 252)، تقريب
التهذيب (1 / 197)، تهذيب التهذيب (3 / 11) التنكيل (1 / 242).
304

(انظر الحديث 3، 4، 5، وغيرها) نعرف أنه لم يخطئ في هذه
الرواية والله أعلم وقد تابعه أبو هارون العبدي في هذا الإسناد
ولكنه متروك فلا فائدة من متابعته. ولذلك قال الحاكم بعد رواية
هذا الحديث: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
ووافقه الذهبي أيضا (1).
النتيجة:
الحديث حسن لشواهده.

(1) المستدرك (4 / 558).
305

32 - عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لتملأن الأرض ظلما وعدوانا ثم ليخرجن من أهل بيتي - أو
قال عترتي - من يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما
وعدوانا ".
تخريج الحديث:
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده وأبو نعيم في الأربعين (في
أخبار المهدي) (1) ولم أطلع على الكتابين المذكورين ولكن أخرجه أبو
نعيم نفسه في الحلية (2) عن طريق الحارث بن أبي أسامة، فقال: حدثنا
أبو بكر بن خلاد قال: ثنا الحارث بن أبي أسامة قال: ثنا هوذة قال: ثنا
عوف الأعرابي، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... إلخ.
وقال أبو نعيم عقب إخراج الحديث: مشهور من حديث أبي
الصديق عن أبي سعيد رضي الله عنه. ورواه من التابعين عن أبي الصديق
مطر الوراق وعنه حماد بن زيد (3).
رجال الحديث:
(1) أبو بكر بن خلاد: هو أحمد بن يوسف بن أحمد بن خلاد، أبو
بكر العطار النصيبي. أصله من نصيبين. لم يكن من المعروفين في

(1) العرف الوردي في أخبار المهدي الحاوي (2 / 132)، ونسبه في كنز العمال إلى
الحارث بن أبي أسامة فقط. كنز العمال (7 / 187). ولم يذكره الهيثمي في " باب
ما جاء في المهدي " في بغية الباحث.
(2) حلية الأولياء (3 / 101).
(3) المصدر السابق.
306

علم الحديث ولكنه كان ثقة وكان سماعه صحيحا. توفي 359 ه‍.
ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد (1) وقال: كان أحد الشيوخ
المعدلين عند الحكام. وقال أيضا: كان ابن خلاد لا يعرف من
العلم شيئا غير أن سماعه كان صحيحا. سمعت أبا نعيم الحافظ
يقول حدثنا أبو بكر بن خلاد وكان ثقة. وقال محمد بن أبي
الفوارس: وكان ثقة مضى أمره على جميل. ولم يكن يعرف
الحديث.
(2) الحارث بن أبي أسامة هو الحارث بن محمد بن أبي أسامة داهر
التميمي البغدادي. ولد 186 ه‍، وتوفي 282 ه‍. ثقة حافظ صاحب
المسند. وثقه إبراهيم الحربي، وأبو حاتم بن حبان وأبو العباس
النباتي وأحمد بن كامل. وقال الدارقطني: صدوق. وقد أمر
الدارقطني أبا بكر البرقاني بأن يخرج له في صحيحه. وقال ابن
الجوزي: كان صدوقا ثقة.
وضعفه أبو الفتح الأزدي وابن حزم (2) ولينه بعض البغداديين لكونه
يأخذ على الرواية (3). وقال الذهبي في تلخيص المستدرك:
الحارث بن أبي أسامة ليس بعمدة (4). ولكنه بنفسه قال في الميزان:
" وكان حافظا عارفا عالي الإسناد بالمرة تكلم فيه بلا حجة ". وقال
في ترجمته في التذكرة: " وثقه إبراهيم الحربي مع علمه بأنه يأخذ
الدراهم وأبو حاتم بن حبان وقال الدارقطني: صدوق. وأما أخذ

(1) تاريخ بغداد (5 / 220) شذرات الذهب (3 / 28).
(2) وذكر في لسان الميزان: أن ابن حزم قال: متروك الحديث. وقال في موضع آخر:
مجهول. لسان الميزان (2 / 159).
(3) ترجمته: تاريخ بغداد (8 / 219)، المنتظم (5 / 155)، تذكرة الحفاظ (2 / 619)،
ميزان (1 / 442)، المغني (1 / 143)، لسان الميزان (2 / 157).
(4) تلخيص المستدرك (1 / 158).
307

الدراهم على الرواية فكان فقيرا كثير البنات. وقال أبو الفتح الأزدي
وابن حزم: ضعيف ".
وقال الألباني بعد ذكر الكلام السابق: ومن عرف حال أبي الفتح
الأزدي وما فيه من الضعف المذكور في ترجمته في الميزان وغيره
وعرف شذوذ ابن حزم في علم الجرح من الجماعة كمثل خروجه
عنهم في الفقه لم يعتد بخلافهما لمن هم الأئمة الموثوق بهم في
هذا العلم ولذلك قال الذهبي في ترجمة الحارث هذا في الميزان:
وكان حافظا عارفا بالحديث عالي الإسناد بالمرة تكلم فيه بلا
حجة. فقد أشار بهذا إلى رد تضعيف أبي الفتح الأزدي وابن حزم
إياه. ولما نقل الحافظ في اللسان قول الذهبي المتقدم " ليس
بعمدة " تعقبه بقوله: " مع أنه في الميزان كتب مقابله صحيح
واصطلاحه أن العمل على توثيقه ". وجملة القول: أن الحارث بن
أبي أسامة ثقة حافظ وأن من تكلم فيه لا يعتد بكلامه وأن الذهبي
تناقض قوله فيه وأن قوله في التلخيص " ليس بعمدة " هو الذي ليس
بعمدة لأنه قال من ذاكرته والذاكرة قد تخون، وما ذكره في
المصدرين المشار إليهما إنما ذكره بعد دراسته لترجمته وتمحيص
لما جاء فيها كما هو ظاهر لا يخفى على طالب العلم إن شاء الله
تعالى (1).
(3) هوذة: هو هوذة بن خليفة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة
الثقفي البكراوي. أبو الأشهب البصري. الأصم. سكن بغداد.
صدوق. توفي 210 وقيل 215 ه‍ (ق).
قال أبو داود عن أحمد: ما كان أصلح حديثه. وقال الأثرم سمعت
أحمد ذكر عوفا الأعرابي فقال: أدرك شريحا ما أضبط هذا الأصم

(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (2 / 11).
308

- يعني هوذة - عنه أرجو أن يكون صدوقا إن شاء الله. وقال أبو
حاتم قال لي أحمد: إلى من تختلف ببغداد؟ قلت: إلى هوذة،
وعفان، فسكت كالراضي بذلك. قال أبو حاتم: صدوق. وقال
النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات.
قال ابن معين: ضعيف. وقال أيضا: لم يكن بالمحمود. قيل له:
لم؟ قال: لم يأت أحد بهذه الأحاديث كما جاء فيها وكان أطروشا
أيضا.
والذي اعتمده العلماء هو قول الجمهور فقد قال الحافظ ابن حجر
في التقريب: صدوق. ورمز له الذهبي: ب‍ " صح " في الميزان فهو
صدوق إن شاء الله ولا سيما في روايته عن عوف الأعرابي كما هو
الأمر هنا. فقد قال أحمد: ما أضبط هذا الأصم - هوذة - عنه أي
عوف الأعرابي (1).
(4) عوف الأعرابي: هو عوف بن أبي جميلة - بفتح الجيم - الأعرابي
العبدي، البصري - أبو سهل. واسم أبي جميلة - بندوية
وقيل بندوية اسم أمه وأبوه رزينة. مات 146 أو 147 وله ست
وثمانون سنة (ع).
ثقة لكنه رمي بالقدر والتشيع.
واتفق الأئمة على توثيقه. فقد قال أحمد: ثقة صالح الحديث.
وقال النسائي: ثقة ثبت. قال ابن معين: ثقة. قال أبو حاتم:
صدوق صالح. قال مروان بن معاوية: كان يسمى الصدوق. وقال
محمد بن عبد الله الأنصاري: كان يقال عوف الصدوق. وقال ابن

(1) التاريخ الصغير (ص 226)، الجرح والتعديل (4 / 2 / 9 / 119)، تاريخ بغداد (14 /
94)، ميزان الاعتدال (4 / 311)، المغني (2 / 713)، ديوان الضعفاء (ص 325)،
تهذيب التهذيب (11 / 74)، تقريب التهذيب (2 / 322).
309

سعد: كان ثقة كثير الحديث. ووثقه آخرون وذكره ابن حبان في
الثقات. وقال الذهبي: ثقة مشهور. وأخرج له البخاري وغيره من
الستة.
وحكي العقيلي عن ابن المبارك قال: ما رضي عوف ببدعة حتى
كانت فيه بدعتان. كان قدريا وكان شيعيا. وقال الأنصاري
(محمد بن عبد الله الأنصاري كما قال ابن سعد): رأيت داود بن
أبي هند يضرب عوفا ويقول له: ويلك يا قدري. وقال بندار وهو
يقرأ حديث عوف: لقد كان قدريا رافضيا شيطانا. وقد قارن الإمام
مسلم في مقدمته بين ابن عون وأيوب السختياني من جهة
وعوف بن أبي جميلة وأشعث الحراني من جهة أخرى - وكلهم من
أصحاب الحسن وابن سيرين، فقال: البون بينهما وبين هذين بعيد
في كمال الفضل وصحة النقل، وإن كان عوف وأشعث غير
مدفوعين عن صدق وأمانة عن أهل العلم (1).
(5) أبو الصديق الناجي: بكر بن عمرو. ثقة. تقدمت ترجمته.
(6) أبو سعيد الخدري: صحابي.
وهكذا تبين أن رجال الحديث كلهم ممن يحتج بهم وتشيع عوف
الأعرابي لا يضر في صحة الحديث بعد ما ثبتت ثقته وعدالته بشهادة
الأئمة له. كما سيأتي الكلام في رواية أهل البدع. وقد أخرج له
البخاري ومسلم وغيرهما. وهوذة مع كونه صدوقا قد رواه عدة
آخرون غيره عن عوف الأعرابي ومنهم محمد بن جعفر غندر،

(1) طبقات ابن سعد (7 / 258)، التاريخ الكبير (4 / 1 / 58)، التاريخ الصغير (ص
168)، الجرح والتعديل (3 / 2 / 15)، صحيح مسلم المقدمة (1 / 6)، ميزان
الاعتدال (3 / 205)، المغني (2 / 495) ديوان الضعفاء (ص 240)، الخلاصة (2 /
308)، تهذيب التهذيب (8 / 166)، تقريب التهذيب (2 / 89).
310

ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي. انظر
الحديث 33.
وقد ذكره السيوطي في الجامع الصغير وسكت عليه وكذلك
المناوي (1). وقال الألباني: صحيح (2).
النتيجة:
إسناده صحيح لغيره.

(1) فيض القدير (5 / 262).
(2) صحيح الجامع الصغير (5 / 15) رقم 4950. وقد حققه في الروض النضير (ص
647) والصحيحة: 1529.
311

33 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا - قال - ثم
يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي يملؤها قسطا وعدلا
كما ملئت ظلما وعدوانا ".
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1): ثنا محمد بن جعفر، ثنا عوف،
عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال
رسول الله صلى الله عليه... إلخ باللفظ المذكور.
(1) أخرجه أيضا الإمام أبو يعلى في مسنده (2): نا زهير، نا
يحيى بن سعيد، عن عوف، نا أبو الصديق، عن أبي سعيد الخدري. عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا ثم
يخرج رجل من أهل - بيتي أو قال - من عترتي فيملأها قسطا وعدلا كما
ملئت ظلما وعدوانا.
(2) وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه في ذكر البيان بأن خروج
المهدي إنما يكون بعد ظهور الظلم والجور في الدنيا وغلبهما على الحق
والجد وقال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: ثنا أبو خيثمة قال:
ثنا يحيى بن سعيد قال: ثنا عوف قال: ثنا أبو الصديق، عن أبي سعيد
الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما
وعدوانا ثم يخرج رجل من أهل بيتي أو عترتي فيملأها قسطا وعدلا كما
ملئت ظلما وعدوانا (3).

(1) مسند الإمام أحمد (3 / 36).
(2) مسند أبو يعلى (61 ب).
(3) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان لعلاء الدين الفارسي (8 / 293) وموارد الظمآن.
(ص 464).
312

(3) وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك قال: حدثنا الشيخ أبو
بكر بن إسحاق وعلي بن حمشاذ العدل وأبو بكر محمد بن أحمد بن
بالويه قالوا: ثنا بشر بن موسى الأسدي، ثنا هوذة بن خليفة، ثنا عوف بن
أبي جميلة: وحدثني الحسين بن علي الدارمي، ثنا محمد بن إسحاق
الإمام، ثنا محمد بن بشار، ثنا ابن أبي عدي، عن عوف، ثنا أبو الصديق
الناجي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا ثم يخرج من أهل
بيتي من يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا (1).
رجال الحديث:
(1) محمد بن جعفر: الهذلي، مولاهم، أبو عبد الله البصري. المعروف
بغندر بضم معجمة وسكون نون وفتح دال مهملة وقد تضم -
توفي 193 أو 194 ه‍ (ع). قال الذهبي: أحد الأثبات المتقنين لا
سيما في شعبة. وثقه ابن معين وابن حبان وابن سعد والعجلي
وغيرهم. قال ابن المديني: غندر أثبت في شعبة مني. وقال ابن
معين: كان من أصح الناس كتابا وأراد بعضهم أن يخطئه فلم
يقدر.
قال ابن المديني: كنت إذا ذكرت غندرا ليحيى بن سعيد عوج فمه
كأنه يضعفه ويحيى معروف بتشدده في الرجال ومع ذلك فهو جرح
غير مفسر مقابل توثيق كثير من الأئمة.
قال ابن حجر: " ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة " قلت: ولكن
غفلته هذه ليست في رواية الحديث بل إنها مبنية على قصة أنه
اشترى سمكا وقال لأهله أصلحوه ونام فأكلوا السمك السمك ولطخوا يده.
فلما انتبه قال هاتوا السمك قالوا: قد أكلت. قال: لا. قالوا: فشم

(1) المستدرك (4 / 557).
313

يدك. ففعل فقال: صدقتم ولكني ما شبعت. ولكنه نفى هذه القصة
فقد قال الذهبي في الميزان: ذكر غندر حكاية السمك وأنكرها
وقال: أما كان يدلني بطني (1).
وبقية الطرق تلتقي معه في الرواية عن عوف وبعد صحة هذا السند
إليه فلا حاجة إلى ذكر تراجم رجال بقية الطرق. فإنهم كلهم
يروون عن عوف وهو:
(2) عوف بن أبي جميلة الأعرابي. ثقة ومن رجال الشيخين. رمي
بالتشيع والقدر. وتقدمت ترجمته.
(3). وأبو الصديق الناجي. بكر بن عمرو. ثقة تقدمت ترجمته.
وهكذا تبين أن رجال الحديث كلهم ثقات من رجال الصحيحين.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
ووافقه الذهبي (2).
النتيجة:
إسناده صحيح.

(1) التاريخ الصغير (3 / 2 / 221)، التاريخ الكبير (1 / 1 / 56)، الجرح والتعديل (3 / 2 /
221)، تذكرة الحفاظ (1 / 300)، ميزان الاعتدال (3 / 502)، تقريب التهذيب (2 /
151)، تهذيب التهذيب (9 / 96)، المغني في الضبط (ص 59).
(2) المستدرك (4 / 557).
314

34 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه ".
تخريج الحديث:
أخرجه أبو نعيم في " أخبار المهدي " قال ابن القيم: وقال أبو نعيم:
حدثنا أبو الفرج الأصبهاني، حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا أبو جعفر بن
طارق، عن الجيد بن نظيف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره (1).
رجال الحديث:
(1) أبو الفرج الأصبهاني: علي بن الحسين الأموي. صاحب كتاب
الأغاني، صدوق. قال الذهبي في الميزان: " كان إليه المنتهى في
معرفة الأخبار وأيام الناس.. فكتب ما لا يوصف كثرة حتى لقد
اتهم والظاهر أنه صدوق ". وقال ابن حجر في اللسان: " وقد روى
الدارقطني في غرائب مالك عدة أحاديث عن أبي الفرج الأصبهاني
ولم يتعرض له " وقال الذهبي في المغني: شيعي يأتي بعجائب
يحتمل لسعة اطلاعه. والله أعلم (2).
(2) أحمد بن الحسين.
(3) أبو جعفر بن طارق
(4) الجيد بن نظيف. هؤلاء الثلاثة لم أجد لهم ترجمة.

(1) المنار المنيف (ص 147)، وذكر بدون سند في: الحاوي (2 / 64)، كنز العمال
(7 / 187)، التصريح (ص 214).
(2) تاريخ بغداد (11 / 399)، أخبار أصبهان (2 / 22)، ديوان الضعفاء (ص 219)،
المغني (2 / 446)، ميزان الاعتدال (3 / 123)، لسان الميزان (4 / 221).
315

(5) أبو نضرة: ثقة تقدمت ترجمته.
(6) أبو سعيد الخدري: صحابي معروف.
قال ابن القيم بعد ذكر هذا الحديث بسنده: وهذا إسناد لا تقوم به
حجة لكن في صحيح ابن حبان في حديث عطية بن عامر نحوه (1) ولم
أجد حديث عطية بن عامر في صحيح ابن حبان في مظانه حتى أنظر فيه
فالله أعلم. وذكره السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالضعف (2) وقال
المناوي في فيض القدير: فيه ضعف (3).
وقال الألباني: صحيح. وأشار أنه فصل الكلام فيه في سلسلة
الأحاديث الصحيحة رقم 2293. ولم يطبع هذا الجزء بعد حتى يتم النظر
فيه. ولا أدري هل وجد تراجم هؤلاء وأنهم ثقات أم عثر على سند آخر
للحديث (4). وأيا كان الأمر فلو فرضنا ضعف هذا الإسناد فإن الحديث
لشواهده لا ينزل على درجة الحسن. لأن أحاديث اقتداء ابن مريم برجل
من أمة محمد صلى الله عليه وسلم كثيرة وقد سبق الكلام في بعضها. والله أعلم. (انظر
حديث 27).
النتيجة:
إسناده حسن لغيره.

(1) المنار المنيف (ص 147).
(2) فيض القدير (6 / 17).
(3) المصدر نفسه (6 / 18).
(4) صحيح الجامع الصغير (5 / 219) حديث رقم 5796. ثم صدر المجلد الخامس من
سلسلة الأحاديث الصحيحة في عام 1412 ه‍ واطلعت عليه عند مراجعة هذا الكتاب
وقال فيه " لم يتيسر لي حتى الآن الوقوف على إسناده ومع ذلك فالحديث عندي
صحيح لأنه جاء مفرقا في أحاديث " (5 / 371) ثم ذكر. أحاديث أم سلمة وعلي
وأبي سعيد وجابر وقد تقدم ذكرها في هذا الكتاب.
316

35 - عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي الحق بغير عدد ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه ابن أبي شيبة قال:
أبو معاوية، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:... إلخ باللفظ المذكور (1).
(2) وأخرجه أيضا نعيم بن حماد في كتاب الفتن قال: حدثنا أبو
معاوية، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد (2).
رجال الحديث:
(1) أبو معاوية: هو الضرير محمد بن خازم. قال ابن حجر في
التقريب: ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش وقد يهم في حديث
غيره. وقال الذهبي: ثقة ثبت ما علمت فيه مقالا يوجب وهنه
مطلقا. وقال أيضا: أحد الأئمة الأعلام الثقات لم يتعرض إليه
أحد. وقال الحاكم: احتج به الشيخان وقد اشتهر عنه الغلو أي
غلو التشيع. وهو من المرتبة الثانية من المدلسين (3).
(2) داود: هو ابن أبي هند. القشيري. البصري يكنى بأبي بكر وأبي

(1) المصنف لابن أبي شيبة (321 ب).
(2) كتاب الفتن (98 ب).
(3) التاريخ الكبير (1 / 1 / 47)، الجرح والتعديل (3 / 2 / 249)، تاريخ بغداد (5 / 242)،
ميزان الاعتدال (4 / 575)، تهذيب التهذيب (9 / 138)، تقريب التهذيب (2 / 157)،
طبقات المدلسين (ص 2).
317

محمد. توفي سنة 140 ه‍. أخرج له البخاري تعليقا ومسلم
والأربعة. قال الذهبي في الميزان: حجة، ما أدري لم لم يخرج له
البخاري. وقال ابن حجر في التقريب: ثقة متقن. كان يهم بأخرة.
وثقه أحمد والثوري وابن سعد والنسائي ويعقوب بن شيبة وأبو
حاتم وابن خراش وابن معين والعجلي وابن حبان وغيرهم. قال
الثوري: وهو من حفاظ البصريين. وقال أحمد: ثقة ثقة. وسئل
مرة أخرى فقال: مثل داود يسأل عنه؟ وبهذا يدفع ما رواه الأثرم
عنه أنه قال: كان كثير الاضطراب والخلاف، وقوله الأول هو الذي
يتفق مع قول الجمهور ولعل ابن حبان بنى عليه إذ قال: كان من
خيار أهل البصرة من المتقين في الروايات إلا أنه كان يهم إذا
حدث من حفظه (1).
(2) أبو نضرة: المنذر بن مالك. ثقة. تقدم في 4.
(4) أبو سعيد: صحابي.
وهكذا نرى أن رجال الحديث كلهم ثقات وتدليس أبي معاوية لا
يضر لأنه من الطبقة الثانية الذين احتمل الأئمة تدليسهم. وقد روى نحو
هذا الحديث من طرق أخرى أيضا كثيرة.
النتيجة:
إسناده صحيح.
الحديث ليس فيه ذكر المهدي ولكن ذكره نعيم بن حماد في " سيرة

(1) طبقات ابن سعد (7 / 255)، الجرح والتعديل (1 / 2 / 411)، تذكرة الحفاظ (1 /
146)، ميزان الاعتدال (2 / 11)، الخلاصة (1 / 307)، تهذيب التهذيب (3 / 204)،
تقريب التهذيب (1 / 235).
318

المهدي عدله وخصبة زمانه " (1). وكذلك ابن أبي شيبة في معرض ذكره
لأحاديث المهدي (2). وذكره السيوطي في العرف الوردي في أخبار
المهدي (3).

(1) كتاب الفتن (98 ب).
(2) المصنف لابن أبي شيبة (2 / 321 ب).
(3) الحاوي (2 / 134).
319

36 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا ".
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه قال: حدثنا نصر بن علي
الجهضمي، حدثنا بشر - يعني ابن المفضل، ح - وحدثنا علي بن حجر
السعدي، حدثنا إسماعيل - يعني ابن علية -: كلاهما: عن سعيد بن يزيد،
عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم باللفظ المذكور.
وفي رواية ابن حجر: يحثي المال (1).
وهذا سند واضح كالشمس.
نصر بن علي: بن نصر بن علي بن صهبان الجهضمي البصري.
ثبت، طلب للقضاء فامتنع. قال أبو حاتم: هو أحب إلي من الفلاس
وأحفظ منه وأوثق. توفي 250 ه‍ (2).
بشر بن المفضل: بن لاحق الرقاشي، أبو إسماعيل البصري. ثقة
ثبت عابد. توفي 186 أو 187 ه‍ (3).
علي بن حجر: با أياس السعدي المروزي. نزيل بغداد ثم مرو،
ثقة حافظ. توفي 144 ه‍ (4).
إسماعيل بن علية: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي. أبو بشر
البصري المعروف بابن عليه. ثقة حافظ. توفي 93 ه‍ (5).

(1) صحيح مسلم (4 / 2235).
(2) تقريب التهذيب (2 / 300)، الخلاصة (3 / 91)، تهذيب التهذيب (10 / 430)،
تذكرة الحفاظ (2 / 519)، الجرح والتعديل (4 / 1 / 471).
(3) تقريب التهذيب (1 / 101)، الخلاصة (1 / 128).
(4) تقريب التهذيب (1 / 33).
(5) تقريب التهذيب (1 / 66).
320

سعيد بن يزيد: بن مسلمة الأزدي، ثم الطاحي، أبو مسلمة البصري
القصير. ثقة (1).
أبو نضرة: المنذر بن مالك. ثقة، تقدم في 4.
أبو سعيد: صحابي.
قال صديق حسن خان بعد ذكر رواية أبي سعيد وجابر: " ولكن لم
يقع في هذين الحديثين أيضا ذكر المهدي ولا دليل يقوم على أنه المراد
منهما " والله أعلم (2).
وقد ذكره الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير. ثم علق عليه
بقوله:
" وهو المهدي المبشر بخروجه بين يدي نزول عيسى عليه الصلاة
والسلام ويصلي عيسى عليه الصلاة والسلام خلفه " (3).

(1) تقريب التهذيب (1 / 308)، تهذيب التهذيب (4 / 100).
(2) الإذاعة (ص 122).
(3) صحيح الجامع الصغير (5 / 217) رقم 5789.
321

37 - عن أبي سعيد وجابر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده ".
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه قال: حدثني زهير بن حرب، حدثنا
عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا أبي، حدثنا داود، عن أبي نضرة، عن
أبي سعيد وجابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (1).
وأخرجه أيضا من طريق آخر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
حدثنا أبو معاوية عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد،
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (2).
وأخرجه الإمام أحمد أيضا في عدة مواضع في مسنده:
(1) حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر الزمان خليفة يعطي المال
ولا يعده عدا (3).
(2) ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أبي، ثنا داود، عن أبي
نضرة، عن أبي سعيد وجابر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في
آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده (4). وهذا هو سند مسلم
الأول.
(3) ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة،
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليبعثن الله عز وجل

(1) صحيح مسلم (4 / 2235).
(2) المصدر السابق.
(3) مسند أحمد (3 / 5).
(4) المصدر السابق (3 / 38).
322

في هذه الأمة خليفة يحثي المال حثيا ولا يعده عدا. وفيه علي بن
زيد بن جدعان وهو ضعيف (1).
(4) ثنا عبد الصمد، ثنا أبان، ثنا سعيد بن زيد، عن أبي نضرة، عن
أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: يكون في أمتي خليفة يحثي
المال ولا يعده عدا. وفيه سعيد بن زيد ولم أعرف من هو. ولعل
الصواب " سعيد بن يزيد " وهو أبو سلمة الطاحي البصري. ثقة (2).
(5) ثنا إسماعيل، أنا سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد
الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من خلفائكم خليفة يحثي
المال حثيا لا يعده عدا " (3) ورجاله كلهم ثقات.
(6) وأخرجه أيضا أبو يعلى في مسنده عن أبي سعيد وجابر رضي الله
عنهما من طريق مسلم الأول (4).
(7) وأخرجه أيضا في موضع آخر قال: حدثنا أبو خيثمة، ثنا عبد
الصمد بن عبد الوارث، نا محمد بن دينار، عن أبي سلمة، عن
سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون خليفة يحثي المال ولا يعده عدا (5). هكذا
وقع في المخطوطة " عن أبي سلمة عن سعيد بن يزيد " ولعل
الصواب: أبي مسلمة سعيد بن يزيد. فإن سعيد بن يزيد هو الذي
يكنى بأبي مسلمة (6). وفيه أيضا: محمد بن دينار الأزدي وهو أبو

(1) المصدر السابق (3 / 96)، تقريب التهذيب (2 / 37).
(2) مسند أحمد (3 / 48 / 49).
(3) المصدر السابق (3 / 60).
(4) مسند أبي يعلى (66 ألف).
(5) المصدر السابق (76 ب).
(6) ثم وجدته على الصواب في المطبوع من مسند عن أبي يعلى (2 / 470 / 1294).
323

بكر بن أبي الفرات قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق سئ
الحفظ رمي بالقدر وتغير قبل موته (1).
النتيجة:
الحديث صحيح.
وذكره السيوطي في العرف الوردي في أخبار المهدي (2).

(1) تقريب التهذيب (2 / 160).
(2) الحاوي (2 / 131).
324

38 - عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عدا ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه قال:
حدثنا زهير بن حرب وعلي بن حجر (واللفظ لزهير) قالا: حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم، عن الجريري، عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن
عبد الله فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم.
قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك. ثم قال: يوشك
أهل الشام أن لا يجبى إليه دينار ولا مدى. قلت: من أين ذاك؟ قال:
من قبل الروم. ثم مسكت هنية ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في
آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عدا (1). قال: قلت: لأبي نضرة
وأبي العلاء: أتريان أنه عمر بن عبد العزيز فقالا: لا.
(2) وحدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا سعيد (يعني
الجريري) بهذا الإسناد نحوه (2).
(3) وأخرجه الإمام أحمد أيضا في مسنده:
ثنا إسماعيل - هو ابن علية - عن الجريري، عن أبي نضرة، قال:
كنا عند جابر بن عبد الله قال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز
ولا درهم. قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذلك، ثم
قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مد. قلنا: من أين
ذاك؟ قال: من قبل الروم يمنعون ذاك. قال: ثم أمسك هنيهة ثم قال:

(1) صحيح مسلم (4 / 2234) رقم الحديث 2913.
(2) صحيح مسلم (4 / 2235).
325

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثوا لا يعده
عدا. قال الجريري: فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريانه عمر بن عبد
العزيز رضي الله عنه. فقالا: لا (1).
(4) وأخرجه الحاكم في المستدرك: أخبرنا الحسن بن يعقوب بن
يوسف العدل، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب، عن عطاء، أنا
سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله رضي الله
عنه قال: يوشك أهل العراق أن لا يجئ إليهم درهم ولا قفيز. قالوا:
مم ذاك يا أبا عبد الله؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذلك. ثم سكت
هنيهة. ثم قال: يوشك أهل الشام إن لا يجئ إليهم دينار ولا مد.
قالوا: مم ذاك؟ قال: من قبل الروم يمنعون ذلك. ثم قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في أمتي خليفة يحثي المال حثيا ولا يعده عدا. ثم
قال: والذي نفسي بيده ليعودن الأمر كما بدأ، ليعودن كل إيمان إلى
المدينة كما بدأ منها. حتى كل إيمان بالمدينة. ثم قال: قال:
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يخرج رجل من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا
منه وليسمعن ناس برخص من أسعار وريف فيتبعونه والمدينة خير لهم لو
كانوا يعلمون.
هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه بهذه السياقة، إنما
أخرج مسلم حديث داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن
النبي صلى الله عليه وسلم، يكون في آخر الزمان خليفة يعطي المال ولا يعده عدا. وهذا
له علة. فقد حدثناه علي بن عيسى، ثنا الحسين بن محمد بن زياد، ثنا
أبو موسى ومحمد بن بشار، قالا: ثنا عبد الوهاب بن عبد الحميد، ثنا
داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن جابر أو أبي سعيد أن نبي الله صلى الله عليه وسلم

(1) مسند أحمد (3 / 317).
326

قال: يكون في آخر هذه الأمة خليفة يقسم المال لا يعده عدا (1).
(5) وأخرجه الإمام أحمد في مسنده: ثنا عبد الصمد، ثنا أبي حدثنا
داود، عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله قالا: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده " (2).
(6) وأخرجه أيضا البزار في مسنده: عن جابر: قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في أمتي خليفة يحثو المال حثيا ولا يعده عدا. ثم
قال: والذي نفسي بيده ليعودان (3).
(7) وأخرجه أيضا نعيم بن حماد في الفتن (4) قال: حدثنا عبد
الوهاب الثقفي، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله
رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يكون في أمتي خليفة يحثي المال
حثيا لا يعده عدا.
وبعد هذه الطرق الكثيرة فلا حاجة إلى دراسة أسانيدها لا سيما وقد
أخرجها الإمام مسلم من طرق عدة وليس فيها مطعن.
وبالنظر في متن هذه الأحاديث لا نجد دليلا صريحا على أنها وردت
في حق المهدي إلا أن العلماء حملوها على المهدي نظرا للأحاديث
الأخرى. فقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد في باب ما جاء في
المهدي (5).

(1) المستدرك للحاكم (4 / 454).
(2) مسند أحمد (3 / 333).
(3) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7 / 316) في أبواب المهدي وقال رجاله رجال
الصحيح.
(4) كتاب الفتن (100 ألف).
(5) مجمع الزوائد (7 / 316).
327

وكذلك ذكره السيوطي في العرف الوردي في أخبار المهدي (1).

(1) الحاوي (2 / 131)، أحمد ومسلم عن جابر. وكذلك (2 / 182) البزار عن جابر.
328

39 - عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم
القيامة. قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم
فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا. إن بعضكم على
بعض أمراء. تكرمة الله هذه الأمة ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه الإمام مسلم قال:
حدثنا الوليد بن شجاع، وهارون بن عبد الله، وحجاج بن الشاعر،
قالوا: حدثنا حجاج (وهو بن محمد)، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو
الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
الحديث (1).
(2) وأخرجه أحمد: حدثني حجاج، قال ابن جريج أخبرني أبو
الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا
تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال:
فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل بنا فيقول، لا إن
بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله عز وجل هذه الأمة (2).
(3) أخرجه أحمد أيضا في موضع آخر: حدثنا موسى، حدثنا ابن
لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال
طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل
عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعالى صل بنا. فيقول: لا إن

(1) صحيح مسلم (1 / 137) حديث رقم 156.
(2) مسند أحمد (3 / 384).
329

بعضكم على بعض أمير ليكرم الله هذه الأمة (1).
(4) وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه: ذكر البيان بان إمام هذه
الأمة عند نزول عيسى بن مريم يكون منهم دون أن يكون عيسى إمامهم
في ذلك الزمان.
أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع
جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تزال طائفة من
أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم
فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء،
لتكرمة الله هذه الأمة (2).
(5) وأخرجه أبو يعلى قال: حدثنا حفص الحلواني، حدثنا
بهلول بن مورق الشامي، عن موسى بن عبدة، عن أبيه، عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال أمتي ظاهرين
على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم فيقول إمامهم تقدم فيقول: أنت
أحق، بعضكم أمراء على بعض. أمر أكرم الله به هذه الأمة (3).
(6) وأخرجه أيضا أبو عوانة في مسنده، وابن منده في كتاب
الإيمان، وأبو عمرو الداني في سننه والبيهقي وغيرهم (4).
والأحاديث في نزول عيسى عليه السلام واقتدائه بإمام من المسلمين
كثيرة من عدد من الصحابة رضي الله عنهم. وقد سبق أن ذكرت بعضها
في الحديث 27.

(1) مسند أحمد (3 / 345).
(2) الإحسان (8 / 291 ألف - ب).
(3) مسند أبي يعلى ط (4 / 59) حديث 2078.
(4) مسند أبي عوانة (1 / 106) الإيمان لابن منده (2 / 517) حديث 418. السنن الواردة
في الفتن (6 / 1236)، السنن الكبرى للبيهقي (9 / 39).
330

قال صديق حسن خان: " ليس فيه ذكر المهدي ولكن لا محل له
ولأمثاله من الأحاديث إلا المهدي المنتظر لما دلت على ذلك الأخبار
المتقدمة والآثار الكثيرة (1).
وأقول: ومن بين هذه الأحاديث: " حديث جابر رضي الله عنه
مرفوعا: فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا. فيقول
لا إن بعضكم أمراء على بعض. تكرمة الله لهذه الأمة. وإسناده جيد.
انظر حديث 6.
وبعد هذا يتعين أن المراد من الأمير في هذا الحديث وما في معناه
هو المهدي والله أعلم.
قال الألباني تعليقا على هذا الحديث: هو المهدي محمد بن عبد الله
عليه السلام كما تظاهرت بذلك الأحاديث بأسانيد بعضها صحيح وبعضها
حسن وقد خرجت منها في الأحاديث الضعيفة (2).

(1) الإذاعة (ص 144).
(3) مختصر صحيح مسلم للمنذري (ص 309) حديث رقم 2061.
331

40 - عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
" لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ".
ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي فسألت أبي ماذا قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: " كلهم من قريش ".
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام البخاري في كتاب الأحكام من صحيحه عن جابر بن
سمرة (1). وأخرجه الأمام مسلم في صحيحه في كتاب الإمارة بطرق كثيرة (2).
وأخرجه أبو داود في سننه في كتاب المهدي بلفظ: " لا يزال هذا
الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة " فسمعت
كلاما من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه فقلت لأبي: ما يقول؟ قال: كلهم من
قريش. وقد أخرجه أبو داود بثلاثة طرق (3).
وأخرجه الترمذي في الجامع عن طريقين في باب ما جاء في
الخلفاء (4).
والإمام أحمد في مواضع كثيرة من مسنده بطرق كثيرة (5).

(1) صحيح البخاري مع الفتح (13 / 311).
(2) صحيح مسلم (3 / 1452، 1453، 1454).
(3) سنن أبي داود (4 / 106).
(4) جامع الترمذي (5 / 501).
(5) مسند الإمام أحمد (5 / 86)، (5 / 87) مرتين، (5 / 88) مرتين، (5 / 89)، (5 / 90)،
ثلاث مرات، (5 / 92) مرتين، (5 / 93) ثلاث مرات، (5 / 94)، (5 / 95)، (5 /
96)، (5 / 97)، (5 / 98) أربع مرات (5 / 100)، (5 / 101) مرتين، (5 / 106)
مرتين، (5 / 108).
332

وأخرجه أيضا الطبراني والبزار كما ذكره الهيثمي (1).
وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد في موضعين (2).
وأخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية (3).
وأخرجه أبو عوانة في مسنده بطرق كثيرة تزيد على العشرين (4).
ورواه أيضا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد في
موضعين في المسند (5). وكذلك أخرجه أبو يعلى والبزار كما ذكره
الهيثمي (6).
وأخرجه أيضا الطبراني في الأوسط والكبير والبزار عن أبي حجيفة
كما ذكره الهيثمي (7).
وأخرجه أيضا الطبراني والبزار عن عبد الله بن عمرو بن العاص كما
ذكره الهيثمي (8).
وهذا الحديث لا علاقة له في بادئ الرأي بما نحن في صدده. ولكن
أخرجه الإمام أبو داود في " باب المهدي ". ولما رجعت إلى الأئمة والعلماء
في تفسير هذا الحديث وجدتهم مختلفين اختلافا كثيرا. حتى قال ابن بطال
عن المهلب " لم ألق أحدا يقطع في هذا الحديث " يعني بشئ معين (9).

(1) مجمع الزوائد (5 / 191).
(2) تاريخ بغداد (2 / 126)، (14 / 353).
(3) حلية الأولياء (4 / 333).
(4) مسند أبي عوانة (4 / 494 - 401).
(5) مسند أحمد (1 / 498 / 406).
(6) مجمع الزوائد (5 / 190).
(7) المصدر السابق (5 / 190).
(8) المصدر السابق (5 / 190).
(9) فتح الباري (13 / 211).
333

وقد فصل الكلام في معنى هذا الحديث الحافظ ابن حجر في فتح
الباري. والعلامة شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود بشرح أبي
داود والإمام عبد الرحمن المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح جامع
الترمذي. والمنذري في مختصر سنن أبي داود (1). ونكتفي هنا بذكر بعض
الأقوال أخذا من المصادر المذكورة.
فمنهم من قال: إن الحديث يبين مدة الخلفاء الذين يظل الإسلام في
عصرهم عزيزا منيعا. ويحسبون المدة من الخلفاء الراشدين إلى الوليد بن
يزيد بن عبد الملك باستثناء معاوية بن يزيد، ومروان بن الحكم لأنهما لم
تصح ولايتهما ولا وقع الاتفاق عليهما. وقال الحافظ ابن حجر أنه أرجح
الأقوال.
ومنهم من قال. إنه بيان لمدة خلافة بني أمية.
ومنهم من قال: إنه بيان لافتراق الأمة قبل القيامة حتى يكون لهم
اثنا عشر خليفة في وقت واحد. وهكذا. إلا أن هناك أقوالا تفسر هذا
الحديث بحيث أن المهدي يدخل فيه ولعل الإمام أبا داود يفسر الحديث
بهذه الأقوال أيضا ولذلك أورد هذا الحديث في باب المهدي.
ومن جملة هذه الأقوال: إن الحديث يبشر بوجود اثني عشر خليفة
من أمراء الإسلام يعملون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يلزم أن يكونوا متوالين بل
في مدة الإسلام كله إلى يوم القيامة وقد ذكر العظيم آبادي عن بعض
العلماء أنهم قالوا: قد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بد من تمام هذا
العدد قبل قيام الساعة. وذكر نقلا عن المرقاة: قال التوربشتي: السبيل في
هذا الحديث ما يتعقبه في هذا المعنى أن يحمل على المقسطين منهم
فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة. ولا يلزم أن يكونوا على

(1) فتح الباري (13 / 211 - 215)، عون المعبود (11 / 362 - 366) تحفة الأحوذي
(6 / 471 - 476)، مختصر سنن أبي داود (6 / 157 - 158).
334

الولاء... إلخ (1).
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره ما يؤيد هذا المعنى ففي صدد تفسيره
لآية: * (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر
نقيبا) * [المائدة: 12] أورد حديث الصحيحين بلفظ مسلم: لا يزال أمر
الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا... إلخ. ثم قال: " ومعنى هذا
الحديث البشارة بوجود الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
رضي الله عنهم ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني
العباس ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة. والظاهر أن منهم
المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره فذكر أنه يواطئ اسمه اسم
النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم أبيه فيملأ الأرض قسطا كما ملئت جورا
وظلما (2).
وقال المنذري: وقيل أراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة
الخلافة إلى يوم القيامة يعملون بالصواب وإن لم تتوالى أيامهم. فقد يكون
الرجل منصفا ويأتي بعده من يجور (3).
وقال ابن الجوزي في كتابه: " كشف المشكل " كما نقل عنه الحافظ
ابن حجر في فتح الباري: الوجه الثالث: أن المراد وجود اثني عشر خليفة
في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحق وإن لم تتوالى أيامهم
ويؤيده ما أخرجه مسدد في مسنده الكبير من طريق أبي بحر أن أبا الجلد
حدثه أنه لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل
بالهدي ودين الحق منهم رجلان من أهل بيت محمد يعيش أحدهما أربعين
سنة والآخر ثلاثين سنة (4).

(1) عون المعبود (11 / 363).
(2) تفسير ابن كثير (2 / 32).
(3) مختصر سنن أبو داود (6 / 157).
(4) فتح الباري (13 / 213).
وقد يقول قائل في إن هذا يؤيد ما زعمه الشيعة في الأئمة الاثني عشر عندهم وآخرهم
هو المهدي في زعمهم وقد اختفى في سرداب سامرا ولكن هذا الزعم ليس
بصحيح. وقد رد عليهم الإمام ابن كثير في تفسيره فقال: " وليس هذا بالمنتظر الذي
تتوهمه الرافضة وجوده ثم ظهوره من سرداب سامرا فإن ذلك ليس له حقيقة ولا
وجود بالكلية بل هومن هوس العقول السخيفة وتوهم الخيالات الضعيفة وليس
المراد بهؤلاء الخلفاء الاثني عشر الذي يعتقد فيهم الاثنا عشرية من الروافض
لجهلهم وقلة عقلهم ". تفسير ابن كثير (2 / 32). ورد عليهم الشيخ ولي الله
الدهلوي في كتابه " قرة العينين في تفضيل الشيخين " بأربعة أوجه ذكرها صاحب عون
المعبود وهي:
الأول: أن المذكور هنا الخلافة لا الإمامة ولم يكن أكثر هؤلاء الاثني عشر خليفة
بالاتفاق بين الفريقين.
الثاني: أن نسبتهم إلى قريش تدل على أن كلهم ليس من بني هاشم فإن العادة
جرت على أن الجماعة لما يعقدوا أمرا وكلهم من بطن واحد يسمونهم بذلك البطن
ولما كانوا من بطون شتى يسمونهم بالقبيلة الفوقانية التي تجمعهم.
الثالث: أن القائلين باثني عشر أئمة لم يقولوا بظهور الدين بهم بل يزعمون أن الدين
قد اختفى بعد وفاته صلى الله عليه وسلم والأئمة كانوا يعملون بالتقية وما استطاعوا أن يظهروه حتى
أن عليا رضي الله عنه لم يقدر على إظهار مذهبه ومشربه.
الرابع: أن المفهوم من حرف " إلى " أن تقع فترة بعد ما ينقضي عصر اثنى عشر
خليفة. وهم قائلون بظهور عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام وكمال الدين
بعدهم. فلا يستقيم معنى الغاية والمغيا كما لا يخفى. انتهى. عون المعبود (11 /
365 / 366).
335

وهناك قول غريب في تفسير هذا الحديث قاله ابن المنادي في الجزء
الذي جمعه في المهدي. وقد أورد كلامه ابن الجوزي في كشف المشكل
وعنه ابن حجر في الفتح. قال ابن المنادي: يحتمل في معنى حديث
" يكون اثنا عشر خليفة " أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر
الزمان. فقد وجدت في كتاب دانيال " إذا مات المهدي ملك بعده خمسة
رجال من ولد السبط الأكبر ثم يملك بعده ولده فيتم بذلك اثنا عشر
ملكا. كل واحد منهم إمام مهدي. قال ابن المنادي: في رواية أبي صالح
336

عن ابن عباس " المهدي اسمه محمد بن عبد الله وهو رجل ربعة مشرب
بحمرة يفرج الله به عن هذه الأمة كل كرب ويصرف بعدله كل جور ثم
يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلا ستة من ولد الحسن وخمسة من ولد
الحسين وآخر من غيرهم ثم يموت فيفسد الزمان ". وعن كعب الأحبار:
يكون اثنا عشر مهديا ثم ينزل روح الله فيقتل الدجال.
وقد علق ابن حجر على هذا بقوله: والوجه الذي ذكره ابن المنادي
ليس بواضح ويعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر
الصدفي عن أبيه عن جده رفعه: سيكون من بعدي خلفاء ثم بعد الخلفاء
أمراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من
أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. ثم يؤمر القحطاني فوالذي
بعثني بالحق ما هو دونه. هذا يرد على ما نقله ابن المنادي عن كتاب
دانيال وأما ما ذكره عن أبي صالح فواه جدا وكذا عن كعب. انتهى ما
قاله ابن حجر (1).
الخلاصة:
إن الحديث لا شك في صحته. وإن بعض العلماء يعد المهدي
المبشر من هؤلاء الاثني عشر. وعلى هذا ذكره الإمام أبو داود في باب
المهدي من سننه. ولكن الراجح كما سبق أن الاثني عشر خليفة قد
انتهوا بنهاية خلافة هشام بن عبد الملك الأموي ولا شك أن الدين كان
قائما ظاهرا في أيامهم مع وجود بعض الخلافات الداخلية في فترات
مختلفة. والله أعلم.

(1) فتح الباري (13 / 213 / 214).
337

41 - عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقصة جيش الخسف:
" قلت: يا رسول الله كيف بمن كان كارها؟ قال: يخسف بهم
ولكن يبعث يوم القيامة على نيته ".
تخريج الحديث:
أخرجه أبو داود في كتاب المهدي من سننه قال: حدثنا عثمان بن
أبي شيبة، حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد الله بن
القبطية، عن أم سلمة. الحديث (1).
وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه بكامله فقال: حدثنا قتيبة بن سعيد
وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم، واللفظ لقتيبة. قال إسحاق:
أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن
عبيد الله بن القبطية قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان
وأنا معهما على أم سلمة أم المؤمنين فسألاها عن الجيش الذي يخسف به
وكان ذلك في أيام ابن الزبير. فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعوذ عائذ
بالبيت فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم. فقلت: يا
رسول الله فكيف بمن كان كارها. قال: يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم
القيامة على نيته. وقال أبو جعفر: هي بيداء المدينة (2).
وأخرجه أيضا من طريق آخر عن عبد العزيز بن رفيع وفي حديثه
قال: فلقيت أبا جعفر فقلت: إنها إنما قالت ببيداء من الأرض. فقال أبو
جعفر: كلا والله إنها لبيداء المدينة (3).
وأخرج مثله عن عائشة رضي الله عنها الإمام البخاري في صحيحه

(1) سنن أبي داود مع العون (11 / 380 / 381).
(2) صحيح مسلم مع النووي (18 / 4).
(3) المرجع السابق (18 / 5).
338

قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض
يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم (1).
ولقد وردت أحاديث في ذكر جيش يغزو الكعبة فيخسف به عن
طريق عدة من الصحابة منهم: أبو هريرة (2)،
وأم سلمة (3)، وعائشة (4)،
وحفصة (5)، وصفية (6)، وأم المؤمنين بدون ذكر اسمها (7)، وبقيرة امرأة
القعقاع بن أبي حدرد (8)، وأنس (9).
وبعدما اتفق على إخراجه الشيخان وأخرجه الأئمة بطرق كثيرة فلا
حاجة إلى البحث في رجاله والنظر فيهم إذا لم يبق شك في صحة
الحديث. ولكن ما صلته بأحاديث المهدي؟

(1) صحيح البخاري مع الفتح (4 / 338) وأيضا أشار إليه في كتاب الحج في باب هدم
الكعبة (3 / 460).
(2) أخرجه النسائي (5 / 206) وأيضا بطريق آخر (5 / 207)، وأبو نعيم في الحلية (7 /
244) والحاكم في المستدرك (4 / 32 / 431).
(3) أخرجه مسلم (18 / 4)، وبطريق آخر (18 / 5)، وابن ماجة (2 / 1351) وأبو يعلى
(323 ألف) وعنه مجمع الزوائد (7 / 316)، وأحمد (6 / 259 / 289 / 290،
316، 318).
(4) أخرجه البخاري (4 / 338)، وأشار إليه في (3 / 460)، كما سبق، ومسلم (18 / 6،
7)، وأبو نعيم في الحلية (5 / 11)، وأحمد (6 / 259)، وأيضا بطريق آخر (6 /
259).
(5) أخرجه الترمذي (6 / 417)، والنسائي (5 / 207)، وبطريق آخر أيضا في الصفحة
نفسها، وابن ماجة (2 / 51 / 1350)، وأحمد (6 / 286 / 287).
(6) أخرجه ابن ماجة (2 / 351)، وأحمد (6 / 336)، وأيضا (6 / 337).
(7) أخرجه مسلم (18 / 6).
(8) أخرجه أحمد (6 / 379) بطريقين.
(9) أخرجه البزار كما في مجمع الزوائد (7 / 316) قال الهيثمي: وفيه هشام ابن الحكم
ولم أعرفه إلا أن ابن أبي حاتم ذكره ولم يجرحه ولم يوثقه وبقية رجاله ثقات.
339

إذا نظرنا في متن الحديث فلا نجد صلة له بالمهدي في بادئ الرأي
ولكن الإمام أبا داود أخرجه في أبواب المهدي. وأخرج ابن حبان في
صحيحه حديثا عن أم سلمة يشتمل على قصة جيش الخسف وعنونه
بقوله: ذكر الخبر المصرح بأن القوم الذين يخسف بهم إنما هم القاصدون
إلى المهدي في زوال الأمر عنه (1). وسيأتي في القسم الثاني من الكتاب.
وبالنظر في متنه يقوى الظن على ما قاله الإمام ابن حبان إذ أنه يشتمل
على بعض القرائن والأوصاف التي تتصل بالمهدي كبقائه سبع سنين
وإحيائه لشريعة الإسلام وغير ذلك. ولكن كما سنرى أن ذلك الحديث
إسناده ضعيف فلا نستطيع الاعتماد عليه. ولذلك لم نر الأئمة الآخرين
حملوا هذا الحديث على المهدي ولا أخرجوه في أبوابه.
وهناك أقوال أخرى في تعيين ذلك الجيش: فقال الحافظ ابن حجر
في فتح الباري: " وقال ابن القين: يحتمل أن يكون هذا الجيش الذي
يخسف بهم هم الذين يهدمون الكعبة فينتقم منهم فيخسف بهم. وتعقب
بأن في بعض طرقه عند مسلم (إن ناسا من أمتي) والذين يهدمونها من
كفار الحبشة وأيضا فمقتضى كلامه أنهم يخسف بهم بعد أن يهدموها
ويرجعوا وظاهر الخبر أنه يخسف بهم قبل أن يصلوا إليها " (2).
وقال الإمام البخاري في باب هدم الكعبة: قالت عائشة رضي الله
عنها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يغزو جيش الكعبة فيخسف بهم "، وأخرج فيه
حديث يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة. وقال ابن حجر في
الشرح: فيه إشارة إلى أن غزو الكعبة سيقع فمرة يهلكهم الله قبل الوصول
إليها وأخرى يمكنهم والظاهر أن غزو الذين يخربونه متأخر عن الأولين (3).
وبناء على هذا لا نجد دليلا صحيحا صريحا على أن الجيش الذي

(1) الإحسان (8 / 226 / ألف).
(2) فتح الباري (4 / 341)
(3) المصدر السابق (3 / 461).
340

يخسف به هو الجيش الذي يخرج لمحاربة المهدي. ولكننا في نفس
الوقت لا نستطيع أن ننفيه أيضا.
وبهذا أمكن إخراج هذا الحديث في
أبواب المهدي ولعله هو الذي ترجح لدى الإمام أبي داود. والله تعالى
أعلم.
341

الآثار
42 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
" ستكون فتنة يحصل الناس منها (1) كما يحصل الذهب في
المعدن فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم فإن فيهم الأبدال
وسيرسل الله إليهم سيبا (2) من السماء فيفرقهم حتى لو قاتلهم
الثعالب غلبهم ثم يبعث الله عند ذلك رجلا من عترة الرسول
صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفا إن قلوا وخمسة عشر
ألفا إن كثروا. أمارتهم أو علامتهم أمت أمت على ثلاث رايات
يقاتلهم أهل سبع رايات (3) ليس من صاحب راية إلا وهو
يطمح بالملك فيقتتلون ويهزمون ثم يظهر الهاشمي فيرد الله
إلى الناس ألفتهم ونعمتهم فيكونون على ذلك حتى يخرج
الدجال ".

(1) قال في النهاية: حصلت الأمر: حققته وأثبته. " ذهبة لم تحصل ترابها " أي لم
تخلص (1 / 396).
(2) السيب هو العطاء جمعه سيوب. النهاية (2 / 432).
(3) في بعض النسخ " تسع رايات " كذا في هامش المستدرك.
343

تخريج الحديث:
أخرجه الحاكم في المستدرك قال: أخبرني أحمد بن محمد بن سلمة
العنزي حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا سعيد بن أبي مريم، أبنا
نافع بن يزيد، حدثني عياش بن عباس، أن الحارث بن يزيد حدثه، أنه
سمع عبد الله بن زرير الغافقي يقول: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله
عنه يقول: فذكره (1).
رجال الحديث:
أحمد بن محمد بن سلمة العنزي هو أحمد بن محمد بن عبدوس بن
سلمة العنزي، الطرائفي ت 346 ه‍. قال الحاكم: كان صدوقا (2).
عثمان بن سعيد الدارمي: السجستاني. محدث هراة. ثقة إمام توفي
280 ه‍ له سؤالات عن الرجال ليحيى بن معين وله مسند كبير. قال
يعقوب القراب: ما رأينا مثل عثمان بن سعيد ولا رأى هو مثل نفسه (3).
سعيد بن أبي مريم: أبو محمد المصري. ثقة ثبت فقيه. من كبار
العاشرة. مات 224 ه‍ (ع) (4).
نافع بن يزيد الكلاعي: أبو يزيد المصري. يقال إنه مولى
شرحبيل بن حسنة. ثقة عابد. من السابعة. مات 168 ه‍ (خت م دس
ق) (5).
عياش بن عباس: القتباني. المصري. ثقة من السادسة. قال ابن

(1) المستدرك (4 / 553).
(2) سير أعلام النبلاء (15 / 415).
(3) تذكرة الحفاظ (2 / 621).
(4) تقريب التهذيب (1 / 293).
(5) تقريب التهذيب (1 / 293).
344

يونس: يقال مات سنة 133 ه‍ (زم 4) (1).
الحارث بن يزيد: الحضرمي. أبو عبد الكريم المصري. ثقة ثبت
عابد. من الرابعة. مات سنة 130 ه‍ (م د س ق) (2).
عبد الله بن زرير الغافقي: ثقة رمي بالتشيع (د س ق) (3).
فرجال الحديث كلهم ثقات ما عدا شيخ الحاكم فهو صدوق.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (4).
ووافقه الذهبي.
النتيجة:
إسناده صحيح. والله أعلم.
43 - عن أبي هريرة قال:
" لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك حتى يلي (رجل
من آل محمد صلى الله عليه وسلم) ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه الترمذي قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد
الجبار، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.
قال عاصم: وأنا أبو صالح عن أبي هريرة قال: لو لم يبق من الدنيا

(1) تقريب التهذيب (1 / 415).
(2) تقريب التهذيب (1 / 145)، تهذيب التهذيب (2 / 163).
(3) التقريب (2 / 415).
(4) المستدرك (4 / 553).
345

إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي (1).
وإذا أردنا أن نفرد إسناد هذا الأثر يكون كالتالي: الترمذي: حدثنا
عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم قال: أنا أبو صالح
عن أبي هريرة قال: إلخ.
(2) وأخرجه آخره نعيم بن حماد في الفتن قال: قال حماد: عن
عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: هو من آل
محمد صلى الله عليه وسلم (2).
رجال الحديث:
عبد الجبار بن العلاء: لا بأس به تقدم.
سفيان بن عيينة: ثقة حجة. تقدم.
عاصم: بن أبي النجود. حسن الحديث. تقدم.
أبو صالح: ذكوان السمان. ثقة ثبت. من الثالثة. ت 101 ه‍ / ع (3).
ورواه نعيم عن حماد بن سلمة وهو ثقة. تقدم.
ورجال الإسناد كلهم ممن يحتج بهم وعاصم تكلم فيه ولكنه حسن
الحديث كما سبق. ونعيم بن حماد وإن كان سئ الحفظ له أوهام ولكن
معنى روايته يستنبط من رواية الترمذي نفسه.
قال الألباني: حسن (4).

(1) جامع الترمذي مع التحفة (6 / 487).
(2) الفتن (103 ألف).
(3) تقريب التهذيب (1 / 238).
(4) صحيح الجامع الصغير (6 / 359) رقم 8016.
346

النتيجة:
إسناده حسن: وقد رواه أبو هريرة مرفوعا أيضا كما سبق (رقم:
28). ولا منافاة بينهما فأبو هريرة رضي الله عنه إذا سمع الحديث من
النبي صلى الله عليه وسلم يصح له أن يقول بمقتضاه من عنده اعتمادا على الحديث الذي
عنده.
44 - عن أبي معبد عن ابن عباس قال:
" لا يمضي الأيام والليالي حتى يلي منا أهل البيت فتى لم
تلبسه الفتن، ولم يلبسها ".
قال: قلنا: يا عباس يعجز عنها مشيختكم وينالها شبانكم؟
قال: هو أمر الله يؤتيه من يشاء.
زاد الداني والبيهقي: كما فتح الله هذا الأمر بنا فأرجو أن
يختمه الله بنا.
تخريج الحديث:
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال: ابن عيينة، عن عمرو،
عن أبي معبد، عن ابن عباس قال: فذكره (1).
(2) وأخرجه نعيم في الفتن أيضا قال: حدثنا ابن عيينة، عن
عمرو، عن أبي معبد، عن ابن عباس قال: المهدي شاب منا أهل
البيت. قال: قلت: عجز عنها شيوخكم ويرجوها شبابكم. قال:
ليفعل الله ما يشاء (2).
(3) وأخرجه جزءا منه نعيم أيضا في موضع آخر قال: حدثنا ابن

(1) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
(2) الفتن (102 ألف).
347

عيينة، عن عمرو، عن أبي معبد، عن ابن عباس قال: هو شاب (1).
(4) أخرجه أيضا أبو عمرو الداني في سننه قال: حدثنا ابن عفان،
حدثنا قاسم، حدثنا أحمد، حدثنا إبراهيم بن بشار، حدثنا سفيان، حدثنا
عمرو بن دينار، عن أبي معبد، عن ابن عباس قال: " إني لأرجو ألا
تذهب الأيام والليالي حتى يبعث الله منا - أهل البيت - غلاما شابا حدثا
لم تلبسه الفتن. ولم يلبسها، يقيم أمر هذه الأمة، كما فتح الله هذا
الأمر بنا فأرجو أن يختمه الله بنا ".
قال أبو معبد: فقلت لابن عباس: أعجزت عنه شيوخكم ترجوه
لشبابكم؟ قال: " إن الله عز وجل يقول ما يشاء " (2).
(5) وأخرجه الداني أيضا عن طريق آخر بلفظ مختلف فقال: حدثنا
ابن عفان، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني،
أخبرنا شريك، عن فرات القزاز، عن أبي معبد قال: قلت له: سمعت ابن
عباس يذكر في المهدي شيئا؟ قال: نعم. سمعته يقول: " والله لو لم يبق
من الدنيا إلا يوم لختم الله بنا هذا الأمر كما فتحه ".
وقال: " بنا فتح هذا الأمر وبنا يختم " (3).
(6) وأخرجه البيهقي قال: وأخبرنا أبو سعيد الخليل بن أحمد
القاضي البستي، أخبرنا أبو العباس أحمد بن المظفر البكري، حدثنا ابن
أبي خيثمة، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن
دينار، عن أبي معبد قال: قال ابن عباس: " كما فتح الله في أولنا فأرجو
أن يختمه بنا " (4).

(1) أيضا (101 ألف).
(2) السنن الواردة في الفتن (5 / 1043) حديث 559.
(3) المصدر السابق (5 / 1043) حديث 558.
(4) دلائل النبوة (6 / 517).
348

رجال الحديث:
ابن عيينة: هو سفيان بن عيينة الهلالي. ثقة حافظ فقيه إمام حجة.
ربما يدلس. في المرتبة الثانية من المدلسين. تقدم.
عمرو: هو ابن دينار المكي. ثقة ثبت. تقدم.
أبو معبد: نافذ - بفاء ومعجمة - مولى ابن عباس المكي. ثقة. من
الرابعة. مات 104 ه‍ (ع) (1).
ابن عباس: صحابي معروف.
النتيجة:
هذا إسناد صحيح. موقوف على ابن عباس. وأورد الفقرة الثانية منه
ابن كثير في البداية والنهاية وقال: هذا إسناد جيد (2). و
تصريحه هنا " منا أهل البيت " واضح في أنه لا يقصد أن المهدي
يكون من بني العباس. بل من أهل البيت بالعموم. ولذلك فلا يتعارض
هذا الأثر مع بقية الأحاديث الواردة في أن المهدي من ولد فاطمة.
45 - عن محمد بن سيرين قال:
" يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر ولا عمر ".
تخريج الحديث:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف قال: أبو أسامة، عن عوف، عن
محمد، قال: فذكره (3).

(1) تقريب التهذيب (2 / 295)، تهذيب التهذيب (10 / 404).
(2) البداية والنهاية (6 / 245).
(3) مصنف ابن أبي شيبة (321 ب).
349

رجال الحديث:
أبو أسامة: حماد بن أسامة. ثقة. تقدم.
عوف: بن أبي جميلة الإعرابي. ثقة. رمي بالقدر والتشيع. تقدم.
محمد: هو ابن سيرين: تابعي معروف. تقدمت ترجمته.
وهؤلاء رجال كلهم ثقات. قال السيوطي: هذا إسناد صحيح (1).
النتيجة:
إسناده صحيح. وهو أثر مقطوع من كلام ابن سيرين ويرى السيوطي
أن الأوجه تأويله: " على ما أول عليه حديث " بل أجر خمسين منكم "
لشدة الفتن في زمان المهدي وتمالؤ الروم بأسرها عليه ومحاصرة الدجال
له وليس المراد بهذا التفضيل الراجع إلى زيادة الثواب والرتبة عند الله
فالأحاديث الصحيحة والإجماع على أن أبا بكر وعمر أفضل الخلق بعد
النبيين والمرسلين " (2).
وقد ورد مرفوعا أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه لكن في
إسناده كذاب. وسيأتي في القسم الثاني من الكتاب. إن شاء الله.
46 - عن أبي الجلد قال:
" تأتيه إمارته هنيا وهو في بيته ".
تخريج الحديث:
(1) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن قال: حدثنا عبد الوهاب

(1) الحاوي (2 / 153).
(2) المصدر السابق (2 / 153).
350

الثقفي، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي الجلد قال: فذكره (1).
(2) وأخرجه عبد الرزاق في المصنف: عن معمر، عن أيوب، عن
ابن سيرين، عن أبي الجلد قال: تكون فتنة ثم تتبعها أخرى. لا تكن
الأولى في الآخرة إلا كثمرة السوط يتبعه ذباب السيف ثم تكون فتنة فلا
يبقى لله محرم إلا استحل ثم يجتمع الناس على خيرهم. رجلا تأتيه إمارته
هنيئا وهو في بيته (2).
رجال الحديث:
عبد الوهاب: بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي، أبو محمد
البصري، ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين. مات 94 ه‍ (ع) (3).
ولكنه قد توبع في الرواية الثانية عن معمر.
(2) أيوب بن أبي تيمية: كيسان السختياني. أبو بكر البصري. ثقة ثبت
حجة من كبار الفقهاء العباد. من الخامسة. مات 131 (ع) (4).
(3) ابن سيرين: محمد. ثقة تابعي. تقدمت ترجمته.
(4) أبو الجلد: جيلان بن فروة. البصري. تابعي روى عنه قتادة وأبو
عمران الجوني. وثقه أحمد بن حنبل وقال أبو حاتم: صاحب كتب
التوراة ونحوها (5).
رجال الإسناد ثقات ولكن معمر وهو وإن كان ثقة لكن في روايته
عن العراقيين كلام كما سبق في (15). ولذلك فالذي ثبت إسناده إلى أبي
الجلد هو الجزء الذي توبع فيه معمر بإسناد نعيم وهو أيضا كثير الأوهام

(1) الفتن (94 ب).
(2) مصنف عبد الرزاق (11 / 372).
(3) تقريب التهذيب (1 / 528).
(4) الجرح والتعديل (1 / 547).
351

وراويه ضعيف ولكن مع ذلك فالإسناد صالح للاعتبار. وأبو الجلد صاحب
كتب التوراة ونحوها، كما وصفه به أبو حاتم فلا يبعد أن تكون الرواية
من الإسرائيليات. ومع ذلك فليس فيها تصريح بالمهدي. إنما ذكرها نعيم
في باب " اجتماع الناس بمكة وبيعتهم للمهدي " وكذلك عبد الرزاق في
باب المهدي في مصنفه. والله أعلم.
النتيجة:
إسناده حسن.
352

الخاتمة
- سرد موجز لما ثبت بالبحث والتحقيق.
- شخصية المهدي من خلال الأحاديث الثابتة.
- عوامل الإنكار.
- شبهات المنكرين.
- مع المستغلين لفكرة المهدوية.
- خاتمة القول.
353

سرد موجز
لما ثبت بالبحث والتحقيق
اشتمل هذا القسم على ثلاثين حديثا وستة عشر أثرا موزعا على بابين:
(1) الأحاديث والآثار الثابتة الصريحة في ذكر المهدي وهي ثمانية
أحاديث مرفوعة وأحد عشر أثرا.
(2) الأحاديث والآثار الثابتة غير الصريحة في ذكر المهدي. وهي
اثنان وعشرون حديثا وخمسة آثار.
وهو مجموع ما ثبت عندي - بالصحة أو الحسن - من أحاديث
المهدي التي اطلعت عليها.
أما الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة فسأذكرها في القسم الثاني
من هذا الكتاب إن شاء الله.
وهكذا نرى أن من مجموع ما ثبت من الأحاديث ثمانية أحاديث
وأحد عشرة أثرا صريحا في ذكر المهدي. والباقي لم يقع فيه التصريح
بذكر المهدي ولكن ذكره العلماء في أبواب المهدي لأجل القرائن
والأوصاف الدالة على ذلك.
نتيجة البحث:
وبعد النظر في الأحاديث الواردة في المهدي ودراستها سندا ومتنا
وصلت إلى ما يلي:
355



(1) إن خلافة المهدي في آخر الزمان حق ولا يمكن إنكارها لثبوت
هذه الأحاديث الصحيحة أو الحسنة، ولورود أحاديث أخرى كثيرة وهي
ضعيفة في تفاصيلها ولكنها تشارك الصحيحة في أصل الفكرة وهي " وجود
خلافة المهدي " وهكذا يصبح هذا الأمر متواترا تواترا معنويا.
(2) إن الكثير أو الأكثر من الأحاديث والآثار الواردة في موضوع
المهدي ضعيف أو موضوع لا يمكن الاعتماد عليه والأخذ به. ولذلك فلا
يمكن أن تقبل هذه الفكرة على علاتها. بل لا بد من تمحيص القول
وأخذ ما صفا وترك ما كدر.
شخصية المهدي وأوصافه من خلال الأحاديث الثابتة المرفوعة:
أما شخصية المهدي وملامحها وأوصافها التي تبينت لي من خلال
الأحاديث المرفوعة الثابتة فهي كما يلي:
(1) اسمه يواطئ اسم النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 21، 22، 23، 24، 25، 26.
(2) اسم أبيه اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 25، 26.
(3) يكون من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 1، 4، 9، 20، 21،
22، 23، 24، 25، 26، 28، 30، 31، 33، 34.
(4) يكون من ولد فاطمة الحديث: 8.
(5) يكون أجلى الجبهة، أقنى الأنف. الأحاديث: 4، 30.
(6) يصلحه الله في ليلة. الحديث: 1.
(7) تملأ الأرض قبل خلافته ظلما وجورا. الأحاديث: 4، 20، 26،
30، 31، 32، 33.
(8) فيملأها بعد خلافته قسطا وعدلا. الأحاديث: 4، 5، 8، 20،
26، 30، 31، 32، 33.
356

(9) يرى الإمام ابن حبان وغيره أنه الرجل الذي يبايع له بين الركن
والمقام. الحديث: 29.
(10) يملك سبع سنين الأحاديث: 4، 6. وقد وقع في بعض الروايات
بالشك (سبع أو ثماني أو تسع). والظاهر أن هذا الشك أتى من
الرواة، فيحمل على اليقين. الأحاديث: 3، 5، 31.
(11) يلي في آخر الزمان. ولا تقوم الساعة حتى يملك ولو لم يبق من
الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك. الأحاديث:
3، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 33.
(12) يخرج في رايات سود من قبل خراسان. الأحاديث: 2، 7.
(13) يسقيه الله الغيث (تمطر السماء قطرها). الأحاديث: 5، 8.
14 - تخريج الأرض نباتها. الأحاديث: 3، 5، 8.
15 - تكثر الماشية. الحديث: 3.
16 - تعظم الأمة. الحديث: 3.
17 - تنعم الأمة في ولايته نعمة لم تنعمها قط. الحديث: 8.
18 - يعطي المال صحاحا. الحديث: 3.
19 - يحثي المال حثيا. الأحاديث: 36، 38.
20 - يعطي المال بغير عدد (ولا يعده عدا). الحديث: 36.
21 - ينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيصلي ورائه. وهذا يقتضي أن
الدجال يخرج في عصره، لأن عيسى ينزل فيقتل الدجال.
والأحاديث: 27، 34، 39.
22 - يرى أبو داود وغيره أنه من الخلفاء الاثني عشر الذين ورد فيهم
الحديث: 40.
357

23 - يرى ابن حبان وغيره أن الجيش الذي يخسف به هو الجيش الذي
يخرج لمحاربة المهدي. الحديث: 41.
358

مع المنكرين لفكرة المهدوية
لقد ذكرت في مقدمة هذا الكتاب قائمة بأسماء وآراء الذين وجدتهم
من المنكرين لفكرة المهدوية إنكارا مطلقا. ولقد ثبت لنا الآن بعد البحث
والتحقيق أن الفكرة لها أصل، ولا يمكن إنكارها على الإطلاق. إذن فما
هي العوامل التي حملتهم على إنكار هذه الفكرة؟
عوامل الإنكار:
نستطيع أن نحدد تلك العوامل في أمرين أساسيين:
(1) المحاولات المتكررة لاستغلال هذه الفكرة للوصول إلى المطامع
الشخصية من الملك والسلطة وغيرهما. وقد بدأت هذه النزعة من قديم
الزمان، فالمختار بن أبي عبيد الثقفي يدعي مهدية محمد بن الحنفية ويتستر
وراثها للتمكن من السلطة والحصول على الرئاسة.
ومحمد بن عبد الله النفس الزكية يدعي المهدوية ويطلب الحكم له
والمنصور العباسي يحاربه بالسلاح نفسه فيلقب ابنه بالمهدي ويظهر أنه هو
المراد بالأحاديث الواردة. والفرق الشيعية المختلفة تختار لها مهديين.
والحركة الباطنية الإلحادية تتقمص بهذه الفكرة وتثير الفتن والقلاقل وتعيث
في الأرض فسادا. وتنتج أرض المغرب مهديين، وفي السودان مهدي،
وفي الهند مهدي، وفي إيران مهدي وأبواب المهدي.
359

وهكذا قامت حركات كثيرة عبر التاريخ الإسلامي، وقد تقدم ذكرها
بشئ من التفصيل في مقدمة هذا الكتاب. وكل هذه الحركات استغلت
هذه الفكرة للوصول إلى أهدافها ومطامعها ووراء كل حركة من الحروب
والقتال والفساد ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
(2) تصوير المهدي بصورة وهمية خيالية يستبعدها العقل ويأباها
القلب. فكانت هناك نزعة أخرى تحارب استغلال فكرة المهدوية وهي
تصدق بأصل الفكرة إلا أنها لما رأت كثرة أدعياء المهدوية في كل عصر
ومصر وما يثير هؤلاء من القلاقل والفتن أصبحت تبحث عن أمور تبين أن
هؤلاء الأدعياء ليسوا من المهدي الحقيقي في شئ. فوجدوا روايات
ضعيفة وموضوعة مختلقة كثيرة تتعلق بالمهدي وتصفه بأوصاف بعيدة عن
العقل والواقع فأوردوها ليثبتوا أن هؤلاء الأدعياء لا يتصفون بهذا الصفات
ولا توجد فيهم تلك الأمارات، وعلى سبيل المثال ذكروا أن المهدي
تخرج معه كف معلمة من السماء وينادي باسمه من السماء، وتخضر له
الأغصان اليابسة في أرض يابسة وتهبط الطير على يديه بإشارته، وأنه
يخرج التوراة والإنجيل من أنطاكية. وسمى المهدي لأنه يهدي إلى أسفار
التوراة ويخرجها من جبال الشام وأن جبرائيل على مقدمته وميكائيل على
ساقته. وأنه يفتح مدينة القاطع على البحر الأخضر المحدق بالدنيا طولها
ألف ميل وعرضها خمسماية ميل فيها مائة سوق وفي كل سوق مائة ألف سوقي.
وأنه يخرج تابوت السكينة ومائدة بني إسرائيل ورضراض الألواح
وعصى موسى وخاتم سليمان. وما إلى ذلك (1).
ولكن هؤلاء قد أفرطوا في اعتمادهم على هذه الروايات الواهية وقد
أساءوا إلى الحقيقة الثابتة الصحيحة. فهم وإن كان قصدهم الوقوف في

(1) انظر القول المختصر (124 ب) وكذلك مختصر تذكرة القرطبي والبرهان لعلي
المتقي. في ذكرهم لعلامات المهدي المنتظر.
360

وجه الأدعياء قد نفروا الكثير أيضا من الصواب (1).
وكثير من الذين لم تكن لديهم قدرة كافية للبحث في الأحاديث
الواردة وتمييز صحيحها من سقيمها أو كانت عندهم القدرة الكافية لكنهم
لم يتجشموا مشقة البحث والتحقيق لما رأوا تلك الفتن والمشاكل من جهة
وهذه الخرافات من جهة أخرى أعلنوا بدون تردد أن حديث المهدي
حديث خرافة. ونظروا في الروايات الواردة في المهدي نظرة عابرة فتبدت
لهم بعض الشبهات فزعموا أنها تقوي رأيهم.

(1) انظر ما تقدم من كلام محمد فريد وجدي وغيره من المنكرين في مقدمة هذا
الكتاب.
361

شبهات المنكرين
(أ) أحاديث المهدي لم يخرجها البخاري ومسلم:
وقد ردد هذه الشبهة كثير من الذين كتبوا في إنكار فكرة المهدي.
فقال السيد محمد رشيد رضا:
" لم يعتد الشيخان بشئ من رواياتها " (1).
وقال الأستاذ أحمد أمين: " ولم يرو البخاري ومسلم شيئا عن
أحاديث المهدي مما يدل على عدم صحتها عندهما " (2).
وكذلك سعد محمد حسن في كتابه المهدية في الإسلام (3).
وغيرهم.
وظن هؤلاء أن الشيخين لم يخرجا أحاديث المهدي لعلة فيها
عندهما. ولكن هذا الظن ليس بصحيح. وذلك لأمور:
(1) إن الشيخين لم يحيطا بجميع الأحاديث الصحيحة ولا ادعيا
ذلك فقد قال البخاري: " ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت

(1) تفسير المنار (9 / 499).
(2) ضحى الإسلام (3 / 277).
(3) المهدية في الإسلام (ص 70).
362

من الصحاح لحال الطول " (1). وقال مسلم: " ليس كل شئ عندي صحيح
وضعته هاهنا - يعني كتابه الصحيح - إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا
عليه " (2).
(2) هناك أحاديث كثيرة جدا استدل بها العلماء وعملوا بها ولا
توجد في الصحيحين، حتى في أمور العقائد ومنها الحديث المشتمل على
العشرة المبشرين بالجنة. والحديث الدال على أن نسمة المؤمن طائر يعلق
في الجنة. وحديث البراء بن عازب الطويل في أحوال القبر حتى البعث
وحديث وزن الأعمال وغيرها (3). فمن الخطأ أن يظن أن عدم إخراج
الشيخين أحاديث المهدي يدل على أنها لم تصح عندهما.

(3) إن كلامهم هذا ليس بصحيح على إطلاقه. بل في الصحيحين
أحاديث تتعلق بالمهدي وإن لم تكن صريحة في ذكره. إلا أن الأحاديث
الأخرى تبين أن المراد بها هو المهدي المنتظر. فراجع الأحاديث: 27،
36، 38، 39 من هذا الكتاب.
(ب) هل هناك أحاديث تنكر وجود المهدي؟
لقد زعم بعض الناس أن أحاديث المهدي معارضة بحديث " لا
مهدي إلا عيسى بن مريم " (4). إلا أن هذا الحديث ليس بصحيح كما
سيأتي بتفصيل في القسم الثاني لهذا الكتاب إن شاء الله. ولذلك فلا يمكن
الاستدلال به. وحتى ولو صح الحديث فلا يبطل تلك الأحاديث الكثيرة
الواردة في ذكر المهدي غير عيسى. فيتعين الجمع بينهما. فيقال: " لا
(1) مقدمة ابن الصلاح مع التقييد والإيضاح (ص 26).
(2) المصدر السابق (ص 26).
(3) انظر تفصيل هذا المبحث في رسالة الشيخ عبد المحسن العباد " عقيدة أهل السنة
والأثر " (ص 156 / 157).
(4) انظر الإحسان (294 ب)، منهاج السنة (4 / 211)، تاريخ ابن خلدون (1 / 575).
363

مهدي في الحقيقة سواه وإن كان غيره مهديا كما يقال: لا علم إلا ما نفع
ولا مال إلا ما وقي وجه صاحبه. كما يصح أن يقال إنما المهدي
عيسى بن مريم يعني المهدي الكامل المعصوم " (1).
(ج‍) هل أحاديث المهدي كلها ضعيفة؟:
ولقد حاول ابن خلدون تضعيف أحاديث المهدي كلها واستند في
رأيه هذا إلى كلام العلماء " إن الجرح مقدم على التعديل " ثم ذكر بعض ما
ورد في الطعن في بعض رواة أحاديث المهدي. والحقيقة أن المحدثين
حينما يقولون: " إن الجرح مقدم على التعديل " لا يريدون منه الإطلاق.
بل لابد أن يكون الجرح مفسرا حتى يتمكن الباحث من النظر فيه وهل
هو جرح حقيقة أم لا؟ فقد يضعفه الجارح بسبب يراه قادحا بينما هو ليس
بقادح عند غيره (2).
قال ابن حجر في شرح النخبة: " الجرح مقدم على التعديل وأطلق
ذلك جماعة ولكن محله إن صدر مبينا من عارف بأسبابه لأنه إن كان غير
مفسر لم يقدح فيمن ثبتت عدالته وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم
يعتبر به أيضا. فإن خلا المجروح عن التعديل قبل الجرح فيه مجملا غير
مبين السبب إذا صدر عن عارف على المختار " (3).
وكذلك نص عليه النووي والسخاوي والسيوطي والسندي غيرهم (4).
وحتى لو ثبت الجرح في الراوي فليس كل جرح يقسط الرواية بل
من الجرح ما هو شديد ويستلزم ترك الرواية، ومنه ما ليس كذلك بل

(1) المنار المنيف (ص 148).
(2) انظر الكفاية للخطيب البغدادي (ص 178 - 186) لتفصيل هذه المسألة.
(3) نزهة النظر (ص 75).
(4) الرفع والتكميل (ص 58) وقد ذكرته بشئ من التفصيل في مقدمتي لكتاب الشجرة
في أحوال الرجال، للإمام الجوزجاني.
364

يعتضد الراوي المتصف به بغيره من المعتبرين فيحتج بروايته.
فأما الجرح الشديد هو الناشئ في الراوي من قبل كونه متهما في
دينه وعدالته أو كونه سئ الحفظ جدا فاحش الخطأ فحينذاك تترك روايته
بالمرة ولا يحتج به ولا يعتبر به.
قال الترمذي: " فكل من كان متهما في الحديث بالكذب أو كان
مغفلا يخطئ الكثير فالذي اختار أكثر أهل الحديث من الأئمة أنه لا
يشتغل بالرواية عنه " (1) وروى الخطيب بسنده عن ابن مهدي أنه قال:
سمعت شعبة وسئل: من الذي يترك حديثه؟ قال: " الذي إذا روى عن
المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر طرح حديثه. وإذا روى حديثا
غلطا مجمعا عليه فلم يتهم نفسه فيتركه طرح حديثه. وإذا كثر الغلط يترك
حديثه. وما كان غير ذلك فارو عنه " (2).
فإن لم يكن الجرح شديدا كأن يكون ناشئا من ضعف الراوي بسبب
سوء حفظ غير فاحش أو وهم يسير في بعض رواياته أو التدليس أو
الاختلاط في آخر العمر وما إلى ذلك فمثل هذا يكتب حديثه ويعتبره به.
فإن رواه غيره أو وجد ما يشهد لمعناه علم أنه لم يهم في روايته تلك.
قال الحافظ ابن حجر: " ومتى توبع السئ الحفظ بمعتبر كأن يكون
فوقه أو مثله لا دونه كذا المختلط الذي لم يتميز والمستور والإسناد
المرسل وكذا المدلس إذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم حسنا لا
لذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع. لأن مع كل
واحد منهم احتمال كون رواياته صوابا أو غير صواب على حد سواء. فإذا
جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من
الاحتمالين المذكورين. ودل ذلك على أن الحديث محفوظ فارتقى من

(1) العلل للترمذي مع السنن (10 / 483).
(2) مسألة الاحتجاج بالشافعي (ص 388) من مجلة البحوث العلمية.
365

درجة التوقف إلى درجة القبول " (1).
فابن خلدون كما قال أحمد شاكر: " لم يحسن قول المحدثين:
الجرح مقدم على التعديل ولو اطلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئا مما
قال " (2).
ولذلك رد على ابن خلدون كثير من العلماء ومن بينهم العلامة
صديق حسن خان في " الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة "
والشيخ المحدث شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود. والشيخ
العلامة عبد الرحمن المباركفوري في تحفة الأحوذي في باب المهدي من
كتابيهما. والشيخ المحدث أحمد شاكر في تعليقاته على مسند الإمام
أحمد (3). والشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني في تخريجه
لأحاديث فضائل الشام ودمشق (4) والشيخ عبد الله بن محمد الصديق في
كتابه إبراز الوهم المكنون.
وابن خلدون لم يحص الأحاديث الواردة في المهدي وإنما ذكر جزءا
قليلا منها. ومع محاولته لتضعيفها لم يجد بدا من الاعتراف بصحة بعضها
فقال: " فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه
آخر الزمان وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل
منه " (5).
أفلا يكفي هذا القليل الصحيح للاستدلال؟.

(1) نزهة النظر (ص 26).
(2) مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (5 / 197).
(3) المصدر السابق (5 / 197 - 198).
(4) فضائل الشام ودمشق للربعي (ص 100).
(5) تاريخ ابن خلدون (المقدمة) (1 / 574).
366

(د) هل روايات المهدي كلها من وضع الشيعة؟:
يزعم بعض الناس أن الأحاديث الواردة في المهدي كلها من وضع
الشيعة أو أنها على الأقل يوجد في روايتها من رمي بالتشيع ولذلك فلا
تقبل هذه الروايات. لأنها تؤيد بدعتهم فوقعت التهمة فيها عليهم.
ولكن هذه الشبهة ليست بصحيحة لما سيأتي.
رواية أهل البدع:
وللعلماء في قبولها أو عدمه أربعة أقوال:
(1) لا تقبل مطلقا. وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله (1) فقد قال:
لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم من العلم شيئا. وإنهم
لمن يؤخذ عنهم العلم وكانوا أصنافا فمنهم من كان كذابا في غير علمه
تركته لكذبه. ومنهم من كان جاهلا بما عنده فلم يكن عندي موضعا
للأخذ عنه لجهله ومنهم من كان يدين برأي سوء (2). وقال أشهب: سئل
مالك عن الرافضة فقال: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون (3). وهو
قول أبي بكر الباقلاني وأتباعه ونقله الآمدي عن الأكثرين وجزم به ابن
الحاجب (4).
(2) تقبل مطلقا. وإن كانوا كفارا وفساقا بالتأويل. وبه قال جماعة
من أهل النقل والمتكلمين (5).

(1) التمهيد (1 / 33)، معرفة علوم الحديث للحاكم (ص 135)، المدخل في أصول
الحديث للحاكم (ص 16).
(2) التمهيد (1 / 66)، معرفة علوم الحديث (ص 135).
(3) ميزان الاعتدال (1 / 27 - 28).
(4) التقييد والإيضاح (ص 149)، فتح المغيث (1 / 304)، توضيح الأفكار (2 / 233).
(5) الكفاية (ص 195)، فتح المغيث (1 / 306).
367

(3) تقبل إن لم يعرف باستحلال الكذب. وهذا قول الشافعي
رحمه الله فقد قال: تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون
الشهادة بالزور لموافقيهم (1).
وحكي هذا عن ابن أبي ليلى وسفيان الثوري، وأبي يوسف
القاضي (2).
(4) لا تقبل من الداعية وتقبل من غير الداعية. وهذا قول الإمام
أحمد رحمه الله وهو مروي عن عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد
القطان وغيرهم. قال أبو داود: قلت لأحمد: يكتب عن القدري؟ قال:
إذا لم يكن داعيا (3). وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي لم رويت عن
أبي معاوية الضرير وكان مرجئا ولم ترو عن شبابة بن سوار وكان قدريا؟
قال: لأن أبا معاوية لم يكن يدعو إلى الإرجاء وشبابة كان يدعو إلى
القدر (4). وقال عبد الرحمن بن مهدي: من رأى رأيا ولم يدع إليه احتمل
ومن رأى رأيا ودعا إليه فقد استحق الترك (5).
فالمبتدع إذا لم تتوفر فيه صفات القبول فلا شك أن روايته ترد،
كالمبتدع الذي كفر ببدعته وتأكد خروجه عن الإسلام. قال ابن الصلاح:
" اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر ببدعته " (6) وهذا يعني أن
الذي كفر ببدعته فليس في محل خلاف. وقال ابن كثير: المبتدع إن كفر
ببدعته فلا إشكال في رد روايته (7). وقال ابن حجر: لا يقبل صاحبها

(1) الكفاية (ص 194، 195).
(2) المصدر السابق (ص 195).
(3) الكفاية (ص 205).
(4) فتح المغيث (1 / 306).
(5) كتاب المجروحين (1 / 68)، الكفاية (ص 203).
(6) علوم الحديث (ص 103).
(7) اختصار علوم الحديث لابن كثير (ص 99).
368

الجمهور (1). وقال المعلمي: لا شبهة أن المبتدع إن خرج ببدعته عن
الإسلام لم تقبل روايته لأن من شرط قبول الرواية الإسلام (2). وحتى حكى
النووي الإجماع على أن روايته لا تقبل. وتعقبه السيوطي فقال: قيل
دعوى الاتفاق ممنوعة فقد قيل إنه يقبل مطلقا وقيل إن اعتقد حرمة
الكذب (3).
وقال ابن حجر بعد ذكر القولين: " والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر
ببدعته لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر مخالفيها
فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف. فالمعتمد أن
الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة
وكذا من اعتقد عكسه. فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك
ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله (4).
وكذلك المبتدع الذي يستحل الكذب ولا تقبل روايته أبدا. قال
أحمد شاكر: " وهذا القيد - أعني عدم استحلال - الكذب - لا أرى داعيا
له، لأنه قيد معروف بالضرورة في كل راو، فإنا لا نقبل رواية الراوي
الذي يعرف عنه الكذب مرة واحدة فأولى أن نرد رواية من يستحل الكذب
أو شهادة الزور " (5).
فأما إذا توفرت فيه صفات القبول فما الحكم؟ الذي يظهر لي من
خلال الأقوال المذكورة أن الجمهور قد اتفقوا على أن رواية المبتدع - إن
لم يكن داعيا إلى بدعته - تقبل (6).

(1) نزهة النظر (ص 52).
(2) التنكيل (1 / 42).
(3) تدريب الراوي (1 / 324).
(4) نزهة النظر (ص 52).
(5) الباعث الحثيث (ص 100).
(6) أما قولهم برد رواية المبتدع الداعية فقد اعترض عليه. قال ابن كثير: " وقد قال
الشافعي أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور
لموافقيهم. فلم يفرق الشافعي في هذا النص بين الداعية وغيره. ثم ما الفرق في
المعنى بينهما. وهذا البخاري قد خرج لعمران بن حطان الخارجي ما دح عبد
الرحمن بن ملجم قاتل علي. وهذا من أكبر الدعاة إلى البدعة. والله أعلم. اختصار
علوم الحديث (ص 100).
قال الخطيب: " إنما منعوا أن يكتب عن الدعاة خوفا أن تحملهم الدعوة إلى البدعة
والترغيب فيها على وضع ما يحسنها ". الكفاية (ص 205) وذكر نحوه ابن حجر
(نزهة النظر ص 52) والسيوطي تدريب الراوي (1 / 325) ومثل هذا لم تثبت له
العدالة أصلا فلا داعي لهذا القيد أيضا.
369

وانفرد الجوزجاني وابن قتيبة فاشترطا شرطا آخر، وهو أن لا يكون في
روايته - أي المبتدع حتى غير الداعية - ما يؤيد بدعته. قال الجوزجاني:
" ومنهم زائغ عن الحق - أي عن السنة - صادق اللهجة فليس فيه حيلة إلا أن
يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكرا إذا لم تقو به بدعته " (1).

(1) نزهة النظر (ص 53).
وعلق عليه ابن حجر فقال: " وما قاله متجه لأن العلة التي لها رد حديث الداعية
واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية. والله
أعلم ".
وقد سبق عن ابن حجر ما يخالف هذا كما سيأتي.
وقد ناقش الجوزجاني الشيخ عبد الرحمن المعلمي بما ملخصه: إن الجوزجاني
نفسه مبتدع منحرف عن علي وأصحابه ولهذا فهو شديد النقد في أهل الكوفة وهو
مولع بالطعن في المتشيعين ويظهر أنه إنما يرمي بكلامه هذا إليهم. فإن في الكوفيين
جماعة من جلة من الذين اتفق أئمة السنة على توثيقهم. فأراد الجوزجاني أن
يتخلص من مروياتهم فيما يتعلق بفضائل أهل البيت. التنكيل (1 / 45، 46، 47).
ثم وفقني الله لدراسة " حياة الإمام الجوزجاني ومنهجه في الجرح والتعديل " بتفصيل
وتبين لي أن ما يتهم به هذا الإمام من النصب لم يثبت عنه وأنه لا يرى ترك رواية
المبتدع إذا وافقت بدعته مطلقا بل بشروط لا يختلف فيها عن بقية الأئمة: وقد
ذكرت كل ذلك في كتابي " الإمام الجوزجاني ومنهجه في الجرح والتعديل مع تحقيق
كتابيه الشجرة في أحوال الرجال، وأمارات النبوة " وقد طبع في عام 1411 ه‍ فالحمد
لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
370

وقال ابن قتيبة: " إنما يمنع من قبول قول الصادق فيما وافق نحلته
وشاكل هواه أن نفسه تريه أن الحق فيما اعتقده وأن القربة إلى الله عز
وجل في تثبيته بكل وجه. ولا يؤمن مع ذلك التحريف والزيادة والنقص ".
ويناقش كل منهما بما يلي:
(1) إن جمهور الأئمة لم يشترطوا هذا الشرط.
(2) إن وقع الكذب لصالح العقيدة أو التحريف أو الزيادة أو النقص
من قبل بعض أهل الأهواء، فهذا لا يكفي لاتهام الجميع بذلك فقد وجد
مثل ذلك بين أهل السنة أيضا حتى في أهل المذاهب لتأييد مذاهبهم فهل
هذا يستلزم أن يرد كل ما يرويه الحنفي أو الشافعي مثلا وفيه تأييد
لمذهبه. ومن ثبت عنه تعمد ذلك لم تثبت له العدالة أصلا فترد جميع
مروياته.
(3) إن أئمة الحديث يشترطون في قبول رواية أي رجل أن يكون
عدلا ضابطا. والعدالة هي الملكة في النفس تمنع الناس من اقتراف الكبائر
ومنها الكذب مع السلامة من خوارم المروءة فإذا ثبتت هذه الملكة في
رجل ما بشهادة أئمة الحديث والنقد الذين هم عليهم مدار الجرح والتعديل
فوجب قبول روايته ولا وجه للفرق بين ما يقوي بدعته وما لا يقويها فإن
العدل عدل في الكل. فإن كان هناك شك في عدالته وجب أن ترد جميع
مروياته بدون تفريق بين بعضها دون بعض. ولو كان الأمر كما قالا لما
صح أن يروي أحد ما يؤيد رأيه ومذهبه سواء كان من أهل السنة أو
المبتدعة.
فالخلاصة أن المدار في قبول الراوي هو العدالة والضبط بغض النظر
عن عقيدته أو مبدئه - إلا إذا خرج من الإسلام - وعلى هذا جرى عمل
كثير من العلماء قديما وحديثا. ولعل الأئمة الذين نهوا عن الأخذ عن
المبتدعة إنما نهوا للمصلحة لأن في الرواية عنهم رفعا لشأنهم وتقديرا لهم
ولا شك أن له ضررا كبيرا على العامة لا سيما إذا كان الرجل من الدعاة.
371

وقد احتج البخاري بعمران بن حطان الداعية الخارجي. واحتج
الشيخان بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني وكان داعية إلى الإرجاء (1).
وقال الخطيب البغدادي: " والذي يعتمد عليه في تجويز الاحتجاج
بأخبارهم (أي أهل البدع والأهواء) ما اشتهر من قبول الصحابة أخبار
الخوارج وشهاداتهم ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأويل ثم استمرار
عمل التابعين والمخالفين بعدهم على ذلك. لما رأوا من تحريهم الصدق
وتعظيمهم الكذب وحفظهم أنفسهم من المحظورات من الأفعال وإنكارهم
على أهل الريب والطرائق المذمومة ورواياتهم للأحاديث التي تخالف آرائهم
ويتعلق بها مخالفوهم في الاحتجاج عليهم. فاحتجوا برواية عمران بن
حطان وهو من الخوارج وعمرو بن دينار وكان ممن يذهب إلى القدر
والتشيع وكان عكرمة إباضيا وابن أبي نجيح وكان معتزليا... في خلق
كثير يتسع ذكرهم دون أهل العلم قديما وحديثا رواياتهم واحتجوا بأخبارهم
فصار ذلك كالإجماع منهم. وهو أكبر الحجج في هذا الباب وبه يقوى
الظن في مقاربة الصواب (2).
وقد ذكر الخطيب عدة أقوال لأئمة الحديث في هذا الباب منها:
قال علي بن المديني: قلت ليحيى بن سعيد القطان إن عبد
الرحمن بن مهدي قال: أنا أترك من أهل الحديث كل من كان رأسا في
البدعة. فضحك يحيى بن سعيد فقال: كيف يصنع بقتادة، كيف يصنع
بعمر بن ذر الهمذاني، كيف يصنع بابن أبي رواد، وعد يحيى قوما

(1) وقد أجاب العراقي عن هذا فقال: قال أبو داود ليس من أهل الأهواء أصح حديثا
من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج ولم يحتج مسلم بعبد
الحميد الحماني إنما أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين. التقييد والإيضاح
(ص 150). وهذا يقوي ما قلنا أن المدار على الثقة والعدالة لا على كونه داعية أو
غير داعية.
(2) الكفاية (ص 201).
372

أمسكت عن ذكرهم. ثم قال يحيى إن ترك عبد الرحمن هذا الضرب ترك
كثيرا (1).
وقال علي بن المديني: لو تركت أهل البصرة لحال القدر ولو تركت
أهل الكوفة لذلك الرأي - يعني التشيع - خربت الكتب. يعني مذهب
الحديث (2).
وقال البغوي: اختلفوا في رواية المبتدعة وأهل الأهواء فقبلها أكثر
أهل الحديث إذا كانوا فيها صادقين فقد حدث محمد بن إسماعيل عن
عباد بن يعقوب الرواجني. وكان محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: حدثنا
الصدوق في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب (3).
وقال ابن دقيق العيد: الذي تقرر عندنا أن لا نعتبر المذاهب في
الرواية إذ لا نكفر من أهل القبلة إلا بإنكار قطعي في الشريعة فإذا اعتبرنا
ذلك وانضم إليه الورع والتقوى فقد حصل معتمد الرواية (4).
وقال الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي: شيعي جلد لكنه
صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. ونقل توثيقه عن أحمد وغيره ثم قال:
فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان فكيف
يكون عدلا وهو صاحب بدعة. وجوابه أن البدعة على ضربين: فبدعة
صغرى كغلو التشيع أو التشيع بلا غلو ولا تحرق. فهذا كثير في التابعين
وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة
الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة.
ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر

(1) الكفاية (ص 205 / 206).
(2) الكفاية (ص 206).
(3) شرح السنة (1 / 250).
(4) فتح المغيث (1 / 310).
373

وعمر رضي الله عنهما والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا
كرامة أيضا فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا،
بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم فكيف يقبل نقل من هذا حاله
حاشا وكلا.
فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هومن تكلم في عثمان
والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليا رضي الله عنه وتعرض
لسبهم والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادسة ويتبرأ من
الشيخين فهذا ضال مفتر (1).
وابن حجر وإن قال في رأي الجوزجاني أنه " متجه " ولكنه قد سبق
من قوله بأنه قال: " فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا...
فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه
وتقواه فلا مانع من قبوله (2).
وقال ابن حجر في التهذيب: فالتشيع في عرف المتقدمين هو اعتقاد
تفضيل علي على عثمان وأن عليا كان مصيبا في حروبه وإن مخالفه
مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما وربما اعتقد بعضهم أن عليا أفضل
الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان معتقد ذلك ورعا دينا صادقا مجتهدا
فلا ترد روايته بهذا لا سيما إن كان غير داعية. وأما التشيع في عرف
المتأخرين فهو الرفض المحض فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا
كرامة (3).
وقال أحمد شاكر بعد ذكر الأقوال الأربعة في المسألة: وهذه الأقوال
كلها نظرية والعبرة في الرواية بصدق الراوي وأمانته والثقة بدينه وخلقه

(1) ميزان الاعتدال (1 / 5).
(2) نزهة النظر (ص 52).
(3) تهذيب التهذيب (1 / 94).
374

والمتتبع لأحوال الرواة يرى كثيرا من أهل البدع موضعا للثقة والاطمئنان
وإن رووا ما يوافق رأيهم. ويرى كثيرا منهم لا يوثق بأي شئ يرويه.
وقد ذكر كلام ابن حجر السالف قريبا وكلام الذهبي فقال: والذي
قاله الذهبي مع ضميمة ما قاله ابن حجر فيما مضى هو التحقيق المنطبق
على أصول الرواية (1).
أغلب الأحاديث الثابتة في المهدي لا يوجد في روايتها من رمي
بالتشيع:
لقد علمنا من المبحث السابق أن الراوي الذي رمي بالبدعة إذا تبين
أنه ثقة ضابط بشهادة أئمة الجرح والتعديل تقبل روايته على الأرجح.
ولكن مع ذلك فليس المدار في روايات أحاديث المهدي على من رمي
بالتشيع. فالروايات الثابتة وعدها ستة وأربعون رواية، منها أحد عشر
رواية فقط في رجالها من رمي بالتشيع ومنها أربعة آثار. أما الروايات
السبعة المرفوعة فيها روايتان فقط في قسم الأحاديث الصريحة، وهذا يعني
أن الأحاديث المرفوعة الثابتة الصريحة في ذكر المهدي وعددها ثمانية
أحاديث فيها حديثان فقط يوجد في رواتها من رمي بالتشيع. وإليك
تفاصيل هذه الروايات:
1 - الحديث: 2. إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فأتوها فإن
فيها خليفة الله المهدي. وفيه حنان بن سدير. قال فيه الدارقطني: إنه من
شيوخ الشيعة، ولكن لروايته هذه طرق أخرى. ومنها:
2 - الحديث: 7. وفي بعض طرقه عبد الرزاق بن همام الصنعاني.
وقد رمي بالتشيع، وعبد الرزاق ذلك الإمام الجليل لا يتهم في روايته
أبدا. وقد سمع محمد بن إسماعيل الفزاري أن أحمد ويحيى تركا حديث

(1) الباعث الحثيث (ص 101).
375

عبد الرزاق فوجد ابن معين في الموسم فسأله. فقال له ابن معين: " يا أبا
صالح لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه ".
ومع ذلك فعبد الرزاق لم يكن
غاليا ولا داعية فقال: ما انشرح صدري قط أن أفضل عليا على أبي بكر
وعمر. رحم الله أبا بكر وعمر وعثمان. من لم يحبهم فما هو مؤمن.
وقال: أوثق أعمالي حبي إياهم. ثم إن عبد الرزاق لم ينفرد بهذه الرواية.
بل لقد رويت من طرق أخرى كما تقدم في موضعها.
3 - الحديث: 20. فيه أبو نعيم الفضل بن دكين، قال فيه الذهبي:
حافظ حجة من غير غلو ولا سبة. وفيه أيضا فطر بن خليفة المخزومي
وقد رمي بالتشيع لكنه ثقة أيضا. وقد ورد هذا المعنى من غير طريقهما
أيضا بطرق كثيرة عن ابن مسعود (حديث 26) وأبي سعيد الخدري (4،
5، 31 و 32 وغيرها).
4 - الحديث: 25. وفيه عبيد الله بن موسى ثقة من رجال الشيخين
وقد رمي بالتشيع ولكن الطريق الآخر عند أبي نعيم وابن أبي شيبة ليس
فيهما عبيد الله بن موسى. ولكن فيهما فطر بن خليفة وقد رمى بالتشيع.
إلا أنه لم ينفرد به فقد تابعه زائدة بن قدامة وكان متشددا في السنة حتى
أنه ما كان يحدث رجلا إلا بعد ما يعرفه أنه من أهل السنة.
5 - الحديث: 26. وفيه أيضا عبيد الله بن موسى وفطر بن خليفة.
وهما في إسناد أبي داود ولكن إسناد ابن حبان ليس فيه أحد منهما ولا
غيرهما ممن يرمى بالتشيع.
6 - الحديث: 32. وفيه عوف الأعرابي وهو ثقة من رجال الشيخين
وقد رمي بالتشيع ومع كونه ثقة يحتج به لم ينفرد بهذا المعنى. فقد ورد
من طرق كثيرة عن أبي سعيد (4، 5، 31 وغيرها).
7 - الحديث: 33. وفيه أيضا عوف الأعرابي ولكن معناه قد ورد
أيضا من طرق أخرى.
376

وأما الآثار فهي أربعة، وهي:
رقم 10: وهو أثر علي بن أبي طالب وفيه عمار الدهني. وقال
سفيان: قطع بشر بن مروان عرقوبه في التشيع. ولكنه ثقة وقد نص على
توثيقه أحمد وابن معين وآخرون. ولم أعرف تكلم فيه أحد منهم.
رقم 11: وهو أثر ابن عباس والظاهر أنه في المهدي العباسي وفيه
فضيل بن مرزوق رمي بالتشيع وفيه لين من جهة حفظه أيضا ولكن الرواية
قد وردت من طريق آخر.
رقم 13: وهو أثر عبد الله بن عمرو وفيه الأجلح الكندي وعمار
الدهني وقد رميا بالتشيع.
رقم 45: وهو أثر ابن سيرين وفيه أيضا عوف الأعرابي وقد وثقه
الأئمة كما سبق.
وهكذا عرفنا أن أغلب الأحاديث الثابتة في المهدي ليس في أسانيدها
من رمي بالتشيع والروايات التي فيها من رمى بالتشيع فأكثرها لها شواهد
من طرق أخرى. فزالت هذه الشبهة أيضا. ولله الحمد.
(ه‍) هل روايات المهدي من وضع كعب الأحبار ووهب بن منبه؟:
جرت عادة بعض الناس أنهم إذا سئلوا عن هذه المسائل التي تتعلق
بأشراط الساعة والفتن والملاحم أجابوا بدون دراسة وتحقيق أنها من وضع
كعب الأحبار وأمثاله من مسلمي اليهود (1).
ولكن الحقيقة أن الأمر خلاف ذلك في مسألة المهدي. فكل ما
صح عندي من الأحاديث والآثار ليست فيها رواية واحدة لكعب الأحبار،
ولا رويت عن طريقه. وأما الآثار التي رويت عنه فلم تصح أسانيدها إليه.

(1) انظر ما قاله السيد محمد رشيد رضا في تفسير المنار (9 / 53، 54).
377

ورواية واحدة فقط رويت عن طريق وهب بن منبه (الحديث: 6) وهو وإن
كان من علماء التوراة والكتب السابقة لكنه ثقة في روايته ولم يتهم فيها
وثقه العجلي والنسائي وأبو زرعة وابن حبان ولم يرد تضعيفه إلا من
الفلاس وحده. ولم يذكر سببا فهو جرح غير مفسر فلا يقبل بمقابل توثيق
جمهور الأئمة ولذلك لم يلتفت العلماء إلى قوله. فقال ابن حجر: " ثقة "
وقال الذهبي: " كان ثقة صادقا كثير النقل من كتب الإسرائيليات " فلا شك
أنه حجة في روايته وأخباره. أما إذا نقل عن الإسرائيليات فحكمه كحكم
غيره.
(و) هل فكرة خلافة المهدي تخالف العقل السليم؟:
قال الأستاذ أحمد أمين: " حديث المهدي هذا حديث خرافة. وقد
ترتبت عليه نتائج خطيرة في حياة المسلمين نسوق لك أهمها: ثم أضاف
قائلا " أحيط المهدي بجو غريب من التنبؤات والأخبار المغيبات والأنباء
بحوادث الزمان. فعند آل البيت علم توارثوه عن أخبار الزمان إلى يوم
القيامة وهناك الجفر وهو جلد ثور صغير مكتوب فيه علم ما سيقع لأهل
البيت مروي عن جعفر الصادق في زعمهم. وهناك أخبار زعم مسلمة
اليهود أنهم رأوها في كتبهم الدينية مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه في
أحداث الدول وأعمارها " إلى أن قال: " وكان لكل ذلك أثر سئ في
تضليل عقول الناس وخضوعهم للأوهام " (1). وقال أيضا: نظرية المهدي
وهي نظرية لا تتفق وسنة الله في خلقه ولا تتفق والعقل الصحيح. ولعل
تقدم الناس في عقلهم ومعارفهم وتقدمهم في الحكم ونظامه وما ينبغي أن
يكون، يقضي على البقية الباقية من هذه الخرافة (2).
ولكن قد تبين لنا من خلال دراستنا أن هذه الخرافات والتنبؤات التي

(1) ضحي الإسلام (3 / 244).
(2) المصدر السابق (3 / 245).
378

يستبعدها العقل ويأباها القلب كلها مما لا تصح نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
ولا إلى الصحابة ولا إلى غيرهم من التابعين وأئمة المسلمين وهم برآء
منها. فمنها ما هو ضعيف ومنها ما هو موضوع مختلق اختلقه القصاص أو
المغرضون أو المتزلفون إلى فئة دون فئة.
وأما ما صح عندنا نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى أصحابه فليس فيه
شئ واحد يستبعده العقل والقلب ولا يحتاج التقدم العلمي والاجتماعي
والسياسي إلى إنكار ذلك. بل التقدم في حاجة ماسة إلى مثل هذه القيم
والأخلاق في الساسة والحكام. وهذه الأمور ليست محصورة في المهدي
بل يجب أن يكون كل حاكم مسلم متصفا بهذه الصفات النبيلة عملا بقوله
تعالى: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * وليس المهدي إلى أحد
أولئك الذين يتأسون بأسوة النبي صلى الله عليه وسلم. إذن فليس المهدي عجيبة من
عجائب الدهر. وأي غرابة في أن أقول: " سيتولى أمر المسلمين في أواخر
الأيام رجل من عترة النبي صلى الله عليه وسلم اسمه محمد بن عبد الله فيحكم بالعدل
فيبارك له الله تعالى في حكمه وتعيش الأمة الإسلامية في عصره في نعمة
ورخاء ". ولا أرى فيه شيئا يخالف سنة الله في خلقه. أما ما ثبت من
نزول عيسى وقتله الدجال فهو من الحوادث الزمنية المختصة بذلك العصر
وقد ثبت نزول عيسى وقتل الدجال بأدلة متواترة قطعية بحيث لم يبق فيه
مجال للشك أبدا.
(ز) هل روايات المهدي متعارضة؟:
قال السيد محمد رشيد رضا: " وأما التعارض في أحاديث المهدي
فهو أقوى وأظهر والجمع بين الروايات فيه أعسر... " ثم ذكر بعض ما
يرى من التعارض في الأخبار والآثار الواردة فيه. فمنها ما تدل على أنه
محمد بن عبد الله أو أحمد بن عبد الله ومنهم من يرى أنه محمد بن
الحسن العسكري ومنهم من يرى أنه محمد بن الحنفية وكذلك منهم من
يزعم أنه علوي حسني ومنهم من يزعم أنه علوي حسيني ومنهم من يظن
379

أنه عباسي. والكل يتشبث بآثار وأخبار (1). وذكر بعض الأمور التي
اضطربت واختلفت فيه الروايات الواهية والموضوعة.
ولا غرابة في ذلك فإن من علامات الخطأ أو الكذب أن يكون
متعارضا مختلفا ونحن لا ننكر أن كثيرا من الأحاديث والآثار الواردة في
هذا الموضوع ضعيف أو موضوع فإن تعارضت هذه الأخبار فلا تضر شيئا
تلك الروايات الثابتة فإنها ولله الحمد لا نجد فيها أي تعارض. وليس من
التحقيق والإنصاف أن ننكر كل ما ورد بدون تمييز. بل الحق أن ننزل كل
شئ منزلته فننكر الخطأ ونقبل الصواب.
(ح) هل نظرية المهدي أنتجت الفتن والقلاقل؟:
قال الأستاذ أحمد أمين: " وكان من أثر ذلك الثورات المتتابعة في
تاريخ المسلمين. ففي كل عصر يخرج داع أو دعاة كلهم يزعم أنه المهدي
المنتظر ويلتف حوله طائفة من الناس.. ولو أحصينا عدد من خرجوا في
التاريخ الإسلامي وادعوا المهدوية وشرحنا ما قاموا به من ثورات وما
سببوا من تشتيت للدولة الإسلامية وانقسامها وضياع وقتها لطال بنا القول.
ولم يكفنا كتاب مستقل " (2).
ولا شك أن كثيرا من الفتن قامت من جراء أدعياء المهدوية في
عصور مختلفة وقد ذكرت كثيرا منهم في مقدمة هذا الكتاب، ولكن ليس
الذنب فيه ذنب هذه الفكرة السليمة. بل العهدة فيه على أولئك الذين
حاولوا استغلال هذه الفكرة من الطامعين في السلطة والحكم وعلى أولئك
الغوغاء المتبعين لهم لجهالتهم وبعدهم عن التعاليم الإسلامية الصحيحة.
فالعلاج ليس هو في إنكار هذه الفكرة من أساسها مع ثبوتها علميا كما أن

(1) تفسير المنار (9 / 501) وانظر أيضا ما قاله الأستاذ أبو الأعلى المودودي في كتابه
" ما هي القاديانية " (ص 159، 160).
(2) ضحى الإسلام (3 / 244).
380

وجود أمثلة من الذين ادعو النبوة كذبا وزورا لا يحملنا على إنكار النبوة
من أساسها. فالعلاج الحقيقي هو تثقيف الناس وتبيين الحقائق لهم كما
هي في الواقع منزهة عن الشوائب العالقة والأكاذيب المدرجة والافتراءات
الدخيلة وذلك لكي يكونوا على علم بالحقائق فلا يغتروا بمثل أولئك
الأدعياء الذين يريدون أن يظهروا للناس كراماتهم وخوارقهم المزعومة لكي
يثبتوا أن لهم عند الله تعالى منزلة عليا، وأن الملائكة والجن والرسل كلهم
تحت أمرهم أو معهم. فلا شك أن معرفة الرجل المسلم بحقائق دينه
وعقيدته كفيلة بأن تنقذه من كل هذه التضليلات والأكاذيب.
(ط) هل فكرة المهدوية تحمل الناس على التواكل وترك العمل؟:
يرى بعض المؤلفين أن من الآثار السيئة التي وجدت في المجتمع
الإسلامي من جراء نظرية المهدي أن المسلمين مالوا إلى التواكل وترك
العمل والتذمر والبكاء والعويل بدلا من أن ينهضوا ويجتهدوا لإنشاء مجتمع
إسلامي يسود فيه العدل والحق ولا يظلم فيه الضعيف ولا يطغى فيه
القوي (1).
ولكن الواقع أن التاريخ الإسلامي الزاهر ملئ بالحركات الإسلامية
الصحيحة التي بذلت جهودا عظيمة لإعلاء كلمة الله في المجتمع وهذا باب
واسع ولا أريد أن أدخل في تفاصيله ولا يخفى على من له إلمام بالتاريخ
الإسلامي، وأرى أن فكرة المهدوية يمكن أن تكون من الحوافز
والمشجعات لمثل هذه الحركات التي تريد رفع راية الحق والعدالة فإن
كانت الشريعة الغراء يمكن أن تنفذ في عصر المهدي المنتظر فكذلك
يمكن أن تنفذ قبل ذلك. فيجب على المسلمين أن يحاولوا ويبذلوا
جهودهم في سبيله. ولئن وجد في المسلمين أناس أساءوا فهم هذه الفكرة
فخطؤهم راجع إليهم وليس إلى الفكرة ذاتها.

(1) تفسير المنار (9 / 499) وما بعده، ضحى الإسلام (3 / 245).
381

(ي) هل خرافات المتصوفة صادرة عن فكرة المهدوية؟:
يرى الأستاذ أحمد أمين أن الصوفية إنما أخذوا خرافاتهم وأساطين
مملكتهم الوهمية من الأقطاب والأوتاد والأبدال من نظرية المهدي (1).
ولا شك أن كثيرا من هذه الخرافات وغيرها يوجد لدى الصوفية،
ولكننا لا نستطيع أن نقول إنهم تعلموها من فكرة المهدوية. فمصادر
المعرفة في زعمهم كثيرة فمنهم من يزعم أنه يأخذ من الخضر عليه
السلام، ومنهم من يزعم أنه يأخذ من اللوح والكرسي مباشرة. وتخيلاتهم
في هذا الباب عجيبة ولا نستطيع أن نتهم فكرة المهدوية بهذه الأشياء.
نعم إن بعضهم قد حاول استغلال هذه الفكرة وادعاء المهدية له لفرض
سيطرته على عقول وقلوب الأتباع تحت شعار من القدسية والولاية.
وسيأتي كلامنا معهم ومع غيرهم من المستغلين.
مع المستغلين لفكرة المهدوية:
لقد علمنا من خلال دراستنا لمقدمة هذا الكتاب أن محاولات كثيرة
جرت في التاريخ لاستغلال هذه الفكرة للوصول إلى أغراض مختلفة وقد
قامت على أثرها فتن واضطرابات كثيرة، حتى مال بعض الناس إلى إنكار
هذه الفكرة من أساسها، وقام آخرون فحاولوا تعقيدها وإبعادها عن واقع
الناس حتى أصبحت وكأنها قضية خيالية. وكلا الفريقين في تفريط أو إفراط.
كيف نقاوم هذا الاستغلال؟:
ولكن الصواب في نظري أن الطريقة الوحيدة للتخلص من هذه
المشاكل هو إيجاد الوعي الشامل في صفوف العامة والخاصة وعرض
الحقائق في حلتها القشيبة بعيدا على أي إفراط أو تفريط، فلو قدمت
للجماهير الإسلامية الأصول الصحيحة الثابتة لما استطاع أدعياء المهدوية

(1) ضحى الإسلام (3 / 245).
382

وطلاب النفوذ والسلطة التوغل في نفوس الناس وأدمغتهم حتى يجروهم
إلى هذه الفتن. ويمكن أن تلاحظ في سبيل ذلك أمور تبينت لي من
خلال دراستي هذه الفكرة وهي كما يلي:
(1) لم أجد أي دليل في السنة الثابتة على أن المهدي يدعو الناس
إلى الإيمان بمهديته.
(2) لم أجد أي دليل صحيح على أنه يجب على المسلمين أن
يؤمنوا بمهدية رجل معين كما يجب عليهم الإيمان بنبوة الأنبياء المعينين.
ومثال ذلك أننا نعرف من السنة الصحيحة أن الله يبعث على رأس
كل مائة سنة من يجدد للمسلمين أمر دينهم. ولكن مع ذلك لا أعرف
أحدا من العلماء يرى أنه يجب على الناس الإيمان بمجددية أشخاص
معينين. والأمر لا يعدو أن يكون المهدي واحدا من أولئك الذين يحيون
شريعة الإسلام.
(3) لا حاجة لمن يريد أن يخدم الإسلام ويرفع رايته إيمانا واحتسابا
إن يورط نفسه في مثل هذه الدعاوي، فإنه يستطيع أن يخدم دين الله
بجهوده المخلصة إذا وفقه الله بدون هذه الدعاوي وأجره على الله وإن الله
لا يضيع أجر المحسنين.
(4) كما أن المسلمين ليسوا في حاجة إلى معرفة المهدي بالذات،
بل يجيب عليهم أن ينصروا الحق والعدل أيا كان مصدره وليس هذا الأمر
خاصا بالمهدي دون غيره.
(5) إن الأحاديث الثابتة في الباب لا تثبت أن المبشر به يلقب نفسه
بالمهدي أو أنه يخاطب بالمهدي. ولذلك فمن الممكن جدا أن تكون
الكلمة أريد بها معناها اللغوي أي أنه يكون رجلا صالحا هداه الله إلى
الحق كما ورد في بعض الروايات " وإمامهم رجل صالح ".
وعلى هذا فلا يمكن الجزم بالمراد الحقيقي من هذه الأحاديث إلا
بعد ظهور بعض العلامات التي لا يمكن أن تتكرر كخروج الدجال ونزول
383

عيسى عليه السلام. فكل من يدعي لنفسه المهدوية أو يوافق على ذلك
فإن دعواه خير دليل على كذبه وتنم عن نواياه السيئة. فمن سولت له
نفسه أو سول له الشيطان أن يدعي هذه الدعوى فعليه أن يخرج الدجال
وينزل عيسى بن مريم من السماء وإلا فهو كذب أفاك.
وينبغي للمسلم الواعي الملتزم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا
يخدع بالشعارات الجوفاء والهتافات البراقة، لأن لأعداء الإسلام لا يتركون
بابا ولا حيلة لتضليل المسلمين وإثارة الفتن والمشاكل بينهم لتفريق كلمتهم
وتمزيق وحدتهم ليضرب بعضهم بعضا وتذهب ريحهن وتنتهي قوتهم
وشوكتهم. وإن وسائل الإعلام العالمية المرئية والمسموعة والمقروءة والتي
يسيطر على أكثرها من يكن للمسلمين كل حقد وعداء، والتي تصل إلى
كل بيت بل إلى كل أذن وكل عين، تسعى جاهدة لقلب الحقائق وتضليل
المسلمين فتجعل الصادق كاذبا والكاذب صادقا، فلا عجب إن حاول
الأعداء استغلال فكرة المهدية وحمل بعض المفسدين على ادعاء ذلك كما
فعلت في الماضي مع القاديانية والبهائية. فلا ينبغي للمسلم أن يكون إمعة
يتبع كل ناعق ويجري وراء كل كاذب.
وخاتمة القول:
إن خلافة المهدي حق. وإنه لا بد أن يملك قبل قيام الساعة ولكن
كثيرا من الأساطير والحكايات التي تحكى عنه باطلة لا نصيب لها من
الصحة فيجب على المسلم أن يكون على حذر من دينه وعقيدته ولا يترك
للخرافات منفذا للوصول والسيطرة على أفكار ومبادئه.
كما يجب عليه أن لا يبادر بإنكار شئ بسبب بعض حوادث
الاستغلال وسوء الفهم إلا بعد البحث والتحقيق. وإنما يقاوم الاستغلال
بالتوعية الصحيحة الشاملة وعرض الحقائق كما هي والوقوف أمام الأطماع
والأغراض السيئة.
384

والله أعلم وعلمه أتم وهو ولي التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين. وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين.
385

الفهارس العلمية
فهرس الأحاديث المرفوعة
فهرس الآثار
فهرس الرجال المترجمين
فهرس المراجع
فهرس الموضوعات
387

فهرس الأحاديث المرفوعة
الحديث الراوي الصفحة
إذا أقبلت الرايات السود من خراسان... عبد الله بن مسعود 158
تملأ الأرض جورا وظلما فيخرج رجل من عترتي. أبو سعيد الخدري 302
كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم... أبو هريرة 279
لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب.. عبد الله بن مسعود 239
لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق... جابر بن عبد الله 329
لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا أبو سعيد الخدري 312
لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي... أبو سعيد الخدري 297
لا يزال أمر الناس ماضيا ما ولهم اثنا عشر رجلا. جابر بن سمرة 332
لتملؤن الأرض ظلما وعدوانا ثم ليخرجن من أهل بيتي أبو سعيد الخدري 306
لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها... أبو هريرة 287
لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة تملك رجل من أهل بيتي عبد الله بن مسعود 256
لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم... عبد الله بن مسعود 262
لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم... عبد الله بن مسعود 269
لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا... علي بن أبي طالب 233
منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه... أبو سعيد الخدري 315
من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا... أبو سعيد الخدري 320
المهدي من أهل البيت يصلحه الله في ليلة... علي بن أبي طالب 147
المهدي من عترتي من ولد فاطمة... أم سلمة 195
389

المهدي مني أجلق الجبهة أقنى الأنف... أبو سعيد الخدري 166
يبايع لرجل ما بين الركن والمقام... أبو هريرة 291
يخرج في آخر أمتي المهدي... أبو سعيد الخدري 163
يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي الحق... أبو سعيد الخدري 317
يخسف بهم ولكن يبعث يوم القيامة... أم سلمة 338
يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة... ثوبان 184
يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيثا... جابر بن عبد الله 325
يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده. أبو سعيد وجابر 322
يكون في أمتي المهدي إن طال عمره أو قصر... أبو سعيد الخدري 176
يلي أمر هذه الأمة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي عبد الله بن مسعود 258
يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي... عبد الله بن مسعود 253
ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي... جابر بن عبد الله 180
390

فهرس الآثار
الراوي الأثر الصفحة
علي بن أبي طالب: ذلك (المهدي) يخرج في آخر الزمان 206
علي بن أبي طالب: ستكون فتنة يحصل الناس منها 343
علي بن أبي طالب: المهدي من أهل البيت يصلحه الله في ليلة 205
عبد الله بن عباس: لا يمضي الأيام والليالي حتى يلي منا 347
عبد الله بن عباس: منا ثلاثة، منا السفاح، ومن المنصور 208
عبد الله بن عمرو: يا أهل الكوفة أنتم أسعد الناس بالمهدي 215
أبو هريرة: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم ولطول الله 345
رجل من الصحابة: إن المهدي لا يخرج حتى يقتل النفس الزكية 213
سعيد بن المسيب: المهدي حق هو... من ولد فاطمة 224
محمد بن سيرين: المهدي من هذه الأمة وهو الذي يؤم عيسى 219
محمد بن سيرين: يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه 349
طاووس بن كيسان: كان مهديا (عمر بن عبد العزيز) وليس بذاك المهدي 221
علي بن عبد الله بن عباس: لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية 220
السميط بن عمير: اسمه اسم نبي وهو ابن إحدى وخمسين سنة 227
أبو الجلد جيلان بن فروة: تأتيه إمارته هنيئا وهو في بيته 351
مطر بن طهمان الوراق: بلغني أن المهدي يصنع شيئا لم يصنعه عمر بن عبد العزيز 226
391

فهرس الرجال المترجمين (1)
إبراهيم بن عامر المؤذن 259
إبراهيم بن عقيل الصنعاني 181
إبراهيم بن محمد ابن الحنفية 152
إبراهيم بن ميسرة الطائفي 223
الأجلح بن عبد الله الكندي 216
أحمد بن إبراهيم الدورقي 198
أحمد بن أحمد بن إسماعيل الحلواني 134
أحمد أمين 35، 135
أحمد بن بندار الشعار 258
أحمد بن جعفر أبو الحسين ابن المنادي 48، 127
أحمد بن الحسن الحرشي 211
أحمد بن الحسين 315
أحمد بن الحسين أبو القاسم ابن قسى 87
أحمد بن الحسين البيهقي 49
أحمد بن زهير بن حرب، ابن أبي خيثمة 127، 218، 228
أحمد بن عبد الحليم، ابن تيمية الحراني 32
أحمد بن عبد الله أبو نعيم الأصبهاني 127
أحمد بن عبد الله بن هاشم الملثم 100
أحمد بن عرفان البريلوي 116
أحمد بن علي، ابن حجر العسقلاني 41
أحمد بن محمد بن الصديق الغماري 136
أحمد بن محمد الهيثمي، ابن حجر المكي 42، 130
أحمد بن محمد بن سلمة العنزي 344
أحمد بن يوسف، أبو بكر بن خلاد 306
أحمد بن يوسف حمدان الأزدي 187
إدريس بن محمد الحسيني العراقي 134
إسماعيل بن رافع أبو رافع 172
إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني 180
إسماعيل بن علية الأسدي 320
إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي 52، 128
أيوب بن أبي تيمية السختياني 351
بشر بن المفضل الرقاشي 320

(1) وفيهم عدد من غير المترجمين أيضا ممن ذكرت أقوالهم في
الموضوع إثباتا أو نفيا.
392

بكر بن عمرو، أبو الصديق الناجي 164
تمرتاش بن النوين جوبان 100
ثابت بن صفية أبو حمزة الثمالي 68
ثوبان الهاشمي 189
جابر بن عبد الله الأنصاري 181
جولدزيمر 39
الجيد بن نظيف 315
جيلان بن فروة أبو الجلد البصري 351
الحارث بن أبي أسامة 307
الحارث بن سريح 89
الحارث بن نبهان الجرمي 173
الحارث بن يزيد الحضرمي 345
حامد بن يحيى البلخي 277
الحسن بن أبي الحسن البصري 31، 160
الحسن بن صالح بن أبي الأسود 154
الحسن بن علي بن عفان العامري 207
الحسن بن عمرو أبو الميلح الرقي 199
الحسن بن مكرم البغدادي 211
الحسن بن موسى الأشيب 303
الحسين بن أحمد بن بسطام 275
الحسين بن إسحاق التستري 277
حماد بن أسامة أبو أسامة القرشي 219
حماد بن سلمة بن دينار البصري 303
حمدان قرمط 75
حمد بن محمد أبو سليمان الخطابي 49
حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي 223
حنان بن سدير الكندي 159
حنيف الدين عبد الرحمن المرشدي 135
خالد بن مهران الحذاء 188
خلف بن حوشب أبو يزيد الأعور 250
داود بن أبي هند القشيري 317
دونلدسن 38
ذكوان أبو صالح السمان 288، 346
رشيد راشد التاذفي 135
زائدة بن قدامة الثقفي 265
زر بن حبيش الأسدي 249
زكريا بن يحيى الساجي 169
زهير بن معاوية بن خديج 212
زياد بن بيان الرقي 200
زيد بن المنذر أبو الجارود الأعمى 69
زيد بن الحباب التميمي 293
زيد بن الحواري العمي 177
زيد بن علي الهاشمي 69
سالم بن أبي الجعد الغطفاني 217
سعد محمد حسن 36، 136
سعيد بن بشير الأزدي 172
سعيد بن جبير الأسدي 211
سعيد بن الحسن الإسكاف؟
سعيد بن سمعان الأنصاري 294
سعيد بن عبد العزيز التنوخي 172
سعيد بن أبي مريم المصري 344
سعيد بن مسعود المروزي 163
سعيد بن المسيب 200
سعيد بن يزيد الطاحي 321
سفيان بن سعيد الثوري 47، 188، 247
سفيان بن عيينة الهلالي 254
سليمان بن إبراهيم القندوزي 13
سليمان بن أشعث أبو داود السجستاني 123
393

سليمان بن عبد الملك الأموي 116
سليمان بن عبيد السلمي 164
السميط بن عمير 228
سهل بن تمام بن بزيع 168
شريك بن عبد الله النخعي 189
شمس الحق العظيم آبادي 57
شعيب بن إسحاق 218
شيبان بن عبد الرحمن النحوي 298
صديق حسن خان القنوجي 45
عاصم بن بن بهدلة، ابن أبي النجود 247
عامر بن إبراهيم الأشعري 259
عامر بن وائلة، أبو الطفيل 208
عباد بن يعقوب الرواجني 126
العباس بن إبراهيم القراطيسي 158
عباس بن حمدان الحنفي 259
عبد الجبار بن علاء العطار 253
عبد الحق بن إبراهيم، ابن سبعين 87
عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، دحيم 282
عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي 41، 129
عبد الرحمن بن صالح الأزدي 218
عبد الرحمن بن عبد الله أبو القاسم السهيلي 49
عبد الرحمن بن عثمان القشيري 217
عبد الرحمن بن عثمان 37
عبد الرحمن بن مهدي 276
عبد الرحمن المباركفوري 58
عبد الرزاق بن همام الصنعاني 119، 187، 283
عبد الصمد بن عبد الوارث 303
عبد العزيز بن عبد الله بن باز 59
عبد الله بن الأجلح الكندي 218
عبد الله بن جعفر الرقي 199
عبد الله بن زرير الغافقي 345
عبد الله بن زيد أبو قلابة الجرمي 188
عبد الله بن سبأ اليهودي 61
عبد الله بن طاووس اليماني 221
عبد الله بن عدي الجرجاني 170
عبد الله بن عمر مشكدانة 250
عبد الله بن محمد بن إبراهيم العبسي، ابن أبي شيبة 30
عبد الله بن محمد، أبو بكر الإسفرائيني 282
عبد الله بن محمد، أبو الشيخ الأصبهاني 266
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه 161، 250
عبد الله بن معاوية بن عبد الله 68
عبد الله بن نمير الهمداني 177
عبد الله بن وهب القرشي 173
عبد المحسن العباد 137
عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي 351
عبيد الله بن موسى بن باذام 265
عبيدة بن عمرو السلماني 160
عثمان بن محمد بن إبراهيم، ابن أبي شيبة 151
عقيل بن معقل اليماني 181
علي بن حجر بن إياس السعدي 320
394

علي بن حسام الدين المتقي الهندي 55، 131
علي بن الحسين أبو الفرج الأصبهاني 315
علي بن زيد بن جدعان 189
علي بن سلطان القاري 132
علي بن أبي طالب رضي الله عنه 153
علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي 221
علي بن عبد الله، أبو الحسن السمهودي 54
علي بن عمر الدارقطني 169
علي بن محمد أبو الحسن القابسي 43
علي بن محمد سلطان القاري 43
علي بن نفيل النهدي 200
عمار بن معاوية الدهني 208، 217
عمر بن أحمد، أبو حفص بن شاهين 169
عمر بن سعد، أبو داود الحفري 152
عمر بن قيس الماصر 214
عمرو بن دينار المكي 174
عمرو بن عاصم الكلابي 169
عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي 115
عمرو بن قيس الملاكي 159
عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي 266
عمرو بن علي الفلاس 276
عمرو بن مرة الجملي 251
عمرو بن محمد العنقزي 207
عمرو بن مرثد أبو أسماء الرحبي 188
عمران بن حدير السدي 228
عمران بن داود القطان 169
عوف بن أبي جميلة الأعرابي 309
عباس بن عباس القتباني 344
غلام أحمد القادياني 112
الفضل بن دكين، أبو نعيم 234
فضيل بن مرزوق 210
فطر بن خليفة المخزومي 235
قاسم بن أصبغ البياني 217
القاسم بن فضل الحراني 173
قتادة بن دعامة السدوسي 171
كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي 110
مالك بن عبد الواحد المسمعي 277
مجاهد بن جبر المكي 30، 214
محب الدين الخطيب 77
محمد بن إبراهيم أبو شهاب الكناني 257، 287
محمد بن أبي بكر الزرعي ابن القيم 41
محمد أبو عبية 38
محمد بن أحمد السفاريني 44
محمد بن أحمد أبو بكر القرطبي 40
محمد أحمد بن عبد الله المهدي السوداني 94
محمد بن أحمد المحبوبي 163
محمد بن إسحاق أبو بكر بن خزيمة 123
محمد بن إسحاق الأنصاري 169
محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني 133
محمد بن بشير السهسواني 57
محمد بن تومرت 91
محمد بن ثواب الهباري 158
محمد بن جعفر الكتاني 45
محمد بن جعفر غندر 313
محمد بن حبان البشي 31، 124
395

محمد بن حسن آل ياسين 138
محمد بن الحسين الآبري السجزي 40
محمد بن خازم أبو معاوية الضرير 317
محمد بن خلدون، المؤرخ 29
محمد بن درويش الحوت 32
محمد بن دينار الأزدي 323
محمد بن رسول الحسيني البرزنجي 43
محمد رشيد رضا 33
محمد بن السري البغدادي 250
محمد بن سيرين 220
محمد بن طولون الدمشقي 130
محمد بن عبد الباقي الزرقاني 43
محمد بن عبد الرحمن، ابن أبي ذئب 294
محمد بن عبد الرحمن السخاوي 41، 129
محمد عبد الرؤف المناوي 56
محمد بن عبد العزيز بن مانع 134
محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري 211
محمد عبد الله عنان 37
محمد بن عبد الله النفس الزكية 70
محمد بن علي بن الجارود 266
محمد بن علي بن خلف 154
محمد بن علي، ابن الحنفية 65، 153
محمد بن علي الشوكاني 44، 133
محمد بن علي الباقر 74
محمد بن علي، ابن عربي الحاتمي 87
محمد بن علي العلوي 154
محمد بن عمرو، أبو جعفر العقيلي 47
محمد بن عيسى الترمذي 123
محمد بن عيسى الزجاج 266
محمد فريد وجدي 34
محمد بن فضيل بن غزوان 154
محمد بن محمد بن أحمد البلبيسي 134
محمد بن محمد بن علي السنوسي 118
محمد محيي الدين عبد الحميد 36
محمد بن مسلم الطائفي 223
محمد ناصر الدين الألباني 59
محمد بن يحيى الذهلي 187
محمد بن يزيد القزويني، ابن ماجة 123
محمد بن يعقوب الأمم 168
محمد بن يوسف الجونفوري 97
محمد بن يوسف الكنحي 127
المختار بن أبي عبيد الثقفي 64
مرعي بن يوسف الكرمي 42، 133
مسدد بن مسرهد البصري 247
مسلم بن الحجاج القشيري 276
مصطفى البكري 134
مطر بن طهمان الوراق 299
معمر بن راشد الأزدي 221
معمر بن راشد الأزدي 221
معاذ بن هشام الدستواني 277
المعتمر بن سليمان التيمي 172
المنذر بن مالك أبو نضرة الحبري 171
المنهال بن عمرو الأسدي 211
موسى بن طلحة بن عبيد الله 114
موسى الجهني 177
الموفق الخوارزمي 14
محمد بن أبي جعفر المنصور، المهدي العباسي 90
396

ميسرة بن حبيب النهدي 210
نافع بن يزيد الكلاعي 344
نصر بن علي الجهضمي 320
النضر بن شميل المازني 164
نعيم بن حماد المروزي 131، 120
هاشم بن القاسم، أبو النضر 212، 298
هشام بن حسان الأزدي 220
هشام بن أبي عبد الله سنبر 277
هوذة بن خليفة الثقفي 308
وكيع بن الجراح الرؤاسي 189
ولاية الله الصادقبوري 171
وهب بن منبه اليماني 181
ياسين الفجلي 152
يحيى بن سعيد القطان 169، 247
يحيى بن أبي شميط 75
يحيى بن عمر الهاشمي 72
يعقوب بن إسحاق أبو عوانة 276
يعقوب بن عبد الله القمي 259
يعلى بن عبيد الطنافسي 216
يوسف بن حوشب 250
يوسف بن عبد الرحمن، أبو الحجاج المزي 41
يوسف بن يحيى السلمي 128
يونس بن أبي إسحاق السبيعي 207
أبو بكر الطلحي 153
أبو بكر بن عياش الأسدي 260
أبو جعفر بن طارق 315
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه 165
أبو الصديق الناجي 164
أبو محمد بن الوليد البغدادي 31
أبو معبد مولى ابن عباس 349
أبو هريرة رضي الله عنه 288
ابن بريدة 132
ابن كمال باشا الحنفي 130
هند بنت أمية، أم سلمة رضي الله عنها 201
397

فهرس المراجع
1 - القرآن الكريم
المراجع المخطوطة والمصورة:
2 - إتحاف الخيرة بزوائد المسانيد العشرة
للإمام أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن سليم البوصيري.
نسخة بخط المؤلف كان الفراغ من كتابتها سنة 953 ه‍ مخرومة من
أولها. المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة رقم 101.
3 - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان
للأمير علاء الدين أبي الحسن علي بن بلبان الفارسي (675 - 739) مكتبة
الحرم المكي. مصور من نسخة دار الكتب المصرية.
4 - أسماء الصحابة
للإمام أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده (316 - 395).
مخطوط بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة - أصول الحديث رقم: 5
- 231.
ناقص من أوله. يبدأ من ترجمة عبد الله بن عرابة الجهني.
5 - الاغتباط بمعرفة من رمي بالاختلاط
للحافظ برهان الدين أبي الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن
العجمي الحلبي (م 841 ه‍).
مخطوط بمكتبة الأخ الشيخ سيف الرحمن المصطفى بمكة المكرمة.
6 - البرهان في علامات مهدي آخر الزمان
للعلامة علي بن حسام الدين المتقي الهندي (م 975 ه‍).
398

مخطوط بمكتبة الحرم المكي رقم 35 متنوعة. دهلوي. صفحاته غير مرقمة.
وله نسخة أخرى في مكتبة جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة برقم
130 مخطوطات - مخرومة من أولها وآخرها.
7 - تلخيص كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية
للحافظ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (م 748 ه‍).
مصور. مكتبة جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة رقم 1116
مخطوطات.
8 - تهذيب الكمال
للحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (654 -
742).
مصور بمكتبة الحرم المكي.
9 - جامع التحصيل في أحكام المراسيل
للحافظ صلاح الدين خليل بن كيلكندي العلائي (م 761 ه‍).
تحقيق الأستاذ عمر بن حسن فلاتة.
رسالة ماجستير. جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة.
10 - الرد على من حكم وقضى أن المهدي الموعود جاء ومضى
للشيخ علي المتقي الهندي
مخطوط بمكتبة الحرم المكي
59 مجاميع. ق 134 - 140.
11 - الضعفاء
لأبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي (م 323 ه‍).
مصور بمكتبة الحرم المكي برقم 147.
12 - كتاب الضعفاء والكذابين والمتروكين من أصحاب الحديث عن أبي زرعة
وأبي حاتم الرازيين
تأليف الحافظ أبي عثمان سعيد بن عمرو بن عمار البرذعي (م 292 ه‍).
مصور بمكتبة الشيخ حماد الأنصاري بالمدينة.
13 - كتاب الضعفاء والمتروكين
للعلامة جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (510 - 597).
399

مصور - مكتبة الشيخ حماد الأنصاري بالمدينة. مأخوذ من نسخة
مخطوطة بمكتبة الشيخ بديع الدين الراشدي نزيل مكة.
14 - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية
للعلامة جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (510 - 597).
مصور بمكتبة الشيخ عبد الغفار حسن الرحماني بالمدينة.
مأخوذ من مخطوطة في مكتبة رامبور بالهند برقم 233 حديث عربي.
15 - العلل الواردة في الحديث
للإمام علي بن عمر الدارقطني (306 - 385 ه‍).
مصور - مكتبة جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة بأرقام 1099 -
1103 مخطوطات.
16 - كتاب الفتن
لأبي علي حنبل بن إسحاق بن حنبل ابن عم أبي عبد الله أحمد بن
محمد بن حنبل الإمام.
مصور - مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة برقم 96 ح ن.
ويوجد منه الجزء الرابع فقط يبتدئ من ق 44 وينتهي في ق 60.
17 - كتاب الفتن
لنعيم بن حماد المروزي الخزاعي (م 228 ه‍).
مصور بمكتبة جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة برقم 855
مخطوطات.
مأخوذ من نسخة المتحف البريطاني برقم 9449.
18 - القول المختصر في علامات المهدي المنتظر
للشيخ أحمد بن حجر الهيثمي المكي (909 - 973).
مخطوط - مكتبة الحرم المكي.
رقم 59 مجاميع (من ورقة 117 - 133).
19 - الكامل
للإمام أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (277 - 365).
مصور - مكتبة الحرم المكي - 8 مجلدات والصفحات غير مرقمة.
20 - مجمع البحرين بزوائد المعجمين
(المعجم الصغير والأوسط للطبراني)
400

تأليف الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (735 - 807).
مخطوط - مكتبة الحرم المكي برقم 812 حديث
21 - المسند
للإمام أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي (م 307 ه‍).
مصور - مكتبة الحرم المكي.
22 - مسند الشهاب
للإمام أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي
القضاعي (م 454 ه‍).
مصور - مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة رقم 376 - قسم المخطوطات
23 - مسند الفردوس
للإمام شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو الديلمي الهمداني (445
- 509).
مصور - مكتبة الحرم المكي.
وله نسخة مخطوطة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة رقم 64 - 232.
حديث، صفحاته في مرقمة
24 - المصنف في الحديث والآثار
للإمام الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (م 235 ه‍).
مصور - مكتبة الحرم المكي برقم 75.
مأخوذ من نسخة المدرسة المحمودية رقم 407، 408.
25 - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية
للحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر
العسقلاني (773 - 852).
مصور - مكتبة الشيخ عبد القادر حبيب الله السندي بالمدينة. مأخوذ من
نسخة مخطوطة بمكتبة الشيخ بديع الدين الراشدي. نزيل مكة.
26 - المقصود الأعلى بزوائد مسند أبي يعلى
تأليف الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي.
مصور - مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة رقم 333. مخطوطات.
27 - الوقوف على الموقوف
للإمام ضياء الدين أبي حفص عمر بن بدر الموصلي.
401

رسالة تقع في 14 ورقة فقط.
مصور - مكتبة الشيخ ربيع هادي المدخلي بمكة.
المراجع المطبوعة:
28 - الأئمة الاثنا عشر
أو الشذرات الذهبية في الأئمة الاثني عشر الإمامية لشمس الدين
محمد بن طولون (م 953 ه‍).
تحقيق: د. صلاح الدين المنجد
دار بيروت - دار صادر - بيروت - 1377 ه‍ / 1985 م.
29 - إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون
للشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغمار.
مطبعة الترقي - دمشق - 1347 ه‍.
30 - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان للأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (م 739 ه‍).
تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان
الطبعة الأولى - نشر المكتبة السلفية بالمدينة - القاهرة. 1390 ه‍ / 1960 م.
31 - أخبار أصبهان
للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (م 430 ه‍).
طبعة ليدن - 1934 م.
32 - اختصار علوم الحديث
للحافظ أبي الفداء عماد الدين إسماعيل ابن كثير (701 - 774 ه‍)
بشرح الباعث الحثيث للأستاذ أحمد محمد شاكر
الطبعة الثالثة - مكتبة محمد علي صبيح - القاهرة - 1377 ه‍ / 1985 م.
33 - الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة
للعلامة السيد محمد صديق حسن القنوجي البوفالي (م 1307 ه‍)
الطبعة الثالثة - نشر المكتبة العلمية بالمدينة.
مطبعة المدني - القاهرة - 1391 ه‍ - 1971 م.
34 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب
للإمام أبي عمر يوسف ابن عبد البر (363 - 463 ه‍).
تحقيق علي بن محمد البجاوي
402

نشر مطبعة نهضة مصر ومكتبتها - القاهرة.
35 - أسد الغابة في معرفة الصحابة
لعز الدين ابن الأثير الجزري (555 - 630 ه‍).
تحقيق محمد إبراهيم البنا وآخرين
نشر دار الشعب. القاهرة
واستعملت أحيانا طبعة المكتبة الإسلامية وبينتها في مواضعها.
36 - الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة.
للعلامة نور الدين علي بن محمد الملا علي القاري (م 1014 ه‍).
تحقيق محمد الصباغ
دار الأمانة - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1391 ه‍ - 1971 م.
37 - الأسماء والصفات
للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (م 458 ه‍).
تحقيق محمد زاهد الكوثري
دار إحياء التراث العربي - بيروت
38 - أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب
للشيخ محمد بن درويش الحوت البيروتي
المكتبة التجارية الكبرى - مصر - 1355 ه‍.
39 - الإشاعة لأشراط الساعة
للشيخ محمد بن رسول الحسيني البرزنجي (م 1103 ه‍).
مكتبة المشهد الحسيني - القاهرة.
40 - الإصابة في تمييز الصحابة
للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (773
- 852).
دار صادر - بيروت
41 - أصول الكافي
بشرحه الشافي.
لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني.
شرح وتعليق عبد الحسين بن عبد الله المظفر.
مطبعة النعمان - النجف - 1378 ه‍ - 1985 م.
403

42 - الأعلام
لخير الدين الزركلي.
الطبعة الثالثة.
43 - الإعلام بحكم عيسى عليه السلام
للحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (م 911 ه‍).
مطبوع ضمن مجموعة ضمن مجموعة الحاوي للفتاوى.
تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
الطبعة الثالثة - مزيدة ومنقحة - مطبعة السعادة - القاهرة 1378 ه -
1959 م.
44 - إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان
للحافظ أبي عبد الله ابن قيم الجوزية (691 - 751).
تحقيق محمد سيد كيلاني - مصطفى البابي الحلبي - القاهرة 1381 ه‍ -
1961 م.
45 - الإكمال في أسماء الرجال
لولي الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي.
مطبوع في آخر مشكاة المصابيح.
تحقيق محمد ناصر الدين الألباني.
نشر المكتب الإسلامي بدمشق - 1382 ه‍ - 1962 م.
46 - الأنساب
لأبي سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التيمي السمعاني (م 562)
دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد - 1383 ه‍.
47 - الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (للحافظ ابن كثير)
لأحمد محمد شاكر.
مطبعة مصطفى محمد علي صبيح بالقاهرة - الطبعة الثالثة - 1370 ه‍.
48 - البداية والنهاية
لأبي الفداء عماد الدين إسماعيل بن كثير (700 - 774 ه‍).
مكتبة المعارف ببيروت ومكتبة النصر بالرياض - الطبعة الأولى 1966 م.
49 - البهائية
للأستاذ محب الدين الخطيب
404

المكتب الإسلامي - بيروت.
50 - البهائية - أحد مطايا الاستعمار والصهيونية
محاضرة لفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد.
ندوة المحاضرات للجامعة الإسلامية لموسم عام 93 - 1394 ه‍.
51 - تاريخ ابن خلدون (المقدمة)
كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر.
للعلامة عبد الرحمن ابن خلدون المغربي.
الطبعة الثانية. مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني - بيروت 1961 م.
52 - تاريخ الأمم والملوك
لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري.
المطبعة الحسينية المصرية - 1337 ه‍.
53 - تاريخ بغداد
أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي (392 -
463).
مطبعة السعادة بمصر - 1349 ه‍.
54 - تاريخ التراث العربي
لفؤاد سزكين.
تعريب الدكتور فهمي أبي الفضل.
الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر - القاهرة - 1971 م.
55 - تاريخ جرجان
لأبي القاسم حمزة بن يوسف السهمي (م 427 ه‍).
دائرة المعارف العثمانية - 1369 ه‍. 1950 م.
56 - تاريخ الخلفاء
للحافظ جلال الدين السيوطي (849 - 597).
دار الفكر - 1394 ه‍ - 1974 م.
57 - تاريخ دمشق
للحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي (499 - 571 ه‍).
المجمع العلمي العربي - دمشق.
58 - التاريخ الصغير
405

للإمام محمد بن إسماعيل البخاري.
مع إفادات العلامة شمس الحق العظيم آبادي.
المكتبة الأثرية - باكستان.
59 - التاريخ الكبير
للإمام محمد بن إسماعيل البخاري (194 - 256).
طبعة حيدر آباد - الهند - 1360 ه‍.
60 - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه
للحافظ ابن حجر العسقلاني (773 - 825 ه‍).
تحقيق علي محمد البجاوي.
الدار المصرية للتأليف والترجمة - القاهرة
61 - تجريد أسماء الصحابة
للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (673 - 748).
تصحيح صالحة عبد الكريم شرف الدين.
طبع شرف الدين الكتبي وأولاده - 1389 ه‍ - 1969 م.
62 - تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
للإمام الحافظ أبي العلي محمد عبد الرحمن المباركفوري (1283 -
1353).
الطبعة الثانية - ضبط ومراجعة عبد الرحمن محمد عثمان.
نشر المكتبة السلفية بالمدينة - 1385 ه‍ - 1965 م.
63 - تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف
للإمام الحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف بن الزكي المزي (654 -
742).
تصحيح وتعليق العلامة عبد الصمد شرف الدين.
الدار القيمة بهيوندي - الهند - 1384 ه‍ - 1965 م.
64 - تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق
للعلامة محمد ناصر الدين الألباني.
المكتب الإسلامي - دمشق.
65 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي
للحافظ جلال الدين السيوطي (849 - 911 ه‍).
406

تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.
الطبعة الثانية - نشر المكتبة العلمية بالمدينة - 1392 ه‍ - 1972 م.
66 - التدليس والمدلسون
للشيخ حماد الأنصاري المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة.
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة - رجب 1388 ه‍ فما بعده.
67 - تذكرة الحفاظ
لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (673 -
748).
مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند - 1375 ه‍.
68 - تراجم إسلامية شرقية وأندلسية
تأليف محمد بن عبد الله عنان.
الطبعة الثانية - مزيدة ومنقحة - مكتبة الخانجي - 1390 ه‍ - 1970 م.
69 - الترغيب والترهيب من الحديث الشريف
للحافظ أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (581 - 656).
تحقيق محيي الدين عبد الحميد.
المكتبة التجارية لصاحبها مصطفى محمد - 1381 ه‍ - 1962 م.
70 - تسمية فقهاء الأمصار من الصحابة فمن بعدهم
تأليف الإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (215 - 303).
مطبوع ضمن مجموعة: رسائل في علوم الحديث.
تحقيق السيد صبحي بدري السامرائي.
المكتبة السلفية بالمدينة.
71 - التصريح بما توافر في نزول المسيح
للشيخ محمد أنور شاه الكشمري (1292 - 1352 ه‍).
تحقيق عبد الفتاح أبو غدة.
مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب - 1385 ه‍ - 1965 م.
72 - تعجيل المنفعة زوائد رجاتل الأئمة الأربعة
لشيخ الإسلام أحمد بن علي بن محمد بن حجر بن العسقلاني (773 - 852 ه‍).
بتصحيح وتحقيق السيد عبد الله هاشم اليماني - 1386 ه‍.
دار المحاسن للطباعة بالقاهرة.
407

73 - التعليق المغني على الدارقطني
تأليف المحدث العلامة أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
المطبوع بذيل سنن الدارقطني.
74 - تفسير ابن كثير تفسير القرآن العظيم
لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (700 - 774).
بتعليق عبد الوهاب عبد اللطيف.
مطبعة الفجالة الجديدة - الطبعة الأولى - 1384 ه‍.
75 - تفسير المنار
للأستاذ السيد محمد رشيد رضا (1282 - 1354).
الطبعة الأولى - مطبعة المنار - 1342 ه‍.
تصوير دار المعرفة ببيروت - لبنان.
76 - تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل
للإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (240 - 327 ه‍).
الطبعة الأولى - دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند - 1371 ه‍.
77 - تقريب التهذيب
للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852 ه‍).
تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.
مطابع دار الكتاب العربي بمصر - 1380 ه‍.
78 - التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح
للحافظ زين الدين عبد الرحيم العراقي (725 - 860 ه‍).
الطبعة الأولى.
تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان.
نشر المكتبة السلفية بالمدينة - 1389 ه‍ - 1969 م.
79 - تلخيص المستدرك
للحافظ شمس الدين الذهبي (673 - 748).
المطبوع مع المستدرك صورة لطبعة حيدر آباد - دار المعرفة للطباعة
والنشر - بيروت - لبنان.
80 - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد
للحافظ أبي عمر يوسف ابن عبد البر المزي (368 - 463).
408

طبعة وزارة الأوقاف المغربية - الرباط.
81 - التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع
لأبي الحسين محمد بن أحمد الملطي الشافعي (م 377 ه‍).
تحقيق محمد زاهد الكوثري.
مطبعة السعادة - القاهرة - 1388 ه‍ - 1968 م.
82 - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة
لعلي بن محمد بن عراق الكناني (907 - 963).
تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.
طبع مكتبة القاهرة.
83 - التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل
للعلامة عبد الرحمن بن يحيي المعلمي اليماني (1303 - 1386).
تحقيق العلامة محمد ناصر الدين الألباني.
المكتب الإسلامي - 1386 ه‍.
84 - تهذيب الأسماء واللغات
للإمام أبي زكريا محيي الدين النووي (م 676 ه‍).
إدارة الطباعة المنيرية.
تصوير دار الكتب العلمية - بيروت.
85 - تهذيب تاريخ ابن عساكر
للشيخ عبد القادر بن أحمد ابن بدران (م 1346 ه‍).
الطبعة الأولى - المكتبة العربية - دمشق.
86 - تهذيب التهذيب
لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852 ه‍).
صورة الطبعة الأولى بمطبعة دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد الدكن -
الهند - 1325 ه‍.
87 - التوسل - أنواعه وأحكامه
للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
الدار السلفية - الكويت.
88 - توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الآثار
لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني (1099 - 1182).
409

تحقيق محيي الدين عبد الحميد.
مكتبة الخانجي بالقاهرة - الطبعة الأولى - 1366 ه‍.
89 - الجامع
للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (209 - 279).
تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر وآخرين.
المكتبة الإسلامية.
90 - جامع بيان العلم وفضله
لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري (363 - 464).
نشر المكتبة العلمية بالمدينة النبوية.
مطبعة العاصمة بالقاهرة - 1388 ه‍.
91 - جامع البيان عن تأويل القرآن (تفسير القرآن العظيم)
لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (224 - 310).
دار المعرفة - بيروت - لبنان
92 - الجامع الصحيح
للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (194 - 256).
مع فتح الباري.
المطبعة السلفية ومكتبتها بمصر.
93 - الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير
للحافظ جلال الدين السيوطي (894 - 911).
المطبوع مع فيض القدير.
دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت - لبنان - 1391 ه‍ - 1972 م.
94 - جغرافية وتاريخ السودان
نقوم شقير.
دار الثقافة - بيروت.
95 - الجرح والتعديل
للإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم (240 - 327 ه‍).
مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن - الهند - 1371 ه‍.
96 - الحاوي للفتاوي
للحافظ جلال الدين السيوطي (م 911 ه‍).
410

تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
الطبعة الثالثة - مزية ومنقحة - مطبعة السعادة بمصر - 1959 م.
97 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني (م 430 ه‍).
دار الكتاب العربي - بيروت 1387 ه‍ - 1967 م.
98 - الخطوط العريضة
لما قام عليه مذهب الشيعة الاثنا عشرية.
للأستاذ محب الدين الخطيب.
مطبوع ضمن مجموعة " مجموع السنة ".
99 - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال
لصفي الدين أحمد بن عبد الله الخزرجي (900 - 923).
تحقيق محمود عبد الوهاب فايد.
مكتبة القاهرة. مصر.
100 - دائرة معارف القرن العشرين
لمحمد فريد وجدي.
مطبعة دائرة معارف القرن العشرين - 1343 ه‍ - 1925 م.
101 - دلائل النبوة
للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (م 430 ه‍).
الطبعة الثانية - دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد الدكن 1369 ه‍ - 1950 م.
102 - ديوان الضعفاء والمتروكين
للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (673 - 747).
تحقيق الشيخ حماد بن محمد الأنصاري.
مطبعة النهضة - مكة.
130 - ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث
للشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي (1050 - 1143 ه‍).
مطبعة جميعة السنة والتأليف الأزهرية - الطبعة الأولى - 1352 ه‍.
104 - ذيل اللآلي المصنوعة
للحافظ جلال الدين السيوطي.
مطبوع ضمن مجموعة تشمل على المقاصد الحسنة والتعقبات وغيرهما.
411

المطبع العلوي - لكناؤ - الهند.
105 - الرفع والتكميل في الجرح والتعديل
للشيخ أبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي (1264 -
1304 ه‍).
تحقيق عبد الفتاح أبو غدة.
مطبعة الأصيل - نشر مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب.
106 - رسالة أبي داود إلى أهل مكة في وصف سننه
تأليف الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (م 275 ه‍).
تحقيق محمد الصباغ.
دار العربية.
107 - الروض الأنف
لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (508 - 581 ه‍).
المطبعة الجمالية بمصر - 1332 ه‍ - 1914 م.
108 - زاد المعاد في هدي خير العباد
للإمام شمس الدين بن عبد الله المعروف بابن قيم الجوزية (691 - 751).
المطبعة المصرية ومكتبتها.
109 - السراج المنير شرح الجامع الصغير
للعزيزي
المطبعة الميمنية - 1312 ه‍.
110 - سلسلة الأحاديث الصحيحة
للشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني.
المكتب الإسلامي.
111 - سلسلة الأحاديث الضعيفة
للشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني.
الطبعة الأولى - دار الفكر - دمشق 1379 ه‍ - 1959 م.
112 - السنن
للإمام علي بن عمر الدارقطني الحافظ (306 - 385 ه‍).
بتصحيح السيد عبد الله هاشم يماني.
412

دار المحاسن للطباعة - القاهرة - 1386 ه‍.
113 - السنن
للإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي (181 - 255).
نشر دار إحياء السنة النبوية.
114 - السنن
للإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (202، 275).
بتعليق محمد محيي الدين عبد الحميد.
نشر دار إحياء السنة النبوية.
115 - السنن
للإمام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (215 - 303 ه‍).
مطابع الشركة العامة - نشر دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.
116 - السنن
للإمام أبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني (207 - 275).
بتحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي
طبع عيسى البابي الحلبي وشركاؤه.
117 - السنن الكبرى
لأبي بكر أحمد بن الحسين ابن علي البيهقي (384 - 458).
الطبعة الأولى - مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن - الهند -
1356 ه‍.
118 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب
لأبي الفلاح عبد الحي بن عماد الحنبلي (م 1089 ه‍).
مكتبة القدسي - القاهرة - 1350 ه‍.
119 - شرح السنة
للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي (م 516 ه‍).
تحقيق شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش.
المكتب الإسلامي.
120 - شرح الفقه الأكبر
للملا علي القاري الحنفي (م 1001 ه‍).
دار الكتب العربية - مصطفى الحلبي - مصر.
413

121 - شرح مسلم
للحافظ محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي (631 - 676).
دار الفكر - بيروت - لبنان.
122 - الصحاح
لإسماعيل بن حماد الجوهري.
تحقيق أحمد عبد الغفور عطار.
مطابع دار الكتاب العربي - مصر.
123 - صحيح ابن خزيمة
للإمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (223 - 311).
تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي.
المكتب الإسلامي - بيروت - الطبعة الأولى - 1395 ه‍ - 1975 م.
124 - صحيح الجامع الصغير وزيادته
تحقيق محمد ناصر الدين الألباني.
المكتب الإسلامي - بيروت.
125 - صحيح الكلم الطيب لابن تيمية
تأليف الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
الطبعة الثانية - المكتب الإسلامي - بيروت - 1394 ه‍.
126 - صحيح مسلم
للإمام أبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (206 -
261 ه‍).
تحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.
دار إحياء العربية - عيسى البابي الحلبي - الطبعة الأولى - 1374 ه‍
- 1955 م.
127 - الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة
لشهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي المكي.
المطبعة الميمنية - أحمد البابي الحلبي - مصر - 1312 ه‍.
128 - صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
للعلامة محمد بشير السهسواني (1252 - 1326 ه‍).
الطبعة الرابعة - نشر دار الإفتاء السعودية - الرياض - 1386 ه‍ - 1967 م.
414

129 - ضحى الإسلام
للدكتور أحمد أمين.
الطبعة الخامسة - لجنة التأليف والترجمة والنشر - القاهرة - 1371 ه‍ -
1952 م.
130 - الضعفاء الصغير
للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (194 - 256).
المكتبة الأثرية - سانكله هل باكستان.
131 - كتاب الضعفاء والمتروكين
لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (215 - 303).
المكتبة الأثرية - سانكله هل باكستان.
132 - ضعيف الجامع الصغير
للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
المكتب الإسلامي. بيروت.
133 - طائفة القاديانية
للشيخ محمد الخضر حسين.
نشر رابطة العالم الإسلامي في مجموعة " القاديانية ".
134 - الطبقات الكبرى
لمحمد بن سعد بن منيع الزهري (168 - 230).
دار صادق - دار بيروت للطباعة والنشر - 1380 ه‍.
135 - طبقات المدلسين
للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
المطبعة المحمودية التجارية بمصر.
136 - العرف الوردي في أخبار المهدي
للحافظ جلال الدين السيوطي (م 911 ه‍)
ضمن مجموعة: الحاوي للفتاوي.
السعادة - 1959 م.
137 - عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر
للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد.
نائب رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة.
415

مجلة الجامعة الإسلامية - عدد ذي القعدة 1389 ه‍ - شباط فبراير
1969 م.
138 - العلل
لأبي عيسى الترمذي.
المطبوع في آخر الجزء العاشر من الجامع من شرحه تحفة الأحوذي.
المكتبة السلفية بالمدينة - 1385 ه‍ - 1965 م.
139 - العلل
للإمام علي بن عبد الله بن جعفر السعدي المديني.
تحقيق محمد مصطفى الأعظمي.
المكتب الإسلامي - 1392 ه‍ - 1972 م.
140 - علل الحديث
للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (240 - 327).
مكتبة المثنى ببغداد - 1343 ه‍.
141 - علوم الحديث
للإمام أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح الشهرزوري (577 -
643).
تحقيق نور الدين عتر.
نشر المكتبة العلمية بالمدينة النبوية.
مطبعة الأصيل بحلب - 1386 ه‍.
142 - عون المعبود شرح سنن أبي داود
للعلامة أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي.
مطابع المجد - القاهرة - نشر محمد عبد المحسن صاحب المكتبة السلفية
بالمدينة النبوية.
143 - الفتاوى الحديثية
لشهاب الدين أحمد ابن حجر الهيثمي المكي.
المطبعة الميمنية - أحمد البابي الحلبي - القاهرة - 1307 ه‍.
144 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري
لشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني (773 - 852).
المطبعة السلفية بالقاهرة.
416

145 - فتح المغيث شرح ألفية الحديث
للحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي (م 902 ه).
الطبعة الثانية تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان.
المكتبة السلفية بالمدينة - 1388 ه‍ - 1968 م.
146 - الفتن والملاحم
للحافظ عماد الدين ابن كثير الدمشقي (700 - 774 ه‍).
تحقيق الشيخ إسماعيل الأنصاري.
الطبعة الأولى - مطابع مؤسسة النور - الرياض - 1388 ه‍.
147 - الفرق بين الفرق
لعبد القاهر بن طاهر البغدادي (م 429 ه‍).
تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
مكتبة محمد علي الصبيح وأولاده - القاهرة.
148 - الفصل في الملل والأهواء والنحل
للإمام أبي محمد علي ابن حزم الأندلسي الظاهري (م 456 ه‍).
مطبعة المثنى - بغداد.
149 - فضائل الشام ودمشق
لأبي الحسن علي بن محمد الربعي المالكي (م 444 ه‍).
تحقيق صلاح الدين المنجد.
نشر المجمع العلمي العربي - مطبعة الترقي - دمشق - 1950 م.
150 - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة
للإمام محمد بن علي الشوكاني (1173 - 1355 ه‍).
تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني.
مطبعة السنة المحمدية - القاهرية - 1380 ه‍ - 1960 م.
151 - فيض القدير شرح الجامع الصغير
للعلامة عبد الرؤوف المناوي.
دار المعرفة والنشر - بيروت - لبنان - 1391 ه‍ - 1972 م.
152 - القاديانية. ثورة على النبوة المحمدية والإسلام.
للسيد أبي الحسن علي الندوي.
مطبوع ضمن مجموعة " القاديانية ".
417

نشر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
153 - القاديانية. دراسات وتحليل
للأستاذ إحسان إلهي ظهير.
إدارة ترجمان السنة - لاهور - الطبعة الرابعة - 1396 ه‍ - 1976 م
154 - القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد
للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني.
الطبعة الثانية - دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد الدكن 1386 ه‍ -
1967 م.
155 - الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة
للحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (673 - 747).
مطبعة دار النصر - القاهرة - 1392 ه‍.
156 - الكامل في التاريخ
لعز الدين أبي الحسن ابن الأثير الجزري.
دار صادر - دار بيروت - 1385 ه‍ - 1965 م.
157 - كشف الخفاء ومزيل الإلباس
لإسماعيل بن محمد العجلوني (م 1162 ه‍).
الطبعة الثانية - دار إحياء التراث العربي - بيروت - 1351 ه‍.
158 - الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف
لأبي بكر جلال الدين السيوطي (م 911 ه‍).
مطبوع ضمن مجموعة الحاوي للفتاوي
السعادة - 1378 ه‍ - 1959 م.
159 - الكفاية في علم الرواية
لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي (392 -
463).
بتقديم محمد الحافظ التيجاني.
مطبعة السعادة - القاهرة.
160 - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال
للشيخ علاء الدين علي المتقي الهندي (م 975 ه‍).
دائرة المعارف النظامية - حيدر آباد - الطبعة الأولى - 1313 ه‍
418

161 - اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة
للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (م 911 ه‍).
المكتبة التجارية الكبرى - مصر.
162 - الباب في تهذيب الأنساب لأبي الحسن عز الدين علي بن محمد بن الأثير (544 -
606).
مكتبة القدسي - القاهرة - 1357 ه‍.
163 - لسان العرب
لأبي الفضل جمال الدين محمد ابن منظور الأفريقي المصري دار صادر -
دار بيروت - بيروت - 1376 ه‍ - 1956 م.
164 - لسان الميزان
لشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني (773 - 852).
مطبعة دائرة المعارف بحيدر آباد الدكن.
165 - لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية
لمحمد بن أحمد بن سلام السفرايني (1114 - 1188 ه‍)
166 - ما هي القاديانية
للشيخ أبي الأعلى المودودي.
تعريب خليل أحمد الحامدي.
دار القلم - الكويت - 1389 ه‍ 1969 م.
167 - كتاب المجروحين من المحدثين
للإمام الحافظ محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم البستي (م 354 ه‍).
الطبعة الأولى بالمطبعة العزيزية حيدر آباد الدكن - الهند - 1390 ه‍ -
1970 م.
168 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (735 - 807).
دار الكتاب - بيروت - لبنان - الطبعة الثانية - 1967 م.
169 - مختصر تذكرة القرطبي
لعبد الوهاب الشعراني.
دار الوعي - حلب.
419

170 - مختصر سنن أبي داود
للحافظ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (581 - 656 ه‍).
تحقيق أحمد محمد شاكر ومحمد حامد الفقي.
مطبعة أنصار السنة - 1366 ه‍ - 1947 م.
171 - مختصر لوامع الأنوار البهية
تأليف الشيخ محمد بن علي بن سلوم.
تحقيق محمد زهري النجار.
الطبعة الأولى - 1386 ه‍ - 1966 م.
172 - المدخل في أصول الحديث
للإمام أبي عبد الله الحاكم (م 405 ه‍).
طبعة محمد راغب الطباخ.
المطبعة العلمية - حلب - 1351 ه‍ - 1932 م.
173 - المراسيل في الحديث
للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن محمد الحنظلي المعروف بابن أبي حاتم.
مكتبة المثنى ببغداد - 1386 ه‍.
174 - مروج الذهب
لأبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (م 346 ه‍).
دار الأندلس للطباعة والنشر - بيروت.
175 - مسألة الاحتجاج بالشافعي فيما أسند إليه
للحافظ أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (392 - 463).
ضمن مجلة البحوث الإسلامية التابعة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء
والدعوة والإرشاد.
المجلد الأول - العدد الثاني.
176 - المسألة القاديانية
للأستاذ أبي الأعلى المودودي.
مطبوع ضمن مجموعة " القاديانية ".
نشر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
177 - المستفاد من مبهمات المتن والإسناد
لولي الدين أحمد ابن الشيخ زين الدين العراقي.
420

تصحيح وتعليق الشيخ حماد بن محمد الأنصاري.
مطابع والرياض.
178 - المستدرك
للإمام الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري (321 - 405).
نشر مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب.
179 - المسند
للإمام أحمد بن بن حنبل الشيباني (164 - 241).
المكتب الإسلامي - دار صادر - بيروت.
180 - المسند
للإمام أحمد بن حنبل الشيباني (164 - 241).
بشرح أحمد محمد شاكر.
دار المعارف بمصر - 1375 ه‍.
181 - المسند
للإمام الحافظ أبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي المتوفى 219 ه‍.
بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي.
الطبعة الأولى - 1382 ه‍ - 1963 م - نشر المجلس العلمي بالهند.
182 - المسند
للإمام الحافظ أبي عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني (م 316 ه‍).
مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد - الدكن - الهند سنة 1362 ه‍.
183 - المشتبه
للحافظ أبي عبد الله الذهبي (م 748 ه‍)
تحقيق علي محمد البجاوي.
دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي - 1962 م.
184 - مشكاة المصابيح
للشيخ ولي الدين محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي المتوفي بعد سنة 737 ه‍.
تحقيق العلامة محمد ناصر الدين الألباني - الطبعة الأولى 1380 ه‍ - 1961 م.
المكتب الإسلامي للطباعة والنشر.
185 - المصنف
لأبي بكر بن عبد الرزاق بن همام الصغاني (126 - 211)
421

تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي.
مطابع دار القلم - بيروت - الطبعة الأولى - 1390 ه‍ - 1973 م.
186 - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية
للحافظ ابن حجر العسقلاني
تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.
نشر وزارة الأوقاف في دولة الكويت - 1393 ه‍ - 1973 م.
187 - المعارف
لابن قتيبة الدينوري (م 276 ه‍)
تحقيق محمد إسماعيل عبد الله الصاوي
الطبعة الثانية - 1390 ه‍ - 1970 - م دار إحياء التراث العربي - بيروت -
لبنان.
188 - معجم البلدان
للعلامة ياقوت الحموي.
دار صادر - دار بيروت - 1376 ه‍ - 1957 م.
189 - المعجم الصغير
للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (م 360 ه‍).
تصحيح ومراجعة عبد الرحمن محمد عثمان.
المكتبة السلفية بالمدينة - الطبعة الثانية - 1388 ه‍ - 1968 م.
190 - المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي
ترتيب وتنظيم لفيف من المستشرقين.
مكتبة بريل في مدينة ليدن - 1936 م.
191 - معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للإمام شمس الدين أبي عبد الله الذهبي (م 748 ه‍).
تحقيق محمد سيد جاد الحق.
دار الكتب الحديثة - القاهرة.
192 - معرفة علوم الحديث
لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (321 - 405).
تصحيح وتعليق السيد معظم حسين.
المكتب التجاري للطباعة - بيروت - لبنان.
422

193 - المغني في ضبط الرجال
للشيخ محمد ظاهر بن علي النهدي الفتني (913 - 986).
مطبعة تعمير بريس - لاهور - باكستان - الطبعة الأولى - 1393 ه‍ -
1973 م.
194 - المغني في الضعفاء
للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (673 - 747).
تحقيق نور الدين عتر
مطبعة البلاغة - الطبعة الأولى - 1391 ه‍ - 1971 م.
195 - مقاتل الطالبين
لأبي الفرج الأصبهاني (284 - 356).
تحقيق السيد أحمد صقر.
القاهرة - 1368 ه‍ - 1949 م.
196 - المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة
للحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي (م 902 ه‍)
تحقيق عبد الله محمد الصديقي.
نشر مكتبة الخانجي بمصر - مكتبة المثنى ببغداد
القاهرة - 1375 ه‍ - 1956 م.
197 - مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين
للإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (م 330 ه‍)
تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد
الطبعة الثانية - مزية ومنقحة - مكتبة النهضة المصرية - القاهرة 1389 ه‍ -
1969 م.
198 - الملل والنحل
لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (479 - 548)
تحقيق محمد سيد كيلاني
مصطفى البابي الحلبي - القاهرة - 1381 ه‍ - 1961 م.
199 - المنار المنيف في الصحيح والضعيف
للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية (691 -
751).
423

تحقيق عبد الفتاح أبو غدة
مكتب المطبوعات الإسلامية - الطبعة الأولى - 1390 ه‍ - 1970 م.
200 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم.
لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (510 - 597)
مطبعة دائرة المعارف حيدر آباد الدكن - الهند.
201 - المنتقي من منهاج الاعتدال
للحافظ أبي عبد الله محمد بن عثمان الذهبي (م 748 ه‍)
تحقيق وتعليق الأستاذ محب الدين الخطيب
المطبعة السلفية ومكتبتها - القاهرة - 1374 ه‍.
202 - منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود (م 204)
ترتيب أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي
الطبعة الأولى سنة 1372 ه‍ - المطبعة المنيرية بالأزهر.
203 - منهاج السنة النبوية في نقص كلام الشيعة والقدرية
لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (661 - 728).
المطبعة الكبرى الأميرية - بولاق - 1322 ه‍.
204 - المهدية في الإسلام
لسعد محمد حسن
مطابع دار الكتاب العربي بمصر - 1373 ه‍ - 1953 م.
205 - رسالة المهدي من آل الرسول رضي الله عنه
لنور الدين علي بن محمد القاري
مطبوع طبعة حجرية قديمة، لم يذكر اسم المطبع ولا تاريخ الطبع -
مكتبة الحرم المكي.
206 - المهدي المنتظر بين التصور والتصديق
لمحمد حسن آل ياسين
الطبعة الثانية - منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت - 1392 ه‍ - 1972 م.
207 - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان
للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (735 - 807)
تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة.
المطبعة السلفية بمصر.
424

208 - الموضوعات
للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (510 - 597)
تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان
الطبعة الأولى بمطبعة المجد بالقاهرة 1386 ه‍.
نشر المكتبة السلفية بالمدينة النبوية.
209 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال
لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (م 747)
تحقيق علي محمد البجاوي
دار إحياء الكتب العربية - مطبعة عيسى البابي الحلبي بمصر - الطبعة
الأولى 1382 ه‍.
210 - نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر
للعلامة عبد الحي بن فخر الدين الحسني
دائرة المعارف حيدر آباد الدكن - الهند - الطبعة الأول 1375 ه‍ -
1955 م.
211 - نزهة النظر شرح نخبة الفكر
للحافظ أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (م 852 ه‍)
المكتبة العلمية - المدينة.
212 - نصب الراية لأحاديث الهداية
للعلامة جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي (م 762)
نشر المكتبة الإسلامية.
213 - نظم المتناثر من الحديث المتواتر
لأبي الفيض جعفر الحسني الكتاني
دار المعارف - حلب.
214 - النهاية في غريب الحديث
لأبي البحارات المبارك بن محمد ابن الأثير (544، 606 ه‍)
تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي
دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي - 1383 ه‍ - 1963 م.
215 - هدي الساري مقدمة فتح الباري للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني (773 - 852)
425

إخراج وتصحيح محب الدين الخطيب
المطبعة السلفية بالقاهرة.
216 - ينابيع المودة
لسليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي
تقديم محمد مهدي السيد حسن الخراسان
الطبعة السابعة - المطبعة الحيدرية ومكتبتها - النجف - 1384 ه‍ -
1965 م.
426