الكتاب: إرواء الغليل
المؤلف: محمد ناصر الألباني
الجزء: ٥
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: إشراف : زهير الشاويش
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤٠٥ - ١٩٨٥ م
المطبعة:
الناشر: المكتب الإسلامي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

إرواء الغليل
في تخريج أحاديث منار السبيل
تأليف
محمد ناصر الدين الألباني
باشراف
محمد زهير الشاويش
الجزء الخامس
المكتب الاسلامي
1

الطبعة الثانية 1405 ه‍. 1985 م
2

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الجهاد
1182 - (حديث أنس أن النبي (ص)، قال: (لغدوة أو روحة
في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها " متفق عليه) ص 282
صحيح. وله عن أنس
الأولى: عن حميد عنه.
أخرجه البخاري (2 / 200، 1 20) وابن ماجة (2757) واللفظ له
وابن حبان (2629 -) وأحمد (3 / 1 4 1، 57 1، 263، 3 26 - 264) من
طرق عن حميد به، وصرح بالسماع منه في رواية للبخاري وأحمد.
والأخرى: عن ثابت عنه.
أخرجه مسلم (6 / 36) وأحمد (3 / 2 2 1، 153، 207)
وفي الباب عن سهل بن سعد الساعدي، وأبي هريرة، وأبي أيوب
الأنصاري، وعبد الله بن عباس، ومعاوية بن حديج، وأبي أمامة.
أما حديث سهل، فأخرجه البخاري (2 / 200، 4 / 211) ومسلم
والنسائي (2 / 56) والترمذي (1 / 310) والدارمي (2 / 202) وابن ماجة
(2756) والبيهقي (9 / 58 1) وأحمد (3 / 433، 5 / 335، 337
333)
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة (2755)
وأحمد (2 / 532، 533) من ثلاث طرق عنه، أحمد من طريقين، واللذان
قبله عن أحدهما، ومسلم من الطريق الثالثة.
3

وأما حديث أبي أيوب، فأخرجه مسلم والنسائي وأحمد (5 / 422)
بلفظ " خير مما طلعت عليه الشمس وغربت ".
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الترمذي والطيالسي (2699) وأحمد
(1 / 256) من طريق الحجاج عن الحكم عن مقسم عنه. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ".
وأما حديث معاوية بن حديج، فأخرجه أحمد (6 / 401) من طريق ابن
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أو عن سويد بن قيس عنه به.
وأما حديث أبي أمامة، فأخرجه أحمد أيضا (5 / 266) عن علي بن
يزيد عن القاسم عنه.
قلت: وإسناده ضعيف، وكذا الذي قبله، ولكنه لا بأس به في
الشواهد. وقد استوعب طرق الحديث أبو بكر ابن أبي عاصم في " الجهاد "
(1 / 7 / 2 - 8 / 1).
1183 - (وعن أبي عبس الحارثي مرفوعا: من اغبرت قدماه في
سبيل الله حرمه الله على النار " رواه أحمد والبخاري ص 282
صحيح. أخرجه البخاري (1 / 230، 2 / 205) وكذا النسائي
(2 / 56) والترمذي (1 / 07 3) وابن أبي عاصم (83 / 2) والبيهقي
(9 / 2 6 1) وأحمد (3 / 479) من طريق عباية بن رفاعة قال:
" أدركني أبو عبس، وأنا أذهب إلى الجمعة، فقال: فذكره بهذا اللفظ
الذي في الكتاب، ولفظ أحمد:
" حرمهما الله عز وجل على النار ".
وله شاهدان أحدهما من حديث مالك بن عبد الله الخثعمي، والآخر من
حديث جابر بن عبد الله الأنصاري.
أما الأول، فله عنه ثلاث طرق:
4

الأولى: عن أبي المصبح الأوزاعي قال:
" بينا نسير في درب قلمتة، إذ نادى الأمير مالك بن عبد الله الخثعمي رجل
يقود فرسه في عراض الجبل: يا أبا عبد الله ألا تركب؟ قال: إني سمعت
رسول الله (ص)، يقول: فذكره. وزاد:
"... ساعة من نهار فهما حرام على النار ".
أخرجه أحمد (5 / 225 - 226)، ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن جابر أن أبا
المصبح الأوزاعي حدثهم به.
قلت: وهذا سند متصل صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي
المصبح وهو ثقة. وقد توبع، وهي الطريق الآتية، وأخرجه ابن حبان
(1588) من طريق آخر عنه.
الثانية: عن عبد الله بن سليمان أن مالك بن عبد الله مر على حبيب بن
مسلمة، أو حبيب مر على مالك، وهو يقود فرسا، وهو يمشي، فقال: ألا
ركب حملك الله؟ فقال: فذكره بدون الزيادة وبلفظ البخاري.
أخرجه الدارمي (2 / 202).
قلت: ورجاله ثقات غير عبد الله بن سليمان هذا فلم أعرفه وكذا قال
الهيثمي (5 / 286) وقد ذكره من رواية الطبراني وسماه عبد الله بن سليمان ابن
أبي ربيب.
الثالثة: عن ليث بن المتوكل عن مالك بن عبد الله الخثعمي مرفوعا به.
أخرجه أحمد (226 / 5) بسند حسن.
وأما حديث جابر، فيرويه عتبة بن أبي حكيم عن حصين بن حرملة
المهري: حدثني أبو المصبح المقرائي عنه قال:
" بينا نحن نسير بأرض الروم في طائفة عليها مالك بن عبد الله الخثعمي
إذ مر مالك بجابر بن عبد الله، وهو يمشي، يقود بغلا له، فقال له مالك: أي أبا
5

عبد الله إركب فقد حملك الله، فقال جابر: أصلح دابتي، واستغني عن
قومي، وسمعت رسول الله (ص) يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه
الله على النار، فسار حتى إذا كان حيث يسمعه الصوت ناداه بأعلى صوته يا أبا
عبد الله إركب فقد حملك الله، فعرف جابر الذي يريد، فرفع صوته فقال:
أصلح دابتي، وأستغني عن قومي، وسمعت رسول الله (ص) يقول:
(فذكره) فتواثب الناس عن دوابهم، فما رأيت يوما أكثر ماشيا منه ".
أخرجه ابن حبان في صحيحه " (1588) والطيالسي (1772) وأحمد
(3 / 367) المرفوع منه فقط وكذا أبو يعلى (من 6 1 1 / 1) وابن أبي عاصم
(83 / 1)
قلت: وهذا إسناد ضيف، عتبة بن أبي حكيم ضعيف لكثرة خطئه.
لكن الظاهر أنه لم ينفرد به فقد قال المنذري في " الترغيب " (2 / 168) بعد ما
عزاه لابن حبان:
" رواه أبو يعلى بإسناد جيد، إلا أنه قال عن سليمان بن موسى قال: بينا
نحن نسير، فذكر نحوه ".
وقد ساق لفظه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5 / 286) وهو نحو رواية
عبد الله بن سليمان في الطريق الثانية ليس فيه ذكر جابر، وقال:
رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات "
وفي الباب أيضا عن أبي بكر وعثمان بن عفان عند ابن أبي عاصم
(84 / 1 - 2).
1184 - (وعن ابن أبي أوفى مرفوعا: " إن الجنة تحت ظلال
السيوف ". رواه أحمد والبخاري). ص 282
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 6 20، 239 -. 24، 253) وأحمد
(4 / 353 - 4 35) وكذا أبو داود (2631) وابن أبي عاصم في الجهاد "
(75 / 1) والحكم (2 / 78) عن عبد الله بن أبي أوفى:
6

أن رسول الله (ص) في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر
حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس قال: أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو "
وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال
السيوف ثم قال: اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب
اهزمهم، وانصرنا عليهم ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه! ووافقه الذهبي!
وله شاهد من حديث أبي موسى الأشعري يرويه ابنه عبد الله قال:
" سمعت أبي وهو بحضرة العدو يقول: قال رسول الله (ص): إن
أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، فقام رجل رث الهيئة، فقال: با أبا موسى
أأنت سمعت رسول (ص) " يقول هذا؟ قال: نعم، قال: فرجع إلى
أصحابه فقال: أقرأ عليكم السلام، ثم كسر جفن سيفه فألقاه، ثم مشى بسيفه
إلى العدو، فضرب به حتى قتل ".
أ خرجه مسلم (6 / 45) والترمذي (1 / 312) وابن أبي عاصم، وابن
عدي في " الكامل " (55 / 2) والحاكم (2 / 70) وأحمد (4 / 396، 1 1 4)
وأبو نعيم (317 / 2) وقال الترمذي:
" حديث صحيح غريب ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه "!. ووافقه الذهبي
وقالى أبو نعيم:
" حديث صحيح ثابت ".
1185 - (حديث عائشة: قلت: يا رسول الله، هل على النساء
جهاد؟ قال: جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة " وفي لفظ " لكن أفضل
الجهاد حج مبرور ". رواه أحمد والبخاري). ص 282
صحيح. واللفظ للأول لأحمد فقط، وللبخاري اللفظ الاخر، أخرجه
7

في أ ول الجهاد " (2 / 98 1)، وله لفظ آخر ذكرته في أ ول " الحج " (981).
1186 - (عن ابن عمر قال: " عرضت على رسول الله (ص) يوم
أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ". متفق عليه). ص 283
وفي لفظ: وعرضت عليه يوم الخندق فأجازني.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 158 و 3 / 93) ومسلم 6 / 30) وكذا
أبو داود (6 440) والترمذي (1 / 9 31) وابن ماجة (43 25) والطحاوي في
" شح معاني الآثار) (2 / 125) وأحمد (2 / 17) من طرق عن عبيد الله عن نافع
عنه به. بتمامه، وقول المصنف " وفي لفظ " يوهم أن هذا اللفظ ليس هو تمام
اللفظ الأول، وليس كذلك، كما يوهم أنه بهذا اللفظ عند الشيخين، وليس
كذلك أيضا فإنما هو لفظ ابن ماجة والطحاوي، وزاد هذا بعد قوله: " فلم
يجزني " و " فأجازني ": (في المقاتلة). ولفظ الشيخين والسياق لمسلم:
(عرضني رسول الله (ص) يوم أحد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة،
فلم يجزني، وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني. قال
نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ خليفة، فحدثته هذا
الحديث، فقال: ان هذا لحد بين الصغير والكبير، فكتب إلى عماله أن
يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة، ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال ".
1187 - (قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا استنفرتكم
فانفروا ". متفق عليه). ص 284
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 98 1 و 08 2 و 267 و 1 30) ومسلم
(6 / 28) وأبو داود (2480) والنسائي (2 / 83 1) والترمذي (1 / 1 30)
وللدارمي (2 / 239) وابن الجارود (1030) وأحمد (26 2 و 1 / 266 و 315 -
6 31 و 4 34) والطبراني في " الكبير " (3 / 03 1 / 2) من طريق منصور عن
مجاهد عن طاوس عن ابن عباس أن النبي (ص) قال يوم الفتح:
" لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا ".
8

وليس عند مسلم وغيره (بعد الفتح) وهو رواية للبخاري، وهي عند
الترمذي وقال:
" حديث حسن صحيح ".
ورواه عبد الله بن صالح: حدثني ابن كاسب: حدثني سفيان عن عمرو
ابن دينار وإبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
" قيل لصفوان بن أمية وهو بأعلى مكة: إنه لا دين لمن لم يهاجر، فقال: لا
أصل إلى بيتي حتى أقدم المدينة، فقدم المدينة، فنزل على العباس بن
عبد المطلب، ثم أتى النبي (ص)، فقال: ما جاء بك يا أبا وهب؟ قال: قيل:
إنه لا دين لمن لم يهاجر، فقال النبي (ص): ارجع أبا وهب إلى أباطح مكة،
فقروا على ملتكم، فقد انقطعت الهجرة، ولكن جهاد ونية، وإن استنفرتم
فانفر وا ".
أخرجه البيهقي (9 / 6 1 - 7 1) وابن أبي عاصم (97 / 1) ثنا ابن كاسب
به مختصرا.
قلت: وهذا إسناد جيد، وابن كاسب هو يعقوب بن حميد، وعبد الله بن
صالح هو أبو صالح العجلي. وكلاهما ثقة وفي ابن كاسب كلام يسير، ولما رواه
شاهد من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه عن صفوان بن أمية قال:
" قلت: يا رسول الله إنهم يقولون: إن الجنة لا يدخلها إلا مهاجر قال:
لا هجرة بعد فتح مكة.. الحديث ".
أخرجه النسائي وأحمد (3 / 401).
قلت: وإسناده صحيح.
ورواه الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن أبيه أن صفوان بن
أمية بن خلف قيل له: هلك من لم يهاجر، قال: فقلت: لا أصل إلى أهلي
حتى آتي رسول الله (ص)، فركبت راحلتي، فأتيت رسول الله (ص) فقلت: با
رسول الله زعموا أنه هلك من لم يهاجر، قال: كلا أبا وهب، فارجع إلى
9

أباطح مكة.
أخرجه أحمد (3 / 1 40 و 6 / 465).
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وللحديث شواهد من حديث عائشة وأبي سعيد الخدري ومجاشع بن
مسعود.
أما حديث عائشة، فيرويه عطاء عنها قالت:
" سئل رسول الله (ص) عن الهجرة؟ فقال.. " فذكره بتمامه.
أخرجه مسلم (6 / 28) وأبو يعلى في (مسنده) (ق 237 / 2).
ورواه البخاري (3 / 146) من طريق آخر عن عطاء بن أبي رباح قال:
" زرت عائشة مع عبيد بن عمير، فسألها عن الهجرة. فقالت: لا هجرة
اليوم، كان المؤمن يفر أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله مخافة أن يفتن عليه،
فأما اليوم، فقد أظهر الله الاسلام، فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن
جهاد ونية ".
وهكذا أخرجه البيهقي (9 / 17).
وأما حديث أبي سعيد الخدري، فيرويه أبو البختري الطائي عن أبي
سعيد الخدري أنه قال:
" لما نزلت هذه السورة (إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس) قرأها
رسول الله (ص) حتى ختمها، وقال: الناس حيز، وأنا وأصحابي حيز وقال: لا
هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية. فقال له مروان: كذبت، وعنده رافع بن
خديج وزيد بن ثابت، وهما قاعدان معه على السرير، فقال أبو سعيد: لو شاء
هذان لحدثاك، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه
عن الصدقة، فسكتا، فرفع مروان عليه الدرة ليضربه، فلما رأيا ذلك،
قالا: صدق ".
10

أخرجه الطيالسي (601 و 967 و 2205) وأحمد (3 / 22 و 5 / 187).
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأما حديث مجاشع، فيرويه يحيى بن إسحاق عنه:
" أنه أتى النبي (ص) بابن أخ له يبايعه على الهجرة، فقال رسول الله (ص):
لا، بل يبايع على الاسلام، فإنه لا هجرة بعد الفتح، ويكون من التابعين
بإحسان ".
أخرجه أحمد (3 / 468 و 469) من طريق يحيى ابن أبي كثير عن - يحيى بن
إسحاق.
قلت: وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن إسحاق
وهو ثقة كما قال ابن معين وابن حبان وابن حجر.
وله عن ابن عباس طريق أخرى، يرويه الأعمش عن أبي صالح عنه
مرفوعا.
أخرجه ابن أبي عاصم (97 / 1) بسند رجاله ثقات.
1188 - (حديث " أن عليا رضي الله عنه، شيع النبي (ص)، في
غزوة تبوك). ص 284.
صحيح. أخرجه أحمد في " المسند " (1 / 170): ثنا أبو سعيد مولى بني
هاشم ثنا سليمان بن بلال ثنا الجعيد بن عبد الرحمن عن عائشة بنت سعد عن
أبيها:
(أن عليا رضي الله عنه خرج مع النبي (ص) حتى جاء ثنية الوداع، وعلي
رضي الله عنه يبكي، يقول: تخلفني مع الخوالف؟ فقال: أما ترضى أن تكون
مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة؟ ".
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو (8 / 86
- فتح) ومسلم (7 / 120) وغيرهما من طريق مصعب بن سعد بن أبي وقاص
11

عن أبيه:
" أن رسول الله (ص) خرج إلى تبوك، واستخلف عليا، فقال: أتخلفني في
الصبيان والنساء؟ قال... " فذكره ليس فيه التشييع إلى الثنية، وهي فائدة
عزيزة تفرد بها مسند أحمد رحمه الله تعالى، وذكر المصنف تبعا لابن قدامة
(8 / 353) أن أحمد احتج به.
1189 - (" عن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبي (ص)، أنه قال
(لأن أشيع غازيا، فأكنفه على رحله (1) غدوة أو روحة أحب إلي من
الدنيا وما فيها ". رواه أحمد وابن ماجة). ص 284
ضعيف. أخرجه أحمد (3 / 440) وابن ماجة (2824) والحاكم
(2 / 98) وعنه البيهقي (9 / 173) من طريق زبان بن فائد عن سهل بن معاذ
به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
كذا قالا، وزبان بتشديد الباء الموحدة أورده الذهبي نفسه في
(الضعفاء) وقال:
" قال أبو حاتم: صالح الحديث، على ضعفه ". وقال الحافظ في
" التقريب ":
" ضعيف الحديث، مع صلاحه وعبادته ".
(تنبيه): قوله " فأكنفه على رحله " موافق للفظ الحديث في " البيهقي "،
وكذا أحمد، إلا أنه وقع عنده " راحلة "، بدل " رحله " ورواية ابن ماجة
والحاكم موافقة لرواية البيهقي في هذا الحرف، ولكنها تخالفها في الحرف الأول
(فأكنفه) ففيها (فأكفه)، وعلى ذلك جرى أبو الحسن السندي في شرحها
(1) الأصل (فأكفيه في رحله). وعلى هامشه: في الأصل (فأكنفه على) وما أثبتناه
هو الصحيح ". كذا ولا وجه لهذا التصحيح البتة، لأنه مع مخالفته للأصل أيضا
لما وقع في " أحمد وابن ماجة " كما بينته في الأعلى.
12

فقال:
" من الكفاية، قال الدميري: هو أن يحرس له متاعه، والكفاة
" الأصل: الكفاية " الخدم الذين يقومون بالخدمة، جمع كاف ".
قلت: والراجح عندي اللفظ الأول " فأكنفه " أي أكون إلى جانبه وهو
على رحله وراحلته، من (الكنف) وهو الجانب.
1190 - (وعن أبي بكر الصديق: " أنه شيع يزيد بن أبي سفيان
حين بعثه إلى الشام.... الخبر وفيه: إني أحتسب خطاي هذه في سبيل
الله ").
لم أقف على سنده. وقد أورده ابن قدامة في " المغني " (8 / 353) دون أن
يعزوه لأحد، فقال:
" وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه شيع يزيد بن أبي
سفيان حين بعثه إلى الشام، ويزيد راكب، وأبو بكر رضي الله عنه يمشي، فقال
له يزيد: يا خليفة رسول الله (ص) إما أن تركب، وإما أن أنزل أنا فأمشي معك،
قال: لا أركب، ولا تنزل، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ".
ثم وجدته عند مالك (2 / 447 / 10) عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر
الصديق... فذكره.
قلت: وهذا إسناد معضل.
نعم أخرجه الحاكم (3 / 80) من طريق سعيد بن المسيب رضي الله عنه:
" أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعث الجيوش نحو الشام: يزيد بن
أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، مشى معهم، حتى بلغ ثنية
الوداع فقالوا: يا خليفة رسول الله تمشي ونحن ركبان؟ ". وقال:
(صحيح على شرط الشيخين). وتعقبه الذهبي بقوله:
" قلت: مرسل ".
13

يعني أن ابن المسيب لم يسمع من أبي بكر.
وأخرج البيهقي (9 / 173) من طريق أبي الفيض رجل من أهل الشام
قال: سمعت سعيد بن جابر الرعيني يحدث عن أبيه:
" أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه شيع جيشا فمشى معهم. فقال:
الحمد لله الذي أغبرت أقدامنا في سبيل الله، فقيل له: وكيف أغبرت، وأنما
شيعناهم؟ فقال: إنا جهزناهم، وشيعناهم، ودعونا لهم ".
قلت: وسعيد بن جابر الرعيني، شامي أورده ابن أبي حاتم ولم يذكر
فيه جرحا ولا تعديلا (2 / 1 / 10)، وأما ابن حبان فذكره في (الثقات)
(2 / 100)
وأما أبو الفيض فهو موسى بن أيوب ويقال ابن أبي أيوب المهري
الحمصي، ثقة مشهور بكنيته.
وأخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 157 / 2) عن قيس أو غيره
قال:
وبعث أبو بكر حينئذ جيشا إلى الشام، فخرج يشيعهم على رجليه "،
فقالوا:
" يا خليفة رسول الله لو ركبت؟ قال: إني أحتسب خطاي في سبيل
الله ".
قلت: وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين، وقيس هو ابن أبي
حازم.
1191 - (حديث: " أن النبي (ص) " شيع النفر الذين
وجههم إلى كعب بن الأشرف إلى بقيع الغرقد ". رواه أحمد.
حسن. أخرجه أحمد (1 / 266) وكذا ابن هشام في " السيرة النبوية "
(3 / 59) والحاكم (2 / 98) عن ابن إسحاق: حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة
عن ابن عباس قال:
14

" مشى معهم رسول الله (ص) إلى بقيع الغرقد، ثم وجههم، وقال:
انطلقوا على اسم الله، وقال: اللهم أعنهم. يعني النفر الذين وجههم إلى
كعب بن الأشرف ".
هذا سياق أحمد وليس عند الآخرين قوله " يعني النفر... " فالظاهر أنه
تفسير منه وقال الحاكم:
" صحيح غريب ". ووافقه الذهبي.
قلت: ابن إسحاق فيه ضعف يسير، فهو حسن الحديث. وقد ذكره
الهيثمي في " المجمع " (6 / 196) وقال:
" رواه أحمد والبزار إلا أنه قال: إن النبي (ص) لما وجه محمد بن مسلمة
وأصحابه إلى كعب بن الأشرف ليقتلوه، والباقي نحوه. رواه الطبراني وزاد:
ثم رجع رسول الله (ص) إلى بيته. وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله رجال
الصحيح " بالتحديث قلت: كأنه خفي تصريح ابن إسحاق بالتحديث عند
الإمام أحمد، وبذلك زالت شبهة تدليسه. ووقع تصريحه تحديث في " السيرة "
أيضا.
وأما الطبراني فقد أخرجه عنه في " الكبير " (3 / 126 / 2) معنعنا.
1192 - (حديث السائب بن يزيد قال " لما قدم رسول الله (ص) من
غزوة تبوك خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع. قال السائب: فخرجت
مع الناس وأنا غلام ". رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه،
وللبخاري نحوه). ص 284
صحيح. أخرجه البخاري (3 / 184) وأحمد (3 / 449) وأبو داود
(2779) والترمذي (1 / 321) وكذا البيهقي (9 / 175) من طرق عن سفيان بن
عيينة عن الزهري عن السائب به. واللفظ للترمذي، وقال:
" حديث حسن صحيح ". ولفظ البخاري:
" أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع، نتلقى رسول الله (ص) ".
15

زاد في رواية: " مقدمه من غزوة تبوك ".
1193 - (عن أبي سعيد الخدري قال: " قيل: يا رسول الله، أي
الناس أفضل؟ قال: مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله " متفق
عليه). ص 284 - 285
صحيح. وتمامه: " قالوا: ثم من؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب،
يتقي الله (وفي رواية: يعبد الله) ويدع الناس من شره ".
أخرجه البخاري (2 / 199 و 4 / 229) ومسلم (6 / 39) وكذا أبو داود
(2485) والنسائي (2 / 55) والترمذي (1 / 312) وابن ماجة (3978) والبيهقي
(9 / 159) وأحمد (3 / 16 و 37 و 56 و 88) من حديث الزهري عن عطاء بن
يزيد عنه. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرج ابن أبي عاصم في " كتاب الجهاد " (87 / 1 - 2) الشطر الأول
منه.
1194 - (حديث أم حرام مرفوعا: " المائد في البحر (1) - الذي
يصيبه القئ - له أجر شهيد، والغرق له أجر شهيدين ". رواه أبو
داود). ص 285.
حسن. أخرجه أبو داود (2493) والحميدي في " مسنده " (349) وكذا
ابن أبي عاصم في " كتاب الجهاد) (ق 98 / 2) وابن عبد البر في " التمهيد "
(1 / 239 - طبع المغرب) من طرق عن مروان بن معاوية أخبرنا هلال بن
ميمون الرملي عن يعلى بن شداد عنها.
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات غير أن أبا حاتم قد قال في هلال
هذا " ليس بقوي، يكتب حديثه ". ووثقه ابن معين والنسائي وابن حبان،

(1) هنا في الأصل " أي " وليس لها أصل عند أبي داود. ولا غيره ولا داعي لها.
16

وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق ".
1195 - (وعن أبي أمامة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " شهيد
البحر مثل شهيدي البر، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر وما بين
الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله وأن الله وكل ملك الموت بقبض
الأرواح، إلا شهداء البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم، ويغفر لشهيد البر
الذنوب كلها إلا الدين، ويغفر لشهيد البحر الذنوب والدين ". رواه ابن
ماجة). ص 285.
ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجة (2778) وكذا الطبراني كلاهما من
طريق قيس بن محمد الكندي: ثنا عفير بن معدان الشامي عن سليم بن عامر
قال: سمعت أبا أمامة يقول: فذكره.
قلت: وهذا إسناد فيه علتان:
" الأولى: عفير بن معدان، قال ابن أبي حاتم (3 / 2 / 36) عن أبيه:
" ضعيف الحديث، يكثر الرواية عن سليم بن عامر عن أبي أمامة عن
النبي صلى الله عليه وسلم بالمناكير، ما لا أصل له، لا يشتغل بروايته. " وأورده الذهبي في.
" الضعفاء " وقال: " مجمع على ضعفه، قال أبو حاتم لا يشتغل به ".
قلت: وبه أعله البوصيري في " الزوائد " (ق 173 / 1)، وخفيت عليه
العلة التالية:
والأخرى: قيس بن محمد الكندي لم يوثقه أحد سوى ابن حبان، ومع
ذلك فقد أشار إلى أنه لا يحتج به لا سيما في روايته عن عفير فقال:
" يعتبر حديثه من غير روايته عن عفير بن معدان ".
1196 - (حديث عبد الله بن عمرو (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
" يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين ". رواه مسلم). ص 285.

(1) الامل " عمر " وهو خطأ.
17

صحيح. أخرجه مسلم (6 / 38) وكذا البيهقي (9 / 25) وأحمد
(2 / 220) عن عباس بن عباس عن عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن الحبلي عن
عبد الله ابن عمرو بن العاص مرفوعا به.
1197 - (حديث أبي قتادة وفيه: " أرأيت إن قتلت في سبيل الله
تكفر عني خطاياي؟ فقال صلى الله عليه وسلم، نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر،
إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك ". رواه أحمد ومسلم). ص 285
صحيح. أخرجه أحمد (5 / 297 و 308) ومسلم (6 / 37 - 38)
وكذا النسائي (2 / 62) والدارمي (2 / 207) ومالك أيضا (2 / 461 / 31)
والبيهقي (9 / 25) من طريق عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم، فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والايمان بالله أفضل الأعمال،
فقام رجل، فقال: يا رسول الله أرأيت ان قتلت في سبيل الله تكفر عني
خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر
محتسب، مقبل غير مدبر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف قلت؟ قال: أرأيت
إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول صلى الله عليه وسلم: نعم، وأنت
صابر محتسب... " الحديث.
" وله شاهد من حديث أبي هريرة. وله عنه طريقان:
الأولى: عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري عنه.
أخرجه النسائي (2 / 61).
قلت: وإسناده جيد.
والأخرى عن عبد الحميد بن جعفر عن عياض بن عبد الله ابن أبي سرح
عنه.
أخرجه أحمد (2 / 308 و 300).
وله شاهد ثان مختصر عن محمد بن عبد الله بن جحش - وكانت له صحبة -
18

" أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي يا رسول الله إن قتلت في سبيل
الله؟ قال: الجنة، قال: فلما ولى، قال: إلا الدين، سارني به جبريل عليه
السلام آنفا ".
أخرجه أحمد (4 / 350) وابن أبي عاصم في " الجهاد " (ق 94 / 2) من
طريق محمد بن عمرو أنا أبو كثير مولى الليثيين عنه.
قلت: وهذا سند جيد.
1198 - (حديث ابن مسعود " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل
أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر
الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله ". متفق عليه).
ص 286
صحيح. أخرجه البخاري (1 / 143) ومسلم (1 / 63) وكذا النسائي
(1 / 100) والترمذي (1 / 36) والدارمي (1 / 278) وأحمد (1 / 409 - 410
و 439 و 442 و 451) من طريق سعد بن إياس أبي عمرو الشيباني عن عبد الله
ابن مسعود به. وقال الترمذي:
" حديث س حسن صحيح ".
قلت: وله في " المسند " (1 / 421 و 444 و 448) طريقان آخران، زاد
أحدهما في آخره.
" ولو استزدته لزادني ".
وإسناده صحيح على مسلم، وهي عنده من الطريق الأولى.
1199 - (وعن ابن عمرو (1) قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال ففيهما
فجاهد ". رواه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه).
ص 286

(1) الأصل " ابن عمر ".
19

صحيح. وله عنه طريقان:
الأولى: عن حبيب بن أبي ثابت قال: سمعت أبا العباس الشاعر - وكان
لا يتهم في حديثه - قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: فذكره.
أخرجه البخاري (2 / 248 و 4 / 180 - 109) ومسلم (8 / 3) وأبو داود
(رقم 2529) والنسائي (2 / 54) والبيهقي (9 / 25) والطيالسي (2254)
وأحمد (2 / 165 و 188 و 193 و 197 و 221) من طرق عن حبيب به.
الثانية: عن يزيد بن أبي حبيب أن ناعما مولى أم سلمة حدثه أن عبد الله
ابن عمرو بن العاص أخبره به نحوه وقال:
" فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ".
أخرجه مسلم والبيهقي (9 / 76).
الثالثة: عن سفيان ثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمر
وقال:
" جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة، وتركت
أبوي يبكيان، فقال: إرجع عليهما فأضحكهما كما أبكيتهما ".
أخرجه أبو داود (2528) والنسائي في " الكبرى " (ق 49 / 2) والبيهقي
والحاكم (4 / 152) وقال:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا فإن سفيان وهو الثوري سمع من عطاء قبل
اختلاطه.
والرابعة: عن شعبة بن يعلى بن عطاء عن أبيه قال: أظنه عن عبد الله بن
عمرو قال: شعبة شك -: فذكره نحوه إلا أنه قال:
" نعم، قال: أمي، قال: انطلق فبرها. قال: فانطلق يتخلل
الركاب ".
20

أخرجه أحمد (2 / 197).
قلت: وهذا إسناد حسن في الشواهد والمتابعات رجاله ثقات رجال مسلم
غير عطاء والد يعلى وهو العامري فإنه مجهول.
وللحديث شواهد من حديث معاوية بن جاهمة وأبي سعيد الخدري.
أما حديث معاوية، فيرويه ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن طلحة وهو
ابن عبد الله بن عبد الرحمن 286 عن أبيه طلحة عنه بلفظ:
" أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد
جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها، فإن
الجنة تحت رجليها).
أخرجه النسائي والحاكم (2 / 104 و 4 / 151) وأحمد (3 / 429) وابن
أبي شيبة أيضا في " مسنده " (2 / 7 / 2) وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
قلت: كذا قالا، وطلحة بن عبد الله لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى
عنه جماعة، فهو حسن الحديث إن شاء الله وفي " التقريب ": " مقبول ".
وتابعه محمد بن إسحاق بن طلحة به. أخرجه ابن ماجة (2781).
وأما حديث أبي سعيد، فيرويه دراج أبو السمح، عن أبي الهيثم عنه.
" أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: هل لك أحد
باليمن؟ قال: أبواي، قال: أذنا لك؟ قال: لا، قال: ارجع إليهما
فاستأذنهما، فإن آذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما ".
أخرجه أبو داود (3530) والحاكم (2 / 103 - 104) وكذا ابن الجارود
(1035) وابن حبان (1622) وأحمد (3 / 75 - 76) وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله:
" قلت: دراج واه " فأصاب. لكن الحديث بمجموع طرقه صحيح.
21

والله أعلم.
1200 - (لحديث سلمان مرفوعا " رباط ليلة في سبيل الله خير من
صيام شهر، وقيامه، فإن مات أجرى عليه عمله الذي كان يعمله،
وأجرى عليه رزقه، وأمن الفتان " رواه مسلم). ص 286
صحيح. أخرجه مسلم (6 / 51) وكذا النسائي (2 / 63) والترمذي
(1 / 312) والطحاوي في " مشكل الآثار " (3 / 102) وابن أبي عاصم في
" الجهاد " (100 / 2، 101 / 1) والحاكم (2 / 80) والبيهقي (9 / 38)
وأحمد (5 / 440) عن شرحبيل بن السمط عنه به والسياق لمسلم، إلا أنه قال:
" رباط يوم وليلة خير... " فزاد " يوم " وليس عنده " في سبيل الله " وهي
عند النسائي وغيره كالترمذي وقال:
" حديث حسن ". وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ". ووافقه الذهبي.
قلت: وقد وهما في استدراكه على مسلم، وقصرا في تصحيحه مطلقا،
وهو عنده بإسناده مسلم نفسه! وصححه أبو زرعة كما في " العلل "
(1 / 340).
وللحديث طريقان آخران عن سلمان:
أحدهما عن القاسم أبي عبد الرحمن قال:
" زارنا سلمان الفارسي.... فقال سلمان سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم... "
فذكره نحوه، وقال: " صيام شهرين ". ولم يقل: " وقيامه ".
أخرجه ابن أبي عاصم (100 / 1 - 2).
قلت: ورجاله موثقون.
22

والآخر: عن كعب بن عجرة أنه مر بسلمان وهو مرابط في بعض قرى
فارس، فقال له: مالك ههنا؟ قال أرابط، قال: ألا أخبرك بأمر سمعته من
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " فذكره دون قوله " وأجري عليه رزقه)
أخرجه ابن أبي عاصم (101 / 1 - 2)
قلت: ورجاله ثقات، ولولا عنعنة الوليد بن مسلم في إسناده لقطعت
بصحته.
1201 - (ويروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) " أنه قال: " تمام الرباط
أربعون يوما " أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب. ويروى عن ابن
عمر وأبي هريرة). ص 286
ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 153 / 2) عن
داود بن قيس عن عمرو بن عبد الرحمن العسقلاني عن أبي هريرة موقوفا عليه.
قلت: وهذا سند ضعيف، العسقلاني هذا قال ابن أبي حاتم
(3 / 245 / 1) عن أبيه: " مجهول ".
ثم أخرجه هو وأبو حزم بن يعقوب الحنبلي في " الفروسية " (1 / 8 / 2)
من طريق معاوية بن يحيى الصدفي عن يحيى بن الحارث الذماري عن مكحول
مرفوعا به.
قلت: وهذا مع إرساله ضيف السند، من أجل الصدفي، قال الذهبي
في " الضعفاء ".
" ضعفوه ". وقال الحافظ في " التقريب ".
" ضعيف، وما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري ".
وأما شيخه يحيى بن الحارث الذماري بكسر المعجمة فهو ثقة. وقد خالفه
أبو سعيد الشامي فقال: عن مكحول عن واثلة مرفوعا. فوصله بذكر واثلة
فيه.
23

أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (7 / 19 / 2) من طريق أبي يحيى
الحماني ثنا أبو سعيد الشامي به.
قلت: وإسناده ضعيف أيضا، أبو سعيد هذا مجهول كما قال الدارقطني
على ما في " الميزان " وكذلك قال الحافظ في " التقريب "، وبيض له في
" التهذيب "!
وأبو يحيى الحماني اسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن قال الحافظ:
" صدوق يخطئ ".
وقد روي من حديث أبي أمامة مرفوعا بزيادة:
" ومن رابط أربعين يوما لم يبع، ولم يشتر، ولم يحدث حدثا، خرج
من ذنوبه كيوم ولدته أمه ".
قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 290):
" رواه الطبراني، وفيه أيوب بن مدرك وهو متروك "
قلت: وهذه الزيادة هي عند المخلص من حديث واثلة بإسناده المتقدم
مفصولة عن الجملة الأولى من الحديث بلفظ:
" من رابط وراء بيضة المسلمين، وأهل ذمتهم أربعين يوما رجع من ذنوبه
كيوم ولدته أمه ".
وبالجملة فالحديث ضعيف بهذه الطرق، ولم أره الآن من حديث ابن
عمر وأبي هريرة
1202 - (" وعن النبي (صلى الله عليه وسلم) ": " الفرار من الزحف من
الكبائر "). ص 287
صحيح. وقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة أذكر ما تيسر منها:
الأول: عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
24

" اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك
بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال
اليتيم، والتولي يوم الزحف ".
أخرجه البخاري (2 / 193، 4 / 363) ومسلم (1 / 64) وأبو داود
(2874) والنسائي (2 / 131) وابن أبي عاصم في " كتاب الجهاد "
(1 / 98 / 1) والبيهقي في " السنن " (9 / 76).
الثاني: عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله (صلى الله وعليه وسلم) قال:
" من جاء يعبد الله، ولا يشرك به شيئا، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة،
ويجتنب الكبائر، كان له الجنة، فسألوه عن الكبائر؟ فقال: الإشراك بالله،
وقتل النفس المسلمة، والفرار يوم الزحف ".
أخرجه النسائي (2 / 165) وابن أبي عاصم (1 / 97 / 2) وأحمد
(5 / 413، 413 - 314) من طريق بقية قال: حدثني بحير بن سعد عن
خالد بن معدان أن أبارهم السمين حدثهم أن أبا أيوب الأنصاري حدثه.
قلت: وهذا إسناد جيد صرح فيه بقية بالتحديث. بحير بن سعد ثقة
ثبت، وتابعه محمد بن إسماعيل عن أبيه عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد
عن أبي رهم به. أخرجه ابن أبي عاصم.
الثالث: عن عبيد بن عمير أنه حدثه أبوه - وكان من أصحاب النبي
(صلى الله عليه وسلم):
" أن رجلا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: هن: تسع، أعظمهن
إشراك بالله، وقتل النفس بغير حق، وفرار يوم الزحف " مختصر.
أخرجه أبو داود (2875) والنسائي والحاكم (1 / 59) بتمامه من طريق
عبد الحميد بن سنان عنه وقال:
" إحتجا برواة هذا الحديث غير عبد الحميد بن سنان ". قال الذهبي:
" قلت لجهالته، ووثقه ابن حبان ".
25

قلت: وقال في " الميزان ":
" قال البخاري: في حديثه نظر ". يعني هذا.
الرابع: عن سهل بن أبي حثمة أن النبي (صلى الله وعليه وسلم) قال:
" الكبائر سبع.... ".
قلت: فذكرهن كما في الحديث الأول، دون السحر والربا، وذكر
بديلهما: " والثوب بعد الهجرة "، فهن ست!
أخرجه ابن أبي عاصم (98 / 1) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي
حبيب عن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن لهيعة. ومحمد بن سهل أورده أن
أبي حاتم (3 / 2 / 277) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
الخامس: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
" خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله عز وجل، وقتل النفس بغير حق،
أو نهب مؤمن، أو الفرار من الزحف، أو يمين صابرة يقتطع بها مالا بغير
حق ".
أخرجه أحمد (2 / 361 - 362) حدثنا زكريا بن عدي نا بقية عن بحير
ابن سعد عن خالد بن معدان عن أبي المتوكل عنه.
وأخرجه ابن أبي عاصم فقال (98 / 1): حدثنا ابن مصفى وعمرو بن
عثمان، قالا: ثنا بقية: ثنا بحير بن سعد به، وأخرجه ابن أبي حاتم عن هشام
ابن عمار حدثنا بقية به.
قلت: وهذا إسناد جيد قد صرح بقية فيه بالتحديث. وقال ابن أبي حاتم
(1 / 339) عن أبي زرعة: " أبو المتوكل أصح ".
قلت: ولعله يعني أنه مرسل. والله أعلم.
والحديث رواه أبو الشيخ أيضا في " التوبيخ " والديلمي في " سند
26

الفردوس " كما في " فيض القدير " للمناوي وبيض له!
1203 - (حديث ابن عمر، وفيه " فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم)،
قبل صلاة الفجر قمنا فقلنا له: نحن الفرارون؟ فقال: لا بل أنتم
العكارون. أنا فئة كل مسلم " رواه الترمذي). ص 287
ضعيف. أخرجه الترمذي (1 / 320) وكذا البخاري في " الأدب
المفرد " (رقم 972) أبو داود (2647) والسياق له، والشافعي (1156)
وابن الجارود (1050) والبيهقي (9 / 76، 77) وأحمد (2 / 70، 86،
100، 111) وأبو يعلى (267 / 2، 276 / 1) كلهم من طريق يزيد بن أبي
زياد أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه:
" أنه كان في سرية من سرايا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: فحاص الناس
حيصة، فكنت فيمن حاص، قال: فلما برزنا، قلنا: كيف نصنع، وقد
فررنا من الزحف، وبؤنا بالغضب؟ فقلنا: ندخل المدينة فنثبت فيها، ونذهب
ولا يرانا أحد، قال: فدخلنا، فقلنا: لو عرضنا أنفسنا على رسول الله
(صلى الله عليه وسلم)، فإن كانت لنا توبة أقمنا، وإن كان غير ذلك ذهبنا، قال: فجلسنا
لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل صلاة الفجر، فلما خرج قمنا إليه، فقلنا: نحن
الفرارون! فأقبل إلينا، فقال: لا بل أنتم العكارون، قال: فدنونا، فقبلنا
يده، فقال: أنا فئة المسلمين ".
قلت: هذا سياق أبي داود وهو أقربهم سياقا إلى سياق المصنف، ولفظ
أحمد في رواية له: " وأنا فئة كل مسلم "، فلو أن المصنف عزاه لأبي داود وأحمد
كان أولى. وقال الترمذي عقبه:
" حديث حسن، ولا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد ".
قلت: وهو الهاشمي مولاهم الكوفي وهو ضعيف، قال الحافظ في
" التقريب ":
" ضعيف، كبر فتغير، صار يتلقن ".
27

1204 - (وعن عمر قال: " أنا فئة كل مسلم "). ص 287
ضعيف. أخرجه البيهقي (9 / 77) من طريق الشافعي: أنبأ ابن
عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن عمر بن الخطاب قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن مجاهدا لم يسمع
من عمر، فإنه ولد في خلافته سنة إحدى وعشرين، أي قبل موت عمر
بسنتين، ولهذا قال أبو زرعة وغيره " مجاهد عن علي مرسل ".
1205 - (وعن عمر أيضا. قال " لو أن أبا عبيدة تحيز إلي،
لكنت له فئة وكان أبو عبيدة في العراق " رواه سعيد). ص 287
صحيح. وإن كنت لم أقف على إسناد سعيد وهو ابن منصور الحافظ
صاحب " السنن " (1)، فقد أخرجه البيهقي (9 / 77) عن شعبة عن سماك
سمع سويدا، سمع عمر بن الخطاب يقول لما هزم أبو عبيدة:
" لو أتوني كنت فئتهم ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
1206 - (وقال ابن عباس: " من فر من اثنين فقد فر، ومن فر من
ثلاثة فما فر ") ص 287
صحيح. أخرجه البيهقي (9 / 76) من طريق ابن أبي نجيح عن
عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
" إن فر رجل من اثنين فقد فر، وإن فر من ثلاثة لم يفر ".
ورواه الشافعي (1155) بلفظ الكتاب لكن لم يقع في سنده " عن

(1) لقد علمت منذ أسابيع من فاضل زارني في المكتبة سائلا عن " المصنف " لعبد الرزاق،
انهم وجدوا جزءا من " سنن سعيد بن منصور " أظنه الرابع، وان بعض المشتغلين بالحديث
في صدد تحقيقه لطبعه، كما أنهم ساعون لطبع " المصنف " يسر الله لهم ذلك، وجزاهم عن
المسلمين خيرا، 27 / 3 / 1385.
28

عطاء " والظاهر أنه خطأ مطبعي
قلت: وإسناده صحيح، وهو وإن كان موقوفا، فله حكم المرفوع،
بدليل القرآن وسبب النزول الذي حفظه لنا ابن عباس أيضا رضي الله عنه، وله
عنه طريقان.
الأولى: عن عمرو بن دينار عنه قال:
" لما نزلت هذه الآية (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين)،
فكتب عليهم أن لا يفر العشرون من المائتين، فأنزل الله (الآن خفف الله
عنكم، وعلم أن فيكم ضعفا، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين)
فخفف عنهم وكتب عليهم أن لا يفر مائة من مائتين ".
أخرجه الإمام الشافعي (1154): أخبرنا سفيان عن عمرو به. ورواه
البخاري (3 / 247) وابن الجارود (1049) والبيهقي (9 / 76) والطبراني
(3 / 113 / 2) من طرق أخرى عن سفيان به نحوه.
والأخرى: عن الزبير بن خريت عن عكرمة عنه به نحوه إلا أنه قال.
عقب الآية الأولى:
" شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم أن لا يفر واحد من عشرة
فجاء التخفيف فقال... " فذكر الآية الأخرى، وقال عقبها:
" فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم "
أخرجه البخاري (3 / 248) وأبو داود (2646) والبيهقي.
ثم وجدت له طريقا ثالثة: عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن
عطاء عنه مختصرا نحوه
أخرجه الطبراني (3 / 120 / 2).
1207 - (" أنا برئ من [كل] مسلم [يقيم]، بين أظهر
المشركين، لا تراءى نارهما " رواه داود والترمذي)
29

صحيح. أخرجه أبو داود (2645) والترمذي (1 / 303) والطبراني
في " المعجم الكبير " (1 / 109 / 1) وابن الأعرابي في " معجمه " (من
84 / 1 - 2) من طريق أبي معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي
حازم عن جرير بن عبد الله قال:
" بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرية إلى خثعم، فاعتصم ناس منهم
بالسجود، فأسرع فيهم الفشل، قال: فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأمر لهم
بنصف العقل، وقال ". فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنهم أعلوه
بالإرسال، فقال أبو داود عقبه:
رواه هشيم ومعمر وخالد الواسطي وجماعة لم يذكروا جريرا ".
قلت... أخرجه أبو عبيد في " الغريب " (من 75 / 2) عن هشيم،
والترمذي من طريق عبدة، والنسائي (2 / 245) من طريق أبي خالد، كلاهما
عن إسماعيل بن أبي خالد بن أبي حازم مرسلا. وقال الترمذي:
" وهذا أصح، وأكثر أصحاب إسماعيل قالوا: عن إسماعيل عن
قيس، لم يذكروا فيه جريرا، ورواه حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن
إسماعيل عن قيس عن جرير مثل حديث أبي معاوية. وسمعت محمدا (يعني
البخاري) يقول: الصحيح حديث قيس عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، مرسل ".
قلت: ورواية ابن أرطاة وصلها البيهقي (9 / 12 - 13) مختصرا بلفظ:
" من أقام مع المشركين، فقد برئت منه الذمة).
وذكره ابن أبي حاتم (1 / 315) وقال عن أبيه: " الكوفيون سوى
حجاج لا يسندونه ". قلت: والحجاج مدلس، وقد عنعنه، فلا فائدة من
متابعته.
وتابعه صالح بن عمر وهو ثقة، لكن الراوي عنه إبراهيم بن محمد بن
ميمون شيعي ليس بثقة.
أخرجه الطبراني.
نعم قد تابعه من هو خير منه حفص بن غياث، ولكنه خالفهما جميعا في
30

إسناده، فقال: عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن خالد بن
الوليد:
" أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " بعث خالد بن الوليد إلى ناس من خثعم،
فاعتصموا بالسجود... " الحديث.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 191 / 2): حدثنا أبو الزنباع
روح بن الفرج وعمر بن عبد العزيز بن مقلاص: نا يوسف بن عدي نا حفص
ابن غياث به.
وهذا سند رجاله ثقات رجال البخاري إلا أن ابن غياث كان تغير حفظه
قليلا كما في " التقريب ".
وقد وجدت له طريقا أخرى عن جرير بنحوه، رواه أبو وائل عن أبي
نجيلة البجلي عنه قال:
" أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) " وهو يبايع، فقلت: يا رسول الله ابسط يدك حتى
أبايعك، واشترط علي فأنت أعلم، قال: أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم
الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشرك ".
أخرجه النسائي (2 / 183) والبيهقي (9 / 13) وأحمد (4 / 365) عن
منصور عن أبي وائل به.
وتابعه الأعمش عن أبي وائل به.
أخرجه النسائي من طريق أبي الأحوص عنه.
وخالفه شعبة فقال: عنه عن أبي وائل عن جرير. أسقط منه أبا نجيلة.
أخرجه النسائي.
وتابع شعبة أبو شهاب وأبو ربعي فقالا: عن الأعمش عن أبي وائل عن
جرير.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 1111 / 1)
31

ولعل رواية أبي الأحوص عنه أرجح لموافقتها لرواية منصور التي لم
يختلف عليه فيها.
وإسناده صحيح، وأبو نخيلة بالخاء المعجمة مصغرا، وقيل بالمهملة،
وبه جزم إبراهيم الحربي وقال: " هو رجل صالح ". وجزم غير واحد بصحبته
كما بينه الحافظ بن حجر في " الإصابة ".
وله شاهد عن أعرابي معه كتاب كتبه له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه:
" إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة
وفارقتم المشركين، وأعطيتم من الغنائم الخمس، وسهم النبي (صلى الله عليه وسلم) والصفي
وربما قال: وصفيه - فأنتم آمنون بأمان الله وأمان رسوله ".
أخرجه البيهقي (6 / 303، 9 / 13) وأحمد (5 / 78) بسند صحيح
عنه، وجهالة الصحابي لا تضر.
وشاهد آخر من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ:
" كل مسلم على مسلم محرم، أخوان نصيران، لا يقبل الله عز وجل من
مشرك بعد ما أسلم عملا أو يفارق المشركين إلى المسلمين ".
أخرجه النسائي (1 / 358) وابن ماجة (2536) شطره الثاني.
قلت: وإسناده حسن.
وفي الباب عن سمرة بن جندب مرفوعا بلفظ:
" من جامع المشرك وسكن معه، فإنه مثله ".
أخرجه أبو داود (2787)
قلت: وسنده ضعيف.
وله عنه طريق أخرى أشد ضعفا منها، أخرجه الحاكم (2 / 141 -
142) وقال " صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي في
" التلخيص "، لكن وقع فيه " صحيح على شرط البخاري ومسلم "!
32

وذلك من أوهامهما فإن فيه إسحاق بن إدريس وهو متهم بالكذب، وقد
ترجمه الذهبي نفسه في " الميزان " أسوأ ترجمة.
ووجدت له شاهدا آخر من حديث كعب بن عمرو وقال:
" أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهو يبايع الناس، فقلت: يا رسول الله: أبسط
يدك حتى أبايعك، واشترط علي فأنت أعلم بالشرط، قال أبايعك على أن تعبد
الله.... " الحديث بلفظ أبي نخيلة المتقدم.
أخرجه الحاكم (3 / 505)، وفيه بريدة بن سفيان الأسلمي وليس
بالقوي.
1208 - (وعن معاوية وغيره مرفوعا " لا تنقطع الهجرة حتى
تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه أبو
داود) ص 288
صحيح. أخرجه أبو داود (2479) وكذا الدارمي (2 / 239 -
240) والنسائي في " السنن الكبرى " (50 / 2) والبيهقي (9 / 17) وأحمد
(4 / 99) عن عبد الرحمن ابن أبي عوف عن أبي هند البجلي عن معاوية قال:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكره.
قلت: ورجال إسناده ثقات غير أبي هند فهو مجهول، لكنه لم يتفرد به
فأخرجه الإمام أحمد (1 / 192) من طريق إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن
زرعة عن شريح بن عبيد يرده إلى مالك بن يخامر عن ابن السعدي أن النبي
(صلى الله عليه وسلم) قال:
" لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل ".
فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص: إن
النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
" ان الهجرة خصلتان: إحداهما أن تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر
ارواء - 5 - 3
33

إلى الله ورسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى
تطلع الشمس من الغرب، فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه، وكفى الناس
العمل ".
قلت: وهذا إسناد شامي حسن، رجاله كلهم ثقات، وفي ضمضم بن
زرعة كلام يسير. وابن السعدي اسمه عبد الله واسم أبيه وقدان صحابي
معروف، ولحديثه طريق أخرى عنه أخرجها النسائي، وبعضها ابن حبان
(1579) والبيهقي وأحمد (5 / 270).
وله عنده (4 / 62، 5 / 363، 375) طريقان آخران عن رجل من
أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)، والظاهر أنه ابن السعدي نفسه.
وأحدهما إسناده صحيح.
1209 - (حديث: " لا هجرة بعد الفتح ")
صحيح. وقد مضى تخريجه برقم (1187).
1210 - حديث " نهى عن قتل النساء والصبيان " رواه الجماعة
إلا النسائي.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 251) ومسلم (5 / 144) وأبو داود
(2668) والترمذي (1 / 297) وابن ماجة (2841)، فهؤلاء هم الجماعة
إلا النسائي ولكن هذا أخرجه في " السنن الكبرى " (من 42 / 1)، ومالك
أيضا (1 / 447 / 9) وعنه ابن حبان (1657) والدارمي (2 / 222 - 223)
والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2 / 126) وابن الجارود (1043)
والبيهقي (9 / 77) وأحمد (2 / 22، 23، 76، 91) من طرق عن نافع أن
عبد الله بن عمر أخبره:
" أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي (صلى الله عليه وسلم) مقتولة، فأنكر رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) قتل النساء والصبيان ". وفي رواية " فنهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن
قتل... ".
34

وهما للشيخين، والآخرون روى بعضهم هذه، وبعضهم الأخرى.
وجمع بينهما أحمد في رواية فقال: " فأنكر ذلك ونهى عن... ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وفي الباب عن رباح بن الربيع قال:
كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة، فرأى الناس مجتمعين على شئ،
فبعث رجلا، فقال: انظر علام اجتمع هؤلاء، فجاء، فقال: على امرأة
قتيل، فقال: ما كانت هذه لتقاتل، قال: وعلى المقدمة خالد بن الوليد،
فبعث رجلا، فقال: قل لخالد: لا يقتلن امرأة ولا عسيفا ".
أخرجه أبو داود (2669) والنسائي (44 / 1 - 2) والطحاوي
(2 / 127) والحاكم (2 / 122) وأحمد (3 / 488) من طرق عن المرقع بن
صيفي عن جده رباح بن الربيع، وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
قلت: حسبه أن يكون حسنا، فإن المرقع هذا لم يخرج له الشيخان
شيئا، ولم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جماعة من الثقات، وقال الحافظ
في " ا لتقريب ": " صدوق ".
وعن الأسود بن سريع قال:
" خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزاة، فظفرنا بالمشركين، فأسرع الناس
في القتل، حتى قتلوا الذرية، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: ما بال أقوام
ذهب بهم القتل، حتى قتلوا الذرية؟! ألا لا تقتلوا ذرية، ثلاثا "
أخرجه النسائي (ق 44 / 1) والدارمي (2 / 223) وابن حبان
(1658) والحاكم (2 / 123) وأحمد (3 / 435، 4 / 24) من طرق عن
الحسن عنه. وقال الحاكم:
35

" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا، فقد صرح الحسن وهو البصري بالتحديث عند
النسائي وهو رواية للحاكم.
1211 - (حديث " سبي هوازن ". رواه أحمد والبخاري). ص 288
صحيح. وهو من رواية الزهري عن عروة أن مروان بن الحكم والمسور
ابن محرمة أخبراه:
" أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوه أن يرد
إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أحب الحديث إلى أصدقه،
فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي، وإما المال، فقد كنت استأنيت بهم -
وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) انتظرهم بضع عشرة ليلة، حين قفل من الطائف، فلما
تبين لهم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين، قالوا: فإنا نختار
سبينا، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المسلمين، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال:
أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاؤونا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم
سبيهم، فمن أحب فعلم أن يطيب بذلك فليفعل، ومن أحب أن يكون منكم
على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفئ الله علينا فليفعل، فقال الناس: قد
طيبنا ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إنا لا ندري من أذن منكم في
ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم، فرجع الناس،
فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأخبروه أنهم قد طيبوا
وأذنوا ".
أخرجه البخاري (2 / 62 - 63 و 122 و 134 و 139 - 140 و 283
و 287 - 288 و 3 / 148 و 4 / 365) وأحمد (4 - 326 - 327) وكذا أبو داود
(2693) والبيهقي (9 / 64).
وله شاهد من حديث محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده نحوه.
36

أخرجه أبو داود (2694) والنسائي (2 / 133) وأحمد (2 / 184 و 218)
وصرح في روايته ابن إسحاق بالتحديث.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقال ابن إسحاق أيضا: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن
عمر قال:
" أعطى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمر بن الخطاب جارية من سبي هوازن، فوهبها
لي فبعثت بها إلى أخوالي من بني جمح ليصلحوا لي منها، حتى أطوف بالبيت،
ثم آتيهم، وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها، قال: فخرجت من المسجد
حين فرغت، فإذا الناس يشتدون، فقلت: ما شأنكم؟ قالوا: رد علينا رسول
الله (صلى الله وعليه سلم) أبناءنا ونساءنا، قال: قلت: تلك صاحبتكم في بني جمح فاذهبوا
فخذوها، فذهبوا فأخذوها ".
أخرجه أحمد (2 / 69).
قلت: وإسناده حسن أيضا.
1212 - (حديث " عائشة في سبايا بني المصطلق " رواه
أحمد).
أخرجه أحمد (6 / 277) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن
جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين قالت:
" لما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سبايا بني المصطلق، وقعت جويرية بنت
الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عم له، وكاتبته على
نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تستعينه في كتابتها، قالت: فوالله ما هو إلا أن رأيتها على
باب حجرتي، فكرهتها، وعرفته أنه سيرى منها ما رأيت، فدخلت عليه،
فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد
أصابني ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو
37

لابن عم له، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على كتابتي، قال: فهل
لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضى كتابتك
وأتزوجك، قالت: نعم يا رسول الله، قال: قد فعلت. قالت: وخرج الخبر
إلى الناس أن رسول الله (صل الله عليه والسلم) تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس
أصهار رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأرسلوا ما بأيديهم، قالت: فلقد أعتق بتزويجه
إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها
منها ".
قلت: وهذا اسناد حسن " وأخرجه الحاكم (4 / 26) من هذا الوجه
وسكت عليه هو والذهبي دون قوله: " قالت: فوالله ما هو إلا... ".
ثم روى من طريق مجاهد قال: قالت جويرية بنت الحارث لرسول الله
(صلى الله عليه وسلم):
" إن أزواجك يفخرن علي يقلن: لم يتزوجك رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، إنما
أنت ملك يمين! فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ألم أعظم صداقك؟ ألم أعتق
أربعين رقبة من قومك؟ ").
قلت: واسناده مرسل صحيح.
1213 - (حديث قتل النبي (صلى الله عليه وسلم)، رجالا من بني قريظة وهم
بين الست مائة والسبع مائة)
صحيح بغير هذا العدد. وهو من حديث جابر بن عبد الله قال:
" رمي يوم الأحزاب سعد بن معاذ، فقطعوا أكحله، فحسمه رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) بالنار، فانتفخت يده، فحسمه أخرى، فانتفخت يده، فنزفه. فلما
رأى ذلك، قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة،
فاستمسك عرقه، فما قطر قطرة، حتى نزلوا على حكم سعد، فأرسل إليه،
فحكم أن تقتل رجالهم، ويستحى نساؤهم وذراريهم، ليستعين بهم
المسلمون، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أصبت حكم الله فيهم، وكانوا
أربعمائة، فلما فرغ من قتلهم، انفتق عرقه فمات ".
38

أخرجه النسائي في " الكبرى " (48 / 2) والترمذي (1 / 300)
والدارمي (2 / 238) وأحمد (3 / 350) من طريق الليث بن سعد عن أبي
الزبير عنه وقال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح ".
قلت: وهو على شرط مسلم. وقد أخرج أوله (7 / 22) وكذا أحمد
(3 / 312، 386) من طريق أبي خيثمة عن أبي الزبير به إلى قوله " فحسمه "
المرة الثانية. وزاد " بيده بمشقص "
وأما العدد الذي ذكره المصنف، فإنما أورده ابن هشام في " السيرة "
(3 / 251 - 252) عن ابن إسحاق معضلا فقال:
" وهم ست مائة، أو سبع مائة، والمكثر لهم يقول: كانوا بين الثمان
مائة، والتسع مائة ".
1214 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) قتل يوم بدر النضر بن الحارث،
وعقبة بن أبي معيط صبرا ")
ضعيف. رواه البيهقي (9 / 64) عن الشافعي: أنبأ عدد من أهل
العلم من قريش وغيرهم من أهل العلم بالمغازي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسر النضر
ابن الحارث العبدي يوم بدر، وقتله بالبادية أو الأثيل صبرا، وأسر عقبة بن أبي
معيط فقتله صبرا ".
قلت وهذا معضل كما ترى.
وقال ابن إسحاق في سياق قصة بدر:
ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قافلا إلى المدينة، ومعه الأسرى من المشركين،
وفيهم عقبة بن أبي معيط، والنفر بن الحارث... حتى إذا كان رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) بالصفراء، قتله علي بن أبي طالب كما أخبرني بعض أهل العلم من أهل
مكة. ثم خرج، حتى إذا كان عرق الظبية قتل عقبة بن أبي معيط، فقال عقبة
حين أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقتله: فمن للصبية يا محمد! قال: النار، فقتله
عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري أخو بني عمرو بن عوف، كما حدثني
39

أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر.
ذكره ابن هشام في " السيرة " (2 / 297 - 298) ثم قال:
" ويقال قتله علي بن أبي طالب، فيما ذكر لي ابن شهاب الزهري وغيره
من أهل العلم ".
وفي " البداية " للحافظ ابن كثير (3 / 305 - 306):
" وقال حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال:
" لما أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بقتل عقبة، قال: أتقتلني يا محمد من بين قريش؟
قال: نعم، أتدرون ما صنع هذا بي؟ جاء وأنا ساجد خلف المقام، فوضع
رجله على عنقي، وغمزها، فما رفعها حتى ظننت أن عيني ستندران، وجاء مرة
أخرى بسلا شاة فألقاه على رأسي، وأنا ساجد، فجاءت فاطمة فغسلته عن
رأسي ".
قلت: وهذا مرسل.
وجملة القول إني لم أجد لهذه القصة اسنادا تقوم به الحجة، على شهرتها
في كتب السيرة وما كل ما يذكر فيها، ويساق مساق المسلمات، يكون على نهج
أهل الحديث من الأمور الثابتات.
نعم قد وجدت لقصة عقبة خاصة أصلا، فيما رواه عمرو بن مرة عن
إبراهيم، قال: أراد الضحاك بن قيس، أن يستعمل مسروقا. فقال له عمارة
ابن عقبة: أتستعمل رجلا من بقايا قتلة عثمان؟! فقال له مسروق: حدثنا
عبد الله بن مسعود - وكان في أنفسنا موثوق الحديث - أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما أراد قتل
أبيك، قال: من للصبية؟ قال النار، فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله
(صلى الله عليه وسلم).
أخرجه أبو داود (2686) والبيهقي (9 / 65) من طريق عبد الله بن
جعغر الرقي، قال: أخبرني عبد الله بن عمرو بن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو
ابن مرة.
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات كلهم رجال الشيخين.
40

وله شاهد من حديث عبد الله بن عباس يأتي ذكره في تخريج الحديث
(6، 12).
1215 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) قتل يوم أحد أبا عزة الجمحي ")
ص 288.
ضعيف. ذكره ابن إسحاق بدون إسناد، قال:
" وكان رسول الله (ص) أسر ببدر، تم من عليه، فقال: يا رسول الله
أقلني، فقال رسول الله (ص):
" والله لا تمسح عارضيك بمكة بعدها، وتقول خدعت محمدا مرتين،
اضرب عنقه يا زبير، فضرب عنقه "
ذكره ابن هشام في " السيرة " (3 / 110) ثم قال:
" وبلغني عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
إن المؤمن لا يلدغ من حجر مرتين، اضرب عنقه يا عاصم بن ثابت،
فضرب عنقه ".
قلت: وهذا مع بلاغة مرسل، وقد وصله البيهقي (9 / 65) من طريق
عمد بن عمر، حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب به
مطولا.
قلت: وإسناده واه جدا، من أجل محمد بن عمر وهو الواقدي وهو
متروك.
وأما حديث " لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين " فصحيح اتفق الشيخان
على اخراجه، وأما سببه المذكور فلا يصح، وإن جزم به العسكري، ونقله
عنه المناوي في " فيض القدير " ساكتا عليه، غير مبين لعلة! وتبع العسكري
آخرون كابن بطال والتوربشتي كما نقله الحافظ في " الفتح " (10 / 440)،
وأشار إلى ضعفه فراجعه إن شئت.
1216 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم)، من على ثمامة بن أثال ").
صحيح. أخرجه البخاري (3 / 165) ومسلم (5 / 158 - 159)
وأبو داود (2679) وأحمد (2 / 452) من طريق الليث قال: حدثني سعيد
أبن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة قال:
41

" بعث النبي (ص)، خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال
له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي
(ص)، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني
تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما
شئت، فترك حتى كان الغد، ثم قال له: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلت
لك: إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: عندي ما قلت لك، قال: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب
من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا اله إلا الله،
وأن محمدا رسول الله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من
وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي
من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من
بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة،
فماذا ترى، فبشره النبي (ص)، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة، قال له
قائل، صبوت؟ قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله (ص)، ولا
والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة، حتى يأذن فيها النبي (ص) ".
- ثم أخرج مسلم (5 / 59 1) وللبيهقي (9 / 65 - 66) عن عبد الحميد بن
جعفر وهذا عن ابن إسحاق، وأحمد (2 / 246) عن ابن عجلان ثلاثتهم عن
سعيد المقبري به مطولا ومختصرا. وفي حديث الآخرين زيادة واللفظ لأولهما:
" وانصرف إلى بلده، ومنع الحمل إلى مكة، حتى جهدت قريش، فكتبوا
إلى رسول الله (ص) " يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل
الطعام، ففعل رسول الله (ص) ".
وزاد ابن عجلان قبلها:
" حتى قال عمر: لقد كان والله في عيني أصغر من الخنزير، وإنه في
عيني، أعظم من الجبل ".. وإسناد هاتين الزيادتين حسن.
1216 / 1 - (حديث: " أنه (ص) " من على أبي عزة الشاعر ").
ص 289.
42

ضعيف. وقد سبق تخريجه قبل حديث.
2 / 1216 - (حديث " أنه (ص) " من على أبي العاص بن
الربيع "). ص 289
حسن. أخرجه ابن إسحاق في " السيرة " (2 / 307 - 308) ومن
طريقه أبو داود (2692) وابن الجارود (1090) والحاكم (3 / 236) وأحمد
(6 / 276) قال: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة
قالت:
" لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم، بعثت زينب بنت رسول الله (ص)
في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها
بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت: فلما رآها رسول الله (ص)، رق
لها رقة شديدة، وقال: ان رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها مالها،
فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه، وردوا عليها النبي لها ".
قلت:. سكت عليه الحاكم ثم الذهبي وإسناده حسن.
1217 - (حديث " أنه (ص) "، فدى رجلين من أصحابه برجل من
المشركين من بني عقيل " رواه أحمد والترمذي وصححه).
صحيح. أخرجه أحمد (4 / 426، 432) والترمذي (1 / 297)
وكذا النسائي في " الكبرى " (ق 47 / 2) والدارمي (2 / 223) من طريق
أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين به، وليس عند
للترمذي: " من بني عقيل " وقال:
" هذا حديث حسن صحيح،.
قلت: وهو على شرط مسلم، وقد أخرجه في " صحيحه " (5 / 78) في
قصته وهو رواية للدارمي (2 / 236 - 237) وكذا النسائي (39 / 1) وأحمد
(4 / 430، 433 - 434). وهو عند الطحاوي (2 / 152 - 153)
والبيهقي (9 / 62) مختصرا ومطولا.
43

1218 - (حديث " أنه في (ص) فدى أهل بدر بمال ". رواه أبو
داود).
صحيح. أ خرجه أبو داود (2691) والنسائي في " الكبرى " (47 / 1)
والحكم (3 / 140) والبيهقي (9 / 68) عن شعبة عن أبي العنبس عن أبي
الشعثاء عن ابن عباس قال:
" جل رسول الله (ص) في فداء الأسارى أهل الجاهلية أربعمائة ".
واللفظ للبيهقي وزاد أبو داود: " يوم بدر ". وهي عند النسائي أيضا
وقال الحكم:
صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي.
قلت: بل إسناده ضعيف، لان أبا العنبس هذا لا يعرف، ولم يوثقه
أحد، قال ابن أبي حاتم (4 / 2 / 419):
" سمعت أبي لا يسمى، فقلت: ما حاله؟ قال: شيخ. وكذا قال أبو
زرعة: لا يعرف اسمه. وكذا قال ابن معين ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" مقبول ". يعني عند المتابعة، ولم أعرف له متابعا فيما رواه من العدد،
بل قد خولف فيه من بعض الثقات عن ابن عباس نفسه، فقال الطبراني في
" المعجم الكبير " (3 / 149 / 2): حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد
الرزاق عن معمر عن قتادة قال: وأخبرنيه عثمان الجزري عن مقسم عن ابن
عباس قال:
" فادى النبي أسارى بدر، وكان فداء كل واحد منهم أربعة آلاف،
وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الغداء، قام إليه علي بن أبي طالب فقتله صبرا،
فقال: من للصبية يا محمد؟ قال النار ".
قلت: وهذا اسناد لا بأس به في الشواهد، وقول الهيثمي في " المجمع "
44

(6 / 89) بعدما عزاه الأوسط الطبراني أيضا:
" ورجاله رجال الصحيح ".
ليس بصحيح، لأن عثمان الجزري وهو ابن عمرو بن ساج ليس منهم
وفيه ضعف كما في " التقريب ".
وأما أصل القصة، فله شواهد كثيرة أذكر بعضها:
الأول: عن عمر بن الخطاب قال:
" لما كان يوم بدر، نظر رسول الله (ص) إلى المشركين، وهم ألف، وأصحابه
ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله (ص) القبلة، ثم مد يديه، فجعل
يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك
هذه العصابة من أهل الاسلام، لا تعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه مادا يديه يديه
مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فاخذ رداءه،
فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك،
فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم، فاستجاب
لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس
قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ
سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى
المشرك أمامه، فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه
كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري، فحدث بذلك رسول الله
(ص)، فقال: صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة.
فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين، قال أبو زميل قال ابن عباس:
فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله (ص) لأبي بكر وعمر: ما ترون في
هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله هم بنو العم والعشرة، وأرى أن
نأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام
فقال رسول الله (ص): ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله ما
أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا
45

من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان (نسيبا لعمر) فأضرب عنقه، فإن
هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله (ص) ما قال أبو بكر، ولم يهو ما
قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله (ص) وأبو بكر قاعدين يبكيان،
قلت: يا رسول الله أخبرني من أي شئ تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت
بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله (ص): أبكي
للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض على عذابهم أدنى
من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله (ص)، وأنزل الله عز وجل (ما كان
لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) إلى قوله (فكلوا مما غنمتم حلالا
طيبا)، فأحل الله الغنيمة لهم ". زاد في رواية:
" فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر، من اخذهم
الفداء، فقتل منهم سبعون، وفر أصحاب النبي (ص) عن النبي (ص)، وكسرت
رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، وأنزل الله
تعالى: (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها) الآية، بأخذكم الفداء ".
أخرجه مسلم (5 / 56 1 - 58 1). والسياق له، والبيهقي (9 / 67 -
68) وأحمد (1 / 30 - 31 و 32 - 33) والزيادة له من طريق عكرمة بن عمار:
حدثني أبو زميل سماك الحنفي: حدثني عبد الله بن عباس، قال: حدثني عمر
بن الخطاب.
قلت: وعكرمة بن عمار، وإن احتج به مسلم، ففيه كلام كثير، تجده في
الميزان " و " التهذيب "، وقد لخص ذلك الحافظ بقوله في " التقريب ":
" صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن
له كتاب ". وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:
" وثقة ابن معين، وضعفه أحمد "
والحديث عزاه الحافظ في " التلخيص " (4 / 109) لأحمد والحاكم فقط!
الثاني: عن ابن عمر قال:
.

(1) ولبعضه طريق أخرى عن ابن عباس عند الطبراني في الكبير " (3 / 142 / 1).
46

" استشار رسول الله (ص) في الأسارى أبا بكر؟ فقال: قومك وعشيرتك،
فخل سبيلهم، فاستشار عمر، فقال: اقتلهم، قال: ففداهم رسول الله
(ص)، فأنزل الله عز وجل (ما كان لنبي أن يكون له أسرى...)، قال: فلقي
النبي (ص) عمر قال: كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء ".
أخرجه الحاكم (2 / 329) وقال:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي وزاد عليه فقال:
" قلت على شرط مسلم ".
وهو كما قال لولا أن فيه إبراهيم بن مهاجر، قال الحافظ:
" صدوق لين الحفظ ".
الثالث: عن أنس والحسن قال:
" استشار رسول الله (ص) الناس في الأسارى يوم بدر، فقال: إن الله قد
أمكنكم منهم، فقام عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله اضرب، أعناقهم،
فأعرض عنه النبي (ص)، قال: ثم عاد النبي (ص) فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو
بكر، فقال: يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء، قال:
فذهب عن وجه رسول الله (ص) ما كان فيه من الغم، قال: فعفا عنهم، وقبل
منهم الفداء، قال: وأنزل الله عز وجل (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما
أخذتم) إلى آخر الآية ".
أخرجه أحمد (3 / 243): ثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس وذكر
رجلا عن الحسن.
قلت: وعلي هذا ضعيف لكثرة خطئه واصراره عليه إذا بين له الصواب.
الرابع: عن عبد الله وهو ابن مسعود قال:
لما كان يوم بدر قال لهم: ما تقولون في هؤلاء الأسارى؟ فقال عبد الله
ابن رواحة: إيت في واد كثير الحطب، فاضرم نارا، ثم ألقهم فيها، فقال
العباس رض الله عنه: قطع الله رحمك، فقال عمر: (فذكر ما تقدم عنه وكذا
47

قول أبي بكر بنحو ذلك) فقالت طائفة: القول ما قال عمر: فخرج رسول
الله (ص)، فقال: ما تقولون في هؤلاء: إن مثل هؤلاء كمثل أخوة لهم كانوا من
قبل، (قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) وقال موسى (ربنا
أطمس على أموالهم وأشدد على قلوبهم) الآية. وقال إبراهيم (فمن تبعني،
فإنه مني، ومن عصاني فإنك غفور رحيم) وقال عيسى (إن تعذبهم، فإنهم
عبادك، وإن تغفر لهم، فإنك أنت العزيز الحكيم) وأنتم قوم فيكم غيلة، فلا
ينقلبن أحد منكم إلا بفداء، أو بضرب عنق، قال عبد الله: فقلت إلا سهيل
ابن بيضاء، فإنه لا يقتل، وقد سمعته يتكلم بالإسلام، فسكت، فما كان يوم
أخوف عندي أن يلقى علي حجارة من السماء يومي ذلك حتى قال رسول
الله (ص) إلا سهيل بن بيضاء ".
أخرجه الحاكم (3 / 21 - 22) وأحمد (1 / 383 - 384) وأبو يعلى
(251 / 2) عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه. وقال الحاكم:
" صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي.
قلت: بل منقطع، أبو عبيدة، لم يسمع من أبيه كما قال الهيثمي
(6 / 87) وغيره.
الخامس: عن أنس أيضا.
" أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله (ص)، فقالوا: يا رسول الله
ائذن فلنترك لابن أختنا عباس فداءه، فقال: لا تدعون منه درهما ".
أ خرجه البخاري (2 / 260).
السادس: عن علي قال:
" جاء جبريل إلى النبي (ص) يوم بدر، فقال: خير أصحابك في الأسارى،
إن شاؤوا القتل، وإن شاؤوا الفدى، على أن عاما قابل يقتل مثلهم منهم،
فقالوا: الفداء ويقتل منا ".
أ خرجه النسائي في " الكبرى " (ق 47 / 1) والترمذي (1 / 297) وابن
48

حبان (1694) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن شعبان عن هشام عن
ابن سيرين عن عبيدة عنه. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة ".
قلت: هو ثقة متقن من رجال الشيخين، وكذا سائر الرواة فالسند
صحيح، ولا أدري لم اقتصر الترمذي على تحسينه؟ على أنه لم يتفرد به، فقد
تابعه أزهر عن ابن عون عن محمد به. وزاد في آخره:
" فكان آخر السبعين ثابت بن قيس قتل يوم اليمامة ".
أخرجه البيهقي (9 / 68) والحاكم (3 / 140) وقال:
" صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي.
قلت: لكن ذكر الترمذي أن ابن عون رواه عن ابن سيرين عن عبيدة عن
النبي (ص) مرسلا. فكأنه اختلف عليه في إسناده، فرواه عنه أزهر وهو ابن سعد
السمان وهو ثقة هكذا موصولا، ورواه عنه غيره مرسلا. على ما ذكر الترمذي.
والله أعلم.
1219 - (روى " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كتب إلى
أمراء الأنصار ينهاهم عنه، يعني بيع المسترق الكافر لكافر ") ص 289
لم أقف على سنده الآن. وقد ذكر البيهقي في الباب أحاديث على خلاف
هذا الأثر، ونقل عن الإمام الشافعي تأييدها بالنظر، فليراجعها من شاء
(9 / 128 - 129).
1220 - (حديث " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه،
أو. ينصرانه، أو يمجسانه ". رواه مسلم ص 289
صحيح. أخرجه البخاري (1 / 341 و 348 و 3 / 308) ومسلم
(8 / 53) والطيالسي (2359) وأحمد (2 / 393) من طريق أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): فذكره واللفظ للبخاري
والطيالسي وزادا واللفظ لهذا:
49

" ألم تروا إلى البهيمة، تنتج البهيمة، فما ترون فيها من جدعاء ".
طريق ثانية عنه: عن همام بن منبه عنه مرفوعا بلفظ:
" ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه كما تنتجون
البهيمة، هل تجدون فيها من جدعاء، حتى تكونوا أنتم تجدعونها، قالوا: يا
رسول الله، أفرأيت من يموت، وهو صغير، قال الله أعلم بما كانوا عاملين ".
أخرجه البخاري (4 / 252) واللفظ له، ومسلم.
طريق ثالثة: عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:
" ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه،
فقال رجل يا رسول الله (ص): أرأيت... " الحديث.
أخرجه مسلم والترمذي (2 / 20) والطيالسي (2433) وأحمد (2 / 410
و 481) وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
طريق رابعة: عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعا بلفظ:
" ما من مولود... " الحديث مثل رواية أبي صالح إلا أنه قال:
"... ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من
جدعاء، ثم يقول أبو هريرة: واقرؤوا إن شئتم (فطرة الله التي فطر الناس
عليها، لا تبديل لخلق الله) الآية ".
أخرجه مسلم وأحمد (2 / 333 و 275).
طريق خامسة: عن العلاء عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ:
" كل انسان تلده أمه على الفطرة، وأبواه بعد يهودانه، وينصرانه
ويمجسانه، فإن كانا مسلمين، فمسلم. كل انسان تلده أمه يلكزه الشيطان في
50

حضنيه إلا مريم وابنها ".
أخرجه مسلم (8 / 53 - 54).
طريق سادسة: عن الأعرج عنه مرفوعا مثل لفظ الطريق الثانية.
أخرجه مالك (1 / 241 / 52) وعنه أبو داود (4714).
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وله شاهدان:
أحدهما: عن الأسود بن سريع أن رسول الله (ص) قال:
" والذي نفس محمد بيده ما من نسمة تولد، إلا على الفطرة، حتى يعرب
عنها بلسانها ".
أخرجه ابن حبان (1658) وأحمد (3 / 435) والبيهقي (9 / 130) عن
الحسن عنه.
والآخر: وعن أي جعفر عن الربيع بن أنس عن الحسن عن جابر بن
عبد الله قال: قال رسول الله (ص) مثل الذي قبله، وزاد:
" إما شاكرا، وإما كفورا ".
أخرجه أحمد (3 / 353). (فصل)
1221 - (حديث: إن الرسول (ص) - قال يوم حنين: من قتل رجلا
فله سلبه. فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم ". رواه
أحمد وأبو داود). ص 290
صحيح. أخرجه أبو داود (2718) وكذا الدارمي (2 / 229) وابن
51

حبان (1671) والطحاوي (2 / 130) وا لحاكم (3 / 130 و 3 / 353) والطيالسي
(2079) وأحمد (3 / 114 و 123 و 190 و 279) من طريق حماد بن سلمة عن
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك به. ولفظ أبي داود
والدارمي " كافرا " بدل " رجلا " وهو رواية لأحمد.
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، كما قال الحاكم، ووافقه
الذهبي.
وتابعه أبو أيوب الأفريقي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة بلفظ:
" من تفرد بدم رجل فقتله، فله سلبه. قال: فجاء أبو طلحة بسلب
أحد وعشرين رجلا ".
أخرجه أحمد (3 / 198).
قلت: وأبو أيوب اسمه عبد الله بن علي وهو صدوق يخطئ، فالعمدة
على رواية حماد بن سلمة.
وله شاهد من حديث أبي قتادة بن ربعي قال:
" خرجنا مع رسول الله (ص) عام حنين، فلما التقينا، كانت للمسلمين جولة
قال: فرأيت رجلا من المشركين، قد علا رجلا من المسلمين، قال: فاستدرت
له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل علي، فضمني
ضمة، وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت، فأرسلني، قال: فلقيت
عمر بن الخطاب، فقلت: ما بال الناس؟ فقال: أمر الله، ثم إن الناس
رجعوا، فقال رسول الله (ص): " من قتل قتيلا له عليه بينة، فله سلبه " قال:
فقمت، ثم قلت: من يشهد لي، ثم جلست، ثم قال ذلك الثالثة، فقمت،
فقال رسول الله (ص): مالك يا أبا قتادة؟ قال: فاقتصصت عليه القصة، فقال
رجل من القوم، صدق، يا رسول الله، وسلب ذلك القتيل عندي، فأرضه عنه
يا رسول الله، فقال أبو بكر: لا، هاء الله، إذا لا يعمد إلى أسد من أسد
الله، يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه، فقال رسول الله (ص): صدق،
فأعطه إياه، فأعطانيه، فبعت الدرع، فاشتريت به مخرفا في بني سلمة، فإنه
52

لأول مال تأثلته في الاسلام ".
أخرجه مالك (2 / 454 / 18) وعنه البخاري (2 / 287) ومسلم
(5 / 148) وأبو داود (2717) وصححه والطحاوي (1 / 130) وابن الجارود
(1076) والبيهقي (9 / 50) عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن
أبي محمد مولى أبي قتادة عنه.
وتابعه سفيان بن عينية عن يحيى بن سعيد به مختصرا جدا.
أخرجه الدارمي (2 / 229) وابن ماجة (2837).
وله طريق آخر عن أبي قتادة به مختصرا، وزاد:
"... سلبه ودرعه، فباعه بخمس أواق ".
أخرجه أحمد (5 / 307) من طريق ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر
عن عبد الرحمن الأعرج عنه.
قلت: وابن لهيعة سئ الحفظ، فلا يحتج بزيادته. ثم رأيته عند
الطحاوي من طريق عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة. وحديثه عنه صحيح.
والله أعلم.
وله طريق أخرى عنه نحو الطريق الأولى يرويهما ابن إسحاق بلفظ:
" رأيت رجلين يقتتلان: مسلم ومشرك، وإذا رجل من المشركين يريد أن
يعين صاحبه المشرك على المسلم، فأتيته فضربت يده فقطعتها، واعتنقني بيده
الأخرى، فوالله ما أرسلني حتى وجدت ريح الموت، فلولا أن الدم نزفه
لقتلني، فسقط فضربته فقتلته، وأجهضني عنه القتال، ومر به رجل من أهل
مكة فسلبه، فلما فرغنا ووضعت الحرب أوزارها، قال رسول الله (ص): من قتل
قتيلا فسلبه له... الحديث.
أخرجه أحمد (5 / 306).
قلت: وإسناده حسن.
53

وعلقه البخاري (3 / 149) من طريق الليث: حدثني يحيى بن سعيد عن
عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة به نحو حديث ابن إسحاق،
وزاد:
" وانهزم المسلمون، وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس،
فقلت له: ما شأن الناس؟ قال: أمر الله... " الحديث.
1222 - (حديث سلمة بن الأكوع وفيه " قال: ثم تقدمت حتى
أخذت بخطام الجمل فأنخته، فضربت رأس الرجل فندر ثم جئت بالجمل
أقوده عليه رحله وسلاحه، فاستقبلني رسول الله (ص) والناس معه فقال:
من قتل الرجل؟ فقالوا: ابن الأكوع. قال: له سلبه أجمع ". متفق
عليه).
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 150) وكذا أبو داود (2654) والطحاوي
(2 / 130 - 131) وأحمد (4 / 49 و 51) من طريق عكرمة بن عمار قال: ثنا
إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال:
" غزونا مع رسول الله (ص) هوازن وغطفان، فبينما نحن كذلك إذ جاء رجل
على جمل أحمر، فانتزع شيئا من حقب البعير، فقيد به البعير، ثم جاء يمشي حتى
قعد معنا يتغدى، قال: فنظر في القوم، فإذا ظهرهم فيه قلة، وأكثرهم
مشاة، فلما نظر إلى القوم خرج يعدو، فأتى بعيره، فقعد عليه، قال: فخرج
يركضه، وهو طليعة للكفار فاتبعه رجل منا من أسلم على ناقة له ورقاء، قال
إياس: قال أبي: فاتبعته أعدو على رجلي، قال: (فأدركته)، ورأس الناقة عند
ورك الجمل، قال: ولحقته فكنت عند ورك الناقة، وتقدمت حتى كنت عند
ورك الجمل، ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل، فقلت له، أخ، فلما
وضع الجمل ركبتيه إلى الأرض اخترطت سيفي، فضربت رأسه، فندر، ثم
جئت براحلته أقودها، فاستقبلني رسول الله (ص) مع الناس، قال: من قتل
الرجل؟ فقالوا: " الحديث وسياقه لأحمد، فكان اللائق بالمصنف أن يعزوه
54

إليه.
وأما لفظ البخاري، فهو أبعد عن هذا بكثير، لأنه عنده (2 / 360) من
طريق أبي العميس عن إياس بن سلمة به بلفظ:
" أتى النبي (ص) عين من المشركين، وهو في سفر، فجلس عند أصحابه،
يحدث، ثم انفتل، فقال النبي (ص): اطلبوه واقتلوه، فقتله، فنفله سلبه ".
وأخرجه أبو داود (2653) والنسائي في " الكبرى " (35 / 1) والطحاوي
(2 / 131) والبيهقي (9 / 147) وأحمد (4 / 50 - 51).
وأخرجه ابن ماجة (2836) من الطريقين معا عن إياس به مختصرا بلفظ:
" بارزت رجلا، فقتلته، فنفلني رسول الله سلبه ".
وأورده البوصيري في " زوائد سنن ابن ماجة " (ق 176 / 1) وقال:
" هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، واسم أبي العميس عتبة بن
عبد الله "!
فخفي عليه أنه على شرط كل من الشيخين، وأنهما أخرجاه بأتم منه!
ولولا ذاك لما أورده.
1223 - (روى عوف بن مالك وخالد بن الوليد أن رسول الله (ص)
قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب) رواه. أبو داود.
صحيح. أخرجه أبو داود (2721) والطحاوي (2 / 130) عن
إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن
أبيه عنهما به.
قلت: وهذا إسناد صحيح شامي، وقد تابعه أبو المغيرة قال: ثنا صفوان
ابن عمرو به.
أخرجه ابن الجارود (1077)، وأخرجه أحمد (26 / 6): ثنا أبو المغيرة
به مطولا، ولفظه عنده عن عوف بن مالك الأشجعي قال:
55

" غزونا غزوة إلى طرف الشام، فأمر علينا خالد بن الوليد، قال: فانضم
إلينا رجل من أمداد حمير، فأوى إلى رحلنا ليس معه شئ، إلا سيف، ليس
معه سلاح غيره، فنحر رجل من المسلمين جزورا، فلم يزل يحتل، حتى أخذ
من جلده كهيئة المجن، حتى بسطه على الأرض، ثم وقد عليه حتى جف،
فجعل له ممسكا، كهيئة الترس، فقضى أن لقينا عدونا، فيهم أخلاط من الروم
والعرب من قضاعة، فقاتلونا قتالا شديدا، وفي القوم رجل من الروم على فرس
له أشقر، وسرج مذهب، ومنطقة ملطخة ذهبا، وسيف مثل ذلك فجعل يحمل
على القوم، ويغري بهم، فلم يزل ذلك المددي يحتال لذلك الرومي حتى
مر به، فاستقفاه فضرب عرقوب فرسه بالسيف فوقع، ثم أتبعه ضربا بالسيف
حتى قتله، فلما فتح الله الفتح، أقبل يسأل للسلب، وقد شهد له الناس بأنه
قاتله، فأعطاه خالد بعض سلبه، وأمسك سائره، فلما رجع إلى رحل عوف،
ذكره، فقال له عوف: إرجع إليه فليعطك ما بقي فرجع إليه، فأبى عليه،
فمشى عوف حتى أتى خالدا، فقال: أما تعلم أن رسول الله (ص) قضى بالسلب
للقاتل؟ قال: بلى، قال: فما يمنعك أن تدفع إليه سلب قتيله؟ قال خالد:
استكثرته له، قال عوف: لئن رأيت وجه رسول الله (ص)، لأذكرن ذلك له،
فلما قدم المدينة، بعثه عوف، فاستعدى إلى النبي (ص)، فدعا خالدا، وعوف
قاعد، فقال رسول الله (ص): ما يمنعك يا خالد أن تدفع إلى هذا سلب قتيله؟
قال: استكثرته له يا رسول الله، فقال: ادفعه إليه، قال: فمر بعوف، فجر
عوف بردائه، فقال: ليجزي لك ما ذكرت من رسول الله (ص)، فسمعه رسول
الله (ص) فاستغضب، فقال: لا تعطه يا خالد! هل أنتم تاركي أمرائي؟ إنما
مثلكم ومثلهم، كمثل رجل اشترى إبلا وغنما، فدعاها، ثم تخير سقيها،
فأوردها حوضا، فشرعت فيه، فشربت صفوة الماء، وتركت كدره، فصفوة
أمرهم لكم، وكدره عليهم ".
وقد توبع على هذا السياق والتمام، فقال أحمد (6 / 27 - 28): ثنا الوليد
ابن مسلم قال: حدثني صفوان بن مسلم به. قال الوليد: سألت ثورا عن هذا
الحديث؟ فحدثني عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك
الأشجعي نحوه.
56

وأخرجه أبو داود (2719) من طريق أحمد، وعنه البيهقي (6 / 310)
وأخرجه مسلم (5 / 149) من طريق أخرى عن الوليد به، وفيه:
" قال عوف: فقلت يا خالد أما علمت أن رسول الله (ص) قضى بالسلب
للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته ".
وليس عنده: " قال الوليد: سألت ثورا... ".
وأخرجه أيضا من طريق معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير به،
أخصر منه.
(تنبيه): مما نقلته عن مسلم يتبين صواب قول الحافظ في " التلخيص "
(3 / 105) بعد أن عزى حديث الكتاب لأحمد وأبي داود وابن حبان
والطبراني:
" وهو ثابت في " صحيح مسلم " في حديث طويل، فيه قصة لعوف بن
مالك مع خالد بن الوليد ".
وأن رد الشوكاني عليه بأنه ليس في صحيح مسلم خطأ منه، وإن أقره
عليه المعلق على " المنتقى " لابن الجارود.
1224 - (وبارز البراء مرزبان الزارة فقتله فبلغ سواره ومنطقته
ثلاثين ألفا فخمسه عمر ودفعه إليه، رواه سعيد).
صحيح. أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 132): حدثنا
يونس قال: ثنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين عن أنس بن مالك.
" أن البراء بن مالك أخا أنس بن مالك بارز مرزبان الزارة (1) فطعنه

(1) الأصل " الضرارة "، وعلى الهامش " نسخة: الغزارة " والصواب ما أثبتنا ففي " معجم
البلدان ": والزارة بلدة كبيرة بالبحرين، ومنها مرزبان الزارة، وله ذكر في الفتوح، وفتحت الزارة
في سنة (12) في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه وصالحوا ".
57

طعنة، فكسر القربوس (1) وخلصت إليه، فقتله، فقوم سلبه ثلاثين ألفا، فلما
صلينا الصبح، غدا علينا عمر، فقال لأبي طلحة: إنا كنا لا نخمس
الأسلاب، وإن سلب البراء قد بلغ مالا، ولا أرانا إلا خامسيه، فقومناه ثلاثين
ألفا، فدفعنا إلى عمر ستة آلاف ".
قلت: وهذا سند صحيح.
وأخرجه البيهقي (6 / 311) من طريق حماد بن زيد عن أيوب به. إلا أنه
قال:
" فدق صلبه، وأخذ سواريه، وأخذ منطقته.. " وفيه:
" فقيل لمحمد: فخمسه؟ فقال: لا أدري ".
وأخرجه من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عنه بلفظ:
" أن أول سلب خمس في الاسلام سلب البراء بن مالك، كان حمل على
المرزبان فطعنه، فقتله، وتفرق عنه أصحابه، فنزل إليه، فأخذ منطقته
وسواريه، فلما قدم، مشى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى أتى أبا طلحة
الأنصاري... " فذكره مثل رواية الطحاوي، دون قوله في آخرها: " فدفعنا
إلى عمر ستة آلاف ".
وسنده صحيح أيضا.
ثم رواه من طريق قتادة عن أنس به نحوه وفيه:
" فنفله السلاح، وقوم المنطقة ثلاثين ألفا، فخمسها، وقال: إنها
مال ".
وإسناده لا بأس به.
1225 - (أن النبي (ص) قسم الغنائم كذلك " يعني فأعطى
الغانمين أربعة أخماسها ") ص 291

(1) هو حنو السرج وهو قسمه المقوس المرتفع من قدام المقعد، ومن مؤخرة ".
58

صحيح مشهور. وفيه أحاديث.
الأول: عن ابن عمر قال: رأيت المغانم تجزأ خمسة أجزاء، ثم يسهم
عليها، فما كان لرسول الله (ص)، فهو له يتخير.
أخرجه الطحاوي (2 / 165) وأحمد (2 / 71) عن ابن لهيعة ثنا عبيد الله
ابن أبي جعفر عن نافع عنه.
قلت: وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، فإن رجاله كلهم
ثقات، لولا ما في ابن لهيعة من الكلام بسبب سوء حفظه، ومع ذلك، فبعضهم
يحسن حديثه، قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 340):
" رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وحديثه حسن، وبقية
رجاله ثقات ".
قلت: وقد رواه نعيم بن حماد قال: ثنا ابن المبارك قال أخبرنا ابن لهيعة
به
وعبد الله بن المبارك قديم السماع من ابن لهيعة، ولذلك صحح بعض
الأئمة حديثه وسائر العبادة المعروفة عنه، فإذا كان نعيم قد حفظه عن ابن
المبارك فالسند صحيح. والله أعلم.
الثاني: عن ابن عباس قال:
" كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس، فأربعة منها لمن قاتل عليها،
وخمس واحد يقسم على أربعة، فربع لله ولرسوله ولذي القربى، يعني قرابة
النبي (ص)، فما كان لله وللرسول، فهو لقرابة النبي (ص)، ولم يأخذ النبي
(ص) من الخمس شيئا، والربع الثاني لليتامى، والربع الثالث للمساكين،
والربع الرابع لابن السبيل، وهو الضعيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين ".
أخرجه الطحاوي (2 / 162) عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن
صالح عنه علي ابن أبي طلحة عنه. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في " سننه "
(6 / 693) بأتم منه، وسيأتي لفظه قريبا بعد حديث.
59

قلت: وهذا سند ضعيف: عبد الله بن صالح فيه ضعف، وعلي بن أبي
طلحة لم يسمع من ابن عباس.
الثالث: عن رجل من بلقين قال:
" أتيت النبي (ص)، وهو بوادي القرى، فقلت: يا رسول الله لمن
المغنم؟ فقال: لله سهم، ولهؤلاء أربعة أسهم، قلت: فهل أحد أحق بشئ.
من المغنم من أحد؟ قال: لا حتى السهم يأخذه أحدكم من حينه، فليس
بأحق به من أخيه " أخرجه الطحاوي (2 / 177).
قلت: وإسناده صحيح.
1226 - (عن ابن عمر " أن رسول الله (ص) أسهم يوم خيبر
للفارس ثلاثة أسهم، سهمان لفرسه وسهم له " متفق عليه). ص 291
صحيح. أخرجه أحمد (2 / 2، 41) فقال: ثنا أبو معاوية ثنا
عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص) أسهم للرجل وفرسه ثلاثة
أسهم: سهما له، وسهمين لفرسه.
ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (2733). وأخرجه الدارمي
(2 / 225) وابن ماجة (2854) وابن الجارود (1084) والدارقطني
(468) والبيهقي (6 / 325) من طرق أخرى عن أبي معاوية به. ولفظ
الدارمي:
" أن رسول الله (ص) أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل
سهما ".
وتابعه أبو أسامة عن عبيد الله به بلفظ:
" أسهم رسول الله (ص) للفرس سهمين، ولصاحبه سهما ".
أخرجه البخاري (2 / 216) والدارقطني (467) والبيهقي
(9 / 324 - 325).
60

وخالفهما سليم بن أخضر عن عبيد الله فقال:
" قسم في النفل، للفرس سهمين، وللرجل سهما ".
72) أخرجه مسلم (5 / 56 1) والترمذي (1 / 293) وأحمد (2 / 2 6،
وتابعه ابن نمير: حدثنا عبيد الله به. أخرجه مسلم وأحمد (2 / 143)
وتابعه سفيان الثوري عنه. أخرجه أحمد (2 / 80، 152): ثنا عبد
الرزاق: أنا سفيان به.
لكن رواه أبو حنيفة فقال: ثنا سفيان به، فخالفه في اللفظ فقال:
"... للرجل سهم، وللفرس سهمان ".
أخرجه البيهقي، ولم يسق رواية عبد الرزاق، فكأنه لم تقع له، ثم قال
عقب رواية آبي معاوية وأبي أسامة عن عبيد الله:
" والصحيح رواية الجماعة عنهما وعن غيرهما عن عبيد الله كما ذكرنا ".
قلت: ويؤيد ذلك رواية زائدة عن عبيد الله به بلفظ:
" قسم رسول الله (ص) " يوم خيبر للفرس سهمين، وللرجال سهما.
قال: فسره نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن
له فرس فله سهم ". أخرجه البخاري (3 / 114)
وأخرجه الدارقطني (468 - 470) من طرق أخرى عن عبيد الله به على
الخلاف المذكور، ورجح ما رجحه البيهقي.
وتابعه عبد الله بن عمر المكبر أخو عبيد الله، واختلف عليه في لفظه أيضا
كما اختلف على أخيه.
أخرجه أحمد (2 / 2) والدارقطني والبيهقي.
وما رجحاه من اللفظ هو المتعين، لأن له شواهد كثيرة عن جماعة من
الصحابة، أذكر بعضهم.
61

الأول: عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقول:
" ضرب رسول الله (ص) عام خيبر للزبير بن العوام أربعة أسهم: سهما
للزبير، وسهما لذي القربى لصفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وسهمين
للفرس ".
أ خرجه النسائي (2 / 122) والطحاوي (2 / 167) والدارقطني
(471) والبيهقي (6 / 326) عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن
جده.
قلت: وهذا سند صحيح.
الثاني: عن الزبير نفسه.
" أن النبي (ص) " أعطى الزبير سهما وأمه سهما، وفرسه سهمين،
أخرجه أحمد (1 / 166).
وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
الثالث: عن أبي عمرة عن أبيه قال:
" أتينا رسول الله (ص) ونحن أربعة نفر، ومعنا فرس، فأعطى كل
انسان منا سهما، وأعطى الفرس سهمين ".
أخرجه أحمد (4 / 138) وعنه أبو داود (2734) من طريق المسعودي
عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف، أبو عمرة هذا مجهول، والمسعودي كان
اختلط.
وفي رواية عنه عن رجل من آل أبي عمرة عن أبي عمرة بمعناه إلا أنه
قال:
" ثلاثة نفر ". زاد:
" فكان للفارس ثلاثة أسهم ".
62

أخرجه أبو داود (2735).
الرابع: عن ابن عباس. وهو الآتي في الكتاب بعده.
(تنبيه): تبين من تخريجنا لهذا الحديث، أنه ليس عند مسلم باللفظ الذي
أورده المصنف، ولا بمعناه، وإنما هو عند البخاري وحده، فعزوه للمتفق عليه
لا يخفى ما فيه، وقد سبقه إلى مثله الحافظ في " التلخيص " (3 / 106).
1227 - (عن ابن عباس " أن النبي (ص) أعطى الفارس ثلاثة
أسهم وأعطى الراجل سهما " رواه الأثرم).
صحيح. أخرجه البيهقي (6 / 293) عن عبد الله بن صالح حدثني
معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في سورة الأنفال قوله
(يسألونك عن الأنفال، قل الأنفال لله والرسول)، قال: الأنفال المغانم،
كانت لرسول الله (ص) خاصة ليس لأحد منها شئ، ما أصاب سرايا
المسلمين، أتوا به، فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول، فسألوا رسول الله
(ص) " أن يعطيهم منها، قال الله تبارك وتعالى: (يسألونك عن الأنفال، قل
الأنفال) لي جعلتها لرسولي، ليس لكم منها شئ (فاتقوا الله وأصلحوا ذات
بينكم) إلى قوله (إن كنتم مؤمنين) ثم أنزل الله عز وجل (واعلموا أنما غنمتم من
شئ، فأن لله خمسه وللرسول) ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله ولذي القربى،
يعني قرابة النبي (ص) واليتامى والمساكين والمجاهدين في سبيل الله، وجعل
أ ربعة أخماس الغنيمة بين الناس، الناس فيه سواء " للفرس سهمان، ولصاحبه
سهم، وللراجل سهم. كذا وقع في الكتاب " والمجاهدين " وهو غلط، إنما هو
ابن السبيل ".
قلت: وهذا سند ضعيف فيه علتان، سبق بيانهما قبل حديث.
وأورده الهيثمي في " المجمع ". (5 / 340) بنحوه وفي سياقه غرابة،
وقال: " رواه الطبراني، وفيه نهشل بن سعيد وهو متروك ".
قلت: لكن المقدار الذي أورده المصنف منه صحيح، لأنه يشهد له حديث
ابن عمر الذي قبله، وما سقنا في تخريجه من الشواهد.
63

ثم وجدت له طريقا أخرى بلفظ:
" أن رسول الله (ص) أعطى يوم بدر الفرس سهمين والرجل سهما).
قال الهيثمي (5 / 341):
" رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سئ الحفظ ويتقوى
بالمتابعات ".
1228 - (حديث ابن الأقمر (1) قال: " أغارت الخيل على الشام
فأدركت العراب من يومها وأدركت الكودان ضحى الغد، وعلى الخيل
رجل من همدان يقال له: المنذر بن أبي حميضة (2) فقال: لا أجعل التي
أدركت من يومها مثل التي لم تدرك ففصل الخيل فقال عمر: هبلت
الوداعي أمه أمضوها على ما قال!. رواه سعيد).
ضعيف. أخرجه البيهقي (6 / 328) من طريق الأسود بن قيس عن
ابن الأقمر قال: فذكره. وقال:
" قال الشافعي: هذا خبر مرسل، لم يشهد (يعني بن الأقمر) ما حدث
به ".
قلت: ابن الأقمر " هذا لم أعرفه، ثم عرفنا من كلام الشافعي الآتي
ذكره في الذي بعده أن اسمه كلثوم ابن الأقمر، وقد ذكره ابن أبي حاتم
(3 / 2 / 163 / 925) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وفي الميزان: " قال ابن
المديني: مجهول " وأما ابن حبان، فأورده في " الثقات " (1 / 195) وقال:
" أخو علي بن الأقمر، يروي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين،
يروي عنه أهل الكوفة ".

(1) الأصل " أبي الأقمر " وهو خطأ صححته من كتب الرجال.
(2) كذا الأصل، وفي " البيهقي " ابن أبي حمصة " وهلى هامشه: " هامش، صوابه:
" ابن حمصة ".
64

وله شاهد من حديث ابن عباس:
" أن النبي (ص) لم يعط الكودن شيئا، وأعطاه دون سهم العراب في القوة
والجودة، والكودن البرذون البطئ ".
قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 341):
" رواه الطبراني، وفيه أبو بلال الأشعري وهو ضعيف ".
1229 - (عن مكحول أن النبي (ص) أعطى الفرس العربي
سهمين وأعطى الهجين سهما. أخرجه سعيد).
ضعيف. قال الشافعي رحمه الله:
" وقد ذكر عن النبي (ص) أنه فضل العربي على الهجين، وأن عمر فعل
ذلك. قال: ولم يرو ذلك إلا مكحول مرسلا، والمرسل لا تقوم بمثله عندنا
حجة، وكذلك حديث عمر رضي الله عنه، وهو عن كلثوم بن الأقمر مرسل.
أنا حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول، أن
النبي (ص) عرب العربي، وهجن الهجين ".
ذكره البيهقي (6 / 328)، ثم رواه هو بسنده عن حماد بن خالد به مرسلا
وقال:
" هذا هو المحفوظ، مرسل، وقد رواه أحمد بن محمد الجرجاني - سكن
حمص - عن حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن
مكحول، عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة موصولا ".
ثم رواه بسنده عن ابن عدي عن محمد بن عوف ثنا أحمد بن محمد
الجرجاني به فذكره وزاد في متنه:
" للفرس سهمان، وللهجين سهم " وقال ابن عدي:
" هذا لا يوصله غير أحمد، وأحاديثه ليست بمستقيمة، كأنه يغلط
فيها ".
65

قلت: ورواه محمد بن يزيد بن عبد الصمد في " حديثه عن أبي محمد
الجرجاني " (ق 163 - 164) حدثنا أحمد (يعني ابن أبي أحمد الجرجاني)
به.
وكذا رواه أبو القاسم السهمي في " تاريخ جرجان " (25 / 10) عن
شيخه ابن عدي بأسناد آخر له عن أحمد بن أبي أحمد الجرجاني به دون الزيادة.
وابن أبي أحمد، هو نفس ابن محمد الجرجاني كما نص عليه الذهبي،
وضعفه. يقول ابن عدي المتقدم:
" ليس حديثه بمستقيم ".
ثم روى البيهقي من طريق أبي داود في " المراسيل " عن أحمد بن حنبل
عن وكيع عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن خالد بن معدان:
" أسهم رسول الله (ص) للعراب سهمين، وللهجين سهما ".
وقال البيهقي:
" وهو منقطع، لا تقوم به حجة ".
1230 - (روى الأوزاعي أن رسول الله (ص) كان يسهم
للخيل وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه عشرة أفراس).
ص 291 - 292
ضعيف. رواه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش عن
الأوزاعي.
ذكره الحافظ في " التلخيص " (4 / 107) وقال:
" وهو معضل ".
ويعارضه ما في " سنن البيهقي " (6 / 328 - 329):
" وذكر عبد الوهاب الخفاف عن العمري عن أخيه أ ن الزبير وافى بأفراس
66

يوم خيبر، فلم يسهم له إلا لفرس واحد ".
وهو ضعيف أيضا ومنقطع.
1231 - (عن أزهر بن عبد الله (1) أن عمر كتب إلى أبي عبيدة بن
الجراح أن أسهم للفرس سهمين وللفرسين أربعة أسهم ولصاحبهما سهما
فذلك خمسة أسهم. رواه سعيد). ص 292
ضعيف. أزهر بن عبد الله وهو الحرازي الحمصي، تابعي صدوق،
تكلموا فيه للنصب كما في " التقريب "، وفي " التهذيب " أنه روى عن تميم
الداري مرسلا.
قلت: فهو عن عمر منقطع بلا ريب.
1232 - (روى الدارقطني عن بشير بن عمرو بن محصن قال:
أسهم لي رسول الله (ص) لفرسي أربعة أسهم ولي سهما فأخذت خمسة
أسهم ") ص 292
ضعيف. أخرجه الدارقطني سننه (268): نا إبراهيم بن حماد نا
علي بن حرب: حدثني أبي حرب بن محمد: نا محمد بن الحسن عن محمد بن
صالح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبيه عن جده بشير بن عمرو
ابن محصن به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، فيه جماعة من المجاهيل:
1 - عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، أورده ابن أبي حاتم
(2 / 2 / 96) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
2 و 3 - محمد بن صالح ومحمد بن الحسن، لم أعرفهما.

(1) الأصل " عبيد الله " مصغرا، والتصويب في " المغنى " (8 / 407 - 408) وكتب
الرجال، ووقع في " للتلخيص " (3 / 107) " الزهري " بدل " أزهر بن عبد الله "!
67

4 - حرب بن محمد، والد علي بن حرب، أورده ابن أبي حاتم
(1 / 2 / 252) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره في
" الثقات "!
1233 - (قال تميم بن فرع المهري: كنت في الجيش الذي فتحوا
الإسكندرية في المرة الآخرة فلم يقسم لي عمرو شيئا وقال: غلام لم يحتلم،
فسألوا أبا بصرة الغفاري، وعقبة بن عامر فقالا: أنظروا فإن كان قد
أشعر فاقسموا له، فنظر إلي بعض القوم فإذا أنا قد أنبت فقسم لي، قال
الجوزجاني، هذا من مشاهير حديث مصر وجيده). ص 292
لم أقف على إسناده. وقد عزاه ابن قدامة في " المغني " (8 / 413)
للجوزجاني بإسناده. ولم يسقه ابن قدامة - على عادته - لننظر فيه. وإنما ذكر
عنه ما نقله المصنف عنه، والله أعلم.
1234 - (عن عمير مولى أبي اللحم قال: " شهدت خيبرا مع
سادتي فكلموا في رسول الله (ص) فأخبر أني مملوك فأمر لي (بشئ) من
خرثي المتاع " رواه أبو داود) ص 293
صحيح. أخرجه أحمد (5 / 223) وعنه أبو داود (2730) والترمذي
(1 / 394) والدارمي (2 / 226) وابن ماجة (2855) وابن الجارود (1087)
وابن حبان (1669) والحاكم (2 / 131) والبيهقي (6 / 332) عن محمد بن زيد
ابن مهاجر بن قنفذ قال: حدثني عمير مولى أبي اللحم قال: فذكره. وقال أبو
داود عقبه:
" معناه أنه لم يسهم له ".
قلت: وجاء ذلك صريحا في رواية ابن ماجة بلفظ:
" فلم يقسم لي من الغنيمة ".
وإسناده حسن، وإسناد الأولين صحيح، وقال الترمذي:
68

" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد. ووافقه
الذهبي.
وقال البيهقي:
" أخرج مسلم بهذا الإسناد حديثا آخر في الزكاة، وهذا المتن أيضا
صحيح على شرطه ".
وهو كما قال البيهقي رحمه الله، وهو مما فات شيخه الحاكم ثم الذهبي
رحمهما الله تعالى.
1235 - (حديث الأسود بن يزيد " أسهم لهم يوم القادسية " يعني
العبيد). ص 293
لم أقف على إسناده، وقد ذكره ابن قدامة (8 / 410 - 411) مصدرا إياه
بقوله:
" روى عن الأسود بن يزيد... ".
1236 - حديث ابن عباس " كان رسول الله (ص) يغزو بالنساء
فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة، فأما بسهم فلم يضرب لهن " رواه
أحمد ومسلم.
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 137) وأحمد (1 / 248 - 249 و 294
و 308 و 352) وكذا أبو داود (2727 و 2728) والترمذي (1 / 294) وابن
الجارود (1085 و 1086) والبيهقي (6 / 332) من طرق عن يزيد بن هرمز
عنه. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله طريق أخرى، يرويه الحجاج عن عطاء عن ابن عباس به نحوه
وزاد:
" وأما العبد فليس له من المغنم نصيب، ولكنهم قد كان يرضخ لهم ".
69

أخرجه أحمد (1 / 224).
قلت: وإسناده ضعيف من أجل الحجاج وهو ابن أرطاة، وهو مدلس.
لكن هذه الزيادة صحيحة، فقد روى معناها مسلم وغيره في بعض
الروايات من الطريق الأولى.
وللحديث طريق ثالث. يرويه ابن أبي ذئب، وقد اختلف عليه في
إسناده، فقال أبو النضر عن القاسم ابن عباس عن ابن عباس قال:
" كان رسول الله (ص) يعطي المرأة والمملوك من الغنائم ما يصيب الجيش ".
أخرجه أحمد (1 / 319): ثنا أبو النضر به.
وقال حسين وهو ابن محمد بن بهرام المروزي: أنا ابن أبي ذئب عن رجل
عن ابن عباس.
" أن النبي (ص) كان يعطي العبد والمرأة من الغنائم ".
أخرجه أحمد أيضا، حدثناه. حسين به.
وقال يزيد وهو ابن هارون: (عن ابن أبي ذئب) عمن سمع ابن عباس
وقال:
دون ما يصيب الجيش ".
أخرجه أحمد أيضا.
قلت: وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، ولجهالة الراوي عن ابن عباس
فإن كان هو القاسم بن عباس كما قال أبو النضر، فهو منقطع لأن القاسم بن
عباس وهو ابن محمد بن معنب المدني لم يرو عن أحد من الصحابة، وجل
روايته عن التابعين أمثال نافع بن جبير بن مطعم وعبد الله بن عمير مولى ابن
عباس وغيرهما.
1237 - (وعنه " كان رسول الله (ص) يعطي المرأة والمملوك من
الغنائم دون ما يصيب الجيش " رواه أحمد).
70

ضعيف بهذا اللفظ، وهو في معنى الذي قبله، أخرجه أحمد بإسناد فيه
اضطراب وانقطاع، كما سبق بيانه آنفا.
1238 - (حديث حشرج بن زياد عن جدته " أن النبي (ص) أسهم
لهن يوم خيبر " رواه أحمد وأبو داود).
ضعيف. أخرجه أبو داود (2729) وأحمد (5 / 271 و 6 / 371)
وكذا البيهقي (6 / 333) عن أبي داود من طريق رافع بن سلمة بن زياد:
حدثني حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه أنها خرجت مع رسول الله (ص) في غزوة
خيبر سادس ست نسوة، فبلغ رسول الله (ص)، فبعث إلينا، فجئنا، فرأينا فيه
الغضب، فقال: مع من خرجتن، وبإذن من خرجتن؟! فقلنا: يا رسول الله
خرجنا نغزل الشعر، ونعين به في سبيل الله، ومعنا دواء الجرحى، نناول
السهام، ونسقي السويق، فقال: " قمن " حتى إذا فتح الله عليه خيبر، أسهم
لنا كما أسهم للرجال، قال: فقلت لها: يا جدة وما كان ذلك؟ قالت:
تمرا ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف رافع بن سلمة، وحشرج بن زياد لا يعرفان كما
قال الذهبي وغيره، ووثقهما ابن حبان.
وروى سعيد بإسناده عن ابن سنبل " أن النبي (ص) ضرب لسهلة بنت
عاصم يوم حنين بسهم، فقال رجل من القوم، أعطيت سهلة مثل سهمي ".
كذا في " المغني " (8 / 411) وسكت عنه! وقد رواه ابن منده من طريق
عبد العزيز بن عمران عن سعيد ابن زياد عن حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن
عوف عن جدته سهلة بنت عاصم قالت:
" ولدت يوم خيبر، فسماني رسول الله (ص) سهلة، وقال: سهل الله
أمركم، فضرب لي بسهم، وتزوجني عبد الرحمن بن عوف يوم ولدت ". ذكره
في " الإصابة ".
قلت: وإسناده ضعيف جدا مسلسل بالعلل:
71

1 - حفص بن عمر هذا، لم أجد له ترجمة، وقد ذكر في شيوخ سعيد بن
زياد.
2 - سعيد بن زياد، هو المكتب المؤذن المدني مولى جهينة، لم يوثقه غير
ابن حبان.
3 - عبد العزيز بن عمران هو المعروف ب‍ (ابن أبي ثابت) من أحفاد
عبد الرحمن بن عوف، قال الحافظ في " التقريب ":
" متروك، احترقت كتبه، فحدث من حفظه، فاشتد غلطه، وكان
عارفا بالأنساب ".
وقد وجدت له طريقا أخرى بلفظ آخر، فقال الطبراني في " الكبر "
(1 / 69 / 1): حدثنا علي بن عبد العزيز عن الحسن بن الربيع الكوفي عن ابن
المبارك عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ثابت بن الحارث
الأنصاري قال:
" قسم رسول الله (ص) يوم خيبر لسهلة بنت عاصم بن عدي، ولابنة لها
ولدت ".
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات، وابن لهيعة إنما يخشى من
سوء حفظه إذا روى عنه غير العبادلة الثلاثة، وهذا من رواية أحدكم، وهو
عبد الله بن المبارك الإمام الحجة.
وخفي هذا على الهيثمي فقال (6 / 7):
" رواه الطبراني، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وحديثه حسن "!
ثم قال:
" وعن زينب امرأة عبد الله الثقفية أن النبي (ص) أعطاها بخيبر خمسين وسقا
تمرا، وعشرين وسقا شعيرا بالمدينة. رواه الطبراني، ورجاله رجال
الصحيح ".
1239 - (خبر: " أسهم أبو موسى يوم غزوة تستر لنسوة معه " على
72

الرضخ). ص 293
لم أقف على سنده. وأورده ابن قدامة أيضا (8 / 411) كما أورده المؤلف
دون تخريج.
1240 - (حديث جبير بن مطعم: " أن النبي (ص) تناول بيده وبرة
من بعير ثم قال: والذي نفسي بيده مالي مما أفاء الله إلا الخمس، والخمس
مردود عليكم ". وعن عمرو بن عبسة وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
نحوه رواهما أحمد وأبو داود). ص 294
صحيح. وقد ورد عن جماعة من أصحاب النبي (ص)، منهم عمرو بن
عبسة، وعبد الله ابن عمر وابن العاص، وعبادة بن الصامت، والعرباض بن
سارية، وخارجة بن عمرو، وجبير بن مطعم فيما ذكر المصنف!
1 - أما حديث عمرو بن عبسة، فقال:
" صلى بنا رسول الله (ص) إلى بعير من المغنم، فلما سلم، أخذ وبرة
من جنب البعير ثم قال: ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس،
والخمس مردود عليكم ".
أخرجه أبو داود (2755) وعنه البيهقي (6 / 339) والحاكم
(3 / 616).
قلت: وإسناده صحيح.
2 - وأما حديث ابن عمرو، فهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده مرفوعا:
" أن رسول الله (ص) أتى بعيرا، فأخذ من سنامه وبرة بين أصبعيه ثم
قال: إنه ليس لي من الفئ شئ، ولا هذه إلا الخمس، والخمس مردود
عليكم ".
73

أخرجه أبو داود (2694) والنسائي (2 / 178) والسياق له، وابن
الجارود (1080) وأحمد (2 / 184) من طريق محمد بن إسحاق عن عمرو،
وقال ابن الجارود: ثنى عمرو بن شعيب به. وكذا رواه البيهقي (6 / 336 -
337).
قلت: وهذا سند حسن.
وقد خالفه عبد الرحمن بن سعيد فقال: عن عمرو بن شعيب أن رسول
الله (ص) فأرسله بل أعضله.
أخرجه مالك (2 / 457 / 22) عن عبد الرحمن به.
وعبد الرحمن بن سعيد هذا لم أجد من ترجمه، لكن شيوخ مالك كلهم
ثقات كما هو معلوم لدى العلماء بالرجال.
3 - وأما حديث عبادة بن الصامت، فله عنه طرق:
الأولى: عن عبد الرحمن بن عباس عن سليمان بن موسى عن مكحول عن
أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي عنه به مثل حديث ابن عبسة.
أخرجه النسائي والحاكم (3 / 49) والبيهقي (6 / 303، 315) وأحمد
(5 / 318، 319) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (7 / 21 / 1).
قلت: وسكت عليه الحاكم والذهبي، وإسناده حسن عندي، وفي عبد
الرحمن وسليمان كلام لا ينزل به حديثهما عن المرتبة التي ذكرنا.
الثانية: عن يعلى بن شداد عن عبادة قال:
" صلى بنا رسول الله (ص) يوم حنين، إلى جنب بعير من المقاسم، ثم
تناول شيئا من البعير، فأخذ منه قردة، يعني وبرة، فجعل بين أصبعيه ثم
قال: يا أيها الناس إن هذا من غنائمكم، أدو الخيط والمخيط، فما فوق ذلك،
فما دون ذلك، فإن الغلول عار على أهله يوم القيامة، وشنار، ونار ".
أخرجه ابن ماجة (2850) عن أبي سنان عيسى بن سنان عن يعلى. قال
البوصيري في " الزوائد " (177 / 1):
74

" هذا إسناد حسن عيسى بن سنان القسملي مختلف فيه ".
الثالثة: عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي سلام الأعرج عن
المقدام بن معدي كرب الكندي أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء
والحارث بن معاوية الكندي، فتذاكروا حديث رسول الله (ص)، فقال أبو
الدرداء لعبادة: يا عبادة كلمات رسول الله (ص) في غزوة كذا وكذا في شأن
الأخماس، فقال عبادة:
" إن رسول الله (ص) صلى بهم في غزوهم إلى بعير من المقسم، فلما
سلم قام رسول الله (ص) فتناول وبرة بين أنملتيه، فقال: إن هذه من
غنائمكم وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم، إلا الخمس، والخمس مردود
عليكم، فأدوا الخيط والمخيط، وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلوا... ".
الحديث.
أخرجه الإمام أحمد (5 / 316)
قلت: وهذا إسناد جيد في المتابعات أبو سلام الأعرج هو ممطور الحبشي
الدمشقي وهو ثقة من رجال مسلم.
وابن أبي مريم ضعيف لاختلاطه، لكن تابعه أبو يزيد غيلان وهو مقبول
كما في " التقريب ".
أخرجه الدولابي في " الكنى " (2 / 163) ووقع في سنده بياض
وتحريف.
4 - وأما حديث العرباض فحدثت به أم حبيبة بنت العرباض عن أبيها:
" أن رسول الله (ص) كان يأخذ الوبرة من قصة من فئ الله عز وجل،
فيقول: مالي من هذا إلا مثل ما لأحدكم إلا الخمس، وهو مردود فيكم، فأدوا
الخيط والمخيط، فما فوقهما، وإياكم والغلول فإنه عار وشنار على صاحبه يوم
القيامة "
أخرجه أحمد (4 / 127 - 128) وكذا البزار والطبراني كما في " المجمع "
75

(5 / 337) وقال:
" وفيه أم حبيبة بنت العرباض، ولم أجد من وثقها ولا جرحها، وبقية
رجاله ثقات ".
5 - وأما حديث خارجة بن عمرو:
فأخرجه الطبراني مختصرا، وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف كما في
" المجمع " (5 / 339) ووقع فيه: " خارجة بن عمر " بضم العين وهو خطأ،
والتصحيح من " الإصابة ". وقد قيل أنه مقلوب، وأن الصواب: " عمرو بن
خارجة ".
6 - وأما حديث جبير بن مطعم الذي ذكره المصنف، فلم أقف عليه حتى
هذه الساعة.
1241 - (حديث إذا أطعم الله نبيا طعمة ثم قبضه فهو للذي
يقوم بها من بعده. رواه أبو بكر عنه).
حسن. أخرجه الإمام أحمد (1 / 4) في " مسنده " وكذا ابنه عبد الله في
زوائده عليه، وأبو يعلى في " مسنده " (316 / 1) من طريق الوليد بن جميع عن
أبي الطفيل قال:
" لما قبض رسول الله (ص)، أرسلت فاطمة إلى أبي بكر: أنت ورثت
رسول الله (ص) أم أهله؟ قال: فقال: بل أهله، قالت: فأين سهم رسول
الله (ص)؟ قال: فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله (ص) يقول:
" إن الله إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه، جعله للذي يقوم من بعده ".
" فرأيت أن أرده على المسلمين، فقالت: فأنت وما سمعت من رسول
الله (ص) ".
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم، غير أن ابن جميع
وهو عبد الله ابن الوليد بن جميع ضعفه بعضهم من قبل حفظه حتى قال الحكم -
76

على تساهله - " لو لم يذكره مسلم في " صحيحه " لكان أولى ". وقال الحافظ في
" التقريب ".
" صدوق، يهم، ورمي بالتشيع ".
والحديث أخرجه أبو داود (2973) من هذا الوجه. وقال الحافظ ابن
كثير في " تاريخه " (5 / 289) بعد أن عزاه إليه وإلى أحمد:
" ففي لفظ هذا الحديث غرابة ونكارة، ولعله روي بمعنى ما فهم بعض
الرواة، وفيهم من فيه تشيع فليعلم ذلك، وأحسن ما فيه قولها: أنت وما
سمعت من رسول الله (ص)، وهذا هو الصواب، والمظنون بها، واللائق
بأمرها وسيادتها وعلمها ودينها رضي الله عنها، وكأنها سألته بعد هذا أن يجعل
زوجها ناظرا على هذه الصدقة، فلم يجبها إلى ذلك لما قدمناه، فعتبت عليه
بسبب ذلك، وهي امرأة من بنات آدم، تأسف كما يأسفون وليست بواجبة
العصمة، مع وجود نص رسول الله (ص) ومخالفة أبي بكر الصديق رضي الله
عنها. وقد روينا عن أبي بكر رضي الله عنه أنه ترضى فاطمة وتلاينها قبل
موتها، فرضيت، رضي الله عنها ".
قلت: وقد وجدت للحديث شاهدا من رواية سعد بن تميم - وكانت له
صحبة قال: قلت:
" يا رسول الله! ما للخليفة من بعدك؟ قال: مثل الذي لي، إذا عدل في
الحكم، وقسط في القسط، ورحم ذا الرحم، فخفف، فمن فعل غير ذلك
فليس مني، ولست منه. يريد الطاعة في الطاعة، والمعصية في المعصية ".
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 2 / 37) وتمام في " الفوائد "
(ق 175 / 1) والسهمي في " تاريخ جرجان " (ص 450 - 451) وابن
عساكر في " تاريخ دمشق " (3 / 238 / 1 و 10 / 24 / 2 و 11 / 37 / 2) من
طرق عن سليمان بن عبد الرحمن ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد الله بن العلاء بن زبر
وغيره أنهما سمعا بلال بن سعد يحدث عن أبيه سعد به. والسياق لتمام.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات.
77

والحديث أورده الهيثمي في " باب فيما للإمام من بيت المال " من " المجمع "
(5 / 231 - 232) دون قوله: " فخفف... " وهي رواية البخاري، ثم
قال:
" رواه الطبراني ورجاله ثقات ".
ثم وجدت له شاهدا آخر قريبا من اللفظ الأول، ولكنه واه، رواه حماد بن
سلمة عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن أم هاني:
(أن فاطمة رضي الله عنها قالت: يا أبا بكر من يرثك إذا مت؟ قال:
ولدي وأهلي، قالت: فما لك ترث النبي (ص) دوني؟ قال: يا ابنة رسول الله
(ص) ما ورثت أباك دارا ولا ذهبا ولا غلاما، قالت: ولا سهم الله عز وجل
الذي جعله لنا وصافيتنا التي بيدك؟ فقال: سمعت رسول الله (ص) يقول:
إنما هي طعمة أطعمينها الله عز وجل، فإذا مت كانت بين المسلمين ".
أ خرجه الطحاوي (2 / 182، 183).
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا آفته الكلبي فإنه كذاب.
1242 - (حديث جبير بن مطعم " لما كان يوم خيبر قسم رسول الله
(ص) سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، فأتيت أنا وعثمان
ابن عفان فقلنا: يا رسول الله: أما بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لمكانك
الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم
وتركتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة؟! فقال: إنهم لم يفارقوني في جاهلية
ولا إسلام، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد وشبك أصابعه، رواه
أحمد والبخاري): ص 294
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 286 / 382 - 383، 3 / 128)
وأحمد (4 / 81، 83، 85) وكذا الشافعي (1160) وأبو داود (2978 -
2980) والنسائي (2 / 178) وابن ماجة (2881) وأبو عبيد في " الأموال "
78

(842) والطحاوي (2 / 166) والطبراني (1 / 79 / 2) والبيهقي
(6 / 341) من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عنه.
واللفظ لرواية ابن إسحاق أخبرني الزهري به مع اختلاف يسير عند
البيهقي وأبي داود والطبراني.
ورواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن الزهري عنه محمد بن جبير بن
مطعم عن أبيه نحوه مختصرا
أخرجه الطبراني (1 / 77 / 1)
وإبراهيم هذا ضعيف.
1243 - (وكان (ص) يعطي منه العباس - وهو غني -
ويعطي صفية). ص 294
صحيح. وهو مركب من حديثين أحدهما في صفية، والاخر في
العباس:
الأول: من حديث عبد الله بن الزبير:
" ضرب رسول الله (ص) عام خيبر للزبير بن العوام أربعة أسهم: سهما
للزبير، وسهما لذي القربى لصفية بنت عبد المطلب... " الحديث
وإسناده صحيح، ومضى تخريجه برقم (1214).
وأما حديث العباس، فلا يحضرني الآن سوى حديث جبير بن مطعم
الذي قبله.
والعباس رضي الله عنه كان موسرا في الجاهلية والإسلام، كما جزم بذلك
غير ما واحد من الحفاظ منهم أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى (2 / 174).
1244 - (حديث " لا يتم بعد احتلام "). ص 295
صحيح. وهو من حديث علي رضي الله عنه، وله عنه طرق ثلاث:
79

الأولى: يرويه يحيى بن محمد المديني ثنا عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي
مريم عن أبيه عن سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن رقيس أنه سمع شيوخا
من بني عمرو بن عوف، ومن خاله عبد الله بن أبي أحمد قال: قال علي بن أبي
طالب:
" حفظت عن رسول الله (ص)... فذكره وزاد:
" ولا صمات يوم إلى الليل ". وفي رواية:
" لا طلاق إلا من بعد نكاح، ولا عتاق إلا من بعد ملك، ولا يتم بعد
احتلام، ولا وفاء لنذر في معصية، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا وصال في
الصيام ".
أخرجه أبو داود (2873) وعنه ابن عسكر في " تاريخ دمشق "
(9 / 257 / 2) والطحاوي في " مشكل الآثار " (1 / 280) بالرواية الثانية
وكذا الطبراني في " الصغير " (ص 53) وقال الهيثمي في " المجمع "
(4 / 334): " ورجاله ثقات "!
وأقول: هذا إسناد ضعيف، فيه ثلاث علل:
1 و 2 - عبد الله بن خالد بن سعيد وأبوه لا يعرفان.
3 - يحيى بن محمد المديني وهو الجاري قال الحافظ:
" صدوق يخطئ ".
الثانية: عن أيوب بن سويد: أخبرني سفيان عن جويبر عن الضحاك
عن النزال عن علي مرفوعا مثل رواية الطحاوي إلا أنه جل مكان النذر قوله:
" ولا رضاع بعد فطام ".
أخرجه الثقفي في " الثقفيات " (3 / 9 / 2).
قلت: وهذا سند ضعيف جدا: جويبر متروك، وأيوب بن سويد
ضعيف، وخولف في إسناده، فرواه عبد الله بن بكر عن سعيد عن جويبر موقوفا
80

على علي رضي الله عنه مقتصرا على الفقرة الأولى منه: " لا طلاق إلا بعد
نكاح ".
أخرجه البيهقي (7 / 320، 461) وقال في الموضع الثاني منهما:
" هذا موقوف، وقد روي مرفوعا ".
ثم ساق من طريق عبد الرزاق: أنا معمر عن جويبر به مرفوعا دون
موضع الشاهد منه: " لا يتم بعد احتلام ".
وقد خالفه في إسناده مطرف بن مازن فقال: عن معمر عن عبد الكريم عن
الضحاك بن مزاحم به، وفيه الشاهد.
أ خرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 172 / 2).
قلت: ومطرف هذا ضعيف كما قال الهيثمي في المجمع " (4 / 262)،
فلا اعتداد بمخالفته.
الطريق الثالثة: يرويه محمد بن عبيد بن ميمون التبان المديني: ثنى أبي
عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عنه أبان بن تغلب عن
إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن علي كرم الله تعالى وجهه، قال: قال
رسول الله (ص):
" لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد احتلام ".
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 198) ومن طريقه الخطيب
في " تاريخ بغداد " (5 / 299) وقال:
" تفرد به محمد بن عبيد ".
قلت: وهو ثقة، لكن أبوه عبيد مجهول كما قال أبو حاتم، وأما ابن
حبان فذكره في " الثقات "! وهو عمدة الهيثمي في قوله (4 / 334):
" رواه الطبراني في " الصغير "، ورجاله ثقات "!
وقد وجدت للحديث طريقا رابعة من رواية ابن عباس عن علي رضي الله
81

عنهما، لكن ليس فيه موضع الشاهد، ولذلك لم أورده هنا، وسأذكره في
" باب تعليق الطلاق " إن شاء الله تعالى تحت رقم (2130).
وقد صح عن ابن عباس موقوفا، وله عنه طريقان.
الأولى: عن الحجاج عن عطاء عنه قال:
" كتب نجدة (الأصل: نجوة) الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل
الصبيان، وعن الخمس لمن هو؟ وعن الصبي متى ينقطع عنه اليتم؟ و...
قال: فكتب إليه ابن عباس... وأما الصبي فينقطع عنه اليتم إذا احتلم. "
أخرجه أحمد (1 / 224).
قلت: ورجاله ثقات، لكن الحجاج وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه،
لكن يقويه الطريق الآتية.
الثانية: عن قيس بن سعد عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن
عباس يسأله... فذكره بنحوه بلفظ:
" إذا احتلم، أو أونس منه خير ".
أخرجه أحمد (1 / 294)
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم وقد أخرجه (5 / 198) بنحوه.
وقد مضى بعضه في الكتاب برقم (1223).
وفي رواية له (1 / 308) من طريق جعفر عن أبيه يزيد به ولفظه:
" ولعمري إن الرجل تنبت لحيته، وهو ضعيف الأخذ لنفسه، فإذا كان
يأخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس، فقد ذهب اليتم ".
قلت: وإسناده حسن.
ووجدت له شاهدا من حديث جابر أن رسول الله (ص) قال:
" لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد احتلام، ولا عتق إلا بعد ملك، ولا
طلاق إلا بعد النكاح، ولا يمين في قطيعة، ولا... "
82

أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1667):
" حدثنا اليمان أبو حذيفة وخارجة بن مصعب، فأما خارجة فحدثنا عن
حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر، وأما اليمان فحدثنا عن أبي عيسى عن
جابر... ".
قلت: وهذان إسنادان ضعيفان عن جابر، وأولهما أشد ضعفا من
الآخر، فإن خارجة بن مصعب متروك، ومثله شيخه حرام بن عثمان.
وأما اليمان أبو حذيفة فضعيف كما في " التقريب ".
وخلاصة القول أن الحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح عندي، وقد
حسن إسناده النووي في " الرياض ".
1245 - (قال عمر رضي الله عنه: " ما من أحد من المسلمين إلا
له في هذا المال نصيب إلا العبيد فليس لهم فيه شئ " وقرأ: (ما أفاء
الله....) حتى بلغ (والذين جاؤوا من بعدهم). فقال: " هذه استوعبت
المسلمين ولئن عشت ليأتين الراعي بسرو حمير نصيبه منها لم يعرق فيها
جبينه "). ص 295
صحيح موقوف. وقد وجدته مفرقا من طريقين عن عمر:
الأولى: عن الزهري عن مالك بن أوس أن عمر رضي الله عنه قال:
" ما من أحد إلا وله في هذا المال حق، أعطيه أو منعه، إلا ما ملكت
أيمانكم ".
أخرجه الشافعي (1159) وعنه البيهقي (6 / 347) وقال:
" هذا هو المعروف عن عمر رضي الله عنه ".
قلت: وإسناده صحيح.
ثم أخرجه البيهقي (6 / 352) من طريق عكرمة بن خالد عن مالك بن
83

أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة ذكرها قال:
" ثم تلا (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) إلى آخر الآية، فقال: هذه
لهؤلاء، ثم تلا (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول) إلى آخر
الآية، ثم قال: هذا لهؤلاء، ثم تلا (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى)
إلى آخر الآية، ثم قرأ (للفقراء المهاجرين) إلى آخر الآية، ثم قال: هؤلاء
المهاجرون، ثم تلا (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم) إلى آخر الآية،
فقال: هؤلاء الأنصار، قال: وقال (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا
اغفر لنا، ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) إلى آخر الآية، قال: فهذه
استوعبت الناس، ولم يبق أحد من المسلمين، إلا وله في هذا المال حق، إلا ما
تملكون من رقيقكم، فإن أعش إن شاء الله، لم يبق أحد من المسلمين، إلا
سيأتيه حقه حتى الراعي ب‍ (سرو حمير) يأتيه حقه، ولم يعرق فيه جبينه ".
قلت: وإسناده صحيح أيضا.
وروى من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أسلم قال:
سمعت عمر رضي الله عنه يقول:
" اجتمعوا لهذا المال، فانظروا لمن ترونه؟ ثم قال لهم: إني أمرتكم أن
تجتمعوا لهذا المال، فتنظروا لمن ترونه، وإني قد قرأت آيات من كتاب الله
سمعت الله يقول: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي
القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم، وما
آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله
ورضوانا، وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) والله ما هو لهؤلاء
وحدهم (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا
يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم) الآية، والله ما هو
لهؤلاء وحدهم، (والذين جاؤوا من بعدهم) الآية، والله ما من أحد من
المسلمين إلا وله حق في هذا المال، أعطي منه أو منع حتى راع ب‍ (عدن) ".
84

قلت: وإسناده حسن.
باب عقد الذمة
1246 - (قول المغيرة: " أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله
وحده أو تؤدوا الجزية " رواه البخاري). ص 297
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 292 - 293) وكذا البيهقي
(9 / 191 - 192) عن بكر بن عبد الله المزني وزياد بن جبير عن جبير بن حبة
قال:
" بعث عمر الناس في أفناء الأمصار، يقاتلون المشركين، فأسلم
الهرمزان، فقال: إني مستشيرك في مغازي هذه، قال: نعم، مثلها ومثل من
فيها من الناس من عدو المسلمين مثل طائر له رأس، وله جناحان، وله
رجلان، فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس، وإن كسر
الجناح الآخر، نهضت الرجلان والرأس، فإن شرخ الرأس ذهب الرجلان
والجناحان والرأس، والرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس،
فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى. قال: فندبنا عمر، واستعمل علينا النعمان
ابن مقرن، حتى إذا كنا بأرض العدو خرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفا،
فقام ترجمان فقال: ليكلمني رجل منكم، فقال المغيرة: سل عم شئت،
فقال: ما أنتم؟ قال نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد، وبلاء شديد،
نمص الجلد والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر والحجر،
فبينما نحن كذلك، إذ بعث رب السماوات ورب الأرضين إلينا نبيا من أنفسنا
نعرف أباه وأمه، فأمرنا نبينا (ص) رسول ربنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده،
أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة في
نعيم لم ير مثلها قط، ومن بقي منا ملك رقابكم (1). فقال النعمان: ربما أشهدك
الله مثلها مع النبي (ص)، فلم يندمك ولم يخزك، ولكني شهدت القتال مع
رسول الله (ص)، كان إذا لم يقاتل في أول النهار، انتظر حتى تهب
الأرواح، وتحضر الصلوات ".
.

(1) هنا اختصار يدل عليه السباق والسياق، فيستدرك من " البيهقي "
85

واللفظ للبخاري، وسياق البيهقي أتم، وقال عقبه:
" وفيه دلالة على أخذ الجزية من المجوس - والله أعلم - فقد كان كسرى
وأصحابه مجوسا ".
قلت: ومثله في الدلالة حديث بريدة الآتي بعده فإن فيه:
" وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال.... فإن
هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم.. "
بل هو أعم في الدلالة فان لفظ " المشركين " يعم الكفار جميعا، سواء كان
لهم شبهة كتاب كالمجوس، أوليس لهم الشبهة كعباد الأوثان، فتأمل.
1247 - (حديث بريدة: " ادعهم إلى أحد خصال ثلاث: ادعهم
إلى الاسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء
الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم،
رواه مسلم). ص 297 - 298.
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 139 - 140) وكذا الشافعي (1139)
وأبو داود (2162 و 2613) والنسائي في " السنن الكبرى " (ق 30 / 1)
والترمذي (1 / 305) والدارمي (2 / 216 - 217) وأبو عبيد في " كتاب
الأموال " (رقم 60) وابن ماجة (2858) والطحاوي في " شرح المعاني "
(2 / 118) وابن الجارود (1042) والبيهقي (9 / 184) وأحمد (5 / 352
و 358) من طريق سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه
قال:
" كان رسول الله (ص) إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته
بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا باسم الله، في سبيل
الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا
تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال، أو
خلال، فأيتهن ما أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى
86

الاسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من
دارهم، إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما
للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم
أنهم يكونوا كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على
المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفئ شئ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين
فإن هم أبوا، فسلهم الجزية، فان هم أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم،
فإن هم أبوا، فاستعن بالله، وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك
أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل
لهم ذمتك، وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم، وذمم أصحابكم
أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك
أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على
حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ ".
وزادوا في آخره جميعا سوى النسائي والترمذي وابن الجارود وأحمد:
" قال (يعني علقمة) فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حيان، فقال:
حدثني مسلم بن هيصم عن النعمان بن مقرن عن النبي (ص) نحوه ".
وتابعه شعبة: حدثني علقمة بن مرثد به بمعنى حديث سفيان.
أخرجه مسلم والطحاوي.
وللحديث شاهد من حديث سلمان الفارسي يرويه عطاء بن السائب عن
أبي البختري عن سلمان:
" أنه انتهى إلى حصن أو مدينة (وفي رواية: حاصر قصرا من قصور
فارس) فقال لأصحابه: دعوني أدعوهم كما رأيت رسول الله (ص) يدعوهم،
فقال: إنما كنت رجلا منكم، فهداني الله للإسلام، فإن أسلمتم، فلكم ما
لنا، وعليكم ما علينا، وإن أنتم أبيتم، فأدوا الجزية، وأنتم صاغرون، فإن
أبيتم نابذناكم على سواء، إن الله لا يحب الخائنين، يفعل ذلك بهم ثلاثة أيام،
فلما كان اليوم الرابع، غدا الناس إليها، ففتحوها ".
87

أخرجه الترمذي (1 / 292) وأبو عبيد في " كتاب الأموال " (رقم 61)
وأحمد (5 / 440 و 441 و 444) وقال الترمذي:
" حديث حسن، ولا نعرفه إلا من حديث عطاء بن السائب، وسمعت
محمدا (يعني البخاري) يقول: أبو البختري لم يدرك سلمان، لأنه لم يدرك
عليا، وسلمان مات قبل علي ".
قلت: وعطاء بن السائب ثقة، لكنه كان اختلط.
1248 - (حديث عبد الرحمن بن عوف: " سنوا بهم سنة أهل
الكتاب "! رواه الشافعي). ص 298
ضعيف. أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 278 / 42) ومن طريقه
الشافعي (1182) وكذا البيهقي (9 / 189) عن جعفر بن محمد بن علي عن
أبيه.
" أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس، فقال: ما أدري كيف أصنع في
أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله (ص)
يقول... " فذكره.
وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2 / 227 / 2): حاتم بن
إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال:
" قال عمر: وهو في مجلس بين القبر والمنبر: ما أدري كيف أصنع
بالمجوس وليسوا بأهل كتاب؟ فقال عبد الرحمن... ".
وأخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15 / 351 / 1) من طريق
أخرى عن محمد بن علي بن الحسن أبي جعفر به، وقال:
" هذا منقطع، محمد لم يدرك عمر ".
قلت: فهو ضعيف بهذا اللفظ، ويغني عنه الحديث الآتي بعده.
ثم وجدت له شاهدا، ولكنه ضعيف، وهو من حديث السائب بن يزيد
88

قال:
" شهدت رسول الله (ص) فيما عهد إلى العلاء حين وجهه إلى اليمن، قال:
ولا يحل لأحد جهل الفرض والسنن، ويحل له ما سوى ذلك، وكتب للعلاء:
أن سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب ".
قال الهيثمي في " المجمع " (6 / 13):
" رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه ".
والحديث قال ابن كثير في " تفسيره " (3 / 80):
" لم يثبت بهذا اللفظ ".
1249 - (حديث أخذ الجزية من مجوس هجر (1). رواه
البخاري). ص 298
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 291) وكذا الشافعي (1184) وأبو
داود (3043) والنسائي في " الكبرى " (54 / 1) والترمذي (1 / 300) والدارمي
(2 / 234) وابن الجارود (1105) والبيهقي (9 / 189) وأحمد (1 / 190
و 194) عن بجالة ابن عبدة قال:
" لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف
أن رسول الله (ص) أخذها من مجوس هجر "!
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
قلت: ويشهد له ما أورده البخاري في الباب عن عمرو بن عوف
الأنصاري.
" أن رسول الله (ص) بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين (2) يأتي
.

(1) بالتحريك اسم بلد معروف ب‍ (البحرين).
(2) أقليم بين البصرة وعمان.
89

بجزيتها وكان رسول الله (ص) هو صالح أهل البحرين، وأمر عليهم العلاء بن
الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي
عبيدة، فوافت صلاة الصبح مع النبي (ص)، فلما صلى بهم الفجر، انصرف،
فتعرضوا له، فتبسم رسول الله (ص) حين رآهم، وقال: أظنكم قد سمعتم أن
أبا عبيدة قد جاء بشئ؟ قالوا: أجل يا رسول الله، قال: فأبشروا وأملوا ما
يسركم، والله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم
الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما
أهلكتهم ".
أ خرجه البخاري (2 / 292) ومسلم (8 / 212) والنسائي في " الكبرى "
(54 / 1) والترمذي (2 / 76) وابن ماجة (3997) والبيهقي (9 / 190 - 191)
وأحمد (4 / 137) وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وفي الباب عن السائب بن يزيد قال:
" أخذ رسول الله الجزية من مجوس البحرين، وأخذها عمر من
فارس، وأخذها عثمان من البربر ".
أخرجه الترمذي (1 / 300) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن
الزهري عن السائب به. وقال:
" وسالت محمدا عن هذا؟ فقال: هو مالك عن الزهري عن النبي (ص) ".
قلت: يعني أن الصواب مرسل ليس فيه السائب. وهو كذلك في
" الموطأ " (1 / 278 / 41).
وروى البيهقي (9 / 192) عن الحسن بن محمد بن علي قال:
" كتب رسول الله (ص) إلى مجوس هجر يعرض عليهم الاسلام، فمن أسلم
قبل منه، ومن أبى ضربت عليه الجزية، على أن لا تؤكل لهم ذبيحة، ولا تنكح
لهم امرأة ". وقال:
90

هذا مرسل، وإجماع أكثر المسلمين عليه " يؤكده، ولا يصح ما روى عن
حذيفة في نكاح مجوسية ".
قلت: ورجال إسناده ثقات.
1250 - (حديث: (لا ضرر ولا ضرار "). ص 298.
تقدم برقم (896)
1251 - (روي " أنه قيل لابن عمر أن راهبا يشتم رسول الله (ص)
فقال: لو سمعته لقتلته، إنا لم نعط الأمان على هذا). ص 298
لم أقف على سنده.
ويغني عنه حديث علي رضي الله عنه:
" أن يهودية كانت تشتم النبي (ص)، وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت،
فأبطل رسول الله (ص) دمها ".
أخرجه أبو داود (4362) وعنه البيهقي (9 / 200).
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ويشهد له حديث ابن عباس:
" أن أعمى كانت له أم ولد، تشثم النبي (ص) وتقع فيه، فينهاها فلا
تنتهي، ويزجرها، فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة، جعلت تقع في
النبي (ص) وتشتمه، فأخذ المغول (سيف قصير) فوضعه في بطنها، واتكأ عليها
فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدم، فلما أصبح، ذكر
ذلك لرسول الله (ص)، فجمع الناس فقال: أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه
حق إلا قام، فقام الأعمى يتخطى رقاب الناس، وهو يتزلزل، حتى قعد بين
يدي النبي (ص)، فقال: يا رسول الله! أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك
فأنهاها، فلا تنتهي، وأزجرها، فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين،
وكانت بي رفيقة، فلما كانت البارحة، جعلت تشتمك، وتقع فيك، فأخذت
91

المغول فوضعته في بطنها، واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبي (ص): ألا
اشهدوا أن دمها هدر ".
أ خرجه أبو داود (4361) والنسائي (2 / 171).
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
1252 - (حديث أنس: " أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لا
فقتله رسول الله (ص) ". متفق عليه). ص 299
صحيح. وله عنه طرق:
الأولى: عن قتادة عنه:
" أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين، قيل: من فعل هذا بك؟
أفلان أفلان؟؟؟ حتى سمي اليهودي، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي،
فاعترف، فأمر النبي (ص) به فرض رأسه بين حجرين ".
أخرجه البخاري (2 / 89 و 186 و 4 / 319) ومسلم (5 / 104) وأبو
داود (4527) والنسائي (2 / 241) والدارمي (2 / 190) وابن ماجة (2665)
والطحاوي (2 / 102) والبيهقي (8 / 28) والطيالسي (1986) وأحمد (3 / 183
و 193 و 262 و 269) من طرق عن قتادة، وصرح بسماعه من أنس عند
البخاري وأحمد في رواية.
وشذ الطيالسي فقال: " أن امرأة أخذت جارية... " فجعل القاتل
امرأة!
الثانية: عن هشام بن زيد عنه قال:
" عدا يهودي في عهد رسول الله (ص) على جارية، فأخذ أوضاحا كانت
عليها، ورضخ رأسها، فأتى بها أهلها رسول الله (ص)، وهي في آخر رمق، وقد
أصمتت، فقال لها رسول الله (ص): من قتلك، فلان؟ لغير الذي قتلها، فأشارت
برأسها أن لا، قال: فقال: فلان، لرجل آخر غير الذي قتلها، فأشارت أن
92

لا، قال: فقال: ففلان؟ لقاتلها، فأشارت أن نعم، فأمر به رسول الله (ص)
فرضخ رأسه بين حجرين ".
أخرجه البخاري (3 / 471 و 4 / 367 و 367 - 368) ومسلم (5 / 103
- 104) وأبو داود (4529) وابن ماجة (2666) والطحاوي (2 / 23) والبيهقي
(8 / 42) وأحمد (3 / 171 و 203) من طرق عن شعبة عن هشام به.
الثالثة: عن أبي قلابة عنه:
" أن رجلا من اليهود، قتل جارية من الأنصار، على حلي لها، ثم ألقاها
في القليب، ورضخ رأسها بالحجارة، فأخذ، فأتى به رسول الله (ص) فأمر به أن
يرجم حتى يموت، فرجم حتى مات ".
أخرجه مسلم وأبو داود (4528) والنسائي (2 / 169).
1253 - (حديث ابن عمر: " أن النبي (ص) أتي بيهوديين قد فجرا
بعد إحصانهما فرجمهما ").
صحيح. وهو من رواية نافع عنه أنه أخبره:
" أن رسول الله (ص) أتي بيهودي ويهودية قد زنيا، فانطلق رسول الله
(ص) حتى جاء يهود، فقال: ما تجدون في التوراة على من زنى؟ قالوا نسود
وجوههما ونحملهما، ونخالف بين وجوههما، ويطاف بهما، قال: فأتوا بالتوراة
إن كنتم صادقين، فجاؤوا بها، فقرؤوها، حتى إذا مروا بآية الرجم، وضع
الفتى الذي يقرأ، يده على آية الرجم، وقرأ ما بين يديها، وما وراءها. فقال له
عبد الله بن سلام، وهو مع رسول الله (ص): مره فليرفع يده، فرفعها، فإذا تحتها
آية الرجم، فأمر بهما رسول الله (ص) فرجما. قال عبد الله: كنت فيمن رجمهما،
فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه ".
أخرجه البخاري (4 / 495) ومسلم (5 / 122) والسياق له وهو أتم،
ومالك (2 / 819 / 1) وعنه أبو داود (4446) والدارمي (2 / 178) والبيهقي
(8 / 246)، وزاد الدارمي:
93

" فرجما قريبا من حيث توضع الجنائز عند المسجد ".
وهي عند البخاري (1 / 334 و 4 / 434) في رواية أخرى مختصرا.
وهي عند الترمذي (1 / 271) وابن ماجة (2556) وابن الجارود (822)
وأحمد (1 / 5 و 7 و 17 و 62 و 63 و 76 و 126) دون الزيادة.
وكذلك رواه مختصرا سالم عن ابن عمر قال:
" شهدت رسول الله (ص) حين امر برجمهما، فلما رجما، رأيته يجانئ بيديه
عنها ليقيها الحجارة ".
أخرجه أحمد (2 / 151) بسند صحيح على شرطهما.
وله طريق ثالثة، يرويه هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه عن ابن
عمر قال:
" أتى نفر من يهود، فدعوا رسول الله (ص) إلى (القف)، فأتاهم في بيت
المدراس (1)، فقالوا يا أبا القاسم إن رجلا منا زنى بامرأة فاحكم، فوضعوا
لرسول الله (ص) وسادة، فجلس عليها، ثم قال: ائتوني بالتوراة، فأتى بها،
فنزع الوسادة من تحته، فوضع التوراة عليها، ثم قال: آمنت بك، وبمن
أنزلك، ثم قال: ائتوني بأعلمكم، فأتى بفتى شاب، ثم ذكر قصة الرجم
نحو حديث مالك عن نافع ".
كذا أخرجه أبو داود (4449).
قلت: وإسناده حسن.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال:
" أتى رسول الله (ص) بيهودي ويهودية، قد زنيا، وقد أحصنا فسألوه أن
يحكم فيهما، فحكم فيهما بالرجم، فرجمهما في قبل المسجد في بني غنم، فلما
وجد مس الحجارة، قام إلى صاحبته فحنى عليها، ليقيها مس الحجارة، وكان

(1) هو المكان الذي يدرسون فيه. و (القف) واد في المدينة.
94

مما صنع الله لرسوله قيامه إليها ليقيها الحجارة ".
أخرجه الحاكم (4 / 365) من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد
ابن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إسماعيل بن إبراهيم الشيباني عنه. وقال:
" هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولعل متوهما من غير أهل الصنعة
يتوهم أن إسماعيل الشيباني هذا مجهول، وليس كذلك، فقد روى عنه عمرو
ابن دينار والأثرم ".
وقال الذهبي: " إسماعيل معروف ".
قلت: ولكنه ليس على شرط مسلم، وأورده ابن أبي حاتم
(1 / 1 / 155) وذكر أنه روى عنه يعقوب ابن خالد وابن ركانة هذا.
له شاهد آخر من حديث أبي هريرة مطولا.
أخرجه أبو داود (4450) والبيهقي (8 / 246 - 247) من طريق
الزهري سمعت رجلا من مزينة ممن يتبع العلم ويعيه ونحن عند سعيد بن المسيب
فحدثنا عن أبي هريرة به.
ورجاله ثقات غير الرجل المزني فإنه لم يسم.
1254 - (حديث معاذ: خذ من كل حالم دينارا أو عدله
معافري. رواه الشافعي في مسنده). ص 299
صحيح. وقد أخرجه أصحاب السنن أيضا وغيرهم، وقد سبق تخريجه
في " الزكاة " تحت الحديث (787).
1255 - (خبر أسلم: أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء
الأجناد: لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان ولا تضربوها إلا على من
جرت عليه المواسي. رواه سعيد). ص 299
صحيح. أخرجه أبو عبيد في " كتاب الأموال " (رقم 93): حدثنا
95

إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب السختياني عن نافع عن أسلم به ولفظه:
" كتب إلى أمراء الأجناد: أن يقاتلوا في سبيل الله، ولا يقاتلوا إلا من
قاتلهم، ولا يقتلوا النساء والصبيان، ولا يقتلوا إلا من جرت عليه الموسى،
وكتب إلى أمراء الأجناد: أن يضربوا الجزية، ولا يضربوها على النساء
والصبيان، ولا يضربوها إلا على من جرت عليه الموسى ".
وأخرجه البيهقي (9 / 195 و 198) من طريقين آخرين عن نافع به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ثم قال أبو عبيد:
" وهذا الحديث هو الأصل فيمن تجب عليه الجزية، ومن لا تجب عليه،
ألا تراه إنما جعلها على الذكور المدركين، دون الإناث والأطفال، وذلك أن
الحكم كان عليهم القتل لو لم يؤدوها، وأسقطها عمن لا يستحق القتل، وهم
الذرية ".
قال وذكر حديث معاذ الذي قبله:
" وقد جاء في كتاب النبي (ص) إلى معاذ باليمن - الذي ذكرنا - " أن على كل
حالم دينارا " ما فيه تقوية لقول عمر: ألا ترى أنه (ص) خص الحالم دون المرأة
والصبي. إلا أن في بعض ما ذكرناه من كتبه: " الحالم والحالمة ". فترى - والله
أعلم - أن المحفوظ من ذلك هو الحديث الذي لا ذكر للحالمة فيه، لأنه الأمر
الذي عليه المسلمون ".
1256 - (حديث عمر من قوله: " لا جزية على مملوك ").
لا أصل له. وقد ذكره ابن قدامة في " المغني " (8 / 510) مرفوعا إلى
النبي (ص). وليس له أصل أيضا، قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 123):
" روي مرفوعا، وروي موقوفا على عمر. ليس له أصل، بل المروي
عنهما خلافه ".
ثم ذكر ما أخرجه أبو عبيد (رقم 66) قلت: والبيهقي (9 / 194) من
طريق عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال:
96

" كتب رسول الله (ص) إلى أهل اليمن: أنه من كان على يهودية أو نصرانية
فإنه لا يفتن عنها، وعليه الجزية، على كل حالم: ذكر أو أنثى، عبد أو أمة
دينار واف، أو قيمته من المعافر، فمن أدى ذلك إلى رسلي، فإن له ذمة الله،
وذمة رسوله ومن منعه منكم، فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين ".
ورواه ابن زنجويه في " الأموال " عن النضر بن شميل عن عوف عن
الحسن قال:
" كتب رسول الله (ص)... فذكره. وهذان مرسلان يقوي أحدهما
الآخر ".
قلت: وأخرج أبو عبيد أيضا (65) والبيهقي عن جرير عن منصور عن
الحكم قال:
" كتب رسول الله (ص)... " نحو حديث عروة وفيه:
" وفي الحالم أو الحالمة دينارا، أو عدله من المعافر... ".
ثم أخرج البيهقي من طريق ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي
بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال:
" هذا كتاب رسول الله (ص) عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى
اليمن...) فذكره، وفي آخره، نحو حديث عروة، وفيه:
" وعلى كل حالم ذكر أو أنثى، حر أو عبد، دينار... ".
وقال البيهقي فيه وفي الذي قبله:
" وهذا منقطع ".
ثم روى أبو عبيد (194) والبيهقي (9 / 140) من طريق قتادة عن
سفيان العقيلي عن أبي عياض عن عمر قال:
" لا تشتروا رقيق أهل الذمة، فإنهم أهل خراج، وأرضوهم فلا تبتاعوها
ولا يقرن أحدكم بالصغار بعد إذ نجاه الله منه ".
97

قلت: وهذا إسناد متصل، لكن سفيان العقيلي لم أر من وثقه، وقد
أورده - ابن أبي حاتم (2 / 1 / 222) فقال:
" روى عن أبي عياض وعمر بن عبد العزيز، روى عنه قتادة
وأيوب ".
نعم ذكره ابن حبان في التابعين من " ثقاته " (1 / 74)، وقال:
" يروي عن عمر. روى عنه قتادة ".
وأما أبو عياض، فهو عمرو بن الأسود القيسي. قال ابن أبي حاتم
(3 / 1 / 1222):
" روى عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وعبادة بن الصامت. روى عنه
مجاهد وخالد بن معدان ويونس بن سيف و... و.... ".
وأورده ابن حبان في " الثقات " (1 / 151) وقال:
" من عباد أهل الشام وزهادهم، وكان يقسم على الله فيبره، يروي عن
عمر ومعاوية، روى عنه خالد بن معدان والشاميون، وكان إذا خرج من بيته
وضع يمينه على شماله مخافة الخيلاء ".
فالسند صحيح على شرط ابن حبان.
(فائدة): قال الشيخ ابن قدامة بعد أثر عمر هذا:
" قال أحمد: أراد أن يوفر الجزية، لأن المسلم إذا اشترطاه سقط عنه أداء ما
يؤخذ منه، والذمي يؤدي عنه وعن مملوكه خراج جماجمهم. وروي عن علي مثل
حديث عمر ".
(تنبيه) تصحف اسم سفيان العقيلي في " التلخيص " لابن حجر
(4 / 123) إلى " شقيق العقيلي ". وكذلك وقع في الطبعة الهندية منه (ص
378) وكأنه اغتر به مصحح " كتاب الأموال " والقائم على طبعة الشيخ حامد
الفقي رحمه الله، فقد وقع في طبعته " شقيق " أيضا، مع أن الأصل كان على
الصواب، فقد كتب على الهامش: " كانت في الأصلين (سفيان، وهو خطأ "!
98

عفا الله عنا وعنه.
1257 - (حديث ابن عباس: " ليس على المسلم جزية ".
رواه أحمد وأبو داود). ص 300
ضعيف. أخرجه أحمد (23 / 223 و 285) وعنه أبو نعيم في " الحلية "
(9 / 232) وأبو داود (3053) وكذا الترمذي (1 / 123) وابن أبي شيبة في
" المصنف " (2 / 217 / 1) وأبو عبيد في " الأموال " (121) والطحاوي في
" المشكل " (4 / 19) وابن عدي في " الكامل " (ق 272 / 1) والدارقطني
(290) والبيهقي (9 / 199) والضياء المقدسي في " المختارة " (58 / 191 / 1)
من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله
(ص): فذكره. وقال الترمذي:
" حديث ابن عباس، قد روي عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن
النبي (ص) مرسل ".
قلت: وهو رواية أبي عبيد. وقال ابن عدي:
" وقابوس أحاديثه متقاربة، وأرجو أنه لا بأس به ".
وقال الحافظ في " التقريب ":
" فيه لين ". وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:
" قال النسائي وغيره: ليس بالقوي ".
1258 - (حديث عمر من قوله: " إن أخذها في كفه ثم أسلم
ردها (عليه) ".
لم أقف عليه. وقد ذكره ابن قدامة في " المغني " (8 / 511) عن أحمد
هكذا:
" قال أحمد: وقد روي عن عمر أنه قال... ". فذكره.
1259 - (وروى أبو عبيد أن يهوديا أسلم، فطولب بالجزية،
99

وقيل أنما أسلمت تعوذا، قال: " إن في الاسلام معاذا، وكتب أن لا تؤخذ
منه الجزية ").
حسن. أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (122) وعنه البيهقي
(/ 9 / 199) من طريق حماد بن سلمة عن عبيد الله بن رواحة قال:
" كنت مع مسروق بالسلسلة، فحدثني أن رجلا من الشعوب أسلم،
فكانت تؤخذ منه الجزية، فأتى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين إني
أسلمت، والجزية تؤخذ مني، قال: لعلك أسلمت متعوذا؟ فقال: أما في
الاسلام ما يعيذني؟ قال: بلى، قال: فكتب عمر: أن لا تؤخذ منه
الجزية ".
قال أبو عبيد: الشعوب: الأعاجم.
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير عبيد الله بن رواحة أورده ابن
حبان في " ثقات التابعين " فقال (1 / 119):
(يروي عن أنس، عداده في المصريين (كذا، ولعله: البصريين) روى
عنه إسماعيل بن أبي خالد وحماد بن سلمة ".
قلت: وروى عنه أيضا أبان بن خالد كما في " الجرح والتعديل " لابن
أبي حاتم (2 / 2 / 314)، فالإسناد عندي حسن أو قريب منه. والله أعلم.
وله شاهد عن الزبير بن عدي قال:
" أسلم لهقان على عهد علي، فقال له علي: إن أقمت في أرضك رفعنا
عنك جزية رأسك، وأخذناها من أرضك، وإن تحولت عنها، فنحن أحق
بها ".
أخرجه أبو عبيد (123) بإسناد رجاله ثقات من رجال الستة لكنه منقطع
فإن الزبير بن عدي لم يدرك عليا، بين وفاتيهما نحو تسعين عاما.
1260 - (خبر ابن أبي نجيح: قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشام
100

عليهم أربعة دنانير، وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: جعل ذلك من قبيل
اليسار. رواه البخاري).
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 291) معلقا، فقال: وقال ابن عينية
عن ابن أبي نجيح به. قال الحافظ في " الفتح " (6 / 184):
" وصله عبد الرزاق عنه به، وزاد بعد قوله " أهل الشام ": (من أهل
الكتاب تؤخذ منهم الجزية) الخ ".
قلت: وهذا إسناد صحيح.
ورواه أبو عبيد (107): بلغني عن سفيان بن عيينة به.
1261 - (خبر أن عمر زاد على ما فرض رسول الله (ص) ولم
ينقص).
صحيح. أخرجه مالك (1 / 279 / 43) عن نافع عن أسلم مولى عمر
ابن الخطاب:
" أن عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى
أهل الورق أربعين درهما، ومع ذلك ارزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام ".
ومن طريق مالك أخرجه أبو عبيد (100).
وأخرجه البيهقي (9 / 195) من طريق آخر عن نافع به أتم منه.
قلت: وإسناده صحيح غاية. وقال ابن قدامة في " المغني " (8 / 503):
" حديث عمر رضي الله عنه لا شك في صحته، وشهرته بين الصحابة
رضي الله عنهم وغيرهم لم ينكره منكر، ولا خلاف فيه، وعمل به من بعده من
الخلفاء رضي الله عنهم، فصار إجماعا لا يجوز الخطأ عليه ".
وله عنه طريق أخرى يرويه شعبة أخبرني الحكم قال: سمعت عمرو
ابن ميمون يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكره، قال:
101

" ثم أتاه عثمان بن حنيف فجعل يكلمه من وراء الفسطاط، يقول: والله
لئن وضعت على كل جريب من أرض درهما وقفيزا من طعام، وزدت على كل
رأس درهمين، لا يشق ذلك عليهم ولا يجهدهم، قال: نعم، فكان ثمانية
وأربعين، فجعلها خمسين ".
أخرجه أبو عبيد (105) والبيهقي (9 / 196) والسياق له.
قلت: وإسناده صحيح أيضا على شرطهما.
1262 - (خبر الأحنف بن قيس: أن عمر شرط على أهل الذمة
ضيافة يوم وليلة، وأن يصلحوا القناطر وإن قتل رجل من المسلمين
بأرضهم فعليهم ديته. رواه أحمد). ص 300
حسن. ولم أره في " المسند " للإمام أحمد، وهو المراد عند إطلاق العزو
لأحمد، وقد عزاه إليه ابن قدامة أيضا (8 / 505). وقد أخرجه البيهقي في
" سننه " (9 / 196) من طريق قتادة عن الحسن عن الأحنف بن قيس به.
ورجاله ثقلت غير أن قتادة والحسن وهو البصري يدلسان.
وقد روى أسلم عن عمر أنه ضرب عليهم ضيافة ثلاثة أيام. كما تقدم في
الأثر قبل هذا. وقال البيهقي:
" وحديث أسلم أشبه، لأن رسول الله (ص) جعل الضيافة ثلاثا، وقد يجوز
أن يكون جعلها على قوم ثلاثا، وعلى قوم يوما وليلة، ولم يجعل على آخرين
ضيافة، كما يختلف صلحه لهم، فلا يرد بعض الحديث بعضا ".
قلت: وهذا هو الوجه. وقد توبع الأحنف على اليوم والليلة، فقال
الشافعي: أنبأ سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن عمر
بن الخطاب فرض على أهل السواد ضيافة يوم وليلة، فمن حبسه مرض أو مطر،
أنفق من ماله.
أخرجه البيهقي (9 / 196).
102

قلت: ورجاله ثقات إلا أن أبا إسحاق وهو السبيعي مدلس وكان
اختلط.
1263 - (خبر أسلم: إن أهل الجزية من أهل الشام أتوا عمر
رضي الله عنه فقالوا: إن المسلمين إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج
في ضيافتهم، فقال: أطعموهم مما تأكلون ولا تزيدوهم على ذلك).
ص 300
فصل
1264 - (روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: " إنما بذلوا
الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا ").
لم أقف عليه. ثم رأيت الحديث في " الهداية، من كتب الحنفية. فقال
الحافظ الزيلعي في " تخريجه " (3 / 381):
" قلت: غريب ".
قلت: يعني أنه لا أصل له.
1265 - (خبر إسماعيل بن عياش عن غير واحد من أهل العلم
قالوا: كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم: إنا شرطنا على أنفسنا
أن لا نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ولا عمامة... الخ رواه الخلال).
ص 301 - 302.
لم أره من طريق إسماعيل بن عياش، وإنما أخرجه البيهقي (9 / 202)
من طريق يحيى بن عقبة بن أبي البزار عن سفيان الثوري والوليد بن نوح،
والسري بن مصرف يذكرون عن طلحة بن مصرف عن مسروق عن عبد الرحمن بن
غنم قال:
103

" كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح أهل الشام: بسم الله
الرحمن الرحيم، هذا كتاب لعبد الله بن عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا
وكذا: إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل
ملتنا، وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا
كنيسة.... وفيه، ولا نتشبه بهم في شئ من لباسهم من قلنسوة ولا عمامة ولا
فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نتكنى بكناهم، ولا نركب السروج...
ولا نبيع الخمور، وأن نجر مقاديم رؤوسنا، وأن لا نظهر صلبنا وكتبنا في شئ
من طريق المسلمين ولا أسواقهم، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا، وأن لا
نضرب بناقوس في كنائسنا بين حضرة المسلمين، وأن لا نخرج سعانينا ولا
باعوثا، ولا نرفع أصواتنا مع أمواتنا، ولا نظهر النيران معهم في شئ من طريق
المسلمين، ولا نجاوزهم موتانا، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام
المسلمين، وأن نرشد المسلمين، ولا نطلع عليهم في منازلهم، فلما أتيت عمر
رضي الله عنه بالكتاب زاد فيه: وأن لا نضرب أحدا من المسلمين، شرطنا لهم
ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا، وقبلنا منهم الأمان، فإن نحن خالفنا شيئا مما
شرطناه لكم فضمناه على أنفسنا فلا ذمة لنا، وقد حل لكم ما يحل لكم من أهل
المعاندة والشقاوة ".
قلت: وإسناده ضعيف جدا، من أجل يحيى بن عقبة، فقد قال ابن
معين: ليس بشئ. وفي رواية: كذاب خبيث عدو الله. وقال البخاري:
منكر الحديث. وقال أبو حاتم: يفتعل الحديث.
ثم روى البيهقي عن أسلم قال:
" كتب عمر بن الخطاب إلى أمراء الأجناد أن اختموا رقاب أهل الجزية في
أعناقهم ".
قلت: وإسناده صحيح.
وأخرج (9 / 201) عن حرام بن معاوية قال:
" كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن أدبوا الخيل، ولا يرفعن
104

بين ظهرانيكم الصليب، ولا يجاورنكم الخنازير ".
قلت: ورجاله ثقات غير حرام بن معاوية ذكره ابن حبان في " الثقات "
(1 / 21)، وأورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 282) ولم يذكر فيه جرحا ولا
تعديلا.
1266 - (وعن ابن عباس من قوله: " أيما مصر مصرته العرب
فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمرا
ولا يتخذوا فيه خنزيرا " رواه أحمد). ص 302
ضعيف. ولم أره في " مسند أحمد " فالظاهر أنه في بعض كتبه
الأخرى، وقد أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (269) والبيهقي (9 / 201،
202) من طريق أبي علي الرحبي: حنش عن عكرمة عن ابن عباس، قال:
فذكره موقوفا عليه.
قلت: وحنش هذا اسمه الحسن بن قيس وهو متروك.
1267 - (خبر أن عمر: " أمر بجز نواصي أهل الذمة وأن يشدوا
المناطق وأن يركبوا الأكف بالعرض " رواه الخلال). ص 302
لم أقف على سنده. وتد تقدم بعضه قبل حديث بمعناه دون قوله:
" وأن يركبوا الأكف بالعرض ".
وقد أخرجه أبو عبيد (137) عن عبد الله بن عمر عن نافع عن أسلم:
" أن عمر أمر أهل الذمة، أن تجز نواصيهم، وأن يركبوا على الأكف،
وأن يركبوا عرضا، وأن لا يركبوا كما يركب المسلمون، وأن يوثقوا المناطق.
قال أبو عبيد: يعني الزنانير ".
قلت: وعبد الله بن عمر وهو العمري المكبر وهو سئ الحفظ.
وأخرج (138) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن خليفة بن قيس قال:
105

قال عمر:
" يا برقأ أكتب إلى أهل الأمصار في أهل الكتاب أن تجز نواصيهم وأن
يربطوا الكستيجان (خيط غليظ يشده الذمي فوق ثيابه) في أوسطهم ليعرف
زيهم من زي أهل الاسلام ".
قلت: وهذا سند ضعيف: خليفة بن قيس هو مولى خالد بن عرفطة،
قال ابن أبي حاتم (1 / 2 / 376) عن أبيه:
" ليس بالمعروف "
وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطي ضعيف جدا.
1268 - (حديث " الاسلام يعلو ولا يعلى "). ص 303
حسن. روي من حديث عائد بن عمرو المزني، وعمر بن الخطاب،
ومعاذ بن جبل مرفوعا، وعبد الله بن عباس مرفوعا.
1 - أما حديث عائذ، فيرويه حشرج بن عبد الله بن حشرج حدثني أبي
عن جدي عنه أنه جاء يوم الفتح مع أبي سفيان بن حرب، ورسول الله (ص)
حوله أصحابه، فقالوا: هذا أبو سفيان وعائذ بن عمرو، فقال رسول الله
(ص):
" هذا عائذ بن عمرو، وأبو سفيان، الاسلام أعز من فلك، الاسلام
يعلو، ولا يعلى ".
أخرجه الدارقطني في سننه (395) والبيهقي (6 / 205) والسياق له
وكذا الروياني في " مسنده " (26 / 153 / 2)، والضياء المقدسي في
" الأحاديث المختارة " (ق 60 / 1) وقال:
" وحشرج بن عبد الله، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ".
قلت: ذكره (1 / 2 / 296) برواية جماعة من الثقات عنه، وقال عن
أبيه:
106

" شيخ ".
وعلة الحديث عندي أبوه عبد الله بن حشرج وجده، فقد أوردهما ابن أبي
حاتم أيضا (2 / 2 / 40، 5 / 2 / 295 - 296) وقال في كل منهما عن أبيه:
" لا يعرف ".
وأقره الحافظ في " اللسان "، ونقل الزيلعي في " نصب الراية "
(3 / 213) عن الدارقطني أنه قال فيهما:
" مجهولان ".
وقال الذهبي في " الأول " منهما:
" لا يدرى من ذا؟ ".
ومما سبق تعلم أن قول الحافظ في " الفتح " (3 / 175) بعد أن عزاه
للروياني والدارقطني و " فوائد أبي يعلى الخليلي ".
" بسند حسن ".
وهم ظاهر، فلا يتبع عليه. نعم يمكن أن يحسن لغيره لحديث معاذ
الآتي.
2 - وأما حديث عمر بن الخطاب، فيرويه محمد بن علي بن الوليد
البصري: ثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ثنا معتمر بن سليمان ثنا كهمس بن
الحسن ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن
الخطاب بحديث الضب:
" أن رسول الله (ص) كان في محفل من أصحابه إذ جاء أعرابي من بني
سليم قد صاد ضبا... ". الحديث. وفيه تكلم الضب، وشهادته له (ص)
بالنبوة والرسالة، ثم إسلام الأعرابي، وقوله (ص) له:
" الحمد لله الذي هداك إلى هذا الدين، الذي يعلو ولا يعلى... ".
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 196 - 197) والبيهقي في
107

" دلائل النبوة " كما ذكر الذهبي في ترجمة محمد بن علي هذا، وإسناده نظيف
سواه، وقال البيهقي:
" الحمل فيه عليه ". قال الذهبي:
" قلت: صدق والله البيهقي فإنه خبر باطل ".
وأقره الحافظ في " اللسان " ونقل عنه أنه قال فيه:
" بصري منكر الحديث "
قلت: فالعجب منه كيف سكت عليه في " الدراية " (ص 224) تبعا
لأصله " نصب الراية "!
3 - وأما حديث معاذ فرواه نهشل في " تاريخ واسط ": حدثنا إسماعيل
ابن عيسى ثنا عمران بن أبان ثنا شعبة عن عمرو بن أبي حكيم عن عبد الله بن
بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي عنه قال: قال رسول الله
(ص) ":
" الإيمان يعلو ولا يعلى ".
قلت: ذكره الزيلعي وسكت عليه وتبعه الحافظ، وإسناده ضعيف من
أجل عمران بن أبان وهو أبو موسى الطحان الواسطي قال الحافظ في
" التقريب ":
" ضعيف ".
قلت: وبقية رجاله ثقات معروفون غير إسماعيل بن عيسى وهو بغدادي
واسطي وثقه الخطيب وغيره.
4 - وأما حديث عبد الله بن عباس، فيرويه حماد بن زيد عن أيوب عن
عكرمة عنه في اليهودية والنصرانية تكون تحت النصراني أو اليهودي فتسلم هي.
قال:
" يفرق بينهما، الاسلام يعلو ولا يعلى،.
108

أخرجه الطحاوي (2 / 150)
قلت: وإسناده موقوف صحيح. وعلقه البخاري في " الجنائز ".
وجملة القول أن الحديث حسن مرفوعا بمجموع طريقي عائذ ومعاذ،
وصحيح موقوفا. والله أعلم.
269 1 - (حديث: (من تشبه بقوم فهو منهم "). ص 303
صحيح. أخرجه أحمد (2 / 50 و 92) وعبد بن حميد في " المنتخب من
المسند " (ق 92 / 2) وابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 150 / 1) وأبو سعيد
ابن الأعرابي في " المعجم " (ق 110 / 2) والهروي في " ذم الكلام "
(ق 54 / 2) عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثنا حسان بن عطية عن أبي
منيب الجرشي عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص):
" بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل
رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه
بقوم فهو منهم ".
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات غير ابن ثوبان هذا، ففيه
خلاف وقال الحافظ في " التقريب ".
" صدوق، يخطئ، وتغير بآخره ".
وقد علق البخاري في " صحيحه " (6 / 72) الجملة التي قبل الأخيرة،
والتي قبلها، ولأبي داود منه (4031) الجملة الأخيرة.
ولم يتفرد به ابن ثوبان، فقال الطحاوي في " مشكل الآثار ".
(1 / 88): حدثنا أبو أمية حدثنا محمد بن وهب بن عطية ثنا الوليد بن مسلم ثنا
الأوزاعي عن حسان بن عطية به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير أبي أمية واسمه محمد بن إبراهيم
الطرسوسي قال الحافظ في " التقريب ":
109

" صدوق، صاحب حديث، يهم ".
والوليد بن مسلم ثقة محتج به في الصحيحين، ولكنه كان يدلس تدليس
التسوية، فإن كان محفوظا عنه، فيخشى أن يكون سواه!
وقد خالفه في إسناده صدقة فقال: عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير
عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي (ص) " به.
أخرجه الهروي (ق 54 / 1) من طريق عمر وابن أبي سلمة حدثنا
صدقة به.
وصدقة هذا هو ابن عبد الله السمين الدمشقي وهو ضعيف.
وخالفهما عيسى بن يونس فقال: عن الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن
طاوس أن النبي (ص) قال: فذكره.
أخرجه ابن أبي شيبة (7 / 152 / 1).
قلت: وهذا مرسل، وقد ذكره الحافظ في " الفتح " (6 / 72) من رواية
ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبلة مرسلا، لم يذكر فيه طاوسا وقال:
" إسناد حسن ".
كذا قال، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن جبلة، وقد أورده
ابن أبي حاتم (2 / 1 / 10) من رواية الأوزاعي عنه وقال عن أبيه:
" هو شامي ".
ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وهو على شرط ابن عساكر في " تاريخه "
ولم يورده فيه.
ثم أخرجه الهروي (54 / 1 - 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان "
(1 / 129) من طريق بشر بن الحسن الأصبهاني ثنا الزبير بن عيسى عن أنس
ابن مالك مرفوعا به.
قلت: وبشر هذا متروك متهم فلا يفرح بحديثه.
110

وقد روي من حديث ابن عمرو بنحوه، وهو المذكور في الكتاب بعده.
1270 - (حديث " ليس منا من تشبه بغيرنا "). ص 303
ضعيف بهذا اللفظ. أخرجه الترمذي (2 / 116) والقضاعي في
" مسند الشهاب " (ق 98 / 1) عن قتيبة بن سعيد: حدثنا ابن لهيعة عن عمرو
ابن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال: فذكره. وزاد:
" لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع،
وتسليم النصارى الإشارة بالكف ". وقال الترمذي:
" إسناده ضعيف، وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة فلم
يرفعه ".
قلت: والموقوف أصح إسنادا. لأن حديث ابن المبارك عن ابن لهيعة
صحيح، لأنه قديم السماع منه وكذلك عبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد
المقري.
وفي معناه حديث ابن عمر الذي سبق تخريجه قبله.
1271 - (حديث أبي هريرة: " لا تبدؤوا اليهود والنصارى
بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقها " رواه أحمد
ومسلم وأبو داود والترمذي).
صحيح. أخرجه أحمد (2 / 263، 266، 346، 444، 459،
525) ومسلم (7 / 5) والبخاري في " الأدب المفرد " (1103، 1111)
وأبو داود (5205) والترمذي (2 / 117) وكذا البخاري في " الأدب المفرد "
(1103، 1111) والطحاوي (2 / 397) والطيالسي (2424) والبيهقي
(9 / 203) من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا
به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
111

ولفظ أبي داود وهو رواية لأحمد عن سهيل قال:
" خرجت مع أبي إلى الشام، فجعلوا يمرون بصوامع فيها نصارى
فيسلمون عليهم، قال أبي: لا تبدؤوهم بالسلام، فإن أبا هريرة
حدثنا... ".
وللحديث شواهد من رواية ابن عمر، وأبي بصرة الغفاري وقيل أبي
عبد الرحمن الجهني.
أما حديث ابن عمر، فهو من طريق عبد الله بن دينار عنه مرفوعا بلفظ:
" إنكم لاقون اليهود غدا، فلا تبدؤوهم بالسلام، فإن سلموا عليكم
فقولوا: وعليك ".
أخرجه البيهقي (9 / 203) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد
عزاه إليهما البيهقي عقبه، ويعني أصل الحديث لعادته، وإلا فليس عندهما
" فلا تبدؤوهم بالسلام ". وكذلك رواه أحمد (2 / 1909، 58، 113).
وأما حديث أبي عبد الرحمن الجهني، فيرويه محمد بن إسحاق عن يزيد
ابن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عنه مرفوعا بلفظ:
" إني راكب غدا إلى اليهود، فلا تبدؤوهم بالسلام، فإذا سلموا عليكم،
فقولوا: وعليكم ".
أ خرجه ابن ماجة (3699) والطحاوي وأحمد (4 / 233) وكذا أبو بكر
ابن أبي شيبة في " مسنده " كما في " الزوائد " للحافظ البوصيري (ق 223 / 1)
وقال:
" وإسناده ضعيف لتدليس ابن إسحاق ".
قلت: قد صرح بالتحديث عند الإمام أحمد في إحدى روايتيه عنه،
فزالت شبهة تدليسه، وإنما علته الاختلاف عليه، ومخالفته لغيره، فقد رواه
جماعة عنه كما تقدم، وخالفهم أحمد بن خالد ويحيى بن واضح وعبيد الله بن
عمرو فقالوا: عنه عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي
112

بصرة الفغاري به.
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1102).
وتابعه عليه عبد الله بن لهيعة وعبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي
حبيب عن مرثد عن أبي بصرة به، ويأتي لفظه في الكتاب بعد ثلاثة أحاديث.
أخرجه الطحاوي وأحمد (6 / 398).
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات إلى أبي بصرة، وهو
صحابي معروف، بخلاف أبي عبد الرحمن الجهني فإنه مختلف في صحبته،
وذكره في هذا الحديث شاذ لتفرد ابن إسحاق به، ومخالفته لعبد الله وعبد
الحميد، لا سيما وهو قد وافقهما في الرواية الأخرى عنه فهي المحفوظة كما جزم
بذلك الحافظي في " الفتح " (11 / 37).
1272 - (حديث: أن النبي (ص) " عاد صبيا كان يخدمه
وعرض عليه الاسلام فأسلم ").
صحيح. أخرجه البخاري في " صحيحه " (1 / 340، 4 / 44) وفي
" الأدب المفرد " (524) وأبو داود (3095) وعنه البيهقي (3 / 383)
والنسائي في " السنن الكبرى " (ق 38 / 2 - سير) وأحمد " 3 / 280) من حديث
ثابت عن أنس قال:
" كان غلام يهودي يخدم النبي (ص)، فمرض، فأتاه النبي (ص) يعوده
فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا
القاسم، فأسلم، فخرج النبي (ص) وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من
النار ".
ورواه شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبير عن أنس به نحوه
إلا أنه قال:
" صلوا عليه، وصلى عليه النبي (ص) ". مكان قوله: " الحمد
لله... "
أخرجه الحاكم (4 / 291) وسكت عليه هو والذهبي وكأنه لضعف
113

شريك.
1273 - (حديث: " أنه (ص) " عاد أبا طالب، وعرض عليه
الاسلام فلم يسلم "). ص 303
صحيح. أخرجه البخاري (1 / 341 - 342، 2 / 29 - 30،
255، 305 - 306) ومسلم (1 / 40) والنسائي (1 / 286) وأحمد
(5 / 433) وابن سعد في " الطبقات " (1 / 1 / 77 - 78) من طريق سعيد
ابن المسيب عن أبيه قال:
" لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله (ص)، فوجد عنده أبا
جهل، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله (ص): يا عم! قل
(لا إله إلا الله) كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي
أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟! فلم يزل رسول الله (ص)
يعرضها عليه. ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على
ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله (ص): أما
والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله عز وجل (ما كان للنبي والذي
آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم
أصحاب الجحيم)، وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسول الله
(ص): (إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء، وهو أعلم
بالمهتدين) ".
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)
لعمه:
" قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة، فقال: لولا أن تعيرني
قريش أن ما يحمله عليه الجزع لأقررت بها عينك، فأنزل الله عز وجل " أنك لا
تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء ".
أخرجه الترمذي (2 / 306) وأبو يعلى في " مسنده " (290 / 1) وقال
الترمذي:
" حديث حسن غريب ".
114

1274 - (خبر ابن عمر أنه مر على رجل فسلم عليه فقيل له: إنه
كافر، فقال: رد علي ما سلمت عليك، فقال: أكثر الله مالك وولدك. ثم
التفت إلى أصحابه فقال: أكثر للجزية).
لم أقف عليه بهذا التمام. وقد أورده الشيخ ابن قدامة (8 / 536)
بدون عزو، وقد أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1115) مختصرا من
طريق أبي جعفر الفراء عن عبد الرحمن قال:
" مر ابن عمر بنصراني، فسلم عليه، فرد عليه، فأخبر أنه نصراني،
فلما علم رجع، فقال: رد علي سلامي ".
قلت: ورجاله ثقات غير عبد الرحمن وهو ابن محمد بن زيد بن جدعان قال
ابن أبي حاتم (2 / 2 / 280 - 281):
" روى عن عائشة، روى عنه عبد الرحمن بن أبي الضحاك ".
قلت: وقد روى عنه أبو جعفر الفراء أيضا هذا الأثر، فهو مجهول
الحال.
وله شاهد عن عقبة بن عامر الجهني:
" أنه مر برجل هيئته هيئة رجل مسلم، فسلم فرد عليه عقبة: وعليك
ورحمة الله وبركاته، فقال له الغلام: أتدري على من رددت؟ قال: أليس
برجل مسلم؟ فقالوا: لا، ولكنه نصراني، فقام عقبة فتبعه حتى أدركه،
فقال: إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين، لكن أطال الله حياتك، وأكثر
مالك ".
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1112) والبيهقي (9 / 203) من
طريق ابن وهب حدثني عاصم عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبيه عنه.
قلت: وهذا إسناد حسن.
115

1275 - (حديث أبي بصرة قال: قال رسول الله (ص):
" إنا غادون (إلى يهود) فلا تبدؤوهم بالسلام فإن سلموا عليكم فقولوا:
وعليكم ") ص 304
صحيح. وسبق تخريجه تحت الحديث (1271).
1276 - (حديث أنس: " نهينا، أو: أمرنا أن لا نزيد أهل الذمة
على: وعليكم ") رواه أحمد. ص 304
لم أجده في " المسند " الآن، وقد عزاه إليه ابن قدامة في " المغني "
(8 / 536) والهيثمي في " المجمع " (8 / 41) والحافظ في ا الفتح "
(11 / 38) وقال:
" سنده جيد ". وقال الهيثمي:
" ورجاله رجال الصحيح ".
وهو من رواية حميد بن زاذويه (1) وهو غير حميد الطويل في الأصح عن
انس، كما قال الحافظ.
قلت: وحينئذ فقوله في سنده: " جيد " غير جيد، لأن حميدا هذا مجهول
كما صرح بذلك هو نفسه في " التقريب "، فأني لإسناده الجودة؟!
ومنه تعلم خطأ قول الهيثمي أيضا " رجاله رجال الصحيح " فليس هو
منهم، وقد ذكره الحافظ تمييزا وذكر أن الحافظ المزي خلطه ب‍ " حميد الطويل "،
فالظاهر أن الهيثمي تبعه في ذلك، فإن حميدا الطويل من رجال الصحيح. والله
أعلم.
ثم رأيته في " المسند " (3 / 113): ثنا إسماعيل بن علية، أنا ابن
عون، عن حميد بن ذويه به.
.

(1) بالزاي والذال المعجمتين، ووقع في " الفتح " بالدال المهملة ورواه ابن أنس في " عمل اليوم والليلة "
239 عن شريك عن حميد عن أنس، ولم ينسبه وشريك ضعيف، فهل هو عند أحمد من طريقه أيضا.
116

نعم الحديث صحيح عن أنس، ولكن بغير هذا اللفظ، وله عنه طرق:
الأولى: عن قتادة عنه قال:
" إن يهوديا مر على رسول الله (ص) وأصحابه، فقال: " السلام
عليكم "؟ فقال نبي الله (ص): أتدرون ما قال هذا؟ قالوا: سلم يا رسول
الله، قال: لا، ولكنه قال: كذا وكذا، ثم قال: ردوه علي، فردوه عليه،
فقال: قلت: السام عليكم، قال: نعم، فقال نبي الله (ص) عند ذلك: إذا
سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليك ما قلت. وفي رواية: وعليكم أي
ما قلت ".
أخرجه مسلم (7 / 4) والبخاري في " الأدب المفرد " (1105) وأبو
داود (5207) وابن حبان (1941) وأحمد (3 / 214، 234، 262،
289) والروايتان له من طرق عن قتادة به.
قلت: وإسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه ابن حبان من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به إلا أنه
قال:
" قال: لا، إنما قال: السام عليكم، أي: تسأمون دينكم، فإذا سلم
عليكم رجل من أهل الكتاب، فقولوا وعليك ".
أخرجه ابن حبان (1941) وكذا البزار وبقي بن مخلد في " تفسيره " كما
في " الفتح " وقال (11 / 35):
" قلت: يحتمل أن يكون قوله " أي تسأمون دينكم، تفسير قتادة كما بينته
رواية عبد الوارث بن سعيد عن سعيد بن أبي عروبة قال: كان قتادة يقول في
تفسير " السام عليكم " تسأمون دينكم. ذكره الخطابي ".
قلت: وهذا هو الأشبه أنه من تفسير قتادة. والله أعلم.
الثانية: عن عبيد الله بن أبي بكر قال: سمعت أنسا يقول: قال رسول
الله (ص) ":
117

" إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم ".
أخرجه مسلم (7 / 3).
الثالثة: عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك قال: سمعت أنس بن
مالك يحدث:
" أن يهوديا مر على رسول الله (ص): السام عليك! فقال رسول
الله (ص): وعليك، أتدرون ما قال؟ قال: السام عليكم، فقالوا: ألا
نقتله؟ (وفي رواية: فقال عمر: ألا (1) اضرب عنقه؟) فقال: لا، ولكن إذا
سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم ".
أخرجه البخاري (4 / 330) والطيالسي (2069) وعنه أحمد
(3 / 210) والزيادة له. وأحمد أيضا (3 / 218) والسياق له من طريق شعبة
عنه.
الرابعة: عن ثابت عن أنس:
" أن اليهود دخلوا على النبي (ص)، فقالوا: السام عليك، فقال النبي
(ص): السام عليكم، فقالت عائشة: السام عليكم يا إخوان القردة
والخنازير، ولعنة الله وغضبه! فقال: يا عائشة مه! فقالت: يا رسول الله أما
سمعت ما قالوا؟ قال: أو ما سمعت ما رددت عليهم؟ يا عائشة! لم يدخل
الرفق في شئ إلا زانه، ولم ينزع من شئ إلا شانه ".
أخرجه أحمد (3 / 241): ثنا مؤمل ثنا حماد ثنا ثابت به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم غير مؤمل، وهو ابن
إسماعيل البصري: صدوق سئ الحفظ.
ثم رأيت الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بلفظ:
" لا تزيدوا أهل الكتاب على (وعليكم) ". وقال:
.

(1) في الأصل: أنا أضرب، والتصوب من مسند أحمد.
118

" رواه أبو عوانة عن أنس ".
قلت: وغالب الظن إنه من الطريق الأولى. فإن كان كذلك، فلا
يصلح شاهدا كما هو ظاهر.
1277 - (حديث أبي موسى أن اليهود كانوا يتعاطسون عند
النبي (ص) رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله، فكان يقول لهم: يهديكم
الله ويصلح بالكم " رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي
وصححه). ص 304
صحيح. أخرجه أحمد (4 / 400، 411) وأبو داود (38. 5)
والترمذي (2 / 132) وكذا البخاري في " الأدب المفرد " (940) وابن السني
في " عمل اليوم والليلة " (456) والحاكم (4 / 268) من طريق حكيم بن
الديلم عن أبي بردة عن أبي موسى به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم:
" هذا حديث متصل الإسناد ". وأقره الذهبي.
قلت: وهو صحيح، رجاله ثقات.
1278 - (روي عن عمر أنه رفع إليه رجل أراد استكراه امرأة
مسلمة على الزنى فقال: ما على هذا صالحناكم فأمر به فصلب في بيت
المقدس.) ص 304 "
حسن. أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 85 / 2) مختصرا، والبيهقي
(9 / 201) والسياق له عن مجالد عن عامر الشعبي عن سويد بن غفلة قال:
" كنا مع عمر بن الخطاب - وهو أمير المؤمنين - بالشام، فأتاه نبطي
119

مضروب مشجج مستعدي، فغضب غضبا شديدا، فقال لصهيب: انظر من
صاحب هذا؟ فانطلق صهيب، فإذا هو عوف بن مالك الأشجعي، فقال له:
إن أمير المؤمنين قد غضب غضبا شديدا، فلو أتيت معاذ بن جبل، فمشى معك
إلى أمير المؤمنين فاني أخاف عليك بادرته، فجاء معه معاذ، فلما انصرف عمر من
الصلاة، قال: أين صهيب؟ فقال: أنا هذا يا أمير المؤمنين، قال: أ جئت
بالرجل الذي ضربه؟ قال: نعم، فقام إليه معاذ بن جبل، فقال: يا أمير
المؤمنين إنه عوف بن مالك، فاسمع منه، ولا تعجل عليه، فقال له عمر:
مالك ولهذا؟ قال: يا أمير المؤمنين رأيته يسوق بامرأة مسلمة، فنخس الحمار
ليصرعها، فلم تصرع، ثم دفعها، فخرت عن الحمار، ثم تغشاها، ففعلت ما
ترى، قال: ائتني بالمرأة لنصدقك، فأتى عوف المرأة، فذكر الذي قال له عمر
رضي الله عنه، قال أبوها وزوجها: ما أردت بصاحبتنا؟ فضحتها! فقالت
المرأة: والله لأذهبن معه إلى أمير المؤمنين، فلما أجمعت على ذلك، قال أبوها
وزوجها: نحن نبلغ عنك أمير المؤمنين، فأتيا فصدقا عوف بن مالك بما قال،
قال: فقال عمر لليهودي: والله ما على هذا عاهدناكم، فأمر به فصلب، ثم
قال: يا أيها الناص فوا بذمة محمد (ص)، فمن فعل منهم هذا، فلا ذمة له.
قال سويد بن غفلة: وإنه لأول مصلوب رأيته ".
قلت: ورجال إسناده ثقات غير مجالد، وهو ابن سعيد الهمداني الكوفي.
قال الحافظ في " التقريب ".
" ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره ".
قلت: لكنه لم يتفرد به، فقد قال البيهقي عقبه:
" تابعه ابن أشوع عن الشعبي عن عوف بن مالك ".
قلت: فهو بهذه المتابعة حسن إن شاء الله تعالى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زياد بن عثمان.
" أن رجلا من النصارى استكره امرأة مسلمة على نفسها، فرفع إلى أبي
عبيدة بن الجراح، فقال: ما على هذا صالحناكم، فضرب عنقه "
120

ورجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد هذا أورده ابن أبي حاتم
(1 / 2 / 539) وقال:
" روى عن عباد بن زياد عن النبي (ص) " مرسل، روى عنه حجاج بن
حجاج ".
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
1279 - (روي أنه قيل لابن عمر: إن راهبا يشتم النبي (ص)
فقال: لو سمعته لقتلته، إنا لم نعط الأمان على هذا.). ص 304
لم أقف عليه، كما ذكرت فيما تقدم (1251) وأوردت هناك ما يغني عنه
في المرفوع فراجعه.
1280 - (حديث " الاسلام يجب ما قبله "). ص 305
صحيح. وهو من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، وله عنه
ثلاث طرق:
: الأولى: عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أن عمرو بن العاص: قال
" لما ألقى الله عز وجل في قلبي الاسلام، قال: أتيت النبي (ص)،
ليبايعني فبسط يده إلي، فقلت: لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم
من ذنبي قال: فقال لي رسول الله (ص): يا عمرو أما علمت أن الهجرة تجب
ما قبلها من الذنوب، يا عمرو أما علمت أن الاسلام يجب ما كان قبله من
الذنوب؟ ".
أخرجه أحمد (4 / 205): ثنا يحيى بن إسحاق أنا ليث بن سعد عن
يزيد به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم رجاله كلهم ثقات رجال
الشيخين غير ابن شماسة واسمه عبد الرحمن فهو على شرط مسلم وحده. وقد
121

أخرجه في " صحيحه " (1 / 78) وكذا أبو عوانة في " صحيحه " (1 / 70) من
طريق حياة بن شريح قال: حدثني - يزيد بن أبي حبيب به إلا أنه قال: " يهدم "
بدل " يجب " في الموضعين، وزاد:
" وأن الحج يهدم ما كان قبله ".
وللحديث عندهما تتمة، فيها وصية عمرو عندما حضره الموت: " فلا
تصحبني نائحة، ولا نار... ".
وتابعهما ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب به نحوه.
أخرجه أبو عوانة (1 / 71) وكذا أحمد (4 / 199) وليس عنده موضع
الشاهد منه.
الثانية: عن قيس بن شفي أن عمرو بن العاص قال:
" قلت: يا رسول الله أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي، فقال
رسول الله (ص): إن الاسلام يجب ما كان قبله " وإن الهجرة تجب ما كان
قبلها، قال عمرو: فوالله إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله (ص)، فما
ملأت عيني من رسول الله (ص) ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله عز وجل،
حياء منه ".
أخرجه أحمد (4 / 204): ثنا حسن قال: ثنا ابن لهيعة قال: ثنا يزيد
ابن أبي حبيب قال: أخبرني سويد بن قيس عن قيس بن شفي به.
قلت: ورجاله موثقون غير ابن لهيعة سئ الحفظ إلا في رواية العبادلة
عنه، وهذه ليست منها، بخلاف التي قبلها، فهي من رواية عبد الله بن المبارك
وعبد الله بن وهب فهي الصحيحة عنه.
الثالثة: عن ابن إسحاق قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد
مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي عن حبيب بن أبي أوس قال: حدثني عمرو بن
العاص من فيه قال:
" لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق، جمعت رجالا من قريش، كانوا
122

يرون مكاني، ويسمعون مني... ".
قلت: فذكر الحديث بطوله، وفيه هجرته إلى الحبشة، وهو كافر،
ودخوله على النجاشي بهدية، وطلبه منه أن يعطيه عمرو بن أمية الضمري
مبعوث النبي (ص) إلى النجاشي ليقتله، فغضب النجاشي عليه، وأمره بأن
يتبع النبي (ص). وفيه قال عمرو:
" قلت: بايعني له على الاسلام، قال: نعم، فبسط يده، وبايعته على
الاسلام، ثم خرجت إلى أصحابي، وقد حال رأيي عما كان عليه، وكتمت
أصحابي إسلامي، ثم خرجت عامدا لرسول الله (ص) لأسلم، فلقيت خالد
ابن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين أبا
سليمان، قال: والله لقد استقام المنسم، ان الرجل لنبي، أذهب والله أسلم،
فحتى متى؟ قال: قلت: والله ما جئت إلا لأسلم " قال: فقدمنا على رسول
الله (ص)، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت فقلت: يا رسول
الله أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر: وما تأخر، قال: فقال
رسول الله (ص): يا عمرو بايع فإن الاسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة
تجب ما كان قبلها، قال: فبايعته. ثم انصرفت.
أخرجه أحمد (4 / 198 - 199) والحاكم (3 / 454) دون قوله:
" فقلت: يا رسول الله... ".
قلت: وإسناده حسن أو قريب منه رجاله ثقات غير حبيب بن أبي
أوس، ذكره ابن يونس فيمن شهد فتح مصر، ووثقه ابن حبان، وقال الحافظ:
" مقبول، شهد فتح مصر وسكنها، من الثانية ".
والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بلفظ الكتاب بزيادة
" كان " كما هو في الروايات المتقدمة وقال:
" رواه ابن سعد عن الزبير وعن جبير بن مطعم ".
فتعقبه المناوي بقوله:
123

" قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم
الرموز، مع أن الطبراني خرجه باللفظ المذكور "!
وفاته كما فات السيوطي أنه عند أحمد باللفظ المذكور، ومسلم بلفظ
" يهدم ".
كتاب البيع
1281 - (حديث: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ".
متفق عليه). ص 306
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 11، 12، 12، 18، 19) ومسلم
(5 / 10) وكذا أبو داود (3459) والنسائي (2 / 212) والترمذي
(1 / 235) والدارمي (2 / 250) والشافعي (1259) والطحاوي
(2 / 202) والبيهقي (5 / 269) والطيالسي (1339) وأحمد (3 / 402،
03 4، 434) وللطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 152 / 2، 153 / 1)
وابن حزم في " المحلى " (8 / 352، 366) كلهم من حديث حكيم بن حزام
مرفوعا به وزاد:
" فإن صدقا وبينا، بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة
بيعهما ". وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
(تنبيه) أورد الحديث الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب "
(3 / 28 / 4) بزيادة:
" اليمن الفاجرة منفقة للسلعة، ممحقة للكسب ".
وعزاه للستة سوى ابن ماجة! وكذلك أورده ابن الأثير في " جامع
الأصول " (241) بهذه الزيادة، ولا أصل لها في هذا الحديث عند هؤلاء، ولا
عند غيرهم ممن ذكرنا، وإنما هي في حديث آخر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:
124

" الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب ".
أخرجه الشيخان وأبو داود وغيرهم.
1282 - (حديث "... وإنما لكل امرئ ما نوى... ").
صحيح. وتقدم.
1283 - (حديث " إنما البيع عن تراض ". رواه ابن حبان).
ص 307
صحيح. أخرجه ابن ماجة (2185) وأبو محمد بن أبي شريح
الأنصاري في " الأحاديث المائة " (ق 119 / 2) والمخلص في " الفوائد المنتقاة "
(1 / 18 / 2) وعنه أبو صالح الحرمي في " الفوائد الغوالي " (ق 176 / 1) من
طرق عن عبد العزيز بن محمد عن داود بن صالح المدني عن أبيه قال: سمعت
أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله (ص) " فذكره. ومن هذا الوجه رواه
البيهقي (6 / 17) بلفظ:
" لألقين الله عز وجل من قبل أن أعطى من مال أحد شيئا بغير طيب
نفسه، إنما البيع عن تراض ".
قلت: وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات. وكذا قال البوصيري في
" الزوائد " (135 / 1) وزاد أنه رواه ابن حبان في " صحيحه ". قلت: ولم
يورده الهيثمي في " البيوع " من " موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ".
وللحديث شاهدان من حديث أبي هريرة وعبد الله بن أبي أوفى.
أما الأول: فيرويه أبو زرعة قال: بايعت رجلا في دابة، ثم قال:
خيرني، فخيره الرجل ثلاثا، يقول أبو زرعة: قد خيرت، ثم مر فقال له
الرجل: اختر، فقال له أبو زرعة: حدثني أبو هريرة أن رسول الله (ص) "
قال:
" هكذا البيع عن تراض ".
125

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 352 / 1) وأبو أحمد الحاكم في
" الفوائد " (11 / 68 / 1) عن محمد جابر عن طلق بن معاوية عن أبي زرعة
به.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل محمد بن جابر، وهو الكوفي اليمامي،
وقد ضعفه جماعة، وقال ابن عدي في آخر ترجمته: " يكتب حديثه ".
قلت: فحديثه حسن أو صحيح، لأنه غير متهم، وقد توبع، فرواه
يحيى بن أيوب البجلي الكوفي قال: كان أبو زرعة إذا بايع رجلا خيره، قال:
ثم يقول: خيرني، ويقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله
(ص) ":
" لا يفترقن اثنان إلا عن تراض ".
أخرجه أبو داود (3458) والترمذي (1 / 236) وأحمد (2 / 536)،
وقال الترمذي:
" هذا حديث غريب ".
قلت: لم يظهر لي وجه الغرابة، فقد رواه اثنان عن أبي زرعة، أحدهما
طلق بن معاوية كما تقدم من رواية محمد بن جابر، والآخر البجلي هذا، وهو لا
بأس به كما في " التقريب ". فحديثه حسن لذاته، صحيح بمتابعة ابن جابر عن
طلق. والله أعلم.
وأما حديث ابن أبي أوفى، فيرويه عبد السلام بن سالم بن أبي سلم عن
عبد الله بن سلمان الجعفي عنه.
أخرجه الدولابي في " الكنى " (2 / 112).
1284 - (حديث " إن أبا الدرداء اشترى من صبي عصفورا
فأرسله ". ذكره ابن أبي موسى وغيره). ص 307.
1285 - (حديث " أن النبي (ص) اشترى من جابر
بعيرا) ص 307.
126

صحيح. وسيأتي بلفظ أتم مع تخريجه برقم (1304).
1286 - (حديث " أن النبي (ص)، اشترى من أعرابي
فرسا "). ص 307
صحيح. أخرجه أبو داود (3607) والنسائي (2 / 229) والحاكم
(2 / 17 - 18) وأحمد (5 / 215) من طريق عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه -
وهو من أصحاب النبي (ص) -:
" أن النبي (ص) ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي (ص) ليقضيه
ثمن فرسه، فأسرع رسول الله (ص) المشي، وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال
يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس، ولا يشعرون أن النبي (ص) ابتاعه،
فنادى الأعرابي رسول الله (ص)، فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا
بعته، فقام النبي (ص) " حين سمع نداء الأعرابي، فقال: أوليس قد ابتعته
منك؟ فقل الأعرابي: لا والله ما بعتكه، فقال النبي (ص): بل قد ابتعته
منك، فقال الأعرابي يقول: هلم شهيدا، فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد
أنك قد ابتعته، فأقبل النبي (ص) على خزيمة فقال: بم تشهد؟ فقال:
بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسول الله (ص) شهادة خزيمة بشهادة
رجلين ".
وزاد أحمد في روايته بعد قوله: " بلى قد ابتعته منك ":
" فطفق الناس يلوذون بالنبي (ص) والأعرابي، وهما يتراجعان، فطفق
الأعرابي يقول: هلم شهيدا يشهد أني بايعتك، فمن جاء من المسلمين قال
للأعرابي: ويلك! النبي (ص) لم يكن ليقول إلا حقا، حتى جاء خزيمة
فاستمع لمراجعة النبي (ص)، ومراجعة الإعرابي، فطفق الإعرابي يقول:
هلم شهيدا، يشهد أني بايعتك ".
وإسناده صحيح. وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي.
1287 - (حديث " أنه (ص) وكل عروة في شراء شاة "). ص 307
127

صحيح. أخرجه البخاري (2 / 414) وأبو داود (3384) وابن
ماجة (2402) والشافعي (1333) والبيهقي (6 / 112) وأحمد (4 / 375)
وابن حزم في " المحلى " (8 / 436، 437) من طريق شبيب بن غرقدة قال:
سمعت الحي يتحدثون (وفي رواية: سمع قومه يحدثون) عن عروة البارقي.
" أن النبي (ص) أعطاه دينارا ليشتري به شاة أو أضحية، فاشترى له
شاتين، فباع إحداهما بدينار، وأتاه بشاة ودينار، فدعا له رسول الله (ص) في
بيعه بالبركة، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه ".
وليس عند ابن ماجة الواسطة بين شبيب وعروة. وأعله ابن حزم
بالإرسال، وحكاه الحافظ في " التلخيص " (3 / 5) عن غير واحد، قالوا:
لأن شبيبا لم يسمعه من عروة، إنما سمعه من " الحي ". قال الحافظ:
" والصواب أنه متصل، في إسناده مبهم ".
قلت: وتمام هذا التصويب عندي أن يقال:
" وهذا لا يضر، لأن المبهم جماعة من أهل الحي أو من قومه كما في الرواية
الأخرى. وهي للبيهقي، فهم عدد تنجبر به جهالتهم، وكأنه لذلك استساغ
البخاري اخراجه في صحيحه، وبمثل هذا التعليل قوى الحافظ السخاوي في
" المقاصد الحسنة " حديث " من آذى ذميا فأنا خصمه " فراجعه.
على أنه قد جاء الحديث من طريق أخرى معروفة عن عروة، فأخرجه
الترمذي (1 / 237) وابن ماجة (2402) والدارقطني (ص 293) والبيهقي
(6 / 112) وأحمد (4 / 376) والسياق له من طريق سعيد بن زيد ثنا الزبير بن
الخريت ثنا أبو لبيد عن عروة بن أبي الجعد الباقي قال:
" عرض للنبي (ص) جلب، فأعطاني دينارا، وقال: أي عروة ائت
الجلب، فاشتر لنا شاة، فأتيت الجلب، فساومت صاحبه فاشتريت منه شاتين
بدينار فجئت أسوقهما، أو قال: أقودهما، فلقيني رجل، فساومني فأبيعه شاة
بدينار، فجئت بالدينار، وجئت بالشاة، فقلت: يا رسول الله هذا ديناركم،
وهذه شاتكم، قال: وصنعت كيف؟ قال: فحدثته الحديث فقال: اللهم
128

بارك له في صفقة يمينه، فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفة، فأربح أربعين ألفا
قبل أن أصل إلى أهلي، وكان يشتري الجواري ويبيع ".
وأعله البيهقي بقوله:
" سعيد بن زيد - وهو أخو حماد بن زيد - ليس بالقوي ".
وقال الحافظ:
" هو مختلف فيه، عن أبي لبيد لمازة بن زبار، وقد قيل: إنه مجهول،
لكن وثقه ابن سعد، وقال حرب: سمعت أحمد أثنى عليه، وقال المنذري
والنووي: إسناده حسن صحيح لمجيئه من وجهين.. ".
ثم ذكر الحافظ رواية الحي من رواية البخاري، وفاته أن سعيد بن زيد لم
يتفرد به، فقال الترمذي: حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي: حدثنا حبان وهو ابن
هلال أبو حبيب البصري، حدثنا هارون الأعور المقري، وهو ابن موسى
القاري، حدثنا الزبير بن الخريت به مختصرا، ولفظه:
" دفع إلي رسول الله (ص) دينارا لأشتري له شاة، فاشتريت له شاتين،
فبعت إحداهما بدينار، وجئت بالشاة والدينار إلى النبي (ص)، فذكر له ما كان
من أمره، فقال له: بارك الله لك في صفقة يمينك. فكان يخرج بعد ذلك إلى
كناسة الكوفة، فيربح الربح العظيم، فكان من أكثر أهل الكوفة مالا ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير لمازة
بكسر اللام وتخفيف الميم - بن زبار بفتح الزاي وتشديد الموحدة، وقد عرفت من
كلام الحافظ أنه ثقة عند ابن سعد وأحمد، فلا عبرة بقول من جهله لا سيما وقد
روى عنه جماعة من الثقات.
1288 - (حديث " أنه (ص) باع مدبرا "). ص 307
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 121، 4 / 279، 337، 397)
ومسلم (5 / 97) وأبو داود (3955) والترمذي (1 / 230) والدارمي
(2 / 257) وابن ماجة (2513) والطيالسي (1701) وأحمد (3 / 294،
129

368 - 369، 370، 371) وابن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 201 / 1 -
2) من طرق عن جابر بن عبد الله الأنصاري مختصرا ومطولا، وقد استوعبت
ألفاظه في كتابي: " أحاديث البيوع وآثاره ".
1289 - (حديث " أنه (ص) باع حلسا وقدحا "). ص 307.
ضعيف 10 خرجه أبو داود (1641) والنسائي (2 / 217) والترمذي
(1 / 229) وابن ماجة (2198) وابن أبي شيبة (8 / 183 / 2) وابن الجارود
(569) والطيالسي (1326) وأحمد (3 / 100، 114) من طريق أبي بكر
عبد الله الحنفي عن أنس.
" أن رسول الله (ص) باع حلسا وقدحا، وقال: من يشتري هذا
الحلس والقدح؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم، فقال النبي (ص): من يزيد
على درهم، فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه ".
رواه بعضهم مطولا، وبعضهم أخصر من هذا، وسياقه للترمذي وقال:
" هذا حديث حسن ".
ووقع في بعض النسخ " حسن صحيح ".
والأول هو الأقرب إلى الصواب، وهو الذي نقله الحافظ المنذري في
" الترغيب " (3 / 3) عن الترمذي، وإسناده. ضعيف من أجل أبي بكر الحنفي،
قال الذهبي والعسقلاني:
" لا يعرف " زاد الثاني: " حاله ". وقال في " التلخيص " (3 / 15):
" وأعله ابن القطان بجهل حال أبي بكر الحنفي، ونقل عن البخاري أنه
قال: " لا يصح حديثه ".
1290 - (حديث جابر أنه سمع النبي (ص) " يقول: " إن الله
حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام... " الحديث رواه الجماعة)
ص 307.
130

صحيح. أخرجه البخاري (2 / 43) ومسلم (5 / 41) وأبو داود
(3486) والنسائي (2 / 231) والترمذي (1 / 244) وابن ماجة (2219)
وكذا ابن الجارود (578) والبيهقي (6 / 12) وأحمد (3 / 324، 426) من
طريق عطاء بن أبي رباح عنه أنه سمع رسول الله (ص) يقول عام الفتح وهو
بمكة فذكره بلفظ:
" إن الله ورسوله حرم... " والباقي مثله، وتمامه:
" فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السنن، ويدهن
بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو حرام، ثم قال رسول الله
(ص) عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها، أجملوه، ثم
باعوه، فأكلوا ثمنه ".
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح،.
وقوله في آخر الحديث: " قاتل الله اليهود.... " له شاهد من حديث
أنس بن مالك مرفوعا.
أخرجه ابن حبان (1119).
1291 - (حديث أبي مسعود قال: " نهى النبي (ص) عن
ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن " رواه الجماعة) ص 308.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 43، 54، 3 / 483) ومسلم
(5 / 35) وأبو داود (3428) والنسائي (2 / 196، 231) والترمذي
(241) وابن ماجة (2159) وكذا الشافعي (1224) وابن الجارود (581)
والطحاوي (2 / 225) وأحمد (4 / 118 - 120) وابن حزم في " المحلى "
(9 / 10) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه سمع أبا
مسعود عقبة قال: فذكره. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
131

1292 - (قوله (ص) لحكيم بن حزام: " لا تبع ما ليس
عندك " رواه الخمسة) ص 308.
صحيح. أخرجه أبو داود (3503) والنسائي (2 / 225) والترمذي
(1 / 232) وابن ماجة (2187) وكذا الشافعي (1249) وابن الجارود
(602) والدارقطني (292) والبيهقي (5 / 267، 317، 339) وأحمد
(3 / 401، 403) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 152 / 1) وابن حزم
(8 / 519) من طرق عن حكيم بن حزام بألفاظ متقاربة هذا أحدها وأوله:
" أتيت رسول الله (ص)، فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما
ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه؟ قال... " فذكره والسياق
للترمذي، وقال:
" حديث حسن ".
قلت: وإسناده صحيح، وصححه ابن حزم.
وقد استوعبت ألفاظه في كتابي " أحاديث البيوع وآثاره ".
1293 - (حديث أبي سعيد " أن النبي (ص) نهى عن شراء،
العبد وهو آبق ". رواه أحمد). ص 308.
ضعيف. أخرجه أحمد (3 / 42) وكذا ابن ماجة (2196) والبيهقي
(5 / 338) من طريق جهضم ابن عبد الله اليماني، عن محمد بن إبراهيم
الباهلي، عن محمد بن زيد العبدي، عن شهر بن حوشب، عن أبي سعيد
الخدري قال:
" نهى رسول الله (ص) عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعما في
ضروعها إلا بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم،
وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن شراء ضربة القانص ".
ورواه الدارقطني (295) دون قضية العبد الآبق، وروى الترمذي
(1 / 296) النهي عن شراء الغنائم، وقال:
132

" غريب ".
يعني ضعيف، وقد بين وجهه ابن حزم في " المحلى " فقال (8 / 390):
" جهضم، ومحمد بن إبراهيم. ومحمد بن زيد العبدي مجهولون، وشهر
متروك ".
وأعله ابن أبي حاتم في " العلل، (1 / 373 / 1108) عن أبيه بابن
إبراهيم هذا، فقال:
" شيخ مجهول ".
وقال البيهقي:
" وهذه المناهي وإن كانت في هذا الحديث بإسناد غير قوي، فهي داخلة
في بيع الغرر الذي نهى عنه في الحديث الثابت عن رسول الله (ص) ".
يعني الحديث الآتي بعده.
وقال الحافظ في " بلوغ المرام ":
" إسناده ضعيف ".
1294 - (لمسلم عن أبي هريرة: " أن النبي (ص) نهى عن
بيع الغرر ") ص 308.
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 3) وكذا أبو داود (3376) والنسائي
(2 / 217) والترمذي (1 / 231) والدارمي (2 / 251، 254) وابن أبي
شيبة في " المصنف " (8 / 194 / 2) وابن ماجة (2194) وابن الجارود (590)
والدارقطني (295) والبيهقي (5 / 266، 302، 338، 342) وأحمد
(376 / 2، 436، 439، 496) من طرق عن عبيد الله بن عمر قال:
أخبرني أبو الزناد عن الأعرج عن أ بي هريرة مرفوعا به، وزادوا جميعا سوى ابن
أبي شيبة:
" وعن بيع الحصاة ".
133

وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وللشطر الأول منه شاهد من حديث ابن عمر. يرويه المعتمر بن سليمان
عن أبيه عن نافع عنه.
أ خرجه ابن حبان (1115) والبيهقي (5 / 302).
قلت: وإسناده صحيح على شرطهما، وحسنه الحافظ في " التلخيص "
(3 / 6) فقصر. لكن في بعض النسخ " حسن صحيح "!
وله طريق ثانية عن نافع عند البيهقي (5 / 338).
وله طريق أخرى عن ابن عمر.
أخرجه ابن أي شيبة.
ثم أخرجاه الأول عن سعيد بن المسيب، والآخر عن الشعبي مرسلا.
وله شواهد أخرى أخرجها الحافظ في " التلخيص "، وجلها عند الطبراني
في " الأوسط " (1 / 140 / 1 - زوائده).
فصل
1295 - (حديث " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد
فقولوا: لا أربح الله تجارتك "). ص 315.
صحيح. أخرجه الترمذي (1 / 248) والدارمي (1 / 326) وابن
حزيمة في " صحيحه " (1 / 141 / 1) وعنه ابن حبان في " صحيحه " (312)
وابن الجارود (562) وابن السني (151) والحاكم (2 / 56) والبيهقي
(2 / 447) من طرق عن عبد العزيز بن محمد أخبرنا يزيد بن خصيفة عن محمد
ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن رسول الله (ص)، قال: فذكره.
وزادوا الا ابني حبان والسني:
134

" وإذا رأيتم من ينشد فيه الضالة، فقولوا: لا رد الله عليك ".
وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
وصححه عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " (823) وعزاه للنسائي،
فالظاهر أنه يعني " السنن الكبرى " له، أو " عمل اليوم والليلة ".
1296 - (حديث " نهى (ص) عن بيع السلاح في الفتنة " قاله
أحمد). ص 310.
ضعيف. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 401) وابن عدي في
" الكامل " (ق 39 / 1) وأبو عمرو الداني في " الفتن " (152 / 1) والبيهقي
(5 / 327) عن بحر بن كنيز عن عبد الله اللقيطي عن أبي رجاء عن عمران بن
حصين قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل بحر بن كنيز هذا، وفي ترجمته ساقه
ابن عدي، وحكى أقوال أئمة الجرح فيه، ثم ختمها بقوله:
" والضعف على حديثه بين، وهو إلى الضعف منه أقرب إلى غيره ".
وقال البيهقي عقبه:
" وبحر السقا ضعيف لا يحتج به ".
ومن طريقه رواه البزار والطبراني في " الكبير " كما في " المجمع "
(4 / 87، 108) وقال:
" وفيه بحر بن كنيز السقا، وهو متروك ".
قلت: لكنه لم يتفرد به، فقد رواه محمد بن مصعب أنا أبو الأشهب عن
أبي رجاء عن عمران بن حصين به.
135

أخرجه ابن عدي (372 / 2) وعنه البيهقي وقال:
" رفعه وهم، والموقوف أصح ".
قلت: وعلقه العقيلي وقال:
" ولا يصح إلا عن أبي رجاء ".
. قلت: وعلته محمد بن مصعب هذا وهو القرقسائي قال الحافظ في
" التقريب ":
" صدوق، كثير الغلط ". ولذلك جزم الحافظ في " التلخيص " بضعف
الحديث، فقال (3 / 18):
" وهو ضعيف، والصواب وقفه، وكذلك ذكره البخاري تعليقا ".
قلت: قال الحافظ في " الفتح " (4 / 270 - 271):
(وهذا وصله ابن عدي في " الكامل " من طريق أبي الأشهب عن أبي
رجاء عن عمران. ورواه الطبراني في " الكبير " من وجه آخر عن أبي رجاء عن
عمران مرفوعا. وإسناده ضعيف ".
1297 - (حديث " لا يبع بعضكم على بيع بعض "). ص 311
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 29) و (5 / 3) ومالك
(2 / 683 / 95) وعنه محمد بن الحسن في " الموطأ " (340) وأبو داود
(1436) والنسائي (2 / 71) وابن ماجة (2171) والشافعي (1243)
والبيهقي (5 / 344) وأحمد (2 / 7، 63، 108، 124، 126، 130،
142، 153، 177) من طرق عن نافع عن عبد الله بن عمر به.
1298 - (حديث أبي هريرة " لا يسوم الرجل على سوم أخيه "
رواه مسلم). ص 311
136

صحيح. أخرجه مسلم (4 / 138 - 139، 5 / 4) والنسائي
(2 / 216) وابن ماجة (2172) والبيهقي (5 / 344) وأحمد (2 / 487) من
طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا به. واللفظ لابن ماجة. ولفظ
مسلم " يسم ".
وقد أخرجه البخاري (2 / 175) من طريق أبي حازم عن أبي هريرة به
بلفظ:
" نهى رسول الله (ص) عن التلقي.. وأن يستام الرجل على سوم
أخيه ". وله في مسلم والسنن طرق أخرى عن أبي هريرة.
1298 / 1 - (حديث " أن النبي (ص) باع فيمن يزيد ")
ضعيف. وقد مضى برقم (1289).
1299 - (قال ابن عمر في المصاحف: " وددت أن الأيدي
تقطع في بيعها "). ص 311.
ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 184 / 1) من
طريق ليث عن أبي محمد عن سعيد بن جبير عن ابن عمر به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف. وأبو
محمد فلم أعرفه. لكنه لم يتفرد به، فقد قال ابن أبي شيبة بعد: نا وكيع عن
سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير به.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. ثم استدركت فقلت: إنه
منقطع بين سفيان وسالم، بينته رواية البيهقي (6 / 16) من طريق عبد الله ثنا
سفيان عن جابر عن سالم به. وجابر هذا هو الجعفي متروك.
ثم روى من طريق قتادة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
" اشترها، ولا تبعها ".
وإسناده صحيح أيضا عل شرطهما. وفي الباب عنده آثار أخرى
137

متضاربة. ويعجبني منها ما رواه عن الشعبي قال:
" إنهم ليسوا يبيعون كتاب الله، إنما يبيعون الورق وعمل أيديهم "
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وأحسن منه ما روى جعفر بن أحمد بن سنان ثنا محمد بن عبيد الله بن
بريع ثنا الفضل ابن العلاء ثنا جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن علي بن الحسين
عن ابن عباس قال:
" كانت المصاحف لا تباع، كان الرجل يأتي بورقة عند النبي (ص) " فيقوم
الرجل فيحتسب فيكتب، ثم يقوم آخر فيكتب حتى يفرغ من المصحف ".
أخرجه البيهقي
لكني لم أعرف جعفر بن أحمد وشيخه محمد بن عبيد الله.
1300 - (حديث " ان النبي (ص) (كان)، ينهى أن يسافر بالقرآن
إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم "). رواه مسلم. ص 312.
صحيح. أخرجه مسلم (6 / 30) وكذا ابن ماجة (2880) من
طريق الليث عن نافع عن عبد الله ابن عمر به.
ثم أخرجه مسلم وأحمد (2 / 6، 10) من طريق أيوب عن نافع به
بلفظ:
" لا تسافروا بالقرآن فاني أخاف أن يناله العدو ".
ثم أخرجه مسلم عن الضحاك بن عثمان، وأحمد (2 / 55) عن عبيد الله
كلاهما عن نافع به مثل رواية الليث بن سعد. وتابعه ابن إسحاق عن نافع به
دون الشطر الثاني. أخرجه أحمد (2 / 76) وعلقه البخاري.
وتابعهم مالك عن نافع به، إلا أنه جعل الشطر الثاني منه من قوله،
فقال:
" قال مالك: وإنما ذلك مخافة أن يناله العدو ".
138

أخرجه هكذا في " الموطأ " (2 / 446 / 7) وعنه البخاري (2 / 245)
ومسلم وأبو داود (2610) وابن ماجة (2879) وأحمد (2 / 7، 63) كلهم
عن مالك به إلا أنهم اختلفوا عليه، فالشيخان لم يذكرا الشطر الثاني منه
أصلا. وأبو داود جعله من كلام مالك، وابن ماجة وأحمد جعلاه من تمام
الحديث، وهو الصواب الذي صححه الحافظ في " فتح الباري " (6 / 93) أنه
مرفوع وليس بمدرج. قال:
" ولعل مالكا كان يجزم به، ثم صار يشك في رفعه، فجعله من تفسير
نفسه ".
لكن الحافظ وهم في نسبته هذه الزيادة لرواية ابن إسحاق عند أحمد،
وليس كذلك كما تقدم ذكره.
ويؤيد ما صوبنا، أن للحديث طريقا أخرى عن ابن عمر، فقال الإمام أحمد
(2 / 128): ثنا عبيد بن أبي قرة ثنا سليمان يعني ابن بلال عن عبد الله بن
دينار عن ابن عمر قال:
" نهى رسول الله (ص) أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن
يناله العدو ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال للشيخين غير عبيد
هذا، فقال ابن معين: ما به بأس. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق. وقال
البخاري: لا يتابع في حديثه. ويعني حديثا خاصا في قصة العباس. فلا يضره
ذلك إن شاء الله تعالى.
1301 - (حديث (أن عمر أنكر على عبد الرحمن بن عوف حين
باع جارية له كان يطؤها قبل استبرائها وقال: ما كنت لذلك بخليق ".
وفيه قصة. رواه عبد الله بن عبيد بن عمير) ص 312.
1302 - (حديث أبي سعيد " أن النبي (ص) نهى عام أوطاس
أن توطأ حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة " رواه أحمد
139

وأبو داود). ص 312.
صحيح. أخرجه أحمد (3 / 28، 62، 87) وأبو داود (2157)
وكذا الدارمي (2 / 171) والدارقطني (472) والحاكم (2 / 195) والبيهقي
(5 / 329) من طريق شريك عن قيس بن وهب (زاد أحمد: وأبي إسحاق)
عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) " قال في سبي
أوطاس:
" لا توطأ حامل... ". الحديث. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.
قلت: وفيه نظر، فإن شريكا، وهو ابن عبد الله القاضي سئ الحفظ،
ولم يخرج له مسلم إلا متابعة.
وله شاهد من حديث جابر أن النبي (ص) نهى أن توطأ النساء الحبالى من
السبي.
أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1679): حدثنا رباح عن عطاء عنه.
قلت: وهذا سند جيد على شرط مسلم، وعطاء هو ابن أبي رباح،
ورباح هو ابن أبي معروف.
ومن حديث العرباض بن سارية:
" أن رسول الله (ص) نهى أن توطأ السبايا حتى يضعن ما في بطونهن ".
أخرجه الترمذي (1 / 296) من طريق أم حبيبة بنت العرباض. بن سارية
أن أباها أخبرها به. وقال:
" حديث غريب ". وأخرجه الحاكم (2 / 135) وقال:
" صحيح "! ووافقه الذهبي!
كذا قالا، وأم حبيبة مجهولة.
وعن رويفع بن ثابت الأنصاري أنه قام فيهم خطيبا فقال: أما إني لا
140

أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله (ص) " يقول يوم حنين، قال:
(لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره، يعني
إتيان الحبالى، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من
السبي حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى
يقسم ".
أخرجه أبو داود (2158) وأحمد (4 / 108 - 109) من طريق ابن
إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عنه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، وصححه ابن حبان
والبزار كما ذكر الحافظ في " بلوغ المرام ".
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:
" نهى رسول الله (ص) يوم خيبر عن بيع المغانم حتى تقسم، وعن
الحبالى أن يوطأن حتى يضعن ما في بطونهن، وقال: أتسقي زرع غيرك، وعن
أكل لحوم الحمر الأنسية، وعن لحم كل ذي ناب من السباع ".
أخرجه الحاكم (2 / 137) وقال:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
وفي رواية له:
" وعن بيع الخمس حتى يقسم ". مكان قوله " وعن لحم... ".
وقال: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
وعن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:
" لا يقعن رجل على امرأة، وحملها لغيره ".
أخرجه أحمد (2 / 368) عن رشدين عن عمرو عن بكير عن سليمان بن
يسار عنه.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير رشدين، وهو
141

ابن سعد، وهو ضعيف لسوء حفظه. لكن يقويه أنه جاء من طريق أخرى،
يرويه إسماعيل بن عياش عن الحجاج بن أرطاة عن داود بن أبي هند عن
الشعبي عن أبي هريرة عن النبي (ص):
" أنه نهى في وقعة أوطاس أن يقع الرجل على حامل حتى تضع ".
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 52) وفي " الأوسط " كما في
" المجمع " (5 / 4) والدارقطني في " الأفراد " (2 / 10 / 1) وقالا:
" تفرد به إسماعيل بن عياش ".
قلت: وهو ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها، فإن الحجاج
ابن أرطاة كوفي، وهو مدلس وقد عنعنه. وقد اضطرب إسماعيل عليه، فرواه
مرة هكذا، ومرة قال: عن الحجاج بن أرطاة عن الزهري عن أنس بن مالك
عن النبي (ص) أنه قال:
" لا تطؤوا السبايا حتى يحضن، ولا الحوامل حتى يضعن، ولا تولهوا
والدا عن ولده ".
أخرجه الدارقطني في " الأفراد " أيضا.
وجملة القول أن الحديث بهذه الشواهد صحيح بلا ريب.
باب الشروط في البيع
1303 - (حديث " المسلمون على شروطهم "). ص 313
صحيح. وقد روي من حديث أبي هريرة، وعائشة، وأنس بن
مالك، وعمرو بن عوف، ورافع ابن خديج، وعبد الله بن عمر.
1 - أما حديث أبي هريرة، فيرويه كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن
أبي هريرة مرفوعا بزيادة:
" والصلح جائز بين المسلمين ".
142

أ خرجه أبو داود (3594) وابن الجارود (637 و 638) وابن حبان
(1199) والدارقطني (300) والحاكم (2 / 49) والبيهقي (6 / 79) وابن
عدي في " الكامل " (ق 276 / 1) وقال: " كثير بن زيد الأسلمي لم أر
بحديثه بأسا، وأرجو أنه لا بأس به ".
وقال الحاكم:
" رواة هذا الحديث مدنيون ". فلم يصنع شيئا! ولهذا قال الذهبي:
" قلت: لم يصححه، وكثير ضعفه النسائي، وقواه غيره ".
قلت: فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى ما لم يتبين خطؤه، كيف
وهو لم يتفرد به كما يأتي، وقال فيه الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطئ "، وصحح حديثه هذا عبد الحق في " أحكامه " (ق.
170 / 1) وزاد ابن الجارود بعد قوله: " شروطهم ":
" ما وافق الحق منها ".
وتأتي هذه الزيادة من حديث عائشة.
وللزيادة الأولى: " الصلح جائز بين المسلمين " طريق أخرى عند
الدارقطني والحاكم (2 / 50) من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي نا عفان نا
حماد بن زيد عن ثابت عن أبي رافع عنه به. وقال الحاكم:
" صحيح عل شرط الشيخين، وهو معروف بعبد الله بن الحسين
المصيصي، وهو ثقة ".
قلت: وتعقبه الذهبي بقوله:
" قلت: قال ابن حبان: يسرق الحديث ".
2 - وأما حديث عاثشة، فيرويه عبد العزيز بن عبد الرحمن عن خصيف
عن عروة عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا بزيادة:
" ما وافق الحق ".
143

أخرجه الدارقطني والحاكم.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا عبد العزيز هذا وهو البالسي الجزري
اتهمه الإمام أحمد، وقال النسائي وغيره: ليس بثقة. ولهذا قال الحافظ في
" التلخيص " (3 / 23):
" وإسناده واه ".
3 - وأما حديث أنس، فيرويه البالسي المذكور عن خصيف عن عطاء بن
أبي رباح عنه.
قلت: وإسناده ضعيف جدا لما سبق بيانه في الذي قبله.
4 - وأما حديث عمرو بن عوف فيرويه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف
عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ:
" الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا حرم حلالا، أو أحل حراما،
والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا، أو أحل حراما ".
أخرجه الترمذي (1 / 253) بتمامه وابن ماجة (2353) دون
" المسلمون على شروطهم " والدارقطني والبيهقي وابن عدي في " الكامل "
(333 / 1) بالنصف الثاني منه وقال ابن عدي:
" كثير هذا، عامة أحاديثه لا يتابع عليه ".
وأما الترمذي فقال:
" حديث حسن صحيح ".
كذا قال! وكثير هذا ضعيف جدا، أورده الذهبي في " الضعفاء "،
وقال:
" قال الشافعي: من أركان الكذب، وقال ابن حبان: له عن أبيه عن
جده نسخة موضوعة، وقال آخرون: ضعيف ".
وقال في " الميزان " بعد أن ذكر قول الشافعي هذا وغيره:
144

" وأما الترمذي فروى من حديثه: " الصلح جائز بين المسلمين ".
وصححه، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ". وقال الحافظ في
" الفتح " (4 / 371):
" وكثير بن عبد الله ضعيف عند الأكثر، لكن البخاري ومن تبعه كالترمذي
وابن خزيمة يقوون أمره ".
5 - وأما حديث رافع بن خديج، فيرويه جبابرة بن المغلس: ثنا قيس بن
الربيع عن حكيم بن جبير عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج رفعه بزيادة:
" فيما أحل ".
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 222 / 1) وابن عدي في
" الكامل " (329 / 1) وقال:
" قيس بن الربيع عامة رواياته مستقيمة، والقول فيه ما قال شعبة وأنه لا
بأس به ".
قلت: لكن جبابرة بن المغلس ضعيف كما جزم بذلك الحافظ في
" التقريب ".
6 - وأما حديث ابن عمر، فيرويه محمد بن الحارث: حدثني محمد بن
عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عنه مرفوعا بزيادة:
" ما وافق الحق ".
أخرجه العقيلي في " الضعفاء (ص 375) وقال:
" محمد بن الحارث، قال ابن معين: ليس بشئ " ثم قال:
" وهذا يروى بإسناد أصلح من هذا، بخلاف هذا اللفظ ".
قلت: كأنه يعني الحديث الأول عن أبي هريرة.
وجملة القول: أن الحديث بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى درجة الصحيح
لغيره، وهي وإن كان في بعضها ضعف شديد، فسائرها، مما يصلح الاستشهاد
145

به، لا سيما وله شاهد مرسل جيد، فقال ابن أبي شيبة: نا يحيى ابن أبي زائدة
عن عبد الملك هو ابن أبي سليمان عن عطاء عن النبي (ص) " مرسلا.
ذكره في " التلخيص " وسكت عليه، وإسناده مرسل صحيح رجاله كلهم
ثقات رجال مسلم.
1304 - (حديث جابر " أنه باع النبي (ص) " جملا واشترط ظهره
إلى المدينة " متفق عليه) ص 313.. (وفي رواية): فقال: " أتراني ماكستك لآخذ جمه البخاري (2 / 173) ومسلم (5 / 53) وأحمد
فهو مالك
ودراهمك، فهو لك ".
والسياق للبخاري، والرواية الثانية لأحمد، وهي عند أبي داود
(3505) والترمذي (1 / 236) مختصرا وقال: " حسن صحيح ".
والثالثة لمسلم وكذا الرابعة. وله في الصحيحين والسنن وغيرها طرق
وألفاظ كثيرة، وقد استقصيت الألفاظ في " أحاديث البيوع وآثاره ".
1305 - (حديث ابن عمرو: " أن النبي (ص) نهى عن
شرطين في البيع ". رواه أبو داود والترمذي وصححه) ص 313.
حسن. أخرجه أبو داود (3504) والترمذي (1 / 232) وكذا النسائي
(2 / 225) والدارمي (2 / 253) وابن ماجة (2188) والطحاوي
(2 / 222) وابن الجارود (601) والدارقطني (320) والحاكم (2 / 17)
146

والطيالسي (2257) وأحمد (2 / 174، 179، 205) من طرق عن عمرو
ابن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ: -
" لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا
بيع ما ليس عندك ". لفظ أبي داود والترمذي وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وأقره عبد الحق في " أحكامه " (ق 154 / 2).
وليس عند ابن ماجة الجملتان الأوليان منه، وفي رواية لأحمد بدل الجملة
الثانية: " ونهى عن بيعتين في بيعة ".
أخرجها من طريقين عن عمرو به. وكذا أخرجه البيهقي (5 / 343)
وابن خزيمة أيضا في " حديث علي ابن حجر السعدي " (ج 4 رقم 99 - نسختي)
وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1108 - موارد) من طريق الوليد
عن ابن جريج أنبأنا عطاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال:
" يا رسول الله إنا نسمع منك أحاديث، أفتأذن لنا أن نكتبها؟ قال:
نعم، فكان أول ما كتب كتاب النبي (ص) إلى أهل مكة: لا يجوز شرطان في
بيع واحد، ولا بيع وسلف جميعا، ولا بيع ما لم يضمن، ومن كان مكاتبا على
مائة درهم، فقضاها إلا عشرة دراهم، فهو عبد، أو على مائة أوقية فقضاها إلا
أوقية، فهو عبد ".
وعلق عليه الحافظ ابن حجر في هامش " الموارد " بقوله:
" وقد قال النسائي في العتق بعد أن أخرجه: عطاء هو الخراساني، ولم
يسمع من عبد الله بن عمرو، ولا أعلم أحدا ذكر له سماعا منه ".
قلت: ويؤيده أن الحاكم أخرجه من طريق " يزيد بن زريع الرملي ثنا
عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن
العاص، قال:
" قلت: يا رسول الله إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها أفتأذن لي
147

أن أكتبها؟... " الحديث دون قضية المكاتب.
فصل
1306 - (حديث " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع،
صححه الترمذي). ص 315.
حسن. وتقدم تخريجه آنفا.
1307 - (قال ابن مسعود: " صفقتان في صفقة ربا ").
صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 192 / 2): نا أبو
الأحوص عن سماك عن أبي عبيدة أو عن عبد الرحمن بن عبد الله عن ابن مسعود
قال: فذكره موقوفا عليه وزاد:
" أ ن (1) يقول الرجل إن كان بنقد فبكذا، وإن كان بنسيئة فبكذا ".
نا وكيع قال: نا سفيان عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه
بمثله.
قلت: وهو بالسند الأول ضيف لتردد سماك وهو ابن حرب بين أبي
عبيدة وعبد الرحمن ابني عبد الله بن مسعود، وكان تغير بآخره، وهو بالسند
الآخر صحيح، لأن رواية سفيان، وهو الثوري عن سماك صحيحة، قال
يعقوب بن سفيان في ترجمته:
" وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح،
وليس من المتثبتين، ومن سمع منه قديما مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح
مستقيم ".
وقد رواه شعبة أيضا عن سماك به مثل رواية سفيان بلفظ:
" لا تصلح سفقتان في سفقة ".

(1) الأصل: إلا أن.
148

أخرجه أحمد (1 / 393)، وأخرجه ابن حبان (1111، 1112) من
طريق سفيان وشعبة.
وأورده باللفظ الأول في " المجمع " (4 / 84 - 85) من رواية البزار
والطبراني، وسكت عليه. ورواه عبد الرزاق أيضا كما في " كنز العمال "
(4904).
وقد خالفهم شريك عن سماك به فقال:
" نهى رسول الله (ص) عن صفقتين في صفقة واحدة. قال سماك:
الرجل يبيع البيع فيقول: هو بنساء بكذا وكذا، وهو بنقد بكذا وكذا ".
أخرجه أحمد (1 / 398).
قلت: وشريك هو ابن عبد الله القاضي وهو سئ الحفظ، فلا يحتج به لا
سيما مع مخالفته لسفيان وشعبة في رفعه.
ومن ذلك تعلم ما في قول الهيثمي (4 / 84 - 85):
" رواه البزار وأحمد، ورواه الطبراني في " الأوسط "، ولفظه: قال:
قال رسول الله (ص): لا تحل صفقتان في صفقة... ورجال أحمد ثقات "!
وللحديث شواهد من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن
عمرو.
أما حديث أبي هريرة، فيرويه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه قال:
" نهى رسول الله (ص) عن بيعتين في بيعة ".
أخرجه النسائي (2 / 227) والترمذي (1 / 232) وابن الجارود
(600) وابن حبان (1109) والبيهقي (5 / 343) وأحمد (2 / 432،
475، 503) من طرق عن محمد بن عمرو به، وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده حسن، وفي رواية بلفظ:
149

" من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا ".
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 192 / 2) وعنه أبو داود
(3460) وكذا ابن حبان (1110) والحاكم (2 / 45) وعنه البيهقي
(5 / 343) وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي، وصححه ابن حزم أيضا
في " المحلى " (9 / 16) وكذا صححه عبد الحق في أحكامه (155 / 1) باللفظ
الأول.
قلت: وإنما هو حسن فقط، لأن محمد بن عمرو، فيه كلام يسير في
حفظه، وقد ورى البخاري عنه مقرونا، ومسلم متابعة، وقال الحافظ في
" التقريب ":
" صدوق، له أوهام ".
وأما حديث عبد الله بن عمر، فيرويه يونس بن عبيد عن نافع عنه مرفوعا
بلفظ:
" مطل الغني ظلم، وإذا اتبع أحدكم على ملئ فليتبعه، ولا تبع بيعتين
في بيعة ".
أخرجه الترمذي (1 / 246) - وابن الجارود (599) وأحمد (2 / 71)،
وأخرجه ابن ماجة (2404) والطحاوي في " مشكل الآثار "، (4 / 8 - 9، 9)
دون الجملة الأخيرة منه، وأخرجها وحدها البزار كما في " المجمع " (4 / 85)
وقال:
" ورجال أحمد رجال الصحيح ".
قلت: لكنه منقطع، فقد قال البوصيري في " الزوائد " (ق
148 / 1):
" هذا الإسناد رجاله ثقات غير أنه منقطع، وقال أحمد بن حنبل لم يسمع
يونس بن عبيد عن نافع شيئا، إنما سمع من ابن نافع عن أبيه، وقال ابن معين
150

وأبو حاتم: لم يسمع من نافع شيئا ".
قلت: نافع أولاده ثلاثة: عمر، وعبد الله، وأبو عمر، كما في
" التهذيب " وعمر ثقة من رجال الشيخين، والثاني ضعيف، والثالث لم
أعرفه. فإن كان الذي روى عنه الأول فالسند صحيح وإلا فلا.
ونقل أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجة عن صاحب " الزوائد "
أنه قال عقب كلامه الذي نقلته عنه - آنفا:
" قلت: وهشيم بن بشر، مدلس، وقد عنعنه ".
قلت: وهذه الزيادة ليست في نسختنا من " الزوائد ".
والإعلال المذكور سليم بالنظر إلى سند ابن ماجة، ولكن الترمذي وأحمد
وغيرهما قد صرحا بتحديث هشيم عن يونس.
وأما حديث عبد الله بن عمرو، فهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه
من جده مرفوعا كما تقدم بيانه قبل هذا بحديث بلفظ حديث أبي هريرة الأول.
أخرجه ابن خزيمة والبيهقي وأحمد في أثناء الحديث المتقدم.
ورواه غيرهم بلفظ: " ولا شرطان في بيع ".
ويظهر أن اللفظين بمعنى واحد، رواه بعض الرواة عن عمرو بن شعيب
بهذا، وبعضهم بهذا، ويؤيده قول ابن قتيبة في " غريب الحديث "
(1 / 18):
" ومن البيوع المنهي عنها... شرطان في بيع، وهو أن يشتري الرجل
السلعة إلى شهرين بدينارين، والى ثلاثة أشهر بثلاثة دنانير، وهو بمعنى
(بيعتين في بيعة) ".
وقد مضى قريبا تفسيره بما ذكر عن سماك. وكذلك فسره عبد الوهاب بن
عطاء فقال:
" يعني يقول. هو لك بنقد بعشرة، وبنسيئة بعشرين ".
151

رواه البيهقي.
(فائدة) أخرج ابن أبي شيبة في الباب عن أشعث عن عكرمة عن ابن
عباس قال:
" لا بأس أن يقول للسلعة هي بنقد بكذا، وبنسيئة بكذا، ولكن لا
يفترقا إلا عن رضى ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل أشعث هذا، وهو ابن سوار
الكندي، وهو ضعيف كما في " التقريب "، وإنما أخرج له مسلم متابعة.
1308 - (حديث " من اشترط شرطا ليس في كتاب الله، فهو باطل
وإن كان مائة شرط " متفق عليه) ص 315.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 27، 29 - 30، 176) ومسلم
(4 / 213، 213 - 214) وكذا مالك (2 / 780 / 17) وأبو داود (29 39)
والنسائي (2 / 102 - 103) وابن ماجة (2521) والطحاوي (2 / 220 -
221) وابن الجارود (981) والدارقطني (298) والبيهقي (5 / 336،
338) وأحمد (6 / 206، 213، 271 - 272) من طرق عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة زوج النبي (ص):
" أن بريرة أتتها وهي مكاتبة، قد كاتبها أهلي على تسع أوراق، فقالت
لها: إن شاء أهلك عددت لهم عدة واحدة، وكان الولاء لي، قال: فأتت
أهلها، فذكرت ذلك لهم، فأبوا إلا أن تشترط الولاء لهم، فذكرت عائشة ذلك
للنبي (ص)، فقال: افعلي (وفي رواية: اشتريها وأعتقيها، واشترطي لهم
الولاء، فإن الولاء لمن أعتق)، قال: فقام النبي (ص) فخطب الناس،
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب
الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله
أحق وشرط الله أوثق، والولاء لمن أعتق ".
هذا لفظ ابن ماجة، ولفظ الشيخين:
" ما كان من شرط ليس في كتاب الله... ".
152

والرواية الثانية لمسلم في رواية، وكذا البخاري.
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ:
" كل شرط ليس... " دون قوله: " كتاب الله أحق... "
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 111 / 2) من طريق عمرو
ابن يحيى بن غفرة البجلي (1) نا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عنه.
قلت: وهذا إسناد قال فيه الهيثمي (4 / 205):
" فيه عمرو بن يحيى بن عفرة، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله
ثقات ".
1309 - (حديث " أن النبي (ص) أبطل الشرط ولم يبطل
العقد " وهو في حديث بريرة). ص 315.
صحيح. وهو في حديث عائشة الذي سقت لفظه في الحديث السابق.
1310 - (حديث " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " متفق عليه
صفحة 316.
صحيح. وتقدم تخريجه برقم (1281).
1310 / 1 - (حديث: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يخير أحدهما
صاحبه، فان خير أحدهما صاحبه، فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع ".
وفي لفظ:
" المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا، إلا أن يكون البيع كان عن خيار،
فإن كان البيع عن خيار، فقد وجب البيع ". متفق عليهما). ص 316
صحيح. وهو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وله عنه ثلاث
طرق:
الأولى: عن نافع عنه بلفظ.
.

(1) كذا الأصل غفرة بالغين المعجمة، ووقع في " المجمع " بالمهملة كما يأتي.
153

" البيعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا، إلا بيع
الخيار ".
هكذا هو عند البخاري (2 / 18، 19) ومسلم (5 / 9) وكذا مالك
(2 / 671 / 79) وأبو داود (3454) والنسائي (2 / 213) والطحاوي
(2 / 202) والبيهقي (5 / 268) وأحمد (2 / 73) من طرق عن نافع به.
وأما اللفظ الثاني الذي في الكتاب، فهو من رواية النسائي فقط من طريق
إسماعيل عن نافع به.
وإنما أخرجه الشيخان من طريق الليث بن سعد عنه بلفظ:
" إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعا،
أو يخير أحدهما الآخر، فان خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب
البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب
البيع ".
وهكذا أخرجه الشافعي (1258) والنسائي أيضا، وابن ماجة
(2181) وابن الجارود (618) والدارقطني (290 - 291) والبيهقي
(5 / 269) وأحمد (2 / 119) كلهم عن الليث به.
وتابعه ابن جريج قال: أملى علي نافع... فذكره نحوه وزاد في آخره:
" قال نافع: فكان إذا بايع رجلا، فأراد أن لا يقيله، قام، فمشى هنيهه،
ثم رجع إليه ".
أخرجه مسلم والبيهقي.
وتابعه على هذه الزيادة يحيى بن سعيد قال: قال نافع:
" وكان ابن عمر إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه ".
أخرجه البخاري والنسائي والترمذي (1 / 235) والبيهقي، ولفظ
الترمذي:
154

" فكان ابن عمر إذا ابتاع بيعا، وهو قاعد، قام ليجب له البيع ".
وقال:
" حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بلفظ:
" كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا، إلا بيع الخيار ".
أخرجه البخاري (2 / 19) ومسلم (5 / 10) والنسائي (2 / 214)
والبيهقي (5 / 269)،
الثالثة: عن سالم قال: قال ابن عمر:
" كنا إذا تبايعنا كل واحد منا بالخيار ما لم يتفرق المتبايعان، قال:
فتبايعت أنا وعثمان، فبعته مالي في الوادي، بمال له بخيبر، قال: فلما بعته
طفقت أنكص القهقري خشية أن يرادني عثمان البيع قبل أن أفارقه ".
أخرج الدارقطني (291) بسند صحيح والبيهقي (5 / 271)، وعلقه
البخاري (2 / 20) بصيغة الجزم.
1311 - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا وفيه:
" ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله ". رواه النسائي
والأثرم والترمذي وحسنه). ص 317.
حسن. أخرجه النسائي (2 / 214) والترمذي (1 / 236) وكذا أبو
داود (3456) وابن الجارود (620) والدارقطني (310) والبيهقي
(5 / 271) وأحمد (2 / 183) من طرق عن عمرو بن شعيب به. وقال
الترمذي:
" حديث حسن ".
قلت: وهو كما قال، فقد استقر رأي جماهير المحدثين على الاحتجاج
بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، بعد خلاف قديم فيه. وقد قال
155

الدارقطني عقبه:
" حدثنا أبو بكر النيسابوري نا محمد بن علي الوراق قال: قلت لأحمد بن
حنبل: عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئا، قال: يقول: حدثني أبي،
قال: قلت: فأبوه سمع من عبد الله بن عمرو قال: نعم أراه قد سمع منه،
سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن
عمرو بن العاص، وقد صح سماع عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب، وصح
سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو ".
ثم روى حديثا باسناد صحيح فيه سماع شعيب من جده عبد الله. وعن
البخاري أنه قال: سمع شعيب من عبد الله بن عمرو. وقال: رأيت علي بن
المديني وأحمد بن حنبل والحميدي وإسحاق بن راهويه يحتجون به ".
قيل له: فمن يتكلم فيه يقول ماذا؟ قال: يقولون: إن عمرو بن
شعيب أكثر، أو نحو هذا.
قلت: فلا يلتفت بعد هذا إلى قول ابن حزم في " المحلى " (8 / 360)
عقب الحديث:
" لا يصح ".
فإنه يعني من أجل أنه من رواية عمرو بن شعيب!.
1312 - (أثر ابن عمر: " كان إذا اشترى شيئا يعجبه مشى
خطوات ليلزم البيع "). ص 317.
صحيح. أخرجه الشيخان وغيرهما بنحوه، في حديثه المتقدم قبل
حديث.
(تنبيه) ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن فعل ابن عمر هذا محمول على أنه
لم يبلغه خبر النهي عنه في حديث ابن عمرو الذي قبله. وبه جزم الحافظ في
" التلخيص " (3 / 20) ففيه دليل على أن الصحابي قد يخفى عليه حكم من
أحكام الشريعة، لعدم وصول الحديث إليه، فينفي أو يجتهد برأيه فيخطئ،
156

وهو مع ذلك مأجور غير موزور، وإذا كان هذا شأن الصحابي، فمثله الإمام
من الأئمة المتبوعين، قد يخفى عليه الحديث فينفي بخلافه، فإذا بلغنا الحديث
وجب علينا العمل به وترك رأيه، وذلك مما وصانا به الأئمة أنفسهم جزاهم الله
خيرا، ولكن لم يفد تلك شيئا مع مقلديهم، فإنهم يخالفون الأحاديث
الصحيحة إلى آرائهم، إلا من شاء الله، وقليل ما هم.
1313 - (حديث " المسلمون على شروطهم ").
صحيح. وتقدم برقم (1303).
1314 - (حديث " من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن
يشترطه المبتاع " رواه مسلم.
صحيح. وهو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وله عنه
طرق.
الأولى: عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: سمعت رسول الله (ص)
يقول:
" من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن
ابتاع عبدا، وله مال، فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع ".
أخرجه البخاري (2 / 81) ومسلم (5 / 17) وأبو داود (3433)
والنسائي (2 / 228) والترمذي (1 / 235) والدارمي (2 / 253) وابن ماجة
(2211) والطحاوي (2 / 210) وابن الجارود (628، 629) والطيالسي
(1806) وأحمد (2 / 9، 82، 105) من طرق عن الزهري عن سالم به.
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ:
" أيما رجل باع نخلا قد أبرت فثمرتها للأول، وأيما رجل باع مملوكا،
وله مال، فماله لربه الأول، إلا أن يشترط المبتاع ".
157

أخرجه الإمام أحمد (2 / 78): ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت عبد
ربه بن سعيد يحدث عن نافع عن ابن عمر به. قال شعبة: فحدثته بحديث
أيوب عن نافع أنه حدث بالنخل عن النبي (ص)، والمملوك عن عمر، قال
عبد ربه: لا أعلمهما جميعا إلا عن النبي (ص). ثم قال مرة أخرى: فحدث
عن النبي (ص) ولم يشك ".
وأخرجه ابن ماجة (2212): حدثنا محمد بن الوليد ثنا محمد بن جعفر
به نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه وأصحاب
السنن وغيرهم من طرق عن نافع به دون الشطر الثاني منه.
وللشطر الأول منه طريق ثالث، عن عكرمة بن خالد المخزومي عن ابن
عمر:
" أن رجلا اشترى نخلا، قد أبرها صاحبها، فخاصمه إلى النبي (ص)
فقضى رسول الله (ص) أن الثمرة لصاحبها الذي أبرها، إلا أن يشترط
المشتري،.
أخرجه الطحاوي (2 / 210) والبيهقي (5 / 298) وأحمد (2 / 30)
قلت: وإسناده صحيح عل شرط مسلم.
وللحديث شاهد يرويه سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر، وعن
عطاء عن جابر أن رسول الله (ص) قال: فذكره.
أخرجه ابن حبان (1127).
1315 - (حديث عائشة: " أن النبي (ص) قضى أن الخراج
بالضمان " رواه الخمسة وصححه الترمذي) ص 317.
حسن. أخرجه أبو داود (3508) والنسائي (2 / 215) والترمذي
(ش 1 / 242) وابن ماجة (2242) وأحمد (6 / 49، 161، 208،
237)، فهؤلاء هم الخمسة، ورواه أيضا الإمام الشافعي (1266) وابن
158

الجارود (627) وابن حبان (1125) والدارقطني (311) والحاكم
(2 / 15) والطيالسي (1464) كلهم من طريق ابن أبي ذئب عن مخلد بن
خفاف عن عروة عنها به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح غريب ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير مخلد هذا، وثقه ابن
وضاح وابن حبان. وقال البخاري: " فيه نظر ". وقال الحافظ في
" التقريب ":
" مقبول ".
قلت: يعني عند المتابعة، وقد توبع في هذا الحديث، فقال مسلم بن
خالد الزنجي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها:
" أن رجلا ابتاع غلاما، فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم، ثم وجد به
عيبا، فخاصمه إلى النبي (ص)، فرده عليه، فقال الرجل: يا رسول الله قد
استغل غلامي، فقال رسول الله (ص) ": الخراج بالضمان ".
أخرجه أبو داود (3510) وابن ماجة (2243) والطحاوي
(2 / 208) وابن الجارود (626) والحاكم (2 / 15) وقال:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
قلت: وفيه نظر، فان الزنجي، وإن كان فقيها صدوقا، فإنه كثير
الأوهام كما قال الحافظ في " التقريب ". والذهبي نفسه قد ترجمه في " الميزان "
وساق له أحاديث مما أنكر عليه ثم ختم ذلك بقوله:
" فهذه الأحاديث وأمثالها ترد بها قوة الرجل ويضعف ".
قلت: وقد تابعه على المرفوع منه عمر بن علي المقدمي عنه هشام بن عروة
به، أخرجه البيهقي (5 / 322).
قلت، والمقدمي هذا ثقة، لكنه كان يدلس تدليسا سيئا كما هو مذكور في
ترجمته، فمن الجائز أن يكون تلقاه عن الزنجي ثم دلسه. فلا يتقوى الحديث
159

بمتابعته، وإنما يتقوى بالطريق التي قبله، لا سيما وقد تلقاه العلماء بالقبول، كما
فكر الإمام أبو جعفر الطحاوي.
1316 - (حديث " الثلث والثلث كثير "). ص 318.
صحيح. وهو قطعة من حديث رواه سعد بن أبي وقاص، أخرجه
الشيخان وغيرهما، ومضى تخريجه برقم (899).
1317 - (حديث " لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه فإذا
أتى (سيده) السوق فهو بالخيار " رواه مسلم). ص 318.
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 5) وأبو داود (3437) والنسائي
(2 / 216) والترمذي (1 / 230) والدارمي (2 / 255) وابن ماجة
(2178) والطحاوي (2 / 200) وابن الجارود (571) والبيهقي
(5 / 348) وأحمد (2 / 284، 403) من طرق عن ابن سيرين عنه. وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة به مختصرا بلفظ:
" نهى النبي (ص) عن التلقي، وأن يبيع حاضر لباد ".
أخرجه البخاري (2 / 29) وأحمد (2 / 402).
1318 - (حديث " نهى رسول الله (ص) عن النجش ").
متفق عليه.
صحيح. وهو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. أخرجه
البخاري (2 / 25) ومسلم (5 / 5) ومالك (2 / 684 / 97) والنسائي
(2 / 216 - 217) والدارمي (2 / 255) وابن ماجة (2173) والشافعي
(1241) والبيهقي (5 / 343) وأحمد (2 / 7، 63، 108) كلهم عن مالك
عن نافع عنه. وفسره مالك بقوله:
160

" والنجش: آن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها، وليس في نفسك
اشتراؤها، فيقتدي بك غيرك ".
1319 - (حديث " من غشنا فليس منا "). ص 319.
صحيح. وهو من حديث أبي هريرة، وعبد الله بن عمر. وأنس بن
مالك، وأبي بردة بن نيار، والحارث بن سويد النخعي.
أما حديث أبي هريرة، فله عنه طريقان:
الأولى: عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة:
" أن رسول الله (ص) مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه
بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله،
قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني. (وفي
رواية: منا. وفي أخرى: ليس منا من غش. وفي رابعة: ليس منا من
غشنا. وفي خامسة: ألا من غشنا فليس منا).
أخرجه مسلم (1 / 69) والسياق له وأبو عوانة في " صحيحه " (1 / 57)
وأبو داود (3452) والرواية الثالثة له، والترمذي (1 / 247) والثانية له، وابن
ماجة (2224) والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 134) وابن الجارود (564)
والرواية الرابعة له، وكذا الحكام (2 / 8 - 9) وله الخامسة أيضا، والبيهقي
(5 / 320) وأحمد (2 / 242) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 304 / 2) من طرق
عن العلاء به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح " وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه "
فوهم في استدراكه على مسلم.
الطريق الثانية: عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به
مختصرا مرفوعا بلفظ:
161

" من غشنا فليس منا ".
أخرجه مسلم والطحاوي وأحمد (2 / 417).
وأما حديث عبد الله بن عمر، فله أيضا طريقان:
الأولى: عن أبي معشر عن نافع عنه به نحو حديث أبي هريرة من الطريق
الأولى، وقال:
" فمن غشنا، فليس منا ".
أخرجه أحمد (2 / 50) والطبراني في " الأوسط " (137 / 2) وقال:
" لم يروه عن نافع إلا أبو معشر ".
قلت: وأبو معشر ضعيف من قبل حفظه، لكن تقويه الطريق الآتية:
والآخري: عن أبي عقيل بن يحيى بن المتوكل قال: أخبرني القاسم بن
عبيد الله عن سالم عن ابن عمر به.
أخرجه الدارمي (2 / 248).
قلت: وأبو عقيل هذا، ضعيف أيضا.
وأما حديث أنس، فيرويه إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة
عن أنس بن مالك، قال: فذكره.
أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 137 / 2) وقال:
" لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وقال المنذري في " الترغيب " (30 / 22):
" وهو إسناد جيد ". وقال الهيثمي (4 / 79):
" ورجاله ثقات ".
قلت: وأنا أخشى أن يكون منقطعا، فإنهم لم يذكروا لإسماعيل هذا
رواية عن أحد من الصحابة، وقد تناقض فيه ابن حبان، فإنه أورده في " ثقات
162

التابعين " كما في " التهذيب "، ثم أعاده في " ثقات أتباع التابعين " وقال
(2 / 10):
مات في آخر ولاية المهدي سنة تسع وستين ومائة ".
وكانت وفاة أنس سنة ثلاث وتسعين، فبين وفاتيهما ست وستون سنة،
فيبعد في العادة أن يسمع من مثله، والحالة هذه.
وأما حديث أبي بردة، فيرويه شريك عن عبد الله بن عيسى عن جميع بن
عمير عن خاله أبي بردة به نحوه.
أخرجه أحمد (3 / 466 و 4 / 45) وكذا الطبراني ني " الكبير "
و " الأوسط " والبزار باختصار، كما في " المجمع " (4 / 78) وقال:
" وفيه جميع بن عمير، وثقه أبو حاتم، وضعفه البخاري وغيره ".
قلت: وفي " التقريب ":
" ضعيف رافضي ".
قلت: وفي الطريق إليه شريك، وهو ابن عبد الله القاضي، وهو سئ
الحفظ، لكنه لم يتفرد به، فقد قال الطبراني في " الأوسط " (1 / 137 / 2):
" ورواه شريك وقيس بن الربيع عن عبد الله بن عيسى... ".
وقد خالفهما عمار بن رزيق، وهو الضبي الكوفي الثقة، فرواه عن عبد الله
ابن عيسى " بإسناد آخر له، وهذا أصح، وهو:
وأما حديث الحارث بن سويد، فيرويه عمار بن رزيق، ثنا عبد الله بن
عيسى عن عمير بن سعيد، عنه عمه قال:
" خرج رسول الله (ص) إلى البقيع، فرأى طعاما يباع في غرائر، فأدخل
يده، فأخرج شيئا كرهه، فقال: من غشنا فليس منا ".
أخرجه الحاكم (2 / 9) وقال:
هذا حديث صحيح، وعم عمير بن سعيد، هو الحارث بن سعيد النخعي ".
163

ووافقه الذهبي.
وأما حديث ابن مسعود، فيرويه الفضل بن الحباب، حدثنا عثمان بن
الهيثم المؤذن، ثنا أبي عن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود مرفوعا
بلفظ:
" من غشنا فليس منا، والمكر والخديعة في النار ".
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1107) والطبراني في " الصغير "
(ص 153) و " الكبير " أيضا كما في " المجمع " (4 / 79) وأبو نعيم في
" الحلية " (4 / 188) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 15 / 2) وقال
الهيثمي:
" ورجاله ثقات، وفي عاصم بن بهدلة كلام لسوء حفظه ".
قلت: والمتقرر فيه عند أهل العلم أنه حسن الحديث، يحتج به لا سيما إذا
وافق الثقات. ولهذا قال المنذري في " الترغيب " (3 / 22):
" إسناده جيد، ورواه أبو داود في " مراسيله " عن الحسن مرسلا مختصرا
قال: " المكر والخديعة والخيانة في النار ".
وفي الباب عن جماعة آخرين من الأصحاب، قد أخرج أحاديثهم
الهيثمي في " المجمع "، فمن شاء الوقوف عليها، فليرجع إليه.
1320 - (حديث أبي هريرة مرفوعا: " لا تصروا الإبل والغنم، فمن
ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها
وصاعا من تمر ". متفق عليه) ص 319.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 26) ومسلم (4 / 5) وكذا الشافعي
(1254) والبيهقي (5 / 318 و 320 - 321) وأحمد (2 / 242 و 465) من
طريق الأعرج عن أبي هريرة به.
وقد أخرجه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم من طرق أخرى بألفاظ
أخرى، وقد سقت الألفاظ مع تخريجها في " أحاديث البيوع ".
164

1321 - (حديث عقبة بن عامر مرفوعا: " المسلم أخو المسلم ولا يحل
لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا يبينه له " رواه أحمد وأبو داود
والحاكم ص 319.
صحيح. أخرجه ابن ماجة (2246) والحاكم (2 / 8)، وعنه البيهقي
(5 / 320) من طريق وهب بن جرير: ثنا أبي، سمعت يحيى بن أيوب يحدث
عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة ابن عامر به. وقال
الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي، وأقره المنذري في
" الترغيب " (3 / 24).
وأقول: إنما هو على شرط مسلم وحده، فإن ابن شماسة لم يخرج له
البخاري شيئا.
ورواه عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب به نحوه.
أخرجه أحمد (4 / 158) والطبراني في " الأوسط " (138 / 1) وقال:
(لا يروى عن عقبة إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وكأنه خفي عليه رواية يحيى بن أيوب، وهو أوثق من ابن
لهيعة.
وقد تابعهما الليث، فأخرجه مسلم (4 / 139) من طريق ابن وهب عن
الليث وغيره عن يزيد بن أبي حبيب به بلفظ:
" المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب
على خطبة أخيه حتى يذر ".
ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي أيضا (5 / 346) وسمى الغير ابن لهيعة.
والله أعلم.
(تنبيه) عزى المصنف الحديث لأبي داود كما ترى، وهو وهم، ولعله
165

خطأ من الناسخ أو الطابع. وعزاه الحافظ في " التلخيص " (3 / 22) إلى من
ذكرنا وزاد: والدارقطني. ولم أره في " البيوع " من " سننه ". والله أعلم.
1322 - (حديث ابن مسعود: " إذا اختلف المتبايعان، وليس بينهما
بينة، فالقول ما يقول صاحب السلعة أو يترادان ": رواه أحمد وأبو داود
والنسائي وابن ماجة وزاد فيه: " والبيع قائم بعينه " ولأحمد في رواية
" والسلعة كما هي " وفي لفظ: " تحالفا ").
صحيح. دون اللفظ الأخير. وله عنه ست طرق:
الأولى: عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عبد الله بن
مسعود مرفوعا باللفظ الأول.
أخرجه أحمد (1 / 466) وكذا الطيالسي (399) والدارقطني (ص 297)
والبيهقي (5 / 333)، والترمذي (1 / 240) معلقا، وقال:
" وهو مرسل ".
يعنى أنه منقطع بين القاسم وجده ابن مسعود، لكن قد جاء موصولا،
فرواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال: عن القاسم بن عبد الرحمن عن
أبيه به.
وزاد:
" والمبيع قائم بعينه ".
أخرجه أبو داود (3512) والدارمي (2 / 250) وابن ماجة (2186)
والدارقطني (298) والبيهقي أيضا، وأعله بقوله:
" خالف ابن أبي ليلى الجماعة في رواية هذا الحديث في إسناده، حيث قال:
" عن أبيه "، وفي متنه حيث زاد: " والبيع قائم بعينه ". ورواه إسماعيل بن
عياش عن موسى بن عقبة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقال فيه:
" والسلعة كما هي بعينها "، وإسماعيل إذا روى عن أهل الحجاز لم يحتج به،
166

ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وإن كان في الفقه كبيرا، فهو ضعيف في
الرواية لسوء حفظه، وكثرة خطئه في الأسانيد والمتون، ومخالفته الحفاظ فيها.
وقد تابعه في هذه الرواية عن القاسم الحسن بن عمارة، وهو متروك، لا يحتج
به.
قلت: أخرجه الدارقطني من طريق ابن عمارة، وابن عباس، وهما
ضعيفان، كما ذكر البيهقي، فلا فائدة من متابعتهما.
نعم قد تابعه على وصل الحديث من هو خير منهما، وهو عمر بن قيس
الماصر، وهو ثقة احتج به مسلم، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق ربما
وهم ".
أخرجه ابن الجارود (624) والدارقطني من طريق محمد بن سعيد بن
سابق، نا عمرو بن أبي قيس، عن عمر بن قيس الماصر عن القاسم بن عبد
الرحمن عن أبيه قال:
" باع عبد الله بن مسعود سبيا من سبي الأمارة بعشرين ألفا، يعني من
الأشعث بن قيس، فجاء بعشرة آلاف، فقال: إنما بعتك بعشرين ألفا،
قال: إنما أخذتهم بعشرة آلاف، وإني أرضى في ذلك برأيك فقال ابن مسعود:
إن شئت حدثتك عن رسول الله (ص)؟ قال: أجل، قال: قال رسول الله (ص):
" إذا تبايع المتبايعان بيعا ليس بينهما شهود، فالقول ما قال البائع، أو
يترادان البيع " فقال الأشعث: قد رددت عليك.
قلت: وهنا إسناد حسن متصل على الراجح، فقال الحافظ في
" التلخيص " (3 / 31):
" ورجاله ثقات، إلا أن عبد الرحمن، اختلف في سماعه من أبيه ".
قلت: قد أثبت سماعه منه إمام الأئمة البخاري. والمثبت مقدم على
النافي، ومن علم حجة على من لم يعلم، لا سيما إذا كان مثل البخاري!
وتابعه معن بن عبد الرحمن، وهو ثقة أيضا من رجال الشيخين، فقال
167

الطبراني في " المعجم الكبر " (3 / 75 / 1): حدثنا محمد بن صالح النرسي، نا
علي بن حسان العطار نا عبد الرحمن بن مهدي، نا سفيان عن معن ابن
عبد الرحمن، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه مرفوعا بلفظ:
" إذا اختلف المتبايعان، والسلعة قائمة بعينها، فالقول قول البائع، أو
يترادان ".
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير النرسي والعطار، فلم أعرفهما.
وتوبع القاسم عن أبيه، رواه أبو سعد البقال عن الشعبي عن عبد الرحمن
ابن عبد الله عن أبيه مرفوعا مختصرا بلفظ:
" إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع ".
أخرجه الطبراني (3 / 75 / 2).
قلت: وأبو سعيد هذا ضعيف مدلس.
الطريق الثانية: عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود مرفوعا:
" لذا اختلف البيعان (وفي لفظ: المتبايعان، زاد في رواية: والسلعة كما
هي) فالقول قول البائع، والمبتاع بالخيار ".
أخرجه الشافعي (1264) والترمذي (1 / 240) والبيهقي (5 / 332)
وأحمد (1 / 466) والزيادة له، وابن أبي شيبة في " المصنف، (7 / 207 / 2)
وقال البيهقي:
" عوف بن عبد الله لم يدرك عبد الله بن مسعود، وقال الشافعي في رواية
الزعفراني والمزني عنه: هذا حديث منقطع، لا أعلم أحدا يصله عن ابن
مسعود، وقد جاء من غير وجه ".
قلت: بعضها متصل، كما في بعض الروايات في الطريق الأولى، ومثله
الرابعة والخامسة والسادسة. وإحداها صحيح كما سيأتي بيانه.
الطريق الثالثة: عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه نحوه.
168

أخرجه النسائي (2 / 230)، والدارقطني (296 - 297)، والحاكم
(2 / 48)، والبيهقي (5 / 332 - 333)، وأحمد (1 / 466) وقال البيهقي:
" وهذا مرسل أيضا، أبو عبيدة لم يدرك أباه ".
وغفل عن ذلك الحاكم فقال:
" صحيح إن كان سعيد بن سالم حفظ في إسناده عبد الملك بن عمير ".
ويشير بذلك إلى أن في سنده اختلافا، وقد بينه الحافظ في " التلخيص "
(3 / 31)، فهي علة أخرى.
الرابعة: عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن جده
قال:
" اشترى الأشعث رقيقا من رقيق الخمس من عبد الله بعشرين ألفا،
فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم، فقال: إنما أخذتهم بعشرة آلاف فقال عبد الله:
فاختر رجلا يكون بيني وبينك، قال الأشعث: أنت بيني وبين نفسك! قال
عبد الله: فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: إذا اختلف البيعان، وليس بينهما
بينة، فهو ما يقول رب السلعة، أو يتتاركان ".
أخرجه أبو داود (3511) والنسائي (2 / 229 - 230) - المرفوع منه فقط -
وابن الجارود (625) والدارقطني (297) والحاكم (2 / 45) والبيهقي (5 / 332)
وقال:
" هذا إسناد حسن موصول، وقد روي من أوجه بأسانيد مراسيل، إذا
جمع بينها صار الحديث بذلك قويا ". وقال شيخه الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
قلت: أما أن الحديث قوي بمجموع طرقه، فذلك مما لا يرتاب فيه
الباحث، وأما أن إسناده هذا حسن أو صحيح، ففيه نظر، فقد أعله ابن
القطان بالجهالة في عبد الرحمن وأبيه وجده، كما نقله عنه الحافظ في
" التلخيص "، وضعفه ابن حزم في " المحلى " (8 / 467 - 468).
169

الخامسة: عن علقمة عن عبد الله مرفوعا مختصرا بلفظ:
" البيعان إذا اختلفا في البيع ترادا البيع ".
أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 59 / 2): حدثنا محمد بن هشام
المستملي، نا عبد الرحمن بن صالح، نا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم
عن علقمة به.
قلت: وهذا إسناد صحيح متصل، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين
غير شيخ الطبراني، وهو ثقة، وشيخ شيخه عبد الرحمن بن صالح، وهو الأزدي
الكوفي، وهو ثقة أيضا على تشيعه. وأعله الحافظ بما لا يقدح فقال:
" رواته ثقات، لكن اختلف في عبد الرحمن بن صالح، وما أظنه حفظه،
فقد جزم الشافعي أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شئ
موصول ".
قلت: وما يدرينا أن الشافعي اطلع على هذه الطريق بالذات، حتى
يصح لنا أن نعلمها بكلامه هذا المجمل!
وعبد الرحمن بن صالح ثقة كما تقدم، ولا خلاف فيه، وإنما تكلم فيه
بعضهم لتشيعه، وهذا لا يقدح في الاحتجاج بحديثه، وقد قال ابن عدي:
" معروف مشهور في الكوفيين، لم يذكر بالضعف في الحديث، ولا اتهم
فيه، إلا أنه مخترق فيما كان فيه من التشيع ".
والحافظ نفسه قد وثقه آنفا، وقال في " التقريب ":
" صدوق يتشيع ".
فالظن بأنه لم يحفظه مع كونه ثقة، لا يغني شيئا!.
السادسة: عن أبي وائل عنه قال:
" إذا اختلف البيعان، والمبيع مستهلك، فالقول قول البائع ".
ورفع الحديث إلى النبي (ص) في ذلك.
170

أخرجه الدارقطني (297) من طريق عصمة بن عبد الله، نا
إسرائيل عن الأعمش عن أبي وائل.
قلت: وعصمة هذا هو عصمة بن عبد الله بن عصمة بن السرح يترجمه ابن
أبي حاتم، وإنما ذكره في ترجمة جده عصمة بن السرح بإسناده إليه من روايته عن
أبيه عن جده.
وجملة القول أن الحديث صحيح قطعا، فإن بعض طرقه صحيحة،
وبعضها حسن، والأخرى مما يعتضد به.
(تنبيه) قد ذكر المؤلف رحمه الله في ألفاظ الحديث: " تحالفا " ولم أره في
شئ من هذه الطرق، والظاهر أنه مما لا أصل له. فقد ذكره الرافعي في جملة
روايات للحديث، بلفظ " إذا اختلف المتبايعان تحالفا ". فقال الحافظ في
" تخريجه ":
" وأما رواية التحالف، فاعترف الرافعي في " التذنيب " أنه لا ذكر لها في
شئ من كتب الحديث، وإنما توجد في كتب الفقه، وكأنه عنى الغزالي، فإنه
ذكرها في " الوسيط "، وهو تبع إمامه في (الأساليب).
1323 - (روي عن ابن مسعود " أنه باع الأشعث رقيقا من رقيق
الإمارة فقال: بعتك بعشرين ألفا، وقال الأشعث: اشتريت منك بعشرة،
فقال عبد الله: سمعت رسول الله (ص) يقول: " إذا اختلف المتبايعان وليس
بينهما بينة، والمبيع قائم بعينه فالقول قول البائع أو يترادان البيع ".
قال: فإني أرد البيع ". رواه سعيد) ص 322.
صحيح. لمجموع طرقه، وهي ست، وقد خرجتها آنفا. وهذا اللفظ
هو من رواية ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه:
" أن عبد الله بن مسعود باع من الأشعث بن قيس رقيقا... ".
وقد أخرجه أبو داود وابن ماجة وغيرهما كما سبق ذكره هناك، فعزو
المصنف إياه لسعيد - وهو ابن منصور - وحده قصور ظاهر.
171

ولقصة ابن مسعود مع الأشعث طرق أخرى بعضها حسن، فراجع إن
شئت ما تقدم.
1324 - (حديث عبد الملك بن عبيدة مرفوعا: " إذا اختلف
المتبايعان استحلف البائع، ثم كان للمشتري الخيار إن شاء أخذ وإن شاء
ترك " رواه سعيد) ص 322.
صحيح لغيره. وهو من رواية عبد الملك بن عبيدة، عن ابن لعبد الله
ابن مسعود، عن ابن مسعود مرفوعا به.
هكذا أخرجه الدارقطني (296) والبيهقي (5 / 333) من طريق سعيد
ابن مسلمة، نا إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيدة.
قلت: وسعيد بن مسلمة ضعيف كما في " التقريب ". لكن تابعه ابن
جريح، أخبرني إسماعيل بن أمية به نحوه. وسمى ابن عبد الله بن مسعود (أبا
عبيدة).
أخرجه النسائي والدارقطني والبيهقي وأعله بالانقطاع كما سبق بيانه قبل
حديث (الطريق الثالثة).
(تنبيه) صنيع المؤلف يوهم أن الحديث من مسند عبد الملك بن عبيدة،
وهو تابعي مجهول الحال. وقد عرفت أنه من روايته عن ابن عبد الله بن مسعود
عن أبيه، وقد خطر في البال أول الأمر أنه لعله سقط من الناسخ أو الطابع
قوله: " عن ابن لعبد الله... " حتى رأيت الشيخ ابن قدامة قد أورده في
" المغني " (4 / 193) كما أورده المصنف، فعرفت أن السقط قديم، وأن
المؤلف تابع للمغني في إيراده كذلك، ويحتمل أن يكون الحديث عند سعيد وهو
ابن منصور كما ذكراه مفصلا " والله أعلم.
وبالجملة فالحديث صحيح لأن له طرقا خمسا أخرى، خرجتها قبل
حديث.
1325 - (حديث ابن عمر: " مضت السنة أن ما أدركته الصفقة
172

حيا مجموعا، فهو من مال المشتري " رواه البخاري). ص 323
صحيح موقوفا. وهو عند البخاري (2 / 24) تعليقا مجزوما به:
(وقال ابن عمر... " فذكره دون قوله: " مضت السنة ". والباقي
مثله سواء، إلا أنه قال: " فهو من المبتاع " بدل قوله " فهو من مال المشتري "
ومعناهما واحد.
وقد وصله الطحاوي (2 / 204) والدارقطني (311) من طريقين عن
الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه به.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وعلقه ابن حزم (8 / 375)
مشيرا لصحته.
وأورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 394 / 1182) من طريق حاتم
ابن إسماعيل عن الأوزاعي عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي (ص) ": ما
أدركت الصفقة... " الخ بلفظ الكتاب تماما وقال:
" قال أبي: هذا خطأ، إنما هو الزهري عن حمزة بن عبد الله عن أبيه ".
قلت: وهكذا على الصواب رواه بشر بن بكر عند الطحاوي، والوليد بن
مسلم عند الدارقطني، كلاهما عن الزهري به موقوفا.
1326 - (حديث ابن عمر: " كنا نبيع الإبل بالنقيع بالدراهم،
فنأخذ عنهما الدنانير وبالعكس، فسألنا رسول الله (ص) فقال: لا بأس أن
تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شئ " رواه الخمسة) ص 323.
ضعيف. أخرجه أبو داود (3354 و 3355) والنسائي (2 / 223 -
224) والترمذي (1 / 234) والدارمي أيضا (2 / 259) وابن ماجة (2262)
والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 96) وابن الجارود (655) والدارقطني
(299) والحاكم (2 / 44) والبيهقي (5 / 284 و 315) والطيالسي (1868)
وأحمد (2 / 33 و 83 - 84 و 139 \) من طرق عن حماد بن سلمة عن سماك بن
حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال:
173

" كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع الدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع
بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه، فأتيت
- رسول الله (ص)، وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول الله رويدك أسألك، إني
أبيع الإبل بالبقيع، وأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم، وآخذ
الدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطى هذه من هذه، فقال رسول الله (ص): لا
بأس... " الحديث، والسياق لأبي داود، وضعفه الترمذي بقوله:
" هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن
جبير عن ابن عمر ". وأما الحاكم فقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال البيهقي:
" تفرد به سماك بن حرب عن سعيد بن جبير من بين أصحاب ابن
عمر ".
وأفصح عن علته ابن حزم فقال في " المحلى " (8 / 503 و 504).
" سماك بن حرب ضعيف يقبل التلقين، شهد عليه بذلك شعبة ".
وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره،
فكان ربما يلقن ". وقال في " التلخيص " (3 / 26):
" وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث. وروى البيهقي من طريق
أبي داود الطيالسي قال: سئل شعبة عن حديث سماك هذا؟ فقال: سمعت
أيوب عن نافع عن ابن عمر، ولم يرفعه. ونا قتادة عن سعيد ابن المسيب عن
ابن عمر، ولم يرفعه. ونا يحيى بن أبي إسحاق، عن سالم عن ابن عمر، ولم
يرفعه. ورفعه لنا سماك بن حرب، وأنا أفرقه ".
قلت: ومما يقوي وقفه، أن أبا هاشم - وهو الرماني الواسطي، وهو
ثقة - قد تابع سماكا عليه، ولكنه خالفه في متنه، فقال: عن سعيد بن جبير
عن ابن عمر:
174

" أنه كان لا يرى بأسا (يعني) في قبض الدراهم من الدنانير، والدنانير
من الدراهم ".
أخرجه النسائي (2 / 224) من طريق مؤمل قال: حدثنا سفيان عن أبي
هاشم به.
قلت: وهذا إسناد حسن.
وقد تابع حمادا إسرائيل بن يونس عن سماك به.
أخرجه الطحاوي وأحمد (2 / 101 و 154).
1327 - (" وقال النبي (ص) في البكر، هو لك يا عبد الله بن عمر
فاصنع به ما شئت ") ص 323.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 19 - 20 و 140) والبيهقي
(6 / 170 - 171) عن ابن عمر:
" أنه كان مع النبي في سفر، وكان على بكر صعب لعمر، وكان يتقدم
النبي (ص)، فيقول أبوه. يا عبد الله لا يتقدم النبي (ص) أحد، فقال له النبي (ص):
بعنيه، قال عمر: هو لك، فاشتراه، ثم قال: هو لك... ". الحديث.
1327 / 1 - (حديث " الخراج بالضمان ").
صحيح. وتقدم تخريجه برقم (1315).
1328 - (حديث " من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يستوفيه "
متفق عليه). ص 324
صحيح. وقد ورد عنه جماعة من أصحاب النبي (ص)، منهم عبد الله
ابن عمر، وعبد الله ابن عباس، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله.
1 - أما حديث ابن عمر، فله طرق:
الأولى: عن نافع عنه مرفوعا به.
175

أخرجه مالك (2 / 640 / 40) وعنه البخاري (2 / 22) وكذا مسلم
(5 / 7) وأبو داود (3492) والنسائي (2 / 224) والدارمي (2 / 252 -
253) وابن ماجة (2226) والشافعي (2 / 1246) والطحاوي (2 / 217)
وفي " مشكل الآثار " أيضا (4 / 220 - 221) والبيهقي (5 / 312) وأحمد
(2 / 63 - 64) كلهم عن مالك عن نافع به.
وتابعه جماعة عن نافع به.
أخرجه الطحاوي وأحمد (2 / 22).
الثانية: عن عبد الله بن دينار عنه به إلا أنه قال:
" حتى يقبضه ".
أخرجه مالك (2 / 640 / 41) والبخاري (2 / 23) ومسلم (5 / 8)
والنسائي، والشافعي (1247) والطحاوي، والبيهقي، والطيالسي (1887)
وأحمد (2 / 46، 59، 73، 79، 108) من طرق عن ابن دينار به.
الثالثة: عن القاسم بن محمد عن ابن عمر.
" أن رسول الله (ص) نهى أن يبيع أحد طعاما اشتراه بكيل حتى
يستوفيه ".
أخرجه أبو داود (3495) وأخرجه النسائي (2 / 225) والطحاوي،
وأحمد (2 / 111) من طريقين عنه. وفي الأولى عند الأولين المنذر بن عبيد
المدني، قال ابن القطان: مجهول الحال. وفي الأخرى عند أحمد: ابن لهيعة وهو
ضعيف.
2 - وأما حديث ابن عباس، فيرويه طاوس عنه مرفوعا بلفظ ابن عمر
الأول وزاد:
" قال ابن عباس: وأحسب كل شئ مثله ". وفي رواية: " بمنزلة
الطعام "
176

أخرجه مسلم (5 / 7) وأبو داود (3496) والنسائي (2 / 224)
والترمذي (1 / 243) وابن ماجة (2227) والبيهقي (5 / 312) وأحمد
(1 / 221، 270، 356، 368، 369) والرواية الأخرى له، وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وفي رواية عنه قال:
" أما الذي نهى عنه رسول الله (ص)، فهو الطعام أن يباع حتى
يقبض. قال ابن عباس: ولا أحسب كل شئ إلا مثله ".
أخرجه البخاري (2 / 24) والشافعي (1252) والطحاوي
(2 / 218) وابن الجارود (606) والطيالسي (2602).
3 - وأما حديث أبي هريرة، فيرويه سليمان بن يسار عنه مرفوعا بلفظ
حديث ابن عمر الأول. وفي رواية: " حتى يكتاله ".
أخرجه مسلم (5 / 8 - 9) بالرواية الثانية، والطحاوي (2 / 217)
وأحمد (2 / 337).
وفي رواية عنه:
" أنه قال لمروان: أحللت بيع الربا؟! فقال مروان: ما فعلت، فقال
أبو هريرة: أحللت بيع الصكاك، وقد نهى رسول الله (ص) عن بيع الطعام
حتى يستوفى. قال: فخطب مروان الناس، فنهى عن بيعها. قال سليمان:
فنظرت إلى حرس يأخذونها من أيدي الناس ".
أخرجه مسلم وأحمد (2 / 329، 349).
4 - وأما حديث جابر فيرويه أبو الزبير أنه سمعه يقول: كان رسول الله
(ص) يقول:
" إذا ابتعت طعاما، فلا تبعه حتى تستوفيه ".
ارواء - 5 - 12
177

أخرجه مسلم (5 / 9) والطحاوي (2 / 217) والبيهقي (5 / 312)
وأحمد (3 / 392).
1329 - (وقال ابن عمر: " رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة على
عهد رسول الله (ص) ينهون أن يبيعوه حتى يؤووه إلى رحالهم " متفق
عليه) ص 324.
صحيح. وله عنه طريقان:
الأولى: عن سالم بن عبد الله عنه قال:
" لقد رأيت الناس في عهد رسول الله (ص) يبتاعون جزافا يعني
الطعام، يضربون أن يبيعون في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم ".
أخرجه البخاري (2 / 24، 4 / 312) ومسلم (5 / 8) وأبو داود
(3498) والنسائي (2 / 225) والطحاوي في " المشكل " (4 / 218،
218 - 219) والبيهقي (5 / 314) وأحمد (2 / 7، 40، 53، 150،
157) من طريق ابن شهاب عنه. وزاد مسلم:
" وحدثني عبيد الله بن عبد الله بن عمر:
أن أباه كان يشتري الطعام جزافا ".
الطريق الأخرى: عن نافع عنه قال:
" كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا، فنهانا رسول الله (ص) أن نبيعه
حتى ننقله من مكانه ".
أخرجه مسلم والنسائي، وابن الجارود (607) والطحاوي (2 / 200)،
وفي " المشكل " (4 / 219) والبيهقي (5 / 314) وأحمد (2 / 15، 21،
142).
وفي رواية عنه قال:
" كنا في زمان رسول الله (ص) نبتاع الطعام، فيبعث علينا من يأمرنا
178

بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه، إلى مكان سواه، قبل أن نبيعه ".
أخرجه مالك (2 / 641 / 42) وعنه الشافعي (1250) والنسائي (2 / 225)
والبيهقي (5 / 314) وأحمد (2 / 112 - 113) كلهم عن مالك به.
وأخرجه البخاري (2 / 29) والطحاوي في " كتابيه " من طرق أخرى عن
نافع به نحوه.
1330 - (حديث عثمان رضي الله عنه: أن رسول الله (ص)
قال: " إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل " رواه أحمد ورواه البخاري
تعليقا). ص 324 - 325
صحيح. وله عنه طريقان:
الأولى: عن أبي صالح حدثني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن المغيرة عن
منقذ مولى سراقة عن عثمان بن عفان به إلا أنه قدم الجملة الأخرى على الأولى.
أخرجه الدارقطني (ص 292) وعنه البيهقي (5 / 315).
قلت: وهذا سند ضعيف، فإن أبا صالح هو عبد الله بن صالح كاتب
الليث، وهو ضعيف. ومنقذ هذا أورده. ابن أبي حاتم (4 / 367 / 1) بهذا
السند له وعنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك ذكره ابن حبان في
" الثقات " (1 / 231) وقال الحافظ في " الفتح " (4 / 288):
" مجهول الحال ". وقال في " التقريب ":
" مقبول ".
يعني عند المتابعة. وقد توبع، وهو
الطريق الأخرى: عن عبد الله بن لهيعة ثنا موسى بن وردان قال: سمعت
سعيد بن المسيب يقول: سمعت عثمان رضي الله عنه يخطب على المنبر وهو
يقول:
" كنت أبتاع التمر من بطن من اليهود، يقال لهم بنو قينقاع، فأبيعه
179

بربح، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال:
" يا عثمان إذا اشتريت فاكتل، وإذا بعت فكل ".
هكذا أخرجه أحمد (1 / 62): ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الله
ابن لهيعة... وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 98):
" رواه أحمد وإسناده حسن ".
كذا قال، وابن لهيعة ضعيف، كما أشار إلى ذلك الحافظ في " الفتح " بيد
أنه عقب عليه بما يشعر بتقوية الحديث فقال:
" وفيه ابن لهيعة، ولكنه من قديم حديثه، لأن ابن عبد الحكم أورده في " فتوح
مصر " من طريق الليث عنه ".
قلت: ورواه عنه عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقري، وهو أيضا من
الذين سمعوا منه قديما، وصححوا حديثهم عنه، ومنهم عبد الله بن المبارك وعبد
الله بن وهب.
أخرجه ابن ماجة (2230) بنحوه، ويأتي لفظه في الذي بعده.
ورواه سعيد بن أبي مريم أنا ابن لهيعة قال: حدثني موسى بن وردان أنه
سمع سعيد بن المسيب يحدث أنه سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول على
المنبر:
" إني كنت أشتري التمر كيلا، فأقدم به إلى المدينة، أحمله أنا وغلمان،
وذلك من مكان قريب من المدينة بسوق قينقاع، فأربح الصاع والصاعين،
فأكتال ربحي، ثم أصب لهم ما بقي من التمر، فحدث بذلك رسول الله
(ص)، ثم إنه سأل عثمان رضي الله عنه؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال
رسول الله (ص)... " فذكره مثل لفظ أحمد.
أخرجه البيهقي (5 / 315) وأشار إلى تقويته بقوله:
" رواه ابن المبارك والوليد بن مسلم وجماعة من الكبار عن عبد الله بن
لهيعة "
180

والحديث علقه البخاري (2 / 22) بلفظ الكتاب.
1331 - (حديث " إذا سميت الكيل فكل " رواه الأثرم).
ص 325
صحيح. وهو رواية في حديث عثمان الذي قبله.
أخرجها ابن ماجة (2230) من طريق عبد الله بن يزيد عن ابن لهيعة عن
موسى بن وردان عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان قال:
" كنت أبيع التمر في السوق فأقول: كلت في وسقي هذا كذا، فأدفع
أوساق التمر بكيله، وآخذ شفي، فدخلني من ذلك شئ، فسألت رسول الله
(ص) فقال: إذا سميت الكيل فكله ".
قال البوصيري في " الزوائد " (138 / 1):
" هذا إسناد ضعيف، لضعف ابن لهيعة، رواه ابن أبي عمر في
" مسنده " عن عبد الله بن يزيد المقري فذكره. ورواه ابن المبارك عن ابن لهيعة
بلفظ: " إذا ابتعت فاكتل، وإذا بعت فكل ". هكذا رواه عبد بن حميد عن ابن
المبارك ".
وأقول: جزمه بضعف إسناده ليس بصواب لما سبقت الإشارة إليه في
الحديث المتقدم أن رواية عبد الله بن المبارك وأمثاله من القدماء عن ابن لهيعة
صحيحة. وإليك بعض النصوص في ذلك، فقال الحافظ عبد الغني ابن سعيد
الأزدي:
" إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح، ابن المبارك، وابن وهب،
والمقر ي ".
وذكر الساجي وغيره مثله.
ولذلك فنحن نرى أن الحديث صحيح، لا سيما وله طريق أخرى، تقدم
ذكرها.
181

1332 - (حديث ابن عمر: " كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا. فنهانا
رسول الله (ص) أن نبيعه حتى ننقله من مكانه " رواه مسلم ص 325.
صحيح. وتقدم تخريجه قبل حديثين في (الطريق الأخرى).
1333 - (حديث " إذا ابتعت فاكتل "). ص 325
صحيح. وتقدم تخريجه قبل حديثين.
1334 - (حديث أبي هريرة مرفوعا: (من أقال مسلما، أقال الله
عثرته يوم القيامة ". رواه ابن ماجة وأبو داود، وليس فيه ذكر يوم القيامة)
ص 325.
صحيح. أخرجه ابن ماجة (2199) عن مالك ابن سعير ثنا الأعمش
عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وزاد ابن حبان: " بيعته ".
وأخرجه أبو داود (3460) وكذا ابن حبان (1103) والحاكم أيضا
(2 / 45) وأحمد (2 / 152) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (18 / 95 / 2)
وابن البخاري في " المشيخة " (ق 61 / 2) من طريق يحيى ابن معين: ثنا
حفص عن الأعمش به دون قوله " يوم القيامة " عند أبي داود والحاكم وقال:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي، وأقره المنذري في
" الترغيب " (3 / 20).
وتابعه إسحاق بن محمد الفروي ثنا مالك بن أنس عن سمي عن أبي
صالح به ولفظه:
" من أقال نادما عثرته، أقال الله عز وجل عثرته يوم القيامة ".
أخرجه الطبراني في " مختصر مكارم الأخلاق " (1 / 115 / 1) وابن حبان
في " صحيحه " (1104 - موارد).
قلت: ورجاله ثقات رجال البخاري غير أن الفروي هذا كان قد كف
فساء حفظه، فإن كان حفظه، فهو على شرط البخاري.
182

باب الربا
1335 - (حديث أبي هريرة: " اجتنبوا السبع الموبقات
قالوا: وما هي يا رسول الله، قال.: الشرك بالله، (والسحر)، وقتل
النفس، التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي
يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " متفق عليه)..
ص 326.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 193، 4 / 67، 313) ومسلم
(1 / 64) وكذا أبو داود (2874) والنسائي (2 / 131).
1336 - (حديث " لعن الله أكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه "
متفق عليه) ص 326.
صحيح. وهو من حديث جابر بن عبد الله قال:
" لعن رسول الله (ص) آكل الربا... " الحديث وزاد:
" وقال: وهم سواء ".
أخرجه مسلم (5 / 50) وابن الجارود (646) والبيهقي (5 / 275) وأحمد
(3 / 304) من طريق أبي الزبير عنه به. ولم يذكر أحمد الزيادة، ولم يخرجه
البخاري أصلا!
قلت: وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه.
لكن للحديث شاهد من حديث أبي جحيفة وعبد الله بن مسعود.
أما حديث أبي جحيفة فيرويه ابنه عوف بن أبي جحيفة عن أبيه أنه
اشترى غلاما حجاما، فأمر بمحاجمه فكسرت، فقلت له: أتكسرها؟ قال:
نعم.
" " إن رسول الله (ص) نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي،
ولعن آكل الربا، ومؤكله، والواشمة، والمستوشمة، ولعن المصور ".
183

أخرجه البخاري (2 / 13 و 43 و 3 / 383 و 4 / 103 و 106) والبيهقي
(6 / 9) وأحمد (4 / 308 و 309) والطيالسي (1143)، ولأبي داود (4383)
والطحاوي (2 / 225 - 226) منه النهي عن ثمن الكلب. وعزاه المنذري في
" الترغيب " (3 / 49) بتمامه للبخاري وأبي داود.
2 - وأما حديث ابن مسعود، فله عنه طرق:
الأولى: عن علقمة عنه قال:
" لعن رسول الله (ص) آكل الربا، ومؤكله ".
أخرجه مسلم (5 / 50) والبيهقي (5 / 285).
وعزاه المنذري (3 / 49) للنسائي أيضا، فلعله يعني في " السنن
الكبرى " له.
الثانية: عن هزيل عنه به.
أخرجه الدارمي (2 / 246) وأحمد (1 / 448 و 462) والطبراني في
" المعجم الكبير " (3 / 53 / 1).
قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري، وهزيل بالزاي مصغرا،
ووقع في " الدارمي ": " هذيل، بالذال وهو تصحيف، وهو ابن شرحبيل
الأودي.
الثالثة: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه به. وزاد:
" وشاهده وكاتبه ".
أخرجه أبو داود (3333) والترمذي (1 / 227 - 228) وابن ماجة
(2277) والبيهقي (5 / 275) والطيالسي (343) وأحمد (1 / 393 و 394
و 402 و 453) وفي رواية له: " لعن الله ". وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
قلت: وأعله المنذري بقوله:
184

عبد الرحمن بن عبد الله لم يسمع من أبيه ".
قلت: قد أثبت سماعه منه الإمام البخاري كما ذكرنا في تخريج الحديث
(1322)، وتصحيح الترمذي لحديثه يشعر بأنه متصل عنده، فالإسناد
صحيح.
الرابعة: عن الحارث بن عبد الله أن ابن مسعود قال:
" آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهداه، إذا علموا به، والواشمة
والمستوشمة للحسن، ولاوي الصدقة، والمرتد أعرابيا بعد هجرته، ملعونون
على لسان محمد (ص) يوم القيامة ". زاد في رواية:
" قال عبد الله: آكل الربا، ومؤكله سواء ".
أخرجه النسائي (2 / 281) والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 297)
وابن حبان (1154) وأحمد (1 / 409 و 430 و 464 - 465) والزيادة له في
رواية من طريق علقمة قال: فذكره.
وإسنادهما صحيح.
وأما أصل الحديث، فهو من طريق الحارث، وهو الأعور، وهو
ضعيف. لكن ذكر المنذري أن ابن خزيمة رواه من طريق مسروق عن ابن
مسعود.
قلت: أخشى أن تكون وهما من بعض الرواة، فقد رأيتها في
" المستدرك (1 / 387) من طريق يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن عبد الله
ابن مرة عن مسروق به. وقال:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.
قلت: الرملي هذا وإن احتج به مسلم، ففي حفظه ضعف. قال الحافظ
في " التقريب ":
" صدوق، يخطئ ".
185

وقد خالفه سفيان الثوري وشعبة وآخرون، فرووه عن الأعمش عن
عبد الله بن مرة عن الحارث بدل مسروق. وهو الصواب، فمخالفة الرملي
لهؤلاء، الثقات الأثبات لا تحتمل. وروايتهم عند من ذكرناهم.
وبالجملة فالحديث بهذه الطرق ثابت صحيح عن ابن مسعود رضي الله
عنه، وهو شاهد قوي لحديث جابر، بل هو حديث مشهور، فقد أورده ابن
جرير الطبري في " تفسيره " (6 / 12 / 6249) بلفظ الكتاب وزيادة:
" إذا علموا به ". وقال:
" تظاهرت به الأخبار عن رسول الله (ص) ".
1337 - (" روى في ربا الفضل عن ابن عباس ثم رجع " قاله
الترمذي وغيره) ص 326.
صحيح. وله عنه طرق.
الأولى: عن أبي نضرة قال:
" سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف؟ فلم يريا به بأسا، فإني لقاعد
عند أبي سعيد الخدري، فسألته عن الصرف؟ فقال: ما زاد فهو ربا، فأنكرت
ذلك لقولهما، فقال: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله (ص):
جاءه صاحب نخلة بصاع من تمر طيب، وكان تمر النبي (ص) هذا اللون
(وفي رواية: هو الدون)، فقال له النبي (ص): أنى لك هذا؟ قال: انطلقت
بصاعين، فاشتريت به هذا الصاع، فإن سعر هذا في السوق كذا، وسعر هذا
كذا، فقال رسول الله (ص): ويلك أربيت، إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة
ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت، قال أبو سعيد: فالتمر بالتمر أحق أن يكون
ربا، أم الفضة بالفضة؟! قال: فأتيت ابن عمر بعد فنهاني " ولم آت ابن
عباس. قال: فحدثني أبو الصهباء، أنه سأل ابن عباس عنه بمكة فكرهه ".
أخرجه مسلم (5 / 49) والبيهقي (5 / 281).
186

والطحاوي (2 / 236) منه عن أبي الصهباء:
" ان ابن عباس نزع عن الصرف ".
وإسناده صحيح.
الثانية: عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال:
" قلت لابن عباس: أرأيت الذي تقول: الدينارين بالدينار، والدرهمين
بالدرهم، أشهد أني سمعت رسول الله (ص) قال:
الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، فقال ابن
عباس: أنت سمعت هذا من رسول الله (ص)؟ فقلت: نعم، قال: فإني لم
أسمع هذا، إنما أخبرنيه أسامة بن زيد (1)، قال أبو سعيد: ونزع عنها ابن
عباس ".
أخرجه الطحاوي (2 / 231 - 232).
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
الثالثة: عن أبي الجوزاء قال:
" سألت ابن عباس عن الصرف يدا بيد، فقال: لا بأس بذلك اثنين بواحد،
أكثر من ذلك وأقل، قال: ثم حججت مرة أخرى، والشيخ حي، فأتيت،
فسألته عن الصرف؟ فقال: وزنا بوزن، قال: فقلت: إنك قد أفتيتني اثنين
بواحد، فلم أزل أفتي به منذ أفتيتني! فقال: إن ذلك كان عن رأي، وهذا
أبو سعيد الخدري يحدث عن رسول الله (ص)، فتركت رأيي إلى حديث رسول الله
(ص) ".
أخرجه أحمد (3 / 51) وابن ماجة (2258) باختصار، والبيهقي
(5 / 282).
.

(1) يعني: حديث: " لا ربا إلا في نسيئة ". كما صرح بذلك في بعض الروايات الآتية في
الحديث التالي.
187

قلت: والسياق لأحمد، وإسناده صحيح.
1338 - (حديث: " لا ربا إلا في النسيئة "). ص 326
صحيح. وهو من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، يرويه أبو
صالح قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول:
" الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، مثلا بمثل، من زاد أو ازداد،
فقد أربى، فقلت له: إن ابن عباس يقول غير هذا، فقال: لقد لقيت ابن
عباس، فقلت: أرأيت هذا الذي تقول، أشئ سمعته من رسول الله (ص)، أو
وجدته في كتاب الله عز وجل؟ فقال: لم أسمعه من رسول الله (ص)، ولم أجده
في كتاب الله، ولكن حدثني أسامة بن زيد أن النبي (ص) قال: " فذكره. بلفظ
" الربا في النسيئة ". وفي رواية بلفظ الكتاب. وفي أخرى: " إنما الربا في
النسيئة ".
أخرجه البخاري (2 / 31) ومسلم (5 / 49) والنسائي (2 / 223) وابن
ماجة (2257) والطحاوي (2 / 232) والبيهقي (5 /: 28) وأحمد (5 / 200
و 209) والسياق لمسلم باللفظ الثاني، وأما لفظ الكتاب، فهو للبخاري،
والرواية الأخرى لمسلم في رواية ابن ماجة.
ثم أخرجه مسلم والنسائي والدارمي (2 / 259) والشافعي (1303)
والطحاوي، والطيالسي (22 6) وأحمد (5 / 201 و 204 و 206 و 208) من
طرق أخرى عن ابن عباس به.
وفي لفظ لمسلم وأحمد:
" لا ربا فيما كان يدا بيد ".
1339 - (حديث أبي سعيد: " الذهب بالذهب، والفضة
بالفضة والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا
بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء "
رواه أحمد والبخاري). ص 326.
صحيح. وله عنه طرق:
188

الأولى: عن أبي المتوكل الناجي عنه به.
أخرجه مسلم (5 / 44) والسياق له، والنسائي (2 / 222) وابن الجارود
(648) والبيهقي (5 / 278) وأحمد (3 / 49 - 50 و 66 - 67 و 97)، وعزوه
للبخاري بهذا اللفظ وهم. وروى الطيالسي (2225) منه طرفه الأول،
وأخرج الدارقطني (299) والحاكم (2 / 49) من طريقه طرفه الآخر:
" الآخذ والمعطي سواء في الربا ". وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
وفاتهما أنه عند مسلم أتم!
الثانية: عن نافع عنه مرفوعا بلفظ:
" لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على
بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض،
ولا تبيعوا غائبا بناجز ".
أخرجه البخاري (2 / 31) ومسلم (5 / 42) ومالك (2 / 632 / 30)
والنسائي (2 / 222) والترمذي (1 / 234) والشافعي (1289) والطحاوي
(2 / 233) وابن الجارود (649) والبيهقي (5 / 276) وأحمد (3 / 4 و 51 و 61)
وزاد مسلم في رواية في آخره:
" إلا يدا بيد ". وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
الثالثة: عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه مرفوعا باختصار.
رواه مسلم والطحاوي.
الرابعة: عن عبد الله بن حنين أن رجلا من أهل العراق قال لعبد الله بن
عمر إن ابن عباس قال - وهو علينا أمير -: من أعطي بالدرهم مائة درهم
فليأخذها، فقال عبد الله بن عمر: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول
189

الله (ص): الذهب بالذهب وزنا بوزن، فمن زاد فهو ربا، قال ابن عمر: إن
كنت في شك فسل أبا سعيد الخدري عن ذلك، فسأله، فأخبره أنه سمع ذلك
من رسول الله (ص)، فقيل لابن عباس ما قال ابن عمر رضي الله عنه، فاستغفر
ربه، وقال: إنما هو رأي مني ".
أخرجه الطحاوي (2 / 234) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 5 / 1)
عن ابن لهيعة قال: ثنا أبو النصر عن عبد الله بن حنين.
قلت: وابن لهيعة سئ الحفظ، لكن حديثه حسن في الشواهد.
1340 - (حديث " لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا،
وقال في الميزان مثل ذلك " رواه البخاري) ص 327.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 35 و 61) وكذا مسلم (5 / 47 - 48)
ومالك (2 / 623 / 21) والنسائي (2 / 222) والدارمي (2 / 258) والشافعي
(1300) والطحاوي (2 / 233) وفي " المشكل " (2 / 122) والدارقطني
(5 / 285 و 291 و 296) من طريق سعيد بن المسيب عن أبي سعيد وأبي
هريرة:
" أن رسول الله استعمل رجلا (وفي رواية: بعث سوادة بن غزية أخا
بني عدي من الأنصار، وأمره) على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، قال: أكل
تمر خيبر هكذا؟ قال: إنا لنأخذ الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاثة،
فقال: لا تفعل... " الحديث.
والرواية الأخرى للدارقطني، وبعضها للدارمي.
1341 - (حديث معمر بن عبد الله: " أنه نهى عن بيع الطعام
بالطعام وإلا مثلا بمثل ". رواه مسلم). ص 327
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 47) وكذا الطحاوي (2 / 197)
والدارقطني (299) والبيهقي (5 / 283 و 285) وأحمد (6 / 400 - 401
و 401) من طريق بسر بن سعيد عن معمر بن عبد الله:
190

" أنه أرسل غلامه بصاع قمح، فقال: بعه، ثم اشتر به شعيرا،
فذهب الغلام فأخذ ملكا وزيادة بعض صاع، فلما جاء سرا أخبره بذلك،
فقال له معمر: لم فعلت ذلك؟ انطلق فرده، ولا تأخذن إلا مثلا بمثل، فإني
كنت أسمع رسول الله (ص) يقول: الطعام بالطعام، مثلا بمثل، قال: وكان
طعامنا يومئذ الشعير، قيل له: فإنه ليس بمثله، قال: إني أخاف أن
يضارع ".
هذا لفظه عند مسلم، وكذلك هو عند الآخرين جميعا.
1342 - (حديث ابن عمر أن النبي (ص) قال: " المكيال مكيال
أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة ". رواه أبو داود والنسائي).
ص 328
صحيح. أخرجه أبو داود (3340) والنسائي (4 / 224) وكذا ابن
الأعرابي في " معجمه " (ق 167 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير "
(3 / 202 / 1) والبيهقي (6 / 31) وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 20) كلهم من
طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان عن حنظلة عن طاوس عنه به.
وتابعه الفريابي: ثنا سفيان الثوري به.
أخرجه الطحاوي في " المشكل " (2 / 99) وقال أبو نعيم:
" حديث غريب من حديث طاوس وحنظلة، ولا أعلم رواه عنه متصلا
إلا الثوري ".
قلت: وهو ثقة حافظ إمام، وكذلك من فوقه كلهم ثقات أثبات من رجال
الشيخين، وحنظلة هو ابن أبي سفيان. فالسند صحيح غاية.
وتابعهما أبو أحمد الزبيري عن سفيان، إلا أنه خالفهما في إسناده فقال:
" ابن عباس "، بدل " ابن عمر ". وفي متنه فقال:
"... مكيال أهل مكة، و... ميزان أهل المدينة ".
191

أخرجه البيهقي، وكذا البزار، كما في " المجمع " (4 / 78) للهيثمي،
وقال:
" ورجاله رجال الصحيح ".
قلت: ولكنه شاذ للمخالفة في السند والمتن، على أنه يبدو أنه كان
يضطرب في متنه، فتارة يرويه هكذا على القلب، وتارة على الصواب موافقا
لرواية أبي نعيم والفريابي، فقال أبو داود عقبه:
" وكذا رواه الفريابي وأبو أحمد عن سفيان، وافقهما في المتن، وقال أبو
أحمد: " عن ابن عباس "، مكان ابن عمر، ورواه الوليد بن مسلم عن
حنظلة، قال: " وزن المدينة، ومكيال مكة "، واختلف في المتن في حديث
مالك بن دينار عن عطاء عن النبي (ص) في هذا ".
قلت: فالظاهر من كلام أبي داود هذا أن أبا أحمد وافق الفريابي وأبا
نعيم على متن الحديث، ورواية البيهقي صريحة في المخالفة فيه، فلعله كان
يضطرب فيه، فتارة يوافق، وتارة يخالف (1)، ولا شك أن الرواية الموافقة أولى
بالقبول، وبه جزم البيهقي فقال:
" هكذا رواه أبو أحمد الزبيري، فقال: " عن ابن عباس "، وخالف أبا
نعيم في لفظ الحديث، والصواب ما رواه أبو نعيم بالإسناد واللفظ ".
وخالفه أبو حاتم فقال ابنه في " العلل " (1 / 375) بعد أن ساق الحديث
بلفظ أبي نعيم، من طريقه عن ابن عمر، ومن طريق أبي الزبير عن ابن
عباس:
" سألت أبي أيهما أصح؟ قال: أخطأ أبو نعيم في هذا الحديث،
والصحيح عن ابن عباس عن النبي في حدثني أبي قال: حدثنا نصر بن علي
الجهضمي قال: قال لي أبو أحمد: أخطأ أبو نعيم فيما قال: (عن ابن
عمر) ".
.

(1) ثم رأيت ابن حبان قد أخرجه (1155) على الموافقة.
192

قلت: الاحتجاج بقول أبي أحمد الذي هو أحد الفريقين المتخالفين على
تخطئه الفريق الآخر مما لا يخفى فساده، لأن أقل ما يقال فيه أنه ترجيح بدون
مرجح، هذا لو لم يكن مع مخالفه ما يرجح روايته عليه، فكيف ومعه متابعة
الفريابي له!
لا يقال: إن أبا الزبير قد تابعه أيضا الوليد بن مسلم، كما تقدم عن أبي
داود. لأننا نقول: إن الوليد كان يدلس تدليس التسوية، على أن أبا داود
علقها عنه، ولم يسندها.
وأما رواية عطاء المرسلة، فقد ذكر أبو داود الاختلاف فيها أيضا، وقد أخرجها
عبد الرزاق باللفظ الأول كما في " الجامع الكبير " (1 / 377 / 2).
ومما يؤيد ما سبق من الترجيح أن المعروف أن أهل مكة أهل تجارة فهم
بالموازين أخبر، بخلاف أهل المدينة، فهم أهل نخيل وتمر، فهم للكيل أحوج
وبه أعرف. والله أعلم.
والحديث صححه ابن الملقن في " الخلاصة " (ق 64 - 65 - النسخة
الأخرى) وصححه الدارقطني أيضا والنووي، وابن دقيق العيد، والعلائي كما
في " فيض القدير ".
1343 - (حديث سعيد بن المسيب أن رسول الله (ص) قال: " لا
ربا إلا فيما كيل أو وزن مما يؤكل أو يشرب " أخرجه الدارقطني وقال:
(الصحيح أنه من قوله ومن رفعه فقد وهم ").
ضعيف مرفوعا. أخرجه الدارقطني في " سننه " (294) من طريق
المبارك عن مجاهد عن مالك بن أنس عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن
رسول الله (ص) قال:
" لا ربا إلا في ذهب أو فضة، أو مما يكال أو يوزن، ويؤكل ويشرب "
وقال:
" هذا مرسل، ووهم المبارك على مالك برفعه إلى النبي (ص)، وإنما هو من
193

قول سعيد بن المسيب ".
وقال ابن القطان كما في " نصب الراية " (4 / 27):
" والمبارك ضعيف، ومع ضعفه، عن مالك يرفعه، والناس رووه عنه
موقوفا ".
قلت: وهو في " الموطأ " (2 / 635 / 37) عن أبي الزناد به موقوفا.
وعنه محمد بن الحسن الشيباني في " موطئه " (ص 353 - بشرحه)، وكذلك
رواه عبد الرزاق كما في " كنز العمال " (2 / 233 / 4994).
1344 - (قال عمار " العبد خير من العبدين والثوب خير من
الثوبين، فما كان يدا بيد فلا بأس به، إنما الربا في النسء إلا ما كيل أو
وزن ". ص 328.
صحيح. أخرجه ابن حزم في " المحلى " (8 / 484) عن رباح بن
الحارث أن عمار بن ياسر قال في المسجد الأكبر: فذكره.
قلت: وإسناده صحيح.
فصل
1345 - (حديث أبي سعيد: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا
بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز " متفق
عليه) ص 329
صحيح. وتقدم تخريجه تحت الحديث (1339) الطريق الثانية.
1346 - (قوله (ص) في حديث عبادة: فإذا اختلفت هذه الأصناف
فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد " رواه أحمد ومسلم) ص 329.
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 44) وأحمد (5 / 320) وكذا أبو داود
(3350) وابن الجارود (650) والدارقطني (299) والبيهقي (5 / 278 و 284)
194

(من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول
الله (ص):
" الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير،
والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا
اختلفت... " الخ. وصححه البيهقي.
وتابعه مسلم بن يسار المكي عن أبي الأشعث الصنعاني به، ولفظه:
" الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها، والبر
بالبر، مدي بمدي، والشعير بالشعير مدي بمدي، والتمر بالتمر مدي بمدي،
والملح بالملح مدي بمدي، فمن زاد أو ازداد، فقد أربى، ولا بأس ببيع الذهب
بالفضة، والفضة أكثرهما، يدا بيد، وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر
بالشعير، والشعير أكثرهما، يدا بيد، وأما نسيئة فلا ".
أخرجه أبو داود (3349) والنسائي (2 / 222) والطحاوي (2 / 197)
والبيهقي (5 / 277).
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير مسلم بن
يسار المكي، وهو ثقة عابد.
وفي رواية للطحاوي بنحوها وزاد:
" وذكر الشعر بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح كيلا بكيل، فمن
زاد، أو ازداد، فقد أربى، ولا بأس ببيع الشعير بالبر، يدا بيد، والشعير
أكثرهما ".
وسندها صحيح أيضا.
1347 - (حديث عمر مرفوعا: " الذهب بالورق ربا إلا هاء
وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء " متفق عليه) ص 329.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 24) ومسلم (5 / 43) ومالك أيضا
195

(2 / 636 / 38) وأبو داود (3348) والنسائي (2 /) والترمذي (1 / 234)
وابن ماجة (2253) والدارمي (2 / 258) والشافعي (1196) وابن الجارود
(651) والبيهقي (5 / 283) وأحمد (1 / 24 و 35 و 45) من طريق مالك بن
أوس أنه سمع عمر بن الخطاب به. والسياق لأحمد، وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وله طريق أخرى عن عمر مختصرا، تقدم ذكرها في تخريج الحديث المتقدم
(1339).
1348 - (حديث " لا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يدا
بيد) رواه أبو داود). ص 329.
صحيح. وهو قطعة من حديث عبادة بن الصامت الذي خرجناه قبل
حديث.
1349 - (حديث " الذهب بالذهب وزنا بوزن، والفضة بالفضة
وزنا بوزن والبر بالبر كيلا بكيل، والشعير بالشعير كيلا بكيل " رواه
الأثرم). ص 330.
صحيح. وهو رواية للطحاوي من حديث عبادة بن الصامت، تقدمت
عند تخريج حديثه برقم (1346).
1350 - (حديث " نهى عن بيع الحي بالميت " ذكره أحمد واحتج
به) ص 330.
حسن. أخرجه الشافعي (1306)، أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن
القاسم بن أبي بزة قال:
" قدمت المدينة، فوجدت جزورا قد نحرت، فجزئت أجزاء، كل جزء
منها بعناق، فأردت أن أبتاع منها جزءا، فقال لي رجل من أهل المدينة: إن
196

رسول الله (ص) نهى أن يباع حي بميت، قال: فسألت عن ذلك الرجل،
فأخبرت عنه خيرا ".
قلت: ومن طريقه أخرجه البيهقي (6 / 295 - 297).
وإسناده ضعيف لعنعنة ابن جريح، وضعف مسلم وهو ابن خالد
الزنجي، وجهالة الرجل الذي لم يسم، ويحتمل أنه تابعي، كما يحتمل أنه
صحابي، وهذا بعيد، لأن قوله: " فأخبرت عنه خيرا " مما لا يقال عادة في
الصحابة لأنهم كلهم عدول، فالراجح أنه تابعي، فهو مرسل.
وقد جاء مرسلا من طريق أخرى عن سعيد بن المسيب:
" نهى رسول الله (ص) أن يبتاع الحي بالميت ".
أخرجه ابن حزم في " المحلى " (8 / 517) وأعله بالإرسال.
ورجاله ثقات. ورواه مالك بنحوه كما يأتي بعد هذا.
ثم روى الشافعي، وعنه البيهقي من طريق أبي صالح مولى التوأمة عن
ابن عباس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
" أنه كره بيع اللحم بالحيوان ".
قلت: وأبو صالح هذا ضعيف.
وله شاهد مسند، يرويه الحسن البصري عن سمرة بن جندب: " أن النبي
(ص) " نهى عن بيع الشاة باللحم ".
أخرجه الحاكم (2 / 35) وعنه البيهقي (5 / 296)، وقال شيخه:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! وقال البيهقي:
" هذا إسناد صحيح، ومن أثبت سماع الحسن من سمرة، عده
موصولا، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد، يضم إلى مرسل سعيد بن المسيب
والقاسم ابن أبي بزة، وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه ".
197

وجملة القول أن الحديث بهذه الطرق حسن على أقل الدرجات، وكأنه
لذلك احتج به الإمام أحمد. والله أعلم.
1351 - (حديث سعيد بن المسيب مرفوعا: " نهى عن بيع
اللحم بالحيوان " رواه مالك في الموطأ) ص 330.
حسن. أخرجه مالك (2 / 655 / 64 /) وعنه محمد بن الحسن في
" موطئه " ص (339) وكذا الدارقطني (319)، والحاكم (2 / 35)،
والبيهقي (5 / 296) وقال:
" هذا هو الصحيح (يعني مرسلا)، ورواه يزيد بن مروان الخلال عن
مالك عن الزهري عن سهل بن سعد عن النبي (ص)، وغلط فيه ".
قلت: وذكر الحافظ في " التلخيص " مثله عن الدارقطني، وقال:
" وحكم بضعفه، وصوب الرواية المرسلة التي في " الموطأ "، وتبعه ابن
الجوزي، وله شاهد من حديث ابن عمر، رواه البزار، وفيه ثابت بن زهير وهو
ضعيف، وأخرجه من رواية أبي أمية بن يعلى عن نافع أيضا وأبو أمية ضعيف،
وله شاهد أقوى من رواية الحسن عن سمرة، وقد اختلف في صحة سماعه منه.
أخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن خزيمة ".
قلت: والراجح أنه سمع منه في الجملة، لكن الحسن مدلس، فلا يحتج
بحديثه إلا ما صرح فيه بالسماع، وأما هذا فقد عنعنه، لكنه يتقوى بمرسل
سعيد وغيره كما ذكرنا في الحديث الذي قبله. والله أعلم.
وحديث مالك الموصول أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 334) من
طريق يزيد بن عمرو بن البزاز، ثنا يزيد بن مروان، ثنا مالك بن أنس عن
الزهري عن سهل بن سعد أن النبي (ص) نهى... الحديث. وقال:
" غريب من حديث مالك عن الزهري عن سهل، تفرد به يزيد بن عمرو
عن يزيد ".
تلت: وهو كذاب كما قال ابن معين، وضعفه غيره.
198

1352 - (حديث سعد بن أبي وقاص: " أن النبي (ص)
سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا:
نعم، فنهى عن ذلك " رواه مالك وأبو داود). ص 331
صحيح. أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 624 / 22) وعنه أبو داود
(3359) والنسائي (2 / 219) والترمذي (1 / 231) وابن ماجة (2264)
والشافعي (1304) والطحاوي (2 / 199) وابن الجارود (657)
والدارقطني (309) والحاكم (2 / 38) والبيهقي (5 / 294) والطيالسي
(214) وأحمد (1 / 175) كلهم من طريق مالك عن عبد الله بن يزيد أن زيدا
أبا عياش أخبره:
" أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت، فقال له سعد:
أيتهما أفضل؟ قال: البيضاء، فنهاه عن ذلك، وقال سعد: سمعت رسول
الله (ص). يسأل عن اشتراء التمر بالرطب؟ فقال... " فذكره.
وتابع مالكا إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن يزيد به دون الموقوف.
أخرجه النسائي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وأحمد (1 / 179).
وتابعه أسامة بن زيد أيضا.
رواه ابن الجارود والطحاوي.
وتابعهم يحيى بن أبي كثير، لكنه خالفهم في متنه فقال:
" نهى رسول الله (ص) عن بيع الرطب بالتمر نسيئة ".
فزاد فيه " نسيئة ".
أخرجه أبو داود (3360) والطحاوي والدارقطني والبيهقي. وقال
الطحاوي:
" هذا أصل الحديث، فيه ذكر النسيئة ". وقال الحاكم:
" هذا حديث صحيح، لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس،
199

وأنه محكم في كل ما يرويه من الحديث، إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيح،
خصوصا في حديث أهل المدينة، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إياه في روايته عن عبد
الله بن يزيد، والشيخان لم يخرجاه، لما خشياه من جهالة زيد بن أبي عياش ".
قلت: أما زيد، فهو ابن عياش أبو زيد الزرقي، فقد قيل فيه:
مجهول، لكن وثقه ابن حبان والدارقطني وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق "، وصحح حديثه هذا الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم كما
تقدم ووافقه الذهبي، وصححه أيضا ابن المديني كما قال الحافظ في " بلوغ
المرام ". فالحديث صحيح إن شاء الله تعالى، غير أن الزيادة التي رواها يحيى:
" نسيئة "، لا تصح لتفرد بها دون من ذكرنا من الثقات. ويؤيده أن عمران بن
أبي أنس قال: سمعت أبا عياش يقول:
" سألت سعد بن أبي وقاص عن اشتراء السلت بالتمر (كذا ولعله بالبر)
فقال سعد " فذكره مثل رواية مالك دون الزيادة.
أخرجه الحاكم (2 / 43) وعنه البيهقي من طريق محرمة بن بكير عن أبيه عن
عمران به. وقال:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
قلت: لكن خالفه عمرو بن الحارث فقال: عن بكير بن عبد الله: عن
عمران ابن أبي أنس أن مولى لبني مخزوم حدثه أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن
الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى أجل؟ فقال سعد: نهانا رسول الله
(ص) عن هذا ".
أخرجه الطحاوي.
ورجاله ثقات كلهم، وكذلك رجال الحاكم. لكن لعل روايته أرجح من
رواية الطحاوي، لأن مخرمة ابن بكير وهو ابن عبد الله بن الأشح أعرف بحديث
أبيه من غيره من الثقات، مع موافقتها لرواية عبد الله بن يزيد على ما رواه
الجماعة عنه. وقد رجح روايتهم عنه الإمام الدارقطني، وتبعه البيهقي فنقل عنه
أنه قال عقب رواية يحيى الشاذة:
200

" خالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة ابن زيد،
ولم يقولوا فيه " نسيئة "، واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل
على ضبطهم للحديث، وفيهم إمام حافظ، وهو مالك بن أنس ".
قال البيهقي:
" والعلة المنقولة في هذا الخبر تدل على خطأ هذه اللفظة، وقد رواه عمران
ابن أبي أنس عن أبي عياش نحو رواية الجماعة ".
ثم ساقها.
1353 - (حديث أنس: " أن النبي (ص) نهى عن المحاقلة "
رواه البخاري. وقال جابر: " المحاقلة بيع الزرع بمائة فرق من
الحنطة ") ص 331.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 36) وكذا الطحاوي (2 / 209)
والدارقطني (320 - 321) والحاكم (2 / 57) والبيهقي (5 / 298 - 299)
من طريق عمر ابن يونس بن القاسم اليمامي قال: حدثني أبي قال: حدثنا
إسحاق بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك به وزاد:
" والمخاضرة، والملامسة، والمنابذة، والمزابنة ".
وزاد الطحاوي والدارقطني:
" قال عمر: فسر لي أبي في المخاضرة قال: لا ينبغي أن يشترى شئ من
النخل حتى يونع: يحمر أو يصفر ".
وذكر الحاكم مثله عن الأستاذ أبي الوليد الفقيه، وقال:
" هذا حديث صحيح الإسناد، تفرد باخراجه البخاري ".
ووافقه الذهبي.
1354 - (قال جابر: " المحاقلة بيع الزرع بمائة فرق من
201

الحنطة "). ص 331
صحيح. أخرجه الشافعي (1274): أخبرنا ابن عيينة عن ابن
جريج عن عطاء عن جابر بن عبد الله:
" أن رسول الله (ص) نهى عن المخابرة، والمحاقلة، والمزابنة،
والمحاقلة أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة، والمزابنة أن يبيع الثمر في
رؤوس النخل بمائة فرق، والمخابرة كراء الأرض بالثلث والربع ".
ومن طريق الشافعي رواه الطحاوي (2 / 214) والبيهقي (5 / 307).
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين لولا أن ابن جريج قد
عنعنه، لكن قد روى ابن أبي خيثمة بإسناده الصحيح عن ابن جريج قال:
" إذا قلت: قال عطاء، فأنا سمعته منه، وإن لم أقل: سمعت.
قلت: وهذه فائدة عزيزة فاحفظها فإني كنت في غفلة منها زمنا طويلا،
ثم تنبهت لها، فالحمد لله على توفيقه.
وبها تبين السر في اخراج الشيخين لحديث ابن جريج عن عطاء معنعنا،
ومنه هذا الحديث، فقد أخرجه البخاري في " صحيحه، (2 / 81 - 82)
ومسلم (5 / 17) من طرق عن سفيان بن عيينة به دون التفسير.
وقد رواه مسلم من طريق أخرى عن ابن جريج: أخبرني عطاء به
وزاد:
" قال عطاء: فسر لنا جابر: أما المخابرة، فالأرض البيضاء يدقها الرجل،
إلى الرجل فينفق فيها، ثم يأخذ من الثمر. وزعم أن المزابنة بيع الرطب في
النخل بالتمر كيلا، والمحاقلة في الزرع على نحو ذلك، يبيع الزرع القائم
بالحب كيلا ".
1355 - (حديث ابن عمر مرفوعا: " نهى عن بيع الثمار حتى تزهو
وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة " رواه مسلم) ص 331.
202

صحيح. أخرجه مسلم (5 / 11) وكذا أبو داود (3368) والنسائي
(2 / 220) والترمذي (1 / 231) وابن الجارود (605) والبيهقي
(5 / 302 - 303) وأحمد (2 / 5) من طريق إسماعيل عن أيوب عن نافع عنه
به وزاد
" نهى البائع والمشتري ". وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه البخاري (2 / 34) ومسلم ومالك (2 / 618 / 10) وأبو داود
(رقم 3367) والنسائي والدارمي (2 / 252) وابن ماجة (2214)
والطحاوي (2 / 215) والطيالسي (1831) وأحمد (2 / 7، 62 - 63،
123) من طرق أخرى عن نافع به مختصرا بلفظ:
" نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع "
وفي لفظ:
" لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه، وتذهب عنه الآفة. قال: يبدو
صلاحه: حمرته وصفرته ".
أخرجه مسلم والبيهقي (5 / 299 - 300).
وله روايات وألفاظ أخرى، ذكرتها في " أحاديث البيوع ".
1356 - (حديث فضالة قال: " أتى النبي (ص) بقلادة فيها
ذهب وخرز، اشتراها رجل بتسعة دنانير أو سبعة فقال (ص): لا حتى
تميز بينهما، قال، فرده حتى ميز بينهما " رواه أبو داود، ولمسلم، " أمر
بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال الذهب بالذهب وزنا
بوزن "). ص 332.
صحيح. وله عنه طريقان:
الأولى: عن حنش الصنعاني عنه قال:
" أتى النبي (ص) عام خيبر، بقلادة فيها ذهب وخرز (وفي رواية:
203

فيها خرز معلقة بذهب) ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة دنانير، فقال النبي
(ص): لا حتى " تميز بينه وبينه، فقال: إنما أردت الحجارة، فقال النبي
(ص): لا حتى تميز بينهما، قال: فرده حتى ميز بينهما "
هكذا أخرجه أبو داود (3351) والطحاوي (2 / 236) والدارقطني
(ص 289 - 290) والبيهقي (5 / 293) من طرق عن عبد الله بن المبارك عن
سعيد بن يزيد: حدثني خالد بن أبي عمران عن حنش به. ومن هذا الوجه
رواه مسلم أيضا (5 / 46) ولكنه لم يسق لفظه، بل أحال به على لفظ آخر،
ساقه من طريق الليث عن أبي شجاع سعيد بن " يزيد به، ونصه: قال:
" اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا، فيها ذهب، وخرز،
ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك للنبي (ص)،
فقال: لاتباع حتى تفصل ".
وهو رواية لأبي داود (3352) والنسائي (2 / 223) والترمذي
(1 / 237) والطحاوي والبيهقي (5 / 291) وأحمد (6 / 21) وقال
الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن علي بن رباح اللخمي قال: سمعت فضالة بن عبيد
الأنصاري يقول:
" أتى رسول الله (ص)، وهو بخيبر، بقلادة فيها خرز، وذهب، من
المغانم تباع، فأمر رسول الله (ص) بالذهب.... "
أخرجه مسلم (5 / 46) وابن الجارود (654) والطحاوي (2 / 237)
وفي " المشكل " (4 / 243 - 244) والدارقطني (290) والبيهقي (5 / 292).
1357 - (حديث " فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف
شئتم يدا بيد ").
صحيح. ومضى برقم (1346).
204

1358 - (حديث عبد الله بن عمرو: " أن النبي (ص) أمره أن يجهز
جيشا فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة ". رواه أحمد وأبو داود
والدارقطني وصححه). ص 333
حسن. وله طريقان:
الأولى: عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب
عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عنه:
" أن رسول الله (ص) أمره أن يجهز جيشا، فنفدت الإبل، فأمره أن
يأخذ في قلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير... " الخ.
هكذا أخرجه أبو داود (3357) وكذا الطحاوي (2 / 229)
والدارقطني (318)، والحاكم (2 / 56 - 57) والبيهقي (5 / 277) وقال:
" اختلفوا على محمد بن إسحاق في إسناده، وحماد بن سلمة أحسنهم
سياقة له "
قلت: وإسناده ضعيف، فيه عنعنة ابن إسحاق. ومسلم بن جبير،
وعمرو بن حريش مجهولان كما في " التقريب ". وقال ابن القطان:
" هذا حديث ضعيف، مضطرب الإسناد ".
ثم فصل القول في ذلك، وبين جهالة الرجلين، فراجع كلامه في " نصب
الراية " (4 / 47)، وأورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 390) وتكلم
عليه بما لا يشفي.
ومن وجوه اضطرابه، رواية جرير بن حازم عن محمد بن إسحاق عن أبي
سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن الحريش قال:
" سألت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت: إنا بأرض ليس بها دينار
ولا درهم، وإنما نبايع بالإبل والغنم إلى أجل، فما ترى في ذلك؟ قال: على
الخبير سقطت، جهز رسول الله (ص) جيشا على إبل من إبل الصدقة حتى
205

نفدت، وبقي ناس، فقال رسول الله (ص): اشتر لنا إبلا من قلائص من إبل
الصدقة إذا جاءت حتى نؤديها إليهم، فاشتريت البعير بالاثنين والثلاث قلائص
حتى فرغت، فأدى ذلك رسول الله (ص) من إبل الصدقة ".
أخرجه الدارقطني وأحمد (2 / 171).
ووجه المخالفة فيه ظاهر، فإنه جعل الراوي عن ابن الحريش مسلم بن
جبير، بدل أبي سفيان في رواية حماد، والاضطراب من الراوي - وهو ابن
إسحاق هنا - في الرواية مما يدل على أنه لم يضبطها ولم يحفظها، فهو ضعف آخر
في السند علاوة على جهالة الرجلين.
ومما سبق تعلم ما في قول الحاكم:
" هذا حديث صحيح على شرط مسلم "!
من البعد عن الصواب. ومن العجيب أن الذهبي وافقه على ذلك مع أنه
قال في ترجمة مسلم بن جبير:
" لا يدري من هو، تفرد عنه يزيد بن أبي حبيب ".
وفي ترجمة عمرو بن الحريش:
" ما روى عنه سوى أبي سفيان، ولا يدري من أبو سفيان أيضا ".
الطريق الأخرى: عن ابن جريج أن عمرو بن شعيب. أخبره عن أبيه عن
عبد الله بن عمرو بن العاص:
" أن رسول الله (ص) أمره أن يجهز جيشا، قال عبد الله بن عمرو:
وليس عندنا ظهر، قال: فأمره النبي (ص) أن يبتاع ظهرا إلى خروج
المصدق، فابتاع عبد الله بن عمرو البعير بالبعيرين، وبأبعرة، إلى خروج
المصدق بأمر رسول الله (ص) ".
أخرجه البيهقي والدارقطني وعنه (5 / 287 - 288) شاهدا للطريق
الأولى وذكر أنه " شاهد صحيح ". وأقره ابن التركماني في " الجوهر النقي " بل
206

تأوله، ولم يتعقبه بشئ. كما هي عادته! وأقره الحافظ في " التلخيص " وصرح
في " الدراية " (ص 288) بأن إسناده قوي.
قلت: وهو حسن الإسناد، للخلاف المعروف في رواية عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده.
(تنبيهان): الأول: لم يورد الزيلعي في كتابه هذه الطريق، فأوهم أن
الحديث ضعيف لم يأت إلا من الطريق الأولى الضعيفة!
الثاني: ذكر المصنف رحمه الله أن الدارقطني صححه، ولم أر ذلك في
سننه ولا ذكره أحد غيره فيما علمت، وإنما صححه البيهقي كما تقدم، فلعله
سقط من الناسخ قوله: " والبيهقي ". قبل قوله: " صححه ". والله أعلم.
1359 - (حديث ابن عمر قال " أتيت النبي (ص) فقلت: إني
أبيع الإبل بالنقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم فآخذ
الدنانير فقال: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفرقا وبينكما شئ " رواه
الخمسة وفي لفظ بعضهم: " أبيع بالدنانير وآخذ مكانها الورق، وأبيع بالورق
وآخذ مكانها الدنانير "). ص 334
ضعيف. سبق تخريجه وبيان علته برقم (1326)، واللفظ الثاني هنا
للترمذي، واستغربه كما تقدم هناك.
باب بيع الأصول والثمار
1360 - (حديث " المسلمون عند شروطهم ").
صحيح. وتقدم برقم (1303).
فصل
1361 - (حديث " ومن باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي
207

باعها إلا أن يشترطها المبتاع " متفق عليه). ص 336
صحيح. وهو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وله عنه
ثلاث طرق سبق ذكرها وتخريجها عند تخريج الحديث (1314) وهو الشطر
الثاني لهذا.
1362 - (حديث ابن عمر " أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمار
حتى يبدو صلاحها. نهى البائع والمبتاع " متفق عليه). ص 337
صحيح. وسبق تخريجه تحت الحديث (1355)
1363 - (حديث ابن عمر: " أن النبي (ص) نهى عن بيع النخل
حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع
والمشتري " رواه مسلم) ص 337.
صحيح. وتقدم برقم (1355).
1364 - (حديث أنس " أرأيت إذا (1) منع الله الثمرة بم يأخذ
أحدكم مال أخيه؟ " رواه البخاري ص 338.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 34، 35) وكذا مسلم (5 / 29)
ومالك (2 / 618 / 11) والنسائي (2 / 218) والشافعي (1269)
والطحاوي (2 / 209) والحاكم (2 / 36) والبيهقي (5 / 300، 305)
وأحمد (3 / 115) من طرق عن حميد عنه:
" أن رسول الله (ص) نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، فقيل له: وما
تزهي؟ قال: حتى تحمر، فقال رسول الله (ص)... " فذكره.
وليس عند أحمد منه إلا ما في الكتاب. وفي رواية لمسلم والطحاوي:

(1) في الأصل: إن والتصحيح من الصحيحين.
208

" فقلت لأنس... ". وزادا بعد قوله: " تحمر ":
" وتصفر ".
وهذه الزيادة عند البخاري في رواية بلفظ:
" تحمار وتصفار ".
وأخرجه ابن الجارود (604) بلفظ:
" لا يصلح بيع النخل حتى يبدو صلاحه، قالوا: وما صلاحه؟ قال:
تحمر وتصفر ".
وهذا ظاهر كالرواية الأولى أن تفسير الصلاح مرفوع، والصواب أنه من
قول أنس كما بينته رواية مسلم والطحاوي، وبذلك جزم ابن أبي حاتم في
" العلل " (1 / 378 / 1129) وتبعه الحافظ في " التلخيص ".
ورواه حماد بن سلمة عن حميد بزيادة فيه بلفظ:
" نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو، وعن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع
الحب حتى يشتد ". وفي لفظ: " حتى يفرك ".
أخرجه أبو داود (3371) والترمذي (1 / 231) وابن ماجة (2217)
والسياق له والطحاوي (2 / 209) والدارقطني (309) والحاكم (2 / 19)
والبيهقي (5 / 301) وأحمد (3 / 221، 250) من طرق عن حماد به، وليس
عند أبي داود والترمذي والدارقطني الجملة الأولى في أوله، وقال الترمذي:
" حديث حسن ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. وأشار البيهقي إلى إعلاله
بقوله:
" تفرد به حماد بن سلمة عن حميد، من بين أصحاب حميد، فقد رواه في
التمر مالك بن أنس. إسماعيل بن جعفر، وهشيم بن بشير، وعبد الله بن
المبارك، وجماعة يكثر تعدادهم عن حميد عن أنس دون ذلك ".
ارواء - 5 - 14
209

قلت: حماد بن سلمة ثقة محتج به في " صحيح مسلم "، وقد وجدت
لبعض حديثه طريقا أخرى، فقال الإمام أحمد (3 / 161): ثنا عبد الرزاق:
أنا سفيان: عن شيخ لنا عن أنس قال:
" نهى النبي (ص) عن بيع النخل حتى يزهو، والحب حتى يفرك، وعن
الثمار حتى تطعم ".
وهذا إسناد رجاله ثقات غير الشيخ الذي لم يسمه، ويحتمل أن يكون هو
حميد نفسه، أو حماد بن سلمة، فإن كلا منهما روى عنه سفيان، وهو الثوري،
لكن يرجح الأول، أن حمادا أصغر من الثوري، فيبعد أن يعنيه بقوله: " شيخ
لنا "، فالأقرب أنه عنى حميدا الطويل أو غيره ممن هو في طبقته، فإن صح
هذا، فهو شاهد لا بأس به لحديث حماد. والله أعلم.
وقوله في هذه الرواية: " يفرك ". هو لفظ في حديث حماد بن سلمة أيضا
عند البيهقي ورجح أنه بكسر الراء على إضافة الافراك إلى الحب، وهو بمعنى
روايته: " يشتد ".
1365 - (حديث " أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمرة حتى
تزهو. قيل لأنس: وما زهوها؟ قال: تحمار وتصفار ") أخرجاه ص 338.
صحيح. واللفظ للبخاري، وهو بتمامه:
" نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وعن النخيل حتى تزهو،
قيل: وما تزهو؟ قال: تحمار أو تصفار ".
ولفظ مسلم:
" نهى عن بيع ثمر النخل حتى تزهو، فقلنا لأنس: ما زهوها، قال:
تحمر وتصفر، أرأيتك إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك ".
ومنه تعلم أن سياق المؤلف مركب من رواية البخاري ومسلم، فعزوه
إليهما بهذا السياق لا يخلو من شئ.
وتقدم تخريج الحديث في الذي قبله.
210

1366 - (حديث أنس مرفوعا: " نهى عن بيع العنب حتى يسود
وعن بيع الحب حتى يشتد " رواه الخمسة إلا النسائي). ص 339
صحيح. وتقدم تخريجه تحت الحديث (1364).
1367 - (حديث جابر: " أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمرة
حتى تطيب. وفي رواية: حتى تطعم " متفق عليه) ص 339.
صحيح. وله طرق:
الأولى والثانية: عن ابن جريج عن عطاء وأبي الزبير عن جابر قال:
" نهى النبي (ص) عن بيع الثمر حتى يطيب، ولا يباع شئ منه إلا
بالدينار والدرهم، إلا العرايا ".
أخرجه البخاري (2 / 33) ومسلم (5 / 17) ولم يسق لفظه والبيهقي
(5 / 309) وأحمد (3 / 360، 392)، وكذا أبو داود (3373) إلا أنه لم
يذكر فيه " وأبي الزبير " وقال:
" حتى يبدو صلاحه ".
وهو رواية لمسلم والنسائي (2 / 218) وكذلك رواه ابن ماجة (2216)
والشافعي (1270) لكن ليس عندهما: " ولا يباع... ".
وفي رواية أخرى للنسائي:
" وبيع الثمر حتى يطعم ".
وفي لفظ له (2 / 220):
" قبل أن يطعم ".
وأخرجه مسلم (5 / 12) وأحمد (3 / 312، 323) من طريق زهير
حدثنا أبو الزبير عن جابر قال:
" نهى رسول الله (ص) عن بيع الثمر حتى يطيب ".
211

ولفظ أحمد مثل لفظ الكتاب تماما.
ثم رواه (3 / 356، 372) من طريق هشام عن أبي الزبير بلفظ: " نهى
رسول الله (ص) عن بيع النخل حتى يطعم ".
ثم أخرجه (3 / 395) من طريق خالد بن زيد أنه سمع عطاء أن ابن
الزبير باع ثمر أرض له ثلاث سنين، فسمع بذلك جابر بن عبد الله الأنصاري
فخرج إلى المسجد في ناس، فقال في المسجد:
" منعنا رسول الله (ص) أن نبيع الثمرة حتى تطيب ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
الثالثة: عن سعيد بن ميناء قال: سمعت جابر بن عبد الله قال:
" نهى النبي (ص) أن تباع الثمرة قبل ما تشقح، قال: تحمار وتصفار
ويؤكل منها ".
أخرجه البخاري (2 / 34) ومسلم (5 / 18) والطحاوي (2 / 209)
وقال: " فقيل لجابر ".
1368 - (حديث جابر: " أن النبي (ص) أمر بوضع الجوائح،
وفي لفظ قال: إن بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ
منه (1) شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ " رواهما مسلم) ص 339.
صحيح. وهما حديثان من طريقين مختلفين عنه:
الأول: عن سليمان بن عتيق عنه باللفظ الأول. وزاد: " ونهى عن بيع
السنين ".
أخرجه مسلم (5 / 20، 29) وأبو داود (3374) والنسائي
(2 / 218 - 219، 219) والطحاوي (2 / 215) وابن الجارود (597،

(1) الأصل من ثمنه، والتصويب من مسلم.
212

640) والدارقطني (302) والحاكم (2 / 40) والبيهقي (5 / 306) وأحمد
(3 / 309)، وليس عند الحاكم الزيادة، وهي عند الآخرين، لكن بعضهم
رواها منفردة عن الأصل كمسلم وغيره.
الثاني: عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله
(ص)، فذكره باللفظ الثاني.
أخرجه مسلم وأبو داود أيضا (3470) والنسائي والطحاوي وابن
الجارود (639) والدارقطني والحاكم (2 / 36) والبيهقي وأحمد
(3 / 394).
باب السلم
1369 - (قال ابن عباس: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل
مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه، ثم قرأ: " يا أيها الذين آمنوا إذا
تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه.. " الآية. رواه سعيد). ص 340
صحيح. أخرجه الشافعي (1314) والحاكم (2 / 286) والبيهقي
(6 / 18) من طريق سفيان عن أيوب عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن
عباس به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ".
وتعقبه الذهبي بقوله:
" إبراهيم ذو زوائد عن ابن عيينة ".
قلت: تابعه جماعة منهم الشافعي: أخبرنا سفيان، فالسند صحيح،
غير أنه على شرط مسلم وحده، فان أبا حسان لم يخرج له البخاري.
1370 - (قول عبد الله بن أبي أوفى وعبد الرحمن بن أبزى: " كنا
نصيب المغانم مع رسول الله (ص) فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام،
213

فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب. فقيل: أكان لهم زرع أم لم
يكن؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك " أخرجاه) ص 340.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 46) وأبو داود (3464) وكذا ابن
ماجة (2282) وابن الجارود (616) والحاكم (2 / 45) والبيهقي (6 / 20)
والطيالسي (815) وأحمد (4 / 354) عن محمد بن أبي المجالد قال:
" أرسلني أبو بردة، وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله
ابن أبي أوفى، فسألتهما عن السلف فقالا... ".
فذكره، والسياق للبخاري، ولم يخرجه مسلم أصلا.
1371 - (حديث أبي رافع: " استلف النبي (ص) من رجل
بكرا " رواه مسلم) ص 341
صحيح. أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 680 / 89) وعنه مسلم
(5 / 54) وكذا أبو داود (3346) والنسائي (2 / 226) والترمذي
(1 / 247) والدارمي (2 / 254) والشافعي (1321) والطحاوي
(2 / 229) والبيهقي (5 / 353) وأحمد (6 / 390) كلهم عن مالك عن زيد
ابن أسلم عن عطاء ابن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله (ص) أنه قال:
فذكره وزاد:
" فجاءته إبل من الصدقة، قال أبو رافع فأمرني رسول الله (ص) أن
أقضي الرجل بكره، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا، فقال
رسول الله (ص): أعطه إياه، فان خيار الناس أحسنهم قضاء ".
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وتابعه مسلم بن خالد: ثنا زيد بن أسلم به.
أخرجه ابن ماجة (2285).
214

(تنبيه) الحديث من أفراد مسلم دون البخاري كما رأيت. وقد تناقض
فيه المصنف رحمه الله، فعزاه هنا وفيما بعد (1381) لمسلم وحده على الصواب.
وعزاه برقم (1379، 1388) للمتفق عليه. وهو وهم..
1372 - (عن علي: " أنه باع جملا له يدعى عصيفيرا بعشرين
بعيرا إلى أجل معلوم ". رواه مالك والشافعي) ص 341.
ضعيف. أخرجه مالك (2 / 652 / 59) وعنه الشافعي (1308)
وكذا البيهقي (5 / 288) من طريق حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب به
دون قوله: معلوم.
قلت: وهذا سند ضعيف لانقطاعه بين الحسن وجده علي رضي الله عنه.
ويغني عنه من الأثر ما أخرجه مالك عقب هذا عن نافع:
" أن عبد الله بن عمر اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه، يوفيها
صاحبها بالربذة ".
وسنده صحيح.
1373 - (قال ابن عمر: " إن من الربا أبوابا لا تخفى وإن منها
السلم في السن) رواه الجوزجاني). ص 341.
1374 - (قال الشعبي: " إنما كره ابن مسعود السلف في الحيوان،
لأنهم اشترطوا إنتاج فحل بني فلان. فحل معلوم. " رواه سعيد ص 341
1375 - (حديث " من أسلف في شئ، فلا يصرفه إلى غيره " رواه
أبو داود وابن ماجة) ص 342.
ضعيف. أخرجه أبو داود (3468) وابن ماجة (2283) وكذا
الدارقطني (308) والبيهقي (6 / 25) من طريق عطية بن سعد عن أبي سعيد
الخدري قال: قال رسول الله (ص) فذكره. وفي لفظ للدارقطني:
215

" فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه، أو رأس ماله ".
قال الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 51):
" رواه الترمذي في " علله الكبير "، وقال: " لا أعرفه مرفوعا ألا من هذا
الوجه، وهو حديث حسن ". قال عبد الحق في " أحكامه ": وعطية العوفي لا
يحتج به، وإن كان الجلة قد رووا عنه. انتهى. وقال في " التنقيح ": وعطية
العوفي، ضعفه أحمد وغيره، والترمذي يحسن حديثه. وقال ابن عدي: هو مع
ضعفه يكتب حديثه. انتهى ".
وقال الحافظ في " التلخيص ":
" وهو ضعيف، وأعله أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان
بالضعف والاضطراب ".
قلت: والذي في " العلل " لابن أبي حاتم إعلاله بالوقف، فقال
(1 / 287 / 1158) عن أبيه:
" إنما هو عن عطية عن ابن عباس قوله ".
1376 - (حديث " من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم
ووزن معلوم إلى أجل معلوم ". متفق عليه). ص 342.
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 44، 46) ومسلم (5 / 55) وكذا أبو
داود (3463) والنسائي (2 / 226) والترمذي (1 / 246) والشافعي
(1312) وابن ماجة (2280) وابن الجارود (614، 615) والدارقطني
(290) وأحمد (1 / 217، 222، 282، 358) عن أبي المنهال عن ابن
عباس قال:
" قدم النبي (ص) المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين
فقال... " فذكره إلا أنه قال: " تمر " مكان " شئ ".
والسياق لمسلم، ولفظ البخاري:
216

"... بالتمر السنتين والثلاث، فقال: من أسلف في شئ ففي كيل
معلوم... ". وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
1377 - (عن ابن عباس قال: " لا تبايعوا إلى الحصاد والدياس
ولا تتبايعوا إلا إلى أجل معلوم "). ص 343
صحيح موقوف. أخرجه الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد
الكريم عن عكرمة عنه أنه قال:
" لا تبايعوا إلى العطاء، ولا إلى الأندر، ولا إلى الدياس ".
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري، وعبد
الكريم هو ابن مالك الجزري أبو سعيد، وهو محتج به في " الصحيحين،
وكذلك ابن عيينة ".
وأخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي كما في " نصب الراية "
(4 / 21).
1378 - (عن ابن عمر رضي الله عنه: " انه كان يبايع إلى
العطاء ". لم أقف عليه) ص 343.
1379 - (روى الأثرم أن أنسا كاتب عبدا له على مال إلى أجل،
فجاءه به قبل الأجل، فأبى أن يأخذه فأتى عمر بن الخطاب فأخذه منه
وقال: اذهب فقد عتقت ". وروى سعيد نحوه عن عمر وعثمان).
ص 344
لم أقف على إسناده. وقال الحافظ في " التلخيص " (3 / 23):
" ذكره الشافعي في " الأم " بلا إسناد، وقد رواه البيهقي من طريق أنس
بن سيرين عن أبيه قال:
217

" كاتبني أنس على عشرين ألف درهم، فكنت فيمن فتح " تستر "
فاشتريت رقة (1) فربحت فيها، فأتيت أنسا بكتابتي... فذكره ".
قلت: وتمامه عند البيهقي (10 / 334):
" فأبى أن يقبلها مني إلا نجوما، فأتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
فذكرت ذلك له، فقال: أراد أنس الميراث، وكتب إلى أنس: أن اقبلها من
الرجل، فقبلها ".
قلت: وإسناده صحيح.
1380 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار
السنة والسنتين والثلاث فقال: من أسلم في شئ فليسلم في كيل معلوم
ووزن معلوم إلى أجل معلوم " أخرجاه) ص 344.
صحيح. وتقدم برقم (1376).
1381 - (حديث " أنه أسلف إليه (صلى الله عليه وسلم) رجل من اليهود دنانير في تمر
مسمى فقال اليهودي: من تمر حائط بني فلان. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) أما من
حائط بني فلان فلا ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى " رواه ابن ماجة
وغيره. ورواه الجوزجاني في " المترجم " وابن المنذر) ص 344 - 345
ضعيف. أخرجه ابن ماجة فقال (2281): حدثنا يعقوب بن حميد بن
كاسب ثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن
أبيه عن جده عبد الله بن سلام قال:
" جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: إن بني فلان أسلموا (لقوم من
اليهود) وإنهم قد جاعوا، فأخاف أن يرتدوا، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): من عنده؟ فقال
رجل من اليهود: عندي كذا وكذا (لشئ قد سماه)، أراه قال ثلاثمائة دينار -
.

(1) كذا في الأصل، وهي الفضة، ووقع في سنن البيهقي ": رثة، ولم أعرف معنى لها هنا.
218

بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): بسعر كذا وكذا، إلى
أجل كذا وكذا، وليس من حائط بني فلان ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:
الأولى: جهالة حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، فإنه لم يرو عنه غير
ابنه محمد، ولم يوثقه أحد سوى ابن حبان، فذكره في " الثقات " (1 / 27)،
ولم يعرفه ابن أبي حاتم أصلا، فلم يورده في " الجرح والتعديل "! ولهذا،
قال الحافظ في ترجمته من " التقريب ":
" مقبول ".
يعني عند المتابعة.
والأخرى عنعنة الوليد بن مسلم في إسناده، فإنه كان يدلس تدليس
التسوية، وبهذا أعله البوصيري في " الزوائد " فقال (141 / 1):
" هذا إسناد ضعيف، لتدليس الوليد بن مسلم ".
وأقول: قد رواه محمد بن المتوكل بن أبي السري: حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا
محمد بن حمزة بن يوسف ابن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده عن عبد الله بن
سلام به مطولا، وفيه: " أن زيد بن سعنة، توفي في غزوة تبوك مقبلا غير
مدبر ".
أخرجه ابن حبان (2105) والحاكم (3 / 604 - 605) والطبراني في
" المعجم الكبير " (ق 217 / 2 - 218 / 2) ولم يقع عنده " عن " بين " جده "
و " عبد الله بن سلام "، وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد، وهو من غرر الحديث، ومحمد بن أبي السري
العسقلاني ثقة ". وتعقبه الذهبي بقوله:
" ما أنكره، وأركه، لا سيما قوله " مقبلا غير مدبر "، فإنه لم يكن في
غزوة تبوك قتال ".
قلت: وعلته ابن أبي السري هذا، قال الحافظ في " التقريب ":
219

" صدوق عارف، له أوهام كثيرة ".
وقال في ترجمة زيد بن سعنة من " الإصابة، وقد ذكر طرفا منه... "
" ورجال الإسناد موثقون، وقد صرح الوليد فيه بالتحديث، ومداره على
محمد بن أبي السري، وثقه ابن معين، ولينه أبو حاتم، وقال ابن عدي: محمد
كثير الغلط. والله أعلم، ووجدت لقصته شاهدا من وجه آخر لكن لم يسم فيه
(يعني زيد بن سعنة)، قال ابن سعد: حدثنا يزيد، حدثنا جرير بن حازم،
حدثني من سمع الزهري يحدث: أن يهوديا قال: ما كان بقي شئ من نعت
محمد في التوراة إلا رأيته، إلا الحلم، فذكر القصة ".
قلت: هي عند ابن سعد في " الطبقات " (1 / 2 / 87 - 88)، وليس
فيها القدر الذي أورده المصنف، وهي مع إرسالها أو اعضالها فيه الذي لم
يسم. ولذلك فهو ضعيف، للتفرد، وعدم وجود الشاهد المعتبر، وأما سائر
القصة وبالمقدار الذي ورد في حديث الزهري، فيمكن القول بحسنه، وهو ما
جزم به الحافظ تبعا لأصله في ترجمة حمزة بن يوسف من " التهذيب " فقال:
" له عند ابن ماجة حديث واحد في قصة إسلام زيد بن سعنة مختصرا، وقد
رواه الطبراني بتمامه، وهو حديث حسن مشهور في دلائل النبوة ".
1382 - (حديث ابن عمر مرفوعا: " نهى عن بيع الكالئ
بالكالئ " رواه الدارقطني). ص 345
ضعيف. أخرجه الدارقطني (319): ثنا علي بن محمد المصري: نا
سليمان بن شعيب الكسائي ثنا الخصيب بن ناصح نا عبد العزيز بن محمد
الدراوردي عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر به.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون، غير أن له علة دقيقة
يأتي بيانها، وعلي بن محمد المصري، له ترجمة جيدة في " تاريخ بغداد "
(12 / 75 - 76) وقال:
" وكان ثقة أمينا عارفا ".
220

وسليمان بن شعيب، وثقه العقيلي كما في " اللسان ".
وقد تابعه الربيع بن سليمان ثنا الخصيب بن ناصح به.
أخرجه الحاكم (2 / 57) وقال:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!
وأخرجه البيهقي (5 / 290) من طريق الحاكم به، ومن طريق أبي
الحسين بن بشران: نا أبو الحسن علي بن محمد المصري بإسناده المتقدم عند
الدارقطني إلا أنه قال:
" عن موسى ". ولم ينسبه. وقال البيهقي عقبه:
" موسى هذا هو ابن عبيدة الزبيدي، وشيخنا أبو عبد الله (يعني الحاكم)
قال في روايته: " عن موسى بن عقبة "، وهو خطأ، والعجب من أبي الحسن
الدارقطني شيخ عصره، روى هذا الحديث في " كتاب السنن " عن أبي الحسن
علي بن محمد المصري هذا، فقال: " عن موسى بن عقبة "، وشيخنا أبو
الحسين، رواه لنا عن أبي الحسن المصري في " الجزء الثالث من سنن المصري "،
فقال:
" عن موسى " غير منسوب، ثم أردفه المصري بما أخبرنا (ثم ساق
إسناده عن عبد الأعلى بن حماد ثنا عبد العزيز بن محمد عن أبي عبد العزيز
الربذي عن نافع به، أبو عبد العزيز الربذي هو موسى بن عبيدة ".
قلت: وقد أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 208) وفي
" مشكل الآثار " (1 / 346) وابن عدي في " الكامل " (383 / 1) والبيهقي من
طرق أخرى عن موسى بن عبيدة عن نافع به. وقال ابن عدي:
" وهذا معروف بموسى عن نافع ".
وكذا قال الدارقطني في غير السنن، فقال الحافظ في " التلخيص ":
" وقد جزم الدارقطني في " العلل " بأن موسى بن عبيدة تفرد به. فهذا
221

يدل على أن الوهم في قوله: " موسى بن عقبة " من غيره ".
قلت: وأنا أظن أن الوهم من ابن ناصح، فهو الذي قال ذلك، لأن
توهيمه أولى من توهيم حافظين مشهورين الدارقطني والحاكم. والله أعلم.
ثم ذكر الحافظ عن الشافعي أنه قال:
" أهل الحديث يوهنون هذا الحديث ".
وعن الإمام أحمد قال:
" ليس في هذا حديث يصح، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين
بدين ".
وقال الحافظ في " بلوغ المرام ".
" رواه إسحاق والبزار بإسناد ضعيف ".
قلت: وعلته موسى بن عبيدة هذا فإنه ضعيف كما جزم الحافظ في
" التقريب ". وقال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ":
" ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه ".
قلت: وأما موسى بن عقبة فهو ثقة حجة، من رجال الستة، ولذلك فإن
الذي جعله هو راوي هذا الحديث، أخطأ خطأ فاحشا، فإنه نقل الحديث من
الضعيف إلى الصحيح. والله المستعان.
1383 - (حديث " من أسلف في شئ فليسلف " ص 345).
صحيح. وقد مضى بتمامه مع تخريجه (1376).
1384 - (حديث " من أسلم في شئ فلا يصرفه إلى غيره ").
ص 346
ضعيف. وقد مضى بيانه برقم (1375).
1385 - (حديث ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " من أسلف في
222

شئ فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه، أو رأس ماله " رواه الدارقطني) ص 346.
ضعيف. وعزوه لحديث ابن عمر، فإنما هو عند الدارقطني من
حديث أبي سعيد الخدري كما سبق بيانه برقم (1375).
نعم عنده حديث ابن عمر بلفظ:
" من أسلف سلفا فلا يشترط على صاحبه غير قضائه ".
أخرجه هو وابن عدي في " الكامل " (ق 281 / 1) من طريق لوذان بن
سليمان، نا هشام بن عروة عن نافع عنه. وقال ابن عدي:
" لوذان بن سليمان مجهول، وما رواه مناكير لا يتابع عليه ".
وقد رواه مالك (2 / 682 / 93) عن نافع به موقوفا على ابن عمر.
قلت: وهو الصواب، وقد رواه البيهقي (2 / 350) عن مالك وقال:
" وقد رفعه بعض الضعفاء عن نافع، وليس بشئ ".
1386 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) نهى عن بيع الطعام قبل قبضه وعن
ربح ما لم يضمنه " صححه الترمذي).
حسن. وقد أخرجه الترمذي وسائر أصحاب السنن وغيرهم في أثناء
حديث بلفظ:
" لا يحل سلف وبيع... ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس
عندك ".
وقد مضى الحديث بتمامه وتخريجه تحت رقم (1305).
1387 - (ثبت عن ابن عباس أنه قال: إذا أسلمت في شئ إلى
أجل، فإن أخذت ما أسلفت فيه وإلا فخذ عرضا أنقض منه، ولا تربح
مرتين)، ص 347 رواه سعيد.
لم أقف على سنده.
223

باب القرض
1388 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يستقرض ") ص 347.
صحيح المعنى. ولم يرد بهذا اللفظ، وإنما أخذه المصنف - رحمه الله
تعالى - من جملة أحاديث، أذكر بعضها:
الأول: عن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي قال:
" استقرض مني النبي (صلى الله عليه وسلم) أربعين ألفا، فجاءه مال فدفعه إلي، وقال:
إنما جزاء السلف الحمد والأداء ".
أخرجه النسائي (2 / 533) وابن ماجة (2424) وأحمد (4 / 36) عن
إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله ابن أبي ربيعة، عن أبيه عن جده.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله ثقات معروفون غير
والد إسماعيل، وهو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أيي ربيعة، قال ابن أبي
حاتم (1 / 1 / 111):
" روى عنه ابناه إسماعيل وموسى والزهري وسعيد بن مسلمة بن أبي
الحسام ".
ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وذكره ابن حبان في " الثقات،. وقال ابن القطان: " لا يعرف له
حال ".
قلت: هو تابعي، وقد رواه عنه الجماعة من الثقات، ثم هو إلى ذلك من
رجال البخاري، فالنفس تطمئن لحديثه. والله أعلم.
الثاني: عن العرباض بن سارية قال:
" بعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم بكرا، فأتيته أتقاضاه، فقال: أجل، لا
أقضيكها إلا نجيبة، فقضاني أحسن قضاء، وجاء أعرابي يتقاضاه سنه، فقال
224

رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أعطوه سنا، فأعطوه يومئذ جملا، فقال: هذا خير من سني،
فقال: خيركم خيركم قضاء ".
أخرجه النسائي (2 / 236) وابن ماجة (2286) - بالقصة الثانية فقط -
والحاكم (2 / 30) والبيهقي (5 / 351) وأحمد (4 / 127) وقال الحاكم:
" صحيح الاسناد ".
ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
" كان لرجل على النبي (صلى الله عليه وسلم) سن من الإبل، فجاء يتقاضاه [فأغلظ له،
فهم به أصحابه]، فقال: أعطوه، فلم يجدوا له إلا سنا فوق سنه، فاعطوه،
فقال: أوفيتني أوفى الله لك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن خياركم أحسنكم
قضاء ".
أخرجه البخاري (2 / 38 و 62 و 83 و 84 و 139) ومسلم (5 / 54)
والزيادة له وهي رواية للبخاري والنسائي (2 / 236) والترمذي (1 / 247) وابن
ماجة (2423) والشافعي (1322) والبيهقي (5 / 352) والطيالسي (2356)
وأحمد (2 / 377 و 393 و 416 و 431 و 456 و 509) وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
الرابع: عن أبي رافع:
" أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استسلف من رجل بكرا...) الحديث وقد مضى برقم
(1371).
1389 - (حديث ابن مسعود مرفوعا: " ما من مسلم يقرض مسلما
قرضا مرتين إلا كان كصدقتها (1) مرة " رواه ابن ماجة). ص 347

(1) الأصل: " كصدقة " والتصويب من ابن ماجة.
225

حسن. أخرجه ابن ماجة (2430) من طريق سليمان بن يسير عن قيس
ابن رومي قال:
" كان سليمان بن أذنان يقرض علقمة ألف درهم إلى عطائه، فلما خرج
عطاؤه، تقاضاها منه، واشتد عليه، فقضاه، فكأن علقمة غضب، فمكث
أشهرا، ثم أتاه فقال: أقرضني ألف درهم إلى عطائي، قال: نعم وكرامة،
يا أم عتبة! هلمي تلك الخريطة المختومة التي عندك، فجاءت بها، فقال: أما
والله إنها لدراهمك التي قضيتني، ما حركت منها درهما واحدا، قال: فلله
أبوك، ما حملك على ما فعلت بي؟ قال: ما سمعت منك، قال: ما سمعت
مني؟ قال: سمعتك تذكر عن ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: فذكره.
قلت: قال البوصيري في " الزوائد " (ق 120 / 1):
" وهذا إسناد ضعيف، قيس بن رومي مجهول، وسليمان بن يسير،
ويقال: ابن قشير، ويقال: ابن شتير، ويقال: ابن سفيان، وكله واحد،
متفق على ضعفه ".
قلت: من هذا الوجه أخرج البيهقي (5 / 353) المرفوع منه فقط،
وقال:
كذا رواه سليمان بن يسير النخعي أبو الصباح الكوفي، قال البخاري: ليس
بالقوي. ورواه الحكم وأبو إسحاق وإسرائيل وغيرهم عن سليمان بن أذنان عن
علقمة عن عبد الله بن مسعود من قوله. ورواه دلهم بن صالح عن حميد بن
عبد الله الكندي عن علقمة عن عبد الله. ورواه منصور عن إبراهيم عن
علقمة، كان يقول: وروى ذلك من وجه آخر عن ابن مسعود مرفوعا، ورفعه
ضعيف ".
قلت: ثم ساق الوجه المشار إليه من طريق أبي حريز أن إبراهيم حدثه
أن الأسود بن يزيد كان يستقرض من مولى للنخع تاجر، فإذا خرج عطاؤه
قضاه، وأنه خرج عطاؤه، فقال له الأسود: إن شئت أخرت عنا، فإنه قد
كانت علينا حقوق في هذا العطاء، فقال له التاجر: لست فاعلا، فنقده الأسود
226

خمسمائة درهم، حتى إذا قبضها التاجر، قال له التاجر: دونك فخذها، فقال
له الأسود: قد سألتك هذا فأبيت، فقال له التاجر: إني سمعتك تحدث عن
عبد الله بن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول:
" من أقرض شيئا مرتين، كان له مثل أجر أحدهما لو تصدق به ".
ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1155 - موارد)،
وقال البيهقي عقبه:
" تفرد به عبد الله بن الحسين أبو حريز قاضي سجستان، وليس
بالقوي ".
قلت: وقال الحافظ في ترجمته من " التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
قلت: وقد وقفت له على طريق أخرى عن ابن أذنان في " المسند "
لأحمد، قال (1 / 412) ثنا عفان ثنا حماد: أخبرنا عطاء بن السائب عن ابن
أذنان قال:
" أسلفت علقمة ألفي درهم، فلما خرج عطاؤه.، قلت له: اقضني
قال: أخرني إلى قابل، فأتيت عليه، فأخذتها، قال: فأتيته بعد، قال:
برحت بي، وقد منعتني فقلت: نعم هو عملك! قال: وما شأني قلت:
إنك حدثتني عن ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: إن السلف يجري مجرى شطر
الصدقة، قال: نعم، فهو كذلك، قال: فخذ الآن ".
أخرجه البزار فقال:
" عن محمد بن معمر عن عفان به، إلا أنه سماه فقال:
" عبد الرحمن بن أدبان. وقال:
" لا نعلم روى عبد الرحمن بن أدبان عن علقمة عن عبد الله غير هذا
الحديث، ولا نعلم أسنده إلا حماد بن سلمة ".
227

نقلته من " التعجيل " (ص 531)، وقد أورده في ترجمة " ابن أدبان "
كذا وقع فيه " أدبان " بالدال المهملة ثم الباء الموحدة، كأنه تثنية " أدب)،
والذي في " المسند " وابن ماجة والبيهقي 11 أذنان " بالذال المعجمة ثم النون تثنية
" أذن ". وكذلك وقع في (الجرح والتعديل) (2 / 1 / 213) وسماه " سليم بن
أذنان " وقال:
" كوفي، روى عن علقمة في القرض، روى عنه أبو إسحاق
وعبد الرحمن بن عابس ".
ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وقد أورده ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين، (2 / 117)، لكن وقع
فيه " ابن أبان "!
وقد ذكر الخلاف في اسمه الحافظ ابن حجر، وجزم بأنه سليم، قال:
ويقال: عبد الرحمن، ومن سماه سليمان فقد صحف، (قال): فأما سليم
فليس من شرط هذا الكتاب، لان ابن ماجة أخرج له ".
قلت: ابن ماجة إنما أخرجه عن سليمان بن أذنان، كما تقدم، ومن
العجائب أن سليمان هذا أغفلوه، ولم يترجموه، لا في " التهذيب " ولا
" الخلاصة "، ولا " التقريب "، مع أنه عل شرطهم، وكذلك، لم يترجموا
لسليم بن أذنان، ولكنه على الجادة، فإنه لم يقع له ذكر في شئ من الكتب
الستة.
وجملة القول أن ابن أذنان هذا مستور، لان أحدا لم يوثقه غير ابن
حبان، فذا انضم إليه طريق أبى حريز المتقدمة، أخذ حديثه بعض القوة،
وبضم طريق دلهم بن صالح إليهما، فيزداد قوة، ويرقى الحديث بمجموع ذلك
إلى حرجة الحسن. والله أعلم.
وقد أخرج الطريق الأخيرة الطبراني في " المعجم الكبير، (3 / 27 / 2):
حدثنا علي بن عبد العزيز، نا أبو نعيم نا دلهم بن صالح حدثني حميد بن عبد الله
الثقفي أن علقمة بن قيس استقرض من عبد الله ألف درهم، فأقرضه إياها،
228

فلما خرج العطاء، جاءه بألف درهم، فقال: هذا مالك، قال: هاته،
فأخذه، فقال له عبد الله: لولا كراهية أن أخالفك لأمسكت المال، فقال
عبد الله: نحن أحق به، فجلس، فتحدث ساعة، ثم قام، فانطلق علقمة،
فلما بلغ أصحاب التوابيت، أرسل على أثره فرده، فقال: محتاج أنت؟ قال:
نعم، قال: خذ المال، فلما أخذه، قال عبد الله:
" لان أقرض مالا مرتين أحب إلي من أن أتصدق به مرة ".
ثم وجدت للحديث شاهدا من رواية أنس بن مالك مرفوعا بلفظ:
" قرض مرتين في عفاف خير من صدقة مرة ".
أخرجه ابن بشران في " الأمالي " (27 / 114 / 2) وأبو الفضل عيسى
ابن موسى بن المتوكل في " نسخة الزبير بن عدي " (2 / 3 / 1) عن بشر بن الحسن
ثنا الزبير بن عدي عنه.
لكن بشرا هذا متهم بالكذب، فلا يستشهد به. إلا أنه قد جاء من
طريق أخرى، فأخرجه البيهقي (5 / 354) من طريق تمتام: ثنا عبيد الله بن أبي
عائشة، ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رفعه بلفظ:
" قرض الشئ خير من صدقته،.
وقال عقبه:
" قال الإمام أحمد: وجدته في المسند مرفوعا، فهبته فقلت: رفعه ".
قلت: وإسناده صحيح، وقد ذكره السيوطي في " الجامع الصغير! من
رواية البيهقي وحده عن أنى. فقال المناوي في شرحه:
" ورواه عنه أيضا النسائي وأبو نعيم والديلمي ".
قلت: وليس هو في " السنن الصغرى: المجتبى، للنسائي، فالظاهر
أنه يعني " الكبرى " له. والله أعلم.
1390 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استلف بكرا " متفق عليه).
ص 347
229

صحيح. وتقدم (1371)، وهو من أفراد مسلم، وعزوه للبخاري وهم نبهنا عليه هناك.
1391 - (حديث " المسلمون على شروطهم "). ص 348
صحيح. وتقدم (1303).
1392 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا فرد مثله ". رواه مسلم). ص 348.
صحيح. وهو من حديث أبي رافع رضي الله عنه، وقد ذكرنا لفظه بتمامه فيما تقدم برقم (1371)، ومنه يتبين أن قول المصنف " مثله "، بعيد عن معناه لأن فيه ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم أعطاه رباعيا مكان بكره. فتنبه.
(فائدة): البكر: الصغير من الإبل، والرباعي بفتح الراء -: ماله ست سنين.
1393 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم استقرض (1) من يهودي شعيرا ورهنه درعه " متفق عليه) ص 349
صحيح. وقد ورد من حديث جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عائشة، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وأسماء بنت يزيد.
1 - أما حديث عائشة، فيرويه الأسود بن يزيد عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى أجل، ورهنه درعا له من حديد ". أخرجه البخاري (2 / 9 و 15 - 16 و 35 و 46 و 82 و 115 و 116) ومسلم (5 / 55) وكذا النسائي (2 / 225 و 230) وابن ماجة (2436) وابن الجارود (664) والبيهقي (6 / 36) وأحمد (6 / 42 و 160 و 230).

(1) كذا الأصل، ولعله محرف من " اشترى " فإنه بهذا اللفظ في الصحيحين وغيرهما ثم تأكدت أنه محرف، فقد أعاده المصنف برقم (1394) على الصواب.
230

وفي لفظ: " توفي النبي صلى الله عليه وسلم، ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير ".
أخرجه البخاري (2 / 228 و 3 / 192) والبيهقي وأحمد (6 / 237). 2 - وأما حديث أنس، فيرويه قتادة عنه قال: " مشيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير، وإهالة سنخة، ولقد رهن له درع عند يهودي بعشرين صاعا من طعام، أخذه لأهله، ولقد سمعته ذات يوم يقول: ما أمسى في أل محمد صاع تمر، ولا صاع حب، وإن عنده يومئذ لتسع نسوة ". أخرجه البخاري (2 / 9 - 10 و 115) والنسائي (2 / 224) والترمذي (1 / 229) وابن ماجة (2437) بقضية الرهن فقط، وكذا ابن حبان (1124) والبيهقي وأحمد (3 / 133 و 208 و 238) واللفظ للترمذي وقال
" حديث حسن صحيح ". وفي لفظ لأحمد والبيهقي: "... عند يهودي بالمدينة، أخذ منه طعاما، فما وجد لها ما يفتكها به ". وكذا أخرجه أحمد أيضا (3 / 102) من طريق الأعمش عن أنس، ولفظه: " كانت درع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهونة، ما وجد ما يفتكها حتى مات ".
ورجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن الأعمش مدلس وقد عنعنه، وهو وإن كان رأى أنسا، فإنه لم يثبت له سماع منه.
3 - وأما حديث ابن عباس، فيرويه عكرمة عنه قال: " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير لأهله ". أخرجه النسائي والترمذي والدارمي (2 / 259 - 260) والبيهقي وأحمد (1 / 236 و 300 و 361) وقال الترمذي:
231

" حديث صحيح ".
قلت: وهو على شرط البخاري.
4 - وأما حديث أسماء بنت يزيد، فيرويه شهر بن حوشب عنها به مختصرا. أخرجه ابن ماجة (2438) وأحمد (6 / 453 و 457).
1394 - (حديث عائشة " قلت: يا رسول الله إن الجيران يستقرضون الخبز والخمير، ويردون زيادة ونقصانا. فقال: " لا بأس إنما ذلك من مرافق الناس لا يراد به الفضل "). رواه أبو بكر في " الشافي "). ص 349.
ضعيف. أخرجه ابن الجوزي في " التحقيق " (3 / 26 / 1 - 2) من طريق أم كلثوم بنت عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير قالت: حدثتني صفية بنت الزبير بن هشام بن عروة عن جدها هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف لجهالة أم كلثوم هذه وصفية بنت الزبير.
قال الحافظ ابن عبد الهادي في " تنقيح التحقيق " (3 / 191): " هذا الحديث غير مخرج في شيء من الكتب الستة، قال شيخنا: في إسناده من يجهل حاله ".
قلت: وكأنه يشير إلى المرأتين المذكورتين.
وقد روي من غير طريقهما، فأخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 353 / 2) من طريق محمد بن عبد الملك الأنصاري ثنا الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا بأس أن يستقرض القوم من جيرانهم الخبز، فيعطوا أصغر منه أو أكبر ".
وقال ابن عدي:
232

" حديث منكر، لا يرويه عن الزهري غير محمد بن عبد الملك، وكل أحاديثه مما لا يتابعه الثقات عليه، وهو ضعيف جدا.
قلت: وقال فيه أحمد: " وكان أعمى يضع الحديث ويكذب ".
1395 - (وعن معاذ أنه سئل عن اقتراض الخبز الخمير، فقال: سبحان الله إنما هذا من مكارم الأخلاق، فخذه الكبير، وأعط الصغير، وخذ الصغير، وأعط الكبير، خيركم أحسنكم قضاء، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك " رواه أبو بكر في " الشافي ") ص 349.
ضعيف. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 48 / 1) وعنه ابن الجوزي في " التحقيق " (3 / 26 / 2) من طريق ابن مصفى حدثنا بقية عن ثور ابن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل به.
وقلت: وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان: الأولى: عنعنة بقية فقد كان يدلس. والأخرى: الانقطاع بين ابن معدان ومعاذ، وبه أعله ابن عبد الهادي، وخفيت عليه العلة الأولى فقال في " التنقيح " (3 / 191): " هذا الحديث لم يخرج في شيء من السنن، وإسناده صالح لكنه منقطع، فإنه من طريق خالد، وخالد لم يدرك معاذا ". والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (4 / 139) وقال: " رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه سليمان بن سلمة الجنائزي، ونسب إلى الكذب ".
قلت: إسناد ابن عدي خال منه، والظاهر أنه رواه عن بقية، فإنه معروف بالرواية عنه، وحينئذ، فقد تابعه ابن مصفى واسمعه محمد، فبرئت ذمته منه، وانحصرت العلة في شيخه بقية، مع الانقطاع.
1396 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف " صححه
233

الترمذي). ص 349.
حسن. وهو طرف أول للحديث المتقدم (1305).
1397 - (عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم: " انهم كرهوه، ونهوا عن قرض جر منفعة "). ص 349.
صحيح عن ابن عباس، وله طريقان: الأولى: عن سالم بن أبي الجعد قال: " كان لنا جار سماك، عليه لرجل خمسون درهما، فكان يهدي إليه السمك، فأتي ابن عباس، فسئله عن ذلك؟ فقال: قاصه بما أهدى إليك ". أخرجه البيهقي (5 / 350)
قلت: وإسناده صحيح.
والأخرى: عن أبي صالح عنه أنه قال:
" في رجل كان له على رجل عشرون درهما، فجعل يهدي إليه، وجعل
كلما أهدى إليه هدية باعها، حتى بلغ ثمنها ثلاثة عشر درهما، فقال ابن
عباس: لا تأخذه منه إلا سبعة دراهم ".
أخرجه البيهقي أيضا (5 / 349) وابن الجوزي في " التحقيق "
(3 / 27 / 1).
قلت: وإسناده صحيح.
وأما أثر أبي بن كعب، فيرويه كلثوم به الأقمر عن زر بن حبيش قال:
قلت لأبي بن كعب: يا أبا المنذر إني أريد الجهاد، فأتي العراق فأقرض،
قال: إنك بأرض الربا فيها كثير فاش، فإذا أقرضت رجلا فأهدى إليك
هدية، فخذ قرضك، واردد إليه هديته.
أخرجه البيهقي.
234

قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال ابن المديني: كلثوم بن الأقمر مجهول. أما أثر ابن مسعود، فيرويه محمد بن سيرين عنه. " أنه سئل عن رجل استقرض من رجل دراهم، ثم إن المستقرض، أفقر المقرض ظهر دابته، فقال، عبد الله: ما أصاب من ظهر دابته فهو ربا ". أخرجه البيهقي (5 / 350 و 351 و 6 / 39) وقال: " هذا منقطع، بين ابن سيرين وعبد الله ". وفي الباب عن فضالة بن عبيد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا ". أخرجه
لبيهقي من طريق إدريس بن يحيى عن عبد الله بن عياش قال: حدثني يزيد بن أبي مرزوق التحبيبي عنه. قلت: وإدريس هذا لم أجد له ترجمة، ومن فوقه ثقات. وعن ابن سلام، برواية أبي بردة قال: " أتيت المدينة، فلقيت عبد الله ابن سلام، فقال لي: ألا تجيء إلى البيت حتى أطعمك سويقا وتمرا؟ فذهبنا فأطعمنا سويقا وتمرا، ثم قال: إنك بأرض الربا فيها فاش، فإذا كان لك على رجل دين، فأهدى إليك حبلة من علف أو شعير، أو حبلة من تبن، (وفي لفظ: حمل تبن، أو حمل شعير، أو حمل قت) فلا تقبله، فأن ذلك من الربا ". أخرجه البخاري (3 / 13) باللفظ الآخر، والبيهقي
5 / 349) والسياق له، والطبراني في " المعجم الكبير " (4 / 222 / 1) باختصار، ولفظه: " وإن من الربا أن يسلم الرجل السلم، فيهدى له فيقبلها ".
1398 - (ويروى: " كل قرض جر منفعة فهو ربا "). ص 349
ضعيف. أخرجه البغوي في " حديث العلاء بن مسلم (ق
235

10 / 2): ثنا سوار (يعني ابن مصعب) عن عمارة عن على بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. وقال ابن عبد الهادي في " التنقيح " (3 / 192): " هذا إسناد ساقط، وسوار متروك الحديث " قلت: وقد روي عن فضالة بن عبيد موقوفا عليه، وقد ذكرته تحت الحديث المتقدم. وفي معناه ما روي عن أنس، من طريق يحيى بن أ بي يحيى الحنائي قال: " سألت أنس بن مالك: الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي له؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أقرض أحدكم قرضا، فأهدى له، أو حمله على الدابة، فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى
ينه وبينه قبل ذلك ". وإسناده ضعيف كما يأتي بيانه بعد حديث.
1399 - (حديث أنه استسلف بكرا ورد خيرا منه، وقال: " خيركم أحسنكم قضاء " متفق عليه). ص 349
صحيح. وتقدم برقم (1371)، وعزوه للمتفق عليه وهم كما سبق التنبيه عليه هناك.
1400 - (حديث أنس مرفوعا: " إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدى إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك " رواه ابن ماجة).
ضعيف. أخرجه ابن ماجة (2432) والبيهقي (5 / 350) وابن الجوزي في " التحقيق " (3 / 26 / 2 - 27) عن إسماعيل بن عياش: حدثني عتبة بن حميد
236

الضبي عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي قال: " سألت أنس بن مالك: الرجل منا يقرض أخاه المال، فيهدي له؟ قال... " فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاث علل: الأولى: جهالة يحيى بن أبي يحيى الهنائي، قال الحافظ في " التقريب ": " مجهول ".
الثانية: ضعف عتبة الضبي، قال الحافظ: " صدوق له أوهام ". وبذلك أعله البوصيري في " الزوائد " (ق 150 / 2): هذا إسناد فيه مقال، عتبة بن حميد ضعفه أحمد، وقال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان في " الثقات "، ويحيى بن أبي إسحاق الهنائي لا يعرف حاله ".
الثالثة: إسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وهذا منه، فان شيخه الضبي كوفي. وبه أعله ابن عبد
الهادي في " التنقيح " (3 / 191) فقال: " وهذا الحديث غير قوي، فإن ابن عياش متكلم فيه ". وخفي هذا كله على الحافظ عبد الحق الإشبيلي فقال في " أحكامه ". (رقم بتحقيقي): " إسناد صالح "
1401 - (روى الأثرم أن رجلا كان له على سماك عشرون درهما، فجعل يهدي إليه السمك، ويقومه حتى بلغ ثلاثة عشر درهما فسأل ابن
237

عباس فقال: أعطه سبعة دراهم). ص 350.
صحيح - وأخرجه البيهقي من طريقين عن ابن عباس به. وهذا السياق مركب من لفظي الطريقين، وقد سبق ذكرهما وتخريجهما تحت الحديث (1397)
1402 - (روي أن ابن الزبير كان يأخذ من قوم بمكة دراهم، ثم يكتب لهم بها إلى مصعب بن الزبير بالعراق فيأخذونها منه، فسئل عن ذلك ابن عباس، فلم ير به بأسا) ص 350.
ضعيف. أخرجه البيهقي (5 / 352) من طريق سعيد بن منصور: ثنا هشيم أنا خالد عن ابن سيرين أنه كان لا يرى ب‍ (السفتجات) بأسا إذا كان على الوجه المعروف، قال: وحدثنا هشيم أنا حجاج بن أرطاة عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن الزبير كان... الخ وزاد: " فقيل له: إن أخذوا أفضل من دراهمهم؟ قال: لا بأس إذا أخذوا بوزن دراهمهم ".
قلت: ورجاله ثقات، غير أ ن ابن أرطاة مدلس، وقد عنعنه.
1403 - (روي عن علي: " أنه سئل عن مثل ذلك، فلم ير بأسا "). ص 350.
ضعيف. ولم أر إسناده، وإنما علقه البيهقي عقب الأثر السابق، مشيرا إلى ضعفه، فقال تحت " باب ما جاء في السفاتج ": " وروي في ذلك أيضا عن علي رضي الله عنه، فإن صح ذلك عنه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، فإنما أراد - والله أعلم - إذا كان ذلك بغير شرط. والله أعلم.
1404 - (حديث " لا ضرر ولا ضرار " ص 351.
صحيح. وقد مضى تخريجه (896)
1405 - (حديث عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما،
238

ورهنه درعه " متفق عليه) ص 351.
صحيح. وقد مضي (1393)
1406 - (حديث " لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه " رواه الشافعي والدار قطني، وقال: " إسناده حسن متصل ". ورواه الأثرم بنحوه). ص 354
مرسل. أخرجه الشافعي (324) مرسلا فقال: أخبرنا محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. و من طريق الشافعي رواه البيهقي (6 / 39) وقال: " وكذلك رواه سفيان الثوري عن ابن ذئب، وقال في متنه: الرهن ممن رهنه، وله غنمه، وعليه غرمه ".
قلت: وكذلك رواه جماعة عن ابن شهاب به مرسلا. فقال الطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 253): حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب أنه سمع مالكا ويونس وابن أبي ذئب يحدثون عن ابن شهاب به دون قوله " من صاحبه... " وهكذا هو في " موطأ مالك " (2 / 728 / 13) عن ابن شهاب به. وتابعهم معمر عن الزهري به. أخرجه الدارقطني (303) عن عبد الرزاق، والبيهقي (6 / 40) عن محمد ابن ثور كلاهما عن معمر به. وقد روي عن بعض هؤلاء وغيرهم موصولا من طرق:
1 - عن إسماعيل بن عياش عن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا بلفظه: " لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمه، وعليه غرمه ".
239

أخرجه الدار قطني والحاكم (2 / 51) والبيهقي من طريق عثمان بن سعيد ابن كثير بن دينار الحمصي، ثنا إسماعيل بن عياش به. وتابعه عبد الله بن الجبار الجنائزي ثنا إسماعيل بن عياش به. إلا أنه قال في رواية له عند " الزبيدي " بدل " ابن أبي ذئب ". أخرجهما تمام في " الفوائد " (11 / 1) والدار قطني (303). وللحاكم الرواية الأخرى منهما. ولعل الأولى أصح عنه لموافقتها لرواية عثمان عنه. وقد تابعه عبد الله بن نصر الأصم فقال: ثنا شبابة نا بن أبي ذئب به لكنه قال: " عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمان ". أخرجه الدار قطني والحاكم وابن عدي في " الكامل " (ق 223 / 1). فزاد في السند: أبا سلمة. وهي زيادة منكرة، ومتابعة واهية، لان الأصم هذا منكر الحديث كما قال الذهبي، وقال ابن عدي عقبه: " وهذا الحديث قد وصله عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة جماعة، وليس هذا موضعه فاذكره، واما عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، فلا أعرفه إلا من رواية عبد الله بن نصر عن شبابة عن ابن أبي ذئب ". ثم ختم ترجمة بن نصر هذا بما يؤخذ منه أنه منكر الحديث. وقد تحرف اسمه علي ابن حزم أو غيره ممن فوقه إلى اسم آخر، وقوى الحديث بسبب ذلك، توهما منه أن هذا لغير ثقة، وليس كذلك، فوجب بيانه، لا سيما وقد اغتر به بعض الحفاظ، وهو عبد الحق الأشبيلي فأقول: جاء في " التلخيص " (3 / 37) ما نصه: " وروي ابن حزم من طريق قاسم بن أصبع، نا محمد بن إبراهيم، نا يحيى ابن أبي طالب الأنطاكي وغيره من أهل الثقة: نا نصر
بن عاصم الأنطاكي نا شبابة (قلت: فساقه بسنده ومتنه) قال
بن حزم: هذا سند حسن. قلت: أخرجه
240

الدار قطني من طريق عبد الله بن نصر الأنطاكي عن شبابة به، وصححها عبد الحق، وعبد الله بن نصر له أحاديث منكرة، ذكرها ابن عدي، وظهر أن قوله في رواية ابن حزم " نصر بن عاصم " تصحيف، وإنما هو عبد الله بن نصر الأصم، وسقط عبد الله وحرف " الأصم " ب‍ (عاصم) ". قلت: وعبد الحق أورده في " الأحكام " (رقم - بتحقيقي) من رواية قاسم بن أصبع، وكأنه نقله عن ابن حزم وقال عقبه: " روي مرسلا عن سعيد، ورفع عنه في هذا الاسناد، وفي غيره، ورفعه صحيح ". وأقول: أما هذا الاسناد، فلا يصح لما عرفت من التصحيف والتحريف، على أن نصر بن عاصم - لو كان له وجود في السند - ليس بالثقة، فقد ذكره العقيلي في " الضعفاء "، وابن حبان في " الثقات "، وقال الحافظ في " التقريب ": " لين الحديث ". وأما غيره من الأسانيد الموصولة
فذلك من نحن فيه في صدد تحقيق الكلام عليه. وقد روي من طريق أخرى عن أبي سلمة، أخرجه الدار قطني عن بشر ابن يحيى المروزي، نا أبو عصمة عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به. وقال: " أبو عصمة وبشر ضعيفان، ولا يصح عن محمد بن عمرو ".
2 - عن كدير أبي يحيى نا يحيى نا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. أخرجه الدار قطني والحاكم. وكدير هذا قال الذهبي: " أشار ابن عدي إلي لينه ".
قلت: وقد خالفه ثقتان، فأرسلاه عن معمر كما تقدم.
3 - عن عبد الله بن عمران العابدي، نا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد
ارواء - 5 - 16
241

عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا باللفظ الأول دون قوله: " من صاحبه الذي رهنه ". أخرجه الدار قطني والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: " صحيح علي شرط الشيخين، ولم يخرجاه لخلاف فيه على أصحاب الزهري ". و وافقه الذهبي. وقال الدار قطني: " زياد بن سعد من الحفاظ الثقات، وهذا إسناد حسن متصل ". ونقله عنه البيهقي، وعقب عليه بقوله: " قد رواه غيره عن سفيان عن زياد مرسلا، وهو المحفوظ ".
قلت: العابدي (1) هذا صدوق كما قال أبو حاتم، ولم يتفرد به فقال ابن حبان (1123) أخبرنا آدم بن موسى - بجوار الري - حدثنا الحسين بن عيسى البسطامي: حدثنا إسحاق ابن الطباع عن ابن عيينة به.
قلت: إسحاق هو ابن عيسى بن نجيح بن الطباع البغدادي، وهو ثقة من رجال مسلم، والحسين بن عيسى البسطامي ثقة أيضا من رجال الشيخين. لكن آدم بن موسى لم أجد له ترجمة الآن.
4 - قال ابن ماجة (2441): حدثنا محمد بن حميد ثنا إبراهيم بن المختار عن إسحاق بن راشد عن الزهري به مقتصرا على قوله: " لا يغلق الرهن ". قال البوصيري في " الزوائد " (ق 151 / 2): " هذا إسناد ضعيف، محمد بن حميد الرازي، وإن وثقه ابن معين في رواية، فقد ضعفه في أخرى، وضعفه أحمد والنسائي والجوزجاني، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المقلوبات. وقال ابن وارة: كذاب ".

(1) وقع في " الجرح والتعديل " (2 / 2 / 130) المعابدي، وهو خطأ مطبعي.
242

قال الشافعي (1325): أخبرنا الثقة عن يحيى بن أبي أنسية عن ابن شهاب به مثله. ومن طريقه أخرجه البيهقي (6 / 39) قلت: ويحيى هذا ضعيف. و (الثقة) لم أعرفه)، وفي شيوخ الشافعي رحمه الله بعض الضعفاء و جملة القول أنه ليس في هذه الطرق ما يسلم من علة، وخيرها الطريق الثالث، وعلتها الشذوذ إن لم يكن من العابدي، فمن ابن عيينة، ولذلك فالنفس تطمئن لرواية الجماعة الذين أرسلوه أكثر، لا سيما وهم ثقات أثبات، وهو الذي جزم به البيهقي، وتبعه جماعة منهم ابن عبد الهادي، فقال في " التنقيح " (3 / 196): " ورواه جماعة من الحفاظ بالارسال، وهو الصحيح، وأما ابن عبد البر قد صحح اتصاله، وكذلك عبد الحق، والله أعلم ". نعم للحديث شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا بالشطر الأول منه، ولكنه واه منكر لا يحتج به. أخرجه ابن عدي (366 / 2) من طريق محمد بن زياد الأسدي: ثنا مالك ابن أنس عن نافع عنه. وقال: " هذا حديث منكر بهذا الإسناد، وإنما روى مالك هذا الحديث في " الموطأ " عن الزهري عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ومحمد بن زياد منكر الحديث عن الثقات، ولا أعرفه إلا في هذا الحديث، وليس بالمعروف ". وله شاهد آخر
ولكنه مرسل أيضا، ويأتي الكلام عليه بعد حديث. فإذا وجد له شاهد آخر موصول، ليس شديد الضعف، فيمكن القول حينئذ بصحة الحديث. والله أعلم.
1407 - (حديث " لا يغلق الرهن " رواه الأثرم) ص 355
243

مرسل. وتقدم الكلام عليه في الذي قبله.
1408 - (حديث معاوية بن عبد الله بن جعفر: " أن رجلا رهن دارا بالمدينة إلى أجل مسمى، فمضى الأجل، فقال الذي ارتهن: منزلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن ") ص 355.
ضعيف. أخرجه البيهقي (6 / 44) من طريق إبراهيم بن عامر بن مسعود القرشي عن معاوية بن عبد الله بن
جعفر به. مع اختلاف يسير في بعض الأحرف، وقال: " هذا مرسل ".
قلت: ومع ذلك فمعاوية الذي أرسله، ليس بالمشهور، فإنه لم يوثقه غير العجلي، وذكره ابن حبان في " الثقات " فقال (1 / 219): " يروي عن أبيه وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، روي عنه الزهري وابن الهاد ". وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة.
1409 - (روي البخاري وغيره عن أبي هريرة مرفوعا: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة ") ص 356
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 116) وكذا أبو داود (3526) والترمذي (1 / 236) وابن ماجة (2440) والطحاوي (2 / 251) وابن الجارود (665) والدار قطني (303) والبيهقي (6 / 38) وأحمد (2 / 472) من طريق الشعبي عن أبي هريرة به. وقال أبو داود على خلاف عاداته: " هو عندنا صحيح ". وقال الترمذي: " حديث حسن ".
244

1410 - (حديث " لا يغلق الرهن من راهنه، له غنمه وعليه غرمه " رواه الشافعي والدارقطني). ص 359.
مرسل. وتقدم قبل ثلاثة أحاديث.
باب الضمان والكفالة
1411 - (قال ابن عباس: " الزعيم الكفيل ") ص 359.
ضعيف الاسناد. أخرجه ابن جرير في تفسير قوله تعالى في سورة يوسف: (وأنابه زعيم) (13 / 14) من طريق عبد الله قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس: " قوله (وأنابه زعيم) يقول: كفيل ".
قلت: وهذا سند ضعيف، علي هو ابن أبي طلحة، لم يسمع من ابن عباس. وعبد الله هو ابن صالح كاتب الليث، وفيه ضعيف. وعزاه السيوطي في " الدر المنثور " (4 / 27) لابن المنذر أيضا.
1412 - (حديث " الزعيم غارم ") ص 359.
صحيح. وهو من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع [يقول]: " العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم ". أخرجه الطيالسي (1128) وعنه البيهقي (6 / 88) وأحمد (5 / 267) والسياق له وأبو داود (3565) وابن عدي (10 / 1) من طريق إسماعيل بن عياش ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول:
245

فذكره. وأخرجه الترمذي (1 / 239) دون " المنحة " وابن ماجة (2405) دون " العارية " أيضا، وتمام في " الفوائد " (66 / 2) مقتصرا على الجمعة الأخيرة، وكذا ابن عدي في " الكامل " (9 / 2) وقال: " إسماعيل بن عياش حديثه عن الشاميين إذا روي عنه ثقة، فهو مستقيم الحديث، وفي الجملة هو ممن يكتب حديثه، ويحتج به في حديث الشاميين خاصته،
قلت: وهذا من حديثه عنهم، فان شرحبيل بن مسلم شامي، لكن فيه لين، فالاسناد حسن، وكأنه لذلك قال الترمذي: " حديث حسن غريب وقد روي عن أبي أمامة، وإنما عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه (1) "
قلت: لم أقف عليه الآن عن أبي أمامة، وإنما عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا ان العارية مؤداة... " الحديث بتمامه. أخرجه أحمد (5 / 293) ثنا علي بن إسحاق أنا ابن المبارك ثنا عبد الرحمان ابن يزيد بن جابر قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين غير علي ابن إسحاق، وهو أبو الحسن المروزي وهو ثقة اتفاقا. ثم وقفت عليه، من طريق حاتم بن حريث الطائي قال: سمعت أبا أمامة به. أخرجه ابن حبان (1174) وسنده حسن.
1413 - (حديث: عن ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم تحمل عشرة دنانير عن رجل قد لزمه غريمه إلى شهر، وقضاها عنه ") ص 360

(1) ثم رأيته قال في مكان آخر، وقد أخرجه بزيادة يأتي ذكرها في " الوصايا " برقم (1654). " حديث حسن صحيح ".
246

صحيح. أخرجه أبو داود (3328) و ابن ماجة (2406) والبيهقي
(6 / 74) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو
عن عكرمة عنه:
" أن رجلا لزم غريما له بعشرة دنانير، على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: ما
عندي شيء أعطيكه، فقال: لا والله، لا أفارقك حتى تقضيني، أو تأتيني
بحميل، فجره إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كم تستنظره؟ فقال::
شهرا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فأنا أحمل له، فجاءه في الوقت الذي قال النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أين أصبت هذا؟ قال: من معدن، قال
: لا خير
فيها، وقضاها عنه ".
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله رجال الصحيح.
فصل
1414 - (حديث " الزعيم غارم ") ص 362
صحيح. وتقدم قبل حديث.
1415 - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا " لا
كفالة في حد ") ص 362
ضعيف. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 242 / 2) والبيهقي
(6 / 77) من طريق بقية عن عمر الدمشقي: حدثني عمرو بن شعيب به. وقال
ابن عدي:
" عمر بن أبي عمر الكلاعي الدمشقي، ليس بالمعروف، منكر الحديث
عن الثقات، والحديث غير محفوظ بهذا الإسناد ".
وقال البيهقي:
247

" إسناده ضعيف، تفرد به بقية عن أبي محمد عمر بن أبي عمر الكلاعي،
وهو من مشايخ بقية المجهولين، ورواياته منكرة ".
وقال الذهبي في ترجمته:
" ثم ساق ابن عدي لبقية عنه عجائب وأوابد، وأحسبه عمر بن موسى
الوجيهي ذاك الهالك... وبكل حال هو ضعيف ".
وضعف إسناد الحديث الحافظ أيضا في " بلوغ المرام ".
1416 - (حديث جابر: " أتي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) برجل ليصلي عليه
فقال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف، فتحملها أبو قتادة، فصلى
عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " رواه أحمد والبخاري بمعناه). ص 363
صحيح. أخرجه أحمد (3 / 330) وكذا الطيالسي (1673) والحاكم
(2 / 57 - 58) والبيهقي (6 / 74 و 75) من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن جابر قال:
" توفي رجل، فغسلناه، وحنطناه، وكفناه، ثم أتينا به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه؟ فخطا خطى، ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران
فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أحق الغريم، وبرىء منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه،
ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه
من الغد، فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الآن بردت جلدته ".
وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
قلت: و إنما هو حسن فقط، لأن ابن عقيل في حفظه ضعف يسير، ولذلك
قال الهيثمي في " المجمع " (3 / 39):
" رواه أحمد والبزار وإسناده حسن ".
248

وله طريق أخرى مختصرا، يرويه أبو سلمة عن جابر قال:
" كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يصلي على رجل عليه دين، فأتي بميت، فسأل:
أعليه دين؟ قالوا: نعم، عليه ديناران، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو
قتادة: هما علي يا رسول الله، فصلى عليه، فلما فتح الله على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك دينا، فعلي، ومن ترك مالا
فلورثته ".
أخرجه أبو داود (3343) والنسائي (1 / 278 - 279) وابن حبان
(1162) عن عبد الرزاق قال: أنبأنا معمر عن الزهري عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه ابن ماجة (2416) منه الجملة الأخيرة بنحوه من طريق آخر عن
جابر. وهو على شرط مسلم.
وليس هو عند البخاري من حديث جابر رضي الله عنه خلافا لما يوهمه
صنيع المؤلف رحمه الله تعالى. وإنما أخرجه (2 / 56، 58) من حديث سلمة بن
الأكوع مثل حديث أبي سلمة عن جابر، إلا أنه قال: " ثلاثة دنانير " ودون قوله:
" فلما فتح الله... "
وأخرجه النسائي أيضا والبيهقي وأحمد (4 / 47 و 50).
والزيادة المذكورة، هي عند الشيخين من حديث أبي هريرة وسيأتي
تخريجه برقم (1442).
باب الحوالة
1417 - (حديث " الزعيم غارم ") ص 363
صحيح. وتقدم (1412).
1418 - (حديث " مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على مليء
249

فليتبع " متفق عليه. وفي لفظ: " ومن أحيل بحقه على مليء فليحتل ").
ص 364
صحيح. البخاري (2 / 56) ومسلم (5 / 34) وكذا مالك
(2 / 674 / 84) والشافعي (1326) وأحمد (2 / 254، 377، 379 -
380، 464، 465) و أبو داود (3345) والنسائي (2 / 233) والترمذي
(1 / 246) والدارمي (2 / 261) والطحاوي في " مشكل الآثار "
(1 / 414، 4 / 8) وابن الجارود (560) والبيهقي (6 / 70) من طريق أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح "
واللفظ الآخر لأحمد (2 / 463) والبيهقي في رواية لهما من الوجه
المذكور.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة:
أخرجه مسلم وأحمد (2 / 260، 315) عن همام بن منبه عنه.
وللبخاري (2 / 85 - 86) الجملة الأولى منه.
1419 - (حديث " المؤمنون على شروطهم " رواه أبو داود). ص 366
صحيح. وتقدم (1303) بلفظ " المسلمون... ". وأما هذا اللفظ
" المؤمنون " فلم أره في شيء من طرقه التي ذكرتها هناك، وهي عن ستة من
الصحابة، وأخرى عن عطاء مرسلا، وقد ذكره الحافظ في " التلخيص " (3 / 23)
من طريق أربعة منهم، ثم قال:
" تنبيه: الذي وقع في جميع الروايات: المسلمون، بدل: المؤمنون ". يرد
بذلك على الرافعي، فإنه أورده بلفظ المؤلف هنا، فكأنه سلفه فيه.
باب الصلح
1420 - (عن أبي هريرة مرفوعا: " الصلح جائز بين المسلمين إلا
250

صلحا حرم حلالا، أو أحل حراما " رواه أبو داود والترمذي والحاكم،
وصححاه) ص 367
حسن. وهو من حديث أبي هريرة كما ذ كر المصنف رحمه الله تعالى، لكن
ليس فيه " إلا صلحا... " ثم هو مما لم يخرجه الترمذي، وإنما أخرجه من حديث
كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعا بتمامه. وصححه،
كما صحح الحاكم حديث أبي هريرة، وقد تعقبا، كما سبق بيانه عند الحديث
(1303).
1421 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلم غرماء جابر، فوضعوا عنه
الشطر ") ص 367
صحيح. لكن ليس فيه أنهم وضعوا عنه الشطر، وهو من حديث جابر
نفسه قال:
" توفي عبد الله بن عمرو بن حرام - يعني أباه - أو استشهد، وعليه دين،
فاستعنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على غرمائه أن يضعوا من دينه شيئا، فطلب إليهم
فأبوا، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اذهب فصنف تمرك أصنافا: العجوة على
حدة، وعذق زيد على حدة، وأصنافه، ثم ابعث إلي، قال: ففعلت، فجاء
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجلس على أعلاه، أو في وسطه، ثم قال: كل للقوم، قال
: فكلت للقوم حتى أوفيتهم، وبقي تمري كله، لم ينقص منه شيء! ".
أخرجه الإمام أحمد (3 / 313) ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي عنه.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وقد أخرجه البخاري وغيره من طرق عن جابر بمعناه، بعضهم مختصرا
وبعضهم مطولا، وقد سقت لفظ البخاري مع زياداته في روايات الحديث في
كتابي " أحكام الجنائز وبدعها ". وهو مطبوع في المكتب الإسلامي.
1422 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلم كعب بن مالك، فوضع
عن غريمه الشطر ") ص 367
251

صحيح. أخرجه البخاري (1 / 126، 128 - 129، 2 / 90، 171)
ومسلم (5 / 30، 31) و أبو داود (3595) والنسائي (2 / 310) والدارمي
(2 / 261) وابن ماجة (2429) والبيهقي (6 / 52، 63، 63 - 64) وأحمد
(6 / 386 - 387، 390) والسياق له من حديث كعب بن مالك:
" أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان له عليه في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في
المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو في بيته
فخرج إليهما، حتى كشف سجف حجرته، فنادى: يا كعب بن مالك! فقال:
لبيك يا رسول الله، فأشار إليه أن ضع من دينك الشطر، قال: قد فعلت يا
رسول الله، قال: قم، فاقضه ".
1423 - (حديث " ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لرجلين اختصما في
مواريث درست بينهما: " استهما وتوخيا الحق وليحلل أحدكما صاحبه "
رواه أحمد و أبو داود). ص 369
حسن. أخرجه أبو داود (3584 و 3585) وكذا أبو عبيد في " غريب
الحديث " (105 / 1) والدارقطني (526) وكذا الحاكم (4 / 95) والبيهقي
(6 / 66) وأحمد (6 / 320) من طرق عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع عن
أم سلمة قالت:
" جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مواريث بينهما
قد درست، ليس بينهما بينة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنكم تختصمون إلي،
وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم ألحن بحجته أو قد قال: لحجته من بعض، فإني
أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه،
فإنما أقطع له قطعة من النار، يأتي بها أسطاما في عنقه يوم القيامة، فبكى
الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لأخي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أما إذ
قلتما، فذهبا، فاقتسما، ثم توخيا الحق، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحد منكما
صاحبه ". واللفظ لأحمد. وقال أبو داود: " فاقتسما وتوخيا الحق، ثم استهما، ثم
تحالا ".
وقال الحاكم:
252

" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا، غير أن أسامة بن زيد، وهو الليثي أبو زيد المدني
في حفظه ضعف يسير، فحديثه حسن.
وللحديث طرق أخرى عن أم سلمة نحوه أصح من هذه تأتي برقم
(2621).
1424 - (" نهى عمر أن تباع العين بالدين " قاله ابن عمر) ص 369
فصل
1425 - (حديث " الصلح جائز بين المسلمين ") ص 370
حسن. وتقدم قبل ثلاثة أحاديث.
1426 - (قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):... إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما ")
ص 370
ضعيف بهذا اللفظ، ويغني عنه الذي قبله، وسبق تخريجهما عند الحديث
(1303).
فصل
1427 - (روي أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا من العريض،
فأراد أن يمر في أرض محمد بن مسلمة، فأبى، فكلم فيه عمرا فدعى محمدا،
وأمره أن يخلي سبيله، فقال: لا والله، فقال له عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه
وهو لك نافع تسقي به أولا وآخرا وهو لا يضرك؟! فقال له محمد: لا والله،
فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك، فأمره عمر أن يمر به ففعل " رواه
مالك في الموطأ، وسعيد في سننه) ص 372
253

صحيح. قال مالك (2 / 746 / 33): عن عمرو بن يحيى المازني عن
أبيه: " أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا له من العريض، فأراد أن يمر به في
أرض محمد بن مسلمة، فأبى محمد، فقال له الضحاك: لم تمنعني، وهو لك
منفعة، تشرب به أولا وآخرا، ولا يضرك؟! فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر
ابن الخطاب فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة، فأمره أن يخلي سبيله، فقال
محمد: لا، فقال عمر: لم تمنع... "
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
1427 / 1 - (حديث " لا ضرر ولا ضرار ") ص 373
صحيح. وتقدم برقم (896)
1428 - (حديث " لو أن أحدا اطلع إليك، فخذفته بحصاة ففقأت
عينه، لم يكن عليك جناح " قاله في الشرح). ص 373
صحيح. أخرجه البخاري (4 / 320، 324) ومسلم (6 / 181)
والنسائي (2 / 253) والبيهقي (6 / 338) وأحمد (2 / 243) من طريق سفيان:
حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لو أن امرءا اطلع عليك بغير إذن فخذفته... " والباقي مثله سواء، واللفظ
للبخاري في إحدى الروايتين، وكذا أحمد.
1429 - (حديث " لا ضرر ولا إضرار ") ص 373
صحيح. وتقدم (896).
1430 - (حديث أبي هريرة يرفعه: " لا يمنعن جار جاره أن يضع
خشبة على جداره - ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين، والله
لأرمين بها بين أكتافكم " متفق عليه). ص 375
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 102) ومسلم (5 / 57) كلاهما عن
مالك، وهو في " الموطأ " (2 / 745 / 32) وعنه البيهقي أيضا (6 / 68) عن ابن
254

شهاب عن الأعرج عنه به. واللفظ للبخاري إلا أنه قال: " يمنع " و " يعزر "،
وكذلك قال الآخرون.
وتابعه معمر عن الزهري به. إلا أنه قال: " أحدكم ".
أخرجه البيهقي وأحمد (2 / 274).
قلت: وهو صحيح على شرط الستة.
وتابعه ابن عيينة بلفظ:
" إذ استأذن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره، فلا يمنعه، فلما
حدثهم أبو هريرة طأطؤوا رؤوسهم، فقال: مالي... "
أخرجه الإمام أحمد (2 / 240): ثنا سفيان عن الزهري به.
وهكذا أخرجه أبو داود (3634) وابن ماجة (2335) والبيهقي من طرق
عن سفيان به.
وقد أخرج مسلم هاتين المتابعتين، ولكنه لم يسق لفظهما، وأحال به على
لفظ مالك قائلا: " نحوه ".
وتابع ابن شهاب صالح بن كيسان عن عبد الرحمن الأعرج به، ولفظه:
" لا يمنعن أحدكم جاره موضع خشبة أن يجعلها في جداره، ثم يقول أبو هريرة:
مالي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أظهركم ".
أخرجه البيهقي وقال:
" إسناد صحيح ".
وتابع الأعرج عكرمة فقال:
" ألا أخبركم بأشياء قصار حدثنا بها أبو هريرة؟
نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الشرب من فم القربة أو السقاء، وأن يمنع جاره
أن يغرز خشبة في جداره ".
255

أخرجه البخاري (4 / 37) والبيهقي، وفي رواية له مرفوعا:
" ليس للجار أن يمنع جاره أن يضع أعواده في حائطه ".
وقال:
" هذا إسناد صحيح ".
وله شاهد من رواية جماعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرويه هشام بن يحيى
أن عكرمة بن سلمة بن ربيعة أخبره أن أخوين من بني المغيرة، أعتق أحدهما،
أن لا يغرز خشبا في جداره، فلقيا مجمع بن يزيد الأنصاري ورجالا كثيرا،
فقالوا: نشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبا في جداره ".
فقال الحالف: أي أخي، قد علمت أنك مقضي لك علي، وقد حلفت،
فاجعل أسطوانا دون جداري، ففعل الآخر، فغرز في الاسطوان خشبة.
أخرجه ابن ماجة (2336) و أحمد (3 / 480)
قلت: و إسناده حسن في الشواهد.
1431 - (حديث عمر: " لما اجتاز على دار العباس وقد نصب ميزابا
إلى الطريق، فقلعه عمر فقال العباس: " تقلعه وقد نصبه رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) بيده؟!! فقال عمر: والله لا تنصبه إلا على ظهري، فانحنى حتى
صعد على ظهره فنصبه "). ص 375.
ضعيف. أخرجه البيهقي (6 / 66) من طريق موسى بن عبيدة عن
يعقوب بن زيد أن عمر رضي الله عنه، خرج في يوم جمعة، فقطر ميزاب عليه
للعباس، فأمر به فقلع... الحديث بمعناه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، يعقوب بن زيد جل روايته عن التابعين،
ولم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة سوى أبي أمامة بن سهل، وهو
صحابي صغير، لم يسمع من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا.
256

وموسى بن عبيدة متروك، قال الذهبي في " الضعفاء ":
" ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه ".
قال البيهقي:
" وقد روي من وجهين آخرين عن عمر و عباس رضي الله عنهما ".
ثم روى هو من طريق شيخه أبي عبد الله الحاكم، وهذا في " المستدرك "
(3 / 332) من طريق شعيب الخراساني عن عطاء الخراساني عن سعيد بن
المسيب:
" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما أراد أن يزيد في مسجد رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) وقعت زيادته على دار العباس بن عبد المطلب. فذكر قصته، وذكر فيها
قصة الميزاب بمعناه ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، شعيب هذا هو ابن رزيق - بالراء ثم الزاي كما
في " المشتبه " وغيره - وهو أبو شيبة الشامي. ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال:
" يعتبر حديثه من غير روايته عن عطاء الخراساني ".
قلت: وهذه من روايته عنه، فلا يعتبر بها ولا يستشهد.
وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
وعطاء الخراساني هو ابن أبي مسلم. قال الحافظ:
" صدوق، يهم كثيرا، ويرسل، ويدلس "!
قلت: ثم هو منقطع، فإن سعيد بن المسيب لم يدرك القصة.
ثم قال البيهقي:
" ورواه أيضا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده بمعناه ".
قلت: وصله الحاكم من طريق أبي يحيى الضرير زيد بن الحسن البصري
257

ثنا عبد الرحمن بن زيد بن سلمة به. وقال:
" لم نكتبه إلا بهذا الإسناد، والشيخان لم يحتجا بعبد الرحمن بن زيد بن
أسلم "!
قلت: كيف، وهو متروك شديد الضعف، فراجع ترجمته ونماذج من
أحاديثه في المجلد الأول من كتابنا " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة "
مستعينا على ذلك بفهرسته.
ثم إن زيد بن الحسن هذا، قال الذهبي:
" حدث عن مالك بمناكير، ولا يدرى من هو؟ ".
وذكر الحافظ في " اللسان " تضعيفه عن الدارقطني والحاكم أبي أحمد و أبي
سعيد بن يونس.
1432 - (حديث " لا ضرر ولا ضرار ") ص 375
صحيح. تقدم (896)
كتاب الحجر
1433 - (حديث " من ترك حقا فلورثته ") ص 378
صحيح. وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
" كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين، فيسأل: هل ترك لديه من قضاء؟
فإن حدث أنه ترك وفاء، صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح
الله عليه الفتوح، قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي
قضاؤه، و من ترك مالا، فهو لورثته ".
أخرجه البخاري (2 / 60 و 3 / 490) ومسلم (5 / 62) وابن ماجة
258

(2415) وأحمد (2 / 290 و 453) من طريق الزهري عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن عنه.
و من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي عمرة نحوه إلا أنه قال:
" و من ترك دينا أو ضياعا فليأتني، فأنا مولاه ". أخرجه البخاري (2 / 85).
وللحديث شاهد من حديث جابر، تقدم لفظه تحت الحديث (1416).
1434 - (قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) " لي الواجد ظلم يجل عرضه وعقوبته "
رواه أحمد و أبو داود و غيرهما).
حسن. أخرجه أبو داود (3628) والنسائي (2 / 233 - 234) وابن ماجة
(3627) والطحاوي في " المشكل " (1 / 413 و 414) و ابن حبان (1164)
والحاكم (4 / 102) والبيهقي (6 / 51) وأحمد (4 / 222 و 388 و 389) من
طريق وبرة بن أبي دليلة الطائفي: حدثنا محمد بن ميمون بن مسيكة - و أثنى عليه
خيرا - عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فذكره. وقال
الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
قلت: بحسبه أن يكون حسنا، فإن ابن مسيكة هذا، قال الذهبي في
" الميزان ":
" روى عنه وبرة بن أبي دليلة فقط، وقد قال أبو حاتم: روى عنه
الطائفيون، وذكره ابن حبان في الثقات ".
وقال الحافظ في " التقريب ":
" مقبول ".
قلت: وقد أثني عليه خيرا الراوي عنه وبرة بن أبي دليلة كما تقدم في سند
الحديث، فهو حسن إن شاء الله تعالى. وقد علقه البخاري في " صحيحه "
(2 / 86) وقال الحافظ في " الفتح " (5 / 46):
259

" وصله أحمد و إسحاق في " مسنديهما " و أبو داود و النسائي، وإسناده
حسن. وذكر الطبراني أنه لا يروي إلا بهذا الإسناد ".
1435 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حجر على معاذ، وباع ماله في
دينه " رواه الخلال، وسعيد بن منصور) ص 379
ضعيف. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 23) والطبراني في
" الأوسط " (1 / 146 / 1) والدارقطني (523) والحاكم (2 / 58) والبيهقي
(6 / 48) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (16 / 315 / 1) عن أبي إسحاق
إبراهيم بن معاوية بن الفرات الخزاعي، نا هشام بن يوسف - قاضي اليمن - عن
معمر عن ابن شهاب عن ابن كعب بن مالك عن أبيه به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي!
وذلك منهما خطأ فاحش، وخصوصا الذهبي، فقد أورد إبراهيم هذا في
" الميزان " وقال:
" ضعفه زكريا الساجي وغيره ".
ثم هو ليس من رجال الشيخين ولا السنن الأربعة! وقد تفرد به كما قال
الطبراني، وقال العقيلي عقبه:
" ولا يتابع على حديثه ". وقال:
" رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك. وقال
الليث عن يونس بن شهاب عن ابن كعب بن مالك. وقال ابن وهب: عن يونس
عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. وقال ابن لهيعة: عن يزيد بن
أبي حبيب وعمارة بن غزية عن ابن شهاب عن ابن كعب بن مالك عن كعب بن
مالك:
" أن معاذا أدان، وهو غلام شاب "
والقول ما قال يونس ومعمر.
260

قلت: إن الصواب عن الزهري عن ابن كعب بن مالك مرسلا. وذلك مما
يؤكد ضعف إبراهيم بن معاوية، و أنه أخطأ على معمر في وصله الحديث. خلافا
لعبد الرزاق عنه، فإنه أرسله. وقد ساق إسناده إلى عبد الرزاق به البيهقي وابن
عساكر. وأخرجه هذا عن ابن المبارك عن معمر به.
وهكذا رواه سعيد بن منصور في " سننه " عن ابن المبارك مرسلا. كما في
" منتقى الأخبار " (5 / 114 - بشرحه) و " التنقيح " (3 / 201) و " المشكاة "
(2918).
لكن قد توبع إبراهيم بن معاوية على وصله، فأخرجه الحاكم (3 / 273)
وعنه البيهقي من طريق إبراهيم بن موسى ثنا هشام بن يوسف به موصولا بلفظ:
" كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - شابا حليما سمحا من أفضل شباب
قومه، ولم يكن يمسك شيئا، فلم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكلم غرماءه، فلو تركوا أحدا من أجل أحد، لتركوا معاذا من
أجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فباع لهم رسول الله (صلى الله عليه عليه وآله وسلم) يعني: ماله، حتى قام معاذ
بغير شيء "
وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا. وإبراهيم بن موسى التميمي أبو إسحاق الفراء
الملقب ب‍ (الصغير) وهو ثقة حافظ، وهو عندي أوثق من عبد الرزاق، لكن متابعة
ابن المبارك له كما سبق مما يرجح روايته على إبراهيم هذا. ولو صحت رواية يزيد
ابن أبي حبيب وعمارة بن غزية عن ابن شهاب به موصولا لما رجحنا ذلك،
ولكنها لا تصح عنهما لأنه من رواية ابن لهيعة كما سبق معلقا عند العقيلي،
ووصله عنه الطبراني في " الأوسط " (1 / 146 / 1 - 2) ساقه مطولا وقال:
" تفرد به ابن لهيعة ".
قلت: وهو سيىء الحفظ. وفي التلخيص " (3 / 37):
261

" قال عبد الحق: المرسل أصح من المتصل، وقال ابن الطلاع في
" الأحكام ": هو حديث ثابت، وكان ذلك في سنة تسع، وحصل لغرمائه خمسة
أسباع حقوقهم، فقالوا: يا رسول الله بعه لنا، قال: ليس لكم إليه سبيل ".
وقال ابن عبد الهادي في " التنقيح " (3 / 202):
" والمشهور في الحديث الإرسال ".
1436 - (وعن عمر أنه خطب فقال " ألا إن أسيفع جهينة رضي
من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج فأدان معرضا، فأصبح وقد دين به،
فمن كان له عليه دين فليحضر غدا، فإنا بائعون ماله، وقاسموه بين
غرمائه " رواه مالك في الموطأ). ص 379
ضعيف. أخرجه مالك (2 / 770 / 8) وعنه البيهقي (6 / 49) عن عمر
بن عبد الرحمن بن دلاف المزني عن أبيه.
" أن رجلا من جهينة، كان يسبق الحاج، فيشتري الرواحل، فيغلي بها، ثم
يسرع السير، فيسبق الحاج، فأفلس، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب، فقال:
أما بعد أيها الناس، فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه و أمانته، بأن يقال:
سبق الحاج! ألا وإنه قد دان معرضا، فأصبح قد دين به، فمن كان له عليه دين،
فليأتنا بالغداة، نقسم ماله بينهم، (وقال البيهقي: بين غرمائه)، وإياكم والدين،
فإن أوله هم، وآخره حرب ".
قلت: وهذا إسناد محتمل للتحسين، فإن عمر هذا أورده ابن أبي حاتم
برواية جماعة عنه، وسماه عمر بن عبد الرحمن بن عطية بن دلاف المزني، ولم
يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأورد ابنة عبد الرحمن (2 / 2 / 272) برواية بكر بن
سوادة فقط عنه، فنسي رواية ابنه عمر هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وكذلك أورده ابن حبان في " الثقات " (2 / 163) برواية بكر هذا وحده، وقال:
" يروي المراسيل ".
أورده في " أتابع التابعين "، وعلى هذا فالإسناد منقطع، فهو ضعيف. والله
262

أعلم.
وقد رواه البيهقي من طريق أخرى عن أيوب قال: نبئت عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه بمثل ذلك. وقال:
" نقسم ماله بينهم بالحصص ".
وقد وصله الدارقطني في " العلل " بذكر بلال بن الحارث بين عبد الرحمن
وعمر، ورجحه على المنقطع، ذكره في " التلخيص " (3 / 40).
1437 - (حديث " خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ". رواه
مسلم). ص. 379
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 29 - 30) وكذا أبو داود (3469)
والنسائي (2 / 219 و 232) وابن ماجة (2356) والبيهقي (6 / 50) وأحمد
(3 / 36) من حديث أبي سعيد الخدري قال:
" أصيب رجل في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ثمار ابتاعها، فكثر دينه،
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك
وفاء دينه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لغرمائه: " فذكره.
1438 - (حديث بريدة مرفوعا: " من أنظر معسرا فله بكل يوم
مثليه صدقة " رواه أحمد بإسناد جيد) ص. 380
صحيح. أخرجه أحمد (5 / 360): ثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا محمد
بن جحادة عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
" من أنظر معسرا، فله بكل يوم مثله صدقة ". قال: ثم سمعته يقول:
" من أنظر معسرا، فله بكل يوم مثليه صدقة " قلت: سمعتك يا رسول الله
تقول (فذكر اللفظ الأول)، ثم سمعتك تقول: (فذكر اللفظ الآخر) قال:

(1) أي: أفلس، انظر الطريق السادسة من الحديث الآتي برقم (1442).
263

" له بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين، فأنظره فله بكل
يوم مثليه صدقة ".
وأخرجه الحاكم (2 / 29) من طريق أخرى عن عفان، والبيهقي
(5 / 357) و أبو نعيم في " أخبار أصفهان " (2 / 286) وابن عساكر في " تاريخ
دمشق " (14 / 390 / 1) من طرق أخرى عن عبد الوارث به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.
وأقول: إنما هو على شرط مسلم وحده. لأن سليمان بن بريدة لم يخرج له
البخاري شيئا، وإنما أخرج هو ومسلم لأخيه عبد الله بن بريدة.
ولم يتفرد به سليمان، فقد رواه الأعمش عن نفيع أبي داود عن بريدة
الأسلمي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فذكره نحوه.
أخرجه ابن ماجة (2418) وأحمد (5 / 351).
لكن هذه المتابعة مما لا تغني شيئا، لأن نفيعا هذا متهم بالكذب.
1439 - (حديث كعب بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حجر على معاذ،
وباع ماله. رواه الخلال وسعيد في سننه). ص 380
ضعيف. وتقدم تخريجه قبل ثلاثة أحاديث.
1440 - (روي أن رجلا قدم المدينة وذكر أن وراءه مالا، فداينه
الناس، ولم يكن وراءه مال، فسماه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سرقا وباعه بخمسة أبعرة "
رواه الدارقطني بنحوه. ص. 380
حسن. أخرجه الطحاوي (2 / 289) والدارقطني (315) وكذا الحاكم
(2 / 54) والبيهقي (50) عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ثنا زيد بن أسلم قال:
" رأيت شيخا بالإسكندرية يقال له " سرق "، فقلت: ما هذا الاسم؟ فقال:
اسم سمانيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولن أدعه، قلت: لم سماك؟ قال: قدمت المدينة،
فأخبرتهم أن مالي يقدم، فبايعوني، فاستهلكت أموالهم، فأتوا بي إلى رسول الله
264

(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال لي: أنت سرق؟! وباعني بأربعة أبعرة، فقال الغرماء للذي
اشتراني: ما تصنع به؟ قال: أعتقه، قالوا: فلسنا بأزهد منك في الأجر،
فأعتقوني بينهم، وبقي اسمي ".
وقال الحاكم:
" صحيح على شرط البخاري ". ووافقه الذهبي.
قلت: عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، و إن أخرج له البخاري، ففيه
ضعف ولذلك أورده في " الميزان " وقال:
" صالح الحديث، وقد وثق، وحدث عنه يحيى بن سعيد مع تعنته في
الرجال، قال يحيى: في حديثه عندي ضعف، وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقد
ساق له ابن عدي عدة أحاديث، ثم قال: هو من جملة من يكتب حديثه من
الضعفاء ".
وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
وقال فيه البيهقي عقب الحديث:
" ليس بالقوى ". كما يأتي.
نعم تابعه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، و أخوه عبد الله بن زيد عن
أبيهما: " أن كان في غزاة، فسمع رجلا ينادي آخر يقول: يا سرق! يا سرق،
فدعاه فقال: ما سرق؟ قال: سمانيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إني اشتريت من
أعرابي ناقة، ثم تواريت عنه، فاستهلكت ثمنها، فجاء الأعرابي يطلبني،
فقال له الناس: إيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاستادي عليه، فأتى رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: يا رسول الله! إن رجلا اشترى مني ناقة، ثم توارى عني، فما
أقدر عليه، قال: اطلبه، قال: فوجدني، فأتى بي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال: يا
رسول الله: إن هذا اشترى مني ناقة، ثم توارى عني، فقال: أعطه ثمنها،
قال: فقلت: يا رسول الله إستهلكته، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فأنت سرق،
ثم قال للأعرابي: اذهب فبعه في السوق، وخذ ثمن ناقتك، فأقامني في السوق،
فأعطي في ثمنا، فقال للمشتري: ما تصنع به؟ قال: أعتقه، فأعتقني
الأعرابي ".
265

أخرجه الدارقطني.
أما متابعة عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فلا يفرح بها لأنه متهم. وأما
متابعة أخيه عبد الله بن زيد، فلا بأس بها، فإنه صدوق، فيه لين، كما قال
الحافظ في " التقريب "، فإذا ضمت روايته إلى روايته إلى رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن
دينار، أخذ الحديث قوة فيما اتفقتا عليه، دون ما اختلفتا فيه.
لكن قد خالفهما مسلم بن خالد الزنجي في إسناده، فقال:
" عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن البيلماني قال: كنت بمصر... "
فذكره نحو رواية ابني زيد بن أسلم.
أخرجه الطحاوي والبزار كما في " أحكام الأشبيلي " (رقم بتحقيقي).
قلت: فزاد في السند ابن البيلماني، وهو ضعيف، فإن كانت هذه الزيادة
محفوظة فالحديث ضعيف لأن مدار السند على هذا الضعيف، ولكني لا أظنها إلا
وهما من الزنجي، فإنه وإن كان فقيها صدوقا، فهو كثير الأوهام، كما قال
الحافظ فزيادته شاذة أو منكرة، فلا يعمل بها رواية الصدوقين: عبد الرحمن
وعبد الله، على ما فيهما من الضعف الذي أشرنا إليه، فإن ما اتفقنا عليه أقرب
إلى الصواب مما تفرد به الزنجي. وقال البيهقي عقبه - وقد ذكره - معلقا:
" ومدار حديث سرق على هؤلاء، وكلهم ليسوا بأقوياء: عبد الرحمن بن
عبد الله، وابنا زيد، وإن كان الحديث عن زيد عن ابن البيلماني، فابن
البيلماني ضعيف في الحديث، وفي إجماع العلماء على خلافه - وهم لا يجمعون
على ترك رواية ثابتة - دليل على ضعفه أو نسخه إن كان ثابتا. وبالله التوفيق ".
قلت: أما النسخ فنعم، وأما الضعيف فبعيد عن اتفاق الصدوقين عليه،
لا سيما وله بعض الشواهد:
1 - روي ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن الحبلي عن أبي عبد الرحمن
القيني: " أن سرقا اشترى من رجل قد قرأ البقرة برا قدم به، فتقاضاه، فتغيب
عنه، ثم ظفر به، فأتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بع سرقا، قال:
266

فانطلقت به، فساومني أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثة أيام، ثم بدا لي فأعتقته ".
أخرجه الطبراني في " الكبير " كما في " الإصابة " لابن حجر، و " المجمع "
للهيثمي (4 / 124 - 143) وقال:
" وابن لهيعة حديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح ".
2 - روى حماد بن الجعد عن قتادة عن عمرو بن الحارث أن يزيد بن أبي
حبيب حدثه.
" أن رجلا قدم المدينة، فذكر أن يقدم له بمال، فأخذ مالا كثيرا،
فاستهلكه، فأخذ الرجل، فوجد لا مال له، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن
يباع ".
أخرجه البيهقي وقال:
" هذا منقطع ".
قلت: وحماد بن الجعد ضعيف أيضا.
3 - روى حجاج عن ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن أبي سعيد
الخدري: " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باع حرا أفلس في دينه ".
أخرجه الدارقطني (295) والبيهقي والسياق له.
قلت: وهذا سند صحيح. قد صرح فيه ابن جريج بالتحديث، والسند
إليه صحيح، رجاله كلهم ثقات، وحجاج هو ابن محمد المصيصي ثقة من رجال
الشيخين، وكذلك من فوقه.
ولذلك فالحديث على غرابته ثابت لا مجال للقول بضعفه، ولهذا، لما
أورده ابن الجوزي في " التحقيق " (2 / 32 / 1) من طريق الدارقطني، لم
يضعفه، بل تأوله بقوله: " والمعنى أعتقوني من الاستخدام ".
وهذا التأويل وإن كان ضعيفا بل باطلا. فالتأويل فرع التصحيح، وهو
المراد. وقد صححه الحافظ المزي، وكفى به حجة، فقال الحافظ ابن عبد الهادي
في " التنقيح " عقب قول ابن الجوزي المذكور (3 / 199):
267

" قال شيخنا: الكلام على هذا الحديث فيه نظر، وأما الحديث فإسناده صحيح،
ورواته كلهم ثقات، لم يخرجه أحد من أهل السنن ".
1441 - (روى أبو سعيد: " أن رجلا أصيب في ثمار ابتاعها، فكثر
دينه فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تصدقوا عليه، فتصدقوا عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء
دينه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك " رواه
مسلم). ص 381
صحيح. وتقدم تخريجه قبل ثلاثة أحاديث.
فصل
1442 - (حديث " من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس أو
إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره " رواه الجماعة) ص 388
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 86) ومسلم (5 / 31) وأبو داود
(3519) والنسائي (2 / 232) والترمذي (1 / 238) وابن ماجة (2358)، وكذا
مالك (2 / 678 / 88) والشافعي (1327) والدارمي (2 / 262) وابن الجارود
(630) والدارقطني (301 - 302) والبيهقي (6 / 44 و 44 - 45) والطيالسي
(2507) وأحمد (2 / 228، 247، 258، 474) من طرق عن أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم أن عمر ابن عبد العزيز أخبره أن أبا بكر بن عبد الرحمن
ابن الحارث بن هشام أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو
قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: فذكره. واللفظ للشيخين وغيرهما، وقال
الترمذي:
حديث حسن صحيح ".
وتابعه ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
فذكره مرسلا، لم يذكر أبا هريرة فيه، ولفظه:
268

" أيما رجل باع متاعا، فأفلس الذي ابتاعه منه، ولم يقبض الذي باعه من
ثمنه شيئا، فوجده بعينه، فهو أحق به، و إن مات الذي ابتاعه، فصاحب المتاع
فيه أسوة الوفاء ".
أخرجه مالك (87) وعنه أبو داود (3520).
وتابعه يونس عن ابن شهاب به مرسلا بمعناه، وزاد:
" وإن قضى من ثمنها شيئا، فهو أسوة الغرماء ".
أخرجه أبو داود (3521).
وتابعهما الزبيدي (وهو محمد بن الوليد أبو الهذيل الحمصي) إلا أنه
خالفهما فقال: عن الزهري عن أبي بكر ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
فوصله بلفظ:
" أيما رجل باع سلعة، فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس، ولم
يقبض من ثمنها شيئا، فهي له، فإن كان قضاه من ثمنها شيئا، فما بقي فهو أسوة
الغرماء، وأيما امرئ هلك، وعنده متاع امرئ بعينه، اقتضى منه شيئا، أو لم
يقتض، فهو أسوة الغرماء ".
أخرجه أبو داود (3522) وابن الجارود (631) والدارقطني والبيهقي من
طريق عبد الله بن عبد الجبار الجنائزي ثنا إسماعيل بن عياش عن الزبيدي به.
وتابعه هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن
الزهري به، دون الشطر الثاني منه.
أخرجه ابن ماجة (2359) والدارقطني وابن الجارود (633)
فخالف به عبد الجبار في إسناده فذكر فيه موسى بن عقبة مكان الزبيدي،
وهشام فيه ضعف، بخلاف الأول فروايته أصح. وقد أعلت أيضا، فقال
البيهقي:
" لا يصح. يعني موصولا ". وقال أبو داود:
269

" حديث مالك أصح ". وقال الدارقطني:
" إسماعيل بن عياش مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا عن الزهري
مسندا، وإنما هو مرسل ".
قلت: إسماعيل بن عياش صحيح الحديث في روايته عن الشاميين عند
أحمد والبخاري وغيرهما، وهذا من روايته عن الزبيدي، وهو شامي كما سبق،
فعلته مخالفته لمالك ويونس فإنهما أرسلاه كما تقدم. وقال ابن الجارود:
" قال محمد بن يحيى: رواه مالك وصالح بن كيسان ويونس عن الزهري
عن أبي بكر، مطلق عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم أولى بالحديث. يعني من
طريق الزهري ".
قلت: فلولا هذه المخالفة لصححنا حديثه بسنده. لكن قد جاء ما يشهد
لحديثه على التفضيل الذي فيه من طرق أخرى كما يأتي، ولذلك فحديثه صحيح
لغيره والله أعلم.
وطرقه الأخرى هي:
الأولى: عن بشير عن نهيك عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" إذا أفلس الرجل، فوجد غريمه متاعه عند المفلس بعينه، فهو أحق به
(من الغرماء) ".
أخرجه مسلم والطيالسي (2450) وأحمد (2 / 347، 385، 410
413، 468، 508) والسياق له والزيادة لمسلم.
الثانية: عن خثيم بن عراك عن أبيه عنه به دون الزيادة.
أخرجه مسلم.
الثالثة: عن هشام بن يحيى عن أبي هريرة به. وفيه الزيادة.
أخرجه الدارقطني.
قلت: وهشام هذا مستور.
270

الرابعة: عن هشام عن الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم): " أيما رجل أفلس، فوجد رجل ماله عنده، ولم يكن اقتضى من ماله شيئا
فهو له ".
أخرجه الإمام أحمد (2 / 525)، قال الهيثمي (4 / 144):
" ورجاله رجال الصحيح ".
قلت: لكنه منقطع، فإن الحسن وهو البصري لم يسمع من أبي هريرة
عند الجمهور، ثم هو مدلس.
وهشام هو ابن حسان القردوسي. قال الحافظ:
" ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء
مقال، لأنه قيل: كان يرسل عنهما ".
الخامسة: عن اليمان بن عدي، حدثني الزبيدي عن الزهري عن أبي
سلمة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:
" أيما امرئ مات، وعنده مال امرئ بعينه، اقتضى منه شيئا، أو لم
يقتض، فهو أسوة الغرماء ".
أخرجه ابن ماجة (2361) والدارقطني (301) والبيهقي (6 / 48) و قالا:
" اليمان بن عدي ضعيف ".
قلت: هو لين الحديث كما في " التقريب "، فمثله لا بأس به في المتابعات،
فهو في هذا المتن متابع لرواية ابن عياش المتقدمة. كما أن الطريق التي قبل هذه
توافق الرواية المشار إليها في بعض معناها، فهي بهاتين المتابعتين قوية إن شاء الله
تعالى.
السادسة: عن عمر بن خلدة أبي المعتمر قال:
" أتينا أبا هريرة في صاحب لنا أصيب، يعني: أفلس، فأصاب رجل
متاعه بعينه، قال أبو هريرة: هذا الذي قضى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أن من
271

أفلس أو مات، فأدرك رجل متاعه بعينه، فهو أحق به، إلا أن يدع الرجل وفاء
له ".
أخرجه الشافعي (1328) وابن الجارود (634) والدارقطني، والحاكم
(2 / 50) والطيالسي (2375) وعنه أبو داود (3523) وكذا البيهقي وقال
الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
كذا قالا، وعمر بن خلدة أبو المعتمر قال الذهبي نفسه في " الميزان ":
" لا يعرف ". وقال أبو داود عقب الحديث على ما في بعض نسخ " السنن ":
" من يأخذ بهذا؟! أبو المعتمر من هو؟! ". أي: لا يعرف. وقال الحافظ في
" التقريب ":
" مجهول الحال ".
قلت: بل هو مجهول العين، لأنه لم يرو أحد عنه غير ابن أبي ذئب.
1443 - (حديث " أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه، ولم
يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا، فوجد متاعه بعينه، فهو أحق به، وإن مات
المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء " رواه مالك و أبو داود، وهو مرسل
وقد أسنده أبو داود من وجه ضعيف). ص 381
صحيح. وهو وإن كان مرسلا على الراجح، فقد روي من طريقين
آخرين موصولا عن أبي هريرة، في أحدهما الشطر الأول منه، وفي الآخر الشطر
الثاني، وقد بينت ذلك في الحديث الذي قبله.
1444 - (حديث أبي هريرة: " أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده
ماله، ولم يكن اقتضى من ماله شيئا، فهو له " رواه أحمد. وفي لفظ أبي
داود " فإن كان قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء "). ص 381
صحيح. والأول من رواية الحسن البصري عن أبي هريرة، والأخر من
272

رواية أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث مرسلا، هكذا هو عند أبي داود، وقد
وصله في رواية عن أبي هريرة، لكن الأرجح المرسل، إلا أن له متابعات تقوية،
كما بينا ذلك مفصلا قبل حديث.
1445 - (قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أدرك متاعه بعينه ") ص 382
صحيح. وقد تقدم تخريجه وذكر طرقه الكثيرة قبل حديثين.
1446 - (حديث " الخراج بالضمان ") ص 382
صحيح. وتقدم (1315)
1447 - (قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): خذوا ما وجدتم وليس لكم الا ذلك ")
ص 384 صحيح. ومضى برقم 1437).
1448 - (حديث " ابدأ بنفسك ثم بمن تقول "). ص 384
صحيح. وهو مركب من حديثي سبق تخريجهما في " الزكاة " (833،
834).
فصل
1449 - (روى عروة بن الزبير أن عبد الله بن جعفر ابتاع بيعا
فقال علي: لآتين عثمان، فلأحجرن عليك، فأعلم ذلك ابن جعفر الزبير
فقال: أنا شريكك في بيعتك. فأتى علي عثمان فقال: إن ابن جعفر قد
ابتاع بيع كذا فاحجر عليه، فقال الزبير: أنا شريكه، فقال عثمان: كيف
أحجر على رجل شريكه الزبير " رواه الشافعي بنحوه). ص 385
صحيح. أخرجه الشافعي (1229) والبيهقي (6 / 61) من طريق
يعقوب بن إبراهيم عن هشام بن عروة عن أبيه به.
قلت: وهذا سند جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يعقوب بن
إبراهيم، وهو أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة رحمهما الله تعالى، وقد
اختلفوا فيه، فوثقه جماعة، وضعفه آخرون، ولم يتبين لي ضعفه، لا سيما ولم
273

يتفرد به، فقد أخرجه البيهقي من طريق محمد بن القاسم الطلحي عن الزبير بن
المديني قاضيهم عن هشام ابن عروة به.
لكني لم أجد ترجمة لمحمد بن القاسم الطلحي والزبير هذا.
1450 - (حديث " رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى
يحتلم... ") ص 386
صحيح. وقد مضى (297)
1451 - (حديث " لا يتم بعد احتلام " رواهما أبو داود).
صحيح. وقد مضى في " الجهاد " (1244).
1425 - (حديث ابن عمر: " عرضت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أحد،
و أنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن
خمس عشرة سنة، فأجازني " متفق عليه).
صحيح. وقد مضى (1186).
1453 - (حديث سعد بن معاذ وقول الرسول له: " لقد حكمت
بحكم الله من فوق سبعة أرقعة " (1) متفق عليه).
صحيح بلفظ " سبع سماوات "، وليس متفقا عليه بهذا التمام، بل هو
من أفراد النسائي، أخرجه من طريق أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي عن
محمد بن صالح التمار عن سعد بن إبراهيم عن (عامر) بن سعد عن سعد بن أبي
وقاص:
" أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لسعد بن معاذ: لقد حكمت فيهم بحكم الملك
من فوق سبع سماوات ".

(1) بالقاف جمع (رقيع) وهو من أسماء السماء.
274

نقلته من " كتاب العلو " للذهبي (ص 102 - هند) والزيادة استدركتها
بواسطة " فتح الباري " (7 / 317) وقال الذهبي:
" هذا حديث صحيح، ومحمد بن صالح التمار صدوق ".
وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطئ " وفي " الميزان ":
" وثقه أحمد و أبو داود، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ".
قل فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف.
وقد خولف في إسناده ومتنه، فقال شعبة: عن سعد بن إبراهيم عن أبي
أمامة بن سهل بن حنيف عن أبي سعيد الخدري قال:
" لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ، بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
إليه، وكان قريبا منه، فجاء على حمار، فلما دنا، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
قوموا إلى سيدكم، فجاء، فجلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له: إن هؤلاء
نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكم أن تقتل المقاتلة، وأن تسبى الذرية،
قال: لقد حكمت فيهم بحكم الملك ". وفي رواية: " بحكم الله ".
أخرجه البخاري (2 / 258، 3 / 10، 99 و 4 / 175 - 176) ومسلم
(5 / 160) والنسائي في " الكبرى " (48 / 2) وأحمد (3 / 22، 70) من
طرق عن شعبة به. ليس فيه " فوق سبع سماوات ".
وقد قال الحافظ عقب رواية محمد بن صالح المذكورة:
" ورواية شعبة أصح، ويحتمل أن يكون لسعد بن إبراهيم فيه إسنادان "
وأقول: هذا الاحتمال متجه، لو أن ابن صالح حافظ ضابط، وقد
عرفت من ترجمة حاله أنه ليس كذلك، فالظاهر أنه قد وهم في إسناده، كما وهم
في متنه، فزاد فيه ما ليس في حديث شعبة.
وقد أخرجه الإمام أحمد (6 / 141 - 142) من طريق أخرى عن أبي
275

سعيد ليس فيه الزيادة.
وإسناده حسن.
وله شاهد من حديث جابر بسند صحيح، ليس فيه الزيادة
أخرجه الترمذي وغيره، وقد ذكرت لفظه تحت الحديث (1213).
نعم لهذه الزيادة شاهد من رواية محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب بن
مالك مرسلا:
" أن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد
حكمت حكما حكم الله به من فوق سبعة أرقعة ".
أخرجه ابن قدامة المقدسي في " كتاب العلو " (ق 161 / 2) ومن طريقه
الذهبي في كتابه (102).
قلت: وهو مع إرساله فيه عنعنة ابن إسحاق. ولكنه لا بأس به في
الشواهد، فترقى به هذه الزيادة إلى درجة الحسن. والأحاديث في إثبات الفوقية
لله تعالى كثيرة جدا متواترة، وقد استقصاها الحافظ الذهبي في كتابه المتقدم.
(تنبيه) لقد انحرف اسم معبد إلى (محمد) في كتاب الذهبي. ووقع في
" الفتح ": " علقمة بن وقاص " فقال:
" وفي رواية ابن إسحاق من مرسل علقمة بن وقاص ".
1454 - (حديث " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " حسنه
الترمذي). ص 386
صحيح. وتقدم في " شروط الصلاة " (رقم: 267).
فصل
1455 - (حديث عائشة: " أن قوله تعالى: (ومن كان فقيرا
276

فليأكل بالمعروف) نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح ماله، " إن
كان فقيرا أكل منه بالمعروف ". أخرجاه). ص 389
صحيح أخرجه البخاري (3 / 224) ومسلم (8 / 240، 241)
من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عنها في قوله تعالى: (و من كان غنيا
فليستعفف، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف)، قالت:
" أنزلت في ولي اليتيم أن يصيب من ماله إذا كان محتاجا بقدر ماله
بالمعروف ".
واللفظ لمسلم، وفي رواية له:
" أنزلت في والي مال اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه، إذا كان محتاجا أن
يأكل منه ".
وهكذا رواه ابن الجارود (951).
ولفظ البخاري نحوه، وقال:
" مكان قيامه عليه بالمعروف ".
وهكذا أخرجه البيهقي (6 / 284).
1456 - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن رجلا أتى
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إني فقير، وليس لي شيء، ولي يتيم. فقال: كل من
مال يتيمك غير مسرف " رواه الخمسة إلا الترمذي). ص 389
حسن. أخرجه أبو داود (2872) والنسائي (2 / 131) وابن
ماجة (278) وأحمد (2 / 186، 215) وكذا ابن الجارود (952) والبيهقي
(6 / 284) من طرق عن عمرو بن شعيب به.
قلت: وهذا إسناد حسن. للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده.
277

1457 - (حديث عائشة مرفوعا: " إذا أنفقت المرأة من طعام
زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجر ما كسب، وللخازن
مثل ذلك لا ينتقص بعضهم من أجر بعض شيئا " متفق عليه). ص 389
صحيح. أخرجه البخاري (1 / 361، 2 / 9) ومسلم (3 / 90)
وأبو داود (1685) والنسائي (1 / 351 - 352) والترمذي (1 / 130) وابن
ماجة (2295) والبيهقي (4 / 192) من طريق شفيق عن مسروق عنها به،
وقال الترمذي - ولم يذكر مسروقا في سنده -:
" حديث حسن ".
1458 - (حديث " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام
عليكم... "). ص 390
صحيح. وهو قطعة من حديث جابر الطويل في حجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،
وقد ذكرناه بطوله تحت الحديث (1017) فقرة (103) لكن ليس فيه لفظ
" و أعراضكم "، وإنما ورد هذا من حديث أبي بكرة الثقفي أن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) خطب الناس فقال:
" ألا تدرون أي يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت
حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس بيوم النحر؟ قلنا: بلى يا
رسول الله، قال: أي بلد هذا؟ أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى يا رسول
الله، قال: فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، وأبشاركم، عليكم
حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟
قلنا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فإنه رب مبلغ يبلغه
من هو أوعى له، فكان كذلك، قال: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم
رقاب بعض ".
أخرجه البخاري (1 / 28، 4 / 370، 467) ومسلم (5 / 108)
و أحمد (5 / 37، 39، 40).
278

وفي الباب عن عمرو بن الأحوص عند الترمذي (2 / 182) وصححه،
و ابن عمر عند ابن ماجة (3058) وابن مسعود عنده (3057)، وعن أبي
حرة الرقاشي عند أحمد (5 / 72).
1459 - (حديث " لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب
نفس ").
صحيح. وقد ورد عن جماعة من الصحابة منهم عم أبي حرة الرقاشي،
وأبو حميد الساعدي، وعمرو ابن يثربي، و عبد الله بن عباس:
1 - أما حديث أبي حرة، فيرويه حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن أبي
حرة الرقاشي عن عمه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فذكره إلا أنه قال:
" بطيب نفس منه ".
أخرجه الدارقطني (300) و أحمد (5 / 72) وأبو يعلى والبيهقي
(6 / 100).
قال الهيثمي (4 / 172) بعد ما عزاه لأبي يعلى:
" وأبو حرة وثقة أبو داود، وضعفه ابن معين "
قلت: و اعتمد الحافظ في " التقريب " الأول، فقال: " ثقة ".
لكن العلة من الراوي عنه علي بن زيد، وهو ابن جدعان، وهو ضعيف،
إلا أنه يستشهد به، ويتقوى حديثه بما بعده.
2 - وأما حديث أبي حميد، فيرويه سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي
صالح عن عبد الرحمن ابن سعيد عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" لا يحل لامرىء أن يأخذ مال أخيه بغير حقه، ذلك لما حرم الله مال
المسلم على المسلم ".
أخرجه الإمام أحمد (5 / 425). وفي لفظ له:
279

" لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه، وذلك لشدة ما حرم
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مال المسلم على المسلم ".
وأخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 340) وفي " مشكل الآثار "
(4 / 41 - 42) وابن حبان في " صحيحه " (1166) والبيهقي (6 / 100)
ووقع عنده من رواية ابن وهب عن سليمان: " عبد الرحمن بن سعد " وعليه
قال:
" عبد الرحمن هو ابن سعد بن مالك، وسعد بن مالك هو أبو سعيد
الخدري، ورواه أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان فقال: عبد الرحمن ابن
سعيد ".
قلت: وهو الصواب عندي لأنه اتفق عليه جماعة من الثقات غير ابن أبي
أويس، فهم أبو سعيد مولى بني هاشم، وعبيد بن أبي قرة عند أحمد، و أبو
عامر العقدي عند الطحاوي وإن حبان. فرواية هؤلاء مقدمة قطعا على رواية
ابن وهب.
وحينئذ فعبد الرحمن هو ابن سعيد بن يربوع، أبو محمد المدني، وهو ثقة كما
قال ابن حبان كما في " التهذيب "، ولم أره في نسختنا المحفوظة في المكتبة
الظاهرية من " ثقات ابن حبان ". وبقية الرجال ثقات على شرط مسلم، فالسند
صحيح. وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 171):
" رواه أحمد والبزار، ورجال الجميع رجال الصحيح ".
كذا قال، وعبد الرحمن بن سعيد ليس من رجال الصحيح، وإنما أخرج
له البخاري في " الأدب المفرد "، ويحتمل أن يكون إسناد البزار كإسناد
البيهقي، اعني وقع فيه عبد الرحمن بن سعد، وهو ابن أبي سعيد الخدري، فإنه
ثقة من رجال مسلم، فتوهم أنه عند أحمد كذلك. والله أعلم.
3 - وأما حديث عمرو بن يثربي، فيرويه عمارة بن حارثة الضمري
يحدث عنه قال:
" شهدت خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمنى، فكان فيما خطب به أن قال:
280

" ولا يحل لامرىء من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه "، قال: فلما سمعت
ذلك، قلت: يا رسول الله أرأيت لو لقيت غنم ابن عمي، فأخذت منها شاة
فاحترزتها، هل علي في ذلك شيء؟ قال: إن لقيتها نعجة تحمل شفرة وزنادا فلا
تمسها ".
أخرجه الطحاوي في " كتابيه " والدارقطني (ص 299 - 300) والبيهقي
(6 / 97) و أحمد (3 / 423، 5 / 113) والطبراني في " الأوسط "
(1 / 148 / 1) وابنه عبد الله في " زوائده " أيضا من طريق عبد الرحمن بن أبي
سعيد قال: سمعت عمارة بن حارثة به. وقال الطبراني:
" لا يروى عن عمرو إلا بهذا الإسناد ".
وقال الهيثمي:
" رواه أحمد وابنه من زياداته أيضا. والطبراني في " الكبير " و
" الأوسط "، ورجال أحمد ثقات "
قلت: عمارة بن حارثة أورده ابن أبي هاشم (3 / 1 / 365) ولم يذكر
فيه جرحا ولا تعديلا، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (1 / 169) فهو
عندي في زمرة المجهولين الذين يتفرد بتوثيقهم ابن حبان.
4 - وأما حديث ابن عباس، فيرويه إسماعيل بن أبي أويس، حدثني
أبي عن ثور بن زيد الأيلي عن عكرمة عنه:
" أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب الناس في حجة الوداع - فذكر الحديث.
وفيه: لا يحل لامرىء من مال أخيه إلا ما أعطاه من طيب نفس، ولا
تظلموا... " الحديث.
أخرجه البيهقي.
قلت: وهذا إسناد حسن، أو لا بأس به في الشواهد، رجاله كلهم رجال
الصحيح، وفي أبي أويس - واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس - كلام من قبل
حفظه، وقال الحافظ في " التقريب ":
281

" صدوق يهم ".
وفي الباب عن أنس بن مالك.
أخرجه الدارقطني بإسنادين واهيين جدا. وفيما سبق غنية عنه.
باب الوكالة
1460 - (حديث عروة بن الجعد وغيره) ص 390
صحيح. وقد مضى لفظه وتخريجه برقم (1287).
1460 / 1 - (حديث: " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكل عمرو بن أمية في
قبول نكاح أم حبيبة "). ص 391
ضعيف. أخرجه ابن إسحاق في " المغازي " (1 / 138): حدثني
محمد بن علي بن حسين: " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث إلى النجاشي عمرو بن أمية
الضمري، فخطبها عليه النجاشي، فزوجه إياها، وأصدقها عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) أربعمائة دينار ".
ومن طريق ابن إسحاق أخرجه البيهقي في " سننه " (7 / 139)،
وأخرجه الحاكم (4 / 22) من طريق محمد بن عمر ثنا إسحاق بن محمد حدثني
جعفر بن محمد بن علي عن أبيه به.
و محمد بن عمر هو الواقدي، وهو متروك، لكن علة الحديث الإرسال.
وقد قال الحافظ في " التلخيص " (3 / 50) عقب الحديث:
" واشتهر في " السير " أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث عمرو بن أمية إلى النجاشي،
فزوجه أم حبيبة، وهو يحتمل أن يكون هو الوكيل في القبول أو النجاشي،
وظاهر ما في أبي داود والنسائي أن النجاشي عقد عليها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وولي
النكاح خالد بن سعيد بن العاص، كما في " المغازي "، وقيل: عثمان بن
عفان، وهو وهم ".
282

1460 / 2 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكل أبا رافع في قبول نكاح
ميمونة بنت الحارث، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة قبل أن يخرج ".
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي (963).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، ولكنه مرسل.
وقد خالفه مطر الوراق فوصله، فقال: عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
عن سليمان بن يسار عن أبي رافع قال:
" تزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال،
وكنت أنا الرسول فيما بينهما ".
أخرجه الترمذي (1 / 160) وابن حبان (1272) والبيهقي
(7 / 211) وأحمد (6 / 392 - 393) وقال الترمذي:
" حديث حسن، ولا نعلم أحدا أسنده غير مطر الوراق، وروى مالك
عن ربيعة عن سليمان بن يسار مرسلا، ورواه أيضا سليمان بن بلال عن ربيعة
مرسلا ".
قلت: مطر الوراق صدوق كثير الخطأ كما في " التقريب "، فلا تقبل
زيادته على مثل الإمام مالك وسليمان بن بلال كما هو ظاهر، فهذه هي علة
الحديث: وقد أعل بالانقطاع، فقال ابن عبد البر:
" سليمان لم يسمع من أبي رافع ".
فتعقبه الحافظ بقوله:
" لكن وقع التصريح بسماعه منه في " تاريخ ابن أبي خيثمة " في حديث
283

نزول الأبطح، ورجح ابن القطان اتصاله، ورجع أن مولد سليمان سنة سبع
وعشرين ووفاة أبي رافع سنة ست و ثلاثين، فيكون سنة ثمان سنين أو أكثر ".
قلت: وقد بينا أن العلة سوى هذا. فتنبه.
نعم قد صح الحديث عن ميمونة نفسها دون موضع الشاهد منه، وهو قول
أبي رافع: " وكنت أنا الرسول الله فيما بينهما ". وقد سبق تخرجه تحت الحديث
(1037).
1461 - (حديث أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يبعث عماله لقبض الصدقات
وتفريقها "). ص 391
صحيح. وقد مضى برقم (862).
1462 - (حديث معاذ وفيه: " فأخبرهم أن الله افترض عليهم
صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد إلى فقرائهم "). ص 391.
صحيح. تقدم برقم (782).
1463 - (حديث: " فإن قتل زيد فجعفر... " الحديث)
صحيح. وقد جاء عن جمع من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، منهم عبد الله
ابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن عباس.
1 - أما حديث ابن عمر، فيرويه نافع عنه قال:
(أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فقال رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم): إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة ".
قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي
طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة
ورمية.
284

أخرجه البخاري (3 / 135)
2 - وأما حديث عبد الله بن جعفر فيرويه الحسن بن سعد عنه قال:
" بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جيشا، استعمل عليهم زيد بن حارثة، وإن
قتل زيد أو استشهد، فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن
رواحة، فلقوا العدد، فأخذ الراية زيد، فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية
جعفر، فقاتل حتى قتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة، فقاتل حتى قتل، ثم
أخذ الراية خالد بن الوليد، ففتح الله عليه... " الحديث (1).
أخرجه الإمام أحمد (1 / 204) والنسائي أيضا كما في " الفتح "
(7 / 393) والظاهر أنه يعني سننه الكبرى وقال:
" إسناده صحيح ".
قلت: وهو على شرط مسلم.
3 - و أما حديث أبي قتادة، فيرويه عبد الله بن رباح قال: ثنا أبو قتادة
فارس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جيش الأمراء، قال: عليكم زيد بن حارثة،
فإن أصيب زيد فجعفر، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة
الأنصاري... ". الحديث.
أخرجه أحمد (5 / 299) والنسائي، وصححه ابن حبان كما في
" الفتح ".
قلت: و إسناده جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير خالد بن
شمير، وهو صدوق يهم قليلا، كما في " التقريب ".
4 - وأما حديث ابن عباس، فيرويه مقسم عنه مرفوعا نحو الحديث
الأول.

(1) وقد سقته بتمامه في كتابي " أحكام الجنائز وبدعها " طبع المكتب الاسلامي.
285

أخرجه أحمد (1 / 256) وابنه في " زوائده " عن حجاج عن الحكم
عنه.
ورجاله ثقات لكن الحجاج وهو ابن أرطاة مدلس، وقد عنعنه.
1464 - (حديث: " واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت
فارجمها، فاعترفت فأمر بها فرجمت " متفق عليه). ص 391
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 65، 166، 175، 4 / 304،
309 - 310، 313، 400، 415) ومسلم (5 / 121) وكذا مالك
(2 / 822 / 6) وعنه الشافعي (1489) وأبو داود (4445) والنسائي
(2 / 309) والترمذي (1 / 269) والدارمي (2 / 177) وابن ماجة
(2549) وابن الجارود (811) وأحمد (4 / 115، 115 - 116) من طرق
عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن
خالد (زاد أصحاب السنن - حاشا أبا داود - والدارمي وابن الجارود وأحمد في
رواية: وشبل):
" أن رجلا من الأعراب أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: يا رسول الله
أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله، فقال الخصم الآخر - وهو أفقه منه - نعم
فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قل، قال: أن
ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم،
فافتديت منه بمائة شاة... ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أنما على ابني
جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك
جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس... "
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وذكر أن زيادة " شبل " في الإسناد غير محفوظة، وأنها من أوهام سفيان
بن عيينة، تفرد بها دون أصحاب الزهري.
286

1465 - (روي: " أن عليا وكل عقيلا عند أبي بكر وقال: ما
قضي عليه، فهو علي، وما قضي له فلي "). ص 391
ضعيف. ولم أره الآن بهذا اللفظ، وإنما أخرجه البيهقي (6 / 81)
من طريق محمد بن إسحاق عن جهم بن أبي الجهم عن عبد الله بن جعفر قال:
" كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يكره الخصومة، فكان إذا كانت له
خصومة، وكل فيها عقيل بن أبي طالب، فلما كبر عقيل، وكلني ".
وفي رواية له عن ابن إسحاق عن رجل من أهل المدينة يقال له جهم عن
علي رضي الله عنه:
" أنه وكل عبد الله بن جعفر بالخصومة، فقال: إن للخصومة قحما ".
قلت: وهذا سند ضعيف: ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه، وجهم بن
أبي الجهم مجهول، أورده ابن أبي حاتم (1 / 1 / 521) من رواية ابن إسحاق
وعبد الله العمري عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال الذهبي في
" الميزان ":
" لا يعرف ".
1466 - (أثر: أن عليا رضي الله عنه " وكل عبد الله بن جعفر
عن عثمان وقال: إن للخصومة قحما - أي مهالك - وإن الشيطان
يحضرها، وإني أكره أن أحضرها " نقله حرب). ص 391
ضعيف. ولم أقف على سنده بهذا التمام، وإنما أخرجه البيهقي بسند
ضعيف دون قوله: " وإن الشيطان... ".
وقد سبق بيان ضعفه في الذي قبله.
فصل
1467 - (أثر ابن عباس: " أنه كان لا يرى بذلك بأسا، يعنى إن
287

قال: بع هذا بعشرة، فما زاد فهو لك، صح البيع، وله الزيادة ").
ص 396 - 397
لم أقف عليه الآن.
كتاب الشركة
1468 - (حديث: يقول الله تعالى: " أنا ثالث الشريكين ما لم
يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما ". رواه
أبو داود). ص 398
ضعيف. أخرجه أبو داود (3383) وكذا الدارقطني (303)
والحاكم (2 / 52) والبيهقي (6 / 78، 78 - 79) من طريق محمد بن
الزبرقان أبي همام عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فذكره بلفظ:
" فإذا خانه ". والباقي مثله سواء. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! وأقره المنذري في " الترغيب "
(3 / 31)!
وأقول: بل هو ضعيف الإسناد. وفيه علتان:
الأولى: الجهالة، فإن أبا حيان التيمي اسمه يحيى بن سعيد بن حيان،
وأبو سعيد، قد أورده الذهبي في " الميزان "، وقال:
" لا يكاد يعرف، وللحديث علة ".
يشير إلى العلة الأخرى الآتية.
وأما الحافظ فقال في " التقريب ":
288

" وثقه العجلي "!
قلت: وهو من المعروفين بالتساهل في التوثيق، ولذلك، لم يتبن الحافظ
توثيقه، وإلا لجزم به فقال: " ثقة " كما هي عادته، فيمن يراه ثقة، فأشار إلى
أن هذا ليس كذلك عنده، بأن حكى توثيق العجلي له. فتنبه.
والعلة الأخرى: الاختلاف في وصله، فرواه ابن الزبرقان هكذا موصولا
بذكر أبي هريرة فيه، وهو صدوق يهم كما قال الحافظ...
وخالفه جرير فقال: عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم):
" يد الله على الشريكين ما لم يخن أحدهما الآخر (وفي نسخة: صاحبه)
فإذا خان أحدهما صالبه، رفعها عنهما ".
أخرجه الدارقطني من طريق محمد بن سليمان الملقب بلوين، ثم قال:
" لم يسنده أحد إلا أبو همام وحده ".
قلت: وفيه ضعف كما سبق، ولعل مخالفة جرير وهو ابن عبد الحميد
الضبي خير منه، فقد قال الحافظ فيه:
" ثقة صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه ".
قلت: وجملة القول: أن الحديث ضعيف الإسناد، للاختلاف في وصله
وإرساله وجهالة راويه، فإن سلم من الأولى، فلا يسلم من الأخرى. وفي
" التلخيص " (3 / 49):
" وأعله ابن القطان بالجهل بحال سعيد بن حيان، والد أبي حيان، وقد
ذكره ابن حبان في " الثقات "، وذكر أنه روى عنه أيضا الحارث بن يزيد، لكن
أغله الدارقطني بالإرسال، فلم يذكر فيه أبا هريرة، وقال: إنه الصواب،
ولم يسنده غير أبي همام بن الزبرقان. وفي الباب عن حكيم بن حزام. رواه أبو
القاسم الأصبهاني في (الترغيب والترهيب) ".
289

1469 - (حديث " وقال زيد: كنت أنا والبراء شريكين،
فاشترينا فضة بنقد ونسيئة... " الحديث. رواه البخاري). ص 398
صحيح. ولكني لم أره عند البخاري بهذا اللفظ، وإنما أخره
(2 / 113) من طريق سليمان بن أبي مسلم، قال: سألت أبا المنهال عن
الصرف يدا بيد؟ فقال:
" اشتريت أنا وشريك لي شيئا يدا بيد، ونسيئة، فجاءنا البراء بن
عازب، فسألناه، فقال: فعلت أنا وشريكي وزيد بن أرقم، وسألنا النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك، فقال: ما كان يدا بيد فخذوه، وما كان نسيئة فردوه ".
نعم أخرجه أحمد (4 / 371) بلفظ قريب جدا من لفظ الكتاب، من
طريق عمرو بن دينار عن أبي المنهال:
" أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب رضي الله عنهم كانا شريكين،
فاشتريا فضة بنقد ونسيئة، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأمرهما أن ما كان بنقد
فأجيزوه، وما كان بنسيئة فردوه ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
فصل في المضاربة
1470 - (يروى: " إباحتها عن عمر، وعثمان، و علي، وابن
مسعود، وحكيم بن حزام، رضي الله عنهم، في قصص مشهورة ").
ص 400
صحيح عن بعضهم، وبيان ذلك:
أولا: عن عمر، رواه مالك في " الموطأ " (2 / 687 / 1) عن زيد بن
أسلم عن أبيه أنه قال:
290

" خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق، فلما
قفلا، مرا على أبي موسى الأشعري، وهو أمير على البصرة، فرحب بهما
وسهل، ثم قال: لو أقد لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى،
ههنا مال من مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكما،
فتبتاعان به متاعا من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى
أمير المؤمنين، ويكون الربح لكما، فقالا: وددنا ذلك، ففعل، وكتب إلى
عمر بن الخطاب: أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باعا فأربحا، فلما دفعا ذلك
إلى عمر، قال: أكل الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما؟ قالا: لا، فقال عمر بن
الخطاب: ابنا أمير المؤمنين! فأسلفكما! أديا المال وربحه، فأما عبد الله
فسكت، وأما عبيد الله، فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا! لو نقص
هذا المال أو هلك لضمناه، فقال عمر: أدياه، فسكت عبد الله، وراجعه
عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا. فقال:
قد جعلته قراضا. فأخذ عمر رأس المال، ونصف ربحه، وأخذ عبد الله
وعبيد الله، ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال ".
و من طريق مالك أخرجه الشافعي (1332) وعنه البيهقي (6 / 110).
وقال الحافظ في " التلخيص " (3 / 57):
" وإسناده صحيح ".
قلت: وهو على شرط الشيخين.
وأخرجه الدارقطني في " سننه " (315) من طريق عبد الله بن زيد بن
أسلم عن أبيه عن جده به مختصرا بلفظ:
" وادفعا إلى عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين رأس المال، واضمنا، فلما
قدما على أمير المؤمنين، تأبا أن يجعل ذلك، وجعله قراضا ".
قلت: وإسناده حسن.
وروى البيهقي في " المعرفة " كما في " نصب الراية " (3 / 114) من
291

طريق الشافعي أنه بلغه عن حميد بن عبد الله بن عبيد الأنصاري عن أبيه، عن
جده.
" أن عمر بن الخطاب أعطى مال يتيم مضاربة، وكان يعمل به بالعراق،
ولا يدري كيف قاطعه الربح ".
ثانيا: عن عثمان، فقال مالك (2 / 288 / 2) عن العلاء بن عبد الرحمن
عن أبيه عن جده:
" أن عثمان بن عفان، أعطاه مالا قراضا يعمل فيه، على أن الربح
بينهما ".
قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم غير جد عبد الرحمن بن العلاء، واسمه
يعقوب المدني مولى الحرقة. قال الحافظ:
" مقبول ".
وقد رواه ابن وهب عن مالك، فأسقطه من السند، فقال: أخبرني مالك
ابن أنس، أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه أنه قال:
" جئت عثمان بن عفان، فقلت له: قد قدمت سلعة، فهل لك أن
تعطيني مالا، فأشتري بذلك، فقال: أتراك فاعلا؟ قال: نعم، ولكني رجل
مكاتب، فأشتريها على أن الربح بيني وبينك، قال: نعم، فأعطاني مالا على
ذلك ".
أخرجه البيهقي (6 / 111).
قلت: وهذا سند صحيح إن كان إسقاط يعقوب منه محفوظا، وقد يؤيده
رواية عبد الله بن علي عن العلاء بن عبد الرحمن به مختصرا، لم يذكر جده
يعقوب.
أخرجه البيهقي في " المعرفة ". وعبد الله بن علي هذا الأفريقي، ولا بأس
به في المتابعات.
292

ثالثا: عن علي، رواه قيس بن الربيع، عن أبي حصين عن الشعبي عنه
" في المضاربة الوضيعة على المال، والربح على ما اصطلحوا عليه ".
رواه عبد الرزاق كما في " التلخيص " (3 / 58).
قلت: وقيس بن الربيع ضعيف الحفظ.
رابعا: عن ابن مسعود. ذكره الشافعي في " اختلاف العراقيين " عن أبي
حنيفة عن حماد عن إبراهيم عنه:
" أنه أعطى زيد بن خليدة مالا مقارضة ".
وأخرجه البيهقي في " المعرفة ".
قلت: وهذا إسناد متصل، ضعيف!
خامسا: عن حكيم بن حزام، يرويه عروة بن الزبير وغيره.
" أن حكيم بن حزام صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يشترط على الرجل إذا
أعطاه مالا مقارضة يضرب له به: أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في
بحر، ولا تنزل به في بطن مسيل، فإن فعلت شيئا من ذلك، فقد ضمنت
مالي ".
أخرجه الدارقطني (ص 315) والبيهقي (6 / 111) من طريق حيوة
وابن لهيعة عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن الأسدي عنه به. والسياق
للدارقطني.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وقال الحافظ:
" سنده قوي ".
(فائدة) قال ابن حزم في " مراتب الإجماع " (ص 91):
" كل أبواب الفقه، ليس منها باب، إلا وله أصل في القرآن أو السنة
نعلمه، ولله الحمد، حاشا القراض، فما وجدنا له أصلا فيهما البتة، ولكنه
293

إجماع صحيح مجرد، والذي نقطع عليه أنه كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلمه،
فأقره، ولولا ذلك لما جاز ".
قلت: وفيه أمور أهمها أن الأصل في المعاملات الجواز، إلا لنص بخلاف
العبادات، فالأصل فيها المنع إلا النص، كما فصله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله تعالى، والقرض والمضاربة من الأول كما هو ظاهر، أيضا فقد جاء النص
في القرآن بجواز التجارة عن تراض، وهي تشمل القراض كما لا يخفى، فهذا
كله يكفي دليلا لجوازه ودعم الإجماع المدعى فيه.
1471 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج
منها "). ص 401
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 55 و 69 و 70 و 113 و 176 - 177
و 3 / 132) ومسلم (5 / 26) وأبو داود (3408) والترمذي (1 / 260) والدارمي
(2 / 270) وابن ماجة (2467) والطحاوي (2 / 260 - 261) والبيهقي
(6 / 113) وأحمد (2 / 17 و 22 و 37) من طرق عن نافع أن عبد الله بن عمر
أخبره به. وزاد:
" من زرع أو تمر ".
وزاد الشيخان وغيرهما:
" وكان يعطي أزواجه مائة وسق، ثمانون وسق تمر، وعشرون و سق
شعير، وقسم عمر خيبر، فخير أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقطع لهن من الماء
والأرض، أو يمضي لهن (وفي رواية: أو يضمن لهن الأوساق كل عام)،
فمنهن من اختار الأرض ومنهن من اختار الوسق، وكانت عائشة رضي الله عنها
اختارت الأرض ".
1472 - (حديث حكيم بن حزام قوله: " أنه كان يشترط
على الرجل إذا أعطاه مالا مقارضة يضرب له به ألا تجعل مالي في كبد
رطبة ولا تحمله في بحر، ولا تنزل به في بطن مسيل، فإن فعلت شيئا من
294

ذلك، فقد ضمنت مالي " رواه الدارقطني). ص 402
صحيح. وسبق تخريجه تحت الحديث (1470).
1473 - (حديث " المؤمنون عند شروطهم ".
صحيح. بلفظ " المسلمون " كما تقدم (1303) وراجع (1419) فصل
(في شركة الوجوه والأبدان).
1474 - (قول ابن مسعود: " اشتركت أنا وسعد و عمار يوم بدر، فلم
أجىء أنا وعمار بشيء، وجاء سعد بأسيرين " رواه أبو داود والأثرم ص 405
ضعيف. أخرجه أبو داود (3388) والنسائي (2 / 155 و 234) وابن
ماجة (2288) والبيهقي (6 / 79) من طريق أبي إسحاق عن أبي عبيدة عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف، لانقطاعه بين أبي عبيدة و أبيه عبد الله بن
مسعود، فإنه لم يسمع منه. وسكت عليه الحافظ في " التلخيص " (3 / 49)،
فلم يحسن!
1474 / 1 - (حديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من أخذ شيئا فهو له ").
ص 405
لم أعرفه الآن.
1475 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى خيبر على الشطر ").
ص 406
صحيح. وتقدم تخريجه قبل ثلاثة أحاديث.
1476 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن عسب الفحل وعن قفير
الطحان " رواه الدارقطني) ص 407
صحيح. أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 308) وعنه البيهقي
295

(5 / 339) من طريق وكيع و عبيد الله بن موسى، قالا: نا سفيان عن هشام
أبي كليب عن ابن أبي نعم البجلي عن أبي سعيد الخدري قال:
" نهي عن... ". وليس في رواية وكيع الشطر الثاني منه.
هكذا روياه بالبناء على المجهول، لم يذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقال
البيهقي عقبه:
" ورواه ابن المبارك عن سفيان، كما رواه عبيد الله، وقال: " نهى ".
وكذلك قال إسحاق الحنظلي عن وكيع: " نهى عن عسب الفحل ". ورواه
عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي نعم قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم...
فذكره ".
قلت: وفيما ذكر البيهقي أن لفظ ابن المبارك " نهي " عن المجهول أيضا
نظر، أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (1 / 307) من طريق الحسن بن
عيسى بن ما سرجس مولى ابن المبارك، ونعيم بن حماد قالا: ثنا ابن المبارك عن
سفيان يعني الثوري به بلفظ المبني للمعلوم:
" نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... ".
فلعل ما ذكره البيهقي رواية وقعت له عن ابن المبارك.
ثم إن إسناد الحديث عندي صحيح، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين،
غير هشام هذا، وهو هشام بن كليب أبو كليب، أورد له الذهبي في " الميزان "
هذا الحديث، وقال:
" هذا منكر، وراويه لا يعرف ".
كذا قال: وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح التعديل " (4 / 2 / 68)
وروى عن عبد الله بن أحمد قال:
" سألت أبي عن هشام بن كليب الذي يروي عنه الثوري؟ فقال:
ثقة ".
وأورده ابن حبان في " الثقات " (2 / 293) وذكر أنه من أهل الكوفة.
296

وقد صحح الحديث الحافظ عبد الحق الأشبيلي في " أحكامه " (ق
154 / 2) رقم (بتحقيقي)، فإنه ذكره من طريق الدارقطني، وسكت
عليه، مشيرا به إلى صحته، كما نص عليه في مقدمته.
وقد أورده بلفظ: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... "، وذلك من أوهامه، فإنه
عند الدارقطني باللفظ المبني للمجهول، كما عرفت.
وأما تعقب ابن القطان له بأنه لم يجده، إلا بلفظ البناء لما لم يسم فاعله،
وبأن فيه هشاما أبا كليب لا يعرف (1).
فالجواب عن الأول، أننا وجدناه باللفظ المبني للمعلوم عند الطحاوي
موصولا، والبيهقي مرسلا كما تقدم.
وأما الجواب عن الآخر، فهو أنه قد عرفه من وثقه، وهو الإمام أحمد،
و ابن أبي حاتم، ثم ابن حبان.
باب المساقاة
1477 - (حديث ابن عمر: " عامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخل خيبر بشطر ما
يخرج منها من ثمر أو زرع " متفق عليه). ص 408
صحيح. وقد مضى برقم (1471).
1478 - (حديث ابن عمر: " كنا نخابر أربعين سنة حتى حدثنا
رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المخابرة "). ص 408
صحيح. وله عن ابن عمر طرق:
الأولى: عن نافع عنه.

(1) نقله عنه المناوي في " فيض القدير "
297

" أنه كان يكري مزارعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي إمارة أبي بكر
وعمر وعثمان، وصدرا من خلافة معاوية، حتى بلغه في آخر خلافة معاوية أن
رافع بن خديج يحدث فيها بنهي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدخل عليه، و أنا معه، فسأله
فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن كراء المزارع، فتركها ابن عمر بعد، وكان
إذا سئل عنها بعد، قال: زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها ".
أخرجه البخاري (2 / 73) ومسلم (5 / 21 - 22) والسياق له،
والنسائي (2 / 151) والبيهقي (6 / 130) وأحمد (4 / 140) عن أيوب عن
نافع به.
وتابعه حفص بن عنان عن نافع به إلا أنه قال: " لا تكروا الأرض
عن رافع التصريح بذلك.
الثانية: عن سالم بن عبد الله:
" أن عبد الله بن عمر كان يكري أرضه، حتى بلغه أن رافع بن خديج
الأنصاري كان ينهى عن كراء الأرض، فلقيه عبد الله، فقال: يا ابن خديج
ماذا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كراء الأرض؟ قال رافع بن خديج لعبد الله:
سمعت عمي - وكانا قد شهدا بدرا - يحدثان أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن
كراء الأرض. قال عبد الله: لقد كنت أعلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الأرض
تكرى، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحدث في ذلك شيئا لم يكن
علمه، فترك كراء الأرض ".
أخرجه مسلم (5 / 22 - 23) و أبو داود (3394) والنسائي (2 / 151)
والطحاوي (2 / 256) والبيهقي (6 / 129) و أحمد (3 / 465).
الثالثة: عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول:
298

" كنا لا نرى بالخبر بأسا حتى كان عام أول، فزعم رافع أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم
نهى عنه ".
أخرجه مسلم (5 / 21) و أبو داود (3389) والنسائي (2 / 152) و أحمد
(1 / 234 و 2 / 11 و 4 / 142) وكذا الطيالسي (965).
وله طرق أخرى عن رافع، أذكر طائفة منها:
أولا: عن سليمان بن يسار عنه قال:
" كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنكريها بالثلث والربع
والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم، رجل من عمومتي، فقال: نهانا رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم عن أمر كان لنا نافعا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا: نهانا أن نحاقل
بالأرض، فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، وأمر رب الأرض أن
يزرعها، أو يزرعها، وكره كراءها وما سوى ذلك ".
أخرجه مسلم و أبو داود (3395) والنسائي (2 / 150) والطحاوي
(2 / 256 و 258) والبيهقي (131) و أحمد (3 / 465).
ثانيا: عن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض؟
فقال:
" نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كراء الأرض، قال: فقلت: أبا لذهب
والورق؟ فقال: أما بالذهب والورق فلا بأس به ".
أخرجه مسلم والنسائي والطحاوي (2 / 258) وابن ماجة (2458)
نحوه، وأحمد (4 / 140 و 142) والبيهقي. ورواه البخاري بنحوه ويأتي لفظه
في الكتاب.
وفي لفظ عنه قال:
" سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق؟ فقال: لا
بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الماذيانات وأقبال
الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا، ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك
299

هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم
مضمون فلا بأس به ".
أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود (3392) والبيهقي (6 / 132)، ورواه
البخاري باختصار (2 / 68).
ثالثا: عن أبي النجاشي مولى رافع بن خديج عن رافع أن ظهير بن رافع
(وهو عمه) قال:
" أتاني ظهير قال: لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أمر كان بنا رافقا.
فقلت: وما ذاك؟ ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو حق، قال: سألني كيف تصنعون
بمحاقلكم؟ فقلت: نؤاجرها يا رسول الله على الربيع، أو الأوسق من التمر أو
الشعير، قال: فلا تفعلوا، إزرعوها، أو إزرعوها أو أمسكوها ".
أخرجه مسلم والنسائي (2 / 152) والطحاوي و ابن ماجة (2459)
والبيهقي (6 / 131) وأحمد (4 / 143).
رابعا: عن أسيد بن ظهير عن رافع بن خديج قال:
" كان أحدنا إذا استغنى عن أرضه أعطاها بالثلث والربع والنصف،
واشترط ثلاث جداول، والقصارة، وما يسقي الربيع، وكان العيش إذ ذاك
شديدا، وكان يعمل فيها بالحديد، وبما شاء الله، ويصيب منها منفعة، فأتانا
رافع بن خديج، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهاكم عن أمر كان لكم نافعا، وطاعة
الله وطاعة رسوله أنفع لكم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهاكم عن الحقل، ويقول:
من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه، أو ليدع ".
أخرجه أبو داود (3398) وابن ماجة (2460) والسياق له، والبيهقي
(6 / 132) وأحمد (3 / 464).
قلت: وإسناده صحيح، وأسيد بن ظهير صحابي جليل.
وللحديث طرق أخرى وألفاظ كثيرة، وفيما ذكرت منها كفاية، وقد يبدو
للناظر فيها لأول وهلة، أن الحديث مضطرب إسنادا ومتنا، وليس كذلك كما
300

يبدو بعد التأمل فيها والتفكر، وقد بين شيئا من ذلك الحافظ البيهقي في
" السنن "، وحكى عن الإمام أحمد أنه ضعف الحديث، وقال: هو كثير
الألوان. قال البيهقي:
" يريد ما أشرنا إليه من الاختلاف على رافع في إسناده ومتنه ".
قلت: والحقيقة أن الحديث صحيح كما ذكرنا، وحسبك دليلا على ذلك
إخراج الشيخين له، واحتجاجهما به، غاية ما في الأمر أن بعض الرواة كان لا
يذكر في سنده عم أو عمي رافع بن خديج، وبعضهم يختصر من متنه، ويقصر
فيه، ولا يذكر ما ذكره الغير من سبب النهي، وهو خشية الهلاك على الزرع
المؤدي إلى الخصام والنزاع، والقاعدة في مثل هذا الاختلاف معروف، وهو أن
يؤخذ بالزيادة في السند والمتن، ما دام أن الذي جاء بها ثقة حافظ، كما هو الشأن
هنا، ويظهر أن الإمام أحمد قد تبين له فيما بعد صحة الحديث، فقد قال ابنه
عبد الله عقب حديث أبي النجاشي المتقدم في " المسند " (4 / 143):
" وسألت أبي عن أحاديث رافع بن خديج، مرة يقول: نهانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
ومرة يقول: عن عمية؟ فقال: كلها صحاح، و أحبها إلي حديث أيوب ".
يعني الطريق الأولى عن أيوب عن نافع عن ابن عمر.
1479 - (حديث رافع: " كنا نكري الأرض بالناحية منها " رواه
البخاري). ص 409
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 68) من طريق حنظلة بن قيس
الأنصاري سمع رافع بن خديج قال:
" كنا أكثر أهل المدينة مزدرعا، كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى
لسيد الأرض، قال: فمما يصاب ذلك، وتسلم الأرض، ومما تصاب الأرض
ويسلم، فنهينا، فأما الذهب والورق، فلم يكن يومئذ ".
وفي لفظ له (2 / 70):
" فكان أحدنا يكري أرضه، فيقول: هذه القطعة لي، وهذه لك،
301

فربما أخرجت ذه، ولم تخرج ذه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ".
وفي لفظ آخر (2 / 73): قال رافع:
" حدثني عماي أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما ينبت على
الأرض، أو بشيء يستثنيه صاحب الأرض فنهانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، فقلت
لرافع: فكيف هي بالدينار والدرهم؟ فقال رافع: ليس بها بأس بالدينار
والدرهم ".
وقد أخرجه مسلم وغيره بلفظين آخرين من هذا الوجه، وألفاظ أخرى
من وجوه أخر، وتقدم تخريجها في الحديث الذي قبله.
1480 - (حديث ابن عمر: " دفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نخل خيبر وأرضها إليهم
على أن يعملوها من أموالهم " رواه مسلم).
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 27) وكذا البيهقي (6 / 116) من طريق
الليث عن محمد بن عبد الرحمن عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
" أنه دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر، وأرضها على أن يعتملوها من
أموالهم، ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شطر ثمرها ".
وأخرجه البخاري وغيره من طرق أخرى عن نافع به نحوه، وتقدم برقم
(1471).
1481 - (وعن عمر " أنه كان يعامل الناس على إن عمر جاء بالبذر
من عنده، فله الشطر، وإن جاءوا بالبذر، فلهم كذا " علقه البخاري).
ص 410
علقه البخاري (2 / 69) بصيغة الجزم فقال:
" وعامل عمر الناس "... ".
وقد وصله ابن أبي شيبة كما في " الفتح " (5 / 9) من طريق يحيى بن
سعيد.
302

" أن عمر أجلى نجران واليهود والنصاري، واشترى بياض أرضهم
وكرومهم فعامل عمر الناس: إن هم جاؤوا بالبقر والحديد من عندهم فلهم
الثلثان، ولعمر الثلث، وإن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وعاملهم في
النخل على أن لهم الخمس، وله الباقي، وعاملهم في الكرم، على أن لهم
الثلث، وله الثلثان ".
قال الحافظ: " وهذا مرسل، وأخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن
أبي حكيم عن عمر بن عبد العزيز قال:
" لما استخلف عمر، أجلى أهل نجران، وأهل فدك، وتيماء، وأهل
خيبر، واشترى عقارهم، وأموالهم، واستعمل يعلى بن منية، فأعطى
البياض، يعني بياض الأرض، على إن كان البذر والبقر والحديد من عمر،
فلهم الثلث، ولعمر الثلثان، وإن كان منهم فلهم الشطر، وله الشطر،
وأعطى النخل والعنب على أن لعمر الثلثين، ولهم الثلث ".
وهذا مرسل أيضا، فيقوى أحدهما بالآخر. وقد أخرجه الطحاوي من
هذا الوجه بلفظ:
" أن عمر بن الخطاب بعث يعلى بن منية إلى اليمن، فأمره أن يعطيهم
الأرض البيضاء... فذكر مثله سواء ".
قلت: وفي تقوية الحافظ أحد المرسلين بالآخر، نظر بين عندي. لأن
من شروط التقوية في مثل هذا أن يكون شيوخ كل من المرسلين غير شيوخ
الآخر، كما في " المصطلح " عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وإنما اشترطوا
ذلك لضمان أن لا يعود إسنادهما إلى شيخ واحد، وإلا كان من قبيل تقوية
الشاهد بنفسه! وهذا الضمان مما لم يتحقق هنا، بل ثبت أنه من القبيل
المذكور! وإليك البيان:
فقد عرفت أن ابن أبي شيبة أخرجه عن يحيى بن سعيد مرسلا، وقد
أخرجه الطحاوي (2 / 261) من طريق حماد بن سلمة أن يحيى بن سعيد
الأنصاري أخبرهم عن إسماعيل بن أبي حيكم عن عمر بن عبد العزيز. ومن
303

هذا الوجه هو عند البيهقي (6 / 135)، لكن سقط من سنده " يحيى بن سعيد
الأنصاري "، وصار هكذا: حماد بن سلمة عن إسماعيل بن أبي حماد عن عمر
ابن عبد العزيز، فلا أدري هذا السقط من الناسخ، أو الراوي؟ وإن كان
يغلب على الظن الأول، فإنهم لم يذكروا لحماد بن سلمة رواية عن إسماعيل
هذا.
ومن ذلك يتبين أن مدار الحديث عندهم جميعا على يحيى بن سعيد، ولكن
هذا، كان تارة يعضله، فلا يذكر إسناده، وتارة يذكره، ويسنده إلى عمر بن
عبد العزيز، وهو لم يدرك عمر بن الخطاب، فكان الحديث منقطعا، لا شاهد
له. فهو ضعيف والله أعلم.
1482 - (قول رافع: " أما بالذهب والفضة فلا بأس " ولمسلم
" أو بشيء معلوم مضمون فلا بأس "). ص 410
صحيح. واللفظان لمسلم، خلافا لما يشعر به صنيع المؤلف، وإنما قال
البخاري في اللفظ الأول:
" فأما الذهب والورق، فلم يكن يومئذ ".
" وقد سبق تخريج ذلك كله في الحديث (1479) والذي قبله.
1483 - (حديث ابن عباس موقوفا: " إن أمثل ما أنم صانعون أن
تستأجروا الأرض البيضاء من السنة إلى السنة " رواه البخاري تعليقا) ص 410
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 73) معلقا مجزوما به، وقد وصله
البيهقي في سننه (6 / 133) من طريق عبد الله بن الوليد (وهو العدني) ثنا سفيان
أخبرني عبد الكريم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فذكره دون قوله
" من السنة إلى السنة " وذكر مكانه:
" ليس فيها شجر ".
قلت: وإسناده جيد.
وقال الحافظ في " الفتح " (5 / 19):
304

" وصله الثوري في " جامعه " قال: أخبرني عبد الكريم - هو الجزري -
عن سعيد بن جبير عنه، ولفظه،... وإسناده صحيح ".
قلت: ولفظه مثل لفظ الكتاب تماما.
1484 - (حديث رافع: " لا يكريها بطعام مسمى " رواه أبو
داود). ص 416
صحيح. وقد أخرجه مسلم أيضا، وقد ذكرت لفظه بتمامه، ومن
خرجه تحت الحديث (1478).
1485 - (قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " نقركم على ذلك ما شئنا " رواه مسلم).
ص 411
صحيح. أخرجه مسلم (5 / 26 - 27) وكذا أبو داود (3008)
والبيهقي (6 / 114) من طريق أسامة بن زيد الليثي عن نافع عن عبد الله بن
عمر قال:
" لما افتتحت خيبر، سألت يهود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقرهم على أن يعملوا
على النصف مما خرج منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقركم فيها على ذلك ما شئنا،
فكانوا على ذلك، وكان التمر يقسم على السهمان من نصف خيبر، ويأخذ
رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أطعم كل امرأة من أزواجه من
الخمس مائة وسق تمرا، وعشرين وسقا شعيرا، فلما أراد عمر إخراج اليهود،
أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لهن: من أحب منكن أن أقسم لها نخلا
بخرصها مائة وسق، فيكون لها أصلها وأرضها وماؤها، ومن الزرع مزرعة
خرص عشرين وسقا فعلنا، و من أحب أن تعزل الذي لها في الخمس كما هو
فعلنا ".
والسياق لأبي داود، فإن مسلم لم يسق لفظه بتمامه.
وعزو المصنف إياه لمسلم وحده قصور، فقد أخرجه البخاري أيضا
305

(2 / 72 و 290) وكذا مسلم والبيهقي وأحمد (2 / 149) من طريق موسى بن
عقبة عن نافع عن ابن عمر.
" أن عمر بن الخطاب، أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز،
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما ظهر على خيبر، أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض
حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين، فأراد إخراج اليهود منها، فسألت
اليهود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقرهم بها (على) أن يكلفوا عملها، ولهم نصف الثمر،
وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نقركم بها على ذلك ما شئنا، فقروا بها حتى أجلاهم
عمر إلى تيماء وأريحاء ".
1486 - (حديث: " المؤمنون على شروطهم "). ص 411
صحيح. وقد مضى (1303) بلفظ:
" المسلمون... ".
وراجع الحديث (1419).
1487 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دفع خيبر إلى يهود على أن
يعملوها من أموالهم "). ص 412
صحيح. وقد مضى برقم (1485).
306

باب الإجارة
1488 - (حديث " أن موسى - عليه السلام - آجر نفسه ثماني
حجج أو عشرا على عفة فرجه وطعام بطنه " رواه ابن ماجة) ص 413
ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجة (2444) وكذا الدينوري في
" المجالسة " (7 / 155 - 156) وابن عساكر في " تاريخ دمشق "
(17 / 158 / 2) من طرق عن بقية بن الوليد عن مسلمة بن علي عن سعيد بن
أبي أيوب عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال: سمعت عتبة بن الندر
يقول:
" كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقرأ: (طسم)، حتى إذا بلغ قصة موسى
قال... " فذكره بلفظ " سنين " بدل " حجج ".
قلت: وهذا سند ضعيف جدا، بقية مدلس، وقد عنعنة، وشيخه
مسلمة بن علي، وهو الخشني متروك. وقال البوصيري في " الزوائد "
(ق 122 / 1):
" وإسناده ضعيف لتدليس بقية. رواه الإمام أحمد في " مسنده " من
حديث عتبة بن الندر، وكذلك أخرجه ابن الجوزي في كتاب (جامع
المسانيد) ".
قلت: وذهل عن العلة الأخرى، وهي الخشني!
ثم إنني لم أجده في " المسند "، وقد عزاه إليه السيوطي أيضا في " الجامع
الصغير "، وبيض له المناوي!
1489 - (حديث وفي الصحيح: " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استأجر رجلا من
بني الديل هاديا خريتا "). ص 413
307

صحيح. أخرجه البخاري (2 / 49، 3 / 36 - 41) وكذا البيهقي
(6 / 118) من حديث عائشة رضي الله عنها:
" واستأجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبو بكر رجلا من بني الديل، ثم من بني
عبد بن عدي هاديا خريتا - والخريت الماهر بالهداية - قد غمس يمين حلف في آل
العاص أبي وائل، وهو على دين كفار قريش، فأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما،
وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث
فارتحلا، وانطلق معهما عامر بن فهيرة، والدليل الديلي، فأخذ بهم طريق
الساحل ".
1489 / 1 - (وفيه " يعني الصحيح ": " ثلاثة أنا خصمهم يوم
القيامة: رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل
استأجر أجيرا، فاستوفي منه، ولم يؤته أجرته "). ص 413
حسن أو قريب منه. أخرجه البخاري في " صحيحه " (2 / 41 و 50 -
51) وكذا ابن ماجة (2442) والطحاوي في " مشكل الآثار " (4 / 124)
وابن الجارود (579) والبيهقي (6 / 121) وأحمد (2 / 358) وأبو يعلى في
" مسنده " أيضا (ق 306 / 2) كلهم من طرق عن يحيى بن سليم عن إسماعيل
ابن أمية عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:.
" قال الله تعالى: ثلاثة... " الحديث. والباقي مثله سواء غير أنه قال:
" ولم يعطه أجره ".
هذا لفظ البخاري، ولفظ ابن ماجة وابن الجارود وأحمد:
" ولم يوفه أجره ".
قلت: وهذا الحديث مع إخراج البخاري إياه في " صحيحه " فالقلب لم
يطمئن لصحته، ذلك لأن مدار إسناده على يحيى بن سليم، وهو الطائفي، وقد
اختلقت أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه، فوثقه ابن معين وابن سعد والعجلي،
وقال النسائي: " ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر ".
308

وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: " يخطئ ". وقال أبو حاتم: " شيخ
صالح محله الصدق، ولم يكن بالحافظ، يكتب حديثه، ولا يحتج به ". وقال
يعقوب بن سفيان: " سني، رجل صالح، وكتابه لا بأس به، فإذا حدث من
كتابه فحديثه حسن، وإذا حدث حفظا فيعرف وينكر ". وأورده النسائي في
" الضعفاء والمتروكين " وقال (ص 31 طبع الهند):
" ليس بالقوي ".
وقال أحمد: " كتبت عنه شيئا، فرأيته يخلط في الأحاديث فتركته، وفيه شيء ".
وقال الساجي: " صدوق يهم في الحديث " وأخطأ في أحاديث رواها عبيد الله
ابن عمر، لم يحمده أحمد ". وقال أبو أحمد الحاكم: " ليس بالحافظ
عندهم ". وقال الدارقطني: " سئ الحفظ ". وقال البخاري: " ما حدث
الحميدي عن يحيى بن سليم فهو صحيح ".
قلت: ومن هذه النقول يتلخص أن الرجل ثقة في نفسه، ولكنه ضعيف
في حفظه، وخصوصا في روايته عن عبيد الله بن عمر، يستثنى من ذلك ما روى
الحميدي عنه، فإنه صحيح. وهذا الحديث ليس من روايته عنه لا عند
البخاري، ولا عند غيره ممن ذكرنا من مخرجيه، فلا أدري وجه إخراج البخاري
له، فإن مفهوم قول البخاري المذكور أنه ما حدث غير الحميدي عنه فهو غير
صحيح. ولا يصلح جوا با عن هذا قول الحافظ ابن حجر عند شرحه للحديث:
" يحيى بن سليم - بالتصغير - هو الطائفي، نزيل مكة، مختلف في
توثيقه، وليس له في البخاري موصولا سوى هذا الحديث، والتحقيق أن الكلام فيه إنما وقع في روايته عن عبيد الله بن عمر خاصة، وهذا الحديث من غير
روايته ".
أقول: لا يصلح هذا الجواب لأمرين:
الأول: أن التحقيق الذي حكاه إنما هو بالنسبة لرأي بعض الأئمة ممن
حكينا كلامهم فيه، وهو الساجي، وأما الآخرون من المضعفين، فقد أطلقوا
التضعيف فيه، ولم يقيدوه كما فعل الساجي، وهذا هو الذي ينبغي الاعتماد
309

عليه، لأن تضعيفه مفسر بسوء الحفظ، عند جماعة منهم الدارقطني، فهو جرح
مفسر، يجب تقديمه على التوثيق باتفاق علماء الحديث، كما هو مشروح في " علم
المصطلح "
ثم هو مطلق يشمل روايته عن عبيد الله وغيره، وهو ظاهر كلام
البخاري، هذا هو التحقيق الذي ينتهي إليه الباحث في أقوال العلماء في
الرجل، وقد لخص ذلك الحافظ ابن حجر نفسه أحسن تلخيص كما هي عادته في
" التقريب "، فقال:
" صدوق سيىء الحفظ ".
فأطلق تجريحه كما فعل الجماعة، ولم يقيد كما فعل الساجي.
وهذا هو الحق الذي لا يمكن للعالم المنصف المتجرد أن يلخص سواه من
أقوال الأئمة السابقة، ولو كان المتكلم فيه من رجال البخاري، أو ممن وثقه،
فكيف وهو قد ضعفه كما تقدم.
وأما القول بأن من روى له البخاري فقد جاوز القنطرة، فهو مما لا يلتفت
إليه أهل التحقيق كأمثال الحافظ العسقلاني، ومن له اطلاع لا بأس به على كتابه
" التقريب " يعلم صدق ما نقول.
والثاني: هب أن التحقيق ا لمذكور سالم من النقد، فالإشكال لا يزال
واردا بالنسبة للبخاري، إلا أن يقال: إن قوله: " ما حدث الحميدي عن يحيى
ابن سليم، فهو صحيح " مما لا مفهوم له. وهذا بعيد كما ترى. والله أعلم.
وخلاصة القول: أن هذا الإسناد ضعيف، وأحسن أحواله أن يحتمل
التحسين، وأما التصحيح، فهيهات.
(تنبيه) *: وقع للحافظ في هذا الحديث وهمان:
الأول: قوله في " بلوغ المرام ":
" رواه مسلم ". ولم يخرجه إطلاقا، والظاهر أنه سبق قلم منه رحمه
الله.
310

والآخر: قوله في " مقدمة فتح الباري " (172 - منيرية) في ترجمة يحيى
هذا بعد أن ذكر أنه ليس له في البخاري سوى هذا الحديث:
" وله أصل عنده من غير هذا الوجه "!
كذا قال، ولا أصل له من الوجه الذي أشار إليه عند البخاري، ولا عند
غيره، فيما علمنا. والله أعلم.
1490 - (حديث أبي سعيد مرفوعا: " نهى عن استئجار الأجير
حتى يبين له أجره " رواه أحمد) ص 414
ضعيف. أخرجه أحمد (3 / 59، 68، 71) وكذا البيهقي
(6 / 120) من طريق حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن أبي سعيد الخدري
به. وقال البيهقي:
" وهو مرسل بين إبراهيم وأبي سعيد ".
وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 97):
" إبراهيم النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما أحسب ".
قلت: وذكر ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 376 / 1118):
" وقال أبو زرعة: الصحيح موقوف على أبي سعيد ".
وقد وصله أبو حنيفة رحمه الله عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن أبي
هريرة مرفوعا بلفظ:
"... ومن استأجر أجيرا فليعلمه أجره ".
أخرجه البيهقي وضعفه بقوله:
" كذا رواه أبو حنيفة، وكذا في كتابي: " عن أبي هريرة "، وقيل من
وجه آخر: ضعيف عن ابن مسعود ".
311

والموقوف الذي أشار إليه أبو زرعة، أخرجه النسائي (2 / 147) من
طريق جرير بن حازم عن حماد بن أبي سليمان:
" أنه سئل عن رجل استأجر أجيرا على طعامه؟ قال: لا، حتى تعلمه "
312

فصل
1491 - (حديث علي " أنه آجر نفسه من يهودي، يستقي له كل
دلو بتمرة، وجاء به إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأكل منه ". رواه أحمد وابن
ماجة بمعناه). ص 416
ضعيف بهذا اللفظ. أخرجه أحمد (1 / 90) من طريق شريك عن
موسى الصغير الطحان عن مجاهد قال: قال علي:
" خرجت، فأتيت حائطا، قال: فقال: دلو وتمر، قال: فدليت حتى
ملأت كفي، ثم أتيت الماء فاستعذبت، يعني شربت، ثم أتيت النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم)، فأطعمته بعضه، وأكلت أنا بعضه ".
قلت: ورجال إسناده ثقات، غير أن شريكا، وهو ابن عبد الله القاضي
سئ الحفظ، لكنه لم يتفرد به، فقد رواه حماد بن زيد عن أيوب عن مجاهد
قال:
" خرج علينا علي معتجرا ببرد، مشتملا في خميصة، فقال: لما نزلت
(فتول عنهم فما أنت بملوم)، لم يبق أحد منا إلا أيقن بالهلكة إذ أمر النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتولى عنا حين نزلت. وذكر علي رضي الله عنه أنه مر بامرأة من
الأنصار، وبين يدي بابها طين قلت: تريدين أن تبلي هذا الطين؟ قالت:
نعم، فشارطتها على كل ذنوب بتمرة، فبللته لها، و أعطتني سيت عشرة تمرة،
فجئت بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
أخرجه البيهقي (6 / 119 - 120) وقال:
" وروي عن فاطمة رضي الله عنها في نزع علي رضي الله عنه ليهودي كل
313

دلو بتمرة، وروي عن أبي هريرة في استقاء رجل غير مسمى ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو مخالف لحديث شريك في المعنى، فإنه
ليس فيه ذكر اليهودي والاستقاء له. لكن له شاهد من طريق أخرى، يرويه
يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي: سمعت من سمع علي بن أبي طالب
يقول:
" خرجت في يوم شات، من بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد أخذت إهابا
معطوبا، فحولت وسطه، فأدخلته عنقي، وشددت وسطي، فحزمته بخوص
النخل، وإني لشديد الجوع، ولو كان في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طعام لطعمت
منه، فخرجت ألتمس شيئا، فمررت بيهودي في مال له، وهو يسقي ببكرة له
فاطلعت عليه من ثلمة في الحائط، فقال: ما لك يا أعرابي! هل لك في كل دلو
بتمرة؟ فقلت: نعم، فافتح الباب حتى أدخل، ففتح، فدخلت فأعطاني
دلوه، فكلما نزعت دلوا أعطاني تمرة، حتى إذا امتلأت كفي أرسلت دلوه،
وقلت: حسبي، فأكلتها، ثم جرعت من الماء فشربت، ثم جئت المسجد،
فوجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه ".
أخرجه الترمذي (2 / 77) وقال:
" هذا حديث حسن غريب ".
قلت: كذا قال: " حسن "، ولعله يعني: حسن لغيره، وإلا فإن
تابعيه لم يسم. وبقية رجاله ثقات. ومن هذا الوجه أخرجه أبو يعلى في
" مسنده " (ق 35 / 2) لكن وقع في سنده تحريف.
وقد رواه أبو إسحاق عن أبي حية عن علي مختصرا بلفظ:
" كنت أدلو الدلو بتمرة، وأشترط أنها جلدة ".
أخرجه ابن ماجة (2447).
ورجاله ثقات، لكن أبا إسحاق وهو السبيعي مدلس، وقد عنعنة.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عباس. يرويه حنش عن عكرمة عنه
قال:
314

" أصاب نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خصاصة، فبلغ ذلك عليا، فخرج يلتمس
عملا يصيب فيه شيئا، ليقيت به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأتى بستانا لرجل من
اليهود، فاستقى له سبعة عشر دلوا، كل دلوا بتمرة، فخيره اليهودي من تمره
سبع عشرة عجوة، فجاء بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
أخرجه ابن ماجة (2446) والبيهقي (6 / 119).
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، حنش هذا اسمه الحسين بن قيس، وهو
متروك كما في " التقريب ".
وحديث أبي هريرة الذي سبق أن أشار إليه البيهقي، يرويه عبد الله بن
سعيد عن جده عن أبي هريرة نحو حديث ابن عباس، وفيه أن الرجل الذي
استقى لليهودي أنصاري!
أخرجه ابن ماجة (2448)
قلت: وإسناده ضعيف جدا من أجل عبد الله بن سعيد، وهو المقبري،
فإنه متهم.
وأما حديث فاطمة فلم أقف على إسناده الآن.
وجملة القول أن الحديث ضعيف، لشدة ضعف طرقه، وخيرها طريق
شريك، وهي منكرة لمخالفتها لرواية أيوب عن مجاهد عن علي. والله أعلم.
1492 - (حديث عثمان بن أبي العاص: " واتخذ مؤذنا لا يأخذ
على أذانه أجرا " رواه أبو داود والترمذي وحسنه). ص 417
صحيح. وله عن عثمان ثلاثة طرق:
الأولى: عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف ابن عبد الله عنه
قال:
" قلت: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم، واقتد
بأضعفهم، واتخذ مؤذنا... ". الحديث.
315

أخرجه أبو داود (531) وكذا النسائي (1 / 109) والطحاوي
(2 / 270) والحاكم (1 / 199، 201) وعنه البيهقي (1 / 429) وأحمد
(4 / 21، 217) وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا: وأحد طريقي أحمد على شرطهما.
الثانية: عن موسى بن طلحة عن عثمان بن أبي العاص به.
أخرجه أبو عوانة في " صحيحه " (2 / 86 - 87)
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم، وأصله في " صحيحه "
(2 / 42 - 43).
الثالثة: عن أشعث بن عبد الملك الحمراني عن الحسن عنه قال:
" إن من آخر ما عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن اتخذ مؤذنا، لا يأخذ على
أذانه أجرا ".
أخرجه الترمذي (1 / 44) وابن ماجة (714) عن ابن أبي شيبة،
وهذا في " المصنف " (1 / 88 / 1) وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
1493 - (حديث أبي بن كعب قال: " علمت رجلا القرآن،
فأهدى إلي قوسا، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن أخذتها أخذت قوسا
من نار، فرددتها ". رواه ابن ماجة). ص 417
صحيح. أخرجه ابن ماجة (2158) وكذا البيهقي (6 / 125 - 126)
من طريق ثور بن يزيد ثنا خالد بن معدان: وأسقط البيهقي منه خالد بن معدان:
ثني عبد الرحمن بن سلم عن عطية الكلاعي عن أبي ابن كعب قال: فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف فيه ثلاث علل:
316

الأولى: الانقطاع بين عطية، وهو ابن قيس الكلاعي وأبي. قال
العلائي في " المراسيل ": عطية بن قيس عن أبي بن كعب مرسل. ذكره
البوصيري في " الزوائد " (134 / 2).
الثانية، والثالثة: الجهالة والاضطراب. قال الذهبي في ترجمة عبد الرحمن
ابن سلم:
" إسناده مضطرب، وما روى عنه سوى ثور بن يزيد ".
وقال الحافظ في " التهذيب ":
" وعنه ثور بن يزيد "، وفي إسناد حديثه اختلاف كثير ".
وقال في ترجمة عبد الرحمن المذكور في " التقريب ":
" مجهول ".
(تنبيه) قول الذهبي ما روى عنه سوى ثور بن يزيد. ونحوه في
" التهذيب " إنما هو باعتبار رواية البيهقي، وأما بالنظر إلى رواية ابن ماجة فبين
ثور وعبد الرحمن، خالد بن معدان كما سبقت الإشارة إليه، وحينئذ، فعزوهما -
أعني الذهبي والعسقلاني - رواية ثور عن عبد الرحمن لابن ماجة، لا يخفى ما
فيه.
وجملة القول: أن الحديث بهذا الإسناد ضعيف، لكن له شاهدان من
حديث عبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، يرتقي الحديث بهما إلى درجة
الصحة، وقد كنت خرجتهما في " سلسلة الأحاديث الصحيحة "، فأغنى ذلك
عن الإعادة، فمن شاء الوقوف عليهما، وعلى سواهما مما ورد في النهي عن
التأكل بالقرآن، فليراجع المصدر المذكور، رقم (256 - 260).
1494 - (حديث " أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله "
رواه البخاري).
أخرجه البخاري (4 / 61) وكذا الدارقطني (316) وصححه، وكذا ابن
حبان (1131) والبيهقي (6 / 124) عن عبيد الله بن الأخنس أبي مالك عن ابن
317

أبي مليكة عن ابن عباس:
" أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم مروا بماء فيه لديغ، أو سليم، فعرض
لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق، إن في الماء رجلا لديغا،
أو سليما، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب، على شاء، فبرأ، فجاء
بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا؟!
حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
" إن أحق... ".
وخالفه ثابت الحفار، فقال: عن ابن أبي مليكة عن عائشة:
" سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كسب المعلمين؟ فقال... " فذكره.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 276 / 2) من طريق عمرو بن
المحرم ثنا ثابت الحفار به.
أورده في ترجمة عمرو هذا وقال فيه:
" روى عن ابن عيينة وغيره بالبواطيل ".
وقال عقب الحديث:
" وهذا وإن كان في إسناده ثابت الحفار، لا يعرف - فهو حديث منكر ".
ووافقه الذهبي في ترجمة " ثابت الحفار ".
والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق ابن عدي، ثم
السيوطي في " اللآلىء المصنوعة " (1 / 206)، ثم ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " (2 / 261) وذكروا أن ابن الجوزي تعقب بأنه إنما هو منكر من هذا
الطريق لهذه القصة، وإلا فهو في " صحيح البخاري "... ".
وللحديث شاهد من رواية أبي سعيد الخدري بنحوه دون قوله " إن
أحق... ". وسيأتي تخريجه برقم (1556).
318

فصل
1495 - (روى أحمد في " المسند " عن علي رضي الله عنه: " أنه
كان يضمن الأجراء، ويقول: لا يصلح الناس إلا هذا "). ص 422
لم أجده في " المسند ". وما أظنه فيه، فقد راجعت منه " مسند علي " دون
فائدة، ولا أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد ".
وقد أخرجه الشافعي والبيهقي عن علي نحوه، وسنده ضعيف، وهو
الآتي بعدي.
1496 - (روى جعفر بن محمد عن أبيه علي: " أنه كان يضمن
الصباغ والصواغ، وقال: لا يصلح الناس إلا هذا "). ص 422
ضعيف. أخرجه البيهقي (6 / 122) من طريق سليمان بن بلال عن
جعفر بن محمد به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، لكنه منقطع بين علي ومحمد
والد جعفر، وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. قال البيهقي
عقبه:
" حديث جعفر عن أبيه عن علي مرسل ".
ثم روى بإسناد آخر صحيح عن خلاس:
" أن عليا كان يضمن الأجير ". وقال:
" وأهل العلم بالحديث يضعون أحاديث خلاس عن علي ".
قلت: هو في نفسه ثقة، وإنما ضعفوه في علي، لأنه لم يسمع منه، وإنما
هو كتاب، وكانوا يخشون أن يكون حدث عن صحيفة الحارث الأعور، وهو
ضعيف متروك.
319

وقد أخرجه البيهقي من طريق الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى
عن جعفر بن محمد به. وقال الشافعي:
" لا يثبت أهل الحديث مثله. ويروى عن عمر تضمين بعض الصناع من
وجه أضعف من هذا، ولم نعلم واحدا منهما يثبت. وقد روي عن علي من وجه
آخر أنه كان لا يضمن أحدا من الأجراء من وجه لا يثبت مثله، وثابت عن عطاء
ابن أبي رباح أنه قال: لا ضمان على صانع، ولا على أجير ".
1497 - (روي أن عمر: " قضي في طفلة ماتت من الختان بديتها
على عاقلة خاتنتها "). ص 422
1498 - (قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه "
رواه ابن ماجة). ص 423
صحيح. وقد ورد عن عبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وجابر بن
عبد الله.
1 - أما حديث ابن عمر، فيرويه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه
عنه به.
أخرجه ابن ماجة (2443) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 63 / 2)
من طريقين عن عبد الرحمن بن زيد به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا من أجل عبد الرحمن هذا، وقد تقدم ذكر
حاله أكثر من مرة، وقد خالفه، من هو خير منه عثمان بن عثمان القطفاني
فقال: عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرفوعا به مرسلا.
أخرجه ابن زنجويه في " كتاب الأموال " له (ج 13 / 21 / 1).
أخرجه ابن زنجويه في " كتاب الأموال " له (ج 13 / 21 / 1).
وإسناده مرسل حسن، رجاله لهم ثقات، وفي عثمان هذا ضعف يسير
من قبل حفظه، وقد روى له مسلم متابعة.
وخالف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يونس بن نافع فقال: عن زيد بن
320

أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب مرفوعا به.
أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (1 / 38) من طريق
حامد بن آدم ثنا أبو غانم يونس بن نافع به.
قلت: ويونس هذا أحسن حالا من عبد الرحمن بكثير، فإنه صدوق
يخطئ، لكن الطريق إليه ضعيف بمرة، فإن حامد بن آدم، كذاب كما قال ابن
معين وغيره، وعده أحمد بن علي السليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث، وقال
الحافظ في " اللسان ":
" ولقد شان ابن حبان " الثقات " بإدخاله هذا فيهم، وكذلك أخطأ
الحاكم بتخريجه حديثه في مستدركه ".
قلت: ولا غرابة من الحاكم في ذلك، وإنما العجب من الضياء، كيف
شان كتابه بإيراد حديثه فيه، وهو خير بكثير من " المستدرك "، ولكن الواقع
يشهد، أنه متساهل أيضا فيه، فإنه يخرج لكثير من الضعفاء والمجهولين، إن
سلم من التخريج لبعض الكذابين كابن آدم هذا!
ذلك، وقد قال البوصيري في " الزوائد " (151 / 2):
" هذا إسناد ضعيف، وهب بن سعيد، وعبد الرحمن بن زيد، ضعيفان،
لكن نقل عبد العظيم المنذري الحافظ في كتاب " الترغيب " له: " عبد الرحمن بن
زيد وثق، وقال ابن عدي: أحاديثه حسان، وهو ممن احتمله الناس، وصدقه
بعضهم، وهو ممن يكتب حديثه، ووهب بن سعيد وثقه ابن حبان وغيره "
انتهى. فعلى هذا يكون الإسناد حسنا. والله أعلم، وأصله في " صحيح
البخاري " وغيره من حديث أبي هريرة ".
قلت: فيه أمور.
أولا: وهب بن سعيد لم يتفرد له كما أشرت إليه في مطلع التخريج،
وإن كان الذي تابعه ممن لا يفرح بمتابعته، ألا وهو عبد الله بن إبراهيم الغفاري
عند القضاعي، فإنه متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع.
321

ثانيا: عبد الرحمن بن زيد، لا يمكن أن يكون إسناده حسنا، لأن التوثيق
الذي حكاه المنذري، غير موثوق به، لأنه شديد الضعف عند ابن المديني
والطحاوي وغيرهما، وغمزه مالك، فقال الشافعي: ذكر رجل لمالك حديثا
منقطعا فقال: إذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه عن نوح! وقال
الشافعي: قيل لعبد الرحمن بن زيد: حدثك أبوك عن جدك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال: إن سفينة نوح طافت بالبيت، وصلت خلف المقام ركعتين؟ قال: نعم.
بل قال أبو نعيم والحاكم: روى عن أبيه أحاديث موضوعة.
ثالثا: قوله: " وأصله في صحيح البخاري ". يعني به الحديث المتقدم
عن أبي هريرة برقم 1489 / 1، وقد تكلمنا عليه هناك بما فيه كفاية. ولو
استشهد له بحديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه في صدر هذا التخريج لكان
أصاب، لأنه أصح منه إسنادا، وموافق للمشهود له في اللفظ، وهو:
2 - وأما حديث أبي هريرة، فله طريقان:
الأولى: عن محمد بن عمار المؤذن عن المغيري عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: فذكره.
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " (4 / 124) وابن عدي في
" الكامل " (ق 306 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 221) والبيهقي
(6 / 121) من طرق عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، فإن محمد بن عمار المؤذن
قال ابن المديني: ثقة، وقال أحمد: " ما أرى به بأسا ". وقال ابن معين و أبو
حاتم: لم يكن به بأس. وذكره ابن حبان في " الثقات ". ولم يضعفه أحد،
فلا أدري بعد هذا ما وجه قول ابن طاهر الذي نقله الزيلعي (4 / 130) وتبعه
العسقلاني (305):
" والحديث يعرف بابن عمار هذا، وليس بالمحفوظ ".
فإن مثل هذا القول " ليس بالمحفوظ "، إنما يقال في حديث تفرد به
322

ضعيف، أو ثقة خالف فيه الثقات، وليس في هذا الحديث شيء من ذلك. والله
أعلم.
الثانية: عن عبد الله بن جعفر أخبرني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة به.
أخرجه تمام في " الفوائد " (1 / 44) وعنه ابن عساكر (14 / 338 / 1)
وابن عدي (ق 215 / 2) والبيهقي من طرق عن عبد الله بن جعفر به. وقال
ابن عساكر:
" حديث غريب ".
قلت: يعني ضعيف من أجله عبد الله هذا، وهو والد يحيى بن المديني،
وهو ضعيف كما في " التقريب " لابن حجر، ضعفه النسائي وابن معين
وغيرهما، وقال ابن عدي:
" عامة ما يرويه لا يتابع عليه، ومع ضعفه يكتب حديثه ".
قلت: وقد تابعه عبد العزيز بن أبان عن سفيان عن سهيل به.
أخرجه تمام (23 / 217 / 1)، وعنه ابن عساكر (2 / 14 / 2) وأبو
نعيم في " الحلية " (7 / 142) وقال:
" غريب من حديث الثوري وسهيل، لم نكتبه إلا من هذا الوجه ".
قلت: وهو واه جدا، فإن ابن أبان هذا متروك، وكذبه ابن معين
وغيره، فلا يفرح بمتابعته، والطريق الأولى تغني عنه.
والحديث رواه أبو يعلى أيضا في مسنده من هذه الطريق من الوجه الأول
كما في " المجمع " (4 / 97 - 98) وقال:
" وفيه عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني، وهو ضعيف ".
وسكت عنه الحافظ في " التلخيص " (3 / 59).
3 - وأما حديث جابر، فيرويه محمد بن زياد بن زبار الكلبي ثنا شرفي بن
323

القطامي عن أبي الزبير عنه.
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 9) وفي " الأوسط " أيضا
(1 / 149 / 1) وعنه الخطيب في " التاريخ " (5 / 33) وقال الطبراني:
" تفرد به محمد بن زياد ".
قلت: وهو ضعيف وكذا شيخه ابن القطامي كما في " التلخيص " وأبو
الزبير مدلس، وقد عنعنة.
وجملة القول أن الحديث صحيح الإسناد عندي من الطريق الأولى عن
أبي هريرة، فإذا انضم إليه مرسل عطاء بن يسار الحسن وبعض الطرق الأخرى
الموصولة التي لم يشتد ضعفها، فلا يبقى عند الباحثين العارفين بهذا العلم أي
شك في ثبوت الحديد، وهو ما أفصح عنه المنذري في " الترغيب " (3 / 58) بقوله:
" وبالجملة فهذا المتن مع غرابته يكتسب بكثرة طرقه قوة. والله
أعلم ".
وذكر نحوه المناوي في " فيض القدير ".
1499 - (روى الأثرم عن ابن عمر قال: " لا يصلح الكري
بالضمان "). ص 424
لم أقف على سنده. ولا علمت أحدا أخرجه سواه.
324

باب المسابقة
1500 - (روى مسلم مرفوعا: " ألا إن القوة الرمي "). ص 425
صحيح. أخرجه مسلم (6 / 52) وكذا أبو داود (2514) وابن ماجة
(2813) والبيهقي (10 / 13) وأحمد (4 / 157) كلهم من طريق ابن وهب
أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي علي ثمامة بن شفي أنه سمع عقبة بن عامر
يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على المنبر يقول:
(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ألا أن القوة الرمي، ألا أن القوة
الرمي، ألا إن القوة الرمي ".
وله طريق أخرى، فقال الدارمي في " سننه " (2 / 204): أخبرنا
عبد الله بن يزيد المقري، ثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني يزيد بن أبي حبيب
عن أبي الخير مرتد بن عبد الله عن عقبة به، إلا أنه لم يذكر المنبر، ولا ثلث
الجملة.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقد تابعه أسامة بن زيد عن يزيد بن أبي حبيب عمن سمع عقبة به. إلا
أنه كرر الجملة مرتين.
أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1010): حدثنا عبد الله بن المبارك عن
أسامة به.
وخالفه وكيع فقال: عن أسامة بن زيد عن صالح بن كيسان عن رجل لم
يسمه عن عقبة به مثل رواية ثمامة.
أخرجه الترمذي (2 / 182).
325

قلت: ولعل هذا الاختلاف من أسامة وهو الليثي، فقد كان فيه بعض
الضعف، والأرجح رواية عبد الله ابن المبارك عنه لموافقتها لسياق سعيد بن أبي
أيوب، وهو أصح، لأن سعيدا ثقة ثبت كما في " التقريب ". لا سيما وقد حفظ
ما لم يحفظ أسامة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، لا سيما وهو أحفظ من
أسامة بكثير.
1501 - (حديث ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سابق بين الخيل المضمرة
من الحفيا إلى ثنية الوداع وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد
بني زريق " متفق عليه). ص 425
صحيح. أخرجه البخاري (1 / 116 و 2 / 216 - 217) ومسلم
(6 / 30 - 31) وكذا مالك (2 / 467 / 45) وأبو داود (2575) والنسائي
(2 / 121) والترمذي (1 / 317) والدارمي (2 / 212) وابن ماجة (2877)
والبيهقي (10 / 19) وأحمد (2 / 5 و 11 و 55 - 56) من طرق عن نافع عنه.
وزاد الشيخان وغيرهما في رواية:
" وكان ابن عمر فيمن سابق بها ".
وفي رواية أخرى لمسلم:
" قال عبد الله: فجئت سابقا، فطفف بي الفرس المسجد ".
وفي رواية للبيهقي عن موسى بن عقبة قال:
" بين الحفياء والثنية ستة أميال أو سبعة، وبين الثنية والمسجد ميل أو
نحوه ".
وذكره البخاري في رواية من قول سفيان بن عيينة، وأدرجه الترمذي من
طريق الثوري في الحديث، وقال:
" حديث صحيح حسن غريب من حديث الثوري ".
قلت: وفي حديثه:
326

" وكنت فيمن أجرى، فوثب بي فرسي جدارا ".
وإسناده صحيح.
ومن هذا الوجه أخرجه الدارقطني (551)، ولكنه جعل الزيادة المدرجة
من قول سفيان.
وفي رواية له من طريق أيوب عن نافع عنه.
" فطفقت بي الفرس حائط المسجد، وكان قصيرا ".
وفي أخرى عند أحمد (2 / 91) من طريق عبد الله بن عمر عن نافع به
مختصرا وزاد:
" وأعطى السابق ". وعبد الله بن عمر هو العمري المكبر ضعيف.
1502 - (حديث " سابق النبي صلى الله عليه وآله وسلم عائشة على قدميه " رواه
أحمد وأبو داود). ص 425
صحيح. وهو من حديث عائشة رضي الله عنها، وله عنها طرق:
الأولى: عن هشام بن عروة عن أبيه عنها قالت:
" سابقني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسبقته، فلبثنا، حتى إذا رهقني اللحم سابقني،
فسبقني فقال: هذه بتلك ".
أخرجه أبو داود (2578) وأحمد (6 / 39 و 364) والسياق له،
والنسائي أيضا في " الكبرى " (74 / 2) وابن ماجة (1979) والحميدي في
" مسند " (ق 42 / 2) من طرق عن هشام به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
الثانية: عن أبي إسحاق الفزاري عن هشام بن عروة عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن قال: حدثتني عائشة:
" أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، وهي جارية، فقال لأصحابه:
327

تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، فسابقته، فسبقته على رجلي، فلما كان
بعد، خرجت معه في سفر، فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي
أسابقك، ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم، فقلت: كيف أسابقك يا
رسول الله، وأنا على هذه الحال؟ فقال: لتفعلن فسابقته فسبقني، فقال:
هذه بتلك السبقة ".
أخرجه أبو داود مقرونا بالطريق الأولى، والنسائي، والسياق له،
والبيهقي (10 / 17 - 18) وأحمد (6 / 39) وأبو نعيم في " رياضة الأبدان "
(39 / 2).
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وأبو
إسحاق الفزاري، اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث، وهو ثقة حافظ.
وقد تابعه حماد بن سلمة عن هشام بن عروة به مختصرا.
أخرجه أحمد (6 / 261).
وهذا على شرط مسلم.
وخالفهما أبو أسامة فقال: عن هشام عن رجل عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن به. فأدخل بين هشام وأبي سلمة رجلا.
أخرجه النسائي.
والصواب الأول، ويحتمل أن هشا ما سمعه أولا من الرجل عن أبي
سلمة، ثم لقي أبا سلمة، فسمعه منه، والله أعلم.
وتابعه علي بن زيد - وهو ابن جدعان - عن أبي سلمة به مختصرا.
أخرجه أحمد (6 / 129 و 280).
وعلي بن زيد فيه ضعف، ولا بأس به في المتابعات.
الثالثة: عن علي بن زيد أيضا عن القاسم بن محمد عنها مختصرا.
أخرجه أحمد (6 / 182).
328

1503 - (حديث " صارع ركانة فصرعه " رواه أبو داود).
ص 425
حسن. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (1 / 1 / 82 / 221)
وأبو داود (4078) وكذا الترمذي (1 / 329 - 330) والحاكم (3 / 452) من
طريق أبي الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن ركانة عن
أبيه:
" أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس " (1).
وضعفه الترمذي بقوله:
" حديث غريب، وإسناده ليس بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن
العسقلاني ولا ابن ركانة ".
وقال ابن حبان:
" في إسناده نظر ".
ذكره الحافظ في ترجمة ركانة من " الإصابة ".
وللحديث شاهد مرسل صحيح أخرجه البيهقي (10 / 18) من طريق
موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير:
" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان بالبطحاء، فأتى عليه يزيد بن ركانة، أو ركانة
بن يزيد، ومعه أعنز له، فقال له: يا محمد هل لك أن تصارعني؟ فقال: ما
تسبقني؟ قال: شاة من غنمي، فصارعه، فصرعه، فأخذ شاة قال ركانة:
هل لك في العود؟ قال: ما تسبقني؟ قال: أخرى، ذكر ذلك مرارا، فقال:
يا محمد، والله ما وضع أحد جبني إلى الأرض، وما أنت الذي تصرعني،
فأسلم، ورد عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غنمه ".

(1) ذكره السيوطي بنحوه من رواية الباوردي عن ركانة، وزاد: " يعطى يوم القيامة بكل كورة بدورها
على رأسه نورا، ". وما أظنها إلا موضوعة.
329

وقال البيهقي:
" وهو مرسل جيد، وقد روي بإسناد آخر موصولا، إلا أنه ضعيف.
والله أعلم ".
يشير إلى الذي قبله.
وقد تعقبه ابن التركماني بقوله:
" وكيف يكون جيدا، وفي سنده حماد بن سلمة، قال فيه البيهقي في
" باب من مر بحائط إنسان ": ليس بالقوي، وفي " باب من صلى وفي ثوبه أو
نعله أذي ": مختلف في عدالته ".
قلت: وهذا من البيهقي تعنت ظاهر، لا أدري كيف صدر منه، ومن
الغريب أن ابن التركماني الذي ينكر على البيهقي قوله في هذا المرسل " جيد "
كان قد تعقبه في الموضع الثاني من الموضعين اللذين أشار إليهما، وأحسن الرد
عليه في تعنته فقال (2 / 402 - 403):
" أساء القول في حماد، فهو إمام جليل ثقة ثبت، وهذا أشهر من أن
يحتاج إلى الاستشهاد عليه، ومن نظر في كتب أهل هذا الشأن، عرف ذلك،
قال ابن المديني: من تكلم في حماد بن سلمة، فاتهموه في الدين... ".
وهذا حق، فهل نسي ابن التركماني ذلك في هذا الحديث، أم هو تعقب
البيهقي بكلامه ملزما إياه به، وإن كان التركماني لا يراه. أغلب الظن عندي
الثاني. والله أعلم.
ثم إن الحديث قد روي موصولا، فأخرجا الخطيب في " المؤتلف " من
طريق أحمد بن عتاب العسكري حدثنا حفص بن عمر حدثنا حماد بن سلمة عن
عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فذكره مثله، إلا أنه
جعل السبق مائة في المرات الثالث بدل الواحدة.
ذكره الحافظ في ترجمة " يزيد بن ركانة " من " الإصابة ".
وحفص بن عمر هو أبو عمر الضرير الأكبر البصري، وهو ثقة حافظ،
330

فزيادته على موسى بن إسماعيل - وهي الوصل - مقبولة، والراوي عنه أحمد بن
عتاب هو المروزي قال أحمد بن سعيد بن سعدان:
" شيخ صالح، روى الفضائل والمناكير ".
وتعقبه الذهبي بقوله:
" قلت: ما كل من روى المناكير بضعيف، وإنما أوردت هذا الرجل لأن
يوسف الشيرازي الحافظ، ذكره في الجزء الأول من " الضعفاء " من جمعه ".
قلت: ويعني أنه ليس بضعيف، وتابعه العسقلاني على ذلك.
فهذا الإسناد أقل أحواله عندي أنه حسن. والله أعلم.
ثم رأيت العلامة ابن القيم قد أورد الحديث في كتابه " الفروسية " من
طريق سعيد بن جبير المرسلة برواية البيهقي، ثم قال (ص 33):
" وقد روي بإسناد آخر موصولا، فقال أبو الشيخ في " كتاب السبق "
له: ثنا إبراهيم بن علي المقري عن حماد عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس. فذكره. هذا إسناد جيد متصل ".
قلت: فقد توبع عليه حفص بن عمر، وأحمد بن عتاب، فالحديث
صحيح، لكني لم أعرف إبراهيم بن علي المقري، ولا رأيته في " الطبقة العاشرة
والحادي عشرة " من كتاب " طبقات المحدثين بأصبهان " لأبي الشيخ، وهي
طبقة شيوخه، ولا أعتقد أن فيهم من أدرك حماد بن سلمة، وأرى أن في السند
سقطا وتحريفا. والله أعلم.
ثم رأيت الحديث في " التلخيص " (4 / 162) من طريق أبي الشيخ من
رواية عبد الله بن يزيد المدني عن حماد به. وإسناده ضعيف. انتهى.
فتبين أن السقط هو المدني هذا. والله أعلم.
1504 - (حديث " وسابق سلمة بن الأكوع رجلا من الأنصار بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " رواه مسلم). ص 425
331

حسن. أخرجه مسلم (5 / 189 - 195) وكذا البيهقي (10 / 17)
وأحمد (4 / 52 - 54) من طريق عكرمة بن عمار حدثني إياس بن سلمة،
حدثني أبي قال:
" غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، (قلت: فذكر الحديث بطوله، وفيه)
قال: فأردفني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وراءه على العضباء، فأقبلت إلى المدينة، فبينما
نحن نسوق، وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا، فجعل يقول: ألا من
مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجل يقول ذلك مرارا، فلما سمعت
كلامه قلت: أما تكرم كريما، ولا تهاب شريفا؟ قال: لا إلا أن يكون رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم، قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ائذن لي فلأسابق الرجل، قال: إن
شئت، (قلت: أذهب إليك فطفر عن راحلته، وثنيت رجلي) فطفرت (عن
الناقة) ثم عدوت شرفا أو شرفين، ثم إني ترفعت حتى لحقته، فأصطكه بين
كتفيه، فقلت: سبقتك والله، قال: (فضحك وقال): إن (وفي رواية:
أنا) أظهر، قال: فسبقته إلى المدينة ".
والسياق للبيهقي، والزيادات لأحمد، والرواية الأخرى لمسلم.
والسند حسن، لا يبلغ درجة الصحيح، لأن عكرمة مع احتجاج مسلم
به في حفظه كلام، وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يغلط ".
وأورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال:
" وثقه ابن معين، وضعفه أحمد ".
قلت: فمثله أحسن أحوال أن يكون حسن الحديث. والله أعلم.
1505 - (حديث: " ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بقوم يرفعون حجرا
ليعلموا الشديد منهم فلم ينكر عليهم). ص 425
لم أقف عليه مرفوعا، وإنما موقوفا على ابن عباس، يرويه محمد بن أبي
السري: نا عبد الرزاق قال: نا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال:
332

" مر ابن عباس - بعدما ذهب بصره - بقوم يجرون حجرا، فقال: ما
شأنهم؟ قال: يرفعون حجرا ينظرون أيهم أقوى، فقال ابن عباس: عمال الله
أقوى من هؤلاء ".
أخرجه أبو نعيم في " رياضة الأبدان " (ق 40 / 1).
قلت: وهذا سند ضعيف، من أجل محمد بن أبي السري، أورده
الذهبي في " الضعفاء " وقال:
" ثقة، له مناكير ".
وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق له أوهام كثيرة ".
1506 - (حديث أبي هريرة: " لا سبق إلا في نصل أو خف أو
حافر " رواه الخمسة ولم يذكر ابن ماجة: " نصل "). ص 425
صحيح. وله عنه طرق:
الأولى: عن ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عنه به.
أخرجه أبو داود (2574) والنسائي (2 / 122) وفي " الكبرى " أيضا
(22 / 2) والترمذي (1 / 317) وابن حبان (1638) والبيهقي (10 / 16) وأحمد
(2 / 474) ومعمر بن المثنى في " الخيل " (ق 6 / 1) والحربي في " غريب
الحديث " (5 / 149 / 2) والبغوي في " حديث علي الجعد " (12 / 127 / 2)
والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 11) وقال الترمذي:
" حديث حسن ".
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
الثانية: عن محمد بن عمرو عن أبي الحكم مولى بني ليث عن أبي هريرة
به دون ذكر " نصل ".
أخرجه ابن ماجة (2878) وكذا النسائي، و أحمد (2 / 256 و 425)
333

والحربي (5 / 194 / 2) والبيهقي وزاد:
" قال محمد بن عمرو: يقولون: أو نصل ".
قلت: وأبو الحكم هذا مجهول. وفي " التقريب:
" مقبول ".
يعني عند المتابعة. وهو قد توبع كما ترى.
الثالثة: عن سليمان بن يسار عن أبي عبد الله مولى الجندعيين عن أبي
هريرة به دون النصل.
أخرجه النسائي، وأحمد (2 / 358) إلا أنه قال: أبي صالح. بدل أبي
عبد الله. وفيه عنده ابن لهيعة.
وإسناد النسائي صحيح رجاله كلهم ثقات، غير أبي عبد الله هذا. وقد
وثقه العجلي وابن حبان ثم الحافظ! وقال الذهلي: هو نافع بن أبي نافع. يعني
الذي روى الطريق الأولى. فإن صح هذا، فهذه الطريق والأولى واحدة. والله
أعلم.
وله شاهد من حديث ابن عباس به، وذكر: النصل.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 97 / 1) عن عبد الله بن
هارون الفروي نا قدامة (يعني ابن محمد الأشجعي) عن مخرمة بن بكير عن أبيه
عن عطاء عنه.
قلت: ورجاله موثقون غير الفروي هذا، فإنه ضعيف كما في " المجمع "
للحافظ الهيثمي (5 / 263).
وله شاهد آخر من حديث ابن عمر، يرويه عاصم بن عمر عن عبد الله بن
دينار عنه:
" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سابق بين الخيل، وجعل سهما سبقا، وسهما محللا،
وقال: لا سبق إلا في نصل أو حافر ".
334

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 292 / 1) وابن حبان في
" صحيحه " وابن أبي عاصم في " الجهاد " كما في " التلخيص " وقال
(4 / 163):
" وعاصم هذا ضعيف، واضطرب فيه رأي ابن حبان، فصحح حديثه
تارة، وقال في " الضعفاء ": " لا يجوز الاحتجاج به ". وقال في " الثقات ":
يخطئ ويخالف ".
وقال ابن القيم في " الفروسية " (ص 55 - 56):
" هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى ا لله عليه وآله وسلم البتة، ووهم فيه أبو حاتم
(ابن حبان)، فإن مداره على عاصم بن عمر... فقال البخاري: منكر
الحديث. وقال ابن عدي: ضعفوه... وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ:
يحتمل أن أبا حاتم لم يعرف أنه عن عاصم العمري، فإنه وقع في روايته غير
منسوب ".
ثم ذكر ابن القيم رحمه الله أن الحديث باطل، واستدل على ذلك بما يقتنع
به أهل العلم، فليراجعه من شاء.
والبطلان المشار إليه إنما هو بالنظر إلى ما ورد فيه من ذكر " المحلل " فإن
ذكره في الحديث منكر، لم يرد في حديث ابن عباس، ولا في حديث أبي هريرة
الصحيح، لم يرد في شيء من طرقه أصلا.
وحديث ابن عمر هذا أورده الهيثمي في " المجمع " بلفظ ابن عدي، ثم
قال:
" رواه الطبراني في " الأوسط " ورجاله رجال الصحيح ".
كذا قال. وأظنه قد وهم، فإني وإن كنت لم أقف على سند الطبراني،
فمن البعيد جدا، أن يكون عنده من غير طريق عاصم هذا، وعليه فالظاهر أنه
وقع غير منسوب عنده كما وقع عند ابن حبان، فظن الهيثمي أنه غير عاصم بن
عمر الضعيف، ومن رجال الصيح. والله أعلم.
335

1507 - (حديث ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبق بين الخيل وأعطى
السابق " رواه أحمد). ص 426
صحيح. أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (2 / 91): ثنا قراد أنا
عبد الله بن عمر عن نافع عنه به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري غير عبد الله بن عمر، وهو
العمري المكبر، وهو ضعيف من قبل حفظه. لكنه قد توبع كما يأتي فالحديث
صحيح.
و (قراد) لقب، واسمه عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح، وقد تابعه حماد
ابن سليمان عن العمري به ولفظه:
" إن الخيل كانت تجري من ستة أميال، فتسبق، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
السابق ".
أخرجه البيهقي (10 / 20) وقال:
" حماد بن سليمان هذا مجهول ".
قلت: لم يتفرد به كما علمت. فالعلة من شيخه العمري، ولكنه لم
يتفرد به أيضا، فقال الإمام أحمد (2 / 67): ثنا عتاب أنا عبيد الله ابن عمر عن
نافع به مختصرا بلفظ:
" سبق بالخيل وراهن ".
قلت: وهذا إسناد ظاهر الصحة، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير
عتاب، وهو ابن زياد الخراساني وهو ثقة مات سنة (212)، ومات شيخه
عبيد الله سنة (147) وهو أكثر ما قيل في وفاته، فيكون بين وفاتيهما أكثر من
ستين سنة، وينبغي على هذا أن يكون عتاب قد بلغ عمره بضعا وسبعين سنة،
حتى يتسنى له السماع من عبيد الله، وذلك ما لم يذكروه في ترجمته، ولا ذكروا
في شيوخه عبيد الله هذا. فالله أعلم.
وقد أورد الحديث باللفظ الثاني: " راهن " الهيثمي وقال:
336

" رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات ".
وذكره الحافظ في " التلخيص " (4 / 164) من رواية أحمد و ابن أبي عاصم
من حديث نافع به. وقال:
" وهو أقوى من الذي قبله ".
يعني حديث عاصم بن عمر الذي سبق ذكره في الحديث الذي قبل هذا.
قلت: وله طريق أخرى، يرويه واصل مولى أبي عيينة: حدثني موسى
ابن عبيد قال:
" أصبحت في الحجر، بعدما صلينا الغداة، فلما أسفرنا، إذا فينا
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فجعل يستقرئنا رجلا رجلا، يقول: أين
صليت يا فلان؟ قال: يقول: ههنا، حتى أتى علي، فقال: أين صليت يا
ابن عبيد؟ فقلت: ههنا، قال: بخ بخ، ما نعلم صلاة أفضل عند الله من
صلاة الصبح جماعة يوم الجمعة، فسألوه، فقالوا: يا أبا عبد الرحمن أكنتم
تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: نعم، لقد راهن على فرس يقال له:
(سبحة)، فجاءت سابقة ".
أخرجه البيهقي (10 / 21) وأشار إلى تضعيفه بقوله:
" إن صح ".
وأقول: هو صحيح بلا شك، فإن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير
موسى بن عبيد هذا، أورده ابن أبي حاتم (4 / 1 / 151) وقال:
روى عنه واصل مولى أبي عيينة والقاسم بن مهران ".
ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وذكره ابن حبان في " الثقات " (1 / 216)
وقال:
" هو مولى خالد بن عبد الله بن أسيد ".
قلت: فمثله يستشهد بحديثه، ويتقوى بما قبله، لا سيما وقد رود له
337

شاهد يرويه سعيد بن زيد: حدثني الزبير بن الخريت عن أبي لبيد قال:
" أجريت الخيل في زمن الحجاج، والحكم بن أيوب على البصرة، فأتينا
الرهان، فلما جاءت الخيل، قال: قلنا: لو ملنا إلى أنس بن مالك فسألناه:
أكانوا يراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فأتيناه، وهو في قصره في الزاوية،
فسألناه، فقلنا له: يا أبا حمزة أكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أكان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يراهن؟ قال: نعم لقد راهن والله على فرس يقال له: (سبحة)
فسبق الناس فأبهش لذلك وأعجبه. ".
أخرجه الدارمي (2 / 212 - 213) والدارقطني (551 - 552)
والبيهقي وأحمد (3 / 160 و 256).
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، وفي سعيد بن زيد - وهو
أخو حماد بن زيد - كلام لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن إن شاء الله تعالى،
وقال ابن القيم في " الفروسية " (20): " وهو حديث جيد الإسناد ".
وأبو لبيد اسمه لمازة - بكسر اللام وتخفيف الزاي - ابن زبار - بفتح الزاي
وتشديد الموحدة - وهو صدوق.
وجملة القول: أن حديث ابن عمر هذا بمجموع طرقه وهذا الشاهد
صحيح بلا ريب، وهو كما قال الحافظ يدل على أنه لا يشترط المحلل، يعني
بخلاف حديث أبي هريرة الآتي في الكتاب بعد حديث.
1508 - (حديث ابن مسعود مرفوعا: " الخيل ثلاثة: فرس للرحمن،
وفرس للإنسان، وفرس للشيطان، فأما فرس الرحمن فالذي يربط في سبيل الله،
فعلفه وروثه وبوله وذكر ما شاء الله أجر، وأما فرس الشيطان فالذي يقامر
ويراهن عليه " الحديث رواه أحمد.) ص 427
صحيح. أخرجه الإمام أحمد (1 / 395) وكذا البيهقي (10 / 21) من
طريق شريك عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن عبد الله بن مسعود
به، وتمامه:
338

" وأما فرس الإنسان، فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها، فهي
ستر من فقر ".
وليس عندهما لفظة " أجر ". وإنما هو في حديث آخركما أذكره إن شاء
الله تعالى.
وهذا إسناد ضعيف، شريك هو ابن عبد الله القاضي، وهو سئ الحفظ
وقد خولف في سنده. ثم إن في سماع القاسم بن حسان من ابن مسعود نظرا.
وقال الهيثمي في " الجمع " (5 / 261):
" رواه أحمد، ورجاله ثقات، فإن كان القاسم بن حسان، سمع من ابن
مسعود، فالحديث صحيح ".
كذا قال، ونحوه قول المنذري في " الترغيب " (2 / 160):
" رواه أحمد بإسناد حسن "!
قلت: وأني للإسناد الحسن فضلا عن الصحة، ومداره على شريك
القاضي، وقد عرف حاله، لا سيما وقد خالفه الثقة، ألا وهو زائدة بن قدامة:
ثنا الركين عن أبي عمرو الشيباني عن رجل من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
الخيل ثلاثة. فذكر الحديث.
أخرجه الإمام أحمد: ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة به، أورده في " مسند
ابن مسعود " عقب حديثه هذا، ليشير - والله أعلم - إلى أن شريكا - مع ضعفه -
قد خولف فيه. ولم يسق فيه لفظ حديث زائدة، وإنما ساقه في المجلد الخامس
(ص 381) بالسند المذكور بلفظ:
" الخيل ثلاثة: فرس يربطه الرجل في سبيل الله تعالى، فثمنه أجر،
وركوبه أجر، وعاريته أجر، وعلفه أجر، وفرس يغالق عليها الرجل
ويراهن، فثمنه وزر، وعلفه وزر، وركوبه وزر، وفرس للبطنة، فعسى أن
يكون سدادا من الفقر إن شاء الله تعالى ".
فهو صحيح بهذا اللفظ لأن إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات من رجال
339

الشيخين، غير الرجل الأنصاري ومن الظاهر أنه صحابي، لأن الراوي عنه أبا
عمرو الشيباني - واسمه سعد بن إياس - تابعي كبير، روى عن جماعة
من كبار الصحابة، منهم علي وأبو مسعود وأبو مسعود و أبو مسعود البدري وغيرهم،
وكان الإمام أحمد - رحمه الله - أشار إلى ذلك بإعادته للحديث في المكان المشار
إليه. والله أعلم.
وقال الهيثمي عقبه:
" رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح ".
ثم ذكر له شاهدا من حديث خباب بن الأرت، أخرجه الطبراني في
" الكبير " (1 / 185 / 1) لكن في سنده مسلمة بن علي، وهو متروك، فلا يعتد
بحديثه، ولا يستشهد به. وفي طريق زائدة كفاية.
1509 - (حديث أبي هريرة مرفوعا: " من أدخل فرسا بين
فرسين، وهو لا يأمن أن يسبق، فليس قمارا، ومن أدخل فرسا بين فرسين،
وقد أمن أن يسبق فهو قمار " رواه أبو داود). ص 427
ضعيف. أخرجه أبو داود (2579) وابن ماجة (2876) والدارقطني
في سننه (ص 471 و 553) والحاكم (2 / 114) والبيهقي (10 / 20) وأحمد
(2 / 505) وأبو عبيد في " الغريب " (ق 85 / 2) وأبو الحزام ابن يعقوب الحنبلي
في " الفروسية " (1 / 13 / 2) وأبو نعيم في " الحلية " (2 / 175) والبغوي في
" شرح السنة " (3 / 145 / 1) من طرق عن سفيان بن حسين عن الزهري عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به.
وتابعه سعيد بن بشير عن الزهري به.
أخرجه أبو داود (2580) وابن عدي في " الكامل " (ق 177 / 1)
والطبراني في " المعجم الصغير " (95) وعنه ابن عساكر (7 / 103 / 2)
والبيهقي من طريق الوليد ابن مسلم ثنا سعيد بن بشير به، إلا أن الطبراني ذكر
قتادة مكان الزهري، وهو رواية لابن عدي، وقال:
340

" وقال عبدان: لقن هشام بن عمار هذا الحديث عن سعيد بن بشير عن
الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، والحديث عن قتادة عن سعيد بن المسيب ".
قال ابن عدي:
" وهذا خطأ، والحديث عن سعيد بن بشير عن الزهري أصوب من سعيد
ابن بشير عن قتادة، لأن هذا الحديث في حديث قتادة، ليس له أصل، ومن
حديث الزهري له أصل، قد رواه عن الزهري سفيان بن حسين أيضا ".
قلت: وما قاله ابن عدي أن الحديث عن سعيد بن بشير عن الزهري هو
الصواب وذكر قتادة فيه خطأ من هشام بن خالد الأزرق على الوليد بن مسلم،
فقد رواه هشام بن عمار ومحمود بن خالد عن الوليد على الصواب.
وخلاصة القول: أنه اتفق سفيان بن حسين وسعيد بن بشير على روايته
عن الزهري به. وقال أبو داود عقبه:
" رواه معمر وشعيب وعقيل عن الزهري عن رجال من أهل العلم،
وهذا أصح عندنا ".
وقال أبو عبيد:
" وكان غير سفيان بن حسين لا يرفعه ".
قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 163):
" وسفيان هذا ضعيف في الزهري. وقال أبو حاتم: أحسن أحواله أن يكون
موقوفا على سعيد بن المسيب، فقد رواه يحيى بن سعيد عن سعيد قوله انتهى.
وكذا هو في " الموطأ " عن الزهري عن سعيد قوله. وقال ابن أبي خيثمة:
سألت ابن معين عنه؟ فقال: هذا باطل، وضرب على أبي هريرة، وقد غلط
الشافعي سفيان بن حسين في روايته عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة
حديث: " الرجل جبار "، وهو بهذا الإسناد أيضا ".
قلت: ولسفيان بن حسين بهذا الإسناد أحاديث أخرى، أخطأ فيها عند
العلماء، ذكر بعضها العلامة ابن القيم في " الفروسية "، وأطال النفس فيه
341

مؤيدا أن هذا الحديث الصواب فيه أنه من قول سعيد بن المسيب، وليس له
أصل صحيح مرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فليرجع إليه من شاء (ص 36 - 55).
ويتلخص من ذلك أن الحديث علته تفرد سفيان بن حسين وسعيد بن بشير
برفعه. والأول ثقة في غير الزهري باتفاقهم كما في " التقريب " وهذا من روايته
عنه فهو ضعيف. وذلك مما جزم به الحافظ في " التلخيص " كما تقدم. والآخر
ضعيف مطلقا. ومع ضعف هذين، فقد خالفهما الثقات الأثبات، فرووه عن
الزهري عن سعيد بن المسيب قوله. فهذا هو الصواب. والله أعلم.
(تنبيه) أخرج أبو نعيم في " الحلية " (6 / 127) من طريق الوليد بن
مسلم، ولكن وقع فيه " سعيد بن عبد العزيز " مكان " سعيد بن بشير "
وقال:
" غريب من حديث سعيد تفرد به الوليد ".
وهذا وهم، لا أدري ممن هو، ورددت أن أقول: إنه خطأ من الناسخ
أو الطابع، فصدني عن ذلك، أن أبا نعيم أورده في ترجمة سعيد بن عبد العزيز
في جملة أحاديث له، فهو غلط من بعض رواته، والله أعلم.
1510 - (حديث " ما بين الغرضين روضة من رياض
الجنة "). ص 428
ضعيف. أورده الرافعي في شرحه، وقال ابن الملقن في " خلاصة
البدر المنير " (ق 185 / 1):
" غريب ".
يعني لا أصل له، لكن ذكر الحافظ في " التلخيص " (4 / 164):
" أن صاحب " مسند الفردوس " رواه من جهة ابن أبي الدنيا بإسناده عن
مكحول عن أبي هريرة رفعه: " تعلموا الرمي، فإن ما بين الهدفين روضة من
رياض الجنة " وإسناده ضعيف، مع انقطاعه.
342

كتاب العارية
1511 - (حديث " هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع "). ص 429
صحيح. وقد تقدم برقم (296).
1512 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعار من أبي طلحة فرسا
فركبها "). ص 429
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 214 و 215) ومسلم (7 / 72)
والترمذي (1 / 315 - 316) والبيهقي (10 / 25) وأحمد (3 / 171 و 180
و 274) من طرق عن شعبة عن قتادة سمعت أنس بن مالك قال:
" كان بالمدينة فزع، فاستعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرسا لأبي طلحة يقال له:
(مندوب)، فركبه، وقال: ما رأينا من فزع، وإن وجدناه لبحرا ".
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أبو داود (4988) من هذا الوجه، لكن ليس فيه ذكر
الاستعارة.
وكذلك أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق ثابت عن أنس ولفظه:
" كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع
الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق أناس قبل الصوت، فتلقاهم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راجعا، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة،
عري في عنقه السيف، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا، قال: وجدناه
بحرا، أو إنه لبحر، قال: وكان فرسا يبطأ ".
343

وأخرجه أحمد (3 / 147 و 185 و 271).
1513 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعار من صفوان بن أمية
أدراعا " رواه أبو داود). ص 429
صحيح. أخرجه أبو داود (3562) والحاكم (2 / 47) وعنه البيهقي
(6 / 89) وأحمد (3 / 401 و 6 / 365) من طريق شريك عن عبد العزيز بن
رفيع عن أمية ابن صفوان بن أمية عن أبيه:
" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعار منه أدراعا يوم حنين، فقال: أغصب يا
محمد؟ فقال: لا، بل عارية مضمونة ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:
الأولى: جهالة أميد بن صفوان، فإنه لم يوثقه أحد، ولم يرو عنه سوى
عبد العزيز هذا وابن أخيه عمرو بن أبي سفيان بن عبد الرحمن، وقال الحافظ في
" التقريب ":
" مقبول ".
يعني عند المتابعة.
والأخرى: ضعف شريك، وهو ابن عبد الله القاضي، فإنه سئ الحفظ،
وقد خولف في إسناده، فرواه جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل
عبد الله بن صفوان:
" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا صفوان، هل عندك من سلاح؟ قال:
عارية أم غصبا؟ قال: لا بل عارية، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين
درعا... " الحديث.
أخرجه أبو داود (3563) والبيهقي.
وخالفهما أبو الأحوص ثنا عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ناس من آل
صفوان قال: استعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر معناه.
344

أخرجه أبو داود والبيهقي أيضا.
قلت: فالحديث مضطرب الإسناد، لكن له شاهدان:
الأول: عن جابر بن عبد الله:
" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سار إلى حنين، لما فرغ من فتح مكة... ثم بعث
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى صفوان بن أمية فسأله أدراعا مائة درع وما يصلحها من
عدتها، فقال: أغصبا يا محمد، قال: بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك،
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سائرا ".
أخرجه الحاكم (3 / 48 - 49) والبيهقي من طريق ابن إسحاق قال:
حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه. وقال
الحاكم:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
وأقول: إنما هو حسن فقط للخلاف في ضبط وحفظ ابن إسحاق.
والآخر: عن ابن عباس:
" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعار من صفوان بن أمية سلاحا في غزوة حنين،
فقال: يا رسول الله أعارية مؤداة، قال: عارية مؤداة ".
أخرجه الحاكم وعنه البيهقي من طريق إسحاق بن عبد الواحد القرشي ثنا
خالد بن عبد الله بن خالد الحذاء عن عكرمة عنه. وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي.
قلت: كلا، فإن القرشي هذا ضعيف جدا، قال أبو علي الحافظ:
" متروك الحديث "، ولما حكى الذهبي في " الميزان " قول الخطيب فيه:
" لا بأس به " تعقبه بقوله:
" قلت: بل هو واه ".
وقال في " الضعفاء ":
345

" متروك ".
وله شاهد ثالث من رواية جعفر بن محمد عن أبيه:
" أن صفوان بن أمية أعار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلاحا... " الحديث نحو
رواية شريك.
أخرجه البيهقي وقال:
" وبعض هذه الأخبار، وإن كان مرسلا، فإنه يقوى بشاهده مع ما تقدم
من الموصول ".
وبالجملة فالحديث صحيح بمجموع هذه الطرق الثلاث، فهو غني عن
طريق ابن عباس الواهية، لا سيما وفيه قوله:
" عارية مؤداة ".
فإنه مخالف لما في الطرق المشار إليها قبله:
" عارية مضمونة ".
فإن المؤداة غير المضمونة، كما هو معروف عند الفقهاء.
نعم قد جاء الحديث بهذا اللفظ " مؤداة " في قصة أخرى غير قصة صفوان
هذه من حديث يعلى بن أمية، كما سأذكره تحت الحديث (1515 / 1).
1513 / 1 - (حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم ذكر في حق الإبل
والبقر والغنم إعارة دلوها، وإطراق فحلها "). ص 430
صحيح. أخرجه مسلم (3 / 74) والنسائي (1 / 339 - 340)
والدارمي (1 / 379 - 380) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
" ما من صاحب إبل، ولا بقر، ولا غنم، لا يؤدي حقها، إلا أقعد لها
يوم القيامة بقاع قرقر، تطؤه ذات الظلف بظلفها، وتنطحه ذات القرن
بقرنها، ليس فيها يومئذ جماء، ولا مكسورة القرن، قلنا: يا رسول الله، وما
346

حقها؟ قال: إطراق فحلها، وإعارة دلوها ومنيحتها، وحلبها على الماء،
وحمل عليها في سبيل الله، ولا من صاحب مال لا يؤدي زكاته، إلا تحول يوم
القيامة شجاعا أقرع، يتبع صاحبه حيثما ذهب، وهو يفر منه، ويقال: هذا
مالك الذي كنت تبخل به، فإذا رأي أنه لا بد أدخل يده في فيه، فجعل
يقضمها كما يقضم الفحل ".
ثم أخرجه مسلم والدارمي وأحمد (3 / 321) من طريق ابن جريج،
أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: فذكره نحوه.
وأخرجه أبو داود (1661) بنحوه، ولم يسق لفظه بتمامه.
1514 - (" حديث: لا ضرر ولا إضرار ").
صحيح. وقد مضى برقم (896).
347

فصل
1515 - (حديث صفوان بن أمية: " بل عارية مضمونة " وروي
" مؤداة " رواه أبو داود) ص. 431.
صحيح. وتقدم تخريجه قبل حديثين.
1515 / 1 - (وروي: " مؤداة ". رواه أبو داود). ص 431
صحيح أخرجه أبو داود (3566) وابن حبان أيضا (1173) وأحمد
(4 / 222) عن طريق همام عن قتادة به عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن
يعلى عن أبيه قال: قال:
" قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعا، وثلاثين
بعيرا، قال: فقلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: بل
مؤداة ".
قلت: والسياق لأبي داود، وإسناده صحيح.
وله شاهد من حديث أبي أمامة تقدم ذكره في أول " باب الضمان
والكفالة ".
1516 - (حديث سمرة مرفوعا: " على اليد ما أخذت حتى تؤديه "
رواه الخمسة، وصححه الحاكم). ص 431
ضعيف. أخرجه أبو داود (3561) والترمذي (1 / 239) وابن ماجة
(2400) والحاكم (2 / 47) والبيهقي (6 / 90) وأحمد (5 / 8 و 12 و 13) من
طريق الحسن عن سمرة به. وزادوا جميعا إلا ابن ماجة.
" ثم إن الحسن نسي فقال: هو أمينك، لا ضمان عليه ".
348

وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد على شرط البخاري ".
وأقول: هو صحيح وعلى شرط البخاري لو أن الحسن صرح بالتحديث
عن سمرة، فقد أخرج البخاري عنه به حديث العقيقة، أما وهو لم يصرح
به، بل عنعنة، وهو مذكور في المدلسين، فليس الحديث إذن بصحيح
الإسناد، وقد جرت عادة المحدثين إعلال هذا الإسناد بقولهم:
" والحسن مختلف في سماعه من سمرة ".
وبهذا أعله الحافظ في " التلخيص " (3 / 53).
وقال الصنعاني في " سبل السلام ":
" وللحافظ في سماعه منه ثلاثة مذاهب:
الأول: أنه سمع منه مطلقا. وهو مذهب علي بن المديني والبخاري
والترمذي.
والثاني: لا، مطلقا. وهو مذهب يحيى بن سعيد القطان ويحيى ابن
معين وابن حبان.
والثالث: لم يسمع منه إلا حديث العقيقة. وهو مذهب النسائي،
واختاره ابن عساكر، وادعى عبد الحق أنه الصحيح.
قلت: ونحن لم نعلم تصريحه بالسماع عن سمرة في غير حديث العقيقة،
فيتجه أن يكون الصواب القول الثالث. وإذا ضممنا إلى ذلك ما جاء في ترجمة
الحسن البصري، وخلاصته ما في " التقريب ":
" ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرا، ويدلس.
فينتج من ذلك عدم الاحتجاج بحديث الحسن عن سمرة إذا عنعنة، كما
فعل في هذا الحديث. والله أعلم.
349

كتاب الغصب
1517 - (حديث: " إن دماءكم وأموالكم عليكم الحرام " الحديث
رواه مسلم). ص 433
صحيح. وقد مضى برقم (1458).
1517 / 1. وقد مضى برقم (1458).
1517 / 1 - (حديث " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " وتقدم). ص 433
ضعيف. وتقدم قبل حديث.
1518 - (حديث " لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لا لاعبا ولا جادا،
ومن أخذ عصا أخيه فليردها " رواه أبو داود). ص 433
حسن. أخرجه أبو داود (5003) وكذا البخاري في " الأدب المفرد "
(رقم 241) والترمذي (2 / 24) والبيهقي (6 / 92) وأحمد (4 / 221) وابن أبي
شيبة في " مسنده " (2 / 29 / 2) والدولابي في " الكنى " (2 / 145) من طريق
ابن أبي ذئب عن عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده أن سمع رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: فذكره. وقال أبو داود و أحمد: " لا يأخذن "... وقال
الترمذي:
" حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ذئب ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن السائب هذا،
وهو ثقة، وثقه النسائي وابن سعد وابن حبان، ولم يعرف عنه راو سوى ابن
أبي ذئب.
1519 - (حديث رافع بن خديج: " من زرع في أرض قوم بغير
350

إذنهم، فليس له من الزرع شيء وله نفقته " رواه أبو داود والترمذي
وحسنه). ص 434
صحيح. أخرجه أبو داود (3403) والترمذي (1 / 256) وكذا ابن
ماجة (2466) وأبو عبيد في " الأموال " (706) والطحاوي في " مشكل الآثر "
(3 / 289) والبيهقي (6 / 136) وأحمد (3 / 465 و 4 / 141) من طرق عن
شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن رافع به. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ".
قلت: ولعل تحسين الترمذي إياه إنما هو لشواهده التي سأذكرها، وإلا
فإن هذا الإسناد ضعيف، وله ثلاث علل:
الأولى: الانقطاع بين عطاء ورافع.
الثانية: اختلاط أبي إسحاق وهو السبيعي وعنعنته.
الثالثة: ضعف شريك بن عبد الله القاضي.
قال البيهقي عقبه:
" شريك مختلف فيه، كان يحيى بن سعيد القطان لا يروي عنه ويضعف
حديثه جدا، ثم هو مرسل. قال الشافعي: الحديث منقطع، لأنه لم يلق عطاء
رافعا ". قال البيهقي:
" أبو إسحاق كان يدلس، وأهل العلم بالحديث يقولون: عطاء عن
رافع منقطع. وقال أبو سليمان الخطابي: هذا الحديث لا يثبت عند أهل المعرفة
بالحديث، وحدثني الحسن بن يحيى عن موسى بن هارون الحمال أنه كان ينكر
هذا الحديث، ويضعفه، ويقول: لم يروه عن أبي إسحاق غير شريك، ولا
رواه عن عطاء غير أبي إسحاق، وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئا،
وضعفه البخاري ".
قال البيهقي:
" وقد رواه عقبة بن الأصم عن عطاء قال: حدثنا رافع بن خديج،
وعقبة ضعيف لا يحتج به ".
351

قلت: وهو عقبة بن عبد الله الأصم الرفاعي، وهو ضعيف كما جزم بذلك
الحافظ وغيره، فلا يثبت بروايته سماع عطاء من رافع، فيبقى إعلال الشافعي له
بالانقطاع قائما.
ثم إن شريكا لم يتفرد به كما سبق عن موسى الحمال، بل تابعه قيس بن
الربيع عند البيهقي، وهو وإن كان سئ الحفظ مثل شريك، فأحدهما يقوي
الآخر، ويبقى الحديث معللا بالعلة الأولى والثانية.
لكن له طرق أخرى يتقوى بها، فلا بد لنا من ذكرها:
الأولى: عن بكير عن عبد الرحمن بن أبي نعم أن رافع بن خديج
أخبره:
" أنه زرع أرضا أخذها من بني فلان، فمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يسقي
زرعه، فسأله لمن هذا؟ فقال: الزرع لي، وهي أرض بني فلان، أخذتها، لي
الشطر، ولهم الشطر قال: فقال: انفض يدك من غبارها ورد الأرض إلى
أهلها، وخذ نفقتك، قال: فانطلقت فأخبرتهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال:
فأخذ نفقته ورد إليهم أرضهم ".
أخرجه أبو داود (3402) والطحاوي (3 / 282) والبيهقي، والسياق
له، وأعله بقوله:
" وبكير بن عامر البجلي، وإن استشهد به مسلم في غير هذا الحديث،
فقد ضعفه يحيى بن سعيد القطان وحفص ابن غياث وأحمد بن حنبل، ويحيى بن
معين ".
قلت: ولذلك جزم الحافظ في " التقريب " بأنه ضعيف، لكن يشهد له
الطريق الآتية وهي:
والأخرى: عن أبي جعفر الخطمي قال: بعثني عمي أنا وغلاما له إلى
سعيد بن المسيب، قال: فقلنا له: شيء بلغنا عنك في المزارعة، قال:
" كان ابن عمر لا يرى بها بأسا، حتى بلغه عن رافع بن خديج حديث،
فأتاه، فأخبره رافع أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى بني حارثة، فرأى زرعا في أرض
ظهير، فقال: ما أحسن زرع ظهير! قالوا: ليس لظهير، قال: أليس أرض
ظهير، قالوا: بلى ولكنه زرع فلان، قال، فخذوا زرعكم، وردوا عليه
352

النفقة، قال رافع: فأخذنا زرعنا، ورددنا إليه النفقة ".
أخرجه أبو داود (3399) والطحاوي والبيهقي وأعله بقوله:
" أبو أعفر عمير بن يزيد الخطمي، لم أر البخاري ومسلما احتجا به في
حديث ".
قلت: وهذا ليس بشيء، فالرجل ثقة اتفاقا، وعدم إخراج الشيخين
له، لا يجرحه بدليل أن هناك كثيرا من الرواة صححا أحاديثهم، ووثقاهم،
مع كونهم ممن لم يخرجا لهم في الصحيحين شيئا، وهذا أمر معروف عند
المشتغلين بهذا العلم الشريف. ولذلك فهذا الإسناد صحيح لا علة فيه، وهو
شاهد قوي لحديث شريك. والله أعلم.
ثم رأيت ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 475 - 476) ذكر هذا
الحديث وقال:
" قال أبي: هذا يقوي حديث شريك عن أبي إسحاق... ".
فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله.
1520 - (حديث " ليس لعرق ظالم حق " حسنه الترمذي). ص 434
صحيح. وقد روي عن سعيد بن زيد، وعائشة، ورجل من
الصحابة، وسمرة بن جندب، وعبادة بن الصامت، وغيرهم.
1 - أما حديث سعيد بن زيد، فيرويه عبد الوهاب الثقفي أخبرنا أيوب
عن هشام بن عروة عن أبيه عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
" من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق ".
أخرجه أبو داود (3073) وعنه البيهقي (6 / 142) والترمذي (1 / 259)
وقال:
353

" حديث حسن غريب، وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلا. ".
قلت: أخرجه مالك (2 / 743 / 26) عن هشام به مرسلا، وكذلك
أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (702) والبيهقي من طرق أخرى عن هشام به.
والطريق الأولى الموصولة، رجالها كلهم ثقات رجال الشيخين، فهي
صحيحة، وقد قواها الحافظ في " الفتح " (5 / 14) لولا أنها شاذة لمخالفة مالك
ومن معه من الثقات لرواية أيوب الموصولة.
نعم جاء موصولا من طريقين آخرين، أحدهما عن عروة عن عائشة،
والآخر عنه عن رجل من الصحابة، ويأتيان عقب هذا.
2 - وأما حديث عائشة، فيرويه زمعة عن الزهري عن عروة عنها قالت:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" العباد عباد الله، والبلاد بلاد الله، فمن أحيى من موات الأرض شيئا
فهو له، وليس لعرق ظالم حق ".
أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1440): حدثنا زمعة به. وعن
الطيالسي أخرجه البيهقي والدارقطني (517)
قلت: وزمعة وهو ابن صالح ضعيف، و أخرج له مسلم مقرونا بغيره.
وقال ابن أبي حاتم (1 / 474) عن أبيه: " هذا حديث منكر " (1).
3 - وأما حديث الرجل من الصحابة، فيرويه محمد بن إسحاق عن يحيى
ابن عروة بن الزبير عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فذكره مثل حديث
أيوب وزاد: قال:
" فقد حدثني صاحب هذا الحديث أنه أبصر رجلين من بياضة، يختصمان

(1) قلت: لكن له شاهد من حديث فضالة بن عبيد مرفوعا دون الجملة الأخيرة، قال الهيثمي
4 / 157: " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح ".
354

إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أجمة لأحدهما، غرس فيها الآخر نخلا، فقضى رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لصاحب الأرض بأرضه، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله عنه،
قال: فلقد رأيته يضرب في أصول النخل بالفؤوس، وإنه لنخل عم ".
أخرجه أبو داود (3074) و أبو عبيد (705) والبيهقي والسياق له.
وفي رواية لأبي داود:
" فقال رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكثر ظني أنه أبو سعيد
الخدري: فأنا رأيت الرجل يضرب في أصول النخل ".
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لولا أن ابن إسحاق مدلس، وقد
عنعنه، ومع ذلك فإن الحافظ ابن حجر قال في " بلوغ المرام ":
" رواه أبو داود، و إسناده حسن "!
4 - وأما حديث سمرة، فيرويه الحسن البصري عنه مرفوعا بلفظ:
" من أحاط على شيء فهو أحق به، وليس لعرق ظالم حق ".
" أخرجه البيهقي وأبو داود (3077) وابن الجارود في " المنتقى "
(1015) دون الشطر الثاني منه، وكذا رواه الطيالسي (906) وأحمد
(5 / 12، 21).
وعلته عنعنة الحسن البصري.
5 - وأما حديث عبادة فيرويه إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة بن
الصامت قال:
" إن من قضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه ليس لعرق ظالم حق ".
أخرجه أحمد (5 / 326 - 327) والطبراني في " الكبير "، وأعله
الهيثمي بالانقطاع فقال في " المجمع " (4 / 147):
" وإسحاق بن يحيى لم يدرك عبادة ".
قلت: ثم هو إلى ذلك مجهول الحال كما في " التقريب ".
355

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو أيضا عند الطبراني وأبي أسيد عند يحيى
ابن آدم في " كتاب الخراج " كما في " الفتح " (5 / 14 - 15)، وقال بعد أن
ساق من الطرق المذكورة كلها:
" وفي أسانيدها مقال، لكن يتقوى بعضها ببعض ".
قلت: وهذا إنما هو بالنظر إلى الشطر الثاني من الحديث: " وليس لعرق
ظالم حق ". وإلا فإن الشطر الأول منه صحيح قطعا، أخرجه البخاري وغيره
من حديث عائشة، والترمذي وابن حبان من طرق عن جابر، كما سيأتي بيانه
عند تخريج حديث جابر، وقد ذكره المصنف في أول " إحياء الموات " رقم
(1550).
356

فصل
1521 - (حديث: " الخراج بالضمان "). ص 434
صحيح وقد مضى.
1522 - (حديث " من أعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة
العدل " متفق عليه) ص 435
صحيح. وهو من حديث عبد الله بن عمر، و أبي هريرة، وأسامة بن
عمير الهذلي، وغيرهم.
1 - أما حديث ابن عمر، فله عنه طريقان:
الأولى: عن نافع عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" من أعتق شركا له في عبد، فكان له ما يبلغ ثمن العبد، قوم العبد عليه
قيمة عدل، فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق عنه ما
عتق ".
أخرجه البخاري (2 / 111، 118) ومسلم (5 / 95 - 96) وكذا
مالك (2 / 722 / 1) وعنه أبو داود (3940) وعن غيره أيضا (3941 -
3945) والنسائي (2 / 234) والترمذي (1 / 252) وابن ماجة (2528)
وابن حبان (1211) والدارقطني (476) والبيهقي (6 / 96) وأحمد
(2 / 2، 15، 77، 105، 112، 142، 156) من طرق كثيرة عن نافع
به (1). وقال الترمذي:

(1) وزاد الدارقطني في آخره: " ورق ما بقي " وإسناده ضعيف، فيه إسماعيل بن مرزق
الكعبي، ليس بالمشهور، لم يوثقه غير ابن حبان، عن يحيى بن أيوب، وفيه شيء من قبل حفظه.
357

" حديث حسن صحيح ".
والأخرى: عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا بلفظ:
" من أعتق عبدا بينه وبين آخر، قوم عليه في ماله قيمة عدل، لا وكس
ولا شطط، ثم عتق عليه في ماله إن كان موسرا ".
أخرجه البخاري (2 / 118) ومسلم (5 / 96) والسياق له، وأبو داود
(3946، 3947) والنسائي والترمذي وأحمد (2 / 34) من طريقين عنه.
وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
2 - وأما حديث أبي هريرة، فيرويه بشير بن نهيك عنه مرفوعا بلفظ:
" من أعتق شقيصا له في عبد، فخلاصه في ماله، إن كان له مال، فإن
لم يكن له مال، إستسعي العبد غير مشقوق عليه ".
أخرجه البخاري (2 / 111، 119) ومسلم (5 / 96) واللفظ له،
وأبو داود (3935 - 3939) والترمذي وابن ماجة (2527) وأحمد
(2 / 426، 472، 531)، وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
وفي رواية من طريق همام ثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير عنه:
" أن رجلا أعتق شقصا من مملوك، فأجاز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عتقه، وغرمه
بقية ثمنه ".
أخرجه أبو داود (3934) وأحمد (2 / 347)
قلت: وإسناده على شرطهما.
3 - وأما حديث أسامة فيرويه ابنه أبو المليح عنه:
" أن رجلا من قومه أعتق شقصا له من مملوك، فرفع ذلك إلى النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم)، فجعل خلاصه عليه في ماله، وقال: ليس لله - تبارك وتعالى -
358

شريك ".
أخرجه أبو داود (3933) وأحمد (5 / 74، 75) وفي رواية له:
" فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
هو حر كله، ليس لله تبارك وتعالى شريك ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين ".
وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند أحمد (5 / 326 - 327) وعن
ثلاثين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند أحمد أيضا (4 / 37)، وفي سندهما
ضعف، وفيما تقدم كفاية. والحمد لله ولي الهداية.
1523 - (حديث " القصعة لما كسرتها إحدى نسائه " صححه
الترمذي). ص 435
صحيح. أخرجه الترمذي (1 / 254) من طريق سفيان الثوري عن
حميد عن أنس قال:
" أهدت بعض أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طعاما، في
قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
طعام بطعام، وإناء بإناء ". وقال:
" حديث حسن صحيح ".
وأخرجه البخاري (2 / 452) وأبو داود (3567) والنسائي
(2 / 159) وابن ماجة (2334) من طرق أخرى عن حميد به ولفظه:
" كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين
بصفحة فيها طعام، فضربت التي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيتها يد الخادم، فسقطت
الصفحة، فانفلقت، فجمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلق الصفحة، ثم جعل يجمع فيها
الطعام الذي كان في الصفحة، ويقول: غارت أمكم، ثم حبس الخادم حتى
أتى بصفحة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصفحة الصحيحة إلى التي كسرت
صفحتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت ".
359

وله شاهد من حديث عائشة قالت:
" ما رأيت صانعا طعاما مثل صفية، صنعت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طعاما،
فبعثت به، فأخذني أفكل (أي رعدة)، فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول
الله! ما كفارة ما صنعت؟ قال: إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام ".
أخرجه أبو داود (3568) والنسائي، وأحمد (6 / 148، 277) عن
قليت عن جسرة بنت دجاجة عنها.
قلت: وهذا إسناد فيه ضعف، لكن لا بأس به في الشواهد والمتابعات،
والصحيح أن صاحبة الطعام هي أم سلمة رضي الله عنها، فقد روى أبو المتوكل
عنها:
" أنها أتت بطعام في صفحة لها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه، فجاءت
عائشة متزرة بكساء، ومعها فهرة. فلقت به الصفحة، فجمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بين
فلقتي الصفحة، ويقول: كلوا، غارت أمكم، مرتين، ثم أخذ رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) صفحة عائشة، فبعث بها إلى أم سلمة، وأعطى صفحة أم سلمة
عائشة ".
قلت: أخرجه النسائي بإسناد صحيح.
360

فصل
1524 - (حديث: " العجماء جرحها جبار ". متفق عليه).
ص 439
صحيح. وقد مضى تخريجه قبيل " باب زكاة الأثمان " رقم (812)
1525 - (حديث النعمان بن بشير مرفوعا: " من وقف دابة في سابلة
من سبل المسلمين، أو في سوق من أسواقهم فما وطئت بيد أو رجل، فهو
ضامن " رواه الدارقطني). ص 439
ضعيف جدا. أخرجه الدارقطني (363) والبيهقي في " السنن
الكبرى " (8 / 344) عن أبي جزي نصر بن طريف عن السري بن إسماعيل عن
الشعبي عن نعمان بن بشير به بلفظ:
" من أوقف دابة في سبيل من سبل المسلمين... " والباقي مثله. وقال:
" أبو جزي، والسري بن إسماعيل ضعيفان "
قلت: لقد لطف القول فيهما، وهما شر من ذلك، فإنهما متروكان، وقد
نسب الأول منهما إلى وضع الحديث.
1526 - (حديث أبي هريرة مرفوعا: " الرجل جبار " رواه أبو
داود) ص 439
ضعيف. أخرجه أبو داود (4592) والدارقطني (352، 363)
والبيهقي (8 / 343) والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 153) من طريق
سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عنه به. وقال الطبراني:
361

" لم يروه عن الزهري إلا سفيان بن حسين ".
قلت: وهو ضعيف في الزهري. وقال الدارقطني:
" لم يروه غير سفيان بن حسين، وخالفه الحفاظ عن الزهري، منهم
مالك وابن عيينة، ويونس ومعمر وابن جريج وعقيل وليث بن سعد وغيرهم
كلهم رووه عن الزهري فقالوا: " العجماء جبار، والبتر جبار، والمعدن جبار "
ولم يذكروا الرجل، وهو الصواب ".
وذكر نحوه البيهقي أيضا.
ثم ساقه من طريق أخرى عن أبي هريرة، وهزيل بن شرحبيل مرسلا،
وأعلهما.
1527 - (حديث حرام (1) بن محيصة: " أن ناقة البراء بن عازب
دخلت حائطا فأفسدت فيه فقضى نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن على أهل الحوائط
حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها " قال ابن
عبد البر: " وإن كان مرسلا فهو مشهور، وحدث به الأئمة الثقات ").
(ص 439 - 440)
صحيح. أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 747 / 37) وعنه جماعة من
طريق ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة به.
وكذلك رواه جماعة من الثقات عن ابن شهاب به مرسلا.
لكن رواه الأوزاعي عن الزهري عن حرام عن البراء بن عازب قال:
" كانت له ناقة ضارية... " فذكره موصولا نحوه.
أخرجه أبو داود والطحاوي والحاكم والبيهقي.

(1) ضد " حلال " ووقع في الأصل: " حزام " بالزاي وهو تصحيف.
362

وتابعه على وصله عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
الزهري به.
أخرجه ابن ماجة والبيهقي.
وقد أخرجه ابن حبان وغيره من طريق معمر عن الزهري عن حرام بن
محيصة عن أبيه:
" أن ناقة للبراء... ". الحديث
فزاد في الإسناد " عن أبيه " وهي زيادة شاذة، وقد ذكرت الخلاف فيه على
معمر والزهري، وأن الراجح منه أن الحديث موصول عن البراء في " سلسلة
الأحاديث الصحيح " رقم (238) وقد قدمت إليك خلاصته هنا.
1528 - (حديث ابن عمر: " من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل
فهو شهيد " رواه الخلال بإسناده). ص 440
صحيح. أخرجه أبو داود (4771) والترمذي (1 / 266) وأحمد
(2 / 193، 194) من طريق عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب عن خاله
إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم): فذكره. وقال الترمذي:
" حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
وزاد أحمد عقب الحديث في إحدى روايتيه:
" وأحسب الأعرج حدثني عن أبي هريرة مثله ".
وقد أخرجه ابن ماجة (2528) من طريق عبد العزيز بن المطلب عن
عبد الله بن الحسن عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة به.
وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 160 / 1):
363

" إسناده حسن لقصور درجة عبد العزيز عن درجة أهل الحفظ ".
قلت: لكنه لم يتفرد به، فهو عند أحمد من طريق سفيان - وهو الثوري -
عن عبد الله بن الحسن به.
فهو صحيح أيضا.
والعجب من المصنف حيث عزاه للخلال وحده!
وللحديث طرق أخرى في " المسند " عن ابن عمرو بنحوه (2 / 163،
206، 209، 210، 215، 216 - 217، 221، 223) و " الحلية "
(4 / 94).
وله شواهد كثيرة بزيادات في متنه، قد أوردت طائفة طيبة منها في أول
كتابي " أحكام الجنائز وبدعها "، وقد تم طبعه في المكتب الإسلامي. ويأتي
له شاهد في " باب حد قطاع الطريق " من حديث أبي هريرة بنحوه، رقم
(2440).
(تنبيه) رأيت أن المصنف عزا الحديث للخلال من حديث ابن عمر.
فظننت أول الأمر أنه سقط من الناسخ واو (عمرو)، و أن الصواب (ابن
عمرو)، وعلى ذلك خرجت الحديث من روايته، وشجعني على ذلك أن لفظه
الذي في الكتاب هو اللفظ الذي أخرجه أبو داود ومن ذكرنا معه من حديثه أعني
ابن عمرو. ثم رأيت المصنف قد أعاد الحديث في الباب المشار إليه آنفا بالحرف
الواحد، فغلب على الظن أنه عند المصنف من رواية الخلال من حديث ابن
عمر، لا ابن عمرو. وحديث ابن عمر عند ابن ماجة (2581) من طريق
يزيد ابن سنان الجزري عن ميمون بن مهران عنه به مرفوعا بلفظ:
" من أتي عند ماله، فقوتل، فقاتل، فقتل فهو شهيد ".
ويزيد هذا ضعيف، ضعفه أحمد وغيره.
1529 - (حديث ابن عمر: " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره أن يأخذ مدية
ثم خرج إلى أسواق المدينة، وفيها زقاق الخمر قد جليت من الشام، فشققت
364

بحضرته وأمر أصحابه بذلك " رواه أحمد). ص 440
صحيح. أخرجه أحمد (2 / 132 - 133) من طريق أبي بكر بن أبي
مريم عن ضمرة بن حبيب قال: قال عبد الله بن عمر:
" أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن آتيه بمدية - وهي الشفرة - فأتيته بها،
فأرسل بها، فأرهفت، ثم أعطانيها، وقال: اغد علي بها، ففعلت، فخرج
بأصحابه إلى أسواق المدينة، وفيها زقاق خمر قد جلبت من الشام، فأخذ المدية
مني، فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته، ثم أعطانيها، وأمر أصحابه
الذين كانوا معه أن يمضوا معي، وأن يعاونوني، وأمرني أن آتي الأسواق
كلها، فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته، ففعلت، فلم أترك في أسواقها زقا إلا
شققته ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي بكر بن
أبي مريم، قال الحافظ في " التقريب ":
" ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط ".
لكن الحديث صحيح، فإن له طريقين آخرين عن ابن عمر:
الأولى: عن أبي طعمة قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول:
" خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المربد، فخرجت معه، فكنت عن يمينه،
وأقيل أبو بكر، فتأخرت له، فكان عن يمينه، وكنت عن يساره، ثم أقبل عمر
فتنحيت له فكان عن يساره، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المربد، فإذا زقاق على
المربد فيها خمر، قال ابن عمر: فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدية، قال: وما
عرفت المدية إلا يومئذ فأمر بالزقاق فشقت، ثم قال: لعنت الخمر وشاربها
وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وعاصرها
ومعتصرها، وآكل ثمنها ".
أخرجه الطحاوي في " المشكل " (4 / 306) وأحمد (2 / 71) والبيهقي
(8 / 287) وابن عساكر (19 / 53 / 1). وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد "
(5 / 54):
365

" وأبو طعمة وثقة محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وضعفه مكحول،
وبقية رجاله ثقات ".
والأخرى عن ثابت بن يزيد الخولاني:
" أنه كان له عم يبيع الخمر، وكان يتصدق فنهيته عنها، فلم ينته فقدمت
المدينة، فلقيت ابن عباس، فسألته عن الخمر وثمنها؟ فقال: هي حرام وثمنها
حرام، ثم قال: يا معشر أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه لو كان كتاب بعد كتابكم، ونبي
بعد نبيكم، لأنزل فيكم كما أنزل فيمن قبلكم، ولكن أخر ذلك من أمركم إلى
يوم القيامة، ولعمري لهو أشد عليكم. قال ثابت: ثم لقيت عبد الله بن عمر،
فسألته عن ثمن الخمر، فقال: سأخبرك عن الخمر:
إني كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد، فبينما هو محتب حل حبوته،
ثم قال: من كان عنده من هذه الخمر شيء فليأت بها، فجعلوا يأتونه، فيقول
أحدهم: عندي راوية، ويقول الآخر: عندي زق، أو ما شاء أن يكون
عنده، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اجمعوا ببقيع كذا وكذا، ثم آذنوني، ففعلوا،
ثم أتوه، فقام، وقمت معه، فمشيت عن يمينه، وهو متكئ علي، فلحقنا أبو
بكر رضي الله عنه، فأخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجعلني عن شماله، وجعل
أبا بكر رضي الله عنه مكاني، ثم لحقنا عمر رضي الله عنه، فأخبرني وجعله عن
يساره، فمشى بينهما، حتى إذا وقف على الخمر، فقال للناس: أتعرفون
هذه؟ قالوا: نعم يا رسول الله، هذه الخمر، فقال: صدقتم، قال: فإن الله
لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها،
والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها، ثم دعا بسكين فقال:
اشحذوها، ففعلوا، ثم أخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يخرق بها الزقاق، فقال
الناس: إن في هذه الزقاق منفعة، فقال: أجل، ولكني إنما أفعل ذلك غضبا
لله عز وجل، لما فيها من سخطه، قال عمر: أنا أكفيك يا رسول الله؟ قال:
لا ".
أخرجه الطحاوي (4 / 305 - 306) والحاكم (4 / 144 - 145)
- ووقع في كتابه سقط من السند - والبيهقي (8 / 278) من طريق ابن وهب:
366

أخبرني عبد الرحمن بن شريح، وابن لهيعة والليث بن سعد عن خالد بن يزيد
عن ثابت بن يزيد الخولاني به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي.
قلت: أما الصحة فلا، وأما الحسن فمحتمل، فإن الخولاني هذا ترجمه
ابن أبي حاتم (1 / 1 / 459) برواية خالد بن يزيد وحده، ولم يذكر فيه جرحا
ولا تعديلا. وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " وقال (1 / 6 - 7):
" روى عن أبي هريرة، روى عنه عمرو بن الحارث وخالد بن يزيد ".
قال الحافظ في " اللسان ":
" قلت: وروى هو أيضا عن ابن عباس والأقمر. وقال ابن حزم: لا،
مجهول لا يدرى من هو، وتبعه عبد الحق. قال ابن يونس: توفي قريبا من سنة
عشرين ومائة ".
قلت: وخالد بن يزيد هو مولى ابن أبي الصبيغ الإسكندراني المصري،
ترجمه ابن أبي حاتم (1 / 2 / 358) وذكر توثيقه عن أبي زرعة. وعن أبيه
قال: لا بأس به.
وله طريق ثالثة، فقال الطيالسي (1957) حدثنا محمد بن أبي حميد عن
أبي توبة المصري قال: سمعت ابن عمر يقول: نزلت الخمر في ثلاث
آيات... الحديث ليس فيه قصة الزقاق وفيه: " إن الله لعن الخمر ولعن
غارسها وشاربها وعاصرها وموكلها ومديرها وساقيها و حاملها وآكل ثمنها
وبائعها ".
ومحمد بن أبي حميد ضعيف. وأبو توبة لم أعرفه. ويراجع له " الكنى "
للدولابي.
والحديث بدون ذكر الغارس والمدير صحيح للطرق المتقدمة، وله شاهد
من حديث ابن عباس عند ابن حبان (1374) والضياء في " المختارة "
(58 / 188 / 1).
367

1530 - (حديث أبي الهياج: " قال قال لي علي رضي الله عنه:
" ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا تدع تمثالا إلا
طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته " رواه مسلم). ص 441
صحيح. أخرجه مسلم (3 / 61) وكذا أبو داود (3218) والنسائي
(1 / 285) والترمذي (1 / 195) والبيهقي (4 / 3) وأحمد (1 / 96،
129) من طرق عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن أبي الهياج
الأسدي به. وقال الترمذي:
" حديث حسن ".
قلت: ورجاله كلهم ثقات معروفون، فلعل عدم تصحيح الترمذي
إياه، إنما هو من أجل عنعنة حبيب بن أبي ثابت، فإنه كان يدلس. لكن الحديث
صحيح لما يأتي له من الطرق والشاهد.
وتابعه قيس بن الربيع عن حبيب بن أبي ثابت به مختصرا.
أخرجه الطيالسي في " مسنده " (رقم 155): حدثنا قيس بن الربيع
به. إلا أنه وقع فيه تحريف في اسم أبي وائل و أبي الهياج، وتطور التحريف في
" ترتيب المسند "! (1 / 168 / 805).
وتابعه أبو إسحاق السبيعي عن أبي الهياج الأسدي به.
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 29) من طريق المفضل بن
صدقة أبي حماد الحنفي عن أبي إسحاق به. وقال:
" لم يروه عن أبي إسحاق إلا المفضل ".
قلت: وهو ضعيف.
وتابعه حسن بن المعتمر:
" أن عليا رضي الله عنه بعث صاحب شرطته، فقال... " فذكره نحوه
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 139) وأحمد (1 / 145،
368

150) عن أشعث بن سوار عن ابن أشوع عن حنش.
وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات، فإن حنش بن المعتمر صدوق له
أوهام، وابن أشوع اسمه سعيد بن عمرو بن أشوع، وهو ثقة من رجال
الشيخين. وأشعث بن سوار، فيه ضعف من قبل حفظه، وروى له مسلم
متابعة.
طريق أخرى عن يونس بن خباب عن جرير بن حبان عن أبيه أن عليا
رضي الله عنه قال لأبيه:
" لأبعثنك فيما بعثتني فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أسوي كل قبر، وأن
أطمس كل صنم ".
أخرجه أحمد (1 / 111) وسنده ضعيف.
طريق أخرى: عن أبي المورع عن علي قال:
" كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في جنازة، فقال: من يأتي المدينة فلا يدع قبرا
إلا سواه، ولا صورة إلا طلخها، ولا وثنا إلا كسره، قال: فقام رجل، فقال:
أنا، ثم هاب أهل المدينة فجلس، قال علي رضي الله عنه: فانطلقت، ثم
جئت، فقلت: يا رسول الله لم أدع بالمدينة قبرا إلا سويته، ولا صورة إلا
طلختها، ولا وثنا إلا كسرته، قال: فقال: من عاد فصنع شيئا من ذلك، فقد
كفر بما أنزل الله على محمد ".
أخرجه الطيالسي (96) وأحمد (1 / 87) وابنه في الزوائد عليه
(1 / 138 - 139).
قلت: ورجاله ثقات غير أبي المورع فإنه مجهول.
وأما الشاهد، فهو من حديث فضالة بن عبيد، يرويه ثمامة ابن شفي
قال:
" كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم ب‍ (رودس) فتوفي صاحب لنا،
فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي، ثم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر
بتسويتها ".
369

أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي.
1531 - (حديث: " أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حرق مسجد الضرار،
وأمر بهدمه "). ص 441
مشهور في كتب السيرة، وما أرى إسناده يصح، ففي " تفسير ابن
كثير ":
" وقال محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله
ابن أبي بكر وعاصم ابن عمرو بن قتادة وغيرهم قالوا:
أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعني من تبوك، حتى نزل ب‍ (ذي أوان) بلد بينه
وبين المدينة ساعة من نهار، وكان أصحاب مسجد الضرار، قد كانوا أتوه، وهو
يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة
والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه، فقال: إني
على جناح سفر وحال شغل، أو كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو قدمنا إن شاء
الله تعالى أتيناكم، فصلينا لكم فيه، فلما نزل ب‍ (ذي أوان)، أتاه خبر
المسجد، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف
ومعن بن عدي أو أخاه عامر بن عدي أخا بلعجلان، فقال: انطلقا إلى هذا
المسجد الظالم أهله، فاهدماه، وحرقاه، فخرجا سريعين، حتى أتيا بني سالم بن
عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن: أنظرني حتى أخرج
إليك بنار من أهل، فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل، فأشعل فيه نارا، ثم
خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله، فحرقاه وهدماه، وتفرقوا عنه،
ونزل فيهم من القرآن ما نزل (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا) إلى آخر
القصة ".
قلت: هكذا أورده الحافظ ابن كثير من طريق ابن إسحاق عن الزهري
عن الجماعة المذكورين مرسلا. وهو في " السيرة " لابن هشام (4 / 175 -
176) بهذا السياق بدون إسناد. وأما السيوطي فقد أورده في " الدر المنثور " (3 / 276 - 277) بهذا السياق من تخريج ابن إسحاق وابن مردويه عن أبي
370

رهم كلثوم بن الحصين الغفاري وكان من الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة
قال: فذكره. ومن تخريجهما عن ابن عباس به مختصرا. والله أعلم.
371

باب الشفعة
1532 - حديث جابر مرفوعا: " قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم... "
الحديث متفق عليه
صحيح وله عنه طرق:
" قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشفعة في كل مال لم (وفي لفظ: ما لم) يقسم،
فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة ".
أخرجه البخاري (2 / 37 و 47 و 112 و 112 - 113 و 4 / 344)
واللفظ له. وأبو داود (3514) وابن ماجة (2499) والطحاوي (2 / 266)
وابن الجارود (643) والبيهقي (6 / 102) وأحمد (3 / 296 و 399) من
طرق عن معمر عن الزهري عنه.
وتابعه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري به مختصرا.
أخرجه البيهقي والطيالسي (1691) وأحمد (3 / 372).
وخالفهم مالك فرواه في " الموطأ " (2 / 713 / 1) عن ابن شهاب عن
سعيد بن المسيب، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قضي... الحديث.
هكذا ذكره مرسلا. وكذلك رواه عنه الطحاوي والبيهقي.
لكن رواه ابن ماجة (2497) والطحاوي أيضا والبيهقي من طرق عن
مالك به إلا أنه قال: عن أبي هريرة مرفوعا. فوصله بذكر أبي هريرة فيه. وقد
372

أفاد البيهقي أن مالكا رحمه الله كان يتردد فيه، فمرة ارسله، ومرة وصله عنهما،
ومرة ذكره بالشك في ذلك والله أعلم.
قلت: فلعله من اجل ذلك أعرض الشيخان عن روايته من طريق مالك
بسنده عن أبي هريرة. والله أعلم.
الطريق الثانية: عن أبي الزبير عنه قال:
" قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط، لا
يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع،
ولم يؤذنه، فهو أحق به ".
أخرجه مسلم (5 / 57) والسياق له وأبو داود (3513) والنسائي
(2 / 231) والدارمي (2 / 273 خ 274) والطحاوي وابن الجارود (642)
والدارقطني (520) وأحمد (3 / 316) من طرق عن ابن جريج عنه. وذكر
التحديث كل منهما في رواية لمسلم وغيره.
ورواه مسلم والنسائي وابن الجارود (641) وأحمد (3 / 307 و 310 و
382 و 397) من طرق أخرى عن أبي الزبير به نحوه.
الطريق الثالثة: عن سليمان اليشكري عنه به مرفوعا مختصرا بلفظ:
" من كان له شريك في حائط، فلا يبعه حتى يعرضه عليه ".
أخرجه أحمد (3 / 357) والترمذي (1 / 246).
قلت: وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير اليشكري وهو
سليمان بن قيس وهو ثقة، وادعى الترمذي أنه غير متصل يعني أنه لم يسمعه
قتادة من سليمان.
الطريق الرابعة: عن عطاء عنه به نحوه ويأتي لفظه وتخريجه بعد سبعة
أحاديث.
373

1533 - (حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا شفعة لنصراني "
رواه الدارقطني في كتاب العلل).
منكر: أخرجه البيهقي (6 / 108 و 109) والخطيب في " تاريخ
بغداد " (13 / 465) من طريق نائل بن نجيح عن سفيان عن حميد عن أنس:
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: فذكره ولفظ الخطيب:
" مرة رفعه، ومرة لم يرفعه ".
وهو رواية للبيهقي أورده في " باب رواية ألفاظ منكرة يذكرها بعض
الفقهاء في مسائل الشفعة ". وقال عقب الحديث:
" قال ابن عدي: أحاديث نائل مظلمة جدا، وخاصة إذا روى عن
الثوري " ثم رواه من طريق أخرى عن سفيان عن حميد الطويل عن الحسن
البصري قوله موقوفا عليه. قال البيهقي:
" وهو الصواب ".
وكذلك قال الدارقطني فيما رواه الخطيب عنه، وقال:
" وهو الصحيح ".
1534 - (حديث جابر: " هو أحق به بالثمن " رواه
الجوزجاني ").
ضعيف بهذا اللفظ. أخرجه أحمد (3 / 310 و 382) من طريق
الحجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
" أيما قوم كانت بينهم رباعة أو دار، فأراد أحدهم أن يبيع نصيبه
فليعرضه على شركائه، فإن أخذوه، فهم أحق به بالثمن ".
وهذا سند ضعيف لأن الحجاج وأبا الزبير كلاهما مدلس، إلا أن الثاني
منهم، قد صرح بالتحديث في رواية لمسلم بلفظ آخر تقدم ذكره قبل حديث.
374

1535 - حديث أبي هريرة مرفوعا: " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود
فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ".
أخرجه ابن بطة في " الجزء في الخلع وإبطال الحيل " (ص 24): حدثنا
أبو الحسن أحمد بن محمد بن سلم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني:
حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه به.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير
أبي الحسن أحمد بن محمد بن مسلم، وهو المخرمي كما جاء منسوبا في أكثر من
موضع من كتابه الآخر " الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية " (ق 11 / 2 و 144 و
2). وأما الحافظ بن كثير، فقد أورد الحديث في تفسيره من طريق ابن بطة،
وقال:
" وهذا إسناد جيد، فإن أحمد بن محمد بن مسلم هذا ذكره الخطيب في
" تاريخه " ووثقه، وباقي رجاله مشهورون ثقات، ويصحح الترمذي بمثل هذا
الاسناد كثيرا ".
قلت: ولكني لم أجد ترجمة ابن مسلم هذا في " تاريخ الخطيب ". فالله
أعلم.
1536 - (حديث جابر: " الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود
فلا شفعة " رواه الشافعي).
صحيح: وعزوه للشافعي وحده قصور، فقد أخرجه البخاري وأبو
داود وغيرهما بهذا اللفظ، وأتم منه، وقد خرجناه قبل ثلاثة أحاديث.
وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به.
أخرجه ابن حبان (1152).
1537 - (وعنه أيضا: " انما جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشفعة في كل ما لم
يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة " رواه أبو داود).
375

صحيح. وهو عند أحمد (3 / 296) ومن طريقه رواه أبو داود
(3514): ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عنه به.
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري بنحوه،
وذكرت لفظه تحت الحديث (1530) وقد أخرجه (4 / 344) من طريق هشام
ابن يوسف أخبرنا معمر بهذا اللفظ الذي عند أحمد.
1538 - (حديث أبي رافع مرفوعا: " الجار أحق بصقبة " رواه
البخاري وأبو داود).
صحيح. أخرجه البخاري (2 / 47 و 4 / 346) وأبو داود (3516)
وكذا النسائي (2 / 234 - 235) وأبن ماجة (2498) والدارقطني (510)
والبيهقي (6 / 105) وأحمد (6 / 390) والخرائطي في " مكارم الأخلاق "
(ص 42). من طريق عن إبراهيم في مسيرة عن عمرو بن الشريد عن أبي
رافع به. ولفظ ابن ماجة ورواية لأحمد (4 / 389): " الشريك أحق بسقبه ما
كان ".
وسنده صحيح.
خالفه عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي في إسناده فقال: عن عمرو بن
الشريد عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: فذكره.
أخرجه ابن الجارود (645) والدارقطني البيهقي وأحمد (4 / 389).
قلت: والطائفي في هذا صدوق، ولكنه يخطئ ويهم كما في
" التقريب "، بمثله لا تعارض رواية إبراهيم بن ميسرة وهو الثقة الثبت الحافظ.
لكن قد رواه عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه. فلم يتفرد
الطائفي بهذا الأسناد، بل تابعه عمرو بن شعيب وهو ثقة، فدل على أن عمرو
ابن الشريد له إسنادان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث، حفظ أحدهما عنه
إبراهيم بن ميسرة. وحفظ الآخر الطائفي وعمرو بن شعيب.
376

وقد أخرجه عن عمرو النسائي (2 / 235) وابن ماجة (2496) وأحمد
(4 / 388، و 389 و 390).
ثم رأيت الترمذي قد علق الحديث من طريق الطائفي عن عمرو بن
الشريد عن أبيه وعن طريق إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي
رافع، وقال:
" سمعت محمدا (يعني الإمام البخاري) يقول: كلا الحديثين عندي
صحيح ".
فالحمد لله على توفيقه.
1539 - حديث الحسن عن سمرة مرفوعا: " جار الدار أحق
بالدار " صححه الترمذي ".
صحيح. أخرجه أبو داود (3517) والترمذي (1 / 256) وابن
الجارود (644) والبيهقي (6 / 106) والطيالسي (904) وأحمد (5 / 8 و 12
و 13 و 17 و 18) وابن عدي في " الكامل " (ق 88 / 2 و 114 / 2) والثقفي في
" الثقفيات " (4 / 28 / 1) عن طرق عن قتادة عن الحسن به.
وخالفهم عيسى بن يونس فقال: حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعا
به أخرجه ابن حبان (1153) وابن سختام الفقيه في " الفوائد المنتقاة "
(44 / 2) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (204 / 1)، وعلقه
الترمذي وقال:
" والصحيح عند أهل العلم حديث الحسن عن سمرة، ولا نعرف حديث
قتادة عن أنس، إلا من حديث عيسى بن يونس ".
وقال الدارقطني:
" وهم فيه عيسى بن يونس، وغيره يرويه عن سعيد عن قتادة عن الحسن
عن سمرة، وكذلك رواه شعبة وغيره عن قتادة، وهو الصواب ".
نقله الضياء ثم عقب عليه بقوله:
377

" قلت: وقد روى أبو ليلى حديث سمرة عن أحمد بن جناب عن عيسى بن
يونس عن سعيد، وروى بعده حديث أنس، فجاء بالروايتين معا ".
قلت: وكذلك أخرجه أبو الحسن القزويني في " مجلس من الأمالي " (ق
200 / 1) عن أحمد بن جناب قال: ثنا عيسى بن يونس بالروايتين.
وأحمد بن جناب ثقة من شيوخ مسلم، فروايته تدل على أن عيسى بن
يونس قد حفظ ما روى الجماعة عن سعيد عن قتادة، وزاد عليهم روايته عن
سعيد عن قتادة عن أنس.
ومعنى ذلك أن لقتادة في هذا الحديث إسنادين: أحدهما عن أنس،
والآخر عن الحسن عن سمرة.
فيبقى النظر في اتصال كل من الاسنادين، وفيه نظر، فإن قتادة والحسن
البصري كلاهما مدلس، وقد عنعنه. ومع ذلك فقد قال الترمذي في حديث
سمرة.
" حسن صحيح ".
قلت: لعله يكون كذلك بمجموع الطريقين والله أعلم.
1540 - (حديث جابر: " الجار أحق بشفعته (1) ينتظر به وإن كان
غائبا إذ كان طريقهما واحدا ") ص 443.
صحيح. أخرجه أبو داود (3518) والترمذي (1 / 256 - 257)
والدارمي (2 / 273) والطحاوي (2 / 265) وأحمد (3 / 303) وكذا
الطيالسي (1677) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فذكره. واللفظ للترمذي وقال:
" هذا حديث حسن غريب، ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد
الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد تكلم شعبة في عبد الملك من أجل

(1) الأصل " بصقبه " والتصويب من " الترمذي " وسائر من أخرج الحديث.
378

هذا الحديث، وعبد الملك ثقة مأمون عند أهل الحديث، لا نعلم أحدا تكلم
فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث، وقد روى وكيع عن شعبة عن عبد الملك
هذا الحديث. وروى عن ابن المبارك عن سفيان الثوري قال: عبد الملك بن أبي
سليمان ميزان. يعني في العلم والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن الرجل
أحق بشفعته، وإن كان غائبا، فإذا قدم فله الشفعة، وإن تطاول ذلك ".
1541 - (حديث جابر: " قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشفعة في كل شركة
لم تقسم ربعة أو حائط الحديث. رواه مسلم).
صحيح. وتقدم لفظه بتمامه مع تخريجه تحت الحديث (1532).
1542 - (حديث ابن عمر: " الشفعة كحل العقال " رواه ابن
ماجة، وفي لفظ: " الشفعة كنشط العقال، إن قيدت ثبتت، وان تركت
فاللوم على من تركها "). ص 444.
ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجة (2500) وابن عدي (ق
297 / 2) والبيهقي (6 / 108) من طريق محمد بن الحارث عن محمد بن
عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عنه. وقال البيهقي وزاد في أوله " لا شفعة لصبي،
ولا لغائب، وإذا سبق الشريك شريكه بالشفعة فلا شفعة " محمد بن الحارث
البصري متروك، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني ضعيف، ضعفهما يحيى بن
معين وغيره من أئمة أهل الحديث ".
وقال أبن أبي حاتم في " العلل " (1 / 479 " عن أبي زرعة:
" هذا حديث منكر، لا أعلم أحدا قال بهذا، الغائب له شفعته،
والصبي حتى يكبر ".
وقال الحافظ في " التلخيص " (3 / 56) بعد أن عزاه لابن ماجة والبزار:
" وإسناده ضعيف جدا، وقال ابن حبان: لا أصل له، وقال البيهقي:
ليس بثابت ".
379

قلت: وأما اللفظ الثاني فلا يعرف له إسناد، قال الحافظ:
" ذكره القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والماوردي هكذا بلا إسناد، وذكره
ابن حزم من حديث ابن عمر بلفظ: " الشفعة كحل العقال، فإن قيدها مكانه
ثبت حقه، وإلا فاللوم عليه ". ذكره عبد الحق في " الأحكام " عنه. وتعقبه ابن
القطان بأنه لم يره في " المحلى "، وأخرجه عبد الرزاق من قول شريح: إنما
الشفعة لمن واثبها. وذكره، قاسم بن ثابت في (دلائله) ".
1543 - (حديث جابر: " هو أحق به بالثمن " رواه الجوزجاني في
المترجم)
ضعيف بهذا اللفظ. وقد مضى بيانه برقم (1534)
380

باب الوديعة
1544 - (وقال البني (صلى الله عليه وآله وسلم): " أد الأمانة إلى من
أئتمنك.... " الحديث. رواه أبو داود والترمذي وحسنه). ص 446
صحيح. وقد روي عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة، وأنس
بن مالك، ورجل سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
1 - أما حديث أبي هريرة، فيرويه أبو صالح عنه به.
أخرجه أبو داود (3535) والترمذي (1 / 238) والدارمي (2 / 264)
والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 338) والخرائطي (ص 30) والدارقطني
(303) والحاكم (2 / 46) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 269) وابن
عساكر في " تاريخ دمشق " (5 / 59 / 2) من طرق عن طلق بن غنام عن
شريك وقيس عن أبي حصين عن أبي صالح به. وقال الترمذي:
" هذا حديث حسن غريب ".
وقال الحاكم:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.
قلت: وفيه نظر، فإن شريكا، وهو ابن عبد الله القاضي، إنما أخرج له
مسلم في المتابعات. نعم حديثه هذا مقرون برواية قيس وهو ابن الربيع، وهو
نحو شريك في الضعف لسوء الحفظ، فأحدهما يقوي الآخر.
وأما قول ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 375) عن أبيه:
" حديث منكر، لم يروه غير طلق بن غنام ".
فلا ندري وجهه، لأن طلقا ثقة بلا خلاف، وثقة ابن سعد والدارقطني
381

وابن شاهين وغيرهم. وقول ابن حزم فيه: " ضعيف " مردود لشذوذه، ولأنه
جرح غير مفسر.
ثم استدركت فقلت: لعل وجهه أن طلقا لم يثبت عند أبي حاتم
عدالته، فقد أورده ابنه في " الجرح والتعديل " وحكى عن أبيه أسماء شيوخه،
والرواة عنه، ثم لم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذلك مما لا يضره، فقد ثبتت
عدالته بتوثيق من وثقه، لا سيما وقد احتج به الإمام البخاري في صحيحه.
2 - وأما حديث أنس، فيرويه أبو التياح عنه به.
أخرجه الدارقطني (303 - 304) والحاكم والطبراني في " المعجم
الصغير " (ص 96) وأبو نعيم في " الحلية " (6 / 132) والضياء المقدسي في
" الأحاديث المختارة " (ق 248 / 2) كلهم من طريق أيوب بن سويد نا ابن
شوذب عن أبي التياح به. وقال الطبراني:
" تفرد به أيوب ".
قلت: وهو مختلف فيه كما قال الحافظ في " التلخيص " (3 / 97). وقال
في " التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
قلت: وعلى هذا فهو ممن يستشهد به، ولذلك أورده الحاكم شاهدا.
3 - وأما حديث الرجل، فهو من طريق يوسف بن ماهك المكي قال:
" كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليهم، فغالطوه بألف درهم، فأداها
إليهم، فأدركت له من مالهم مثليها، قال: قلت: أقبض الألف الذي ذهبوا به
منك؟ قال: لا حدثني أبي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: فذكره.
أخرجه أبو داود (3534) وأحمد (3 / 414) والدولابي في " الكنى "
(1 / 63).
قلت: ورجاله ثقات غير الرجل الذي لم يسم. ومع ذلك صححه ابن
السكن كما في " التلخيص ".
382

وأخرجه الدارقطني أيضا لكنه قال في إسناده: يوسف بن يعقوب عن
رجل من قريش عن أبي بن كعب. والله أعلم.
وجملة القول: أن الحديث بمجموع هذه الطرق ثابت، فما نقل عن بعض
المتقدمين أنه ليس بثابت، فذلك باعتبار ما وقع له من طرق، لا بمجموع ما
وصل منها إلينا. والله أعلم.
فصل
1545 - (حديث: " إن المسافر وماله لعلى فلت إلا ما وقى
الله ".) ص 449
ضعيف جدا. أخرجه السلفي في " أخبار أبي العلاء المعري " من
طريق المعري هذا - وحاله معروف - عن خيثمة بن سليمان نا أبو عتبة نا بشير بن
زاذان الدارسي عن أبي علقمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لو علم الناس رحمة الله بالمسافر، لأصبح الناس وهم على سفر، إن
المسافر ورحله على فلت، إلا ما وقى الله ".
وكذا أسنده أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من هذا الوجه من
غير طريق المعري. وقد أنكره النووي في " شرح المهذب " فقال: ليس هذا
خبرا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما هو من كلام بعض السلف، قيل إنه علي بن أبي
طالب. كذا في " التلخيص " (3 / 98).
قلت: وفي هذا الإسناد علتان:
الأولى: بشير بن زاذان ضعفه الدارقطني وغيره. واتهمه ابن الجوزي،
وقال ابن معين: ليس بشيء.
والأخرى: أبو عتبه واسمه أحمد بن الفرج الحمصي، ضعفه محمد بن
عوف الطائي. وقال ابن عدي: لا يحتج به.
وقد خولف في إسناده، فقد أخرجه السلفي أيضا في " الطبوريات " (ق
383

225 / 1) عن أحمد بن محمد بن أبي الخناجر نا بشير بن زاذان عن رشيدين بن
سعد عن أبي علقمة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:
" لو يعلم الناس رحمة الله للمسافر، أصبح الناس كلهم على ظهر سفر،
إن الله بالمسافر لرحيم ".
فأدخل بين بشير وأبي علقمة رشدين بن سعد، وهو ضعيف أيضا.
ولكني لم أعرف ابن أبي الخناجر هذا.
1546 - (حديث: " روى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عنده ودائع فلما أراد
الهجرة أودعها عند أم أيمن وأمر عليا أن يردها إلى أهلها ").
حسن، دون ذكر أم أيمن، أخرجه البيهقي (6 / 289) من طريق محمد
ابن إسحاق قال: أخبرني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن
عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة قال: حدثني رجال قومي من أصحاب رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - فذكر الحديث في خروج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال فيه -:
" فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاث
ليال وأيامها، حتى أدى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الودائع التي كانت عنده
للناس، حتى إذا فرغ منها لحق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
قلت: وهذا إسناد حسن. وقال الحافظ: " قوي ".
(تنبيه) وقع الحديث في " الخلاصة " في تخريج أحاديث الرافعي (ق
136 / 1) كما وقع هنا " أم أيمن "، ووقع في " التلخيص " نقلا عن الرافعي
" أم المؤمنين " فقال في تخريج هذا اللفظ:
" لا يعرف، بل لم تكن عنده في ذلك الوقت، إن كان المراد بها عائشة،
نعم كان قد تزوج سودة بنت زمعة قبل الهجرة، فإن صح فيحتمل أن تكون
هي ".
قلت: أغلب الظن أن أصل هذه الكلمة في الرافعي " أم أيمن " كما وقع
384

في " الخلاصة "، ثم تحرفت على بعض نساخ الرافعي إلى " أم المؤمنين " فوقعت
هذه النسخة إلى الحافظ فاستشكل ذلك. وأما على نسخة الخلاصة فلا إشكال
لأن أم أيمن كانت حاضنته عليه السلام، على أنه لم يقع ذكرها في الحديث
كما رأيت. والله أعلم.
فصل
1547 - (حديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا:
" من أودع وديعة فلا ضمان عليه " رواه ابن ماجة).
حسن. أخرجه ابن ماجة (2401) من طريق أيوب بن سويد عن المثنى
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف، المثنى هو الصباح قال في " التقريب ":
" ضعيف، اختلط بآخره، وكان عابدا ".
وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:
" ضعفه ابن معين، وقال النسائي: متروك ".
واعتمد الحافظ في " التلخيص " قول النسائي هذا، فقال (3 / 97):
" وهو متروك. وتابعه ابن لهيعة فيما ذكره البيهقي ".
قلت: وأيوب بن سويد هو الرملي صدوق يخطئ.
وقال البوصيري في " الزوائد " (148 / 1):
" هذا إسناد ضعيف، لضعف المثنى، وهو ابن الصباح، والراوي
عنه ".
قلت: قد تابعه ابن لهيعة كما سبق عن الحافظ. وتابعه أيضا محمد بن عبد
الرحمن الحجبي عن عمرو بن شعيب به مرفوعا بلفظ:
385

" لا ضمان على مؤتمن "
أخرجه الدارقطني (306) وعنه البيهقي (6 / 289) من طريق يزيد بن
عبد الملك وقال:
" إسناده ضعيف ".
قلت: وعلته الحجبي هذا، فقد أورده ابن أبي حاتم (3 / 2 / 323)،
ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
ويزيد بن عبد الملك هو النوفلي وهو ضعيف.
قلت: فهذه ثلاث طرق عن عمرو بن شعيب، وهي وإن كانت ضعيفة
فمجموعها مما يجعل القلب يشهد بأن الحديث قد حدث به عمرو بن شعيب،
وهو حسن الحديث لا سيما وقد روي معناه عن جماعة من الصحابة ساق البيهقي
أسانيدها إليهم.
وأما ما أخرجه الدارقطني من طريق عمرو بن عبد الجبار عن عبيدة بن
حسان عن عمرو بن شعيب به بلفظ:
" ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل
ضمان ".
فإسناده ضعيف جدا، قال الدارقطني عقبه:
" عمرو وعبيدة ضعيفان، وإنما يروى عن شريح القاضي غير مرفوع ".
قلت: عبيدة بن حسان قال ابن حبان: يروي الموضوعات.
1548 - (خبر: " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضمن أنسا
وديعة ذهبت من بين ماله ". ص 450.
صحيح. أخرجه البيهقي (6 / 289) من طريق النضر بن
أنس عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضمنه
وديعة سرقت من بين ماله ".
386

قلت: وإسناده صحيح.
ثم أخرج من طريق حميد الطويل أن أنس بن مالك حدثه:
" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غرمه بضاعة كانت معه
فسرقت أو ضاعت ففر بها إياه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ".
قلت: وإسناده جيد. قال البيهقي:
" يحتمل أنه كان فرط فيها، فضمنها إياه بالتفريط، والله
أعلم ".
387