الكتاب: تفسير نور الثقلين
المؤلف: الشيخ الحويزي
الجزء: ٤
الوفاة: ١١١٢
المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة
تحقيق: تصحيح وتعليق : السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الطبعة: الرابعة
سنة الطبع: ١٤١٢ - ١٣٧٠ ش
المطبعة: مؤسسة إسماعيليان
الناشر: مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع - قم
ردمك:
ملاحظات:

كتاب
تفسير نور الثقلين
الجزء الرابع
لمؤلفه
المحدث الجليل العلامة الخبير الشيخ عبد علي بن
جمعة العروسي الحويزي قدس سره
المتوفى سنة 1112
صححه وعلق عليه وأشرف على طبعه
الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي
بنفقة
خادم الشريعة الحاج أبى القاسم المشتهر بسالك
وفقه الله تعالى لمرضاته
مؤسسة اسماعيليان
للطباعة والنشر والتوزيع
قم - إيران - تلفون 25212
1

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي الحسن عليه السلام قال: يا ابن عمار لا تدع
قراءة سورة (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده) فان من قرأها في كل ليلة لم يعذبه
ابدا، ولم يحاسبه وكان منزله في الفردوس الاعلى.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء سورة
الفرقان بعث يوم القيامة وهو مؤمن، ان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من
في القبور.
3 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: لم سمى الفرقان فرقانا؟ قال: لأنه متفرق الآيات والسور
أنزلت في غير الألواح وغير الصحف والتوراة والإنجيل والزبور أنزلت كلها جملة
في الألواح والورق، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: نقلنا عنهم عليهم السلام في أول آل عمران ما
فيه كفاية لمن أراد الوقوف على الفرق بين القرآن والفرقان فمن اراده فليطلبه هناك
قال عز من قائل: وخلق كل شئ فقدره تقديرا
4 - في عيون الأخبار باسناده إلى حمدان بن سليمان قال: كتبت إلى
الرضا عليه السلام أساله عن أفعال العباد أمخلوقة أم غير مخلوقة؟ فكتب عليه السلام: أفعال العباد
مقدرة في علم الله قبل خلق العباد بألفي عام.
5 - وفيه في باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام وشرائع الدين
وأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، خلق تقدير لا خلق تكوين، والله خالق كل شئ
ولا نقول بالجبر والتفويض.
2

6 - وفيه عن الرضا عليه السلام باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عز وجل
قدر المقادير ودبر التدبير قبل ان يخلق آدم بألفي عام.
7 - في كتاب الخصال مرفوع إلى علي عليه السلام قال: الأعمال على ثلاثة أحوال
فرائض وفضائل ومعاصي، اما الفرائض فبأمر الله وبرضاء الله وبقضاء الله وتقديره و
مشيته وعلمه عز وجل. واما الفضائل فليس بأمر الله ولكن برضاء الله وبقضاء الله و
بمشية الله وبعلم الله تعالى. واما المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله وبقدر الله و
بمشيته وبعلمه ثم يعاقب عليها.
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: المعاصي بقضاء الله معناه بنهي الله، لان حكمة
الله تعالى فيها على عباده الانتهاء عنها ومعنى قوله: بقدر الله أي يعلم بمبلغها وتقديرها
مقدارها، ومعنى قوله: وبمشيته فإنه عز وجل شاء أن لا يمنع العاصي عن المعاصي الا
بالزجر والقول والنهى، دون الجبر والمنع بالقوة والدفع بالقدر (انتهى).
8 - الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أن
قال عليه السلام: وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، والله خالق كل شئ
ولا نقول بالجبر والتفويض.
9 - في أصول الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه
عن محمد بن سليمان الديلمي عن علي بن إبراهيم الهاشمي قال: سمعت أبا الحسن
موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: لا يكون شئ الا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، قلت
ما معنى شاء؟ قال: ابتدأ الفعل، قلت: ما معنى قدر؟ قال: تقدير الشئ من طوله و
عرضه، قلت: ما معنى قضى؟ قال: إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مرد له.
10 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن أبان عن أبي
بصير قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام: شاء وأراد وقدر وقضى؟ قال: نعم قلت:
وأحب؟ قال: لا، قلت: وكيف شاء وأراد وقدر وقضى ولم يحب؟ قال: هكذا
خرج إلينا.
3

11 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال: سئل العالم عليه السلام كيف علم
الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقضى وقدر وأمضى فأمضى ما قضى وقضى ما قدر و
قدر ما أراد، فبعلمه كانت المشية وبمشيته كانت الإرادة، وبإرادته كان التقدير
وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الامضاء، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية
والإرادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء، فلله تبارك وتعالى البداء فيما
علم متى شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء، فالعلم
في المعلوم قبل كونه، والمشية في المنشأ قبل عينه، والإرادة في المراد قبل قيامه
والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا وقتا بالامضاء هو المبرم من
المفعولات، ذوات الأجسام المدركات بالحواس، من ذوي لون وريح ووزن وكيل
وما دب ودرج من انس وجن وطير وسباع، وغير ذلك مما يدرك بالحواس، فلله
تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء، والله
يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها وبالمشية عرف صفاتها وحدودها وأنشأها
قبل اظهارها، وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر أقواتها و
عرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها، ودلهم عليها وبالامضاء شرح عللها
وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.
12 - في كتاب التوحيد عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام
لا حاجة به إلى شئ مما خلق، وخلقه جميعا يحتاجون إليه وانما خلق الأشياء من غير
حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.
13 - وباسناده إلى عبد الرحمن العزرمي باسناده رفعه إلى من قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين
ألف سنة.
14 - وباسناده إلى علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عز وجل قدر المقادير ودبر التدابير قبل أن يخلق
آدم بألفي عام.
4

15 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أفعال العباد مخلوقة
خلق تقدير لا خلق تكوين، ومعنى ذلك ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما بمقاديرها
قبل كونها.
16 - وباسناده إلى عبد الاعلى عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل في آخره قال عليه السلام:
الله خالق الأشياء لا من شئ كان.
17 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى اسحق الليثي عن الباقر عليه السلام حديث
طويل وفيه يقول عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شئ
ومن زعم أن الله عز وجل خلق الأشياء من شئ فقد كفر، لأنه لو كان ذلك الشئ الذي
خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك (الشئ أنايا بل خلق عز وجل
الأشياء كلها لا من شئ.
18 - في أصول الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها وكل صانع شئ فمن
شئ صنع، والله لا من شئ صنع ما خلق.
19 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس قال:
قال الرضا عليه السلام: تدرى ما التقدير؟ قلت: لا قال: هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق
والبقاء والفناء، تدري ما القضاء؟ قلت: لا قال: هو إقامة العين والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
ثم حكى عز وجل أيضا وقال الذين كفروا ان هذا يعنى القرآن الا افك افتراه
واعانه عليه قوم آخرون قالوا: إن هذا الذي يقرأه رسول الله صلى الله عليه وآله ويخبرنا به اما
يتعلمه من اليهود ويكتبه من علماء النصارى ويكتب عن رجل يقال له: قسطه ينقله عنه
بالغداة والعشي، فحكى سبحانه وتعالى قولهم فرد عليهم، فقال جل ذكره: (وقال الذين
كفروا ان هذا الا افك افتراه) إلى قوله (بكرة وأصيلا) فرد الله عز وجل عليهم فقال: قل لهم
يا محمد أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض انه كان غفورا رحيما.
20 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (افك افتراه)
5

قال: الإفك الكذب (واعانه عليه قوم آخرون) يعنون أبا فهيكة وحبرا وعداسا وعابسا مولى
خويطب، وقوله عز وجل: (أساطير الأولين اكتتبها) فهو قول النضر بن الحارث بن
علقمة بن كلدة.
21 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وعن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام
قال: قلت لأبي علي بن محمد عليهما السلام هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يناظر اليهود و
المشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال: مرارا كثيرة وذلك أن رسول الله كان قاعدا
ذات يوم بفناء الكعبة فابتدأ عبد الله بن أبي أمية المخزومي فقال: يا محمد لقد ادعيت
دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا، زعمت أنك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين
وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا، تأكل كما نأكل وتمشى
في الأسواق كما نمشي، فقال رسول الله: اللهم أنت السامع لكل صوت والعالم بكل
شئ، تعلم ما قاله عبادك فأنزل الله عليه يا محمد وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام
إلى قوله. مسحورا ثم قال الله تعالى: انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون
سبيلا ثم قال: تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من تحتها الأنهار
ويجعل لك قصورا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله اما ما ذكرت من أنى آكل الطعام
كما تأكلون وزعمت أنه لا يجوز لأجل هذه ان أكون لله رسولا، فإنما الامر لله يفعل ما
يشاء ويحكم ما يريد، وهو محمود وليس لي ولا لاحد الاعتراض بلم وكيف، ألا ترى ان
الله كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا وأعز بعضا وأذل بعضا وأصح بعضا وأسقم بعضا وشرف
بعضا ووضع بعضا، وكلهم ممن يأكل الطعام، ثم ليس للفقراء ان يقولوا: لم أفقرتنا و
أغنيتهم، ولا للوضعاء ان يقولوا: لم وضعتنا وشرفتهم ولا للزمناء والضعفاء ان يقولوا لم أزمنتنا
وأضعفتنا وصححتهم ولا للأذلاء ان يقولوا لم أذللتنا وأعززتهم، ولا لقباح الصور ان يقولوا:
لم أقبحتنا وجملتهم، بل إن قالوا ذلك كانوا على ربهم رادين وله في أحكامه منازعين و
به كافرين، ولكن جوابه لهم: انا الملك الخافض الرافع المغنى المفقر المعز المذل
المصحح المسقم، وأنتم العبيد ليس لكم الا التسليم لي والانقياد لحكمي، فان سلمتم
6

كنتم عبادا مؤمنين وان أبيتم كنتم بي كافرين وبعقوباتي من الهالكين، ثم قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: واما قولك ما أنت الأرجل مسحور فكيف أكون كذلك وقد تعلمون انى في صحة
التمييز والعقل فوقكم، فهل جربتم مذ نشأت إلى أن استكملت أربعين سنة خزبة أو ذلة،
أو كذبة أو خيانة أو خطأ من القول أو سفها من الرأي أتظنون ان رجلا يعتصم طول هذه المدة
بحول نفسه وقوتها أو بحول الله وقوته؟ وذلك ما قال الله: (انظر كيف ضربوا لك الأمثال
فضلوا فلا يستطيعون سبيلا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
22 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن عبد الله عن أبيه عن محمد بن الحسين
عن ابن سنان عن عمار بن مروان عن منخل بن جميل الرقي عن جابر بن يزيد الجعفي
قال: قال أبو جعفر عليه السلام نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: (وقال
الظالمون لآل محمد حقهم ان تتبعون الا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا
فلا يستطيعون سبيلا إلى ولاية علي عليه السلام) وعلى هو السبيل.
حدثني محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثني محمد بن المثنى
عن أبيه عن عثمان بن زيد عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام بمثله.
23 - في ارشاد المفيد باسناده إلى الأصبغ بن نباته عن علي عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: ان لله تعالى قصرا من ياقوت أحمر لا يناله الا نحن وشيعتنا وساير الناس منه
بريئون.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا أحمد بن علي قال: حدثني الحسين بن أحمد
عن أحمد بن هلال عن عمرو الكلبي عن أبي الصامت قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان
الليل والنهار اثنا عشر ساعة، وان علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أشرف ساعة من اثنى عشر
ساعة وهو قول الله عز وجل: بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا.
25 - في مجمع البيان: إذا رأتهم من مكان بعيد أي من مسيرة مأة عام عن السدى
والكلبي وقال أبو عبد الله عليه السلام: من مسيرة سنة.
26 - في ارشاد المفيد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه: وتزفر النار
7

بمثل الجبال شررا.
27 - في مجمع البيان: وإذا اتقوا منها مكانا ضيقا وفى الحديث قال عليه السلام
في هذه الآية: والذي نفسي بيده انهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد
في الحائط.
28 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن
دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض
أربعين صباحا، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم.
وقال: اتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذه فأخرجه إلى البقيع، فانتهى به إلى قبر
فصوت بصاحبه فقال: قم بإذن الله، فخرج منه رجل أبيض الرأس واللحية يمسح التراب عن
وجهه وهو يقول: الحمد لله والله أكبر، فقال جبرئيل عليه السلام: عد بإذن الله ثم انتهى به إلى قبر آخر
فقال: قم بإذن الله: فخرج منه رجل مسود الوجه يقول: يا حسرتاه يا ثبوراه ثم قال له جبرئيل
عليه السلام: إلى ما كنت فيه بإذن الله، فقال: يا محمد هكذا يحشرون يوم القيامة، فالمؤمنون
يقولون هذا القول، وهؤلاء يقولون ما ترى.
29 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى كثير بن طارق قال: سألت
زيد بن علي بن الحسين عن قول الله تعالى: لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا
فقال: يا كثير انك رجل صالح ولست بمتهم وانى أخاف عليك ان تهلك، ان كل امام
جائر فان اتباعهم إذا أمر بهم إلى النار نادوا باسمه فقالوا: يا فلان يا من أهلكنا هلم الان
فخلصنا مما نحن فيه، ثم يدعون بالويل والثبور فعندها يقال لهم: (لا تدعوا اليوم ثبورا
واحدا وادعوا ثبورا كثيرا).
30 - في تفسير علي بن إبراهيم (وإذا ألقوا منها (أي فيها) مكانا ضيقا مقرنين)
قال: مقيدين بعضهم مع بعض دعوا هنالك ثبورا.
31 - في مجمع البيان وروى أبو جعفر وزيد عن يعقوب ان نتخذ بضم النون و
فتح الخاء وهو قراءة زيد وأبى الدرداء وروى عن جعفر بن محمد عليهما السلام وروى
8

عن علي عليه السلام ويمشون في الأسواق بضم الياء وفتح الشين مشددة.
32 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: وقدمنا إلى ما عملوا من
عمل فجعلناه هباء منثورا فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: يبعث الله عز وجل يوم القيامة قوما بين أيديهم
نور كالقباطي (1) ثم يقول له: (كن هباء منثورا) ثم قال: اما والله يا أبا حمزة انهم
كانوا يصومون ويصلون، ولكن كانوا إذا عرض لهم شئ من الحرام أخذوه، وإذا
ذكر لهم شئ عن فضل أمير المؤمنين عليه السلام أنكروه، قال: والهباء المنثور هو الذي تراه
يدخل البيت في الكوة مثل شعاع الشمس.
33 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى اسحق الليثي عن الباقر عليه السلام
حديث طويل يقول فيه أبو إسحق بعد أن قال: وأجد من أعدائكم ومن ناصبيكم من يكثر
من الصلاة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة، ويحض على الجهاد
ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام، ويقضى حقوق اخوانه ويواسيهم من ماله، ويتجنب
شرب الخمر والزنا واللواط وساير الفواحش، وارى الناصب على ما هو عليه مما وصفته
من أفعالهم لو أعطى أحد ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت
وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل، ولا زال ولو ضربت خياشيمه (2) بالسيوف فيهم ولو قتل
فيهم ما ارتدع ولا رجع، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه
ورئى كراهة ذلك في وجهه، وبغضا لكم ومحبة لهم؟ قال: فتبسم الباقر عليه السلام ثم قال: يا إبراهيم
(هيهنا هلكت العاملة الناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية) ومن ذلك قال
عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا)،.
34 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن منصور عن

(1) القباطي جمع القبطية - بضم القاف وقد تكسر - ثياب من كتان تنسج بمصر منسوبة
إلى القبط.
(2) خياشيم جمع الخيشوم: أقصى الانف.
9

سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن أعمال العباد تعرض كل
خميس على رسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا كان يوم عرفة هبط الرب تبارك وتعالى وهو
قول الله تبارك وتعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا) فقلت:
جعلت فداك أعمال من هذه؟ فقال: أعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا.
35 - في أصول الكافي ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا
منثورا) فقال: أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي (1) ولكن كانوا
إذا عرض لهم حرام لم يدعوه.
36 - في الكافي علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن ابن أبي عمير عن بعض ض
أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه
هباء منثورا) قال: إن كانت أعمالهم لأشد بياضا من القباطي فيقول الله عز وجل لها:
كونى هباء، وذلك انهم كانوا إذا شرع لهم الحرام أخذوه.
37 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا عن سهل بن
زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا عن أبي جميلة مفضل بن
صالح عن جابر عن عبد الاعلى وعلي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن إبراهيم
ابن عبد الاعلى عن سويد بن غفلة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان ابن آدم إذا كان
في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة مثل له ماله وولده وعمله فيلتفت
إلى ماله فيقول: والله ان كنت عليك لحريصا شحيحا فمالي عندك؟ فيقول: خذ منى
كفنك، قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله انى كنت لكم محبا وانى كنت عليكم
محاميا فماذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها، قال: فيلتفت إلى
عمله فيقول: والله ان كنت فيك لزاهدا وان كنت على لثقيلا فماذا عندك؟ فيقول: انا
قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك، قال: فإن كان

(1) مر معناه في صفحة 9
10

لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا فيقول: ابشر بروح وريحان
وجنة نعيم، ومقدمك خير مقدم، فيقول له: من أنت؟ فيقول: انا عملك الصالح ارتحل
من الدنيا إلى الجنة، وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله، فإذا دخل قبره أتاه
ملكا القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأقدامهما، أصواتهما كالرعد القاصف و
أبصارهما كالبرق الخاطف، فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: الله
ربى وديني الاسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وآله، فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى وهو
قول الله عز وجل: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة)
ثم يفسحان له في قبره مد بصره ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير -
العين نوم الشاب الناعم، فان الله عز وجل يقول: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا و
أحسن مقيلا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
38 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) فبلغنا والله أعلم انه إذا
استوى أهل النار إلى النار لينطلق بهم قبل ان يدخلوا النار، فيقال لهم: ادخلوا إلى ظل
ذي ثلاث شعب من دخان النار، فيحسبون انها الجنة، ثم يدخلون النار أفواجا وذلك
نصف النهار، وأقيل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف
النهار، فذلك قول الله عز وجل: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا).
39 - في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا ينتصف ذلك اليوم حتى
يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
40 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن
محمد بن مالك عن محمد بن حمدان عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: ويوم تشقق السماء بالغمام قال: الغمام
أمير المؤمنين (ع) وقوله: ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع
الرسول سبيلا قال أبو جعفر عليه السلام: يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا عليا وليا
11

يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا يعنى الثاني لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني
يعنى الولاية وكان الشيطان وهو الثاني للانسان خذولا.
41 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة يقول
فيها عليه السلام: في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع، ولئن تقمصها دوني
الاشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما
عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول
لقرينه إذا التقيا: (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين) فيجيبه الأشقى على
رثوثة (1) (يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان
للانسان خذولا) فانا الذكر الذي عنه ضل، والسبيل الذي عنه مال، والايمان الذي به
كفر، والقرآن الذي إياه هجر، والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه نكب.
42 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه لبعض الزنادقة وقد قال: ثم وارى أسماء من اغتر وفتن خلقه وضل و
أضل وكنى عن أسمائهم في قوله: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع
الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني) فمن
هذا الظالم الذي لم يذكر من اسمه ما ذكر من أسماء الأنبياء ولم يكن عن أسماء الأنبياء
تحيرا وتقررا بل تعريفا لأهل الاستبصار، ان الكناية عن أسماء ذوي الجرائر العظيمة
من المنافقين في القرآن، ليست من فعله تعالى وانها من فعل المعيرين والمبدلين
الذين جعلوا القرآن عضين واعتاضوا الدنيا من الدين.
43 - في تفسير العياشي عن داود بن فرقد عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لو قرئ القرآن كما انزل لألفيتنا فيه مسمين.
44 - عن إبراهيم بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان في القرآن ما مضى و
ما يحدث وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، وانما الاسم الواحد منه في

(1) الرثاثة: البذاذة ومن اللباس: البالي، وفى الوافي (على وثوبه)
12

وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة،
45 - في مجمع البيان وقال أبو عبد الله عليه السلام: ليس رجل من قريش الا ونزلت
فيه آية أو آيتان تقوده إلى الجنة أو تسوقه إلى النار، تجرى فيمن بعده ان خيرا فخير
وان شرا فشر.
46 - في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها
انه سمعها عن الرضا عليه السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ: فان قال: فلم أمروا بالقراءة
في الصلاة قيل: لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا. وليكون محفوظا فلا يضمحل
ولا يجهل.
47 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي
عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وذكر حديثا طويلا يقول
فيه: فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع و
ما حل مصدق ومن جعله امامه قادة إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل
يدل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل
وله ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق له تخوم وعلى تخومه
تخوم (1) لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه، مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل
على المغفرة لمن عرف الصفة.
48 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي
الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انا أول وافد على العزيز
الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعله بكتاب الله وبأهل بيتي.
49 - أبو علي الأشعري عن بعض أصحابه عن الخشاب رفعه قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: لا والله لا يرجع الامر والخلافة إلى آل أبي بكر وعمر ابدا ولا إلى بنى أمية ابدا ولا في
ولد طلحة والزبير أبدا، وذلك انهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطلوا الاحكام، وقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى، واستقالة من العثرة،

(1) الأنيق. الحسن المعجب. والتخوم جمع تخم - بالفتح -: منتهى الشئ.
13

ونور من الظلمة، وضياء من الاحداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من
الفتن، وبلاغ من الدنيا في الآخرة، وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد من القرآن الا
إلى النار.
50 - ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن يعقوب الأحمر قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: ان علي دينا كثيرا وقد دخلني ما كان القرآن ينفلت (1) منى فقال أبو عبد الله
عليه السلام: القرآن القرآن ان الآية من القرآن والسورة لتجئ يوم القيامة حتى تصور
ألف درجة يعنى في الجنة فتقول: لو حفظتني لبلغت بك هيهنا.
51 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي بن عبد الله عن العباس بن عامر عن
الحجاج الخشاب عن أبي كهمس الهيثم بن عبيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
قرأ القرآن ثم نسيه فرددت عليه ثلاثا أعليه فيه حرج؟ قال: لا.
52 - على عن أبيه عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القرآن
عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمسلم ان ينظر في عهده وان يقرأ منه في كل يوم خمسين آية.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد سبق قريبا عن روضة الكافي من كلام أمير -
المؤمنين (ع) تصريح بأن القرآن المهجور هو صلوات الله عليه.
53 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه يقول عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة: واما ما ذكرته من الخطاب الدال
على تهجن النبي صلى الله عليه وآله والإزراء به والتأنيب له ما أظهره الله تبارك وتعالى في
كتابه من تفضيله إياه على سائر أنبيائه، فان الله عز وجل جعل لكل نبي عدوا من
المشركين كما قال في كتابه بحسب جلالة منزلة نبينا صلى الله عليه وآله عند ربه، كذلك عظم
محنته لعدوه الذي عاذ منه في حال شقاقه ونفاقه كل اذى ومشقة لدفع نبوته وتكذيبه
إياه، وسعيه في مكارهه وقصده لنقض كل ما أبرمه، واجتهاده ومن والاه على كفره
وعناده ونفاقه في ابطال دعواه، وتغيير ملته ومخالفة سنته، ولم ير شيئا أبلغ في

(1) تفلت الطائر من الصائد: تخلص. وكأنه أراد انه نسي ما حفظه من القرآن من شدة
ما دخله من هم الدين.
14

تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه وايحاشهم منه، وصدهم عنه واعراءهم
بعداوته والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به واسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل، و
كفر ذوي الكفر منه، ولقد علم الله ذلك منهم، فقال: ان الذين يلحدون في آياتنا
لا يخفون علينا إلى قوله عليه السلام وتركوا منه قدروا انه لهم وهو عليهم، وزادوا فيه ما
ظهر تناكره وتنافره، والذي بدأ في الكتاب من الازراء على النبي صلى الله عليه وآله من فرية
الملحدين.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وهنا كلام يطلب في آل عمران عند قوله تعالى:
(واشتروا به ثمنا قليلا) الآية.
54 - في مجمع البيان: ورتلناه ترتيلا وروى عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا
ابن عباس إذا قرأت القرآن ترتله ترتيلا، قال: وما الترتيل؟ قال: بينه تبيانا و
لا تنثره نثر الرمل، ولا تهذه هذ الشعر (1) فقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، و
لا يكون هم أحدكم آخر السورة (2)
55 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن سعيد عن واصل بن
سليمان عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (و
رتل القرآن ترتيلا) قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: بينه تبيانا ولا تهذه هذ الشعر
ولا تنثره نثر الرمل ولكن افرغوا قلوبكم، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: نقلنا ما في مجمع البيان تبعا له وما في أصول
الكافي تأييدا لذلك وإن كان في النقل هنا بعض الخفاء.
56 - في مجمع البيان: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم وروى أنس
قال: إن رجلا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: إن

(1) هذ الشعر: أسرع في قرائته
(2) قد بسط الكلام رحمه الله في بيان الترتيل عند قوله تعالى: (ورتل القرآن
ترتيلا) ونقلنا أيضا طرفا شافيا من الاخبار في بيانه هناك (منه - ره)
15

الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة أورده البخاري في الصحيح
57 - فدمرناهم تدميرا في الشواذ فدمرناهم تدميرا على التأكيد بالنون الثقيلة
وروى ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وعنه (1) فدمرناهم وهذا كأنه أمر لموسى وهارون عليهما السلام أن يدمرانهم
58 - في عيون الأخبار باسناده إلى صالح الهروي قال: حدثنا علي بن موسى
الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه
علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال: أتى علي بن أبي طالب عليه السلام
قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني
عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا، وأين كانت منازلهم، ومن كان ملكهم، و
هل بعث الله تعالى إليهم رسولا أم لا، وبماذا أهلكوا؟ فانى أجد في كتاب الله تعالى
ذكرهم ولا أجد خبرهم فقال له علي عليه السلام: لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد
قبلك ولا يحدثك به أحد بعدي الا عنى، وما في كتاب الله تعالى آية الا وانا أعرفها و
اعرف تفسيرها وفى أي مكان نزلت من سهل أو جبل، وفى أي وقت من ليل أو نهار،
وان هناك لعلما جما وأشار إلى صدره ولكن طلابه يسير، وعن قليل تندمون
لو فقدتموني.
كان من قصصهم يا أخا تميم انهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها
شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها دوشاب. كانت أنبطت
(2) لنوح عليه السلام بعد الطوفان، وانما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض
وذلك بعد سليمان بن داود عليهما السلام وكانت لهم اثنى عشرة قرية على شاطئ نهر
يقال له الرس من بلاد المشرق، وبهم يسمى ذلك النهر ولم يكن يومئذ في الأرض
نهر أغزر منه ولا أعذب منه، ولا قرى أكثر ولا أعمر منها، تسمى إحداهن آبان و

(1) أي عن مسلم بن محارب المذكور في كتاب مجمع البيان.
(10) نبط الماء ينبط: نبع، والبئر: استخرج ماؤها.
16

الثانية آذر والثالثة دى والرابعة بهمن والخامسة اسفندار والسادسة فروردين والسابعة
آذربهشت والثامنة ارذار (1) والتاسعة مرداد والعاشرة تير والحادي عشرة مهر والثاني -
عشرة شهريور وكانت أعظم مدائنهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمى
تر كوذبن عابور بن يارش بن سار بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه السلام وبها العين
والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت
شجرة عظيمة، وحرموا ماء العين والأنهار ولا يشربون منها ولا انعامهم، ومن فعل
ذلك قتلوه ويقولون هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لاحد أن ينقص من حيوتها ويشربون هم
وأنعامهم عن نهر الرس الذي عليه قراهم، وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل
قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة (2) من حرير فيها
من أنواع الصور ثم يأتون بشياة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة، ويشتعلون فيها
النيران بالحطب، فإذا سطع دخان الذبايح وقتارها (3) في الهواء، وحال بينهم و
بين النظر إلى السماء خروا سجدا للشجرة يبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم،
وكان الشيطان يجئ، فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي: انى قد رضيت
عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤسهم عند ذلك ويشربون الخمر و
يضربون بالمعازف (4) ويأخذون الدست بند، فيكون على ذلك يومهم وليلتهم ثم
ينصرفون، وانما سمت العجم شهورها بابان ماه وآذر ماه وغيرهما اشتقاقا من أسماء
تلك القرى، لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا، وعيد شهر كذا، حتى إذا
كان عيد قريتهم العظمى اجتمع عليها صغيرهم وكبيرهم، فضربوا عند الصنوبرة والعين
سرادقات من ديباج عليه أنواع الصورة اثنى عشر بابا، كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون

(1) كذا في النسخ وفى المصدر (اردى بهشت) بدل (آذر بهشت) و (خرداد) مكان (ارذار)
(2) الكلة - بالكسر -: الستر الزقيق. غشاء رقيق يخاط كالبيت يتوقى به من البعوض
ويقال له بالفارسية (پشه بند).
(3) القتار - بالضم -: الدخان من المطبوخ.
(4) المعازف: آلات الطرب كالطنبور والعود.
17

للصنوبرة خارجا من السرداق، ويقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة في
قراهم، فيجئ إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا فيتكلم من جوفها
كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها، فيرفعون
رؤسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف
فيكونون على ذلك اثنى عشر يوما ولياليها بعد أعيادهم سائر السنة: ثم ينصرفون.
فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره، بعث الله عز وجل إليهم نبيا من
بني إسرائيل من ولد يهود ابن يعقوب، فلبث فيهم زمانا يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل
ومعرفته وربوبيته فلا يتبعونه، فلما رأى شدة تماديهم في الغى والضلال، وتركهم
قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح، وحضر عيد قريتهم العظمى قال: يا رب ان
عبادك أبوا الا تكذيبي والكفر، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر، فأيبس شجرهم
أجمع وأرهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم، فهالهم ذلك وفظع
بهم وصاروا فرقتين، فرقة قال: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب
السماء والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه، وفرقة قالت:
لا، بل غضب آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها،
فحجبت حسنها وبهاءها لكي تغضبوا عليه فتنتصروا منه، فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا
أنابيب (1) طوالا من رصاص واسعة الأفواه، ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء
واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ (2) ونزحوا فيها من الماء، ثم حفروا في قرارها
بئرا ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم وألقموا فاها صخرة عظيمة، ثم أخرج
الأنابيب من الماء وقالوا نرجو الان أن ترضى عنها آلهتنا إذا رأت انا قد قتلنا من
كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه، فيعود لنا نورها ونضرتها

(1) الأنابيب جمع الأنبوب: ما بين العقدتين من القصب أو الرمح ويستعار لكل أجوف
مستدير كالقصب، ومنه أنبوب الماء لغناته.
(2) البربخ - بالبائين الموحدتين والخاء المعجمة - ما يعمل من الخزف للبئر ومجاري
الماء.
18

كما كان، فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم عليه السلام وهو يقول: سيدي قد ترى ضيق
مكاني وشدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي، وعجل بقبض روحي ولا تؤخر
إجابة دعوتي حتى مات عليه السلام فقال الله جل جلاله لجبرئيل: يا جبرئيل أيظن عبادي
هؤلاء الذين غرهم حلمي وأمنوا مكرى وعبدوا غيري وقتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي
ويخرجوا من سلطاني؟ كيف وانا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي، وانى حلفت
بعزتي لأجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين، فلم يرعهم وهم في عيدهم ذاك الا بريح عاصف
شديدة الحمرة، فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض
من تحتهم حجر كبريت يتوقد، وأظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب
فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار، فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول
نقمته ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
59 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: أين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين
وأطفأوا سنن المرسلين وأحيوا سنن الجبارين.
60 - في الكافي علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة وهشام
وحفص عن أبي عبد الله عليه السلام انه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق؟ فقال:
حدها حد الزاني، فقالت المرأة: ما ذكره الله عز وجل في القرآن؟ فقال: بلى، فقالت:
وأين هو؟ قال: هن الرس.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: دخلت امرأة مع مولاة لها على أبى عبد الله عليه السلام فقالت: ما تقول في
اللواتي مع اللواتي؟ قال: هن في النار، إذا كان يوم القيامة اتى بهن فألبسن جلبابا من
نار وخفين من نار وقناعا من نار، وأدخل في أجوافهن وفروجهن أعمدة من نار
وقذف بهن في النار، فقالت: ليس هذا في كتاب الله! قال: نعم، قالت: أين هو؟ قال:
قوله: وعادا وثمود وأصحاب الرس فهن الراسيات.
62 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن
19

على قال: أخبرني سماعة بن مهران قال: أخبرني الكلبي النسابة قال: صرت إلى منزل
جعفر بن محمد عليهما السلام فقرعت الباب فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب فوالله
لقد أدهشني. فدخلت وانا مضطرب ونظرت فإذا شيخ على مصلى بلا مرفقة ولا بردعة (1)
فابتدأني بعد ان سلمت عليه، فقال لي: من أنت؟ فقلت في نفسي: يا سبحان الله غلامه
يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى من أنت؟ فقلت له: انا الكلبي
النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا
خسرانا مبينا، يا أخا كلب ان الله عز وجل يقول: وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا
بين ذلك كثيرا فتنسبها أنت؟ فقلت: لا، جعلت فداك والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
63 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عمن ذكره عن حفص بن غياث
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: وكلا تبرنا تتبيرا يعنى كسرنا تكسيرا
64 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن
عيسى عن أحمد بن محمد بن خالد عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: (وكلا
تبرنا تتبيرا) يعنى كسرنا تكسيرا قال: هي لفظة بالنبطية.
65 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: واما القرية التي
أمطرت مطر السوء فهي سدوم قرية قوم لوط، أمطر الله عليهم حجارة من سجيل يعنى
من طين.
66 - وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: أرأيت من اتخذ إلهه هواه قال:
نزلت في قريش وذلك أنه ضاق عليهم المعاش، فخرجوا من مكة وتفرقوا، فكان
الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا هويه فعبده، وكانوا ينحرون لها النعم و
ويلطخونها بالدم ويسمونها سعد الصخرة، وكان إذا أصابهم داء في إبلهم وأغنامهم جاؤوا

(1) المرفقة، المتكأ والمخدة. والبردعة: الحلس ويقال له بالفارسية (پلاس)
20

إلى الصخرة فيمسحون بها الغنم والإبل، فجاء رجل من العرب بابل يريد أن يمسح
بالصخرة إبله ويتبارك عليها فنفرت إبله فتفرقت فقال الرجل شعرا:
أتيت إلى سعد ليجمع شملنا * فشتتنا سعد فما نحن من سعد
وما سعد الا صخرة مستوية * من الأرض لا تهدى لغى ولا رشد
ومر به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال شعرا:
ورب يبول الثعلبان برأسه * لقد ذل من بالت عليه الثعالب
67 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه
عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
ستقف عليه بتمامه في الواقعة إن شاء الله تعالى وفيه يقول عليه السلام: فاما أصحاب المشأمة
فهم اليهود والنصارى، يقول الله عز وجل: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما
يعرفون أبناءهم) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم
في منازلهم (وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك) انك
الرسول إليهم (فلا تكونن من الممترين) فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك فسلبهم
روح الايمان، وأسكن أرواحهم ثلاثة أرواح: روح القوة وروح الشهوة وروح
البدن، ثم أضافهم إلى الانعام فقال: ان هم الا كالانعام لان الدابة انما تحمل بروح
القوة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن.
68 - في روضة الكافي ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن
المسيب قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين
عليه السلام فقال: أخبرني ان كنت عالما عن الناس وعن أشباه الناس وعن النسناس، فقال
أمير المؤمنين عليه السلام: يا حسين أجب الرجل فقال الحسين عليه السلام: اما قولك: النسناس فهم
السواد الأعظم وأشار بيده إلى جماعة الناس، ثم قال: (ان هم الا كالانعام بل هم أضل
سبيلا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
69 - في كتاب الخصال عن أبي يحيى الواسطي عمن ذكره انه قيل لأبي عبد الله
21

عليه السلام: أترى هذا الخلق كله من الناس؟ فقال: الق منهم التارك للسواك، والمتربع
في موضع الضيق، والداخل فيما لا يعنيه، والمماري فيما لا علم له به، والمستمرض من غير
علة، والمستشفى من غير مصيبة، والمخالف على أصحابه في الحق وقد اتفقوا عليه، و
المفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم. فهو بمنزلة الخلنج (1) يقشر لحا عن
لحا، حتى يوصل إلى جوهريته، وهو كما قال الله تعالى: (ان هم الا كالانعام بل هم
أضل سبيلا).
70 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل فقال: الظل ما بين طلوع الفجر إلى
طلوع الشمس.
71 - في مجمع البيان - وجاهدهم به أي بالقرآن عن ابن عباس جهادا كبيرا أي
تاما شديدا، وفى هذا دلالة على أن من أجل الجهاد وأعظمه منزلة عند الله سبحانه جهاد
المتكلمين في حل شبه المبطلين وأعداء الدين ويمكن ان يتأول عليه قوله صلى الله عليه وآله: رجعنا
من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
72 - في الكافي وفى رواية أحمد بن سليمان انهما قالا عليهما السلام: يا أبا سعيد
تأتى ما ينكر ولايتنا في كل يوم ثلاث مرات، ان الله وعز عرض ولايتنا على
المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب، وما جحد ولايتنا جعله الله عز وجل مرا وملحا
أجاجا.
73 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن الحكم عن سيف بن
عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للأبرش: يا أبرش هو كما
وصف نفسه كان عرشه على الماء والماء على الهواء والهواء لا يحد، ولم يكن يومئذ
خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب فرات إلى أن قال: وكانت السماء خضراء والأرض

(1) الخلنج: شجر كالطرفاء وزهره أبيض واحمر واصفر، وحبه كالخردل وخشبه تصنع
منها القصاع كقوله (لبن البخت في قصاع الخلنج) قال في الصراح: خلنج معرب (خدنك)
22

غبراء على لون الماء العذب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. وهو بتمامه
مذكور عند قوله تعالى: (كانتا رتقا ففتقناهما). (1)
74 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد العجلي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: وهو الذي خلق من الماء بشرا
فجعله نسبا وصهرا فقال: ان الله تبارك وتعالى خلق آدم من الماء العذب، وخلق
زوجته من سنخه، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضلع بينهما سبب نسب، ثم
زوجها إياه فجرى بينهما بسبب ذلك صهرا، فذلك قوله: (نسبا وصهرا) فالنسب يا
أخا بنى عجل ما كان من نسب الرجال والصهر ما كان بسبب نسب النساء.
75 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه
جميعا عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن قول الله عز وجل وذكر كما في تفسير علي بن إبراهيم الا ان في آخره: يا أخا بنى عجل
ما كان بسبب الرجال والصهر ما كان بسبب النساء.
76 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر
عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: الا وانى مخصوص في القرآن بأسماء احذروا
ان تقلبوا عليها فتضلوا في دينكم، انا الصهر يقول الله عز وجل: (وهو الذي خلق من الماء
بشرا فجعله نسبا وصهرا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
77 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله
حديث طويل وفيه قال انس: قلت: يا رسول الله علي أخوك؟ قال: نعم علي أخي،
قلت: يا رسول الله صف لي كيف علي أخوك؟ قال: إن الله عز وجل خلق ما تحت العرش
قبل ان يخلق آدم بثلاثة آلاف عام، وأسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه، إلى أن
خلق آدم فلما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه
الله تعالى، ثم نقله إلى صلب شيث، فلم يزل ذلك الماء ينقل من ظهر إلى ظهر حتى

(1) سورة الأنبياء الآية 30، وقد مر الحديث بتمامه في صفحه 425 من الجزء الثالث
23

صار في عبد المطلب، ثم شقه عز وجل نصفين، فصار نصفه في أبى، عبد الله بن عبد المطلب
ونصف في أبى طالب فانا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر، فعلي أخي في الدنيا
والآخرة، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا
وصهرا وكان ربك قديرا).
78 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق الله
عز وجل نطفة بيضاء مكنونة فنقلها من صلب إلى صلب حتى نقلت النطفة إلى صلب عبد المطلب،
فجعل نصفين فصار نصفها في عبد الله ونصفها في أبى طالب، فأنا من عبد الله وعلي من أبى
طالب، وذلك قول الله عز وجل: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا
وكان ربك قديرا).
79 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وخطب النبي صلى الله عليه وآله على المنبر
في تزويج فاطمة خطبة رواها يحيى بن معين في أماليه وابن بطة في الإبانة باسنادهما
عن أنس بن مالك مرفوعا وروينا عن الرضا عليه السلام فقال: الحمد لله المحمود بنعمته،
المعبود بقدرته، المطاع في سلطانه، المرغوب فيما عنده، المرهوب من عذابه، النافذ
امره في سمائه وارضه، الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بأحكامه وأعزهم بدينه، وأكرمهم
بنبيه محمد صلى الله عليه وآله، ان الله جعل المصاهرة نسبا لاحقا وأمرا معترضا وشج به الأرحام
والزمها الأنام، قال الله تعالى: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا)
ثم إن الله امرني ان أزوج فاطمة من على، وقد زوجتها إياه على مأة مثقال فضة أرضيت يا علي
(1)؟ قال: رضيت يا رسول الله.
80 - في مجمع البيان (وهو الذي خلق) الآية وقال ابن سيرين نزلت في
النبي صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب زوج فاطمة عليا فهو ابن عمه، وزوج ابنته فكان نسبا
وصهرا.
81 - في بصائر الدرجات عبد الله بن عامر عن أبي عبد الله البرقي عن

(1) وفى المصدر (ان رضيت يا علي).
24

الحسن بن عثمان عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام
عن قول الله: وكان الكافر على ربه ظهيرا قال: تفسيرها في بطن القرآن على هو ربه
في الولاية والرب هو الخالق الذي لا يوصف.
82 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: (وكان الكافر على ربه
ظهيرا) قال علي بن إبراهيم رحمه الله: قد يسمى الانسان ربا بهذا الاسم لغة كقوله
تعالى: (اذكرني عند ربك) وكل مالك يسمى ربه فقوله تعالى: (وكان الكافر على
ربه ظهيرا) فقال: الكافر الثاني كان على أمير المؤمنين صلوات الله عليه ظهيرا.
83 - في روضة الكافي باسناده إلى عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: إن الله عز وجل خلق الخير يوم الأحد، وما كان ليخلق الشر قبل الخير،
وفى يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين، وخلق أقواتها يوم الثلاثاء وخلق السماوات
يوم الأربعاء ويوم الخميس، وخلق أقواتها يوم الجمعة، وذلك قول الله عز وجل
خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام
84 - في مجمع البيان وروى أن اليهود حكوا عن ابتداء خلق الأشياء بخلاف
ما أخبر الله تعالى عنه فقال سبحانه: فاسال به خبيرا.
85 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن
قالوا وما الرحمن قال: جوابه الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان
وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: تبارك وتعالى تبارك الذي جعل
في السماء بروجا فالبروج الكواكب، والبروج التي للربيع والصيف الحمل والثور
والجوزا والسرطان والأسد والسنبلة، وبروج الخريف والشتاء الميزان والعقرب
والقوس والجدي والدلو والحوت، وهي اثنا عشر برجا.
86 - في كتاب الإهليلجة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: وجعل فيها
سراجا وقمرا منيرا يسبحان في فلك يدور بهما دائبين يطلعهما تارة ويوفلهما
25

أخرى حتى تعرف عدة الأيام والشهور والسنين وما يستأنف من الصيف والربيع والشتاء
والخريف أزمنة مختلفة باختلاف الليل والنهار.
87 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صالح بن عقبة عن جميل عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل: جعلت فداك يا ابن رسول الله ربما فاتتني صلاة الليل
الشهر والشهرين والثلاثة فأقضيها بالنهار أيجوز ذلك؟ قال: قرة عين لك والله، قرة عين
لك والله قالها ثلاثا ان الله يقول: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة الآية فهو قضاء
صلاة النهار بالليل، وقضاء صلاة الليل بالنهار، وهو من سر آل محمد المكنون.
88 - في من لا يحضره الفقيه قال الصادق عليه السلام: كلما فاتك بالليل فاقضه
بالنهار، قال الله تبارك وتعالى: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو
أراد شكورا) يعنى أن يقضى الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل.
89 - في مجمع البيان: الذين يمشون على الأرض هونا وقال أبو عبد الله عليه السلام
هو الرجل يمشى بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر.
90 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن
محمد بن عيسى عن ابن أبي نجران عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) قال: الأئمة عليهم السلام يمشون على
الأرض هونا خوفا من عدوهم.
91 - وعنه عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سليمان بن جعفر قال: سألت
أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما) قال: هم
الأئمة يتقون في مشيهم.
92 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن
محبوب عن محمد بن النعمان عن سلام قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى (الذين
يمشون على الأرض هونا) قال: هم الأوصياء مخافة من عدوهم.
26

93 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: ولا يعرف ما في
معنى حقيقة التواضع الا المقربون من عباده، المتصلون بوحدانيته، قال الله تعالى:
(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا
سلاما).
94 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب كان إبراهيم بن المهدى شديد
الانحراف عن أمير المؤمنين عليه السلام، فحدث المأمون يوما فقال: رأيت عليا عليه السلام
في النوم فمشيت معه حتى جئنا قنطرة، فذهب يتقدمني لعبورها فأمسكته وقلت له: انما
أنت رجل تدعى هذا الامر بامرأة ونحن أحق به منك، فما رأيته بليغا في الجواب قال:
وأي شئ قال لك؟ قال: ما زادني على أن قال: سلاما سلاما، فقال المأمون: قد والله
أجابك أبلغ جواب، قال: كيف؟ قال: عرفك انك جاهل لا تجاب قال الله تعالى:
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.
95 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام: قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل عين باكية يوم القيامة الا ثلاثة أعين: عين بكت من
خشية الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة في سبيل الله.
96 - وفيه أيضا عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا سهر الا في ثلاث: متهجد بالقرآن، أو في طلب العلم، أو
عروس تهدى إلى زوجها.
97 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله تعالى: ان عذابها كان غراما يقول: ملازما لا يفارق. وقوله عز وجل:
والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا والاسراف الانفاق في المعصية في غير
حق (ولم يقتروا) لم يبخلوا عن حق الله عز وجل وكان بين ذلك قواما القوام العدل
والانفاق فيما أمر الله به.
98 - في تفسير العياشي عن الحلبي عن بعض أصحابنا عنه قال: قال أبو جعفر
27

لأبي عبد الله عليهما السلام: يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما، قال: و
كيف ذلك يا أبة؟ قال: مثل قوله: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا)
فاسرفوا سيئة واقتروا سيئة، (وكان بين ذلك قواما) حسنة، فعليك بالحسنة بين السيئتين و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
99 - عن عبد الرحمن قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله: (يسئلونك ماذا
ينفقون قل العفو) قال: (الذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)
نزلت هذه بعد هذه.
100 - في كتاب الخصال عن محمد بن عمر بن سعيد عن بعض أصحابه قال:
سمعت العياشي وهو يقول: استأذنت الرضا عليه السلام في النفقة على العيال فقال: بين
المكروهين، قال: فقلت: جعلت فداك لا والله ما أعرف المكروهين، فقال: بلى
يرحمك الله أما تعرف ان الله تعالى كره الاسراف وكره الأقتار، فقال: (والذين
إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما).
101 - في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن
فضال عن عبد الله بن إبراهيم عن جعفر بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة
لا يستجاب لهم: رجل كان له مال فأفسده فيقول: اللهم ارزقني، فيقال: ألم آمرك
بالاقتصاد؟ ألم آمرك بالاصلاح؟ ثم قال: (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا
وكان بين ذلك قواما) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
102 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن
محبوب عن مالك بن عطية عن عامر بن جذاعة قال: جاء رجل إلى أبى عبد الله عليه السلام
فقال له أبو عبد الله: اتق الله ولا تسرف ولا تقتر ولكن بين ذلك قواما، ان التبذير من
الاسراف، قال الله تعالى (ولا تبذر تبذيرا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة
103 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد جميعا عن
عثمان بن عيسى عن إسحاق بن عبد العزيز عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
28

انا نكون في طريق مكة فنريد الاحرام فنطلي ولا يكون معنا تنخالة رنتدلك بها من النورة
فندلك بالدقيق وقد دخلني من ذلك ما الله أعلم به؟ فقال: مخافة الاسراف؟ قلت نعم:
فقال: ليس فيما أصح البدن اسراف، انى ربما أمرت بالنقى فيلت بالزيت فأتدلك به،
انما الاسراف فيما أفسد المال وأضر بالبدن، قلت: فما الأقتار؟ قال: اكل الخبز و
والملح وأنت تقدر على غيره، قلت: فما القصد؟ قال: الخبز واللحم واللبن والخل
والسمن، مرة هذا ومرة هذا.
104 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن القاسم بن محمد الجوهري
عن جميل بن صالح عن عبد الملك بن عمرو الأحول قال: تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية:
(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) قال: فأخذ قبضة
من حصى وقبضها بيده، فقال: هذا الأقتار الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، ثم قبض
قبضة أخرى فارخى كفه كلها، ثم قال: هذا الاسراف ثم أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها
وأمسك بعضها وقال: هذا القوام.
105 - عنه عن أبيه عن محمد بن عمرو عن عبد الله بن أبان قال: سألت أبا الحسن
الأول عليه السلام عن النفقة على العيال؟ فقال: ما بين المكروهين الاسراف والاقتار.
106 - أحمد بن محمد بن علي عن محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز
وجل: (وكان بين ذلك قواما) قال: القوام هو المعروف، على الموسع قدره: وعلى المقتر
قدره على قدر عياله ومؤنتهم التي هي صلاح له ولهم، لا يكلف الله نفسا الا ما آتاها.
107 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب
عن عبد الله بن سنان في قوله تبارك وتعالى: (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا
وكان بين ذلك قواما) فبسط كفه وفرق أصابعه وحباها شيئا، وعن قوله تعالى (و
لا تبسطها كل البسط) فبسط راحته وقال: هكذا، وقال: القوام ما يخرج من بين
الأصابع ويبقى في الراحة منه شئ.
108 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال:
دخل سفيان الثوري على أبى عبد الله عليه السلام فرأى عليه ثياب بيض كأنها غرقئ
29

البيض (1) فقال له: ان هذا اللباس ليس من لباسك فقال له: اسمع منى وع ما
أقول لك، فإنه خير لك عاجلا وآجلا، ان أنت مت على السنة والحق ولم تمت
على بدعة أخبرك ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان في زمان مقفر جدب (2) فاما إذا
أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها ابرارها لا فجارها، ومؤمنوها لا منافقوها، ومسلموها
لا كفارها، فلما أنكرت يا ثوري فوالله انني لمع ما ترى ما اتى على منذ عقلت
صباح ولا مساء ولله في مالي حق امرني ان أضعه موضعا الا وضعته، قال: واتاه قوم
ممن يظهر الزهد ويدعو الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (3)
قالوا له: ان صاحبنا حصر عن كلامك ولم يحضره حجة، فقال لهم فهاتوا حججكم
فقالوا له: ان حججنا من كتاب الله فقال لهم: فدلوا بها فإنها أحق ما اتبع وعمل به،
فقالوا: يقول الله تبارك وتعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله: (ويؤثرون
على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) فمدح
فعلهم وقال في موضع آخر: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) فنحن
نكتفي بهذا، فقال رجل من الجلساء: انا رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيبة ومع
ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها فقال له أبو عبد الله عليه السلام
دعوا عنكم علم ما ينتفع به أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه و
محكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الأمة؟ فقالوا
له: أو بعضه فاما كله فلا. فقال لهم: فمن هيهنا أتيتم، وكذلك أحاديث رسول الله
واما ما ذكرتم من اخبار الله عز وجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن
فعالهم فقد كان مباحا جايزا ولم يكونوا نهوا عنه وثوابهم منه على الله عز وجل، وذلك أن
الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لعملهم، وكان نهى الله تبارك و
تعالى رحمة منه للمؤمنين ونظرا لكي لا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار و

(1) الغرقئ: القشرة الملتزقة ببياض البيض، وقيل: البياض الذي يؤكل.
(2) اقفر المكان: خلا من الماء والكلاء والناس والجدب: القحط
(3) تقشف الرجل: قذر جلده ولم يتعهد النظافة. واصل القشف خشونة العيش وشدته
30

الولدان والشيخ الفاني والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع، فان تصدقت
برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا، ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم
ونهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم، قال: (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم
يقتروا وكان بين ذلك قواما) فلا ترون ان الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون
الناس إليه من الأثرة على أنفسهم، وسمى من فعل ما تدعون إليه مسرفا، وفى غير آية
من كتاب الله يقول: (انه لا يحب المسرفين) فنهاهم عن الاسراف ونهاهم عن التقتير،
لكن أمر بين أمرين، لا يعطى جميع ما عنده ثم يدعو الله ان يرزقه والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
109 - في مجمع البيان روى عن معاذ أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك
فقال: من اعطى في غير حق فقد أسرف، ومن منع من حق فقد قتر.
110 - وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ليس في المأكول والمشروب سرف
وان كثر.
111 - وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما بالاسناد عن عبد الله بن مسعود قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وآله أي الذنوب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قال: قلت:
ثم أي؟ قال إن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قلت:: ثم أي؟ قال: إن تزاني
حليلة جارك، فأنزل الله تصديقا والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) الآية
112 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: والذين لا يدعون مع الله
إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق
آثاما وآثام واد من أودية جهنم من صفر مذاب قدامها حرة (1) في جهنم، يكون فيه
من عبد غير الله تعالى، ومن قتل النفس التي حرم الله، ويكون فيه الزناة ويضاعف
لهم فيه العذاب.
113 - حدثني أبي عن المحمودي ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن إسماعيل
الرازي عن محمد بن سعيد، ان يحيى بن أكثم سأل موسى بن علي بن محمد عن مسائل

(1) الحرة. الأرض ذات أحجار سود.
31

وفيه أخبرنا عن قول الله عز وجل: (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) فهل يزوج الله عباده
الذكران وقد عاقب قوما فعلوا ذلك، فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري صلوات
الله عليه وكان من جواب أبى الحسن عليه السلام: اما قوله: (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا)،
فان الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور، وإناث المطيعات
من الانس من ذكران المطيعين، ومعاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك
تطلب الرخصة لارتكاب المآثم، فمن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة
ويخلد فيه مهانا) أي ان لم يتب.
114 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض
أصحابنا رفعه قال: إن الله عز وجل اعطى التائبين ثلاث خصال لو اعطى خصلة منها جميع
أهل السماوات والأرض لنجوا بها، قوله عز وجل: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما
يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل
الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما).
115 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن الحسن بن علي
عن عبد الله بن إبراهيم عن علي بن علي اللهبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: أربع من كن فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدلها الله عز وجل حسنات:
الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر.
116 - في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه عن سليمان بن
خالد قال: كنت في محملي اقرأ، إذ ناداني أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ يا سليمان فانا في
هذه الآيات التي في آخر تبارك: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون
النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف) فقال:
هذه فينا، اما والله لقد وعظنا وهو يعلم انا لا نزني، اقرأ يا سليمان فقرأت حتى انتهيت
إلى قوله: الا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات قال:
32

قف هذه فيكم، انه يؤتى بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز وجل فيكون
هو الذي يلي حسابه فيوقفه على سيئاته شيئا شيئا، فيقول: عملت كذا في يوم كذا
في ساعة كذا فيقول: اعرف يا رب حتى يوقفه على سيئاته كلها كل ذلك يقول عرف،
فيقول: سترتها عليك في الدنيا واغفرها لك اليوم، ابدلوها لعبدي حسنات
قال: فترفع صحيفته للناس فيقولون: سبحان الله ما كانت لهذا العبد ولا سيئة واحدة!
فهو قول الله عز وجل: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات).
107 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير الكلبي
قال: لما جعل مطعم بن عيسى بن نوفل لغلامه وحشى ان هو قتل حمزة ان يعتقه، فلما
قتله وقدموا مكة لم يعتقه فبعث وحشى وجماعة إلى النبي عليه السلام انه ما يمنعنا من دينك الا
اننا سمعناك تقرأ في كتابك ان من يدعو مع الله إلها آخر ويقتل النفس ويزنى يلق
آثاما ويخلد في العذاب، ونحن قد فعلنا هذا كله، فبعث إليهم بقوله تعالى: (الا من تاب وآمن
وعمل عملا صالحا) فقالوا: نخاف ألا نعمل صالحا، فبعث إليهم (ان الله لا يغفر ان يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فقالوا: نخاف الا ندخل في المشية فبعث إليهم: (يا عبادي
الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا) فجاؤوا
واسلموا فقال النبي صلى الله عليه وآله لوحشي قاتل حمزة رضوان الله عليه: غيب وجهك عنى فإنني
لا أستطيع النظر إليك، قال: فلحق بالشام فمات في الخبر (1) هكذا ذكر الكلبي،
118 - في عوالي اللئالي وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يؤتى بالرجل
يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه وتخبأ كبارها فيقال: عملت يوم كذا وكذا
وهو يقر ليس ينكر، وهو مشفق من الكبائر أن تجئ فإذا أراد الله خيرا قال: اعطوه

(1) كذا في النسخ وكأنه اسم مكان قال الحموي في المعجم: الخبر موضع على سنة أميال
من مسجد سعد بن أبي وقاص وفيها قصور على طريق الحاج. اه ولكن ذكر في أسد الغابة
أنه قال موسى بن عقبة عن ابن شهاب: مات وحشى في الخمر أخرجه الثلاثة (انتهى) وقال
ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمته: وكان مغرما بالخمر وفرض له عمر في الفين ثم
ردها إلى ثلاثمأة بسبب الخمر. (انتهى) فيحتمل التصحيف.
33

مكان كل سيئة حسنة، فيقول: يا رب لي ذنوب ما رأيتها ههنا قال: ورأيت رسول الله
صلى الله عليه وآله ضحك حتى بدت نواجده، ثم تلا: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات).
119 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله وقال صلى الله عليه وآله: ما جلس قوم يذكرون
الله الا نادى بهم مناد من السماء: قوموا فقد بدل الله سيئاتكم حسنات وغفر لكم
جميعا.
120 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى محمد بن مسلم الثقفي
قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن قول الله عز وجل: فأولئك
يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما فقال عليه السلام: يؤتى
بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يوقف بموقف الحساب فيكون الله تعالى هو الذي
يتولى حسابه لا يطلع على حسابه أحدا من الناس، فيعرفه بذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته
قال الله عز وجل للكتبة: بدلوها حسنات واظهروها للناس، فيقول الناس حينئذ: ما
كان لهذا العبد سيئة واحدة، ثم يأمر الله به إلى الجنة فهذا تأويل الآية وهي في
المذنبين من شيعتنا خاصة.
121 - وباسناده إلى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات، وان الله ليتحمل
من محبنا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، الا ما كان منهم فيها على اضرار وظلم
للمؤمنين، فيقول للسيئات: كونى حسنات.
122 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة، و
بهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يخلى الله عز وجل لعبده
المؤمن فيقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا، ثم يغفر له لا يطلع الله على ذلك ملكا مقربا ولا
نبيا مرسلا، ويستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد، ثم يقول لسيئاته: كونى حسنات.
123 - وفى باب استسقاء المأمون بالرضا عليه السلام عنه عليه السلام قيل: يا رسول الله
هلك فلان، يعمل من الذنوب كيت وكيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل قد نجى ولا
34

يختم الله تعالى عمله الا بالحسنى، وسيمحو الله عنه السيئات ويبدلها حسنات، انه كان
مرة يمر في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته وهو لا يشعر فسترها عليه ولم
يخبره بها مخافة ان يخجل، ثم إن ذلك المؤمن عرفه في مهواه فقال له: اجزل الله لك
الثواب، وأكرم لك المآب، ولا ناقشك الحساب فاستجاب الله له فيه، فهذا العبد لا يختم له
الا بخير بدعاء ذلك المؤمن فاتصل قول رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الرجل فتاب وأناب واقبل
على طاعة الله عز وجل، فلم يأت عليه سبعة أيام حتى أغير على سرح المدينة (1)
فوجه رسول الله صلى الله عليه وآله في اثرهم جماعة ذلك الرجل أحدهم فاستشهد فيهم.
124 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى اسحق القمي قال: دخلت على
أبى جعفر الباقر عليه السلام فقلت: جعلت فداك فقد أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي
ويدين الله بولايتكم وليس بيني وبينه خلاف، يشرب المسكر ويزنى ويلوط، وآتيه في
حاجة واحدة فاصيبه معبس الوجه كالح اللون (2) ثقيلا في حاجتي بطيئا فيها، وقد أرى
الناصب المخالف لما انا عليه (3) ويعرفني بذلك فآتيه في حاجة فاصيبه طلق الوجه
حسن البشر، مسرعا في حاجتي، فرحا بها، يحب قضاها، كثير الصلاة، كثير الصوم
كثير الصدقة، يؤدى الزكاة ويستودع فيؤدى الأمانة؟ قال: يا اسحق ليس تدرون
من أين أوتيتم؟ قلت: لا والله جعلت فداك الا تخبرني؟ فقال: يا اسحق ان الله عز وجل
لما كان متفردا بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شئ فأجرى الماء العذب على ارض طيبة
طاهرة سبعة أيام مع لياليها ثم نضب الماء عنها (4) فقبض قبضة من صفا ذلك الطين
وهي طينة أهل البيت ثم قبض قبضة من تلك الطينة وهي طينة شيعتنا، ثم اصطفانا
لنفسه، فلو ان طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم ولا سرق

(1) السرح: المال السائم.
(2) عبس وجهه بمعنى كلح وهو الافراط في التعبيس وقيل: الكلوح في الأصل: بدو
الأسنان عند العبوس.
(3) وفى المصدر (لما آتي عليه) والظاهر هو المختار.
(4) نضب عنه البحر: نزح ماؤه ونشف.
35

ولا لاط ولا شرب الخمر ولا ارتكب شيئا مما ذكرت، ولكن الله عز وجل اجرى
الماء المالح على ارض ملعونة سبعة أيام ولياليها ثم نضب الماء عنها، ثم قبض
قبضة وهي طينة ملعونة من حمأ مسنون وهي طينة خبال وهي طينة أعدائنا، فلو ان
الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خلق الآدميين ولم يقروا بالشهادتين، ولم
يصوموا ولم يصلوا ولم يزكوا ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحدا منهم بحسن خلق، ولكن الله
تبارك وتعالى جمع الطينتين: طينتكم وطينتهم فخلطها وعركها عرك الأديم (1) و
مزجها بالمائين، فما رأيت من أخيك المؤمن من شر لوط (2) أو زنا أو شئ مما
ذكرت من شرب مسكر أو غيره فليس من جوهريته ولا من ايمانه انما هو بمسحة
الناصب اجترح (3) هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجهه
وحسن خلق أو صوم أو صلاة أو حج بيت أو صدقة أو معروف فليس من جوهريته، انما
تلك الأفاعيل من مسحة الايمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الايمان قلت: جعلت
فداك فإذا كان يوم القيمة فمه؟ قال لي: يا اسحق لا يجمع الله الخير والشر في موضع
واحد، إذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الايمان منهم فردها إلى شيعتنا،
ونزع مسحة الناصب بجميع (4) ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا وعاد
كل شئ إلى عنصره الأول الذي منه كان ابتدأ، أما رأيت الشمس إذا هي بدت
الا ترى لها شعاعا زاجرا متصلا بها أو بائنا منها؟ قلت: جعلت فداك الشمس إذا غربت
بدا إليها الشعاع كما بدا منها، ولو كان بائنا منها لما بدا إليها، قال: نعم يا اسحق
كل شئ يعود إلى جوهره الذي منه بدا، قلت: جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد
إلينا وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم قال: أي والله الذي لا إله إلا هو، قلت: جعلت فداك اخذتها

(1) عرك الأديم: دلكه.
(2) وفى المصدر (من شر لفظ) مكان (من شر لوط).
(3) اجترح بمعنى اكتسب.
(4) وفى بعض النسخ (يجتمع) بدل (بجميع) والمختار هو الظاهر الموافق للمصدر.
36

من كتاب الله عز وجل قال: نعم يا اسحق: قلت: أي مكان قال لي: يا اسحق ما تتلو
هذه الآية (أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) فلم يبدل الله سيئاتهم
حسنات والله يبدل لكم.
125 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن أحمد السياري
قال حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي قال: حدثني حنان بن سدير عن أبيه
عن أبي إسحاق الليثي قال قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام: يا بن
رسول الله انى أجد من شيعتكم من يشرب الخمر ويقطع الطريق ويخيف السبيل ويزنى
ويلوط ويأكل الربا ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ويقطع
الرحم ويأتي الكبائر، فكيف هذا ولم ذلك فقال: يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شئ
غير هذا قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك! فقال: وما هو يا أبا إسحاق قال:
قلت: يا ابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومن ناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام
ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة ويحض على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة
الأرحام ويقضى حقوق اخوانه ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط
وساير الفواحش فمم ذلك ولم ذاك فسره لي يا ابن رسول الله وبرهنه وبينه فقد والله كثر
فكرى واسهر ليلى وضاق ذرعي (1) قال: فتبسم صلوات الله عليه ثم قال: يا إبراهيم
خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت وعلما مكنونا من خزائن علم الله وسره، اخبرني يا إبراهيم
كيف تجد اعتقادهما؟ قلت: يا ابن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما فيه مما وصفته
من أفعالهم لو أعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة ان يزول عن ولايتكم
لما فعل ولا عن محبتكم إلى موالاة غيركم والى محبتهم ما زال، ولو ضربت خياشيمه
(2) بالسيوف فيكم ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع من محبتكم وولايتكم، وأرى الناصب
على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو اعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا و

(1) ضاق بالامر ذرعا: ضعفت طاقته ولم يجد من المكروه فيه مخلصا، واصل الذرع
بسط اليد، فكأنك تريد مددت يدي إليه فلم تنله.
(2) الخياشيم جمع الخيشوم: أقصى الانف وقد مر.
37

فضة ان يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت
خياشيمه بالسيوف فيهم، ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع وإذا سمع أحدهم منقبة لكم و
فضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه ورأى كراهة ذلك في وجهه، وبغضا لكم ومحبة لهم،
قال: فتبسم الباقر عليه السلام ثم قال: يا إبراهيم هيهنا هلكت العاملة الناصبة تصلى نارا حامية
تسقى من عين آنية، ومن ذلك قال عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه
هباء منثورا) ويحك يا إبراهيم أتدري ما السبب والقصة في ذلك وما الذي قد خفى
على الناس منه قلت: يا بن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه قال: يا إبراهيم ان الله
تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شئ، ومن زعم أن الله عز وجل
خلق الأشياء من شئ فقد كفر، لأنه لو كان ذلك الشئ الذي خلق منه الأشياء قديما
معه في أزليته وهويته كان ذلك الشئ أزليا، بل خلق عز وجل الأشياء كلها لا من شئ
ومما خلق الله عز وجل أرضا طيبة ثم فجر منها ماءا عذبا زلالا، فعرض عليها ولا يتنا أهل البيت
فقبلتها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء
عنها (1) فاخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الأئمة عليهم السلام، ثم أخذ
ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ولو ترك طينكم يا إبراهيم كما ترك طيننا لكنتم ونحن
شيئا واحدا، قلت: يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا؟ قال: أخبرك يا إبراهيم، خلق
الله عز وجل بعد ذلك أرضا سبخة خبيثة منتنة، ثم فجر منها ماءا أجاجا آسنا مالحا (2)
فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها، فاجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام
حتى طبقها وعمها، ثم نضب ذلك الماء عنها ثم أخذ من ذلك فخلق منه الطغاة وأئمتهم، ثم
مزجه بثفل طينتكم ولو ترك طينتهم على حاله ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين
ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا أمانة ولا أشبهوكم في الصور، وليس
شئ أكبر على المؤمن ان يرى صورة عدوه مثل صورته، قلت: يا ابن رسول الله فما

(1) أي غار.
(2) الآسن: المتغير الطعم.
38

صنع بالطينتين؟ قال: مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني ثم عركهما عرك الأديم،
ثم أخذ من ذلك قبضة فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي، وأخذ قبضة أخرى وقال:
هذه إلى النار ولا أبالي، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ (1) المؤمن وطينته على سنخ
الكافر وطينته، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته، فما رأيته من
شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صيام أو حج أو جهاد أو جناية أو كبيرة من هذه
الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه، لان من سنخ الناصب وعنصره
وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر، وما رأيت من الناصب ومواظبته على
الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه
الذي قد مزج فيه، لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واشتغال
الخير واجتناب المآثم، فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز وجل قال: انا
[الله] عدل لا أجور، ومنصف لا أظلم، وحكم لا أحيف ولا أميل ولا اشطط، الحقوا
الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بنسخ الناصب وطينته، وألحقوا الأعمال الحسنة
التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته، ردوها كلها إلى أصلها، فانى انا الله لا
اله الا أنا عالم السر وأخفى، وانا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ولا ألزم
أحدا الا ما عرفته منه قبل ان أخلقه.
ثم قال الباقر عليه السلام: يا إبراهيم اقرأ هذه الآية قلت: يا ابن رسول الله أية آية؟
قال: قوله تعالى: (قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا إذا لظالمون)
هو في الظاهر ما تفهمونه، هو والله في الباطن هذا بعينه يا إبراهيم، ان للقرآن ظاهرا
وباطنا ومحكما ومتشابها وناسخا ومنسوخا ثم قال: اخبرني يا إبراهيم عن الشمس
إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان أهو بائن من القرص؟ قلت: في حال طلوعه بائن،
قال: أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك يعود كل شئ إلى سنخه وجوهره وأصله،
فإذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل طينة الناصب مع أثقاله وأوزاره من المؤمن،

(1) السنخ - بالكسر -: الأصل.
39

فيلحقها كلها بالناصب، وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب بره واجتهاده
من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن. افترى هيهنا ظلما أو عدوانا؟ قلت: لا يا بن رسول الله،
قال: هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع والعدل البين لا يسأل عما يفعل وهم
يسألون هذا يا إبراهيم، الحق من ربك ولا تكن من الممترين، هذا من حكم
الملكوت قلت: يا بن رسول الله وما حكم الملكوت؟ قال: حكم الله وحكم أنبيائه،
وقصة الخضر وموسى عليهما السلام حين استصحبه، فقال: (انك لن تستطيع معي
صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) افهم يا إبراهيم واعقل. أنكر موسى على
الخضر واستفظع أفعاله (1) حتى قال له الخضر: يا موسى (ما فعلته عن أمرى) انما
فعلته من أمر الله عز وجل، من هذا، ويحك يا إبراهيم قرآن يتلى واخبار تؤثر عن الله
عز وجل من رد منها حرفا فقد كفر وأشرك ورد على الله عز وجل.
قال الليثي: فكأني لم أعقل الآيات وانا أقرأها أربعين سنة الا ذلك اليوم.
فقلت: يا ابن رسول الله ما أعجب هذا تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم وتؤخذ
سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم؟ قال: أي والله الذي لا إله إلا هو فالق الحبة
وبارئ النسمة وفاطر الأرض والسماء، ما أخبرتك ولا أنبأتك الا بالصدق، وما ظلمهم
الله وما الله بظلام للعبيد، وان ما أخبرتك لموجود في القرآن كله قلت: هذا بعينه،
يوجد في القرآن؟ قال: نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن، أتحب
ان اقرأ ذلك عليك قلت: بلى يا ابن رسول الله فقال: قال الله عز وجل: (وقال الذين
كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم
من شئ وانهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) الآية أزيدك يا إبراهيم؟
قلت: بلى يا ابن رسول الله. قال: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن
أوزار الذين يضلونهم بغير علم الا ساء ما يزرون). أتحب ان أزيدك؟ قلت:
بلى يا ابن رسول الله قال: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما)

(1) استفظع الامر: وجده فظيعا شنيعا.
40

يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات، ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات، وجلال الله ووجه الله
ان هذا لمن عدله وانصافه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو السميع العليم، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
126 - في تفسير علي بن إبراهيم وحدثني أبي عن جعفر وإبراهيم عن أبي
الحسن الرضا صلوات الله عليه قال: إذا كان يوم القيامة أوقف الله عز وجل المؤمن
بين يديه وعرض عليه عمله فينظر في صحيفته، فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه و
ترتعد فرائصه، ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه فيقول الله عز وجل: بدلوا
سيئاتهم (1) حسنات وأظهروها للناس، فيبدل الله لهم فيقول الناس: اما كان لهؤلاء سيئة
واحدة؟ وهو قوله تعالى: (يبدل الله سيئاتهم حسنات الا من تاب وآمن) إلى قوله:
(فإنه يتوب إلى الله متابا) يقول: لا يعود إلى شئ من ذلك باخلاص ونية صادقة.
127 - وقوله عز وجل والذين لا يشهدون الزور قال: الغناء ومجالسة أهل اللهو.
128 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن أبي
أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل:
(لا يشهدون الزور) قال: الغنا.
129 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم و
أبى الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (والذين لا يشهدون
الزور) قال: الغنا.
130 - في جوامع الجامع (ولا يشهدون الزور) أي مجالس الفساق ولا يحضرون
الباطل وقيل: هو الغنا وروى ذلك عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام. وفى مواعظ
عيسى بن مريم عليه السلام: إياكم ومجالس الخطائين.
131 - في مجمع البيان (والذين لا يشهدون الزور) وقيل: هو الغنا وهو المروى
عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.

(1) وفى بعض النسخ (سيئاته).
41

132 - في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه عن سليمان
ابن خالد قال: كنت في محملي اقرأ إذ ناداني أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ يا سليمان فانا في
هذه الآيات التي في آخر تبارك إلى قوله: قال: ثم: قرأت حتى انتهيت إلى قوله:
(والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) فقال: هذه فينا.
133 - في مجمع البيان وإذا مروا باللغو مروا كراما وقيل: هم الذين
إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا عنه عن أبي جعفر عليه السلام.
134 - في الكافي سهل بن زياد عن سعيد بن جناح عن حماد عن أبي أيوب
الخزاز قال: نزلنا المدينة فاتينا أبا عبد الله عليه السلام فقال لنا: أين نزلتم؟ قلنا على
فلان صاحب القيان (1) فقال: كونوا كراما فوالله ما علمنا ما أراد به وظننا أنه يقول:
تفضلوا عليه، فعدنا إليه فقلنا: انا لا ندري ما أردت بقولك: كونوا كراما، فقال:
اما سمعتم قول الله عز وجل في كتابه: (وإذا مروا باللغو مروا كراما)
135 - في عيون الأخبار باسناده إلى محمد بن أبي عباد وكان مشتهرا بالسماع
ويشرب النبيذ، قال: سألت الرضا عليه السلام عن السماع فقال: لأهل الحجاز رأى فيه
وهو في حيز الباطل واللهو أما سمعت الله عز وجل يقول: (وإذا مروا باللغو مروا كراما.)
136 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا
يقول فيه عليه السلام: وفرض الله على السمع ان يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن
يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز وجل عنه، والاصغاء إلى ما أسخط الله فقال في
ذلك: (وقد نزل عليكم في الكتاب) إلى أن قال عليه السلام: وقال: (وإذا مروا باللغو
مروا كراما) فهذا ما فرض على السمع من الايمان أن لا يصغى إلى ما لا يحل له وهو
عمله وهو من الايمان.
137 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن محمد بن زياد

(1) القيان جمع القينه: الجارية المغنية.
42

عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل والذين إذا ذكروا
بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا قال مستبصرين ليسوا بشكاك.
138 - في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه عن
سليمان بن خالد قال: كنت في محملي اقرأ إذ ناداني أبو عبد الله عليه السلام اقرأ يا سليمان
فانا في هذه الآيات التي في آخر تبارك إلى قوله: ثم قرأت: (والذين إذا ذكروا بآيات
ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا) فقال: هذه فيكم إذا ذكرتم فضلنا لم تشكوا، ثم
قرأت: والذين يقولون، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين إلى آخر
السورة. فقال: هذه فينا.
139 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: وقرئ عند أبي عبد الله عليه السلام: (و
الذين يقولون: هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) فقال:
قد سألوا الله عظيما ان يجعلهم للمتقين أئمة، فقيل له: كيف هذا يا ابن رسول الله؟
قال: انما انزل الله: (الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل
لنا من المتقين إماما.)
140 - حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن محمد عن حماد عن أبان
ابن تغلب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (الذين يقولون ربنا هب لنا
من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) قال: نحن هم أهل البيت.
141 - وروى غيره ان (أزواجنا) خديجة (وذرياتنا) فاطمة (وقرة أعين)
الحسن والحسين (واجعلنا للمتقين إماما) علي بن أبي طالب والأئمة صلوات الله
عليهم. انتهى.
142 - في جوامع الجامع وعن الصادق عليه السلام في قوله: (واجعلنا للمتقين
إماما) فقال عليه السلام: إيانا عنى.
143 - وروى عنه عليه السلام أنه قال: هذه فينا.
144 - وعن أبي بصير قال: (واجعلنا للمتقين إماما) فقال عليه السلام: سألت
43

ربك عظيما انما هي واجعل لنا من المتقين له إماما.
145 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حفت
الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، قال الله تعالى لداود عليه السلام: حرام على كل
قلب عالم محب للشهوات ان اجعله إماما للمتقين.
146 - في كتاب لمناقب لابن شهرآشوب أبو الفضل بن دكين عن سفيان عن
الأعمش عن مسلم بن البطين عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: (والذين يقولون ربنا هب
لنا من أزواجنا وذرياتنا) الآية قال: هذه الآية والله خاصة في أمير المؤمنين علي عليه السلام،
كان أكثر دعائه يقول: (ربنا هب لنا من أزواجنا) يعنى فاطمة (وذرياتنا) الحسن
والحسين (قرة أعين) قال أمير المؤمنين والله ما سألت ربى ولدا نضير الوجه ولا سألته
ولدا حسن القامة، ولكن سألت ربى ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه، حتى إذا
نظرت إليه وهو مطيع لله قرت به عيني قال: (واجعلنا للمتقين إماما) قال: نقتدى
بمن قبلنا من المتقين فيقتدى المتقون بنا من بعدنا، وقال: أولئك يجزون الغرفة بما
صبروا يعنى علي بن أبي طالب والحسن والحسين وفاطمة ويلقون فيها تحية وسلاما
خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما
147 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جعفر بن محمد عن
آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال: أربع للمرء لا عليه إلى قوله: والدعاء
فإنه قال: قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم
148 - في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت
لأبي جعفر عليه السلام: كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء؟ قال كثرة الدعاء أفضل وقرء هذه الآية.
149 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل: (قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم) يقول: ما يفعل ربى بكم فقد كذبتم
فسوف يكون لزاما.
44

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سور الطواسين
الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفى جواره وكنفه، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبدا
وأعطى في الآخرة من الجنة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مأة زوجة من الحور
العين.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ سورة
الشعراء كان له من الاجر عشر حسنات بعدد كل من صدق بنوح وكذب به، وهود وشعيب
وصالح وإبراهيم، وبعدد كل من كذب بعيسى وصدق بمحمد صلى الله عليه وآله.
3 - وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ الطواسين الثلاث في ليلة
الجمعة وذكر مثل ما نقلنا.
4 - عن كتاب ثواب الأعمال وزاد بعد قوله من الحور العين وأسكنه الله في جنة
عدن وسط الجنة مع النبيين والمرسلين والوصيين الراشدين وعن ابن عباس قال: قال
رسول الله وذكر حديثا طويلا وفيه: وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى.
5 - وروى عن ابن الحنفية عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله لما نزلت طسم
قال: الطاء طور سيناء والسين الإسكندرية والميم مكة وقال: الطاء شجرة طوبى والسين
سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى صلى الله عليه وآله.
6 - في تفسير علي بن إبراهيم طسم تلك آيات الكتاب المبين قال: طسم هو
حروف من حروف اسم الله الأعظم.
7 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: واما طسم فمعناه انا الطالب السميع المبدئ
المعيد.
45

8 - في ارشاد المفيد رحمه الله وهب بن حفص عن أبي بصير قال: سمعت أبا
جعفر عليه السلام يقول في قوله تعالى: ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها
خاضعين قال: سيفعل الله ذلك بهم قلت: من هم قال: بنو أمية وشيعتهم، قلت: وما
الآية؟ قال: ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر، وخروج صدر
ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه، وذلك في زمان السفياني وعندها يكون
بواره وبوار قومه.
9 - في الكافي وروى أن أمير المؤمنين (ع) قال في خطبة له: ولو أراد الله جل
ثناؤه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن البلدان ومغارس الجنان، وأن
يحشر طير السماء ووحش الأرض معهم لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء
واضمحل الابتلاء، ولما وجب للقائلين أجور المبتلين، ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين
ولا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين، ولذلك لو انزل الله من السماء آية فظلت
أعناقهم لها خاضعين، ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
10 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي
ابن الحكم عن أبي أيوب الخزاز عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة والسفياني والخسفة وقتل النفس الزكية و
اليماني، فقلت: جعلت فداك ان خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج
معه؟ قال: لا فلما كان من الغد تلوت هذه الآية: (ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية
فظلت أعناقهم لها خاضعين) فقلت له: أهي الصيحة فقال: أما لو كانت خضعت أعناق
أعداء الله عز وجل.
11 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة رحمه الله باسناده إلى الحسن بن زياد
الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن القائم لا يقوم
حتى ينادى مناد من السماء يسمع الفتاة في خدرها ويسمع أهل المشرق والمغرب،
46

وفيه نزلت هذه الآية: (ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين)
12 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت
أعناقهم لها خاضعين) فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
تخضع رقابهم يعنى بنى أمية، وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الامر صلوات الله عليه.
13 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني
رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين
ابن خالد قال: قال علي بن موسى الرضا عليه السلام لا دين لمن لا ورع له، ولا أمان لمن لا
تقية له، وان أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية. فقيل له: يا بن رسول الله إلى
متى؟ قال: إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا، فمن ترك التقية قبل خروج
قائمنا فليس منا فقيل له: يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال: الرابع
من ولدى ابن سيدة الإماء يطهر والله به الأرض من كل جور، ويقدسها من كل ظلم، و
هو الذي يشك الناس في ولادته وهو صاحب الغيبة قبل خروجه فإذا خرج أشرقت الأرض
بنوره ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحدا، وهو الذي تطوى له الأرض
ولا يكون له ظل، وهو الذي ينادى مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه
يقول: الا ان حجة الله قد ظهرت عند بيت الله فاتبعوه، فان الحق معه وفيه، وهو قول الله
عز وجل: (ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين).
14 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وإذ نادى ربك موسى ان ائت
القوم الظالمين فإنه حدثني أبي عن الحسن بن علي بن فضال عن أبان بن عثمان عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: لما بعث الله عز وجل موسى عليه السلام إلى فرعون فأتى بابه فأستأذن عليه
فلم يؤذن له، فضرب بعصاه الباب فاصطكت الأبواب ففتحت، ثم دخل على فرعون
فأخبره انه رسول الله وسأله أن يرسل معه بني إسرائيل فقال له فرعون كما حكى الله
عز وجل: (ألم نربك فينا وليدا) إلى آخره.
15 - في مجمع البيان وروى عن أبي جعفر عليه السلام قال: فلما رجع موسى إلى
47

امرأته قالت: من أين جئت؟ قال: من عند رب تلك النار، قال: فغدا إلى فرعون
فوالله لكأني انظر إليه طويل الباع (1) ذو شعر ادم، عليه جبة من صوف عصاه في كفه
مربوط حقوه بشريط (2) نعله من جلد حمار شراكها من ليف، فقيل لفرعون: ان على
الباب فتى يزعم أنه رسول رب العالمين فقال فرعون لصاحب الأسد: خل سلاسلها وكان
إذا غضب على رجل خلاها فقطعته، فخلاها فقرع موسى الباب الأول وكانت تسعة
أبواب فلما قرع الباب الأول انفتحت له الأبواب التسعة، فلما دخل جعلن يبصبصن تحت
رجليه كأنهن جراء (3) فقال فرعون لجلسائه: رأيتم مثل هذا قط؟ فلما أقبل إليه قال:
ألم نربك فينا وليدا إلى قوله: وانا من الضالين فقال فرعون لرجل من أصحابه: قم
فخذ بيده وقال للاخر: اضرب عنقه، فضرب جبرئيل السيف حتى قتل ستة من أصحابه
فقال: خلوا عنه، قال: فأخرج يده فإذا هي بيضاء قد حال شعاعها بينه وبين وجهه
والقى العصا فإذا هي حية فالتقمت الأبواب بلحييها، فدعاه ان يا موسى: أقلني إلى غد ثم
كان من أمره ما كان.
16 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليه السلام عند المأمون
في عصمة الأنبياء عليهم السلام باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس
المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء
معصومون قال: بلى قال: فما معنى قول الله عز وجل إلى أن قال: فما معنى قول موسى
لفرعون: فعلتها إذا وانا من الضالين؟ قال الرضا عليه السلام: ان فرعون قال لموسى لما
اتاه: وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال موسى فعلتها وانا من الضالين
عن الطريق بوقوعي إلى المدينة من مدائنك ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربى
حكما وجعلني من المرسلين وقد قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله (ألم يجدك يتيما

(1) فلان طويل الباع أي كريم واسع الخلق
(2) الحقو: موضع الإزار وهو الحفر. والشريط: الخوص المفتول يشرط به.
(3) بصبص الكلب: تحرك ذنبه والجراء جمع الجرو: أولاد السباع
48

فآوى) يقول: ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس (ووجدك ضالا) يعنى عند قومك
(فهدى) أي فهداهم إلى معرفتك (ووجدك عائلا فأغنى) يقول: أغناك بان جعل دعاك
مستجابا قال المأمون: بارك الله فيك يا ابن رسول الله.
17 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى المفضل بن عمر عن أبي
عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام عن أبيه محمد قال: إذا قام القائم
قال: ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربى حكما وجعلني من المرسلين.
18 - في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في مسجد
الكوفة فقالوا: ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة و
معاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه السلام فامر أن ينادى الصلاة الجامعة، فلما اجتمعوا صعد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا؟ قالوا: صدق
أمير المؤمنين قد قلنا ذلك، قال: إن لي بسنة الأنبياء أسوة فيما فعلت، قال الله تعالى
في محكم كتابه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) قالوا: ومن هم يا أمير -
المؤمنين؟ قال: أولهم إبراهيم عليه السلام إلى أن قال: ولى بموسى عليه السلام أسوة إذ قال (ففررت
منكم لما خفتكم) فان قلتم ان موسى فر من قومه بلا خوف كان له منهم فقد كفرتم، و
ان قلتم: ان موسى خاف منهم فالوصي أعذر.
قال عز من قائل: قال فرعون وما رب العالمين إلى قوله: ان كنتم تعقلون.
19 - في أصول الكافي في باب جوامع التوحيد خطبة لأمير المؤمنين وفيها يقول
عليه السلام: الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض، بل وصفته بفعاله ودلت عليه بآياته
20 - في تفسير علي بن إبراهيم قال موسى: أولو جئتك بشئ مبين قال فرعون
فأت به ان كنت من الصادقين فالقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين فلم يبق أحد من
جلساء فرعون الا هرب، ودخل فرعون من الرعب ما لم يملك نفسه، فقال فرعون:
يا موسى أنشدك بالله وبالرضاع الا ما كففتها عنى ثم نزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين
فلما اخذ موسى عليه السلام العصا رجعت إلى فرعون نفسه وهم بتصديقه فقام إليه هامان فقال
49

له: بينما أنت اله تعبد إذ صرت تابعا لعبد.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد سبق قريبا فيما نقلنا من مجمع البيان عن أبي
جعفر عليه السلام بيان لقوله عز وجل (فالقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي
بيضاء للناظرين).
21 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن موسى بن جعفر عن أبيه
عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعلي
عليه السلام: فان موسى قد اعطى اليد البيضاء فهل فعل لمحمد شئ من هذا؟ قال له علي عليه
السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، ان نورا كان يضئ عن
يمينه حيثما جلس وعن يساره أينما جلس، وكان يراه الناس كلهم، قال له اليهودي:
فان هذا موسى بن عمران قد أعطى العصا وكانت تحول ثعبانا؟ قال له علي عليه السلام: لقد
كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، ان رجلا كان يطالب أبا جهل بن
هشام بدين ثمن جزور (1) قد اشتراه فاشتغل عنه وجلس يشرب، فطلبه الرجل فلم
يقدر عليه فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟ قال: عمرو بن هشام يعنى أبا جهل لي
عليه دين، قال فأدلك على من يستخرج الحقوق؟ قال: نعم فدله على النبي صلى الله عليه وآله و
كان أبو جهل يقول: ليت لمحمد إلي حاجة فأسخر به وأرده؟ فاتى الرجل النبي
صلى الله عليه وآله فقال له: يا محمد بلغني ان بينك وبين عمرو بن هشام حسن (2) وانا استشفع بك
إليه، فقام معه رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى به فقال له: قم يا أبا جهل فاد إلى الرجل حقه وانما كنى
أبا جهل ذلك اليوم، فقام مسرعا فأدى إليه حقه، فلما رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه:
فعلت ذلك فرقا من محمد؟ قال: ويحكم أعذروني انه لما أقبل رأيت عن يمينه رجالا بأيديهم
حراب تتلألأ، وعن يساره ثعبانين تصطك بأسنانهما وتلمع النيران من أبصارهما،

(1) الجزور: الناقة التي تنحر.
(2) كذا في النسخ وكذا في البحار وفى المصدر (حسن صداقة) واستظهر في هامش
البحار ان الأصل (خشن) بالشين.
50

لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا (1) بالحراب بطني ويقضمني الثعبانان، هذا أكبر مما اعطى
موسى ثعبان بثعبان موسى، وزاد الله محمدا صلى الله عليه وآله ثعبانا وثمانية أملاك معهم الحراب.
22 - في مجمع البيان ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين إليها أي اخرج
من كمه أو جيبه عاما على ما روى.
23 - في أصول الكافي أحمد بن مهران رحمه الله عن محمد بن علي عن الحسن
بن منصور عن أخيه قال: دخلت على الرضا عليه السلام في بيت داخل في جوف بيت ليلا، فرفع
يده فكانت كأن في البيت عشرة مصابيح، واستأذن عليه رجل فخلا يده ثم اذن له.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم: ثم قال فرعون للملاء حوله ان هذا الساحر
عليم يريد ان يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون إلى قوله تعالى: لميقات
يوم معلوم فكان فرعون وهامان قد تعلما السحر، وانما غلبا الناس بالسحر، وادعى
فرعون الربوبية بالسحر. فلما أصبح بعث في المدائن حاشرين، مدائن مصر كلها و
جمعوا الف ساحر، واختار من الف، مأة ومن المأة ثمانين، فقال السحرة لفرعون
قد علمت أنه ليس في الدنيا أسحر منا، فان غلبنا موسى فما يكون لنا عندك؟ قال إنكم
إذا لمن المقربين عندي أشارككم في ملكي قالوا: فان غلبنا موسى وأبطل سحرنا علمنا أن
ما جاء به ليس من قبل السحر ولا من قبل الحيلة آمنا به وصدقناه، قال فرعون:
ان غلبكم موسى صدقته انا أيضا معكم، ولكن اجمعوا كيدكم أي حيلتكم قال: و
كان موعدهم يوم عيد لهم، فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم وجمع فرعون الخلق
والسحرة وكانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا، وقد كانت لبست الحديد و
الفولاذ المصقول. فكانت إذا وقعت الشمس عليها لم يقدر أحد أن ينظر إليها من لمع الحديد
ووهج الشمس (2) وجاء فرعون وهامان وقعدا عليها ينظران، وأقبل موسى عليه السلام ينظر
إلى السماء فقالت السحرة لفرعون: انا نرى رجلا ينظر إلى السماء ولن يبلغ سحرنا

(1) بعج بطنه بالسكين: شقه.
(2) وهج الشمس: حرها.
51

إلى السماء، وضمنت السحرة من في الأرض، فقالوا لموسى: اما ان تلقى واما
ان نكون نحن الملقين * قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون * فالقوا حبالهم وعصيهم
فأقبلت تضرب وسالت مثل الحيات وهاجت فقالوا بعزة فرعون انا لنحن الغالبون
25 - في جوامع الجامع (وقالوا بعزة فرعون) اقسموا بعزة فرعون وهي من
أقسام الجاهلية، وفى الاسلام لا يصح الحلف الا بالله تعالى أو بعض أسمائه وصفاته، وفى
الحديث: لا تحلفوا الا بالله ولا تحلفوا بالله الا وأنتم صادقون.
26 - في أصول الكافي باسناده إلى محمد بن زيد الطبري قال: كنت قائما
على رأس الرضا عليه السلام بخراسان وعنده عدة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى
العباسي، فقال: يا اسحق بلغني ان الناس يقولون انا نزعم ان الناس عبيد لنا، وقرابتي
من رسول الله ما قلته قط ولا سمعته من أحد من آبائي قاله، ولا بلغني أحد من آبائي قاله
ولكني أقول: الناس عبيد لنا في الطاعة موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب.
27 - في تفسير علي بن إبراهيم، فالقى موسى عصاه فذابت في الأرض
مثل الرصاص، ثم طلع رأسها وفتحت فاها ووضعت شدقها (1) العليا على رأس قبة فرعون
ثم دارت وأرخت شفتها السفلى، والتقمت عصى السحرة وحبالهم وغلب كلهم، وانهزم
الناس حين رأوها وعظمها وهولها مما لم تر العين ولا وصف الواصفون مثله، قيل: فقتل
في الهزيمة من وطئ الناس بعضهم بعضا عشرة آلاف رجل وامرأة وصبي، ودارت على
قبة فرعون قال: فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما وشاب رأسهما وغشى عليهما من الفزع
ومر موسى عليه السلام في الهزيمة مع الناس فناداه الله عز وجل: خذها ولا تخف سنعيدها
سيرتها الأولى فرجع موسى عليه السلام ولف على يده عباء كانت عليه ثم أدخل يده في فمها
فإذا هي عصا كما كانت، فكان كما قال الله عز وجل: فالقى السحرة ساجدين لما
رأو ذلك قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا و
قال آمنتم له قبل ان آذن لكم انه لكبيركم يعنى موسى (ع) الذي علمكم السحر

(1) الشدق: جانب الفم.
52

فلسوف تعلمون لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين فقالوا
له كما حكى الله عز وجل: لا ضيرانا إلى ربنا لمنقلبون انا نطمع ان يغفر لنا ربنا
خطايانا ان كنا أول المؤمنين فحبس فرعون من آمن بموسى عليه السلام في السجن
حتى انزل الله عز وجل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فأطلق عنهم،
فأوحى الله عز وجل إلى موسى (ان أسر بعبادي انكم متبعون) فخرج موسى ببنى إسرائيل
ليقطع بهم البحر وجمع فرعون أصحابه وبعث في المدائن حاشرين، وحشر الناس
وقدم مقدمته في ستمأة ألف وركب هو في ألف الف، وخرج كما حكى الله عز وجل.
28 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: لشرذمة قليلون
يقول: عصبة قليلة.
29 - في أصول الكافي باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول عليه السلام في
آخره: ان الله خلق أقواما لجهنم والنار، فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم واشمأز
من ذلك، ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به، وقالوا: ساحر
كذاب فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثم أطلق الله لسانهم ببعض الحق فهم ينطقون
وقلوبهم منكرة ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته ولولا ذلك ما عبد الله في
أرضه، فأمرنا بالكف عنهم والستر والكتمان فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه واستروا
عمن أمر الله بالستر والكتمان عنه، قال: ثم رفع يده وبكى وقال: اللهم ان هؤلاء
لشرذمة قليلون، فاجعل محيانا محياهم. ومماتنا مماتهم ولا تسلط عليهم عدوا لك
فتفجعنا بهم، فإنك ان فجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك وصلى الله على محمد وآله وسلم.
30 - في الخرائج والجرائح ان عليا عليه السلام قال: لما خرجنا إلى خيبر فإذا نحن
بواد ملان ماء فقدرناه فإذا هو أربعة عشر قامة فقال الناس: يا رسول الله العدو من
ورائنا والوادي أمامنا فكان كما قال أصحاب موسى انا لمدركون فنزل عليه السلام ثم قال
اللهم انك جعلت لكل مرسل علامة فأرنا قدرتك، ثم ركب وعبرت الخيل والإبل
لا تندى حوافرها ولا أخفافها.
53

31 - في تفسير علي بن إبراهيم فلما قرب موسى عليه السلام من البحر وقرب فرعون من
موسى (قال أصحاب موسى انا لمدركون) قال موسى كلا ان معي ربى سيهدين
أي سينجين فدنا موسى عليه السلام من البحر فقال له ان أفرق فقال البحر له: استكبرت
يا موسى ان تقول لي ان أنفرق لك ولم أعص الله عز وجل طرفة عين، وقد كان
فيكم العاصي، فقال له موسى عليه السلام: فاحذر أن تعصى وقد علمت أن آدم عليه السلام اخرج
من الجنة بمعصية وانما لعن إبليس بمعصيته، فقال البحر: ربى عظيم مطاع أمره و
لا ينبغي لشئ ان يعصيه، فقام يوشع بن نون فقال لموسى عليهما السلام: يا نبي الله ما
أمر ربك قال: بعبور البحر فاقحم يوشع فرسه في الماء وأوحى الله عز وجل
إلى موسى ان اضرب بعصاك الحجر فضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم أي
كالجبل العظيم، فضرب له في البحر اثنى عشر طريقا فاخذ كل سبط منهم في طريق
فكان الماء قد ارتفع وبقيت الأرض يابسة طلعت فيها الشمس فليبست كما حكى
الله عز وجل: فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى ودخل
موسى عليه السلام وأصحابه البحر وكان أصحابه اثنى عشر سبطا فضرب الله عز وجل لهم
في البحر اثنى عشر طريقا فأخذ كل سبط في طريق، وكان الماء قد ارتفع على
رؤسهم مثل الجبال، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى عليه السلام في طريقه، فقالوا
يا موسى أين اخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر فلم يصدقوه، فأمر الله عز وجل البحر
فصار طاقات حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدثون، وأقبل فرعون وجنوده
فلما انتهى إلى البحر قال لأصحابه: الا تعلمون انى ربكم الاعلى قد فرج لي البحر
فلم يجسر أحد أن يدخل البحر وامتنعت الخيل منه لهول الماء، فتقدم فرعون حتى
جاء إلى ساحل البحر فقال له منجمه: لا تدخل البحر وعارضه فلم يقبل منه، وأقبل
على فرس حصان (1) فامتنع الحصان أن يدخل فعطف عليه جبرئيل عليه السلام وهو على
ما ديانة، فتقدمه ودخل فنظر الفرس إلى الرمكة (2) فطلبها ودخل البحر واقتحم

(1) الحصان: الفرس العتيق ثم كثر حتى سمى به كل ذكر من الخيل
(2) الرمكة: الفرس والبرذونة تتخذ للنسل.
54

أصحابه خلفه، فلما دخلوا كلهم حتى كان آخر من دخل من أصحابه وآخر من
خرج من أصحاب موسى عليه السلام، أمر الله عز وجل الرياح فضربت البحر بعضه ببعض فأقبل
الماء يقع عليهم مثل الجبال.
32 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن
النضر بن سويد عن محمد بن هشام عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قوما ممن
آمن بموسى قالوا: لو أتينا عسكر فرعون وكنا فيه ونلنا من دنياه فإذا كان الذي نرجوه
من ظهور موسى عليه السلام صرنا إليه ففعلوا، فلما توجه موسى ومن معه هاربين من فرعون
ركبوا دوابهم وأسرعوا في السير ليلحقوا بموسى وعسكره فيكونوا معهم، فبعث الله
عز وجل ملكا فضرب وجوه دوابهم فردهم إلى عسكر فرعون فكانوا فيمن غرق مع
فرعون.
33 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب إبراهيم بن أدهم وفتح الموصلي
قال كل واحد منهما: كنت أسيح في البادية مع القافلة فعرضت لي حاجة فتنحيت عن
القافلة وإذا انا بصبي يمشى، فدنوت منه وسلمت عليه فرد على السلام فقلت له: إلى
أين؟ قال: أريد بيت ربى، فقلت: حبيبي انك صغير ليس عليك فرض ولا سنة، فقال:
يا شيخ ما رأيت من هو أصغر منى سنا مات، فقلت: أين الزاد والراحلة؟ فقال: زادي
تقواي وراحلتي رجلاي وقصدي مولاي، فقلت: ما أدرى معك شيئا من الطعام؟ فقال
يا شيخ هل تستحسن ان يدعوك انسان إلى دعوة فتحمل من بيتك الطعام؟ قلت:
لا قال: الذي دعاني إلى بيته هو يطعمني ويسقين.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: هذا الكلام طويل وقد ذكر في أواسطه ان
الصبي كان علي بن الحسين عليهما السلام.
34 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ظهرت صحته على سقمه
فتعالج بشئ فمات فانا إلى الله منه برئ.
35 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن مسعود أنه قال: بينا نحن عند
55

رسول الله صلى الله عليه وآله إذ تبسم فقلت له: مالك يا رسول الله؟ قال: عجبت من المؤمن و
جزعه من السقم، ولو يعلم ماله في السقم من الثواب لأحب الا يزال سقيما حتى يلقى
ربه عز وجل.
36 - في الكافي باسناده إلى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
قال الله عز وجل: من مرض ثلاثا فلم يشك إلى أحد من عواده أبدلته لحما خيرا
من لحمه، ودما خيرا من دمه، فان عافيته ولا ذنب له، وان قبضته قبضته
إلى رحمتي.
37 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قال الله تبارك وتعالى: ما من عبد ابتليته ببلاء فلم يشك إلى عواده الا أبدلته لحما
خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، فان قبضته قبضته إلى رحمتي، وان عاش عاش
وليس له ذنب.
38 - وباسناده عن بشير الدهان عن أبي عبد الله قال: قال الله عز وجل: أيما عبد
ابتليته ببلية فكتم ذلك عواده ثلاثا أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه
وبشرا خيرا من بشره فان أبقيته أبقيته ولا ذنب له، وان مات مات إلى رحمتي.
39 - وباسناده إلى الحسن الميثمي عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من
مرض ليلة فقبلها بقبولها كتب الله له عبادة ستين سنة، قلت: ما معنى قبولها؟ قال:
لا يشكو ما أصابه فيها إلى أحد
40 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن العرزمي عن أبيه عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها وادى إلى الله شكرها كانت كعبادة ستين
سنة، قال أبى: فقلت له: ما قبولها؟ قال: يصبر عليها ولا يخبر بما كان فيها، فإذا
أصبح حمد الله على ما كان.
41 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: من مرض ثلاثة أيام فكتمه ولم يخبر به أحدا أبدل الله عز وجل له لحما
56

خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، وبشرة خيرا من بشرته، وشعرا خيرا من شعره،
قال: قلت: جعلت فداك وكيف يبدله؟ قال: يبدله لحما وشعرا ودما وبشرة لم
يذنب فيها.
42 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سئل عن حد الشكاة للمريض، فقال: ان الرجل يقول: حممت
اليوم وسهرت البارحة وقد صدق وليس هذا شكاة، وانما الشكوى أن يقول: إبتيلت
بما لم يبتل به أحد، ويقول: لقد أصابني ما لم يصب أحدا وليس الشكوى أن يقول:
سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا.
43 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: الا وان اللسان الصالح يجعله الله للمرء في
الناس خير له من المال يورثه من لا يحمده.
44 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل
واجعل لي لسان صدق في الآخرين قال هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
45 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن
عيسى عن يحيى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولسان الصدق
للمرء يجعله الله في الناس خيرا من المال يأكله ويورثه، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
46 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل في بيان
ما جرى منه عليه السلام أيام تزويج فاطمة من على عليهما السلام وفيه: فسأل عليا كيف وجدت
أهلك؟ قال: نعم العون على طاعة الله وسأل فاطمة؟ فقالت: خير بعل، فقال: اللهم
أجمع شملهما واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم.
47 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري
عن سفيان بن عيينة قال: سألته عن قول الله عز وجل: الا من اتى الله بقلب سليم قال:
السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه، قال: وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط،
57

وانما أراد بالزهد في الدنيا لتفزع قلوبهم إلى الآخرة.
48 - وباسناده إلى الحسن بن الجهم عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال: التواضع
أن تعطى الناس ما تحب أن تعطاه.
49 - وفى آخر قال: قلت: ما حد التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟
فقال: التواضع درجات، منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم
لا يحب أن يأتي إلى أحد الا مثل ما يؤتى إليه، ان رأى سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ
عاف عن الناس والله يحب المحسنين.
50 - في مجمع البيان وروى عن الصادق عليه السلام أنه قال: هو القلب الذي سلم
من حب الدنيا، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وآله: حب الدنيا رأس كل خطيئة.
51 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام صاحب النية الصادقة صاحب القلب
السليم، لان سلامة القلب من هواجس المذكورات. تخلص النية لله في الأمور كلها
قال الله تعالى: يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم
52 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن
عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: وانزل في طسم وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم
تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود
إبليس أجمعون جنود إبليس ذريته من الشياطين وما أضلنا الا المجرمون يعنى
المشركين الذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتبعوهم على شركهم، وهو قوم محمد صلى الله عيله واله ليس فيهم
من اليهود والنصارى أحد، وتصديق ذلك قول الله عز وجل: (كذبت قبلهم قوم نوح. كذب
أصحاب الأيكة. كذبت قوم لوط) ليس هم اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله، و
لا النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله، سيدخل الله اليهود والنصارى النار، ويدخل كل
قوم بأعمالهم، وقولهم: (وما أضلنا الا المجرمون) إذ دعونا إلى سبيلهم ذلك قول الله
عز وجل فيهم حين جمعهم إلى النار (قالت أوليهم لأخراهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا
58

ضعفا من النار) وقوله: (كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا)
برئ بعضهم من بعض، ولعن بعضهم بعضا يريد بعضهم ان يحج بعضا رجاء الفلج فيفلتوا
جميعا من عظم ما نزل بهم، وليس بأوان بلوى ولا اختبار، ولا قبول معذرة ولا
حين نجاة.
53 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر
ابن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي سعيد المكارى عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله
عز وجل: (فكبكبوا فيها هم والغاوون) قال: هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه
إلى غيره.
54 - محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن عبد الله
بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال في قول الله عز وجل:
(فكبكبوا فيها هم والغاوون) قال: يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم
خالفوه إلى غيره.
55 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (فكبكبوا فيها هم والغاوون) قال
الصادق عليه السلام: نزلت في قوم وصفوا عدلا ثم خالفوه إلى غيره، وفى خبر آخر قال: هم
بنو أمية والغاوون بنو العباس (1)
56 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو ذر في خبر النبي صلى الله عليه وآله يا أبا ذر
يؤتى بجاحد على أعمى أبكم يتكبكب في ظلمات يوم القيامة، ينادى: يا حسرتا على
ما فرطت في جنب الله وفى عنقه طوق من النار.
57 - في محاسن البرقي وفى رواية عثمان بن عيسى وغيره عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله عز وجل: (فكبكبوا فيها هم والغاوون) قال: من وصف عدلا ثم خالفه
إلى غيره.
58 - في كتاب التوحيد خطبة لعلى عليه السلام يقول فيها: أيها السائل اعلم أن من

(1) وفى بعض النسخ (بنو فلان)
59

شبه ربنا الجليل بتباين أعضاء خلقه، وبتلاحم أحقاق (1) مفاصله المحتجبة بتدبير
حكمته، انه لم يعقد غيب ضميره على معرفته، ولم يشاهد قلبه اليقين بأنه لا ند له، وكأنه
لم يسمع بتبري التابعين من المتبوعين وهم يقولون: تالله ان كنا لفى ضلال مبين إذ
نسويكم برب العالمين فمن ساوى ربنا بشئ فقد عدل به، والعادل به كافر بما تنزلت به
محكمات آياته ونطقت به شواهد حجج بيناته، لأنه الله الذي لم يتناه في العقول فيكون
في مهب فكرها مكيفا، وفى حواصل هويات همم النفوس محدودا مصرفا، المنشئ
أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها، ولا قريحة غريزة أضمر عليها، ولا تجربة أفادها من
موجودات الدهور، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور.
59 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
أسامة عن أبي عبد الله وأبى جعفر عليهما السلام انهما قالا: والله لنشفعن في المذنبين
من شيعتنا حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.
60 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن
علي بن فضال عن علي بن عقبة عن عمر بن أبان عن عبد الحميد الوابشي عن أبي جعفر عليه السلام قال
في حديث طويل: وان الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وان المؤمن ليشفع لجاره و
ماله حسنة، فيقول: يا رب جارى كان يكف عنى الأذى فيشفع فيه، فيقول الله تبارك و
تعالى: انا ربك وأنا أحق من كافى عنك فيدخله الله الجنة وماله من حسنة،
وان أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين انسانا، فعند ذلك يقول أهل النار: (فمالنا
من شافعين ولا صديق حميم).
61 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى الحسن بن صالح بن حي قال:
سمعت جعفر بن محمد يقول: لقد عظمت منزلة الصديق حتى أهل النار ليستغيثون به و
يدعون به في النار قبل القريب الحميم قال الله مخبرا عنهم: (فمالنا من شافعين
ولا صديق حميم).

(1) الاحقاق جمع الحق - بالضم -: النقرة في رأس الكتف.
60

62 - وباسناده إلى الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يا فضل
لا تزهدوا في فقراء شيعتنا، فان الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر،
ثم قال: يا فضل انما سمى المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن على الله فيجبر ايمانه، ثم قال: أما
سمعت الله تعالى يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة:
(فما لنا من شافعين ولا صديق حميم).
63 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره في دعاء يوم المباهلة المروى عن أبي
إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام اللهم انا قد تمسكنا بكتابك وبعترة نبيك محمد
صلواتك عليه وعليهم الذين أقمتهم لنا دليلا وعلما امرتنا باتباعهم، اللهم فانا قد تمسكنا
بهم فارزقنا شفاعتهم حين يقول الخائبون: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.
64 - في محاسن البرقي عنه عن عمر بن عبد العزيز عن مفضل أو غيره عن أبي
عبد الله عليه السلام في قول الله: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) قال: الشافعون الأئمة
والصديق من المؤمنين.
65 - في مجمع البيان وفى الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي فلان وصديقه في الجحيم؟ فيقول الله:
أخرجوا له صديقه إلى الجنة فيقول من بقي في النار: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم).
66 - وروى بالاسناد عن حمران بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام قال: والله لنشفعن
لشيعتنا ثلاث مرات حتى يقول الناس: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) إلى قوله
فنكون من المؤمنين
67 - وفى رواية أخرى حتى يقول عدونا.
68 - وعن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن المؤمن ليشفع
يوم القيامة لأهل بيته فيشفع فيهم حتى يبقى خادمه، فيقول ويرفع سبابتيه: خويدمي
كان يقيني الحر والبرد فيشفع فيه.
69 - وفى خبر آخر عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن المؤمن ليشفع لجاره وماله
61

حسنة فيقول: يا رب جارى كان يكف عنى الأذى فيشفع فيه وان أدنى المؤمنين شفاعة
ليشفع لثلاثين انسانا.
70 - في تفسير علي بن إبراهيم (فلو ان لنا كرة فنكون من المؤمنين) قال:
من المهتدين قال: لان الايمان قد لزمهم بالاقرار.
71 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام:
فمكث نوح ألف سنة الا خمسين عاما لم يشاركه في نبوته أحد، ولكنه قدم على قوم
مكذبين للأنبياء الذين كانوا بينه وبين آدم وذلك قوله عز وجل: كذبت قوم نوح
المرسلين يعنى من كان بينه وبين آدم عليهما السلام إلى أن انتهى إلى قوله: وان ربك
لهو العزيز الرحيم وقال فيه أيضا: فكان بين آدم وبين نوح عليهما السلام عشرة آباء
كلهم أنبياء في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد
بن الفضل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام مثله.
72 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وقالوا أنؤمن لك يا نوح و
اتبعك الأرذلون قال: الفقراء. وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
الفلك المشحون المجهز الذي قد فرغ منه ولم يبق الا دفعة.
73 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: وقال نوح: ان الله تبارك وتعالى باعث نبيا يقال له: هود، وانه يدعو قومه
إلى الله عز وجل فيكذبونه وان الله عز وجل يهلكهم بالريح فمن أدركه منكم
فليؤمن به وليتبعه فان الله تبارك وتعالى ينجيه من عذاب الريح، وأمر نوح ابنه
سام ان يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة ويكون يوم عيد لهم فيتعاهدون فيه
بعث هود، وزمانه الذي يخرج فيه، فلما بعث الله تبارك وتعالى هودا نظروا فيما
عندهم من العلم والايمان وميراث العلم والاسم الأكبر وآثار علم النبوة فوجدوا
62

هودا نبيا، وقد بشرهم أبوهم نوح به، فآمنوا به وصدقوه واتبعوه، فنجوا من
عذاب الريح وهو قول الله عز وجل: والى عاد أخاهم هودا وقوله: كذبت عاد
المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود الا تتقون
في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن الفضل
عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام مثله.
74 - في مجمع البيان - آية تعبثون أي ما لا تحتاجون إليه لسكناكم وانما
تريدون العبث بذلك واللعب واللهو كأنه جعل بناهم ما يستغنون عنه عبثا منهم عن ابن
عباس في رواية عطاء ويؤيده الخبر المأثور عن انس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج
فرأى قبة فقال: ما هذه؟ فقالوا له أصحابه: هذا الرجل من الأنصار فمكث حتى
إذا جاء صاحبها فسلم في الناس أعرض عنه وصنع ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب
به والاعراض عنه، فشكى ذلك إلى أصحابه وقال: والله إلى لأنكر رسول الله صلى الله عليه وآله
ما أدرى ما حدث في وما صنعت؟ قالوا: خرج رسول الله فرأى قبتك فقال: لمن هذه؟
فأخبرناه فرجع إلى قبته فسواها بالأرض، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم فلم ير
القبة فقال: ما فعلت القبة التي كانت هيهنا؟ قالوا: شكى إلينا صاحبها اعراضك
عنه فأخبرناه فهدمها، فقال: ان كل ما يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة
الا ما لا بد منه.
75 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله بكل ربع قال الإمام أبو جعفر
عليه السلام يعنى لكل طريق آية والآية علي عليه وقوله عز وجل: وإذا بطشتم بطشتم جبارين
قال: تقتلون بالغضب من غير استحقاق.
76 - في مجمع البيان - وروى عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: إنه أول عين
نبعت في الأرض هي التي فجرها الله عز وجل لصالح فقال: لها شرب ولكم شرب يوم
معلوم
77 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: أيها الناس انما يجمع الناس الرضا والسخط،
63

وانما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا، فقال سبحانه:
فعقروها فأصبحوا نادمين فما كان الا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة المحماة
في الأرض الخوارة (1).
78 - في جوامع الجامع - كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب
وفى الحديث ان شعيبا أخا مدين أرسل إليهم والى أصحاب الأيكة.
79 - في تفسير علي بن إبراهيم واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين قال: الخلق
الأولين وقوله عز وجل: (فكذبوه) قال قوم شعيب فاخذهم عذاب يوم الظلة قال:
يوم حر وسمائم.
80 - وفيه واما قوله عز وجل (عذاب يوم الظلة انه كان عذاب يوم عظيم) فبلغنا
والله أعلم انه أصابهم حر وهم في بيوتهم، فخرجوا يلتمسون الروح من قبل السحابة
التي بعث الله عز وجل فيها العذاب، فلما غشيهم أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم
جاثمين وهم قوم شعيب.
81 - في بصائر الدرجات محمد بن أحمد عن العباس بن معروف عن الحسن
بن محبوب عن حنان بن سدير عن سالم عن أبي محمد قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:
أخبرني عن الولاية نزل بها جبرئيل من عند رب العالمين يوم الغدير؟ فقال: نزل
به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وانه لفى زبر الأولين
قال: هي الولاية لأمير المؤمنين.
82 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام

(1) قال الشارح المعتزلي: خارت أرضهم أي صوتت كما يخور الثور وشبه عليه السلام ذلك بصوت
السكة المحماة في الأرض الخوارة وهي اللينة، وانما جعلها محماة لتكون أبلغ في ذهابها في
الأرض، ومن كلامه (ع) يوم خيبر بقوله لرسول الله صلى الله عليه وآله وقد بعثه بالراية: أكون في امرك كالسكة
المحماة في الأرض إلى آخر ما ذكره وقد اعقب كلامه بعلة طبيعية لذلك فراجع ان شئت ج 2
ص 589 ط مصر.
64

في قوله عز وجل: (وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من
المنذرين) قال: الولاية التي نزلت لأمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم الغدير.
83 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
عن بعض أصحابنا عن حنان بن سدير عن سالم الحناط قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:
أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى. (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين
بلسان عربي مبين) قال: هي الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام.
84 - علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحجال عمن ذكره عن أحدهما
عليهما السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: (بلسان عربي مبين) قال: يبين الألسن
ولا تبينه الألسن.
85 - في كتاب علل الشرائع باسناده إلى مسلم بن خالد المكي عن جعفر بن
محمد عن أبيه عليهما السلام قال: ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا الا بالعربية
فكان يقع في مسامع الأنبياء عليهم السلام بألسنة قومهم، وكان يقع في مسامع
نبينا صلى الله عليه وآله بالعربية، فإذا كلم به قومه كلمهم بالعربية فيقع في مسامعهم بلسانهم فكان
أحد لا يخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله بأي لسان خاطبه الا وقع في مسامعه بالعربية، كل
ذلك يترجم جبرئيل عنه تشريفا من الله عز وجل له صلى الله عليه وآله.
86 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه
عليهم ما كانوا به مؤمنين) قال الصادق عليه السلام: لو نزلنا القرآن على العجم ما آمنت به العرب
وقد نزل على العرب فآمنت به العجم فهذه فضيلة العجم.
87 - في الكافي أحمد بن محمد عن علي بن الحسين عن محمد بن الوليد و
محمد بن أحمد عن يونس بن يعقوب عن علي بن عيسى القماط عن عمه عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: أرى رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه بنى أمية يصعدون على منبره من بعده و
يضلون الناس عن الصراط القهقرى، فأصبح كئيبا حزينا قال: فهبط جبرئيل
عليه السلام فقال: يا رسول الله مالي أراك كئيبا حزينا قال: يا جبرئيل انى رأيت بنى أمية
65

في ليلتي هذه يصعدون منبرى من بعدى يضلون الناس عن الصراط القهقرى فقال: و
الذي بعثك بالحق نبيا انى ما اطلعت عليه. فعرج إلى السماء فلم يلبث ان نزل عليه
بآي من القرآن يؤنسه بها قال: (أفرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون
(ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون) وانزل عليه: (انا أنزلناه في ليلة القدر وما ادريك ما
ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر) جعل الله عز وجل ليلة القدر لنبيه صلى الله عليه وآله خيرا من
الف شهر ملك بنى أمية.
88 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (وانذر عشيرتك الأقربين)
قال: نزلت: (ورهطك منهم المخلصين) قال: نزلت بمكة فجمع رسول الله صلى الله عليه وآله
بني هاشم وهم أربعون رجلا كل واحد منهم يأكل الجذع ويشرب القربة (1) فاتخذ
لهم طعاما يسيرا بحسب ما أمكن، فأكلوا حتى شبعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
يكون وصيي ووزيري وخليفتي؟ فقال أبو لهب: جزما (2) سحركم محمد، فتفرقوا
فلما كان اليوم الثاني أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ففعل بهم مثل ذلك، ثم سقاهم اللبن حتى رووا
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيكم يكون وصيي ووزيري وخليفتي؟ فقال أبو لهب: جزما
سحركم محمد فتفرقوا، فلما كان اليوم الثالث أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ففعل بهم مثل
ذلك ثم سقاهم اللبن فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله. أيكم يكون وصيي ووزيري وينجز عداتي
ويقضى ديني؟ فقام على صلوات الله عليه وكان أصغرهم سنا وأحمشهم (3) ساقا وأقلهم
مالا فقال: أنا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت هو.
89 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن الحارث بن نوفل عن علي

(1) الجذع محركة: من البهائم: ما قبل الثنى، والقربة: الوطب يستقى به
الماء. وبالفارسية (مشك).
(2) وفى نسخة البحار كما سيأتي عن مجمع البيان (هذا ما سحركم.. اه) وكذا
فيما يأنى.
(3) حمشت الساق: دقت.
66

ابن أبي طالب عليهما السلام قال: لما نزلت (وانذر عشيرتك الأقربين) أي رهطك
المخلصين دعا رسول الله صلى الله عليه وآله بنى عبد المطلب وهم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا
وينقصون رجلا، فقال: أيكم يكون أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم
بعدى؟ فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك حتى اتى على فقلت: أنا يا رسول
الله فقال: يا بنى عبد المطلب هذا وارثي ووزيري وخليفتي فيكم بعدى، فقام القوم
يضحك بعضهم إلى بعض ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام.
90 - في مجمع البيان (وانذر عشيرتك الأقربين) وفى الخبر المأثور عن
براء بن عازب أنه قال: لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بنى عبد المطلب و
هم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس (1) فامر عليا عليه السلام
برجل شاة فأدمها (2) ثم قال: ادنوا بسم الله فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى
صدروا ثم دعا بقعب (3) من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم: اشربوا بسم الله،
فشربوا حتى رووا فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل، فسكت
صلى الله عليه وآله يومئذ ولم يتكلم ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم
أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا بنى عبد المطلب انى أنا النذير إليكم من الله
عز وجل فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ثم قال: من يواخيني ويوازرني ويكون وليي
ووصيي بعدى وخليفتي في أهلي ويقضى ديني؟ فسكت القوم فأعادها ثلاثا كل ذلك
يسكت القوم ويقول على: أنا، فقال في المرة الثالثة أنت، فقام القوم وهم يقولون
لأبي طالب: اطع ابنك فقد أمر عليك. أورده الثعلبي في تفسيره، وروى عن أبي رافع
هذه القصة وانه جمعهم في الشعب فصنع لهم رجل شاة فأكلوا حتى تضلعوا وسقاهم (4)

(1) المسنة من أولاد المعز: ما بلغ أربعة أشهر وفصل عن أمه وأخذ في الرعى. والمسن:
لقدح الكبير.
(2) أدم الخبز: خلطه بالادام.
(3) القعب: القدح الضخم الغليظ.
(4) تضلع الرجل، امتلأ شبعا وريا.
67

عسا فشربوا كلهم حتى رووا، ثم قال: إن الله أمرني ان أنذر عشيرتي ورهطي وان الله
لم يبعث نبيا الا جعل له من أهله أخا ووزيرا ووارثا ووصيا وخليفة في أهله، فأيكم
يقوم فيبايعني على أنه أخي ووارثي ووزيري ووصيي ويكون منى بمنزلة هارون من
موسى؟ فقال على: أنا فقال: ادن منى ففتح فاه ومج في فيه من ريقه وتفل بين
كتفيه وثدييه فقال أبو لهب: بئس ما حبوت به (1) ابن عمك أن أجابك فملأت فاه ووجهه
بزاقا؟ فقال صلى الله عليه وآله ملاءته حكمة وعلما.
91 - وعن ابن عباس قال: لما نزلت الآية صعد رسول الله صلى الله عليه وآله على الصفا فقال
يا صباحاه (2) فاجتمعت إليه قريش فقالوا له: مالك؟ فقال: أرأيتكم أن أخبرتكم
ان العدو مصبحكم، أو ممسيكم ما كنتم تصدقوني؟ قالوا: بلى، قال: فانى نذير
لكم بين يدي عذاب شديد، قال أبو لهب: تبا لك ألهذا دعوتنا جميعا؟ فأنزل الله عز وجل:
(تبت يدا أبى لهب وتب) إلى آخر السورة.
92 - وفى قراءة عبد الله كعب (وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين)
وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
93 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق
بين العترة والأمة حديث طويل وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى
الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في
اثنى عشر موضعا، فأول ذلك قوله عز وجل: (وانذر عشيرتك الأقربين ورهطك
المخلصين) هكذا في قراءة أبي بن كعب، وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود و

(1) أي أعطيت به.
(2) قال ابن منظور في اللسان: والعرب تقول إذ نذرت الغارة من الخيل تفجؤهم
صباحا: يا صباحاه! ينذرون الحي أجمع بالنداء العالي وفى الحديث: لما نزلت (وأنذر
عشيرتك الأقربين) صعد على الصفا وقال: يا صباحاه! هذه كلمة تقولها العرب إذا صاحوا للغارة
لأنهم أكثر ما يغيرون عند الصباح ويسمون يوم الغارة يوم الصباح.
68

هذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عز وجل بذلك الال، فذكره
صلى الله عليه وآله فهذه واحدة وفى الأمالي مثله سواء.
94 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (ورهطك منهم المخلصون) قال على
ابن أبي طالب صلوات الله عليه وحمزة وجعفر والحسن والحسين والأئمة من آل محمد
صلوات الله عليه.
95 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: وقد أمر الله أعز خلقه وسيد
بريته محمدا صلى الله عليه وآله بالتواضع فقال عز وجل: واخفض جناحك لمن اتبعك من
المؤمنين والتواضع مزرعة الخشوع والخشيه والحياء، وأنهن لا تتبين الا منها و
فيها، ولا يسلم الشرف التام الحقيقي الا للمتواضع في ذات الله تعالى، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
96 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال: ومن اتبعك من المؤمنين فان عصوك
يعنى من بعدك في ولاية على والأئمة صلوات الله عليهم فقل انى برئ مما تعملون ومعصية
رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ميت كمعصيته وهو حي.
97 - قوله عز وجل: الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين قال:
حدثني محمد بن الوليد عن محمد بن الفرات عن أبي جعفر عليه السلام قال: (الذي يراك
حين تقوم) في النبوة (وتقلبك في الساجدين) قال: في أصلاب النبيين صلوات
الله عليهم.
97 - في مجمع البيان وقيل: معناه: وتقلبك في الساجدين الموحدين من
نبي إلى نبي حتى أخرجك نبيا عن ابن عباس في رواية عطا وعكرمة، وهو المروى
عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قالا: في أصلاب النبيين نبي بعد نبي حتى أخرجه
من صلب أبيه عن نكاح غير سفاح من لدن آدم.
99 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا ترفعوا
قبلي ولا تضعوا قبلي، فانى أراكم من خلفي كما أراكم من امامي ثم تلا هذه الآية.
69

100 - في كتاب الخصال عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى:
هل أنبئكم على من تنزل الشياطين، تنزل على كل أفاك أثيم قال: هم سبعة: المغيرة
وبنان وصايد وحمزة بن عمارة البربري والحارث الشامي وعبد الله بن الحارث
وأبو الخطاب.
101 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: والشعراء يتبعهم الغاوون
قال نزلت في الذين غير وأدين الله وخالفوا أمر الله عز وجل هل شاعرا قط يتبعه
أحد؟ انما عنى بذلك الذين وضعوا دينهم بآرائهم فيتبعهم الناس على ذلك.
102 - في أصول الكافي عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: انه
ليس من يوم وليلة الا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلال، ويزور امام الهدى
عددهم من الملائكة، حتى إذا أتت ليلة القدر فهبط فيها من الملائكة إلى ولى الامر خلق
الله، أو قال قبض الله، عز وجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولى الضلالة فأتوه بالإفك
والكذب حتى لعله يصبح، فيقول: رأيت كذا وكذا فلو سأل ولى الامر عن ذلك لقال:
رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيرا، ويعلمه الضلالة التي هو عليها.
103 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن حماد بن عيسى عن أبي
جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (والشعراء يتبعهم الغاوون) قال: هل رأيت شاعرا
يتبعه أحد؟ انما هم قوم تفقهوا لغير الدين فضلوا وأضلوا.
104 - في مجمع البيان (والشعراء يتبعهم الغاوون) وروى العياشي بالاسناد
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هم قوم تعلموا أو تفقهوا بغير علم فضلوا وأضلوا.
105 - وفى الحديث عن الزهري قال: حدثني عبد الرحمن بن كعب بن مالك ان
كعب بن مالك قال: يا رسول الله ماذا تقول في الشعراء؟ قال: إن المؤمن مجاهد بسيفه و
لسانه، والذي نفسي بيده لكأنما ينضحونهم بالنبل (1)

(1) نضح فلانا بالنبل: رماه به.
70

106 - وقال النبي صلى الله عليه وآله لحسان بن ثابت: اهجهم أو هاجهم وروح القدس معك رواه
البخاري ومسلم في الصحيحين.
107 - في اعتقادات الامامية للصدوق رحمه الله وسئل الصادق عليه السلام عن
قول الله عز وجل: (والشعراء يتبعهم الغاوون) قال: هم القصاص.
108 - في جوامع الجامع قال عليه السلام لكعب بن مالك: اهجهم فوالذي
نفسي بيده لهو أشد عليهم من النبل.
109 - وقال لحسان بن ثابت: قل وروح القدس معك.
110 - في كتاب تلخيص الأقوال في أحوال الرجال روى الكشي من
طريق ضعيف عن الصادق عليه السلام أنه قال: علموا أولادكم شعر العبدي يشير إلى الشيعة.
111 - وفي كتاب الكشي في حديث آخر باسناده إلى سماعة قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: يا معشر الشيعة علموا أولادكم شعر العبدي فإنه على دين الله.
112 - وباسناده إلى محمد بن مروان قال: كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام و
معروف بن خربوذ، فكان ينشدنى الشعر وأنشده ويسألني وأسئله وأبو عبد الله يسمع
فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لان يمتلى جوف الرجل قيحا خير له
من أن يمتلى شعرا، فقال معروف: انما يعنى ذلك الذي يقول الشعر؟ فقال: ويحك أو
ويلك، قد قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله.
113 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى إبراهيم الكرخي قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: ان صاحبتي هلكت فكانت لي موافقة وقد هممت ان أتزوج، فقال:
انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك وأمانتك، فان كنت
لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير والى حسن الخلق.
واعلم أن النساء خلقن شتى * فمنهن الغنيمة والغرام
ومنهن الهلال إذا تجلى * لصاحبه ومنهن الظلام
فمن يظفر بصالحهن يسعد * ومن يغبن فليس له انتقام
71

114 - في الكافي بعض أصحابنا عن علي بن الحسين عن علي بن حسان عن عبد -
الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله ان يتزوج خديجة
بنت خويلد أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش إلى أن قال عليه السلام: ودخل
رسول الله صلى الله عليه وآله بأهله، وقال رجل من قريش يقال له عبد الله بن غنم:
هنيئا مريئا يا خديجة قد جرت * لك الطير فيما كان منك بأسعد
تزوجت من خير البرية كلها * ومن ذا الذي في الناس مثل محمد
وبشر به البران عيسى بن مريم * وموسى بن عمران فيا قرب موعد
أقرت به الكتاب قدما بأنه * رسول من البطحاء هاد ومهتد
115 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن أبي الأصبغ عن بندار بن
عاصم رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال: ما توسل إلى أحد، بوسيلة ولا تذرع بذريعة
أقرب له إلى ما يريده منى، من رجل سلف إليه منى يدا تبعتها أختها، وأحسنت ربها، فانى
رأيت منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل، ولا سخت نفسي برد بكر الحوائج (1) و
قد قال الشاعر:
وإذا بليت ببذل وجهك سائلا * فابذله للمتكرم المفضال
ان الجواد إذا حباك بموعد * أعطاكه سلسا بغير مطال
وإذا السؤال مع النوال وزنته * رجح السؤال وخف كل نوال
116 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: فيتبعهم الناس على ذلك آخر ما
نقلناه عنه سابقا: ويؤكد قوله جل ذكره: ألم تر انهم في كل واد يهيمون يعنى يناظرون
بالأباطيل ويجادلون بالحجج المضلين وفى كل مذهب يذهبون وانهم يقولون ما لا
يفعلون قال: يعظون الناس ولا يتعظون وينهون عن المنكر ولا ينتهون، ويأمرون

(1) اليد: النعمة. والبكر: الابتداء قال الفيض (ره) في الوافي: وإضافة المنع
والشكر إلى الأواخر والأوائل إضافة إلى المفعول، والمعنى ان أحسن الوسائل إلى السؤال تقدم
العهد بالسؤال فان المسؤول ثانيا لا يرد السائل الأول لئلا يقطع شكره على الأول.
72

بالمعروف ولا يعملون، وهم الذين قال الله عز وجل فيهم: (ألم تر انهم في كل واد يهيمون)
أي في كل مذهب يذهبون (وانهم يقولون ما لا يفعلون) وهم الذين غصبوا آل محمد
صلوات الله عليهم حقهم ثم ذكر آل محمد صلوات الله عليهم وشيعتهم المهتدين، فقال
جل ذكره: الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من
بعد ما ظلموا
117 - في كتاب معاني الأخبار وقد روى في خبر آخر عن الصادق عليه السلام أنه يقول
قول الله عز وجل: (وذكروا الله كثيرا) ما هذا الذكر الكثير؟ قال: من سبح
تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقد ذكر الله الذكر الكثير.
118 - في أصول الكافي على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي
عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أشد ما فرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا، ثم قال:
لا أعنى سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وإن كان منه، ولكن ذكر الله عندما
أحل وحرم، فإن كان طاعة عمل بها وإن كان معصية تركها.
119 - ابن محبوب عن أبي أسامة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما ابتلى المؤمن بشئ
أشد عليه من خصال ثلاث يحرمها، قيل وما هن؟ قال: المواساة في ذات يده، والانصاف
من نفسه، وذكر الله كثيرا، أما انى لا أقول سبحان الله والحمد لله ولكن ذكر الله عندما
أحل له وذكر الله عندما حرم عليه.
120 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن
سيف بن عميرة عن سليمان بن عمرو عن أبي المغرا الخصاف رفعه قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: من ذكر الله عز وجل في السر فقد ذكر الله كثيرا، ان المنافقين كانوا يذكرون
الله علانية ولا يذكرونه في السر فقال الله عز وجل: (يراؤن الناس ولا يذكرون الله الا قليلا)
121 - في جوامع الجامع وقرء الصادق عليه السلام وسيعلم الذين ظلموا آل
محمد حقهم.
122 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر أعداءهم ومن ظلمهم فقال جل ذكره:
73

(وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب منقلبون) هكذا والله نزلت.
123 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وفى أثر: انهم لما صلبوا رأس
الحسين عليه السلام على الشجرة سمع منه: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سور
الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفي جواره وكنفه، ولم يصبه في
الدنيا بؤس أبدا وأعطى في الآخرة من الجنة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مأة
زوجة من الحور العين.
2 - في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء الطواسين الثلاث
وذكر مثله وزاد في آخره وأسكنه الله في جنة عدن وسط الجنة مع النبيين والمرسلين
والوصيين الراشدين.
3 - أبى ابن كعب قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ومن قرأ طس سليمان كان له من الاجر
عشر حسنات بعدد من صدق سليمان وكذب به وهود وشعيب وصالح وإبراهيم ويخرج
من قبره وهو ينادى: لا إله إلا الله.
4 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وأعطيت طه والطواسين من ألواح
موسى.
5 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: واما طس فمعناه: انا الطالب السميع.
6 - وباسناده إلى خلف بن حماد عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن الله
تبارك وتعالى قال لموسى عليه السلام: ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء
قال: من غير برص والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
74

7 - في مجمع البيان - فلما جاءتهم آياتنا مبصرة وقرء علي بن الحسين عليهما
السلام مبصرة بفتح الميم والصاد.
8 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن
بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن وجوه
الكفر في كتاب الله عز وجل. قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه: فمنها
كفر الجحود على وجهين، إلى قوله: واما الوجه الاخر من الجحود على معرفة و
هو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنه حق قد استقر عنده، وقد قال الله عز وجل:
وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا والحديث طويل أخذنا منه موضع
الحاجة.
9 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى عبد الله بن الحسن باسناده
عن آبائه عليهم السلام انه لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك وبلغها ذلك جاءت إليه و
قالت له: يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبى لقد جئت شيئا فريا
أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول: وورث سليمان داود
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
10 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وذكر مسلم عن عبد الرزاق عن معمر
عن الزهري عن عروة عن عائشة وفى حديث الليث بن سعد عن عقيل عن ابن عروة عن
عائشة في خبر طويل تذكر فيه ان فاطمة أرسلت إلى أبى بكر تسأل ميراثها من رسول
الله صلى الله عليه وآله القصة قال: فهجرته ولم تكلمه حتى توفيت ولم يؤذن بها أبا بكر يصلى عليها.
11 - في بصائر الدرجات سلمة بن الخطاب عن عبد الله بن القاسم عن زرعة عن
المفضل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان داود ورث سليمان وانا ورثنا محمدا.
12 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن سيف عن
بعض أصحابنا عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال قلت له: انهم يقولون في حداثة سنك؟ فقال
: ان الله تعالى أوحى إلى داود ان يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عباد
75

بني إسرائيل وعلماؤهم فأوحى الله إلى داود: ان خذ عصى المتكلمين وعصى سليمان و
اجعلها في بيت، واختم عليهما بخواتيم القوم فإذا كان من الغد فمن كانت عصاه قد
أورقت وأثمرت فهو الخليفة، فأخبرهم داود عليه السلام فقالوا: قد رضينا وسلمنا.
13 - محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره عن محمد بن حماد عن أخيه أحمد
ابن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني
عن النبي صلى الله عليه وآله ورث النبيين كلهم؟ قال: نعم قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟
قال: ما بعث الله نبيا الا ومحمد صلى الله عليه وآله أعلم منه، قال: قلت: ان عيسى بن مريم كان يحيى
الموتى بإذن الله، قال: صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير، وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله يقدر على هذه المنازل.
14 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال لي: يا أبا محمد ان
الامام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شئ فيه الروح فمن لم
يكن هذه الخصال فيه فليس هو بامام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
15 - وباسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام حديث طويل
يقول فيه عليه السلام: انما قلنا لطيف للخلق اللطيف، أو لا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر
صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف ومن الخلق اللطيف ومن الحيوان الصغار ومن
البعوض والجرجس وما هو أصغر منها، مما لا تكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان
لصغره الذكر من الأنثى، والحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه و
اهتدائه للسفاد (1) والهرب من الموت والجمع لما يصلحه، وما في لجج البحار وما في
لحاء الأشجار (2) والمفاوز والقفار، وافهام بعضها عن بعض منطقها، وما يفهم به
أولادها عنها إلى قوله: علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف.
16 - محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن الحسين عن محمد بن علي

(1) السفاد نزو الذكر على الأنثى.
(2) اللحاء: قشر الشجر أو ما على العود من قشره.
76

عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عنده يوما إذ وقع
زوج ورشان على الحائط وهدلا هديلهما (1) فرد أبو جعفر عليهما كلامهما ساعة ثم
نهضا فلما طارا على الحائط هدل الذكر على الأنثى ساعة ثم نهضا، فقلت: جعلت فداك
ما هذا الطير؟ قال: يا ابن مسلم كل شئ خلقه الله من طير أو بهيمة أو شئ فيه روح
فهو اسمع لنا وأطوع من ابن آدم، ان هذا الورشان ظن بامرأته فحلفت له ما فعلت
فقالت: ترضى بمحمد بن علي فرضيا بي، فأخبرته انه لها ظالم فصدقها.
17 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال الصادق عليه السلام: اعطى سليمان بن داود
مع علمه معرفة المنطق بكل لسان ومعرفة اللغات ومنطق الطير والبهائم والسباع و
كان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسية، وإذا قعد لعماله وجنوده وأهل مملكته تكلم
بالرومية، وإذا خلا بنسائه تكلم بالسريانية والنبطية، وإذا قام في محرابه لمناجاة ربه
تكلم بالعربية، وإذا جلس للوفود والخصماء تكلم بالعبرانية.
18 - وفيه قال: اعطى داود وسليمان عليهما السلام ما لم يعط أحد من أنبياء الله
من الآيات، علمهما منطق الطير. وألان لهما الحديد والصفر من غير نار وجعلت الجبال
يسبحن مع داود عليه السلام.
19 - في مجمع البيان وروى الواحدي بالاسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه
عليهما السلام قال: اعطى سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها، فملك سبعمأة
سنة وستة أشهر، ملك أهل الدنيا كلهم من الجن والإنس والشياطين والدواب والطير
والسباع، وأعطى علم كل شئ ومنطق كل شئ وفى زمانه صنعت الصنائع العجيبة
التي سمع بها الناس، وذلك قوله: وعلمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ ان
هذا لهو الفضل المبين.
20. في الخرائج والجرائح قال بدر مولى الرضا عليه السلام: ان إسحاق بن عمار
دخل على موسى عليه السلام فجلس عنده واستأذن عليه رجل من خراسان فكلمه بكلام

(1) الهديل صوت الحمام وأضرابه.
77

لم أسمع بمثله كأنه كلام الطير. قال اسحق: فأجابه موسى عليه السلام: بمثله وبلغته
إلى أن قضى وطره من مسائلته فخرج من عنده، فقلت: ما سمعت بمثل هذا الكلام
فقال: هذا كلام قوم من أهل الصين وليس كل كلام أهل الصين مثله، ثم قال:
أتعجب من كلامي بلغته؟ فقلت: هو موضع العجب! قال عليه السلام: أخبرك بما هو
أعجب منه: ان الامام يعلم منطق الطير، ونطق كل ذي روح خلقها الله تعالى وما يخفى
على الامام شئ.
21 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب تفسير الثعلبي قال الصادق عليه السلام:
قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما: إذا صاح النسر قال: ابن آدم! عش ما شئت
آخره الموت، وإذا صاح الغراب قال: إن في البعد عن الناس انسا، وإذا صاح القنبر
قال: اللهم العن مبغضي آل محمد، وإذا صاح الخطاف قرء الحمد لله رب العالمين و
يمد الضالين كما يمدها القارى.
22 - وفيه في مناقب أبى جعفر الباقر عليه السلام وسمع عصافير تصحن، قال: تدرى
يا أبا حمزة ما يقلن؟ قلت: لا، قال: يسبحن ربي عز وجل ويسألن قوت يومهن.
23 - محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: (علمنا منطق الطير
وأوتينا من كل شئ).
24 - في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي الوشا عمن رواه
عن الميثمي عن منصور عن الثمالي قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام
في داره وفيها شجرة فيها عصافير وهن يصحن فقال لي: أتدري ما يقلن هؤلاء؟ قلت:
لا أدرى قال: يسبحن ربهن ويطلبن رزقهن.
25 - محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن مالك بن عطية عن أبي حمزة
الثمالي قال: كنت عند علي بن الحسين عليهما السلام فانتشرت العصافير وصوتت،
فقال: يا أبا حمزة أتدري ما تقول؟ قلت: لا قال: تقدس ربها وتسأله قوت يومها، ثم قال:
يا أبا حمزة (علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ)
78

26 - أحمد بن محمد بن خالد عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام: وتلا رجل
عنده هذه الآية (علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ) فقال أبو عبد الله عليه السلام: ليس فيها
(من) انما هي (وأوتينا كل شئ)
27 - محمد بن محمد عن أحمد بن يوسف عن داود الحداد عن فضيل بن يسار عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: كنت عنده إذ نظرت إلى زوج حمام فهدر الذكر (1) على الأنثى
فقال لي: أتدري ما يقول: قلت: لا قال: يقول: يا سكنى وعرسي ما خلق الله أحب إلى منك
الا أن يكون مولاي جعفر بن محمد.
28 - علي بن إسماعيل عن محمد بن عمرو الزيات عن أبيه عن الفيض بن المختار
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن سليمان بن داود قال: (علمنا منطق الطير وأوتينا
من كل شئ) وقد والله علمنا منطق الطير وعلم كل شئ.
29 - أحمد بن موسى عن محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن عمر بن خليفة
عن شيبة بن الفيض عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (يا أيها الناس
علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ ان هذا لهو الفضل المبين).
30 - أحمد بن موسى عن محمد بن أحمد المعروف بغزال عن محمد بن الحسين
عن سليمان من ولد جعفر بن أبي طالب قال: كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السلام في حائط
له إذ جاء عصفور فوقع بين يديه وأخذ يصيح ويكثر الصياح ويضطرب، فقال لي: يا
فلان تدرى ما يقول هذا العصفور؟ قال: قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، قال: إنها
تقول ان حية تريد أن تأكل فراخي في البيت فخذ معك العصا وادخل البيت واقتل
الحية، قال: فأخذت النبعة - وهي العصا - ودخلت إلى البيت وإذا حية تجول في البيت فقتلتها.
31 - أحمد بن محمد عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة عن سالم مولى أبان
بياع الزطي قال: كنا في حائط لأبي عبد الله عليه السلام معه ونفر معي، قال: فصاحت العصافير

(1) هدر الحمام: قرقر وكرر صوته في حنجرته
79

فقال: أتدري ما تقول هذه؟ فقلنا: جعلنا الله فداك لا ندري ما تقول، قال: تقول:
اللهم انا خلق من خلقك ولابد لنا من رزقك فأطعمنا واسقنا.
32 - أحمد بن محمد عن الحسين بن السعيد والبرقي عن النضر بن سويد عن
يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن عبد الله بن فرقد قال: خرجنا مع أبي عبد الله عليه السلام متوجهين
إلى مكة حتى إذا كنا بسرف (1) استقبله غراب ينعق في وجهه (2) فقال: مت جوعا
ما تعلم شيئا الا ونحن نعلمه الا انا أعلم بالله منك، فقلنا: هل كان في وجهه شئ؟ قال:
نعم سقطت ناقة بعرفات.
33 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي
عن ابن مسكان عن أبي احمد عن شعيب بن الحسن قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام جالسا
فسمع صوت فاختي، فقال: أتدرون ما تقول هذه؟ فقلنا: والله ما ندري، فقال: تقول:
فقدتكم فافقدوها قبل أن تفقدكم.
34 - محمد بن عبد الجبار عن الحسين بن الحسن اللؤلؤي عن أحمد بن الحسن
الميثمي عن محمد بن الحسن بن زياد الميثمي عن مليح عن أبي حمزة قال: كنت عند
علي بن الحسين عليه السلام وعصافير على الحائط يصحن، فقال: يا أبا حمزة أتدري ما يقلن؟
قال: يتحدثن انهن في وقت يشكون قوتهن.
35 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد والبرقي عن النضر بن سويد عن يحيى
الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن داود بن فرقد عن علي بن سنان قال: كنا عند أبي عبد الله
عليه السلام فسمع صوت فاختي في الدار فقال: أين هذه التي أسمع صوتها؟ قلنا: هي في الدار
أهديت لبعضهم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: اما لنفقدنك قبل أن تفقدنا، قال: ثم أمر بها
فأخرجت من الدار.
36 - أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن محمد بن أبي حمزة عن عمر بن

(1) سرف - ككتف -: موضع على ستة أميال من مكة.
(2) نعق الغراب: صاح.
80

أصبهاني قال أهديت لإسماعيل بن أبي عبد الله صلصلا (1) فدخل أبو عبد الله عليه السلام فلما
رآها قال: ما هذا الطير الميشوم؟ فإنه يقول: فقدتكم فافقدوه قبل أن يفقدكم.
37 - وعنه عن الجاموراني عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن محمد بن يوسف
التميمي عن محمد بن جعفر عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: استوصوا بالصنانيات
خيرا يعنى الخطاف، فإنه آنس طير الناس بالناس ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتدرون
ما يقول الصنانية إذا هي ترنمت تقول: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
حتى تقرأ أم الكتاب، فإذا كان في آخر ترنمها قالت: ولا الضالين.
38 - عبد الله بن محمد عن محمد بن إبراهيم بن شمر عن بشر عن علي بن أبي -
حمزة قال: دخل رجل من موالي أبى الحسن عليه السلام فقال: جعلت فداك أحب ان تتغذى
عندي، فقام أبو الحسن حتى مضى معه فدخل البيت وإذا في البيت سرير فقعد على
السرير وتحت السرير زوج حمام، فهدر الذكر على الأنثى وذهب الرجل ليحمل
الطعام فرجع وأبو الحسن عليه السلام يضحك فقال: اضحك الله سنك مما ضحكت؟ قال: إن
هذا الحمام هدر على هذه الحمامة فقال: لها يا سكنى ويا عرسي والله ما على وجه
الأرض أحب إلي منك ما خلا هذا القاعد على السرير، قلت: جعلت فداك وتفهم كلام
الطير؟ قال: نعم علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ.
39 - عبد الله بن محمد عمن رواه عن محمد بن عبد الكريم عن عبد الله بن عبد -
الرحمن عن أبان بن عثمان عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام لابن عباس: ان الله علمنا منطق الطير كما علم سليمان بن داود ومنطق كل دابة
في بر وبحر.
40 - في جوامع الجامع (ان هذا لهو الفضل المبين) وعن الصادق عليه السلام يعنى
الملك والنبوة، ويروى انه خرج من بيت المقدس مع ستمأة الف كرسي عن يمينه و
شماله وامر الطير فأظلتهم، وامر الريح فحملتهم حتى وردت بهم المدائن، ثم رجع

(1) الصلصل - بضم الأول والثالث -: طائر أو الفاختة.
81

فبات في إصطخر، فقال بعضهم لبعض: هل رأيتم ملكا قط أعظم من هذا أو سمعتم؟ قالوا:
لا، فنادى ملك من السماء: لثواب تسبيحة واحدة في الله أعظم مما رأيتم.
41 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل وحشر لسليمان جنوده من
الجن والإنس والطير فهم يوزعون فإنه قعد على كرسيه وحملته الريح فمرت به
على وادى النمل وهو واد ينبت فيه الذهب والفضة وقد وكل به النمل، وهو قول الصادق
عليه السلام: ان لله واديا ينبت الذهب والفضة وقد حماه الله بأضعف خلقه وهو النمل، لو
رامته البخاتي (1) ما قدرت عليه.
42 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (فهم
يوزعون) قال: يحبس أولهم على آخرهم.
43 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن شعيب
العقرقوفي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سليمان عنده اسم الله الأكبر الذي
إذا سئل به اعطى، وإذا دعى به أجاب، ولو كان اليوم احتاج إلينا.
44 - في عيون الأخبار باسناده إلى داود بن سليمان الغازي قال: سمعت علي بن
موسى الرضا عليه السلام يقول عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام في قوله: فتبسم ضاحكا
من قولها وقال: لما قالت النملة: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان
وجنوده حملت الريح صوت النملة إلى سليمان عليه السلام وهو مار في الهواء فالريح قد حملته
فوقف وقال: علي بالنملة، فلما اتى بها قال سليمان: يا أيتها النملة اما علمت انى
نبي الله وانى لا أظلم أحدا؟ قالت النملة: بلى قال سليمان: فلم تحذرينهم ظلمي وقلت:
يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم؟ قالت النملة: خشيت ان ينظروا إلى زينتك فيقيسوا
بها فيبعدون عن الله عز وجل، ثم قالت النملة: أنت أكبر أم أبوك داود؟ قال سليمان:
بل أبى داود، قالت النملة: فلم يزيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك
داود؟ قال سليمان: مالي بهذا علم، قالت النملة لان أباك داود داوى جرحه بود

(1) البخاتي جمع البخت: الإبل الخراسانية.
82

فسمى داود، وأنت يا سليمان أرجو أن تلحق بأبيك، ثم قالت النملة: هل تدرى لم
سخرت لك الريح من بين ساير المملكة؟ قال سليمان عليه السلام: مالي بهذا علم، قالت
النملة: يعنى عز وجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح
لكان زوالها من يديك كزوال الريح، فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها.
45 - في مجمع البيان وروى أن نمل سليمان هذا كان كأمثال الذئاب
والكلاب.
46 - في بصائر الدرجات محمد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم
عن أبيه عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله
ورث النبيين كلهم؟ قال لي: نعم، قلت: من لدن آدم إلى أن انتهى إلى نفسه؟ قال:
ما بعث الله نبيا الا ومحمد أعلم منه قال: قلت: ان عيسى بن مريم كان يحيى الموتى
بإذن الله؟ قال: صدقت قلت: وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير هل كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يقدر على مثل هذه المنازل؟ قال: فقال: ان سليمان قال للهدهد حين تفقده وشك في
أمره قال: مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين فغضب عليه فقال: لأعذبنه
عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين وانما غضب عليه لأنه كان يدله
على الماء، فهذا وهو طير قد اعطى ما لم يعط سليمان، وقد كانت الريح والنمل والجن
والانس والشياطين المردة له طائعين، ولم يكن يعرف ما تحت الهواء، وان في كتاب
الله لآيات ما يراد بها أمر الآن إلى أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه للماضين،
جعله الله لنا في أم الكتاب، ان الله يقول في كتابه: (ما من غائبة في السماء والأرض
الا في كتاب مبين) ثم قال: (وأورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فنحن الذين
اصطفانا الله فورثنا هذا الذي فيه كل شئ.
47 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره عن
محمد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال:
قلت له: جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله ورث النبيين كلهم؟ قال: نعم قلت:
83

من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: ما بعث الله نبيا الا ومحمد صلى الله عليه وآله أعلم منه،
قال: قلت: ان عيسى بن مريم كان يحيى الموتى بإذن الله؟ قال: صدقت وسليمان بن
داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقدر على هذه المنازل؟ قال: فقال:
ان سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره فقال: (مالي لا أرى الهدهد أم
كان من الغائبين) حين فقد وغضب عليه فقال: (لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه
أو ليأتيني بسلطان مبين) وانما غضب لأنه كان يدله على الماء فهذا وهو طائر قد اعطى
ما لم يعط سليمان، وقد كانت الريح والنمل والجن والانس والشياطين المردة له
طائعين، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء، وكان الطير يعرفه، وان الله يقول في
كتابه: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو كلم به الموتى) وقد ورثنا نحن هذا
القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى، ونحن نعرف
الماء تحت الهواء وان في كتاب الله لايات ما يراد بها أمر الا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله
مما كتبه الماضون جعله الله لنا في أم الكتاب، ان الله يقول: (وما من غائبة في السماء
والأرض الا في كتاب مبين) ثم قال: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)
فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل وأورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شئ.
48 - في تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق عليه السلام قال آصف بن برخيا وزير
سليمان لسليمان عليه السلام أخبرني عنك يا سليمان صرت تحب الهدهد وهو أخس الطير
منبتا وأنتنه ريحا؟ قال: إنه يبصر الماء وراء الصفا الأصم، فقال: وكيف يبصر الماء
من وراء الصفا وانما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يؤخذ بعنقه؟ فقال سليمان:
قف بأوقاف انه إذا جاء القدر حال دون البصر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
49 - وفيه كان سليمان عليه السلام إذا قعد على كرسيه جاءت جميع الطير التي سخرها الله
عز وجل لسليمان عليه السلام فتظل الكرسي والبساط بجميع من عليه عن الشمس، فغاب
عنه الهدهد من بين الطير فوقع الشمس من موضعه في حجر سليمان؟ فرفع رأسه وقال:
كما حكى الله عز وجل.
84

50 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد قال: قال أبو حنيفة لأبي
عبد الله عليه السلام: كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال: لان الهدهد يرى الماء
في بطن الأرض كما يرى أحدكم الدهن في القارورة، فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه و
ضحك قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يضحكك؟ قال: ظفرت بك جعلت فداك قال: وكيف
ذلك؟ قال: الذي يرى الماء في بطن الأرض لا يرى الفخ في التراب حتى يؤخذ
بعنقه؟ قال أبو عبد الله عليه السلام: يا نعمان أما علمت أنه إذا نزل القدر أغشى البصر.
51 - في عيون الأخبار باسناده إلى سليمان بن جعفر عن الرضا عليه السلام قال:
حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: في جناح كل
هدهد خلقه الله عز وجل مكتوب بالسريانية آل محمد خير البرية.
52 - في كتاب الخصال عن داود بن كثير الرقي قال: بينما نحن قعود عند أبي
عبد الله إذ مر رجل بيده خطاف مذبوح، فوثب إليه أبو عبد الله عليه السلام حتى
أخذه من يده، ثم دحى به الأرض ثم قال: أعالمكم أمركم بهذا أم فقيهكم؟ لقد
أخبرني أبي عن جدي عليهما السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل ستة: النملة
والنحلة والضفدع والصرد والهدهد والخطاف إلى أن قال عليه السلام: واما الهدهد فإنه كان
دليل سليمان عليه السلام إلى ملك بلقيس.
53 - في مجمع البيان وروى علقمة بن وعلت عن ابن عباس قال: سئل رسول
الله صلى الله عليه وآله عن سبأ فقال: هو رجل ولد له عشرة من العرب، تيامن منهم ستة وتشام
أربعة، فالذين تشاموا: اللخم والجذام وغسان وعاملة، والذين تيامنوا كندة و
الأشعرون والأزد ومذحج وحمير وانمار، ومن الأنمار خثعم وبجيلة.
54 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال سليمان عليه السلام: سننظر أصدقت أم كنت
من الكاذبين إلى قوله تعالى: ماذا يرجعون فقال الهدهد انها في حصن منيع في عرش
عظيم أي سرير، قال سليمان عليه السلام: ألق كتابي على قبتها فجاء الهدهد فألقى الكتاب في
حجرها فارتاعت من ذلك وجمعت جنودها، وقالت الهم كما حكى الله عز وجل:
85

يا أيها الملاء انى القى إلى كتاب كريم أي مختوم.
55 - في جوامع الجامع (كتاب كريم) وصفته بالكرم لأنه من عند ملك كريم
أو مختوم لقوله عليه السلام كرم الكتاب ختمه.
56 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه قال
: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله تبارك وتعالى قال لي: يا محمد (ولقد
آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) فأفرد على الامتنان بفاتحة الكتاب و
جعلها بإزاء القرآن العظيم، وان فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وان الله
عز وجل خص محمدا وشرفه بها ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان عليه السلام
فإنه أعطاه منها (بسم الله الرحمن الرحيم) يحكى عن بلقيس حين قالت: انى القى إلى
كتاب كريم انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
57 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير عن أبي -
عبد الله عليه السلام أنه قال عن القائم عليه السلام: ما يخرج الا في أولى قوة، وما يكون أولوا قوة
الا عشرة آلاف.
58 - في تفسير علي بن إبراهيم فقالت لهم: ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها
وجعلوا أعزة أهلها أذلة فقال الله عز وجل: وكذلك يفعلون.
59 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه يقول عليه السلام: والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة ألم تسمع إلى قوله:
فناظرة بم يرجع المرسلون.
60 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الهدية على ثلاثة أوجه:
هدية مكافاة، وهدية مصانعة، وهدية لله عز وجل.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بما سبق قريبا من قوله: (وكذلك يفعلون)
ثم قالت: إن كان نبيا من عند الله كما يدعى فلا طاقة لنا به فان الله عز وجل لا يغلب، و
86

لكن سأبعث إليه بهدية فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها وعلمت انه لا يقدر علينا،
فبعث حقة فيها جوهرة عظيمة وقالت للرسول: قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد
ولا نار، فأتاه الرسول بذلك فأمر سليمان عليه السلام ببعض جنوده من الديدان فاخذ خيطا
في فمه ثم ثقبها وأخذ الخيط من الجانب الآخر، قال سليمان عليه السلام لرسولها: ما آتاني
الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل
لهم بها أي طاقة لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهو صاغرون فرجع إليها الرسول
فاخبروها بذلك، وتفوه سليمان فعلمت انه لا محيص لها فخرجت وارتحلت
نحو سليمان.
62 - في جوامع الجامع يروى انها أمرت عند خروجها إلى سليمان فجعل
عرشها في آخر سبعة أبواب، ووكلت به حرسا يحفظونه، فأراد سليمان أن يريها بعض
ما يخصه الله به من المعجزات الشاهدة لنبوته.
63 - وعن الباقر عليه السلام قال عفريت من عفاريت الجن وروى أن آصف بن برخيا
قال لسليمان عليه السلام: مد عينيك حتى ينتهى طرفك، فمد عينيه فنظر نحو اليمن، ودعا
آصف فغار العرش في مكانه بمأرب ثم نبع عند مجلس سليمان بالشام بقدرة الله قبل
أن يرد طرفه.
64 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما سبق عنه قريبا أعنى قوله: و
ارتحلت نحو سليمان فلما علم سليمان باقبالها نحوه قال للجن والشياطين: أيكم يأتيني
بعرشها قبل ان يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل ان تقوم
من مقامك وانى عليه لقوى امين قال سليمان: أريد أسرع من ذلك، فقال آصف بن
برخيا: انا آتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك فدعا الله عز وجل باسمه الأعظم فخرج
السرير من تحت كرسي سليمان.
65 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الذي
عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين عليه السلام، وسئل عن الذي عنده علم من الكتاب أعلم أم
87

الذي عنده علم الكتاب؟ فقال: ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم
الكتاب الا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر وقال أمير المؤمنين صلوات الله
عليه: الا ان العلم الذي هبط به آدم من السماء إلى الأرض وجميع ما فضلت به النبيون إلى
خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين.
66 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال أبو سعيد الخدري: سألت
رسول الله صلى الله عليه وآله عن قول الله جل ثناؤه: (قال الذي علم من الكتاب) قال: ذاك وصى
أخي سليمان بن داود.
67 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن
الفضيل قال: أخبرني ضريس الكناسي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن اسم
الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا، وانما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به
فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس، ثم تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما
كانت أسرع من طرفة عين، وعندنا نحن من الاسم اثنان وسبعون حرفا، وحرف
عند الله استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
68 - محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن محمد بن الفضيل عن ضريس الوابشي
عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له: جعلت فداك قول العالم: (انا آتيك به قبل ان
يرتد إليك طرفك) فقال: يا جابر ان الله جعل اسمه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا،
فكان عند العالم منها حرف فأخسفت الأرض ما بينه وبين السرير التفت القطعتان وحول
من هذه على هذه، وعندنا اسم الله الأعظم اثنان وسبعون حرفا وحرف في علم الغيب
عنده المكنون
69 - أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن الفضيل عن سعدان عن عمر
الحلال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وانما كان
عند آصف منها حرف فتكلم به فخسف بالأرض بينه وما بين سرير بلقيس، ثم تناول
السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، وعندنا نحن من الاسم
88

اثنان وسبعون حرفا وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده.
70 - في عيون الأخبار باسناده إلى عمر بن واقد قال: إن هارون الرشيد لما
ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسى بن جعفر عليه السلام وما كان يبلغه عنه من قول
الشيعة بإمامته واختلافهم في السير إليه بالليل والنهار، خشيه على نفسه وملكه، ففكر
في قتله بالسم إلى أن قال: ثم إن سيدنا موسى عليه السلام دعا بالمسيب وذلك قبل وفاته بثلاثة
أيام وكان موكلا به، فقال له: يا مسيب! قال: لبيك يا مولاي، قال: انى ظاعن
في هذه الليلة إلى المدينة مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله لاعهد إلى ابني على ما عهده
إلي أبي وأجعله وصيي وخليفتي وآمره أمرى، قال المسيب: فقلت: يا مولاي
كيف تأمرني ان أفتح لك الأبواب وأقفالها والحرس معي على الأبواب؟ فقال:
يا مسيب ضعف يقينك بالله عز وجل وفينا؟ قلت: لا يا سيدي قال: فمه؟ قلت: يا سيدي
ادع ان يثبتني فقال: اللهم ثبته، ثم قال: انى أدعو الله عز وجل باسمه العظيم الذي
دعا به آصف حتى جاء بسرير بلقيس ووضعه بين يدي سليمان عليه السلام قبل ارتداد طرفه إليه
حتى يجمع بيني وبين ابني علي بالمدينة، قال المسيب: فسمعته عليه السلام يدعو ففقدته عن
مصلاه فلم أزل قائما على قدمي حتى رأيته قد عاد إلى مكانه وأعاد الحديد إلى رجله
فخررت لله ساجدا لوجهي شكرا على ما أنعم به على من معرفته، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
71 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر عن الخشاب عن
علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال الذي عنده علم
من الكتاب انا آتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك) قال: ففرج أبو عبد الله عليه السلام بين
أصابعه فوضعها في صدره ثم قال: وعندنا والله علم الكتاب كله.
72 - محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن
الفضيل قال: أخبرني شريس الوابشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن اسم الله
الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا، وانما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف
89

بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما
كانت أسرع من طرفة عين، وعندنا نحن من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا وحرف
عند الله تبارك وتعالى استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
73 - الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله
عن علي بن محمد النوفلي عن أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام قال: سمعته يقول: اسم
الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا، كان عند آصف حرف فتكلم به فانخرقت له الأرض
فيما بينه وبين سبأ، فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان، ثم انبسطت الأرض في
أقل من طرفة عين وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا، وحرف عند الله مستأثر به في
علم الغيب.
74 - أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان
عن أبيه عن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا سدير ألم تقرأ القرآن؟ قلت: بلى قال: فهل
وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل (قال الذي علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد
إليك طرفك) قال: قلت: جعلت فداك قد قرأته قال: فهل عرفت الرجل وهل علمت
ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: أخبرني به، قال: قدر قطرة من الماء في
البحر الأخضر، فما يكون ذلك من علم، قال: قلت: جعلت فداك ما أقل هذا!.
75 - علي بن إبراهيم وأحمد بن مهران جميعا عن محمد بن علي عن الحسن بن
راشد عن يعقوب بن جعفر قال: كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام وأتاه رجل من أهل نجران
اليمن من الرهبان ومعه راهبة فاستأذن لهما الفضل بن سوار، فقال له: إذا كان غدا
فائت بهما عند بئر أم خير قال: فوافينا من الغد فوجدنا القوم قد وافوا، فامر بخصفة
بواري (1) ثم جلس وجلسوا فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن مسائل كثيرة كل ذلك
يجيبها وسألها أبو إبراهيم عليه السلام عن أشياء لم يكن عندها فيه شئ، ثم أسلمت ثم اقبل الراهب
يسأله فكان يجيبه في كل ما يسأله، فقال الراهب: قد كنت قويا على ديني وما خلفت

(1) الخصف: البواري والجلة تعمل من خوص النخل.
90

أحدا من النصارى في الأرض يبلغ مبلغي في العلم، ولقد سمعت برجل في الهند إذا شاء
حج بيت المقدس في يوم وليلة ثم يرجع إلى منزله بأرض الهند، فسألت عنه بأي
ارض هو؟ فقيل لي: أنه بسيدان (1) وسألت الذي أخبرني فقال: هو علم الاسم الذي ظفر
به آصف صاحب سليمان لما اتى بعرش سبأ وهو الذي ذكره الله لكم في كتابكم، ولنا
معشر الأديان في كتبنا. فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: فكم لله من اسم لا يرد؟ (2) فقال
الراهب الأسماء كثيرة فاما المختوم منها الذي لا يرد سائله فسبعة والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
76 - في مجمع البيان (قبل ان يرتد إليك طرفك) ذكر في ذلك وجوه إلى
قوله: الخامس ان الأرض طويت له وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
77 - وروى العياشي في تفسيره بالاسناد قال التقى موسى بن محمد بن علي بن
موسى ويحيى بن أكثم فسأله قال: فدخلت على أخي علي بن محمد عليهما السلام إذ دار بيني و
بينه من المواعظ حتى انتهيت إلى طاعته، فقلت له: جعلت فداك ان ابن أكثم سألني عن
مسائل أفتيه فيها، فضحك ثم قال: هل أفتيته فيها؟ قلت: لا قال: ولم؟ قلت: لم أعرفها،
قال هو ما هي؟ قلت قال أخبرني عن سليمان أكان محتاجا إلى علم آصف بن برخيا؟ ثم
ذكرت المسائل قال: اكتب يا أخي بسم الله الرحمن الرحيم سألت عن قول الله تعالى
في كتابه: (قال الذي عنده علم من الكتاب) فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن
معونة ما عرف آصف، لكنه صلوات الله عليه أحب أن يعرف من الجن والإنس انه الحجة
من بعده، وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته
ودلالته كما فهم سليمان في حياة داود، ولتعرف إمامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة
على الخلق.
78 - في الخرائج والجرائح روى أن خارجيا اختصم مع آخر إلى علي عليه السلام فحكم
بينهما بحكم الله ورسوله، فقال الخارجي: لا عدلت في القضية! فقال عليه السلام: اخسأ يا

(1) كذا في النسخ، وفى المصدر (بسبذان) وفى الوافي (بسندان)
(2) أي لا يرد سائله كما قاله المحدث الكاشاني (ره).
91

عدو الله فاستحال كلبا وطارت ثيابه في الهواء، فجعل يبصبص وقد دمعت عيناه، فرق له
عليه السلام فدعا الله فأعاده إلى حال الانسانية وتراجعت إليه ثيابه من الهواء، فقال: آصف
وصى سليمان قص الله عنه بقوله: (قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل ان يرتد
إليك طرفك) أيهما أكبر على الله نبيكم أم سليمان؟ فقيل: ما حاجتك إلى قتال معاوية
إلى الأنصار؟ قال: انما أدعو على هؤلاء بثبوت الحجة وكمال المحنة ولو أذن لي في
الدعاء لما تأخر.
79 - وباسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: إن الله أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله علم النبيين
بأسره وعلمه الله ما لم يعلمهم، وأسر ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام فيكون على أعلم أو بعض
الأنبياء؟ وتلا (قال الذي عنده علم من الكتاب) ثم فرق بين أصابعه ووضعها على صدره
وقال: وعندنا والله علم الكتاب.
80 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد
عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الوجه الثالث من الكفر كفر النعم وذلك
قوله تعالى يحكى قول سليمان: هذا من فضل ربى ليبلوني أ أشكر أم أكفر ومن
شكر فإنما شكر لنفسه ومن كفر فان ربى غنى كريم والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
81 - في تفسير علي بن إبراهيم وقول سليمان عليه السلام (ليبلوني أأشكر) لما آتاني
من الملك (أم أكفر) إذا رأيت من هو دون منى أفضل منى علما، فعزم الله له على الشكر.
82 - في مهج الدعوات في دعاء العلوي المصري: الهى وأسألك باسمك الذي
دعاك به آصف بن برخيا على عرش ملكة سبأ فكان أقل من لحظ الطرف حتى كان مصورا
بين يديه فلما رأته قيل أهكذا عرشك قلت كأنه هو.
83 - في تفسير علي بن إبراهيم وكان سليمان عليه السلام قد أمر أن يتخذ لها بيتا من
قوارير ووضعه على الماء ثم قيل لها ادخلي الصرح وظنت انه ماء فرفعت ثوبها وأبدت
ساقيها فإذا عليها شعر كثير، فقيل لها انه صرح ممرد من قوارير قالت رب انى ظلمت
92

نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين فتزوجها سليمان وهي بلقيس بنت الشرح
الحميرية، وقال سليمان عليه السلام للشياطين: اتخذوا لها شيئا يذهب هذا الشعر عنها فعملوا لها
الحمامات وطبخوا النورة، فالحمامات والنورة مما اتخذته الشياطين لبلقيس، وكذا
الأرحية التي تدور على الماء.
84 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن محمد
القاساني عمن ذكره عن عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله عن أبيه عبد الله عن جده عليهم
السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو
إلى أن قال عليه السلام: وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام.
85 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا فإذا هم فريقان يختصمون يقول مصدق و
مكذب قال الكافرون منهم: أتشهدون ان صالحا مرسل من ربه قال المؤمنون: انا
بالذي ارسل به مؤمنون قال الكافرون منهم انا بالذي آمنتم به كافرون واما قوله
عز وجل: لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة فإنهم سألوه قبل ان تأتيهم الناقة
أن يأتيهم بعذاب اليم، فأرادوا بذلك امتحانه فقال: يا قوم لم تستعجلون بالسيئة
قبل الحسنة يقول: بالعذاب قبل الرحمة، واما قوله عز وجل: اطيرنا بك وبمن
معك فإنهم أصابهم جوع شديد قالوا هذا من شؤمك وشؤم من معك أصابنا هذا القحط
وهي الطيرة قال انما طائركم عند الله يقول: خيركم وشركم من عند الله بل أنتم قوم
تفتنون يقول: تبتلون بالاختبار.
86 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين
عليه السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء والتطير منه
وثقله وأي أربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق وفيه قتل قابيل
هابيل أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم عليه السلام في النار. ويوم الأربعاء قال الله: انا دمرناهم
وقومهم أجمعين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. وفى عيون الأخبار مثله.
93

87 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا
قال: لا تكون الخلافة في آل فلان ولا آل فلان ولا آل فلان ولا آل طلحة ولا الزبير.
88 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن عمرو
ابن عثمان عن رجل عن أبي الحسن عليه السلام قال: حق على الله عز وجل ان لا يعصى في دار
الا أضحاها للشمس حتى تطهرها.
89 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله تعالى:
قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آالله خير قال: هم آل محمد صلوات
الله عليهم.
90 - في جوامع الجامع وعنهم عليم السلام ان الذين اصطفى محمد وآله عليه
وعليهم السلام.
91 - في تهذيب الأحكام في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الرجل إذا قرأ
(آ الله خير أم ما يشركون) أن يقول: الله خيرا [الله خيرا] الله أكبر قلت: فإن لم يقل الرجل
شيئا من هذا إذا قرأ؟ قال: ليس عليه شئ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
92 - في جوامع الجامع الصادق عليه السلام يقول إذا قرأها: الله خير ثلاث مرات.
93 - في تفسير علي بن إبراهيم بل هم قوم يعدلون قال: عن الحق وقوله عز وجل
أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض فإنه
حدثني أبي عن الحسن بن علي بن فضال عن صالح بن عقبة عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
نزلت في القائم من آل محمد عليهم السلام، هو والله المضطر إذا صلى في المقام ركعتين
ودعا إلى الله عز وجل، فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض.
94 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي خالد الكابلي
قال: قال أبو جعفر عليه السلام والله لكأني انظر إلى القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلى الحجر
ثم ينشد الله حقه إلى أن قال عليه السلام: هو والله المضطر في كتاب الله في قوله: (أم من يجيب
المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) فيكون أول من يبايعه جبرئيل
94

عليه السلام ثم الثلاثمأة والثلاثة عشر رجلا، فمن كان ابتلى بالمسير وافى ومن لم يبتل
بالمسير فقد عن فراشه، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام: هم المفقودون عن فرشهم،
وذلك قول الله: (فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا) قال: الخيرات
الولاية.
95 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى عمران بن الحصين قال:
كنت انا وعمر بن الخطاب جالسين عند النبي صلى الله عليه وآله وعلي جالس إلى جنبه إذ قرء
رسول الله: (أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض
أإله مع الله قليلا ما تذكرون) قال: فانتفض علي عليه السلام انتفاض العصفور فقال له النبي
صلى الله عليه وآله: ما شأنك تجزع؟ فقال: ومالي لا أجزع والله يقول إنه يجعلنا خلفاء الأرض؟
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لا تجزع والله لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق.
قال عز من قائل: قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب الا الله
96 - في نهج البلاغة كلام يؤمى به عليه السلام إلى وصف الأتراك: كأني أراهم
قوما كأن وجوههم المجان المطرقة (1) يلبسون السرق والديباج ويعتقبون الخيل
العتاق (2) ويكون هناك استحرار قتل حتى يمشى المجروح على المقتول ويكون
المفلت أقل من المأسور (3) فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب؟

(1) المجان - بالفتح - جمع مجن بكسر الميم وهو الفرس. والمطرقة بفتح الراء
والتخفيف - التي تطبق وتخصف كطبقات النعل وريش طباق: إذا كان بعضه فوق بعض.
(2) السرق: شقق الحرير. واحدتها سرقة. قال أبو عبيدة في المحكى عنه. هي
البيض منها وهو فارسي معرب أصله سره أي جيد كالإستبرق الغليظ من الديباج، ويعتقبون
الخيل أي يجنبونها لينتقلوا من غيرها إليها
(3) استحرار القتل: شدته. والفلت: الهارب قال الشارح المعتزلي: واعلم أن
هذا الغيب الذي أخبر (ع) عنه قد رأيناه نحن عيانا ووقع في زماننا وكان الناس ينتظرونه
من أول الاسلام حتى ساقه القضا والقدر إلى عصرنا وهم التتار الذين خرجوا من أقاصي المشرق
حتى وردت خيلهم العراق والشام وفعلوا بملوك الخطا وقفجاق وببلاد ما وراء النهر وبخراسان و
ما والاها من بلاد العجم ما لم تحتو التواريخ منذ خلق الله تعالى آدم إلى عصرنا هذا على مثله ثم
ذكر طرفا من اخبارهم وابتداء ظهورهم فراجع ان شئت شرح ابن أبي الحديد ج 2: 363 ط مصر
95

فضحك؟ وقال للرجل وكان كلبيا: يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب، وانما هو تعلم
من ذي علم، وانما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله: (ان الله عنده علم
الساعة) الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، وقبيح أو جميل، وسخى
أو بخيل، وشقي أو سعيد. ومن يكون للنار حطبا، وفى الجنان للنبيين مرافقا، فهذا
علم الغيب الذي لا يعلمه الا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه وآله فعلمنيه، ودعا لي
أن يعيه صدري وتضطم عليه جوارحي.
97 - في تفسير علي بن إبراهيم: بل ادارك علمهم في الآخرة يقول:
علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا.
98 - في كتاب الخصال: وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله تعالى: أو لم يسيروا في
الأرض قال معناه أولم ينظروا في القرآن؟.
99 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره عن
محمد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن عليه السلام
أنه قال: وقد أورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان و
يحيى به الموتى، ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وان في الكتاب لآيات ما يراد بها
أمرا لا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون، جعله الله لنا في أم الكتاب،
ان الله يقول: وما من غائبة في السماء والأرض الا في كتاب مبين ثم قال: (ثم أورثنا
الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل، وأورثنا هذا
الكتاب فيه تبيان كل شئ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
100 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى علي بن مهزيار حديث
طويل يذكر فيه دخوله على صاحب الامر عليه السلام وسؤاله إياه، وفيه فقلت: يا سيدي
96

متى يكون هذا الامر؟ فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة واجتمع الشمس و
القمر واستدان بهما الكواكب والنجوم، فقلت: متى يا ابن رسول الله؟ فقال لي: في
سنة كذا وكذا تخرج دابة الأرض من بين الصفا والمروة، ومعه عصا موسى وخاتم
سليمان يسوق الناس إلى المحشر.
101 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى النزال بن سيارة عن
أمير المؤمنين حديث طويل قال فيه عليه السلام بعد أن ذكر الدجال ومن يقتله وأين يقتل:
ألا ان بعد ذلك الطامة الكبرى، قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين قال: عليه السلام خروج
دابة الأرض من عند الصفا معها خاتم سليمان وعصى موسى عليهما السلام، تضع الخاتم
على وجه كل مؤمن فينطبع فيه: هذا مؤمن حقا، وتضعه على وجه كل كافر فيكتب
هذا كافر حقا، حتى أن المؤمن لينادي: الويل لك حقا يا كافر، وان الكافر
ينادى: طوبى لك يا مؤمن، وددت انى كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما، ترفع الدابة
رأسها من بين الخافقين بأذن الله جل جلاله وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند
ذلك ترفع التوبة فلا تقبل توبة ولا عمل يرفع (ولا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت
من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا) ثم قال عليه السلام: لا تسألوني عما يكون بعد هذا فإنه
عهد إلى حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله الا أخبر به غير عترتي.
102 - في كتاب علل الشرايع باسناد إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انا قسيم الله بين الجنة والنار وانا
الفاروق الأكبر، وانا صاحب العصا والميسم.
103 - في أصول الكافي محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا عن محمد بن
الحسن عن علي بن حسان قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني
عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولقد أعطيت الست علم المنايا والبلايا
والوصايا وفصل الخطاب، وانى لصاحب الكرات ودولة الدول، وانى لصاحب
العصا والميسم والدابة التي تكلم الناس.
97

104 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا
لهم دابة) إلى قوله: (بآياتنا لا يوقنون) فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو قائم
في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحركه برجله ثم قال: قم يا دابة الأرض
فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله أيسمى بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هو
الا له خاصة، وهو الدابة الذي ذكره الله في كتابه فقال عز وجل: (وإذا وقع القول
عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) ثم قال:
يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعدائك،
فقال رجل لأبي عبد الله عليه السلام: ان العامة يقولون: ان هذه الآية انما تكلمهم؟ فقال
أبو عبد الله عليه السلام: كلمهم الله في نار جهنم انما هو تكلمهم من الكلام.
105 - وفيه قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان ان آية
في كتاب الله أفسدت قلبي وشككتني؟ قال: وأية آية هي؟ قال: قوله عز وجل:
(وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ان الناس كانوا
بآياتنا لا يوقنون) فأية دابة هذه؟ قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى
أريكها، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمرا وزبدا،
فقال عليه السلام: يا أبا اليقظان هلم، فأقبل عمار وجلس يأكل معه، فتعجب الرجل منه
فلما قام قال الرجل: سبحان الله انك حلفت ان لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس
حتى تريني الدابة! قال: أريتكها ان كنت تعقل.
106 - في مجمع البيان بعد أن نقل هذا الحديث الأخير وروى العياشي هذه
القصة بعينها عن أبي ذر أيضا، وروى محمد بن كعب القرظي قال سئل علي عليه السلام عن
عن الدابة؟ فقال: أما والله مالها ذنب وان لها اللحية.
107 - وعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: دابة الأرض طولها ستون ذراعا ولا يدركها
طالب ولا يفوتها هارب، فتسم المؤمن بين عينيه ويكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر
98

بين عينيه وتكتب بين عينيه كافر، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتجلو وجه المؤمن
بالعصا، وتحطم أنف الكافر بالخاتم حتى يقال: يا مؤمن ويا كافر.
108 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه يكون للدابة ثلاثة خرجات من الدهر، فتخرج
خروجا بأقصى المدينة فيفشو ذكرها في البادية، ولا يدخل ذكرها القرية يعنى مكة
ثم تمكث زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى قريبا من مكة فيفشو ذكرها في البادية،
ولا يدخل ذكرها القرية يعنى مكة، ثم سار النار في أعظم المساجد على الله عز وجل
حرمة وأكرمها على الله المسجد الحرام، لم ترعهم الا وهي في ناحية المسجد وتدنو
كذا ما بين الركن الأسود إلى باب بنى مخزوم عن يمين الخارج في وسط من ذلك،
فيرفض الناس عنها ويثبت لها عصابة عرفوا انهم لن يعجزوا الله فخرجت عليهم ينفض رأسها
عن التراب، فمرت بهم فحلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية ثم
ولت في الأرض لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب حتى أن الرجل ليقوم فيتعوذ منها
في الصلاة فتأتيه عن خلفه فيقول: يا فلان الان تصلى فيقبل عليها بوجهه فتسمه في وجهه
فيتجاور الناس في ديارهم ويصطحبون في أسفارهم، ويشتركون في الأموال يعرف
الكافر من المؤمن فيقال للمؤمن يا مؤمن وللكافر: يا كافر.
109 - في جوامع الجامع وروى: فتضرب المؤمن فيما بين عينيه بعصا موسى،
فتنكت نكتة بيضاء فتفشوا تلك النكتة في وجهه حتى يضئ لها وجهه، وتكتب بين
أيديه: مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم فتفشوا تلك النكتة حتى يسود لها وجهه
وتكتب بين عينيه كافر.
110 - وعن الباقر عليه السلام كلم الله من قرأ يكلمهم ولكن تكلمهم بالتشديد.
111 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله سابقا انما هو يكلمهم من
الكلام والدليل على أن هذا في الرجعة قوله: ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن
يكذب بآياتنا فهم يوزعون حتى إذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما اما
ذا كنتم تعملون قال: الآيات أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام، فقال الرجل لأبي
99

عبد الله عليه السلام: ان العامة تزعم أن قوله عز وجل: (يوم نحشر من كل أمة فوجا) عنى في
يوم القيامة فقال أبو عبد الله عليه السلام: فيحشر الله عز وجل يوم القيامة من كل أمة فوجا و
يدع الباقين؟ لا ولكنه في الرجعة واما آية القيامة فهو: (وحشرناهم فلم نغادر
منهم أحدا)
112 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يقول
الناس في هذه الآية: (يوم نحشر من كل أمة فوجا)؟ قلت: يقولون انها في القيامة
قال: ليس كما يقولون انها في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كل فوجا ويدع
الباقين؟ انما آية القيامة: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا)
113 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله
عز وجل: (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) قال: ليس أحد من المؤمنين قتل الا و
يرجع حتى يموت، ولا يرجع الا من محض الايمان محضا ومن محض الكفر محضا.
114 - في مجمع البيان واستدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من
الامامية، بان قال: إن دخول من في الكلام يوجب التبعيض فدل ذلك على أن اليوم
المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك من صفة يوم القيامة الذي يقول
فيه سبحانه: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) وقد تظاهرت الاخبار عن أئمة الهدى
من آل محمد عليهم السلام في أن الله تعالى سيعيد عند قيام المهدى قوما ممن تقدم موتهم
من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجون بظهور دولته، ويعيد
أيضا قوما من أعدائه لينتقم فيهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في القتل على
أيدي شيعته أو الذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته، ولا يشك عاقل ان هذا مقدور
لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك
في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره على ما فسرناه في موضعه، وصح عن النبي صلى الله عليه وآله
قوله: سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى
لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه، على أن جماعة من الامامية تأولوا ما ورد من
100

الاخبار في الرجعة على رجوع الدولة والامر والنهى دون رجوع الاشخاص واحياء
الأموات، وأولوا الاخبار في ذلك لما ظنوا ان الرجعة تنافى التكليف، وليس
كذلك لأنه ليس فيها ما يلجئ إلى فعل الواجب والامتناع من القبيح، والتكليف يصح
معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة كفلق البحر وقلب العصا
ثعبانا وما أشبه ذلك، ولان الرجعة لم تثبت بظواهر الاخبار المنقولة فيتطرق التأويل
عليها وانما المعول في ذلك على اجماع الشيعة الإمامية وإن كانت الاخبار تعضده
وتؤيده.
115 - في جوامع الجامع وقد استدل بعض الامامية بهذه الآية على صحة الرجعة
وقال: ان المذكور فيها يوم يحشر فيه من كل جماعة فوج وصفة يوم القيامة انه
يحشر فيه الخلايق بأسرهم كما قال سبحانه: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) وورد
عن آل محمد صلوات الله عليهم ان الله تعالى يحيى عند قيام المهدى قوما من أعدائهم قد
بلغوا الغاية في ظلمهم واعتدائهم، وقوما من مخلصي أوليائهم قد ابتلوا بمعاناة كل
عناء ومحنة في ولايتهم لينتقم هؤلاء من أولئك ويتشفوا مما تجرعوه من الغموم بذلك،
وينال كلا من الفريقين بعض ما استحقه من الثواب والعقاب.
116 - وروى عنه عليه السلام: سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو
النعل بالنعل والقذة بالقذة، وعلى هذا فيكون المراد بالآيات الأئمة الهادية عليهم السلام.
117 - في ارشاد المفيد رحمه الله وروى عن عبد الكريم الخثعمي قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: كم يملك القائم عليه السلام؟ قال: سبع سنين يطول الله له الأيام والليالي
يكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم، فيكون سنى ملكه سبعين سنة من
سنيكم هذه، وإذا آن قيامه مطر الناس جمادى الآخرة وعشرة أيام من رجب مطرا لم ير
الخلائق مثله، فينبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم، وكأني انظر إليهم
مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم عن التراب.
118 - في مجمع البيان ويوم ينفخ في الصور واختلف في معنى الصور إلى
101

قوله: وقيل هو قرن ينفخ فيه شبه البوق، وقد ورد ذلك في الحديث: الا من شاء الله
من الملائكة الذين يثبت الله قلوبهم إلى قوله: وقيل: يعنى الشهداء فإنهم لا يفزعون
ذلك اليوم وروى ذلك في خبر مرفوع.
119 - في مصباح شيخ الطائفة رحمه الله في دعاء أم داود المنقول عن أبي
الحسن الرضا عليه السلام: اللهم صل على إسرافيل حامل عرشك وصاحب الصور المنتظر
لأمرك.
120 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وترى الجبال تحسبها
جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شئ قال: فعل الله الذي
أحكم كل شئ وقوله عز وجل: من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ
آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار قال: الحسنة والله ولاية أمير
المؤمنين صلوات الله عليه والسيئة والله عداوته.
121 - حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة
عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول ابتداء منه: ان الله إذا بدا له أن يبين خلقه و
يجمعهم لما لابد منه أمر مناديا ينادى، فاجتمع الجن والإنس في أسرع من طرفة عين
إلى أن قال عليه السلام: رسول الله وعلي وشيعته على كثبان من المسك الأذفر، على منابر
من نور يحزن الناس ولا يحزنون، وتفزع الناس ولا يفزعون، ثم تلا هذه الآية:
(من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) فالحسنة والله ولاية علي عليه السلام.
122 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي العباس المكبر
قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين عليهما السلام على أبى جعفر عليه السلام فقال له
أبو أيمن: يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون: شفاعة محمد شفاعة محمد؟ فغضب
أبو جعفر عليه السلام حتى تربد وجهه (1) ثم قال: ويحك يا أبا أيمن أغرك ان عف بطنك
وفرجك؟ أما لو قد رأيت افزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد صلى الله عليه وآله، ويلك

(1) تربد لونه: تغير
102

فهل يشفع الا لمن وجبت له النار؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
123 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله قال وقد نقل عن الفراء
قوله: (من جاء بالحسنة) لا إله الا الله والسيئة الشرك، أقول: هذا تأويل غريب غير
مطابق للمعقول والمنقول لان لفظ لا إله إلا الله يقع من الصادق والمنافق، ولان اليهود
تقول: لا إله إلا الله وكل فرق الاسلام تقول ذلك وواحدة منها ناجية واثنان وسبعون
في النار، وهذه الآية وردت مورد الأمان لمن جاء بالحسنة، فكيف تناولها على ما لا
يقتضيه ظاهرها؟ أقول: وقد رأيت النقل متظاهرا ان الحسنة معرفة الله ورسوله ومعرفة
الذين يقومون مقامه صلوات الله عليه وعليهم انتهى ما أردناه.
124 - في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن
محمد عليه السلام: ان الناس يعبدون الله تعالى على ثلاثة أوجه فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه
فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبد
وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام وهو الامن، لقوله تعالى: (وهم
من فزع يومئذ آمنون) ولقوله تعالى: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
ويغفر لكم ذنوبكم) فمن أحب الله أحبه الله، ومن أحبه الله كان من المؤمنين.
125 - عن حمزة بن يعلى يرفعه باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مقت
نفسه دون مقت الناس آمنه الله من فزع يوم القيامة.
126 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا
محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب
الخزاز قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله (من
جاء بالحسنة فله خير منها) قال رسول الله: اللهم زدني فأنزل الله عز وجل: (من ذا
الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة) فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ان الكثير
من الله لا يحصى وليس له منتهى.
127 - في أصول الكافي الحسن بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
103

أورمة ومحمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال أبو جعفر عليه السلام: دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أبا
عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل: (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع
يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون الا ما كنتم تعملون)
قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فقال: الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل
البيت، والسيئة انكار الولاية وبغضنا أهل البيت ثم قرأ عليه السلام الآية.
128 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من وقر ذا شيبة في الاسلام آمنه الله من فزع يوم القيامة.
129 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد
عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (ومن يقترف حسنة
نزد له فيها حسنا) قال: من تولى الأوصياء من آل محمد صلى الله عليه وآله واتبع آثارهم فذاك
يزيده ولاية من النبيين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم عليه السلام، وهو قول
الله: (من جاء بالحسنة فله خير منها) تدخله الجنة والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
130 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى عمار بن موسى الساباطي قال
قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولوا الامام
الجائر الذي ليس من الله تعالى، فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله تعالى قال:
(من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) فكيف لا ينفع العمل الصالح ممن
تولى أئمة الجور؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: وهل تدرى ما الحسنة التي عناها الله تعالى
في هذه الآية؟ هي معرفة الامام وطاعته وقد قال الله عز وجل: (ومن جاء بالسيئة فكبت
وجوههم في النار هل تجزون الا ما كنتم تعملون) وانما أراد بالسيئة انكار الامام الذي
هو من الله تعالى ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: من جاء يوم القيامة بولاية امام جائر ليس من الله
وجاء منكرا لحقنا جاحدا لولايتنا أكبه الله تعالى يوم القيامة في النار.
104

131 - وباسناده إلى أبى عبد الله الجدلي قال: قال لي علي بن أبي طالب عليه السلام:
الا أحدثك يا أبا عبد الله بالحسنة التي من جاء بها امن من فزع يوم القيامة، وبالسيئة
التي من جاء بها أكب الله وجهه في النار؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين. قال: الحسنة
حبنا والسيئة بغضنا.
132 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال الباقر عليه السلام: (من جاء
بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار) الحسنة ولاية على و
حبه، والسيئة عداوته وبغضه، ولا يرفع معهما عمل.
133 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل:
انما أمرت ان أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها قال: مكة وله كل شئ وأمرت
ان أكون من المسلمين.
134 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان
عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في
قواعده حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراءته، حتى دعوا رجلا فقرأه فإذا فيه: انا الله
ذو بكة حرمتها يوم حللت السماوات والأرض، ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها
بسبعة أملاك حفا.
135 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن
زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: حرم الله حرمه أن يختلى خلاه ويعضد شجره
الا الإذخر، أو يصاد طيره.
136 - على ابن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور
في الكعبة فطمست، فأخذ بعضادتي الباب فقال: الا ان الله قد حرم مكة يوم خلق
السماوات والأرض، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها ولا يعضد
شجرها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها الا لمنشد فقال العباس: يا رسول الله الا
105

الإذخر (1) فإنه للقبر والبيوت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الا الإذخر.
137 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا
عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة: ان الله
حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض وهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لاحد
قبلي ولا تحل لاحد بعدى ولم تحل لي الا ساعة من نهار.
138 - في تفسير علي بن إبراهيم سيريكم آياته فتعرفونها قال: الآيات
أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام إذا رجعوا يعرفهم أعدائهم إذا رأوهم، والدليل
على أن الآيات هم الأئمة قول أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما لله آية أكبر منى فإذا
رجعوا إلى الدنيا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا (انتهى).
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سور
الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفى جواره وكنفه، لم يصبه في
الدنيا بؤس أبدا، وأعطى في الآخرة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مأة زوجة
من الحور العين.
2 - في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال، من قرأ الطواسين
الثلاث وذكر مثله وزاد في آخره: وأسكنه الله في جنة عدن وسط الجنة مع النبيين
والمرسلين والوصيين الراشدين.
3 - أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرء طسم القصص اعطى من الاجر
عشر حسنات بعدد من صدق بموسى وكذب به، ولم يبق ملك في السماوات والأرض
الا شهد له يوم القيامة انه كان صادقا، ان كل شئ هالك الا وجهه.

(1) الإذخر: نبات طيب الرائحة.
106

4 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعطيت طه والطواسين من ألواح
موسى.
5 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: واما طسم فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد.
6 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله فقال:
نتلو عليك يا محمد من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون ان فرعون علا في الأرض
وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيى نساءهم انه كان
من المفسدين فأخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله بما لقى موسى عليه السلام وأصحابه من فرعون من
القتل والظلم، ليكون تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته صلوات الله عليهم من أمته، ثم بشره بعد
تعزيته انه يتفضل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمة على أمته، ويردهم
إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم، فقال جل ذكره: ونريد ان نمن على الذين
استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض
ونرى فرعون وهامان وجنودهما وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم وقوله منهم
أي من آل محمد ما كانوا يحذرون أي من القتل والعذاب ولو كانت هذه نزلت في
موسى عليه السلام وفرعون لقال ونرى فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون
أي من موسى ولم يقل منهم، فلما تقدم قوله: (نريد ان نمن على الذين استضعفوا في
الأرض ونجعلهم أئمة) علمنا أن المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وما وعد الله به رسوله فإنما
يكون بعده. والأئمة يكونون من ولده، وانما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى و
بني إسرائيل وفى أعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما، فقال: ان فرعون قتل بني إسرائيل
فظفر الله موسى بفرعون وأصحابه حتى أهلكهم الله، وكذلك أهل بيت
رسول الله أصابهم من أعدائهم القتل والغصب ثم يردهم الله ويرد أعدائهم إلى الدنيا حتى
يقتلوهم.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه يمكن إرادة موسى وفرعون وإرادة أهل البيت
107

وأعدائهم، وما قيل إنه مانع لا منع فيه كما يظهر بأدنى تأمل على إرادة كل من
المعنيين في الظاهر والباطن، كما نطقت به الأخبار الكثيرة عنهم عليهم السلام وقد
ذكرنا في هذا الكتاب من ذلك ما فيه كفاية لمن تتبعه، ووقف على طريقهم عليهم
السلام ويؤيد ذلك ما رواه في الكافي باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا إلى أن قال عليه السلام:
ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه: (وجعلنا منهم أئمة يهدون
بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله: الصبر من الايمان
كالرأس من الجسد فشكر الله عز وجل ذلك له فأنزل الله عز وجل: (وتمت كلمة ربك
الحسنى على بني إسرائيل ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون)
فقال صلى الله عليه وآله: انه بشرى وانتقام مع ما رواه في أصول الكافي في كتاب فضل القرآن
مسندا عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله وقد ذكر القرآن وله ظهر وبطن فظاهره حكم
وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: حتى يقتلوهم وقد ضرب
أمير المؤمنين عليه السلام في أعدائه مثلا ما ضرب الله لهم في أعدائهم بفرعون وهامان، فقال:
يا أيها الناس ان أول من بغى على الله عز وجل على وجه الأرض عناق بنت آدم عليه السلام
خلق الله لها عشرين إصبعا لكل إصبع منها ظفران طويلان كالمنجلين العظيمين (1)
وكان مجلسها في الأرض موضع جريب، فلما بغت بعث الله عز وجل لها أسدا كالفيل،
وذئبا كالبعير ونسرا كالحمار، وكان ذلك في الخلق الأول فسلطهم الله عز وجل
عليها فقتلوها، الا وقد قتل الله عز وجل فرعون وهامان وخسف الله تعالى بقارون،
وانما هذا المثل لأعدائه الذين غصبوا حقه فأهلكهم الله، ثم قال علي صلوات الله عليه
على أثر هذا المثل الذي ضربه: وقد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له ولم أكن
أشركه فيه ولا توبة له الا بكتاب منزل أو برسول مرسل، وانى له بالرسالة بعد

(1) المنجل - كمنبر: آلة من حديد عكفاء يقضب به الزرع
108

رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا نبي بعد محمد، فانى يتوب وهو في برزخ القيامة، غرته الأماني
وغره بالله الغرور، وقد أشفى على جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدى
القوم الظالمين، وكذلك مثل القائم عليه السلام في غيبته وهربه واستتاره
مثل موسى عليه السلام خائفا مستترا إلى أن يأذن الله في خروجه، وطلب حقه وقتل أعدائه في
قوله: (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير * الذين اخرجوا من
ديارهم بغير حق) وقد ضرب الحسين بن علي عليهما السلام مثلا في بني إسرائيل بذلتهم
من أعدائهم.
8 - حدثني أبي عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لقى المنهال بن عمر علي بن الحسين عليهما السلام فقال له: كيف أصبحت يا ابن رسول -
الله؟ فقال: ويحك اما آن لك ان تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل
في آل فرعون، يذبحون أبنائنا ويستحيون نسائنا، وأصبح خير البرية بعد محمد صلى الله عليه وآله
يلعن على المنابر، وأصبح عدونا يعطى المال والشرف، وأصبح من يحبنا محقورا
منقوصا حقه، وكذلك لم يزل المؤمنون، وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها بان
محمدا كان منها، وأصبحت العرب تعرف لقريش بأن محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحت
قريش تفتخر على العرب بان محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحت العرب تفتخر على
العجم بأن محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق فهكذا أصبحنا
يا منهال.
9 - في مجمع البيان وقال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام: والذي بعث
محمدا بالحق بشيرا ونذيرا ان الأبرار منا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته و
ان عدونا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشياعه.
10 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس
على ولدها (1) وتلا عقيب ذلك (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة

(1) الشماس: مصدر شمس الفرس: إذا منع من ظهره: والضروس: الناقة السيئة الخلق
تعض حالبها.
109

ونجعلهم الوارثين).
11 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى محمد بن الحسين
عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام في قوله: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و
نجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) قال: هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم
فيعزهم ويذل عدوهم.
12 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن
أبان بن عثمان عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر عليه السلام إلى أبى عبد الله عليهما -
السلام يمشى فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز وجل: (ونريد أن نمن على
الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
13 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حكيمة قالت: لما كان
اليوم السابع من مولد القائم عليه السلام جئت إلى أبى محمد عليه السلام فسلمت عليه وجلست فقال:
هلمى إلى ابني، فجئت بسيدي وهو في الخرقة ففعل به كفعله الأول ثم أدلى لسانه في
فيه كأنما يغذيه لبنا وعسلا، ثم قال: تكلم يا بنى قال: أشهد ان لا إله إلا الله وثنى بالصلاة على
محمد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين حتى وقف على
أبيه عليه السلام ثم تلا هذه: (بسم الله الرحمن الرحيم ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في
الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان و
جنودهما منهم ما كانوا يحذرون) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
14 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن سنان عن مفضل بن عمر
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى علي والحسن والحسين عليهم
السلام فبكى وقال: أنتم المستضعفون بعدى. قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك يا
ابن رسول الله؟ قال قال: معناه انكم الأئمة بعدى ان الله عز وجل يقول: (ونريد ان
نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) فهذه الآية جارية
فينا إلى يوم القيامة.
110

15 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى علي عليه السلام قال: هي لنا أو فينا
هذه الآية (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم
الوارثين).
16 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة نور الله مرقده باسناده إلى حكيمة
حديث طويل تذكر فيه مولد القائم عليه السلام تقول فيه: وقد ذكرت أم القائم عليه السلام وجلست
منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفى وغمزته غمزة شديدة ثم أنت
أنة وتشهدت ونظرت تحتها فإذا أنا بولي الله صلى الله عليه متلقيا الأرض بمساجده، فأخذت
بكتفيه فأجلسته في حجري وإذا هو نظيف مفروغ منه، فناداني أبو محمد عليهما السلام
يا عمة هلمى فايتيني بابنى، فأتيته به فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها،
ثم أدخله في فيه فحنكه ثم أدخله في أذنيه وأجلسه في راحته اليسرى فاستوى ولى الله
جالسا فمسح يده على رأسه وقال له: يا بنى أنطق فقدره الله، فاستعاذ ولى الله من الشيطان
الرجيم واستفتح: (بسم الله الرحمن الرحيم ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض
ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما
منهم ما كانوا يحذرون) وصلى على رسول الله وأمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام
واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبيه، فناولنيه أبو محمد عليه السلام وقال: يا عمة رديه إلى أمه
حتى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم ان وعد الله حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
17 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: وأوحينا إلى أم موسى ان
ارضعيه فإذا خفت عليه فالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه إليك وجاعلوه
من المرسلين فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنه لما حملت به أمه لم يظهر حملها الا عند وضعها له، و
كان فرعون قد وكل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظونهن وذلك أنه كان
لما بلغه عن بني إسرائيل انهم يقولون إنه يولد فينا رجل يقال له موسى بن عمران
يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن ذكور أولادهم
111

حتى لا يكون ما يريدون، وفرق بين الرجال والنساء، وحبس الرجال في المجالس
فلما وضعت أم موسى بموسى عليه السلام نظرت إليه وحزنت عليه واغتمت وبكت وقالت: يذبح
الساعة؟ فعطف الله عز وجل قلب الموكلة بها عليه فقالت لام موسى: مالك قد اصفر
لونك؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدى، فقالت: لا تخافي وكان موسى لا يراه أحد الا
أحبه، وهو قول الله (وألقيت عليك محبة منى) فأحبته القبطية الموكلة بها وأنزل الله
على أم موسى التابوت. ونوديت أمه ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليم وهو البحر
ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين فوضعته في التابوت و
أطبقته عليه وألقته في النيل.
18 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
يقول فيه صلى الله عليه وآله مخاطبا لجمع من أصحابه: وعلمتم ان موسى بن عمران كان
فرعون في طلبه يشق بطون الحوامل ويذبح الأطفال ليقتل موسى، فلما ولدته أمه
أمرت أن تأخذه من تحتها وتقذفه في التابوت، وتلقى بالتابوت في اليم، فقالت وهي
ذعرة من كلامه: يا بنى انى أخاف عليك الغرق، فقال لها: لا تحزني ان الله رادني إليك
فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى فقال لها: يا أم اقذفيني في التابوت والقى التابوت
في اليم فقال: ففعلت ما أمرت به فبقي في التابوت في اليم إلى أن قذفه في الساحل ورده
إلى أمه برمته لا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا معصوما وروى أن المدة كانت سبعين يوما
وروى سبعة أشهر.
19 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفي عن أبي
عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام اما مولد موسى عليه السلام فان فرعون لما وقف على أن
زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة فدلوه على نسبه، وأنه يكون من بني إسرائيل. و
لم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا
وعشرين ألف مولود، وبعد عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله تبارك وتعالى إياه.
20 - وباسناده إلى حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى الرضا عمة أبى محمد
الحسن عليهم السلام انها قالت كنت عند أبي محمد عليه السلام فقال: بيتي الليلة عندنا فإنه سيلد
112

الليلة المولود الكريم على الله عز وجل الذي يحيى به الله عز وجل الأرض بعد موتها، فقلت:
ممن يا سيدي؟ ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الجعل، فقال: من نرجس لا من
غيرها، قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهر البطن فلم أر بها أثر الحبل، فعدت إليه
عليه السلام فأخبرته بما فعلت فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل لان
مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها،
لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى وهذا نظير موسى عليه السلام وقالت حكيمة
في أواخر هذا الحديث: لما ولد القائم عليه السلام صاح بي أبو محمد فقال: يا عمتاه هاتيه
فتناولته واتيت به نحوه، فلما مثلته بين يدي أبيه وهو على يدي سلم على أبيه فتناوله
الحسن عليه السلام منى والطير ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها فقال: أحمله واحفظه
ورده إلينا في كل أربعين يوما، فتناوله الطير وطار به في جو السماء واتبعه
الطير فسمعت أبا محمد عليه السلام يقول: استودعك الذي أودعته أم موسى
فبكت نرجس فقال: اسكتي فان الرضاع محرم عليه الا من ثديك وسيعاد إليك كما
رد موسى إلى أمه، وذلك قول الله عز وجل: فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن.
21 - وباسناده إلى محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن يوسف بن
يعقوب صلوات الله عليهما حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب وهم ثمانون رجلا،
فقال: ان هؤلاء سيظهرون عليكم ويسومونكم سوء العذاب وانما ينجيكم الله من أيديهم
برجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد ادم، فجعل
الرجل من بني إسرائيل يسمى ابنه عمران ويسمى عمران ابنه موسى.
فذكر أبان بن عثمان أبى الحصين عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:
ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل كلهم يدعى انه موسى
بن عمران، فبلغ فرعون انهم يرجفون به (1) ويطلبون هذا الغلام، فقال له كهنته
وسحرته: ان هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام يولد العام من بني إسرائيل،

(1) أي يخوضون في ذكره واخباره قصدان يهيجوا الناس به.
113

فوضع القوابل على النساء وقال: لا يولد العام ولد الا ذبح، ووضع على أم موسى قابلة
فلما رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا: إذا ذبح الغلمان واستحيى النساء هلكنا فلم نبق
فتعالوا الا نقرب النساء فقال عمران أبو موسى عليه السلام: بل ائتوهن فان أمر الله واقع ولو
كره المشركون، اللهم من حرمه فانى لا أحرمه ومن تركه فانى لا اتركه، ووقع
على أم موسى فحملت فوضع على أم موسى قابلة تحرسها إذا قامت قامت وإذا قعدت
قعدت، فلما حملته أمه وقعت عليها المحبة وكذلك بحجج الله على خلقه، فقالت لها
القابلة مالك يا بنية تصفرين وتذوبين؟ قالت: لا تلوميني فانى إذا ولدت اخذ ولدى
فذبح، قالت: لا تحزني فانى سوف اكتم عليك فلم تصدقها، فلما ان ولدت التفتت
إليها وهي مقبلة فقالت: ما شاء الله، فقالت لها: ألم أقل: انى سوف اكتم عليك ثم حملته
فأدخلته المخدع (1) وأصلحت أمره، ثم خرجت إلى الحرس فقالت:
انصرفوا - وكانوا على الباب - فإنما خرج دم مقطع، فانصرفوا فأرضعته، فلما خافت
عليه الصوت أوحى الله إليها ان اعملي التابوت ثم اجعليه فيه ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه
في نيل مصر، فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في
الغمر (2) وان الريح ضربته فانطلقت به فلما رأته قد ذهب به الماء همت ان تصيح،
فربط الله على قلبها.
قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهو من بني إسرائيل قالت
لفرعون: انها أيام الربيع فأخرجني واضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه
الأيام، فضربت لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون
ما أرى على الماء؟ قالوا: أي والله يا سيدتنا انا لنرى شيئا. فلما دنى منها ثارت (3)

(1) المخدع - بكسر الميم وضمها - بيت يكون داخل البيت الكبير يحرز فيه الشئ وضم
الميم بناءا على أنه اسم مكان من اخدعه: إذا أخفاه، وكسرها بناءا على أنه اسم آلة من الخدع
بمعنى الاخفاء.
(2) الغمر: معظم الماء
(3) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا المنقول عنه في البحار (قامت) بدل (ثارت)
114

إلى الماء فتناولته بيدها، وكان الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته وأخرجته
من الماء فأخذته ووضعته في حجرها، فإذا هو غلام أجمل الناس وأسرهم فوقعت عليها
منه محبة فوضعته في حجرها وقالت: هذا ابني فقالوا: أي والله يا سيدتنا، يا والله
مالك ولد ولا للملك فاتخذي هذا ولدا، فقامت إلى فرعون وقالت: انى أصبت غلاما
طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي ولك فلا تقتله، فقال: من أين هذا الغلام؟
فقالت: والله لا أدرى الا ان الماء قد جاء به، فلم تزل به حتى رضى، فلما سمع الناس
ان الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤس من كان مع فرعون الا بعث إليه امرأته
ليكون له ظئرا وتحضنه فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا، فقالت امرأة فرعون:
اطلبوا لابني ظئرا ولا تحقروا أحدا فجعل لا يقبل من امرأة منهن فقالت أم موسى
لأخته: قصيه انظري أترين له أثرا فانطلقت حتى أتت باب الملك فقالت: قد بلغني
انكم تطلبون ظئرا وهيهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم، فقالت: ادخلوها
فلما دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت؟ قالت: من بني إسرائيل قالت: اذهبي
يا بنية فليس لنا فيك حاجة فقالت لها النساء: انظري عافاك الله يقبل أم لا؟ فقالت
امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل
والمرأة من بني إسرائيل تعنى الظئر فلا يرضى، قلن: فانظري يقبل أم لا؟ قالت
امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها فجائت إلى أمها وقالت: ان امرأة الملك تدعوك فدخلت
عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها ثم ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه فلما
رأت امرأة فرعون ان ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت: انى قد أصبت لا بنى ظئرا و
قد قبل منها، فقال: ممن هي؟ قالت: من بني إسرائيل. قال فرعون: هذا مما لا يكون
ابدا. الغلام من بني إسرائيل والظئر من بني إسرائيل؟ فلم تزل تكلمه فيه وتقول: لا
تخف من هذا الغلام انما هو ابنك ينشو في حجرك حتى قلبته عن رأيه ورضى.
22 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: وألقيه في النيل آخر ما نقلنا
عنه، أولا: وكان لفرعون قصر على شط النيل منزها فنظر من قصره ومعه آسية
115

امرأته إلى سواد في النيل ترفعه الأمواج والرياح تضربه حتى جاءت به إلى باب قصر
فرعون، فأمر فرعون بأخذه فأخذ التابوت ورفع إليه فلما فتحه وجد فيه صبيا فقال:
هذا إسرائيلي فألقى الله في قلب فرعون لموسى محبة شديدة وكذلك في قلب آسية
رحمة الله عليها، وأراد فرعون أن يقتله فقالت آسية: لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه
ولدا وهم لا يشعرون انه موسى.
23 - في مجمع البيان (قرة عين لي ولك لا تقتلوه) الآية قال ابن عباس: ان أصحاب
فرعون لما علموا بموسى جاؤوا ليقتلوه فمنعتهم وقالت لفرعون: (قرة عين لي ولك
لا تقتلوه) قال فرعون: قرة عين لك فاما لي فلا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي يحلف به
لو أقر فرعون بان يكون له قرة عين كما أقرت امرأته لهداه الله به كما هداها. ولكنه
أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله انه موسى ولم يكن لفرعون ولد
فقال: اطلبوا له ظئرا تربيه. فجاؤوا بعدة نساء قد قتل أولادهن فلم يشرب لبن أحد من
النساء وهو قول الله: وحرمنا عليه المراضع من قبل وبلغ أمه ان فرعون قد أخذه
فحزنت وبكت كما قال الله تعالى: وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ان كادت لتبدى به
قال: كادت ان تخبر بخبره أو تموت ثم حفظت نفسها فكانت كما قال الله: لولا أن ربطنا
على قلبها لتكون من المؤمنين ثم قالت لأخته قصيه أي اتبعيه فجاءت أخته إليه فبصرت
به عن جنب أي عن بعد وهم لا يشعرون فلما لم يقبل موسى يأخذ ثدي أحد من النساء اغتم
فرعون غما شديدا فقالت أخته: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون
فقال: نعم فجائت بأمه فلما أخذته في حجرها وألقمته ثديها التقمه وشرب، ففرح فرعون
وأهله وأكرموا أمه فقالوا لها ربيه لنا ولك من الكرامة ما تختارين، وذلك قول الله
تعالى: فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم ان وعد الله حق ولكن
أكثرهم لا يعلمون.
وفيه قال الراوي: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فكم مكث موسى غائبا عن أمه
116

حتى رده الله إليها؟ قال: ثلاثة أيام.
25 - في جوامع الجامع وروى أنها لما قالت: (وهم له ناصحون) قال هامان:
انها لتعرفه وتعرف أهله فقالت: انما أردت وهم للملك ناصحون.
26 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: (ولكن أكثرهم لا يعلمون)
قريب آخر ما نقلنا عنه قريبا، وكان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل كلما يلدون
ويربى موسى ويكرمه وهو لا يعلم أن هلاكه على يده، فلما درج موسى كان يوما
عند فرعون فعطس موسى فقال: الحمد لله رب العالمين فأنكر فرعون ذلك عليه ولطمه
وقال: ما هذا الذي يقول فوثب موسى على لحيته وكان طويل اللحية فهلبها أي قلعها فألمه
ألما شديدا فهم فرعون بقتله فقالت له امرأته: هذا غلام حدث لا يدرى ما يقول وقد
لطمته بلطمتك إياه فقال فرعون: بلى يدرى، فقالت له: ضع بين يديه تمرا وجمرا
فان ميز بين التمر والجمر فهو الذي تقول، فوضع بين يديه تمرا وجمرا وقال له: كل
فمد يده إلى التمر فجاء جبرئيل عليه السلام فصرفها إلى الجمر فأخذ الجمر في فيه فاحترق
لسانه وصاح وبكى، فقالت آسية لفرعون: ألم أقل لك انه لم يعقل؟ فعفى عنه.
27 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن
يحيى عن محمد بن أحمد عن أحمد بن هلال عن محمد بن سنان عن محمد بن عبد الله بن
رباط عن محمد بن النعمان الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
فلما بلغ أشده واستوى قال: أشده ثمان عشر سنة (واستوى) التحى.
28 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: فلم يزل موسى عليه السلام عند فرعون في أكرم
كرامة حتى بلغ مبلغ الرجال وكان ينكر عليه ما يتكلم به موسى عليه السلام من التوحيد
حتى هم به، فخرج موسى من عنده ودخل المدينة، فإذا رجلان يقتتلان أحدهما
يقول بقول موسى، والاخر يقول بقول فرعون، فاستغاثه الذي من شيعته فجاء
موسى فوكز صاحب فرعون فقضى عليه وتوارى في المدينة.
29 - في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ليهنكم
117

الاسم. قال: قلت: وما الاسم؟ قال: الشيعة اما سمعت الله سبحانه يقول (فاستغاثه
الذي من شيعته على الذي من عدوه).
30 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله في المدينة فلما كان الغد جاء
آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى عليه السلام فاستغاث بموسى، فلما نظر
صاحبه إلى موسى قال له: أتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس فخلى عن صاحبه
وهرب.
31 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله حتى قلبته عن رأيه ورضى
آخر ما نقلنا عنه قريبا، فنسى موسى صلى الله عليه في آل فرعون وكتمت أمه خبره
وأخته والقابلة حتى هلكت أمه والقابلة التي قبلته، فنشئ عليه السلام لا يعلم به
بنو إسرائيل قال: وكانت بنو إسرائيل تطلبه وتسأل عنه فعمى عليهم خبره، قال: فبلغ
فرعون انهم يطلبونه ويسألون عنه فأرسل إليهم وزاد عليهم في العذاب وفرق بينهم ونهاهم
عن الاخبار به والسؤال عنه. قال: فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم
عنده علم. فقالوا: كنا نستريح إلى الأحاديث فحتى متى والى متى نحن في هذا البلاء؟
قال والله انكم لا تزالون فيه حتى يجئ الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب
اسمه موسى بن عمران، غلام طوال جعد، فبينا هم كذلك إذ أقبل موسى عليه السلام يسير على
بغلة حتى وقف عليهم، فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة فقال له: ما اسمك يرحمك الله؟
قال: موسى. قال: ابن من؟ قال: ابن عمران، قال: فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده
فقبلها وثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم وعرفوه واتخذ شيعة، فمكث بعد ذلك ما شاء الله
ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط
(فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) القبطي (فوكزه موسى فقضى عليه) وكان
موسى عليه السلام قد اعطى بسطة في الجسم وشدة في البطش فذكره الناس وشاع أمره، وقالوا
ان موسى قتل رجلا من آل فرعون (فأصبح في المدينة خائفا يترقب) فلما أصبحوا من الغد
إذا الرجل الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر فقال له موسى انك لغوى مبين
118

بالأمس رجل واليوم رجل، فلما أراد ان يبطش بالذي هو عدو لهما قال: يا موسى
أتريدان تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد الا أن تكون جبارا في الأرض وما
تريد أن تكون من المصلحين.
32 - في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت
مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من
قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فأخبرني عن قول الله تعالى (فوكزه
موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان) قال الرضا عليه السلام: ان موسى عليه السلام دخل
مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء (فوجد
فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي
من عدوه فقضى) عليه السلام على العد وبحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات (قال هذا
من عمل الشيطان) يعنى الاقتتال الذي وقع بين الرجل لا ما فعله موسى عليه السلام من قتله
(انه) يعنى الشيطان (عدو مضل مبين) قال المأمون. فما معنى قول موسى
(رب انى ظلمت نفسي فاغفر لي) قال: يقول: وضعت نفسي في غير موضعها بدخول
هذه المدينة (فاغفر لي) أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني (فغفر له
انه هو الغفور الرحيم) قال موسى: (رب بما أنعمت على) من القوة حتى قتلت رجلا
بوكزة (فلن أكون ظهيرا للمجرمين) بل أجاهدهم في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى
(فأصبح) موسى عليه السلام (في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه)
على آخر (قال له موسى انك لغوى مبين) قاتلت رجلا بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك
وأراد ان يبطش به (فلما أراد ان يبطش بالذي هو عدو لهما) وهو من شيعته (قال يا موسى أتريد
ان تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد الا أن تكون جبارا في الأرض وما تريدان
تكون من المصلحين) قال المأمون: جزاك الله عن أنبيائه خيرا يا أبا الحسن.
33 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله عن صاحبه وهرب وكان خازن
فرعون مؤمنا بموسى عليه السلام قد كتم ايمانه ستمأة سنة، وهو الذي قال الله عز وجل: (وقال
119

رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله) وبلغ فرعون
خبر قتل موسى الرجل فطلبه ليقتله فبعث المؤمن إلى موسى عليه السلام (ان الملاء يأتمرون
بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين فخرج منها) كما حكى الله عز وجل
(خائفا يترقب) قال: يلتفت يمنة ويسرة ويقول (رب نجنى من القوم الظالمين).
34 - في ارشاد المفيد رحمه الله في مقتل الحسين فسار الحسين عليه السلام إلى مكة و
هو يقرأ (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجنى من القوم الظالمين) ولزم الطريق الأعظم
فقال له أهل بيته: لو تنكبت الطريق الأعظم كما صنع ابن الزبير لئلا يلحق الطلب
فقال: لا والله لا أفارقه حتى يقضى الله ما هو قاض، ولما دخل الحسين عليه السلام مكة كان
دخوله إليها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقول: (ولما توجه تلقاء
مدين قال عسى ربى ان يهديني سواء السبيل).
35 - في مجمع البيان وروى عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول
كانت عصى موسى قضيب آس من الجنة أتاه به جبرئيل لما توجه تلقاء مدين.
36 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
خرج في سفر ومعه عصا لوز مر وتلا هذه الآية (ولما توجه تلقاء مدين) إلى قوله
(والله على ما نقول وكيل) آمنه الله من كل سبع ضار، ومن كل لص عاد ومن كل ذات
حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات (1)
يستغفرون له حتى يرجع ويضعها. وفى كتاب ثواب الأعمال مثله سواء.
37 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: (من القوم الظالمين) ومر نحو
مدين وكان بينه وبين مدين مسيرة ثلاثة أيام، فلما بلغ باب مدين رأى بئرا يستقى
الناس منها لأغنامهم ودوابهم، فقعد ناحية ولم يكن أكل منذ ثلاثة أيام شيئا فنظر إلى
.

(1) الحمة: السم أو الإبرة تضرب بها الزنبور والحية ونحو ذلك أو تلدغ بها، قاله
الفيض (ره) في الوافي. وقال (ره) أيضا: والمعقبات: ملائكة الليل والنهار
120

جاريتين في ناحية ومعهما غنيمات لا تدنوان من البئر فقال لهما: مالكما لا تستقيان؟
فقالتا كما حكى الله عز وجل: لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فرحمهما
موسى عليه السلام ودنا من البئر فقال لمن على البئر: أسقى لي دلوا ولكم دلوا وكان الدلو يمده
عشرة رجال، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتي شعيب عليه السلام وسقى
أغنامهما ثم تولى إلى الظل فقال رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير كان شديد الجوع،
قال أمير المؤمنين عليه السلام كان موسى كليم الله حيث سقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال: رب
انى لما أنزلت إلى من خير فقير: والله ما سأل الله عز وجل الا خبزا يأكله لأنه كان
يأكله بقلة الأرض، ولقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه (1) من هزاله.
38 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي
عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل حكاية عن موسى عليه السلام (رب انى لما أنزلت إلى
من خير فقير) قال: سأل الطعام.
39 - في تفسير العياشي عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في قول
موسى لفتاه: (آتنا غداءنا) وقوله: (رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير) قال: انما
عنى الطعام، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان موسى لذو جوعات.
40 - عن ليث بن سليم عن أبي جعفر عليه السلام شكى موسى إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع
: (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) (لاتخذت عليه اجرا) (لما أنزلت
(إلي من خير فقير).
41 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وان شئت ثنيت بموسى كليم الله صلوات الله
عليه إذ يقول: (انى لما أنزلت إلي من خير فقير) والله ما سأله الا خبزا يأكله لأنه كان يأكل
بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب
لحمه (2).

(1) الصفاق: الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن.
(2) تشذب اللحم: تفرقه
121

42 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله: (أن تكون من المصلحين)
آخر ما نقلنا عنه سابقا وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا موسى ان الملاء
يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب
من مصر بغير ظهر ولا دابة ولا خادم تحفظه أرض وترفعه أخرى حتى انتهى إلى أرض
مدين، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فإذا تحتها بئر وإذا عندها أمة من الناس يسقون،
وإذا جاريتان ضعيفتان، وإذا معهما غنيمة لهما قال ما خطبكما قالتا أبونا شيخ كبير
ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر ان نزاحم الرجال فإذا سقى الناس سقينا، فرحمهما
عليه السلام فاخذ دلوهما فقال لهما: قدما غنمكما فسقى لهما ثم رجعتا بكرة قبل الناس،
ثم تولى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها وقال: (رب انى لما أنزلت إلى من خير
فقير) فروى أنه قال ذلك وهو محتاج إلى شق تمرة، فلما رجعتا إلى أبيهما قال: ما
أعجلكما في هذه الساعة؟ قالتا: وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا، فقال
لإحداهما: اذهبي فادعيه لي فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبى يدعوك
ليجزيك اجر ما سقيت لنا
43 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله من هزاله آخر ما نقلنا عنه سابقا،
فلما رجعت ابنتا شعيب إلى شعيب قال لهما: أسرعتما الرجوع فأخبرتاه بقصة موسى
عليه السلام ولم تعرفاه، فقال شعيب لواحدة منهن: اذهبي إليه فادعيه لنجزيه أجر ما سقى
لنا، فجائت إليه كما حكى الله تعالى: (تمشى على استحياء فقالت إن أبى يدعوك
ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فقام موسى معهما ومشت امامه فسفقتها الرياح (1) فبأن
عجزها فقال لها موسى: تأخري ودليني على الطريق بحصاة تلقينها امامي أتبعها، فانا
من قوم لا ينظرون في ادبار النساء، فلما دخل على شعيب قص عليه قصته فقال له شعيب
عليه السلام: (ولا تخف نجوت من القوم الظالمين).
44 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله: (اجر ما سقيت لنا)
فروى أن موسى عليه السلام قال لها: وجهيني إلى الطريق وامشي خلفي فانا بنى يعقوب

(1) من سفقت الباب واسفقته أي رددته
122

لا ننظر في اعجاز النساء)، فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين).
45 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: (من القوم الظالمين) قالت إحدى
بنات شعيب: يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين فقال لها شعيب:
اما قوته فقد عرفتنيه انه يستقى الدلو وحده، فبم عرفت أمانته؟ فقالت: انه لما قال لي:
تأخري عنى ودليني على الطريق فانا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء عرفت انه ليس
من الذين ينظرون أعجاز النساء فهذه أمانته.
46 - في جوامع الجامع وروى أن الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر
حجرا لا يقله الا سبعة رجال وقيل: عشرة وقيل: أربعون فأقله وحده وسألهم دلوا فأعطوه
دلوهم، وكان لا ينزعها الا عشرة فاستقى بها وحده مرة واحدة، فروى غنمهما وأصدرهما.
47 - في من لا يحضره الفقيه وروى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السلام في
قول الله: (يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين) قال: قال لها شعيب:
يا بنية هذا قوى قد عرفتيه برفع الصخرة، الأمين من أين عرفتيه؟ قالت: يا أبة انى مشيت
قدامه فقال: امشي من خلفي فان ضللت فأرشديني إلى الطريق فانا قوم لا ننظر في
أدبار النساء.
48 - في مجمع البيان قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: لما قالت المرأة هذا قال
شعيب: وما علم لك بأمانته وقوته؟ قالت: أما قوته فإنه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا
بكذا، واما أمانته فإنه قال لي: امشي خلفي فانا أكره ان تصيب الريح ثيابك فتصف لي
جسدك.
49 - وروى الحسن بن سعيد عن صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل أيتهما التي قالت إن
أبى يدعوك؟ قال: التي تزوج بها، قيل: فأي الأجلين قضى قال: أوفاهما و
أبعدهما عشر سنين، قيل: فدخل بها قبل أن يمضى الشرط أو بعد انقضائه؟ قال:
قبل أن ينقضى، قيل له: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين أيجوز
ذلك؟ قال: إن موسى علم أنه سيتم له شرطه، قيل: كيف؟ قال: علم أنه سيبقى
123

حتى يفي.
50 - في الكافي علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه
عن ابن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الإجارة، فقال: صالح لا بأس به
إذا نصح قدر طاقته، قد آجر موسى عليه السلام نفسه واشترط، فقال: ان شئت ثمان وان شئت
عشرا فأنزل الله عز وجل فيه أن تأجرني ثماني حجج وان أتممت عشرا فمن عندك
51 - في من لا يحضره الفقيه وروى إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن
أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال: لا يحل النكاح اليوم في الاسلام بإجارة بان يقول
اعمل عندك كذا وكذا على أن تزوجني أختك أو ابنتك، قال: هو حرام لأنه ثمن
رقبتها وهي أحق بمهرها.
52 - في حديث آخر انما كان ذلك لموسى بن عمران لأنه علم من طريق الوحي
هل يموت قبل الوفاء أم لا، فوفى بأتم الأجلين.
53 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة (قال: أريد ان أنكحك إحدى ابنتي
هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك) فروى أنه قضى أتمهما
لان الأنبياء عليهم السلام لا تأخذ الا بالفضل والتمام.
54 - في تفسير العياشي وقال الحلبي سئل أبو عبد الله عليه السلام عن البيت أكان يحج
قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم وتصديقه في القرآن قول شعيب حين قال لموسى
حيث تزوج: (على أن تأجرني ثماني حجج) ولم يقل ثماني سنين.
55 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
بكى شعيب عليه السلام من حب الله عز وجل حتى عمى، فرد الله عز وجل عليه بصره، ثم بكى
حتى عمى، فرد الله عز وجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره، فلما كانت
الرابعة أوحى الله إليه: يا شعيب إلى متى يكون هذا أبدا منك؟ إن يكن هذا خوفا
من النار فقد آجرتك، وان يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك، فقال: الهى وسيدي أنت
124

تعلم انى ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا إلى جنتك ولكن عقد حبك على قلبي فلست
أصبر أو أراك، فأوحى الله جل جلاله إليه اما إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك
كليمي موسى بن عمران.
قال مصنف هذا الكتاب: والله يعنى بذلك لا زال أبكى أو أراك قد قبلتني حبيبا انتهى
56 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الله بن مسعود عن
النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: ان يوشع بن نون وصي موسى عليهما السلام
عاش بعد موسى ثلاثين سنة، وخرجت عليه صفيرا بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام فقالت:
انا أحق منك بالامر فقاتلها فقتل مقاتلتها وأحسن أسرها.
57 - وفيه حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه وآله: وقد ذكر موسى عليه السلام وخرج إلى
مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى، و
كانت نيفا وخمسين سنة.
58 - وباسناده إلى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول في
القائم عليه السلام: سنة من موسى بن عمران عليه السلام فقلت: وما سنة من موسى بن عمران؟
قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله قال: ثمانية
وعشرين سنة.
59 - في مجمع البيان وروى الواحدي بالاسناد عن ابن عباس قال: سئل
رسول الله صلى الله عليه وآله: أي الأجلين قضى موسى؟ قال أوفاهما وأبطأهما.
60 - وبالاسناد عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا سئلت أي الأجلين
قضى موسى؟ فقل: خيرهما وأبرهما، وان سئلت أي المرأتين تزوج موسى فقل: الصغرى
منهما وهي التي جاءت، وقالت يا أبت استأجره.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي الأجلين
قضى؟ قال: أتمهما عشر حجج، قلت له: فدخل بها قبل أن يقضى الاجل أو بعد؟
قال: قبل، قال: قلت: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين مثلا
125

أيجوز ذلك؟ قال: إن موسى عليه السلام علم أنه يتم له شرطه فكيف لهذا ان يعلم أنه يبقى
حتى يفي قلت له: جعلت فداك أيهما زوجه شعيب من بناته؟ قال: التي ذهبت إليه فدعته وقالت
لأبيها: (يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين * فلما قضى موسى
الاجل) قال لشعيب: لابد لي أن أرجع إلى وطني وأمي وأهل بيتي فمالى عندك؟
فقال شعيب عليه السلام: ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق فهو لك، فعمل موسى عليه السلام
عندما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصاه فقشر منه بعضه وترك بعضه، وغرزه في
وسط مربض الغنم وألقى عليه كساء أبلق ثم أرسل الفحل على الغنم فلم يضع الغنم في
تلك السنة الا بلقا، فلما حال عليه الحول حمل موسى امرأته وزوده شعيب من عنده
وساق غنمه، فلما أراد الخروج قال لشعيب. أبغى عصا يكون معي وكانت عصى
الأنبياء عليهم السلام عنده قد ورثها مجموعة في بيت، فقال له شعيب: ادخل هذا
البيت وخذ عصا من بين العصى، فدخل فوثب إليه عصا نوح وإبراهيم عليهما السلام و
صارت في كفه فأخرجها ونظر إليها شعيب فقال: ردها وخذ غيرها، فردها ليأخذ
غيرها فوثبت إليه تلك بعينها فردها حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فلما رأى شعيب عليه السلام
ذلك قال له: اذهب فقد خصك الله عز وجل بها، فساق غنمه فخرج يريد مصر فلما
صار في مفازة ومعه أهله أصابهم برد شديد وريح وظلمة، وجنهم الليل فنظر موسى
إلى نار قد ظهرت كما قال الله تعالى: فلما قضى موسى الاجل وسار باهله آنس
من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا انى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر
أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فاقبل نحو النار يقتبس فإذا شجرة ونار تلتهب
عليها فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت ففزع وعدا ورجعت النار إلى الشجرة،
فالتفت إليها وقد رجعت إلى الشجرة فرجع الثانية ليقتبس فأهوت إليه فعدا وتركها،
ثم التفت وقد رجعت إلى الشجرة، فرجع إليها الثالثة فأهوت إليه فعدا ولم يعقب أي
لم يرجع، فناداه الله عز وجل ان: يا موسى انى انا الله رب العالمين.
62 - في تهذيب الأحكام أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن الحسن
126

ابن علي بن مهزيار عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن علي بن
الحكم عن مخرمة بن ربعي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: شاطئ الوادي الأيمن الذي
ذكره الله في القرآن هو الفرات، والبقعة المباركة هي كربلاء.
63 - في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: (لما قضى موسى
الاجل وسار بأهله) نحو البيت المقدس أخطأ الطريق فرأى نارا (قال لأهله امكثوا
انى آنست نارا).
64 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: (رب العالمين) قال موسى عليه السلام:
فما الدليل على ذلك؟ قال الله عز وجل: ما في يمينك يا موسى، قال: هي عصاي قال: القها يا موسى فألقاها فإذا هي حيه تسعى ففزع منها موسى وعدا، فناداه الله
عز وجل: خذها ولا تخف انك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء
من غير سوء أي من غير علة، وذلك أن موسى عليه السلام كان شديد السمرة (1) فأخرج
يده من جيبه فأضائت له الدنيا، فقال الله عز وجل: فذانك برهانان من ربك إلى
فرعون وملائه انهم كانوا قوما فاسقين.
65 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى جابر الجعفي عن الباقر
عليه السلام قال: وقال الله عز وجل في قصة موسى عليه السلام: (ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء
من غير سوء) يعنى من غير برص، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
66 - في مجمع البيان وروى عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل قال: فلما
رجع موسى إلى امرأته قالت: من أين جئت؟ قال: من عند رب تلك النار.
67 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي
جميلة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو
فان موسى ابن عمران ذهب يقتبس نارا لأهله فانصرف إليهم وهو نبي مرسل.
68 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن محمد القاساني عمن

(1) سمر: كان لونه بين السواد والبياض.
127

ذكره عن عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين
صلوات الله عليهم: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فان موسى بن عمران صلى
الله عليه خرج يقتبس نارا لأهله فكلمه الله ورجع نبيا والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
69 - في تفسير علي بن إبراهيم قال موسى كما حكى الله: رب انى قتلت منهم
نفسا فأخاف ان يقتلون واخى هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني
انى أخاف ان يكذبون قال الراوي: فقلت لأبي جعفر عليه السلام فكم مكث موسى عليه السلام
غائبا عن أمه حتى رده الله عز وجل عليها؟ قال: ثلاثة، قال: فقلت: فكان هارون
أخا موسى عليهما السلام لأبيه وأمه؟ قال: نعم أما تسمع الله عز وجل يقول: (يا ابن
أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) فقلت: فأيهما كان أكبر سنا؟ قال: هارون عليه السلام قلت:
وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: كان الوحي ينزل على موسى عليه السلام وموسى
يوحيه إلى هارون فقلت له: اخبرني عن الاحكام والقضاء والامر والنهى كان ذلك
إليهما؟ قال: كان موسى عليه السلام الذي يناجى ربه ويكتب العلم ويقضى بين بني إسرائيل و
هارون يخلفه إذا غاب من قومه للمناجاة، قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: مات
هارون قبل موسى عليه السلام وماتا جميعا في التيه، قلت: فكان لموسى ولد؟ قال: لا
كان الولد لهارون الذرية له.
70 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى الأصبغ بن نباتة السلمى
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال الأصبغ: أخذت هذه العوذة منه عليه السلام وقال لي: يا اصبغ هذه
عوذة السحر والخوف من السلطان تقولها سبع مرات: بسم الله وبالله (سنشد عضدك
بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما بآياتنا أنتما ومن أتبعكما الغالبون) و
تقول في وجه الساحر إذا فرغت من صلاة الليل قبل ان تبدأ بصلاة النهار سبع مرات
فإنه لا يضرك إن شاء الله تعالى.
71 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير الكلبي محمد
128

عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان جبرئيل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا محمد
لو رأيتني وفرعون يدعو بكلمة الاخلاص: (آمنت انه لا إله إلا الله الذي آمنت به بنو إسرائيل
وأنا من المسلمين) وانا أدسه في الماء والطين لشدة غضبى عليه مخافة أن يتوب فيتوب
الله عز وجل عليه؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: وما كان شدة غضبك عليه يا جبرئيل؟ قال:
لقوله: (انا ربكم الاعلى) وهي كلمته الآخرة منهما، وانا قالها حين انتهى إلى البحر
وكلمته (وما علمت لكم من اله غيري) فكان بين الأولى والآخرة أربعون سنة.
73 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: وقال فرعون يا أيها الملاء
ما علمت لكم من اله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلى
اطلع إلى اله موسى وانى لأظنه من الكاذبين فبنى هامان له في الهواء صرحا حتى
بلغ مكانا في الهواء، لا يتمكن الانسان أن يقيم عليه من الرياح القائمة في الهواء، فقال
لفرعون: لا نقدر أن نزيد على هذا فبعث الله عز وجل رياحا فرمت به فاتخذ فرعون و
هامان منذ ذلك التابوت وعمدا إلى أربعة أنسر، فأخذا أفراخها وربياها حتى إذا بلغت
القوة وكبرت، عمدوا إلى جوانب التابوت الأربعة فغرسا في كل جانب منه خشبة، وجعلا
على رأس كل خشبة لحما وجوعا الا نسر وشد أرجلها بأصل الخشبة، فنظر الأنسر إلى
اللحم فأهوت إليه وصفقت بأجنحتها وارتفعت بهما في الهواء وأقبلت تطير يومها، فقال
فرعون لهامان: انظر إلى السماء هل بلغناها؟ فنظر هامان فقال: أرى السماء كما
كنت أراها من الأرض في البعد، فقال: انظر إلى الأرض فقال: لا أرى الأرض ولكن
أرى البحار والماء، فلم يزل النسر ترتفع حتى غابت الشمس وغابت عنهم البحار والماء
فقال فرعون: يا هامان انظر إلى السماء فنظر إلى السماء فقال: أراها كما كنت أراها
من الأرض، فلما جنهم الليل نظر هامان إلى السماء فقال فرعون: هل بلغناها؟ قال:
أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض ولست أرى من الأرض الا الظلمة، قال: ثم
حالت الرياح القائمة في الهواء فاقلبت التابوت بهما، فلم يزل يهوى بهما حتى وقع
على الأرض وكان فرعون أشد ما كان عتوا في ذلك الوقت.
129

74 - في جوامع الجامع وكل متكبر سوى الله عز وجل فاستكباره بغير الحق
وهو جل جلاله المتكبر على الحقيقة أي البالغ في كبرياء الشأن قال عليه السلام فيما حكاه
عن ربه عز وجل: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته
في النار.
75 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسن
عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الأئمة في
كتاب الله عز وجل امامان: قال الله تبارك وتعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا)
لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال: وجعلناهم
أئمة يدعون إلى النار يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله، و
يأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز وجل.
76 - في مجمع البيان وجاءت الرواية بالاسناد عن أبي سعيد الخدري عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل
التوارة على وجه الأرض غير أهل القرية التي مسخوا قردة. ألم تر ان الله تعالى قال:
ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى الآية
77 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المتفرقة
حديث طويل وفيه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران عليه السلام
واصطفاه نجيا وفلق له البحر، ونجى بني إسرائيل وأعطاه التوراة والألواح، رأى مكانه
من ربه عز وجل فقال: يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي، فقال الله جل
جلاله: يا موسى أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع مليكتي وجميع خلقي؟
قال موسى: يا رب فإن كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء
أكرم من آلى؟ قال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على جميع
آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟ فقال موسى: يا رب فإن كان آل
محمد كذلك فهل في أمم الأنبياء عندك أفضل من أمتي؟ ظللت عليهم الغمام وأنزلت
130

عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر؟ فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن
فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي؟ قال موسى: يا رب ليتني
كنت أراهم فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى لن تراهم وليس هذا أوان ظهورهم ولكن
سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، و
في خيراتها يتبحبحون (1) أفتحب ان أسمعك كلامهم؟ قال: نعم الهى قال الله جل
جلاله: قم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، ففعل
ذلك موسى عليه السلام فنادى ربنا عز وجل: يا أمة محمد فأجابوه كلهم وهم في أصلاب
آبائهم وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة
والملك لك لا شريك لك، قال: فجعل الله عز وجل تلك الإجابة شعار الحاج ثم نادى
ربنا عز وجل: يا أمة محمد ان قضائي عليكم رحمتي سبقت غضبى وعفوي قبل عقابي
فقد استجبت لكم من قبل ان تدعوني، وأعطيتكم من قبل ان تسألوني، من لقيني
بشهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صادق في أقواله
محق في أفعاله وان علي بن أبي طالب أخاه ووصيه من بعده ووليه ويلتزم طاعته
كما يلتزم طاعة محمد، وان أولياءه المصطفين المطهرين الطاهرين
المبانين (2) بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أولياءه أدخلته
جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر، قال: فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله
قال: يا محمد وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة قال عز وجل لمحمد
صلى الله عليه وآله: قل الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة، وقال
لامته: قولوا الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل.
78 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: سحران تظاهرا قال: موسى

(1) تبحبح الرجل وتبحبح: إذا تمكن في المقام والحلول وقيل: (تبحبحون) من
بحبوحة الجنان أي يتوسطون في أوساط الجنان لا في أطرافه لان الوسط خير من الطرف
(2) المبانين أي المظهرين وفى بعض النسخ (المنبئين)
131

وهارون.
79 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي
الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله قال:
يعنى من اتخذ دينه رأيه بغير امام من أئمة الهدى.
80 - علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن سدير
قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا سدير أفأريك الصادين عن دين الله ثم نظر إلى أبي حنيفة و
سفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله
بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، ان هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس
فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله حتى يأتونا
فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
81 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن
سويد عن القاسم بن سليمان عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله
عز وجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) يعنى من اتخذ دينه رأيا بغير امام
من أئمة الهدى.
82 - عباد بن سليمان عن سعد بن سعد عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام
في قول الله عز وجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) يعنى من اتخذ دينه
هواه بغير هدى من أئمة الهدى
83 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
جمهور عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن جندب قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول
الله عز وجل: ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون قال: امام إلى امام.
84 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن
132

معاوية بن حكيم عن أحمد بن محمد عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى:
(ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) قال: امام بعد امام.
85 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: أولئك يؤتون اجرهم
مرتين بما صبروا قال: الأئمة صلوات الله عليهم. وقال الصادق عليه السلام: نحن صبراء و
شيعتنا أصبر منا، وذلك انا صبرنا على ما نعلم، وصبروا على ما لا يعلمون، وقوله
عز وجل: ويدرؤن بالحسنة السيئة أي يدفعون سيئة من أساء إليهم بحسناتهم.
86 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن
سالم وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين
بما صبروا) على التقية (ويدرؤن بالحسنة السيئة) قال: الحسنة التقية والسيئة الإذاعة.
87 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه
قال: اللغو الكذب واللهو الغناء، وهم الأئمة صلوات الله عليهم يعرضون عن ذلك كله.
88 - وقوله عز وجل: انك لا تهدى من أحببت قال: نزلت في أبى طالب كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يقول: يا عم قل: لا إله إلا الله أنفعك بها يوم القيامة فيقول: يا ابن أخي انا أعلم
بنفسي، فلما مات شهد العباس بن عبد المطلب عند رسول الله صلى الله عليه وآله انه تكلم بها عند الموت
فقال رسول الله: اما أنا فلم أسمعها منه وأرجو أن أنفعه يوم القيامة، وقال صلى الله عليه وآله: لو قمت
المقام المحمود لشفعت في أمي وأبى وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية.
89 - في مجمع البيان قيل نزل قوله: (انك لا تهدى من أحببت) في أبى طالب
فان النبي صلى الله عليه وآله كان يحب اسلامه، فنزلت هذه الآية وكان يكره اسلام وحشى قاتل
حمزة فنزل فيه: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) الآية فلم
يسلم أبو طالب وأسلم وحشى، ورووا ذلك عن ابن عباس وغيره وفى هذا نظر كما يرى
فان النبي صلى الله عليه وآله لا يجوز أن يخالف الله سبحانه في ارادته، كما لا يجوز أن يخالف أوامره
ونواهيه، وإذا كان الله تعالى على ما زعم القوم لم يرد ايمان أبى طالب وأراد كفره، و
أراد النبي صلى الله عليه وآله ايمانه فقد حصل غاية الخلاف بين إرادتي الرسول والمرسل، وكان
133

سبحانه يقول على مقتضى اعتقادهم: انك يا محمد تريد ايمانه ولا أريد ايمانه، ولا أخلق
فيه الايمان مع تكلفه بنصرتك وبذل مجهوده في اعانتك، والذب عنك ومحبته لك ونعمته
عليك، وتكره أنت ايمان وحشى لقتله حمزة عمك وانا أريد ايمانه واخلق في قلبه الايمان
وفى هذا ما فيه وقد ذكرنا في سورة الأنعام ان أهل البيت عليهم السلام قد أجمعوا على
أن أبا طالب مات مسلما. وتظاهرت الروايات بذلك عنهم، وأوردنا هناك طرفا
من أشعاره الدالة على تصديقه للنبي صلى الله عليه وآله، وتوحيده، فان استيفاء جميعه لا يتسع
له الطوامير، وما روى من ذلك في كتب المغازي وغيرها أكثر من أن يحصى، يكاشف
فيها من كاشف النبي صلى الله عليه وآله ويناضل عنه ويصحح نبوته، وقال بعض الثقات: ان قصائده
في هذا المعنى التي تنفث في عقد السحر وتغبر في وجه الشعر الدهر تبلغ قدر مجلد و
أكثر من هذا ولا شك في أنه لم يختر تمام مجاهرة الأعداء استصلاحا لهم، وحسن
تدبيره في دفع كيادهم لئلا يلجئوا الرسول إلى ما ألجأوه إليه بعد موته.
90 - في جوامع الجامع وقالوا: ان الآية نزلت في أبى طالب وقد ورد عن
أئمة الهدى عليهم السلام ان أبا طالب مات مسلما وأجمعت الامامية على ذلك وأشعاره
مشحونة بالاسلام وتصديق النبي صلى الله عليه وآله (1).
91 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن
فضال عن علي بن عقبة عن أبيه قال قال أبو عبد الله عليه السلام: اجعلوا أمركم هذا لله، ولا
تجعلوه للناس فاما ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء، ولا تخاصموا
بدينكم الناس فان المخاصمة ممرضة للقلب، ان الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله: (انك
لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) وقال: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا
مؤمنين) ذروا الناس فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله و

(1) وقد تفرد العلامة الأميني دام ظله في كتابه (الغدير) بابا في اسلام أبى طالب والذب
عما قيل في عدم اسلامه سلام الله عليه وذكر طرفا من اشعاره وكلماته المنبئة عن ايمانه بالنبي صلى الله عليه وآله
وبما جاء به من الله الحكيم فراجع ج 7: 331 - 409 و ج 8: 3 - 29. ط طهران
134

علي عليه السلام ولا سواء، وانى سمعت أبي عليه السلام يقول: إذا كتب الله على عبد أن يدخله
في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره، وفى كتاب التوحيد مثله سواء
92 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جبير بن نوف ان أمير المؤمنين
عليه السلام كتب إلى معاوية وأصحابه يدعوهم إلى الحق وذكر الكتاب بطوله قال: فكتب
إليه معاوية اما بعد انه:
ليس بيني وبين عمرو عتاب * غير طعن الكلى وضرب الرقاب
فلما وقف أمير المؤمنين عليه السلام على جوابه بذلك قال: (انك لا تهدى من أحببت و
لكن الله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم).
93 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا
قال: نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاسلام والهجرة (وقالوا ان نتبع
الهدى معك نتخطف من أرضنا) فقال الله عز وجل: أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى
إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون.
94 - في كشف المحجة لابن طاوس عليه الرحمة عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه: فاما الآيات اللواتي في قريش فهي قوله إلى قوله: والثالثة قول قريش لنبي
الله حين دعاهم إلى الاسلام والهجرة فقالوا: (ان نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا)
فقال الله: (أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن
أكثرهم لا يعلمون).
95 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال علي بن الحسين عليهما السلام:
كان أبو طالب يضرب عن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال: فقال أبو طالب: يا ابن أخ
إلى الناس كافة أرسلت أم إلى قومك خاصة؟ قال: لا بل إلى الناس أرسلت كافة الأبيض
والأسود والعربي والعجمي، والذي نفسي بيده لأدعون إلى هذا الامر الأبيض و
الأسود ومن على رؤس الجبال ومن في لجج البحار، ولأدعون السنة فارس والروم
فتحيرت قريش واستكبرت وقالت: أما تسمع إلى ابن أخيك وما يقول، والله لو سمعت
135

بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا فأنزل الله تبارك
وتعالى: (وقالوا ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا أو لم نمكن لهم حرما آمنا
يجبى إليه ثمرات كل شئ) إلى آخر الآية.
96 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (ويوم يناديهم فيقول ماذا
أجبتم المرسلين) فان العامة قد رووا ان ذلك في القيامة، واما الخاصة فإنه حدثني أبي
عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العبد إذا دخل قبره جاءه منكر وفزع منه يسأل عن النبي
صلى الله عليه وآله فيقال له: ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟ فإن كان
مؤمنا قال: اشهد أنه رسول الله جاء بالحق فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها ويتنحى عنه
الشيطان، ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مكانه في الجنة قال: وإذا كان
كافرا قال: ما أدرى فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الانسان، ويسلط
عليه الشيطان، وله عينان من نحاس أو نار تلمعان كالبرق الخاطف فيقول له: انا
أخوك ويسلط عليه الحيات والعقارب، ويظلم عليه قبره ثم يضغطه ضغطة يختلف أضلاعه
عليه، ثم قال بأصابعه فشرجها (1).
97 - قوله عز وجل: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة قال:
يختار الله عز وجل الامام وليس لهم ان يختاروا.
98 - في أصول الكافي أبو القاسم بن العلا رحمه الله رفعه عن عبد العزيز بن
مسلم عن الرضا عليه السلام حديث طويل في فضل الامام وصفاته يقول فيه عليه السلام: هل يعرفون قدر
الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إلى قوله عليه السلام: لقد راموا صعبا وقالوا

(1) قال المجلسي (ره) في البحار: (ثم قال بأصابعه) القول هنا بمعنى الفعل أي
أدخل أصابعه بعضها في بعض لتوضيح اختلاف الأضلاع، أي تدخل أضلاعه من جانب في أضلاعه
من جانب آخر وقوله (شرجها) في أكثر النسخ بالجيم، قال الفيروزآبادي: الشرج: الفرقة
والمزج والجمع ونضد اللبن والتشريج: الخياطة المتباعدة. وتشرج اللحم بالشحم:
تداخل (انتهى) وفى بعض النسخ بالحاء المهملة أي أوضح وبين اختلاف الأضلاع.
136

افكا وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة، زين لهم
الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين، رغبوا عن اختيار الله واختيار
رسول الله إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: (وربك يخلق ما يشاء ويختار
ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) وقال عز وجل: (وما كان لمؤمن
ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
99 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمي
عن الحجة القائم عليه السلام حديث طويل وفيه: قلت: فأخبرني يا ابن مولاي عن العلة التي
تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم؟ قال: مصلح أم مفسد؟ قلت: مصلح، قال:
فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح
أو فساد؟ قلت: بلى. قال: فهي العلة، وأوردها لك ببرهان ينقاد لك عقلك. ثم قال عليه السلام:
اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل وانزل عليهم الكتب وأيدهم بالوحي
والعصمة إذ هم اعلام الأمم اهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهم السلام هل يجوز
مع وفور عقلهما إذ هما بالاختيار ان تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انه مؤمن؟ قلت: لا
قال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه
ووجوه عسكره لميقات ربه عز وجل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم واخلاصهم،
فوقع خيرته على المنافقين قال الله عز وجل: (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا)
إلى قوله: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) فلما وجدنا اختيار
من قد اصطفاه الله عز وجل للنبوة واقعا على الافسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح
دون الافسد، علمنا أن الاختيار لا يجوز أن يفعل الا ممن يعلم ما تخفى الصدور، وتكن
الضماير، وتنصرف إليه السرائر، وان لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع
خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.
100 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: وتعلم أن
نواصي الخلق بيده فليس له نفس ولا لحظة الا بقدرته ومشيته. وهم عاجزون عن اتيان
137

أقل شئ في مملكته الا باذنه وارادته، قال الله عز وجل: (وربك يخلق ما يشاء ويختار
ما كان لهم الخيرة من أمرهم سبحان الله وتعالى عما يشركون).
101 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
ونزعنا من كل أمة شهيدا يقول: من هذه الأمة امامها فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا ان
الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون.
102 - في مجمع البيان: ان قارون كان من قوم موسى أي كان من بني إسرائيل
ثم من سبط موسى وهو ابن خالته عن عطا عن ابن عباس وروى ذلك عن أبي
عبد الله عليه السلام.
103 - في تفسير علي بن إبراهيم، وآتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء
بالعصبة أولى القوة والعصبة ما بين العشرة إلى تسعة عشر (1) قال: كان يحمل مفاتيح
خزائنه العصبة أولوا القوة.
104 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وما يكون أولوا قوة الا عشرة آلاف.
قال عز من قائل: إذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين.
105 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: أوحى الله
تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام لا تفرح بكثرة المال، ولا تدع ذكرى على كل حال، فان
كثرة المال تنسى الذنوب، وترك ذكرى ينسى القلوب.
106 - عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: والفرح مكروه عند الله
عز وجل.
107 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد
عليهما السلام انه جاء إليه رجل فقال له: بأبي أنت وأمي عظني موعظة، فقال عليه السلام:
إن كانت العقوبة من الله عز وجل حقا فالفرح لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه

(1) وفى بعض النسخ (خمسة عشر) بدل (تسعة عشر).
138

موضع الحاجة.
قال عز من قائل: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة.
108 - في الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي الحسن
علي بن يحيى عن أيوب بن أعين عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
يؤتى يوم القيامة برجل فيقال: احتج، فيقول: يا رب خلقتني وهديتني وأوسعت
على فلم أزل أوسع على خلقك وأيسر عليهم لكي تنشر على هذا اليوم رحمتك وتيسره
فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى: صدق عبدي أدخلوه الجنة.
109 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى موسى بن إسماعيل بن موسى بن
جعفر قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب
عليهم السلام في قول الله عز وجل: ولا تنس نصيبك من الدنيا قال: لا تنس
صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك ان تطلب بها الآخرة.
110 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: فساد الظاهر من فساد الباطن
ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن خان الله في السر هتك الله ستره في العلانية
وأعظم الفساد أن يرضى العبد بالغفلة عن الله تعالى، وهذا الفساد يتولد من طول الأمل
والحرص والكبر، كما أخبر الله تعالى في قصة قارون في قوله: ولا تبغ الفساد في
الأرض ان الله لا يحب المفسدين وكانت هذه الخصال من صنع قارون واعتقاده،
وأصلها من حب الدنيا وجمعها ومتابعة النفس وهواها، وإقامة شهواتها وحب المحمدة
وموافقة الشيطان واتباع خطواته وكل ذلك مجتمع تحت الغفلة عن الله ونسيان مننه.
111 - في تفسير علي بن إبراهيم فقال قارون كما حكى الله عز وجل: انما
أوتيته على علم عندي يعنى ماله وكان يعمل الكيميا فقال الله عز وجل: أو لم يعلم أن
الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد قوة وأكثر جمعا ولا يسئل عن ذنوبهم
المجرمون أي لا يسئل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء فخرج على قومه في زينته
قال: في الثياب المصبغات يجرها بالأرض فقال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت
139

لنا مثل ما أوتي قارون انه لذو حظ عظيم فقال لهم لخاص من أصحاب موسى (ع): ويلكم
ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها الا الصابرون فخسفنا به وبداره
الأرض.
112 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين
في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين اخبرني عن يوم الأربعاء والتطير منه و
ثقله وأي أربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل
هابيل أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم عليه السلام في النار، ويوم الأربعاء خسف الله
بقارون والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
113 - في من لا يحضره الفقيه في مناهى النبي صلى الله عليه وآله ونهى أن يختال الرجل
في مشيته وقال: من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم، وكان قرين
قارون، لأنه أول من اختال فخسف الله به وبداره الأرض.
114 - في تفسير علي بن إبراهيم وكان سبب هلاك قارون انه انما خرج موسى
عليه السلام ببنى إسرائيل من مصر وأنزلهم البادية وكانوا يقومون من أول الليل ويأخذون
في قراءة التوراة والدعاء والبكاء، وكان قارون منهم وكان يقرأ التوراة ولم يكن
فيهم أحسن صوتا منه، وكان يسمى المنون لحسن قرائته، وكان يعمل الكيميا،
فلما طال الامر على بني إسرائيل في التيه والتوبة وكان قارون قد امتنع من الدخول
معهم في التوبة وكان موسى عليه السلام يحبه، فدخل إليه موسى فقال له: يا قارون قومك
في التوبة وأنت قاعد هيهنا؟ ادخل معهم والا ينزل بك العذاب فاستهان به واستهزأ
بقوله، فخرج من عنده مغتما فجلس في فناء قصره وعليه جبة شعر ونعلان
من جلد حمار شراكهما من خيط شعر بيده العصا، فامر قارون أن يصب عليه رمادا قد
خلطه بالماء، فصب عليه فغضب موسى عليه السلام غضبا شديدا وكان في كتفه شعرات إذا
غضب خرجت من ثيابه وقطر منها الدم، فقال موسى: يا رب ان لم تغضب لي فلست لك بنبي
فأوحى الله عز وجل إليه: قد أمرت الأرض ان تطيعك فمرها بما شئت وقد كان قارون
140

قد أمر أن يغلق باب القصر، فأقبل موسى عليه السلام فأومى إلى الباب فانفجرت ودخل عليه
فلما نظر إليه قارون وعلم أنه قد أوتى، قال: يا موسى أسئلك بالرحم الذي بيني وبينك
فقال له موسى: يا ابن لاوي لا تزدني من كلامك، يا أرض خذيه فدخل القصر بما فيه
في الأرض ودخل قارون في الأرض إلى ركبتيه، فبكى وحلفه بالرحم فقال موسى
عليه السلام: يا ابن لاوي لا تزدني من كلامك يا أرض خذيه فابتلعيه بقصره وخزائنه، وهذا
ما قال موسى عليه السلام لقارون يوم أهلكه الله عز وجل فعيره الله تبارك وتعالى بما قاله
لقارون، فعلم موسى ان الله تبارك وتعالى قد عيره بذلك، فقال: يا رب ان قارون دعاني بغيرك
ولو دعاني بك لأجبته، فقال الله عز وجل: يا ابن لاوي لا تزدني من كلامك، فقال
موسى عليه السلام: يا رب لو علمت أن ذلك لك رضى لأجبته، فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي
وحق جودي ومجدي وعلو مكاني لو أن قارون كما دعاك دعاني لأجبته، ولكنه لما
دعاك وكلته إليك، يا ابن عمران لا تجزع من الموت فانى كتبت الموت على كل نفس وقد
مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك، فخرج موسى عليه السلام إلى جبل طور سيناء مع وصيه
وصعد موسى الجبل فنظر إلى رجل قد أقبل ومعه مكتل ومسحاة (1) فقال له موسى عليه السلام
ما تريد؟ قال: رجل من أولياء الله قد توفى وانا احفر له قبرا فقال له موسى: أفلا
أعينك عليه؟ قال: بلى. قال: فحفر القبر فلما فرغا أراد الرجل ان ينزل إلى القبر فقال
له موسى عليه السلام: ما تريد؟ قال ادخل القبر فأنظر كيف مضجعه فقال له موسى:
انا أكفيك فدخله موسى فاضطجع فيه، فقبض ملك الموت روحه وانضم عليه الجبل.
115 - وفيه وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن سجن طاف
أقطار الأرض بصاحبه، فقال: يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه
فإنه الحوت الذي حبس يونس في بطنه فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر
ثم دخل بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغور، قال: ثم مرت به تحت الأرض حتى

(1) المكتل: الزنبيل والمسحاة: ما يسحى به إذا كان من حديد وبالفارسية
(كلنگ. بيل)
141

لحقت بقارون وكان قارون هلك أيام موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض
كل يوم قامة رجل، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره، فسمع قارون
صوته فقال للملك الموكل به: انظرني فانى اسمع كلام آدمي، فأوحى الله إلى الملك
الموكل به أنظره فأنظره ثم قال قارون: من أنت؟ قال يونس: انا المذنب الخاطئ
يونس بن متى، قال: فما فعل شديد الغضب لله موسى بن عمران؟ قال: هيهات هلك،
قال: فما فعل الرؤف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك قال: فما فعلت
كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال: هيهات ما بقي من آل عمران أحد،
فقال قارون: وا أسفا على آل عمران، فشكر الله له ذلك فأمر الملك الموكل به ان
يرفع عنه العذاب أيام الدنيا فرفع عنه.
116 - في تفسير العياشي عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن يونس لما آذاه
قومه وذكر حديثا طويلا وفيه، فألقى نفسه فالتقمه الحوت فطاف به البحار السبعة
حتى صار إلى البحر المسجور، وبه يعذب قارون، فسمع قارون دويا فسأل الملك عن
ذلك فأخبره انه يونس وان الله حبسه في بطن الحوت. فقال له قارون: أتأذن لي ان
أكلمه؟ فاذن له فسأله عن موسى فأخبره انه مات فبكى، ثم سأله عن هارون فأخبره انه
مات فبكى وجزع جزعا شديدا وسأله عن أخته كلثم وكانت مسماة له فأخبره انها
ماتت، فبكى وجزع جزعا شديدا فأوحى الله إلى الموكل به: ان ارفع عنه العذاب بقية أيام
الدنيا لرقته على قرابته.
117 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله حديث
طويل يذكر فيه خروجه عليه السلام للمباهلة وفيه: فلما رجع النبي صلى الله عليه وآله بأهله وصار إلى
مسجده هبط جبرئيل عليه السلام وقال: يا محمد ان الله يقرئك السلام ويقول: ان عبدي موسى
باهل عدوه قارون بأخيه هارون وبنيه فخسفت بقارون وأهله وماله ومن وازره من قومه
وبعزتي أقسم وجلالي يا أحمد لو باهلت بك وبمن تحت الكساء من أهلك أهل الأرض
والخلائق جميعا لتقطعت السماء كسفا، والجبال زبرا ولساخت الأرض فلم تستقر
142

أبدا الا ان أشاء ذلك.
118 - في تفسير علي بن إبراهيم فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما
كان من المستنصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله
قال: هي لفظة سريانية يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا
لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن
داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ما منزلة الدنيا
من نفسي الا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها اكلت منها، يا حفص ان الله تبارك و
تعالى علم ما العباد عاملون والى ما هم صائرون، فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة
لعلمه السابق فيهم، فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت، ثم تلا قوله:
تلك الدار الآخرة الآية وجعل يبكى ويقول: ذهبت والله الأماني عند هذه الآية،
قلت: جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا؟ فقال: قد حد الله عز وجل في كتابه فقال:
(لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
119 - وقال أبو عبد الله عليه السلام أيضا في قوله: علوا في الأرض ولا فسادا: العلو
الشرف والفساد البناء.
120 - في نهج البلاغة فلما نهضت بالامر نكثت طائفة ومرقت أخرى وفسق
آخرون كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه إذ يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين
لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم
حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها.
121 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى ابن مسعود أنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله في كلام طويل: أوصيكم بتقوى الله وأوصى الله بكم (انى لكم نذير مبين)
الا تعلوا على الله في عباده وبلاده فان الله تعالى قال لي ولكم: (تلك الدار الآخرة نجعلها
للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)
143

122 - في مجمع البيان وروى زاذان عن أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يمشى
في الأسواق وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه
القرآن ويقرأ (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا)
ويقول، نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة، وأهل القدرة من
ساير الناس.
123 - وروى سلام الأعرج عن أمير المؤمنين عليه السلام أيضا قال: الرجل ليعجبه
شراك نعله فيدخل في هذه الآية: (تلك الدار الآخرة) الآية.
124 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله يقول علي بن موسى
بن طاوس: رأيت في تفسير الطبرسي عند تفسير هذه الآية قال: وروى عن أمير المؤمنين
عليه السلام أنه قال: إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه
فيدخل تحتها (انتهى). أقول: وهذا الحديث منقول في جوامع الجامع فكأنه المراد.
125 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد عن حريز عن أبي جعفر
عليه السلام قال: إنه سئل عن جابر فقال: رحم الله جابرا بلغ من فقهه انه كان يعرف تأويل
هذه الآية ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد يعنى الرجعة.
126 - قال وحدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد
الطائي عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما في قوله عز وجل: (ان
الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) قال: يرجع إليكم نبيكم صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين
والأئمة صلوات الله عليهم حدثني أبي عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر قال: ذكر
عند أبي جعفر عليه السلام جابر فقال: رحم الله جابرا لقد بلغ من علمه انه كان يعرف تأويل هذه
الآية (ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) يعنى الرجعة.
127 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي
بن النعمان عن سيف بن عميرة عمن ذكره عن الحارث بن المغيرة النصرى قال: سئل
144

أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: كل شئ هالك الا وجهه فقال: ما
يقولون فيه؟ قلت: يقولون: يهلك كل شئ الا وجه الله، فقال: سبحان الله لقد قالوا
قولا عظيما انما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه.
128 - أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن فضيل بن
عثمان عن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (هو الأول و
الاخر) وقلت: اما الأول فقد عرفناه واما الاخر فبين لنا تفسيره، فقال: انه ليس شئ
الا يبيد أو يتغير أو يدخله الغير والزوال وينتقل من لون إلى لون ومن هيئة إلى هيئة
ومن صفة إلى صفة، ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة الا رب العالمين فإنه لم
يزل ولا يزال بحالة واحدة، هو الأول قبل كل شئ وهو الاخر على ما لم يزل
ولا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره، مثل الانسان الذي يكون
ترابا مرة ومرة لحما ودما ومرة رفاتا ورميما، وكالبسر الذي يكون
مرة بلحا ومرة بسرا ومرة رطبا ومرة تمرا (1) فتتبدل عليه الأسماء والصفات والله
عز وجل بخلاف ذلك.
129 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس
عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: فيفنى
كل شئ ويبقى الوجه، الله أعظم من أن يوصف، لا ولكن معناها: كل شئ هالك
الا دينه ونحن الوجه الذي يؤتى الله منه لم نزل في عباده ما دام لله فيهم روية، فإذا لم
يكن لله فيهم روية رفعنا إليه ففعل بنا ما أحب، قلت: جعلت فداك فما الروية؟ قال: الحاجة.
130 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه: واما قوله: (كل شئ هالك الا وجهه) فالمراد كل شئ هالك
الا دينه، لان من المحال أن يهلك منه كل شئ ويبقى الوجه، هو أجل وأعظم من ذلك

(1) البسر: التمر قبل ارطابه وذلك إذا لون ولم ينضج، وقبله البلح، والرطب:
نضيج البسر قبل ان يتمر. والتمر: اليابس من ثمر النخل. وأول التمر طلع ثم خلال ثم
بلح ثم بسر ثم رطب ثم تمر.
145

وانما يهلك من ليس منه، الا ترى أنه قال: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك) ففصل بين
خلقه ووجهه.
131 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي حمزة قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام:
قول الله عز وجل: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: يهلك كل شئ ويبقى الوجه، ان
الله أعظم من أن يوصف بالوجه، ولكن معناه: كل شئ هالك الا دينه والوجه
الذي يؤتى منه.
132 - وباسناده إلى الحارث بن المغيرة النصرى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
قول الله عز وجل: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: كل شئ هالك الا من أخذ طريق الحق
وفى محاسن البرقي مثله الا ان آخره: من أخذ الطريق الذي أنتم عليه.
133 - وفى كتاب التوحيد باسناده إلى صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل: (كل شئ هالك الا وجهه) قال: من اتى الله بما أمر به من طاعة
محمد والأئمة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذي لا يهلك ثم قرأ: (من يطع الرسول
فقد أطاع الله).
134 - وباسناده أيضا إلى صفوان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: نحن وجه الله
الذي لا يهلك.
135 - وباسناده إلى صالح بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
(كل شئ هالك الا وجهه) نحن.
136 - وباسناده إلى خيثمة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:
(كل شئ هالك الا وجهه) قال: دينه وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام دين
الله ووجهه وعينه في عباده، ولسانه الذي ينطق به، ويده على خلقه، ونحن وجه الله الذي
يؤتى منه، ولن نزال في عباده ما دامت لله فيهم روية. قلت: وما الروية؟ قال: الحاجة
فإذا لم يكن لله فيهم حاجة رفعنا إليه وصنع ما أحب.
137 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: فلا تكونن يا محمد ظهيرا
146

للكافرين فقال: المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى للناس، وقوله عز وجل: (ولا تدع
مع الله الها) المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى للناس وهو قول الصادق صلوات الله عليه:
ان الله عز وجل بعث نبيه صلى الله عليه وآله بإياك أعنى واسمعي يا جارة. (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ
سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من
أهل الجنة لا أستثني فيه أبدا، ولا أخاف عليه ان يكتب الله على في يميني اثما، وان لهاتين
السورتين من الله مكانا.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ سورة
العنكبوت كان له من الاجر عشر حسنات بعدد كل المؤمنين والمنافقين.
3 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن
عليه السلام قال: جاء العباس إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: انطلق بنا نبايع
لك الناس فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أو تراهم فاعلون؟ قال: نعم. قال:
فأين قوله عز وجل: ألم أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون
ولقد فتنا الذين من قبلهم أي اختبرناهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين
4 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة توقيع من صاحب الزمان عليه السلام كان
خرج إلى العمرى وابنه رضي الله عنهما رواه سعد بن عبد الله قال الشيخ أبو جعفر:
وجدت مثبتا بخط سعد بن عبد الله رحمه الله: وفقكما الله وثبتكما على دينه وأسعدكما

(1) وهذا مثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره، وقيل إن أول من قال
ذلك سهل بن مالك الفزاري ذكر قصته الميداني في مجمع الأمثال (ج 1 50 - 51 ط مصر)
وقال الطريحي: هو مثل يراد به التعريض للشئ.
147

بمرضاته، انتهى إلينا بما ذكرتما ان المسمى أخبركما عن المختار ومناظرته من لقى
واحتجاجه بأنه لا خلف غير جعفر بن علي وتصديقه، وفهمت جميع ما كتبتما به مما
قال أصحابكم عنه، وانا أعوذ بالله من العمى بعد الجلا ومن الضلالة بعد الهدى، ومن
موبقات الأعمال ومرديات الفتن، وانه عز وجل يقول: (ألم أحسب الناس ان يتركوا
أن يقولوا آمنا وهو لا يفتنون) كيف يتساقطون في الفتنة ويترددون في الحيرة و
يأخذون يمينا وشمالا، فارقوا دينهم أم ارتابوا أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاءت
به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة وعلموا فتناسوا والتوقيع طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
5 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد
قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: (ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا و
هم لا يفتنون) ثم قال لي: ما الفتنة؟ قلت: جعلت فداك الفتنة في الدين فقال: يفتنون
كما يفتن الذهب، ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب.
6 - في نهج البلاغة وقام إليه عليه السلام رجل فقال: أخبرنا عن الفتنة وهل سألت
رسول الله صلى الله عليه وآله عنها؟ فقال عليه السلام: لما أنزل الله سبحانه قوله: (ألم احسب الناس
ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله
صلى الله عليه وآله بين أظهرنا، فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها؟ فقال: يا علي ان
أمتي سيفتنون من بعدى، فقلت: يا رسول الله أوليس لي قد قلت لي يوم أحد حيث
استشهد من استشهد من المسلمين وأحيزت عنى الشهادة فشق ذلك على فقلت لي:
ابشر فان الشهادة من ورائك، فقال لي: ان ذلك لكذلك فكيف صبرك إذا؟ فقلت
يا رسول الله ليس هذا مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر، وقال: يا علي
سيفتنون بعدى بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم ويتمنون رحمته ويأمنون سطوته،
ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ
والسحت بالهدية والربا بالبيع. قلت: يا رسول الله فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك
أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة؟ قال: بمنزلة فتنة.
148

7 - في مجمع البيان عند قوله: (أو يلبسكم شيعا) وفى تفسير الكلبي انه لما نزلت
هذه الآية قام النبي صلى الله عليه وآله فتوضأ وأسبغ وضوئه، ثم قام وصلى فأحسن صلاته ثم سأل
الله سبحانه ان لا يبعث عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم أو يلبسهم شيعا ولا يذيق
بعضهم بأس بعض، فنزل جبرئيل عليه السلام ولم يجرهم من الخصلتين الأخيرتين،
فقال عليه السلام: يا جبرئيل ما بقاء أمتي مع قتل بعضهم بعضا؟ فقام وعاد إلى الدعاء فنزل:
(ألم أحسبوا ان يتركوا) الآيتين فقال لا بد من فتنة تبتلى بها الأمة بعد نبيها ليتعين
الصادق من الكاذب، لان الوحي انقطع وبقى السيف وافتراق الكلمة إلى يوم القيامة.
8 - وفيه قيل: إن معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم وأموالهم وهو المروى عن أبي
عبد الله عليه السلام.
9 - وفيه قرء علي عليه السلام (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) بضم
الياء وكسر اللام فيهما، وهو المروى عن جعفر بن محمد ومحمد بن عبد الله بن
الحسن.
10 - في تفسير العياشي عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: (ليس لك من
الامر شئ) فسره لي قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: يا جابر ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان
عند الله خلاف ما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قلت: فما معنى ذلك؟ قال: نعم عنى بذلك
قول الله لرسوله صلى الله عليه وآله ليس لك من الامر شئ يا محمد في علي الامر إلي في علي عليه السلام وغيره
ألم انزل عليك يا محمد فيما أنزلت من كتابي إليك (ألم احسب الناس ان يتركوا ان
يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) إلى قوله (وليعلمن) قال: فوض رسول الله صلى الله عليه وآله الامر
إليه.
11 - في ارشاد المفيد رحمه الله وقد جاءت الرواية انه لما تم لأبي بكر ماتم و
بايعه من بايع، جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يسوى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بمسحاة
في يده وقال له: ان القوم قد بايعوا أبا بكر ووقعت الخذلة في الأنصار لاختلافهم، وبدر
الطلقاء للعقد للرجل خوفا من ادراككم الامر؟ فوضع طرف المسحاة على الأرض ويده
149

عليها ثم قال: (بسم الله الرحمن الرحيم ألم أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم
لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * أم حسب
الذين اجترحوا السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون)
12 - الفضل بن شاذان عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
لا يكون ما تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا، ولا يبقى منكم الا القليل ثم
قرء: (ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) ثم قال: إن من
علامات الفرج حدث يكون بين المسجدين، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر
كبشا من العرب.
13 - في الكافي وروى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: في خطبة له: ولو أراد الله
جل ثنائه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن البلدان ومغارس
الجنان وأن يحشر طير السماء ووحش الأرض معهم لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل
الجزاء واضمحل الابتلاء (1) ولما وجب للقائلين أجر المبتلين (2) ولا لحق المؤمنين
ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين، ولذلك لو أنزل الله من
السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين، ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين، ولكن الله
جل ثنائه جعل رسله أولى قوة في عزائم نياتهم، وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم
من قناعة تملأ القلوب والعيون غناؤه وخصاصة يملأ الاسماع والابصار أداؤه. ولو
كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك يمد نحوه أعناق الرجال، ويشد إليه
عقد الرحال لكان أهون على الخلق في الاختبار وأبعدهم في الاستكبار، ولأمنوا
عن رغبة قاهرة لهم أو رهبة مائلة بهم، فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة، ولكن
الله أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لامره
والاستسلام إليه، أمورا خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة، وكلما كانت البلوى والاختبار

(1) وفى النهج والمصدر (واضمحلت الأبناء) بدل (الابتلاء).
(2) (القائلين) من القيلولة يعنى لو لم يكن ابتلاء لكانوا مستريحين فلا ينالون
أجور المبتلين قاله المحدث الكاشاني (ره) في الوافي.
150

أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل، ألا ترون ان الله جل ثناؤه اختبر الأولين من لدن
آدم إلى آخرين من هذا العالم بأحجار ما تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها
بيته الحرام الذي جعله للناس قياما. ثم جعله بأوعر (1) بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق
الدنيا مدرا (2) وأضيق بطون الأودية معاشا، وأغلظ محال المسلمين مياها بين جبال
خشنة ورمال دمثة (3) وقرى منقطعة واثر من مواضع قطر السماء داثر (4) ليس يزكو
به خف ولا ظلف ولا حافر (5) ثم أمر آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع
أسفارهم وغاية لملقى رحالهم تهوى إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار متصلة وجزائر
بحار منقطعة ومهاوي فجاج عميقة حتى يهزوا مناكبهم ذللا لله حوله ويرملوا على أقدامهم
شعثا غبرا له قد نبذوا القنع والسرابيل وراء ظهورهم وحسروا بالشعور حلقا عن
رؤسهم (6) ابتلاءا عظيما واختبارا كبيرا وامتحانا شديدا وتمحيصا بليغا وقنوتا

(1) وعر المكان: صلب.
(2) قال الجزري في حديث على (عليه السلام) في صفة مكة: والكعبة أقل نتائق الدنيا
مدرا، النتائق جمع نتيقة، فعيلة بمعنى مفعولة من النتق وهو ان تقلع الشئ فترفعه من مكانه
لترمى به هذا هو الأصل وأراد بها ههنا البلاد لرفع بنائها وشهرتها في موضعها. (انتهى)
وقال الشارح المعتزلي: أصل هذه اللفظة من قولهم امرأة منتاق أي كثيرة الحبل والولادة،
ويقال: ضيعة منتاق أي كثيره الريع فجعل عليه السلام الضياع ذوات المدر التي تثار للحرث
نتائق وقال إن مكة أقلها صلاحا المزرع لان أرضها حجرية.
(3) رما - دمثة: سهلة وكلما كان الرمل أسهل كان أبعد عن أن ينبت
(4) الأثر: بقية رسم الشئ، والدثور: الدروس وهو أن تهب الرياح على المنزل
فيغشى رسومه الرمل ويغطيه.
(5) الخف ههنا هو الإبل والحافر الخيل والحمير، والظلف الشاة (ولا يزكو بها)
أي لا تزيد أي ليس حولها مرعى ترعاه تلك فتسمن.
(6) قوله عليه السلام: (يثنوا أعطافهم نحوه... اه) الثنى: العطف، وعطفا الرجل:
جابناه أي يقصدوه ويحجوه، يقال: ثنا عطفه نحوه أي توجه إليه والمثابة: المرجع
والمنتجع: محل الكلاء والنجعة: طلب الكلاء في الأصل ثم سمى كل من قصد أمرا يروم النفع
منه منتجعا. قال المحدث الكاشاني (ره) وفى قوله عليه السلام: (تهوى إليه ثمار الأفئدة) استعارة
لطيفة ونظر إلى قوله سبحانه حكاية عن خليله عليه السلام (واجعل أفئدة من الناس تهوى
إليهم...) والقفر من المفاوز: ما لا ماء فيه ولا كلاء. والمهاوي: المساقط والفجاج جمع
الفج وهو الطريق بين الجبلين، والهز: التحريك، قال الشارح المعتزلي: أي يحركهم
الشوق نحوه إلى أن يسافروا إليه فكنى عن السفر بهز المناكب وذللا حال اما منهم أو من المناكب
وواحد المناكب منكب بكسر الكاف وهو مجمع عظم العضد والرمل: السعي فوق المشي قليلا.
والشعث: انتشار الامر واغبرار الرأس وتلبد الشعر، والقنع جمع القناع والحسر، الكشف قال
الفيض (ره): وبه يتعلق قوله (ورؤسهم).
151

مبينا (1) جعله الله سببا لرحمته ووصلة ووسيلة إلى جنته وعلة لمغفرته وابتلاء للخلق برحمته
فلو كان الله تبارك وتعالى وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وانهار وسهل و
قرار، جم الأشجار دانى الثمار ملتف النبات، متصل القرى من برة سمراء،
وروضة خضراء وأرياف محدقة، وعراص مغدقة وزروع ناضرة، وطرق
عامرة، وحدائق كثيرة لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلا (2) ثم
لو كانت الأساس المحمول عليها أو الأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء، و
ياقوتة حمراء ونور وضياء، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور، ولو وضع مجاهدة
إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الريب من الناس، ولكن الله جل وعز يختبر عبيده
بأنواع الشدائد ويتعبدهم بألوان المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره اخراجا للتكبر

(1) القنوت: الخضوع.
(2) قوله عليه السلام (جم الأشجار) أي كثيرها وداني الثمار: قريبها والنغاف النبات
اشتباكها وفى النهج (ملتف البني) ى مشتبك العبارة والبرة: الواحدة من البر وهو
الحنطة.
والأرياف جمع الريف: ارض فيها زرع وخضب وما قارب الماء من ارض العرب، و
المحدقة: المحيطة وعراص جمع عرصة، الساحة والمغدقة: كثيرة الماء.
152

من قلوبهم واسكانا للتذلل في أنفسهم وليجعل ذلك أبوابا [فتحا] إلى فضله وأسبابا
ذللا لعفوه وفتنة (1) كما قال. (ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم
لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين).
14 - في جوامع الجامع وفى الحديث قد كان من قبلكم يؤخذ فيوضع
المنشار على رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما
دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه.
15 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات وقوله: (من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لات يعنى
بقوله من كان يؤمن بأنه مبعوث فان وعد الله لآت من الثواب والعقاب، فاللقاء هيهنا
ليس بالرؤية، واللقاء هو البعث فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه فإنه يعنى بذلك البعث.
16 - في تفسير علي بن إبراهيم (من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لآت)
قال: من أحب لقاء الله جاءه الاجل ومن جاهد نفسه عن اللذات والشهوات والمعاصي
فإنما يجاهد لنفسه ان الله لغنى عن العالمين ووصينا الانسان بوالديه حسنا
قال: هما اللذان ولداه.
17 - 18 واما قوله عز وجل: ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله
جعل فتنة الناس كعذاب الله قال: إذا آذاه انسان أو أصابه ضر أو فاقة أو خوف من
الظالمين دخل معهم في دينهم فرأى أن ما يفعلوه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع،
ولئن جاء نصر من ربك يعنى القائم صلوات الله عليه ليقولن انا كنا معكم أوليس الله
بأعلم بما في صدور العالمين وقوله عز وجل: وقال الذين كفروا للذين آمنوا
اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم قال: كان الكفار يقولون للمؤمنين: كونوا معنا

(1) قوله عليه السلام (مصارعة الشك في الصدور...) المصارعة: المحاولة
والإعتلاج: الاقتتال، قال الفيض (ره): وفى قوله عليه السلام مصارعة الشك استعارة لطيفة
وكذا في قوله معتلج الريب ومعناهما متقاربان. والمجاهد جمع مجهدة وهي المشقة، و
أبوابا فتحا أي مفتوحة. وأسبابا ذللا أي سهلة.
153

فان الذي تخافون أنتم ليس بشئ فإن كان حقا نتحمل نحن ذنوبكم فيعذبهم الله عز
وجل مرتين مرة بذنوبهم ومرة بذنوب غيرهم.
19 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل في
مكالمة بينه وبين اليهود وفيه قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد أقام نوح في قومه ودعاهم ألف سنة
الا خمسين عاما، ثم وصفهم الله تعالى فقللهم فقال: (وما آمن معه الا قليل) ولقد تبعني
في سنى القليلة وعمري اليسير ما لم يتبع نوحا في طول عمره وكبر سنه.
20 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن
أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: فمكث نوح ألف سنة الا خمسين عاما لم يشاركه في نبوته أحد. في روضة الكافي
باسناده إلى أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام مثله.
21 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان
عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبث فيهم نوح ألف سنة الا خمسين عاما
يدعوهم سرا وعلانية، فلما أبوا وعتوا قال: (رب انى مغلوب فانتصر) والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
22 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل
عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وسأله عن اسم نوح ما كان
فقال: اسمه سكن، وانما سمى نوحا لأنه ناح على قومه ألف سنة الا خمسين عاما.
23 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أحمد بن الحسن الميثمي عمن ذكره
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان اسم نوح عليه السلام عبد الغفار وانما سمى نوحا لأنه كان ينوح
على نفسه.
24 - وباسناده إلى سعد بن جناح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اسم
نوح عبد الملك، وانما سمى نوحا لأنه بكى خمسمأة عام.
154

25 - باسناده إلى محمد بن اورمه عمن ذكره عن سعيد بن جناح عن رجل عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: كان اسم نوح عبد الاعلى وانما سمى نوحا لأنه بكى
خمسمأة عام.
26 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد
عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: والوجه الخامس من الكفر كفر
البراءة، وقال: انما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ويوم
القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا يعنى يتبرأ بعضكم من بعض، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
27 - في روضة الكافي يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال:
قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا مالك انه ليس من قوم ائتموا بامام في الدنيا الا جاء يوم
القيامة يلعنهم ويلعنونه الا أنتم، ومن كان على مثل حالكم، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
28 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول عليه السلام فيه
وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله: (يوم يقوم الروح والملائكة صفا
لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا) وقوله: (والله ربنا ما كنا مشركين)
وقوله: (يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) وقوله (ان ذلك لحق
تخاصم أهل النار) وقوله: (لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد). وقوله:
(اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) فان ذلك
في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة،
يجمع الله عز وجل الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون، ويكلم بعضهم بعضا ويستغفر
بعضهم لبعض، أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء والاتباع ويلعن
أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء، وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا
المستكبرين والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا، والكفر في هذه
155

الآية البراءة يقول فيبرء بعضهم من بعض، ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان:
(انى كفرت بما أشركتمون من قبل) وقول إبراهيم خليل الرحمن: (كفرنا بكم
أي تبرأنا.
29 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله عن جميل بن دراج عن
مالك بن أعين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا مالك أما ترضون ان يأتي كل قوم يلعن
بعضهم بعضا الا أنتم ومن قال بمقالتكم.
30 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام حديث طويل يقول في
أواخره عليه السلام: وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة، اما إبراهيم نبوته بكوثا وهي قرية من
قرى السواد فيها بدا أول أمره، ثم هاجر منها وليست بهجرة فقال: وذلك قول الله
عز وجل: (انى مهاجر إلى ربى سيهدين) وكانت هجرة إبراهيم بغير قتال، واما
إسحاق فكانت نبوته بعد إبراهيم، واما يعقوب فكانت نبوته بأرض كنعان ثم هبط إلى
مصر فتوفى فيها.
31 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي
عن هشام ودرست بن أبي منصور عنه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام الأنبياء والمرسلون
على أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها، ونبى يرى في النوم ويسمع الصوت
ولا يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد وعليه امام، مثل ما كان إبراهيم على لوط
عليهما السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
32 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن
زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول كانت أم إبراهيم وأم لوط صلى الله عليهما سارة وورقة وفى نسخة
رقية أختين، وهما ابنتان للاحج وكان الاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
156

33 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: اعلموا يا عباد الله ان المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب، اما
لخير فان الله يثيبه بعمله في دنياه، قال سبحانه لإبراهيم: وآتيناه اجره في الدنيا و
انه في الآخرة لمن الصالحين فمن عمل لله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والآخرة و
كفاه المهم فيهما.
34 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام في
قول لوط. انكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين فقال: ان
إبليس أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث، عليه ثياب حسنة فجاء إلى شبان منهم
فأمرهم أن يقعوا به ولو طلب إليهم ان يقع بهم لأبوا عليه، ولكن طلب إليهم ان يقعوا
به فلما وقعوا به التذوه، ثم ذهب عنهم وتركهم فأحال بعضهم على بعض.
في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابان
ابن عثمان عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام مثله.
35 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله جل ذكره: وتأتون في ناديكم المنكر
قال: هم قوم لوط كان يضرط بعضهم على بعض.
36 - في عوالي اللئالي وروى عن النبي صلى الله عليه وآله انه رأى رجلا يخذف بحصاة
في المسجد (1) فقال عليه السلام: ما زالت تلعنه حتى وقعت، ثم قال: الخذف في النادي
من أخلاق قوم لوط، ثم تلا قوله تعالى: (وتأتون في ناديكم المنكر) قال هو الخذف.
37 - في مجمع البيان (وتأتون في ناديكم المنكر) قيل فيه وجوه: أحدها
هو انهم كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء عن ابن عباس وروى ذلك
عن الرضا عليه السلام.
38 - في جوامع الجامع وفى الحديث من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة.
39 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن فرقد

(1) خذف بالحصاة أو النواة ونحوهما: رمى بها من بين سبابتيه
157

عن أبي زيد الحماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل بعث أربعة املاك في
اهلاك قوم لوط: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل، فمروا بإبراهيم عليه السلام
وهم معتمون فسلموا عليه فلم يعرفهم، ورأى هيئة حسنة فقال: لا يخدم هؤلاء الا أنا
بنفسي وكان صاحب ضيافة، فشوى لهم عجلا سمينا حتى انضجه ثم قربه إليهم فلما
وضعه بين أيديهم (رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة) فلما رأى ذلك
جبرئيل عليه السلام حسر العمامة (1) عن وجهه فعرفه إبراهيم فقال: أنت هو؟ قال: نعم،
ومرت سارة امرأته (فبشرناها بإسحاق ومن وراء اسحق يعقوب) فقالت ما قال الله
عز وجل فأجابوها بما في الكتاب فقال لهم إبراهيم: لماذا جئتم؟ قالوا في اهلاك
قوم لوط، فقال لهم: إن كان فيها مأة من المؤمنين أتهلكونهم؟ فقال جبرئيل عليه السلام:
لا، قال: فإن كان فيها خمسون؟ قال: لا قال: فإن كان فيها ثلاثون؟ قال: لا، قال: فإن كان
فيها عشرون؟ قال: لا قال: فإن كان فيها عشرة؟ قال: لا قال: فإن كان فيها خمسة؟
قال: لا، قال: فإن كان فيها واحد؟ قال: لا، قال فان فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن
فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت من الغابرين قال الحسن بن علي (ع): لا اعلم
هذا القول الا وهو يستبقيهم وهو قول الله عز وجل: (يجادلنا في قوم لوط).
40 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام
ان رسول الله صلى الله عليه وآله سأل جبرئيل كيف كان مهلك قوم لوط؟ فقال: ان قوم لوط كانوا
أهل قرية لا ينتظفون من البول والغائط ولا يتطهرون من الجنابة، بخلاء أشحاء على
الطعام، وان لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة، وانما كان نازلا عليهم ولم يكن منهم ولا عشيرة
له فيهم ثلاثين سنة ولا قوم، وانه دعاهم إلى الله عز وجل والى الايمان واتباعه، ونهاهم
عن الفواحش وحثهم على طاعة الله فلم يجيبوه ولم يطيعوه، وان الله عز وجل لما أراد
عذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا نذرا، فلما عتوا عن أمره بعث إليهم ملائكة ليخرجوا
من كان في قريتهم من المؤمنين، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين فاخرجوهم

(1) أي كشفها.
158

منها، وقالوا للوط: (أسر باهلك) من هذه القرية الليلة (بقطع من الليل ولا يلتفت منكم
أحد وامضوا حيث تؤمرون) فلما انتصف الليل سار لوط ببناته وتولت امرأته مدبرة
فانقطعت إلى قومها تسعى بلوط، وتخبرهم ان لوطا قد سار ببناته وانى
نوديت من تلقاء العرش لما طلع الفجر يا جبرئيل حق القول من الله تحتم عذاب
قوم لوط، فاهبط إلى قرية قوم لوط وما حوت فاقلبها من تحت سبع أرضين، ثم أعرج
بها إلى السماء فأوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها، ودع منها آية بينة من منزل لوط
عبرة للسيارة، فهبطت على أهل القرية الظالمين فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى
عليه شرقها، وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى عليه غربها، فاقتلعتها يا محمد من تحت
سبع أرضين الا منزل لوط آية للسيارة، ثم عرجت بها في حوافي جناحي حتى أوقفتها
حيث يسمع أهل السماء زقاء ديوكها (1) ونباح كلابها فلما طلعت الشمس نوديت من
تلقاء العرش: يا جبرئيل! اقلب القرية على القوم، فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها
أعلاها وأمطر الله عليهم حجارة من سجيل مسومة عند ربك وما هي من الظالمين من
أمتك ببعيد.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد نقلنا أخبارا في بيان سبب هلاك قوم لوط وكيف
كان مهلكهم وأحوال قراهم المهلكة وما يتعلق بذلك في سورة هود.
41 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام بعد ان ذكر الشيطان: ولا
يغرنك تزيينه الطاعات عليك فإنه يفتح لك تسعة وتسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام
المأة، فقابله بالخلاف والصد عن سبيله والمصادة باستهوائه.
42 - في كتاب الخصال عن جعيد (2) همدان قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام
: ان في التابوت الأسفل من النار اثنى عشر: ستة من الأولين وستة من الآخرين، فاما الستة
من الأولين فابن آدم قاتل أخيه، وفرعون الفراعنة، والسامري، والدجال

(1) الزقاء بمعنى الصياح
(2) وفى بعض النسخ (حميد) بدل (جعيد) لكن الصحيح هو المخار ويوافقه
المصدر أيضا.
159

كتابه في الأولين ويخرج في الآخرين، وهامان وقارون.
43 - وفيه قال أبو ذر: ألستم تشهدون ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: شر الأولين و
الآخرين اثنا عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين، ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم
الذي قتل أخاه، وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج
في الآخرين. والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.
44 - عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: المسوخ من بني آدم
ثلاثة عشر إلى أن قال: واما العنكبوت فكانت امرأة سيئة الخلق عاصية لزوجها مولية عنه
فمسخها الله عنكبوتا.
45 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن المسوخ فقال: هي ثلاثة عشر إلى أن قال صلى الله عليه وآله: واما
العنكبوت فكانت امرأة تخون زوجها.
46 - عن سعيد بن علاقة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ترك نسج
العنكبوت في البيت يورث الفقر.
47 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى
ابن جعفر عليه السلام حديث طويل يقول فيه: واما العنكبوت فكانت امرأة سخرت (1) زوجها.
وباسناده إلى علي بن جعفر عن معتب مولى جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
جده عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله مثله.
48 في تفسير علي بن إبراهيم وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها الا
العالمون يعنى آل محمد صلوات الله عليهم.
49 - في مجمع البيان (وما يعقلها الا العالمون) وروى الواحدي بالاسناد عن
جابر قال: تلا النبي صلى الله عليه وآله هذه الآية وقال: العالم الذي عقل عن الله فعمل بطاعته و
اجتنب سخطه.

(1) وفى بعض النسخ (سحرت) بالحاء المهملة.
160

50 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسن عن يزيد شعر عن هارون بن
حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (بل هو آيات بينات في صدور الذين
أوتوا العلم) قال: هم الأئمة خاصة (وما يعقلها الا العالمون) فزعم أن من عرف الامام
والآيات، ممن يعقل ذلك.
51 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله فقال جل ذكره:
أتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر
قال: من لم تنهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر لم تزده من الله عز وجل الا بعدا.
52 - في كتاب التوحيد وقد روى عن الصادق عليه السلام أنه قال: الصلاة حجزة الله
وذلك انها تحجز المصلى عن المعاصي ما دام في صلاته، قال الله عز وجل: (ان الصلاة
تنهى عن الفحشاء والمنكر).
53 - في أصول الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن
عبد الرحمن عن سفيان الحريري عن أبيه عن سعد الخفاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت
جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلم القرآن؟ فتبسم ثم قال: رحم الله الضعفاء من
شعيتنا انهم أهل تسليم. ثم قال: نعم يا سعد والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى
قال: فتغير لذلك لوني وقلت: هذا شئ لا أستطيع ان أتكلم به في الناس، فقال أبو
جعفر: وهل الناس الا شيعتنا فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقها، ثم قال: يا سعد
أسمعك كلام القرآن؟ قال سعد: فقلت: بلى صلى الله عليك فقال: (ان الصلاة تنهى
عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر) فالنهي كلام والفحشاء والمنكر رجال، و
نحن ذكر الله ونحن أكبر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
54 - في مجمع البيان وروى انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من لم تنهه
صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله الا بعدا.
55 - وأيضا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا صلاة لمن لم يطع الصلاة وطاعة الصلاة
ان ينتهى عن الفحشاء والمنكر.
161

56 - وروى أنس ان فتى من الأنصار كان يصلى الصلوات مع رسول الله صلى الله عليه وآله
ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله: ان صلاته تنهاه يوما ما
57 - وعن جابر قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: ان فلانا يصلى بالنهار ويسرق
بالليل؟ فقال: ان صلاته لتردعه.
58 وروى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أحب أن يعلم قبلت صلاته
أم لم تقبل فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر فبقدر ما منعته قبلت صلاته.
59 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله وقد روينا في الجزء الأول
من كتاب المهمات والتتمات صفة الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر.
60 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: (ولذكر الله أكبر) يقول: ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه الا
ترى أنه يقول: اذكروني أذكركم.
61 - في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ولذكر الله
أكبر) قال: ذكر الله عندما أحل وحرم.
62 - وعن معاذ بن جبل قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله أي الأعمال أحب إلى الله؟
قال: إن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عز وجل.
63 - وقال صلى الله عليه وآله: يا معاذ ان السابقين الذين يسهرون بذكر الله عز وجل، و
من أحب ان يرتع في رياض الجنة فليكثر من ذكر الله عز وجل.
64 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
: نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.
65 - وقال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام: ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال
في الدين، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام قد نهوا عنه، فقال الصادق عليه السلام:
لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله يقول:
ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن قيل: يا ابن رسول الله ما الجدال بالتي
162

هي أحسن وبالتي ليست بأحسن؟ قال: اما الجدال الذي بغير التي هي أحسن ان تجادل
مبطلا فيورد عليك مبطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا
يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة
لأنك لا تدرى كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا، أن يصيروا فتنة على ضعفاء
اخوانهم وعلى المبطلين، اما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى
مجادلة وضعف في يده، حجة له على باطله، واما الضعفاء منكم فتعمى قلوبهم لما يرون من
ضعف المحق في يد المبطل، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى
به نبيه ان يجادل به من جحد البعث بعد الموت واحياءه له، فقال الله حاكيا
عنه: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم) فقال الله في الرد
عليه: (قل) يا محمد (يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم
من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون) فأراد الله من نبيه ان يجادل المبطل
الذي قال: كيف يجوز ان يبعث هذه العظام وهي رميم، قال: فقل يحييها الذي
أنشأها أول مرة أفيعجز من ابتدأه لا من شئ ان يعيده بعد ان يبلى، بل ابتداءه أصعب
عندكم من اعادته، ثم قال: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا) أي إذا كمن
النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم انه على إعادة من بلى،
أقدر، ثم قال: (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى
وهو الخلاق العليم) أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وابعد في أوهامكم و
قدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم
والاصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي؟ قال
الصادق عليه السلام: فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر الكافرين
وإزالة شبههم، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا
يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله، وانما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق
فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا، وجحدت أنت حقا آخر. قال أبو محمد
الحسن العسكري عليه السلام: فقام إليه رجل آخر فقال: يا ابن رسول الله أيجادل رسول الله
163

صلى الله عليه وآله؟ قال الصادق عليه السلام: مهما ظننت برسول الله من شئ فلا تظنن به مخافة الله تعالى
أليس الله قال: (وجادلهم بالتي هي أحسن) و (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) لمن
ضرب الله مثلا فتظن ان رسول الله صلى الله عليه وآله خالف ما أمره الله به فلم يجادل ما أمره به،
ولم يخبر عن أمر الله بما أمره أن يخبره به.
66 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن
بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا قال فيه
عليه السلام بعد ان قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه
عليها وفرقه فيها: وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به
قال الله تبارك وتعالى: (وقولوا للناس حسنا) وقال: قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا
وما انزل إليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون فهذا ما فرض الله على اللسان
وهو عمله.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: عز وجل: فالذين آتيناهم الكتاب
يؤمنون به فهم آل محمد صلوات الله عليهم ومن هؤلاء من يؤمن به يعنى أهل الايمان من
أهل القبلة وقوله عز وجل: وما يجحد بآياتنا يعنى ما يجحد بأمير المؤمنين صلوات الله
عليه والأئمة صلوات الله عليهم الا الكافرون.
68 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: وما كنت تتلوا من قبله
من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون وهو معطوف على قوله تعالى في
سورة الفرقان: (اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) فرد الله عليهم فقال: كيف
تدعون ان الذي تقرأه أو تخبر به تكتبه عن غيرك وأنت ما كنت تتلوا من قبله من كتاب
ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون أي شكوا.
69 - في عيون الأخبار في باب مجلس للرضا عليه السلام مع أهل الأديان والمقالات
في التوحيد قال الرضا عليه السلام في أثناء المحاورات: وكذلك أمر محمد صلى الله عليه وآله وما جاء به
وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا و
164

لم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء عليهم السلام وأخبارهم حرفا
حرفا، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.
70 - في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن حماد بن عيسى
عن الحسين بن المختار عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في هذه الآية
بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم فأومى بيده إلى صدره.
71 - عنه عن محمد بن علي عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله عز وجل: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال:
هم الأئمة عليهم السلام.
72 - وعنه عن محمد بن علي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال: قال
أبو جعفر عليه السلام: هذه الآية (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) ثم قال:
اما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟ قال: من
عسى أن يكون غيرنا؟.
73 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن بريد عن هارون بن حمزة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا
العلم) قال: هم الأئمة خاصة.
74 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن
الفضيل قال: سألته عن قول الله عز وجل: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا
العلم) قال: هم الأئمة عليهم السلام خاصة.
75 - في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين عن ابن أبي عمير
عن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: (بل هو آيات
بينات في صدور الذين أوتوا العلم) فقال: أنتم هم من عسى ان يكونوا؟.
76 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن
حجر عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام وأبى عبد الله البرقي عن أبي الجهم عن أسباط عن
165

أبى عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين
أوتوا العلم) قال: نحن.
77 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن أبي حمزة
عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام انه قرأ هذه الآية: (بل هو آيات بينات في صدور الذين
أوتوا العلم) قال: يا أبا محمد والله ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت
فداك؟ قال: من عسى أن يكونوا غيرنا؟.
78 - محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير والحسن بن علي بن فضال عن مثنى
الحناط عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: (بل هو آيات بينات في صدور
الذين أوتوا العلم) قال: نحن، وإيانا عنى.
79 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي
عن أيوب بن حسن عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك
وتعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) أنتم هم؟ قال: من عسى
أن يكونوا؟.
80 - محمد بن الحسين عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سمعته يقول: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: هم الأئمة
خاصة، وما يعقلها الا العالمون، فزعم أن من عرف الامام والآيات ممن يعقل.
81 - محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام
قال: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قلت: أنتم هم؟ قال: من عسى
ان يكونوا؟.
82 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن
محمد بن يحيى عن عبد الرحيم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن هذا العلم انتهى إلى
في القرآن ثم جمع أصابعه ثم قال: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم).
83 - في مجمع البيان ان في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون وقيل:
166

إن قوما من المسلمين كتبوا شيئا من كتب أهل الكتاب فهددهم سبحانه في هذه الآية ونهاهم
عنه وقال النبي صلى الله عليه وآله: جئتكم ببيضاء نقية.
84 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: يا عبادي الذين آمنوا ان ارضى واسعة يقول: لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك
فان خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم فان أرضى واسعة، وهو يقول: (فيم كنتم
قالوا كنا مستضعفين في الأرض) فقال: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها).
85 - في مجمع البيان وقال أبو عبد الله عليه السلام: معناه إذا عصى الله في ارض أنت بها
فاخرج منها إلى غيرها.
86 - في جوامع الجامع وعن النبي صلى الله عليه وآله من فر بدينه من أرض إلى أرض
وإن كان شبرا من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما السلام.
87 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة
وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما نزلت هذه الآية (انك ميت وانهم ميتون) قلت:
يا رب أيموت الخلائق كلهم وتبقى الأنبياء؟ فنزلت: كل نفس ذائقة الموت
ثم إلينا ترجعون.
88 - في تفسير العياشي عن زرارة قال: كرهت ان أسأل أبا جعفر عليه السلام عن
الرجعة واستخفيت ذلك قلت: لأسألن مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: أخبرني
عمن قتل أمات؟ قال: لا، الموت موت والقتل قتل، قلت: ما أحد يقتل الا وقد مات؟
فقال: قول الله أصدق من قولك، فرق بينهما في القرآن فقال: (أفإن مات أو قتل) وقال
(لئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون) وليس كما قلت يا زرارة، الموت موت والقتل قتل
قلت: فان الله يقول: (كل نفس ذائقة الموت)؟ قال: من قتل لم يذق الموت، ثم قال:
لابد من أن يرجع حتى يذوق الموت.
89 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول:
167

أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي عليهما السلام حتى يسيل على خده بوأه الله بها في
الجنة غرفا يسكنه أحقابا.
90 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: وكأين من دابة لا تحمل
رزقها الله يرزقها وإياكم قال: كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع
فقال الله عز وجل: الله يرزقهم وإياكم.
91 - في مجمع البيان وعن عطا عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى دخلنا بعض حيطان الأنصار فجعل سقط من التمر ويأكل، فقال: يا ابن عمر
مالك لا تأكل؟ فقلت: لا أشتهيه يا رسول الله، قال: لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة
منذ لم أذق طعاما ولو شئت لدعوت ربى فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك
يا ابن عمر إذا بقيت مع قوم يخبأون رزق سنتهم لضعف اليقين، فوالله ما برحنا
حتى نزلت: (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم).
92 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: والذين جاهدوا فينا أي صبروا
وجاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله لنهدينهم سبلنا أي نثبتهم وان الله لمع المحسنين
وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: هذه الآية لآل محمد صلوات الله عليهم
ولأشياعهم.
93 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي
جعفر عن أمير المؤمنين عليهما السلام أنه قال: الا وانى مخصوص في القرآن بأسماء
احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، انا المحسن يقول الله عز وجل: (ان الله لمع
المحسنين) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
168

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة
لا استثنى فيه أبدا ولا أخاف أن يكتب الله على في يميني اثما، وان لهاتين السورتين
من الله مكانا.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأها كان له من الاجر
عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله بين السماء والأرض، وأدرك ما ضيع في يومه وليلته.
3 - في كتاب الاستغاثة للشيخ ميثم ولقد روينا من طريق علماء أهل البيت
عليهم السلام في أسرارهم وعلومهم التي خرجت منهم إلى علماء شيعتهم، ان قوما ينسبون
من قريش وليسوا من قريش، وحقيقة النسب وهذا مما لا يجوز أن يعرفه الا معدن النبوة
وورثة علم الرسالة، وذلك مثل بنى أمية ذكروا انهم ليسوا من قريش وان أصلهم
من الروم، وفيهم تأويل الآية ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد
غلبهم سيغلبون معناه انهم غلبوا على الملك وسيغلبهم على ذلك بنوا العباس.
4 - في روضة الكافي ابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي عبيدة قال: سألت
أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز ذكره: (ألم غلبت الروم في أدنى الأرض) قال:
فقال: يا أبا عبيدة ان لهذا تأويلا لا يعلمه الا الله والراسخون في العلم من آل
محمد صلى الله عليه وآله ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما هاجر إلى المدينة وأظهر الاسلام كتب إلى
ملك الروم كتابا وبعث به مع رسوله يدعوه إلى الاسلام، وكتب إلى ملك فارس كتابا
يدعوه إلى الاسلام، وبعثه إليه مع رسوله، فاما ملك الروم فعظم كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله
وأكرم رسوله، واما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومزقه واستخف
169

برسوله، وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون ان يغلب
ملك الروم فارس، وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك
الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به، فأنزل الله عز وجل بذلك كتابا قرآنا (ألم
غلبت الروم في أدنى الأرض) يعنى غلبتها فارس في أدنى الأرض وهي الشامات وما
حولها (وهم) يعنى فارس (من بعد غلبهم سيغلبون) يعنى يغلبهم المسلمون في بضع
سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء
عز وجل فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عز وجل، قال:
قلت: أليس الله عز وجل يقول: (في بضع سنين) وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول
الله صلى الله عليه وآله وفى امارة أبى بكر وانما غلب المؤمنون فارسا في امارة عمر؟ فقال: ألم أقل
لك ان لهذا تأويلا وتفسيرا، والقرآن يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ أما تسمع لقول الله
عز وجل (لله الامر من قبل ومن بعد) يعنى إليه المشية في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم
ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، وذلك قوله عز وجل:
(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) أي يوم يحتم القضاء بالنصر.
5 - في الخرائج والجرائح في أعلام الحسن العسكري عليه السلام ومنها ما قال
أبوها سأل محمد بن صالح أبا محمد عليه السلام عن قوله تعالى: (لله الامر من قبل ومن بعد) فقال:
له الامر من قبل أن يأمر به، وله الامر من بعد أن يأمر به بما يشاء.
6 - في مجمع البيان وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قوله عز وجل: يعلمون ظاهرا
من الحياة الدنيا فقال: الزجر (1) والنجوم.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) يعنى ما يرونه
حاضرا (وهم عن الآخرة هم غافلون) قال: يرون حاضر الدنيا ويتغافلون عن الآخرة.
8 - في كتاب الخصال وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله تعالى: أولم يسيروا في
الأرض فقال: معناه أو لم ينظروا في القرآن.
قال عز من قائل: ويوم تقوم الساعة الآية.

(1) الزجر: التيمن والتشاؤم بالطير
170

9 - في كتاب الخصال عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تقوم الساعة يوم
الجمعة بين صلاة الظهر والعصر.
10 - وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: السبت لنا والاحد لشيعتنا إلى أن قال عليه السلام: وتقوم
القيامة يوم الجمعة.
11 - وعن أبي لبابة بن عبد المنذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان يوم الجمعة
سيد الأيام إلى قوله: وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بر
ولا بحر الا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة.
12 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ويوم تقوم الساعة يومئذ
يتفرقون قال: إلى الجنة والنار فاما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة
يحبرون أي يكرمون.
13 - في مجمع البيان (في روضة يحبرون) قيل: يلذذون بالسماع عن
يحيى بن أبي كثير الأوزاعي أخبرنا أبو الحسن عبد الله بن محمد بن أحمد البيهقي
قال: أخبرنا جدي الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال: حدثنا أبو سعيد
عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن بندار قال: أخبرنا
جعفر بن محمد بن الحسن القرباني (1) قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمان
الدمشقي قال حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي -
أمامة الباهلي ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما من عبد يدخل الجنة الا ويجلس عند رأسه و
عند رجليه ثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الإنس والجن، وليس
بمزمار الشيطان، ولكن بتمجيد الله وتقديسه.
14 - وعن أبي الدرداء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يذكر الناس فذكر الجنة
وما فيها من الأزواج والنعيم وفى القوم أعر أبى فجثا لركبته وقال: يا رسول الله هل

(1) وفى بعض النسخ الغرباني بالغين والمختار هو الموافق لنسخة المصدر.
171

في الجنة من سماع؟ قال: نعم يا أعر أبى، ان في الجنة نهرا حافتاه الابكار من كل بيضاء
يتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط، فذلك أفضل نعم الجنة، قال الراوي:
سألت أبا الدرداء بم يتغنين؟ قال: بالتسبيح.
15 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم
السلام أنه قال: جاء نفر من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان
فيما سأل قال: أخبرني عن الله عز وجل لأي شئ فرض هذه الخمس الصلوات
في خمسة مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ان
الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها إلى أن قال صلوات الله عليه: واما
صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله عز وجل فيها على آدم عليه السلام وكان ما بين ما
اكل من الشجرة وبين ما تاب الله عز وجل عليه ثلاثمأة سنة من أيام الدنيا، وفى أيام الآخرة
يوم كألف سنة ما بين العصر إلى العشاء، وصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته وركعة
لخطيئة حواء، وركعة لتوبته، ففرض الله عز وجل هذه الركعات الثلاث على أمتي، وهي
الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي عز وجل ان يستجيب لمن دعاه فيها وهي
الصلاة التي امرني ربى بها في قوله: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
16 - في كتاب ثواب الأعمال عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من قال حين
يمسى ثلاث مرات: سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات و
الأرض وعشيا وحين تظهرون، لم يفته خير يكون في تلك الليلة، وصرف عنه جميع
شرها ومن قال ذلك حين يصبح لم يفته خير يكون في ذلك اليوم وصرف عنه جميع شره.
17 - في عوالي اللئالي وفى الحديث عنه صلى الله عليه وآله قال: من قرء حين يصبح:
(فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) الآيات الثلاث إلى (تخرجون) أدرك ما فاته
في يومه، وان قالها حين يمسى أدرك ما فاته ليلته.
18 - في جوامع الجامع وعن النبي صلى الله عليه وآله من سره ان يكال له بالقفيز الأوفى
172

فليقل: فسبحان الله حين تمسون إلى قوله: (كذلك تخرجون).
19 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: يخرج الحي من الميت ويخرج
الميت من الحي قال: يخرج المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن ويحيى
الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون رد على الدهرية.
20 - في الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن موسى بن سعدان عن
عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السلام في قول الله عز وجل: (يحيى الأرض
بعد موتها) قال: ليس يحييها بالقطر، ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل فتحيى
الأرض لاحياء العدل، ولإقامة العدل فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا.
21 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حكيمة بنت محمد بن
علي بن موسى الرضا عليه السلام عمة أبى محمد الحسن عليهما السلام انها قالت: كنت عند أبي
محمد عليه السلام فقال: بيتي الليلة عندنا فإنه سيلد المولود الكريم على الله عز وجل الذي
يحيى الله عز وجل به الأرض بعد موتها، فقلت: ممن يا سيدي؟ ولست أرى بنرجس
شيئا من أثر الحبل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهر
البطن فلم أر بها أثر الحبل، فعدت إليه عليه السلام فأخبرته بما فعلت، فتبسم ثم قال لي: إذا
كان وقت الفجر يظهر لك الحبل لان مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها
أحد إلى وقت ولادتها، لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى، وهذا
نظير موسى عليه السلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال عز من قائل: ومن آياته ان خلقكم من تراب.
22 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال فأخبرني عن آدم لم سمى آدم؟ قال: لأنه خلق من طين الأرض
وأديمها، قال: فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال: بل من الطين كله،
ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة،
قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: التراب فيه أبيض وفيه أخضر وفيه أشقر وفيه اغبر وفيه
173

احمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب، فلذلك صار
الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم اصفر واحمر واصهب واسود على ألوان
التراب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال عز من قائل: ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها
وجعل بينكم مودة ورحمة.
23 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله من سرية
قد كان أصيب فيها ناس كثير من المسلمين فاستقبلته النساء يسألن عن قتلاهن فدنت
منه امرأة فقالت: يا رسول الله ما فعل فلان؟ قال: وما هو منك؟ قالت: أبى، قال:
احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت ذلك فقالت: يا رسول الله وما فعل فلان؟
فقال: وما هو منك؟ فقالت: اخى فقال: احمدى الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت
ذلك ثم قالت: يا رسول الله ما فعل فلان؟ فقال: وما هو منك؟ قالت: زوجي. قال:
احمدى الله واسترجعي فقد استشهد، فقالت: وا ويلي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كنت
أظن أن المرأة تجد بزوجها هذا كله حتى رأيت هذه المرأة.
24 - أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لابنة جحش: قتل خالك حمزة قال: فاسترجعت وقالت: احتسبه
عند الله ثم قال لها: قتل أخوك فاسترجعت وقالت: احتسبه عند الله، ثم قال لها: قتل
زوجك فوضعت يدها على رأسها وصرخت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يعدل الزوج عند
المرأة شئ.
25 - في أصول الكافي أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن علي
الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال
: إن الامام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه، وان سمع كلامه من خلف
حائط عرفه وعرف ما هو، ان الله يقول: ومن آياته خلق السماوات والأرض و
174

اختلاف ألسنتكم وألوانكم ان في ذلك لايات للعالمين وهم العلماء فليس يسمع
شيئا من الامر ينطق به الا عرفه: ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
26 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: كفى لأولي الألباب بخلق الرب
المسخر وملك الرب القاهر، إلى قوله: وما انطلق به ألسن العباد وما ارسل به الرسل
وما انزل على العباد دليلا على الرب.
27 - في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في
الرد على الدهرية: تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه به على الانسان
من هذا النطق الذي يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه ونتيجة فكره، به
يفهم غيره ما في نفسه (1) ولولا ذلك كان بمنزلة البهائم المهملة التي لا تخبر عن
نفسها بشئ، ولا تفهم عن مخبر شيئا، وكذلك الكتابة التي بها تفيد اخبار الماضين
للباقين، واخبار الباقين للآتين، وبها تجلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها، وبها
يحفظ الانسان ذكر ما يجرى بينه وبين غيره من المعاملات والحساب، ولولاها لانقطع
اخبار بعض الأزمنة عن بعض، واخبار الغائبين عن أوطانهم، ودرست العلوم وضاعت
الآداب، وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم ومعاملاتهم، وما يحتاجون
إلى النظر فيه من أمر دينهم وما روى لهم مما لا يسعهم جهله، ولعلك تظن انها مما يخلص
إليه بالحيلة والفطنة، وليست مما اعطيه الانسان من خلقه وطباعه، وكذلك الكلام
انما هو شئ يصطلح عليه الناس فيجرى بينهم، ولهذا صار يختلف في الأمم المختلفة
بألسن مختلفة وكذلك الكتابة ككتابة العربي والسرياني والعبراني والرومي وغيرها
من ساير الكتابة التي هي متفرقة في الأمم انما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على
الكلام، فيقال لمن ادعى ذلك ان الانسان وإن كان له في الامرين جميعا فعل أو حيلة

(1) وفى نسخة البحار: (وبه يفهم عن غيره ما في نفسه).
175

فان الشئ الذي يبلغ به ذلك الفعل والحيلة عطية وهبة من الله عز وجل في خلقه، فإنه
لو لم يكن له لسان مهيأ للكلام وذهن يهتدى به للأمور لم يكن ليتكلم ابدا، ولو لم يكن
له كف مهيأة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب ابدا واعتبر ذلك من البهائم التي لا كلام
لها ولا كتابة فاصل ذلك فطرة الباري عز وجل وما تفضل به على خلقه فمن شكر أثيب
ومن كفر فان الله غنى عن العالمين.
28 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن حماد بن عبد الله
الغرا عن معتب انه أخبره ان أبا الحسن الأول لم يكن يرى له ولد فأتاه يوما اسحق و
محمد اخوه وأبو الحسن يتكلم بلسان ليس بعربي، فجاء غلام سقلابي (1) فكلمه
بلسانه، فذهب فجاء بعلى ابنه فال لاخوته: هذا على ابني فضموه إليه واحدا بعد واحد
فقبلوه ثم كلم الغلام بلسانه، فذهب به ثم تكلم بلسان غير ذلك اللسان، فجاء غلام اسود
فكلمه بلسانه، فذهب فجاء بإبراهيم فقال: هذا إبراهيم ابني فكلمه بكلام، فحمله فذهب
به فلم يزل يدعو بغلام بعد غلام ويكلمهم حتى جاء بخمسة أولاد، والغلمان مختلفون في
أجناسهم وألسنتهم.
29 - محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلى أبى الحسن عليه السلام غلامي
وكان سقلابيا قال: فرجع الغلام إلي متعجبا فقلت: له مالك يا بنى؟ قال: كيف لا
أتعجب؟ ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا فظننت انه انما دار بينهم.
30 - أحمد بن محمد عن أبي القاسم وعبد الله بن عمران عن محمد بن بشير عن
رجل عن عمار الساباطي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عمار (أبو مسلم وظلله وكسا
فكسحه مسطورا) قلت: جعلت فداك ما رأيت نبطيا أفصح منك، فقال: يا عمار وبكل لسان.
31 - وروى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض رجاله عن أبي عبد الله
عليه السلام يرفع الحديث إلى الحسن بن علي صلوات الله عليهما وعلى آبائهما أنه قال: إن

(1) السلقب: جيل من الناس.
176

لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد وعلى كل
مدينة ألف ألف مصراعين ذهب، وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة
صاحبه، وأنا أعرف جميع اللغات، وما فيها وما بينهما وما عليهما حجة غيري والحسين اخى.
32 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال: فأخبرني عن آدم لم سمى آدم؟ قال: لأنه من طين الأرض وأديمها،
قال: فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال: بل من الطين كله ولو خلق من
طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة قال: فلهم في الدنيا
مثل؟ قال: التراب فيه أبيض وفيه أخضر وفيه أشقر وفيه أغبر وفيه أحمر وفيه أزرق و
فيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم
خشن وفيهم أبيض وفيهم أصفر واحمر واصهب واسود على ألوان التراب، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
33 - وباسناده إلى سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسنى
قال: سمعت علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول: عاش نوح ألفين وخمسمأة سنة و
كان يوما في السفينة نائما فهبت الريح فكشفت عورته فضحك حام ويافث فزجرهما
سام عليه السلام ونهاهما عن الضحك، وكان كلما غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث
فانتبه نوح عليه السلام فرآهم وهم يضحكون، فقال: ما هذا؟ فأخبره سام بما كان، فرفع
نوح عليه السلام يده إلى السماء يدعو ويقول: اللهم غير ماء صلب حام حتى لا يولد له ولد الا
السودان، اللهم غير ماء صلب فغير يافث فغير الله ماء صلبيهما فجميع السودان حيث
كانوا من حام، وجميع الترك والسقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث
كانوا، وجميع البيض سواهم من سام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال عز من قائل: ومن آياته منامكم بالليل والنهار
34 - في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن الصادق جعفر بن محمد عليهما
السلام في الرد على الدهرية: والكرى يقتضى النوم الذي فيه راحة البدن واجمام
177

قواه (1) إلى أن قال عليه السلام: وكذلك لو كان انما يصير إلى النوم، بالتفكر في حاجته
إلى راحة البدن واجمام قواه كان عيسى أن يتثاقل عن ذلك فيدفعه حتى ينهك
بدنه (2).
35 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى يعقوب بن شعيب قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في بني آدم ثلاثمأة وستين عرقا ثمانون ومأة
متحركة وثمانون ومأة ساكنة، فلو سكن المتحرك لم ينم، أو تحرك الساكن لم ينم،
فكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أصبح قال: الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال
ثلاثمأة وستين مرة. وإذا أمسى قال مثل ذلك.
36 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حديث طويل يقول فيه الحسن بن علي
عليهما السلام مجيبا للخضر عليه السلام بأمر أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقد سأله
عن مسائل: أما ما سألت عنه من أمر الانسان إذا نام أين تذهب روحه فان روحه متعلقة
بالريح، والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فان اذن الله
عز وجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح وجذبت تلك الريح
الهواء، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وان لم يأذن الله عز وجل برد تلك
الروح على صاحبها جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى
وقت ما يبعث.
37 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل
عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وسأله عن النوم على كم وجه
هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام صلوات الله عليه: النوم على أربعة أصناف: الأنبياء تنام على
أقفيتها مستقبلة وأعينها لا تنام متوقعة لوحى ربها عز وجل، والمؤمنون ينامون على

(1) الكرى: السهر. والجمام. الراحة.
(2) نهكته الحمى: هزلته وجهدته ونهكه: غلبه. وفى البحار (فيدمغه) بدل
(فيدفعه) ويحتمل التصحيف.
178

يمينهم مستقبلين القبلة، والملوك وأبناءها على شمائلها ليستمرأوا ما يأكلون (1) وإبليس
واخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينامون على وجوههم منبطحين (2).
38 - في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله قالت
أم سليمان بن داود عليه السلام لسليمان: إياك وكثرة النوم بالليل فان كثرة النوم بالليل
تدع الرجل فقيرا يوم القيامة.
39 - عن أبي الحسن عليه السلام قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا: الاكل زاده وحده
والراكب الفلاة وحده والنائم في بيت وحده.
40 - فيما أوصى به النبي عليا عليهما السلام: يا علي ثلاث يتخوف منهن الجنون
إلى قوله صلى الله عليه وآله: والرجل ينام وحده.
41 - فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب إذا نام أحدكم فليضع
يده اليمنى تحت خده الأيمن، فإنه لا يدرى أينتبه من رقدته أم لا. لا ينام الرجل على
المحجنة (3) لا ينام الرجل على وجهه، ومن رأيتموه نائما على وجهه فانتبهوه ولا تدعوه
إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وليقل: بسم الله وضعت جنبي لله
على ملة إبراهيم ودين محمد وولاية من افترض طاعته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فمن
قال ذلك حفظ من اللص المغير والهدم، واستغفرت له الملائكة، من قرأ قل هو الله أحد
حين يأخذ مضجعه وكل الله عز وجل به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته. فإذا أراد
أحدكم النوم فلا يضعن جنبه على الأرض حتى يقول: أعيذ نفسي وديني وأهلي ومالي و
خواتيم عملي وما رزقني ربى وخولني (4) بعزة الله وعظمة الله وجبروت الله وسلطان الله
ورحمة الله ورأفة الله وغفران الله وقوة الله وقدرة الله وجلال الله وبصنع الله وأركان الله
وبجمع الله وبرسول الله صلى الله عليه وآله وبقدرة الله على ما يشاء من شر السامة والهامة ومن

(1) استمرأ الطعام: استطيبه وعده ووجده مريئا.
(2) بطحه على وجهه أي ألقاه على وجهه فانبطح.
(3) المحجنة: العصا المنعطفة الرأس.
(4) خوله الله مالا: أعطاه إياه متفضلا وملكه إياه.
179

شر الجن والإنس ومن شر ما يدب في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما
يعرج فيها، ومن كل دابة ربى آخذ بناصيتها، ان ربى على صراط مستقيم وهو على
كل شئ قدير ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعوذ
بها الحسن والحسين عليهما السلام وبذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، إذا أنتبه أحدكم من
نومه فليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم الحي القيوم وهو على كل شئ قدير سبحان
رب النبيين واله المرسلين وسبحان رب السماوات السبع وما فيهن ورب الأرضين السبع
وما فيهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، وإذا جلس من نومه فليقل قبل
أن يقوم: حسبي الله حسبي الرب من العباد، حسبي الذي هو حسبي مذ كنت، حسبي الله
ونعم الوكيل.
42 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاث خصال فيهن المقت من الله تعالى: نوم
من غير سهر، وضحك من غير عجب، وأكل على الشبع.
43 - في تفسير علي بن إبراهيم ومن آياته ان تقوم السماء والأرض بأمره
قال: يعنى السماء والأرض هيهنا.
44 - في كتاب التوحيد باسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يقول فيه: وقوم وصفوه بيدين فقالوا (يد الله مغلولة) وقوم وصفوه بالرجلين
فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء، ووصفوه بالأنامل
فقالوا: إن محمدا قال: انى وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال:
(رب العرش عما يصفون) يقول: رب المثل الاعلى عما به مثلوه ولله المثل الاعلى
الذي لا يشبهه شئ، ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الاعلى.
45 - في عيون الأخبار باسناده إلى ياسر الخادم عن أبي الحسن علي بن موسى
الرضا عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام: يا علي أنت حجة الله وأنت
باب الله وأنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل
الاعلى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
46 - وفي عيون الأخبار أيضا في الزيارة الجامعة لجميع الأئمة عليهم السلام
180

المنقولة عن الجواد عليه السلام: السلام على أئمة الهدى إلى قوله: وورثة الأنبياء
والمثل الاعلى.
47 - عن عبد الله بن العباس قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله فينا خطيبا فقال في آخر
خطبته: نحن كلمة التقوى وسبيل الهدى والمثل الاعلى والحجة العظمى والعروة
الوثقى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
48 - في تفسير علي بن إبراهيم فاما قوله عز وجل ضرب لكم مثلا من أنفسكم
أزواجا هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم فإنه كان سبب نزولها
ان قريشا والعرب كانوا إذا حجوا يلبون، وكانت تلبيتهم: لبيك اللهم لبيك لبيك
لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وهي تلبية إبراهيم والأنبياء
عليهم السلام، فجاءهم إبليس في صورة شيخ فقال لهم: ليست هذه بتلبية أسلافكم،
قالوا: وما كانت تلبيتهم؟ قال: كانوا يقولون: اللهم لبيك لا شريك لك الا شريك
هو لك، فتفرق قريش من هذا القول فقال لهم إبليس: على رسلكم (1) حتى آتي
على آخر كلامي، فقالوا: وما هو؟ فقال: الا شريك هو لك تملكه وما يملك، الا
ترون انه يملك الشريك وما ملكه؟ فرضوا بذلك وكانوا يلبون بهذا قريش خاصة،
فلما بعث الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وآله أنكر ذلك عليهم وقال: هذا شرك فأنزل الله
عز وجل: (ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت ايمانكم من شركاء فيما
رزقناكم فأنتم فيه سواء) أي لترضون أنتم فيما تملكون أن يكون لكم فيه شريك وإذا
لم ترضوا أنتم أن يكون لكم فيما تملكوه شريك فكيف ترضون أن تجعلوا لي شريكا
فيما أملك
49 - وقوله عز وجل: فأقم وجهك للدين حنيفا أي طاهرا أخبرنا الحسين
ابن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن جعفر بن بشير عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (فأقم وجهك للدين حنيفا)
قال: هي الولاية.

(1) الرسل - بالكسر -: الرفق والتؤدة يقول اتئدوا ولا تعجلوا.
181

50 - أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن حماد
ابن عثمان الناب وخلف بن حماد عن الفضيل بن يسار وربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله: (فأقم وجهك للدين حنيفا) قال: يقيم في الصلاة ولا يلتفت يمينا
ولا شمالا.
51 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن
بشير عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: (فأقم
وجهك للدين حنيفا) قال: هي الولاية.
52 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن الطاطري عن محمد بن أبي حمزة عن
ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: (فأقم
وجهك للدين حنيفا) قال: أمره أن يقيم وجهه للقبلة ليس فيه شئ من عبادة الأوثان.
53 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن
سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قال. التوحيد.
54 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن سنان عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: (فطرة الله التي فطر
الناس عليها) ما تلك الفطرة؟ قال: هي الاسلام فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد
قال: ألست بربكم وفيه المؤمن والكافر.
55 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن
زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (فطرة الله التي فطر الناس عليها)
قال: فطرهم جميعا على التوحيد.
56 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي -
جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: (حنفاء لله غير مشركين به) قال: الحنيفية
من الفطرة التي فطر الناس عليها (لا تبديل لخلق الله) قال: فطرهم على المعرفة به،
فقال زرارة وسألته عن قول الله عز وجل: (وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم
وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) قال: أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم
182

القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم وأراهم نفسه ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه، وقال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل مولود يولد على الفطرة يعنى على المعرفة بان الله عز وجل خالقه
وكذلك قوله: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله).
57 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قال.
فطرهم على التوحيد.
58 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن
الحسين بن نعيم الصحاف قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لم يكون الرجل عند الله مؤمنا
قد ثبت له الايمان عنده ثم ينقله الله بعد من الايمان إلى الكفر؟ قال: فقال: ان الله
عز وجل هو العدل انما دعا العباد إلى الايمان به لا إلى الكفر، ولا يدعو أحدا إلى الكفر
فمن آمن بالله ثم ثبت له الايمان عند الله لم ينقله الله عز وجل من الايمان إلى الكفر،
قلت له: فيكون الرجل كافرا قد ثبت له الكفر عند الله ثم ينقله الله بعد ذلك من الكفر
إلى الايمان؟ قال: فقال: ان الله عز وجل خلق الناس كلهم على الفطرة التي فطرهم
عليها لا يعرفون ايمانا بشريعة ولا كفرا بجحود، ثم بعث الله عز وجل الرسل يدعو
العباد إلى الايمان به، فمنهم من هدى الله ومنهم من لم يهده.
59 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا الحسين بن علي بن زكريا قال:
حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن
أبيه محمد بن علي صلوات الله عليهم في قوله عز وجل: (فطرة الله التي فطر الناس عليها)
قال: هو لا إله إلا الله محمد رسول الله على أمير المؤمنين ولى الله إلى هيهنا التوحيد.
60 - في بصائر الدرجات أحمد بن موسى عن الحسين بن موسى الخشاب عن
علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: (فطرة الله التي
فطر الناس عليها) قال: فقال: على التوحيد ومحمد رسول الله وعلى أمير المؤمنين
عليهما السلام.
61 - في كتاب التوحيد أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن
183

محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن العلا بن فضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن قول الله عز وجل (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قال: على التوحيد.
62 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم ويعقوب بن يزيد عن ابن فضال عن بكير
وزرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قال:
فطرهم على التوحيد.
63 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد
ابن الحسن الصفار عن علي بن حسان الواسطي عن الحسن بن يونس عن عبد الرحمن مولى أبى -
جعفر عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قال:
على التوحيد ومحمد رسول الله وعلى أمير المؤمنين.
64 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبيه
عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك
الله قول الله عز وجل في كتابه: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قال: فطرهم على
التوحيد عند الميثاق وعلى معرفة انه ربهم، قلت: وخاطبوه؟ قال: فطأطأ رأسه ثم
قال: لولا ذلك لم يعلموا من ربهم ولا رازقهم.
65 - حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن أحمد السراج الهمداني قال: حدثنا
أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم السرنديبي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن
عبد الله بن هارون الرشيد بحلب قال: حدثنا محمد بن آدم بن أبي اياس قال ابن أبي
أديب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فان
بكاءهم أربعة أشهر شهادة ان لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، و
أربعة الدعاء لوالديه.
66 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا محمد
ابن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثني علي بن
العباس قال: حدثني جعفر بن محمد الأشعري عن فتح بن يزيد الجرجاني قال:
184

كتبت إلى أبى الحسن الرضا (ع) أسأله عن شئ من التوحيد فكتب إلي بخطه قال
جعفر: وان فتحا أخرج إلي الكتاب فقرأته بخط أبى الحسن عليه السلام: بسم الله الرحمن
الرحيم الحمد لله الملهم عباده الحمد وفاطرهم على معرفة ربوبيته والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
67 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كانت شريعة
نوح صلى الله عليه أن يعبد الله بالتوحيد والاخلاص وخلع الأنداد، وهو الفطرة التي
فطر الناس عليها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
68 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن
الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن
إبراهيم صلى الله عليه كان مولده بكوثى ربا (1) وكان أبوه من أهلها، وكانت أم إبراهيم
وأم لوط سارة وورقة (وفى نسخة رقية) أختين، وهما ابنتين للأحج وكان الأحج نبيا
منذرا ولم يكن رسولا، وكان إبراهيم صلى الله عليه في شبيبته (2) على الفطرة التي
فطر الله عز وجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
69 - في تفسير العياشي عن مسعدة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (كان
الناس أمة واحدة) الآية وذكر حديثا طويلا وفي آخره قلت: أفضلال كانوا قبل
النبيين أم على هدى؟ قال: لم يكونوا على هدى كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها
لا تبديل لخلق الله، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله أما تسمع لقول إبراهيم: (لئن
لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين) أي ناسيا للميثاق.

(1) اسم موضع وعن الحموي أنه قال هما قريتان وبينهما تلول من رماد يقال إنها رماد النار
التي أوقدها نمرود لاحراقه.
(2) أي في حداثته على الفطرة أو التوحيد أي كان موحدا بما آتاه الله من العقل والهمة
حتى جعله الله نبيا وآتاه الله الملك.
185

70 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان
عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: (فطرة الله التي فطر
الناس عليها) قال: فطرهم على معرفته انه ربهم، ولولا ذلك لم يعلموا إذا سئلوا من
ربهم ومن رازقهم.
71 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عثمان بن
عيسى وحماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما بويع لأبي بكر واستقام له الامر
على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله
منها فجاءت فاطمة إلى أبى بكر فقالت: يا أبا بكر منعتني ميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله وأخرجت
وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله بأمر الله عز وجل؟ فقال لها: هاتي على ذلك شهودا،
فجاءت بأم أيمن فقالت: لا أشهد حتى أحتج يا أبا بكر عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت:
أنشدك يا أبا بكر ألست تعلم أن رسول الله قال: أم أيمن امرأة من أهل الجنة؟ قال: بلى، قالت:
فاشهد بان الله أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وآله وآت ذا القربى حقه فجعل فدك لفاطمة بأمر الله
وجاء على فشهد بمثل ذلك فكتب لها كتابا ودفعه إليها، فدخل عمر فقال: ما هذا
الكتاب؟ فقال أبو بكر: ان فاطمة ادعت في فدك وشهدت لها أم أيمن وعلى فكتبت
لها بفدك، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزقه وقال: هذا فئ المسلمين، وقال: أوس
ابن الحدثان وعائشة وحفصة يشهدون على رسول الله أنه قال: انا معاشر الأنبياء لا
نورث ما تركناه صدقة، وان عليا زوجها يجر إلى نفسه وأم أيمن فهي امرأة صالحة
لو كان معها غيرها لنظرنا فيه، فخرجت فاطمة عليها السلام من عندها باكية حزينة،
فلما كان بعد هذا جاء علي عليه السلام إلى أبى بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون و
الأنصار، فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة من ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله وقد ملكته
في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال أبو بكر: هذا فئ المسلمين فان أقامت شهودا ان
رسول الله صلى الله عليه وآله جعل لها والا فلا حق لها فيه، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال: لا قال: فإن كان في يد المسلمين
شئ يملكونه وادعيت انا فيه من تسأل البينة؟ قال: إياك كنت اسأل البينة على ما تدعيه
186

على المسلمين، قال: وإذا كان في يدي شئ فادعى فيه المسلمون فتسألني البينة
على ما في يدي وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده ولم تسأل المسلمين البينة
على ما ادعوا على شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم؟ فسكت أبو بكر ثم قال
عمر: يا علي دعنا من كلامك فانا لا نقوى على حججك فان أتيت شهودا عدولا والا فهو
فئ المسلمين لا حق لك ولا لفاطمة فيه، فقال أمير المؤمنين: يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟
قال: نعم قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فيمن نزلت، فينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم، قال: فلو
ان شاهدين شهدا على فاطمة بفاحشة ما كنت صانعا؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على
سائر المسلمين، قال: كنت إذا عند الله من الكافرين قال: ولم؟ قال: لأنك رددت شهادة الله لها
بالطهارة، وقبلت شهادة الناس عليها كما رددت حكم الله وحكم رسوله ان جعل لها
فدكا وقبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعرأبي بائل على عقبيه (مثل أوس بن الحارث
خ) عليها وأخذت منها فدك، وزعمت أنه فئ المسلمين وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: البينة
على من ادعى واليمين على من ادعى عليه؟ قال: فدمدم الناس (1) وبكى بعضهم
فقالوا: صدق والله على ورجع على صلوات الله عليه إلى منزله قال: فدخلت فاطمة عليها
السلام المسجد وطافت بقبر أبيها صلى الله عليه وآله وهي تبكى وتقول:
انا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فاشهدهم ولا تغب (2)
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب (3)
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغاب عنا فكل الخير محتجب
وكنت بدرا منيرا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب
تهضمتنا رجال واستخف بنا * إذ غبت عنا فنحن اليوم مغتصب (4)

(1) دمدم فلان على فلان: كلمه مغضبا.
(2) الوابل: المطر الشديد،
(3) الهنبثة: الاختلاط في القول ويقال: الامر الشديد.
(4) تهضمه: ظلمه، أذله وكسره وفى. رواية الأربلي (ره) في كشف الغمة (تهجمتنا)
187

وكل أهل له قربى ومنزلة * عند الاله على الادنين مقترب
أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما مضيت وحال دونك الترب
فقد رزينا بما لم يرزه أحد * من البرية لا عجم ولا عرب (1)
فقد رزئنا به محضا خليقته * صافي الضرائب والأعراق والنسب (2)
فأنت خير عباد الله كلهم * واصدق الناس حين الصدق والكذب
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت * منا العيون بتهمال لها سكب (3)
سيعلم المتولي الظلم حامتنا * يوم القيامة انى كيف ينقلب
قال: فرجع أبو بكر إلى منزله وبعث إلى عمر فدعاه ثم قال: أما رأيت مجلس
على بنا اليوم؟ والله لئن قعد مقعدا مثله ليفسدن علينا أمرنا فما الرأي؟ قال عمر: الرأي
أن نأمر بقتله، قال: فمن يقتله؟ قال: خالد بن الوليد فبعثا إلى خالد فأتاهما فقالا:
نريد أن نحملك على أمر عظيم، قال: احملاني على ما شئتما ولو قتل علي بن أبي طالب
قالا: فهو ذاك، قال خالد: متى اقتله؟ قال أبو بكر: إذا حضر المسجد فقم بجنبه في
الصلاة فإذا أنا سلمت فقم إليه فاضرب عنقه، قال: نعم فسمعت أسماء بنت عميس ذلك
وكانت تحت أبى بكر فقالت لجاريتها: اذهبي إلى منزل على وفاطمة فاقرأيهما السلام
وقولي لعلى صلوات الله عليه: (ان الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من
الناصحين) فجاءت الجارية إليهما فقالت لعلى صلوات الله عليه: ان أسماء بنت عميس
تقرأ عليكما السلام وتقول لك: (ان الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من
الناصحين) فقال على صلوات الله عليه: ان الله يحول بينهم وبين ما يريدون، ثم قام
وتهيأ للصلاة وحضر المسجد ووقف خلف أبى بكر وصلى لنفسه وخالد بن الوليد بجنبه
ومعه السيف، فلما جلس أبو بكر في التشهد ندم على ما قال وخاف الفتنة وشدة على
صلوات الله عليه وبأسه، فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس انه قد سهى،

(1) الرزء والرزيئة: المصيبة العظيمة.
(2) الضرائب جمع الضريبة: السجية والطبيعة يقال فلان كريم الضريبة، ولئيم الضريبة
(3) التهمال من هملت عينه: فاضت وسالت. وسكب الماء صبه.
188

ثم التفت إلى خالد فقال: يا خالد لا تفعل ما أمرتك به والسلام عليكم ورحمة الله و
بركاته فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: يا خالد ما الذي أمرك به؟ قال: أمرني بضرب
عنقك، قال: أو كنت فاعلا؟ قال: أي والله لولا أنه قال لي: لا تفعل لقتلتك بعد التسليم
قال: فأخذه على فضرب به الأرض واجتمع الناس عليه فقال عمر: يقتله الساعة ورب
الكعبة فقال الناس: يا أبا الحسن الله الله بحق صاحب هذا القبر فخلي عنه، قال: فالتفت
إلى عمر فأخذ بتلابيبه (1) وقال: يا ابن صهاك لولا عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وكتاب
من الله عز وجل سبق لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا.
72 - في مجمع البيان (فلت ذا القربى حقه) وروى أبو سعيد الخدري وغيره
انه لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله اعطى فاطمة عليها السلام فدكا وسلمه إليها، و
هو المروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
73 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر
اليماني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الربا ربائان: ربا يؤكل وربا لا يؤكل، فاما الذي
يؤكل فهديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها فذلك الربا الذي يؤكل، و
هو قول الله عز وجل: وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله
واما الذي لا يؤكل فهو الذي نهى الله عنه وأوعد عليه النار.
74 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن
عمر عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو
عند الله) فقال: هو هديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها، فذلك ربا
يؤكل.
75 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن
داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الربا ربائان أحدهما
حلال والاخر حرام، فاما الحلال فهو ان يقرض الرجل أخاه قرضا ان يزيده ويعوضه
بأكثر مما يأخذه بلا شرط بينهما، فان أعطاه أكثر مما اخذه على غير شرط بينهما فهو

(1) التلابيب جمع التلبيب: ما في موضع المنحر من الثياب ويعرف بالطوق
189

مباح له وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه، وهو قوله: (فلا يربو عند الله) واما الحرام
فالرجل يقرض قرضا ويشترط ان يرد أكثر مما اخذه فهذا هو الحرام.
76 - في مجمع البيان قيل في الربا المذكور في الآية قولان: أحدهما
انه ربا حلال وهو ان يعطى الرجل العطية أو يهدى الهدية ليثاب أكثر منها، فليس فيه
اجر ولا وزر. وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام.
77 - فأولئك هم المضعفون أي فأهلها هم المضعفون إلى قوله وقيل: هم
المضعفون للمال في العاجل وللثواب في الاجل لان الله سبحانه جعل الزكاة سببا لزيادة
المال ومنه الحديث ما نقص مال من صدقة، وقال أمير المؤمنين عليه السلام فرض الله تعالى
الصلاة تنزيها عن الكبر، والزكاة تسبيبا للرزق، والصيام ابتلاء لاخلاص الخلق،
وصلة الأرحام منماة للعدد. في كلام طويل.
78 - في من لا يحضره الفقيه خطبة الزهراء صلوات الله عليها وفيها: ففرض الله
تعالى الايمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر، والزكاة زيادة،
في الرزق.
في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: (وما آتيتم من زكاة تريدون
وجه الله فأولئك هم المضعفون) أي ما بررتم به اخوانكم وأقرضتموهم لا طمعا في زيادة
وقال الصادق عليه السلام: على باب الجنة مكتوب: القرض بثماني عشرة والصدقة بعشرة.
80 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحريص
محروم ومع حرمانه مذموم في أي شئ كان، وكيف لا يكون محروما وقد فر من
وثاق الله تعالى، وخالف قول الله عز وجل حيث يقول: الله الذي خلقكم ثم رزقكم
ثم يميتكم ثم يحييكم.
81 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ظهر الفساد في البر والبحر بما
كسبت أيدي الناس قال: في البر فساد الحيوان إذا لم تمطر، وكذلك هلاك
دواب البحر بذلك، وقال الصادق عليه السلام: حياة دواب البحر بالمطر، فإذا كف المطر
ظهر الفساد في البر والبحر، وذلك إذا كثرت الذنوب والمعاصي.
190

أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن علي بن النعمان عن ابن
مسكان عن ميسر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: (ظهر الفساد في البر والبحر بما
كسبت أيدي الناس) قال: ذلك والله يوم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير.
83 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن النعمان عن
ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه عليه السلام في قوله عز وجل: (ظهر الفساد في البر و
البحر بما كسبت أيدي الناس) قال: ذاك والله حين قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير.
84 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين
ابن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن زيد بن
الوليد الخثعمي عن أبي الربيع الشامي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل: سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم فقال: عنى
بذلك أي انظروا في القرآن، فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم وما أخبركم عنه
85 - في مجمع البيان ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون أي يوطنون
لأنفسهم منازلهم إلى قوله: وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العمل
الصالح ليسبق صاحبه إلى الجنة فيمهد له كما يمهد لأحدكم خادمه فراشه.
86 - وجاءت الرواية عن أم الدرداء انها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
ما من امرء مسلم يرد عن عرض أخيه الا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم
القيامة، ثم قرء وكان حقا علينا نصر المؤمنين.
87 - في من لا يحضره الفقيه وروى ابن أبي عمير عن أبي زياد النهدي عن
عبد الله بن وهب عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: حسب المؤمن نصرة
أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عز وجل.
88 - في تفسير علي بن إبراهيم ويجعله كسفا قال: بعضه على بعض.
89 - في مجمع البيان فترى الودق يخرج من خلاله وروى عن أبي عبد الله
عليه السلام من خلله.
90 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وصف الإمامة و
191

الامام وذكر فضل الامام ورتبته حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ثم أكرمه الله عز وجل بأن
جعلها في ذريته وأهل الصفوة والطهارة، فقال: (ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة وكلا
جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة
وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا
حتى ورثه النبي صلى الله عليه وآله، فقال الله جل جلاله: (ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه
وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين) فكانت له خاصة فقلدها صلى الله عليه وآله عليا
عليه السلام بأمر الله عز وجل على رسم ما فرض الله تعالى، فصارت في ذريته الأصفياء الذين
آتاهم الله تعالى العلم والايمان بقوله: وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم
في كتاب الله إلى يوم البعث فهي في ولد علي عليه السلام خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي
بعد محمد صلى الله عليه وآله.
في أصول الكافي عن الرضا عليه السلام مثله سواء.
91 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (وقال الذين أوتوا العلم و
الايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث) فان هذه الآية مقدمة ومؤخرة وانما
هو: (وقال الذين أوتوا العلم والايمان في كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث).
92 - قوله جل ذكره: فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون
أي لا يغضبنك، قال: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام يصلى وابن الكوا خلفه و
أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقرأ فقال ابن الكوا: (ولقد أوحى إليك والى الذين
من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) فسكت أمير المؤمنين
صلوات الله عليه حتى سكت ابن الكوا، ثم عاد في قراءته حتى فعل ابن الكوا ثلاث
مرات فلما كان في الثالثة قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: (فاصبر ان وعد الله حق
ولا يستخفنك الذين لا يوقنون).
93 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
عن الحسين بن الجارود عن موسى بن بكر بن دأب عمن حدثه عن أبي جعفر عليه السلام ان زيد بن
علي بن الحسين دخل على أبى جعفر محمد بن علي ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها
192

إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج، فقال له أبو جعفر: هذه الكتب
ابتداءا منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال: بل ابتداءا من القوم
لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله، ولما يجدون في كتاب الله عز وجل
من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء، فقال له
أبو جعفر: ان الطاعة مفروضة من الله عز وجل وسنة أمضاها في الأولين، وكذلك
يجريها في الآخرين، والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، وأمر الله يجرى لأوليائه
بحكم موصول وقضاء مفصول، وحتم مقضى، وقدر مقدور، وأجل مسمى لوقت
معلوم (فلا يستخفنك الذين لا يوقنون انهم لن يغنوا عنك من الله شيئا) فلا تعجل فان الله
لا يعجل لعجلة العباد، ولا تسبقن الله فتعجلك البلية فتصرعك. والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة لقمان
في ليلة وكل الله به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح، فإذا
قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسى.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ سورة
لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة، وأعطى من الحسنات عشرا بعدد من عمل بالمعروف
وعمل المنكر.
3 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال:
حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن المغيرة عن يحيى
ابن عبادة عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: قوله عز وجل: ومن الناس من يشترى لهو
الحديث قال: منه الغنا.
4 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
193

عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن كسب المغنيات؟
فقال: التي يدخل عليها الرجال حرام، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس،
وهو قول الله عز وجل: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).
5 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن إسماعيل عن ابن مسكان
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الغنا مما أوعد الله عز وجل
عليه النار وتلا هذه الآية: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله
بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين).
6 - ابن أبي عمير عن مهران بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
الغنا مما قال الله: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).
7 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الوشا قال: سمعت أبا الحسن الرضا
عليه السلام يقول: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الغنا فقال: هو قول الله عز وجل: (ومن
الناس من يشترى لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله).
8 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مهران بن محمد عن الحسن بن
هارون قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الغنا مجلس لا ينظر الله إلى أهله وهو مما
قال الله عز وجل: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).
9 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم) فهو النضر بن
الحارث بن علقمة بن كلدة من بنى عبد الدار بن قصي وكان النضر ذا رواية لأحاديث
الناس وأشعارهم يقول الله عز وجل: وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها
كأن في اذنيه وقرا فبشره بعذاب اليم
10 - في مجمع البيان وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يحل تعليم المغنيات
ولا بيعهن وأثمانهن حرام، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله: (ومن الناس من
يشترى لهو الحديث) الآية
11 - وروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: هو الطعن في الحق والاستهزاء به
194

وما كان أبو جهل وأصحابه يحيون به إذ قال: يا معاشر قريش الا أطعمكم من الزقوم
الذي يخوفكم به صاحبكم؟ ثم ارسل إلى زبد وتمر فقال: هذا هو الزقوم الذي يخوفكم
به. قال: ومنه الغنا.
12 - وروى الواحدي بالاسناد عن نافع عن ابن عمر انه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول
في هذه الآية: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث) قال: باللعب والباطل كثيرا
لنفقة سمح فيه، ولا تطيب نفسه بدرهم يتصدق به.
13 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال قلت له: أخبرني عن قوله تعالى: (والسماء ذات الحبك) فقال: هي
محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه، فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض
والله يقول: رفع السماء بغير عمد ترونها فقال: سبحان الله أليس يقول بغير عمد
ترونها؟ فقلت: بلى فقال: فثم عمد ولكن لا ترونها.
14 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات
بلا عمد، قائمات بلا سند.
15 - وفيه كلام له عليه السلام يذكر فيه خلق السماوات: جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن
سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا بغير عمد ترونها ولا دسار (1) ينتظمها.
16 - في كتاب الاهليليجة قال الصادق عليه السلام: فنظرت العين إلى خلق مختلف متصل
بعضه ببعض ودلها القلب على أن لذلك خالقا، وذلك أنه فكر حيث دلته العين على ما عاينت
من عظم السماء وارتفاعها في الهواء بغير عمد ولا دعامة تمسكها، وانها لا تتأخر فتنكشط
(2) ولا يتقدم فتزول، ولا تهبط مرة فتدنو ولا ترتفع فلا ترى.
17 - في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي
أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام ان الله قال: ولقد آتينا لقمان الحكمة قال:
الفهم والعقل.

(1) الدسار: المسمار.
(2) كشطت السماء: قلعت وانكشط مطاوع كشط.
195

18 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد
عن علي بن محمد عن بكر بن صالح عن جعفر بن يحيى عن علي بن النضر عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك ما تقول في قوله: (ولقد آتينا لقمان الحكمة) قال:
أوتي معرفة امام زمانه.
19 - في مجمع البيان واختلف فيه فقيل: انه كان حكيما ولم يكن نبيا عن
ابن عباس ومجاهد وقتادة وأكثر المفسرين وقيل إنه كان نبيا عن عكرمة والسدي
والشعبي إلى قوله: وروى عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: حقا أقول
لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين أحب الله فأحبه، ومن
عليه بالحكمة كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة
في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوت: إن خيرني ربى قبلت العافية ولم
أقبل البلاء، وان هو عزم على فسمعا وطاعة فانى أعلم انه ان فعل بي ذلك أعانني وعصمني
فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لم يا لقمان؟ قال لان الحكم أشد المنازل وآكدها
يغشاه الظلم من كل مكان، ان وفى فبالحري أن ينجو وان أخطأ أخطأ طريق الجنة،
ومن يكن في الدنيا ذليلا وفى الآخرة شريفا خير من أن يكون في الدنيا شريفا وفى الآخرة
ذليلا، ومن تخير الدنيا على الآخرة نفته الدنيا ولا يصيب الآخرة، فعجبت الملائكة
من حسن منطقه فنام نومة فأعطى الحكمة فانتبه يتكلم بها ثم كان يوازر داود بحكمته
فقال له داود: طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى.
20 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن
داود المنقري عن حماد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها
الله عز وجل، فقال: أما والله ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم
ولا جمال، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله ساكتا مستكينا عميق
النظر طويل الفكر حديد النظر، مستغن بالعبر لم ينم نهارا قط، ولم يره أحد من
الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال، لشدة تستره وعموق نظره وتحفظه في امره
ولم يضحك من شئ قط مخافة الاثم، ولم يغضب قط ولم يمازح انسانا قط، ولم يفرح
196

بشئ اتاه من أمر الدنيا ولا حزن منها على شئ قط، وقد نكح من النساء وولد له من
الأولاد الكثير وقدم أكثرهم افراطا فما بكى على موت أحد منهم ولم يمر برجلين
يختصمان أو يقتتلان الا أصلح بينهما، ولم يمض عنهما حتى تحابا (1) ولم يسمع
قولا قط من أحد استحسنه الا سأل عن تفسيره وعمن أخذه، وكان يكثر مجالسة الفقهاء
والحكماء، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين فيرثى للقضاة مما ابتلوا به، ويرحم
الملوك والسلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه،
ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان، وكان يداوى قلبه بالفكر ويداوى نفسه
بالعبر، وكان لا يظعن الا فيما يعنيه فبذلك أوتى الحكمة ومنح العصمة، وان الله
تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة (2)
فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم، فقالوا: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة
في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: ان امرني الله بذلك فالسمع والطاعة لأنه
ان فعل ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني، وان هو خيرني قبلت العافية، فقالت الملائكة:
يا لقمان لم؟ قال: لان الحكم بين الناس بأشد المنازل وأكثر فتنا وبلاءا يخذل و
لا يغان (3) ويغشاه الظلم من كل مكان وصاحبه فيه بين أمرين ان أصاب فيه الحق
فبالحري أن يسلم، وان أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا ضعيفا كان
أهون عليه في المعاد من أن يكون حكما سريا شريفا (4) ومن اختار الدنيا على الآخرة
يخسرهما كلتاهما، تزول هذه ولا يدرك تلك، قال فتعجب الملائكة من حكمته
واستحسن الرحمن منطقه، فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا المنقول عنه في البحار (تحاجزا) وفسره
المجلسي (ره) أي تصالحا وتمانعا.
(2) هدأت العيون أي سكنت، والقائلة: منتصف النهار.
(3) كذا في نسخة الأصل وفى نسخة (بأشد ما يخذل) وفى المصدر والمنقول عنه في البحار
(وأكثر فتنا وبلاء ما يخذل... اه) وذكر المجلسي (ره) له احتمالات ثلثه فراجع ان شئت.
(4) السرى: السيد الشريف.
197

فغشاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم، وغطاه بالحكمة غطاء، فاستيقظ وهو أحكم
الناس في زمانه، وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبثها فيها (1) قال: فلما أوتي
الحكم بالخلافة ولم يقبلها أمر الله عز وجل الملائكة فنادت داود عليه السلام بالخلافة فقبلها
ولم يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله عز وجل الخلافة في الأرض وابتلى بها غير
مرة كل ذلك يهوى في الخطاء، يقيله الله تعالى ويغفر له، وكان لقمان يكثر زيارة
داود عليه السلام ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه، وكان داود عليه السلام يقول له: طوبى
لك يا لقمان أوتيت الحكمة وصرفت عنك البلية، وأعطى داود عليه السلام الخلافة وابتلى
بالحكم والفتنة.
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه
يا بنى لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم قال: فوعظ لقمان ابنه بآثار
حتى تقطر وانشق (2) وكان فيما وعظه به يا حماد أن قال: يا بنى انك منذ سقطت
إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت
عنها متباعد. يا بنى جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، ولا تجادلهم فيمنعوك، وخذ
من الدنيا بلاغا ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك،
وصم صوما يقطع شهوتك ولا تصم صياما يمنعك من الصلاة. فان الصلاة أحب إلى الله
من الصيام، يا بنى ان الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها
الايمان، واجعل شراعها التوكل، واجعل زادك فيها تقوى الله، فان نجوت فبرحمة الله
وان هلكت فبذنوبك، يا بنى ان تأدبت صغيرا انتفعت كثيرا، ومن عنى بالأدب
اهتم به ومن اهتم به تكلف علمه، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه، ومن اشتد طلبه أدرك
منفعته، فاتخذه عادة فإنك تخلف في سلفك، وينتفع به من خلفك، ويرتجيك فيه راغب
ويخشى صولتك راهب، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره، فان غلبت على الدنيا فلا
تغلبن على الآخرة، وإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة، واجعل في

(1) وفى البحار (ويبنيها فيها) وفسره المجلسي (ره) بقوله أي في جماعة الناس أو في الدنيا.
(2) كناية عن غاية تأثير الحكمة فيه.
198

أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا في طلب العلم فإنك لن تجد له تضييعا أشد من تركه،
ولا تمارين فيه لجوجا ولا تجادلن فقيها، ولا تعادين سلطانا، ولا تماشين ظلوما و
لا تصادقنه، ولا تصاحبن فاسقا ناطقا، ولا تصاحبن متهما، واخزن علمك كما
تخزن ورقك.
يا بنى خف الله عز وجل خوفا لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت ان يعذبك، و
ارج الله رجاء لو وافيت القيامة باثم الثقلين رجوت ان يغفر الله لك، فقال له ابنه: يا أبة و
كيف أطيق هذا وانما لي قلب واحد؟ فقال له لقمان: يا بنى لو أستخرج قلب المؤمن
يوجد فيه نوران، نور للخوف ونور للرجاء، لو وزنا لما رجح أحدهما على
الاخر بمثقال ذرة، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله عز وجل، ومن يصدق ما قال
الله يفعل ما أمر الله ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فان هذه
الأخلاق يشهد بعضها لبعض، فمن يؤمن بالله ايمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا،
فقد آمن بالله صادقا. ومن أطاع الله خافه، ومن خافه فقد أحبه، ومن أحبه فقد اتبع
أمره، ومن اتبع امره استوجب جنته ومرضاته. ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه،
نعوذ بالله من سخط الله، يا بنى لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها، فما خلق الله
خلقا هو أهون عليه منها الا ترى انه لم يجعل نعيمها ثواب المطيعين، ولم يجعل بلاءها
عقوبة للعاصين.
21 - في من لا يحضره الفقيه في الحقوق المروية عن سيد العابدين عليه السلام حق
الله الأكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئا فإذا فعلت ذلك باخلاص جعل لك على
نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة.
22 - في أصول الكافي يونس عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: إن من الكبائر عقوق الوالدين واليأس من روح الله والامن من مكر الله وقد روى
أكبر الكبائر الشرك بالله.
23 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن هارون بن الجهم
عن المفضل بن صالح عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال: الظلم ثلاثة ظلم يغفره
199

الله، وظلم لا يغفره وظلم لا يدعه الله، فاما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك واما الظلم
الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله، فاما الذي لا يدعه فالمداينة
بين العباد.
قال عز من قائل: ووصينا الانسان بوالديه إلى قوله: ان اشكر لي
ولوالديك
24 - في من لا يحضره الفقيه في الحقوق المروية عن زين العابدين عليه السلام وأما حق
أمك ان تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا وأعطتك من ثمرة قلبها مالا يعطى أحد
أحدا ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال ان تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتعرى و
تكسوك وتضحى وتظلك وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد ليكون لها فإنك لا
تطيق شكرها الا بعون الله وتوفيقه، واما حق أبيك فان تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن،
فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره
على قدر ذلك، ولا قوة الا بالله.
25 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر بن
خلاد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: ادعو لوالدي ان كانا لا يعرفان الحق؟ قال:
ادع لهما وتصدق عنهما، وان كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.
26 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم
من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك.
27 - وباسناده إلى محمد بن مروان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يمنع الرجل
منكم أن يبر والديه حيين وميتين يصلى عنهما، ويتصدق عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما،
فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك، فيزيده الله عز وجل ببره وصلته خيرا كثيرا.
28 - ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: لا تشرك
200

بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت الا وقلبك مطمئن بالايمان، ووالديك فأطعمهما
وبرهما حيين كانا أو ميتين، وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، فان ذلك من
الايمان.
29 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعلي بن محمد عن صالح بن أبي حماد جميعا
عن الوشا عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة سالم بن مكرم عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: جاء رجل وسأل النبي صلى الله عليه وآله عن بر الوالدين فقال: أبرر أمك أبرر أمك
أبرر أمك، أبرر أباك أبرر أباك أبرر أباك، وبدء بالام قبل الأب.
30 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن عقبة عن عمر بن يزيد قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: شكر كل نعمة وان عظمت ان يحمد الله عز وجل.
31 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن
سيف بن عميرة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل للشكر حد إذا فعله العبد
كان شاكرا؟ قال: نعم قلت: ما هو؟ قال يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال،
وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
32 - أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيوب عن علي بن مهزيار عن القاسم بن
محمد عن إسماعيل بن أبي الحسن عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أنعم الله عليه
بنعمة فعرفها بقلبه فقد أدى شكرها.
33 - على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله صاحب السابري فيما اعلم
أو غيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام: يا موسى اشكرني
حق شكري فقال: يا رب وكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به الا و
أنت أنعمت به على؟ قال: يا موسى الان شكرتني حين علمت أن ذلك منى.
34 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام:
وامر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله تعالى.
35 - وباسناده إلى محمود بن أبي البلاد قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: من
لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل.
201

36 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن بسطام بن
مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد
الإسكاف عن الأصبغ بن نباتة أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى: (ان اشكر لي
ولوالديك إلي المصير) فقال الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر، هما اللذان ولدا
العلم وورثا الحكم، وأمر الناس بطاعتهما ثم قال الله: (إلي المصير) فمصير العباد إلى
الله، والدليل على ذلك الولدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة (1) وصاحبه فقال
في الخاص والعام: وان جاهداك على أن تشرك بي تقول في الوصية وتعدل عمن أمرت
بطاعته فلا تطعهما ولا تسمع قولهما ثم عطف القول على الوالدين فقال: وصاحبهما
في الدنيا معروفا يقول: عرف الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما، وذلك قوله: واتبع
سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فقال: إلى الله ثن إلينا فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين
فان رضاهما رضا الله وسخطهما سخط الله.
37 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن بحر
عن عبد الله بن مسكان عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال - وأنا عنده - لعبد الواحد
الأنصاري في بر الوالدين في قول الله عز وجل، وبالوالدين احسانا. فظننا انها
الآية التي في بني إسرائيل: (وقضى ربك ان لا تعبدوا الا إياه) فلما كان بغد سألته
فقال: هي التي في لقمان (ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك على أن
تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) فقال: ان ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما وحقهما
على كل حال (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم) فقال: لا بل يأمر
بصلتهما وان جاهداه على الشرك ما زاد حقهما الا عظما.
38 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: بر الوالدين من حسن معرفة
العبد بالله، إذ لا عبادة أسرع بلوغا بصاحبها إلى رضا الله تعالى من حرمة الوالدين
المسلمين لوجه الله، لان حق الوالدين مشتق من حق الله تعالى إذا كانا على منهاج
الدين والسنة، ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله تعالى إلى معصيته، ومن اليقين

(1) حنتمة بنت ذي الحرمين أم عمر بن الخطاب.
202

إلى الشك، ومن الزهد إلى الدنيا، ولا يدعوانه إلى خلاف ذلك، فإذا كانا كذلك
فمعصيتهما طاعة وطاعتهما معصية، قال الله تعالى: (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس
لك به علم فلا تطعهما) واما في باب العشرة فدارهما واحتمل أذاهما نحو ما احتملا
عليك في حال صغرك، ولا تضيق عليهما مما قد وسع الله عليك من المال والملبوس، و
لا تحول بوجهك عنهما ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، فان تعظيمهما من الله تعالى و
قل لهما بأحسن القول، والطفه فان الله لا يضيع أجر المحسنين.
39 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب مر الحسين بن علي عليهما السلام
على عبد الرحمان بن عمرو بن العاص فقال عبد الله: من أحب أن ينظر إلى أحب أهل
الأرض إلى أهل السماء فلينظر إلى هذا المجتاز، وما كلمته منذ ليالي صفين، فأتى به
أبو سعيد الخدري إلى الحسين عليه السلام: فقال له الحسين: أتعلم أنى أحب أهل الأرض
إلى أهل السماء وتقاتلني وأبى يوم صفين؟ والله ان أبى لخير منى فاستعذر وقال: ان
النبي صلى الله عليه وآله قال لي: اطع أباك، فقال له الحسين عليه السلام: أما سمعت قول الله تعالى:
(وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انما
الطاعة بالمعروف، وقوله: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
40 - في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام
وشرائع الدين: وبر الوالدين واجب وان كانا مشركين، ولا طاعة لهما في معصية
الخالق ولا لغيرهما، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
41 - في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: هذه
شرائع الدين إلى أن قال عليه السلام: وبر الوالدين واجب، فان كانا مشركين فلا تطعهما
ولا غيرهما في المعصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
42 - عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول - وذكر
كلاما طويلا - وفى أثنائه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا ينبغي للمخلوق أن يكون
جنة لمعصية الله، فلا طاعة في معصية ولا طاعة لمن عصى الله.
43 - في من لا يحضره الفقيه في ألفاظه صلى الله عليه وآله الموجزة: لا طاعة لمخلوق في
203

معصية الخالق.
43 في محاسن البرقي باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه يقول
أطيعوا آباءكم فيما أمروكم ولا تطيعوهم في معاصي الله.
44 - وفيه حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله وفيه يقول: انى لا آمرك بعقوق الوالدين
ولكن صاحبهما في الدنيا معروفا.
45 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله (واتبع سبيل من أناب إلي) يقول: اتبع سبيل محمد صلى الله عليه وآله.
46 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن علي
بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: اتقوا المحقرات من
الذنوب. فان لها طالبا يقول أحدكم: أذنب واستغفر، ان الله عز وجل يقول (سنكتب
ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في امام مبين) وقال عز وجل انها ان تك
مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله
ان الله لطيف خبير.
47 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: اتقوا المحقرات من الذنوب فان لها طالبا لا يقولن أحدكم: أذنب واستغفر الله
ان الله تعالى يقول: (ان تك مثقال حبة من خردل) الآية.
48 - في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيم رحمه الله: ثم عطف على
خبر لقمان وقصته فقال جل ذكره: (يا بنى انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة
أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ان الله لطيف خبير) قال من الرزق يأتك به الله
يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك ان
ذلك من عزم الأمور.
49 - في الكافي باسناده إلى معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو؟ فقال: ما أعلم شيئا
بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة، الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال:
204

(وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا).
50 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن هارون بن خارجة عن
زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: أحب الأعمال إلى الله عز وجل الصلاة
وهي آخر وصايا الأنبياء.
51 - أبو داود عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا
عليه السلام أنه قال: الصلاة قربان كل تقى.
52 - في من لا يحضره الفقيه في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية
يا بنى إقبل من الحكماء مواعظهم، وتدبر أحكامهم وكن آخذ الناس بما تأمر به، و
أكف الناس عما تنهى عنه، وامر بالمعروف تكن من أهله، فان استتمام الأمور عند الله
تبارك وتعالى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر.
53 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى
عن محمد بن عرفة قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن
المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم
54 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان
عن داود بن فرقد عن أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام
قال: ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر.
55 - وباسناده قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال: بئس القوم يعيبون الامر
بالمعروف والنهى عن المنكر.
56 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة
باب: ائمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واصبروا على ما أصابكم.
57 - في أصول الكافي باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام
يا حفص ان من صبر صبر قليلا ومن جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في
جميع أمورك فان الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله فأمره بالصبر والرفق، فقال: (و
اصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين أولى النعمة) وقال تبارك
205

وتعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها
الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم) فصبر صلى الله عليه وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها،
والحديث وفيما أخذناه منه كفاية إن شاء الله تعالى.
58 - محمد بن يحيى عن أحمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن عبد الله بن بكر
عن حمزة بن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن
صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه
لذتها وشهوتها دخل النار.
59 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن أبي الجارود عن
الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل
وأحسن من ذلك الصبر عندما حرم الله عز وجل عليك.
60 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر
العزرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سيأتي على الناس زمان لا ينال
الملك فيه الا بالقتل والتجبر، ولا الغنى الا بالغضب والبخل، ولا المحبة الا
باستخراج الدين واتباع الهوى، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر
على الغنى وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز
آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي.
61 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة عن ابن حمزة
الثمالي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من ابتلى من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل
أجر ألف شهيد.
62 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن عمار بن
مروان عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل أنعم على قوم فلم يشكروا
فصارت عليهم وبالا وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة.
63 - أبو علي الأشعري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن
العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد،
206

فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد. كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان.
64 - في مجمع البيان (واصبر على ما أصابك) من المشقة والأذى في الامر
بالمعروف والنهى عن المنكر عن علي عليه السلام.
65 - في جوامع الجامع ان ذلك مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع ايجاب
والزام، ومنه الحديث ان الله يحب ان يؤخذ برخصه كما يحب ان يؤخذ بعزائمه.
66 - في مجمع البيان ولا تصغر خدك للناس أي ولا تمل وجهك من الناس
بكل ولا تعرض عمن يكلمك استخفافا به، وهذا المعنى قول ابن عباس وأبى عبد الله
عليه السلام.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (ولا تصعر خدك للناس) أي
لا تذل للناس طعما فيما عندهم ولا تمش في الأرض مرحا أي فرحا وفى رواية أبى الجارود
عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (ولا تمش في الأرض مرحا) يقول: بالعظمة ان الله
لا يحب كل مختال فخور.
68 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام بن سالم
عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله أوصى رجلا من بنى تميم فقال له: إياك
واسبال الإزار والقميص: فان ذلك من المخيلة والله لا يحب المخيلة. (1).
69 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى ابن فضال عمن حدثه عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مشى على الأرض اختيالا لعنه الأرض ومن
تحتها ومن فوقها.
70 - أبى رحمه الله قال: حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبيه
رفعه قال: قال أبو جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ويل لمن يختال في الأرض معارض
جبار السماوات والأرض.
71 - في أمالي الصدوق رحمه الله في مناهى النبي صلى الله عليه وآله: ونهى أن يختال
الرجل في مشيته وقال: من لبس ثوبا فاغتال فيه خسف الله به من شفير جهنم، وكان

(1) المخيلة: الكبر
207

قرين قارون لأنه أول من اختال، فخسف الله به وبداره الأرض، ومن اختال فقد نازع
الله في جبروته. وفى من لا يحضره الفقيه مثله سواء.
72 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا
يقول فيه عليه السلام بعد أن قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم
وقسمه عليها وفرقه فيها وفرض على الرجلين ان لا يمشى بها إلى شئ من معاصي الله، و
فرض عليهما المشي إلى ما يرضى الله عز وجل فقال: (ولا تمش في الأرض مرحا انك
لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) وقال: واقصد في مشيك واغضض من
صوتك ان أنكر الأصوات لصوت الحمير.
73 - في كتاب الخصال عن أبي الحسن عليه السلام قال: سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن
74 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: (واقصد في
مشيك) أي لا تعجل (واغضض من صوتك) أي لا ترفعه (ان أنكر الأصوات لصوت
الحمير) وروى فيه غير هذا أيضا.
75 - في أصول الكافي أحمد بن محمد الكوفي عن علي بن الحسن عن علي بن
أسباط عن عمه يعقوب بن سالم عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
قول الله عز وجل: (ان أنكر الأصوات لصوت الحمير) قال: العطسة القبيحة.
76 - في مجمع البيان (ان أنكر الأصوات لصوت الحمير) وروى عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: هي العطسة المرتفعة القبيحة، والرجل يرفع صوته بالحديث رفعا
قبيحا الا أن يكون داعيا أو يقرأ القرآن.
77 - في من لا يحضره الفقيه ومن ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله الموجزة التي لم
يسبق إليها: اليد العليا خير من اليد السفلى * ما قل وكفى خير مما كثر وألهى * خير
الزاد التقوى * رأس الحكمة مخافة الله عز وجل * خير ما ألقى في القلب اليقين *
الارتياب من الكفر * النياحة من عمل الجاهلية * السحر جمر النار * الشعر من
إبليس * الخمر جماع الآثام * النساء حبالة الشيطان * الشباب شعبة من الجنون *
208

شر المكاسب كسب الربا * شر المآكل أكل مال اليتيم ظلما * السعيد من وعظ
بغيره * الشقي من شقى في بطن أمه * مصيركم إلى أربعة أذرع * أربى الربا
الكذب * سباب المؤمن فسوق * قتال المؤمن كفر * أكل لحمه من معصية الله
عز وجل * حرمة ماله كحرمة دمه * من كظم الغيظ يأجره الله عز وجل * من يصبر
على الرزية يعوضه الله * الان حمى الوطيس (1) * لا يلسع المؤمن من جحر مرتين
(2) * لا يجنى على المرء الا يده * الشديد من غلب نفسه * ليس الخبر
كالمعاينة * اللهم بارك لامتي في بكورها يوم سبتها وخميسها * المجالس
بالأمانة * سيد القوم خادمهم * لو بغى جبل على جبل لجعله الله دكا * ابدأ بمن تعول
(3) الحرب خدعة * المسلم مرآة لأخيه * مات حتف أنفه (4) * البلاء موكل

(1) الوطيس: التنور. المعركة يضرب مثلا للحرب إذا اشتد قال ابن منظور: وهي
كلمة لم تسمع الا منه، وهو من فصيح الكلام عبر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق (انتهى)
وهذا من كلامه صلى الله عليه وآله في غزوة حنين حين ما رجع الناس بنداء عباس بن عبد المطلب
بعد الهزيمة وشرعوا في القتال فأشرف النبي صلى الله عليه وآله في ركائبه فنظر إلى المعركة وهم يقتتلون
فقال: الان حمى الوطيس.
(2) قال الجزري: في الحديث: لا يلسع المؤمن من جحر مرتين وفى رواية لا يلدغ
اللسع واللدغ سواء والجحر: ثقب الحية وهو استعارة هيهنا أي لا يدهى المؤمن من جهة
واحدة مرتين فإنه بالأولى يعتبر، قال الخطابي يروى بضم العين وكسرها، فالضم على وجه
الخبر ومعناه ان المؤمن هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من جهة الغفلة فيخدع مرة بعد مرة
وهو لا يفطن لذلك ولا يشعر به والمراد به الخداع في أمر الدين لا أمر الدنيا واما الكسر فعلى
وجه النهى أي لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه أو سر وهو لا يشعر به وليكن
فطنا حذرا وهذا التأويل يصلح أن يكون لأمر الدين والدنيا معا.
(3) أي ابدأ بمن تمؤن وتلزمك نفقته من عيالك، فان فضل شئ فليكن للأجانب.
(4) الحتف: الموت، ومات حتف أنفه أي بلا ضرب ولا قتل. وقيل إذا مات فجأة،
وهذا الكلام ورد في ما روى عنه صلى الله عليه وآله من قوله: من مات حتف أنفه في سبيل الله فقد وقع اجره على الله قال أبو عبيد على ما حكى عنه هو أن يموت موتا على فراشه من غير قتل ولا غرق
ولا سبع ولا غيره، وقال ابن الأثير: هو أن يموت على فراشه كأنه سقط لاتفه فمات. والحتف
الهلاك، كانوا يتخيلون ان روح لمريض تخرج من انفه فان جرح خرجت من جراحته.
209

بالمنطق * الناس كأسنان المشط سواء * أي داء أدوى من البخل * الحياء خير كله
* اليمين الفاجرة تدع الديار من أهلها بلاقع (1) * أعجل الشر عقوبة البغى * أسرع
الخير ثوابا البر * المسلمون عند شروطهم * ان من الشعر لحكمة وان من البيان لسحرا
* ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء * من قتل دون ماله فهو شهيد * العائد
في هبته كالعائد في قيئه (2) * لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث *
من لا يرحم ولا يرحم * الندم توبة * الولد للفراش وللعاهر الحجر * الدال على الخير
كفاعله * حبك الشئ يعمى ويصم * لا يشكر الله من لا يشكر الناس * لا يؤوى الضالة
الا الضال * اتقوا النار ولو بشق تمرة * الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما
تناكر منها اختلف * مطل الغنى ظلم (3) * السفر قطعة من العذاب * الناس معادن
كمعادن الذهب والفضة * صاحب المجلس أحق بصدر مجلسه * احثوا في وجوه
المداحين التراب * استنزلوا الرزق بالصدقة * ادفعوا البلاء بالدعاء * جبلت القلوب
على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها * ما نقص مال من صدقة * لا صدقة وذو
رحم محتاج * الصحة والفراغ نعمتان مكفورتان (4) * عفو الملك عقال الملك
* هبة الرجل لزوجته تزيد في عفتها * لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

(1) البلقع: الأرض القفر التي لا شئ بها. قال الطريحي (ره): في الحديث: اليمين
الكاذبة تذر الديار بلاقع أي خالية وهو كناية عن خرابها وابادة أهلها يريد ان الحالف بها يفتقر
ويذهب ما في بيته من الرزق والمال سوى ما ذخر له من الاثم، وقيل: هو أن يفرق الله شمله ويغير
عليه ما أولاه من نعمه.
(2) كذا في الأصل ويوافقه المصدر وفى نسخة (في فيه).
(3) المطل: التسويف والمدافعة بالعدة والدين وتطويل المدة التي يضربها الغريم للطالب.
(4) أي غير مشكورتين.
210

78 - وفيه وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصية لابنه محمد بن الحنفية: يا بنى
إياك والاتكال على الأماني فإنها بضائع النوكى وتثبط عن الآخرة (1) يا بنى لاشرف
أعلى من الاسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع
أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا كنز
أغنى من القنوع ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت، ومن اقتصر على بلغة الكفاف
فقد انتظم الراحة، وتبوأ خفض الدعة (2) يا بنى الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق
يطلبك، فإن لم تأته أتاك، فلا تحمل هم سنتك على هم يومك كفاك كل يوم ما هو فيه،
فان تكن السنة من عمرك فان الله عز وجل سيأتيك في كل غد بجديد ما قسم لك، وان
لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بغم وهم ما ليس لك، واعلم أن لن يسبقك إلى رزقك
طالب، ولن يغلبك عليه غالب، ولن يحتجب عنك ما قدر لك، فكم رأيت من طالب متعب
نفسه مقتر عليه رزقه (3) ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير، وكل مقرون به الفناء
اليوم لك وأنت من بلوغ غد على غير يقين، ولرب مستقبل يوما ليس بمستدبره
ومغبوط في أول ليلة قام في آخرها بواكيه، فلا يغرنكم من الله طول حلول
النعم وأبطأء موارد النقم، فإنه لو خشي الفوت عاجل بالعقوبة قبل الموت، يا بنى اقبل
من الحكماء مواعظهم وتدبر أحكامهم، واعلم أن رأس العقل بعد الايمان بالله
عز وجل مداراة الناس، ولا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لابد من معاشرته حتى
يجعل الله إلى الخلاص منه سبيلا، فانى وجدت جميع ما يتعايش به الناس وبه يتعاشرون
ملء مكيال، ثلثاه استحسان وثلثه تغافل، اعلم يا بنى انه لابد لك من حسن الارتياد
(4) وبلاغك من الزاد مع خفة الظهر، فلا تحمل على ظهرك فوق طاقتك فيكون

(1) الانكال: الاعتماد والأماني جمع الأمنية: التمني، والنوكي بالفتح جمع الأنوك
وهو الأحمق، والتثبيط: التعويق عن الآخرة قال الفيض (ره) في الوافي أي عن عملها وفى
بعض النسخ تقنط عن الآخرة والأول أظهر.
(2) خفض الدعة: سعة العيش.
(3) قتر على عياله: ضيق عليهم في النفقة.
(4) الارتياد بمعنى الطلب.
211

عليك ثقلا في حشرك ونشرك في القيامة، فبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد
يا بنى البغى سائق إلى الحين (1) لن يهلك امرء عرف قدره من حصن شهوته صان
قدره. قيمة كل امرء ما يحسن. الاعتبار يفيدك الرشاد. يا بنى إذا قويت فاقو على طاعة
الله عز وجل وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله عز وجل.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وهذه الوصية الشريفة طويلة وفيها مناهل خير
الدنيا والآخرة لوراد العلم والعمل وأخذنا منها ما أخذنا تيمنا وتبركا.
قال عز من قائل: ألم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض
79 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبى جعفر الباقر عليه السلام
حديث طويل وفيه ان النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام قال ما أول نعمة أبلاك الله عز وجل وانعم
عليك بها؟ قال: إن خلقني إلى أن قال: فما التاسعة؟ قال: إن سخر لي سماءه وارضه وما
فيهما وما بينهما من خلقه، قال: صدقت.
80 - في أصول الكافي باسناده إلى أبي جعفر قال: كفى لأولي الألباب
بخلق الرب المسخر وملك الرب القاهر إلى قوله: وما أنطق به السن العباد وما ارسل به
الرسل وما انزل على العباد دليلا على الرب.
81 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حماد بن أبي زياد
الأزدي قال: سألت سيدي موسى بن جعفر عليهما السلام عن قول الله عز وجل:
وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة فقال عليه السلام: النعمة الظاهرة الامام الظاهر و
الباطنة الامام الغائب.
82 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب محمد بن مسلم عن الكاظم عليه السلام
الظاهرة الامام الظاهر والباطنة الامام الغائب.
83 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن
داود المنقري عن شريك عن جابر قال: قال رجل عند أبي جعفر عليه السلام: (وأسبغ عليكم
نعمه ظاهرة وباطنة) قال: اما النعمة الظاهرة فالنبي صلى الله عليه وآله وما جاء به من معرفة

(1) الحين بفتح الحاء -: الهلاك.
212

الله عز وجل وتوحيده، واما النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت وعقد مودتنا فاعتقد
والله قوم هذه النعمة الظاهرة والباطنة واعتقدها قوم ظاهرة ولم يعتقدوها باطنة،
فأنزل الله: (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا
بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) ففرح رسول الله صلى الله عليه وآله عند نزولها انه لم يقبل الله تبارك وتعالى
ايمانهم الا بعقد ولايتنا ومحبتنا.
84 - في مجمع البيان (وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة) وفى رواية الضحاك
عن ابن عباس قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا ابن عباس أما ما ظهر فالاسلام وما
سوى الله من خلقك وما أفضل عليك من الرزق، واما ما بطن فستر مساوى عملك ولم
يفضحك به، يا ابن عباس ان الله تعالى يقول: ثلاثة جعلتهن للمؤمن ولم يكن له:
صلاة المؤمنين عليه بعد انقطاع عمله، وجعلت له ثلث ماله يكفر به عنه خطاياه، و
الثالثة سترت مساوى عمله ولم أفضحه بشئ منه ولو أبديتها عليه لنبذه أهله فمن سواهم.
85 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال:
حدثني عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري قالوا: أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله في
مسجده في رهط من أصحابه فيهم أبو بكر وأبو عبيدة وعمر وعثمان وعبد الرحمان
ورجلان من قراء الصحابة إلى قوله حاكيا عن رسول الله صلى الله عليه وآله: وقد أوحى إلي ربى
جل وتعالى ان أذكركم بالنعمة وأنذركم بما اقتص عليكم من كتابه واملى (وأسبغ
عليكم نعمه) الآية ثم قال: قولوا الان قولكم ما أول نعمة رغبكم الله وبلاكم بها؟
فخاض القوم جميعا فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش و
الرياش والذرية والأزواج إلى ساير ما بلاهم الله عز وجل من أنعمه الظاهرة، فلما
أمسك القوم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام فقال: يا أبا الحسن قل فقد قال
أصحابك، فقال: وكيف بالقول فداك أبي وأمي وانما هدانا الله بك؟ قال: ومع
ذلك فهات قل ما أول نعمة أبلاك الله عز وجل وانعم عليك بها؟ قال: إن خلقني جل ثناؤه
ولم أك شيئا مذكورا، قال: صدقت. فما الثانية؟ قال: إن أحسن بي إذ خلقني
فجعلني حيا لا مواتا، قال: صدقت. فما الثالثة؟ قال: إن أنشأني فله الحمد في
213

أحسن صورة وأعدل تركيب، قال: صدقت. فما الرابعة؟ قال: إن جعلني متفكرا
راعيا لا بلها ساهيا، قال: صدقت فما الخامسة؟ قال إن جعل لي سرا عن ادراك (1)
ما ابتغيت بها وجعل لي سراجا منيرا، قال: صدقت. فما السادسة؟ قال: إن هداني
الله لدينه ولم يضلني عن سبيله، قال: صدقت. فما السابعة؟ قال: إن جعل لي مردا
في حياة لا انقطاع لها، قال: صدقت. فما الثامنة؟ قال: إن جعلني ملكا مالكا
لا مملوكا، قال: صدقت. فما التاسعة؟ قال إن سخر لي سماءه وارضه وما فيهما
وما بينهما من خلقه، قال: صدقت فما العاشرة؟ قال: إن جعلنا سبحانه ذكرانا
قواما على حلائلنا لا إناثا قال: صدقت. فما بعدها؟ قال: كثرت نعم الله يا نبي الله
فطابت وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال ليهنئك الحكمة
ليهنئك العلم يا أبا الحسن فأنت وارث علمي والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدى،
من أحبك لدينك واخذ بسبيلك فهو ممن هدى إلى صراط مستقيم، ومن رغب عن
هواك وأبغضك وتخلاك (2) لقى الله يوم القيامة لا خلاق له والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
86 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى وكتاب منير وإذا قيل لهم اتبعوا ما
انزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب
السعير فهو النضر بن الحارث (3) قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اتبع ما انزل إليك من

(1) كذا في النسخ ولا تخلو عن التصحيف وفى البحار (ج 15 - ج 2 - ص 29) (قال: إن
جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت... اه).
(2) تخلاه ومنه وعنه: تركه.
(3) النضر بن حارث بن علقمة بن كندة من شياطين قريش وأعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وممن
كان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وآله وينصب له العداوة وكان قد قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك
الفرس وأحاديث رستم واسفنديار، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وآله مجلسا فذكر فيه بالله و
حذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال: أنا والله
يا معشر قريش أحسن حديثا منه فهلموا إلى، فانا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك
فارس ورستم واسفنديار، وهو الذي قال (سأنزل مثل ما أنزل الله) كما ذكره المفسرون،
وكان عاقبة أمره انه قتل ببدر وقد قتله أمير المؤمنين عليه السلام صبرا عند رسول الله صلى الله عليه وآله كما
ذكره ابن هشام في السيرة وغيره.
214

ربك قال: بل اتبع ما وجدت عليه آبائي.
87 - وقوله عز وجل: ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى
قال: بالولاية.
88 - في كتاب التوحيد حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم ومحمد بن
الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة
عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل يقول في آخره: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل مولود يولد على
الفطرة يعنى على المعرفة بان الله عز وجل خالقه، فذلك قوله عز وجل: ولئن سئلتهم
من خلق السماوات والأرض ليقولن الله.
89 - وباسناده إلى أبى هاشم الجعفري قال: سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام ما
معنى الواحد؟ قال: الذي اجتماع الألسن عليه بالتوحيد، كما قال عز وجل: (و
لئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله).
90 - في أصول الكافي باسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: إنه لينزل في
ليلة القدر إلى ولى الامر تفسير الأمور سنة سنة يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفى
أمر الناس بكذا وكذا، وانه ليحدث لولى الامر سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل
الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الامر، ثم قرأ:
ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات
الله ان الله عزيز حكيم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
91 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (ولو أن ما في الأرض من شجرة
أقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم) وذلك أن
اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن الروح فقال: (الروح من أمر ربى وما أوتيتم
215

من العلم الا قليلا) قالوا: نحن خاصة؟ قال: بل الناس عامة، قالوا: فكيف يجتمع
هذا يا محمد؟ تزعم انك لم تؤت من العلم الا قليلا وقد أوتيت القرآن وأوتينا التوراة
وقد قرأت: (ومن يؤت الحكمة) وهي التوراة (فقد أوتي خيرا كثيرا) فأنزل الله
تبارك وتعالى (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة
ابحر ما نفدت كلمات الله) يقول: علم الله أكبر من ذلك وما أوتيتم كثير فيكم
قليل عند الله.
92 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن
العالم عليه السلام عن قوله تعالى: (سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله) ما هي؟ فقال: هي
عين الكبريت وعين اليمن وعين البرهوت وعين الطبرية وجمة ماسيدان وحمة إفريقية
وعين بلعوران، ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى.
93 - في مجمع البيان وقرأ جعفر بن محمد عليه السلام (والبحر مداده).
94 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة بلغنا والله أعلم انهم قالوا: يا محمد
خلقنا أطوارا نطفا ثم علقا ثم أنشأنا خلقا كما تزعم ونزعم انا نبعث في ساعة واحدة فقال الله:
(ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة) انما يقول له كن فيكون.
95 - وقوله عز وجل: ألم تر ان الله يولج الليل في النهار ويولج النهار
في الليل يقول: ما ينقص من الليل يدخل في النهار، وما ينقص من النهار يدخل في
الليل.
96 - وقوله عز وجل: والشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى يقول:
كل واحد منهما يجرى إلى منتهاه، لا يقصر عنه ولا يجاوزه.
97 - وقوله عز وجل: ألم تر ان الفلك تجرى في البحر بنعمة الله قال: السفن
تجرى في البحر بقدرة الله.
98 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: ان في ذلك لايات لكل
ص بار شكور قال: الذي يصبر على الفقر والفاقة، ويشكر الله عز وجل على جميع أحواله.
216

99 - في مجمع البيان (لكل صبار شكور) وفى الحديث: الايمان نصفان
نصف صبر ونصف شكر
100 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وإذا غشيهم موج كالظلل
يعنى في البحر دعوا الله مخلصين له الدين إلى قوله تعالى: فمنهم مقتصد أي صالح
وما يجحد بآياتنا الا كل ختار كفور قال الختار الخداع.
101 - وقوله عز وجل: يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزى والد عن
ولده إلى قوله: ان وعد الله حق قال: ذلك القيامة.
102 - في من لا يحضره الفقيه عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه قال
السائل: فأي الناس أثبت رأيا؟ قال: من لم يغره الناس من نفسه، ولم تغره الدنيا بتشويقها.
103 - في مجمع البيان وفى الحديث الكيس من حاسب نفسه وعمل لما بعد
الموت، والفاجر من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله.
104 - في ارشاد المفيد رحمه الله من كلام أمير المؤمنين عليه السلام لرجل سمعه
يذم الدنيا من غير معرفة بما يجب أن يقول في معناها: الدنيا دار صدق لمن صدقها، و
دار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، مسجد أنبياء الله ومهبط وحيه، و
مصلى ملائكته، ومتجر أوليائه اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها
وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها فشوقت بسرورها إلى السرور، و
ببلاءها إلى البلاء (1) تخويفا وتحذيرا وترغيبا وترهيبا، فيا أيها الذام للدنيا والمغتر
بتغريرها متى غرتك أبمصارع آبائك في البلى أم بمصارع (2) أمهاتك تحت الثرى

(1) كذا في النسخ وفى المصدر (وحذرت ببلائها البلاء) وفى النهج (فمثلت لهم
ببلائها البلاء وشوقتهم بسرورها إلى السرور) قال الشارح المعتزلي فمثلت لهم ببلائها البلاء
أي بلاء الآخرة وعذاب جهنم وشوقتهم بسرورها إلى السرور أي إلى سرور الآخرة ونعيم الجنة
(ثم قال): وهذا الفصل كله لمدح الدنيا وهو ينبئ عن اقتداره عليه السلام على ما يريد من
المعاني لان كلامه كله في ذم الدنيا وهو الان يمدحها وهو صادق في ذاك وفى هذا.
(2) كذا في النسخ لكن في المصدر والنهج (أم بمضاجع أمهاتك) وهو الظاهر المناسب
لإسلوب الكلام من جهة الفصاحة، ولا يخلو النسخ عن التصحيف.
217

كم عللت بكفيك ومرضت بيديك تبتغى لهم الشفاء وتستوصف لهم الأطباء، وتلتمس
لهم الدواء، لم تنفعهم بطلبك ولم تشفعهم بشفاعتك، مثلت لهم الدنيا مصرعك (1) و
مضجعك حيث لا ينفعك بكاءك، ولا يغنى عنك أحباؤك.
105 - في أصول الكافي باسناده إلى محمد بن مسلم بن شهاب قال: سئل علي بن
الحسين عليهما السلام أي الأعمال أفضل عند الله عز وجل؟ فقال: ما من عمل بعد معرفة
الله عز وجل ومعرفة رسوله صلى الله عليه وآله أفضل من بغض الدنيا، وان لذلك لشعبا كثيرة و
للمعاصي شعبا، فأول ما عصى الله به الكبر وهي معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان
من الكافرين، والحرص وهي معصية آدم وحوا حين قال الله عز وجل لهما: (كلا
من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) فأخذا ما لا حاجة بهما إليه،
فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة، وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم مالا حاجة
به إليه، ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حين حسد أخاه فقتله فتشعب من ذلك حب النساء
وحب الدنيا وحب الرياسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة، فصرن
سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك:
حب الدنيا رأس كل خطيئة، والدنيا دنيائان: دنيا بلاغ ودنيا ملعونة.
106 - وباسناده إلى طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مثل الدنيا كمثل
ماء البحر، كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا.
107 - في بصائر الدرجات محمد بن عبد الحميد وأبو طالب جميعا عن حنان
ابن سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن لله علما عاما وعلما خاصا، فأما الخاص فالذي
لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل، واما علمه العام فالذي اطلعت عليه الملائكة
المقربون والأنبياء المرسلون، وقد وقع كله إلينا ثم قال: أو ما تقرأ:
وعنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب
غدا وما تدرى نفس بأي ارض تموت.
108 - في كتاب الخصال عن أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: الا

(1) وفى المصدر (قد مثلت لك الدنيا بهم مصرعك...)
218

أخبركم بخمسة لم يطلع عليها أحدا من خلقه؟ قال: قلت: بلى، قال: (ان الله
عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا
وما تدرى نفس بأي أرض تموت ان الله عليم خبير).
109 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث
ويعلم ما في الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأي ارض تموت
ان الله عليم خبير) قال الصادق عليه السلام: هذه الخمسة أشياء لم يطلع عليها ملك مقرب و
لا نبي مرسل وهي من صفات الله عز وجل.
110 - في نهج البلاغة يومى به إلى وصف الأتراك: كأني أراهم قوما كأن
وجوههم المجان المطرقة (1) يلبسون السرق والديباج، ويعتقبون الخيل العتاق،
ويكون هناك استحرار قتل حتى يمشى المجروح على المقتول، ويكون المفلت أقل
من المأسور، فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك
عليه السلام وقال للرجل - وكان كلبيا -: يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب، وانما هو تعلم
من ذي علم، وانما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله: (ان الله عنده
علم الساعة) الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى وقبيح أو جميل وسخى
أو بخيل، وشقي أو سعيد، ومن يكون للنار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا، فهذا
علم الغيب الذي لا يعلمه أحد الا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه
فعلمنيه، ودعا لي أن يعيه صدري ويضطم عليه جوارحي.
111 - فيمن لا يحضره الفقيه وقال عليه السلام في قوله عز وجل: (وما تدرى نفس
ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأي أرض تموت) فقال: من قدم إلى قدم.
112 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام انه لما أراد
المسير إلى النهروان اتاه منجم فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر
في ثلاث ساعات يمضين من النهار، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ولم ذاك؟ قال:
لأنك ان سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك اذى وضر شديد، وان سرت في

(1) مر الحديث مع ما ذيلناه في صفحة 95.
219

الساعة التي أمرتك ظفرت وظهرت وأصبت كلما طلبت، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:
تدرى ما في بطن هذه الدابة أذكر أم أنثى؟ قال: إن حسبت علمت، قال له أمير المؤمنين:
من صدقك على هذا القول كذب بالقرآن (ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم
ما في الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأي ارض تموت ان الله عليم
خبير) ما كان محمد صلى الله عليه وآله يدعى ما ادعيت، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
113 - في مجمع البيان جاء في الحديث ان مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن الا
الله، وقرء هذه الآية.
114 - وروى عن أئمة الهدى عليهم السلام ان هذه الأشياء الخمسة لا يعلمها
على التفصيل والتحقيق غيره تعالى.
115 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة
باب: وبنا ينزل الغيث.
116 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي
محمود عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه: وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة.
117 - وباسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن
أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام قال: بنا ينزل الغيث وينشر
الرحمة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
118 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجال عن ابن
بكير عن أبي منهال عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
النطفة إذا وقعت في الرحم بعث الله عز وجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها، فماثها
في النطفة (1) فلا يزال قلبه يحن إليها حتى يدفن فيها.
119 - في أصول الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عبد الحميد
عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرضا عليه السلام: أمير المؤمنين قد عرف قاتله في الليلة
التي يقتل فيها والموضع الذي يقتل فيه، وقوله لما سمع صياح الإوز في الدار: صوائح

(1) مات الشئ في الماء: اذابه فيه.
220

تتبعها نوائح، وقول أم كلثوم: لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلى بالناس
فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه السلام ان ابن ملجم
لعنه الله قاتله بالسيف كان هذا مما لا يحسن تعرضه؟ فقال: ذلك كان ولكنه خير في
تلك الليلة لتمضى مقادير الله عز وجل.
120 - في كتاب مقتل الحسين (ع) لأبي مخنف وان الحسين لما نزل كربلاء
وأخبر باسمها بكى بكاءا شديدا وقال: أرض كرب وبلاء، قفوا ولا تبرحوا وحطوا ولا
ترحلوا، فهيهنا والله محط رحالنا وهيهنا والله سفك دمائنا، وهيهنا والله تسبى حريمنا،
وهيهنا والله محل قبورنا، وهيهنا والله محشرنا ومنشرنا وبهذا وعدني جدي رسول الله
صلى الله عليه وآله ولا خلاف لوعده.
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما كان
منه، وكان من رفقاء محمد وأهل بيته صلى الله عليهم.
2 - وباسناده عن الصادق عليه السلام قال: من اشتاق إلى الجنة وإلى صفتها فليقرأ الواقعة
ومن أحب ان ينظر إلى صفة النار فليقرأ سجدة لقمان.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ ألم تنزيل و
تبارك الذي بيده الملك فكأنما أحيى ليلة القدر.
4 - وروى ليث بن أبي الزبير عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينام حتى
يقرأ ألم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك.
5 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العزائم أربع: اقرأ باسم
ربك الذي خلق، والنجم، وتنزيل السجدة، وحم السجدة.
6 - في تفسير علي بن إبراهيم: يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه
221

يعنى الأمور التي يدبرها والامر والنهى الذي أمر به، وأعمال العباد كل هذا يظهر يوم
القيامة فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سنى الدنيا.
7 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام أنه قال في
كلام طويل: فان في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل الف سنة مما تعبدون، ثم تلا
هذه الآية: (في يوم كان مقداره خمسين الف سنة).
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: فقد نقلنا طرفا من الاخبار فيه بيان شاف عند قوله
عز وجل: (وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) في سورة الحج (1).
8 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ
خلق الانسان من طين قال: هو آدم.
9 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع سليمان المروزي يقول
فيه المأمون بعد كلام طويل: يا عمران هذا سليمان المروزي متكلم خراسان، قال
عمران: يا أمير المؤمنين انه يزعم أنه واحد خراسان في النظر وينكر البداء؟ قال.
فلم تناظره؟ قال عمران: ذلك إليك، فدخل الرضا (ع) فقال: في أي شئ أنتم؟
قال عمران: يا بن رسول الله هذا سليمان المروزي فقال له سليمان: أترضى بأبي
الحسن وبقوله فيه؟ فقال عمران: قد رضيت بقول أبى الحسن في البداء على أن
يأتيني فيه بحجة احتج بها على نظرائي من أهل النظر، قال المأمون: يا أبا الحسن
ما تقول فيما تشاجرا فيه؟ قال: وما أنكرت من البداء يا سليمان، والله عز وجل
يقول: (أولم ير الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) ويقول عز وجل: (وهو
الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده) ويقول: (بديع السماوات والأرض) ويقول عز وجل:
(يزيد في الخلق ما يشاء) ويقول: (وبدء خلق الانسان من طين) ويقول عز وجل: (وآخرون
مرجون لأمر الله اما يعذبهم واما يتوب عليهم) ويقول عز وجل: (وما يعمر من معمر و
ما ينقص من عمره الا في كتاب) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
10 - في تفسير علي بن إبراهيم: ثم جعل نسله أي ولده من سلالة وهو الصفوة
من الطعام والشراب من ماء مهين قال: النطفة المنى ثم سواه أي استحاله من نطفة إلى

(1) راجع صفحه 509 من الجزء الثالث
222

علقة، ومن علقة إلى مضغة، حتى نفخ فيه الروح.
11 - في جوامع الجامع وروى عن علي عليه السلام وابن عباس (صللنا) بالصاد وكسر
اللام من صل اللحم واصل إذا أنتن.
12 - في كتاب التوحيد عن علي عليه السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات فأما قوله: بل هم بلقاء ربهم كافرون يعنى البعث، فسماه
الله عز وجل لقاه، واما قوله: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم وقوله: (الله
يتوفى الأنفس حين موتها) وقوله (توفته رسلنا وهم لا يفرطون) وقوله: (الذين تتوفاهم
الملائكة ظالمي أنفسهم) وقوله: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم)
فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء، ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، اما
ملك الموت فان الله بوكله بخاصة من يشاء من خلقه، ويوكل رسله من يشاء من خاصته
بمن يشاء من خلقه، يدبر الأمور كيف يشاء. وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم
أن يفسره لكل الناس، لان فيهم القوى والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق
حمله، الا ان يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه، وانما يكفيك ان
تعلم أن الله المحيى المميت، وانه يتوفى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته
وغيرهم.
13 - في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: (الله
يتوفى الأنفس حين موتها) وعن قول الله عز وجل: (قل يتوفاكم ملك الموت الذي
وكل بكم) وعن قول الله عز وجل: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين والذين تتوفاهم
الملائكة ظالمي أنفسهم) وعن قول الله عز وجل: (توفته رسلنا) وعن وقوله عز وجل:
(ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة) وقد يموت في الدنيا في الساعة الواحدة
في جميع الآفاق ما لا يحصيه الا الله عز وجل، فكيف هذا؟ فقال: ان الله تبارك و
تعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة
223

له أعوان من الانس يبعثهم في حوائجه، فتتوفاهم الملائكة ويتوفاهم ملك الموت
من الملائكة مع ما يقبض هو، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.
14 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال
عن علي بن عقبة عن أسباط بن سالم مولى أبان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك
يعلم ملك الموت بقبض (1) من يقبض؟ قال: لا انما هي صكاك تنزل من السماء:
اقبض نفس فلان بن فلان.
15 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمر بن عثمان عن المفضل بن صالح عن زيد
الشحام قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن ملك الموت يقال: الأرض بين يديه كالقصعة
يمد يده منها حيث يشاء؟ فقال: نعم.
16 - محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن
عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن لحظة ملك الموت؟ قال: أما
رأيت الناس يكونون جلوسا فتعتريهم السكينة فما يتكلم أحد منهم فتلك لحظة ملك
الموت حيث يلحظهم.
17 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن محمد بن سكين قال:
سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يقول: استأثر الله بفلان فقال: ذا مكروه فقيل: فلان
يجود بنفسه؟ فقال: لا بأس أما تراه يفتح فاه عند موته مرتين أو ثلاثا، فذلك حين يجود
بها لما يرى من ثواب الله عز وجل وقد كان بها ضنينا.
18 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي إلى السماء رأيت ملكا من الملائكة
بيده لوح من نور لا يلتفت يمينا ولا شمالا مقبلا عليه كهيئة الحزين، فقلت: من هذا
يا جبرئيل؟ قال: هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح فقلت: ادنني منه يا جبرئيل
لا كلمه فأدناني منه. فقلت له: يا ملك الموت أكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض
روحه؟ قال: نعم، قلت: تحضرهم بنفسك؟ قال: نعم ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها

(1) وفى بعض النسخ (نفس من يقبض).
224

الله عز وجل لي ومكننى منها الا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف شاء، وما من دار
في الدنيا الا وادخلها في كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم:
لا تبكوا عليه فان لي إليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
كفى بالموت طامة يا جبرئيل (1). فقال جبرئيل: ما بعد الموت أطم وأعظم من الموت.
19 - في نهج البلاغة هل يحس به أحد إذا دخل منزلا أم هل تراه إذا
توفى أحدا، بل كيف يتوفى الجنين في بطن أمه أيلج عليه من بعض جوارحها، أم
الروح اجابته بإذن ربها، أم هو ساكن معه في أحشائها، كيف يصف إلهه من يعجز
عن صفة مخلوق مثله.
20 - في مجمع البيان وروى عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
الأمراض والأوجاع كلها بريد الموت ورسل الموت، فإذا حان الاجل اتى ملك الموت
بنفسه فقال: يا أيها العبد كم خبر بعد خبر. وكم رسول بعد رسول، وكم
بريد بعد بريد؟ انا الخبر الذي ليس بعدى خبر، وانا الرسول أجب ربك
طائعا أو مكرها، فإذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال: على من تصرخون وعلى
من تبكون؟ فوالله ما ظلمت له اجلا ولا أكلت له رزقا، بل دعاه ربه فليبك
الباكي على نفسه، وان لي فيكم عودات وعودات حتى لا أبقى منكم أحدا.
21 - في من لا يحضره الفقيه وقال أبو جعفر عليه السلام: ان آية المؤمن إذا
حصره الموت ان يبيض وجهه أشد من بياض لونه، ويرشح جبينه ويسيل من عينه
كهيئة الدموع فيكون ذلك آية خروج روحه، وان الكافر تخرج روحه سيلا
من شدقه كزبد البعير كما يخرج نفس الحمار.
22 - وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يتوفى ملك الموت المؤمن؟ فقال: ان ملك
الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى، فيقوم هو و
أصحابه لا يدنو منه حتى يبدء بالتسليم ويبشره بالجنة.
23 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ان المؤمن إذا حضره الموت وثقه ملك

(1) الطامة: الداهية تغلب ما سواها قيل لها ذلك لأنها تعلم كل شئ أي تعلوه وتغطيه
225

الموت فلولا ذلك لم يستقر.
24 - في عوالي اللئالي وفى الحديث ان إبراهيم عليه السلام لقى ملكا فقال له:
من أنت؟ قال: انا ملك الموت، فقال: أتستطيع ان تريني الصورة التي تقبض فيها
روح المؤمن؟ قال: نعم أعرض عنى فأعرض عنه فإذا شاب حسن الصورة حسن
الثياب حسن الشمايل طيب الرائحة فقال: يا ملك الموت لو لم يلق المؤمن
الا حسن صورتك لكان حسبه ثم قال: هل تستطيع ان تريني الصورة التي تقبض فيها روح
الفاجر؟ فقال: لا تطيق فقال: بلى، قال: أعرض عنى فأعرض عنه ثم التفت
إليه فإذا هو رجل اسود قائم الشعر منتن الرائحة أسود الثياب يخرج من فيه و
من مناخره النيران والدخان، فغشى على إبراهيم ثم افاق وقد عاد ملك الموت
إلى حالته الأولى، فقال: يا ملك الموت لو لم يلق الفاجر الا صورتك هذه لكفته.
25 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ولو ترى إذا المجرمون ناكسوا
رؤسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا في الدنيا ولن نعمل به فارجعنا إلى الدنيا نعمل
صالحا انا موقنون ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها قال: لو شئنا ان نجعلهم كلهم
معصومين لقدرنا.
26 - وقوله عز وجل: فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا انا أنسيناكم أي
تركناكم.
27 - وقوله عز وجل: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون خوفا وطعما
ومما رزقناهم ينفقون فإنه حدثني أبي عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن عاصم بن حميد
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من عمل حسن يعمله العبد الا وله ثواب في القرآن الا صلاة الليل
فان الله عز وجل لم يبين ثوابها العظيم خطره عنده، فقال جل ذكره: (تتجافى جنوبهم عن
المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون) إلى قوله تعالى (يعملون) ثم قال: إن
الله عز وجل كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى
المؤمن ملكا معه حلة (1) فينتهى إلى باب الجنة فيقول استأذنوا لي على فلان فيقال له: هذا

(1) وفى بعض النسخ (حلتان).
226

رسول ربك على الباب فيقول لا زواجه: أي شئ ترين على أحسن؟ فيقلن: يا سيدنا والذي
أباحك الجنة ما رأينا عليك أحسن من هذا قد بعث إليك ربك فيتزر بواحدة ويتعطف
بالأخرى، فلا يمر بشئ الا أضاء له حتى ينتهى إلى الموعد، فإذا اجتمعوا تجلى لهم
الرب تبارك وتعالى، فإذا نظروا إليه أي إلى رحمته خروا سجدا فيقول: عبادي ارفعوا
رؤسكم ليس هنا يوم سجود ولا عبادة، قد رفعت عنكم المؤنة، فيقولون: يا رب وأي
شئ أفضل مما أعطيتنا؟ الجنة فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا، فيرجع
المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه وهو قوله: (ولدينا مزيد) وهو يوم
الجمعة انها ليلة غراء، ويوم أزهر (1) فأكثروا فيها من التسبيح والتهليل والتكبير و
الثناء على الله عز وجل، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فيمر المؤمن فلا يمر بشئ
الا أضاء له حتى ينتهى إلى أزواجه، فيقلن: والذي أباحنا الجنة يا سيدنا ما رأيناك أحسن
منك الساعة فيقول: انى قد نظرت إلى نور ربى ثم قال: إن أزواجه لا يغرن ولا يحضن
ولا يصلفن قال قلت: جعلت فداك انى أردت ان أسألك عن شئ أستحيي منه، ثم قلت:
أفي الجنة غناء؟ قال: إن في الجنة شجرا يأمر الله رياحها فتهب فتضرب تلك الشجر
بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها حسنا، ثم قال: هذا عوض لمن ترك السماع للغناء في
الدنيا مخافة الله قال: قلت: جعلت فداك زدني فقال: ان الله تعالى خلق جنة بيده ولم ترها
عين ولم يطلع عليها مخلوق يفتحها الرب كل صباح فيقول: ازدادي ريحا ازدادي
طيبا وهو قول الله فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون.
28 - في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمد
عليهما السلام: ان الناس يعبدون الله على ثلاثة أوجه: فطبقة تعبده رغبة في ثوابه فتلك
عبادة الحرصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه فرقا فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة،
ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام وهو الامن والحديث طويل أخذنا منه موضع
الحاجة.
29 - في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبى عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام

(1) وفى نسخة البحار (ان ليلها ليلة غراء ويومها يوم أزهر).
227

قال: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطعما) لعلك ترى ان القوم
لم يكونوا ينامون؟ قال قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم قال: فقال: لابد لهذا
البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه. فإذا خرج النفس استراح البدن ورجع الروح قوة
على العمل، فإنما ذكرهم (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطعما)
أنزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأتباعه من شيعتنا ينامون في أول الليل فإذا ذهب ثلثا
الليل أو ما شاء الله فزعوا إلى ربهم راغبين مرهبين طامعين فيما عنده، فذكر الله في
كتابه فأخبرك بما أعطاهم انه أسكنهم في جواره وأدخلهم جنته وآمنهم خوفه، وأذهب رعبهم،
قال: قلت: جعلت فداك ان أنا قمت في آخر الليل أي شئ أقول إذا قمت؟ قال: قل الحمد لله
رب العالمين واله المرسلين والحمد لله الذي يحيى الموتى ويبعث من في القبور فإنك
إذا قلتها ذهب عنك رجز الشيطان ووسواسه انشاء الله.
30 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان
عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال: الا أخبرك بالاسلام
أصله وفرعه وذروة سنامه (1)؟ قلت: بلى جعلت فداك قال: أما أصله فالصلاة و
فرعه الزكاة وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: إن شئت أخبرتك بأبواب الخير؟
قلت: نعم جعلت فداك، قال: الصوم جنة والصدقة تذهب بالخطيئة وقيام الرجل
في جوف الليل يذكر الله، ثم قرأ (تتجافى جنوبهم عن المضاجع)
31 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل عن هارون بن
خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العبادة ثلاثة: قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك
عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلبا للثواب فتلك عبادة الاجراء، وقوم
عبدوا الله عز وجل حبا له فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة.
32 - في محاسن البرقي عنه عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون
عن علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الا أخبرك بأصل الاسلام وفرعه وذروته
وسنامه؟ قال: قلت: بلى جعلت فداك قال: أصله الصلاة وفرعه الزكاة وذروته

(1) الذروة: المكان المرتفع. والسنام: حدبة في ظهر البعير. واللفظ كناية.
228

وسنامه الجهاد في سبيل الله، الا أخبرك بأبواب الخير: الصوم جنة والصدقة تحط
الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يناجى ربه، ثم قرء (تتجافى جنوبهم عن المضاجع
يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون).
33 - في مجمع البيان وروى الواحدي بالاسناد عن معاذ بن جبل قال: بينا
نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك وقد أصابنا الحر فتفرق القوم فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله
أقربهم منى فدنوت منه فقلت: يا رسول الله أنبأني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من
النار، قال: لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به
شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدى الزكاة المفروضة، وتصوم شهر رمضان، قال:
وان شئت أنبأتك عن أبواب الخير؟ قال: قلت: أجل يا رسول الله، قال الصوم جنة
من النار، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغى وجه الله ثم قرأ
هذه الآية: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع).
34 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده قال: قال الصادق عليه السلام
في قوله: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا
العتمة.
35 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب كلام طويل في تزويج فاطمة عليها
السلام من علي عليه السلام وفيه: وباتت عندها أسماء بنت عميس أسبوعا بوصية خديجة إليها
فدعا لها النبي صلى الله عليه وآله في دنياها وآخرتها. ثم أتاها صبيحتها وقال: السلام عليكم
أدخل رحمكم الله؟ ففتحت له الأسماء الباب وكانا نائمين تحت كساء، فقال: على -
حالكما فادخل رجليه بين رجليه بين أرجلهما فأخبر الله عن أورادهما (تتجافى جنوبهم عن المضاجع)
الآية فسأل عليا كيف وجدت أهلك؟ قال: نعم العون على طاعة الله، وسأل فاطمة
فقالت: خير بعل، فقال: اللهم أجمع شملهما والف بين قلوبهما واجعلهما وذريتهما من
ورثة جنة النعيم، وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة، واجعل في ذريتهما البركة و
اجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك، ويأمرون بما يرضيك، ثم أمر بخروج أسماء
قال: جزاك الله خيرا ثم خلا بها بإشارة الرسول عليه السلام.
229

36 - في مجمع البيان وروى في الشواذ عن النبي صلى الله عليه وآله (قرأت أعين).
37 - وروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ما من حسنة الا ولها ثواب مبين في القرآن
الا صلاة الليل، فان الله عز اسمه لم يبين ثوابها لعظم خطرها، قال: (فلا تعلم نفس) الآية.
38 - في جوامع الجامع في الحديث يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين
رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، بله ما أطلعتكم اقرأوا ان شئتم (فلا تعلم نفس) الآية.
39 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن
النعمان عن الحارث بن محمد الأحول عمن حدثه عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى: انه لما اسرى بي رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن
وأحلى من العسل، وأشد استقامة من السهم، فيه أباريق عدد النجوم على شاطئه قباب
الياقوت الأحمر والدر الأبيض. فضرب جبرئيل بجناحيه فإذا هو مسكة ذفرة، ثم قال:
والذي نفس محمد بيده ان في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون و
الآخرون، يثمر ثمرا كالرمان. يلقى ثمره إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة،
والمؤمنون على كراسي وهم الغر المحجلون حيث شاءوا من الجنة، فبينا هم كذلك إذا
شرقت عليهم امرأة من فوقه تقول: سبحان الله يا عبد الله اما لنا منك دولة فيقول: من
أنت؟ فتقول: انا من اللواتي قال الله: (فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين جزاء
بما كانوا يعملون) ثم قال: والذي نفس محمد بيده انه ليجيئه كل يوم سبعون ألف ملك
ما يسمونه باسمه واسم أبيه.
40 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد
الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله قال: من أطعم مؤمنا
حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله عز وجل ما له من الاجر في الآخرة، لا ملك مقرب ولا
نبي مرسل الا الله رب العالمين.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد سبق في تفسير علي بن إبراهيم قريبا حديث في
بيان قوله عز وجل: فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) (1)

(1) راجع الحديث - 27 -
230

41 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن الحسن بن علي عليهما السلام
حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: واما أنت يا وليد بن عقبة فوالله ما ألومك ان تبغض
عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر، أم كيف تسبه فقد
سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن، وسماك فاسقا وهو قول الله عز وجل:
أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون.
42 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن آدم بن إسحاق عن عبد
الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر حديث طويل
يقول فيه عليه السلام: ونزل بالمدينة (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم
ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا وأولئك هم الفاسقون الا الذين تابوا من بعد ذلك
واصلحوا فان الله غفور رحيم) فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالايمان قال الله
عز وجل: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون).
43 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله عز وجل: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) قال: إن علي بن أبي طالب
والوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا، فقال الفاسق وليد بن عقبة: انا والله
ابسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأمثل منك جثوا في الكتيبة، فقال على صلوات الله
عليه: اسكت انما أنت فاسق فأنزل الله: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون)
اما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون
فهو علي بن أبي طالب (ع).
44 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: واما الذين فسقوا
فمأواهم النار كلما أرادوا ان يخرجوا منها أعيدوا فيها قال: إن جهنم إذا
دخلوها هو وا فيها مسيرة سبعين عاما، فإذا بلغوا أسفلها زفرت بهم جهنم فإذا بلغوا
أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، فهذه حالهم وأما قوله عز وجل: ولنذيقنهم من العذاب
الأدنى دون العذاب الأكبر الآية قال: العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف
معنى قوله لعلهم يرجعون يعنى فإنهم يرجعون في الرجعة حتى يعذبوا.
231

45 - في مجمع البيان واما العذاب الأدنى ففي الدنيا، واختلف فيه إلى قوله:
وقيل هو عذاب القبر عن مجاهد، وروى أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام، والأكثر في
الرواية عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام ان العذاب الأدنى الدابة والدجال.
46 - في جوامع الجامع: ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من
لقائه وقيل: الضمير في لقائه لموسى، والتقدير من لقائك موسى أو من لقاء موسى
إياك ليلة الاسراء بك إلى السماء، فقد روى أنه عليه السلام قال: رأيت ليلة اسرى بي إلى
السماء موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة (1).
47 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا
عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا،
ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك فان الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله فأمره
بالصبر والرفق، إلى قوله فصبر صلى الله عليه وآله حنى نالوه العظائم فضاق صدره فأنزل الله
عز وجل: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين)
ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عز وجل: (قد نعلم أنه ليحزنك الذي
يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من
قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى اتاهم نصرنا) فالزم النبي صلى الله عليه وآله نفسه الصبر
فتعدوا وذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضى
ولا صبر لي على ذكر الهى فأنزل الله عز وجل: (ولقد خلقنا السماوات والأرض وما
بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون) فصبر النبي صلى الله عليه وآله في
جميع أحواله ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه: وجعلنا
منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله
الصبر من الايمان كالرأس من الجسد، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
48 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا)

(1) شنوءة: موضع باليمن تنسب إليها قبائل من الأزد يقال لهم أزد شنوءة.
232

قال كان في علم الله انهم يصبرون على ما يصيبهم فجعلهم أئمة.
49 - حدثنا حميد بن زياد قال: حدثنا محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن
طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: الأئمة في كتاب
الله امامان: قال الله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) لا بأمر الناس يقدمون أمر
الله قبل أمرهم، وحكم الله قبل حكمهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
50 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب ان النبي صلى الله عليه وآله دعا لعلى وفاطمة
عليهما السلام فقال: اللهم أجمع شملهما وألف بين قلوبهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم،
وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة، واجعل في ذريتهما البركة، واجعلهم أئمة يهدون
بأمرك إلى طاعتك ويأمرون بما يرضيك.
51 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل:
أو لم يروا انا نسوق الماء إلى الأرض الجرز قال: الأرض الخراب، وهو مثل ضربه الله
عز وجل في الرجعة والقائم صلوات الله عليه، فلما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بخبر الرجعة
قالوا متى هذا الفتح ان كنتم صادقين وهذه معطوفة على قوله (ولنذيقنهم من العذاب
الأدنى دون العذاب الأكبر) فقالوا: متى هذا الفتح ان كنتم صادقين فقال الله عز وجل.
قل لهم يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا ايمانهم ولا هم ينظرون فاعرض عنهم يا
محمد وانتظر انهم منتظرون.
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: من كان كثير
القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد صلى الله عليه وآله وأزواجه، ثم قال سورة
الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم، يا ابن سنان سورة الأحزاب
فضحت نساء قريش من العرب، وكانت أطول من سورة البقرة ولكن نقصوها وحرفوها.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ سورة الأحزاب
233

وعلمها أهله وما ملكت يمينه أعطى الأمان من عذاب القبر.
3 - في تفسير علي بن إبراهيم يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين
ان الله كان عليما حكيما وهذا هو الذي قال الصادق عليه السلام: ان الله بعث نبيه صلى الله عليه وآله
بإياك أعني واسمعي يا جارة (1) فالمخاطبة للنبي والمعنى للناس.
4 - في مجمع البيان نزلت في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبى
الأعور السلمى قدموا المدينة ونزلوا على عبد الله بن أبي بعد غزوة أحد بأمان من رسول
الله صلى الله عليه وآله ليكلموه فقاموا وقام معهم عبد الله بن أبي وعبد الله بن سعيد بن أبي سرح وطعمة
بن أبيرق فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا محمد ارفض ذكر آلهتنا اللات و
والعزى ومناة وقل: ان لها شفاعة لمن عبدها، وندعك وربك، فشق ذلك على رسول الله
صلى الله عليه وآله فقال عمر بن الخطاب: ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم، فقال: انى أعطيتهم الأمان
وأمر صلى الله عليه وآله فاخرجوا من المدينة، ونزلت الآية (ولا تطع الكافرين) من أهل مكة أبا
سفيان وأبا الأعور وعكرمة والمنافقين ابن أبي وابن سعيد وطعمة.
5 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: في كلام طويل فمن كان قلبه متعلقا
في صلاته بشئ دون الله فهو قريب من ذلك الشئ بعيد عن حقيقة ما أراد الله منه في صلاته
قال الله عز وجل: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.
6 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى صالح بن ميثم التمار رحمه الله قال:
وجدت في كتاب ميثم رضي الله عنه يقول: تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال لنا
ان عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله في قلبه، ولن يحبنا من يحب مبغضنا ان ذلك
لا يجتمع في قلب واحد، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا قوما و
يحب بالآخر عدوهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غش فيه، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله
(ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: لا يجتمع

(1) قد مر معناه في صفحة 147.
234

حبنا وحب عدونا في جوف انسان، ان الله لم يجعل لرجل قلبين في جوفه فيحب بهذا
ويبغض بهذا. فاما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن
أراد ان يعلم فليمتحن قلبه، فان شارك في حبنا حب عدونا فليس منا، ولسنا منه، والله
عدوهم وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين.
8 - في مجمع البيان وقال أبو عبد الله عليه السلام: ما جعل الله لرجل من قلبين في
جوفه، يحب بهذا قوما، ويحب بهذا أعدائهم.
9 - وفيه قوله: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) نزل في أبى معمر حميد بن
معمر بن حبيب الفهدي، وكان لبيبا حافظا لما يسمع، وكان يقول: إن في جوفي
لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، وكانت قريش تسميه ذا القلبين
فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم أبو معمر تلقاه أبو سفيان بن حرب وهو
آخذ بيده إحدى نعليه، فقال له: يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال: انهزموا قال:
فما بالك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك؟ فقال أبو معمر: ما شعرت
الا انهما في رجلي، فعرفوا يومئذ انه لم يكن له الا قلب واحد لما نسي نعله في يده.
10 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل
وما جعل أدعيائكم أبنائكم فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كان سبب ذلك ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما تزوج بخديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ
في تجارة، ورأى زيدا يباع ورآه غلاما كيسا حصينا، فاشتراه فلما نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله
دعاه إلى الاسلام فأسلم، وكان يدعى زيد مولى محمد فلما بلغ حارثة بن شراحيل
الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة، وكان رجلا جليلا فاتى أبا طالب فقال: يا أبا طالب ان
ابني وقع عليه السبي وبلغني انه صار إلى ابن أخيك تسأله إما ان يبيعه واما ان يفاديه واما ان
يعتقه، فكلم أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله: هو حر فليذهب حيث شاء، فقام حارثة
فأخذ بيد زيد فقال له: يا بنى الحق بشرفك وحسبك فقال زيد: لست أفارق رسول الله فقال له
أبوه: فتدع حسبك ونسبك وتكون عبدا لقريش؟ فقال زيد: لست أفارق رسول الله
صلى الله عليه وآله ما دمت حيا، فغضب أبوه فقال: يا معشر قريش اشهدوا انى قد برئت منه وليس هو
235

ابني، فقال رسول الله: اشهدوا ان زيدا ابني أرثه ويرثني، فكان زيد يدعى ابن محمد،
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبه وسماه زيد الحب، فلما هاجر رسول الله إلى المدينة زوجه
زينب بنت جحش وأبطأ عنه يوما، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله منزله يسأل عنه فإذا زينب جالسة
وسط حجرتها يسحق طيبها بفهر لها (1) فدفع رسول الله صلى الله عليه وآله الباب ونظر إليها وكانت
جميلة حسنة فقال: سبحان الله خالق النور وتبارك الله أحسن الخالقين، ثم رجع رسول
الله إلى منزله ووقعت زينب في قلبه موقعا عجيبا، وجاء زيد إلى منزله فأخبرته زينب بما
قال رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها زيد: هل لك ان أطلقك حتى يتزوجك رسول الله فلعلك
قد وقعت في قلبه؟ فقالت: أخشى أن تطلقني ولا يتزوجني رسول الله، فجاء زيد إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أخبرتني زينب بكذا وكذا فهل لك ان أطلقها
حتى تتزوجها؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لا اذهب واتق الله وامسك عليك زوجك، ثم
حكى الله عز وجل فقال: (أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه
وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) إلى قوله تعالى:
(وكان أمر الله مفعولا) فزوجه الله عز وجل من فوق عرشه فقال المنافقون: يحرم علينا
نساء أبنائنا ويتزوج امرأة ابنه زيدا؟ فأنزل الله عز وجل في هذا: وما جعل أدعيائكم
أبنائكم إلى قوله تعالى: يهدى السبيل.
11 - في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان
في جواب مسائله في العلل: وعلة تحليل مال الوليد لوالده بغير اذنه وليس ذلك للولد
لان الولد موهوب للوالد في قول الله تعالى: (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء
الذكور) مع أنه الموجود بمؤنته صغيرا أو كبيرا والمنسوب إليه والمدعو له لقوله
عز وجل: ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله وقول النبي صلى الله عليه وآله أنت ومالك لأبيك
وليس الوالدة كذلك لا تأخذ من ماله الا باذنه أو بإذن الأب، لأنه مأخوذ بنفقة الولد
ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها.

(1) الفهر - بالكسر -: الحجر قدر ما يدق به الجوز ويستعمل عند الأطباء للحجر الرقيق
الذي تسحق به الأدوية على الصلاية.
236

12 - في كتاب الخصال عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يذكر فيه الكبائر يقول فيه عليه السلام واما عقوق الوالدين في كتابه: النبي أولى
بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم فعقوا رسول الله صلى الله عليه وآله في ذريته وعقوا أمهم
خديجة في ذريتها.
13 - في مجمع البيان وروى أن النبي صلى الله عليه وآله لما أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج
قال قوم: نستأذن آبائنا وأمهاتنا، فنزلت هذه الآية.
14 - وروى عن أبي وابن مسعود وابن عباس انهم كانوا يقرؤن: (النبي أولى
بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) وكذلك هو في مصحف أبى وروى
ذلك عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
15 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله روى عنه صلوات الله
عليه: انا وعلى أبوا هذه الأمة.
16 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم
وأزواجه أمهاتهم) قال: نزلت (وهو أب لهم) ومعنى أزواجه أماتهم فجعل عز وجل
المؤمنين أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل رسول الله أباهم لمن لم يقدر ان يصون نفسه
ولم يكن له مال، وليس له على نفسه ولاية، فجعل الله تبارك وتعالى لنبيه الولاية على
المؤمنين من أنفسهم، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم: أيها الناس الست أولى بكم
من أنفسكم؟ قالوا: بلى، ثم أوجب لأمير المؤمنين صلوات الله عليه ما أوجبه لنفسه
عليهم من الولاية، فقال: الا من كنت مولاه فعلى مولاه فلما جعل الله عز وجل النبي
أبا للمؤمنين ألزمه مؤنتهم وتربية أيتامهم، فعند ذلك صعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر
فقال: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلى والى، فألزم الله عز وجل
نبيه للمؤمنين ما يلزم الوالد، والزم المؤمنين من الطاعة له ما يلزم الولد للوالد،
فكذلك ألزم أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما الزم رسول الله صلى الله عليه وآله من بعد ذلك،
وبعده الأئمة صلوات الله عليهم واحدا واحدا، والدليل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير
المؤمنين صلوات الله عليه هما والدان قوله: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا و
237

بالوالدين احسانا) فالوالدان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وقال الصادق
عليه السلام: فكان اسلام عامة اليهود بهذا السبب لأنهم آمنوا على أنفسهم وعيالاتهم.
17 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمي
عن الحجة القائم عليه السلام حديث طويل وفيه قلت: فأخبرني يا مولاي عن معنى الطلاق
الذي فرض رسول الله صلى الله عليه وآله حكمه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله تقدس اسمه
عظم شأن نساء النبي صلى الله عليه وآله فخصهن بشرف الأمهات فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن
ان هذا الشرف باق لهن ما من الله على الطاعة فأيتهن عصت الله بعدى بالخروج عليك،
فأطلق لها في الأزواج. واسقطها من تشرف الأمهات ومن شرف أمومة المؤمنين.
18 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال:
سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت له: لم كنى النبي صلى الله عليه وآله بابى القاسم؟ فقال لأنه كان له ابن
يقال له قاسم فكنى به، قال: فقلت: يا ابن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال: نعم
أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال، أنا وعلى أبوا هذه الأمة؟ قلت: بلى، قال: أما علمت أن
عليا عليه السلام قاسم الجنة والنار؟ قلت: بلى، قال: فقيل له أبو القاسم لا أبو القسيم الجنة
والنار، فقلت: وما معنى ذلك؟ فقال: ان شفقة النبي صلى الله عليه وآله على أمته كشفقة الاباء على -
الأولاد وأفضل أمته علي عليه السلام ومن بعده شفقة على عليهم كشفقته صلى الله عليه وآله لأنه وصيه وخليفته
والامام بعده، فلذلك قال عليه السلام: انا وعلى أبوا هذه الأمة، وصعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر
فقال: من ترك دينا أو ضياعا فعلى وإلى ومن ترك مالا فلورثته، فصار بذلك أولى من
آبائهم وأمهاتهم وصار أولى بهم منهم بأنفسهم، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام بعده جرى
ذلك له مثل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وآله.
19 - وباسناده إلى عبد الرحمان القصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن
قول الله عز وجل: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: نزلت في الامرة ان
هذه الآية جرت في الحسين بن علي عليهما السلام وفى ولد الحسين من بعده، فنحن
أولى بالامر وبرسول الله صلى الله عليه وآله من المؤمنين والمهاجرين، قلت: لولد جعفر فيها
238

نصيب؟ فقال: لا، فعددت عليه بطون بنى عبد المطلب كل ذلك يقول: لا، ونسيت
ولد الحسن فدخلت عليه بعد ذلك فقلت: هل لولد الحسن عليه السلام فيها نصيب؟ فقال:
لا، يا أبا عبد الرحمن ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا.
20 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه
عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان عن عبد الرحيم بن روح القصير عن أبي جعفر
عليه السلام في قول عز وجل: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) فيمن نزلت؟ قال: نزلت في الامرة ان هذه
الآية جرت في ولد الحسين من بعده فنحن أولى بالامر وبرسول الله صلى الله عليه وآله من المؤمنين
والمهاجرين والأنصار، قلت: فولد جعفر عليه السلام لهم فيها نصيب؟ قال: لا، قلت:
فولد العباس لهم فيها نصيب؟ قال: لا، فعددت عليه بطون بنى عبد المطلب كل ذلك
يقول: لا، قال: ونسيت ولد الحسن عليه السلام فدخلت بعد ذلك عليه فقلت له: هل لولد
الحسن فيها نصيب؟ فقال: لا، عبد الرحيم، ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا.
21 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن
أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس ومحمد بن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي
عمير عن عمر بن أذينة. وعلي بن محمد عن أحمد بن هلال عن ابن أبي عمير عن عمر بن
أذينة عن ابن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول
كنا عند معاوية انا والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أم سلمة وأسامة بن زيد،
فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: انا أولى بالمؤمنين
من أنفسهم ثم اخى علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهد عليه السلام فالحسن
بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من
أنفسهم فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي، ثم ابنه
محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين ثم تكمله اثنى عشر إماما تسعة
من ولد الحسين، قال عبد الله بن جعفر: واستشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عباس
وعمر بن أم سلمة وأسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية، قال سليم: وقد سمعت ذلك من
239

سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا لي انهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله.
22 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمان قال
حدثنا حماد عن عبد الاعلى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول العامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: من مات وليس له امام مات ميتة جاهلية؟ قال: الحق والله، قلت فان إماما هلك
ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال لا تسعه ان الامام إذا هلك رفعت
حجة وصيه على من هو معه في البلد، وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم، ان الله
عز وجل يقول: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا
قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) قلت. فنفر قوم فهلك بعضهم قبل ان يصل فيعلم
قال: إن الله عز وجل يقول: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه
الموت فقد وقع أجره على الله) قلت: فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقا عليك بابك و
مرخى عليك سترك لا تدعوهم إلى نفسك ولا يكون من يدلهم عليك فبما يعرفون ذلك
قال: بكتاب الله المنزل، قلت: فيقول الله جل وعز كيف؟ قال: أراك قد تكلمت في
هذا قبل اليوم قلت: أجل، قال: فذكر ما انزل الله في علي عليه السلام وما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله
في حسن وحسين عليهما السلام وما خص الله به عليا وما قال فيه رسول الله من وصيته إليه
ونصبه إياه، وما يصيبهم واقرار الحسن والحسين بذلك ووصيته إلى الحسن وتسليم
الحسين له يقول الله: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
23 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا
عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن سفيان بن عيينة عن أبي
عبد الله عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال: انا أولى بكل مؤمن من نفسه وعلى أولى به من بعدى، فقيل
له: ما معنى ذلك فقال: قول النبي صلى الله عليه وآله من ترك دينا أو ضياعا فعلى ومن ترك مالا فلورثته
فالرجل ليست له على نفسه ولاية إذا لم يكن له مال، وليس له على عياله أمر ولا نهى إذا
لم يجر عليهم النفقة، والنبي وأمير المؤمنين ومن بعدهما سلام الله عليهم ألزمهم هذا، فمن
هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم، وما كان سبب اسلام عامة اليهود الا من بعد هذا
240

القول من رسول الله صلى الله عليه وآله وانهم أمنوا على أنفسهم وعيالاتهم.
24 - في روضة الكافي باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام حديث طويل وفى آخره يقول
كان على أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأولى الناس بالناس حتى قالها ثلاثا.
25 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: فوالله انى لا ولى الناس بالناس.
26 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن عبد الله بن جعفر بن أبي -
طالب حديث طويل وفيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: انا أولى بالمؤمنين من
أنفسهم، من كنت أولى به من نفسه فأنت أولى به من نفسه، وعلى بين يديه عليهما السلام
في البيت.
27 - في الكافي محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد عن الحسن بن الجهم
عن حنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي شئ للموالي؟ فقال: ليس لهم من الميراث
الا ما قال الله عز وجل الا ان تفعلوا إلى أوليائكم معروفا
28 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن أبي الحمراء قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي شئ للموالي من الميراث؟ فقال: ليس لهم شئ الا الترباء
يعنى التراب.
قال عز من قائل: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم
وموسى وعيسى بن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا.
29 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كانت شريعة
نوح صلى الله عليه ان يعبد الله بالتوحيد والاخلاص وخلع الأنداد، وهي الفطرة التي
فطر الناس عليها، وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين صلى الله عليهم أجمعين ان
يعبدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئا، وأمر بالصلاة والامر بالمعروف والنهى عن
المنكر والحلال والحرام ولم يفرض عليه احكام حدود ولا فرائض مواريث، فهذه
شريعته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
30 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (وإذ أخذنا من النبيين
241

ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم) قال: هذه الواو زيادة
في قوله: (ومنك) وانما هو منك ومن نوح فأخذ الله عز وجل الميثاق لنفسه على
الأنبياء ثم اخذ لنبيه على الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم ثم اخذ للأنبياء على
رسوله صلى الله عليه وآله.
31 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن
أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم
قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح فهل فعل
لمحمد شيئا من هذا؟ قال له علي عليه السلام: لقد كان ذلك كذلك ومحمد عليه السلام اعطى
ما هو أفضل من هذا، ان الله عز ذكره انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذ أرسل
عليهم ريحا تذرو الحصا، وجنودا لم يروها فزاد الله تبارك وتعالى محمدا صلى الله عليه وآله
على هود بثمانية آلاف ملك، وفضله على هود بأن ريح عاد سخط وريح محمد صلى الله عليه وآله
رحمة، قال الله تبارك وتعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ
جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم وجنودا لم تروها.
32 - في مجمع البيان وقال أبو سعيد الخدري: قلنا يوم الخندق يا رسول الله
هل من شئ نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ فقال: قولوا اللهم استر عوراتنا و
آمن روعاتنا؟ قال: فقلناها فضرب وجوه وجوه أعداء الله بالريح فهزموا.
33 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله: (انى ظننت انى ملاق حسابيه) وقوله: (يومئذ
يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون ان الله هو الحق المبين) وقوله للمنافقين: (وتظنون
بالله الظنونا) فان قوله: (انى ظننت انى ملاق حسابيه) يقول: انى ظننت انى ابعث
فأحاسب وقوله للمنافقين وتظنون بالله الظنونا فهذا الظن ظن شك ولس الظن
ظن يقين، والظن ظنان، ظن شك وظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن
يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك، فافهم ما فسرت لك.
34 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين حديث
242

طويل يقول فيه عليه السلام: اما انه سيأتي على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا والباطل
ظاهرا مشهورا، وذلك إذا كان أولى الناس به أعدائهم له، واقترب الوعد الحق و
عظم الالحاد، وظهر الفساد هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ونحلهم
الأخيار أسماء الأشرار، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه،
ثم يفتح الله الفرج لأوليائه ويظهر صاحب الامر على أعدائه.
35 - في مجمع البيان: يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة بل -
رفيعة السمك حصينة عن الصادق عليه السلام.
36 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (رضوا بان
يكونوا مع الخوالف) فقال: النساء، انهم قالوا: (ان بيوتنا عورة) وكان بيوتهم
في أطراف البيوت حيث ينفرد الناس فأكذبهم قال: (وما هي بعورة ان يريدون الا
فرارا) وهي رفيعة السمك حصينة.
37 - في نهج البلاغة من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا ثم ذكرت ما
كان من امرى وامر عثمان ولك ان تجاب عن هذه لرحمك منه، فأينا كان اعدى
له واهدى إلى مقاتله، امن بذل له نصرته فاستنقذه واستكفه أم من استنصره فتراخى
عنه وبث المنون إليه حتى اتى قدره عليه؟ كلا والله لقد علم الله المعوقين منكم و
القائلين لاخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس الا قليلا.
38 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا
نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما
تعملون بصيرا * إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم) الآية فإنها نزلت في قصة الأحزاب
من قريش والعرب الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: وذلك أن قريشا تجمعت
في سنة خمس من الهجرة وساروا في العرب وجلبوا واستنفروهم لحرب رسول الله
صلى الله عليه وآله فوافوا في عشرة آلاف ومعهم كنانة وسليم وفزارة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
حين جلى بنى النضير وهم بطن من اليهود من المدينة وكان رئيسهم حبى ابن أخطب
وهم يهود من بنى هارون على نبينا وعليه السلام فلما أجلاهم من المدينة صاروا إلى
243

خيبر وخرج حيى بن أخطب إلى قريش بمكة وقال لهم: ان محمدا قد وتركم و
وترنا وأجلانا من المدينة من ديارنا وأموالنا واجلا بنى عمنا بنى قينقاع فسيروا في
الأرض وأجمعوا حلفاءكم وغيرهم وسيروا إليهم فإنه قد بقي من قومي بيثرب سبعمأة
مقاتل وهم بنو قريظة، وبينهم وبين محمد عهد وميثاق وانا احملهم على نقض العهد
بينهم وبين محمد، ويكونوا معنا عليهم فتأتونه أنتم من فوق وهم من أسفل، وكان
موضع بني قريظة من المدينة على قدر ميلين، وهو الموضع الذي يسمى بئر بني المطلب
، فلم يزل يسير معهم حيى بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة
آلاف من قريش وكنانة والأقرع بن حابس في قومه، والعباس بن مرداس في بنى سليم
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فاستشار أصحابه وكانوا سبعمأة رجل فقال سلمان رضي الله عنه
: يا رسول الله ان القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة (1) ولا يمكنهم ان يأتونا
من كل وجه، فانا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم (2) من عدونا
نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال: أشار بصواب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بحفرة من ناحية أحد إلى راتج (3)
وجعل على كل عشرين خطوة وثلثين خطوة قوما من المهاجرين والأنصار يحفرونه
فأمر فحملت المساحي والمعاول، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وآله واخذ معولا فحفر في موضع
المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ينقل التراب منن الحفرة حتى عرق
رسول الله صلى الله عليه وآله وعيي وقال: لا عيش الا عيش الآخرة، اللهم ارحم للأنصار والمهاجرين
فلما نظر الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب، فلما كان
في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر وقعد رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الفتح، فبينا المهاجرين
والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله
الأنصاري رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه بذلك، قال جابر: فجئت إلى المسجد

(1) المطاولة هنا بمعنى المقاتلة.
(2) دهمه: غشيه. والدهم: الداهية.
(3) اسم موضع.
244

ورسول الله مستلقى على قفاه وردائه تحت رأسه وقد شد على بطنه حجرا، فقلت: يا
رسول الله انه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه، فقام مسرعا حتى جاءه ثم دعا بماء
في اناء فغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه ثم شرب ومج في ذلك الماء ثم صبه على
ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور الشام،
ثم ضرب أخرى فبرقت برقة نظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب أخرى فبرقت
برقة أخرى فنظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اما انه سيفتح الله
عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ثم انهال علينا الجبل (1) كما ينهال علينا
الرمل فقال جابر: فعلمت ان رسول الله صلى الله عليه وآله مقو، أي جائع لما رأيت على
بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغذاء؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت
: عناق (2) وصاع من شعير. فقال: تقدم وأصلح ما عندك، قال جابر: فجئت إلى
أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها وأمرتها ان تخبز وتطبخ وتشوى
فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله
قد فرغنا فاحضر مع من أحببت. فقام صلى الله عليه وآله إلى شفير الخندق ثم قال: يا معاشر
المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا قال جابر: فكان في الخندق سبعمأة رجل،
فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار الا قال: أجيبوا جابرا قال
جابر: فتقدمت وقلت لأهلي: قد والله أتاك محمد رسول الله صلى الله عليه وآله بما لا قبل به (4)
فقالت: أعلمته أنت بما عندنا؟ قال: نعم قالت: فهو أعلم بما أتى، قال جابر: فدخل
رسول الله فنظر في القدر ثم قال: اغرفي وأبقى، ثم نظر في التنور ثم قال: أخرجي

(1) يقال هال عليه التراب فانهال أي صبه فانصب.
(2) لعناق كسحاب: الأنثى من أولاد المعز قبل استكمالها الحول.
(3) لا قبل به أي لا طاقة به.
245

وأبقى، ثم دعا بصفحة (1) فثرد فيها وغرف، فقال: يا جابر ادخل عشرة عشرة، فأدخلت
عشرة فأكلوا حتى نهلوا (2) وما يرى في القصعة الا آثار أصابعهم ثم قال: يا جابر على
بالذراع فأتيته بالذراع فأكلوا وخرجوا ثم قال: ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى
نهلوا ولم ير في القصعة الا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر على بالذراع فأكلوا و
خرجوا ثم قال: ادخل على عشرة فأدخلتهم فأكلوا حتى نهلوا ولم ير في القصعة الا
آثار أصابعهم ثم قال: يا جابر على بالذراع فأتيته بالذراع فقلت: يا رسول الله كم
للشاة من ذراع؟ قال: ذراعان قلت: والذي بعثك بالحق نبيا لقد أتيتك بثلاثة،
فقال: لو سكت يا جابر لاكل الناس كلهم من الذراع، قال جابر: فأقبلت ادخل
عشرة عشرة فيأكلون حتى أكلوا كلهم وبقى والله لنا من ذلك الطعام ما عشنا به أياما
قال: وحفر رسول الله صلى الله عليه وآله الخندق وجعل له ثمانية أبواب وجعل على كل
باب رجلا من المهاجرين ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه، وقدمت قريش و
كنانة وسليم وهلال فنزلوا الزغابة (3) ففرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من حفر الخندق قبل
قدم قريش بثلاثة أيام، وأقبلت قريش ومعهم حيى بن اخطب، فلما نزلوا العقيق (4)
جاء حيى بن أخطب إلى بني قريظة في جوف الليل وكانوا في حصنهم قد تمسكوا
بعهد رسول الله صلى الله عليه وآله فدق باب الحصن فسمع كعب بن أسد قرع الباب، فقال لأهله:
هذا أخوك قد شأم قومه (5) وجاء الان يشأ منا ويهلكنا ويأمرنا بنقض العهد بيننا و

(1) الصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة قال الكسائي: أعظم القصاع: الجفنة
ثم القصعة تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة
تشبع الرجل.
(2) النهل: ما أكل من الطعام. والناهل بمعنى الريان والمراد هنا الشبع.
(3) الزغابة - بالضم -: موضوع بقرب المدينة.
(4) العقيق: اسم عدة مواضع ببلاد العرب منها عقيق المدينة وهو على ثلاثة أميال
أو ميلين منها.
(5) شأمهم وعليهم أي صادر شوما عليهم.
246

بين محمد، وقد وفى لنا محمد وأحسن جوارنا، فنزل إليه من غرفته فقال له: من
أنت؟ قال: حيى بن أخطب، قد جئتك بعز الدهر، فقال كعب: بل جئتني بذل
الدهر، فقال: يا كعب هذه قريش في قادتها وسادتها قد نزلت بالعقيق مع حلفائهم
من كنانة، وهذه فزارة مع قادتها وسادتها قد نزلت الزغابة. وهذه سليم وغيرهم
قد نزلوا حصن بنى ذبيان، ولا يفلت محمد من هذا الجمع ابدا فافتح الباب وانقض
العهد الذي بينك وبين محمد، فقال كعب: لست بفاتح لك الباب ارجع من حيث
جئت، فقال حيى: ما يمنعك من فتح الباب الا جشيشتك (1) التي في التنور تخاف
ان أشركك فيها فافتح فإنك آمن من ذلك فقال له كعب: لعنك الله قد دخلت على
من باب دقيق ثم قال: افتحوا له الباب، ففتح له فقال: ويلك يا كعب انقض العهد
الذي بينك وبين محمد ولا ترد رأيي فان محمدا لا يفلت من هذه الجموع ابدا، فان
فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا.
قال: واجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود مثل غزال بن شمول
وياسر بن قيس ورفاعة بن زيد والزبير بن باطا فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا:
أنت سيدنا والمطاع فينا وصاحب عهدنا، فان نقضت نقضنا وان أقمت أقمنا معك،
وان خرجت خرجنا معك، فقال الزبير بن باطا - وكان شيخا كبيرا مجربا وقد ذهب
بصره -: قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبيا في آخر الزمان
يكون مخرجه بمكة ومهاجرته إلى المدينة في هذه البحيرة (2) يركب الحمار العرى
ويلبس الشملة ويجتزى بالكسيرات والتميرات وهو الضحوك القتال، في عينيه
الحمرة وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى، يبلغ
سلطانه منقطع الخف والحافر، فإن كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء جمعهم ولو ناوته (3)

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر والبحار ومن كتب العامة كالسيرة لابن هشام وفى
الأصل (حسيسك) بالسين والجشيشة: طعام يصنع من الجشيش وهو البر يطحن غليظا.
(2) قال الجزري: البحيرة: مدينة الرسول صلى الله عليه وآله.
(3) المناواة: المعاداة
247

هذه الجبال الرواسي لغلبها، فقال حيى: ليس هذا ذاك ذاك النبي من بني إسرائيل
وهذا من العرب من ولد إسماعيل، ولا يكون بنو إسرائيل اتباعا لولد إسماعيل
ابدا لان الله قد فضلهم على الناس جميعا، وجعل فيهم النبوة والملك، وقد عهد إلينا
موسى الا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، وليس مع محمد آية وانما
جمعهم جمعا وسخرهم ويريد ان يغلبهم بذلك فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه
فقال لهم: اخرجوا الكتاب الذي بينكم وبين محمد فأخرجوه فأخذه حيى بن أخطب
ومزقه وقال: قد وقع الامر فتجهزوا وتهيأوا للقتال وبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك فغمه
غما شديدا، وفزع أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لسعد بن معاذ وأسيد بن حصين و
كانا من الأوس وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس فانظرا ما صنعوا فان كانوا نقضوا
العهد فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلى وقولا عضل والقارة (1) فجاء سعد بن معاذ
وأسيد بن حصين إلى باب الحصن فأشرف عليهما كعب من الحصن فشتم سعدا وشتم
رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال له سعد: انما أنت ثعلب في جحر لتولين قريش وليحاصرنك
رسول الله ثم (لينزلنك؟) على الصغر والقماء (2) وليضربن عنقك، ثم رجعا إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله فقالا: عضل والقارة (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لعنا نحن أمرناهم بذلك
وذلك أنه كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله عيون لقريش يتجسسون أخباره (4) وكانت

(1) عضل والقارة: قبيلتان من كنانة غدروا بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه، حيث
طلبت من رسول الله صلى الله عليه وآله نفرا من المسلمين ليعلموهم فقالوا: يا رسول الله ان فينا اسلاما
فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عشرة من أصحابه
فيهم خبيب بن عدي ستة من المهاجرين وأربعة من الأنصار فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع وهو
ماء غدروا بهم وقتلوا منهم ستة أو ثمانية وأسروا خبيب إلى آخر ما ذكره المؤرخون وسيأتي من
المصنف بيان في ذلك.
(2) القماء: الذل والصغار.
(3) أي غدروا كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع.
(4) قوله (لعنا) قال المجلسي (ره) أي لعن العضل والقارة والمراد كل من غدر ثم قال: صلى الله
عليه وآله على سبيل التورية. نحن أمرناهم بذلك أي نحن أمرنا بني قريظة ان يظهروا الغدر للمصلحة
وهم موافقون لنا في الباطن وانما ذلك لئلا يكون هنالك عين من عيون قريش فيعلموا
بالغدر فيصير سببا لجرأتهم.
248

عضل والقارة قبيلتان من العرب دخلا في الاسلام ثم غدرا فكان إذا عدل أحد ضرب بهما
المثل فيقال: عضل والقارة.
ورجع حيى بن أخطب إلى أبي سفيان وقريش فأخبرهم بنقض بني قريظة العهد
بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله: ففرحت قريش بذلك، فلما كان في جوف الليل جاء
نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام
فقال: يا رسول الله قد آمنت بالله وصدقتك وكتمت ايمانى عن الكفرة، فان أمرتني
أن آتيك بنفسي وأنصرك بنفسي فعلت، وان أمرتني ان أخذل بين اليهود وبين قريش فعلت
حتى لا يخرجوا من حصنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اخذل بين اليهود وبين قريش فإنه أوقع
عندي، قال: فتأذن لي ان أقول فيك ما أريد؟ قال: قل ما بدا لك، فجاء إلى أبي سفيان
فقال له: أتعرف مودتي لكم ونصحي ومحبتي أن ينصركم الله على عدوكم،
وقد بلغني ان محمدا قد وافق اليهود ان يدخلوا بين عسكركم ويميلوا عليكم ووعدهم
إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه بنى النضير وقينقاع، فلا أرى ان
تدعوهم أن يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثوا به إلى مكة فتأمنوا مكرهم
وغدرهم، فقال أبو سفيان: وفقك الله وأحسن جزاك مثل من اهدى النصائح،
ولم يعلم أبو سفيان باسلام نعيم ولا أحد من اليهود، ثم جاء من فوره إلى بني قريظة
فقال له: يا كعب تعلم مودتي لكم وقد بلغني ان أبا سفيان قال: نخرج بهؤلاء اليهود
فنضعهم في نحر محمد فان ظفروا كان الذكر لنا دونهم، وإن كانت علينا كانوا هؤلاء
مقاديم الحرب فما أرى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة
من أشرافهم يكونون في حصنكم، انهم ان لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يردوا
عليكم عهدكم وعقدكم بين محمد وبينكم، لأنه ان ولت قريش ولم تظفروا بمحمد
عزاكم محمد فيقتلكم، فقالوا: أحسنت وأبلغت في النصيحة لا نخرج من حصننا
حتى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا.
249

وأقبلت قريش فلما نظروا إلى الخندق قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب
تعرفها قبل ذلك، فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه، فوافى عمرو بن عبد ود
وهبيرة بن وهب وضرار بن الخطاب إلى الخندق، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد صف
أصحابه بين يديه فصاحوا بخيلهم حتى طفروا الخندق (1) إلى جانب رسول الله
فصاروا أصحاب رسول الله كلهم خلف رسول الله وقدموا رسول الله صلى الله عليه وآله بين
أيديهم، وقال رجل من المهاجرين وهو فلان لرجل بجنبه من اخوانه: اما ترى
هذا الشيطان عمروا لا والله ما يفلت من يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله
ونلحق نحن بقومنا، فأنزل الله عز وجل: على نبيه صلى الله عليه وآله في ذلك الوقت:
قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لاخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس الا
قليلا أشحة عليكم إلى قوله تعالى: أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فاحبط الله
أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا وركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض
وأقبل يجول جولة ويرتجز ويقول:
ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز
ووقفت إذ جبن الشجاع مواقف القرن المناجز (2)
انى كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهز
ان الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرايز (3)
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد فوثب إليه أمير المؤمنين
صلوات الله عليه فقال: أنا له يا رسول الله، فقال: يا علي هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل (4)

(1) الطفرة -: الوثبة في ارتفاع.
(2) بح بححا: اخذه بحة وخشونة وغلظ في صوته والمناجزة في الحرب: المبارزة
والمقاتلة.
(3) الهزاهز: البلايا والحروب والشدائد التي تهز أي تحرك الناس والغريزة
الطبيعة.
(4) يليل: واد قريب من بدر وقيل له فارس يليل لأنه اقبل في ركب من قريش حتى إذ هو بيليل عرضت لهم بنو بكر في عدد فقال لأصحابه: امضوا فمضوا فقام في وجوه بنى بكر حتى منعهم
من أن يصلوا إليه فعرف بذلك.
250

فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله ادن منى فدنا منه فعممه بيده
ودفع إليه سيفه ذا الفقار وقال له: اذهب وقاتل بهذا وقال: اللهم احفظه من بين
يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، فمر أمير المؤمنين
صلوات الله عليه يهرول في مشيه وهو يقول:
لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز
ذو نية وبصيرة والصدق منجى كل فائز
انى لأرجو ان أقيم عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء يبقى صيتها الهزاهز (1)
فقال له عمرو: من أنت؟ قال: انا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وختنه فقال:
والله ان أباك كان لي صديقا ونديما وانى أكره أن أقتلك. ما امن ابن عمك حين بعثك
إلى أن اختطفك برمحي هذا فأتركك شائلا (2) بين السماء والأرض لا حي ولا
ميت، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: قد علم ابن عمى انك ان قتلتني دخلت
الجنة وأنت في النار، وان قتلتك فأنت في النار وأنا في الجنة. فقال عمرو: كلتاهما
لك يا علي، تلك إذا قسمة ضيزى فقال على صلوات الله عليه: دع هذا يا عمرو انى
سمعت منك وأنت متعلق بأستار الكعبة تقول: لا يعرضن على أحد في الحرب ثلاث
خصال الا أجبته إلى واحدة منها، وانا أعرض إليك ثلاث خصال فأجبني إلى واحدة
قال: هات يا علي، قال: أحدها تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال:
نح عنى هذا فاسأل الثانية، فقال: ان ترجع وترد هذا الجيش عن رسول الله صلى الله عليه وآله فان
يك صادقا فأنتم أعلى به عينا وان يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره (3) قال: إذا

(1) طعنة نجلاء أي واسعة.
(2) شائلا أي مرتفعا.
(3) قوله عليه السلام أعلى به عينا أي أبصر به وأعلم بحاله. وذؤبان العرب، صعاليكها
ولصوصها.
251

تتحدث نساء قريش وتنشد الشعراء في أشعارها انى جبنت ورجعت على عقبى من
الحرب وخذلت قوما رأسوني عليهم؟ فقال له أمير المؤمنين: فالثالثة ان تنزل إلى
قتالي فإنك فارس وانا راجل حتى أنابذك (1) فوثب عن فرسه وعرقبه (3) وقال:
هذه خصلة ما ظننت ان أحدا من العرب يسومني عليها (3) ثم بدأ فضرب أمير المؤمنين
صلوات الله عليه بالسيف على رأسه فاتقاه أمير المؤمنين بالدرقة (4) فقطعها وثبت
السيف على رأسه فقال له على صلوات الله عليه: يا عمر وما كفاك انى بارزتك وأنت
فارس العرب حتى استعنت على بظهير؟ فالتفت عمرو إلى خلفه فضربه أمير المؤمنين
صلوات الله عليه مسرعا إلى ساقيه فقطعهما جميعا وارتفعت بينهما عجاجة (5) فقال
المنافقون: قتل علي بن أبي طالب، ثم انكشفت العجاجة ونظروا فإذا أمير المؤمنين
صلوات الله عليه على صدره قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه ثم أخذ رأسه وأقبل إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو، وسيفه يقطر منه الدم وهو يقول
والرأس بيده:
انا ابن عبد المطلب (6) * الموت خير للفتى من الهرب
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي ماكرته؟ قال: نعم يا رسول الله الحرب خديعة
وبعث رسول الله الزبير إلى هبيرة بن وهب فضربه على رأسه ضربة فلق هامته وأمر
رسول الله صلى الله عليه وآله عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب، فلما برز إليه ضرار انتزع
له عمر سهما فقال له ضرار: ويلك يا ابن صهاك أترميني في مبارزة والله لئن رميتني لا
تركت عدويا بمكة الا قتلته، فانهزم عند ذلك عمر، ومر نحوه ضرار وضربه ضرار على رأسه

(1) المنابذة: المكاشفة والمقاتلة.
(2) عرقبه أي قطع عرقوبه والعرقوب: عصب غليظ فوق العقب.
(3) سام فلانا الامر: كلفه إياه.
(4) الدرقة - محركة -: الترس من جلود ليس فيها خشب ولا عقب.
(5) العجاج - كسحاب -: الغبار.
(6) في المصدر (انا على وابن عبد المطلب).
252

بالقناة ثم قال: احفظها يا عمر فانى آليت الا أقتل قرشيا ما قدرت عليه فكان عمر
يحفظ له ذلك بعد ما ولى وولاه.
فبقي رسول الله صلى الله عليه وآله يحاربهم في الخندق خمسة عشر يوما، فقال أبو سفيان
لحيى بن اخطب: ويلك يا يهودي أين قومك؟ فصار حيى بن أخطب إليهم فقال: ويلكم
اخرجوا فقد نابذكم الحرب فلا أنتم مع محمد ولا أنتم مع قريش؟ فقال كعب: لسنا
خارجين حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا انهم ان
لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يرد محمد علينا خلاف عهدنا وعقدنا فانا لا نأمن ان
تمر قريش ونبقى نحن في عقر دارنا ويغزونا محمد فيقتل رجالنا ويسبي نسائنا و
ذرارينا، وان لم نخرج لعله يرد علينا عهدنا، فقال له حيى بن أخطب: تطمع في غير
مطمع، قد نابذت العرب محمدا الحرب فلا أنتم مع محمد ولا أنتم مع قريش، فقال
كعب: هذا من شؤمك انما أنت طائر تطير مع قريش غدا وتتركنا في عقر دارنا و
يغزونا محمد، فقال له: لك عهد الله على وعهد موسى انه ان لم يظفر قريش بمحمد انى
أرجع معك إلى حصنك يصيبني ما يصيبك فقال كعب: هو الذي قد قلته لك ان أعطتنا
قريش رهنا يكونون عندنا والا لم نخرج، فرجع حيى بن اخطب إلى قريش فأخبرهم
فلما قال: يسألون الرهن قال أبو سفيان: هذا والله أول الغدر قد صدق نعيم بن مسعود
لا حاجة في اخوان القردة والخنازير، فلما طال على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الامر
واشتد عليهم الحصار وكانوا في وقت برد شديد واصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود
خوفا شديدا، وتكلم المنافقون بما حكى الله عز وجل عنهم ولم يبق أحد من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله الا نافق الا القليل، وقد كان رسول الله أخبر أصحابه ان العرب
تتحزب على ويجيئونا من فوق وتغدر اليهود ونخافهم من أسفل وانه يصيبهم جهد شديد
ولكن يكون العاقبة لي عليهم، فلما جاءت قريش وغدرت اليهود قال المنافقون: (ما
وعدنا الله ورسوله الا غرورا) وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة فقالوا: يا رسول الله
تأذن لنا ان نرجع إلى دورنا فإنها في أطراف المدينة وهو عورة، ونخاف اليهود ان
يغيروا عليها؟ وقال قوم: هلموا فنهرب ونصبر في البادية ونستجير بالاعراب، فان الذي
253

يعدنا محمد كان باطلا كله، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أصحابه ان يحرسوا المدينة
بالليل وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه على العسكر كله بالليل يحرسهم، فان
تحرك أحد من قريش نابذهم، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يجوز الخندق
ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلى فإذا أصبح رجع
إلى مركزه، ومسجد أمير المؤمنين صلوات الله عليه هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلى فيه
وهو مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة نشاب، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من أصحابه
الجزع لطول الحصار صعد إلى مسجد الفتح وهو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم،
فدعا الله عز وجل وناجاه فيما وعده وكان مما دعاه أن قال: يا صريخ المكروبين ويا
مجيب دعوة المضطرين ويا كاشف الكرب العظيم أنت مولاي ووليي وولى آبائي
الأولين، اكشف عنا غمنا وهمنا وكربنا، واكشف عنا شر هؤلاء القوم بقوتك وحولك
وقدرتك، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد ان الله عز وجل قد سمع مقالتك و
أجاب دعوتك وأمر الدبور وهي الريح مع الملائكة ان تهزم قريشا والأحزاب وبعث
الله عز وجل على قريش الدبور فانهزموا وقلعت أخبيتهم، ونزل جبرئيل فأخبره بذلك
فنادى رسول الله صلى الله عليه وآله حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وكان قريبا منه فلم يجبه، ثم
ناداه ثانيا فلم يجبه، ثم ناداه الثالثة فقال: لبيك يا رسول الله، قال: أدعوك فلا
تجيبني؟ قال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي من الخفوف والبرد والجوع فقال: ادخل في
القوم وائتنا بأخبارهم ولا تحدثن حدثا حتى ترجع إلى فان الله قد أخبرني انه قد ارسل
الرياح على قريش وهزمهم، قال حذيفة: فمضيت وانا انتفض من البرد، فوالله ما
كان الا بقدر ما جزت الخندق حتى كأني في حمام فقصدت خباء عظيما فإذا نار تخبو
وتوقد، وإذا خيمة فيها أبو سفيان قد دلا خصيتيه على النار وهو ينتفض من شدة البرد و
يقول: يا معشر قريش ان كنا نقاتل أهل السماء بزعم محمد فلا طاقة لنا بأهل السماء
وان كنا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم، ثم قال: لينظر كل رجل منكم إلى جليسه
لا يكون لمحمد عين فيما بيننا قال حذيفة: فبادرت أنا فقلت للذي عن يميني: من أنت؟
فقال: أنا عمرو بن العاص، ثم قلت للذي عن يسارى: من أنت؟ قال: انا معاوية، و
254

انما بادرت إلى ذلك لئلا يسألني أحد من أنت، ثم ركب أبو سفيان راحلته وهي
معقولة ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا تحدث حدثا حتى ترجع إلى لقدرت ان
أقتله ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان لابد من أن أقيم أنا وأنت على
ضعفاء الناس، ثم قال: ارتحلوا انا مرتحلون ففروا منهزمين، فلما أصبح رسول الله
صلى الله عليه وآله قال لأصحابه: لا تبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة وبقى رسول الله صلى الله عليه وآله
في نفر يسير وكان أبو عرقد الكناني رمى سعد بن معاذ بسهم في الخندق فقطع أكحله
فنزفه الدم (1) فقبض سعد على أكحله بيده ثم قال: اللهم ان كنت أبقيت من حرب
قريش شيئا فابقني لها فلا أحد أحب إلى محاربتهم من قوم حاربوا الله ورسوله، وإن كانت
الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين قريش فاجعلها لي شهادة ولا
تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة، فأمسكت الدم وتورمت يده وضرب له رسول الله
صلى الله عليه وآله في المسجد خيمة وكان يتعاهده بنفسه. فأنزل الله عز وجل يا أيها الذين
آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم و
تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم يعنى بني قريظة
حين غدروا وخافوهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب
الحناجر إلى قوله: ان يريدون الا فرارا وهم الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله تأذن
لنا نرجع إلى منازلنا فإنها في أطراف المدينة، ونخاف اليهود عليها. فأنزل الله
عز وجل فيهم: ان بيوتنا عورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرارا إلى قوله تعالى
وكان ذلك على الله يسيرا ونزلت هذه الآية في الثاني لما قال لعبد الرحمن بن عوف:
هلم ندفع محمدا إلى قريش ونلحق نحن بقومنا.
38 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه: ولان الصبر على ولاة الامر مفروض لقول الله عز وجل لنبيه
صلى الله عليه وآله (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) وايجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل
طاعته بقوله: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.

(1) نزفه الدم أي سال كثيرا حتى أضعفه
255

39 - وفيه أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام كلام طويل وفيه واما قولكم انى
جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله قد
جعل الحكم إلى سعد يوم بني قريظة وكان احكم الناس. وقد قال الله: (لقد كان
لكم في رسول الله أسوة حسنة) فتأسيت برسول الله صلى الله عليه وآله.
40 - في مجمع البيان قال ثعلبة بن حاطب وكان رجلا من الأنصار للنبي
صلى الله عليه وآله: ادع الله أن يرزقني مالا، فقال: يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خير من كثير لا
تطيقه أمالك في رسول الله أسوة حسنة، والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال
معي ذهبا وفضة لسارت.
41 - في أصول الكافي أحمد بن مهران رحمه الله رفعه وأحمد بن إدريس و
محمد بن عبد الجبار الشيباني قال: حدثني القاسم بن محمد الرازي قال: حدثني على
ابن محمد الهرمزاي عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام قال: لما قبضت
فاطمة عليها السلام دفنها أمير المؤمنين عليه السلام سرا وعفى على موضع قبرها (1) ثم قال:
فحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: السلام عليك يا رسول الله عنى والسلام
عليك عن ابنتك والبائتة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق (2) بك
قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفى عن سيدة نساء العالمين تجلدي (3) الا ان
في التأسي لي بسنتك في فرقتك موضع تعز والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
42 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان
عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نام رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصبح والله
عز وجل أنامه حتى طلعت الشمس عليه، وكان ذلك رحمة من ربك للناس، الا ترى لو أن
رجلا نام حتى تطلع الشمس لعيره الناس وقالوا: لا تتورع لصلاتك فصارت أسوة و
سنة، فان قال رجل لرجل: نمت عن الصلاة، قال: قد نام رسول الله صلى الله عليه وآله فصارت أسوة

(1) العفو: المحو: وعفى على الأرض: غطاها بالنبات.
(2) في الوافي: والمختار الله إضافة إلى الفاعل ومفعوله سرعة اللحاق.
(3) عفى عن الشئ: أمسك عنه. والتجلد: تكلف الجلد - بالتحريك - وهو القوة والشدة.
256

ورحمة، رحم الله سبحانه بها هذه الأمة.
43 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن سعيد
الأعرج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سلم في ركعتين
فسأله من خلفه يا رسول الله أحدث في الصلاة شئ؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: انما صليت
ركعتين قال: أكذلك يا ذا اليدين وكان يدعى ذا الشمالين، فقال: نعم فبنى على صلاته
فأتم الصلاة أربعا وقال: ان الله هو أنساه رحمة للأمة، ألا ترى لو أن رجلا صنع هذا
لعير وقيل: ما تقبل صلاتك، فمن دخل عليه اليوم ذاك قال: قدمن رسول الله صلى الله عليه وآله
وصارت أسوة وسجد سجدتين لمكان الكلام.
44 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر بوضوئه وسواكه
يوضع عند رأسه مخمرا (1) فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع
ركعات، ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلى أربع ركعات ثم يرقد، حتى إذا كان
في وجه الصبح قام فأوتر ثم صلى الركعتين ثم قال: (لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة)
45 - في كتاب الخصال عن عتبة بن عمر الليثي عن أبي ذر رحمه الله قال:
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في المسجد جالس إلى أن قال: قال صلى الله عليه وآله: عليك بتلاوة
كتاب الله، وذكر الله كثيرا، فإنه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض.
46 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم وصف الله عز وجل المؤمنين أي المصدقين
بما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما يصيبهم في الخندق من الجهد فقال جل ذكره: ولما
رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما
زادهم الا ايمانا يعنى ذلك الجهد والخوف وتسليما.
47 - في الكافي حميد عن ابن سماعة عن عبد الله بن جبلة عن محمد بن
مسعود الطائي عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

(1) خمر الشئ: ستره
257

من استقبل جنازة أو رآها فقال: الله أكبر هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله
وصدق الله اللهم زدنا ايمانا وتسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت
لم يبق في السماء ملك الا بكى رحمة لصوته.
48 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن
سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في
كتابه فقال: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه
ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا انكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا.
وانكم لم تبدلوا بنا غيرنا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
49 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن
ميمون القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي من أحبك ثم
مات فقد قضى نحبه، ومن أحبك ولم يمت فهو ينتظر، وما طلعت شمس ولا غربت الا
طلعت عليه برزق وايمان وفى نسخة نور.
50 - في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام عن أمير المؤمنين
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ولقد كنت عاهدت الله تعالى ورسوله انا وعمى حمزة
وأخي جعفر وابن عمى عبيدة على أمر وفينا به لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله فتقدمني
أصحابي وتخلفت بعدهم لما أراد الله تعالى فأنزل الله فينا (من المؤمنين رجال صدقوا
ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) حمزة وجعفر و
عبيدة وانا والله المنتظر يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا.
51 - عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: هذه شرائع الدين
إلى أن قال عليه السلام: والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهم عليه السلام
وأحبته مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن
ياسر وجابر بن عبد الله الأنصاري وحذيفة بن اليمان وأبى الهيثم بن التيهان وسهل بن
حنيف وأبى أيوب الأنصاري وعبد الله بن الصامت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت
ذي الشهادتين وأبى سعيد الخدري ومن نحى نحوهم وفعل مثل فعلهم، والولاية
258

لاتباعهم والمقتدين بهم وبهداهم واجبة.
52 - في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام
وشرائع الدين والولاية لأمير المؤمنين عليه السلام والذين مضوا على منهاج نبيهم،
ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري، وذكر نحو ما نقلنا
عن الخصال بتغيير يسير.
53 - في مجمع البيان وروى أبو القاسم الحسكاني عن عمرو بن ثابت عن أبي
إسحاق عن علي عليه السلام قال: فينا نزلت: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) فانا والله
المنتظر ما بدلت تبديلا.
54 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله فصل فيما نذكره من
مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب الأول من تفسير أبى جعفر محمد بن علي بن
الحسين صلوات الله عليهما رواية أبى الجارود عنه وقال بعد هذا: فصل فيما نذكره من
الجزء الثالث من تفسير الباقر عليه السلام من وجهة ثانية من ثاني سطر بلفظه واما قوله:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) يقول: كونوا مع علي بن أبي طالب
وآل محمد، قال الله: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فمنهم من قضى نحبه، وهو حمزة بن عبد المطلب (ومنهم من ينتظر) وهو علي بن أبي
أبى طالب يقول الله (وما بدلوا تبديلا) وقال الله: (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
وهم هيهنا آل محمد.
55 - في ارشاد المفيد رحمه الله في مقتل الحسين عليه السلام: ان الحسين
مشى إلى مسلم بن عوسجة لما صرع فإذا به رمق فقال: رحمك الله يا مسلم (فمنهم
من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
56 - في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنف ان الحسين عليه السلام لما أخبر بقتل
رسوله عبد الله بن يقطر تغرغرت عينه بالدموع (1) وفاضت على خديه ثم قال: (و

(1) أي ترددت فيها الدموع.
259

منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
57 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب ان أصحاب الحسين عليه السلام بكربلا
كانوا كل من أراد الخروج ودع الحسين عليه السلام وقال: السلام عليك يا ابن رسول الله
فيجيبه: وعليك السلام ونحن خلفك ويقرأ (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر).
58 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن
سنان عن نصير أبى الحكم الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المؤمن مؤمنان فمؤمن
صدق بعهد الله عز وجل ووفى بشرطه، وذلك قول الله عز وجل: (رجل صدقوا ما عاهدوا
الله عليه) وذلك الذي لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة، وذلك ممن يشفع ولا
يشفع له، ومؤمن كخامة الزرع (1) يعوج أحيانا ويقوم أحيانا، فذلك ممن يصيبه
أهوال الدنيا وأهوال الآخرة وذلك ممن يشفع له ولا يشفع.
59 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن عبد الله عن خالد القمي
عن خضر بن عمرو عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان: مؤمن
وفى لله عز وجل بشروطه التي اشترطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فذلك ممن يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا يصيبه
أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة، ومؤمن زلت به قدم، وذلك كخامة الزرع كيف
ما كفته الريح انكفا، وذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الآخرة ويشفع له و
هو على خير.
60 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن الحسن بن علي عليه السلام
حديث طويل يقول فيه لمعاوية: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله أبا سفيان في سبعة مواطن إلى
قوله: والرابع يوم حنين جاء أبو سفيان بجمع من قريش وهوازن وجاء عيينة
بغطفان واليهود فردهم الله عز وجل بغيظهم لم ينالوا خيرا، هذا قول الله عز وجل الذي
أنزله في سورتين في كلتيهما يسمى أبا سفيان وأصحابه كفارا، وأنت يا معاوية يومئذ

(1) الخامة من الزرع: أول ما ينبت على ساق، وقيل: الطاقة الغضة وقيل:
الشجرة الغضة
260

مشرك على رأى أبيك بمكة، وعلي يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى رأيه ودينه.
61 - في مجمع البيان وكفى الله المؤمنين القتال قيل بعلى بن أبي طالب وقتله
عمرو بن عبد ود، وكان ذلك سبب هزيمة القوم وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
62 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل:
ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال
بعلى بن أبي طالب صلوات الله عليه وكان الله قويا عزيزا ونزل في بني قريظة وانزل
الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا
تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وارضا لم تطؤها وكان الله على
كل شئ قديرا فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة واللواء معقود أراد أن يغتسل
من الغبار فناداه جبرئيل عليه السلام عذيرك من محارب (1) والله ما وضعت الملائكة
لامتها فكيف تضع لامتك؟ (2) ان الله عز وجل يأمرك ان لا تصلى العصر
الا ببنى قريظة فانى متقدمك ومزلزل بهم حصنهم، انا كنا في آثار القوم نزجرهم
زجرا حتى بلغوا حمراء الأسد، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فاستقبله حارثة بن
النعمان فقال له: ما الخبر يا حارثة؟ فقال: بابى أنت وأمي يا رسول الله هذا دحية
الكلبي ينادى في الناس الا لا يصلين العصر أحد الا في بني قريظة، فقال صلى الله عليه وآله: ذاك
جبرئيل ادعوا عليا فجاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال له: ناد في الناس: لا يصلين
أحد العصر الا في بني قريظة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين صلوات الله عليه
بين يديه مع الراية العظمى. وكان حيى بن أخطب لما انهزمت قريش جاء فدخل
حصن بني قريظة، فجاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه فأحاط بحصنهم فأشرف عليهم
كعب بن أسيد (3) من الحصن يشتمهم ويشتم رسول الله صلى الله عليه وآله، فاقبل رسول الله على
حمار فاستقبله أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله

(1) عذيرك من فلان أي هات من يعذرك فيه، فعيل بمعنى فاعل.
(2) اللامة: الدرع.
(3) في المصدر (أسد) وهو الصحيح وكذا فيما يأتي وقد مر أيضا.
261

لا تدن من الحصن، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي لعلهم شتموني انهم لو رأوني لاذلهم الله،
ثم دنا رسول الله صلى الله عليه وآله من حصنهم فقال: يا اخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت
أتشتموني انا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم، فأشرف عليهم كعب بن أسيد من
الحصن فقال: والله يا أبا القاسم ما كنت جهولا فاستحيى رسول الله حتى سقط الرداء من
ظهره حياء مما قاله، وكان حول الحصن نخل كثير فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وآله
فتباعد عنه وتفرق في المفازة وانزل رسول الله صلى الله عليه وآله العسكر حول حصنهم
فحاصرهم ثلاثة أيام فلم يطلع أحد منهم رأسه، فلما كان بعد ثلاثة أيام نزل إليه
غزال بن شمول فقال: يا محمد تعطينا ما أعطيت اخواننا من بنى النضير احقن
دماءنا ونخلي لك البلاد وما فيها ولا نكتمك شيئا، فقال: لا أو تنزلون على
حكمي، فرجع وبقوا أياما فشكى النساء والصبيان إليهم وجزعوا جزعا شديدا،
فلما اشتد عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله
بالرجال فكتفوا وكانوا سبعمأة وامر بالنساء فعزلوا وأقامت الأوس إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله حلفاؤنا وموالينا من دون الناس نصرونا على
الخزرج في المواطن كلها، وقد وهبت لعبد الله بن أبي سبعمأة دراع وثلاثمأة حاسر
(1) في صبيحة واحدة وليس نحن بأقل من عبد الله بن أبي، فلما أكثروا على رسول الله
صلى الله عليه وآله قال لهم: أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟ فقالوا: بلى و
من هو؟ قال: سعد بن معاذ قالوا: قد رضينا بحكمه، فأتوا به في محفة (2) واجتمعت
الأوس حوله يقولون: يا أبا عمر واتق الله وأحسن في حلفائك ومواليك فقد
نصرونا ببعاث والحدائق والمواطن كلها، فلما أكثروا عليه قال: لقد آن لسعد أن
لا يأخذه في الله لومة لائم، فقالت الأوس: وا قوماه ذهبت والله بنو قريظة آخر
الدهر وبكى النساء والصبيان إلى سعد، فلما سكتوا قال لهم سعد: يا معشر اليهود
أرضيتم بحكمي فيكم؟ قالوا: بلى قد رضينا بحكمك وقد رجونا نصفك وحسن

(1) الحاسر: الذي لا مغفر عليه ولا درع.
(2) المحفة: سرير يحمل عليه المريض أو المسافر.
262

نظرك، فعاد عليهم القول فقالوا: بلى يا أبا عمرو فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اجلالا
له فقال: ما ترى بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: احكم فيهم يا سعد فقد رضيت
بحكمك فيهم، فقال: قد حكمت يا رسول الله أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم و
ذراريهم وتقسم غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: قد حكمت بحكم الله عز وجل فوق سبعة أرقعة (1) ثم انفجر جرح سعد بن
معاذ فما زال ينزفه الدم حتى قضى، وساقوا الأسارى إلى المدينة فأمر رسول الله
صلى الله عليه وآله بأخدود (2) فحفرت بالبقيع، فلما أمسى أمر باخراج رجل رجل فكان يضرب
عنقه، فقال حيى بن أخطب لكعب بن أسيد: ما ترى يصنع بهم؟ فقال له: ما يسوءك
اما ترى الداعي لا يقلع (3) والذي يذهب لا يرجع فعليكم بالصبر والثبات على دينكم
فاخرج كعب بن أسيد مجموعة يديه إلى عنقه وكان جميلا وسميا (4) فلما نظر إليه
رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: يا كعب اما نفعك وصية ابن الحواس الحبر الذكي الذي قدم
عليكم من الشام؟ فقال: تركت الخمر والخمير وجئت إلى البؤس والتمور لنبي يبعث
مخرجه بمكة ومهاجرته في هذه البحيرة يجتزى بالكسيرات والتميرات ويركب
الحمار العرى، في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة، يصنع سيفه على عاتقه لا يبالي
من لاقى منكم يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر؟ فقال: قد كان ذلك يا محمد ولولا أن
اليهود يعيروني انى جزعت عند القتل لامنت بك وصدقتك ولكني على دين اليهود
عليه أحيى وعليه أموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قدموه فاضربوا عنقه فضربت، ثم قدم حيى

(1) قال الجزري سبعة ارقعة يعنى سبع سماوات، وكل سماء يقال لها رقيع والجمع
ارقعة. وقيل: الرقيع اسم سماء الدنيا فأعطى كل سماء اسمها.
(2) الأخدود: الحفرة المستطيلة.
(3) في البحار (ما يسوءك) أي لا تحزن من ذلك أو ما استفهامية أي أي شئ يعتريك
من السوء فصرت بحيث لا تعقل مثل هذا الامر الواضح أو موصولة أي الذي يسوءك وهو القتل.
وقوله (لا يقلع) أي لا يكف عن دعوتهم واذهابهم، يذهب بواحد بعد واحد.
(4) الوسيم: الحسن الوجه.
263

بن أخطب فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا فاسق كيف رأيت صنع الله بك؟ فقال: والله
يا محمد ما ألوم نفسي في عداوتك ولو قلقلت كل مقلقل (1) وجهدت كل الجهد ولكن
من يخذل الله يخذل، ثم قال حين قدم للقتل:
لعمري ما لام ابن أخطب نفسه * ولكنه من يخذل الله يخذل
فقدم وضرب عنقه، فقتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله في البردين بالغداة والعشي في ثلاثة
أيام، وكان يقول: اسقوهم العذب وأطعموهم الطيب وأحسنوا أساراهم حتى قتلهم
كلهم، فأنزل الله عز وجل فيهم (وانزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم)
أي من حصونهم (وقذف في قلوبهم الرعب) إلى قوله تعالى: (وكان الله على كل
شئ قديرا).
63 - واما قوله عز وجل: يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا
إلى قوله تعالى اجرا عظيما فإنه كان سبب نزولها انه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله
من غزوة خيبر وأصاب كنز آل أبي الحقيق قلن أزواجه إعطنا ما أصبت فقال لهن رسول
الله صلى الله عليه وآله قسمته بين المسلمين على ما أمر الله عز وجل، فغضبن من ذلك وقلن: لعلك
ترى انك ان طلقتنا ان لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجونا؟ فأنف الله عز وجل لرسوله
فأمره ان يعتزلهن فاعتزلهن رسول الله صلى الله عليه وآله في مشربة أم إبراهيم تسعة وعشرين
يوما حتى حضن وطهرن، ثم انزل الله عز وجل هذه الآية وهي آية التخيير، فقال:
(يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن) إلى
قوله تعالى: (اجرا عظيما) فقامت أم سلمة أول من قامت فقالت: قد اخترت الله ورسوله
فقمن كلهن فعانقنه وقلن مثل ذلك، فأنزل الله عز وجل: (ترجى من تشاء منهن وتؤوى
إليك من تشاء) فقال الصادق عليه السلام: من آوى فقد نكح ومن أرجى فقد طلق، وقوله
عز وجل: (ترجى من تشاء منهن) مع هذه الآية قوله عز وجل: (يا أيها النبي قل لأزواجك
إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وان
كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منهن اجرا عظيما) وقد

(1) قلقله فتقلقل: أي حركه فتحرك.
264

أخرت عنها في التأليف.
64 - في الكافي حميد عن ابن سماعة عن ابن رباط عن عيص بن القاسم عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت؟ قال: لا انما
هذا شئ كان لرسول الله صلى الله عليه وآله خاصة، أمر بذلك ففعل، ولو اخترن أنفسهن لطلقهن
وهو قول الله عز وجل (قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن) وأسرحكن سراحا جميلا).
65 - حميد عن ابن سماعة عن محمد بن زياد وابن رباط عن أبي أيوب الخزاز
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انى سمعت أباك يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله خير نسائه
فاخترن الله ورسوله فلم يمسكهن على طلاق، ولو اخترن أنفسهن لبن، فقال: ان هذا
حديث كان يرويه أبى عن عائشة وما للناس والخيار؟ انما هذا شئ خص الله به
رسول الله صلى الله عليه وآله.
66 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن
الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال ذكر أبو عبد الله عليه السلام ان زينب قالت لرسول الله
صلى الله عليه وآله: لا تعدل وأنت رسول الله، وقالت حفصة: ان طلقتنا وجدنا أكفاءنا من قومنا
فاحتبس الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله عشرين يوما، فقال: فأنف الله لرسوله فأنزل:
(يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها) إلى قوله (اجرا
عظيما) قال: فاخترن الله ورسوله ولو اخترن أنفسهن لبن، وان اخترن الله ورسوله
فليس بشئ.
67 - حميد عن ابن سماعة عن جعفر بن سماعه عن داود بن سرحان عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن زينب بنت جحش قالت: يرى رسول الله ان خلى سبيلنا ان لا نجد
زوجا غيره وقد كان اعتزل نساءه تسعة وعشرين ليلة، فلما قالت زينب الذي قالت،
بعث الله جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله فقال: (قل لا زواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا و
زينتها فتعالين أمتعكن) الآيتين كلتيهما فقلن: بل نختار الله ورسوله والدار الآخرة.
68 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نصر عن حماد عثمان عن
265

عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام ان بعض نساء النبي صلى الله عليه وآله قالت أيرى
محمد انه لو طلقنا الا نجد الأكفاء من قومنا، قال: فغضب الله عز وجل له من فوق
سبع سماواته فأمره فخيرهن حتى انتهى إلى زينب بنت جحش، فقامت فقبلته وقالت
اختار الله ورسوله.
69 - حميد عن الحسن بن سماعة عن وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي جعفر
عليه السلام قال: إن زينب بنت جحش قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: لا تعدل وأنت نبي؟ فقال:
تربت يداك (1) إذا لم أعدل من يعدل؟ قالت: دعوت الله يا رسول الله ليقطع يداي؟
فقال: لا ولكن لتتربان فقالت: انك لو طلقتنا وجدنا في قومنا اكفاء، فاحتبس
الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله تسعا وعشرين ليلة، ثم قال أبو جعفر عليه السلام فأنف لرسوله عليه
السلام فأنزل عز وجل: (يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا)
الآيتين فاخترن الله ورسوله ولم يكن شيئا، ولو اخترن أنفسهن لبن.
وعنه عن عبد الله بن جبلة عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير مثله.
70 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكى عن زرارة
قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله عز وجل أنف لرسوله صلى الله عليه وآله مقالة قالتها بعض
نسائه فأنزل الله آية التخيير فاعتزل رسول الله صلى الله عليه وآله نساءه تسعا وعشرين ليلة
في مشربة أم إبراهيم، ثم دعاهن فخيرهن فاخترنه، فلم يك شيئا، ولو اخترن
أنفسهن كانت واحدة بائنة، قال: وسألته عن مقالة المرأة ما هي؟ قال: فقال:
انها قالت: أيرى محمد انه لو طلقنا الا تأتينا الأكفاء من قومنا يتزوجونا؟.
71 - في مجمع البيان وروى الواحدي بالاسناد عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا مع حفصة فتشاجرا بينهما فقال لها: هل لك
ان اجعل بيني وبينك رجلا؟ قالت: نعم فأرسل إلى عمر فلما ان دخل عليها قال لها
تكلمي، قالت: يا رسول الله تكلم ولا تقل الا حقا فرفع عمر يده فوجأ وجهها فقال له
النبي صلى الله عليه وآله: كف فقال عمر: يا عدوة الله النبي لا يقول الا حقا؟ والذي بعثه بالحق

(1) قال الجوهري: تربت يداك: أي لا أصبت خيرا.
266

لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي، فقام النبي صلى الله عليه وآله فصعد إلى غرفة فمكث فيها شهرا
لا يقرب شيئا من نساءه يتغدى ويتعشى فيها، فأنزل الله عز وجل هذه الآيات.
72 - واختلف العلماء في حكم التخيير على أقوال: (أحدها) ان الرجل إذا خير
امرأته فاختارت فلا شئ وان اختارت نفسها يقع تطليقة واحدة وهو قول عمر بن
الخطاب وابن مسعود، واليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه (وثانيها) انه إذا اختارت نفسها
يقع ثلاث تطليقات وان اختارت زوجها يقع واحدة وهو قول زيد بن ثابت واليه ذهب
مالك (وثالثها) انه ان نوى الطلاق كان طلاقا والا فلا وهو مذهب الشافعي (ورابعها) انه
لا يقع بالتخيير طلاق وانما كان ذلك للنبي صلى الله عليه وآله خاصة ولو اخترن أنفسهن لما خيرهن
لبن منه، فاما غيره فلا يجوز له ذلك، وهو المروى عن أئمتنا عليهم السلام.
73 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران عن عبد -
الكريم بن عمرو عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام وذكر حديثا طويلا ثم قال:
وعنه عن عاصم بن حميد عن أبي بصير وغيره في تسمية نساء النبي صلى الله عليه وآله ونسبهن و
وصفهن: عائشة وحفصة وأم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب، وزينب بنت جحش،
وسودة بنت زمعة، وميمونة بنت الحارث، وصفية بنت حيى بن اخطب وأم سلمة بنت أبي
أمية وجويرية بنت الحارث وكانت عائشة من تيم وحفصة من عدى وأم سلمة من
بنى مخزوم، وسودة من بنى أسد، وعدادها من بنى أمية، وأم حبيب بنت أبي سفيان
من بنى أمية، وميمونة بنت الحارث من بنى هلال وصفية بنت حيى بن أخطب من
بني إسرائيل، ومات صلى الله عليه وآله عن تسع، وكان له سواهن التي وهبت نفسها للنبي و
خديجة بنت خويلد أم ولده، وزينب بنت أبي الجون التي خدعت والكندية.
74 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام
قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس عشرة امرأة ودخل بثلاث عشر امرأة منهن، وقبض
عن تسع فاما اللتان لم يدخل بهما فعمرة والسيفا (6) واما الثلاث عشرة اللاتي دخل

(6) قد اختلفت نسخ الكتاب والمصدر في اللفظة ففي بعضها (شليباء) وفى أخرى (شباء)
وفى ثالثة (سيناء) والمذكور في ذيل السيرة لابن هشام ج 2 ص 648 (سبا بنت أسماء بن الصلت).
267

بهن فأولهن خديجة بنت خويلد، ثم سودة بنت زمعة، ثم أم سلمة واسمها هند بنت أبي
أمية، ثم أم عبد الله عائشة بنت أبي بكر، ثم حفصة بنت عمر، ثم زينب بنت خزيمة بن
الحارث أم المساكين، ثم زينب بنت جحش، ثم أم حبيب رملة بنت أبي سفيان ثم
ميمونة بنت الحارث، ثم زينب بنت عميس، ثم جويرية بنت الحارث، ثم صفية بنت
حيى بن أخطب، والتي وهبت نفسها للنبي خولة بنت حكيم السلمى، وكان له
سريتان يقسم لهما مع أزواجه: مارية القبطية وريحانة الخندفية، والتسع اللاتي
قبض عنهن عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب بنت جحش وميمونة بنت الحارث أم حبيب
بنت أبي سفيان، وجويرية وسودة وأفضلهن خديجة بنت خويلد ثم أم سلمة ثم ميمونة.
75 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن
عبد الله بن غالب عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن حماد عن حريز قال: يألت أبا عبد الله
عليه السلام عن قول الله عز وجل: يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها
العذاب ضعفين قال: الفاحشة الخروج بالسيف.
76 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: اجرها مرتين والعذاب
ضعفين، كل هذا في الآخرة حيث يكون الاجر ويكون العذاب.
77 - في مجمع البيان وروى محمد بن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن
علي بن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن علي بن الحسين زين العابدين عليهم السلام أنه قال
رجل: انكم أهل بيت مغفور لكم، قال: فغضب وقال: نحن أحرى ان يجرى فينا ما
أجرى الله في أزواج النبي صلى الله عليه وآله من أن نكون كما تقول، انا نرى لمحسننا ضعفين من الاجر
ولمسيئنا ضعفين من العذاب، ثم قرء الآيتين.
78 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الله بن مسعود عن
النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ان يوشع بن نون وصى موسى عليه السلام عاش
بعد موسى ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام فقالت: انا
أحق منك بالامر، فقاتلها فقتل مقاتليها وأحسن أسرها، وان ابنة أبي بكر ستخرج على
علي في كذا وكذا ألفا من أمتي، فيقاتلها فيقتل مقاتليها ويأسرها فيحسن أسرها، و
268

فيها أنزل الله تعالى: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى يعنى صفيراء
بنت شعيب.
79 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا حميد بن زياد عن محمد بن الحسين عن
محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام في هذه الآية:
(ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) قال: أي ستكون جاهلية أخرى.
80 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه ان النبي صلى الله عليه وآله قال -
بعد ان ذكر ليلة اسرى به إلى السماء -: ورأيت امرأة معلقة برجليها في تنور من نار،
إلى قوله صلى الله عليه وآله: واما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها.
81 - في كتاب الخصال عن علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
في وصيته له: يا علي ليس على النساء جمعة إلى أن قال: ولا تخرج من بيت زوجها الا باذنه
وان خرجت بغير اذنه لعنها الله وجبرئيل وميكائيل.
82 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد والحسن بن علي بن النعمان عن أبيه
عن علي بن النعمان عن محمد بن سنان يرفعه قال: إن عائشة قالت: التمسوا لي رجلا شديد
العداوة لهذا الرجل حتى أبعثه إليه، قال: فأتيت به فمثل بين يديها فرفعت إليه رأسها
فقالت له: ما بلغ من عداوتك لهذا الرجل؟ فقال لها: كثيرا ما أتمنى على ربى أنه و
أصحابه في وسطى فضربت ضربة بالسيف، فسبق السيف الدم، قالت: فأنت له اذهب
بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعنا رأيته أو مقيما، اما انك ان رأيته رأيته راكبا على بغلة رسول
الله صلى الله عليه وآله منتكبا قوسه معلقا كنانته بقربوس سرجه وأصحابه كأنهم طير صواف
قال: فاستقبله راكبا كما قالت فناوله الكتاب ففص خاتمه ثم قرأه فقال: تبلغ إلى
منزلنا فتصيب من طعامنا وشرابنا ونكتب جواب كتابك؟ فقال: هذا والله
ما لا يكون، قال: فسار خلفه فأحدق به أصحابه ثم قال له: أسئلك قال: نعم قال:
وتجيبني؟ قال: نعم قال: نشدتك هل قالت: التمسوا لي رجلا شديد العداوة لهذا
الرجل فأتى بك فقالت لك: ما بلغ من عداوتك لهذا الرجل؟ فقلت: كثيرا ما أتمنى
على ربى انه وأصحابه في وسطى وانى ضربت ضربة سبق السيف الدم؟ قال: اللهم نعم قال:
269

فنشدتك الله هل قالت لك: اذهب بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعنا أو مقيما اما انك ان
رأيته رأيته راكبا على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله متنكبا قوسه معلقا كنانته بقربوس سرجه
أصحابه به خلفه كأنهم طير صواف فتعطيه كتابي هذا؟ قال: اللهم نعم، قال: فنشدتك الله
هل قالت لك: ان عرض عليك طعامه وشرابه فلا تناولن منه شيئا فان فيه السحر؟
قال: اللهم نعم، قال: فتبلغ عنى؟ قال: قال اللهم نعم فانى قد اتيتك وما في الأرض خلق
أبغض إلى منك وأنا الساعة ما في الأرض خلق أحب إلى منك فمرني بما شئت، قال:
ارجع إليها بكتابي هذا وقل لها: ما أطلعت الله ولا رسوله حيث أمرك بلزوم بيتك فخرجت
ترددين في العساكر، وقل لهم: ما أنصفتم الله ولا رسوله خلفتم حلائلكم في
بيوتكم وأخرجتم حليلة رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فجاء بكتابه إليها وأبلغها
مقالته ثم رجع إليه فأصيب بصفين، فقالوا: ما نبعث إليه بأحد الا أفسده علينا.
83 - في كتاب علل الشرائع أبى رضي الله عنه قال: حدثني سعد بن عبد الله عن
محمد بن إسماعيل عن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عيسى عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد -
الله عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: المرأة عليها اذان وإقامة؟
فقال: إن كان تسمع اذان القبيلة فليس عليها أكثر من الشهادتين، لان الله تبارك
وتعالى قال للرجال: (أقيموا الصلاة) وقال للنساء: وأقمن الصلاة وآتين
الزكاة وأطعن الله ورسوله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
84 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
قال: نزلت هذه الآية في رسول الله وعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين
صلوات الله عليهم، وذلك في بيت أم سلمة زوج النبي فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا (أمير
المؤمنين خ ل) وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ثم ألبسهم كساء له خيبريا
(1) ودخل معهم فيه، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وعدتني فيهم مما وعدتني، اللهم
اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وانا معهم يا رسول الله؟ قال:

(1) وفى بعض النسخ (حبريا) مكان (خيبريا).
270

أبشري يا أم سلمة فإنك إلى خير.
85 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في
الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفيه فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟
فقال الرضا عليه السلام: الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال تعالى: (انما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وهم الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انى
مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل الا وانهما لن يفترقا حتى يردا على
الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما، أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.
86 - وفيه في هذا الباب يقول الرضا عليه السلام في الحديث المذكور والآية
الثانية في الاصطفاء قوله عز وجل: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و
يطهركم تطهيرا) وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاند أصلا، لأنه فضل بعد طهارة
تنتظر، فهذه الثانية.
87 - وفيه في باب السبب الذي من أجله قبل الرضا عليه السلام ولاية العهد من المأمون
ووجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحبا والشرط من الرضا عليه السلام إلى العمال في
شأن الفضل بن سهل وأخيه ولم أرو ذلك عن أحد، أما بعد فالحمد لله البدئ البديع
إلى أن قال: الحمد لله الذي أورث أهل بيته مواريث النبوة واستودعهم العلم والحكمة،
وجعلهم معدن الإمامة والخلافة، وأوجب ولايتهم وشرف منزلتهم فامر رسوله بمسألة
أمته مودتهم، إذ يقول: (قل لا أسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى) وما وصفهم
به من اذهابه الرجس عنهم وتطهيره إياهم في قوله: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
88 - وفيه في الزيارة الجامعة لجميع الأئمة عليهم السلام المنقولة عن الجواد
عليه السلام: عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس واذهب عنكم
الرجس وطهركم تطهيرا.
89 - في كتاب الخصال في احتجاج علي عليه السلام على أبى بكر قال: فأنشدك بالله
إلى ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس أم لك ولأهل بيتك؟ قال: بل لك ولأهل -
271

بيتك، قال: فأنشدك بالله انا صاحب دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وأهلي وولدي يوم الكساء
اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم أنت؟ قال: بل أنت وأهل بيتك.
90 - وفيه أيضا في احتجاجه عليه السلام على الناس يوم الشورى قال: أنشدكم الله هل
فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسوله صلى الله عليه وآله (انما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فاخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كساءا خيبريا فضمني
فيه وفاطمة والحسن والحسين، ثم قال: يا رب هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا غيري؟ قالوا: اللهم لا.
91 - وفيه أيضا في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وتعدادها قال عليه السلام: وأما السبعون
فان رسول الله صلى الله عليه وآله نام ونومني وزوجتي فاطمة وابنى الحسن والحسين وألقى علينا
عباء قطوانية (1) فأنزل الله تعالى فينا (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) فقال جبرئيل عليه السلام: انا منكم يا محمد فكان سادسنا جبرئيل.
92 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد
أيام خلافة عثمان: أيها الناس أتعلمون ان الله عز وجل أنزل في كتابه (انما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فجمعني وفاطمة وابنى حسنا وحسينا
وألقى علينا كساه وقال: اللهم ان هؤلاء أهل بيتي ولحمتي يؤلمني ما يولمهم، ويحرجني
ما يحرجهم، فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة: وانا يا رسول الله؟
فقال: أنت - أو انك - على خير، انما أنزلت في وفى أخي وابنتي وفى تسعة من ولد
ابني الحسين خاصة ليس معنا فيها أحد غيرنا؟ فقالوا كلهم: نشهد ان أم سلمة حدثنا
بذلك. فسألنا رسول الله صلى الله عليه وآله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة رضي الله عنها.
93 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لما منع أبو بكر فاطمة عليها السلام فدكا وأخرج وكيلها جاء
أمير المؤمنين عليه السلام: إلى المسجد وأبو بكر جالس وحوله المهاجرون والأنصار فقال:

(1) قطوان - محركة -: موضع بالكوفة منه الأكسية القطوانية.
272

يا أبا بكر لم منعت فاطمة ما جعله رسول الله صلى الله عليه وآله لها ووكيلها فيه منذ سنين إلى قوله:
فقال أمير المؤمنين عليه السلام لأبي بكر: يا أبا بكر تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قال: فأخبرني
عن قول الله عز وجل: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)
فينا أو في غيرنا نزلت؟ قال: فيكم، قال: فأخبرني لو أن شاهدين مسلمين شهدا
على فاطمة عليها السلام بفاحشة ما كنت صانعا؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم
على نساء المسلمين، قال: كنت اذن عند الله من الكافرين، قال: ولم؟ قال: لأنك
كنت ترد شهادة الله وتقبل شهادة غيره، لان الله عز وجل قد شهد لها بالطهارة فإذا رددت
شهادة الله وقبلت شهادة غيره كنت عند الله من الكافرين، قال: فبكى الناس وتفرقوا
ودمدموا (1) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
94 - وباسناده إلى عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما عنى الله
عز وجل بقوله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) قال: نزلت هذه الآية في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة
عليهم السلام، فلما قبض الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين
عليهم السلام، ثم وقع تأويل هذه الآية: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)
وكان علي بن الحسين عليهما السلام، ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء عليهم السلام
فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عز وجل.
95 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن
الوليد رضي الله عنه قالا: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب قال: حدثنا النضر بن شعيب عن عبد الغفار الخازن عن أبي عبد الله عليه السلام في
قول الله عز وجل: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)
قال: الرجس هو الشك.
96 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن
فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله:

(1) دمدم فلان على فلان: كلمه مغضبا.
273

(انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) يعنى الأئمة
عليهم السلام من ولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي صلى الله عليه وآله.
97 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلي بن محمد عن سهل بن
زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام حاكيا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: أوصيكم
بكتاب الله وأهل بيتي فانى سألت الله عز وجل ان لا يفرق بينهما حتى يوردهما على الحوض
فأعطاني ذلك، وقال: لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وقال: انهم لن يخرجوكم من
باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يبين من أهل
بيته لادعاها آل فلان وآل فلان، ولكن الله عز وجل أنزله في كتابه لنبيه (انما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فكان على والحسن و
الحسين وفاطمة عليهم السلام، فادخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة،
ثم قال: اللهم ان لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت أم سلمة: ألست
من أهلك؟ فقال: انك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، وفى آخر الحديث وقال:
الرجس هو الشك والله لا نشك في ربنا أبدا.
محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد
عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك.
98 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن ربعي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
قال: سمعته يقول: انا لا نوصف وكيف يوصف قوم رفع الله عنهم الرجس وهو الشك،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
99 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد بن
عيسى وحماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما بويع لأبي بكر واستقام له الامر
على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة عليها السلام
إلى أن قال فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم قال:
فأخبرني عن قول الله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم)
274

تطهيرا فيمن نزلت أفينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم، قال: فلو ان شاهدين شهدا
على فاطمة بفاحشة ما كنت صانعا؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على ساير
المسلمين، قال: كنت إذا عند الله من الكافرين، قال: ولم؟ قال: لأنك رددت
شهادة الله لها بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها كما رددت حكم الله وحكم رسوله ان
جعل لها فدكا وقبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعر أبى بائل على عقبيه عليها، و
أخذت منها فدكا، وزعمت أنه فيئ للمسلمين؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: البينة على
من ادعى واليمين على من ادعى عليه؟ قال: فدمدم الناس وبكى بعضهم فقالوا:
صدق الله ورجع على إلى منزله، والحديث بتمامه مذكور في الروم عند قوله تعالى:
(وآت ذا القربى حقه).
100 - وباسناده إلى حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وآله وذكر حديثا طويلا وفيه
يقول: صلى الله عليه وآله: ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قوله: (انما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
101 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن
بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ثم
ذكر من اذن له في الدعاء بعده وبعد رسوله في كتابه فقال: (ولتكن منكم أمة يدعون
إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) ثم أخبر
عن هذه الأمة وممن هي وانها من ذرية إبراهيم ومن ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن
لم يعبدوا غير الله قط، الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد
الذين أخبر عنهم في كتابه أنه اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
102 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن علي بن الحسين عليهما -
السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين: فهل تجد لنا في سورة الأحزاب حقا
خاصة دون المسلمين؟ فقال: لا، قال علي عليه السلام: اما قرأت هذه الآية: (انما يزيد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
103 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبي بصير قال: قلت للصادق
275

جعفر بن محمد عليهما السلام: من آل محمد؟ قال ذريته، قلت: من أهل بيته؟
قال: الأئمة الأوصياء فقلت: من عترته؟ قال: أصحاب العباء، فقلت: من أمته؟
قال: المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز وجل المتمسكون بالثقلين الذين
أمروا بالتمسك بهما كتاب الله وعترته أهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا، وهما الخليفتان على الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
104 - في مجمع البيان وقال أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك ووائل بن
الأسقع وعائشة وأم سلمة: ان الآية مختصة برسول الله صلى الله عليه وآله وعلى وفاطمة والحسن و
الحسين عليهم السلام، ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره حدثني شهر بن حوشب عن أم
سلمة قالت: جاءت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وآله تحمل هريرة لها فقال: ادعى زوجك وابنيك
فجائت بهم فطعموا ثم ألقى عليهم كساء له خيبريا وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي و
عترتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقلت: يا رسول الله: وأنا معهم؟ قال
صلى الله عليه وآله: أنت على خير.
105 - وروى الثعلبي في تفسيره أيضا بالاسناد عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وآله
كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة (1) فيها هريرة فقال لها: ادعى زوجك وابنيك
فذكرت الحديث نحو ذلك، ثم قالت: فأنزل الله: (انما يريد الله) الآية، قالت: فأخذ
فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فالوى بها إلى السماء، ثم قال: اللهم هؤلاء
أهل بيتي وحامتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فأدخلت رأسي البيت وقلت:
وأنا معكم يا رسول الله؟ قال إنك إلى خير.
106 - وباسناده قال مجمع: دخلت أمي على عائشة فسألتها أمي أرأيت خروجك
يوم الجمل؟ قالت: إنها كانت قدرا من الله، فسألتها عن علي فقالت: تسأليني عن أحب
الناس كان إلى رسول الله، وزوج أحب الناس كانت إلى رسول الله، لقد رأيت عليا
وفاطمة وحسنا وحسينا قد جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بثوب عليهم ثم قال: اللهم ان هؤلاء
أهل بيتي وحامتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت: فقلت: يا رسول الله

(1) البرمة: القدر من الحجر.
276

أنا من أهلك؟ قال: تنحى فإنك إلى خير.
107 - وباسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال: نزلت هذه الآية
في خمسة في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة.
108 - وأخبرنا السيد أبو الحمد قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال:
حدثونا عن أبي بكر السبيعي قال: حدثنا أبو عروة الحراني قال: حدثني ابن مصغى
قال: حدثنا عبد الرحيم بن واقد عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال:
نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله وليس في البيت الا فاطمة والحسن والحسين وعلى:
(انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) فقال النبي صلى الله عليه وآله: اللهم هؤلاء أهلي.
109 - وحدثنا السيد أبو الحمد قال حدثنا الحاكم أبو القاسم باسناده عن زاذان
عن الحسن بن علي قال: لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وإياه في كساء
لام سلمة خيبري ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي.
110 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس شئ أبعد
من عقول الرجال من تفسير القرآن، ان الآية ينزل أولها في شئ وأوسطها في شئ
وآخرها في شئ، ثم قال: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) من ميلاد الجاهلية.
111 - في بصائر الدرجات محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي
بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: الرجس هو الشك ولا نشك في ديننا أبدا.
112 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم عطف على نساء النبي صلى الله عليه وآله فقال:
واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ان الله كان لطيفا خبيرا
ثم عطف على آل محمد صلوات الله عليهم فقال جل ذكره: ان المسلمين والمسلمات
والمؤمنين والمؤمنات إلى قوله: واجرا عظيما.
113 - في مجمع البيان قال مقاتل بن حيان: لما رجعت أسماء بنت عميس من
الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت:
هل فينا شئ من القرآن؟ قلن: لا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله
277

ان النساء لفى خيبة وخسار فقال: ومم ذلك؟ قالت: لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر
الرجال، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
114 - قال البلخي: فسر رسول الله صلى الله عليه وآله المسلم والمؤمن بقوله: المسلم من سلم
المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من آمن جاره بوائقه وما من آمن بي من بات شبعان
وجاره طاو. (1)
115 - في أصول الكافي على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن
فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الايمان يشارك الاسلام ولا يشاركه
الاسلام، ان الايمان ما وقر في القلوب والاسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن
الدماء، والايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان.
116 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبي
الصباح الكناني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيهما أفضل، الايمان أو الاسلام فان من
قبلنا يقولون: ان الاسلام أفضل من الايمان؟ فقال: الايمان أرفع من الاسلام قلت:
فأوجدني ذلك قال: ما تقول في من أحدث في المسجد الحرام متعمدا؟ قال: يضرب
ضربا شديدا، قال: أصبت، قال: فما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمدا؟ قلت:
يقتل. قال: أصبت الا ترى ان الكعبة أفضل من المسجد، وان الكعبة تشرك المسجد و
المسجد لا يشرك الكعبة، وكذلك الايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان.
117 - علي بن إبراهيم عن العباس بن معروف عن عبد الرحمن بن أبي نجران
عن حماد بن عثمان عن عبد الرحمان القصير قال: كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبى
جعفر عليه السلام أسأله عن الايمان ما هو قال؟ فكتب إلى مع عبد الملك بن أعين سألت رحمك الله
عن الايمان والايمان هو الاقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالأركان، والايمان
بعضه من بعض وهو دار، وكذلك الاسلام دار، والكفر دار، فقد يكون العبد مسلما
قبل أن يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما، فالاسلام قبل الايمان

(1) البوائق جمع البائقة: الداهية، وطوى يطوى بمعنى جاع فهو طاواى خالي
البطن جائع.
278

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: الأحاديث الدالة على المغايرة بين الاسلام
والايمان كثيرة والأكثر على العمل بها.
118 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد
ابن خالد البرقي والحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن محمد
ابن مروان عن سعيد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ عشر
آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن
قرأ مأة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مأتى آية كتب من الخاشعين. والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
119 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية
العجلي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الصواعق لا تصيب ذاكرا، قلت: وما الذاكر؟
قال: من قرأ مأة آية.
120 - في مجمع البيان وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا أيقظ
الرجل أهله من الليل وتوضيا وصليا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
121 - وروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من بات على تسبيح فاطمة كان
من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
122 - في أصول الكافي أبو محمد القاسم بن العلا رحمه الله رفعه عن عبد العزيز بن
مسلم قال: كنا مع الرضا عليه السلام بمرو فاجتمعنا في الجامع في بدو مقدمنا، فأداروا أمر
الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها. فدخلت على سيدي عليه السلام فأعلمته خوض
الناس فيه، فتبسم عليه السلام ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم، ان
الله عز وجل لم يقبض نبيه صلى الله عليه وآله حتى أكمل له الدين إلى قوله عليه السلام: ولقد راموا صعبا و
قالوا افكا وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة، وزين
لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين، رغبوا عن اختيار الله و
اختيار رسوله صلى الله عليه وآله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما
279

كان لهم الخيرة من أمرهم سبحان الله وتعالى عما يشركون) وقال عز وجل:
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من
أمرهم.
123 - في كتاب في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام لرجل: ان كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه، وان كنت واليت عدوه فاخرج
من ملكه، وان كنت غير قانع برضاه وقدره فاطلب ربا سواه.
124 - وباسناده إلى الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه
عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: قال الله جل جلاله:
من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس الها غيري.
125 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: في كل قضاء الله عز وجل خيرة للمؤمن.
126 د - وباسناده إلى سليمان بن خالد عن أبي عبد الله الصادق عن أبيه عن جده
عليهم السلام قال: ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم حتى بدت نواجذه (1) ثم قال:
الا تسألوني مما ضحكت؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: عجبت للمرء المسلم انه
ليس من قضاء يقضيه الله الا كان خيرا له في عاقبة أمره.
127 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم
الخيرة من أمرهم) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطب على زيد بن حارثة زينب بنت جحش
الأسدية من بنى أسد بن خزيمة، وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله حتى
أؤامر نفسي فأنظر، فأنزل الله عز وجل: (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة) الآية فقالت:
يا رسول الله أمرى بيدك فزوجها إياه فمكثت عند زيد ما شاء الله، ثم إنهما تشاجرا في
شئ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فنظر إليها رسول الله فأعجبته فقال زيد: يا رسول الله تأذن لي في
طلاقها فان فيها كبرا وانها لتؤذيني بلسانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتق الله وامسك
عليك زوجك وأحسن إليها، ثم إن زيدا طلقها وانقضت عدتها فأنزل الله عز وجل

(1) النواجذ - جمع الناجذ -: وهي أفصى الأضراس وهي أربعة وهي أضراس الحلم
لأنها تنبت بعد البلوغ وكمال العقل.
280

نكاحها على رسول الله صلى الله عليه وآله فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها وروى فيه أيضا
غير هذا وقد نقلناه عند قوله تعالى: (وما جعل أدعيائكم أبنائكم) في أول هذه السورة.
128 - وفيه أيضا حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وآله يقول فيه وقد ذكر ما رأى ليلة
أسرى به: دخلت الجنة فإذا على حافتيها (1) بيوتي وبيوت أزواجي وإذا ترابها كالمسك
وإذا جارية تتغمس في أنهار الجنة فقلت: لمن أنت يا جارية؟ فقالت: لزيد بن حارثة
فبشرته بها حين أصبحت.
129 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون مع أصحاب
الملل والمقالات وما أجاب به علي بن جهم في عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم حديث
طويل وفيه يقول عليه السلام: واما محمد صلى الله عليه وآله وقول الله عز وجل: (وتخفى في نفسك ما الله
مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) فان الله تعالى عرف نبيه صلى الله عليه وآله أسماء أزواجه
في دار الدنيا وأسماء أزواجه في الآخرة وأنهن أمهات المؤمنين، واحدهن سمى له زينب
بنت جحش وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة، فأخفى صلى الله عليه وآله اسمها في نفسه ولم يبده لكيلا
يقول أحد من المنافقين: أنه قال في امرأة في بيت رجل انها أحد أزواجه من أمهات
المؤمنين، وخشي قول المنافقين قال الله عز وجل: (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)
يعنى في نفسك وان الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه الا تزويج حوا من آدم و
زينب من رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله عز وجل: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) وفاطمة من
على عليهما السلام قال: فبكى علي بن محمد الجهم وقال: يا ابن رسول الله انا تائب
إلى الله تعالى من أن أنطق في أنبياء الله عليهم السلام بعد يومى هذا الا بما ذكرته.
130 - وفيه في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليه السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء
حديث طويل وفيه يقول المأمون للرضا عليه السلام: فأخبرني عن قول الله عز وجل: (وإذ تقول
للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى
الناس والله أحق ان تخشاه) قال الرضا عليه السلام: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قصد دار زيد بن حارثة
ابن شراحيل الكلبي في أمر أراده فرأى امرأته تغتسل فقال لها: سبحان الله الذي خلقك

(1) الحافة:
الجانب.
281

وانما أراد بذلك تنزيه الله تعالى عن قول من زعم أن الملائكة بنات الله، فقال الله عز وجل:
(أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا انكم لتقولون قولا عظيما) فقال النبي
صلى الله عليه وآله لما رآها تغتسل: سبحان الله الذي خلقك ان يتخذ ولدا يحتاج إلى هذا التطهير و
الاغتسال، فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجئ الرسول عليه السلام وقوله لها:
(سبحان الذي خلقك) فلم يعلم زيد ما أراد بذلك، فظن أنه قال ذلك لما أعجبه من حسنها،
فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ان امرأتي في خلقها سوء، وانى أريد طلاقها،
فقال له النبي عليه السلام: (أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه)
وقد كان الله عز وجل عرفه عدد أزواجه وان تلك المرأة منهن، فأخفى ذلك في نفسه ولم
يبده لزيد وخشي الناس أن يقولوا ان محمدا يقول لمولاه: ان امرأتك ستكون لي زوجة
فيعيبونه بذلك، فأنزل الله تعالى: (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) يعنى بالاسلام
(وأنعمت عليه) يعنى بالعتق (أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى في نفسك ما
ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) ثم إن زيد بن حارثة طلقها واعتدت منه
فزوجها الله تعالى من نبيه صلى الله عليه وآله وأنزل بذلك قرآنا فقال عز وجل: فلما قضى زيد
منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم
إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا ثم علم عز وجل ان المنافقين سيعيبونه بتزويجها
فأنزل: ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له فقال المأمون: لقد شفيت صدري
يا ابن رسول الله وأوضحت لي ما كان ملتبسا على، فجزاك الله عن أنبيائه وعن الاسلام خيرا.
131 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه يقول عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال ثم خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه
في الكتاب من الازراء وانخفاض محله وغير ذلك، تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به
أحدا من الأنبياء مثل قوله: (وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق
أن تخشاه) والذي بدا في الكتاب من الازراء على النبي صلى الله عليه وآله من فرية الملحدين، و
هنا كلام طويل يطلب عند قوله تعالى: (ان الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا)
132 - في مجمع البيان (وتخفى في نفسك ما الله مبديه) قيل إن الذي أخفاه
282

في نفسه هو ان الله سبحانه أعلمه انها ستكون من أزواجه، وان زيدا سيطلقها، فلما
جاء زيد وقال له: أريد ان اطلق زينب قال له: أمسك عليك زوجك، فقال سبحانه:
لم قلت: أمسك عليك زوجك وقد أعلمتك انها ستكون من أزواجك؟ وروى ذلك
عن علي بن الحسين عليهما السلام.
133 - وروى ثابت عن أنس بن مالك قال: لما انقضت عدة زينب قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لزيد اذهب فاذكرها على قال زيد: فانطلقت فقلت: يا زينب أبشري قد أرسلني
رسول الله صلى الله عليه وآله بذكرك ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل عليها بغير اذن
لقوله: (زوجناكها) وفى رواية فانطلقت فإذا هي تخمر عجينها فلما رأيتها عظمت في
نفسي حتى ما أستطيع ان أنظر إليها حين علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكرها، فوليتها
ظهري وقلت: يا زينب أبشري فان رسول الله صلى الله عليه وآله يخطبك، ففرحت بذلك وقالت:
ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربى، فقامت إلى مسجدها ونزل: (زوجناكها)
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله ودخل بها.
134 - في جوامع الجامع وقرأ أهل البيت عليهم السلام زوجتكها قال الصادق
عليه السلام: ما قرأتها على أبى الا كذلك إلى أن قال: وما قرأ على على النبي صلى الله عليه وآله الا كذلك،
وروى أن زينب كانت تقول للنبي صلى الله عليه وآله انى لا دل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل
بهن: جدي وجدك واحد، وزوجنيك الله والسفير جبرئيل عليه السلام.
135 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه أعنى قوله
(زوجناكها) وفى قوله عز وجل: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم فان هذه الآية نزلت
في شأن زيد بن حارثة قالت قريش يعيرها محمد يدعى بعضنا بعضا، وقد ادعى هو زيدا.
136 - في أصول الكافي وتزوج خديجة وهو ابن بضع وعشرين سنة. فولد
له منها قبل مبعثه عليه السلام القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم، وولد له بعد المبعث الطيب والطاهر
وفاطمة عليها السلام، وروى أيضا انه لم يولد له بعد المبعث الا فاطمة عليها السلام و
أن الطيب والطاهر ولدا قبل مبعثه.
137 - في من لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه السلام: لما مات إبراهيم ابن رسول الله
283

صلى الله عليه وآله قال النبي: حزنا عليك يا إبراهيم وانا لصابرون يحزن القلب وتدمع العين
ولا نقول ما يسخط الرب.
138 - في مجمع البيان وقد وصح أنه قال للحسن: ان ابني هذا سيد.
139 - وقال أيضا للحسن والحسين عليهما السلام: ابناي هذان امامان قاما أو قعدا.
140 - وقال عليه السلام: ان كل بنى بيت ينسبون إلى أبيهم الا أولاد فاطمة فانى
انا أبوهم.
141 - في تهذيب الأحكام محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن
زياد عن علي بن حسان عن بعض أصحابنا قال تقدم أبو الحسن الأول إلى قبر النبي
صلى الله عليه وآله فقال: السلام عليك يا أبة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
142 - محمد بن أحمد بن داود عن محمد بن الحسن الكوفي قال: حدثني
محمد بن علي بن معمر قال: حدثنا محمد بن مسعدة قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي
نجران عن علي بن أبي شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بينا الحسين عليه السلام قاعد
في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم إذ رفع رأسه إليه فقال: يا أبة قال: لبيك يا بنى،
قال: ما لمن أتاك بعد وفاتك زائرا لا يريد الا زيارتك؟ فقال: يا بنى من أتاني بعد
وفاتي زائرا لا يريد الا زيارتي فله الجنة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
143 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب عن انس في حديث طويل سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا خاتم الأنبياء وأنت يا علي خاتم الأولياء، وقال أمير
المؤمنين عليه السلام: ختم محمد الف نبي، وانى ختمت ألف وصى، وانى كلفت ما لم يكلفوا.
144 - في روضة الكافي باسناده إلى علي بن عيسى رفعه قال: إن موسى
ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: لا يطول في الدنيا أملك إلى قوله عز وجل
له في وصيته له بالنبي صلى الله عليه وآله: يا موسى انه أمي وهو عبد صدق ويبارك عليه، كذلك
فيما وضع يده عليه، كذلك كان في علمي، وكذلك خلقته، به أفتح الساعة وبأمته
أختم مفاتيح الدنيا.
145 - في عوالي اللئالي وقال عليه السلام: انا أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا.
284

146 - في مجمع البيان وصح الحديث عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
انما مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأكملها وحسنها الا موضع لبنة، فكان من
دخلها فنظر إليها قال: ما أحسنها الا موضع هذه اللبنة، قال صلى الله عليه وآله: فانا موضع اللبنة
ختم بي الأنبياء أورده البخاري ومسلم في صحيحيهما.
147 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد
الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من شئ الا وله حد ينتهى إليه
الا الذكر، فليس له حد ينتهى إليه، فرض الله عز وجل الفرائض فمن أداهن فهو
حدهن، وشهر رمضان فمن صامه فهو حده، والحج فمن حج فهو حده، الا الذكر فان
الله عز وجل لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدا ينتهى إليه ثم تلا: يا أيها الذين
آمنوا اذكروا الله كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا فقال: لم يجعل الله له
حدا ينتهى إليه، قال: وكان أبى عليه السلام كثير الذكر لقد كنت أمشى معه وانه ليذكر
الله، وآكل معه الطعام وانه ليذكر الله، ولقد كان يحدث القوم ما يشغله ذلك عن
ذكر الله، وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه (1) يقول: لا إله إلا الله، وكان يجمعنا
فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا، ومن كان
لا يقرأ منا امره بالذكر، والبيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عز وجل فيه تكثر
بركته، وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين، ويضئ لأهل السماء كما يضئ
الكوكب لأهل الأرض، والبيت الذي لا يقرء فيه القرآن ولا يذكر الله تقل بركته
وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الا أخبركم بخير
أعمالكم ارفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من الدنيا والدرهم، وخير
لكم من أن تلقوا عدوكم فتقتلوهم ويقتلوكم؟ فقالوا: بلى، قال: ذكر الله عز وجل كثيرا
ثم قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم لله
ذكرا، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من اعطى لسانا ذاكرا فقد اعطى خير الدنيا و
الآخرة، وقال في قوله تعالى: (ولا تمنن تستكثر) قال: لا تستكثر ما عملت

(1) لزق به: لصق. والحنك: باطن أعلى الفم من داخل.
285

من خير لله.
148 - حميد بن زياد عن ابن سماعة عن وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله كثيرا.
149 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد
جميعا عن الحسن بن علي الوشاء عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: من أكثر ذكر الله عز وجل أحبه الله. ومن ذكر الله كثيرا كتب له برائتان
براءة من النار وبرائة من النفاق.
150 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن سيف بن
عميرة عن بكر بن أبي بكر عن زرارة بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تسبيح
فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال الله عز وجل: (اذكروا الله
ذكرا كثيرا).
عنه عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي أسامة زيد الشحام ومنصور بن
حازم وسعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.
151 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن داود الحمار عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من أكثر ذكر الله عز وجل أظله الله في جنته.
152 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف
ابن عميرة عن سليمان بن عمرو عن أبي المغرا الخصاف رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
من ذكر الله عز وجل في السر فقد ذكر الله كثيرا ان المنافقين كانوا يذكرون الله
علانية ولا يذكرونه في السر، فقال الله عز وجل: (يراؤن الناس ولا يذكرون الله
الا قليلا).
153 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى عبد الله بن بكير قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: (اذكروا الله ذكرا كثيرا) قال: قلت:
ما أدنى الذكر الكثير؟ قال: فقال: التسبيح في دبر كل صلاة ثلثا وثلاثين مرة.
154 - في مجمع البيان اختلف في معنى الذكر الكثير قيل هو أن تقول: سبحان
286

الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر على كل حال، وقد ورد عن أئمتنا عليهم السلام انهم
قالوا: من قالها ثلاثين مرة فقد ذكر الله كثيرا، وروى الواحدي باسناده عن ضحاك
ابن مزاحم عن ابن عباس قال: جاء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد قل:
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عدد
ما علم وزنه وملاء ما علم، فإنه من قالها كتب الله له بها ست خصال: كتب من الذاكرين
الله كثيرا، وكان أفضل من ذكره بالليل والنهار وكن له غرسا في الجنة
وتحاتت عنه خطاياه (1) كما تحات ورق الشجرة اليابسة، وينظر الله إليه ومن نظر
إليه لم يعذبه.
155 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن بكير قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل: (اذكروا الله ذكرا كثيرا) ماذا الذكر الكثير؟
قال: إن يسبح في دبر المكتوبة ثلاثين مرة.
156 - في كتاب الخصال عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما ابتلى
المؤمن بشئ أشد عليه من ثلاث خصال يحرمها، قيل: وما هي؟ قال: المواساة في
ذات يده، والانصاف من نفسه، وذكر الله كثيرا، اما انى لا أقول سبحان الله والحمد
لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولكن ذكر الله عندما أحل له وذكر الله عندما حرم عليه.
157 - عن عبد الله بن أبي يعفور قال: أبو عبد الله عليه السلام: ثلاث لا يطيقهن
الناس: الصفح عن الناس، ومواساة الأخ أخاه في ماله، وذكر الله كثيرا.
158 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يعقوب
ابن عبد الله عن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أسحق
ابن فروخ من صلى على محمد وآل محمد عشرا صلى الله عليه وملائكته ألفا، اما تسمع قول
الله عز وجل: هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور و
كان بالمؤمنين رحيما.
159 - في مجمع البيان وفى مسند السيد أبى طالب الهروي مرفوعا إلى أبى أيوب

(1) تحات الورق من الشجر: تناشر وتساقط.
287

عن النبي صلى الله عليه وآله قال: صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين، وذلك أنه لم يصل فيها
أحد غيري وغيره.
160 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات: واللقا هو البعث فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه، فإنه
يعنى بذلك البعث، وكذلك قوله: تحيتهم يوم يلقونه سلام يعنى انه لا يزول عن
قلوبهم يوم يبعثون.
161 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن
جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول اله صلى الله عليه وآله
فسأله أعلمهم فيما سأله فقال: لأي شئ سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا و
داعيا؟ فقال صلى الله عليه وآله: اما الداعي فانى ادعوا الناس إلى دين ربي عز وجل، واما النذير
فانى أنذر بالنار من عصاني، واما البشير فانى ابشر بالجنة من أطاعني والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
162 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله
عز وجل: انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا
إلى قوله تعالى: ودع اذاهم وتوكل على الله وفى بالله وكيلا فإنها نزلت بمكة قبل
الهجرة بخمس سنين، فهذا دليل على خلاف التأليف.
163 - في من لا يحضره الفقيه وروى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي
جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: فان طلقتموهن (1) من قبل ان تمسوهن فمالكم
عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا قال: متعوهن أي
اجملوهن بما قدرتم عليه من معروف، فإنهن يرجعن بكآبة (2) ووحشة وهم عظيم
وشماتة من أعدائهن، فان الله كريم يستحيى ويحب أهل الحياء ان أكرمكم أشدكم
اكراما لحلائلهم.

(1) كذا في النسخ وفى المصحف الشريف (ثم طلقتموهن.. اه).
(2) الكآبة: الحزن والغم.
288

164 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله أبى وانا حاضر عن رجل تزوج امرأة
فأدخلت عليه فلم يمسها ولم يصل إليها حتى طلقها هل عليها عدة منه؟ فقال: انما العدة
من الماء، قيل له: فإن كان واقعها في الفرج ولم ينزل؟ فقال: إذا أدخله وجب
الغسل والمهر والعدة.
165 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يطلق المرأة وقد مس كل شئ منها الا انه لم يجامعها
ألها عدة؟ فقال: ابتلى أبو جعفر عليه السلام بذلك فقال له أبوه علي بن الحسين عليهما السلام:
إذا أغلق وأرخى سترا وجب المهر والعدة.
166 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن
عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها ويغلق
بابا ويرخى سترا عليها ويزعم أنه لم يمسها وتصدقه هي بذلك، عليها عدة؟ قال:
لا، قلت: فإنه شئ دون شئ! قال: إذا خرج الماء اعتدت يعنى إذا كانا مأمونين
صدقا.
167 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي -
بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يتزوج المرأة فيرخى عليها وعليه الستر و
يغلق الباب ثم يطلقها فتسأل المرأة هل أتاك فتقول: ما اتاني، ويسأل هو هل أتيتها
فيقول: لم آتها فقال: لا يصدقان، وذلك انها تريد ان تدفع العدة عن نفسها، ويريد
هو أن يدفع المهر يعنى إذا كانا متهمين.
168 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي
عمير عن عبد الكريم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل إذا طلق
امرأته ولم يدخل بها؟ فقال: قد بانت منه وتزوج ان شائت من ساعتها.
169 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل ان يدخل بها فليس عليها عدة تتزوج من
289

ساعتها ان شائت وتبينها تطليقة واحدة، وإن كان فرض لها مهرا فلها نصف ما فرض.
170 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار وأبو العباس محمد بن جعفر
الرزاز عن أيوب بن نوح وحميد بن زياد عن ابن سماعة جميعا عن صفوان عن ابن
مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل ان يدخل
بها فقد بانت منه، وتتزوج ان شاءت من ساعتها، وإن كان فرض لها مهرا فلها نصف
المهر، وان لم يكن فرض لها مهرا فليمتعها.
171 - على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام في رجل طلق امرأته قبل ان يدخل بها؟ قال: عليه نصف المهر إن كان فرض لها
شيئا، وان لم يكن فرض لها فليمتعها على نحو ما يمتع مثلها من النساء.
172 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علي بن أبي -
حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طلق امرأته قبل ان يدخل
بها؟ قال: عليه نصف المهران كان فرض لها، وان لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها
على نحو ما يمتع به مثلها من النساء.
173 - في مجمع البيان (فمتعوهن) قال ابن عباس: هذا إذا لم يكن سمى
لها مهرا، فإذا فرض لها صداقا فلها نصفه ولا تستحق المتعة، وهو المروى عن أئمتنا
عليهم السلام والآية محمولة عندنا على التي لم يسم لها مهر فتجب لها المتعة.
174 - عن حبيب ابن ثابت قال كنت قاعدا عند علي بن الحسين عليهما السلام فجائه
رجل فقال: انى قلت: يوم أتزوج فلانة فهي طالق قال: اذهب فتزوجها فان الله تعالى بدأ
النكاح قبل الطلاق وقرء هذه الآية.
175 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن
محمد جميعا عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن قول الله عز وجل: يا أيها النبي انا حللنا لك أزواجك قلت: كم أحل له
من النساء؟ قال: ما شاء من شئ.
176 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران عن عبد الكريم
290

ابن عمرو عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: (يا
أيها النبي انا أحللنا لك أزواجك) كم أحل له من النساء؟ قال: ما شاء من شئ.
177 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن أبي
عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: قوله: لا يحل
لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من أزواج فقال: لرسول الله صلى الله عليه وآله ان ينكح
ما شاء من بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته، وأزواجه اللاتي
هاجرن معه، وأحل له أن ينكح من عرض المؤمنين بغير مهر وهي الهبة، ولا تحل الهبة
الا لرسول الله صلى الله عليه وآله فأما لغير رسول الله فلا يصلح نكاح الا بمهر، وذلك معنى قوله تعالى
وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي.
178 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران عن عبد الكريم بن
عمرو عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: (يا أيها
النبي انا أحللنا لك أزواجك) كم أحل له من النساء؟ قال: ما شاء من شئ. قلت:
(وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي) فقال: لا تحل الهبة الا لرسول الله صلى الله عليه وآله واما
لغير رسول الله فلا يصلح نكاح الا بمهر.
179 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان ومحمد بن إسماعيل
عن الفضل بن شاذان عن صفوان ومحمد بن سنان جميعا عن ابن مسكان عن الحلبي قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تهب نفسها للرجل ينكحها بغير مهر؟ فقال: انما كان
هذا للنبي صلى الله عليه وآله فاما لغيره فلا يصلح هذا حتى يعوضها شيئا يقدم إليها قبل أن يدخل بها قل
أو كثر، ولو ثوب أو درهم وقال: يجزى الدرهم.
180 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
داود بن سرحان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وامرأة
مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي) فقال: لا تحل الهبة الا لرسول الله صلى الله عليه وآله وأما غيره فلا يصلح
نكاح الا بمهر.
181 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن
291

الفضل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تحل الهبة الا لرسول الله صلى الله عليه وآله
واما غيره فلا يصلح نكاح الا بمهر.
182 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن عبد الله بن سنان عن أبي -
عبد الله عليه السلام في امرأة وهبت نفسها لرجل ووهبها له وليها؟ فقال: لا انما كان ذلك
لرسول الله صلى الله عليه وآله وليس لغيره الا ان يعوضها شيئا قل أو كثر.
183 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أبي القاسم الكوفي عن عبد الله بن
المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في امرأة وهبت نفسها لرجل من المسلمين؟ قال: إن
عوضها كان ذلك مستقيما.
184 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن محمد بن قيس
عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فدخلت عليه
وهو في منزل حفصة والمرأة متلبسة متمشطة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا
رسول الله ان المرأة لا تخطب الزوج وانا امرأة أيم (1) لا زوج لي منذ دهر ولا ولد،
فهل لك من حاجة، فان تك فقد وهبت نفسي لك ان قبلتني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله
خيرا ودعا لها، ثم قال: يا أخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله خيرا فقد نصرني
رجالكم ورغبت في نساءكم، فقالت لها حفصة: ما أقل حياءك وأجرأك وانهمك للرجال!
(2) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كفى عنها يا حفصة فإنها خير منك رغبت في رسول الله فلمتيها
وعبتيها ثم قال للمرأة: انصرفي رحمك الله فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك في وتعرضك
لمحبتي وسروري، وسيأتيك أمرى إن شاء الله، فأنزل الله عز وجل: (وامرأة مؤمنة ان
وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) قال:
فأحل الله عز وجل هبة المرأة نفسها لرسول الله ولا يحل ذلك لغيره.
185 - في تفسير علي بن إبراهيم (وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي) فإنه
كان سبب نزولها ان امرأة من الأنصار أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد تهيأت وتزينت فقالت:

(1) الأيم من النساء: التي لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا.
(2) النهمة: الحاجة وبلوغ الهمة والشهوة في الشئ وهو مفهوم بكذا: مولع.
292

يا رسول الله هل لك في حاجة فقد وهبت نفسي لك؟ فقالت لها عائشة: قبحك الله ما أنهمك
للرجال! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: مه يا عائشة فإنها رغبت في رسول الله إذ زهدتن فيه، ثم قال:
رحمك الله رحمكم يا معاشر الأنصار ينصرني رجالكم وترغب في نساؤكم ارجعي رحمك الله
فانى انتظر أمر الله عز وجل، فأنزل الله عز وجل: (وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها
للنبي ان أراد ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) فلا تحل الهبة الا
لرسول الله صلى الله عليه وآله.
186 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام
قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس عشرة امرأة، ودخل بثلاثة منهن، وقبض
عن تسع، فاما اللتان لم يدخل بهما فعمرة والشنبا (1) واما الثلاث اللاتي
دخل بهن فأولهن خديجة إلى قوله: (والتي وهبت نفسها للنبي) خولة بنت حكيم
السلمى، وقد تقدم هذا الحديث بتمامه في هذه السورة.
187 - في مجمع البيان وقيل: إنها لما وهبت نفسها للنبي قالت عائشة: ما
بال النساء يبذلن أنفسهن بلا مهر؟ فنزلت الآية، فقالت عائشة: ما أرى الله تعالى
الا يسارع في هواك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وانك ان أطعت الله سارع في هواك.
188 - واختلف في أنه هل كنت عند النبي امرأة وهبت نفسها له أم لا؟ فقيل إنه
لم تكن، وقيل: بل كانت إلى قوله: وقيل هي امرأة من بنى أسد يقال لها أم شريك
بنت جابر عن علي بن الحسين عليهما السلام.
189 - في كتاب الخصال في الحديث المتقدم عن الصادق عليه السلام وكان له
سريتان يقسم لها مع أزواجه مارية القبطية وريحانة الخندفية.
190 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن
محمد جميعا عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن ابن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت:
أرأيت قوله: ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء قال: من آوى فقد نكح
ومن أرجى فلم ينكح، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة هنا.

(1) قد مر اختلاف النسخ في اللفظة.
293

191 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم انزل الله عز وجل هذه الآية وهي آية
التخيير فقال: يا أيها النبي قل لأزواجك إلى قوله اجرا عظيما فقامت أم سلمة أول
من قامت فقالت: قد اخترت الله ورسوله فقمن كلهن فعانقنه وقلن مثل ذلك، فأنزل
الله عز وجل: (ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء) فقال الصادق عليه السلام: من
آوى فقد نكح ومن أرجى فقد طلق، وقوله عز وجل: (ترجى من تشاء منهن) مع
هذه الآية قوله عز وجل: (يا أيها النبي قل لا زواجك إلى قوله: اجرا عظيما) وقد
أخرت عنها في التأليف وقد كتبنا ذلك فيما تقدم.
192 - في مجمع البيان (ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء) قال
أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام من أرجى لم ينكح ومن آوى فقد نكح.
193 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران عن
عبد الكريم بن عمرو عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل:
لا يحل لك النساء من بعد فقال: انما عنى به لا يحل لك النساء التي حرم الله عليك
في هذه الآية: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم) إلى
آخرها ولو كان الامر كما يقولون كان قد أحل لكم ما لم يحل له، لان أحدكم
يستبدل كلما أراد، ولكن الامر ليس كما يقولون إن الله عز وجل أحل لنبيه صلى الله عليه وآله
ان ينكح من النساء ما أراد الا ما حرم في هذه الآية في سورة النساء.
194 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن
ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل:
(لا يحل لك النساء من بعد) قال انما عنى به النساء اللاتي حرم عليه في هذه الآية: (حرمت
عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم) إلى آخر الآية ولو كان الامر كما يقولون كان قد
أحل لكم ما لم يحل له. ان أحدكم يستبدل كلما أراد ولكن ليس الامر كما يقولون إن
الله عز وجل أحل لنبيه صلى الله عليه وآله ما أراد من النساء الا ما حرم عليه في هذه الآية التي
في النساء.
195 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد
294

عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (لا يحل لك النساء من
بعد ولا ان تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن الا ما ملكت يمينك) فقال: أراكم
وأنتم تزعمون أنه يحل لكم ما لم يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله وقد أحل الله تعالى لرسول الله ان
يتزوج من النساء ما شاء، انما قال: لا يحل لك النساء من بعد الذي حرم عليك قوله:
(حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) إلى آخر الآية.
196 - أحمد بن محمد العاصمي عن علي بن الحسن بن الفضال عن علي بن أسباط عن
عمه يعقوب بن سالم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أرأيت قول الله عز وجل
(لا يحل لك النساء من بعد) فقال: إنما لم يحل له النساء التي حرم عليه في هذه الآية
(حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) في هذه الآية كلها، ولو كان الامر كما يقولون لكان قد
أحل لكم ما لم يحل له هو لان أحدكم يستبدل كلما أراد ولكن ليس الامر كما يقولون
أحاديث آل محمد خلاف أحاديث الناس، ان الله عز وجل أحل لنبيه صلى الله عليه وآله ان ينكح من
النساء ما أراد الا ما حرم الله عليه في سورة النساء في هذه الآية.
197 - في مجمع البيان: ولو أعجبك حسنهن يعنى ان أعجبك حسن ما حرم عليك
من جملتهن ولم يحللن لك وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
198 - في أصول الكافي محمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل عن محمد بن
سليمان عن هارون بن الجهم عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
لما احتضر الحسن بن علي عليه السلام قال للحسين عليه السلام: يا اخى انى أوصيك بوصية فاحفظها فإذا
انا مت فهيأني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لأحدث به عهدا، ثم اصرفني إلى أمي فاطمة
عليها السلام، ثم ردني فادفني في البقيع، واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس
من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض الحسن عليه السلام
وضع على سريره وانطلق به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلى فيه على الجنائز
فصلى على الحسن عليه السلام فلما ان صلى عليه حمل فادخل المسجد فلما أوقف على قبر
رسول الله صلى الله عليه وآله بلغ عائشة الخبر، وقيل لها: انهم قد اقبلوا بالحسن بن علي عليه السلام ليدفنوه
مع رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في
295

الاسلام سرجا - فوقفت وقالت: نحوا ابنكم عن بيتي فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك
على رسول الله حجابه، فقال لها الحسين بن علي عليه السلام: قديما هتكت أنت وأبوك حجاب
رسول الله صلى الله عليه وآله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله صلى الله عليه وآله قربه، وان الله سائلك عن
ذلك يا عائشة ان أخي أمرني ان أقربه من أبيه رسول الله ليحدث به عهدا واعلمي ان
أخي أعلم الناس بالله ورسوله، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله صلى الله عليه وآله
ستره، لان الله تبارك وتعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا
ان يؤذن لكم وقد أدخلت بيت رسول الله صلى الله عليه وآله الرجال بغير اذنه، وقد قال الله عز وجل
(يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) ولعمري لقد ضربت أنت
لأبيك وفاروقه عند اذن رسول الله المعاول، وقال الله عز وجل: (ان الذين يغضون
أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) ولعمري لقد أدخل أبوك
وفاروقه على رسول الله صلى الله عليه وآله بقربهما منه الأذى، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به
على لسان رسول الله، ان الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياءا، والله يا
عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه عليه السلام جائزا فيما بيننا وبين الله
لعلمت انه سيدفن وان رغم معطسك (1) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
199 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى ابن عباس قال: دخل
الحسين بن علي عليهما السلام على أخيه الحسن بن علي عليه السلام في مرضه الذي توفى فيه فقال:
كيف تجدك يا أخي؟ قال: أجدني في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا
إلى قوله: وان تدفنني مع رسول الله صلى الله عليه وآله فانى أحق به وببيته ممن ادخل بيته بغير
اذنه ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله فيما انزل على نبيه صلى الله عليه وآله في كتابه: (يا أيها
الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم) فوالله ما اذن لهم في الدخول عليه
في حياته بغير اذنه، ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لها في
التصرف فيما ورثناه من بعده، فان أنت غلبك الامر فأنشدك بالقرابة التي قرب الله
عز وجل منك والرحم الماسة من رسول الله صلى الله عليه وآله ان تهريق في محجمة من دم حتى نلقى

(1) المعطس - كمقعد -: الانف.
296

رسول الله فنختصم إليه ونخبره بما كان من الناس إلينا بعده ثم قبض عليه السلام والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
200 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كان جبرئيل إذا اتى النبي صلى الله عليه وآله قعد بين يديه قعدة العبد، وكان لا يدخل
حتى يستأذنه.
201 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا
لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم) فإنه لما ان تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله بزينب بنت
جحش وكان يحبها فأولم ودعا أصحابه فكان أصحابه إذا اكلوا يحبون ان يتحدثوا
عند رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان يحب ان يخلو مع زينب فأنزل الله عز وجل: (يا أيها الذين
آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم) وذلك انهم كانوا يدخلون بلا اذن،
فقال عز وجل: (الا أن يؤذن لكم) إلى قوله تعالى (من وراء حجاب).
202 - في جوامع الجامع وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كنت عند النبي
صلى الله عليه وآله وعنده ميمونة فاقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد ان أمرنا بالحجاب فقال: احتجبا
فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا؟ فقال: أفعميا وان أنتما ألستما تبصرانه؟.
وروى أن بعضهم قال أتنهى ان نكلم بنات عمنا الا من وراء حجاب لئن مات محمد
لا تزوجن عائشة؟ وعن مقاتل هو طلحة بن عبيد الله فنزلت: وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله
إلى آخر الآية.
204 - في مجمع البيان ونزلت آية الحجاب لما بنى رسول الله صلى الله عليه وآله بزينب بنت
جحش وأولم عليها، قال انس: أولم عليها بتمر وسويق وذبح شاة وبعثت إليه أمي أم
سليم بحيس في تور (1) من حجارة فأمرني رسول الله صلى الله عليه وآله ان ادعوا لصحابه إلى الطعام
فدعوتهم فجعل القوم يجيئون ويأكلون ويخرجون، ثم يجيئ القوم فيأكلون و
يخرجون قلت: يا نبي الله قد دعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه فقال: ارفعوا طعامكم

(1) الحيس: تمر يخلط بسمن واقط فيعجن ويدلك شديدا حتى يمتزج ثم يندر نواه
والتور: اناء صغير.
297

فرفعوا وخرج القوم وبقى ثلاثة نفر يتحدثون في البيت، فأطالوا المكث فقام صلى الله عليه وآله
وقمت معه لكي يخرجوا فمشى حتى بلغ حجرة عائشة ثم ظن أنهم قد خرجوا فرجع
ورجعت معه، فإذا هم جلوس مكانهم فنزلت الآية ونزل قوله: (وما كان لكم ان تؤذوا
رسول الله) إلى آخر الآية في رجل من الصحابة قال: لئن قبض رسول الله لأنكحن
عائشة بنت أبي بكر عن ابن عباس، قال مقاتل: وهو طلحة بن عبيد الله وقيل: إن رجلين
قالا: أينكح محمد نساءنا ولا ننكح نسائه والله لئن مات لنكحنا نساءه وكان أحدهما
يريد عائشة والاخر يريد أم سلمة عن أبي حمزة الثمالي.
205 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: (وما كان لكم ان تؤذوا
رسول الله ولا ان تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ان ذلكم كان عند الله عظيما) فإنه كان
سبب نزولها انه لما أنزل الله: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم)
وحرم الله نساء النبي على المسلمين غضب طلحة فقال: يحرم محمد علينا نساءه ويتزوج
هو نساءنا! لئن أمات الله عز وجل محمدا لنركضن بين خلاخيل نسائه كما ركض بين
خلاخيل نساءنا، فأنزل الله عز وجل: (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا
أزواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما).
206 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن النضر عن
محمد بن مروان رفعه إليهم في قول الله عز وجل: (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله في علي
والأئمة كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا).
207 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: لو لم يحرم على
الناس أزواج النبي صلى الله عليه وآله لقول الله عز وجل: (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا
ان تنكحوا أزواجه من بعده ابدا) حرم على الحسن والحسين عليهما السلام لقول الله
تبارك وتعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) ولا يصلح للرجل ان ينكح
امرأة جده.
208 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة قال: حدثني
298

سعد بن أبي عروة عن قتادة عن الحسن البصري ان رسول الله صلى الله عليه وآله: تزوج امرأة من
بنى عامر بن صعصعة فقال لها سناة (1) وكانت من أجمل أهل زمانها، فلما نظرت
إليها عائشة وحفصة قالتا: لتغلبنا هذه على رسول الله صلى الله عليه وآله بجمالها، فقالتا لها: لا يرى
منك رسول الله صلى الله عليه وآله حرصا، فلما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله تناولها بيده فقالت:
أعوذ بالله فانقبضت يد رسول الله عنها فطلقها وألحقها بأهلها، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله
امرأة من كندة بنت أبي الجون فلما مات إبراهيم ابن رسول الله ابن مارية القبطية
قالت: لو كان نبيا ما مات ابنه فألحقها رسول الله صلى الله عليه وآله بأهلها قبل أن يدخل بها، فلما
قبض رسول الله وولى الناس أبو بكر أتته العامرية والكندية وقد خطبتا فاجتمع أبو بكر
وعمر وقالا لهما: اختارا ان شئتما الحجاب وان شئتما الباه، فاختارتا الباه فتزوجتا
فجذم أحد الزوجين وجن الاخر، قال عمر بن أذينة: فحدثت بهذا الحديث زرارة و
الفضيل فرويا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ما نهى عز وجل عن شئ الا وقد عصى
فيه حتى لقد نكحوا أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله من بعده، وذكر هاتين العامرية والكندية،
ثم قال أبو جعفر عليه السلام: لو سألتم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل ان يدخل بها أتحل
لابنه؟ لقالوا: لا، فرسول الله صلى الله عليه وآله أعظم حرمة من آبائهم.
209 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر
عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام نحوه، وقال في حديثه: وهم يستحلون أن
يتزوجوا أمهاتهم ان كانوا مؤمنين، وان أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله في الحرمة مثل أمهاتهم.
210 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب ان عليا عليه السلام توفى عن أربع
نسوة: امامة وأمها زينب بنت النبي صلى الله عليه وآله، وأسماء بنت عميس، وليلى التميمية، وأم
البنين الكلابية، ولم يتزوجن بعده، وخطب المغيرة بن نوفل امامة ثم أبو الهياج
ابن أبي سفيان بن الحرث فروت عن علي عليه السلام انه لا يجوز لأزواج النبي والوصي
عليهما السلام ان يتزوجن بغيره بعده، فلم تتزوج امرأة ولا أم ولد بهذه الرواية.
211 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل

(1) كذا في النسخ وفى المصدر (سنى) بدل (سناة).
299

عن إبراهيم بن أبي البلاد ويحيى بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم عن معاوية بن عمار قال:
كنا عند أبي عبد الله عليه السلام نحوا من ثلاثين رجلا إذ دخل أبى فرحب به أبو عبد الله عليه السلام
واجلسه إلى جنبه واقبل عليه طويلا ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ان لأبي معاوية حاجة فلو
خففتم. فقمنا جميعا فقال لي أبى: ارجع يا معاوية فرجعت فقال أبو عبد الله عليه السلام:
هذا ابنك قال: نعم وهو يزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم؟ قال: و
ما هو؟ قلت: ان المرأة القرشية والهاشمية تركب وتضع يدها على رأس الأسود و
ذراعها على عنقه فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا بنى اما تقرء القرآن؟ قلت: بلى. قال:
اقرأ هذه الآية لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن حتى بلغ وما ملكت ايمانهن
ثم قال: يا بنى لا بأس ان يرى المملوك الشعر والساق.
212 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر ما فضل الله نبيه صلى الله عليه وآله فقال جل ذكره
ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
قال صلوات الله عليه تزكية له وثناءا عليه وصلاة الملائكة مدحهم له وصلاة الناس دعائهم
له والتصديق والاقرار بفضله، وقوله تعالى: (وسلموا تسليما) يعنى سلموا له بالولاية
وبما جاء به.
213 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في
الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفيه: قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى
الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في
اثنى عشر موطنا وموضعا، إلى قوله عليه السلام: اما الآية السابعة فقوله تعالى: (ان الله و
ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقد علم
المعاندون منهم انه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف
الصلاة عليك؟ فقال تقولون: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت وباركت
على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد، فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟
قالوا: لا، قال المأمون: هذا مما لا خلاف فيه أصلا وعليه اجماع الأمة فهل عندك في
الال شئ أوضح من هذا في القرآن؟ قال أبو الحسن عليه السلام: نعم أخبروني عن قول الله
300

تعالى: (يس والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين على صراط مستقيم) فمن عنى بقوله:
يس؟ قالت العلماء: يس محمد عليه السلام لم يشك فيه أحد، قال أبو الحسن عليه السلام:
فان الله عز وجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه الا من عقله
وذلك أن الله عز وجل لم يسلم على أحد الا على الأنبياء صلوات الله عليهم فقال تبارك و
تعالى: (سلام على نوح في العالمين) وقال: (سلام على إبراهيم) وقال: (سلام على
موسى وهارون) ولم يقل: سلام على آل نوح ولم يقل سلام على آل إبراهيم، ولم يقل:
سلام على آل موسى وهارون، وقال: سلام على آل ياسين يعنى آل محمد صلى الله عليه وآله، فقال
المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه فهذه السابعة.
214 - وفى باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام وشرايع
الدين: والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله واجبة في كل موطن وعند الناس العطاس والذبايح و
غير ذلك.
215 - في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان
ابن يحيى عن حسين بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من قوم
اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عز وجل ولم يصلوا على نبيهم الا كان ذلك المجلس
حسرة ووبالا عليهم.
216 - في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال:
هذه شرائع الدين إلى أن قال عليه السلام: والصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله واجبة في كل المواطن
وعند العطاس والرياح وغير ذلك.
217 - وفيه فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب مما يصلح
للمسلم في دينه ودنياه: صلوا على محمد وآل محمد، فان الله تعالى يقبل دعاءكم عند
ذكر محمد ودعائكم وحفظكم إياه إذا قرأتم (ان الله وملائكته يصلون على النبي) فصلوا
عليه في الصلاة كنتم أو في غيرها.
218 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة أوتوا سمع الخلائق: النبي صلى الله عليه وآله،
وحور العين، والجنة والنار، فما من عبد يصلى على النبي صلى الله عليه وآله أو يسلم عليه الا بلغه ذلك
301

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
219 - في الكافي علي بن إبراهيم عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال:
قال أبو جعفر عليه السلام: إذا أذنت فافصح بالألف والهاء، وصل على النبي كلما ذكرته أو ذكره
ذاكر في أذان أو في غيره.
220 - في من لا يحضره الفقيه وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: و
صل على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في اذان أو غيره، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
221 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي المغرا قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام:
يقول: من قال في دبر صلاة الصبح وصلاة المغرب قبل أن يثنى رجليه أو يكلم أحدا: (ان الله و
ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صل على
محمد وذريته) قضى الله له مأة حاجة سبعين في الدنيا وثلاثين في الآخرة، قال: قلت:
ما معنى صلاة الله وصلاة ملائكته وصلاة المؤمن؟ قال: صلاة الله رحمة من الله، و
صلاة الملائكة تزكية منهم له، وصلاة المؤمنين دعاء منهم له، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
222 - في ارشاد المفيد رحمه الله باسناده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين، وذلك أنه لم يرفع إلى السماء
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله الا منى ومن على.
223 - في مجمع البيان وفي مسند السيد أبى طالب الهروي مرفوعا إلى أبى
أيوب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين، وذلك أنه لم
يصل فيها أحد غيري وغيره.
224 - في كتاب التوحيد خطب لعلى عليه السلام وفيها: وبالشهادتين تدخلون الجنة
وبالصلاة تنالون الرحمة، فأكثروا من الصلاة على نبيكم وآله، ان الله وملائكته
يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
225 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال: حدثنا
302

الحسين بن محمد بن عامر قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري عن محمد بن جمهور
القمي عن أحمد بن حفص البزاز الكوفي عن أبيه عن ابن أبي حمزة عن أبيه قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين
آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) فقال: الصلاة من الله عز وجل رحمة ومن الملائكة
تزكية، ومن الناس دعاء، واما قوله عز وجل: (سلموا تسليما) فيما ورد عنه قال:
فقلت له: فكيف نصلى على محمد وآله؟ قال: تقولون: صلوات الله وصلوات ملائكته
وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته،
قال: قلت: فما ثواب من صلى على النبي وآله بهذه الصلوات؟ قال: الخروج من
الذنوب والله كهيئة يوم ولدته أمه.
226 - في الكافي أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن علي بن
مهزيار عن موسى بن القاسم قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام طفت يوما عن رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال ثلاث مرات: صلى الله على رسول الله. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
227 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان
ابن يحيى قال: كنت عند الرضا عليه السلام فعطس فقلت: صلى الله عليك ثم عطس فقلت: صلى الله
عليك وقلت له: جعلت فداك إذا عطس مثلك (1) يقال له كما يقول بعضنا لبعض: يرحمك
الله أو كما نقول؟ قال: نعم أليس تقول: صلى الله على محمد وآل محمد؟ قلت:
بلى، قال: ارحم محمدا وآل محمد؟ (2) قال: بلى وقد صلى عليه ورحمه، و
انما صلاتنا عليه رحمة لنا وقربة.
228 - محمد بن الحسين (الحسن خ ل) عن سهل بن زياد عن ابن فضال
عن علي بن النعمان عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: كيف

(1) أي من المعصومين.
(2) كذا في النسخ وتوافقها المصدر أيضا وقال بعض المحشين: لعل هنا سقطا أو
السائل سكت عن الجواب.
303

كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله؟ قال: لما غسله أمير المؤمنين عليه السلام وكفنه سجاه (1)
ثم أدخل عليه عشرة، فداروا حوله ثم وقف أمير المؤمنين عليه السلام في وسطهم وقال: (ان الله
وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) فيقول القوم
كما يقول حتى صلى عليه أهل المدينة وأهل العوالي. (2)
229 - محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن علي بن سيف عن عمرو بن شمر
عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وآله صلت عليه الملائكة و
المهاجرون والأنصار فوجا فوجا، قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول في صحته وسلامته: انما أنزلت هذه الآية على بعد قبض الله لي: (ان الله
وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
230 - في الكافي أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن علي بن
مهزيار عن حماد بن عيسى عن محمد بن مسعود قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام انتهى إلى
قبر النبي صلى الله عليه وآله فوضع يده عليه وقال: اسأل الله الذي اجتباك واختارك وهداك وهدى
بك أن يصلى عليك، ثم قال: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا
صلوا عليه وسلموا تسليما).
231 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة قال
فيها عليه السلام: أكثروا من الصلاة على نبيكم (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين
آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
232 - وخطبة له عليه السلام يقول فيها: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين
آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد
وآل محمد، وتحنن على محمد وآل محمد وسلم على محمد وآل محمد، كأفضل
ما صليت وباركت وترحمت وتحننت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.
233 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال:

(1) سجى الميت: مد عليه ثوبا وغطاه به.
(2) العوالي: قرى بظاهر المدينة.
304

ان موسى صلى الله عليه ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته وقد ذكر محمدا صلى الله عليه وآله
فصل عليه يا ابن عمران فانى اصلى عليه وملائكتي.
234 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه: فاما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلى الله عليه وآله من كتاب الله فهو قول الله
سبحانه (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
ولهذه الآية ظاهر وباطن، فالظاهر قوله: (صلوا عليه) والباطن قوله: (وسلموا تسليما)
أي سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله وما عهد به إليه تسليما، وهذا مما أخبرتك
انه لا يعلم تأويله الا من لطف حسه وصفا دهنه وصح تميزه.
235 - في محاسن البرقي عن محمد بن سنان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا
عليه وسلموا تسليما) قال: فقال: اثنوا عليه وسلموا له.
236 - في الصحيفة السجادية في دعائه عليه السلام في طلب الحوائج وصل على محمد
وآله صلاة دائمة نامية لا انقطاع لأبدها، ولا منتهى لأمدها، واجعل ذلك عونا لي و
سببا لنجاح طلبتي انك واسع كريم.
236 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ان الذين يؤذون الله ورسوله
لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذابا مهينا قال: نزلت فيمن غصب
أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقه، وأخذ حق فاطمة صلوات الله عليها وأذاها، وقد
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من اذاها في حياتي كمن أذاها بعد موتى ومن اذاها بعد موتى
كمن اذاها في حياتي، ومن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله وهو، قول
الله عز وجل: (ان الذين يؤذون الله ورسوله) الآية.
238 - في مجمع البيان حدثنا السيد أبو الحمد قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم
الحسكاني قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أحمد بن أبي دارم
الحافظ قال: حدثنا علي بن أحمد العجلي قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا
أرطأة بن حبيب قال: حدثني أبو خالد الواسطي وهو آخذ بشعره قال: حدثني زيد
305

ابن علي بن الحسين وهو آخذ بشعره، قال حدثني علي بن الحسين وهو آخذ بشعره قال:
حدثني الحسين بن علي وهو آخذ بشعره قال: حدثني علي بن أبي طالب وهو آخذ بشعره قال
حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله وهو آخذ بشعره فقال: من آذى شعرة منك فقد آذاني ومن
آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فعليه لعنة الله.
239 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله
بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أخر رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة من الليالي
العشاء الآخرة ما شاء الله، فجاء عمر فدق الباب فقال: يا رسول الله نام النساء نام الصبيان
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ليس لكم ان تؤذوني ولا تأمروني انما عليكم ان تسمعوا
وتطيعوا.
240 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن
مسلم عن عبد الله بن سنان قال: كان رجل عند أبي عبد الله عليه السلام فقرأ هذه الآية:
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا
قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام فما ثواب من ادخل عليه السرور؟ فقلت: جعلت فداك
عشر حسنات؟ قال: أي والله وألف ألف حسنة.
241 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي سنان عن منذر بن يزيد عن
المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين
الصدود لأوليائي (1) فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال: هؤلاء الذين آذوا
المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنفوهم في دينهم ثم يؤمر بهم إلى جهنم.
242 - في كتاب الخصال عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال الناس
رجلان مؤمن وجاهل فلا تؤذى المؤمن ولا تجهل على الجاهل فتكون مثله.
243 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (والذين يؤذون المؤمنين
والمؤمنات) يعنى عليا وفاطمة صلوات الله عليهما (بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا

(1) صد عنه أي اعرض وصده عن الامر: منعه وصرفه عنه أي أين المعرضون عن الأولياء
المعادون لهم أو أين المانعون لهم عن حقوقهم أو أين المستهزلان بهم قاله المولى الصالح قده.
306

واثما مبينا) وهي جارية في الناس كلهم.
244 - وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من بهت مؤمنا أو مؤمنة أقيم في طينة خبال
(1) أو يخرج مما قال.
245 - واما قوله عز وجل: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين
يدنين عليهن من جلابيبهن فإنه كان سبب نزولها ان النساء كن يخرجن إلى المسجد
ويصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا كان بالليل وخرجن إلى صلاة المغرب والعشاء الآخرة
يقعد الشباب لهن في طريقهن فيؤذونهن ويتعرضوا لهن فأنزل الله عز وجل: (يا أيها النبي
قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين) إلى قوله تعالى (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين
وكان الله غفورا رحيما).
246 - واما قوله عز وجل: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض
أي شك والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا
فإنها نزلت في قوم منافقين كانوا في المدينة يرجفون برسول الله صلى الله عليه وآله إذا خرج في
بعض غزواته يقولون: قتل وأسر فيغتم المسلمون لذلك، ويشكون إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فأنزل الله عز وجل في ذلك: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض)
أي شك (والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا) أي
نأمرك باخراجهم من المدينة الا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا
وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: (ملعونين) فوجبت عليهم اللعنة بعد
اللعنة بقول الله.
247 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق حديث عن
عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: ولا يلعن الله مؤمنا قال الله عز وجل: ان الله لعن الكافرين واعد
لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا.

(1) بهته بهتا: قذفه بالباطل وافترى عليه الكذب، وطينة خبال فسرت في الحديث
بصديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة.
307

248 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله
عز وجل: يوم تقلب وجوههم في النار فإنها كناية عن الذين عصبوا آل محمد حقهم
يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا يعنى في أمير المؤمنين صلوات الله عليه
وقالوا ربنا انا أطعنا سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيلا وهما رجلان والسادة و
الكبراء هما أول من بدأ بظلمهم وغصبهم، وقوله عز وجل: (فاضلونا السبيلا) أي طريق
الجنة والسبيل أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
249 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب
بها يوم الغدير وفيها يقول عليه السلام: وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن
تطيعوه ولا تمسكوا بعصم الكوافر، ولا يخلج بكم الغى فتضلوا عن سبل الرشاد باتباع
أولئك الذين ضلوا وأضلوا، قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه:
(انا أطعنا سادتنا وكبراءنا فاضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم
لعنا كبيرا).
250 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن النضر بن سويد عن صفوان عن أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ان بني إسرائيل كانوا يقولون ليس لموسى ما للرجال،
وكان موسى إذا أراد الاغتسال ذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد، فكان يوما يغتسل
على شط نهر وقد وضع ثيابه على صخرة، فأمر الله عز وجل الصخرة فتباعدت عنه
حتى نظر بنو إسرائيل إليه فعلموا ان ليس كما قالوا، فأنزل الله: يا أيها الذين آمنوا
لا تكونوا كالذين آذوا موسى لاية.
251 - أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن أحمد بن النضر عن
محمد بن مروان رفعه إليهم قال: يا أيها الذين آمنوا لا تؤذوا رسول الله في علي والأئمة
صلوات الله عليهم كما آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا.
252 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن النضر
عن محمد بن مروان رفعه إليهم في قول الله عز وجل: (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله)
في علي والأئمة (كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا).
308

253 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى الصادق عليه السلام حديث طويل
يقول فيه عليه السلام لعلقمة: يا علقمة ان رضا الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا
موسى عليه السلام إلى أنه عنين وآذوه حتى برأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها
254 - في مجمع البيان واختلفوا في ما أوذي به موسى على أقوال: أحدها أن
موسى وهارون صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل: قتلته فأمر الله الملائكة
فحملته حتى مروا به على بني إسرائيل، وتكلمت الملائكة بموته حتى عرفوا انه
قد مات، وبرأه الله من ذلك عن علي عليه السلام.
255 - وثانيها ان موسى عليه السلام كان حييا ستيرا (1) يغتسل وحده، فقالوا: ما يتستر
منا الا لعيب بجلده إما برص واما ادره (2) فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر،
فمر الحجر بثوبه فطلبه موسى فرآه بنوا إسرائيل عريانا كأحسن الرجال خلقا فبرأه
الله مما قالوا، رواه أبو هريرة مرفوعا.
256 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن
يونس قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لعباد بن كثير البصري الصوفي: ويحك يا عباد غرك
ان عف بطنك وفرجك ان الله عز وجل يقول في كتابه: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم اعلم أنه لا يقبل الله عز وجل منك شيئا حتى
تقول قولا عدلا.
257 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن
أسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (و
من يطع الله ورسوله في ولاية على والأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما) هكذا نزلت.
258 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المتفرقة
باسناده إلى الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن
قول الله عز وجل: انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان

(1) الحيى: ذو الحياء. والستير. العفيف.
(2) الأرة: نفخة في الخصية.
309

يحملنها وأشفقن منها الآية فقال: الأمانة الولاية من ادعاها بغير حق كفر.
259 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل بن
عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي
عام، فجعل أعلاها وأشرفها محمد وعلى والحسن والحسين عليهم السلام والأئمة صلوات
الله عليهم، فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم، فقال الله تبارك و
تعالى للسموات والأرض والجبال: هؤلاء أحبائي وأوليائي وحججي على خلقي و
أئمة بريتي، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم، لهم ولمن تولاهم خلقت جنتي، ولمن
خالفهم وعاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم منى ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا
لا أعذبه أحدا من العالمين وجعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري، ومن
أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم منى ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي
وكان لهم فيها فيها ما يشاؤن عندي، وأبحتهم كرامتي، وأحللتهم جواري، وشفعتهم في
المذنبين من عبادي وإمائي فولايتهم أمانة عند خلقي، فأيكم يحملها بأثقالها ويدعيها
لنفسه؟ فأبت السماوات والأرض والجبال ان يحملنها وأشفقن منها من ادعاء منزلتها و
تمنى محلها من عظمة ربهم، فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته الجنة (قال لهما كلا
منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة) يعنى شجرة الحنطة (فتكونا من
الظالمين) فنظرا إلى منزلة محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم
فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا: ربنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل جلاله ارفعا
رؤسكما إلى ساق العرش فرفعا رؤسهما فوجدا أسماء محمد وعلى وفاطمة والحسن
والحسين والأئمة عليهم السلام مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله الجبار جل
جلاله، فقالا: يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك وما أحبهم إليك وما أشرفهم
لديك؟ فقال الله جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وأمنائي على
سرى، إياكما ان تنظرا إليهم بعين الحسد وتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي،
فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين قالا: ربنا ومن الظالمون؟
قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق، فلا: ربنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى
310

نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما
فيها من ألوان النكال والعذاب وقال عز وجل: مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم
في أسفل درك منها، كلما أرادوا ان يخرجوا منها أعيدوا فيها، وكلما نضجت جلودهم
بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب، يا آدم ويا حوا لا تنظرا إلى أنواري وحججي
بعين الحسد فأهبطكما عن جواري، وأحل بكما عن هواني (فوسوس لهما الشيطان
ليبدى لهما ما وورى عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا
ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما انى لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور) وحملهما
على تمنى منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى اكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان
ما اكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لهم يأكلاه، وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما اكلاه،
فلما اكلا من الشجرة طار الحلى ولحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين (وطفقا يخصفان
عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما ان الشيطان
لكما عدو مبين * فقالا ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين *
قال اهبطا) من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني، فهبطا موكولين إلى أنفسهما
في طلب المعاش، فلما أراد الله عز وجل ان يتوب عليهما جاءهما جبرئيل عليه السلام
فقال لهما إنكما ان ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاء كما
ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز وجل إلى ارضه، فسلا ربكما بحق الأسماء التي
رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما، فقالا: اللهم انا نسألك بحق الأكرمين
عليك محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والأئمة الا تبت علينا ورحمتنا، فتاب الله
عليهما انه هو التواب الرحيم، فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و
يخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أمتهم فيأبون حملها ويشفقون
من ادعائها، وحملها الانسان الذي قد عرف بأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة وذلك
قول الله عز وجل: (انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها
وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا).
260 حدثنا موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر
311

الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن مروان بن مسلم
عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (انا عرضنا الأمانة
على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه
كان ظلوما جهولا) قال: الأمانة الولاية والانسان أبو الشرور المنافق.
261. في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن الحكم بن
مسكين عن إسحاق بن عمار عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (انا
عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها
الانسان انه كان ظلوما جهولا) قال: هي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.
262 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة
عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين
بكلمات يقول: تعاهدوا الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها، ثم إن
الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الاسلام على أهل الاسلام، ومن لم يعطها طيب
النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها فإنه جاهل بالسنة، مغبون الاجر، ضال
العمر، طويل الندم بترك أمر الله تعالى والرغبة عما عليه، صالحوا عباد الله يقول الله
عز وجل: (ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) من الأمانة فقد خسر من ليس
من أهلها، وضل عمله، عرضت على السماوات المبنية والأرض المهاد والجبال المنصوبة
فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها لو امتنعت من طول أو عرض أو قوة أو عزة
امتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
263 - في نهج البلاغة ثم أداء الأمانة فقد خاب من ليس من أهلها انها عرضت
على السماوات المبنية والأرض المدحوة، والجبال ذات الطول المنصوبة، فلا أطول
ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها، ولو امتنع شئ بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن
ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل من أضعف منهن وهو الانسان انه كان
ظلوما جهولا.
264 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام
312

حديث طويل يقول فيه عليه السلام لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده يقول: (انا عرضنا
الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان
انه كان ظلوما جهولا) فما هذه الأمانة ومن هذا الانسان؟ وليس من صفة العزيز
الحكيم التلبيس على عباده؟ واما الأمانة التي ذكرتها فهي الأمانة التي لا تجب و
لا تجوز أن تكون الا في الأنبياء وأوصيائهم. لان الله تبارك وتعالى ائتمنهم على خلقه و
جعلهم حججا في أرضه، فبالسامري ومن اجتمع معه وأعانه من الكفار على عبادة
العجل عند غيبة موسى عليه السلام ماتم انتحال مجلس موسى من الطعام. والاحتمال لتلك
الأمانة التي لا ينبغي الا لطاهر من الرجس فاحتمل وزرها ووزر من سلك سبيله من
الظالمين وأعوانهم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله: من استن سنة حق كان له أجرها وأجر
من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن استن سنة باطل كان عليه وزرها ووزر من عمل بها
إلى يوم القيامة.
265 - في عوالي اللئالي وفى الحديث ان عليا عليه السلام إذا حضر وقت الصلاة يتململ و
يتزلزل ويتلون، فيقال له: مالك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: جاء وقت الصلاة، وقت
أمانة عرضها الله على السماوات والأرض فأبين ان يحملنها وأشفقن منها.
266 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن الحسن بن علي عن علي بن
النعمان وأبى المعزا والوليد بن مدرك عن إسحاق قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبعث
إلى الرجل يقول له: ابتع لي ثوبا فيطلب له في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في
السوق فيعطيه من عنده؟ قال: لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه، ان الله عز وجل يقول:
(انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها و
حملها الانسان انه كان ظلوما جهولا) وإن كان عنده خير مما يجد له في السوق
فلا يعطيه من عنده.
267 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان
ابن سعيد عن مفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: (انا
عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها) قال: الولاية أبين
313

أن يحملنها كفرا وحملها الانسان والانسان الذي حملها أبو فلان.
268 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله عز وجل: (انا
عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها) قال: الأمانة هي
الإمامة والامر والنهى، والدليل على أن الأمانة هي الإمامة قول الله عز وجل للأئمة
صلوات الله عليهم: (ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها) يعنى الإمامة،
فالأمانة هي الإمامة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها قال:
أبين ان يدعوها أو يغصبوها أهلها (وأشفقن منها وحملها الانسان) أي الأول (انه كان
ظلوما جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله
على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما).
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى ابن أذينة عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
الحمدين جميعا حمد سبأ وحمد فاطر، من قرأهما في ليلة لم يزل في ليلته في حفظ
الله وكلائته، فان قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه، وأعطى من خير الدنيا
والآخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ مناه.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة سبأ
لم يبق نبي ولا رسول الا كان له يوم القيامة رفيقا ومصافحا.
3 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: يعلم ما يلج في الأرض ما يدخل
فيها وما يخرج منها قال من النبات وما يعرج فيها قال: من اعمال العباد.
4 - في أصول الكافي عنه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله في قوله: (ما يكون
من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم) فقال: هو واحد واحدى
الذات بائن من خلقه، وبذلك وصف نفسه وهو بكل شئ محيط، بالاشراف والإحاطة
314

والقدرة لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا
أكبر بالإحاطة والعلم لا بالذات، لان الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا
كان بالذات لزمها الحواية.
5 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: أول ما خلق الله عز وجل القلم فقال له: أكتب فكتب ما كان وما هو
كائن إلى يوم القيامة.
6 - قوله عز وجل: ويرى الذين أوتوا العلم الذي انزل إليك من ربك هو الحق
فقال: هو أمير المؤمنين عليه السلام صدق رسول الله صلى الله عليه وآله بما انزل عليه ثم ذكر ما اعطى داود عليه السلام
فقال جل ذكره: ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه أي سبحي لله والطير وألنا
له الحديد قال: كان داود عليه السلام إذا مر في البراري يقرأ الزبور تسبح الجبال والطير
معه والوحوش وألان الله عز وجل له الحديد مثل الشمع حتى كان يتخذ منه ما أحب وقال
الصادق عليه السلام: اطلبوا الحوائج يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد
لداود عليه السلام.
7 - وفيه: قال اعطى داود وسليمان عليهما السلام ما لم يعط أحد من أنبياء الله من
الآيات علمهما منطق الطير، وألان لهما الحديد والصفر من غير نار، وجعلت الجبال
يسبحن مع داود عليه السلام.
8 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب كتاب الارشاد للزهري قال سعيد
ابن المسيب: كان الناس لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين، فخرج و
خرجت معه، فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده فلم يبق شجر و
لا مدر الا سبحوا معه ففزعت منه فرفع رأسه فقال: يا سعيد أفزعت؟ قلت: نعم يا ابن
رسول الله، فقال: هذا التسبيح الأعظم.
9 - وفى رواية سعيد بن المسيب قال: كان القراء لا يحجون حتى يحج زين العابدين
عليه السلام وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض ويمنع نفسه. فسبق يوما إلى الرحل
فألفيته وهو ساجد، فوالذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة
315

يردون عليه مثل كلامه.
10 - في أصول الكافي باسناده إلى سالم بن أبي حفصة العجلي عن أبي جعفر عليه السلام
قال: كان في رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة لم يكن في أحد غيره: لم يكن له فئ وكان لا يمر في
طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة الا عرف انه قد مر فيه لطيب عرفه، وكان لا يمر
بحجر ولا شجر الا سجد له.
11 - في كتاب الخصال عن علي بن جعفر قال: جاء رجل إلى أخي موسى بن
جعفر عليه السلام فقال له: جعلت فداك أريد الخروج إلى السفر فادع فقال عليه السلام: ومتى تخرج؟
إلى أن قال عليه السلام: الا أدلك على يوم سهل الله فيه الحديد لداود عليه السلام؟ قال الرجل:
بلى جعلت فداك، قال: اخرج يوم الثلاثاء.
12 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد جميعا عن
القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء، فإنه اليوم الذي ألان الله فيه
الحديد لداود عليه السلام.
13 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن -
الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال في حديث يذكر فيه قصة داود عليه السلام
انه خرج يقرأ الزبور وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر
الا أجابه.
14 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر
عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام و
أحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه
لخوفه؟ قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من هذا،
انه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي من شدة
البكاء (1) وقد آمنه الله عز وجل من عقابه، فأراد ان يتخشع لربه ببكائه، ويكون

(1) قال الجزري وفى الحديث: انه كان يصلى ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء - أي خنين من الجوف بالخاء المعجمة وهو صوت البكاء، وقيل: هو أن يجيش جوفه ويغلى
بالبكاء (انتهى) والمرجل كمنبر: القدر. والأثافي: لأحجار يوضع عليها القدر.
316

إماما لمن اقتدى به، ولقد قام صلى الله عليه وآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه
واصفر وجهه، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عز وجل: (طه ما أنزلنا
عليك القرآن لتشقى) بل لتسعد به ولقد كان يبكى حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول
الله أليس الله عز وجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: بلى أفلا أكون
عبدا شكورا، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل لمحمد صلى الله عليه وآله ما هو أفضل من هذا
إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له: قر فإنه ليس عليك الا نبي أو صديق
شهيد (1) فقر الجبل مجيبا لامره ومنتهيا إلى طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذا الدموع
تجرى من بعضه، فقال له: ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بي
وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة وأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة
قال له: لا تخف تلك حجارة الكبريت، فقر الجبل وسكن وهدأ (2) وأجاب لقوله
قال له اليهودي: فهذا داود عليه السلام: قد لين الله عز وجل له الحديد قد يعمل منه الدروع
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، لين الله
عز وجل له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت
المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته. (3)

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر والمنقول عنه في البحار (الا نبي وصديق شهيد)
بالواو بدل (أو)
(2) هدأ بمعنى سكن أيضا.
(3) الغار: الغبار. ذكره ابن منظور وغيره في مادة (غور) وقال المجلسي
(ره): قوله عليه السلام وجعلها غارا يدل على أنه صلى الله عليه وآله ليلة الغار أحدث الغار و
دخل فيه ولم يكن ثمة غار، وأما صخرة بيت المقدس فكان ليلة المعراج واما قوله عليه السلام:
قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته أي رأينا تحت رايته عليه الصلاة والسلام أمثال ذلك كثيرا والمراد
بالراية العلامة أي رأى بعض الصحابة ذلك تحت علامته في بيت المقدس، ويلوح لي ان فيه
تصحيفا وكان في الأصل (وجعلها هارا) فيكون إشارة إلى ما سيأتي في أبواب معجزاته أن في
غزوة الأحزاب بلغوا إلى أرض صلبة لا تعمل فيها المعاول، فصب صلى الله عليه وآله عليها ماءا
فصارت هائرة متساقطة، فقوله: قد رأينا ذلك إشارة إلى هذا (انتهى كلامه رفع مقامه) أقول:
ما ذكره (ره) وما لاح له انما هو على ما فسر الغار بالكهف واما على ما ذكرناه من تفسيره بالغبار
وهو التراب كما ذكره اللغويون فلا نحتاج إلى تكلف في المراد والانطباق. -
317

15 - في الكافي أحمد بن أبي عبد الله عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي قرة
عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين صلى الله عليه قال: أوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام
انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا، قال: فبكى داود عليه السلام
أربعين صباحا فأوحى الله عز وجل إلى الحديد أن لن لعبدي داود، فألان الله عز وجل له
الحديد، فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمأة وستين درعا
فباعها بثلاثمأة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال.
في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال: سألت
الرضا عليه السلام هل أحد من أصحابكم يعالج السلاح؟ فقلت: رجل من أصحابنا زراد فقال:
انما هو سراد، اما تقرأ كتاب الله عز وجل في قوله لداود عليه السلام: ان عمل سابغات وقدر
في السرد الحلقة بعد الحلقة.
17 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (ان عمل سابغات) قال:
الدروع (وقدر في السرد) قال: المسامير التي في الحلقة وقوله عز وجل: ولسليمان
الريح غدوها شهر ورواحها شهر قال: كانت الريح تحمل كرسي سليمان فتسير به في
الغداة مسيرة شهر، وبالعشي مسيرة شهر.
18 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب الأصبغ بن نباتة قال: سألت الحسين
عليه السلام فقلت: يا سيدي أسألك عن شئ أنا به موقن وانه من سر الله وأنت المسرور إليه ذلك
السر فقال: يا اصبغ أتريد ان ترى مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي دون (1) يوم مسجد
قبا؟ قال: هو الذي أردت قال: قم فإذا أنا وهو بالكوفة فنظرت فإذا المسجد من قبل

(1) قال المجلسي (ره): المراد بأبي دون أبو بكر عبر به عنه تقية، والدون: الخسيس.
318

ان يرتد إلى بصرى فتبسم في وجهي ثم قال: يا اصبغ ان سليمان بن داود اعطى الريح غدوها
شهر ورواحها شهر، وانا قد أعطيت أكثر مما أعطى سليمان، فقلت: صدقت والله يا ابن
رسول الله فقال: نحن الذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه، وليس عند أحد من خلقه
ما عندنا، لأنا أهل سر الله ثم تبسم في وجهي ثم قال: نحن آل الله وورثة رسول الله فقلت:
الحمد لله على ذلك ثم قال لي: ادخل فدخلت فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله محتب (1)
في المحراب بردائه، فنظرت فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه السلام قابض على تلابيب الأعسر (2)
فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يعض على الأنامل وهو يقول: بئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك
عليكم لعنة الله ولعنتي. الخبر. انتهى.
19 - في عيون الأخبار عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر بن محمد عليهم -
السلام حديث طويل وقد سبق عند قوله تعالى: (قالت نملة) الآية وفيه ثم قالت النملة:
هل تدرى لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة؟ قال سليمان عليه السلام مالي بهذا علم،
قالت النملة: يعنى عز وجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح
لكان زوالها من يديك كزوال الريح، فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها.
20 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه
عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير -
المؤمنين عليه السلام فان هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت في بلاده غدوها شهر ورواحها
شهر فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، انه اسرى
به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السماوات
مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
21 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير أبى

(1) احتبى بالثوب: اشتمل به.
(2) التلابيب جمع التلبيب: ما في موضع اللبب من الثياب ويعرف بالطوق. والأعسر
الشديد أو الشوم والمراد به الأول أو الثاني كما ذكره المجلسي (ره).
319

اسحق إبراهيم بن أحمد القزويني باسناده إلى أنس بن مالك قال: اهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله
بساط من قرية يقال لها بهندف فقعد عليه على وأبو بكر وعمر وعثمان والزبير و
عبد الرحمان بن عوف وسعد فقال النبي صلى الله عليه وآله لعلى: يا علي قل: يا ريح احمل بنا. فقال
على: يا ريح احمل بنا، فحمل بهم حتى أتوا أصحاب الكهف فسلم أبو بكر وعمر فلم يردوا
عليهم السلام، ثم قام على فسلم فردوا عليه السلام، فقال أبو بكر: يا علي ما بالهم ردوا
عليك ولم يردوا علينا؟ فقال لهم على، فقالوا: انا لا نرد بعد الموت الا على نبي أو وصى
نبي، ثم قال على: يا ريح احملينا فحملتنا، ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا، فوكز
برجله الأرض فتوضأ على وتوضأنا ثم قال: يا ريح احملينا فحملتنا فوافينا المدينة و
النبي صلى الله عليه وآله في صلاة الغداة وهو يقرأ: (أم حسبت ان أصحاب الكهف والرقيم كانوا
من آياتنا عجبا) فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله الصلاة قال: يا علي أخبروني عن مسيركم
أم تحبون ان أخبركم؟ قالوا: بل تخبرنا يا رسول الله، قال انس بن مالك: فقص
القصة كأنه معنا.
22 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وأسلنا له عين القطر قال
الصفر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من
عذاب السعير.
23 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو جعفر عليه السلام خدم أبو خالد
الكابلي علي بن الحسين عليهما السلام دهرا من عمره، ثم أراد أن ينصرف إلى أهله
فأتى علي بن الحسين وشكى إليه شدة شوقه إلى والديه، فقال: يا أبا خالد يقدم غدا
رجل من أهل الشام له قدر ومال كثير وقد أصاب بنتا له عارض من أهل الأرض ويريدون
ان يطلبوا معالجا يعالجها فإذا أنت سمعت قدومه فائته وقل له: أنا أعالجها لك على أن
اشترط لك انى أعالجها على ديتها عشرة آلاف فلا تطمأن إليهم وسيعطونك ما تطلب منهم
فلما أصبحوا قدم الرجل ومن معه وكان من عظماء أهل الشام في المال والقدرة فقال:
اما من معالج يعالج بنت هذا الرجل؟ فقال له أبو خالد: انا أعالجها على عشره آلاف
درهم، فأقبل إلى علي بن الحسين عليه السلام فأخبره الخبر، فقال: انى أعلم انهم سيغدرون
320

بك ولا يفون لك، انطلق يا أبا خالد فخذ بإذن الجارية اليسرى ثم قل: يا خبيث يقول
لك علي بن الحسين اخرج من هذه الجارية ولا تعد، ففعل أبو خالد ما أمره وخرج
منها فأفاقت الجارية وطلب أبو خالد الذي شرطوا له فلم يعطوه، فرجع مغتما كئيبا
فقال له علي بن الحسين: مالي أراك كئيبا يا أبا خالد ألم أقل لك انهم يغدرون بك؟
دعهم، فإنهم سيعودون إليك، فإذا لقوك فقل لست أعالجها حتى تضعوا المال على يدي
علي بن الحسين فإنه لي ولكم ثقة، فرضوا ووضعوا المال على يدي علي بن الحسين
عليهما السلام ورجع أبو خالد إلى الجارية فأخذ باذنها اليسرى ثم قال: يا خبيث يقول
لك علي بن الحسين: اخرج من هذه الجارية ولا تعرض لها الا بسبيل خير، فإنك ان
عدت أحرقتك بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، فخرج منها ودفع المال إلى
أبى خالد فخرج إلى بلاده.
24 - في كتاب الاحتجاج - للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن
جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام ان يهوديا من يهود الشام و
أحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان هذا سليمان سخرت له الشياطين يعملون له
ما يشاء من محاريب وتماثيل قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ولقد اعطى محمد
صلى الله عليه وآله أفضل من هذا ان الشياطين سخرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها، وقد سخرت
لنبوة محمد صلى الله عليه وآله الشياطين بالايمان، فأقبل إليه الجن التسعة من أشرافهم من جن
نصيبين واليمن من بنى عمرو بن عامر من الا حجة منهم شضاة ومضاة والهملكان والمزربان
والمازمان ونفات وهاضب وهاصب وعمرو (1) وهم الذين يقول الله تبارك وتعالى
اسمه فيهم: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) وهم التسعة يستمعون القرآن، فأقبل
إليه الجن والنبي صلى الله عليه وآله ببطن النخلة، فاعتذروا بأنهم ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث الله
أحدا، ولقد أقبل اله أحد وسبعون ألفا منهم يبايعوه على الصوم والصلاة والزكاة
والحج والجهاد ونصح المسلمين، واعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا وهذا أفضل مما

(1) في ضبط تلك الأسماء خلاف ذكره في هامش البحار (الطبقة الحديثة ج 10 ص 44)
321

أعطى سليمان، سبحان من سخرها لنبوة محمد صلى الله عليه وآله بعد إن كانت تتمرد وتزعم ان الله
ولدا فلقد شمل مبعثه من الجن والإنس ما لا يحصى.
25 - وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه قال السائل: كيف صعدت
الشياطين إلى السماء وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان،
ابن داود عليهما السلام من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟ قال: غلظوا لسليمان لما سخروا،
وهم خلق دقيق، غذاءهم التنسم، والدليل على ذلك صعودهم إلى السماء لاستراق
السمع، ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء الا بسلم أو سبب
26 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن داود بن الحصين عن الفضل أبى العباس قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام (يعملون
له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب) قال: ما هي تماثيل الرجال و
النساء، ولكنها تماثيل الشجر وشبهه.
27 - علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عمن ذكره عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: كانت لعلي بن الحسين صلوات الله عليهما وسايد وانماط (1) فيها
تماثيل يجلس عليها.
28 - محمد بن يحيى عن أحمد وعبد الله ابني محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن
عثمان عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (يعملون له ما يشاء من
محاريب وتماثيل) فقال: والله ما هي تماثيل الرجال والنساء ولكنها الشجر وشبهه.
29 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (يعملون له ما يشاء من
محاريب وتماثيل) قال: في الشجر وقوله عز وجل: وجفان كالجواب أي جفنة
كالحفرة وقدور راسيات أي ثابتات ثم قال جل ذكره: اعملوا آل داود شكرا
قال: اعملوا ما تشكروا عليه ثم قال سبحانه: وقليل من عبادي الشكور.
30 - في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال

(1) الوسائد جمع الوسادة: المخدة. والأنماط جمع النمط: ضرب من البساط.
322

أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام ثم مدح الله القلة فقال: (وقليل من عبادي
الشكور).
31 - في روضة الكافي سهل بن عبيد الله (1) عن أحمد بن عمر قال: دخلت
على أبى الحسن الرضا عليه السلام انا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة فقلت له: جعلت فداك
انا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش (2) فتغيرت الحال بعض التغير، فادع الله
عز وجل ان يرد ذلك إلينا، فقال: أي شئ تريدون تكونون ملوكا؟ أيسرك أن تكون
مثل طاهر وهرثمة (3) وانك على خلاف ما أنت عليه؟ قلت: لا والله ما يسرني ان لي
الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وانى على خلاف ما أنا عليه، قال: فقال: فمن أيسر منكم
فليشكر الله ان الله عز وجل يقول: (لئن شكرتم لأزيدنكم) وقال سبحانه وتعالى: (اعلموا
آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة
32 - في نهج البلاغة أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها حق الله عليكم، والموجبة
على الله حقكم، وان تستعينوا عليها بالله وتستعينوا بها على الله فان التقوى في اليوم
الحرز والجنة (4)، وفى غد الطريق إلى الجنة، مسلكها واضح وسالكها رابح ومستودعها
حافظ لم تبرح عارضة نفسها على الأمم الماضين والغابرين لحاجتهم إليها غدا إذا أعاد
الله ما أبدى وأخذ ما اعطى وسأل عما أسدي فما أقل من قبلها وحملها حق حملها (5)

(1) وفى بعض النسخ (سهل عن عبيد الله... اه) وهو الظاهر.
(2) الغضارة: طيب العيش.
(3) الطاهر هو أبو الطيب أو أبو طلحة طاهر بن الحسين المعروف بذو اليمينين والى
خراسان وهرثمة هو هرثمة بن أعين وهو من أصحاب الرضا عليه السلام وكلاهما من قواد المأمون
وخدمته، وقد مر الحديث في المجلد الثاني صفحة 527 وقد ذكرنا ترجمة الرجلين مختصرا
في الذيل فراجع.
(4) الجنة - بضم الجيم -: ما يستتر به
(5) قوله عليه السلام: (مستودعها حافظ) يعنى الله سبحانه لأنه مستودع الأعمال كما قال الله - سبحانه (انا لا نضيع أجر من أحسن عملا) قاله المحقق الخوئي والشارح المعتزلي وعن الراوندي
(قده) انه أراد بالمستودع قلب الانسان ويجوز ان يراد بالمستودع الملائكة الحفظة التي هي
وسائط بين الخلق وبين الله وقوله عليه السلام (لم تبرح عارضة نفسها.. اه) قال الشارح
المعتزلي: كلام فصيح لطيف يقول: إن التقوى لم تزل عارضة نفسها على من سلف من القرون
فقبلها القليل منهم شبهها بالمرأة العارضة نفسها نكاحا على قوم فرغب فيها من رغب وزهد من زهد.
وأسدي إليه: أحسن وقوله عليه السلام (وسأل عما أسدي) أي سأل أرباب الثروة عما
أسدي وأحسن إليهم من النعم والآلاء فيم صرفوها وفيم أنفقوها؟ قوله عليه السلام (فما أقل من
قبلها) يعنى ما أقل من قبل التقوى العارضة نفسها على الناس.
323

أولئك الأقلون وهم أهل صفة الله سبحانه إذ يقول: (وقليل من عبادي الشكور)
33 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: ولو كان عند الله عبادة يتعبد بها
عباده المخلصين أفضل من الشكر على كل حال لا طلق لفظه فيهم من جميع الخلق بها،
فلما لم يكن أفضل منها خصها من بين العبادات، وخص أربابها، فقال: (وقليل من عبادي
الشكور).
34 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار النادرة في
فنون شتى باسناده إلى الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه
موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عليهم السلام قال: إن
سليمان بن داود عليهما السلام قال ذات يوم لأصحابه: ان الله تعالى وهب لي ملكا
لا ينبغي لاحد من بعدى، سخر لي الريح والانس والجن والطير والوحوش، وعلمني
منطق الطير، وآتاني من كل شئ ومع جميع ما أوتيت من الملك ماتم لي سرور يوم
إلى الليل وقد أحببت أن أدخل قصرى في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي، ولا
تأذنوا لاحد على ما ينغص على يومى (1) قالوا: نعم فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده
وصعد إلى أعلى موضع من قصره، ووقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه سرورا بما

(1) نغص فلانا: كدر عينه.
324

أعطى، إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره، فلما
بصر به سليمان عليه السلام قال له: من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت ان أخلو فيه اليوم
فباذن من دخلت؟ قال الشاب: أدخلني هذا القصر ربه وباذنه دخلت، قال: ربه
أحق به منى فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت قال: وفيما جئت؟ قال: جئت لا قبض
روحك قال: امض لما أمرت به فهذا يوم سروري وأبى الله عز وجل أن يكون لي سرور
دون لقائه فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه، فبقي سليمان متكئا على
عصاه وهو ميت ما شاء الله، والناس ينظرون إليه وهم يقدرون انه حي فافتتنوا فيه واختلفوا
فمنهم من قال: إن سليمان قد بقي متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم
ولم يأكل ولم يشرب، انه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده، وقال قوم: ان سليمان
ساحر وانه يرينا انه وقف متكئ على عصاه يسحر أعيننا وليس كذلك، فقال المؤمنون
ان سليمان هو عبد الله ونبيه يدبر الله أمره بما يشاء فلما اختلفوا بعث الله عز وجل دابة
الأرض فدبت في عصاه، فلما أكلت جوفها انكسرت العصا وخر سليمان من قصره على
وجهه، فشكرت الجن للأرضة صنيعها، فلأجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان الا و
عندها ماء وطين، وذلك قول الله عز وجل: فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته
الا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا
في العذاب المهين ثم قال الصادق عليه السلام: والله ما نزلت هذه الآية هكذا وانما نزلت:
(فلما خر تبينت الانس ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).
35 - في كتاب علل الشرايع مثل ما نقلناه عن عيون الأخبار الا ان آخرها و
انما نزلت: (فلما خر تبينت الجن ان الانس لو كانوا يعملون الغيب ما لبثوا في
العذاب المهين).
36 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه إبراهيم بن
هاشم عن ابن أبي عمير عن أبان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمر سليمان بن
داود الجن فصنعوا له قبة من قوارير، فبينا هو متكئ على عصاه في القبة ينظر إلى الجن
كيف ينظرون إليه إذ حانت منه التفاتة فإذا رجل معه في القبة، قال له: من أنت؟ قال:
325

انا الذي لا أقبل الرشا ولا أهاب الملوك، انا ملك الموت فقبضه وهو قائم متكئ على
عصاه في القبة والجن ينظرون إليه، قال: فمكثوا سنة يد أبون له (1) حتى بعث الله
عز وجل الأرضة فأكلت منسأته وهي العصا، (فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون
الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) قال أبو جعفر عليه السلام ان الجن يشكرون الأرضة ما
صنعت بعصا سليمان، فما تكاد تراها في مكان الا وعندها ماء وطين.
37 - وباسناده إلى الحسن بن علي بن عقبة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لقد شكرت الشياطين الأرضة حين أكلت عصا سليمان عليه السلام حتى سقط و
قالوا عليك الخراب وعلينا الماء والطين، فلا تكاد تراها في موضع الا رأيت ماءا وطينا.
38 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن جعفر عن أبيه
عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عاش سليمان بن داود سبعمأة سنة واثنى عشر سنة.
39 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان
عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن سليمان بن داود عليهما السلام أمر الجن فبنوا
له بناء من قوارير، قال: فبينما هو متك على عصاه ينظر إلى الشياطين كيف يعملون
وينظرون إليه إذ حانت منه التفاتة، فإذا هو برجل معه في القبة ففزع منه فقال: من
أنت؟ فقال: أنا الذي لا أقبل الرشا ولا اهاب الملوك انا ملك الموت فقبضه وهو متكئ
على عصاه، فمكثوا سنة يبنون وينظرون إليه ويدأبون له ويعملون حتى بعث الله
تعالى الأرضة، فأكلت منسأته وهي العصا، (فلما خر تبينت الانس ان لو كان الجن
يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) فالجن تشكر الأرضة بما عملت بعصا سليمان
قال: فلا تكاد تراها في مكان الا وعندها ماء وطين.
40 - في روضة الكافي ابن محبوب عن جميل بن صالح عن الوليد بن صبيح
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل أوحى إلى سليمان بن داود عليه السلام ان آية
موتك ان شجرة تخرج من بيت المقدس يقال لها الخرنوبة، قال: فنظر سليمان يوما
فإذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بيت المقدس فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة

(1) دأب في عمله: جد وتعب واستمر عليه.
326

قال: فولى سليمان مدبرا إلى محرابه، فقام فيه متكيا على عصاه فقبض روحه من
ساعته، قال: فجعلت الجن والإنس يخدمونه ويسعون في أمره كما كانوا، وهم
يظنون أنه حي لم يمت يغدون ويروحون وهو قائم ثابت حتى دبت الأرض من عصاه،
فأكلت منسأته، فانكسرت وخر سليمان إلى الأرض، أفلا تسمع لقوله عز وجل: (فلما
خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).
41 - في مجمع البيان وفى الشواذ تبينت الانس وهي قراءة علي بن الحسين وأبى
عبد الله عليهما السلام.
42 - وفيه وفى حديث آخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان آصف بن برخيا
يدبر أمره حتى دبت الأرضة.
43 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: لقد كان لسبأ في مسكنهم آية
جنتان عن يمين وشمال قال فان بحرا كان من اليمن وكان سليمان عليه السلام أمر
جنوده ان يجروا لهم خليجا من البحر العذب إلى بلاد الهند ففعلوا ذلك وعقدوا له
عقدة من الصخر والكلس (1) حتى يفيض على بلادهم وجعلوا للخليج مجاريا،
فكانوا إذا أرادوا ان يرسلوا منه الماء أرسلوا بقدر ما يحتاجون إليه، وكانت لهم
عن يمين وشمال عن مسيرة عشرة أيام فيها يمر (2) لا يقع عليه الشمس من التفافها،
فلما عملوا بالمعاصي وعتوا عن أمر ربهم ونهاهم الصالحون فلم ينتهوا بعث الله عز وجل
على ذلك السد الجرذ وهي الفارة الكبيرة، وكانت تقلع الصخرة التي لا يستقلها
الرجال وترمى بها، فلما رأى ذلك قوم منهم هربوا وتركوا البلاد، فما زال الجرذ
تقلع الحجر حتى خرب ذلك السد، فلم يشعروا حتى غشيهم السيل وخرب بلادهم
وقلع أشجارهم.
44 - في مجمع البيان وفى الحديث عن فروة بن مسيك قال: سألت رسول الله

(1) الكلس: الصاروج يبنى به.
(2) كذا في النسخ وفي المصدر (فيما يمر) وفي البحار (فيمن يمر) وفى تفسير البرهان
(فيها ثمر لا يقع عليها الشمس).
327

صلى الله عليه وآله عن سبأ أرجل هو أم امرأة؟ فقال: هو رجل من العرب ولد عشيرة، تيامن
منهم ستة، وتشأم منهم أربعة، فاما الذين تيامنوا فالأزد وكندة ومذحج والأشعرون
وانمار وحمير فقال رجل من القوم: ما أنمار؟ قال: الذين منهم خثعم وبجلية واما
الذين تشأموا فعاملة وجذام ولخم وغسان.
45 - في روضة الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل
ابن صالح عن سدير قال: سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: فقالوا ربنا
باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فقال: هؤلاء قوم، كانت لهم قرى متصلة ينظر
بعضهم إلى بعض، وانها جارية وأموال ظاهرة فكفروا بأنعم الله وغيروا ما بأنفسهم
فأرسل الله عز وجل عليهم سيل العرم ففرق قراهم وأخرب ديارهم وأبدلهم مكان جناتهم
جنتين ذواتي اكل خمط واثل وشئ من سدر قليل ثم قال الله عز وجل ذلك جزيناهم
بما كفروا وهل نجازى الا الكفور.
46 - وباسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام خطبة لأمير المؤمنين وفيها يقول عليه السلام:
وا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدى بعضها بعضا، وكيف
يقتل بعضها بعضا المتشتتة غدا عن الأصل، النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير
جهته، كل حزب منهم آخذ بغصن، أينما مال الغصن مال معه، مع أن الله وله الحمد
سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع قزع الخريف يؤلف بينهم ثم يجعلهم ركاما
(1) كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستشارهم (2) كسيل الجنتين
سيل العرم، حيث بعث إليه فارة فلم يثبت عليه أكمة ولم يرد سننه رض طود يذعذعهم في

(1) القزع: قطع السحاب المتفرقة وانما خص الخريف لأنه أول الشتاء والسحاب
يكون فيه متفرقة غير متراكم قاله في النهاية. والركام: المتراكب بعضه فوق بعض.
(2) أي محل انبعاثهم وتهييجهم، قال الفيض (ره) في الوافي: وكأنه أشار عليه السلام
بذلك إلى فتن أبى مسلم المروزي واستئصالهم لبني أمية، وانما شبههم بسيل العرم لتخريبهم
البلاد وأهلها الذين كانوا في خفض ودعة.
328

بطون أودية (1) ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمكن من
قوم لديار قوم تشريدا لبني أمية (2).
47 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل بن
صالح عن سدير قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: قالوا ربنا باعد
بين أسفارنا وظلموا أنفسهم الآية فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم
إلى بعض، وانهار جارية وأموال ظاهرة، فكفروا نعم الله عز وجل وغيروا ما بأنفسهم
من عافية الله، فغير الله ما بهم من نعمة، وان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
فأرسل الله عليهم سيل العرم، ففرق قراهم وخرب ديارهم، وأذهب بأموالهم وأبدلهم مكان
جناتهم جنتين ذواتي اكل خمط واثل وشئ من سدر قليل، ثم قال: (ذلك جزيناهم
بما كفروا وهل نجازى الا الكفور).
48 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وعن أبي حمزة الثمالي
قال: دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على علي بن الحسين عليهما السلام فقال له جعلني
الله فداك أخبرني عن قول الله عز وجل: (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها
قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي واياما آمنين) فقال له: ما يقول
الناس فيها قبلكم بالعراق؟ قال: يقولون انها مكة، قال: وهل رأيت السرق في موضع
أكثر منه بمكة قال: فما هو؟ قال: انما عنى الرجال، قال: وان ذلك في كتاب الله
أوما تسمع إلى قوله عز وجل: (وكأين من قرية عنت عن أمر ربها ورسله) وقال: (و
تلك القرى أهلكناهم) وقال: (واسئل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا فيها)
فليسأل القرية أو الرجال أو العير؟ قال: وتلا عليه آيات في هذا المعنى قال: جعلت
فداك فمن هم؟ قال: نحن هم. قال: أو لم تسمع إلى قوله: (سيروا فيها ليالي واياما آمنين)
قال: آمنين من الزيغ.

(1) لاكمة: التل. والرض: الدق الجريش والطود: الجبل. والمجرور في
(سننه) كما قاله في الوافي يرجع إلى السيل أو إلى الله تعالى والذعذعة بالذالين: التفريق.
(2) التشريد: التنفير.
329

49 - وعن أبي حمزة الثمالي قال: اتى الحسن البصري (1) أبا جعفر عليه السلام
فقال: لأسألك عن أشياء من كتاب الله فقال له أبو جعفر: الست فقيه أهل البصرة؟ قال
قد يقال ذلك فقال له أبو جعفر عليه السلام: هل بالبصرة أحد تأخذ عنه؟ قال: لا قال فجميع
أهل البصرة يأخذون عنك؟ قال: نعم فقال أبو جعفر عليه السلام: سبحان الله لقد تقلدت عظيما من
الامر بلغني عنك أمر فما أدرى أكذاك أنت أم يكذب عليك؟ قال: ما هو؟ قال: زعموا انك
تقول ان الله خلق العباد ففوض إليهم أمورهم؟ قال: فسكت فقال: أرأيت من قال له الله في
كتابه: انك آمن، هل عليك خوف بعد هذا القول منه؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: انى
اعرض إليك آية وأنهى إليك خطبا ولا أحسبك الا وقد فسرته على غير وجهه، فان
كنت فعلت ذلك فقد هلكت وأهلكت فقال له: وما هو؟ فقال: أرأيت حيث يقول
(وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها
ليالي واياما آمنين) يا حسن بلغني انك أفتيت الناس فقلت: هي مكة! فقال أبو جعفر
عليه السلام: فهل يقطع على من حج مكة وهل يخاف أهل مكة وهل تذهب أموالهم فمتى يكونوا
آمنين؟ بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن فنحن القرى التي بارك الله فيها، وذلك
قول الله عز وجل فيمن أقر بفضلنا حيث أمرهم أن يأتونا فقال: (وجعلنا بينهم وبين
القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة) والقرى الظاهرة الرسل والنقلة عنا إلى شيعتنا و
فقهاء شيعتنا إلى شيعتنا وقوله: (وقدرنا فيها السير) والسير مثل للعلم (سيروا فيها ليالي
واياما) مثل لما يسير من العلم في الليالي والأيام عنا إليهم في الحلال والحرام و

(1) هو رئيس القدرية أبو سعيد بن أبي الحسن يسار مولى زيد بن ثابت الأنصاري أخو
سعيد وعمارة وأمهم خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وكان أحد الزهاد الثمانية عند الناس
وكان يلقى الناس بما يهوون ويتصنع للرياسة قال ابن أبي حديد: وممن قيل إنه يبغض عليا
ويذمه الحسن بن أبي الحسن البصري وروى أنه كان من المخذلين عن نصرته عليه السلام وكان
ممن دعا عليه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: أطال الله حزنك، قال أيوب السجستاني: فما
رأينا الحسن قط الا حزينا كأنه رجع عن دفن حميم أوخر بندج - أي مكاري - ضل حماره فقلت
له في ذلك؟ فقال: عمل في دعوة الرجل الصالح.
330

الفرائض والاحكام (آمنين) فيها إذا أخذوا عن معدنها الذي أمروا ان يأخذوا منه
آمنين من الشك والضلال، والنقلة من الحرام إلى الحلال، لأنهم أخذوا العلم ممن
وجب لهم يأخذهم إياه عنهم المغفرة، لأنهم أهل ميراث العلم من آدم إلى حيث انتهوا
ذرية مصفاة بعضها من بعض فلم ينته الاصطفاء إليكم بل إلينا انتهى، ونحن تلك الذرية
المصطفاة لا أنت وأشباهك يا حسن، فلو قلت لك حين ادعيت ما ليس لك وليس إليك
يا جاهل أهل البصرة لم أقل فيك الا ما علمته منك، وظهر لي عنك، وإياك أن تقول
بالتفويض، فان الله عز وجل لم يفوض الامر إلى خلقه وهنا منه وضعفا، ولا أجبرهم
على معاصيه ظلما والخبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة (انتهى).
50 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه
عن محمد بن سنان عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة البصري (1) على أبى
جعفر عليه السلام فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون فقال
أبو جعفر عليه السلام: بلغني انك تفسر القرآن؟ قال له قتادة: نعم. قال أبو جعفر: بعلم
تفسره أم بجهل؟ قال: لا، بعلم فقال له أبو جعفر عليه السلام: فان تفسره بعلم فأنت أنت
(2) والا أنا أسالك، قال قتادة سل، قال: أخبرني عن قول الله عز وجل في سبأ: (و
قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي واياما آمنين) فقال قتادة: ذاك من خرج من بيته
بزاد وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله، فقال أبو
جعفر عليه السلام: نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال و
كراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة
فيها اجتياحه (3) قال قتادة: اللهم نعم، فقال أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة ان كنت
انما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وان كنت قد أخذته من

(1) هو من مشاهير محدثي العامة ومفسريهم.
(2) قال المجلسي (ره): أي فأنت العالم المتوحد الذي لا يحتاج إلى المدح والوصف
وينبغي ان يرجع إليك في العلوم.
(3) الاجتياح: الاهلاك.
331

الرجال فقد هلكت وأهلكت ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد و راحلة و كراء
حلال يروم (1) هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه، كما قال الله عز وجل: (واجعل
أفئدة من الناس تهوى إليهم) ولم يعن البيت فيقول: (إليه) فنحن والله دعوة إبراهيم
صلى الله عليه من هوانا قلبه قبلت حجته والا فلا، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من
عذاب جهنم يوم القيامة، قال قتادة: لا جرم والله لا فسرتها الا هكذا فقال أبو جعفر عليه السلام:
ويحك يا قتادة انما يعرف القرآن من خوطب به.
51 في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن صالح الهمداني
قال كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام ان أهل بيتي يؤذونني ويقرعوني بالحديث
الذي روى عن آبائك عليهم السلام انهم قالوا: خدامنا وقوامنا شرار خلق الله فكتب
عليه السلام: ويحكم ما تعرفون ما قال الله عز وجل: وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا
فيها قرى ظاهرة نحن والله القرى التي بارك الله فيها وأنتم القرى الظاهرة. قال
عبد الله بن جعفر: وحدثنا بهذا الحديث علي بن محمد الكليني عن محمد بن صالح عن
صاحب الزمان عليه السلام.
52 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى زهر شيب بن أنس عن بعض
أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو عبد الله لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله
حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: نعم قال: يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما ويلك
ما جعل الله الا عند أهل الكتاب الذين انزل عليهم، ويلك ولا هو الا عند الخاص من
ذرية نبينا صلى الله عليه وآله وما ورثك الله من كتابه حرفا، فان كنت كما تقول ولست كما تقول
فأخبرني عن قول الله عز وجل: (سيروا فيها ليالي واياما آمنين) أين ذلك من الأرض؟
قال: احسبه ما بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابه فقال: تعلمون
ان الناس يقطع عليهم ما بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على أنفسهم و
يقتلون؟ قالوا: نعم، قال: فسكت أبو حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن قول

(1) يروم أي يقصد.
332

الله عز وجل: (ومن دخله كان آمنا) أين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة قال: أفتعلم ان
الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير فقتله كان آمنا فيها؟ قال: فسكت
فقال أبو بكر الحضرمي: جعلت فداك الجواب في المسئلتين؟ فقال يا أبا بكر (سيروا فيها
ليالي واياما آمنين) فقال: مع قائمنا أهل البيت، واما قوله: (ومن دخله كان آمنا) فمن
بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقدة أصحابه كان آمنا. والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
53 - وباسناده إلى أبي سعيد الخدري عن النبي حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه وآله:
يا بلال اصعد أبا قبيس فناد عليه ان رسول الله صلى الله عليه وآله حرم الجري (1) والضب و
الحمر الأهلية، الا فاتقوا الله ولا تأكلوا من السمك الا ما كان له قشر، ومع القشر
فلوس، ان الله تبارك وتعالى مسخ سبعمأة أمة عصوا الأوصياء بعد الرسل، فأخذ أربعمأة
أمة منهم برا وثلاثمأة أمة منهم بحرا، ثم تلا هذه الآية وجعلناهم أحاديث ومزقناهم
كل ممزق.
54 - في مجمع البيان وفى الحديث عن فروة بن مسيك قال: سألت رسول الله
صلى الله عليه وآله عن سبأ، أرجل هو أم امرأة (2) الحديث وقد تقدم أوائل قصة سبأ.
55 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن سليمان عن عبد الله بن
محمد اليماني عن مسمع بن الحجاج عن صباح الحذاء عن صباح المزني عن جابر عن أبي
جعفر عليه السلام قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام يوم الغدير صرخ
إبليس في جنوده صرخة، فلم يبق منهم في بر ولا بحر الا أتاه، فقالوا: يا سيدهم و
مولاهم (2) ماذا دهاك فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: فعل

(1) الجري: صنف من السمك في ظهره طول وفى فمه سعة وليس له عظم الا عظم اللحيين والسلسلة
(2) مر الحديث تحت رقم 44 فراجع.
(3) قال المجلسي (ر) في كتاب مرآة العقول: أي قالوا يا سيدنا ويا مولانا وانما غيره
لئلا يوهم انصرافه إليه (ع) وهذا شايع في كلام البلغاء في نقل أمر لا يرضى القائل لنفسه كما في
قوله تعالى (ان لعنة لله عليه إن كان من الكاذبين). وقوله: ماذا دهاك يقال: دهاه إذا اصابته داهية.
333

هذا النبي فعلا ان تم لم يعص الله أبدا، فقالوا: يا سيدهم أنت كنت لادم، فلما قال
المنافقون: انه ينطق عن الهوى وقال أحدهما لصاحبه: اما ترى عينيه تدوران في
رأسه كأنه مجنون - يعنون رسول الله صلى الله عليه وآله - صرخ إبليس صرخة بطرب فجمع أوليائه
فقال: أما علمتم انى كنت لادم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد ولم يكفر
بالرب، وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وأقام
الناس غير على لبس إبليس تاج الملك ونصب منبرا وقعد في الزينة (1) وجمع خيله
ورجله ثم قال لهم: اطربوا لا يطاع الله حتى يقوم امام وتلا أبو جعفر: عليه السلام ولقد
صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين قال أبو جعفر عليه السلام:
كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، والظن من إبليس حين قالوا
لرسول الله انه ينطق عن الهوى، فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه.
56 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله ان ينصب أمير المؤمنين للناس في قوله:
(يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك في علي) بغدير خم فقال: من كنت مولاه
فعلى مولاه، فجاء الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رؤسهم فقال لهم
إبليس: ما لكم؟ قالوا إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شئ إلى يوم القيامة
فقال لهم إبليس: كلا ان الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني فأنزل الله
عز وجل على رسوله: صلى الله عليه وآله (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) الآية.
57 - وقوله عز وجل: ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له قال: لا يشفع أحد
من أنبياء الله ورسله يوم القيامة حتى يأذن الله له الا رسول الله صلى الله عليه وآله، فان الله عز وجل قد
اذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، والشفاعة له وللأئمة صلوات الله عليهم ثم بعد ذلك
للأنبياء عليهم السلام. قال: حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي
العباس المكبر قال: دخل مولى لا مرأة علي بن الحسين صلوات الله عليهما على أبي جعفر
صلوات الله عليه يقال له أبو أيمن فقال له: يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون شفاعة محمد

(1) وفي المصدر " وقعد في الوثبة ": والوثبة: الوسادة.
334

شفاعة محمد؟! فغضب أبو جعفر عليه السلام حتى تربد وجهه (1) ثم قال: ويحك يا أبا أيمن أغرك
ان عف بطنك وفرجك؟ أما لو قد رأيت افزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة رسول الله
صلى الله عليه وآله ويلك وهل يشفع الا لمن وجبت له؟ ثم قال: ما من أحد من الأولين والآخرين الا وهو
محتاج إلى شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ان لرسول الله
صلى الله عليه وآله الشفاعة في أمته، ولنا الشفاعة في شيعتنا، ولشيعتنا شفاعة في أهاليهم، ثم قال: و
ان المؤمن ليشفع في مثل ربيعة ومضر، وان المؤمن ليشفع حتى لخادمه، يقول: يا رب
حق خدمتي كان يقيني الحر والبرد.
58 - وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: حتى إذا فزع عن
قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير وذلك أن أهل السماوات
لم يسمعوا وحيا فيما بين أن بعث عيسى بن مريم إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وآله، فلما بعث الله
جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله سمع أهل السماوات صوت وحى القرآن كوقع الحديد على
الصفا، فصعق أهل السماوات فلما فرغ عن الوحي انحدر جبرئيل عليه السلام كلما مر بأهل
سماء فزع عن قلوبهم، يقول كشف عن قلوبهم، فقال بعض لبعض: ماذا قال ربكم؟ قالوا
الحق وهو العلى الكبير.
59 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام كلام
طويل وفيه: واما قولكم انى شككت في نفسي حيث قلت للحكمين: انظرا فإن كان
معاوية أحق بها منى فأثبتاه، فان ذلك لم يكن شكا منى ولكني أنصفت في القول قال الله:
وانا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ولم يكن شكا وقد علم الله أن نبيه
على الحق.
60 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا علي بن جعفر قال: حدثني محمد بن عبد الله
الطائي قال: حدثنا محمد بن أبي عمير قال: حدثني حفص الكناني قال: سمعت عبد الله
بن بكير الرجاني قال: قال لي الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليهما: أخبرني
عن الرسول صلى الله عليه كان عاما للناس أليس قد قال الله عز وجل في محكم كتابه:

(1) تربد لونه: تغير.
335

وما أرسلناك الا كافة للناس لأهل الشرق والغرب وأهل السماء والأرض من الجن والإنس
هل بلغ رسالته إليهم كلهم؟ قلت: لا أدرى، قال: يا ابن بكير ان رسول الله صلى الله عليه وآله
لم يخرج من المدينة فكيف أبلغ أهل الشرق والغرب؟ قلت: لا أدرى، قال: إن الله
تعالى أمر جبرئيل عليه السلام فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لرسول الله صلى الله عليه وآله، فكانت بين
يديه مثل راحة في كفه ينظر إلى أهل الشرق والغرب، ويخاطب كل قوم بألسنتهم، ويدعوهم
إلى الله عز وجل والى نبوته بنفسه، فما بقيت قرية ولا مدينة الا ودعاهم النبي صلى الله عليه وآله بنفسه
61 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر وعدة
من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن محمد بن مروان
جميعا عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى
اعطى محمدا صلى الله عليه وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، إلى أن قال: وأرسله كافة
إلى الأبيض والأسود والجن والانس.
62 - في كتاب الخصال عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فضلت بأربع
خصال: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، إلى قوله: وأرسلت إلى الناس كافة.
63 - في مجمع البيان عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أعطيت خمسا ولا أقول فخرا
بعثت إلى الأحمر والأصفر (الاسودخ) الحديث.
64 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال علي بن الحسين عليهما السلام
كان أبو طالب يضرب عن رسول الله صلى الله عليه وآله بسيفه ويقيه بنفسه، إلى أن قال: فقالوا:
يا أبا طالب سله: أرسله الله إلينا خاصة أم إلى الناس كافة؟ فقال أبو طالب: يا ابن أخ إلى
الناس كافة أرسلت أم إلى قومك خاصة؟ قال: لا، بل إلى الناس أرسلت كافة الأبيض
والأسود والعربي والعجمي، والذي نفسي بيده لأدعون إلى هذا الامر الأبيض والأسود
ومن على رؤس الجبال ومن في لجج البحار. ولا دعون السنة فارس والروم.
65 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبى حمزة الثمالي عن أبي
جعفر الباقر عليه السلام حديث طويل وفيه: وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة، فاما نوح:
336

فإنه ارسل إلى من في الأرض بنبوة عامة ورسالة عامة. واما هود: فإنه ارسل إلى عاد
بنبوة خاصة، واما صالح: فإنه ارسل إلى ثمود وهي قرية واحدة لا تكمل أربعين بيتا
على ساحل البحر صغيرة، واما شعيب: فإنه ارسل إلى مدين وهي لا تكمل أربعين بيتا،
واما إبراهيم: نبوته بكوثا وهي قرية من قرى السواد فيها بدا أول امره، ثم هاجر منها
وليست بهجرة، فقال في ذلك قوله عز وجل: (انى مهاجر إلى ربى سيهدين) وكانت
هجرة إبراهيم بغير قتال، واما اسحق: فكانت نبوته بعد إبراهيم، واما يعقوب: فكانت
نبوته بأرض كنعان ثم هبط إلى ارض مصر فتوفى فيها، ثم حمل بعد ذلك جسده حتى دفن بأرض
كنعان، والرؤيا التي رأى يوسف الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين،
وكانت نبوته بأرض مصر بدوها، ثم إن الله تبارك وتعالى ارسل الأسباط اثنى عشر بعد
يوسف، ثم موسى وهارون إلى فرعون وملائه إلى أرض مصر وحدها، ثم إن الله تبارك
وتعالى ارسل يوشع بن نون إلى بني إسرائيل من بعد موسى فنبوته بدوها في البرية التي
تاه فيها بنو إسرائيل، ثم كانت أنبياء كثيرة منهم من قصه الله عز وجل على محمد ومنهم
من لم يقصصه على محمد، ثم إن الله عز وجل ارسل عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل خاصة و
كانت نبوته ببيت المقدس، وكانت من بعده الحواريون اثنا عشر، فلم يزل الايمان
يستتر في بقية أهله منذ رفع الله عيسى عليه السلام، ثم ارسل الله محمدا صلى الله عليه وآله إلى الجن والإنس
عامة وكان خاتم الأنبياء.
66 - وباسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي
عليهما السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: فمكث نوح ألف سنة الا خمسين عاما
لم يشاركه في نبوته أحد
67 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام مثل ما نقلنا عن كتاب كمال الدين و
تمام النعمة أخيرا سواء.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: وأسروا الندامة لما رأوا العذاب
قال: يسرون الندامة في النار إذا رأوا ولى الله، فقيل: يا رسول الله وما يغنيهم اسرارهم
337

الندامة وهم في العذاب؟ قال: يكرهون شماتة الأعداء.
68 - في نهج البلاغة واما الأغنياء من مترفة الأمم فتعصبوا لاثار مواقع النعم
فقالوا: نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين فإن كان لابد من العصبية فليكن
تعصبكم لمكارم الخصال ومحامد الافعال ومحاسن الأمور التي تفاضلت فيها المجداء
والنجداء من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل (1) بالأخلاق الرغيبة والأحلام العظيمة
والاخطار (2) الجليلة والآثار المحمودة.
69 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير قال: ذكرنا عند أبي جعفر
عليه السلام من الأغنياء من الشيعة فكأنه كره ما سمع منا فيهم، قال: يا أبا محمد إذا كان
المؤمن غنيا رحيما وصولا له معروف إلى أصحابه، أعطاه الله أجر ما ينفق في البر أجره
مرتين ضعفين، لان الله عز وجل يقول في كتابه: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي
تقربكم عندنا زلفى الا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا
وهم في الغرفات آمنون.
70 - في تفسير علي بن إبراهيم وذكر رجل عند أبي عبد الله عليه السلام الأغنياء ووقع
فيهم فقال أبو عبد الله: اسكت فان الغنى إذا كان وصولا لرحمه، بارا باخوانه،
أضعف الله له الاجر ضعفين، لان الله يقول: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم
عندنا زلفى الا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات
آمنون).
71 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين حديث طويل
يقول فيه عليه السلام: حتى إذا كان يوم القيامة حسب لهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها
إلى سبعمأة ضعف، قال الله عز وجل: (جزاء من ربك عطاءا حسابا) وقال: (أولئك لهم
جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون).

(1) تفاضلت فيها أي تزايدت والمجداء جمع ماجد والمجد: الشرف في الاباء والنجداء:
الشجعان والواحد: النجد. ويعاسيب القبائل رؤساؤها.
(2) الرغيبة. الخصلة يرغب فيها، والأحلام: العقول. والاخطار: الاقدار.
338

72 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وما أنفقتم من شئ فهو
يخلفه وهو خير الرازقين قال: فإنه حدثني أبي عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن الرب تبارك وتعالى ينزل أمره كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أول
الليل، وفى كل ليلة في الثلث الأخير وامامه ملك ينادى: هل من تائب يتاب عليه، هل
من مستغفر يغفر له، هل من سائل فيعطى سؤله اللهم اعط كل منفق خلفا وكل ممسك
تلفا، إلى أن يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد أمر الرب تبارك وتعالى إلى عرشه فيقسم
أرزاق العباد، ثم قال للفضيل بن يسار: يا فضيل يصيبك من ذلك وهو قول الله: (وما
أنفقتم من شئ فهو يخلفه) إلى قوله: (أكثرهم بهم يؤمنون).
73 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عمن
حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت آيتين في كتاب الله أطلبهما فلا أجدهما قال: و
ماهما؟ قلت: قول الله عز وجل: (ادعوني استجب لكم) إلى أن قال: ثم قال: وما
الآية الأخرى؟ قلت: قول الله عز وجل: (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير
الرازقين) وانى أنفق ولا أرى خلفا قال: افترى عز وجل أخلف وعده؟ قلت: لا قال
فمم ذلك؟ قلت: لا أدرى، قال: لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حله
لم ينفق درهما الا اخلف عليه.
74 محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يحيى عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف الله له ما أنفق في
دنياه، ويضاعف له في آخرته، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.
75 - في من لا يحضره الفقيه باسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن
محمد عليهما السلام انه جاء إليه رجل فقال له: بأبي أنت وأمي عظني موعظة. فقال
عليه السلام: وإن كان الحساب حقا فالجمع لماذا وإذا كان الخلف من الله عز وجل حقا
فالبخل لماذا؟ الحديث.
76 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن النوفلي عن السكوني عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صدق بالخلف جاد بالعطية.
339

77 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن موسى بن
راشد عن سماعة عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أيقن بالخلف سخت
نفسه بالنفقة.
78 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن بعض من حدثه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في كلام له: ومن بسط يده بالمعروف إذا
وجده يخلف الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته.
79 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة رفعه إلى
أبى عبد الله أو أبي جعفر عليهما السلام قال: ينزل الله المعونة من السماء إلى العبد بقدر
المؤنة، ومن أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة.
80 - أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن أيمن عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال:
يا حسين أنفق وأيقن بالخلف من الله، فإنه لم يبخل عبد ولا أمة بنفقة فيما يرضى الله عز وجل
الا أنفق أضعافها فيما يسخط الله.
81 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال: دخل عليه مولى فقال له: هل أنفقت اليوم شيئا؟ فقال: لا والله،
فقال أبو الحسن عليه السلام: فمن أين يخلف الله علينا؟.
82 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد
جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن مهزم عن رجل عن جابر عن أبي جعفر
عليه السلام قال: إن الشمس ليطلع ومعها أربعة املاك: ملك ينادى: يا صاحب الخير أتم و
ابشر وملك ينادى: يا صاحب الشر أنزع وأقصر، وملك ينادى اعط منفقا خلفا، وآت
ممسكا تلفا، وملك ينضحها بالماء ولولا ذلك أشعلت الأرض.
83 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن معاوية بن وهب
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من يضمن أربعة بأربعة أبيات في الجنة: أنفق ولا تخف فقرا
وأنصف الناس من نفسك، وافش السلام في العالم واترك المراء وان كنت محقا.
340

84 - في مجمع البيان وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: كل معروف صدقة
وما وقى الرجل به عرضه فهو صدقة، وما أنفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلقها ضامنا الا
ما كان من نفقة في بنيان أو معصية.
85 - وعن أبي أمامة قال: انكم تأولون هذه الآية في غير تأويلها (وما أنفقتم من شئ
فهو يخلفه) وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله والا فصمتا يقول: إياكم والسرف في المال والنفقة
وعليكم بالاقتصاد فما افتقر قوم قط اقتصدوا.
86 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن
أبي عبد الله عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن حسان عن هشام بن عمار يرفعه في قوله:
وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير
قال: كذب الذين من قبلهم رسلهم معشار ما آتينا محمدا وآل محمد عليهم السلام
87 - حدثنا جعفر بن أحمد قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن
علي بن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله
عز وجل: قل انما أعظكم بواحدة قال: انما أعظكم بولاية على هي الواحدة التي
قال الله عز وجل.
88 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن
محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: (قل انما
أعظكم بواحدة) فقال: انما أعظكم بولاية علي عليه السلام هي الواحدة التي قال الله تبارك و
تعالى (انما أعظكم بواحدة).
89 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه واما قوله: (انما أعظكم بواحدة) فان الله جل ذكره أنزل عزائم الشرائع
وآيات الفرائض في أوقات مختلفة فكان أول ما قيدهم به الاقرار بالوحدانية والربوبية
والشهادة بان لا إله إلا الله، فلما أقروا بذلك تلاه بالاقرار لنبيه صلى الله عليه وآله بالنبوة والشهادة
له بالرسالة، فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثم الصوم ثم الحج ثم الجهاد ثم
341

الزكاة ثم الصدقات وما يجرى مجراها من مال الفئ، فقال المنافقون: هل بقي لربك
علينا بعد الذي فرض علينا شئ آخر يفترضه فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره؟
فأنزل الله في ذلك: (قل انما أعظكم بواحدة) يعنى الولاية فأنزل الله: (انما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم
راكعون).
90 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب الباقر والصادق عليهما السلام
في قوله تعالى: (قل انما أعظكم بواحدة) قال: الولاية ان تقوموا لله مثنى قال:
الأئمة وذريتهما. (1)
91 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن
عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (ومن يقترف حسنة
نزد له فيها حسنا) قال: من تولى الأوصياء من آل محمد واتبع آثارهم فذلك يزيده
ولاية معي من النبيين والمؤمنين الأولين، حتى يصل ولايتهم إلى آدم عليه السلام، و
هو قول الله عز وجل: (من جاء بالحسنة فله خير منها) ندخله الجنة وهو قوله عز وجل:
قل ما سألتكم من اجر فهو لكم يقول: اجر المودة التي لم أسألكم غيره فهو لكم
تهتدون به، وتنجون من عذاب يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
92 - في مجمع البيان (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم) إلى قوله وقال
الماوردي: معناه ان اجر ما دعوتكم إليه من إجابتي وذخره هو لكم دوني وهو
المروى عن أبي جعفر عليه السلام.
93 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: (قل ما سألتكم من اجر فهو لكم) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله سأل قومه
ان يودوا أقاربه ولا يؤذونه، واما قوله: (فهو لكم) يقول: ثوابه لكم.
94 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان
قال: أولم إسماعيل فقال له عبد الله عليه السلام: عليك بالمساكين فاشبعهم، فان الله

(1) كذا.
342

عز وجل يقول: وما يبدئ الباطل وما يعيد
95 - في مجمع البيان قال ابن مسعود: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكة وحول البيت
ثلاثمأة وستون صنما فجعل يطعنها بعود في يده، ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل
ان الباطل كان زهوقا). (جاء الحق ويبدئ الباطل وما يعيد).
في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى علي بن موسى عن أبيه عن
جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام مثل ما نقلنا عن مجمع البيان.
96 - في مجمع البيان (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب)
قال أبو حمزة الثمالي: سمعت علي بن الحسين والحسن بن علي يقولان: هو جيش
البيداء يؤخذون من تحت اقدامهم.
97 - وروى عن حذيفة بن اليمان ان النبي صلى الله عليه وآله ذكر فتنة تكون بين أهل
المشرق والمغرب، قال: فبينما هم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس
في فور ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق وآخر إلى المدينة
حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة يعنى بغداد، فيقتلون أكثر من ثلاثة
آلاف ويفضحون أكثر من مأة امرأة، ويقتلون فيها ثلاثمأة كبش من بنى العباس،
ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج
راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون
ما في أيديهم من السبي والغنائم، ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينهبونها ثلاثة أيام
بلياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل
فيقول: يا جبرئيل اذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها ولا يفلت
منهم الا رجلان من جهينة فلذلك جاء القول: (وعند جهينة الخبر اليقين) فلذلك قوله:
(ولو ترى إذ فزعوا) إلى آخره أورده الثعلبي في تفسيره، وروى أصحابنا في أحاديث
المهدى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام مثله.
98 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل:
(ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت) فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس
343

عن أبي خالد الكابلي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: والله لكأني انظر إلى القائم وقد
أسند ظهره إلى الحجر ثم ينشد الله حقه ثم يقول: يا أيها الناس من يحاجني
في الله فانا أولى بالله، أيها الناس من يحاجني في آدم فانا أولى بآدم، أيها الناس
من يحاجني في نوح فانا أولى بنوح، أيها الناس من يحاجني بإبراهيم فانا أولى
بإبراهيم، أيها الناس من يحاجني بموسى فانا أولى بموسى، أيها الناس من
يحاجني بعيسى فانا أولى بعيسى، أيها الناس من يحاجني بمحمد فانا أولى بمحمد
أيها الناس من يحاجني بكتاب الله فانا أولى بكتاب الله، ثم ينتهى إلى المقام فيصلى
ركعتين وينشد الله حقه، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هو والله المضطر في كتاب الله في قوله:
(أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) فيكون أول من
يبايعه جبرئيل، ثم الثلاثمأة والثلاثة عشر، فمن كان ابتلى بالمسير وافى، ومن لم
يبتل بالمسير فقد عن فراشه، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام: هم المفقودون عن فرشهم،
وذلك قول الله: (فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا) قال: الخيرات
الولاية وقال في موضع آخر: (ولئن اخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) وهم
أصحاب القائم صلوات الله عليه يجتمعون والله إليه في ساعة واحدة، فإذا جاء إلى
البيداء يخرج إليه جيش السفياني، فيأمر الله عز وجل الأرض فتأخذ باقدامهم وهو
قوله عز وجل: (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به)
يعنى بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم وانى لهم التناوش من مكان بعيد وحيل
بينهم وبين ما يشتهون يعنى ان لا يعذبوا كما فعل باشياعهم يعنى من كان قبلهم
من المكذبين هلكوا من قبل انهم كانوا في شك مريب.
99 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (ولو
ترى إذ فزعوا فلا فوت) قال: من الصوت وذلك الصوت من السماء وقوله عز وجل:
(واخذوا من مكان قريب) قال: من تحت اقدامهم خسف بهم.
100 - أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن
ابن محبوب عن أبي حمزة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله عز وجل: (وانى لهم
344

التناوش من مكان بعيد) قال إنهم طلبوا الهدى من حيث لا ينال وقد كان لهم مبذولا
من حيث ينال.
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحمدين حمد
سبأ وحمد فاطر من قرأهما في ليلة لم يزل في حفظ الله وكلائته، فمن قرأهما
في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه، وأعطى من خير الدنيا وخير الآخرة ما لم يخطر
على قلبه ولم يبلغ مناه.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة الملائكة
دعته يوم القيامة ثلاثة أبواب من الجنة ان ادخل من أي الأبواب شئت.
3 - في كتاب الخصال في احتجاج علي عليه السلام على أبى بكر قال: فأنشدك
بالله أخوك المزين بالجناحين في الجنة يطير بهما مع الملائكة أم أخي؟ قال: بل
أخوك.
4 - وفيه في احتجاج علي عليه السلام يوم الشورى على الناس: نشدتكم بالله هل فيكم
أحد له أخ مثل أخي جعفر المزين بالجناحين في الجنة يحل فيها حيث يشاء غيري؟
قالوا: اللهم لا.
5 - وفيه أيضا في مناقب أمير المؤمنين وتعدادها قال عليه السلام: واما السادسة و
العشرون فان جعفرا اخى الطيار في الجنة مع الملائكة المزين بالجناحين من در و
ياقوت وزبرجد.
6 - وفيه أيضا فيها قال عليه السلام: واما الثامنة والأربعون فان رسول الله صلى الله عليه وآله أتاني
في منزلي ولم نكن طعمنا منذ ثلاثة أيام، فقال: يا علي هل عندك شئ؟ فقلت: و
الذي أكرمك بالكرامة واصطفاك بالرسالة ما طعمت وزوجتي وابناي منذ ثلاثة أيام
فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا فاطمة ادخلي البيت وانظرى هل تجدين شيئا؟ فقالت: خرجت
الساعة فقلت: يا رسول الله ادخله أنا، فقال: ادخل وقل: بسم الله، فدخلت فإذا انا
345

بطبق موضوع عليه رطب وجفنة (1) من ثريد فحملتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا علي
رأيت الرسول الذي حمل الطعام؟ فقلت: نعم، فقال صفه لي فقلت: من بين أحمر و
أخضر وأصفر، فقال: تلك خطط جناح جبرئيل مكللة بالدر والياقوت، فأكلنا من
الثريد حتى شبعنا فما أرى الا خدش أيدينا وأصابعنا، ولم ينقص من الطعام شئ فخصني
الله بذلك من بين أصحابه.
7 - عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر قال كان على الحسن والحسين تعويذان
حشوهما من زغب (2) جناح جبرئيل عليه السلام.
8 - عن محمد بن طلحة باسناده يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: الملائكة على ثلاثة
أجزاء: فجزء لهم جناحان، وجزء لهم ثلاثة أجنحة، وجزء لهم أربعة أجنحة.
9 - عن ثابت بن أبي صفية قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: رحم الله العباس يعنى
ابن علي فلقد آثر أبى وفدى أبى بنفسه قطعت يداه فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع
الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وان للعباس عند الله تبارك وتعالى
لمنزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.
10 - عن زيد بن وهب قال: سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن قدرة
الله عز وجل فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله تبارك وتعالى ملائكة لو أن
ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته لعظم خلقه وكثرة أجنحته، ومنهم من لو كلفت
الجن والإنس ان يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحسن تركيب صورته، وكيف
يوصف من ملائكته من سبعمأة عام ما بين منكبيه وشحمة اذنيه، ومنهم من يسد الأفق
بجناح من أجنحته دون عظم بدنه، ومنهم من السماوات إلى حجزته (3) ومنهم من
قدمه على غير قرار في جو الهواء الأسفل والأرضون إلى ركبته، ومنهم من لوالقي

(1) الجفنة: القصعة وعن الكسائي أنه قال: أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تشبع العشرة
ثم الصحفة تشبع الخمسة إلى آخر ما ذكره.
(2) الزغب: صغار الريش وقيل أول ما يبدو منه.
(3) الحجزة: معقد الإزار.
346

في نقرة ابهامه جميع المياه لوسعتها، ومنهم من لو ألقيت السفن في دموع عينيه لجرت
دهر الداهرين، فتبارك الله أحسن الخالقين.
11 - عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه للزهراء
فاطمة عليها السلام: يا فاطمة انا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين
قبلنا ولا يدركها أحد من الآخرين بعدنا: نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير
الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك، ومنا من له جناحان يطير
بهما في الجنة وهو جعفر، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك.
12 - في كتاب التوحيد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن لله تبارك وتعالى ملكا
من الملائكة نصف جسده الاعلى نار ونصفه الأسفل ثلج، فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفى
النار، وهو قائم ينادى بصوت له رفيع: سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب
الثلج، وكف برد هذا الثلج فلا يطفى حر النار، اللهم [يا] مؤلفا بين الثلج والنار،
الف بين قلوب عبادك المؤمنين على طاعتك.
13 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى مجاهد قال: قال ابن عباس:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن لله تبارك وتعالى ملكا يقال له دردائيل، كان له ستة -
عشر ألف جناح ما بين الجناح والجناح هوى والهوى كما بين السماء والأرض، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
14 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد
ابن القاسم عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: يا حسين - وضرب
بيده على مساور (1) في البيت - مساور طال ما انكبت عليها الملائكة وربما التطقنا
من زغبها.
15 - محمد عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم قال: حدثني مالك بن عطية
الأحمسي عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فاحتبست
في الدار ساعة، ثم دخلت البيت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده من وراء الستر فناوله من

(1) المساور جمع المسور: متكأ من جلد.
347

كان في البيت، فقلت: جعلت فداك هذا الذي تلتقطه أي شئ هو؟ قال: فضلة من
زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا نجعله سيحا (1) لا ولادنا فقلت: جعلت فداك وانهم
ليأتونكم؟ فقال: يا أبا حمزة انهم ليزاحمونا على تكأتنا. (2)
16 - في بصائر الدرجات أحمد بن موسى عن أحمد المعروف بغزال مولى
حرب بن زياد البجلي عن محمد أبى جعفر الحمامي الكوفي عن الأزهر البطيخي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل عرض ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فقبلتها الملائكة
وأباها ملك يقال له فطرس، فكسر الله جناحه فلما ولد الحسين بن علي عليهما السلام
بعث الله جبرئيل في سبعين ألف ملك إلى محمد صلى الله عليه وآله يهنئهم بولادته، فمر بفطرس فقال
له فطرس: إلى أين تذهب؟ قال: بعثني الله إلى محمد أهنأهم بمولود ولد في هذه الليلة،
فقال له فطرس: احملني معك وسل محمدا يدعو لي، فقال له جبرئيل: اركب جناحي
فركب جناحه فاتى محمدا صلى الله عليه وآله فدخل عليه وهنأه فقال له: يا رسول الله ان فطرس
بيني وبينه اخوة، وسألني ان أسألك ان تدعو الله ان يرد عليه جناحه، فقال له رسول الله
صلى الله عليه وآله: يا فطرس أتفعل؟ قال: نعم فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ولاية أمير المؤمنين
فقبلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: شأنك المهد فتمسح به وتمرغ فيه، قال: فمشى
فطرس إلى مهد الحسين بن علي ورسول الله صلى الله عليه وآله يدعو قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فنظرت إلى
ريشه وانه ليطلع ويجرى فيه الدم ويطول حتى لحق بجناحه الاخر وعرج مع جبرئيل
إلى السماء وصار إلى موضعه.
17 - أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة
عن عمار الساباطي قال: أصبت شيئا كان على وسائد كانت في منزل أبى عبد الله عليه السلام
فقال له بعض أصحابنا: ما هذا جعلت فداك؟ - وكان يشبه شيئا يكون في الحشيش كثيرا
كأنه جوزة - فقال له أبو عبد الله عليه السلام: هذا مما يسقط من أجنحة الملائكة ثم قال:

(1) السبح: ضرب من البرود.
(2) تكأة - كهمزة: ما يعتمد عليه حين الجلوس.
348

يا عمار ان الملائكة لتزاحمنا على نمارقنا. (1)
18 - إبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن حماد عن المفضل بن عمر قال: دخلت
على أبى عبد الله عليه السلام فبينا انا عنده جالس إذا أقبل موسى ابنه عليهما السلام وفي رقبته
قلادة فيها ريش غلاظ، فدعوت به فقبلته وضممته إلى ثم قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت
فداك أي شئ هذا الذي في رقبة موسى؟ فقال: هذا من أجنحة الملائكة، قال:
قلت: وانها لتأتيكم؟ فقال: نعم انها لتأتينا وتعفر في فرشنا، وان هذا الذي في
رقبة موسى من أجنحتها.
19 - أحمد بن الحسين عن الحسن بن برة الأصم عن أبي بكير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الملائكة لتنزل علينا في رحالنا وتتقلب على فرشنا و
تحضر موائدنا وتأتينا من كل نبات في زمانه رطب ويابس، وتقلب علينا أجنحتها وتقلب
أجنحتها على صبياننا.
20 - في تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق صلوات الله عليه: خلق الله الملائكة
مختلفة، وقد أتى رسول الله جبرئيل عليه السلام وله ستمأة جناح على ساقه الدر مثل القطر
على البقل، قد ملاء ما بين السماء والأرض، وقال: إذا أمر الله عز وجل ميكائيل
بالهبوط إلى الدنيا صارت رجله في السماء السابعة والأخرى في الأرضين السابعة، و
ان لله ملائكة أنصافهم من برد، وأنصافهم من نار، يقولون: يا مؤلفا بين البرد والنار
ثبت قلوبنا على طاعتك، وقال: ان لله ملكا بعد ما بين شحمة اذنه إلى عينه مسيرة
خمسمأة عام بخفقان الطير، وقال: ان الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون
وانما يعيشون بنسيم العرش، وان لله عز وجل ملائكة ركعا إلى يوم القيامة، وان لله
عز وجل ملائكة سجدا إلى يوم القيامة، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
ما من شئ مما خلق الله عز وجل أكثر من الملائكة وانه ليهبط في كل يوم أو في كل
ليلة سبعون ألف ملك، فيأتون البيت الحرام فيطوفون به، ثم يأتون رسول الله صلى الله عليه وآله
ثم يأتون أمير المؤمنين صلوات الله عليه فيسلمون، ثم يأتون الحسين صلوات الله عليه

(1) نمارق جمع نمرقة: الوسادة الصغيرة يتكأ عليها.
349

فيقيمون عنده، فإذا كان عند السحر وضع لهم المعراج إلى السماء ثم لا يعودون ابدا.
21 - وقال أبو جعفر عليه السلام: ان الله عز وجل خلق إسرافيل وجبرئيل وميكائيل عليهم
السلام من تسبيحة واحدة، وجعل لهم السمع والبصر وجودة العقل (1) وسرعة الفهم.
22 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خلقة الملائكة وملائكة خلقتهم وأسكنتهم
سمواتك، فليس فيهم فترة، ولا عندهم غفلة، ولا فيهم معصية هم أعلم خلقك بك، و
أخوف خلقك منك، وأقرب خلقك منك، واعلمهم بطاعتك لا يغشاهم نوم العيون و
لا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، لم يسكنوا الأصلاب ولم يضمهم الأرحام، ولم تخلقهم
من ماء مهين، أنشأتهم انشاء فأسكنتهم سمواتك، وأكرمتهم بجوارك، وائتمنتهم على
وحيك، وجنبتهم الآفات ووقيتهم البليات، وطهرتهم من الذنوب، ولولا قوتك لم يقووا
ولولا تثبيتك لم يثبتوا، ولولا رحمك لم يطيعوا، ولولا أنت لم يكونوا، اما انهم على
مكانتهم منك وطاعتهم إياك ومنزلتهم عندك، وقلة غفلتهم عن أمرك لو عاينوا ما خفى
عنهم منك لاحتقروا أعمالهم، ولأزروا على أنفسهم (2) ولعلموا انهم لم يعبدوك حق
عبادتك سبحانك خالقا ومعبودا ما أحسن بلاؤك عند خلقك:
23 - في عيون الأخبار في باب فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة
وباسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حسنوا القرآن بأصواتكم فان الصوت الحسن
يزيد القرآن حسنا وقرء يزيد في الخلق ما يشاء.
24 - في كتاب التوحيد حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن يزيد
عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سمعته يقول: إن القضاء والقدر خلقان من خلق الله والله يزيد في الخلق ما يشاء
25 - في مجمع البيان (يزيد في الخلق ما يشاء) وروى أبو هريرة عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: هو الوجه الحسن والصوت الحسن والشعر الحسن.
26 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفى بعض النسخ (وموجود العقل).
(2) أزرى عليه: عابه وعاتبه.
350

عن مالك بن عبد الله بن أسلم عن أبيه عن رجل من الكوفيين عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله:
ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها قال: والمتعة من ذلك.
قال عز من قائل ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا الآية
27 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباته قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: قال الله تبارك وتعالى لموسى عليه السلام: يا موسى احفظ وصيتي لك بأربعة إلى أن
قال: والرابعة ما دمت لا ترى الشيطان ميتا فلا تأمن مكره.
28 - وباسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام انه
جاء إليه رجل فقال له: بأبي أنت وأمي عظني موعظة، فقال عليه السلام: إن كان الشيطان
عدوا فالغفلة لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
29 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد
عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن حسان عن هاشم بن عمار يرفعه في قوله:
أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فان الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء
فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ان الله عليم بما يصنعون قال: نزلت في
زريق وحبتر (1)
30 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أحمد بن
عمر الحلال عن علي بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن العجب الذي يفسد
العمل، فقال: العجب درجات منها ان يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه و
يحسب أنه يحسن صنعا.
31 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن أسباط عن رجل
من أصحابنا من أهل خراسان من ولد إبراهيم بن يسار يرفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الله علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب، ولولا ذلك ما ابتلى مؤمن بذنب أبدا.
32 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن بعض أصحابه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بينما موسى عليه السلام جالسا إذ أقبل إبليس

(1) كناية عن الأول والثاني وقد مر
351

وعليه برنس (1) ذو ألوان فلما دنى من موسى خلع البرنس وقام إلى موسى فسلم
عليه، فقال له موسى: من أنت؟ قال: انا إبليس، قال: أنت فلا قرب الله دارك
قال: انى انما جئت لاسلم لمكانك من الله فقال له موسى: فما هذا البرنس؟ قال: به
اختطف قلوب بني آدم، فقال له موسى: فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم
استحوذت عليه؟ قال: إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في عينه ذنبه.
33 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن العزرمي عن أبيه عن أبي إسحاق
عن حارث الأعور عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سئل عن السحاب أين يكون؟ قال
يكون على شجر كثيف على ساحل البحر يأوى إليها، فإذا أراد الله أن يرسله أرسل ريحا
فأثاره ووكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق وهو البرق فيرتفع.
34 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين
ابن سعيد عن ابن العزرمي رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: وسئل عن السحاب أين
يكون؟ قال: يكون على شجر على كثيب على شاطئ البحر يأوى إليه، فإذا أراد الله
عز وجل أن يرسله أرسل ريحا فأثارته ووكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق وهو
البرق، فيرتفع ثم قرأ هذه الآية: والله الذي ارسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى
بلد ميت الآية والملك اسمه الرعد.
قال عز من قائل: كذلك النشور.
35 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا
فاجتمعت الأوصال (2) ونبتت اللحوم. وفى أمالي الصدوق رحمه الله مثله سواء.
36 - في مجمع البيان: ولله العزة جميعا روى أنس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن
ربكم يقول كل يوم: أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز.
37 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل إليه يصعد الكلم الطيب والعمل

(1) البرنس: كل ثوب رأسه ملتزق به.
(2) قال الجوهري: الأوصال: المفاصل وقال غيره: مجتمع العظام
352

الصالح يرفعه قال: كلمة الاخلاص والاقرار بما جاء به من عند الله من الفرائض و
الولاية، يرفع العمل الصالح إلى الله عز وجل وعن الصادق عليه السلام أنه قال: الكلم الطيب
قول المؤمن لا إله إلا الله محمد رسول الله على ولى الله وخليفة رسول الله، قال:
والعمل الصالح الاعتقاد بالقلب، ان هذا هو الحق من عند الله لا شك فيه من
رب العالمين.
38 - وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ان لكل قول مصداقا من عمل يصدقه أو يكذبه، فإذا قال ابن آدم وصدق قوله بعمله
رفع قوله بعمله إلى الله، وإذا قال وخالف عمله قوله رد قوله على عمله الخبيث وهوى
به في النار.
39 - في كتاب التوحيد باسناده إلى زيد بن علي عن أبيه سيد العابدين حديث
طويل وفيه يقول سيد العابدين عليه السلام: وان لله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته، فمن عرج
به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه، ألا تسمع الله عز وجل يقول: (تعرج الملائكة والروح
إليه) ويقول عز وجل في قصة عيسى بن مريم عليه السلام: (بل رفعه الله إليه) ويقول عز وجل:
(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه). وفى الفقيه مثله سواء.
40 - في أصول الكافي علي بن محمد وغيره عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد
عن زياد القندي عن عمار الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (إليه
يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) ولايتنا أهل البيت وأهوى بيده إلى صدره،
فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملا.
41 - في نهج البلاغة ولولا اقرارهن (1) له بالربوبية واذعانهن له بالطواعية
(2) لما جعلهن موضعا لعرشه ولا مسكنا لملائكته، ولا مصعدا للكلم الطيب والعمل
الصالح من خلقه.
42 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث

(1) مرجع الضمير في قوله عليه السلام هو السماوات المذكور في كلامه (ع) قبيل ذلك.
(2) الطواعية: الطاعة يقال فلان حسن الطواعية لك أي حسن الطاعة لك.
353

طويل وفيه قال ابن الكوا: يا أمير المؤمنين! فما ثواب من قال: لا إله إلا الله؟ قال:
من قال: لا إله إلا الله مخلصا طمست ذنوبه كما يطمس الحرف الأسود من الرق الأبيض
فإذا قال ثانية: لا إله إلا الله مخلصا خرقت أبواب السماء وصفوف الملائكة حتى يقول
الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة الله، فإذا قال ثالثة مخلصا لا إله إلا الله لم تنته دون
العرش فيقول الجليل: اسكني فوعزتي وجلالي لأغفرن لقائلك بما كان فيه، ثم تلا
هذه الآية (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) يعنى إذا كان عمله خالصا
ارتفع قوله وكلامه.
43 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله: وما يعمر من
معمر ولا ينقص من عمره الا في كتاب يعنى يكتب في كتاب وهو رد على من ينكر البداء.
44 - في جوامع الجامع وقيل: معناه لا يطول عمرو لا ينقص الا في كتاب، و
هو أن يكتب في اللوح لو أطاع الله فلان بقي إلى وقت كذا، وإذا عصى نقص من عمره
الذي وقت له، واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله: ان الصدقة وصلة الرحم تعمران
الديار وتزيدان في الأعمار
45 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن إسحاق
ابن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما نعلم شيئا يزيد في العمر الا صلة الرحم، حتى أن
الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم فيزيد الله في عمره ثلاثين
سنة، فيجعلها ثلاثا وثلاثين سنة، ويكون أجله ثلاثا وثلاثين سنة، فيكون قاطعا
للرحم فينقصه الله عز وجل ثلاثين سنة، ويجعل أجله إلى ثلاث سنين.
الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشا عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام مثله. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: في معنى هذين الحديثين أحاديث
كثيرة في أصول الكافي تطلب لمن أراد هناك.
46 - في كتاب الخصال عن ابن شهاب عن انس بن مالك قال: سمعت النبي
صلى الله عليه وآله يقول: من سره أن يبسط في رزقه وينسى له في أجله فليصل رحمه.
47 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: في كتاب علي عليه السلام: ثلاث خصال لا يموت
354

صاحبهن حتى يرى وبالهن: البغى وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها،
إلى قوله عليه السلام: وان القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمى أموالهم فيبرون فيزاد
في أعمارهم، فان اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها (1).
48 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسنت نيته
زاد الله في رزقه، ومن حسن بره في أهله زاد الله في عمره.
49 - عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر المسلمين إياكم
والزنا فان فيه ست خصال: ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، اما التي في الدنيا فإنه
يذهب بالبهاء ويورث الفقر وينقص العمر. الحديث.
وعن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في وصيته له مثله بتغيير يسير.
وعن أبي عبد الله عليه السلام مثله كذلك.
50 - في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضا مع سليمان المروزي قال
الرضا عليه السلام: لقد أخبرني أبي عن آبائه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله عز وجل أوحى
إلى نبي من أنبيائه ان أخبر فلان الملك انى متوفيه إلى كذا وكذا، فأتاه ذلك النبي
فأخبره فدعا الله الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير، فقال: يا رب أجلني
حتى يشب طفلي وأقضى امرى فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي ان ائت فلان الملك
فأعلمه انى قد أنسيت في أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة، فقال ذلك النبي: يا رب
انك تعلم انى لم اكذب قط فأوحى الله عز وجل إليه انما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك، والله
لا يسأل عما يفعل وفى عيون الأخبار مثله سواء.
51 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان
ابن عيسى عن أبي إسحاق الجرجاني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل جعل لمن
جعل سلطانا اجلا ومدة من ليالي وأيام وسنين وشهور، فان عدلوا في الناس أمر الله

(1) قال الجزري وفيه: اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع: البلاقع جمع بلقع وبلقعا
وهي الأرض القفر التي لا شئ بها، يريد ان الحالف بها يفتقر ويذهب ما في صيته من الرزق، و
قيل هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه.
355

عز وجل صاحب الفلك ان يبطئ بادارته فطالت أيامهم ولياليهم وسنوهم وشهورهم،
وان هم جاروا في الناس ولم يعدلوا أمر الله عز وجل صاحب الفلك فأسرع بادارته
فقصرت لياليهم وأيامهم وسنيهم وشهورهم وقد وفى عز وجل بعد الليالي والشهور.
52 - في ارشاد المفيد رحمه الله وروى المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها، واستغنى الناس عن ضوء
الشمس، وذهبت الظلمة ويعمر الرجل في ملكه حتى يولد له ألف ذكر لا يولد له فيهم أنثى.
53 - في تهذيب الأحكام أبو القاسم جعفر بن محمد عن الحسين بن علي بن
زكريا عن الهيثم بن عبد الله عن الرضا علي بن موسى عن أبيه عليهم السلام قال: قال الصادق
عليه السلام: ان أيام زائري الحسين بن علي عليهما السلام لا تعد من آجالهم.
54 - وعنه عن محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن محمد بن عبد الحميد عن سيف
ابن عميرة عن منصور بن حازم قال: سمعته يقول: من أتى عليه حول ولم يأت قبر الحسين
عليه السلام نقص الله من عمره حولا، ولو قلت: ان أحدكم ليموت قبل اجله بثلاثين سنة
لكنت صادقا، وذلك انكم تتركون زيارته فلا تدعوها يمد الله في أعماركم، ويزيد في
أرزاقكم وإذا تركتم زيارته نقص الله من أعماركم وارزاقكم.
55 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من أخبار هذه المجموعة
وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي كرامة المؤمن على الله انه لم يجعل لأجله
وقتا حتى يهم ببائقة (1) فإذا هم ببائقه قبضه إليه.
56 - قال: وقال جعفر بن محمد عليهما السلام: تجنبوا البوائق بمدكم في الأعمار.
57 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم
البجلي عن علي بن جعفر قال: جاءني محمد بن إسماعيل (2) وقد اعتمرنا عمرة رجب و
نحن يومئذ بمكة، فقال: يا عم انى أريد بغداد وقد أحببت ان أودع عمى أبا الحسن
يعنى موسى بن جعفر عليه السلام وأحببت ان تذهب معي إليه، فخرجت معه نحو أخي وهو في

(1) البائقة: الشر الظلم والجمع بوائق.
(2) هو ابن إسماعيل بن أبي عبد الله عليه السلام.
356

داره التي بالحوبة وذلك بعد الغروب بقليل، فضربت الباب فأجابني اخى فقال من
هذا؟ قلت: على، فقال: هو ذا أخرج وكان بطئ الوضوء، فقلت: العجل قال
وأعجل فخرج وعليه ازار ممشق (1) قد عقده في عنقه حتى قعد تحت عتبة الباب فقال علي بن
جعفر: فانكببت عليه فقبلت رأسه وقلت: قد جئتك في أمر ان تره صوابا فالله وفق له
وان يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطى، قال: وما هو؟ قلت: هذا ابن أخيك يريد أن يودعك
ويخرج إلى بغداد فقال له: ادنه فدعوته وكان متنحيا فدنا منه فقبل رأسه وقال: جعلت
فداك: أوصني، فقال أوصيك ان تتقى الله في دمى، فقال: من أرادك بسوء فعل الله به وفعل،
ثم عاد فقبل رأسه ثم قال: يا عم أوصني فقال: أوصيك ان تتقى الله في دمى، فدعا على من
أراده بسوء ثم تنحى عنه، ومضيت معه، فقال لي أخي: يا علي مكانك فقمت مكاني فدخل
منزله، ثم دعاني فدخلت إليه فتناول صرة فيها مأة دينار فأعطانيها وقال: قل لابن
أخيك يستعين بها على سفره قال على: فأخذتها فأدرجتها في حاشية ردائي ثم ناولني
مأة أخرى وقال: اعطه أيضا ثم ناولني صرة أخرى وقال: اعطه أيضا، فقلت: جعلت
فداك إذا كنت تخاف منه مثل الذي ذكرت فلم تعينه على نفسك؟ فقال إذا وصلته وقطعني
قطع الله أجله، ثم تناول مخدة ادم فيها ثلاثة آلاف درهم وضح (2) فقال: اعطه هذه أيضا
قال: فخرجت إليه فأعطيته المأة الأولى ففرح بها فرحا شديدا ودعا لعمه، ثم أعطيته
الثانية والثالثة ففرح حتى ظننت انه سيرجع ولا يخرج، ثم أعطيته الثلاثة آلاف
درهم فمضى على وجهه حتى دخل على هارون فسلم عليه بالخلافة وقال: ما ظننت
ان في الأرض خليفتين حتى رأيت عمى موسى بن جعفر يسلم عليه بالخلافة فأرسل
هارون إليه بمأة ألف درهم فرماه الله بالذبحة (3) فما نظر منها إلى درهم ولا مسه.
58 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل: وما يستوى البحران هذا عذاب فرات وهذا ملح أجاج و

(1) ممشق أي مصبوغ بالمشق وهو الطين الأحمر.
(2) الوضح: الدرهم الصحيح.
(3) الذبحة: وجع في الحلق أو دم يخنق فيقتل.
357

الأجاج المر.
59 - وفيه حدثني أبي عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للأبرش يا أبرش هو كما وصف نفسه كان عرشه على الماء
والماء على الهواء والهواء لا يحد ولم يكن يومئذ خلق غيرهما والماء يومئذ عذب
فرات إلى أن قال وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر، وكانت الأرض غبراء
على لون الماء العذب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
60 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: والذين تدعون من
دونه ما يملكون من قطمير قال: الجلدة الرقيقة التي على ظهر النوى.
61 - وقوله عز وجل: وما يستوى الأعمى والبصير مثل ضربه الله عز وجل
للمؤمن والكافر ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور فالظل الناس والحرور
البهائم ثم قال: إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور قال هؤلاء الكفار
لا يسمعون منك كما لا يسمع أهل القبور.
62 - وقوله عز وجل: وان من أمة الا خلا فيها نذير قال: لكل زمان امام.
63 - في أصول الكافي باسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: يا معشر الشيعة خاصموا
بسورة انا أنزلناه تفلجوا، فوالله انها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله
صلى الله عليه وآله وانها لسيدة دينكم وانها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا (بحم والكتاب
المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين) فإنها لولاة الامر خاصة بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى: (وان من أمة الا خلا فيها نذير)
قيل: يا أبا جعفر نذيرها محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: صدقت فهل كان نذير وهو حي
من البعثة في أقطار الأرض؟ فقال السائل: لا، قال أبو جعفر عليه السلام: أرأيت بعيثه أليس
نذيره؟ كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله في بعثته من الله عز وجل نذير؟ فقال: بلى، قال:
فكذلك لم يمت محمد الا وله بعيث نذير، قال: فان قلت لا، فقد ضيع رسول الله صلى الله عليه وآله من
في أصلاب الرجال من أمته، قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلى ان وجدوا له مفسرا
قال: وما فسره رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: بلى قد فسره لرجل واحد، وفسر للأمة شأن
358

ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. (1)
64 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله في احتجاج أبى عبد الله الصادق
عليه السلام قال السائل: فأخبرني عن المجوس أفبعث إليهم نبيا فانى أجد لهم كتبا محكمة
ومواعظ بليغة وأمثالا شافية، ويقرون بالثواب والعقاب ولهم شرايع يعملون بها قال:
ما من أمة الا خلا فيها نذير وقد بعث إليهم نبي بكتاب من عند الله فأنكروه وجحدوا كتابه.
65 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض
أصحابه عن صالح بن حمزة رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان من العبادة شدة الخوف
من الله عز وجل يقول الله عز وجل: انما يخشى الله من عباده العلماء والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
66 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن
إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة قال:
قال علي بن الحسين عليهما السلام: وما العلم بالله والعمل الا إلفان مؤتلفان، فمن
عرف الله خافه، وحثه الخوف على العمل بطاعة الله، وان أرباب العلم واتباعهم الذين
عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه وقد قال الله: (انما يخشى الله من عباده العلماء، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
67 - في مجمع البيان وروى عن الصادق (ع) أنه قال: يعنى بالعلماء من
صدق قوله فعله، ومن لم يصدق فعله قوله فليس بعالم، وفى الحديث أعلمكم بالله
أخوفكم لله.

(1) أقول وذكر الكليني (ره) في أصول الكافي حديثا آخر فيه تفسير لهذه الآية الكريمة
وقد اهمله المؤلف (ره) وهو: (عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عمن ذكره
عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انكم لا تكونون
صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها
الا بآخرها - إلى أن قال عليه السلام - ان الله قد استخلص الرسل لامره ثم استخلصهم مصدقين
بذلك في نذره فقال: (وان من أمة لا خلا فيها نذير) تاه من جهل واهتدى من أبصر وعقل.. اه)
359

68 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: ودليل الخشية التعظيم لله والتمسك
بخالص الطاعة وأوامره والخوف والحذر ودليلهما العلم، قال الله تعالى: (انما يخشى الله
من عباده العلماء).
69 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره في دعاء يوم الأربعاء اللهم أشد خلقك
خشية لك أعلمهم بك، وأفضل خلقك لك عملا أخوفهم لك، لا علم الا خشيتك ولا حكم
الا الايمان بك، ليس لمن لم يخشك علم، ولا لمن لم يؤمن بك حكم.
70 - في مجمع البيان: وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية الآية وعن عبد الله بن
عبيد الله بن عمر الليثي قال: قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله مالي
لا أحب الموت؟ قال: ألك مال؟ قال: نعم قال: فقدمه قال: لا أستطيع، قال:
فان قلب الرجل مع ماله ان قدمه أحب أن يلحق به وان أخره، أحب أن يتأخر معه.
71 - في من لا يحضره الفقيه وقال عليه السلام: انما أعطاكم الله هذه الفضول من
الأموال لتوجهوها حيث وجهها الله عز وجل ولم يعطكموها لتكثروها.
72 - في كتاب الخصال عن هشام بن معاذ قال: كنت جليس عمر بن عبد العزيز
حيث دخل المدينة فامر مناديه فنادى: من كانت له مظلمة أو ظلامة فليأت الباب،
فأتاه محمد بن علي يعنى الباقر عليه السلام فدخل إليه مولاه مزاحم فقال: ان محمد بن علي
بالباب فقال له: ادخله يا مزاحم قال: فدخل وعمر يمسح عينيه من الدموع فقال محمد بن علي
: ما أبكاك يا عمر؟ فقال هشام: أبكاه كذا وكذا يا ابن رسول الله، فقال محمد
ابن علي: يا عمر انما الدنيا سوق من الأسواق منها خرج قوم بما ينفعهم ومنها خرجوا
بما يضرهم إلى قوله عليه السلام: واجعل في قلبك اثنتين تنظر الذي تحب أن يكون معك إذا
قدمت على ربك فقدمه بين يديك، وتنظر الذي تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك
فابتغ به البدل، ولا تذهبن إلى سلعة قد بادت على من كان قبلك ترجو أن تجوز عنك
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
73 - في مجمع البيان روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في قوله:
ويزيدهم من فضله هو الشفاعة لمن وجبت له النار ممن صنع إليه معروفا في الدنيا.
360

74 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
جمهور عن حماد بن عيسى عن عبد المؤمن عن سالم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
قول الله عز وجل: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم
مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله قال: السابق بالخيرات الامام، والمقتصد
العارف للامام، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الامام.
75 - الحسين عن المعلى عن الوشا عن عبد الكريم عن سليمان بن خالد عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا
من عبادنا) فقال: أي شئ تقولون أنتم؟ قلت: نقول إنها في الفاطميين قال: ليس
حيث تذهب، ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا الناس إلى خلاف فقلت: أي
شئ الظالم لنفسه؟ قال: الجالس في بيته لا يعرف الامام والمقتصد العارف بحق
الامام والسابق بالخيرات الامام.
76 - الحسين بن محمد عن معلى عن الحسن عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن
الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)
الآية قال: فقال: ولد فاطمة عليها السلام (والسابق بالخيرات) الامام و (المقتصد)
العارف بالامام (والظالم لنفسه) الذي لا يعرف الامام.
77 - محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره عن محمد بن حماد عن أخيه
أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبي الحسن الأول عليه السلام أنه قال: وقد أورثنا نحن هذا
القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى، ونحن نعرف
الماء تحت الهواء، وان في كتاب الله لايات ما يراد بها أمر الا ان يأذن الله به مع ما قد
يأذن الله مما كتبه الماضون، جعل الله لنا في أم الكتاب ان الله يقول: (وما من غائبة
في السماء والأرض الا في كتاب مبين) ثم قال: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من
عبادنا) فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل، وأورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شئ.
78 - في بصائر الدرجات أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن حميد بن
المثنى عن أبي سلام المرعش عن سورة بن كليب قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله
361

تبارك وتعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد
ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله) قال: السابق بالخيرات الامام.
79 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن
ابن مسكان عن ميسر عن سورة بن كليب عن أبي جعفر عليه السلام قال في هذه الآية: (ثم
أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) إلى آخر الآية قال: السابق بالخيرات الامام
فهي في ولد على وفاطمة عليهما السلام.
80 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن كتاب محمد بن
العباس بن مروان باسناده إلى أبي إسحاق السبيعي قال: خرجت حاجا فلقيت محمد بن علي
فسألته عن الآية (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم
مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير) قال: ما يقول فيها قومك
يا أبا إسحاق؟ - يعنى أهل الكوفة قال: قلت: يقولون انها لهم، قال: فما يخوفهم إذا
كانوا في الجنة؟ قال: فما تقول أنت جعلت فداك؟ فقال: هي لنا خاصة، يا أبا إسحاق
أما السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منا والمقتصد فصائم
بالنهار وقائم بالليل، واما الظالم لنفسه ففيه ما في الناس وهو مغفور له.
81 - وفيه أيضا يقول علي بن موسى بن طاووس: وجدت كثيرا من الاخبار وقد
ذكرت بعضها في كتاب البهجة لثمرة المهجة (1) متضمنة ان قوله جلاله: (ثم أورثنا
الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات
بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير) ان المراد بهذه الآية جميع ذرية النبي صلى الله عليه وآله وان الظالم
لنفسه هو الجاهل بامام زمانه، والمقتصد هو العارف به، والسابق بالخيرات هو امام
الوقت صلوات عليه، فممن روينا ذلك عنه الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه من كتاب
الفرق باسناده إلى الصادق صلوات الله عليه ورويناه من كتاب الواحد لابن جمهور فيما
رواه عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه، ورويناه من كتاب دلائل

(9) كذا في النسخ والظاهر أنه مصحف (كشف المحجة لثمرة المهجة) وهو المطبوع أخيرا
بالغرى على ساكنها آلاف التحية والثناء.
362

لعبد الله بن جعفر الحميري عن مولانا الحسن العسكري سلام الله عليه، ورويناه من
كتاب محمد بن علي بن رباح باسناده إلى الصادق صلوات الله عليه، ورويناه من كتاب
محمد بن مسعود بن عياش في تفسير القرآن، ورويناه من الجامع الصغير ليونس بن
عبد الرحمن ورويناه من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري، ورويناه من كتاب إبراهيم
الخزاز وغيرهم رضوان الله عليهم ممن لم يحضرني ذكر أسمائهم والإشارة إليهم.
82 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن نصر البخاري
المقرى قال: حدثنا أبو عبد الله الكوفي العلوي الفقيه بفرغانه باسناد متصل إلى الصادق
جعفر بن محمد عليهما السلام انه سئل عن قول الله عز وجل (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا
من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) فقال: الظالم يحوم حوم
نفسه، والمقتصد يحوم حوم قلبه، والسابق بالخيرات يحوم حوم ربه عز وجل.
83 - حدثنا محمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي أعنى ابن
السكري قال: أخبرنا محمد بن زكريا الجوهري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة
عن أبيه عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال:
سألته عن قول الله عز وجل: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم
لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله) فقال: الظالم منا من لا يعرف حق
الامام، والمقتصد العارف بحق الامام، والسابق بالخيرات بإذن الله هو الامام (جنات
عدن يدخلونها) يعنى المقتصد والسابق.
84 - حدثنا أبو عبد الله الحسن بن يحيى البجلي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا
أبو عوانة موسى بن يوسف الكوفي قال: حدثنا عبد الله بن يحيى عن يعقوب بن يحيى
عن أبي حفص عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت جالسا في المسجد الحرام مع أبي جعفر
عليه السلام إذ أتاه رجلان من أهل البصرة فقالا له يا ابن رسول الله انا نريد ان نسئلك عن
مسألة فقال لهما: سلا عما أحببتما قال: أخبرنا عن قول الله عز وجل: (ثم أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله
ذلك هو الفضل الكبير) إلى آخر الآيتين قال: نزلت فينا أهل البيت قال أبو حمزة فقلت:
363

بأبي أنت وأمي فمن الظالم لنفسه؟ قال: من استوت حسناته وسيئاته منا أهل البيت
فهو الظالم لنفسه فقلت: المقتصد منكم؟ قال: العابد لله في الحالين حتى يأتيه اليقين
فقلت: فمن السابق منكم بالخيرات؟ قال: من دعا والله إلى سبيل ربه وأمر بالمعروف
ونهى عن المنكر ولم يكن للمضلين عضدا، ولا للخائنين خصيما، ولم يرض بحكم الفاسقين
الا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد أعوانا.
85 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وعن أبي بصير قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن هذه الآية: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) قال: أي شئ
تقول؟ قلت: أقول: إنها خاصة لولد فاطمة عليها السلام، فقال: عليه السلام: اما من سل
سيفه ودعا إلى نفسه إلى الضلال من ولد فاطمة وغيرهم فليس بداخل في هذه الآية،
قلت: من يدخل فيها؟ قال: الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس إلى ضلال ولا هدى، و
المقتصد منا أهل البيت العارف حق الامام، والسابق بالخيرات الامام.
86 - في الخرائج والجرائح روى عن الحسن بن راشد قال: قال لي أبو
عبد الله عليه السلام: يا حسن ان فاطمة لعظمها على الله حرم الله ذريتها على النار، وفيهم نزلت:
(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق
بالخيرات) فاما الظالم لنفسه فالذي لا يعرف الامام. والمقتصد العارف بحق الامام، و
السابق بالخيرات هو الامام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
87 - وفيه أعلام أبى محمد الحسن العسكري عليه السلام قال أبو هاشم انه سأله عن قوله:
(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق
بالخيرات) قال عليه السلام: كلهم من آل محمد، الظالم لنفسه الذي لا يقر بالامام، والمقتصد
العارف بالامام، والسابق بالخيرات الامام.
88 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (ثم
أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) نزلت في حقنا وحق ذرياتنا.
89 - وفى رواية عنه وعن أبيه عليهما السلام هي خاصة وإيانا عنى.
90 - وفى رواية أبى الجارود عن الباقر عليه السلام هم آل محمد.
364

91 - في مجمع البيان اختلف في أن الضمير في (منهم) إلى من يعود على
قولين: أحدهما انه يعود إلى العباد، إلى قوله: والثاني ان الضمير يعود إلى المصطفين
من العباد عن أكثر المفسرين، ثم اختلف في أحوال الفرق الثلاث على قولين أحدهما
ان جميعهم ناج ويؤيد ذلك ما ورد في الحديث عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول في الآية: أما السابق فيدخل الجنة بغير حساب، واما المقتصد فيحاسب حسابا
يسيرا، واما الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثم يدخل الجنة، فهم الذين (قالوا الحمد لله
الذي اذهب عنا الحزن).
92 - وروى أصحابنا عن ميسر بن عبد العزيز عن جعفر الصادق عليه السلام الظالم
لنفسه منا لا يعرف حق الامام، والمقتصد منا من يعرف حق الامام، والسابق بالخيرات
هو الامام، وهؤلاء كلهم مغفور لهم.
93 - وعن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه السلام اما الظالم لنفسه منا فمن عمل صالحا
وآخر سيئا، واما المقتصد فهو المتعبد المجتهد، واما السابق بالخيرات فعلى والحسن
والحسين ومن قتل من آل محمد شهيدا.
94 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق
بين العترة والأمة باسناده إلى الريان بن الصلت قال: حضر الرضا عليه السلام مجلس المأمون بمرو
وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان، فقال المأمون: أخبروني
عن معنى هذه الآية (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فقالت العلماء: أراد الله تعالى
بذلك الأمة كلها، فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليه السلام: لا أقول كما قالوا
ولكني أقول: أراد الله عز وجل بذلك العترة الطاهرة، فقال المأمون: وكيف عنى
العترة من دون الأمة؟ فقال الرضا عليه السلام: انه لو أراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنة
لقول الله عز وجل: (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك
هو الفضل الكبير) ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال: جنات عدن يدخلونها يحلون
فيها من أساور من ذهب الآية فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم.
95 - في كتاب معاني الأخبار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (جنات عدن يدخلونها)
365

يعنى المقتصد والسابق، الحديث وقد سبق قريبا.
96 - في كتاب الخصال في احتجاج علي عليه السلام على الناس يوم الشورى قال:
نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن يحيى حياتي ويموت
مماتي ويسكن جنتي التي وعدني الله ربى جنات عدن قضيب غرسه الله بيده ثم قال له كن
فكان، فليوال علي بن أبي طالب وذريته من بعده، فهم الأئمة وهم الأوصياء أعطاهم الله
علمي وفهمي لا يدخلونكم في باب ضلال ولا يخرجونكم من باب هدى، لا تعلموهم فهم
أعلم منكم، يزول الحق معهم أينما زالوا غيري؟ قالوا: اللهم لا.
97 - وعن علي عليه السلام وقد سأله بعض اليهود عن مسائل قال اليهودي: فأين يسكن
نبيكم من الجنة؟ قال: في أعلاها درجة وأشرفها مكانا في جنات عدن، قال:
صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى.
98 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحاق
عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخل المؤمن في منازله
في الجنة وضع على رأسه تاج الملك والكرامة، والبس حلل الذهب والفضة والياقوت
والدر منظوما في الإكليل تحت التاج والبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة منسوجة
بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر، وذلك قوله: (يحلون فيها من أساور من
ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) وفى روضة الكافي مثله سندا ومتنا.
99 - في مجمع البيان ورد في الحديث عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول في الآية: اما السابق فيدخل الجنة بغير حساب، واما المقتصد فيحاسب
حسابا يسيرا، واما الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثم يدخل الجنة، فهم الذين قالوا
الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن. (1)
100 - في تفسير علي بن إبراهيم لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب قال:
النصب العنا، واللغوب الكسل والضجر.

(1) وقد مر الحديث بعينه تحت رقم 92 ووجه التكرار كأنه من جهة ما قاله صلى الله
عليه وآله في تفسير قوله تعالى: (وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن).
366

101 - وفيه في الحديث المنقول سابقا متصل بآخر ما نقلنا لفظة حرير آخر
الآية بلا فصل قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشى مقبلة وحولها وصفاءها
(1) يحجبنها عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن بمسك
وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفى رجلها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ
شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولى الله وهم يقوم إليها شوقا تقول له: يا ولى الله
ليس هذا يوم تعب ولا نصب، ولا تقم انا لك وأنت لي وفى روضة الكافي مثله كذلك.
102 - في نهج البلاغة وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار ابدا، وصان
أجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا.
103 - في من لا يحضره الفقيه باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: ومن مات
يوم الأربعاء من المؤمنين وقاه الله بخس يوم القيامة واسعده بمجاورته، وأحله دار
المقامة من فضله، لا يمسه فيها نصب ولا يمسه فيها لغوب.
104 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله من مختصر تفسير
محمد بن العباس بن مروان باسناده إلى جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يذكر فيه ما أعد الله لمحبي
على يوم القيامة، وفيه: فإذا دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنئونهم بكرامة
ربهم حتى إذا استقروا قرارهم قيل لهم: (هل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم) ربنا
رضينا فارض عنا، قال: برضاي عنكم وبحبكم أهل بيت نبيي حللتم دارى وصافحتم
الملائكة، فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ، ليس فيه تنغيص، فعندها (قالوا الحمد لله
الذي اذهب عنا الحزن وأحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها
لغوب ان ربنا لغفور شكور).
وفى هذا الحديث: ان محبي علي عليه السلام يقولون لله عز وجل إذا دخلوا الجنة:
فائذن لنا بالسجود قال لهم ربهم عز وجل: انى قد وضعت عنكم مؤنة العبادة وأرحت
لكم أبدانكم، فطالما أنصبتم في الأبدان وعنيتم لي الوجوه فالآن أفضيتم إلى روحي ورحمتي.

(1) الوصفاء جمع الوصيفة: الجارية.
367

105 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي
الحسن عليه السلام حديث طويل وفى آخره قلت: جعلت فداك بقيت مسألة قال: هات، لله
أبوك قلت: يعلم القديم الشئ الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال:
ويحك ان مسائلك لصعبة اما سمعت الله يقول: (لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا) و
قوله: (ولعلا بعضهم على بعض) وقال يحكى قول أهل النار: ارجعنا (1) نعمل صالحا
غير الذي كنا نعمل وقال: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) فقد علم الشئ الذي
لم يكن ان لو كان كيف كان يكون.
106 - في من لا يحضره الفقيه وسئل عن قول الله عز وجل: أولم نعمركم
ما يتذكر فيه من تذكر قال: توبيخ لابن ثمانية عشر سنة.
107 - في نهج البلاغة وقال عليه السلام: العمر الذي اعذر الله فيه إلى ابن آدم
ستون سنة.
108 - في مجمع البيان (أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر) اختلف في
هذا المقدار فقيل: هو ستون سنة، وهو المروى عن أمير المؤمنين عليه السلام.
109 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله مرفوعا أنه قال: من عمره الله ستين سنة فقد اعذر إليه.
110 - وقيل هو توبيخ لابن ثماني عشر سنة، وروى ذلك عن الباقر عليه السلام (2)
111 - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام: يا علي أمان
لامتي من الهدم ان الله يمسك السماوات والأرض ان تزولا ولئن زالتا ان أمسكهما
من أحد من بعده انه كان حليما غفورا وروى العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا
عليه السلام عن أبيه قال: لم يقل أحد إذا أراد ان ينام: (ان الله يمسك السماوات والأرض ان
تزولا ولئن زالتا ان أمسكهما من أحد من بعده انه كان حليما غفورا) فيسقط عليه البيت.
112 - في أصول الكافي أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب قال: حدثني

(1) وفى المصحف الشريف (ربنا أخرجنا نعمل صالحا... اه).
(2) وفى نسخة بعد قوله (الباقر عليه السلام) هكذا: (وفى نسخة عن الصادق مكان
الباقر عليهما السلام).
368

علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن عبد الرحمان عن
علي بن منصور عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لبعض الزنادقة: يا أخا
أهل مصر ان الذي تذهبون إليه وتظنون انه الدهر إن كان الدهر يذهب بهم لم لا
يردهم وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم القوم مضطرون يا أخا أهل مصر، السماء مرفوعة
والأرض موضوعة، لم لا ينحدر السماء على الأرض، لم لا ينحدر الأرض فوق طباقها،
ولا يتماسكان ولا يتماسك من عليها قال الزنديق: أمسكهما الله ربهما وسيدهما، قال:
فآمن الزنديق على يدي أبى عبد الله عليه السلام.
113 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال: جاء الجاثليق
أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أخبرني عن الله عز وجل يحمل العرش أم العرش يحمله؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله عز وجل حامل العرش والسماوات وما فيهما وما بينهما و
ذلك قول الله: (ان الله يمسك السماوات والأرض ان تزولا ولئن زالتا ان أمسكهما من أحد
من بعده انه كان حليما غفورا) والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.
114 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبى إبراهيم بن أبي
محمود عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه: بنا يمسك الله السماوات والأرض ان تزولا.
115 - وباسناده إلى أبى حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أيبقى
الأرض بغير امام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير امام ساعة لساخت.
116 - وباسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له:
أتبقى الأرض بغير امام؟ فقال: لا، قلت: فانا نروي عن أبي عبد الله عليه السلام انها لا تبقى بغير
امام الا ان يسخط الله على أهل الأرض أو على العباد فقال: لو تبقى إذا لساخت.
117 - وباسناده إلى أحمد بن عمر الحلال قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:
انا روينا عن أبي عبد الله عليه السلام ان الأرض لا تبقى بغير امام أو تبقى ولا امام فيها؟ فقال:
معاذ الله لا تبقى ساعة إذا لساخت.
118 - وبإسناد له آخر إلى أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام: أتبقى الأرض
بغير امام؟ فقال: لا، فقلت: فانا نروي انها لا تبقى الا أن يسخط على العباد فقال:
369

لا تبقى إذا لساخت.
119 - وباسناده إلى عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول
لو بقيت الأرض يوما بلا امام منا لساخت بأهلها، ولعذبهم الله بأشد عذابه ان الله تبارك
وتعالى جعلنا حجة في أرضه وأمانا في الأرض لأهل الأرض، لن يزالوا في أمان من أن
تسيخ بهم الأرض ما دمنا بين أظهرهم فإذا أراد الله ان يهلكهم ثم لا يمهلهم ولا ينظرهم ذهب بنا
من بينهم، ورفعنا إليه ثم يفعل الله ما شاء وأحب.
120 - وباسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن
أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام حديث طويل يقول فيه: ولولا
ما في الأرض منا لساخت بأهلها.
121 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في كتابه
الذي كتبه إلى شيعته يذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة وعظم خطأ طلحة والزبير
فقال: وأي خطأ أعظم مما أتيا؟ أخرجا زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله من بيتها وكشفا عنها
حجابا ستره الله عليها، وصانا حلائلهما في بيوتهما ما أنصفا لا لله ولا لرسوله من أنفسهما
ثلاث خصال، مرجعها على الناس في كتاب الله عز وجل: البغى والمكر والنكث قال
الله عز وجل: (يا أيها الناس انما بغيكم على أنفسكم) وقال: (ومن نكث فإنما ينكث
على نفسه) وقال: ولا يحيق المكر السيئ الا باهله وقد بغيا علينا ونكثا بيعتي و
مكرا بي وقوله عز وجل: أولم يسيروا في الأرض قال: أو لم ينظروا في القرآن وفى
اخبار رجعة الأمم الهالكة.
122 - قال: وحدثني أبي عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سبق العلم وجف القلم ومضى القضاء وتم القدر
بتحقيق الكتاب وتصديق الرسل وبالسعادة من الله لمن آمن واتقى وبالشقاء لمن كذب
وكفر بالولاية من الله عز وجل للمؤمنين وبالبرائة منه للمشركين: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله
ان الله عز وجل يقول: يا ابن آدم! بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، و
بارادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي
370

وبقوتي وعصمتي وعافيتي أديت إلى فرائضي وانا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى
بذنبك منى، الخير منى إليك واصل بما أوليتك به، والشر منك إليك بما جنيت
جزاء، وبكثير من تسلطي لك انطويت على طاعتي، وبسوء ظنك بي قنطت من رحمتي
فلى الحمد والحجة عليك بالبيان، ولى السبيل عليك بالعصيان ولك الجزاء الحسن
عندي بالاحسان، لم ادع تحذيرك ولم آخذك عند غرتك، وهو قوله عز وجل:
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة لم أكلفك فوق طاقتك
ولم أحملك من الأمانة الا ما أقررت بها على نفسك ورضيت لنفسي منك ما رضيت به
لنفسك منى، ثم قال عز وجل: ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء اجلهم فان الله
كان بعباده بصيرا (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: إن لكل شئ
قلبا وان قلب القرآن يس، ومن قرأها قبل ان ينام أو في نهاره قبل ان يمسى كان
في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسى، ومن قرأها في ليله قبل ان ينام
وكل الله به ألف ملك يحفظونه من شر كل شيطان رجيم ومن كل آفة، وان مات
في يومه ادخله الله الجنة وحضر غسله ثلاثون الف ملك كلهم يستغفرون له ويشيعونه إلى
قبره بالاستغفار، فإذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله وثواب عبادتهم
له، وفسح له في قبره مد بصره، وأومن من ضغطة القبر، ولم يزل له في قبره نور ساطع

(1) هذا آخر الجزء الثالث حسب تجزئة المؤلف (ره) وهذا صورة خطه (ره) على
ما في بعض النسخ:
(تم الجزء الثالث من التفسير المسمى بنور الثقلين على يد مؤلفه العبد الجاني الفقير المقر
بالعجز والتقصير المحتاج إلى رحمة ربه الغنى عبد علي بن جمعة الحويزي مولدا والعروسي نسبا
وكان الفراغ منه اليوم الخامس والعشرين من شهر الله المبارك أحد شهور العام الحادي والسبعين
بعد الألف من هجرة سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين)
371

إلى عنان السماء إلى أن يخرجه الله من قبره فإذا أخرجه لم يزل ملائكة الله يشيعونه ويحدثونه
ويضحكون في وجهه، ويبشرونه بكل خير حتى يجوزونه على الصراط والميزان ويوقفونه
من الله موقفا لا يكون عند الله خلق أقرب منه الا ملائكة الله المقربون وأنبيائه المرسلون،
وهو مع النبيين واقف بين يدي الله لا يحزن مع من يحزن ولا يهتم مع من يهتم (1)
ولا يجزع مع من يجزع، ثم يقول له الرب تبارك وتعالى: اشفع عبدي أشفعك في جميع
ما تشفع، وسلني أعطك عبدي جميع ما تسأل، فيسئل فيعطى، ويشفع فيشفع،
ولا يحاسب ولا يوقف مع من يوقف، ولا يزل مع من يزل، ولا يكتب بخطيئة ولا بشئ
من سوء عمله، ويعطى كتابه منشورا حتى يهبط من عند الله، فيقول الناس بأجمعهم:
سبحان الله ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة، ويكون من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله.
2 - وباسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرء يس في عمره مرة واحدة كتب
الله له بكل خلق في الدنيا وبكل خلق في الآخرة وفى السماء بكل واحد ألف ألف حسنة
ومحى عنه مثل ذلك، ولم يصبه فقر ولا غرم (2) ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام
ولا وسواس ولا داء يضره، وخفف الله عنه سكرات الموت وأهواله، وولى قبض روحه
وكان ممن يضمن الله له السعة في معيشته والفرح عند لقائه، والرضا بالثواب في
آخرته، وقال الله لملائكته أجمعين من في السماوات ومن في الأرض: قد رضيت عن
فلان فاستغفروا له.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء سورة
يس يريد بها الله عز وجل غفر الله له وأعطى من الاجر كأنما قرأ القرآن اثنى عشرة
مرة وأيما مريض قرأ عنده سورة يس نزل عليه بعدد كل حرف منها عشرة املاك،
يقومون بين يديه صفوفا ويستغفرون له ويشهدون قبضه ويتبعون جنازته ويصلون عليه و
يشهدون دفنه، وأيما مريض قرأها وهو في سكرات الموت أو قربت عنده جائه رضوان
خازن الجنان بشربة من شراب الجنة، فسقاه إياه وهو على فراشه، فيشرب فيموت

(1) وفى المصدر (ولا يهم مع من يهم).
(2) الغرم: الدين.
372

ريان، ويبعث ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة
وهو ريان.
4 - أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: سورة يس تدعى في التورية المعمة قيل: وما
المعمة؟ قال: تعم صاحبها خير الدنيا والآخرة وتكابد عنه (1) بلوى الدنيا وترفع عنه
أهاويل الآخرة، وتدعى المدافعة القاضية، تدفع عن صاحبها كل شر وتقضى له كل
حاجة، ومن قرأها عدلت له عشرين حجة، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله،
ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين والف بركة وألف
رحمة، ونزعت منه كل داء وغل.
5 - أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن لكل شئ قلبا وقلب القرآن يس
6 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم
يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات.
7 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن
محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:
والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شئ يطلبونه من حرز، من
حرق أو غرق أو سرق أو افلات دابة من صاحبها (2) أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن،
فمن أراد ذلك فليسألني عنه، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني
عن الضالة؟ فقال: اقرأ يس في ركعتين وقل: يا هادي الضالة رد على ضالتي، ففعل
فرد الله عليه ضالته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
8 - أبو علي الأشعري وغيره عن الحسن بن علي الكوفي عن عثمان بن عيسى
عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: سليم مولاك ذكر انه ليس
معه من القرآن الا سورة يس فيقوم من الليل فينفد ما معه من القرآن أيعيد ما قرأ؟
قال: نعم لا بأس.

(1) كابد الامر: قاساه وتحمل المشاق في فعله.
(2) الافلات والانفلات: التخلص من الشئ فجأة من غير تمكث.
373

9 - في كتاب كمال الدين وكمال النعمة حدثنا المظفر بن حمزة العلوي رضي الله عنه
قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا أبو القاسم قال: كتبت
من كتاب أحمد الدهقان عن القاسم بن حمزة عن محمد بن أبي عمير قال: أخبرني أبو
إسماعيل السراج عن خيثمة الجعفي قال: حدثني أبو لبيد المخزومي قال: ذكر
أبو جعفر عليه السلام أسماء الخلفاء الاثني عشر الراشدين صلوات الله عليهم فلما بلغ
آخرهم قال: الثاني عشر الذي يصلى عيسى بن مريم عليه السلام خلفه عند سنة يس و
القرآن الحكيم.
10 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن لرسول الله صلى الله
عليه وآله عشرة أسماء، خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن، فأما التي في القرآن
فمحمد وأحمد وعبد الله ويس ون.
11 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه: فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلى الله عليه وآله
من كتاب الله فهو قول الله سبحانه: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين
آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ولهذه الآية ظاهر وباطن، فالظاهر قوله
(صلوا عليه) والباطن قوله: (وسلموا تسليما) أي سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم
فضله، وما عهد به إليه تسليما، وهذا ما أخبرتك انه لا يعلم تأويله الا من لطف حسه، و
صفا ذهنه وصح تميزه، وكذلك قوله: (سلام على آل ياسين) لان الله سمى النبي صلى
الله عليه وآله بهذا الاسم، حيث قال: يس والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين
لعلمه انهم يسقطون سلام على آل محمد صلى الله عليه وآله كما أسقطوا غيره.
12 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى علي عليه السلام في قوله عز وجل:
(سلام على آل ياسين) محمد صلى الله عليه وآله ونحن آل محمد.
13 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن
عيسى عن صفوان رفعه إلى أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام قال: هذا محمد اذن
لهم في التسمية فمن أذن له في يس؟ يعنى التسمية وهو اسم النبي صلى الله عليه وآله.
374

14 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون
في الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفيه كلام له عليه السلام سبق في الأحزاب.
عند قوله عز وجل: (ان الله وملائكته يصلون على النبي) الآية وفى أثناء ذلك، قال
المأمون: فهل عندك في الأول شئ أوضح من هذا في القرآن؟ قال أبو الحسن:
نعم أخبروني عن قول الله تعالى: يس والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين
على صراط مستقيم فمن عنى بقوله: يس؟ قالت العلماء: يس محمد عليه السلام
لم يشك فيه أحد، قال أبو الحسن عليه السلام: فان الله عز وجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك
فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه الا من عقله، وذلك أن الله عز وجل لم يسلم على أحد الا على
الأنبياء صلوات الله عليهم، فقال تبارك وتعالى: (سلام على نوح في العالمين) وقال:
(سلام على إبراهيم) وقال: (سلام على موسى وهارون) ولم يقل سلام على آل نوح،
ولم يقل سلام على آل إبراهيم، ولم يقل سلام على آل موسى وهارون، وقال: سلام
على آل يس يعنى آل محمد صلى الله عليه وآله، فقال المأمون: قد علمت أن في معدن
النبوة شرح هذا وبيانه.
15 - في تفسير علي بن إبراهيم (يس والقرآن الحكيم) قال الصادق عليه السلام:
يس اسم رسول الله صلى الله عليه وآله، والدليل على ذلك قوله تعالى: (انك لمن المرسلين على
صراط مستقيم) قال: على طريق واضح تنزيل العزيز الرحيم قال: القرآن.
16 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن
عبد الرحمان عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن
قوله: لتنذر قوما ما أنذر آبائهم فهم غافلون قال: لتنذر القوم الذين أنت
فيهم كما أنذر آبائهم فهم غافلون عن الله وعن رسوله وعن وعيده لقد حق القول على
أكثرهم ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده فهم لا يؤمنون بامامة
أمير المؤمنين والأوصياء من بعده، فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله انا جعلنا
في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون في نار جهنم ثم قال: وجعلنا من
بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون عقوبة منه لهم حين أنكروا
375

ولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده، هذا في الدنيا وفى الآخرة في نار جهنم مقمحون.
17 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما
سئل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وسأله كم حج
آدم عليه السلام من حجة؟ فقال له: سبعين حجة ماشيا على قدمه، وأول حجة
حجها كان معه الصرد (1) يدله على مواضع الماء وخرج معه من الجنة، وقد نهى عن
أكل الصرد، والخطاف، وسأله ما باله لا يمشى؟ قال: لأنه ناح على بيت المقدس
فطاف حوله أربعين عاما يبكى عليه، ولم يزل يبكى مع آدم عليه السلام فمن هناك سكن البيوت
ومعه تسع آيات من كتاب الله تعالى مما كان آدم يقرئها في الجنة، وهي معه إلى يوم
القيامة، ثلاث آيات من أول الكهف، وثلاث آيات من سبحان الذي وهي (فإذا قرأت
القرآن) وثلاث آيات من يس: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا).
18 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (انا جعلنا في أعناقهم
أغلالا) إلى قوله: (مقمحون) قال: قد رفعوا رؤسهم.
19 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تبارك وتعالى: (وجعلنا
من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) الهدى أخذ الله سمعهم و
أبصارهم وقلوبهم وأعمالهم عن الهدى، نزلت في أبى جهل بن هشام ونفر من أهل بيته
وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قام يصلى وقد حلف أبو جهل لعنه الله لئن رآه يصلى ليدمغه (2) فجاءه
ومعه حجر والنبي صلى الله عليه وآله قائم يصلى، فجعل كلما رفع الحجر ليرميه أثبت الله عز وجل
يده إلى عنقه ولا يدور الحجر بيده، فلما رجع إلى أصحابه سقط الحجر من يده، ثم
قام رجل آخر وهو رهطه أيضا فقال: أنا أقتله، فلما دنا منه فجعل يسمع قراءة رسول
الله صلى الله عليه وآله، فأرعب فرجع إلى أصحابه فقال: حال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه
فخفت أن أتقدم.

(1) الصرد: طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير. والخطاف: طائر إذا رأى ظله في الماء
أقبل إليه ليتخطفه.
(2) دمغه: شجه حتى بلغت الشجة دماغه
376

20 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه
عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال
لأمير المؤمنين عليه السلام: فان إبراهيم عليه السلام حجب عن نمرود بحجب ثلاث؟ قال علي عليه السلام
لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله حجب عمن أراد قتله بحجب خمس، ثلاث بثلاثة واثنان
فضل، فان الله عز وجل وهو يصف محمدا قال: (وجعلنا من بين أيديهم سدا) فهذا الحجاب
الأول: (ومن خلفهم سدا) فهذا الحجاب الثاني (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) فهذا الحجاب
الثالث، ثم قال: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة
حجابا مستورا) فهذا الحجاب الرابع، ثم قال: (فهي إلى الأذقان فهم مقمحون)
فهذه الخمس حجب.
21 - في تفسير علي بن إبراهيم - كلام طويل في بيان خروج النبي صلى الله عليه وآله
من بيته إلى الغار وغير ذلك وفيه: وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله ان يفرش له ففرش له فقال لعلي بن أبي طالب
صلوات الله عليه افدني بنفسك قال: نعم يا رسول الله قال: يا علي نم على فراشي
والتحف ببردتي فنام علي عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله والتحف ببردته وقد جاء جبرئيل
عليه السلام وأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله فأخرجه على قريش وهم نيام وهو يقرء عليهم
(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون).
وفيه متصل بآخر ما نقلنا عنه أعنى قوله: فخفت أن أتقدم وقوله عز وجل:
وسواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون فلم يؤمن من أولئك الرهط من بنى
مخزوم أحد يعنى ابن المغيرة.
22 - في أصول الكافي متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى قوله: (في نار
جهنم مقمحون) ثم قال يا محمد وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون بالله و
بولاية على ومن بعده، ثم قال: انما تنذر من اتبع الذكر يعنى أمير المؤمنين وخشي
الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم.
23 - وفيها الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد
عن الحارث بن جعفر عن علي بن إسماعيل بن يقطين عن عيسى بن المستفاد أبى موسى
377

الضرير قال: حدثني موسى بن جعفر عليه السلام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
أليس كان أمير المؤمنين عليه السلام كاتب الوصية ورسول الله صلى الله عليه وآله المملى عليه وجبرئيل
والملائكة المقربون شهود قال: فأطرق طويلا ثم قال: يا أبا الحسن قد كان ما قلت
ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله الامر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا
نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة، فقلت لأبي الحسن: بأبي أنت
وأمي الا تذكر ما كان [في الوصية] فقال: سنن الله وسنن رسوله، فقلت: أكان
في الوصية توثبهم (1) وخلافهم على أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال: نعم والله شيئا شيئا وحرفا حرفا
أما سمعت قول الله عز وجل: (إنا نحن نحيى الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل
شئ أحصيناه في إمام مبين) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
24 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن علي بن أبي حمزة عن أبي
بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: اتقوا المحقرات من الذنوب فان لها طالبا
يقول أحدكم أذنب واستغفر ان الله عز وجل يقول: سنكتب (2) ما قدموا وآثارهم
وكل شئ أحصيناه في امام مبين وقال عز وجل: (انها ان تك مثقال حبة من
خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ان الله لطيف خبير).
25 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال والحجال جميعا
عن ثعلبة عن زياد قال أبو عبد الله عليه السلام: ان رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بأرض قرعاء (3) فقال
لأصحابه: ائتوا بحطب فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال:
فليأت كل انسان بما قدر عليه، فجاؤوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: هكذا تجمع الذنوب، ثم قال: إياكم والمحقرات من الذنوب
فان لكل شئ طالبا، الا وأن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه
في امام مبين.

(1) التوثب: الاستيلاء على الشئ ظلما.
(2) كذا في النسخ والمصدر وفى المصحف الشريف (ونكتب ما قدموا.. اه)
(3) ارض قرعاء: لا نبات فيها.
378

26 - في مجمع البيان قيل: معناه نكتب خطاهم إلى المساجد، وسبب ذلك
ما رواه أبو سعيد الخدري ان بنى سلمة كانوا في ناحية من المدينة فشكوا إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله بعد منازلهم في المسجد والصلاة معه فنزلت الآية.
27 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبى الجارود عن أبي جعفر محمد بن علي
الباقر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله
(وكل شئ أحصيناه في امام مبين) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا: يا رسول الله
هو التوراة؟ قال: لا، قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا، قالا: فهو القرآن؟ قال:
لا، قال فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله، هو هذا، انه الامام الذي
أحصى الله فيه تبارك وتعالى علم كل شئ.
28 - في تفسير علي بن إبراهيم (وكل شئ أحصيناه في امام مبين) أي في
كتاب مبين وهو محكم وذكر ابن عباس عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال:
انا والله الامام المبين أبين الحق من الباطل ورثته من رسول الله صلى الله عليه وآله.
29 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
يقول فيه: معاشر الناس ما من علم الا علمنيه ربى وانا علمته عليا وقد أحصاه الله في، و
كل علم علمته فقد أحصيته في امام المتقين وما من علم الا علمته عليا.
30 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: واضرب لهم مثلا أصحاب
القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا
انا إليكم مرسلون قال: فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية فقال: بعث الله عز وجل
رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية فجاءاهم بما لا يعرفون فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما
في بيت الأصنام، فبعث الله الثالث فدخل المدينة فقال أرشدوني إلى باب الملك قال:
فلما وقف على الباب قال: أنا رجل كنت أتعبد في فلاة من الأرض وقد أحببت ان أعبد اله
الملك، فابلغوا كلامه الملك. فقال: أدخلوه إلى بيت الألهة فأدخلوه فمكث سنة
مع صاحبيه، فقال لهما: بهذا ينقل قوم من دين إلى دين بالخرق أفلا رفقتما؟ ثم
379

قال لهما: لا تقران بمعرفتي، ثم أدخل على الملك فقال له الملك بلغني انك كنت تعبد
الهى فلم أزل وأنت أخي فسلني حاجتك، فقال: مالي من حاجة أيها الملك ولكن رأيت
رجلين في بيت الآلهة فما حالهما؟ قال الملك: هذان رجلان أتياني ببطلان ديني و
يدعواني إلى اله سماوي فقال: أيها الملك مناظرة جميلة فان يكن الحق لهما أتبعناهما
وان يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا وكان لهما مالنا وعليهما ما علينا، قال. فبعث الملك
إليهما فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما: ما الذي جئتما به؟ قالا: جئنا ندعوه إلى
عبادة الله الذي خلق السماوات والأرض، ويخلق في الأرحام ما يشاء، ويصور كيف يشاء
وأنبت الأشجار والثمار وانزل القطر من السماء، قال: فقال لهما: إلهكما هذا الذي
تدعوان إليه والى عبادته ان جئنا بأعمى يقدر أن يرده صحيحا؟ قالا: إذا سألناه أن
يفعل فعل ان شاء، قال: أيها الملك على بأعمى لم يبصر شيئا قط، قال: فاتى به فقال
لهما: ادعوا إلهكما ان يرد بصر هذا، فقاما وصليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان وهو
ينظر إلى السماء فقال أيها الملك على بأعمى آخر فأتى به قال: فسجد سجدة ثم رفع
رأسه فإذا الأعمى بصير، فقال: أيها الملك حجة بحجة، على بمقعد فأتى به فقال لهما
مثل ذلك. فصليا ودعيا الله فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه وقام يمشى، فقال: أيها الملك
على بمقعد آخر فأتى به فصنع به كما صنع أول مرة فانطلق المقعد. فقال: أيها الملك
قد أتيا بحجتين واتينا بمثلهما ولكن بقي شئ واحد فان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما، ثم
قال: أيها الملك بلغني انه كان للملك ابن واحد ومات فان أحياه إلاههما دخلت معهما في
دينهما، فقال له الملك: وانا أيضا معك، ثم قال لهما: قد بقيت هذه الخصلة الواحدة قد مات ابن
الملك فادعوا إلهكما أن يحييه قال فخرا ساجدين لله عز وجل وأطالا السجود ثم رفعا رؤسهما
وقالا للملك ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله قال فخرج الناس ينظروا
فوجده قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب، قال فأتى به إلى الملك فعرف أنه
ابنه فقال له: ما حالك يا بنى؟ قال: كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربى الساعة
ساجدين يسألانه ان يحييني فأحياني، قال: يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال:
نعم، قال: فاخرج الناس جملة إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول له
380

أبوه أنظر فيقول: لا، ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال: هذا أحدهما و
أشار بيده إليه، ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال: وهذا الآخر
قال: فقال النبي صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بإلاهكما وعلمت ان ما جئتما به هو
الحق. قال: فقال الملك: وانا أيضا وآمن أهل مملكته كلهم.
31 - في مجمع البيان قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسولين إلى
أنطاكية فأتياها ولم يصلا إلى ملكها وطالت مدة مقامهما، فخرج الملك ذات يوم فكبرا
وذكرا الله فغضب وأمر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة، فلما كذب الرسولان
وضربا بعث عيسى عليه السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما، فدخل
شمعون البلدة متنكرا، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به فرفعوا خبره إلى
الملك فدعاه فرضى عشرته وأنس به وأكرمه، ثم قال له ذات يوم: أيها الملك بلغني انك
حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل سمعت قولهما؟ قال
الملك: حال الغضب بيني وبين ذلك قال: فان رأى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما
فدعاهما الملك فقال لهما شمعون: من أرسلكما إلى هيهنا؟ قالا: الله الذي خلق كل
شئ لا شريك له، قال: وما آيتكما؟ قالا: ما تتمناه، فأمر الملك حتى جاؤوا
بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان الله حتى انشق
موضع البصر، فأخذا بندقتين (1) من الطين فوضعاهما في حدقتيه، فصارا مقلتين
(2) يبصر بهما، فتعجب الملك فقال شمعون للملك: رأيت لو سألت الهك حتى
يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك ولإلاهك شرفا فقال الملك: ليس لي عنك سر إن الهنا
الذي نعبده لا يضر ولا ينفع، ثم قال الملك للرسولين: ان قدر إلهكما على احياء ميت
آمنا به وبكما، قالا: الهنا قادر على كل شئ، فقال الملك: ان هنا ميتا مات منذ سبعة
أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا، فجاؤوا بالميت وقد تغير وأروح (3) فجعلا

(1) البندقة: كل ما يرمى به من رصاص كروي وسواء.
(2) المقلة: شحمة العين أو هي السواد والبياض منها
(3) من أروح الماء: تغير ريحه وأنتن.
381

يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا، فقام الميت وقال لهم: انى قدمت
منذ سبعة أيام وأدخلت في سبعة أودية من النار، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله
فتعجب الملك، فلما علم شمعون ان قوله أثر في الملك دعاه إلى الله فآمن وآمن من
أهل مملكته قوم وكفر آخرون، وقد روى مثل ذلك العياشي باسناده عن الثمالي و
غيره عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام الا ان في بعض الروايات: بعث الله الرسولين
إلى أنطاكية ثم بعث الثالث، وفى بعضها ان عيسى أوحى الله إليه ان يبعثهما ثم
بعث وصيه شمعون ليخلصهما، وان الميت الذي أحياه الله بدعائه كان ابن الملك، وأنه
قد خرج من قبره ينفض التراب عن رأسه فقال: يا بنى ما حالك؟ قال: كنت ميتا فرأيت
رجلين ساجدين يسألان الله أن يحييني، قال: يا بنى فتعرفهما إذا رأيتهما؟ قال: نعم،
فأخرج الناس إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل بعد رجل فمر أحدهما بعد جمع كثير،
فقال: هذا أحدهما، ثم مر الاخر فعرفهما وأشار إليهما فآمن الملك وأهل مملكته.
قال عز من قائل: قالوا انا تطيرنا بكم إلى قوله مسرفون
32 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من
الأربع مأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه في كل أمر واحدة من ثلث: الكبر والطيرة
والتمني، فإذا تطير أحدكم فليمض على طيرته وليذكر الله عز وجل، وإذا خشي الكبر
فليأكل مع عبده وخادمه وليحلب الشاة، وإذا تمنى فليسأل الله عز وجل وليبتهل إليه ولا
تنازعه نفسه إلى الاثم.
33 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عمرو بن
حريث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الطيرة على ما تجعلها ان هونتها تهونت، وان
شددتها تشددت، وان لم تجعلها شيئا لم يكن شيئا.
34 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: كفارة الطيرة التوكل.
35 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب قالوا:
أخبرنا النضر بن قرواش الحمال قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا
382

عدوى ولا طيرة ولا شوم، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
36 - في من لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي -
الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: الشوم للمسافر في طريقه في خمسة: الغراب
الناعق عن يمينه، والكلب الناشر لذنبه، والذئب العاوي الذي يعوى في وجه الرجل و
هو مقع على ذنبه يعوى ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا، والظبي السانح من يمين إلى شمال، و
البومة الصارخة والمرأة الشمطاء (1) تلقى فرجها، والاتان العضباء يعنى الجذعاء (2) فمن
أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل: اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من
ذلك قال: فيعصم من ذلك.
37 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (انا تطيرنا بكم) قالوا
بأسمائكم، وقوله عز وجل: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا
المرسلين قال: نزلت في حبيب النجار إلى قوله تعالى: وجعلني من المكرمين
38 - في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة
لم يكفروا بالوحي طرفة عين: مؤمن آل ياسين، وعلي بن أبي طالب، وآسية امرأة
فرعون.
39 - في جوامع الجامع وعن النبي صلى الله عليه وآله: سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله
طرفة عين: علي بن أبي طالب، وصاحب ياسين، ومؤمن آل فرعون، فهم الصديقون
وعلي أفضلهم.
40 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم
عن مالك بن عطية عن يونس بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ان هذا
الذي قد ظهر بوجهي (3) يزعم الناس ان الله عز وجل لم يبتل به عبدا له فيه حاجة.

(1) الشمطاء: التي خالط بياض رأسها سواد.
(2) الجذعاء: مقطوعة الأذن.
(3) الآثار التي ظهرت بوجهه كان برصا ويحتمل الجذام. قاله المجلسي (ره).
383

فقال لي: [لا] لقد كان مؤمن آل فرعون منكع الأصابع (1) فكان يقول هكذا -
ويمد بيده - ويقول: (يا قوم اتبعوا المرسلين) والحديث طويل أخذنا منه موضع
الحاجة
41 - في أمالي الصدوق باسناده إلى عبد الرحمان بن أبي ليلى رفعه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي يقول: (فاتبعوا
المرسلين اتبعوا من لا يسئلكم اجرا وهم مهتدون) وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلى
ابن أبي طالب وهو أفضلهم.
42 - في جوامع الجامع: قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربى وجعلني
من المكرمين وورد في حديث مرفوع أنه نصح قومه حيا وميتا.
43 - وروى عن علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يا حسرة على العباد على الإضافة
إليهم لاختصاصها بهم من حيث إنها موجهة إليهم.
44 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما
تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون قال: فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن النطفة تقع من السماء إلى الأرض على النبات
والثمر والشجر، فيأكل الناس منه والبهائم فيجرى فيهم.
45 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن
عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: فضرب الله مثل محمد صلى الله عليه وآله الشمس
ومثل الوصي القمر، وهو قول الله عز وجل: (جعل الشمس ضياءا والقمر نورا) وقوله:
وآية لهم الليل نسلخ منها النهار فإذا هم مظلمون وقوله عز وجل: (ذهب الله بنورهم
وتركهم في ظلمات لا يبصرون) يعنى قبض محمد صلى الله عليه وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا
أفضل أهل بيته، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
46 - في الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن
محبوب عن أبي ولاد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله خلق حجابا من ظلمة مما يلي

(1) المكنع. هو الذي وقعت أصابعه.
384

المشرق ووكل به ملكا، فإذا غابت الشمس اغترف ذلك الملك غرفة بيده ثم استقبل
بها المغرب تتبع الشفق، ويخرج من بين يديه قليلا قليلا، ويمضى فيوافي المغرب
عند سقوط الشمس فيسرح الظلمة ثم يعود إلى المشرق، فإذا طلع الفجر نشر جناحيه
واستاق الظلمة من المشرق إلى المغرب حتى يوافي بها المغرب عند طلوع الشمس.
47 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي ذر الغفاري رحمة الله عليه قال: كنت
آخذا بيد النبي صلى الله عليه وآله ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس
حتى غابت، فقلت: يا رسول الله أين تغيب؟ قال: في السماء، ثم ترفع من سماء إلى
سماء حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا حتى تكون تحت العرش فتخر ساجدة فتسجد
معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب من أين تأمرني أن اطلع؟ امن مغربي
أم من مطلعي؟ فذلك قوله عز وجل: والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير
العزيز العليم يعنى بذلك صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه قال: فيأتيها جبرئيل بحلة
ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف، وفى قصره في الشتاء
أو ما بين ذلك في الخريف والربيع، قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه
ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها، قال النبي صلى الله عليه وآله: كأني بها قد
حبست مقدار ثلاث ليال، ثم لا تكسى ضوءا وتؤمر ان تطلع من مغربها، فذلك قوله
عز وجل: (إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت) والقمر كذلك من مطلعه و
مجراه في أفق السماء ومغربه، وارتفاعه إلى السماء السابعة، ويسجد تحت العرش
ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي، فذلك قوله عز وجل: (جعل الشمس ضياءا
والقمر نورا).
48 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال سأل العالم
عليه السلام كيف علم الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقدر وقضى وامضى، فأمضى ما قضى وقضى ما قدر
وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشية وبمشيته كانت الإرادة وبإرادته كان التقدير، و
بتقديره كان القضاء وبقضائه كان الامضاء، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية والإرادة ثالثة
385

والتقدير واقع على القضاء بالامضاء، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد،
لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشية
في المنشأ قبل عينه، والإرادة في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل
تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا، والقضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام
المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكيل، وما دب ودرج من انس وجن
وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له
فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الأشياء قبل
كونها، وبالمشية عرف صفاتها وحدودها، وأنشأها قبل اظهارها وبالإرادة ميز أنفسها
في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس
أماكنها ودلهم عليها، وبالامضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.
49 - في مجمع البيان وروى عن علي بن الحسين زين العابدين وأبى جعفر
الباقر وجعفر الصادق عليهم السلام (لا مستقر لها) بنصب الراء.
50 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن داود بن محمد النهدي قال: دخل
أبو سعيد المكارى على أبى الحسن الرضا عليه السلام فقال له: أبلغ من قدرك ان تدعى ما ادعاه
أبوك؟ فقال له الرضا عليه السلام: ما لك اطفأ الله نورك وادخل الفقر بيتك، أما علمت أن
الله عز وجل أوحى إلى عمران انى واهب لك ذكرا، فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى
فعيسى من مريم، ومريم من عيسى، ومريم وعيسى واحد، وأنا من أبى وأبى منى وانا وأبى
شئ واحد، فقال له أبو سعيد: فأسئلك عن مسألة؟ قال: سل ولا أخالك تقبل
منى ولست من غنمي ولكن هاتها، فقال له: ما تقول في رجل قال عند موته كل مملوك لي
قديم فهو حر لوجه الله؟ قال: نعم ما كان لستة أشهر فهو قديم حر، لان الله عز وجل
يقول والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم فما كان لستة أشهر فهو
قديم حر، قال: فخرج من عنده وافتقر وذهب بصره ثم مات لعنه الله وليس عنده مبيت ليلة.
51 - في ارشاد المفيد رحمه الله وقضى علي عليه السلام في رجل وصى فقال: أعتقوا عنى
كل عبد قديم في ملكي، فلما مات لم يعرف الوصي ما يصنع فسأله عن ذلك، فقال: يعتق عنه كل
386

عبد له في ملكه ستة أشهر، وتلا قوله: (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم).
52 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل: لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في
فلك يسبحون يقول: الشمس سلطان النهار، والقمر سلطان الليل، لا ينبغي للشمس
أن تكون مع ضوء القمر، ولا يسبق الليل النهار، يقول: لا يذهب الليل حتى
يدركه النهار (وكل في فلك يسبحون) يقول يجيئ وراء (يجرى ذا خ ل) الفلك الاستدارة.
53 - في مجمع البيان وروى العياشي في تفسيره بالاسناد عن الأشعث بن حاتم
قال كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا والفضل بن سهل والمأمون في الإيوان بمرو،
فوضعت المائدة فقال الرضا عليه السلام: ان رجلا من بني إسرائيل سألني بالمدينة فقال:
النهار خلق قبل أم الليل فما عندكم؟ قال: وأداروا الكلام فلم يكن عندهم في ذلك شئ
فقال الفضل للرضا عليه السلام: أخبرنا بها أصلحك الله، قال: نعم من القرآن أم من الحساب؟
قال له الفضل: من جهة الحساب، فقال: قد علمت يا فضل أن طالع الدنيا السرطان و
الكواكب في موضع شرفها فزحل في الميزان والمشترى في السرطان والشمس في
الحمل والقمر في الثور. فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل العاشر من الطالع
في وسط الدنيا، فالنهار خلق قبل الليل وفى قوله تعالى: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك
القمر ولا الليل سابق النهار) أي قد سبقه النهار.
54 - في روضة الكافي ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي
جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل خلق الشمس قبل القمر وخلق النور قبل الظلمة.
55 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل و
فيه قال السائل: فخلق النهار قبل الليل، قال: نعم خلق النهار قبل الليل والشمس والقمر
والأرض قبل السماء.
56 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه قال: فما
التسعون؟ قال: الفلك المشحون، اتخذ نوح عليه السلام فيه تسعين بيتا للبهائم.
57 - في مجمع البيان: ما بين أيديكم وما خلفكم وروى الحلبي عن أبي -
387

عبد الله عليه السلام قال: معناه اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب، وما خلفكم من العقوبة.
58 - في تفسير علي بن إبراهيم. قوله عز وجل: ويقولون متى هذا الوعد ان
كنتم صادقين ما ينظرون الا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون قال ذلك في آخر
الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون، فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع
أحد منهم إلى منزله، ولا يوصى بوصية، وذلك قوله عز وجل: فلا يستطيعون توصية
ولا إلى أهلهم يرجعون.
59 - في مجمع البيان وفى الحديث تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما
يتبايعان فما يطويانه حتى تقوم الساعة والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه
حتى تقوم، والرجل يليط حوضه (1) ليسقى ماشيته فما يسقيها حتى تقوم.
60 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ونفخ في الصور فإذا هم
من الأجداث إلى ربهم ينسلون قال: من القبور، وفى رواية أبى الجارود عن أبي -
جعفر عليه السلام في قوله: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا فان القوم كانوا في القبور فلما قاموا
حسبوا أنهم كانوا نياما، (قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) قالت الملائكة هذا ما
وعد الرحمن وصدق المرسلون.
61 - في جوامع الجامع وروى عن علي عليه السلام انه قرأ (من بعثنا) على من الجارة
والمصدر.
62 - في روضة الكافي الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن سالم
عن أبي سلمة عن الحسن بن شاذان الواسطي قال: كتبت إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام أشكو
جفاء أهل واسط وحملهم على، وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني، فوقع بخطه: ان الله
جل ذكره أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل فاصبر لحكم ربك، فلو قد قام
سيد الخلق لقالوا (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون).
63 - في أصول الكافي باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
أبو ذر رحمه الله يقول في خطبته وما بين الموت والبعث الا كنومة نمتها ثم استيقظت منها

(1) لاط الحوض: ماره لئلا ينشف الماء.
388

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
64 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن زيد النرسي
عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول: إذا أمات الله أهل الأرض
لبث كمثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أماتهم وأضعاف ذلك، ثم أمات أهل سماء الدنيا ثم
لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل سماء الدنيا وأضعاف ذلك ثم
أمات أهل السماء الثانية ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل
السماء الدنيا والسماء الثانية وأضعاف ذلك، ثم أمات أهل السماء الثالثة ثم لبث مثل
ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية والثالثة
وأضعاف ذلك، في كل سماء مثل ذلك وأضعاف ذلك، ثم أمات ميكائيل ثم لبث مثل
ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك، ثم أمات جبرئيل عليه السلام ثم لبث مثل ما
خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات إسرافيل عليه السلام ثم لبث مثل ما خلق الله
الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات ملك الموت عليه السلام، ثم لبث مثل ما خلق الله
الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم يقول عز وجل: (لمن الملك اليوم)؟ فيرد
على نفسه (لله الواحد القهار) أين الجبارون؟ وأين المتكبرون؟ وأين الذين ادعوا معي
إلها آخر ونحوهم؟ ثم يبعث الخلق قال عبيد بن زرارة: فقلت: ان هذا الامر كائن
طولت ذلك؟ فقال: أرأيت ما كان هل علمت به؟ فقلت: لا، قال: فكذلك هذا،
وقوله عز وجل: ان أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون قال: في افتضاض العذارى
فاكهون، قال: يفاكهون النساء ويلاعبونهن.
65 - في مجمع البيان (في شغل فاكهون) وقيل: شغلوا بافتضاض العذارى عن
ابن عباس وابن مسعود وهو المروى عن الصادق عليه السلام، قال: وحواجبهن كالأهلة (1)
وأشفار أعينهن كقوادم النسور.
66 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله عز وجل: في ظلال على الأرائك متكئون الأرائك السرر عليها الحجال

(1) جمع الهلال
389

67 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر حديثا طويلا يذكر فيه حال المؤمن إذا دخل الجنة:
فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا، فإذا استقرت بولي الله منازله في
الجنة استأذن عليه الملك الموكل بجنابه ليهنئه بكرامة الله إياه، فيقول له خدام المؤمن
ووصفاؤه: مكانك فان ولى الله قد اتكى على أرائكه فزوجته الحوراء العيناء قد هيئت فاصبر
لولى الله حتى يفرغ من شغله، قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشى مقبلة
وحولها وصفائها تحجبنها، عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن
بمسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفى رجلها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت
واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولى الله وهم يقوم إليها شوقا تقول له:
يا ولى الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب، لا تقم، انا لك وأنت لي، فيعتنقان قدر خمسمأة عام
من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، قال: فينظر إلى عنقها فإذا عليها قلادة من قضيب ياقوت
أحمر، وسطها لوح مكتوب: أنت يا ولى الله حبيبي وانا الحوراء حبيبتك إليك
تتأهب نفسي والى تتأهب نفسك، ثم يبعث الله ألف ملك يهنونه بالجنة ويزوجونه
بالحوراء.
68 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن
إسحاق المدني عن أبي جعفر عليه السلام قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وآله، ونقل عنه صلى الله عليه وآله
حديثا طويلا يقول فيه حاكيا حال أهل الجنة: والمؤمن ساعة مع الحوراء، وساعة
مع الادمية، وساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئا ينظر بعض المؤمنين إلى بعض.
69 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل:
سلام قولا من رب رحيم قال: السلام منه هو الأمان، وقوله: وامتازوا اليوم أيها
المجرمون قال: إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق
فينادون: يا رب حاسبنا ولو إلى النار، قال: فيبعث الله عز وجل رياحا فتضرب بينهم و
ينادى مناد: (امتازوا اليوم أيها المجرمون) فيميز بينهم فصار المجرمون في النار ومن
كان في قلبه الايمان صار إلى الجنة.
390

قال عز من قائل ألم أعهد إليكم يا بني آدم ان لا تعبدوا الشيطان الآية.
70 - في كتاب اعتقادات الامامية للصدوق رحمه الله وقال عليه السلام: من
أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق عن
إبليس فقد عبد إبليس.
71 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا
يقول فيه عليه السلام بعد ان قال إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم و
قسمه عليها وفرقه فيها، وقال فيها شهدت الأيدي والأرجل على أنفسهما وعلى أربابهما
من تضييعهما لما أمر الله عز وجل وفرضه عليهما اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا
أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين وعلى
الرجلين وهو عملهما وهو من الايمان.
72 - علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران
عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول
فيه عليه السلام: وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب
فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عز وجل: (فأما من أوتى كتابه بيمينه فأولئك
يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا).
73 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد
ابن الحنفية رضي الله عنه: وقال الله عز وجل: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم
وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) فأخبر عنها انها تشهد على صاحبها يوم القيامة.
74 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عليهما السلام عن
جده قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة يصف هول يوم القيامة: ختم على الأفواه فلا نكلم
وتكلمت الأيدي وشهدت الأرجل ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا.
75 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (اليوم نختم على أفواههم)
إلى قوله تعالى: (بما كانوا يكسبون) قال: إذا جمع الله عز وجل الخلق يوم القيامة
391

دفع إلى كل انسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا فتشهد
عليهم الملائكة فيقولون: يا رب ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من
ذلك شيئا وهو قول الله عز وجل (ويوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم)
فإذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم وتنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون.
76 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: وقوله: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد
أرجلهم بما كانوا يكسبون) قال: ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم
الذي كان مقداره خمسين ألف سنة. يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم
بعضا والكفر في هذه الآية البراءة يقول يتبرأ بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول
الشيطان: (انى كفرت بما أشركتمون من قبل) وقول إبراهيم خليل الرحمان: (كفرنا بكم
يعنى تبرأنا منكم ثم يجتمعون في مواطن اخر فيستنطقون فيه فيقولون: (والله ربنا ما كنا
مشركين) وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد فلم ينفعهم ايمانهم مع
مخالفتهم رسله، وشكهم فيما أتوا به من ربهم، ونقضهم عهوده في أوصيائه، واستبدالهم
الذي هو أدنى بالذي هو خير، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله: (انظر كيف
كذبوا على أنفسهم) فيختم الله على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود،
فتشهد بكل معصية كانت منه، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: (لم شهدتم
علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ).
77 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا
يعقلون فإنه رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد ويقولون ان الرجل إذا نكح
المرأة وصارت النطفة في رحمها تلقيه الاشكال من الغذاء ودار عليه الفلك، ومر عليه
الليل والنهار [فيولد الانسان بالطبايع من الغذاء ومرور الليل والنهار] فنقض الله عز وجل
عليهم قولهم في حرف واحد فقال جل ذكره: (ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون)
قال: لو كان هذا كما يقولون لكان ينبغي ان يزيد الانسان ابدا ما دامت الاشكال قائمة
والليل والنهار قائمان والفلك يدور، فكيف صار يرجع إلى النقصان كلما ازداد في الكبر
392

إلى حد الطفولية ونقصان السمع والبصر والقوة والعلم والمنطق حتى ينتقص وينتكس في
الخلق ولكن ذلك من خلق العزيز العليم وتقديره، وقوله عز وجل: وما علمناه الشعر و
ما ينبغي له قال: كانت قريش تقول ان هذا الذي يقوله محمد شعر، فرد الله عز وجل
عليهم فقال: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له ان هو الا ذكر وقرآن مبين) ولم يقل
رسول الله صلى الله عليه وآله شعرا قط
78 - في مجمع البيان روى عن الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتمثل بهذا
البيت (كفى الاسلام والشيب للمرء ناهيا) فقال له أبو بكر: يا رسول الله انما قال:
(كفى الشيب والاسلام للمرء ناهيا) وأشهد انك رسول الله وما علمك الله الشعر وما
ينبغي لك.
79 - وعن عائشة انها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتمثل ببيت اخى بنى قيس:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا * ويأتيك بالاخبار من لم تزود
فجعل يقول: (ويأتيك من لم تزود بالاخبار) فيقول أبو بكر: ليس هكذا
يا رسول الله فيقول: انى لست بشاعر وما ينبغي لي، فأما قوله عليه السلام:
انا النبي لا كذب * انا ابن عبد المطلب
فقد قال قوم: ان هذا ليس بشعر، وقال آخرون: انما هو اتفاق منه وليس
يقصد إلى قول الشعر، وقد صح انه عليه السلام كان يسمعه ويحث عليه، وقال للحسان بن
ثابت: لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.
80 - في أصول الكافي - علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن
زيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: وقال الله عز وجل: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي)
فالحي المؤمن الذي تخرج طينته من طينة كافر، والميت الذي يخرج من الحي هو
الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن، فالحي المؤمن، والميت الكافر، وذلك قوله
عز وجل: (أو من كان ميتا فأحييناه) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر، وكان
حياته حين فرق الله عز وجل بينهما بكلمته، كذلك يخرج الله جل وعز المؤمن في
393

الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد
دخوله إلى النور، وذلك قوله عز وجل: لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين
81 - في مجمع البيان ويجوز أن يكون المراد بمن كان حيا عاقلا وروى ذلك
عن علي عليه السلام.
82 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى جابر بن راشد عن أبي عبد الله الصادق
عليه السلام قال: بينما هو في سفر إذ نظر إلى رجل عليه كآبة وحزن، فقال له: مالك؟ قال:
دابتي حرون (1) قال: ويحك اقرأ هذه الآية في أذنه ولم يروا انا خلقنا لهم مما
عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون
83 - في تفسير علي بن إبراهيم في رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله
واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون ولا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند
محضرون يقول: لا تستطيع الآلهة لهم نصرا وهم للآلهة جند محضرون.
84 - في تفسير العياشي عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء أبي بن خلف
فأخذ عظما باليا من حائط ففته ثم قال: يا محمد إذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعثون خلقا
فأنزل الله من يحيى العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل
خلق عليم.
85 - في من لا يحضره الفقيه حديث طويل وفيه قالوا وقد رممت يا رسول الله
يعنون صرت رميما؟ فقال: كلا ان الله عز وجل حرم لحومنا على الأرض أن تطعم منها شيئا
86 - وقال الصادق عليه السلام: ان الله عز وجل حرم عظامنا على الأرض وحرم لحومنا على
الدواب ان تطعم منها شيئا.
87 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله في احتجاج أبي عبد الله الصادق
عليه السلام: قال السائل: أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟ قال: بل هو
باق إلى وقت ينفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس، ثم
أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها، وذلك أربع مأة سنة يسبت فيها الخلق وذلك بين -
النفختين، قال: وانى له بالبعث والبدن قد بلى والأعضاء قد تفرقت فعضو ببلدة يأكله

(1) الحرون: الذي لا ينقاد.
394

سباعها، وعضو بأخرى تمزقه هوامها، وعضو قد صار ترابا يبنى به مع الطير في حائط؟ قال: إن
الذي أنشأه من غير شئ وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه
قال: أوضح لي ذلك، قال: إن الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة، وروح
المسئ في ضيق وظلمة، والبدن يصير ترابا كما منه خلق، وما تقذف به السباع والهوام
من أجوافها، فما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال
ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء ووزنها، وان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب
في التراب، فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور، فتربو الأرض ثم يمخض
مخض السقا فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء، والزبد من
اللبن إذا مخض، فيجتمع تراب كل قالب إلى قالبه. فينتقل بإذن الله تعالى القادر إلى
حيث الروح، فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر
من نفسه شيئا.
88 - وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم
السلام ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين: فان إبراهيم عليه السلام قد
بهت الذي كفر ببرهان على نبوته؟ قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله
اتاه مكذب بالبعث بعد الموت وهو أبي بن خلف الجمحي معه عظم نخر ففركه (1) ثم
(قال): يا محمد (من يحيى العظام وهي رميم) فأنطق الله محمدا بمحكم آياته وبهته
ببرهان نبوته، فقال: (يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) فانصرف
مبهوتا.
89 - وفيه أيضا قال أبو محمد العسكري عليه السلام: قال الصادق عليه السلام: وأما الجدال بالتي
هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه ان يجادل به من جحد البعث بعد الموت وأحياه له
فقال حاكيا عنه: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم) فقال الله
في الرد عليه: (قل) يا محمد (يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم
الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون) فأراد من نبيه أن يجادل

(1) نخر العظم: بلى وتفتت. وفرك الشئ: دلكه وفرك - بالتشديد: بالغ في فركه
395

المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم؟ قال: (قل يحييها الذي
أنشأها أول مرة) أفيعجز من ابتدئ به لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلى، بل ابتداؤه
أصعب عندكم من اعادته، ثم قال: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا) أي إذا
كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم انه على إعادة
من بلى أقدر.
90 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن سعد بن أبي سعيد عن إسحاق
ابن جرير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أي شئ يقول أصحابك في قول إبليس (خلقتني
من نار وخلقته من طين)؟ قلت: جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه، قال:
كذب إبليس يا إسحاق ما خلقه الا من طين، ثم قال: قال الله (الذي جعل لكم من الشجر
الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون) خلقه الله من ذلك النار ومن تلك الشجرة، والشجرة
أصلها من طين.
91 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله متصل بقوله سابقا انه على
إعادة من بلى أقدر ثم قال: أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن
يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم
وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق
هذا الأعجب عندكم والاصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة
البالي، قال الصادق عليه السلام: فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر
الكافرين وإزالة شبههم، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا يمكنك ان تفرق
بينه وبين باطل من تجادله، وإنما تدفعه عن باطله بأن يجحد الحق، فهذا هو المحرم
لأنك مثله جحد هو حقا وجحدت أنت حقا آخر، قال أبو محمد عليه السلام: فقام إليه
رجل آخر فقال: يا ابن رسول الله أيجادل رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال الصادق عليه السلام: مهما
ظننت برسول الله من شئ فلا تظنن به مخالفة الله تعالى، أليس الله قال: (وجادلهم بالتي
هي أحسن) و (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) لمن ضرب الله مثلا، فتظن ان رسول الله
صلى الله عليه وآله خالف ما أمره الله به فلم يجادل ما أمره الله به، ولم يخبر عن أمر الله بما أمره ان يخبر
396

به، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
92 وعن يعقوب بن جعفر عن أبي إبراهيم عليه السلام أنه قال: ولا احده يلفظ بشق
فم ولكن كما قال الله عز وجل: انما امره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
بمشيته من غير تردد في نفس!
93 - في نهج البلاغة يقول لما أراد كونه: كن فيكون لا بصوت يفرع
ولا نداء يسمع، وانما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا،
ولو كان قديما لكان الها ثانيا.
94 - وفيه أيضا يقول ولا يلفظ ويريد ولا يضمر.
95 - وفيه أيضا يريد بلا همة
96 - في كتاب الإهليلجة المنقول عن الصادق عليه السلام ان الإرادة من
العباد الضمير وما يبدو بعد ذلك من الفعل، واما من الله عز وجل فالإرادة للفعل احداثه
انما يقول له كن فيكون بلا تعب ولا كيف.
97 - في أصول الكافي محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى
الأشعري عن الحسين بن سعيد الأهوازي عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قلت: لم يزل الله مريدا؟ قال: إن المريد لا يكون الا المراد معه
لم يزل عالما قادرا، ثم أراد.
98 - أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال:
قلت لأبي الحسن عليه السلام: أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق؟ قال: فقال: الإرادة
من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل واما من الله فإرادته احداثه لا غير ذلك لأنه
لا يروى ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق، فإرادة الله الفعل
لا غير ذلك (يقول له كن فيكون) بلا لفظ ولا نطق بلسان، ولا همة ولا تفكر، ولا كيف
لذلك كما أنه لا كيف له
99 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع أهل الأديان والمقالات
في التوحيد كلام للرضا عليه السلام مع عمران يقول فيه: واعلم أن الابداع والمشية والإرادة
397

واحدة، وأسماءها ثلاثة، وكان أول ابداعه وارادته ومشيته الحروف التي جعلها
أصلا لكل شئ، ودليلا على كل مدرك، وفاصلا لكل مشكل، وتلك الحروف تعرف
كل شئ من اسم حق وباطل، أو فعل أو مفعول، أو معنى أو غير معنى، وعليها اجتمعت
الأمور كلها، ولم يجعل للحروف في ابداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا وجود لها
لأنها مبدعة بالابداع، والنور في هذا الموضع أول فعل الله الذي هو نور السماوات
والأرض، والحروف هي المفعول بذلك الفعل، وهي الحروف التي عليها الكلام
والعبارات كلها من الله عز وجل علمها خلقه وهي ثلاثة وثلاثون حرفا، فمنها ثمانية
وعشرون حرفا تدل على لغات العربية، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا
تدل على لغات السريانية والعبرانية، ومنها خمسة أحرف متحرفة في ساير
اللغات من العجم الأقاليم اللغات كلها (1) وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية
والعشرين حرفا من اللغات، فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفا، وأما
الخمسة المختلفة (فتجحخ) (2) لا يجوز ذكرها أكثر مما ذكرناه، ثم جعل الحروف
بعد احصائها وأحكام عدتها فعلا منه كقوله عز وجل (كن فيكون) وكن منه صنع و
ما يكون به المصنوع، فالخلق الأول من الله عز وجل: الابداع، لا وزن له ولا حركة
ولا سمع ولا لون ولا حس، والخلق الثاني حروف لا وزن لها ولا لون، وهي مسموعة
موصوفة غير منظور إليها، والخلق الثالث ما كان من الأنواع كلها محسوسا ملموسا
ذا ذوق منظورا إليه، والله تبارك وتعالى سابق بالابداع لأنه ليس قبله عز وجل ولا كان
معه شئ، والابداع سابق للحروف والحروف لا تدل على غير نفسها، قال المأمون:
كيف لا تدل على غير نفسها؟ قال الرضا عليه السلام لان الله تبارك وتعالى لا يجمع منها
شيئا بغير معنى أبدا فإذا ألف منها أحرفا أربعة أو خمسة أو ستة أو أكثر من ذلك أو أقل

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر (من العجم والأقاليم واللغات كلها).
(2) والمراد بها الفاء، والتاء، والجيم، والحاء المهملة، والخاء المعجمة، وقد
اختلفت النسخ في ضبط هذه الكلمة وقال المجلسي (ره): الظاهر أن العبارة قد صحفت ولم
تكن بهذه الصورة.
398

لم يؤلفها لغير معنى. ولم يك الا لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئا، قال عمران:
فكيف لنا بمعرفة ذلك؟ قال الرضا عليه السلام: اما المعرفة فوجه ذلك وبيانه انك
تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير نفسها، ذكرتها فردا [فقلت] ا ب ت ث ج ح خ
حتى تأتى على آخرها، فلم تجد لها غير أنفسها وإذا ألفت وجمعت منها وجعلتها اسما
وصفة لمعنى ما طلبت ووجه ما عنيت كانت دليلة على معانيها، داعية إلى الموصوف بها،
أفهمته؟ قال: نعم.
100 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال عز وجل: (أوليس الذي خلق السماوات
والأرض) إلى قوله تعالى: (كن فيكون) قال: خزائنه في كاف والنون.
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: من قرء
سورة الصافات في كل يوم جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة مدفوعا عنه كل بلية في
الحياة الدنيا مرزوقا في الدنيا في أوسع ما يكون من الرزق، ولم يصبه الله في ماله و
ولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم، ولا من جبار عنيد، وان مات في يومه أو ليلته
بعثه الله شهيدا وأماته شهيدا، وأدخله الجنة مع الشهداء في درجة من الجنة.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ومن قرء سورة
الصافات أعطى من الاجر عشر حسنات بعدد كل جنى وشيطان، وتباعدت عنه مردة
الشياطين، وبرئ من الشرك، وشهد له حافظاه يوم القيامة انه كان مؤمنا بالمرسلين.
3 - في الكافي محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن سليمان الجعفري قال:
رأيت أبا الحسن عليه السلام يقول لابنه القاسم: قم فاقرأ عند رأس أخيك (والصافات صفا) حتى
تستتمها، فقرأه فلما بلغ (هم أشد خلقا أم من خلقنا) قضى الفتى، فلما سجى (1)
وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر، فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ

(1) قال في الصحاح: سجيت الميت تسجية: إذا مددت عليه ثوبا.
399

عنده (يس والقرآن الحكيم) فصرت تأمرنا بالصافات؟ فقال: يا بنى لم تقرأ عند (1)
مكروب من موت قط الا عجل الله راحته.
4 - في تفسير علي بن إبراهيم والصافات صفا قال: الملائكة والأنبياء
عليهم السلام، ومن وصف الله عز وجل عبده فالزاجرات زجرا الذين يزجرون الناس
فالتاليات ذكرا الذين يقرؤن الكتاب من الناس فهو قسم وجوابه ان إلهكم لواحد رب
السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق انا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب
5 - قال: وحدثني أبي ويعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ان هذه النجوم التي
في السماء مدائن مثل المداين التي في الأرض مربوطة كل بعمود من نور، طول ذلك
العمود في السماء مسيرة مأتين وخمسين سنة
6 - وقوله عز وجل وحفظا من كل شيطان مارد: المارد الخبيث.
7 - وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: عذاب واصب أي دائم
موجع قد وصل إلى قلوبهم.
8 - وفيه عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل قال: فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى
سماء الدنيا، وعليها ملك يقال له إسماعيل، وهو صاحب الخطفة التي قال الله عز وجل:
الا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون
ألف ملك، فقال: يا جبرئيل من هذا معك؟ قال: محمد، قال وقد بعث؟ قال:
نعم، ففتح الباب فسلمت عليه وسلم على واستغفرت له واستغفر لي، وقال: مرحبا بالأخ
الصالح والنبي الصالح.
9 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن عن النضر بن شعيب
عن عبد الغفار الجازى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق المؤمن من طينة الجنة،
وخلق الكافر من طينة النار، قال: وسمعته يقول: الطينات ثلاثة: طينة الأنبياء،
والمؤمن من تلك الطينة، الا أن الأنبياء هم من صفوتها هم الأصل ولهم فضلهم،

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر (عبد) مكان عند.
400

والمؤمنون الفرع من طين لازب كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
10 - في نهج البلاغة ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها وعذبها وسبخها
تربة سنها بالماء حتى خلصت، ولا طها بالبلة حتى لزبت (1)
11 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: أحشروا الذين ظلموا و
أزواجهم قال: الذين ظلموا آل محمد صلى الله عليه وآله حقهم (وأزواجهم) قال: أشباههم.
12 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام فاهدوهم إلى صراط الجحيم
يقول: أدعوهم إلى طريق الجحيم.
13 - وقال علي بن إبراهيم في قوله عز وجل: (وقفوهم انهم مسؤولون) قال:
عن ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
14 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أنس بن مالك عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه الا من معه جواز
فيه ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، وذلك قوله تعالى: (وقفوهم انهم مسؤولون) يعنى عن
ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.
15 - في اعتقادات الامامية للصدوق رحمه الله قال زرارة للصادق عليه السلام: ما
تقول يا سيدي في القضاء والقدر؟ قال عليه السلام: أقول إن الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم
القيامة سئلهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم.
16 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المتفرقة
حديث طويل وفى آخره ثم قال عليه السلام - وقد ذكر عليا عليه السلام - حاكيا عن النبي صلى الله عليه وآله: وعزة
ربى ان جميع أمتي لموقوفون يوم القيمة ومسئولون عن ولايته، وذلك قول الله عز وجل
(وقفوهم انهم مسؤولون).
17 - وفيه أيضا في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة وباسناده

(1) الحزن: ما غلظ من الأرض. وسبخها: ما ملح منها. وسنها بالماء أي ملسها.
ولاطها من قولهم لطت الحوض بالطين أي ملطته وطينته به. والبلة من البلل. ولزبت أي التصقت.
401

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله تعالى: (وقفوهم انهم مسؤولون) قال: عن
ولاية علي عليه السلام.
18 - وفى هذا الباب أيضا باسناده عن علي عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: أول ما يسأل الله
عنه العبد عن حبنا أهل البيت.
19 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لا تزل قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما
أبلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه وعم حبنا أهل البيت.
20 - في كتاب علل الشرايع قد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في تفسير
قوله عز وجل: (وقفوهم انهم مسؤولون) انه لا يجاوز قدما عبد حتى يسأل عن أربع:
عن شبابه فيما أبلاه، وعمره فيما أفناه، وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه، وعن
حبنا أهل البيت.
21 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يحيى بن عقبة
الأزدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان فيما وعظ به لقمان ابنه: واعلم انك ستسأل
غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك فيما أبليته، وعمرك فيما أفنيته،
ومالك مما أكسبته وفيما أنفقته، فتأهب لذلك وأعد له جوابا، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
22 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي نجران عن أبي جميلة
عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر قراء القرآن
اتقوا الله عز وجل فيما حملكم من كتابه. فانى مسؤول وانكم مسؤولون، إني مسؤول
عن تبليغ الرسالة، وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي.
23 - في نهج البلاغة اتقوا الله في عباده وبلاده فإنكم مسؤولون حتى عن
البقاع والبهائم.
24 - في مجمع البيان (انهم مسؤولون) روى أنس بن مالك مرفوعا أنهم
مسؤولون عما دعوا إليه من البدع.
402

25 - وقيل: عن ولاية علي بن أبي طالب عن أبي سعيد الخدري.
26 - في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلاة الغدير المسند إلى الصادق
عليه السلام اللهم فكما كان من شأنك يا صادق الوعد يا من لا يخلف الميعاد، يا من هو كل
يوم في شأن ان أنعمت علينا بموالاة أوليائك المسؤول عنها عبادك، فإنك قلت وقولك
الحق: (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) وقلت: (وقفوهم انهم مسؤولون).
27 - في تفسير علي بن إبراهيم: قالوا انكم كنتم تأتوننا عن اليمين يعنى
فلانا وفلانا قالوا بل لم تكونوا مؤمنين.
27 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن
إسحاق المدني عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله ونقل عنه
حديثا طويلا يقول فيه حاكيا حال أهل الجنة وأما قوله: أولئك لهم رزق معلوم
قال: يعلمه الخدام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه أما قوله عز وجل: فواكه وهم
مكرمون قال: فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة الا أكرموا به.
29 - في جوامع الجامع: انا لمدينون أي لمجزيون من الدين الذي هو الجزاء
أو ممسوسون مربوبون من ذاته إذا ساسه وفى الحديث: الكيس من دان نفسه وعمل
لما بعد الموت.
30 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
فاطلع فرآه في سواء الجحيم يقول في وسط الجحيم.
31 - قال علي بن إبراهيم رحمه الله ثم يقولون في الجنة: أفما نحن بميتين الا
موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ان هذا لهو الفوز العظيم
قال: فحدثني أبى عن علي بن مهزيار والحسن بن محبوب عن النضر بن سويد
عن درست عن أبي بصير عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة و
أهل النار النار جئ بالموت فيذبح كالكبش بين الجنة والنار، ثم يقال: خلود فلا
موت ابدا، فيقول أهل الجنة: (أفما نحن بميتين الا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ان
هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون).
403

32 - في مجمع البيان (ان شجرة الزقوم) الآية روى أن قريشا لما سمعت
هذه الآية، قالت: ما نعرف هذه الشجرة، قال ابن الزبعرى: الزقوم بكلام البربر
التمر والزبد، وفى رواية بلغة اليمن، فقال أبو جهل لجاريته: يا جارية زقمينا (2)
فاتته الجارية بتمر وزبد، فقال لأصحابه: تزقموا بهذا الذي يخوفكم به محمد فيزعم
أن النار تنبت الشجر، والنار تحرق الشجر، فأنزل الله سبحانه انا جعلناها فتنة
للظالمين.
33 - وقد روى أن الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع فيصرخون
إلى مالك فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل فيأكلون منها فتغلى بطونهم كغلى
الحميم، فيستسقون فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة، فإذا
قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله: (يشوى الوجوه) فإذا وصل إلى
بطونهم صهر ما في بطونهم (2) كما قال سبحانه: (يصهر به ما في بطونهم والجلود) و
ذلك طعامهم وشرابهم.
34 - وفيه عند قوله تعالى: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث) وروى أيضا
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال هو الطعن في الحق والاستهزاء به، وما كان أبو جهل و
أصحابه يجيئون به إذ قال يا معشر قريش: الا أطعمكم من الزقوم الذي يخوفكم به صاحبكم
ثم أرسل إلى زبد وتمر، فقال: هذا هو الزقوم الذي يخوفكم به.
35 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد وعلي بن إبراهيم
عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن ضريس الكناسي، قال قال أبو جعفر
عليه السلام: ان الله تعالى نارا في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار ويأكلون من زقومها
ويشربون من حميمها ليلهم فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن يقال له برهوت أشد حرا
من نيران الدنيا، كان فيه (فيهما خ ل) يتلاقون ويتعارفون، فإذا كان المساء عادوا إلى
النار فهم كذلك إلى يوم القيامة

(1) أي أطعمينا الزقوم.
(2) صهر الشئ: أذابه.
404

36 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله عز وجل: وجعلنا ذريته هم الباقين يقول: الحق والنبوة والكتاب والايمان في عقبه
وليس كل من في الأرض من بني آدم من ولد نوح عليه السلام، قال الله عز وجل في كتابه:
(احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك الا من سبق عليه القول منهم ومن آمن وما آمن
معه الا قليل) وقال الله عز وجل أيضا: (ذرية من حملنا مع نوح)
37 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الحميد بن أبي
الديلم عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: وبشرهم نوح بهود
وأمرهم باتباعه وان يقيموا الوصية كل عام فينظروا فيها، ويكون عيدا لهم كما أمرهم
آدم عليه السلام، فظهرت الجبرية من ولد حام ويافث فاستخفى ولد سام بما عندهم من العلم،
وجرت على سام بعد نوح الدولة لحام ويافث وهو قول الله عز وجل: وتركنا عليه في -
الآخرين يقول: تركت على نوح دولة الجبارين، ويعز الله محمدا صلى الله عليه وآله بذلك قال:
وولد لحام السند والهند والحبش، وولد لسام العرب والعجم، وجرت عليهم الدولة
وكانوا يتوارثون الوصية عالم بعد عالم، حتى بعث الله عز وجل هودا عليه السلام.
38 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب
مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: من خاف منكم العقرب فليقرأ هذه الآيات:
سلام على نوح في العالمين انا كذلك نجزى المحسنين انه من عبادنا المؤمنين
39 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد بن أحمد
بن محمد بن عيسى عن النضر بن سويد عن سماعة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال
ليهنئكم الاسم، قلت: وما هو جعلت فداك قال: وان من شيعته لإبراهيم وقوله
عز وجل: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) فليهنئكم الاسم.
40 - في مجمع البيان روى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليهنئكم الاسم،
قلت: وما هو؟ قال: الشيعة، قلت: ان الناس يعيروننا بذلك! قال: اما تسمع
قول الله سبحانه: (وان من شيعته لإبراهيم) وقوله: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي
من عدوه).
405

41 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله عز وجل:
إذ جاء ربه بقلب سليم قال: القلب السليم من الشك، وقد كتبنا خبره في سورة
الشعراء.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى الله عنه: لم يذكر رحمه الله في الشعراء عند قوله (الا
من أتى الله بقلب سليم) سوى قوله: قال القلب السليم الذي يلقى الله عز وجل وليس فيه
أحد سواه وهو أعلم بما قال.
42 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا
عن أبي عبد الله قال: قلت قوله تعالى: انى سقيم فقال: ما كان إبراهيم سقيما
وما كذب انما عنى سقيما في دينه مرتادا.
43 - وقد روى أنه بقوله: (انى سقيم) أي سأسقم وكل ميت سقيم وقد قال الله
عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: انك ميت أي ستموت.
44 - في أصول الكافي علي بن محمد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله
عز وجل: فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم قال، حسب فرأى ما يحل بالحسين
عليه السلام فقال: إني سقيم لما يحل بالحسين عليه السلام.
45 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن
سماعة عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام: التقية من دين الله قلت: من دين الله؟
قال: أي والله من دين الله، ولقد قال يوسف: (أيتها العير انكم لسارقون) والله ما
كانوا سرقوا شيئا، ولقد قال إبراهيم: (انى سقيم) والله ما كان سقيما.
46 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن أبان بن عثمان عن حجر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: عاب
آلهتهم (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) قال أبو جعفر عليه السلام: والله ما كان سقيما
وما كذب.
47 - الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان بن عثمان
406

عن أبي بصير قال: قيل لأبي جعفر عليه السلام وأنا عنده: ان سالم بن أبي حفصة وأصحابه
يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج؟ فقال: ما يريد سالم منى
أيريد أن أجئ بالملائكة، والله ما جاءت بهذا النبيون، ولقد قال إبراهيم عليه السلام:
(انى سقيم) وما كان سقيما وما كذب.
48 - في تفسير العياشي عن محمد بن عرامة الصيرفي عمن أخبره عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب إليه منها، و
ليست بأكرم خلقه عليه، فإذا أراد أمرا ألقاه إليها فألقاه إلى النجوم فجرت [به].
49 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن عبد الملك بن أعين قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: انى قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحاجة فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت
طالع الشر جلست ولم أذهب فيها، وإذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة؟ فقال لي:
تقضى؟ قلت: نعم، قال: أحرق كتبك.
50 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى ابن مسعود عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا ذكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا إذا ذكر النجوم
فامسكوا.
51 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل وفيه قال له السائل: فما تقول في علم النجوم؟ قال: هو علم قلت منافعه وكثرت
مضاره، لأنه لا يدفع به المقدور ولا يتقى به المحذور، إن خبر المنجم بالبلاء لم ينجه
التحرز من القضاء، وان خبر هو بخير لم يستطع تعجيله، وان حدث به سوء لم يمكنه
صرفه، والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه.
52 - عن سعيد بن جبير قال: استقبل أمير المؤمنين عليه السلام دهقان من دهاقين
الفرس فقال له بعد التهنية: يا أمير المؤمنين تناحست النجوم الطالعات، وتناحست
السعود بالنحوس، وإذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الاختفاء، ويومك
هذا يوم صعب قد انقلب فيه كوكبان، وانقدح من برجك النيران، وليس الحرب
لك بمكان، قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ويحك يا دهقان المنبئ بالآثار، المحذر
407

من الاقدار، ما قصة صاحب الميزان وقصة صاحب السرطان؟ وكم المطالع من الأسد
والساعات في المحركات، وكم بين السراري والذراري؟ قال: سأنظر وأومى
بيده إلى كمه واخرج منه اسطرلابا ينظر فيه فتبسم صلوات الله عليه وقال: أتدري
ما حدث البارحة؟ وقع بيت بالصين، وانفرج برج ماجين وسقط سور سرنديب،
وانهزم بطريق الروم بأرمنية، وفقد ديان اليهود بابلة، وهاج النمل بوادي النمل
وهلك ملك إفريقية أكنت عالما بهذا؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، فقال: البارحة
سعد سبعون ألف عالم، وولد في كل عالم سبعون ألف عالم، والليلة يموت مثلهم وهذا
منهم - وأومى بيده إلى سعد بن مسعدة الحارثي لعنه الله وكان جاسوسا للخوارج في
عسكر أمير المؤمنين عليه السلام - فظن الملعون أنه يقول خذوها فأخذ بنفسه فمات، فخر
الدهقان ساجدا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ألم أروك من عين التوفيق؟ قال: بلى
يا أمير المؤمنين، فقال: أنا وصاحبي لا شرقيون ولا غربيون، نحن ناشئة القطب و
أعلام الفلك، اما قولك انقدح من برجك النيران، فكان الواجب ان تحكم به لي
لا على اما نوره وضياءه فعندي، واما حريقه ولهبه فذاهب عنى، وهذه مسألة عميقة
احسبها ان كنت حاسبا.
53 - وروى أنه عليه السلام لما أراد المسير إلى الخوارج قال له بعض أصحابه: ان
سرت في هذا الوقت خشيت ان لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم؟ فقال عليه السلام:
أتزعم أنك تهدى إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء، وتخوف الساعة التي
من سار فيها حاق به الضر، فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن، واستغنى عن الاستعانة
بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه، وينبغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك
الحمد دون ربه، لأنك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع وأمن الضر،
أيها الناس إياكم وتعلم النجوم الا ما يهتدى به في بر أو بحر، فإنها تدعو إلى الكهانة،
المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار، سيروا
على اسم الله وعونه.
54 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: أيها الناس إياكم وتعلم النجوم الا ما يهتدى
408

به في بر أو بحر، فإنها تدعو إلى الكهانة والمنجم كالكاهن والكاهن كالساحر
والساحر كالكافر والكافر في النار.
55 - في الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن غير واحد
عن علي بن أسباط إلى قوله وبهذا الاسناد عن علي بن أسباط عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كان بيني وبين رجل قسمة أرض وكان الرجل صاحب نجوم فكان يتوخى
ساعة السعود فيخرج فيها وأخرج أنا في ساعة النحوس فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين،
فضرب الرجل يده اليمنى على اليسرى ثم قال: ما رأيت كاليوم قط، قلت: ويل الاخر
ما ذاك؟ قال: انى صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس وخرجت أنا في ساعة السعود،
ثم قسمنا فخرج لك خير القسمين؟ فقلت: الا أحدثك بحديث حدثني به أبى قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن يدفع عنه نحس يومه فليفتح يومه بصدقة يذهب الله بها
عنه نحس يومه ومن أحب أن يذهب الله عنه نحس ليلته فليفتح ليلته بصدقة تدفع
عنه نحس ليلته، فقلت: وانى افتتحت خروجي بصدقة فهذا خير لك من علم النجوم.
56 - في روضة الكافي أحمد بن محمد وعلي بن محمد جميعا عن علي بن الحسن
التيمي عن محمد بن الخطاب الواسطي عن يونس بن عبد الرحمان عن أحمد بن عمر
الحلبي عن حماد الأزدي عن هشام الخفاف قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: كيف
بصرك بالنجوم؟ قال: قلت: ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم منى فقال: كيف
دوران الفلك عندكم؟ قال: فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها قال: فقال: فإن كان
الامر على ما تقول فما بال بنات نعش والجدي والفرقدين لا يرون يدورون
يوما من الدهر في القبلة؟ قال: قلت: والله هذا شئ لا أعرفه ولا سمعته أحدا من أهل
الحساب يذكره، فقال لي: كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها؟ قال: قلت:
هذا والله نجم ما سمعت به ولا سمعت أحدا من الناس يذكره، فقال: سبحان الله
فأسقطتم نجما بأسره فعلى ما تحسبون؟ ثم قال: فكم الزهرة من القمر جزءا في ضوءه؟
قال: فقلت: هذا شئ لا يعلمه الا الله عز وجل، قال: فكم القمر جزءا من الشمس
في ضوئها؟ قال: قلت: ما أعرف هذا، قال: صدقت، ثم قال: ما بال العسكرين
409

يلتقيان في هذا حاسب وفى هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ويحسب هذا لصاحبه
بالظفر ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر، فأين كانت النحوس؟ (1) قال: فقلت: لا
والله ما أعلم ذلك قال: فقال: صدقت ان أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك الا من
علم مواليد الخلق كلهم.
57 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال عن الحسن بن
أسباط عن عبد الله بن سيابة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت لك الفداء الناس يقولون:
ان النجوم لا يحل النظر فيها وهي تعجبني؟ فإن كانت تضر بديني فلا حاجة لي في شئ
يضر بديني، وإن كانت لا تضر بديني فوالله انى لاشتهيها وقد أشتهي النظر فيها؟ فقال:
ليس كما يقولون لا تضر بدينك، ثم قال: انكم تنظرون في شئ منها كثيره لا يدرك
وقليله لا ينتفع به، تحسبون على طالع القمر ثم قال: أتدري كم بين المشترى والزهرة
من دقيقة؟ قلت: لا والله، قال: أفتدري كم بين الزهرة وبين القمر من دقيقة؟ قلت:
لا قال: أفتدري كم بين الشمس وبين السنبلة من دقيقة؟ قلت: لا والله ما سمعته من
المنجمين قط، قال: قال: أفتدري كم بين السكينة (2) وبين اللوح المحفوظ من
دقيقة؟ قلت: لا والله ما سمعته من منجم قط قال: ما بين كل واحد منها (3) إلى صاحبه
ستون أو تسعون دقيقة شك عبد الرحمان ثم قال: يا عبد الرحمن هذا حساب إذا حسبه الرجل
ووقع عليه عرف عدد القصبة التي وسط الأجمة، وعدد ما عن يمينها وعدد ما عن يسارها
وعدد ما خلفها وعدد ما امامها حتى لا يخفى عليه من قصب الأجمة واحدة.
58 - محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر لكن في بعض النسخ (فأين كانت النجوم) ثم إن
المجلسي (ره) قال: هذا بيان لخطأ المنجمين فان كل منجم يحكم لمن يريد ظفره بالظفر،
ويزعم أن السعد الذي رآه يتعلق به وهذا العدم احاطتهم بارتباط النجوم بالاشخاص.
(2) وفى بعض النسخ (السنبلة) بدل (السكينة) لكن المختار هو الأنسب بقوله (ما سمعته
من منجم قط) كما قال المجلسي (ره).
(3) وفى بعض النسخ كما في المصدر (منهما) فيرجع على الأخيرتين فقط.
410

جميعا عن علي بن حسان عن علي بن عطية الزيات عن معلى بن خنيس قال: سألت أبا -
عبد الله عليه السلام عن النجوم أهي حق؟ فقال: نعم، ان الله عز وجل بعث المشترى إلى الأرض
في صورة رجل فأخذ رجلا من العجم فعلمه النجوم حتى ظن أنه قد بلغ ثم قال له انظر أين
المشترى؟ فقال: ما أراه في الفلك وما أدرى أين هو، قال: فنحاه فأخذ بيد رجل من
الهند فعلمه حتى ظن أنه قد بلغ، وقال: انظر المشترى أين هو؟ فقال: ان حسابي
ليدل على انك أنت المشترى فقال: فشهق شهقه فمات وورث علمه أهله فالعلم هناك.
59 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عمن أخبره
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن النجوم؟ فقال: ما يعلمها الا أهل بيت من العرب و
أهل بيت من الهند.
60 - في كتاب الإهليلجة المنقول عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في الرد على
من كان منكرا للصانع جل جلاله زعما منه ان الأشياء كلها تدرك بالحواس الخمس
ولو كان موجودا لأدرك بها قال عليه السلام:
قلت: أخبرني هل يعلم أهل بلادك علم النجوم؟ قال: انك لغافل من علم
أهل بلادي بالنجوم، فليس أحد أعلم بذلك منهم، قال: قلت: أخبرني كيف وقع علمهم
بالنجوم وهي مما لا يدرك بالحواس ولا بالفكر؟ قال: حساب وضعه الحكماء و
توارثنه الناس فإذا سألت العالم عن شئ قاس الشمس ونظر في حالها وحال القمر وما
الطالع مع النحوس في البروج وما الباطن من السعود منها فيحسب فلا يخطى بالمولود،
فيخبر بكل علامة فيه بغير معاينة، قلت: وكيف دخل الحساب في مواليد الناس؟
قال: لان جميع الناس انما يولدون بهذه النجوم فمن ثم لا يخطى الحساب، إذا علمت
الساعة واليوم والشهر والسنة التي يولد فيها المولود، قلت: [لقد توصفت علما عجيبا
ليس في علم الدنيا أدق منه ولا أعظم إن كان حقا كما ذكرت يعرف به المولود الصبي
وما فيه من العلامات ومنتهى أجله وما يصيبه في حياته، أوليس هذا حسابا تولد به جميع
أهل الدنيا من كان من الناس؟ قال: لا أشك فيه قلت:] (1) فتعال ننظر بعقولنا

(1) ما بين المعقفتين انما هو في نسخة البحار دون النسخ الموجودة عندي من الكتاب.
411

هل يستقيم أن يكون يعلم الناس هذا من بعض الناس (2) إذا كان الناس يولدون بهذه
النجوم، وان قلت: إن الحكماء من الناس هم الذين وضعوا هذا الحساب وعلم مجارى
هذه النجوم وعرفت نحوسها من سعودها ودنوها من بعدها وبطيئها من سريعها و
مواقعها من السماء ومواضعها من تحت الأرض، فان منها ستة طالعة في السماء وستة
باطنة تحت الأرض، وكذلك النجوم السبعة تجرى على حساب تلك النجوم، وما يقبل
القلب ولا يدل العقل ان مخلوقا من الأرض قدر على الشمس حتى يعلم في أي البروج
هي، وأي بروج القمر وأي بروج هذه النحوس والسعود، ومتى الطالع ومتى الباطن،
وهي معلقة في السماء وهي تحت الأرض، ولا يراها إذا توارت بضوء الشمس إلا أن
يزعم أن هذا الحكيم رقى إلى السماء حتى علم هذا.
ثم قلت: وهبه رقى إلى السماء هل له بد من أن يخرج (2) مع كل برج من
البروج ونجم من هذه النجوم من حيث يغرب إلى حيث يطلع ثم يعود إلى الاخر يفعل
ذلك كلها، ومنها ما يقطع السماء في ثلاثين سنة ومنها ما يقطعها في أقل من ذلك، وهل كان
له أن يجول في أقطارها حتى يعرف مطالع السعود والنحوس منها وتيقنه، وهبه قدر على
ذلك حتى فرغ منه كيف كان يستقيم له ما في السماء حتى يحكم حساب ما في الأرض و
تيقنه ويعرفه ويعانيه كما قد عاينه في السماء، فقد علمت أن مجاريها تحت الأرض على حساب
مجاريها في السماء وأنه لا يعرف حسابها ودقايقها الا بمعرفة ما غاب منها، لأنه ينبغي أن يعرف
أي ساعة من الليل يطلع طالعها، وأي ساعة من الليل يغيب غائبها، وأنه لا يصلح للمتعلم
أن يكون واحدا حتى يصح الحساب وكيف يمكنه ذلك وهي تحت الأرض وهو على
ظهرها، لا يرى ما تحتها الا أن يزعم أن ذلك الحكيم دخل في ظلمات الأرضين والبحر
فسار مع النجوم والشمس والقمر في مجاريها على حساب ما سار في السماء، حتى عاين
ما تحت الأرض منها كما عاين منها ما في السماء.
قال: وهل قلت لك: ان أحدا رقى إلى السماء وقدر على ذلك حتى أقول أنه

(1) وفى البحار (وهل يستقيم أن يكون لبعض الناس إذا كان... اه).
(2) وفى البحار (يجرى) بدل (يخرج).
412

دخل الأرض والظلمات وحتى نظر النجوم ومجاريها؟ قلت: فكيف وقع هذا العلم
الذي زعمت أن الحكماء من الناس وضعوه، وان الناس كلهم مولدون به؟ وكيف
عرفوا ذلك الحساب وهو أقدم منهم؟ قال: ما أجده يستقيم أن أقول إن أحدا من الناس يعلم
علم هذه النجوم المعلقة في السماء بتعليم أحد من الناس، قلت: لابد لك ان تقول: انما
علمه حكيم عليم بأمر السماء والأرض ومدبرها قال: إن قلت هذا فقد أقررت بإلهك الذي
تزعم، غير أنى أعلم أنه لابد لهذا الحساب من معلم وان قلت: ان أحدا من أهل الأرض علم ذلك
من غير معلم من أهل الأرض لقد أبطلت، الا أن علم الأرض لا يكون عندنا الا بالحواس ولا يقع
علم الحواس في علم النجوم وهي معلقة تغيب مرة وتطلع أخرى، تجرى تحت الأرض كما
تجرى في السماء وما زادت الحواس على أكثر من النظر إلى طالعها إذا طلع وإلى غائبها إذا
غاب، فأما حسابها ودقايقها وسعودها ونحوسها وسريعها وبطيئها فلا يقدر عليه الحواس، قلت:
فأخبرني لو كنت متعلما مستوصفا لهذا الحساب من أهل الأرض أحب إليك أن تستوصفه
وتتعلمه أم من أهل السماء؟ قال: من أهل السماء إذا كانت النجوم معلقة فيها، حيث
لا يعلمها أهل الأرض قلت: فافهم ألطف النظر ولا يغلبنك الهوى أليس تعلم أنه إذا كان
أهل الدنيا يولدون بهذه النجوم، ان النجوم قبل الناس، فإذا أقررت بذلك انكسر
عليك أن تعلم علمها من عالم منهم إذا كان العالم وهم انما ولدوا بها بعدها، وانها قبلهم
خلقت؟ قال: بلى، قلت: وكذلك الأرض كانت قبلهم أيضا؟ قال: نعم، قلت:
لأنه لو لم يكن الأرض خلقت لما استقام أن يكون الناس ولا غيرهم من الخلق عليها الا أن يكون
لها أجنحة، إذ لم يكن لها مستقر تأوى إليه ولا ملسعة ترجع إليها، وكذلك
الفلك قبل النجوم والشمس والقمر لأنه لولا الفلك لم تدر البروج ولم تستقل مرة
وتهبط أخرى.
قال: نعم هو كما قلت فقد أقررت بان خالق النجوم التي يتولد الناس بها هو
خالق السماء والأرض، لأنه لو لم يكن سماء ولا ارض لم يكن دوران الفلك، إذ ليس (1)
ينبغي لك ان يدلك عقلك على أن الذي خلق السماء هو الذي خلق الأرض والفلك والدوران

(1) كذا في النسخ ولعله سقط من الموضع شئ وكأن الصحيح (قلت: أفليس ينبغي لك.. اه)
413

والشمس والقمر والنجوم؟ قال: أشهد أن الخالق واحد، ولكن لست أدرى كيف
سقطوا على هذا الحساب حتى عرفوه وعلى هذا الدور والصواب ولو أعرف من الحساب
ما عرفت لأخبرت بالجهل، وكان أهون على غير أنى أريد أن تزيدني شرحا.
قلت: أنبئك من قبل اهليلجتك هذه التي في يدك وما تدعى من الطب الذي
هو صناعتك وصناعة آبائك إلى قوله عليه السلام قال: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وانه خالق السمايم القاتلة والهوام العادية وجميع النبت والأشجار ووارثها و
منبتها وبارئ الأجساد وسائق الرياح ومسخر السحاب، وانه خالق الأدواء التي يهيج
بالانسان كالسمايم القاتلة التي تجرى في أعضائه وعظامه مستقر الأدواء، وما
يصلحها من الدواء العارف بتسكين الروح ومجرى الدم وأقسامه في العروق واتصاله
بالعصب والأعضاء والعقب والجسد، وانه عارف بما يصلحه من الحر والبرد عالم بكل
عضو وما فيه، وانه هو الذي وضع هذا النجوم وحسابها والعالم بها، والدال على
نحوسها وسعودها، وما يكون من المواليد، وأن التدبير واحد لم يختلف متصل فيما
بين السماء والأرض وما فيهما (1).
61 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن أبان بن عثمان عن حجر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خالف إبراهيم عليه السلام قومه
وعاب آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمهم، فقال إبراهيم: (ربى الذي يحيى و
يميت قال أنا أحيى وأميت قال إبراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من
المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدى القوم الظالمين) وقال أبو جعفر عليه السلام: عاب
آلهتهم (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) قال أبو جعفر عليه السلام والله ما كان سقيما
وما كذب فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل إبراهيم عليه السلام إلى آلهتهم بقدوم

(1) أقول: بين ما ذكره المؤلف (ره) هنا من حديث الإهليلجة وبين ما هو مذكور
في كتاب بحار الأنوار اختلاف كثير في الألفاظ والعبائر وكذا في التقديم والتأخير، وذكر
المجلسي (ره) بعض ما يتعلق بها فراجع ان شئت. ج 3 ص 171 - 180 من الطبعة الحديثة.
414

فكسرها الا كبيرا لهم ووضع القدوم (1) في عنقه فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى
ما صنع بها فقالوا: لا والله ما اجترى عليها ولا كسرها الا الفتى الذي كان يعيبها ويبرأ
منها فلم يجدو له قتلة أعظم من النار فجمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي
يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء لينظر إليه كيف تأخذه النار، و
وضع إبراهيم عليه السلام في منجنيق وقالت الأرض: يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره
يحرق بالنار؟ قال الرب: ان دعاني كفيته فذكر أبان عن محمد بن مروان عمن
رواه عن أبي جعفر عليه السلام ان دعاء إبراهيم يومئذ كان: يا أحد يا أحد يا صمد يا صمد
يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم قال: توكلت على الله، فقال الرب تبارك و
تعالى: كفيت فقال للنار: (كونى بردا) قال فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد
حتى قال الله عز وجل (وسلاما على إبراهيم) وانحط جبرئيل عليه السلام فإذا هو يجالس
مع إبراهيم عليه السلام يحدثه في النار قال نمرود: من اتخذ الها فليتخذ مثل اله إبراهيم،
قال: فقال عظيم من عظمائهم: انى عزمت على النار ان لا تحرقه، فأخذ عنق من النار
نحوه حتى أحرقه، قال: فآمن له لوط، فخرج مهاجرا إلى الشام هو وسارة ولوط.
62 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي أيوب
الخزاز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن آزر أبا إبراهيم صلى الله عليه (2) كان
منجما لنمرود، وذكر عليه السلام حديثا طويلا يذكر فيه ولادة إبراهيم عليه السلام، و

(1) القدوم: آلة للنحت والنجر.
(2) أقول: الأخبار الدالة على اسلام آباء النبي صلى الله عليه وآله من طرق الشيعة
مستفيضة بل متواترة، وكذا في خصوص والد إبراهيم قد وردت بعض الأخبار وقال الزجاج كما في
مجمع البيان انه لا خلاف بين النسابين ان اسم والد إبراهيم عليه السلام تارخ وقال الشيخ الطبرسي
(ره) بعد نقل كلامه: وهذا الذي قاله الزجاج يقوى ما قاله أصحابنا ان آزر كان جد إبراهيم لامه
أو كان عمه من حيث صح عندهم ان آباء النبي صلوات الله عليهم إلى آدم كلهم كانوا موحدين وأجمعت
الطائفة على ذلك (انتهى) فالأخبار الدالة على أنه كان أباه حقيقة محمولة على التقية كما قاله
المجلسي (ره) وغيره.
415

فيه يقول عليه السلام: فبينما اخوته يعملون يوما من الأيام الأصنام إذ أخذ إبراهيم
القدوم وأخذ خشبة فجر منها صنما لم يرو قط مثله، فقال آزر لامه: انى لأرجو أن
نصيب خيرا ببركة ابنك هذا، قال: فبينما هم كذلك إذا أخذ إبراهيم عليه السلام القدوم
فكسر الصنم الذي عمله، ففزع أبوه من ذلك فزعا شديدا فقال له أي شئ عملت فقال
له إبراهيم عليه السلام: وما تصنعون به؟ فقال آزر: نعبده، فقال إبراهيم عليه السلام:
أتعبدون ما تنحتون فقال آزر: هذا الذي يكون ذهاب ملكنا على يديه.
63 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن
ابن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
إبراهيم كان مولده بكوثى ربا (1) وكان أبوه من أهلها وكانت أمه وأم لوط (2)
صلى الله عليهما سارة وورقة - وفى نسخة رقية - أختين وهما ابنتان للاحج وكان اللاحج نبيا
منذرا ولم يكن رسولا، وكان إبراهيم صلى الله عليه وآله في شبيبته (3) على الفطرة التي فطر الله
عز وجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه، وانه تزوج سارة
ابنة لاحج (1) وهي ابنة خالته، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال
حسنة، وكانت قد ملكت إبراهيم عليه السلام جميع ما كانت تملكه، فقام فيه وأصلحه و

(1) قال الجزري: كوثى: سرة السواد وبها ولد إبراهيم عليه السلام وقال الفيروزآبادي:
كوثى - كطوبى -: موضع بالعراق. وقال الحموي كوثى بالعراق موضعان: كوثى الطريق وكوثى
ربا وبها مشهد إبراهيم الخليل عليه السلام وهما قريتان وبينهما تلول من رماد يقال إنها رماد النار
التي أوقدها نمرود لاحراقه.
(2) قال في حاشية الكافي: كذا في أكثر النسخ وفى بعض النسخ (امرأة إبراهيم وامرأة
لوط) وهو الصواب وفى كامل التواريخ ان لوطا كان ابن أخي إبراهيم عليه السلام.
(3) أي في حداثته.
(4) قال المجلسي (ره): الظاهر أنه كان ابنة ابنة لاحج فتوهم النساخ التكرار فأسقطوا
إحداهما وعلى ما في النسخ المراد ابنة الابنة مجازا (انتهى) ثم إن سارة ولا حج هنا غير المتقدمين وانما
الاشتراك في الاسم واما على نسخة (الامرأة) فلا يحتاج إلى التكلف.
416

كثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالا منه، وان
إبراهيم عليه السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق وعمل له حيرا (1) وجمع له
فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم عليه السلام في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتى
خمدت النار، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم عليه السلام سليما مطلقا من وثاقه فأخبر
نمرود خبره فأمرهم ان ينفوا إبراهيم من بلاده وان يمنعوه من الخروج بماشيته وماله
فحاجهم إبراهيم عليه السلام عند ذلك فقال إن أخذتم ماشيتي ومالي فان حقي عليكم ان تردوا
على ما ذهب من عمري في بلادكم، واختصموا إلى قاضى نمرود فقضى على إبراهيم
ان يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم وقضى على أصحاب نمرود ان يردوا على إبراهيم
عليه السلام ما ذهب من عمره في بلادهم. فأخبر ذلك نمرود فأمرهم ان يخلوا سبيله وسبيل
ماشيته وماله وأن يخرجوه، وقال: انه ان بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم
فأخرجوا إبراهيم ولوطا معه عليهما السلام من بلادهم إلى الشام، فخرج إبراهيم
ومعه لوط لا يفارقه وسارة وقال لهم: انى ذاهب إلى ربى سيهدين يعنى بيت المقدس
فتحمل إبراهيم عليه السلام بماشيته وماله وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الاغلاق غيرة
منه عليها، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال
له عرارة فمر بعاشر (2) له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر ومعه
التابوت قال العاشر لإبراهيم: افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه، فقال له إبراهيم
قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطى عشره ولا تفتحه، قال: فأبى العاشر الا فتحه
قال: وغضب إبراهيم على فتحه، فلما بدت له سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال
قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم: هي حرمتي وابنة خالتي فقال له
العاشر: فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم عليه السلام: الغيرة عليها
ان يراها أحد، فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها
وحالك، قال: فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه، فبعث الملك رسولا من قبله

(1) الحير: شبه الحظيرة.
(2) أي ملتزم أخذ العشر.
417

ليأتوه بالتابوت، فأتوا ليذهبوا به فقال لهم إبراهيم عليه السلام: انى لست أفارق التابوت
حتى تفارق روحي جسدي، فأخبروا الملك بذلك فأرسلوا الملك ان احملوه و
التابوت معه، فحملوا إبراهيم والتابوت وجميع ما كان معه حتى أدخل على الملك،
فقال له الملك: افتح التابوت فقال له إبراهيم: أيها الملك ان فيه حرمتي وبنت خالتي
وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي، قال: فغضب الملك إبراهيم على فتحه فلما رأى سارة
لم يملك حلمه سفهه ان مد يده إليها، فأعرض إبراهيم عليه السلام بوجهه عنها وعن الملك
غيرة منه وقال: اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي فلم تصل يده إليها ولم ترجع
إليه، فقال له الملك: إن الهك هو الذي فعل بي هذا؟ فقال له: نعم ان الهى غيور
يكره الحرام، وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام، فقال له الملك: فادع
الهك يرد على يدي فان أجابك فلم أعرض لها، فقال إبراهيم عليه السلام: الهى رد عليه يده
ليكف عن حرمتي قال فرد الله عز وجل عليه يده، فأقبل الملك نحوها ببصره ثم عاد بيده
نحوها فأعرض إبراهيم عنه بوجهه غيرة منه وقال: اللهم احبس يده عنها، قال: فيبست
يده ولم تصل إليها فقال الملك لإبراهيم: ان الهك لغيور وانك لغيور، فادع الهك
يرد على يدي فإنه ان فعل لم أعد، فقال له إبراهيم عليه السلام: أسأله ذلك على أنك ان عدت
لم تسألني أن أسأله؟ فقال له الملك: نعم، فقال إبراهيم: اللهم إن كان صادقا فرد
عليه يده، فرجعت إليه يده فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ورأى الآية في يده عظم
إبراهيم عليه السلام وهابه وأكرمه واتقاه، وقال له: قد أمنت من أن أعرض لها أو لشيئ
مما معك فانطلق حيث شئت ولكن لي إليك حاجة، فقال له إبراهيم عليه السلام: ما هي؟
فقال له: أحب أن تأذن لي ان أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما،
قال: فأذن له إبراهيم فدعا بها فوهبها لسارة وهي هاجر أم إسماعيل عليه السلام، فسار إبراهيم
عليه السلام بجميع ما معه وخرج الملك معه يمشى خلف إبراهيم اعظاما لإبراهيم وهبة له.
فأوحى الله عز وجل إلى إبراهيم: أن قف ولا تمش قدام الجبار المتسلط ويمشى هو
خلفك ولكن إجعله امامك وامش خلفه وعظمه وهبه فإنه مسلط ولابد من امرة في
الأرض برة أو فاجرة، فوقف إبراهيم عليه السلام وقال للملك: امض فان الهى أوحى إلى
418

الساعة ان أعظمك وأهابك وان أقدمك امامي وأمشى خلفك اجلالا لك، فقال له الملك
أوحى إليك بهذا؟ فقال له إبراهيم: نعم، قال له الملك: أشهد أن الهك لرفيق حليم
كريم وانك ترغبني في دينك، وودعه الملك فسار إبراهيم حتى نزل بأعلى الشامات
وخلف لوطا في أدنى الشامات ثم إن إبراهيم عليه السلام لما أبطى عليه الولد قال لسارة: لو شئت
لبعتيني هاجر لعل الله أن يرزقنا منها ولدا فيكون لنا خلفا، فابتاع إبراهيم عليه السلام
هاجر من سارة فولدت إسماعيل عليه السلام.
64 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام
وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وقد أعلمتك ان رب شئ من كتاب الله عز وجل
تأويله غير تنزيله، ولا يشبه كلام البشر وسأنبك بطرف منه فتكتفي انشاء الله، من ذلك
قول إبراهيم عليه السلام: (انى ذاهب إلى ربى سيهدين) فذهابه إلى ربه بوجهه إليه عبادة
واجتهادا وقربة إلى الله عز وجل، ألا ترى ان تأويله غير تنزيله؟.
65 - في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن يزيد بن معاوية العجلي قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيل عليه السلام وبين بشارته
بإسحاق؟ قال: كان بين البشارتين خمس سنين (1) قال الله سبحانه: فبشرناه بغلام
حليم يعنى إسماعيل وهي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد، الحديث وستقف
عليه بتمامه انشاء الله.
66 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى محمد بن القاسم وغيره عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: إن سارة قالت لإبراهيم يا إبراهيم قد كبرت فلو دعوت الله أن يرزقك ولدا
تقر عيننا به فان الله قد أتخذك خليلا وهو مجيب لدعوتك ان شاء؟ قال: فسئل إبراهيم
ربه أن يرزقه غلاما عليما، فأوحى الله عز وجل إليه: انى واهب لك غلاما حليما ثم
أبلوك بالطاعة لي، قال أبو عبد الله عليه السلام: فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين ثم
جاءته البشرى من الله عز وجل، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
67 - في عيون الأخبار حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: أخبرنا أحمد بن

(1) كذا في الأصل ويوافقه المصدر أيضا لكن في نسخة (خمسون) بدل (خمس).
419

محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت أبا
الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: انا ابن الذبيحين؟
قال: يعنى إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وعبد الله بن عبد المطلب، أما
إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله تعالى به إبراهيم عليه السلام فلما بلغ معه السعي
وهو لما عمل مثل عمله قال يا بنى انى أرى في المنام انى أذبحك فانظر ماذا ترى
قال يا أبت افعل ما تؤمر ولم يقل يا أبت افعل ما رأيت ستجدني انشاء الله من
الصابرين الحديث وستقف على تمامه انشاء الله تعالى.
68 - وفيه في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب
مسائله في العلل والعلة التي من أجلها سميت منى منى أن جبرئيل عليه السلام قال هناك
لإبراهيم عليه السلام: تمن على ربك ما شئت، فتمنى إبراهيم عليه السلام في نفسه أن يجعل الله
مكان ابنه إسماعيل كبشا يأمره بذبحه فداء له، فأعطى مناه.
69 - في كتاب الخصال عن الحسن بن علي عليه السلام قال: كان علي بن أبي طالب
عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، فكان فيما سأله
أخبرني عن ستة لم يركضوا في رحم، فقال: آدم وحوا وكبش إسماعيل الحديث.
70 - وفيه عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام حديث طويل مع ملك الروم وفيه أن
ملك الروم سأله عن سبعة أشياء خلقها الله عز وجل لم تخرج من رحم فقال: آدم وحوا
وكبش إسماعيل وناقة صالح وحية الجنة والغراب الذي بعثه الله عز وجل يبحث في -
الأرض وإبليس لعنه الله.
71 - في كتاب التوحيد وقد روى من طريق أبى الحسين الأسدي (ره) في ذلك
شئ غريب، وهو أنه روى أن الصادق عليه السلام قال: ما بدا الله بداء كما بدا له في إسماعيل
إذ أمر أباه بذبحه ثم فداه بذبح عظيم
72 - وباسناده إلى فتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام حديث طويل
وفيه يقول عليه السلام: يا فتح ان لله إرادتين ومشيتين، إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو
يشاء ذلك ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة
420

وهو يشاء ذلك، ولو لم يشاء يأكلا، ولو أكلا لغلبت مشيتهما مشية الله، وأمر إبراهيم
بذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام وشاء أن لا يذبحه، ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت
مشية إبراهيم مشية الله عز وجل، قلت: فرجت عنى فرج الله عنك.
73 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى سليمان بن يزيد قال:
حدثنا علي بن موسى قال: حدثني أبي عن أبيه عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام
قال: الذبيح إسماعيل عليه السلام.
74 - في مهج الدعوات في دعاء مروى عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله
يا من فدى إسماعيل من الذبح
75 - في كتاب مصباح الزائر لابن طاوس رحمه الله في دعاء الحسين بن علي
عليهما السلام يوم عرفة: يا ممسك يد إبراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنه وفناء عمره.
76 - في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق؟
قال: كان بين البشارتين خمس سنين، قال الله سبحانه: (وبشرناه بغلام حليم)
يعنى إسماعيل وهي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد، ولما ولد لإبراهيم إسحاق
من سارة وبلغ إسحاق ثلاثة سنين، أقبل إسماعيل إلى إسحاق وهو في حجر إبراهيم
فنحاه وجلس في مجلسه، فبصرت به سارة فقالت: يا إبراهيم ينحى ابن هاجر ابني
من حجرك ويجلس هو مكانه لا والله لا تجاورني هاجر وابنها أبدا فنحهما عنى، وكان
إبراهيم مكرما لسارة، يعزها ويعرف حقها، وذلك لأنها كانت من ولد الأنبياء وبنت
خالته، فشق ذلك على إبراهيم واغتم لفراق إسماعيل، فلما كان في الليل أتى إبراهيم
آت من ربه فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل بموسم مكة، فأصبح إبراهيم حزينا
للرؤيا التي رآها، فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجر وإسماعيل في ذي -
الحجة من أرض الشام فانطلق بها إلى مكة ليذبحه في الموسم، فبدأ بقواعد البيت
الحرام، فلما رفع قواعده خرج إلى منى حاجا وقضى نسكه بمنى، ورجع إلى مكة
فطاف بالبيت أسبوعا ثم انطلقا، فلما صارا في السعي قال إبراهيم لإسماعيل: يا بنى انى
421

أرى في المنام أنى أذبحك في الموسم عامي هذا فماذا ترى؟ قال: يا أبت افعل ما تؤمر،
فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى، وذلك يوم النحر، فلما انتهى إلى
الجمرة الوسطى وأضجعه بجنبه الأيسر وأخذ الشفرة ليذبحه، نودي: أن يا إبراهيم
قد صدقت الرؤيا إلى آخره، وفدى إسماعيل بكبش عظيم فذبحه وتصدق بلحمه
على المساكين.
77 - وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن صاحب الذبح
فقال: هو إسماعيل عليه السلام.
78 - وروى عن زياد بن سوقة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صاحب الذبح،
فقال: إسماعيل عليه السلام.
79 - في الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه أظنه محمد بن
إسماعيل قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: لو خلق الله عز وجل مضغة أطيب من الضأن لفدى
بها إسماعيل عليه السلام.
80 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن سعد بن سعد قال:
قال أبو الحسن عليه السلام: لو علم الله عز وجل شيئا أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل،
والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.
81 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن المختار بن محمد الهمداني و
محمد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني
عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن الله إرادتين ومشيتين إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو
يشاء ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء
ذلك، ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت شهوتهما مشية الله تعالى، وأمر إبراهيم ان يذبح
اسحق ولم يشأ أن يذبحه، ولو شاء لما غلبت مشية إبراهيم مشية الله.
82 - في الكافي عدة من أصحابنا عن جعفر بن إبراهيم عن سعد بن سعد
قال: قال أبو الحسن عليه السلام: لو علم الله عز وجل خيرا من الضأن لفدى به اسحق والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
422

83 - في مجمع البيان وقيل: إن إبراهيم رأى في المنام أن يذبح ابنه إسحاق،
وقد كان حج بوالدته سارة وأهله، فلما انتهى إلى منى رمى الجمرة هو وأهله، وأمر
سارة فزارت واحتبس الغلام، فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى فاستشاره في
نفسه فأمره الغلام أن يمضى لما أمره الله وسلما لأمر الله، فأقبل شيخ فقال: يا إبراهيم
ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أريد أن أذبحه فقال: سبحان الله تريد ان تذبح غلاما
لم يعص الله طرفة عين قط؟ قال إبراهيم: ان الله أمرني بذلك، قال: ربك ينهاك عن
ذلك وانما أمرك بهذا الشيطان، فقال إبراهيم: لا والله فلما عزم على الذبح قال الغلام:
يا أبت: أخمر وجهي (1) وشد وثاقي، فقال: يا بنى الوثاق مع الذبح والله لا أجمعهما
عليك اليوم، ورفع رأسه إلى السماء ثم انتحى عليه بالمدية (2) وقلب جبرئيل
المدية على قفاها واجتر الكبش من قبل ثبير (3) واجتر الغلام من تحته، ووضع
الكبش مكان الغلام، ونودي من ميسرة مسجد الخيف: (يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا)
بإسحاق (انا كذلك نجزى المحسنين ان هذا لهو البلاء المبين) قال: ولحق إبليس
بأم الغلام حين زارت البيت فقال: ما شيخ رأيته بمنى؟ قالت: ذاك بعلى، قال:
فوصيف رأيته (4) قالت: ذاك ابني قال: فانى رأيته قد أضجعه وأخذ المدية [ليذبحه]
قالت: كذبت، إبراهيم أرحم الناس فكيف يذبح ابنه؟ قال: فورب السماء والأرض
ورب هذه الكعبة قد رأيته كذلك، قالت: ولم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك،
قالت. حق له أن يطيع ربه، فوقع في نفسها أنه قد أمر في ابنها بأمر، فلما قضت نسكها
أسرعت في الوادي راجعة إلى منى واضعة يديها على رأسها وهي تقول: يا رب لا تؤاخذني

(1) أي استر وجهي.
(2) انتحى في الامر: جد. وفى الشئ: اعتمد، لعله تصحيف (انحى عليه) يقال: أنحى
على فلان بالسيف والسوط: أقبل عليه.
(3) اجتر الشئ: جره. وثبير - كأمير -: جبل بين مكة وعرفات من أعظم جبال مكة
(4) الوصيف - كأمير -: الخادم قال المجلسي (ره): وانما عبر الملعون هكذا تجاهلا
عن انه ابنه ليكون أبعد عن التهمة.
423

بما عملت بأم إسماعيل، فلما جاءت سارة وأخبرت الخبر قامت تنظر إلى ابنها فرأت
إلى أثر السكين خدشا في حلقه ففزعت واشتكت وكان بدو مرضها الذي هلكت به
رواه العياشي وعلي بن إبراهيم بالاسناد في كتابيهما.
84 - وفيه اختلف العلماء في الذبيح على قولين أحدهما أنه إسحاق وروى
ذلك عن علي عليه السلام، والقول الاخر انه إسماعيل وكلا القولين قد رواه أصحابنا عن
أئمتنا عليهم السلام، الا أن الأظهر في الروايات أنه إسماعيل وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال: أنا ابن الذبيحين ولا خلاف أنه من ولد إسماعيل، والذبيح الاخر هو عبد الله أبوه.
85 - في تفسير علي بن إبراهيم وقد اختلفوا في إسحاق وإسماعيل وقد روت
العامة خبرين مختلفين في إسماعيل وإسحاق.
86 - في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه السلام عن الذبيح من كان؟
فقال: إسماعيل لان الله تعالى ذكر قصته في كتابه ثم قال: وبشرناه بإسحاق نبيا من
الصالحين وقد اختلفت الروايات في الذبيح، فمنها ما ورد بأنه إسماعيل، ومنها ما
ورد بأنه إسحاق، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح طرقها وكان الذبيح إسماعيل لكن
إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي أمر أبوه بذبحه، وكان يصبر لأمر الله
ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه، فينال درجته في الثواب، فعلم الله ذلك من قلبه
فسماه بين الملائكة ذبيحا لتمنيه ذلك، وقد ذكرت اسناد ذلك في كتاب النبوة متصلا
بالصادق عليه السلام. وسئل الصادق عليه السلام أين أراد إبراهيم أن يذبح ابنه؟ فقال: على الجمرة ولما
أراد إبراهيم أن يذبح ابنه قلب جبرئيل المدية واجتر الكبش من قبل ثبير واجتر الغلام من
تحته، ووضع الكبش مكان الغلام، ونودي من مسيرة مسجد الخيف: (ان يا إبراهيم
قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزى المحسنين ان هذا لهو البلاء المبين).
87 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد
والحسين بن محمد عن عبدويه ابن عامر جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان
ابن عثمان عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام يذكران أنه لما كان يوم
التروية قال جبرئيل عليه السلام لإبراهيم عليه السلام: ترو من الماء فسميت التروية، ثم أتى منى
424

فأباته بها، ثم غدا به إلى عرفات فضرب خباء بنمرة (1) دون عرفة فبنى مسجدا بأحجار
بيض. وكان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتى أدخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث
يصلى الامام يوم عرفة فصلى بها الظهر والعصر، ثم عمد به إلى عرفات فقال: هذه عرفات
فاعرف بها مناسكك واعترف بذنبك فسمى عرفات، ثم أفاض إلى المزدلفة فسميت
المزدلفة لأنه ازدلف إليها، ثم قام على المشعر الحرام فأمره الله أن يذبح ابنه، وقد رأى
فيه شمايله وخلايقه، وأنس ما كان إليه، فلما أصبح أفاض من المشعر إلى منى، فقال
لامه: زوري البيت أنت واحتبس الغلام، فقال: يا بنى هات الحمار والسكين حتى أقرب
القربان، فقال أبان فقلت لأبي بصير: ما أراد بالحمار والسكين؟ قال أراد أن يذبحه ثم
يحمله فيجهزه ويدفنه، قال: فجاء الغلام بالحمار والسكين فقال: يا أبت أين القربان؟
قال: ربك يعلم أين هو، يا بنى أنت والله هو، ان الله قد أمرني بذبحك فانظر ماذا ترى؟
(قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) قال: فلما عزم على الذبح
قال: يا أبت خمر وجهي وشد وثاقي قال: يا بنى الوثاق مع الذبح؟! والله لا أجمعهما عليك
اليوم، قال: أبو جعفر عليه السلام: فطرح له قرطان الحمار (1) ثم أضجعه عليه وأخذ
المدية فوضعها على حلقه، قال: فأقبل شيخ فقال: ما تريد من هذا الغلام؟ قال:
أريد أن أذبحه، فقال: سبحان الله غلام لم يعص الله طرفة عين تذبحه؟! فقال: نعم
إن الله قد أمرني بذبحه، فقال: بل ربك ينهاك عن ذبحه وإنما أمرك بهذا الشيطان في
منامك، قال: ويلك الكلام الذي سمعت هو الذي بلغ بي ما ترى لا والله لا أكلمك، ثم
عزم على الذبح، فقال الشيخ: يا إبراهيم انك امام يقتدى بك وان ذبحت ولدك ذبح الناس
أولادهم فمهلا، فأبى ان يكلمه، قال أبو بصير: سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقول: فأضجعه عند الجمرة الوسطى ثم اخذ المدية فوضعها على حلقه، ثم رفع رأسه

(1) النمرة: الجبل الذي عليه أنصاب الحرم بعرفات عن يمينك إذا خرجت منها
إلى الموقف
(2) القرطان: البرذعة وهي الحلس الذي يلقى تحت الرجل للحمار وغيره ويقال له
بالفارسية (پالان).
425

إلى السماء ثم انتحى عليه فقلبها جبرئيل عليه السلام عن حلقه، فنظر إبراهيم فإذا هي
مقلوبة فقلبها إبراهيم على خدها وقلبها على قفاها ففعل ذلك مرارا ثم نودي من ميسرة
مسجد الخيف: (يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) واجتر الغلام من تحته، وتناول جبرئيل
الكبش من قلة ثبير فوضعه تحته، وخرج الشيخ الخبيث حتى لحق بالعجوز حين نظرت إلى
البيت والبيت في وسط الوادي، فقال: ما شيخ رأيته بمنى؟ فنعت نعت إبراهيم عليه السلام، قالت:
ذلك بعلى، قال: فما وصيف رأيته معه؟ ونعت نعته قالت: ذاك ابني، قال: فانى رأيته
أضجعه وأخذ المدية ليذبحه، قالت: كلا ما رأيت إبراهيم الا أرحم الناس وكيف رأيته
يذبح ابنه؟ قال: ورب السماء والأرض ورب هذه البنية لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية
ليذبحه، قالت: لم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذبحه، قالت: فحق عليه ان يطيع ربه
قال: فلما قضت مناسكها فرقت أن يكون قد نزل في ابنها شئ فكأني أنظر إليها
مسرعة في الوادي واضعة يدها على رأسها وهي تقول: رب لا تؤاخذني بما عملت بأم
إسماعيل، قال: فلما جاءت سارة فأخبرت الخبر قامت إلى ابنها تنظر فإذا أثر السكين
خدوشا في حلقة، ففزعت واشتكت وكان بدو مرضها الذي هلكت فيه.
وذكر أبان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: أراد أن يذبحه في الموضع
الذي حملت أم رسول الله صلى الله عليه وآله عند الجمرة الوسطى، فلم يزل مضربهم يتوارثون به
كابر عن كابر (1) حتى كان آخر من ارتحل منه علي بن الحسين عليهما السلام في
شئ كان بين بني هاشم وبين بنى أمية فارتحل فضرب بالعرين (2).
88 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ان إبراهيم أتاه جبرئيل عليه السلام عند زوال الشمس من يوم التروية
فقال: يا إبراهيم ارتو من الماء لك ولأهلك ولم يكن بين مكة وعرفات ماء فسميت
التروية لذلك، فذهب به حتى انتهى به إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والعشائين

(1) الكابر: الكبير. والرفيع الشأن، يقال: توارثوا المجد كابرا عن كابر أي
كبيرا شريفا عن كبير شريف.
(2) العرين: الفناء والساحة.
426

والفجر حتى إذا بزغت الشمس (1) خرج إلى عرفات فنزل بنمرة وهي بطن عرنة (2)
فلما زالت الشمس خرج وقد اغتسل فصلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين وصلى
في موضع المسجد الذي بعرفات، وقد كانت ثم أحجار بيض فأدخلت في المسجد الذي
بنى، ثم مضى به الموقف فقال: يا إبراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك فلذلك سميت
عرفة، وأقام به حتى غربت الشمس، ثم أفاض به فقال: يا إبراهيم ازدلف إلى المشعر
الحرام فسميت المزدلفة وأتى المشعر الحرام، فصلى به المغرب والعشاء الآخرة بأذان
واحد وإقامتين ثم بات بها حتى إذا صلى بها صلاة الصبح أراه الموقف، ثم أفاض إلى
منى فأمره فرمى جمرة العقبة، وعندها ظهر له إبليس ثم أمره الله بالذبح، وان
إبراهيم عليه السلام حين أفاض من عرفات بات على المشعر الحرام وهو قزح (3) فرأى
في النوم انه يذبح ابنه وقد كان حج بوالدته وأهله، فلما انتهى إلى منى رمى جمرة
العقبة هو وأهله ومرت سارة إلى البيت واحتبس الغلام فانطلق به إلى موضع الجمرة
الوسطى، فاستشار ابنه وقال كما حكى الله: (يا بنى انى أرى في المنام انى أذبحك
فانظر ماذا ترى فقال الغلام كما حكى الله عز وجل عنه: امض لما أمرك الله به
(يا أبت إفعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من الصابرين) وسلما لأمر الله عز وجل وأقبل
شيخ فقال: يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام؟ قال: أريد أن أذبحه. فقال:
سبحان الله! تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين؟ فقال إبراهيم: إن الله أمرني بذلك
فقال: ربك ينهاك عن ذلك وانما امرك بهذا الشيطان. فقال له إبراهيم: ان الذي
بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به والكلام الذي وقع في أذني (4) فقال:

(1) بزغت الشمس: طلعت.
(2) عرنة - كهمزة -: واد بحذاء عرفات، وقيل: بطن عرنة مسجد عرفة والمسيل كله.
(3) قزح - بالضم فالفتح -: القرن الذي يقف الامام عنده بالمزدلفة عن يمين الامام و
هو الموضع الذي كانت توقد فيه النيران في الجاهلية.
(4) قال في البحار: قوله: والكلام الذي وقع في اذني لعله معطوف على الموصول المتقدم
أي الكلام الذي وقع في اذني أمرني بهذا فيكون كالتفسير لقوله: الذي بلغني هذا المبلغ أو -
المراد بالأول الرب تعالى وبالثاني وحيه، ويحتمل أن يكون خبرا لمبتدء محذوف أي وهو
الكلام الذي وقع في اذني.
427

لا والله ما أمرك بهذا الا الشيطان، فقال إبراهيم عليه السلام: لا والله ولا أكلمك، ثم عزم على
الذبح فقال: يا إبراهيم انك امام يقتدى بك وانك ان ذبحته ذبح الناس أولادهم
فلم يكلمه وأقبل على الغلام واستشاره في الذبح فلما أسلما جميعا لأمر الله قال الغلام: يا
أبتاه خمر وجهي وشد وثاقي، فقال إبراهيم: يا بنى الوثاق مع الذبح؟ لا والله لا أجمعهما
عليك اليوم، فرمى له بقرطان الحمار ثم أضجعه عليه وأخذ المدية فوضعها على حلقه ورفع
رأسه إلى السماء، ثم اجتر عليه المدية فقلب جبرئيل المدية على قفاها واجتر الكبش
من قبل ثبير، وأثار الغلام من تحته ووضع الكبش مكان الغلام، ونودي من ميسرة مسجد
الخيف: (ان يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء
المبين) قال: ولحق إبليس بأم الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت
فقال لها: ما شيخ رأيته؟ قالت: إن ذاك بعلى، قال: فوصيف رأيته معه؟ قالت: ذاك ابني
قال: فانى رأيته وقد أضجعه وأخذ المدية ليذبحه؟ فقالت: كذبت ان إبراهيم أرحم الناس
كيف يذبح ابنه؟ قال: فورب السماء والأرض ورب هذا البيت لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية
فقالت: ولم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك، قالت فحق له أن يطيع ربه، فوقع في نفسها
انه قد أمر في ابنها بأمر، فلما قضت مناسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى واضعة
يدها على رأسها، تقول: يا رب لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل، قلت: فأين
أراد أن يذبحه؟ قال: عند الجمرة الوسطى.
89 - في مجمع البيان وروى أنه قال اذبحني وأنا ساجد لا ترى إلى وجهي فعسى
أن ترحمني فلا تذبحني.
90 - وروى عن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام فلما سلما بغير ألف ولام مشددة.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد مر في مجمع البيان نقلا عن العياشي و
علي بن إبراهيم رواية فيها وسلما لأمر الله، ونقلناه أيضا عن علي بن إبراهيم.
91 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن
428

أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم
قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان هذا إبراهيم عليه السلام قد أضجع ولده وتله للجبين؟ فقال له
علي عليه السلام: لقد كان كذلك ولقد أعطى إبراهيم بعد الاضجاع الفداء ومحمد صلى الله عليه وآله
أصيب بأفجع منه فجيعة، انه وقف عليه السلام على حمزة عمه أسد الله وأسد رسوله وناصر دينه
وقد فرق بين روحه وجسده، فلم يبن عليه حرقة ولم يغض عليه عبرة، ولم ينظر إلى موضعه
من قلبه وقلوب أهل بيته، ليرضى الله عز وجل بصبره ويستسلم لامره في جميع الفعال
وقال صلى الله عليه وآله: لولا أن تحزن صفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع وحواصل الطيور
ولولا أن يكون سنة بعدى لفعلت ذلك.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد سبق في الكافي وتفسير علي بن إبراهيم نودي
من ميسرة مسجد الخيف ان يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا وان جبرئيل عليه السلام اجتر الكبش
وتناوله من قبل ثبير وقلبه.
92 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه قريبا أعني قوله عليه السلام:
عند الجمرة الوسطى قال: ونزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى نزل من
السماء، وكان يأكل في سواد ويمشى في سواد اقرن، قلت: ما كان لونه؟ قال:
كان أملح اغبر (1).
93 - في مجمع البيان وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته
عن كبش إبراهيم عليه السلام ما كان لونه؟ قال: أملح اقرن، ونزل من السماء على
الجبل الأيمن من مسجد منى بجبال الجمرة الوسطى، وكان يمشى في سواد و
يأكل في سواد وينظر في سواد ويبعر في سواد ويبول في سواد.
94 - في عيون الأخبار حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيشابوري
العطار بنيشابور في شعبان سنة اثنين وخمسين وثلاثمأة، قال: حدثنا محمد بن علي
ابن قتيبة النيشابوري عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما أمر الله
تعالى إبراهيم عليه السلام ان يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزل عليه، تمنى

(1) الأملح: الذي يخالط بياض لونه سواد والأغبر: ما لونه الغبرة.
429

إبراهيم عليه السلام أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه
ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك
أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم من
أحب خلقي إليك؟ قال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلى من حبيبك محمد صلى الله عليه وآله،
فأوحى الله عز وجل: يا إبراهيم هو أحب إليك أو نفسك؟ قال: بل هو أحب إلى من
نفسي، قال: فولده أحب إليك أو ولدك؟ قال: بل ولده، قال: فذبح ولده ظلما
على يدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب بل ذبحه على
أيدي أعدائه أوجع لقلبي قال: يا إبراهيم ان طايفة تزعم أنها من أمة محمد صلى الله عليه وآله ستقتل
الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش، ويستوجبون بذلك
سخطي، فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك فتوجع قلبه وأقبل يبكى، فأوحى الله تعالى إليه:
يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين
وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، وذلك قول الله عز وجل
وفديناه بذبح عظيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
95 - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد
الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت أبا الحسن
علي بن موسى الرضا عليه السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: انا ابن الذبيحين؟ قال: يعنى
إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وعبد الله بن عبد المطلب، اما إسماعيل فهو
الغلام الحليم الذي بشر الله تعالى به إبراهيم عليه السلام (فلما بلغ معه السعي) وهو لما عمل
مثل عمله (قال يا بنى انى أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت إفعل ما
تؤمر ولم يقل: يا أبت افعل ما رأيت (ستجدني انشاء الله من الصابرين) فلما عزم على ذبحه
فداه الله تعالى بذبح عظيم، بكبش أملح يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد
ويمشى في سواد ويبول ويبعر في سواد، وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما
وما خرج من رحم أنثى، وانما قال الله تعالى له: كن فكان ليفتدى به إسماعيل،
فكل ما يذبح في منى فدية لإسماعيل إلى يوم القيامة، فهذا أحد الذبيحين إلى قوله
430

عليه السلام: والعلة التي من أجلها دفع الله عز وجل الذبح عن إسماعيل هي العلة التي من أجلها
دفع الله الذبح عن عبد الله، وهي كون النبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين في
صلبهما، فببركة النبي والأئمة صلوات الله عليهم دفع الله الذبح عنهما، فلم تجر
السنة في الناس تقتل أولادهم، ولولا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله
تعالى ذكره يقتل أولادهم، وكلما يتقرب به الناس إلى الله عز وجل من أضحية فهو
فداء لإسماعيل إلى يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
96 - في كتاب الخصال عن الحسن بن علي عليه السلام قال: كان علي بن أبي طالب عليه السلام
بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، فكان فيما سأله:
أخبرني عن ستة لم يركضوا في رحم، فقال: آدم وحوا وكبش إسماعيل، الحديث.
97 - في الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه أظنه محمد
بن إسماعيل قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: لو خلق الله عز وجل مضغة هي أطيب من
الضأن لفدى بها إسماعيل عليه السلام.
98 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن سعد بن سعد قال:
قال أبو الحسن عليه السلام: لو علم الله عز وجل شيئا أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل.
99 - عدة من أصحابنا عن جعفر بن إبراهيم عن سعد بن سعد قال: قال أبو الحسن
عليه السلام: لو علم الله عز وجل خيرا من الضأن لفدى به إسحاق وهذه الأحاديث الثلاث
طوال أخذنا منها موضع الحاجة.
100 - في تفسير علي بن إبراهيم أتدعون بعلا قال: كان لهم صنم يسمونه بعلا
101 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون:
في الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفى أثنائه قال المأمون: فهل عندك في
الآل شئ أوضح من هذا في القرآن؟ قال أبو الحسن عليه السلام: نعم، أخبروني عن قول
الله تعالى: (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم) فمن
عنى بقوله يس؟ قالت: العلماء محمد صلى الله عليه وآله لم يشك فيه أحد قال أبو الحسن عليه السلام:
فان الله عز وجل أعطى محمد وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه الا من
431

عقله، وذلك أن الله عز وجل لم يسلم على أحد الا على الأنبياء صلوات الله عليهم فقال
تبارك وتعالى: (سلام على نوح في العالمين) وقال: (سلام على إبراهيم) وقال: (سلام
على موسى وهارون) ولم يقل: سلام على آل نوح، ولم يقل سلام على آل إبراهيم،
ولم يقل سلام على آل موسى وهارون، وقال: سلام على آل يس يعنى آل محمد صلى الله عليه وآله
فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه.
102 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى قادح عن الصادق جعفر بن محمد
عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام في قول الله عز وجل: (سلام على آل يس) قال:
يس محمد صلى الله عليه وآله ونحن آل يس.
103 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه: ولهذه الآية ظاهر وباطن، فالظاهر قوله: (صلوا عليه) والباطن قوله: (و
سلموا تسليما) أي سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله، وما عهد به إليه تسليما، و
هذا مما أخبرتك انه لا يعلم تأويله الا من لطف حسه وصفا ذهنه وصح تمييزه، وكذلك
قوله: (سلام على آل يس) لان الله سمى النبي صلى الله عليه وآله بهذا الاسم حيث قال: (يس و
القرآن الحكيم انك لمن المرسلين) لعلمه أنهم يسقطون سلام على آل محمد كما
أسقطوا غيره.
104 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد
ابن خالد والحسين ابن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن
مسكان عن زيد بن الوليد الخثعمي عن أبي الربيع الشامي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
إلى قوله: فقلت: فقوله عز وجل: وانكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون
قال: تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم القرآن، فقرء ما قص الله عليكم من خبرهم
105 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وفى حديث أبي حمزة الثمالي
أنه دخل عبد الله بن عمر على علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وقال له: يا بن الحسين
أنت الذي تقول: ان يونس بن متى انما لقى من الحوت ما لقى لأنه عرضت عليه ولاية
جدي فتوقف عندها؟ قال: بلى ثكلتك أمك قال: فأرني آية ذلك ان كنت من الصادقين،
432

فأمر بشد عينه بعصابة وعيني بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فإذا نحن على
شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدي دمى في رقبتك. الله الله في
نفسي. قال هنيئة وأريه ان كنت من الصادقين، ثم قال: يا أيتها الحوت، قال: فاطلع
الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول: لبيك لبيك يا ولى الله، فقال:
من أنت؟ قال: حوت يونس يا سيدي، قال ائتنا بالخبر، قال: يا سيدي ان الله تعالى
لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد الا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت،
فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم
من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار، وما لقى يوسف من
الجب، وما لقى أيوب من البلاء وما لقى داود من الخطيئة إلى أن بعث الله يونس فأوحى الله
إليه أن يا يونس تول أمير المؤمنين عليا والأئمة الراشدين من صلبه في كلام له، قال:
فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه وذهب مغتاظا؟ فأوحى الله تعالى إلى: أن التقمي يونس
ولا توهني له عظما، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث
ينادى أنه لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، قد قبلت ولاية علي بن أبي -
طالب والأئمة الراشدين من ولده عليهم السلام، فلما أن آمن بولايتكم أمرني ربى فقذفته
على ساحل البحر، فقال زين العابدين عليه السلام: ارجع أيها الحوت إلى وكرك
فرجع الحوت واستوى الماء.
106 - في بصائر الدرجات العباس بن معروف عن سعدان بن مسلم عن
صباح المزني عن الحارث بن المغيرة عن حبة العرني قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
إن الله عرض ولايتي على أهل السماوات وعلى أهل الأرض أقر بها من أقر وأنكرها من
أنكر، أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت.
107 - في روضة الكافي في رسالة أبى جعفر عليه السلام إلى سعد الخير يقول عليه السلام:
إن النبي من الأنبياء كان يستكمل الطاعة، ثم يعصى الله تبارك وتعالى في الباب الواحد
فيخرج به من الجنة، وينبذ به في بطن الحوت، ثم لا ينجيه الا الاعتراف والتوبة.
108 - في تهذيب الأحكام أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن
433

صفوان بن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن إسحاق المرادي قال: سئل وأنا عنده - يعنى
أبا عبد الله عليه السلام - عن مولود ليس بذكر ولا أنثى ليس له الا دبر كيف يورث؟ قال: يجلس
الامام ويجلس معه أناس ويدعو الله ويحيل السهام على أي ميراث يورثه؟ ميراث الذكر
أم ميراث الأنثى، فأي ذلك خرج ورثه عليه، ثم قال: وأي قضية أعدل من قضية يحال
عليها بالسهام ان الله تعالى يقول: فساهم فكان من المدحضين.
علي بن الحسين عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن مسكان
قال سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا عنده وذكر كحديث إسحاق السابق سواء
109 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال والحجال
عن ثعلبة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن مولود ليس بذكر ولا أنثى
ليس له الا دبر كيف يورث؟ قال: يجلس الامام ويجلس عنده ناس. فيدعو الله وتجال
السهام عليه على أي ميراث يورثه أميراث الذكر أو ميراث الأنثى، فأي ذلك خرج
عليه ورثه، ثم قال: وأي قضية أعدل من قضية تحال السهام يقول الله تعالى: (فساهم
فكان من المدحضين) قال: وما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله،
ولكن لا تبلغه عقول الرجال.
110 - فيمن لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه السلام: ما يقارع قوم ففوضوا
أمرهم إلى الله عز وجل الا خرج سهم المحق، وقال: أي قضية أعدل من القرعة،
إذا فوض الامر إلى الله أليس الله عز وجل يقول: (فساهم فكان من المدحضين).
111 - في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه السلام عن الواحد إلى
المأة قال له اليهودي: فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟ قال: ذلك يونس
في بطن الحوت، قال له: فما قبر طاف بصاحبه؟ قال: يونس حين طاف به الحوت
في سبعة أبحر. (1)
112 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما
سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه وسأله: عن سجن سار

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر ولما مر في الكتاب لكن في بعض النسخ (في سعة البحر).
434

بصاحبه؟ فقال: الحوت سار بيونس بن متى.
113 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: أول من سوهم عليه مريم ابنة عمران، إلى
قوله عليه السلام: ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم، فوقفت السفينة في اللجة واستهموا
فوقع السهم على يونس ثلاث مرات، قال: فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت
فاتح فاه فرمى بنفسه.
114 - في تفسير العياشي عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن يونس لما آذاه
قومه وذكر حديثا طويلا وفيه: وخرج كما قال الله تعالى: (مغاضبا) حتى ركب سفينة
فيها رجلان، فاضطربت السفينة فقال الملاح: يا قوم ان سفينتي مطلوب، فقال
يونس: انا هو وقام ليلقى نفسه فأبصر السمكة وقد فتحت فاها، فهابها وتعلق به الرجلان
وقالا له: أنت ويحك ونحن رجلان؟ فساهم فوقعت السهام عليه، فجرت السنة بأن
السهام إذا كانت ثلاث مرات أنها لا تخطى فألقى نفسه فالتقمه الحوت، فطاف به البحار
السبعة حتى صار إلى البحر المسجور، وبه يعذب قارون.
115 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال قال
أبو عبد الله عليه السلام: ما رد الله العذاب الا عن قوم يونس إلى أن قال عليه السلام فغضب يونس ومر على
وجهه مغاضبا لله كما حكى الله حتى انتهى إلى ساحل البحر فإذا سفينة قد شحنت وأرادوا أن
يدفعوها فسألهم يونس أن يحملوه، فحملوه، فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا عظيما
فحبس عليهم السفينة فنظر إليه يونس ففزع منه، فصار إلى مؤخر السفينة فدار إليه
الحوت وفتح فاه، فخرج أهل السفينة فقالوا: فينا عاص فتساهموا فخرج سهم يونس
وهو قول الله عز وجل: (فساهم فكان من المدحضين) فأخرجوه فألقوه في البحر
فالتقمه ومر به في الماء.
وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليه السلام عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه
فقال: يا يهودي اما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس يونس
في بطنه، فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر، ثم دخل بحر طبرستان، ثم خرج
في دجلة الغوراء قال: ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون، وكان قارون هلك أيام
435

موسى ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل، وكان يونس في بطن
الحوت يسبح الله ويستغفره، وفى آخر الحديث قال: ومكث يونس في بطن الحوت
تسع ساعات.
116 - وفيه عن علي عليه حديث طويل يقول فيه عليه السلام في آخره: وأمر الله الحوت
أن يلفظه فلفظه على ساحل البحر، وقد ذهب جلده ولحمه، وأنبت الله عليه شجرة من
يقطين وهي الدباء فأظلته من الشمس، ثم أمر الله الشجرة فتنحت عنه ووقعت الشمس عليه
فجزع فأوحى الله إليه: يا يونس لم لم ترحم مائة ألف أو يزيدون وأنت تجزع من تألم
ساعة؟ فقال: يا رب عفوك عفوك، فرد الله عليه بدنه ورجع إلى قومه وآمنوا به.
117 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبث يونس في بطن الحوت
ثلاثة أيام (ونادى في الظلمات) ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر (ان لا إله إلا أنت
سبحانك انى كنت من الظالمين فاستجاب له ربه) فأخرجه الحوت إلى الساحل
ثم قذفه فألقاه بالساحل وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع، فكان يمصه ويستظل
به وبورقه، وكان تساقط شعره ورق جلده، وكان يونس يسبح الله ويذكر الله بالليل
والنهار، فلما أن قوى واشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع فذبلت القرعة ثم يبست،
فشق ذلك على يونس فظل حزينا فأوحى الله إليه: مالك حزينا يا يونس؟ قال: يا رب
هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست؟ قال: يا يونس حزنت
لشجرة لم تزرعها ولم تسقها ولم تعن بها حين استغنيت عنها ولم تحزن لأهل
نينوى أكثر من مأة الف أردت ان ينزل عليهم العذاب؟ ان أهل نينوى قد آمنوا
واتقوا فارجع إليهم، فانطلق يونس عليه السلام إلى قومه فلما دنا يونس من نينوى
استحيى ان يدخل، فقال لراع لقيه: أنت أهل نينوى؟ فقل لهم: ان هذا يونس [قد جاء]
قال له الراعي: أتكذب، اما تستحيي ويونس قد غرق في البحر وذهب؟ قال له يونس:
اللهم ان هذه الشاة تشهد لك انى يونس، فأنطقت الشاة له بأنه يونس، فلما اتى الراعي
قومه وأخبرهم اخذوه وهموا بضربه، فقال: ان لي بينة أقول، قالوا: من يشهد؟
قال: هذه الشاة تشهد فشهدت بأنه صادق، وان يونس قد رده الله إليهم فخرجوا
436

يطلبونه فوجدوه فجاؤوا به وآمنوا وحسن ايمانهم، فمتعهم الله إلى حين وهو الموت
وأجارهم من العذاب.
118 - في تفسير العياشي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام كتب أمير -
المؤمنين عليه السلام قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله ان جبرئيل حدثه ان يونس بن متى
عليه السلام بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلاثين سنة وكان رجلا تعتريه الحدة (1) وكان قليل
الصبر على قومه والمداراة لهم عاجزا عما حمل من ثقل حمل أوقار النبوة واعلامها. و
انه تفسخ تحتها كما يتفسخ الجمل تحت حمله (2) وانه أقام فيهم يدعوهم إلى الايمان
بالله والتصديق به واتباعه ثلاثا وثلاثين سنة، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه الا رجلان
اسم أحدهما روبيل واسم الآخر تنوخا، إلى قوله: فقال يونس يا رب انما غضبت عليهم فيك،
وانما دعوت عليهم حين عصوك فوعدتك الا أتعطف عليهم برأفة ابدا، ولا انظر إليهم بنصيحة شفيق
بعد كفرهم وتكذيبهم إياي وجحدهم نبوتي فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبدا
فقال الله يا يونس انهم مأة ألف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ومحبتي،
ان أتاناهم (3) للذي سبق من علمي فيهم وفيك، وتقديري وتدبيري غير علمك و
تقديرك، وأنت المرسل وأنا الرب الحكيم، وعلمي فيهم يا يونس باطن في الغيب
عندي لا تعلم ما منتهاه وعلمك فيهم ظاهر لا باطن له، يا يونس قد أجبتك إلى ما سئلت من
انزال العذاب عليهم. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وهو بتمامه مذكور
في يونس وفى آخره:
قال أبو عبيدة: قلت لأبي جعفر عليه السلام: كم غاب يونس عن قومه حتى رجع إليهم
بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه؟ قال: أربعة أسابيع سبعا منها في ذهابه إلى
البحر وسبعا في بطن الحوت، وسبعا تحت الشجرة بالعراء، وسبعا منها في رجوعه إلى

(1) أي يصيبه البأس والغضب.
(2) قد مر الحديث في سورة يونس في الجزء الثاني صفحة 321 وفيه (الجذع) مكان
(الجمل) وقد ذكرنا في ذيله تفسير بعض اللغات فراجع.
(3) من التأني أي الرفق والمداراة.
437

قومه فقلت له: وما هذه الأسابيع؟ شهور أو أيام أو ساعات؟ فقال: يا أبا عبيدة
ان العذاب أتاهم يوم الأربعاء في النصف من شوال، وصرف عنهم من يومهم ذلك،
فانطلق يونس مغاضبا فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره إلى البحر، وسبعة أيام
في بطن الحوت، وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء، وسبعة أيام في رجوعه إلى قومه
فكان ذهابه ورجوعه ثمانية وعشرين يوما، ثم أتاهم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه
فلذلك قال الله: (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا
عنهم العذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم)
119 - عن معمر قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ان يونس لما أمره الله بما
أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم وبين البهايم وأولادها، ثم
عجوا إلى الله وضجوا، فكف الله العذاب عنهم، فذهب يونس مغاضبا فالتقمه الحوت،
فطاف به سبعة في البحر (1) فقلت له: كم بقي في بطن الحوت؟ قال: ثلاثة أيام ثم
لفظه الحوت وقد ذهب جلده وشعره، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين فأظلته، فلما
قوى أخذت في اليبس، فقال: يا رب شجرة أظلتني يبست؟ فأوحى الله إليه: يا يونس
تجزع على شجرة أظلتك ولا تجزع على مأة ألف أو يزيدون من العذاب؟.
120 - في مجمع البيان وروى ابن مسعود قال: خرج يونس من بطن الحوت
كهيئة فرخ ليس عليه ريش، فاستظل بالشجرة من الشمس.
121 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى
الواسطي عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات، فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها، ونبى يرى
في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة ولم يبعث إلى أحد وعليه امام، مثل ما
كان إبراهيم على لوط عليهما السلام، ونبى يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين
الملك، وقد ارسل إلى طايفة قلوا أو كثروا كيونس، قال الله ليونس: وأرسلناه

(1) كذا في النسخ ولكن الظاهر (سبعة أبحر) كما في نسخة البحار وذكرناه في المصدر أيضا
فراجع تفسير العياشي ج 2 صفحة 137.
438

إلى مأة الف أو يزيدون قال: يزيدون ثلاثين ألفا وعليه امام، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
122 - في مجمع البيان قراءة جعفر بن محمد الصادق عليه السلام (ويزيدون) بالواو.
123 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن مسلم
الثقفي الطحان قال: دخلت على أبى جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام وانا أريد ان
أسأله عن القائم من آل محمد، فقال لي مبتديا: يا أبا محمد ان في القائم من أهل بيت
محمد صلى الله عليه وآله سنة من خمسة من الرسل يونس بن متى عليه السلام، ويوسف بن يعقوب عليهما
السلام، وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم، فأما سنة من يونس بن متى فرجوعه
من غيبته وهو شاب بعد كبر السن، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
123 - في تفسير علي بن إبراهيم فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون
قال قالت قريش: ان الملائكة هم بنات الله، فرد الله عليهم (فاستفتهم) الآية.
125 - حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد عن العباس
ابن عامر عن الربيع بن محمد عن يحيى بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سمعته يقول. وما منا الا له مقام معلوم قال: أنزلت في الأئمة والأوصياء من آل
محمد عليهم السلام.
126 - حدثنا محمد بن أحمد بن مارية قال حدثني محمد بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن
محمد الشيباني قال: حدثنا محمد بن عبد الله التفليسي عن الحسن بن محبوب عن صالح بن
رزين عن شهاب بن عبد ربه قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: يا شهاب نحن شجرة النبوة و
معدن الرسالة ومختلف الملائكة، ونحن عهد الله وذمته، ونحن ود الله وحجته، كنا
أنوارا صفوفا حول العرش نسبح، فسبح أهل السماء بتسبيحنا إلى أن هبطنا إلى الأرض،
فسبحنا فسبح أهل الأرض بتسبيحنا وانا لنحن الصافون وانا لنحن المسبحون
فمن وفى بذمتنا فقد وفى بعهد الله عز وجل وذمته، ومن خفر ذمتنا (3) فقد خفر ذمة الله
عز وجل وعهده.

(3) خفره: نقض عهده وغدر به.
439

127 - في نهج البلاغة قال عليه السلام في وصف الملائكة: وصافون لا يتزائلون و
مسبحون لا يسأمون.
128 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: وان كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين
فهم كفار قريش كانوا يقولون لوان عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين
يقول الله عز وجل: فكفروا به حين جاءهم محمد صلى الله عليه وآله يقول الله فسوف يعلمون فقال
جبرئيل: يا محمد (انا لنحن الصافون وانا لنحن المسبحون).
129 - في كتاب التوحيد باسناده إلى جابر الجعفي قال: جاء رجل من علماء
أهل الشام إلى أبى جعفر عليه السلام فقال: جئت أسألك عن مسألة لم أجد أحدا يفسرها لي،
وقد سألت ثلاثة أصناف من الناس فقال كل صنف غير ما قال الآخر، فقال أبو جعفر
عليه السلام: وما ذلك؟ فقال: أسئلك ما أول ما خلق الله عز وجل من خلقه؟ فان بعض من
سألته قال، القدرة، وقال بعضهم: العلم، وقال بعضهم: الروح؟ فقال أبو جعفر
عليه السلام: ما قالوا شيئا، أخبرك ان الله علا ذكره كان ولا شئ غيره، وكان عزيزا ولا
عز لأنه كان قبل عزه وذلك قوله سبحانه: سبحان ربك رب العزة عما يصفون وكان
خالقا ولا مخلوق، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
130 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين عن
محمد بن داود عن محمد بن عطية عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لرجل من أهل الشام:
ان الله تبارك وتعالى كان ولا شئ غيره، وكان عزيزا ولا أحد كان قبل عزه، وذلك
قوله: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) وكان الخالق قبل المخلوق، ولو كان
أول ما خلق من خلقه الشئ [من الشئ] لم يكن له انقطاع ابدا، ولم يزل الله إذا و
معه شئ ليس هو يتقدمه، ولكنه كان إذ لا شئ غيره.
131 - في أصول الكافي وباسناده قال: قال أبو جعفر عليه السلام: من أراد أن
يكتال بالمكيال الأوفى فليقل إذا أراد ان يقوم من مجلسه: (سبحان ربك رب
العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين).
440

132 - في من لا يحضره الفقيه وقال أمير المؤمنين عليه السلام: من أراد أن يكتال
بالمكيال الأوفى فليكن آخر قوله: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين) فان له من كل مسلم حسنة.
133 - في مجمع البيان وروى الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام وروى أيضا
مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: من أراد ان يكتال بالمكيال الأوفى من الاجر يوم -
القيامة فليكن آخر كلامه في مجلسه: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين).
134 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: قال
أمير المؤمنين عليه السلام: من أراد ان يكتال بالمكيال الأوفى فليقل في دبر كل صلاة:
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين).
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرء سورة
ص في ليلة الجمعة أعطى من خير الدنيا والآخرة ما لم يعط أحد من الناس الا نبي مرسل أو
ملك مقرب وأدخله الله الجنة، وكل من أحب من أهل بيته حتى خادمه الذي يخدمه و
إن كان لم يكن في حد عياله ولا في حد من يشفع فيه.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء سورة ص أعطى
من الاجر بوزن كل جبل سخره الله لداود حسنات وعصمه الله أن يصر على ذنب صغير
أو كبير.
3 - في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن سالم عن أحمد بن النضر
عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم
من قريش فدخلوا على أبى طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد اذانا وأذى آلهتنا فادعه
ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن إلهه، قال: فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
441

فدعاه فلما دخل النبي صلى الله عليه وآله لم ير في البيت الا مشركا فقال: السلام على من اتبع
الهدى، ثم جلس فخبره أبو طالب بما جاؤوا له، فقال: أو هل لهم في كلمة خير لهم
من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم؟ فقال أبو جهل: نعم وما هذه الكلمة
قال: تقولون لا إله إلا الله، قال: فوضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا هربا وهم
يقولون: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ان هذا الا اختلاق، فأنزل الله في قولهم
ص والقرآن ذي الذكر إلى قوله الا اختلاق
4 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى إسحاق بن عمار قال: سئلت أبا الحسن
موسى بن جعفر كيف صارت الصلاة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لم
تكن ركعتين؟ فقال: إذا سئلت عن شئ ففزع قلبك لتفهم، ان أول صلاة صلاها
رسول الله صلى الله عليه وآله انما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله و
ذلك أنه لما أسرى به وصار عند عرشه تبارك وتعالى قال: يا محمد أدن من صاد فاغسل مساجدك
وطهرها وصل لربك فدنى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حيث امره الله تبارك وتعالى فتوضى وأسبغ
وضوءه قلت: جعلت فداك وما صاد الذي أمر ان يغتسل منه؟ فقال: عين تنفجر من ركن من
أركان العرش يقال له ماء الحيوان وهو ما قال الله عز وجل: (ص والقرآن ذي الذكر)
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
5 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وأما (ص) فعين ينبع من تحت العرش، وهي
التي توضأ منها النبي صلى الله عليه وآله لما عرج به، ويدخلها جبرئيل كل يوم دخلة فينغمس
فيها ثم يخرج منها فينفض أجنحته. فليس من قطرة تقطر من أجنحته الا خلق الله تبارك و
تعالى منها ملكا يسبح الله ويقدسه ويكبره ويحمده إلى يوم القيامة.
6 - في مجمع البيان صلى الله عليه وآله اختلفوا في معناه، قال ابن عباس هم أسم من أسماء
الله تعالى أقسم به وروى ذلك عن الصادق عليه السلام.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: وعجبوا أن جاءهم منذر منهم قال: نزلت
بمكة لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الدعوة اجتمعت قريش إلى أبى طالب فقالوا: يا أبا -
442

طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شبابنا وفرق جماعتنا فإن كان الذي
يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش ونملكه علينا فأخبر أبو -
طالب رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك فقال: لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يسارى ما أردته و
لكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب وتدين لهم بها العجم، ويكونون ملوكا في الجنة فقال
لهم أبو طالب عليه السلام ذلك، فقالوا: نعم وعشر كلمات، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله:
تشهدون أن لا إله إلا الله وإني رسول الله، فقالوا: ندع ثلاثمأة وستين الها ونعبد الها
واحدا؟ فأنزل الله سبحانه (بل عجبوا ان جائهم منذر منهم فقال الكافرون هذا ساحر
كذاب) إلى قوله: (الا اختلاق) أي تخليط (ء أنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من
ذكرى) إلى قوله (من الأحزاب) يعنى الذين تحزبوا عليه يوم الخندق.
8 - في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت
مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك أن
الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: (ليغفر لك الله ما
تقدم من ذنبك وما تأخر) قال الرضا عليه السلام: لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من
رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما، فلما جائهم
عليه السلام بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم، وقالوا اجعل الألهة
الها واحدا ان هذا لشئ عجاب وانطلق الملاء منهم ان امشوا واصبروا على آلهتكم
ان هذا لشئ يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ان هذا الا اختلاق
فلما فتح الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله مكة قال له: يا محمد (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر
لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم
وما تأخر، لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر
على انكار التوحيد عليه، إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم
فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.
9 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى الأصبغ عن علي عليه السلام في قول الله
عز وجل (وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب) قال: نصيبهم من العذاب
443

10 - في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن سالم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام
فقلت: قول الله عز وجل: (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) فقال: اليد
في كلام العرب القوة والنعمة، قال الله: واذكر عبدنا داود ذا الأيد وقال:
(والسماء بنيناها بأيد) أي بقوة، وقال: (أيدهم بروح منه) أي قوة ويقال: لفلان
عندي يد بيضاء أي نعمة.
11 - في عيون الأخبار باسناده إلى أبى الصلت الهروي قال: كان الرضا عليه السلام
يكلم الناس بلغاتهم، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة، فقلت له يوما:
يا بن رسول الله انى لاعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها؟ فقال: يا أبا صلت
أنا حجة الله على خلقه، وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم. أوما
بلغك قول أمير المؤمنين عليه السلام (أوتينا فصل الخطاب) فهل فصل الخطاب الا
معرفة اللغات.
12 - وفيه في الزيارة الجامعة لجميع الأئمة المنقولة عن الجواد عليهم السلام
(وفصل الخطاب عندكم)،
13 - في كتاب الخصال باسناده إلى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام
قال: سمعته يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من الحلال والحرام مما كان
وما يكون إلى يوم القيامة، كل باب منها يفتح ألف باب، حتى علمت المنايا و
البلايا وفصل الخطاب.
14 - عن يزداد بن إبراهيم عمن حدثه من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سمعته يقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام: والله لقد أعطاني الله تبارك وتعالى تسعة أشياء
لم يعطها أحدا قبلي خلا النبي صلى الله عليه وآله، لقد فتحت لي السبل، وعلمت الأسباب واجري
لي السحاب، وعلمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب، الحديث.
15 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سلمان الفارسي عن
النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل قال فيه وقد ذكر علي بن أبي طالب عليه السلام وفضائله مخاطبا
لفاطمة عليهما السلام: وانك يا بنية زوجته وابناه سبطاي حسن وحسين، وهما سبطا أمتي
444

وأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر، وان الله عز وجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب.
16 - في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي ومحمد بن يحيى
عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ولقد أعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد
قبلي، علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب.
17 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
ولقد أعطيت الست: علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب، وانى لصاحب الكرات
ودولة الدول، وانى لصاحب العصى والميسم والدابة التي تكلم الناس، وهذا الحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
18 - في بصائر الدرجات باسناده إلى سلمان الفارسي قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: عندي علم المنايا والبلايا والوصايا والأنساب وفصل الخطاب.
19 - في جوامع الجامع وعن علي عليه السلام هو قوله: البينة على المدعى
واليمين على المدعى عليه.
20 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون مع أصحاب
الملل والمقالات وما أجاب به علي بن جهم في عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم حديث
طويل يقول فيه الرضا عليه السلام: وأما داود فما يقول من قبلكم فيه؟ فقال علي بن محمد
ابن الجهم: يقولون: ان داود عليه السلام كان يصلى في محرابه إذ تصور له إبليس على صورة
طير أحسن ما يكون من الطيور، فقطع داود صلاته وقام يأخذ الطير، فخرج الطير
إلى الدار فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه، فسقط الطير في دار
أوريا بن حيان، فاطلع داود في اثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل، فلما نظر إليها
هواها وكان قد اخرج أوريا في بعض غزواته، فكتب إلى صاحبه ان قدم أوريا
امام التابوت، فقدم فظفر أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود، فكتب إليه
ثانية: ان قدمه امام التابوت، فقدم فقتل أوريا رحمه الله وتزوج داود بامرأته؟
قال: فضرب الرضا عليه السلام يده على جبهته وقال: انا لله وانا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا
445

من أنبياء الله عليهم السلام إلى التهاون بصلاته، حتى خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة
ثم بالقتل؟ فقال: يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته؟ فقال: ويحك ان داود عليه السلام انما
ظن أنه ما خلق الله خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فسورا المحراب
فقال: خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى
سواء الصراط ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال اكفلنيها
وعزني في الخطاب فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه، فقال: لقد ظلمك بسؤال
نعجتك إلى نعاجه ولم يسئل المدعى البينة على ذلك ولم يقبل على المدعى عليه،
فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه الا تسمع الله عز وجل
يقول: يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق إلى آخر
الآية فقال: يا ابن رسول الله فما قصته مع أوريا؟ قال الرضا عليه السلام: ان المرأة في أيام
داود عليه السلام كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا، فأول من أباح الله عز وجل
له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود عليه السلام، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل وانقضت عدتها
فذلك الذي شق على الناس من قبل أوريا.
21 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام أنه قال لعلقمة
ان رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا داود عليه السلام إلى أنه تبع الطير حتى نظر
إلى امرأة أوريا فهواها وانه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها؟ والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
22 - في مجمع البيان وقد روى عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: لا أوتى
برجل يزعم أن داود تزوج امرأة أوريا الا جلدته حدا للنبوة وحدا للاسلام.
23 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله حديث طويل عن أمير المؤمنين
عليه السلام يقول فيه مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال وأجده قد شهر هفوات أنبيائه إلى قوله: و
ببعثه على داود جبرئيل وميكائيل حيث تسوروا المحراب إلى آخر القصة: واما هفوات
الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله
عز وجل الباهرة وقدرته القاهرة، وعزته الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم -
446

السلام تكبر في صدور أممهم وان بعضهم من يتخذ بعضهم الها كالذي كان من النصارى
في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عز وجل، ألم
تسمع إلى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه وفى أمه: (كانا يأكلان الطعام) يعنى
ان من أكل الطعام كان له ثقل، وكل من كان له ثقل فهو بعيد مما ادعته النصارى
لابن مريم.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق
عليه السلام قال: إن داود عليه السلام لما جعله الله عز وجل خليفة في الأرض وأنزل عليه الزبور و
أوحى الله عز وجل إلى الجبال والطير ان يسبحن معه، وكان سببه انه صلى ببنى
إسرائيل يقوم وزيره بعدما يفرغ من الصلاة فيحمد الله ويسبحه ويكبره ويهلله ثم يمدح
الأنبياء عليهم السلام نبيا نبيا ويذكر من فضلهم وافعالهم وشكرهم وعبادتهم لله سبحانه والصبر
على بلائه ولا يذكر داود عليه السلام فنادى داود ربه، فقال: يا رب قد أثنيت على الأنبياء بما قد أثنيت
عليهم ولم تثن على؟ فأوحى الله عز وجل إليه: هؤلاء عبادي أبليتهم فصبروا، وانا
أثنى عليهم بذلك، فقال: يا رب فابلني حتى أصبر، فقال: يا داود تختار البلاء على العافية
إني أبليت هؤلاء ولم أعلمهم وأنا أبليك وأعلمك ان بلائي في سنة كذا وشهر كذا ويوم
كذا وكان داود يفرغ نفسه لعبادته يوما ويقعد في محرابه، ويوما يقعد لبنى إسرائيل
فيحكم بينهم، فلما كان في اليوم الذي وعده الله عز وجل اشتدت عبادته وخلا في محرابه
وحجب الناس عن نفسه، وهو في محرابه يصلى فإذا بطائر وقع بين يديه جناحاه من
زبرجد أخضر ورجلاه من ياقوت أحمر و رأسه ومنقاره من اللؤلؤ والزبرجد فأعجبه
جدا ونسي ما كان فيه، فقام ليأخذه فطار الطائر فوقع على حايط بين داود وبين
أوريا بن حيان، وكان داود قد بعث أوريا في بعث، فصعد داود عليه السلام ذلك الحايط ليأخذ
الطير فإذا امرأة أوريا جالسة تغتسل، فلما رأت ظل داود نشرت شعرها وغطت به
بدنها، فنظر إليها داود وافتتن بها، ورجع إلى محرابه ونسي ما كان فيه، وكتب إلى
صاحبه في ذلك البعث لما أن تصيروا (1) إلى موضع كيت وكيت يوضع التابوت بينهم

(1) وفى نسخة البحار (ان يسيروا) مكان (لما ان تصيروا).
447

وبين عدوهم، وكان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز وجل: (فيه سكينة من
ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة) وقد كان رفع بعد موسى
عليه السلام لما عملت بنوا إسرائيل بالمعاصي، فلما غلبهم جالوت وسألوا النبي أن
يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله تقدس وجهه بعث إليهم طالوت وأنزل عليهم التابوت
وكان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل وبين أعدائهم ورجع عن التابوت انسان
كفر وقتل ولا يرجع أحد عنه الا ويقتل أو يقتل، فكتب داود عليه السلام إلى صاحبه الذي
بعثه ان ضع التابوت بينك وبين عدوك. وقدم أوريا بن حيان بين يدي التابوت فقدمه
وقتل، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان وقعدا ولم يكن تزوج امرأة أوريا وكانت
في عدتها، وداود في محرابه يوم عبادته، فدخل الملكان من سقف البيت وقعدا بين
يديه، ففزع داود منهما فقالا: (لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق
ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط) ولداود حينئذ تسعة وتسعون امرأة ما بين مهيرة
(1) إلى جارية، فقال: أحدهما لداود: (ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة
واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب) أي ظلمني وقهرني فقال داود كما حكى الله
عز وجل: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) إلى قوله (وخر راكعا وأناب) قال:
فضحك المستعدى عليه من الملائكة وقال: حكم الرجل على نفسه، فقال داود:
أتضحك وقد عصيت؟ لقد هممت ان أهشم فاك (2) قال: فعرجا وقال الملك المستعدى عليه:
لو علم داود انه أحق ان يهشم فاه منى، ففهم داود الامر وذكر الخطيئة فبقي أربعين يوما
ساجدا يبكى ليله ونهاره ولا يقوم الا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه.
فلما كان بعد أربعين يوما نودي: يا داود مالك أجائع أنت فنشبعك أو ظمآن فنسقيك
أم عريان فنكسوك، أم خائف فنؤمنك؟ فقال: أي رب وكيف لا أخاف وقد عملت ما عملت وأنت
الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم؟ فأوحى الله عز وجل إليه تب يا داود فقال أي رب وأنى
لي بالتوبة؟ قال: صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك واسأله أن يغفر لك، فان غفر لك غفرت لك

(1) المهيرة من النساء: الحرة الغالية المهر.
(2) هشم الشئ: كسر.
448

قال: يا رب فإن لم يفعل؟ قال: أستوهبك منه، فخرج داود عليه السلام يمشى على قدميه
ويقرء الزبور وكان إذا قرء الزبور لا يبقى حجر ولا مدر ولا طاير ولا سبع الا ويجاوبه
حتى انتهى إلى جبل وعليه نبي عابد يقال له حزقيل، فلما سمع دوى الجبال وصوت
السباع علم أنه داود، فقال: هذا النبي الخاطئ. فقال داود: يا حزقيل أتأذن لي
أن أصعد إليك؟ قال: لا فإنك مذنب، فبكى داود عليه السلام فأوحى الله إلى حزقيل: يا
حزقيل لا تعير داود بخطيئته وسلني العافية، فنزل حزقيل وأخذ بيد داود وأصعده إليه
فقال له داود: يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط؟ قال: لا قال: فهل دخلك العجب مما أنت
فيه من عبادة الله؟ قال: لا، قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها و
لذاتها؟ قال: بلى ربما عرض ذلك بقلبي، قال فما تصنع؟ قال: أدخل هذا الشعب
فاعتبر بما فيه، قال: فدخل داود عليه السلام الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية
وعظام نخرة، وإذا لوح من حديد وفيه مكتوب، فقرأه داود فإذا فيه: أنا اروى بن سلم
ملكت ألف سنة وبنيت ألف مدينة، وافتضضت ألف جارية، وكان آخر أمرى ان صار
التراب فراشي، والحجارة وسادي، والحيات والديدان جيراني، فمن رآني فلا
يغتر بالدنيا، ومضى داود حتى أتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه ثم ناداه ثانية فلم يجبه، ثم
ناداه ثالثة، فقال أوريا: مالك يا نبي الله شغلتني عن سروري وقرة عيني؟ قال: يا أوريا
اغفر لي وهب لي خطيئتي، فأوحى الله عز وجل إليه: يا داود بين له ما كان منك، فناداه
داود فأجابه في الثالثة فقال: يا أوريا فعلت كذا وكذا وكيت وكيت؟ فقال أوريا:
أتفعل الأنبياء مثل هذا؟ فناداه فلم يجبه، فوقع داود على الأرض باكيا فأوحى الله
عز وجل إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه، فكشف عنه فقال أوريا: لمن هذا؟ فقال
لمن غفر لداود خطيئته، فقال: يا رب قد وهبت له خطيئته، فرجع داود عليه السلام إلى بني إسرائيل
وكان إذا صلى وزيره يحمد الله ويثنى عليه ويثنى على الأنبياء ثم يقول: كان
من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت وكيت، فاغتم داود عليه السلام فأوحى الله عز وجل
إليه: يا داود قد وهبت لك خطيئتك وألزمت عار ذنبك بني إسرائيل، قال: يا رب
449

كيف وأنت الحكم العدل الذي لا تجور؟ قال: لأنهم لم يعاجلوك الكبر (1) وتزوج
داود عليه السلام بامرأة أوريا بعد ذلك، فولد له منها سليمان عليه السلام ثم قال عز وجل: (فغفرنا له
ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب). (2)
25 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: وظن داود أي علم
وأناب أي تاب، وذكر أن داود كتب إلى صاحبه: ان لا تقدم أوريا بين يدي التابوت ورده
فقدم أوريا إلى أهله ومكث ثمانية أيام ثم مات.
26 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب عن زين العابدين عليه السلام حديث طويل
وقد كتب بتمامه عند قوله تعالى: (وان يونس لمن المرسلين) وفيه ان حوت يونس عليه السلام
قال له: ان الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد صلى الله عليه وآله الا وقد عرض
عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ومن توقف عنها و
تتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم
من النار وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، وما لقى داود من الخطيئة
إلى أن بعث الله يونس.
27 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان
ابن داود المنقري عن حماد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لقمان وحكمته التي
ذكرها الله عز وجل، فقال: أما والله ما أوتى الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل
ولا بسط في جسم ولا جمال، وذكر حديثا طويلا ذكرناه بتمامه في لقمان وفيه يقول
عليه السلام: وان الله تبارك وتعالى أمر طوايف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت
العيون بالقائلة (3) فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا: يا لقمان هل لك أن

(1) كذا في الأصل وفى نسخة (لم يعاجلوك البكرة) وفى المصدر (لم بعالجوك بالتكير)
وفى نسخة البحار (لم يعاجلوك النكير).
(2) قال المجلسي (ره): اعلم أن هذا الخبر محمول على التقية لموافقته لما روته العامة
في ذلك (انتهى) وقال المحشى: مع معارضته لرواية أبى الجارود الآتية وغيرها.
(3) هدأت العيون: سكنت، والقائلة: منتصف النهار.
450

يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: ان أمرني الله بذلك
فالسمع والطاعة لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني، وان هو خيرني
قبلت العافية، فقالت الملائكة: يا لقمان لم؟ قال: لان الحكم بين الناس بأشد
المنازل من الدين، وأكثر فتنا وبلاءا بأشد ما يخذل ولا يعان ويغشاه الظلم من كل
مكان وصاحبه فيه بين أمرين ان أصاب فيه الحق فبالحري أن يسلم، وإن أخطأ أخطأ
طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا كان أهون عليه في المعاد من أن
يكون فيه حكما سريا (1) شريفا ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتاهما
تزول هذه ولا يدرك تلك، قال: فتعجب الملائكة من حكمته واستحسن الرحمن
منطقه فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكم فغشاه بها من قرنه إلى
قدمه وهو نائم، وغطاه بالحكمة غطاءا فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه، وخرج
على الناس ينطق بالحكمة وينهى فيها قال: فلما أوتى الحكم بالخلافة ولم يقبلها
أمر الله عز وجل الملائكة فنادت داود عليه السلام بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط
لقمان، فأعطاه الله عز وجل الخلافة في الأرض وابتلى بها غير مرة، كل ذلك يهوى
في الخطأ يقيله الله تعالى ويغفر له، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليه السلام ويعظه بمواعظه
وحكمته وفضل علمه، وكان داود عليه السلام يقول له: طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة و
صرفت عنك البلية، وأعطى داود الخلافة وابتلى بالحكم والفتنة.
28 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن
فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في كتاب علي عليه
السلام ان نبيا من الأنبياء شكا إلى ربه القضاء فقال: كيف أقضى بما لم تر عيني ولم
تسمع اذني؟ فقال: اقض بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمى (2) يحلفون به، وقال: ان داود
عليه السلام قال: يا رب أرني الحق كما هو عندك حتى أقضى به، فقال: انك لا تطيق ذلك
فألح على ربه حتى فعل فجاءه رجل يستعدى على رجل فقال: ان هذا أخذ مالي، فأوحى

(1) السرى: السيد الشريف.
(2) في القاموس: أضفته إليه: ألجأته.
451

الله عز وجل إلى داود: ان هذا المستعدى قتل أبا هذا الرجل وأخذ ماله، فأمر داود عليه السلام
بالمستعدي فقتل وأخذ ماله فدفعه إلى المستعدى عليه قال: فعجب الناس وتحدثوا
حتى بلغ داود عليه السلام ودخل عليه من ذلك ما كره، فدعى ربه ان يرفع ذلك ففعل، ثم
أوحى الله عز وجل إليه: أن احكم بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمى يحلفون به.
29 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور عن فضيل
الأعور عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد حكم
بحكم داود وسليمان، لا يسئل [عن] بينة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
30 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابان قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منى يحكم بحكومة
آل داود، ولا يسأل بينة، يعطى كل نفس حقها.
31 - محمد عن أحمد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بم تحكمون إذا حكمتم؟ قال: بحكم الله وحكم داود
فإذا ورد علينا الشئ الذي ليس عندنا تلقانا به روح القدس.
32 - محمد بن أحمد عن محمد بن خالد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي
عن حمران بن أعين عن جعيد الهمداني عن علي بن الحسين عليه السلام قال: سألته بأي حكم
تحكمون؟ قال: حكم آل داود، فان أعيانا شئ يلقانا به روح القدس.
33 - أحمد بن مهران رحمه الله عن محمد بن علي عن ابن محبوب عن هشام بن
سالم عن عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما منزلة الأئمة؟ قال: كمنزلة
ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان، قال: فبما تحكمون؟
قال: بحكم الله وحكم داود وحكم محمد، ويتلقانا به روح القدس.
34 - في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ان أخوف ما أخاف على أمتي الهوى وطول الأمل اما الهوى فإنه يصد عن الحق، واما
طول الأمل فينسى الآخرة.
35 - عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله انه
452

قال في كلام له إلى أن قال: ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: الا ان أخوف ما أخاف
عليكم خصلتين اتباع الهوى وطول الأمل، اما اتباع الهوى فيصد عن الحق وطول
الأمل ينسى الآخرة.
36 - عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: ثلاث درجات وثلاث كفارات
وثلاث موبقات وثلاث منجيات، فأما الدرجات إلى أن قال عليه السلام: واما الموبقات فشح
مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه.
37 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا يحيى بن زكريا
اللؤلؤي عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله:
أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات قال: أمير المؤمنين وأصحابه كالمفسدين
في الأرض قال: حبتر وزريق (1) وأصحابهما كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا
آياته فآياته أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام وليذكر أولوا الألباب الباقية
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يفتخر بها ويقول: ما أعطى أحد قبلي ولا بعدى مثل
ما أعطيت.
38 - في روضة الكافي باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام
لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل، لان الله لم يجعل أهل الحق
عنده بمنزلة أهل الباطل، لم يعرفوا وجه قول الله في كتابه إذ يقول: (أم نجعل الذين
آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار).
39 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام
والفاجر ان ائتمنته خانك، وان صاحبته شأنك وان وثقت به لم ينصحك.
40 - عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين
عليه السلام يقول: إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها، صدق الحديث، وأداء الأمانة
والوفاء بالعهد، وقلة الفخر والتجمل وصلة الأرحام، ورحمة الضعفاء، وقلة المواتاة
للنساء وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما يقرب إلى الله تعالى.

(1) كناية عن الأول والثاني وقد مر أيضا.
453

41 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز
عن زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (ان الصلاة كانت على المؤمنين
كتابا موقوتا) يعنى مفروضا وليس يعنى وقت فوتها، إذا جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم
يكن صلاته هذه مؤداة، ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليه السلام حين صلاها
لغير وقتها ولكنه متى ما ذكرها صلاها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
42 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن الحسن رحمه الله قال: حدثنا
الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن موسى بن بكر
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (كتابا موقوتا) قال: موجبا، انما
يعنى بذلك وجوبها على المؤمنين، ولو كانت كما يقولون لهلك سليمان بن داود حين
أخر الصلاة حتى توارت بالحجاب، لأنه لو صلاها قبل أن تغيبت، كان وقتا وليس
صلاة أطول وقتا من العصر.
43 - في من لا يحضره الفقيه روى عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن سليمان بن
داود عرض عليه ذات يوم بالعشى الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب
فقال للملائكة: ردوا الشمس على حتى اصلى صلاتي في وقتها، فردوها فقام فمسح ساقيه
وعنقه وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك، وكان ذلك وضوءهم للصلاة
ثم قام فصلى، فلما فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم، وذلك قول الله عز وجل:
ووهبنا لداود سليمان نعم العبد انه أواب إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد
فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب ردوها على فطفق
مسحا بالسوق والأعناق.
44 - في مجمع البيان وقيل إن هذه الخيل كانت شغلته عن صلاة العصر حتى
فات وقتها عن علي عليه السلام وفى رواية أصحابنا أنه فاته أول الوقت.
45 - قال ابن عباس سألت عليا عن الآية هذه فقال: ما بلغك فيها يا ابن عباس؟
قلت له: سمعت كعبا يقول: اشتغل سليمان عليه السلام بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة
(فقال ردوها على) يعنى الأفراس وكانت أربعة عشر فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف
454

فقتلتها فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما لأنه ظلم الخيل بقتلها، فقال علي عليه السلام: كذب
كعب لكن اشتغل سليمان عليه السلام بعرض الأفراس ذات يوم لأنه أراد جهاد العدو حتى
توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر الله للملائكة الموكلين بالشمس: (ردوها على)
فردت فصلى العصر في وقتها، وان أنبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون بالظلم لأنهم معصومون
مطهرون.
46 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل
(ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد فقال إني
أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب) وذلك أن سليمان عليه السلام كان
يحب الخيل ويستعرضها فعرضت عليه يوما إلى أن غابت الشمس وفاتته صلاة العصر،
ثم دعا بالخيل فأقبل يضرب أعناقها وسوقها بالسيف حتى قتلها كلها وهو قوله تعالى:
(ردوها على فطفق مسحا بالسوق والأعناق) (1)
وقال الصادق عليه السلام جعل الله عز وجل ملك سليمان في خاتمه، فكان إذا ألبسه
حضرته الجن والإنس والشياطين وجميع الطير والوحش وأطاعوه فيقعد على كرسيه،
ويبعث الله عز وجل ريحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين والطير والانس

(1) قال المجلسي (ره) ما ذكره علي بن إبراهيم في تأويل تلك الآيات موافقة لروايات
المخالفين وانما أولها علماؤنا على وجوه أخر، قال الصدوق (ره) في الفقيه قال زرارة والفضيل:
قلنا لأبي جعفر عليه السلام - وذكر الحديث الماضي تحت رقم 33 عن الكافي - ثم قال (ره):
ان الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان عليه السلام اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى
توارت الشمس بالحجاب ثم أمر برد الخيل وأمر بضرب سوقها وأعناقها وقال إنها شغلتني عن ذكر
ربى وليس كما يقولون، جل نبي الله سليمان عليه السلام عن مثل هذا الفعل لأنه لم يكن للخيل
ذنب فيضرب سوقها وأعناقها لأنها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله وانما عرضت عليه وهي بهائم غير
مكلفة، والصحيح في ذلك ما روى عن الصادق عليه السلام أنه قال سليمان بن داود عليه السلام انه
عرض عليه ذات يوم... إلى آخر الحديث الماضي تحت رقم 43 ثم ذكر وجوها اخر في تأويلها
فراجع ج 14: 102 - 105 من الطبعة الحديثة.
455

والدواب والخيل، فتمر بها في الهواء إلى موضع يريده سليمان، فكان يصلى الغداة
بالشام، والظهر بفارس، وكان يأمر الشياطين أن يحملوا الحجارة من فارس و
يبيعونها بالشام، فلما مسح أعناق الخيل وسوقها بالسيف سلبه الله عز وجل ملكه، و
كان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه إلى بعض من يخدمه فجاء شيطان فخدع خادمه وأخذ
منه الخاتم ولبسه، فخرت عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحش، وخرج
سليمان في طلب الخاتم فلم يجده فهرب ومر على ساحل البحر وأنكرت بنوا إسرائيل
الشيطان الذي تصور في صورة سليمان، وصاروا إلى أمه فقالوا لها: أتنكرين من سليمان
شيئا؟ فقالت: كان أبر الناس بي وهو اليوم يبغضني؟ وصاروا إلى جواريه ونسائه فقالوا
أتنكرين من سليمان شيئا؟ قلن: كان لم يكن، يأتينا في الحيض، والآن يأتينا في الحيض
فلما خاف الشيطان ان يظنوا به القى الخاتم في البحر، فبعث الله سمكة فالتقمته وهرب الشيطان
فبقوا إسرائيل يطلبون سليمان أربعين يوما، وكان سليمان عليه السلام يمر على
على ساحل البحر تائبا إلى الله بما كان منه، فلما كان بعد أربعين يوما مر بصياد يصيد
السمك فقال له: أعينك على أن تعطيني من السمك شيئا؟ فقال: نعم فأعانه سليمان فلما
اصطاد دفع إلى سليمان سمكة فأخذها فشق بطنها وذهب ليغسلها فوجد الخاتم في بطنها
فلبسه فخرت عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحوش ورجع إلى ما كان، و
طلب ذلك الشيطان وجنوده الذين كانوا معه فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء وبعضهم
في جوف الصخر بأسامي الله عز وجل، فهم محبوسون معذبون إلى يوم القيامة (1).

(1) قال الشريف المرتضى (ره) في تنزيه الأنبياء ص 121 بعد نقل ما سمعته مما ورد في
تفسير الآية وذكره القمي (ره) ما لفظه:
قلنا اما ما رواه الجهال في القصص في هذا الباب فليس مما يذهب على عاقل بطلانه وان مثله لا يجوز
على الأنبياء عليهم السلام وان النبوة لا تكون في خاتم ولا يسلبها النبي عليه السلام ولا ينزع عنه وان
الله تعالى لا يمكن الجني من التمثيل بصورة النبي (ع) ولا غير ذلك مما افتروا به على النبي (ع) وانما
الكلام على ما يقتضيه ظاهر القرآن وليس في الظاهر أكثر من أن جسدا القى على كرسيه على سبيل
الفتنة له وهي الاختبار والامتحان ثم ذكر (ره) ما قيل فيه من التأويلات والتفاسير وسيأتي بعضها
في رواية الطبرسي (ره) وغيره.
456

قال: ولما رجع سليمان إلى ملكه قال لاصف - وكان آصف كاتب سليمان وهو
الذي كان عنده علم من الكتاب -: قد عذرت الناس بجهالتهم فكيف أعذرك؟ فقال: لا
تعذرني، فلقد عرفت الحوت (1) الذي اخذ خاتمك وأباه وأمه وعمه وخاله، ولقد
قال لي: اكتب لي فقلت له: ان القلم لا يجرى الجور، فقال: اجلس ولا تكتب فكنت
أجلس ولا أكتب شيئا، ولكن أخبرني عنك يا سليمان صرت تحب الهدهد وهو أخس
الطير منبتا وأنتنه ريحا، قال: إنه يبصر الماء من وراء الصفا الأصم، فقال: وكيف
يبصر الماء من وراء الصفا وانما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يأخذ بعنقه؟ فقال
سليمان: قف يا وقاف (2) انه إذا جاء القدر حال دون البصر.
47 - في مجمع البيان: ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه الآية واختلف
العلماء في زلته وفتنته والجسد الذي القى على كرسيه على أقوال: منها ان سليمان عليه السلام قال
يوما في مجلسه لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في
سبيل الله ولم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل منهن الا امرأة واحدة جاءت بشق
ولد، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: ثم قال فوالذي نفس محمد بيده لو قال إن
شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا، والجسد الذي القى على كرسيه كان هذا.
48 - ومنها ما روى أن الجن والشياطين لما ولد لسليمان عليه السلام ابن قال بعضهم
لبعض: ان عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء، فأشفق عليه السلام منهم عليه
فاسترضعه في المزن وهو السحاب، فلم يشعر الا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها على
أن الحذر لا ينفع عن القدر، وانما عوتب عليه السلام على خوفه من الشياطين وهو المروى
عن أبي عبد الله عليه السلام.
49 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه
عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم

(1) وفى بعض النسخ (الشيطان) بدل الحوت وهو الصحيح وفى المصدر (الجن)
بدل (الحوت).
(2) الوقاف: المحجم عن القتال. المتأني.
457

قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان هذا سليمان أعطى ملكا لا ينبغي لاحد من بعده؟ فقال له علي عليه
السلام: لقد كان ذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، انه هبط إليه ملك لم يهبط
إلى الأرض قبله وهو ميكائيل فقال له: يا محمد عش ملكا منعما وهذه مفاتيح خزائن
الأرض معك ويسير معك جبالها ذهبا وفضة ولا ينقص لك فيما أدخر لك في الآخرة شئ
فأومى إلى جبرئيل عليه السلام وكان خليله من الملائكة؟ فأشار إليه ان تواضع، فقال: بل
أعيش نبيا عبدا آكل يوما ولا آكل يومين والحق باخواني من الأنبياء، فزاده الله
تعالى الكوثر وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة
ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيمة أقعده الله تعالى على العرش فهذا أفضل مما
أعطى سليمان عليه السلام.
50 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى الصادق جعفر بن
محمد عليهما السلام أنه قال سليمان بن داود عليه السلام ذات يوم لأصحابه: ان الله تبارك و
تعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى، سخر لي الريح والانس والجن والطير
وآتاني من كل شئ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
51 - في بصائر الدرجات حدثني يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي بن
فضالة عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عنده فذكر سليمان وما أعطى
من العلم وما أوتي من الملك، فقال لي: وما أعطى سليمان بن داود انما كان عنده
حرف واحد من الاسم الأعظم، وصاحبكم الذي قال الله تعالى: (قل كفى بالله شهيدا بيني
وبينكم ومن عنده علم الكتاب) فكان والله عند علي عليه السلام علم الكتاب.
52 - أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سليمان عنده اسم الله الأكبر الذي إذا سئل به أعطى،
وإذا دعى أجاب ولو كان اليوم لاحتاج إلينا.
في عيون الأخبار باسناده إلى الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى
الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه، محمد بن علي عليهم السلام
قال: إن سليمان بن داود عليهما السلام قال ذات يوم لأصحابه: ان الله تعالى وذكر إلى آخر
458

ما نقلنا عن الدوريستي.
53 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن أبي بصير عن أبان عن أبي
حمزة عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: خرج سليمان بن داود من
بيت المقدس ومعه ثلاثمأة ألف كرسي عن يمينه عليها الانس وثلاثمأة الف كرسي
عن يساره عليها الجن، وأمر الطير فأظلتهم وأمر الريح فحملتهم حتى ورد إيوان
كسرى في المداين، ثم رجع فبات بأصطخر، فاضطجع ثم غدا فانتهى إلى مدينة
بر كاوان (1) ثم أمر الرياح فحملتهم حتى كادت أقدامهم يصيبها الماء، وسليمان
عليه السلام على عمود منها، فقال بعضهم لبعض: هل رأيتم ملكا قط أعظم من هذا أو سمعتم
به؟ فقالوا: ما رأينا ولا سمعنا بمثله، فناداهم ملك من السماء: ثواب تسبيحة واحدة
في الله أعظم مما رأيتم.
54 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لم يبعث
أنبياء ملوكا في الأرض الا أربعة بعد نوح، ذا القرنين واسمه عياش وداود، وسليمان و
يوسف عليهم السلام، فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب، واما داود فملك ما بين
الشامات إلى بلاد إصطخر وكذلك كان ملك سليمان، وأما يوسف فملك مصر وبراريها ولم
يتجاوزها إلى غيرها.
55 - عن محمد بن خالد باسناده رفعه قال: ملك الأرض كلها أربعة، مؤمنان وكافران
فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران نمرود وبخت نصر،
واسم ذو القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد.
56 - في كتاب علل الشرايع حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أحمد
ابن محمد الوراق أبو الطيب قال: حدثنا علي بن هارون الحميري قال: حدثنا علي بن
محمد بن سليمان النوفلي قال: حدثنا أبي عن علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن
موسى بن جعفر عليه السلام: أيجوز أن يكون نبي الله عز وجل بخيلا؟ فقال: لا، فقلت له: فقول

(1) بر كاوان: ناحية بفارس قاله الحموي وفى بعض النسخ (تر كاوان) بالتاء
ولعله مصحف.
459

سليمان عليه السلام: رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى ما وجهه ومعناه؟
فقال الملك ملكان: ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس، وملك مأخوذ من
قبل الله تعالى كملك آل إبراهيم وملك طالوت وذى القرنين، فقال سليمان عليه السلام:
هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى أن يقول إنه مأخوذ بالغلبة والجور واجبار الناس
فسخر الله عز وجل له الريح تجرى بأمره رخاءا حيث أصاب، وجعل غدوها شهرا و
رواحها شهرا، وسخر الله عز وجل له الشياطين كل بناء وغواص، وعلم منطق الطير و
مكن في الأرض،، فعلم الناس في وقته وبعده ان ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين
من قبل الناس، والمالكين بالغلبة والجور، قال: فقلت له: فقول رسول الله صلى الله عليه وآله رحم
الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله؟ فقال: لقوله عليه السلام وجهان: أحدهما: ما كان
أبخله بعرضه وسوء القول فيه، والوجه الآخر يقول: ما كان أبخله إن كان أراد ما كان
يذهب إليه الجهال، ثم قال عليه السلام: قد والله أوتينا ما أوتى سليمان، وما لم يؤت سليمان
وما لم يؤت أحد من الأنبياء، قال الله عز وجل في قصة سليمان: هذا عطاءنا فامنن أو -
أمسك بغير حساب وقال عز وجل في قصة محمد صلى الله عليه وآله: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما
نهاكم عنه فانتهوا).
57 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن
صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام لا قوام يظهرون الزهد ويدعون
الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف: (1) أخبروني أين أنتم
عن سليمان بن داود عليه السلام؟ حين سأل الله ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى فأعطاه الله جل
اسمه ذلك، وكان يقول الحق ويعمل به، ثم لم نجد الله عز وجل عاب عليه ذلك، ولا
أحد من المؤمنين، وداود النبي صلى الله عليه وآله قبله في ملكه وشدة سلطانه.
58 - في مجمع البيان روى مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه صلى صلاة فقال: ان
الشيطان عرض لي ليفسد على صلاتي، فأمكنني الله منه فدعوته ولقد هممت أن أوثقه
إلى سارية حتى تصبحوا وتنظروا إليه أجمعين، فذكرت قول سليمان عليه السلام: (هب لي

(1) التقشف: قذارة الجلد ورثاثة الهيئة.
460

ملكا لا ينبغي لاحد من بعدى) فرده الله خاسئا خائبا أورده البخاري ومسلم في الصحيحين.
59 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال:
سألت الرضا عليه السلام فقلت له: جعلت فداك (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) فقال:
نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون، قلت: فأنتم المسؤولون ونحن السائلون؟ قال: نعم
قلت: حقا علينا أن نسألكم؟ قال: نعم، قلت: حقا عليكم أن تجيبونا؟ قال: لا
ذاك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى: هذا عطاؤنا
فامنن أو أمسك بغير حساب.
60 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن بكار بن
بكر عن موسى بن أشيم قال: كنت عن أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن آية من
كتاب الله عز وجل فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره
بخلاف ما أخبر الأول، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين،
فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه وجئت إلى هذا يخطئ
هذا الخطاء كله، فبينا انا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره
بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي فسكنت نفسي، فعلمت ان ذلك منه تقية، قال:
ثم التفت إلى فقال لي: يا بن أشيم إن الله عز وجل فوض إلى سليمان ابن داود عليه السلام،
فقال: (هذا عطاءنا فامنن أو أمسك بغير حساب) وفوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله فقال: (ما آتاكم
الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا.
61 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن إسحاق بن
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أدب نبيه صلى الله عليه وآله فلما انتهى به إلى
ما أراد قال له (انك لعلى خلق عظيم) ففوض إليه دينه، فقال: (وما آتاكم الرسول
فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وان الله عز وجل فرض الفرائض ولم يقسم للجد شيئا،
وان رسول الله صلى الله عليه وآله أطعمه السدس، فأجاز الله جل ذكره له ذلك وذلك قول الله
عز وجل: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب).
62 - علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن الحسين بن عبد الرحمان عن صندل
461

الخياط عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: (هذا عطاؤنا
فامنن أو أمسك بغير حساب) قال: أعطى سليمان ملكا عظيما، ثم جرت هذه الآية في
رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان له أن يعطى من شاء وما يشاء ويمنع من شاء، وأعطاه أفضل
مما اعطى سليمان، بقوله: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).
63 - أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس
ابن هشام عن عبد الله ابن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الامام فوض
إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: نعم، وذلك أن رجلا سأله عن مسألة
فأجابه فيها، وسأله آخر تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأول، ثم سأله آخر فأجابه
بغير جواب الأولين، ثم قال: (هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب) وهكذا هي في
قراءة علي عليه السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
64 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن
محمد عن أبي داود سليمان بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
(فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) من المعنون بذلك؟ فقال: نحن والله،
فقلت: فأنتم المسؤولون؟ قال: نعم قلت: ونحن السائلون؟ قال: نعم، قلت:
فعلينا ان نسألكم؟ قال: نعم، قلت: وعليكم أن تجيبونا؟ قال، ذلك إلينا ان شئنا
فعلنا وان شئنا تركنا، ثم قال: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب).
65 - في تفسير العياشي عن حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام ان الأحاديث تختلف عنكم؟ قال: فقال: ان القرآن نزل على سبعة أحرف، و
أدنى ما للامام أن يفتى على سبعة وجوه، ثم قال (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب).
66 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن أبي داود عن سليمان بن سعيد عن
ثعلبة عن منصور عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله تبارك وتعالى: (فاسئلوا
أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) من المعنون بذلك؟ قال: نحن، قال: قلت: فأنتم
المسؤولون؟ قال: نعم، قلت: ونحن السائلون؟ قال: نعم، قال قلت: فعلينا أن
نسألكم؟ قال: نعم، قلت: وعليكم ان تجيبونا. قال: لا ذلك إلينا ان شئنا فعلنا
462

وان شئنا لم نفعل، ثم قال: قال الله تعالى: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب)
67 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
بعض أصحابنا قال: أولم أبو الحسن موسى صلوات الله عليه وليمة على بعض ولده
فأطعم أهل المدينة ثلاثة أيام الفالوذجات في الجفان في المساجد والأزقة (1) فعابه
بذلك بعض أهل المدينة فبلغه ذلك عليه السلام، فقال: ما آتي الله عز وجل نبيا من أنبيائه
شيئا الا وقد آتي محمدا صلى الله عليه وآله مثله، وزاده ما لم يؤتهم، قال لسليمان عليه السلام: (هذا عطاءنا
فامنن أو أمسك بغير حساب) وقال لمحمد صلى الله عليه وآله (وما آتيكم الرسول فخذوه وما
نهيكم عنه فانتهوا).
68 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
عبد الله بن القاسم عن أبي خالد القماط عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قالت بنوا إسرائيل
لسليمان عليه السلام استخلف علينا ابنك، فقال: انه لا يصلح لذلك، فألحوا عليه فقال: انى
سائله عن مسائل فان أحسن الجواب فيها استخلفه، ثم سأله فقال: يا بنى ما طعم الماء و
طعم الخبز؟ ومن أي شئ ضعف الصوت وشدته؟ وأين موضع العقل من البدن؟، ومن
أي شئ القساوة والرقة؟ ومم تعب البدن ودعته ومم مكسب البدن وحرمانه؟. فلم
يجبه بشئ منها، فقال أبو عبد الله عليه السلام: طعم الماء الحياة وطعم الخبز القوة (2) و
ضعف الصوت وشدته من شحم الكليتين وموضع العقل الدماغ، الا ترى ان الرجل
إذا كان قليل العقل قيل له: ما أخف دماغه، والقسوة والرقة من القلب، وهو قوله
عز وجل: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) وتعب البدن ودعته من القدمين، إذا تعبا
في المشي يتعب البدن، وإذا ودعا ودع البدن ومكسب البدن وحرمانه من اليدين إذا عمل
بما زادتا على البدن وإذا لم يعمل بهما لم يزدا على البدن شيئا.
69 - حدثني أبي عن ابن فضال عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي -

(1) الأزقة جمع الزقاق: الطريق.
(2) قيل: ولعل المراد من الطعم هنا الفائدة والنفع، أو ان الحياة والقوة لو كانتا
مما يطعم لكان طعمهما طعم الماء والخبز
463

بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن بلية أيوب عليه السلام التي ابتلى بها في الدنيا لأي
علة كانت؟ قال: لنعمة أنعم الله عز وجل عليه بها في الدنيا وأدى شكرها، وكان
في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش، فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب عليه السلام
حسده إبليس، فقال: يا رب ان أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة الا بما أعطيته من
الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه
لم يؤد إليك شكر نعمة أبدا، فقيل له: قد سلطتك على ماله وولده، قال: فانحدر
إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا الا أعطبه (1) فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، قال:
فسلطني على زرعه يا رب، قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق فازداد
أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على غنمه فسلطه على غنمه فأهلكها،
فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على بدنه فسلطه على بدنه ما خلا
عقله وعينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك
دهرا طويلا يحمد الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود، فكانت تخرج من بدنه
فيردها فيقول ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجوه أهل القرية
من القرية والقوه في المزبلة خارج القرية، وكانت امرأته رحمة بنت يوسف بن
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلوات الله عليهم وعليها، تتصدق من الناس
وتأتيه بما تجده.
قال: فلما طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره أتى أصحابا لأيوب كانوا رهبانا في الجبال
وقال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته (2) فركبوا بغالا شهبا وجاؤا فلما
دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فنظر بعضهم إلى بعض ثم مشوا إليه وكان فيهم شاب
حدث السن فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه وما
نرى ابتلاك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد الا من أمر كنت تستره؟ فقال أيوب عليه السلام: وعزة
ربى أنه ليعلم أنى ما أكلت طعاما الا ويتيم أو ضعيف يأكل معي، وما عرض لي من أمران كلاهما

(1) أي أهلكه.
(2) وفى بعض النسخ (فنبتليه عن بليته).
464

طاعة الله إلا أخذت بأشدهما على بدني، فقال الشاب: سوءة لكم عيرتم نبي الله حتى أظهر
من عبادة ربه ما كان يسترها؟ فقال أيوب عليه السلام: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك
لأدليت بحجتي (1) فبعث الله إليه غمامة فقال: يا أيوب أدل بحجتك فقد أقعدتك مقعد
الحكم وها أنا ذا قريب ولم أزل، فقال: يا رب انك لتعلم انه لم يعرض لي أمران قط
كلاهما لك طاعة الا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك؟ ألم أشكرك؟ ألم
أسبحك؟ قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب من صيرك تعبد الله و
الناس عنه غافلون؟ وتحمده وتسبحه وتكبره والناس عنه غافلون؟ أتمن على الله بما لله
فيه المنة عليك؟.
قال: فأخذ التراب فوضعه في فيه ثم قال: لك العتبى (2) يا رب أنت فعلت ذلك
بي، فأنزل الله عز وجل عليه ملكا فركض برجله (3) فخرج الماء فغسله بذلك الماء
فعاد أحسن ما كان وأطرأ. وأنبت الله عليه روضة خضراء ورد عليه أهله وماله وولده و
زرعه، وقعد معه الملك يحدثه ويونسه، فأقبلت امرأته معها الكسرة (4) فلما انتهت
إلى الموضع إذ الموضع متغير وإذا رجلان جالسان، فبكت وصاحت وقالت: يا أيوب ما
دهاك؟ (5) فناداها أيوب فأقبلت فلما رأته وقد رده الله عليه بدنه ونعمه سجدت لله عز وجل
شكرا، فرأى ذؤابتها مقطوعة، وذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب عليه السلام
من الطعام، وكانت حسنة الذوائب. فقالوا لها: تبيعينا ذؤابتك هذه حتى نعطيك؟
فقطعتها ودفعتها إليهم، وأخذت منهم طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب و
حلف عليها أن يضربها مأة، فأخبرته انه كان سببه كيت وكيت، فاغتم أيوب من ذلك

(1) أدلى بحجته: أي احتج بها.
(2) العتبى: الرضى يقال أعطاه العتبى.
(3) الركض: تحريك الرجل.
(4) الكسرة: القطعة من الخبز.
(5) ما دهاك: أي ما أصابك.
465

فأوحى الله عز وجل إليه: خذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث (1) فأخذ عذقا مشتملا
على مأة شمراخ فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه.
ثم قال: ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب
قال فرد الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء، ورد عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابهم
البلاء كلهم أحياهم الله تعالى له فعاشوا معه.
وسئل أيوب عليه السلام: بعدما عافاه الله أي شئ كان أشد عليك مما مر؟ فقال: شماتة
الأعداء، قال فأمطر الله عليه في داره جراد الذهب وكان يجمعه. فكان إذا ذهب الريح
منه بشئ عدا خلفه، فقال له جبرئيل عليه السلام: أما تشبع يا أيوب؟ قال: ومن يشبع من
رزق الله عز وجل؟.
70 - في مجمع البيان (انى مسني الشيطان بنصب وعذاب) قيل إنه اشتد مرضه
حتى تجنبه الناس، فوسوس الشيطان إلى الناس ان يستقذروه ويخرجوه من بينهم
ولا يتركوا امرأته التي تخدمه أن تدخل عليهم. فكان أيوب يتأذى بذلك ويتألم به، ولم
يشك الألم الذي كان من أمر الله سبحانه، قال قتادة: دام ذلك سبع سنين، وروى ذلك
عن أبي عبد الله عليه السلام.
71 - وروى العياشي باسناده ان عباد المكي قال: قال لي سفيان الثوري: انى
أرى لك من أبى عبد الله عليه السلام منزلة فأسئله عن رجل زنى وهو مريض فان أقيم عليه الحد
خافوا أن يموت، ما يقول فيه؟ قال: فسألته فقال لي: هذه المسألة من تلقاء نفسك أو أمرك بها
انسان؟ فقلت: ان سفيان الثوري أمرني أن أسئلك عنها، فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله
أتى برجل أحبن (2) قد استسقى بطنه وبدت عروق فخذيه وقد زنى بامرأة مريضة، فأمر
رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى بعرجون فيه مأة شمراخ، فضربه به ضربة وضربها به ضربة وخلى
سبيلهما، وذلك قوله: (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث)
72 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام

(1) الضغث - بالكسر -: قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس.
(2) الحبن - محركة -: داء في البطن يعظم منه ويرم.
466

في قوله أولى الأيدي والابصار قال: أولوا القوة في العبادة والبصر فيها هذا وان
للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها فبئس القرار هذا فليذوقوه حميم وغساق
قال: الغساق واد في جهنم، فيه ثلاثمأة وثلاثون قصرا في كل قصر ثلاثمأة بيت، في كل
بيت أربعون زاوية، في كل زاوية شجاع في كل شجاع ثلاثمأة وثلاثون عقربا، في كل
حمة عقرب ثلاثمأة وثلاثون قلة من سم، لو أن عقربا منها نضحت سمها على أهل جهنم لوسعهم
سمها هذا وان للطاغين لشر مآب وهم الأول والثاني وبنو أمية، ثم ذكر من كان بعدهم
ممن غصب آل محمد حقهم فقال: وآخر من شكله أزواج هذا فوج مقتحم معكم وهم
بنوا العباس فيقولون بنوا أمية لأمر حبا بهم انهم صالوا النار.
73 - في مجمع البيان: هذا فوج مقتحم معكم الآية روى عن النبي صلى الله عليه وآله
ان النار تضيق عليهم كضيق الزج بالريح.
74 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بما سبق فيقول بنو فلان: بل أنتم لا مرحبا بكم
أنتم قدمتموه لنا وبدأتم بظلم آل محمد فبئس القرار، ثم يقول بنو أمية ربنا من قدم لنا هذا فزده
عذابا ضعفا في النار يعنون الأول والثاني ثم يقول أعداء آل محمد في النار مالنا لا نرى
رجالا كنا نعدهم من الأشرار في الدنيا وهم شيعة أمير المؤمنين عليه السلام اتخذناهم
سخريا أم زاغت عنهم الابصار ثم قال إن ذلك لحق تخاصم أهل النار فيما بينهم. ذلك
قول الصادق عليه السلام إنكم لفى الجنة تحبرون (1) وفى النار تطلبون.
75 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان
عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير يا أبا محمد لقد ذكركم الله إذ حكى عن
عدوكم في النار بقوله: (وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * إتخذناهم
سخريا أم زاغت عنهم الابصار) والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا
العالم شرار الناس، وأنتم والله في الجنة تحبرون وفى النار تطلبون، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
76 - علي بن محمد عن أحمد بن أبي عبد الله عن عثمان بن عيسى عن ميسر قال:

(1) أي تنعمون وتكرمون وتمرون يقال: حبره الامر أي سره.
467

دخلت على أبى عبد الله عليه السلام فقال: كيف أصحابك؟ فقلت: جعلت فداك لنحن عندهم
أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا، قال: وكان متكئا فاستوى
جالسا ثم قال: كيف؟ قلت: والله لنحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والذين
أشركوا، فقال: أما والله لا يدخل النار منكم اثنان لا والله، ولا واحد، انكم الذين
قال الله عز وجل: (وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * اتخذناهم
سخريا أم زاغت عنهم الابصار ان ذلك لحق تخاصم أهل النار) قال: طلبوكم والله في
النار والله، فما وجدوا منكم أحدا.
77 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن منصور بن يونس عن
عنبسة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا استقر أهل النار في النار يفقدونكم فلا يرون منكم أحدا،
فيقول بعضهم لبعض: (مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * اتخذناهم سخريا
أم زاغت عنهم الابصار) قال: وذلك قول الله عز وجل: (ان ذلك لحق تخاصم أهل
النار) يتخاصمون فيكم فيما كانوا يقولون في الدنيا.
78 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه
قال: إن أهل النار يقولون: (مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) يعنونكم
لا يرونكم في النار، لا يرون والله واحدا منكم في النار.
79 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده قال: دخل سماعة بن مهران
على الصادق عليه السلام فقال له: يا سماعة من شر الناس؟ قال: نحن يا بن رسول الله، قال:
فغضب حتى احمرت وجنتاه، ثم استوى جالسا وكان متكئا فقال: يا سماعة من شر
الناس عند الناس؟ فقلت: والله ما كذبتك يا بن رسول الله، نحن شر الناس عند الناس
لأنهم يسمونا كفارا ورافضة، فنظر إلى ثم قال: كيف إذا سيق بكم إلى الجنة، وسيق
بهم إلى النار، فينظرون إليكم فيقولون: (مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار)
يا سماعة بن مهران انه من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه
فتشفع، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال،
والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد، فتنافسوا
468

في الدرجات، واكمدوا (1) عدوكم بالورع.
80 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن عبد الله بن جبلة عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا أبا محمد أنتم في الجنة تحبرون و
بين أطباق النار تطلبون فلا توجدون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
81 - في جوامع الجامع وعن الباقر عليه السلام يعنونكم لا يرون والله أحدا منكم
في النار.
82 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب
بها الغدير وفيها يقول عليه السلام: هذا يوم عظيم الشأن إلى قوله: هذا يوم الملاء الاعلى
الذي أنتم عنه معرضون.
83 - في بصائر الدرجات عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه سليمان
ابن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: قول الله تبارك وتعالى: قل هو نبأ عظيم أنتم
عنه معرضون قال: الذين أوتوا العلم: الأئمة والنبأ: الإمامة.
84 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني خالد عن الحسن بن محبوب عن محمد
ابن سنان عن أبي مالك الأسدي عن إسماعيل الجعفي قال: كنت في المسجد الحرام
قاعدا وأبو جعفر عليه السلام في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة والى الكعبة مرة ثم
قال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وكرر
ذلك ثلاث مرات ثم التفت إلى فقال: أي شئ يقولون أهل العراق في هذه الآية
يا عراقي؟ قلت: يقولون: أسرى به من المسجد الحرام إلى البيت المقدس، فقال: ليس
هو كما يقولون ولكنه أسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء، وقال: ما بينهما
حرم، فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
يا جبرئيل في هذا الموضع تخذلني؟ فقال: تقدم أمامك، فوالله لقد بلغت مبلغا لم
يبلغه أحد من خلق الله قبلك، فرأيت من نور ربى وحال بيني وبينه السبحة قلت: وما
السبحة جعلت فداك؟ فأومى بوجهه إلى الأرض وأومى بيده إلى السماء وهو يقول:

(1) كذا في النسخ.
469

جلال ربى ثلاث مرات قال: يا محمد قلت: لبيك يا رب، قال: فيما اختصم الملاء
الاعلى؟ قال: قلت: سبحانك لا علم لي الا ما علمتني، قال: فوضع يده أي يد القدرة
بين ثديي فوجدت بردها بين كتفي، قال: فلم يسألني عما مضى ولا عما بقي الا علمته،
فقال: يا محمد فيم اختصم الملاء الاعلى؟ قال: قلت: في الكفارات والدرجات و
الحسنات، فقال لي: يا محمد قد انقطع أكلك وانقضت نبوتك فمن وصيك؟ فقلت:
يا رب قد بلوت خلقك فلم أر أحدا من خلقك أطوع لي من على، فقال لي: يا محمد،
فبشره بأنه راية الهدى وامام أوليائي، ونور لمن أطاعني، والكلمة التي ألزمتها
اليقين. من أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني، مع ما انى أخصه بما لم أخص به
أحدا، فقلت: يا رب أخي وصاحبي ووزيري ووارثي فقال: انه أمر قد سبق أنه مبتلى
ومبتلى به، مع ما انى قد نحلته ونحلته ونحلته ونحلته أربعة أشياء عقدها بيده، ولا
يفصح بها عقدها.
85 - في مجمع البيان روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: قال لي ربى:
أتدري فيم يختصم الملاء الاعلى؟ فقلت: لا، قال: اختصموا في الكفارات و
الدرجات، فاما الكفارات فاسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الاقدام إلى الجماعات
وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وأما الدرجات فافشاء السلام، واطعام الطعام، والصلاة
بالليل والناس نيام.
86 - في كتاب الخصال عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما سئل في المعراج: فيما اختصم
الملاء الاعلى قال: في الدرجات والكفارات، فنوديت: وما الدرجات؟ فقلت: اسباغ
الوضوء في السبرات، والمشي إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وولايتي
وولاية أهل بيتي حتى الممات، والحديث طويل فقد أخرجته مسندا على وجهه في
كتاب اثبات المعراج، انتهى.
87 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في وصية له: يا علي ثلاث درجات وثلاث كفارات، إلى قوله
صلى الله عليه وآله: واما الكفارات فافشاء السلام واطعام الطعام والتهجد بالليل والناس نيام.
470

88 - في نهج البلاغة الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء واختارهما لنفسه
دون خلقه وجعلهما حمى وحرما على غيره، واصطفاهما لجلاله وجعل اللعنة على من نازعه
فيهما في عباده، ثم اختبر بذلك ملائكته المقربين ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين
فقال سبحانه - وهو العالم بمضمرات القلوب ومحجوبات الغيوب: انى خالق بشرا من طين
فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون
الا إبليس اعترضته الحمية فافتخر على آدم بخلقه وتعصب عليه لاصله فعدو الله امام
المتعصبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية ونازع الله رداء الجبرية،
وادرع (1) لباس التعزز وخلع قناع التذلل، ألا ترون كيف صغره الله بتكبره،
ووضعه بترفعه، فجعله في الدنيا مدحورا (2) وأعد له في الآخرة سعيرا، ولو أراد الله
سبحانه أن يخلق آدم من نور يخطف الابصار ضياءه، ويبهر العقول رؤاؤه وطيب يأخذ
الأنفاس عرفه (3) لفعل ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة، ولخفت البلوى فيه
على الملائكة، ولكن الله سبحانه ابتلى خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار
لهم، ونفيا للاستكبار عنهم، وابعادا للخيلاء منهم (4) فاعتبروا بما كان من فعل
الله بإبليس إذا أحبط عمله الطويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة
لا يدرى أمن سنى الدنيا أم من سنى الآخرة من كبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبليس
يسلم على الله بمثل معصيته، كلا، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به
منها ملكا، ان حكمه في أهل السماء وأهل الأرض لواحد، وما بين الله وبين أحد من
خلقه هوادة (5) في إباحة حمى حرمه الله تعالى على العالمين.
89 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عباس بن هلال عن أبي الحسن

(1) ادرع الرجل: لبس درع الحديد.
(2) أي مطرودا مبعدا، يقال: دحره الله دحورا أي أقصاه وطرده.
(3) الرؤاء - بالهمزة والمد -: المنظر الحسن. والعرف: الريح الطيبة.
(4) الخيلاء: الكبر (5) الهوادة: الموادعة والمصالحة.
471

الرضا عليه السلام انه ذكر اسم إبليس الحارث وانما قول الله عز وجل يا إبليس: يا عاصي،
وسمى إبليس لأنه أبلس من رحمة الله (1).
90 - في عيون الأخبار باسناده إلى محمد بن عبيدة قال: سألت الرضا عليه السلام عن
قول الله تعالى لا بليس: ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي قال: يعنى بقدرتي وقوتي.
91 - في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن مسلم قال: سئلت أبا جعفر عليه السلام
فقلت: قول الله عز وجل: (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) فقال: اليد
في كلام العرب القوة والنعمة، قال الله: (واذكر عبدنا داود ذي الأيد) وقال: (والسماء
بنيناها بأيد) أي بقوة، وقال: (وأيدهم بروح منه) أي قوة ويقال: لفلان عندي يد
بيضاء أي نعمة.
92 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال حدثنا القاسم
ابن إسماعيل الهاشمي عن محمد بن سنان عن الحسين بن مختار عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لو أن الله عز وجل خلق الخلق كلهم بيده لم يحتج في آدم عليه السلام انه خلقه بيده
فيقول: ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي افترى الله عز وجل يبعث الأنبياء بيده.
93 - حدثني أبي عن سعيد بن أبي سعيد عن إسحاق بن جرير قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام أي شئ يقول أصحابك في قول إبليس: خلقتني من نار وخلقته من طين قلت
جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله عز وجل في كتابه، فقال: كذب إبليس يا إسحاق
ما خلقه الله عز وجل الا من طين، ثم قال: قال الله عز وجل: (الذي جعل لكم من الشجر
الأخضر نارا فإذا أنتم توقدون) خلقه الله عز وجل من تلك النار، ومن تلك الشجرة
والشجرة أصلها من طين.
94 - أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن محمد بن يونس
عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: انظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك
من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال: يوم الوقت المعلوم يوم يذبحه رسول الله
صلى الله عليه وآله على الصخرة التي في بيت المقدس.

(1) أي يئس منها.
472

95 - حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن
محبوب عن أبي ولاد عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن امرأة من المسلمات أتت
النبي صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله ان فلانا زوجي وقد نشرت له بطني وأعنته على دنياه
وآخرته لم يرمني مكروها اشكوه إليك، قال: فيم تشكونيه؟ قالت: أنه قال:
انك على حرام كظهر أمي وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمرى، فقال لها
رسول الله صلى الله عليه وآله: ما انزل الله تبارك وتعالى كتابا أقضى فيه بينك وبين زوجك، وانا
اكره أن أكون من المتكلفين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
96 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: المتكلف مخطئ وان أصاب، و
المتكلف لا يستحلب في عاقبة أمره الا الهوان، وفى الوقت الا التعب والعنا والشقا،
والمتكلف ظاهره رياء وباطنه نفاق، وهما جناحان بهما يطير المتكلف، وليس في الجملة
من أخلاق الصالحين ولا من شعار المتقين، المتكلف في أي باب كان قال الله تعالى
لنبيه قل ما أسئلكم عليه من أجر وما انا من المتكلفين.
97 - فيمن لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام وللمتكلف ثلاث
علامات، يتملق إذا حضر، ويغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة.
98 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنى
لكل شئ علامة يعرف بها ويشهد عليها إلى قوله عليه السلام: وللمتكلف ثلاث علامات،
ينازع من فوقه، ويقول ما لا يعلم، ويتعاطى ما لا ينال.
99 - عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه: ومن العلماء من يضع نفسه
للفتاوى ويقول: سلوني ولعله لا يصيب حرفا واحدا، والله لا يحب المتكلفين، فذاك
في الدرك السادس من النار.
100 - في جوامع الجامع وعن النبي صلى الله عليه وآله: للمتكلف ثلاث علامات ينازع
من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم.
101 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن الرضا عليه السلام يقول فيه عن علي عليه السلام
إن المسلمين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس
473

على الاسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كنت لألقى الله
عز وجل ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا وما أنا من المتكلفين.
102 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد -
الرحمان عن عاصم ابن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل:
(قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو الا ذكر للعالمين) قال أمير
المؤمنين عليه السلام: ولتعلمن نبأه بعد حين قال: عند خروج القائم.
103 - علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن
جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والانكار:
(قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) يقول: متكلفا أن أسئلكم ما لستم
بأهله، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمدا أن يكون قهرنا
عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا، فقالوا: ما أنزل الله وما هو الا
شئ يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا ولئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل
بيته ثم لا نعيدها فيهم ابدا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
104 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب ان الحسن بن علي عليهما السلام
خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وتشهد ثم قال: أيها الناس ان الله اختارنا لنفسه و
ارتضانا لدينه واصطفانا على خلقه وانزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله لا ينقصنا أحد
من حقنا شيئا الا انتقصه الله من حقه في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا يكون علينا
دولة الا كانت لنا العاقبة (ولتعلمن نبأه بعد حين).
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة
الزمر استخفاها من لسانه أعطاه الله من شرف الدنيا والآخرة واعزه بلا مال ولا عشيرة
حتى يهابه من يراه، وحرم جسده على النار، وبنى له في الجنة الف مدينة، في
474

كل مدينة الف قصر، في كل قصر مأة حوراء، وله مع هذا عينان تجريان نضاختان
وعينان مدهامتان، وحور مقصورات في الخيام، وذواتا أفنان، ومن كل فاكهة زوجان
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء سورة الزمر
لم يقطع الله رجاه، وأعطاه ثواب الخائفين الذين خافوا الله تعالى.
3 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه ثم اقبل صلى الله عليه وآله
على مشركي العرب فقال: وأنتم فلم عبدتم الأصنام من دون الله؟ فقالوا: نتقرب بذلك إلى الله
تعالى فقال: أو هي سامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها إلى الله؟ قالوا: لا، قال:
فأنتم الذين نحتموها بأيديكم، فلان تعبدكم هي لو كان يجوز منها العبادة أحرى
من أن تعبدوها إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم و
الحكيم فيما يكلفكم.
4 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى مسعدة بن زياد قال: وحدثني جعفر
عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله تبارك وتعالى يأتي يوم القيامة بكل شئ
يعبد من دونه من شمس أو قمر أو غير ذلك، ثم يسأل كل انسان عما كان يعبد فيقول
كل من عبد غيره: ربنا انا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى، قال: فيقول الله تبارك و
تعالى للملائكة: اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت، فان
أولئك عنها مبعدون.
قال عز من قائل: سبحانه هو الله الواحد القهار
5 - في كتاب الخصال ان أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال:
يا أمير المؤمنين أتقول: ان الله واحد فحمل الناس عليه وقالوا: يا أعر أبى أما ترى
ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب (1) فقال أمير المؤمنين عليه السلام: دعوه فان
الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم، ثم قال: يا أعر أبى ان القول في أن
الله واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله تعالى ووجهان يثبتان فيه
فاما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الاعداد فهذا ما لا يجوز

(1) التقسم: التفرق. يقال تقسمته الهموم أي وزعت خواطره.
475

لان ما لا ثاني له يدخل في باب الاعداد الا ترى انه كفر من قال ثالث ثلاثة، وقول
القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز. لأنه تشبيه وجل
ربنا عن ذلك، وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء
شبيه كذلك ربنا، وقول القائل: أنه عز وجل أحدى المعنى، يعنى، به أنه لا ينقسم في
وجود ولا عقل ولاوهم كذلك ربنا عز وجل (1)
6 - في مجمع البيان عند قوله: ثم جعل منها زوجها وفى خلق الوالدين
قبل الولد ثلاثة أقوال إلى قوله: وثالثها أنه خلق الذرية في ظهر آدم وأخرجها من
ظهره كالذر، ثم خلق من بعد ذلك حواء من ضلع من أضلاعه على ما ورد في الاخبار و
هذا ضعيف.
7 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
وفيه وقال: وانزل لكم من الانعام ثمانية أزواج فانزاله ذلك خلقه إياه.
8 - في تهذيب الأحكام محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن
عيسى عن العباس بن موسى الوراق عن يونس بن عبد الرحمان عن أبي جرير القمي قال:
سألت العبد الصالح عليه السلام عن النطفة ما فيها من الدية وما في العلقة وما في المضغة المخلقة وما
يقر في الأرحام؟ قال: إنه يخلق في بطن أمه خلقا من بعد خلق، يكون نطفة أربعين يوما ثم
يكون علقة أربعين يوما، ثم مضغة أربعين يوما ففي النطفة أربعون دينارا، وفى العلقة
ستون دينارا، وفى المضغة ثمانون دينارا، فإذا اكتسى العظام لحما ففيه مأة دينار،
قال الله عز وجل: (ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) فإن كان ذكرا
ففيه الدية وإن كانت أنثى ففيها الدية.
9 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثني محمد بن يحيى العطار
عن أحمد بن محمد عن علي بن السندي عن محمد بن عمرو بن سعيد عن أبيه قال: كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام حيث دخل عليه داود الرقي فقال له: جعلت فداك إن الناس يقولون
إذا مضى للحمل ستة أشهر فقد فرغ الله من خلقته، فقال أبو الحسن عليه السلام: يا داود ادع ولو

(1) لهذا الحديث بيان في كتاب بحار الأنوار فراجع ان شئت ج 3 ص 207 من الطبعة الحديثة
476

بشق الصفا، فقلت: جعلت فداك وأي شئ الصفا؟ قال: ما يخرج مع الولد، فان الله
عز وجل يفعل ما يشاء.
10 - في نهج البلاغة أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام وشغف الأستار
نطفة دهاقا، وعلقة محاقا، وجنينا وراضعا، ووليدا ويافعا (1).
11 - في مجمع البيان: في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة
المشيمة، وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام.
12 - في كتاب مصباح الزائر لابن طاوس رحمه الله في دعاء الحسين عليه السلام
يوم عرفة: وابتدعت خلقي من منى يمنى ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم،
لم تشهر بخلقي ولم تجعل إلي شيئا من أمرى، ثم أخرجتني إلى الدنيا تاما سويا.
13 - في كتاب التوحيد للمفضل بن عمر المنقول عن أبي عبد الله عليه السلام في الرد
على الدهرية قال عليه السلام: سنبتدئ يا مفضل بذكر خلق الانسان فاعتبر به، فأول ذلك
ما يدبر به الجنين في الرحم وهو محجوب في ظلمات ثلاث: ظلمة البطن وظلمة الرحم و
ظلمة المشيمة، حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ولا دفع أذى، ولا استجلاب منفعة ولا
دفع مضرة، فإنه يجرى إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يعذو الماء النبات، فلا يزال
ذلك غذاؤه حتى إذا كمل خلقه واستحكم بدنه وقوى أديمه (2) على مباشرة الهواء و
بصره على ملاقاة الضياء هاج الطلق بأمه فازعجه أشد ازعاج ذا عنفة حتى يولد.
14 - في محاسن البرقي عنه عن بعض أصحابه رفعه في قول الله تبارك وتعالى:
ولا يرضى لعباده الكفر وان تشكروا يرضه لكم فقال: الكفر هيهنا الخلاف و

(1) الشغف - بضمتين جمع شغاف بفتح الشين - واصله غلاف القلب يقال شغفه الحب أي
بلغ شغافه. والدهاق: المملوءة. والمحاق: ثلاث ليال من آخر الشهر، وسميت محاقا لان
القمر يمتحق فيهن أي يخفى وتبطل صورته، قال الشارح المعتزلي: وانما جعل العلقة محاقا هيهنا
لأنها لم تحصل لها الصورة الانسانية بعد فكانت ممحوة ممحوقة، واليافع: الغلام المراهق
لعشرين، وقيل: ناهز البلوغ.
(2) الأديم: الجلد.
477

الشكر الولاية والمعرفة.
15 - في كتاب التوحيد باسناده إلى فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: شاء وأراد ولم يحب ولم يرض. شاء الا يكون شئ الا بعلمه وأراد مثل
ذلك ولم يحب ان يقال له ثالث ثلاثة ولم يرض لعبادة الكفر.
16 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن
ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل: وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه قال: نزلت في أبى الفصيل (1)
انه كان رسول الله عنده ساحرا، فكان إذا مسه الضر يعنى السقم دعا ربه منيبا إليه يعنى
تائبا إليه من قوله: في رسول الله صلى الله عليه وآله ما يقول ثم إذا خوله نعمة منه يعنى العافية نسي ما
كان يدعو إليه يعنى نسي التوبة إلى الله عز وجل مما كان يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه ساحر ولذلك قال الله عز وجل: قل تمتع بكفرك قليلا انك من أصحاب النار
يعنى أمرتك على الناس بغير حق من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله قال ثم قال أبو -
عبد الله عليه السلام: ثم عطف القول من الله عز وجل في علي عليه السلام يخبر بحاله وفضله عند الله
تبارك وتعالى أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة
ربه قل هل يستوى الذين يعلمون ان محمدا رسول الله والذين لا يعلمون ان محمدا رسول الله
وأنه ساحر كذاب انما يتذكر أولوا الألباب قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: هذا
تأويله يا عمار.
17 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي -
عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير يا أبا محمد لقد ذكرنا الله عز وجل وشيعتنا وعدونا في آية
من كتابه فقال عز وجل: (هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر أولوا
الألباب) فنحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا أولوا الألباب،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
18 - في علل الشرايع أبى رحمه الله قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد

(1) كنى به عن الأول.
478

ابن عيسى عن حريز بن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: (آناء الليل ساجدا و
قائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون)
قال: يعنى صلاة الليل. وفى الكافي مثله سندا ومتنا.
19 - في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي
أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال الحسن بن علي عليهما السلام: إذا طلبتم الحوائج
فاطلبوها من أهلها، قيل: يا بن رسول الله من أهلها؟ قال: الذين قص الله في كتابه و
ذكرهم فقال: (انما يتذكر أولوا الألباب) قال: هم أولوا العقول.
20 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عبد المؤمن بن القاسم
الأنصاري عن سعد عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (هل يستوى الذين
يعلمون، والذين لا يعلمون انما يتذكر أولوا الألباب) قال أبو جعفر: انما نحن الذين
يعلمون والذين لا يعلمون عدونا، وشيعتنا أولوا الألباب.
21 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن
سويد عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (هل يستوى الذين يعلمون
والذين لا يعلمون انما يتذكر أولوا الألباب) قال: نحن الذين يعلمون، وعدونا
الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب.
22 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن الحسن العسكري عليه السلام أنه
اتصل بأبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام أن رجلا من فقهاء الشيعة كلم
بعض النصاب فأفحمه بحجته (1) حتى أبان عن فضيحته فدخل على علي بن محمد
عليهما السلام وفى صدر مجلسه دست عظيم (2) منصوب، وهو قاعد خارج الدست و
بحضرته خلق من العلويين وبنى هاشم فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدست وأقبل
عليه، فاشتد ذلك على أولئك الاشراف، فاما العلويون فأجلوه عن العتاب وأما
الهاشميون فقال له شيخهم: يا بن رسول الله هكذا يؤثر عاميا على سادات بني هاشم

(1) أفحمه بالحجة أي اسكته.
(2) الدست هيهنا بمعنى الوسادة.
479

من الطالبيين والعباسيين؟ فقال عليه السلام: إياكم وان تكونوا من الذين قال الله تبارك و
تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم
يتولى فريق منهم وهم معرضون) أترضون بكتاب الله عز وجل حكما؟ قالوا: بلى،
قال: أوليس قال الله عز وجل: (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون)
فكيف تنكرون رفعي لهذا لما رفعه الله إن كسر هذا لفلان الناصب بحجج الله التي علمه
إياها، لا فضل له من كل شرف في النسب، وفى هذا الحديث شئ حذفناه وهو مذكور
عند قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات).
23 - في محاسن البرقي عنه عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
ما قسم الله لعباده شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وافطار
العاقل أفضل من صوم الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، ولا بعث الله
رسولا ولا نبيا حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من عقول جميع أمته، وما يضمر
النبي في نفسه أفضل من اجتهاد جميع المجتهدين، وما أدى العقل فرائض الله حتى
عقل منه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل من عقلائهم، هم أولوا
الألباب الذين قال الله عز وجل: (انما يتذكر أولوا الألباب).
24 - عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة بن خالد قال: دخلت ومعلى بن خنيس
على أبى عبد الله عليه السلام فأذن لنا وليس هو في مجلسه، فخرج علينا من جانب من عند نسائه
وليس عليه جلباب فلما نظر إلينا رحب وقال: مرحبا بكما وأهلا، ثم جلس وقال:
أنتم أولوا الألباب في كتاب الله قال الله تبارك وتعالى: (انما يتذكر أولوا الألباب)
فأبشروا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
25 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن
سويد عن القاسم بن محمد عن علي عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله
عز وجل: (هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)
قال: نحن الذين نعلم وعدونا الذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولوا الألباب شيعتنا.
26 - محمد بن الحسين عن أبي داود المسترق عن محمد بن مروان قال: قلت:
480

لأبي عبد الله عليه السلام: (هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)
قال: نحن الذين نعلم، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولوا الألباب.
27 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: اعلموا يا عباد الله ان المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب، أما لخير
فان الله يثيبه بعمله في دنياه، إلى قوله: وقد قال الله تعالى: يا عبادي الذين آمنوا
اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وارض الله واسعة انما يوفى الصابرين
اجرهم بغير حساب فمن أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة.
28 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد عن عبد الله بن سنان عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب
لأهل البلاء ميزان، ولم ينشر لهم ديوان، ثم تلا هذه الآية: (انما يوفى الصابرون
أجرهم بغير حساب).
29 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل
بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا
كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه، فيقال لهم: من
أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيقال لهم: على ما صبرتم؟ فيقولون: كنا نصبر
على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله، فيقول الله عز وجل: صدقوا أدخلوهم الجنة، وهو
قول الله عز وجل: (انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
30 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: قل ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يقول: غبنوا أنفسهم وأهليهم
يوم القيامة الا ذلك هو الخسران المبين.
31 - في مجمع البيان: والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها وأنابوا إلى الله
لهم البشرى وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أنتم هم، ومن أطاع
جبارا فقد عبده.
32 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
481

حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليه السلام (1) حديث طويل يقول فيه عليه السلام
بعد أن ذكر فضل الامام والمعترفين به: ثم نسبهم فقال: (الذين آمنوا) يعنى بالامام
(وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي تنزل معه أولئك هم المفلحون) يعنى (الذين
اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها) والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان، والعبادة
طاعة الناس لهم، ثم قال: (أنيبوا إلى ربكم واسلموا له) ثم جزاهم فقال: (لهم البشرى
في الحياة الدنيا وفى الآخرة) والامام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم
وبالنجاة في الآخرة، والورود على محمد صلى الله عليه وآله الصادقين على الحوض.
33 - بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن
جعفر عليه السلام: يا هشام ان الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال:
فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و
أولئك هم أولوا الألباب
34 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي -
بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله جل ثناؤه: (الذين يستمعون القول
فيتبعون أحسنه) قال: هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه لا يزيد
فيه ولا ينقص منه.
35 - أحمد بن مهران رحمه الله عن عبد العظيم الحسنى عن علي بن أسباط عن
علي بن عقبة عن الحكم بن أعين عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) إلى آخر الآية قال: هم المسلمون
لآل محمد صلى الله عليه وآله الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه، جاؤوا به
كما سمعوه.
36 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من
فوقها غرف إلى قوله الميعاد فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحاق
عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير هذه الآية بماذا

(1) وفى نسخة (عن أبي جعفر عليه السلام).
482

بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟ فقال: يا علي تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر والياقوت
والزبرجد. سقوفها الذهب، محبوكة (1) بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب،
على كل باب منها ملك موكل به وفيها فرش مرفوعة، بعضها فوق بعض من الحرير
والديباج بألوان مختلفة، حشوها المسك والعنبر والكافور، وذلك قول الله: (وفرش
مرفوعة) فإذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة وضع على رأسه تاج الملك و
الكرامة، والبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر منظوما في الإكليل تحت
التاج، والبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة، منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ
والياقوت الأحمر، وذلك قوله: (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها
حرير) فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا، فإذا استقرت بولي الله
منازله في الجنة استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله إياه، فيقول له
خدام المؤمن ووصفاؤه (2): مكانك فان ولى الله قد اتكى على أريكته وزوجته الحوراء
العيناء قد ذهبت إليه فاصبر لولى الله حتى يفرغ من شغله، قال: فتخرج عليه زوجته
الحوراء من خيمتها تمشى مقبلة وحولها وصفاؤها وعليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت
واللؤلؤ والزبرجد قد صبغن بمسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفى رجلها
نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولى
الله وهم يقوم إليها شوقا تقول: يا ولى الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب، ولا تقم أنا لك و
أنت لي فيعتنقان قدر خمسمأة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، قال: فينظر إلى
عنقها فإذا عليها قلادة من قصب ياقوت أحمر، وسطها لوح مكتوب: أنت ولى الله حبيبي
وأنا الحوراء حبيبتك، إليك تتأهب نفسي وإلى تتأهب نفسك، ثم يبعث الله ألف ملك
يهنونه بالجنة، ويزوجونه الحوراء قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه، فيقولون
للملك الموكل بأبواب الجنان: استأذن لنا على ولى الله فان الله بعثنا مهنين له، فيقول
الملك: حتى أقول للحاجب فيعلم مكانكم، قال: فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه

(1) حبكه: شده وأحكمه.
(2) وصفاء جمع الوصيفة: الجارية.
483

وبين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهى إلى أول باب، فيقول للحاجب: ان على باب
العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين جاؤوا يهنون ولى الله وقد سألوا أن يستأذن لهم
فيقول الحاجب: انه ليعظم على أن استأذن لاحد على ولى الله وهو مع زوجته، قال:
وبين الحاجب وبين ولى الله جنتان، فيدخل الحاجب على القيم فيقول له: ان على
باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين يهنون ولى الله فأعلموه مكانهم قال: فيعلمونه
الخدام مكانهم، قال: فيؤذن لهم فيدخلون على ولى الله وهو في الغرفة ولها ألف باب
وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به، فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولى الله فتح
كل ملك بابه الذي وكل به، فيدخل كل ملك من باب من أبواب الغرفة فيبلغونه
رسالة الجبار، وذلك قول الله: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) يعنى من أبواب
الغرفة (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) وذلك قوله: (وإذا رأيت ثم رأيت
نعيما وملكا كبيرا) يعنى بذلك ولى الله وما هم فيه من الكرامة والنعيم والملك العظيم
وان الملائكة من رسل الجبار ليستأذنون عليهم فلا يدخلون عليه الا بإذن فذلك
الملك العظيم.
وفى روضة الكافي مثله سندا ومتنا الا أن في الروضة بعد قوله: (ولا تمله) فإذا
فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها الخ.
37 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى سلام العبدي قال: دخلت على
أبى عبد الله عليه السلام فقلت له: ما تقول في رجل يؤخر العصر متعمدا؟ قال: يأتي يوم القيامة
موترا أهله وماله قال: قلت: جعلت فداك وإن كان من أهل الجنة؟ قال: وإن كان من أهل
الجنة قال: قلت: وما منزله في الجنة؟ قال: موترا أهله وماله يتضيف أهلها ليس له فيها منزل.
38 - وباسناده إلى أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: قال إن رسول الله
قال الموتر أهله وماله من ضيع صلاة العصر، قلت: وما الموتر أهله وماله؟ قال:
لا يكون له أهل ولا مال في الجنة.
39 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: أفمن شرح الله صدره
للاسلام فهو على نور من ربه قال: نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
484

40 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله وروى أن النبي صلى الله عليه وآله قرأ: (أفمن
شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه) فقال: ان النور إذا وقع في القلب انفسخ
له وانشرح، قالوا: يا رسول الله فهل لذلك علامة يعرف بها؟ قال التجافي عن دار
الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزول الموت.
41 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال الصادق عليه السلام: والقسوة والرقة من
القلب وهو قوله: فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
في مجمع البيان: تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم الآية
42 - روى عن العباس بن عبد المطلب ان النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا اقشعر جلد
العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه (1) كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها.
43 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن
محبوب عن جميل بن صالح عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ضرب الله
مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا قال: اما الذي
فيه شركاء متشاكسون فلان الذي (2) يجمع المتفرقون ولايته، وهم في ذلك يلعن
بعضهم بعضا، ويبرأ بعضهم من بعض، فاما رجل سلم لرجل، فإنه الأول حقا وشيعته و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
44 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر
عليه السلام عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قال: الا وانى مخصوص في القرآن بأسماء احذروا
ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم انا السلم لرسول الله صلى الله عليه وآله يقول الله عز وجل: (ورجلا
سلما لرجل) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
45 - في مجمع البيان وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالاسناد عن علي
عليه السلام أنه قال: انا ذلك الرجل السلم لرسول الله صلى الله عليه وآله.

(1) تحات الورق عن الشجر: تناثر.
(2) كذا في النسخ لكن في المصدر (فلان الأول يجمع المتفرقون... اه).
485

46 - وروى العياشي باسناده عن أبي خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال: الرجل
المسلم للرجل حقا علي وشيعته.
47 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله: في قوله عز وجل:
(ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون) فإنه مثل ضربه الله عز وجل لأمير المؤمنين
صلوات الله عليه، وشركاؤه الذين ظلموه وغصبوا حقه وقوله تعالى: (متشاكسون) أي
متباغضون وقوله عز وجل: (ورجلا سلما لرجل) أمير المؤمنين صلوات الله عليه، سلم لرسول
الله صلى الله عليه وآله ثم عزى نبيه صلى الله عليه وآله فقال جل ذكره: انك ميت وانهم ميتون ثم انكم يوم
القيامة عند ربكم تختصمون يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ومن غصبه حقه.
48 - في عيون الأخبار في باب [آخر في] ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار
المجموعة وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما نزلت هذه الآية (انك ميت و
انهم ميتون) قلت: يا رب أتموت الخلائق كلهم وتبقى الأنبياء؟ فنزلت: (كل نفس
ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون).
49 - وفى باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من أخبار هذه المجموعة وباسناده عن
علي بن أبي طالب عليه السلام: لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لأبغض الأمل وترك طلب الدنيا.
50 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر أيضا أعداء آل محمد ومن كذب
على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله فادعى ما لم يكن له، فقال جل ذكره: فمن أظلم ممن
كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه يعنى بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله من الحق،
وولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام فقال:
والذي جاء بالصدق وصدق به يعنى أمير المؤمنين عليه السلام أولئك هم المتقون (1)
51 - في مجمع البيان: (والذي جاء بالصدق وصدق به) قيل: الذي جاء
بالصدق محمد صلى الله عليه وآله وصدق به علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو المروى عن أئمة الهدى
من آل محمد عليهم السلام.

(1) (في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام والذي
عنده علم الكتاب والذي جاء بالصدق وصدق به انا والناس كلهم كافرون غيره وغيره (منه رحمه الله)
486

52 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل أليس الله بكاف عبده و
يخوفونك بالذين من دونه يعنى يقولون لك: يا محمد اعفنا من على، ويخوفونك
انهم يلحقون بالكفار.
قال عز من قائل: ومن يظلل الله فما له من هاد ومن يهدى الله فما له
من مضل.
53 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
محمد بن إسماعيل عن إسماعيل السراج عن ابن مسكان عن ثابت بن سعيد قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: يا ثابت مالكم وللناس؟ كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم
فوالله لو أن أهل السماوات والأرضين اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد الله ضلالته ما
استطاعوا على أن يهدوه، ولو أن أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على أن يضلوا
عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا ان يضلوه، كفوا عن الناس ولا يقول أحد: عمى و
اخى وابن عمى وجاري، فان الله إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه فلا يسمع معروفا الا
عرفه، ولا منكرا الا أنكره، ثم يقذف في قلبه كلمة يجمع بها امره.
54 - في ارشاد المفيد رحمه الله لما عرض على عبيد الله بن زياد لعنه الله علي بن
الحسين عليهما السلام قال له: من أنت؟ فقال: انا علي بن الحسين، فقال:
أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟ فقال له علي عليه السلام: قد كان لي أخ يسمى عليا قتله
الناس، فقال ابن زياد لعنه الله: بل الله قتله، فقال علي بن الحسين عليهما السلام:
الله يتوفى الأنفس حين موتها فغضب ابن زياد لعنه الله.
55 - في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمن
ابن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يواقع أهله أينام على ذلك؟
قال: إن الله يتوفى الأنفس في منامها، ولا يدرى ما يطرقه من البلية، إذا فرغ فليغتسل.
56 - في مجمع البيان روى العياشي بالاسناد عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن
ثابت عن أبي المقدام عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما من أحد ينام الا عرجت نفسه
إلى السماء، وبقيت روحه في بدنه، وصار بينهما سبب كشعاع الشمس، فان أذن الله
487

في قبض الأرواح أجابت الروح النفس، وان أذن الله في رد الروح أجابت النفس
الروح، وهو قوله سبحانه: (الله يتوفى الأنفس حين موتها) الآية فمهما رأت في ملكوت
السماء والأرض فهو مما يخيله الشيطان ولا تأويل له.
57 - في أصول الكافي حديث طويل عن أبي عبد الله عليه السلام يقول فيه عليه السلام:
لا والله ما مات أبو الدوانيق الا أن يكون مات موت النوم، يقول ذلك مخاطبا لمن
أخبره أنه مات.
58 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أوى
أحدكم إلى فراشه فليقل: اللهم إني احتسبت نفسي عندك فاحتسبها في محل رضوانك
ومغفرتك، فان رددتها إلى بدني فارددها مؤمنة عارفة بحق أوليائك حتى تتوفاها
على ذلك.
59 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه رفعه قال: تقول
إذا أردت النوم: اللهم ان أمسكت بنفسي فارحمها وان أرسلتها فاحفظها.
60 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي -
جعفر عليه السلام قال إذا قمت بالليل من منامك فقل: الحمد لله الذي رد على روحي لأحمده
وأعبده.
61 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أبي
المقدام عن أبي عبد الله عن أبي جعفر عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: والله
ما من عبد من شيعتنا ينام الا أصعد الله روحه إلى السماء، فيبارك عليها وإن كان قد أتى
عليها أجلها جعلها في كنوز من رحمته، وفى رياض جنته، وفى ظل عرشه، وإن كان
أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردوها إلى الجسد الذي خرجت منه
لتسكن فيه. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
62 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب
مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: لا ينام المسلم وهو جنب، لا ينام الا على طهور فإن لم
يجد الماء فليتيمم بالصعيد، فان روح المؤمن ترفع إلى الله تعالى فيقبلها ويبارك عليها،
488

فإن كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته، وان لم يكن أجلها قد حضر بعث
بها مع أمنائه من ملائكته فيردونها في جسده.
63 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه
عليهما السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليمسحه بطرف ازاره
فإنه لا يدرى ما يحدث عليه، ثم ليقل: اللهم إني أمسكت نفسي في منامي فاغفر لها، وان
أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.
64 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى داود بن القاسم الجعفري
عن محمد بن علي الثاني عليه السلام قال: أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم ومعه الحسن بن علي و
سلمان الفارسي وأمير المؤمنين عليه السلام متك على يد سلمان رحمه الله، فدخل المسجد
الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين فرد
عليه السلام فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين أسئلك عن ثلاث مسائل ان أخبرتني علمت أن
القوم ركبوا من أمرك ما أقضى عليهم أنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في
آخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء، فقال له أمير المؤمنين
عليه السلام سلني عما بدا لك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن
الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الولد كيف يشبه الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير
المؤمنين عليه السلام إلى أبى محمد الحسن بن علي عليهما السلام، فقال: يا أبا محمد أجبه
فقال: أما ما سألت عنه من أمر الانسان إذا نام أين تذهب روحه فان روحه معلقة
بالريح والريح معلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فان أذن الله عز وجل
برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح، وجذبت تلك الريح الهواء
فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وان لم يأذن الله عز وجل برد تلك الروح
على صاحبها جذب الهواء الريح، وجذبت الريح الروح، فلم ترد إلى صاحبها إلى
وقت ما يبعث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
65 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سئله رجل
عما اشتبه عليه من الآيات: وأما قوله: (يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) وقوله
489

الله يتوفى الأنفس حين موتها) وقوله: (توفته رسلنا وهم لا يفرطون) وقوله: (الذين
تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) وقوله: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون
سلام عليكم) فان الله تبارك وتعالى يدبر الامر كيف يشاء، ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء
أما ملك الموت فان الله يوكله بخاصته ممن يشاء من خلقه، ويوكل رسله من يشاء من خاصته
ممن يشاء من خلقه، يدبر الامر كيف يشاء، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره
لكل الناس، لان فيهم القوى والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله
الا ان يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه، وانما يكفيك أن تعلم أن الله
المحيى المميت، وانه يتوفى الأنفس على يدي من يشاء ممن خلقه من ملائكته وغيرهم.
66 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن
أذينة عن زرارة قال: حدثني أبو الخطاب في أحسن ما يكون حالا قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا
يؤمنون بالآخرة قال: إذا ذكر الله وحده بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمد
اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين لم يأمر الله بطاعتهم إذا هم
يستبشرون.
67 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن
سليمان بن صالح رفعه عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: إن حديثكم هذا لتشمأز منه
القلوب قلوب الرجال فمن أقر به فزيدوه، ومن أنكره فذروه (1) والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
68 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت
قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) فإنها
نزلت في فلان وفلان وفلان.
69 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفر
عليه السلام قال لا يعذر أحد يوم القيامة بان يقول يا رب لم أعلم أن ولد فاطمة الولاة وفى ولد فاطمة

(1) وفى نسخة (فردوه).
490

أنزل الله هذه الآية خاصة: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة
الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم (1)
70 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان
عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه إذ
يقول: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب
جميعا انه هو الغفور الرحيم) والله ما أراد بهذا غيركم، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
71 - في نهج البلاغة عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار.
72 - وفيه أيضا: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، الحديث.
73 - في مجمع البيان وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ما في القرآن آية
أوسع من: (يا عبادي الذين أسرفوا) الآية وقيل: إن هذه الآية نزلت في وحشى قاتل
حمزة حين أراد أن يسلم وخاف أن لا يقبل توبته، فلما نزلت الآية أسلم، فقيل: يا
رسول الله هذه له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال صلى الله عليه وآله: بل للمسلمين عامة.
74 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم
عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن الهيثم بن واقد الجزري قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: إن الله عز وجل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه، فأوحى إليه ان قل لقومك ان
رحمتي سبقت غضبى فلا تقنطوا من رحمتي، فإنه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
75 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن حماد عن بعض أصحابه رفعه
قال: صعد أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس
ان الذنوب ثلاثة، ثم أمسك فقال له حبة العرني: يا أمير المؤمنين قلت: الذنوب ثلاثة

(1) (في تفسير علي بن إبراهيم هم الولاة على الناس كافة وفى شيعة ولد فاطمة صلوات الله
عليها انزل الله عز وجل هذه الآية الخ. (منه ره).
491

ثم أمسكت؟ فقال: ما ذكرتها الا وأنا أريد ان أفسرها، ولكن عرض لي بهر (1) حال
بيني وبين الكلام، نعم الذنوب ثلاثة: فذنب مغفور، وذنب غير مغفور، وذنب نرجو
لصاحبه ونخاف عليه، قال: يا أمير المؤمنين فبينها لنا، قال: نعم اما الذنوب المغفورة
فعبد عاقبه الله على ذنبه في الدنيا، فالله احكم وأكرم من أن يعاقب عبده مرتين، وأما
الذنب الذي لا يغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض، ان الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه (2)
أقسم قسما على نفسه فقال: وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف ولو مسحة
بكف ولو نطحة ما بين القرناء إلى الجماء (3) فيقتص للعباد بعضهم من بعض حتى
لا يبقى لاحد على أحد مظلمة، ثم يبعثهم للحساب واما الذنب الثالث فذنب ستره الله على خلقه
ورزقه التوبة منه، فأصبح خائفا من ذنبه، راجيا لربه فنحن له كما هو لنفسه نرجو
له الرحمة ونخاف عليه العذاب.
76 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم
عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان المؤمن ليهول عليه في نومه فيغفر له
ذنوبه، وانه ليمتهن (4) في بدنه فيغفر له ذنوبه.
77 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى الحسين عليه السلام قال: قيل لأمير المؤمنين
عليه السلام: صف لنا الموت، فقال: على الخبير سقطتم، هو أحد أمور ثلاثة يرد عليها، اما
بشارة بنعيم ابدا، واما بشارة بعذاب أبدا، واما تخويف وتهويل وأمر مبهم لا يدرى من
أي الفريقين هو؟ فأما ما ولينا المتبع لامرنا فهو المبشر بنعيم الأبد، وأما عدونا المخالف
علينا فهو المبشر بعذاب الأبد، واما المبهم أمره الذي لا يدرى ما حاله فهو المؤمن

(1) البهر - بضم الباء -: تتابع النفس وانقطاعه من الاعياء، وما يعترى الانسان عند
السعي الشديد والعدو من التهيج وتتابع النفس.
(2) لعله كناية عن ظهور احكامه وثوابه وعقابه وحسابه.
(3) نطحه: اصابه بقرنه. والجماء: الشاة التي لا قرن لها.
(4) مهنه - كمنعه -: خدمه وضربه. وامتهنه: استعمله للمهنة. والمهين:
الفقير الضعيف.
492

المسرف على نفسه، لا يدرى ما يؤول إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما محزنا، ثم لن
يسويه الله عز وجل بأعدائنا لكن يخرجه الله عز وجل من النار بشفاعتنا، فاعملوا
وأطيعوا ولا تتكلموا ولا تستصغروا عقوبة الله عز وجل فان المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا
الا بعد عذاب ثلاثمأة الف سنة.
78 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه ومحمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن
إسحاق بن عمار عن عباد بن زياد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عباد ما على ملة
إبراهيم أحد غيركم، وما يقبل الله الا منكم، ولا يغفر الذنوب الا لكم.
79 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير الكلبي
بعث وحشى وجماعة إلى النبي صلى الله عليه وآله انه ما يمنعنا من دينك الا اننا سمعناك تقرء في كتابك
ان من يدعو مع الله إلها آخر ويقتل النفس ويزنى يلق أثاما ويخلد في العذاب ونحن
قد فعلنا هذا كله، فبعث إليهم بقوله تعالى: (الا من تاب وعمل صالحا) فقالوا: نخاف
ان لا نعمل صالحا، فبعث إليهم: (ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)
فقالوا: نخاف ان لا ندخل في المشية، فبعث إليهم: (يا عبادي الذين أسرفوا على
أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا) فجاؤوا واسلموا، فقال النبي
صلى الله عليه وآله لوحشي قاتل حمزة رضوان الله عليه: غيب وجهك عنى، فانى لا أستطيع النظر
إليك، قال: فلحق بالشام فمات في الخمر (1) هكذا ذكر الكلبي.
80 - في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى أبى عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله - حاكيا عن الله جل جلاله -: يا بن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء
إلى قوله: وبسوء ظنك قنطت من رحمتي.

(1) قال الحموي: خمر (بفتح الخاء وتشديد الميم وفتحها): شعب من اعراض المدينة
(انتهى) وقال ابن حجر في الإصابة انه مات بحمص ولعله الصحيح. وفى بعض النسخ (فمات في
الخبر) - وهو بفتح الخاء وتسكين الباء كما قاله ياقوت: موضع في طريق الحاج على ستة أميال
من مسجد سعد بن أبي وقاص فيها بركة للخلفاء وعلى كل حال لا تخلو النسخ من التصحيف والظاهر
ما ذكره في الإصابة.
493

81 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب
مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه نحن الخزان لدين الله، ونحن مصابيح العلم. إذا مضى
منا علم بدا علم، لا يضل من تبعنا ولا يهتدى من أنكرنا، ولا ينجو من أعان علينا عدونا
ولا يعان من أسلمنا، فلا تتخلفوا عنا لطمع دنيا وحطام زايل عنكم، وتزولون عنه،
فان من آثر الدنيا على الآخرة واختارها علينا عظمت حسرته غدا، وذلك قول الله
تعالى: أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن
الساخرين.
82 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته: أنا الهادي وأنا المهدى، وأنا أبو اليتامى والمساكين و
زوج الأرامل، وأنا ملجأ كل ضعيف، ومأمن كل خائف. وأنا قائد المؤمنين إلى
الجنة، وأنا حبل الله المتين، وأنا عروة الله الوثقى وكلمة التقوى، وأنا عين الله ولسانه
الصادق ويده، وأنا جنب الله الذي يقول: (ان تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت
في حنب الله) وانا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة، وانا باب حطته
(1) من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه، لانى وصى نبيه في ارضه، وحجته على
خلقه، لا ينكر هذا الا راد على الله ورسوله.
83 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة وباسناده إلى خيثمة الجعفي عن أبي
جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: نحن جنب الله، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
84 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أحمد بن أبي
نصر عن حسان الجمال قال: حدثني هاشم بن أبي عمار الخيبي قال: سمعت أمير -
المؤمنين عليه السلام يقول: انا عين الله، وانا يد الله، وانا جنب الله، وانا باب الله.
85 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع

(1) تفسير لقوله تعالى: (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) في سورة البقرة الآية
58 وقد مر الحديث وغيره مما ورد في تفسير الآية في المجلد الأول صفحة 69 - 70.
494

عن عمه حمزة بن بزيع عن علي بن سويد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام
في قول الله عز وجل: (يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله) قال: جنب الله أمير المؤمنين
عليه السلام، وكذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهى الامر إلى
آخرهم.
86 - في تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق عليه السلام: نحن جنب الله.
87 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين
عليه السلام حديث طويل وفيه وقد زاد جل ذكره في البيان واثبات الحجة بقوله في أصفيائه
وأوليائه عليهم السلام: (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) تعريفا
للخليقة قربهم، الا ترى انك تقول فلان إلى جنب فلان إذا أردت أن تصف قربه منه
انما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وأنبيائه وحججه
في أرضه، لعلمه ما يحدثه في كتابه المبدلون من اسقاط أسماء حججه منه، وتلبيسهم
ذلك على الأمة ليعينوا على باطلهم. فأثبت فيه الرموز وأعمى قلوبهم وأبصارهم لما عليهم
في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه.
88 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد عن أبي الجارود عن أبي جعفر
عليه السلام أنه قال: نحن جنب الله.
89 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو ذر في خبر عن النبي صلى الله عليه وآله يا
أبا ذر يؤتى بجاحد علي يوم القيامة أعمى أبكم يتكبكب (1) في ظلمات يوم القيامة
ينادى يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وفى عنقه طوق من النار.
90 - الصادق والباقر والسجاد عليهم السلام في هذه الآية قال: جنب الله على و
هو حجة الله على الخلق يوم القيامة.
91 - الرضا عليه السلام في جنب الله قال: في ولاية على.
92 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: انا صراط الله أنا جنب الله.
93 - العياشي باسناده إلى أبى الجارود عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى: (ما فرطت

(1) تكبكب في ثيابه: تزمل.
495

في جنب الله) قال: نحن جنب الله.
94 - في محاسن البرقي عنه عن ابن محمد عن حماد بن عيسى عن حريز عن يزيد
الصائغ عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا يزيد ان أشد الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا
العدل ثم خالفوه، وهو قول الله عز وجل: (ان تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في
جنب الله).
95 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن
أيوب عن القاسم ابن يزيد عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: انا
شجرة من جنب الله، فمن وصلنا وصله الله، قال: ثم تلا هذه الآية: (ان تقول نفس يا
حسرتي على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين).
96 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة
الآية فرد الله عز وجل عليهم فقال: بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها يعنى بالآيات
الأئمة صلوات الله عليهم واستكبرت وكنت من الكافرين يعنى بالله وقوله عز وجل
ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة فإنه حدثني أبي عن ابن أبي
عمير عن أبي المغرا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ادعى أنه امام وليس بامام، قلت: وإن كان
علويا فاطميا؟ قال: وإن كان علويا فاطميا.
97 - قوله عز وجل: أليس في جهنم مثوى للمتكبرين قال: فإنه حدثني أبي
عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن في جهنم لواد
للمتكبرين يقال له سقر، شكى إلى الله عز وجل شدة حره وسأله ان يتنفس فاذن له،
فتنفس فأحرق جهنم.
98 - في كتاب اعتقادات الامامية للصدوق رحمه الله وسئل الصادق عليه السلام عن
قول الله عز وجل: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) قال: من
زعم أنه امام وليس بامام، قيل: وإن كان علويا فاطميا؟ قال: وإن كان علويا فاطميا.
99 - في كتاب ثواب الأعمال أبى رحمه الله قال: حدثني سعد بن عبد الله عن
محمد بن الحسين عن ابن فضال عن معاوية بن وهب عن أبي سلام عن سورة بن كليب عن
496

أبى جعفر عليه السلام قال: قلت قول الله عز وجل: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله
وجوههم مسودة) قال: من زعم أنه امام وليس بامام، قلت: وإن كان علويا فاطميا
قال: وإن كان علويا فاطميا.
100 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليه السلام عند المأمون
في عصمة الأنبياء عليهم السلام باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس
المأمون وعنده الرضا عليه السلام، فقال له المأمون: يا بن رسول الله أليس من قولك ان
الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فما معنى قول الله إلى أن قال: فأخبرني عن
قول الله تعالى: (عفى الله عنك لم أذنت لهم) قال الرضا عليه السلام: هذا مما نزل بإياك أعني
واسمعي يا جاره (1) خاطب الله تعالى بذلك نبيه صلى الله عليه وآله وأراد به أمته، وكذلك قوله
عز وجل: لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين وقوله تعالى
(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) قال: صدقت يا بن رسول الله.
101 - وفيه أيضا في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من أخبار هذه المجموعة و
باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى يحاسب كل خلق الا من أشرك بالله،
فإنه لا يحاسب ويؤمر به إلى النار.
102 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب صحيح الدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وآله
أمر بقطع لص فقال اللص: يا رسول الله قدمته في الاسلام وتأمره بالقطع؟ فقال:
لو كانت ابنتي فاطمة، فسمعت فاطمة فحزنت، فنزل جبرئيل بقوله: (لئن أشركت
ليحبطن عملك) فحزن رسول الله صلى الله عليه وآله فنزل: (لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا)
فتعجب النبي صلى الله عليه وآله من ذلك، فنزل جبرئيل وقال: كانت فاطمة حزنت من قولك،
فهذه الآيات لموافقتها لترضى.
103 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحكم بن بهلول عن رجل
عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: (ولقد أوحى إليك والى الذين من قبلك لئن أشركت

(1) هذا مثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره وقيل إن أول من قال ذلك سهل بن
مالك الفزاري في قصة ذكره الميداني في مجمع الأمثال ج 1 صفحة 50 فراجع ان شئت.
497

ليحبطن عملك) يعنى ان أشركت في الولاية غيره بل الله فاعبد وكن من الشاكرين يعنى
بل الله فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمك.
104 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب الله عز وجل نبيه فقال: (ولقد أوحى
إليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)
فهذه مخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى لامته، وهو ما قال الصادق صلوات الله عليه: ان الله
عز وجل بعث نبيه بإياك أعني واسمعي يا جاره، والدليل على ذلك قوله عز وجل:
(بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) وقد علم الله ان نبيه صلى الله عليه وآله يعبده ويشكره، ولكن
استعبد نبيه بالدعاء إليه تأديبا لامته.
105 - حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي
عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله لنبيه:
(لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) قال: تفسيرها لئن أمرت
بولاية أحد مع ولاية على صلوات الله عليه من بعدك ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين
وقال علي بن إبراهيم في قوله عز وجل: وما قدروا الله حق قدره قال: نزلت
في الخوارج.
106 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة
باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: من خاف منكم الغرق فليقرأ (بسم الله مجريها و
مرساها ان ربى لغفور رحيم) بسم الله الملك القوى (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا
قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)
107 - في كتاب التوحيد خطبة لعلي بن أبي طالب عليه السلام وفيها يقول عليه السلام الذي
لما شبهه العادلون بالخلق المبعض المحدود ذي الأقطار والنواحي المختلفة
في طبقاته، وكان عز وجل الموجود بنفسه لا بأداته (1) انتفى أن يكون قدروه
حق قدره، فقال تنزيها لنفسه عن مشاركة الأنداد، وارتفاعا عن قياس المقدرين له
بالحدود من كفرة العباد: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر (لا عباداته) مكان (لا بأداته).
498

والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) فما دلك القرآن عليه من
صفته فاتبعه لتوصل بينك وبين معرفته وائتم به واستضئ بنور هدايته، فإنها نعمة
وحكمة أوتيتها، فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين، وما دلك الشيطان عليه مما ليس
في القرآن عليك فرضه ولا في سنة الرسول وأئمة الهدى أثره، فكل علمه إلى الله عز وجل
فان ذلك منتهى حق الله عليك.
108 - حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن
يعقوب الكليني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان الكليني رضي الله عنه
قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري
عليه السلام عن قول الله: (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه)
فقال ذلك تعيير الله تبارك وتعالى لمن شبهه بخلقه، الا ترى أنه قال: (وما قدروا الله حق
قدره) ومعناه إذ قالوا [ان الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه
كما قال عز وجل: (وما قدروا الله حق قدره) لو قالوا] (1) ما أنزل الله على بشر من شئ
ثم نزه عز وجل نفسه عن القبضة واليمين فقال: (سبحانه وتعالى عما يشركون) (2).

(1) ما بين العلامتين انما هو في نسخة البحار فقط دون المصدر وساير ما عندي من نسخ الكتاب
(2) وقال الطبرسي (ره) في مجمع البيان أي يطويها بقدرته كما يطوى أحد منا الشئ
المقدور له طيه بيمينه وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك كما قال: (أو ما ملكت
ايمانكم) أي ما كانت تحت قدرتكم إذ ليس الملك يختص باليمين دون الشمال وساير الجسد، انتهى)
وقال الرضى (ره) في تلخيص البيان وهاتان استعارتان ومعنى (قبضته) هيهنا أي ملك خالص قد
ارتفعت عنه أيدي المالكين من بريته والمتصرفين فيه من خليقته ومعنى قوله (والسماوات مطويات
بيمينه) أي مجموعات في ملكه ومضمونات بقدرته واليمين هيهنا بمعنى الملك يقول القائل: هذا ملك
يميني وليس يريد اليمين التي هي الجارحة وقد يعبرون عن القوة أيضا باليمين فيجوز على هذا التأويل
أن يكون معنى قوله (مطويات بيمينه) أي يجمع أقطارها ويطوى انتشارها بقوته كما قال سبحانه
(يوم نطوى السماء كطي السجل للكتب).
قال المجلسي (ره) بعد نقل الحديث ما لفظه: هذا وجه حسن لم يتعرض له المفسرون، -
499

110 - حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد
ابن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم
ابن بهلول عن أبيه عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن قول الله عز وجل: (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة) فقال: يعنى ملكه،
لا يملكها معه أحد، والقبض من الله تعالى في موضع آخر المنع والبسط منه الاعطاء
والتوسع، كما قال عز وجل: (والله يقبض ويبسط واليه ترجعون) يعنى يعطى و
يوسع ويمنع ويضيق، والقبض منه عز وجل في وجه آخر الاخذ، والاخذ في وجه
القبول منه، كما قال: (يأخذ الصدقات) أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها، قلت:
فقوله عز وجل: (والسماوات مطويات بيمينه)؟ قال: اليمين اليد واليد القدرة والقوة يقول
عز وجل: (والسماوات مطويات بيمينه) أي بقدرته وقوته (سبحانه وتعالى عما يشركون).
111 - وباسناده إلى الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن الله
عز وجل لا يوصف.
112 - قال: وقال زرارة: قال أبو جعفر عليه السلام: ان الله لا يوصف، وكيف
يوصف وقد قال في كتابه: (وما قدروا الله حق قدره) فلا يوصف بقدر الا كان أعظم
من ذلك.
113 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن
محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:
والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق، وأكرم أهل بيته ما من شئ يطلبونه من حرز
من حرق أو غرق أو سرق أو افلات دابة من صاحبه أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن،
فمن أراد ذلك فليسألني عنه، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين اخبرني
عما يؤمن من الحرق والغرق فقال: اقرأ هذه الآيات (الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى
الصالحين وما قدروا الله حق قدره) إلى قوله: (سبحانه وتعالى عما يشركون) فمن

قوله تعالى: (وما قدروا الله حق قدره) متصل بقوله: (والأرض جميعا) فيكون على تأويله
عليه السلام القول مقدرا أي ما عظموا الله حق تعظيمه وقد قالوا: إن الأرض جميعا.
500

قرئها فقد امن من الحرق والغرق، قال: فقرئها واضطرمت النار في بيوت
جيرانه وبيته وسطها فلم يصبه شئ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
114 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام أبو عتاب عبد الله بن بسطام قال:
حدثنا إبراهيم بن محمد الأزدي عن صفوان الجمال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
علي بن الحسين عليهم السلام ان رجلا شكى إلى أبى عبد الله الحسين بن علي عليهما
السلام فقال: يا بن رسول الله انى أجد وجعا في عراقيبي (1) قد منعني عن النهوض
إلى الغزو، قال: فما يمنعك من العوذة؟ قال: لست أعلمها، قال: فإذا أحسست بها فضع
يدك عليها وقل بسم الله وبالله والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم اقرأ عليه: (وما
قدروا الله حق قدره والأرض جميعا يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه
وتعالى عما يشركون) ففعل الرجل ذلك فشفاه الله تعالى.
115 - في ارشاد المفيد رحمه الله ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وآله من تبوك إلى المدينة
قدم عليه عمرو بن معدى كرب الزبيدي فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أسلم يا عمر ويؤمنك الله من
الفزع الأكبر، فقال: يا محمد وما الفزع الأكبر فانى لا أفزع؟ فقال: يا عمرو
انه ليس كما تظن وتحسب، ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت الا نشر،
ولا حي الا مات الا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة أخرى فينشر من مات، ويصفون
جميعا وتنشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال وتزفر النار (2) بمثل الجبال شررا
فلا يبقى ذو روح إلا أن خلع قلبه وطاش لبه وذكر ذنبه وشغل بنفسه الا ما شاء الله،
فأين أنت يا عمرو من هذا؟ قال: الا أنى اسمع أمرا عظيما، فآمن بالله وبرسوله
وآمن معه من قومه ناس ورجعوا إلى قومهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
116 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد
ابن النعمان الأحول عن سلام بن المستنير عن ثوير بن أبي فاختة عن علي بن الحسين
عليهما السلام قال: سئل عن النفختين كم بينهما؟ قال: ما شاء الله، قال: فأخبرني

(1) عراقيب جمع العرقوب: عصب غليظ فوق عقب الانسان
(2) وفى المصدر (وتهد الأرض وتخر الجبال هدا وترمى النار.. اه).
501

يا بن رسول الله كيف ينفخ فيه: فقال: أما النفخة الأولى فان الله عز وجل يأمر
إسرافيل فيهبط إلى الدنيا ومعه الصور، وللصور رأس واحد وطرفان، وبين طرف
كل رأس منهما إلى الآخر مثل ما بين السماء إلى الأرض، قال: فإذا رأت الملائكة
إسرافيل قد هبط إلى الدينا ومعه الصور قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض وفى
موت أهل السماء، قال: فيهبط إسرافيل بحضيرة بيت المقدس ويستقبل الكعبة
فإذا رأوه أهل الأرض قالوا: قد أذن الله عز وجل في موت أهل الأرض، قال: فينفخ
فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض، فلا يبقى في الأرض ذو روح
الا صعق ومات، ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات ذو
روح الا صعق ومات الا إسرافيل، قال: فيقول الله لإسرافيل يا إسرافيل: مت فيموت إسرافيل
فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر السماوات فتمور، ويأمر الجبال فتسير وهو
قوله: (يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا) يعنى تبسط (وتبدل الأرض غير
الأرض) يعنى بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة، ليس عليها جبال ولا نبات كما
دحاها أول مرة، ويعيد عرشه على الماء كما كان أول مرة مستقلا بعظمته وقدرته،
قال: فعند ذلك ينادى الجبار بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار السماوات والأرضين
(لمن الملك اليوم)؟ فلم يجبه مجيب فعند ذلك يقول الجبار [عز وجل] مجيبا
لنفسه (لله الواحد القهار) وانا قهرت الخلايق كلهم وأمتهم إني انا الله لا اله إلا
أنا وحدي لا شريك لي ولا وزير لي وأنا خلقت خلقي بيدي، وانا أمتهم بمشيتي، وأنا
أحييهم بقدرتي، قال: فينفخ الجبار نفخة أخرى في الصور فيخرج الصوت من أحد
الطرفين الذي يلي السماوات، فلا يبقى في السماوات أحد الا حيى وقام كما كان، و
يعود حملة العرش وتحضر الجنة والنار، ويحشر الخلايق للحساب، قال: فرأيت
علي بن الحسين عليهما السلام يبكى عند ذلك بكاء شديدا.
117 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل وفيه قال السائل: أفتتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟ قال: بل
هو باق إلى وقت ينفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس.
502

ثم أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها، وذلك أربعمأة سنة تسبت (1) فيها الخلق وذلك
بين النفختين.
118 - في مجمع البيان فصعق من في السماوات ومن في الأرض الا من
شاء الله اختلف في المستثنى فقيل: هم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت و
هو المروى في حديث مرفوع.
119 - وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله انه سأل جبرئيل عن هذه الآية من ذا
الذي لم يشأ الله أن يصعقهم؟ قال: هم الشهداء متقلدون أسيافهم حول العرش وقال
قتادة في حديث رفعه: انما بين النفختين أربعون سنة.
قال عز من قائل: فإذا هم قيام ينظرون.
120 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن
دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد الله ان يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض
أربعين صباحا، فاجتمعت الأوصال (2) ونبتت اللحوم، وقال: أتى جبرئيل عليه السلام
رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ بيده وأخرجه إلى البقيع فانتهى به إلى قبر، فصوت بصاحبه
فقال: قم بأمر الله فخرج منه رجل أبيض الرأس واللحية يمسح التراب عن رأسه وهو
يقول: الحمد لله والله أكبر، فقال جبرئيل عليه السلام: عد بإذن الله ثم انتهى به إلى قبر آخر
فقال: قم بإذن الله، فخرج منه رجل مسود الوجه وهو يقول: يا حسرتاه يا ثبوراه، ثم
قال جبرئيل عليه السلام: عد إلى ما كنت فيه بإذن الله عز وجل، فقال: يا محمد هكذا يحشرون
يوم القيامة، فالمؤمنون يقولون هذا القول، وهؤلاء يقولون ما ترى.
121 - حدثنا محمد بن أبي عبد الله قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثني
القاسم بن الربيع قال: حدثني صباح المدائني قال: حدثنا المفضل بن عمر أنه سمع
أبا عبد الله عليه السلام يقول: في قوله عز وجل: وأذشرقت الأرض بنور ربها قال: رب
الأرض يعنى امام الأرض، قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: إذا يستغنى الناس عن

(1) سبت: استراح.
(2) قال الجوهري: الأوصال: المفاصل.
503

ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الامام.
122 - في ارشاد المفيد رحمه الله وروى المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: إذا قائمنا قام أشرقت الأرض بنور ربها واستغنى العباد عن ضوء الشمس و
ذهبت الظلمة.
قال عز من قائل: وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا إلى قوله: فادخلوها
خالدين.
123 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: إن
للنار سبعة أبواب باب يدخل منه فرعون وهامان وقارون، وباب يدخل منه المشركون
والكفار ممن لم يؤمن بالله طرفة عين، وباب يدخل منه بنو أمية هو لهم خاصة وهو باب
لظى، وهو باب سقر وهو باب الهاوية يهوى بهم سبعين خريفا فكلما هوى بهم سبعين
خريفا فار بهم فورة قذف بهم في أعلاها سبعين خريفا ثم هوى بهم هكذا سبعين خريفا
فلا يزالون هكذا أبدا خالدين مخلدين، وباب يدخل منه مبغضونا ومحاربونا وخاذلونا
وإنه لأعظم الأبواب وأشدها حرا.
قال محمد بن الفضل الرزقي: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: الباب الذي ذكرت
عن أبيك عن جدك عليهما السلام أنه يدخل منه بنو أمية يدخله من مات منهم على الشرك
أو ممن أدرك الاسلام منهم؟ فقال: لا أم لك ألم تسمعه يقول: وباب يدخل منه المشركون
والكفار، فهذا باب يدخل منه كل مشرك وكل كافر لا يؤمن بيوم الحساب، وهذا
الباب الآخر يدخل منه بنوا أمية، لأنه هو لأبي سفيان ومعاوية وآل مروان خاصة
يدخلون من ذلك الباب، فتحطمهم النار فيه حطما لا يسمع لهم واعية لا يحيون فيها
ولا يموتون.
124 - في مجمع البيان (لها سبعة أبواب) فيه قولان: أحدهما ما روى
عن أمير المؤمنين عليه السلام ان جهنم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق بعض، ووضع إحدى يديه
على الأخرى فقال: هكذا، وان الله وضع الجنان على العرض ووضع النيران بعضها
فوق بعض فأسفلها جهنم، وفوقها لظى، وفوقها الحطمة، وفوقها سقر، وفوقها الجحيم
504

وفوقها السعير، وفوقها الهاوية، وفى رواية الكلبي أسفلها الهاوية وأعلاها جهنم.
125 - في تفسير العياشي عن أبي بصير قال يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب بابها الأول
للظالمين وهو زريق وبابها الثاني للحبتر وبابها الثالث للثالث، والرابع لمعاوية والخامس
لعبد الملك. والسادس لعكر بن هو سر، والسابع لأبي سلامة فهم أبواب لمن اتبعهم (1)
126 - في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه السلام عن الواحد إلى المأة
قال له اليهودي: فما السبعة؟ قال: سبعة أبواب النار متطابقات، قال: فما الثمانية؟ قال:
ثمانية أبواب الجنة.
127 - وفيه أيضا في بيان مناقب لأمير المؤمنين عليه السلام وتعدادها قال عليه السلام: و
اما التاسعة والثلاثون فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كذب من زعم أنه يحبني
ويبغض عليا، لا يجتمع حبى وحبه الا في قلب مؤمن، ان الله عز وجل جعل أهل
حبى وحبك يا علي في زمرة أول السابقين إلى الجنة، وجعل أهل بغضي وبغضك في
أول زمرة الضالين من أمتي إلى النار.
128 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى الجارود قال: قلت لأبي -
جعفر عليه السلام: أخبرني بأول من يدخل النار؟ قال: إبليس ورجل عن يمينه
ورجل عن يساره.
129 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام
قال: إن للجنة ثمانية أبواب، باب يدخل منه النبيون والصديقون، وباب يدخل منه
الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب تدخل منها شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفا
على الصراط أدعو وأقول: رب سلم شيعتي ومحبتي وأنصاري ومن تولاني في دار الدنيا
فإذا النداء من بطنان العرش قد أجبت دعوتك وشفعت في شيعتك، ويشفع كل رجل
من شيعتي ومن تولاني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفا من
جيرانه وأقربائه، وباب يدخل منه ساير المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله، ولم
يكن في قلبه مثقال ذرة من بغضنا أهل البيت.

(1) مر الحديث بمعناه في الجزء الثالث صفحة 18 فراجع.
505

130 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: أحسنوا الظن بالله، واعلموا أن للجنة ثمانية
أبواب، عرض كل باب منها مسيرة أربعمأة سنة.
131 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى الصادق جعفر بن محمد عن
أبيه عن علي عليه السلام حديث طويل وفيه: ومن صلى ثلث ليلة لم يبق ملك الا غبطه بمنزلته
من الله عز وجل، وقيل له: أدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت.
132 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله وروى أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
لعثمان بن مظعون: يا عثمان بن مظعون للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
133 - في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبيه
عن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للجنة باب يقال
له باب المجاهدين يمضون إليه، فإذا هو مفتوح وهم متقلدون بسيوفهم والجمع في
الموقف، والملائكة تزجر، فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلا وفقرا في معيشته ومحقا
في دينه، ان الله أعز أمتي بسنابك خيلها (1) ومراكز رماحها.
134 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن
أورمة عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
تنافسوا في المعروف لاخوانكم وكونوا من أهله، فان للجنة بابا يقال له المعروف
لا يدخله الا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
135 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى الحسين بن علوان عن جعفر
عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان للجنة بابا يقال له باب المعروف،
لا يدخله الا أهل المعروف.
136 - في مجمع البيان وعن سهل بن سعد الساعدي ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن
في الجنة ثمانية أبواب، منها باب يسمى الريان لا يدخلها الا الصائمون، رواه البخاري

(1) سنابك جمع سنبك: طرف الحافر.
506

ومسلم في الصحيحين.
137 - فيمن لا يحضره الفقيه في خبر بلال عن النبي صلى الله عليه وآله قال: قلت لبلال:
فما أبوابها يعنى الجنة؟ قال: إن أبوابها مختلفة، باب الرحمة من ياقوتة حمراء، و
قال: اكتب بسم الله الرحمان الرحيم، اما باب الصبر فباب صغير مصراع واحد من
ياقوتة حمراء، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان مسيرة ما بينهما مسيرة
خمسمأة عام له ضجيج وحنين، يقول: اللهم جئني بأهلي، قال: هل قلت يتكلم الباب؟ قال:
نعم ينطقه الله ذو الجلال والاكرام، وأما باب البلاء [فليس باب البلاء] هو باب الصبر، قال:
قلت: فما البلاء؟ قال: المصائب والأسقام والأمراض والجذام، وهو باب من ياقوتة
صفراء مصراع واحد، ما أقل من يدخل فيه، أما الباب الأعظم فيدخل منه العباد
الصالحون وهم أهل الزهد والورع والراغبون إلى الله عز وجل المستأنسون به.
138 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليهما السلام في الوعظ و
الزهد في الدنيا يقول فيه عليه السلام: اعلموا عباد الله ان أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين
ولا تنشر لهم الدواوين، وانما يحشرون إلى جهنم زمرا، وانما نصب الموازين ونشر
الدواوين لأهل الاسلام.
139 - في نهج البلاغة: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا
جاؤها وفتحت أبوابها قد أمن العذاب وانقطع العتاب وزحزحوا عن النار، و
اطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار، الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، و
عينهم باكية وكان ليلهم في دنياهم نهارا تخشعا واستغفارا، وكان نهارهم ليلا توحشا
وانقطاعا، فجعل الله لهم الجنة ثوابا وكانوا أحق بها وأهلها في ملك دائم و
نعيم قائم.
140 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث
طويل يقول فيه وقد ذكر عليا وأولاده عليهم السلام: الا ان أوليائهم الذين يدخلون
الجنة آمنين، ويتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين.
141 - في تفسير علي بن إبراهيم قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان فلانا وفلانا غصبوا
507

حقنا واشتروا به الإماء وتزوجوا به النساء، الا وانا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حل
لتطيب مواليدهم.
142 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه وقد سئله
رجل عما اشتبه عليه من الآيات فأما قوله عز وجل: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)
فان ذلك في موضع ينتهى فيه أولياء الله عز وجل بعدما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى
الحيوان، فيغتسلون فيه ويشربون منه، فتنضر وجوههم اشراقا، فيذهب عنهم كل
قذى ووعث (1) ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف
يثيبهم ومنه يدخلون الجنة فذلك قوله عز وجل في تسليم الملائكة عليهم: سلام عليكم
طبتم فادخلوها خالدين فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ما وعدهم، فذلك
قوله: (إلى ربها ناظرة) وانما يعنى بالنظر إليه بالنظر إلى ثوابه تبارك وتعالى.
143 - في الكافي سهل بن زياد قال: روى أصحابنا إن حد القبر إلى
الترقوة وقال بعضهم إلى الثدي، وقال بعضهم قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس
من في القبر وأما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس، قال: ولما حضر علي بن الحسين
عليهما السلام الوفاة أغمي عليه فبقي ساعة ثم رفع عنه الثوب ثم قال: الحمد لله الذي
أورثنا الجنة نتبوأ منها حيث نشاء فنعم اجر العاملين، ثم قال: احفروا لي وأبلغوا
إلى الرشح ثم مد الثوب عليه فمات عليه السلام.
144 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: (الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء) يعنى أرض الجنة
145 - حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام قال:
لما حضر علي بن الحسين عليه السلام الوفاة أغمي عليه ثلاث مرات، فقال في المرة الأخيرة:
(الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين)
ثم مات عليه السلام.

(1) القذى: ما يقع في العين وفى الشراب من تبنة أو غيرها. والوعث: الهزال ثم
أستعير لكل أمر شاق من تعب أو اثم.
508

146 - في أصول الكافي محمد بن أحمد عن عمه عبد الله بن الصلت عن
الحسن بن علي بن بنت إلياس عن أبي الحسن عليه السلام قال: سمعته يقول: إن علي بن
الحسين عليهما السلام، لما حضرته الوفاة أغمي عليه ثم فتح عينيه وقرء: (إذا وقعت الواقعة)
و (انا فتحنا لك فتحا مبينا) وقال: (الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ
من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين) ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا.
147 - وباسناده إلى أبى حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام
قال: إذا جمع الله الأولين والآخرين قام مناد فنادى يسمع الناس فيقول: أين المتحابون
في الله؟ قال: فيقوم عنق من الناس فيقال لهم: إذهبوا إلى الجنة بغير حساب، قال:
فتتلقاهم الملائكة فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة بغير حساب، قال:
فيقولون: فأي حزب أنتم من الناس؟ فيقولون: نحن المتحابون في الله، قال:
فيقولون: وأي شئ كانت أعمالكم؟ قالوا: كنا نحب في الله ونبغض في الله، قال:
فيقولون: نعم أجر العاملين.
148 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب قال: سمعت
أبا حمزة يقول: سمعت العبد الصالح عليه السلام يقول: من زار أخاه المؤمن لله لا لغيره يطلب
به ثواب الله وينجز ما وعده الله عز وجل وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك من حين
يخرج من منزله حتى يعود إليه، ينادونه: الا طبت وطابت لك الجنة تبوأت من
الجنة منزلا.
149 - في كتاب التوحيد خطبة عجيبة لأمير المؤمنين علي عليه السلام وفيها ثم إن الله
- وله الحمد - افتتح الكتاب بالحمد لنفسه وختم أمر الدنيا ومجئ الآخرة بالحمد لنفسه،
فقال: وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرء حم
509

المؤمن في كل ليلة غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وألزمه كلمة التقوى وجعل
الآخرة خيرا له من الدنيا.
2 - وباسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحواميم رياحين القرآن، فإذا قرأتموها
فاحمدوا الله واشكروه لحفظها وتلاوتها، ان العبد ليقوم ويقرأ الحواميم فيخرج
من فيه أطيب من المسك الأذفر والعنبر، وان الله عز وجل ليرحم تاليها وقارئها
ويرحم جيرانه وأصدقائه ومعارفه وكل حميم وقريب له، وانه في يوم القيامة يستغفر
له العرش والكرسي وملائكة الله المقربون.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ سورة حم
المؤمن لم يبق روح نبي ولا صديق ولا مؤمن الا صلوا عليه واستغفروا له.
4 - وروى أبو بزرة الأسلمي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أحب أن يرتع في رياض
الجنة فليقرء الحواميم في صلاة الليل.
5 - انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الحواميم تاج القرآن.
6 - في تفسير علي بن إبراهيم الحسن عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء الحواميم في ليلة قبل أن ينام كان في درجة محمد
وآل محمد وإبراهيم صلوات الله عليهما وآل إبراهيم، وكل قريب له أو بسبيل إليه، ثم
قال أبو عبد الله عليه السلام: الحواميم تأتى يوم القيامة أنثى من أحسن الناس وجها وأطيبه،
معها ألف ألف ملك مع كل ملك ألف ألف ملك حتى تقف بين يدي الله عز وجل، فيقول
لها الرب: من ذا الذي يقرأك فيقضى قرائتك؟ فيقوم طائفة من الناس لا يحصيهم الا الله
فيقول لهم: لعمري لقد أحسنتم تلاوة الحواميم فمتم بها في حياتكم الدنيا، وعزتي
وجلالي لا تسألوني اليوم شيئا كائنا ما كان الا أعطيتكم، ولو سألتموني جميع جناتي
أو جميع ما أعطيته عبادي الصالحين وأعددته لهم، فيسألونه جميع ما أرادوا وتمنوا، ثم يؤمر
بهم إلى منازلهم في الجنة وقد أعد لهم فيها ما لم يخطر على بال مما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
7 - في كتاب معاني الأخبار وباسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وأما حم فمعناه الحميد المجيد.
510

8 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الرحمان بن سمرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لعن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا، ومن
جادل في آيات الله فقد كفر قال الله عز وجل: ما يجادل في آيات الله الا الذين
كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
9 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن عبد الله الحميري عن أبيه عن
محمد بن الحسين ومحمد بن عبد الجبار جميعا عن محمد بن سنان عن المنخل بن خليل
الرقي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: وكذلك حقت كلمة ربك على الذين
كفروا أنهم أصحاب النار يعنى بنى أمية.
10 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد ان لله ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور
شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه، وذلك قول الله عز وجل: الذين يحملون
العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا استغفارهم والله
لكم دون هذا الخلق، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
11 - محمد بن أحمد عن عبد الله بن الصلت عن يونس عمن ذكره عن أبي بصير
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد ان لله عز ذكره ملائكة يسقطون الذنوب عن
ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق من الشجر أوان سقوطه، وذلك قوله عز وجل:
(يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا) والله ما أراد غيركم.
12 - في عيون الأخبار باسناده عن الرضا عن علي بن أبي طالب عليهما السلام عن
رسول الله (ص) حديث طويل وفيه يقول صلى الله عليه وآله: وان الملائكة لخدامنا وخدام محبينا، يا علي
الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.
13 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن
داود المنقري عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل: الملائكة أكثر أم بنو آدم؟
فقال: والذي نفسي بيده لملائكة الله في السماوات أكثر من عدد التراب في الأرض،
وما في السماء موضع قدم الا وفيه ملك يسبحه ويقدسه، ولا في الأرض شجرة ولا مدرة
511

الا وفيها ملك موكل بها يأتي الله كل يوم بعملها، والله أعلم بها، وما منهم أحد الا و
يتقرب كل يوم إلى الله بولايتنا أهل البيت ويستغفر لمحبنا ويلعن أعدائنا، ويسال الله
عز وجل أن يرسل عليهم العذاب إرسالا، وقوله: (الذين يحملون العرش) يعنى
رسول الله صلى الله عليه وآله والأوصياء من بعده يحملون علم الله (ومن حوله) يعنى الملائكة
(يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا) يعنى شيعة آل محمد (ربنا وسعت كل
شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا) من ولاية فلان وفلان وبنى أمية (واتبعوا سبيلك)
أي ولاية ولى الله (وقهم عذاب الجحيم) إلى قوله (الحكيم) يعنى من تولى عليا عليه السلام،
فذلك صلاحهم (وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته) يعنى يوم القيامة
(وذلك هو الفوز العظيم) لمن نجاه الله من هؤلاء يعنى ولاية فلان وفلان وفلان.
14 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض
أصحابنا رفعه قال: إن الله عز وجل أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها
جميع أهل السماوات والأرض لنجوا بها، قوله: (الذين يحملون العرش ومن حوله
يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر
للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم
ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم انك أنت العزيز الحكيم * وقهم السيئات
ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم) والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
15 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن عيسى عن حريز عن محمد
ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: الصلاة على المستضعف والذي لا يعرف
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والدعاء للمؤمنين والمؤمنات يقول: ربنا اغفر للذين تابوا
واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم إلى آخر الآيتين.
16 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن الفضيل بن
يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا صليت على المؤمن فادع له واجتهد له في الدعاء، وإن كان
واقفا مستضعفا فكبر وقل: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم.
512

17 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن رجل عن سليمان بن خالد
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد ان محمدا رسول الله اللهم
صل على محمد عبدك ورسولك، اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته وبيض
وجهه وأكثر تبعه، اللهم اغفر لي وارحمني وتب على، اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا
سبيلك وقهم عذاب الجحيم، فإن كان مؤمنا دخل فيها، وإن كان ليس بمؤمن
خرج منها.
18 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال جل ذكره: ان الذين كفروا يعنى بنى -
أمية ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الايمان يعنى إلى ولاية
على صلوات الله عليه.
19 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: ربنا أمتنا اثنتين و
أحييتنا اثنتين إلى قوله من سبيل قال الصادق عليه السلام: ذلك في الرجعة.
20 - أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن
جعفر بن بشير عن الحكم بن زهير عن محمد بن حمدان عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله
عز وجل: إذا دعى الله وحده كفرتم وان يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلى الكبير
يقول: إذا ذكر الله وحده بولاية من أمر الله بولايته كفرتم، وإن يشرك به من ليست له
ولاية تؤمنوا.
21 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط
عن علي بن منصور عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه السلام:
(ذلك بأنه إذا دعى الله وحده وأهل الولاية كفرتم).
22 - في نهج البلاغة كبير لا يوصف بالخفاء.
23 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل:
هو الذي يريكم آياته يعنى الأئمة صلوات الله عليهم الذين أخبرنا الله عز وجل
ورسول الله صلى الله عليه وآله بهم، وقوله: رفيع الدرجات ذو العرش يلقى الروح من أمره
على من يشاء من عباده قال: روح القدس عليه السلام، وهو خاص لرسول الله والأئمة
513

صلوات الله عليهم، وقوله عز وجل: لينذر يوم التلاق قال: يوم يلتقى أهل السماوات والأرض
24 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن القاسم
ابن محمد الأصفهاني عن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يوم التلاق
يوم يلتقى أهل السماء وأهل الأرض.
25 - في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن بكران النقاش رحمه الله بالكوفة،
قال حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثني علي بن الحسن بن فضال عن أبيه
عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين
عليه السلام في ا ب ت ث أنه قال: الألف الآء الله إلى قوله عليه السلام: فالميم ملك الله يوم لا مالك
غيره، ويقول الله عز وجل: لمن الملك اليوم ثم تنطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه
فيقولون: لله الواحد القهار فيقول الله جل جلاله: اليوم تجزى كل نفس بما كسبت
لا ظلم اليوم ان الله سريع الحساب.
26 - في نهج البلاغة وأنه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شئ معه
كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها بلا وقت ولا مكان ولا حين ولا زمان،
عدمت عند ذلك الآجال والأوقات، وزالت السنون والساعات، فلا شئ الا الله
الواحد القهار الذي إليه مصير جميع الأمور، بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، و
بغير امتناع منها كان فناؤها، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها.
27 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن زيد النرسي
عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا أمات الله أهل الأرض
لبث كمثل ما خلق الله الخلق، ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل سماء الدنيا وأضعاف ذلك،
ثم أمات أهل سماء الدنيا ثم لبث مثل ما خل الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل سماء
الدنيا واضعاف ذلك ثم أمات أهل السماء الثانية ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل
ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية وأضعاف ذلك، ثم أمات أهل
السماء الثالثة ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل سماء الدنيا
والسماء الثانية والثالثة وأضعاف ذلك، في كل سماء مثل ذلك وأضعاف ذلك، ثم أمات
514

ميكائيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله واضعاف ذلك ثم أمات جبرئيل عليه السلام
ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات أسرا فيل عليه السلام، ثم
لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات ملك الموت، ثم لبث
مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم يقول الله عز وجل: (لمن الملك
اليوم) فيرد الله على نفسه (لله الواحد القهار) أين الجبارون؟ وأين المتكبرون؟ وأين
الذين ادعوا معي إلها آخر؟ أين المتكبرون ونخوتهم؟ ثم يبعث أخلق، قال عبيد
بن زرارة: فقلت: ان هذا الامر كله يطول بذلك؟ فقال: أرأيت ما كان هل علمت به؟
فقلت: لا، قال: فكذلك هذا.
28 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن سلام
بن المستنير عن ثوير بن أبي فاختة عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: سئل عن -
النفختين كم بينهما؟ قال: ما شاء الله، فقيل له: فأخبرني يا بن رسول الله كيف ينفخ
فيه؟ فقال: أما النفخة الأولى فان الله يأمر إسرافيل فيهبط إلى الدنيا ومعه الصور، و
للصور رأس واحد وطرفان، وبين طرف كل رأس منهما إلى الآخر مثل ما بين السماء
والأرض، قال: فإذا رأت الملائكة إسرافيل قد هبط إلى الدنيا ومعه الصور، قالوا:
قد أذن الله في موت أهل الأرض وفى موت أهل السماء، قال فيهبط إسرافيل بحضيرة بيت
المقدس ويستقبل الكعبة، فإذا رأوه أهل الأرض قالوا: قد اذن الله في موت أهل الأرض
فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي أهل الأرض، فلا يبقى في الأرض
ذو روح الا صعق ومات، ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماوات فلا يبقى في
السماوات ذو روح الا صعق ومات الا إسرافيل، قال،: فيقول الله لإسرافيل:
يا إسرافيل مت فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر السماوات فتمور
ويأمر الجبال فتسير، وهو قوله: (يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا) يعنى تبسط
و (تبدل الأرض غير الأرض) يعنى بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال
ولا نبات كما دحاها أول مرة، ويعيد عرشه على الماء كما كان أول مرة مستقلا بعظمته و
قدرته، قال: فعند ذلك ينادى الجبار جل جلاله بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار
515

السماوات والأرضين: (لمن الملك اليوم) فلم يحبه مجيب، فعند ذلك يقول الجبار
عز وجل مجيبا لنفسه: (لله الواحد القهار) وانا قهرت الخلائق كلهم فأمتهم
انى أنا الله لا اله الا أنا وحدي لا شريك لي ولا وزير وأنا خلقت خلقي بيدي الخ وقد سبق
آخر الزمر.
29 - في مجمع البيان (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت) وفى الحديث ان
الله تعالى يقول: انا المالك انا الديان لا ينبغي لاحد من أهل الجنة ان يدخل الجنة
ولا لاحد من أهل النار ان يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منه ثم تلا هذه الآية.
30 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن
سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبي المعزا قال: حدثني يعقوب الأحمر قال: دخلنا على
أبى عبد الله عليه السلام نعزيه بإسماعيل فترحم عليه ثم قال: إن الله عز وجل نعى إلى نبيه صلى الله عليه وآله نفسه
فقال: (انك ميت وانهم ميتون) وقال: (كل نفس ذائقة الموت) ثم أنشأ يحدث فقال: انه يموت
أهل الأرض حتى لا يبقى أحد، ثم يموت أهل السماء حتى لا يبقى أحد الا ملك الموت
وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل عليهم السلام، قال: فيجيئ ملك الموت حتى يقوم
بين يدي الله عز وجل فيقال: من بقي - وهو أعلم -؟ فيقول: يا رب لم يبق الا ملك
الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل، فيقال له: قل لجبرئيل وميكائيل
فليموتا، فيقول الملائكة (1) عند ذلك: يا رب رسوليك وأمينيك؟ فيقول انى قد
قضيت على كل نفس فيها الروح الموت، ثم يجئ ملك الموت حتى يقف بين يدي الله
عز وجل فيقال له من بقي؟ - وهو أعلم - فيقول، يا رب لم يبق الا ملك الموت و
حملة العرش، فيقال: قل لحملة العرش فليموتوا، قال: ثم يجئ كئيبا حزينا
لا يرفع طرفه فيقال له: من بقي؟ - وهو أعلم - فيقول: يا رب لم يبق الا ملك
الموت، فيقال له: مت يا ملك الموت فيموت، ثم يأخذ الأرض والسماوات بيمينه (2)

(1) أي حملة العرش.
(2) إشارة إلى قوله تعالى (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه)
في سورة الزمر: 66 وقد مر تفسيره في كلام الأئمة عليهم السلام وغيره مما ذكره المفسرون في السورة
السابقة تحت رقم (110) فراجع.
516

ويقول: أين الذين كانوا يدعون معي شريكا؟ أين الذين كانوا يجعلون معي -
إلها آخر؟.
31 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليهما السلام يقول فيه: واعلم
يا بن آدم ان وراء هذا أعظم وافظع وأوجع للقلوب يوم القيامة، وذلك يوم الآزفة
إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين.
32 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثنا علي بن إبراهيم بن
هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليه السلام وذكر حديثا طويلا
يقول فيه عليه السلام: يا أبا احمد ما مؤمن يرتكب ذنبا الا ساءه ذلك وندم عليه، وقد
قال النبي صلى الله عليه وآله: كفى بالندم توبة وقال عليه السلام: من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن
فإن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالما، والله
تعالى يقول: ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع.
33 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عبد الرحمن بن سلمة الحريري
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: يعلم خائنة الأعين فقال: ألم تر إلى
الرجل ينظر إلى الشئ وكأنه لا ينظر فذلك خائنة الأعين.
34 - في مجمع البيان وفى الخبر ان النظرة الأولى لك والثانية عليك، فعلى
هذا يكون الثانية محرمة فهي المراد بخائنة الأعين.
35 - وفيه قال عليه السلام لأصحابه يوم فتح مكة وقد جاء عثمان بعبد الله بن سعد بن أبي
سرح يستأمنه منه وكان صلى الله عليه وآله قبل ذلك أهدر دمه وأمر بقتله، فلما رأى عثمان إستحيى
من رده وسكت طويلا ليقتله بعض المؤمنين ثم أمنه بعد تردد المسألة من عثمان وقال:
اما كان منكم رجل رشيد يقوم إلى هذا فيقتله؟ فقال له عباد بن بشر: يا رسول الله ان
عيني ما زالت في عينك انتظارا أن تؤمي فأقتله، فقال عليه السلام: ان الأنبياء لا يكون لهم
خائنة أعين.
36 - في نهج البلاغة قسم أرزاقهم وأحصى آثارهم واعمالهم وعدد أنفاسهم و
خائنة أعينهم وما تخفى صدورهم من الضمير.
517

37 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى إسماعيل بن منصور أبى زياد عن رجل
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول فرعون: ذروني أقتل موسى ما كان يمنعه؟ قال: منعته
رشدته، ولا يقتل الأنبياء ولا أولاد الأنبياء الا أولاد الزنا.
38 - في بصائر الدرجات محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن الحسن
ابن عثمان عن يحيى الحلبي عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال له رجل وأنا عنده: أن
الحسن البصري يروى ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من كتم علما جاء يوم القيامة ملجما
بلجام من نار؟ فقال: كذب ويحه فأين قول الله تعالى: وقال رجل مؤمن من آل
فرعون يكتم ايمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله ثم مد بها بصره فقال: فليذهبوا
حيث شاؤوا، أما والله لا يجدون العلم الا هيهنا ثم سكت ساعة، ثم قال: عند آل محمد.
39 - في تفسير علي بن إبراهيم وكان خازن فرعون مؤمنا بموسى عليه السلام قد كتم
ايمانه ستمأة سنة وهو الذي قال الله عز وجل: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون
يكتم ايمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله).
40 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق
بين العترة والأمة حديث طويل وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله الاصطفاء
في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر
موطنا وموضعا، فأول ذلك قوله عز وجل إلى أن قال: وأما الحادي عشر فقول الله
عز وجل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون (وقال رجل مؤمن
من آل فرعون يكتم ايمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من
ربكم) إلى تمام الآية فكان ابن خال فرعون، فنسبه إلى فرعون بنسبه، ولم يضفه
إليه بدينه وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من آل رسول الله صلى الله عليه وآله بولادتنا منه، وعممنا
الناس بالدين فهذه الفرق بين الال والأمة، فهذه الحادية عشرة.
41 - في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال
أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام ثم مدح الله القلة، وقال: (وقال رجل مؤمن من
آل فرعون يكتم ايمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله).
518

42 - في أمالي الصدوق باسناده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى رفعه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي يقول (فاتبعوا
المرسلين اتبعوا من لا يسئلكم أجرا وهم مهتدون) وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلي
بن أبي طالب وهو أفضلهم.
43 - في مجمع البيان قال أبو عبد الله عليه السلام: التقية من ديني ودين آبائي و
لا دين لمن لا تقية له، والتقية ترس الله في الأرض، لان مؤمن آل فرعون لو أظهر
الاسلام لقتل.
44 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
القاسم بن محمد الأصفهاني عن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
يوم التناد يوم ينادى أهل النار أهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء أو مما
رزقكم الله.
45 - في مجمع البيان في كتاب النبوة بالاسناد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
عليه السلام قال قلت: فكان يوسف رسولا نبيا؟ قال: نعم، أما تسمع قول الله عز وجل:
لقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات.
46 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى عهد إلى
آدم إلى أن قال عليه السلام: وكان بين موسى ويوسف عليهم السلام الأنبياء.
47 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: الذين يجادلون في آيات الله
بغير سلطان يعنى بغير حجة يخاصمون اتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك
يطبع الله على كل قلب متكبر جبار فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن
يونس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن في النار لنار يتعوذ منها أهل النار، ما خلقت الا لكل
جبار عنيد. ولكل شيطان مريد، ولكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، ولكل ناصب
العداوة لآل محمد صلوات الله عليهم وقال: ان أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل
519

في ضحضاح (1) من نار عليه نعلان من نار وشراكان من نار يغلى منها دماغه كما يغلى
المرجل (2) ما يرى أن في النار أحدا أشد عذابا منه، وما في النار أحد أهون
عذابا منه.
48 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه وقد
سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: وأما قوله عز وجل: فأولئك يدخلون الجنة
يرزقون فيها بغير حساب فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال الله عز وجل: لقد خفت
كرامتي - أو قال: مودتي - لمن يراقبني ويتحاب بجلالي ان وجوههم يوم القيمة من نور
على منابر من نور عليهم ثياب خضر، قيل من هم يا رسول الله؟ قال: قوم ليسوا أنبياء و
لا شهداء، ولكنهم تحابوا بجلال الله ويدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب نسأل
الله أن يجعلنا منهم برحمته.
49 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي
عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قيل له: ان أبا الخطاب يذكر عنك
انك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت، قال: لعن الله أبا الخطاب، والله ما قلت
هكذا، ولكني قلت: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك ان الله عز وجل
يقول: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة.
50 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: المفوض أمره إلى الله في راحة
الأبد، والعيش الدائم الرغد (3) والمفوض حقا هو الفاني عن كل همة دون الله
تعالى، كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: رضيت بما قسم الله لي، وفوضت أمرى
إلى خالقي كما أحسن الله فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي، قال الله عز وجل في
المؤمن من آل فرعون: وأفوض أمرى إلى الله ان الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات

(1) الضحضاح في الأصل ماء رقيق على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين فاستعير للنار (عن
هامش بعض النسخ).
(2) المرجل - بالكسر: القدر من النحاس.
(3) عيشة رغد: واسعة طيبة.
520

ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب والتفويض خمسة أحرف [ت ف وى
ض] (1) لكل حرف منها حكم (فمن أتى باحكامه فقد اتى به (التاء) من تركه التدبير
في الدنيا و (الفاء) من فناء كل همة غير الله تعالى و (الواو) من وفاء العهد وتصديق
الوعد و (الياء) اليأس من نفسك واليقين من ربك و (الضاد) من الضمير الصافي لله والضرورة
إليه، والمفوض لا يصبح الا سالما من جميع الآفات ولا يمسى الا معافا بدينه
51 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى الحسن بن علي عن عبد الملك الزيات
عن رجل عن كرام عن أبي عبد الله عليهما السلام: قال: أربع لأربع إلى قوله: والأخرى
للمكر والسوء (وأفوض أمرى إلى الله وفوضت امرى إلى الله) قال الله عز وجل:
(فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب).
52 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن علي بن النعمان عن أيوب بن الحر
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (فوقاه الله سيئات ما مكروا) قال: اما لقد سطوا عليه وقتلوه
ولكن أتدرون ما وقاه، وقاه ان يفتنوه في دينه.
في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان وذكر
إلى آخر ما نقلناه عن البرقي سواء.
53 - في كتاب الخصال عن الصادق جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال
عجبت لمن يفزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع إلى قوله: وعجبت لمن مكر به كيف
لا يفزع إلى قوله: (وأفوض امرى إلى الله ان الله بصير بالعباد) فانى سمعت الله تعالى
يقول بعقبها: (فوقاه الله سيأت ما مكروا).
54 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (فوقاه الله سيئات ما مكروا) يعنى مؤمن
آل فرعون فقال أبو عبد الله عليه السلام والله لقد قطعوه إربا إربا ولكن وقاه الله عز وجل ان
يفتنوه عن دينه.
55 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أبي عبد الله عليه السلام حديث

(1) ما بين العلامتين غير موجود في المصدر.
521

طويل يذكر فيه حزقيل عليه السلام وان قوم فرعون وشوا به (1) إلى فرعون وقالوا: ان حزقيل
يدعو إلى مخالفتك ويعين أعدائك على مضادتك، فقال لهم فرعون: ابن عمى وخليفتي
على ملكي وولى عهدي ان فعل ما قلتم فقد استحق العذاب على كفره نعمتي، فان كنتم
عليه كاذبين فقد استحققتم أشد العقاب لا يشاركم الدخول في مساءته، فجاء بحزقيل وجاء
بهم فكاشفوه وقالوا: أنت تجحد ربوبية فرعون الملك وتكفر نعماه؟ فقال حزقيل:
أيها الملك هل جربت على كذبا قط؟ قال: لا، قال: فسلهم من ربهم؟ قالوا: فرعون،
قال: ومن خالقكم؟ قالوا: فرعون قال: من رازقكم الكافل لمعايشكم والدافع عنكم
مكارهكم؟ قالوا: فرعون هذا قال حزقيل: أيها الملك فأشهدك وكل من حضرك
ان ربهم هو ربى، وخالقهم هو خالقي ورازقهم هو رازقي ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي لا
رب لي ولا خالق ولا رازق غير ربهم وخالقهم ورازقهم وأشهدك ومن حضرك ان كل رب وخالق
ورازق سوى ربهم وخالقهم ورازقهم فانا منه برئ من ربوبيته وكافر بإلهيته، يقول
حزقيل هذا وهو يعني ان ربهم هو الله ربى، ولم يقل ان الذي قالوا بهم انه ربهم هو ربى
وخفى هذا المعنى على فرعون ومن حضره، وتوهموا أنه يقول فرعون ربى و
خالقي ورازقي، فقال لهم فرعون: يا رجال السوء ويا طلاب الفساد في ملكي و
مريدي الفتنة بيني وبين ابن عمى وهو عضدي، أنتم المستحقون لعذابي لارادتكم فساد
أمرى، وإهلاك ابن عمى والفت في عضدي (2) ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كل
واحد منهم وتدا وفى عضده وتدا وفى صدوره وتدا وامر أصحاب أمشاط الحديد فشقوا بها
لحومهم من أبدانهم، فذلك ما قال الله تعالى: (فوقاه الله سيئات ما مكروا) وكان سبب
هلاكهم لما وشوا به إلى فرعون ليهلكوه وحاق بآل فرعون سوء العذاب وهم الذين
وشوا بحزقيل إليه لما أوتد فيهم الأوتاد، ومشط عن أبدانهم لحومها بالأمشاط.
56 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال رجل لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قول الله
عز وجل: النار يعرضون عليها غدوا وعشيا فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما يقول

(1) وشى بفلان إلى السلطان: نم عليه وسعى به.
(2) فت في عضده: كسر قوته وفرق عنه أعوانه.
522

الناس؟ فقال: يقولون إنها في نار الخلد وهم لا يعذبون فيما بين ذلك، فقال عليه السلام:
فهم من السعداء فقيل له: جعلت فداك فكيف هذا؟ فقال: إنما هذا في الدنيا، فاما
في نار الخلد فهو قوله: ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب.
57 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال:
رسول الله صلى الله عليه وآله: لما أسرى بي إلى السماء رأيت قوما يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر
أن يقوم من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون
الربوا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس وإذا هم لبسبيل آل
فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا، يقولون: ربنا متى يقوم الساعة؟.
58 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن
عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئلته عن أرواح المشركين فقال: في النار يعذبون
يقولون: ربنا لا تقم الساعة ولا تنجز لنا وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا.
59 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن
مثنى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أرواح الكفار في نار جهنم يعرضون
عليها يقولون ربنا لا تقم لنا الساعة، ولا تنجز لنا ما وعدتنا، ولا تلحق آخرنا بأولنا.
60 - محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد باسناد له قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: شر بئر في النار برهوت الذي فيه أرواح الكفار.
61 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت، وهو واد بحضرموت
يرد عليه هام الكفار وصداهم (1).
62 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان
قال: حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا احتضر الكافر حضره رسول الله
صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام وجبرئيل وملك الموت عليهما السلام فيدنو منه علي عليه السلام فيقول:

(1) هام جمع هامة: رأس كل شئ. ورئيس القوم وسيدهم. والصدى: الرجل
اللطيف الجسد، قال الفيض (ره) في الوافي: والمراد بالهامة هنا أرواح الكفار وأبدانهم المثالية.
523

يا رسول الله ان هذا كان يبغضنا أهل البيت فأبغضه [ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل ان
هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأبغضه] (1) فيقول جبرئيل للملك الموت:
ان هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأبغضه وأعنف عليه، فيدنو منه ملك
الموت فيقول: يا عبد الله أخذت فكاك رهانك، أخذت أمان براءتك تمسكت بالعصمة
الكبرى في الحياة الدنيا، فيقول: لا فيقول أبشر يا عدو الله بسخط الله عز وجل و
عذابه والنار، أما الذي كنت تحذره فقد نزل بك، ثم يسل نفسه سلا عنيفا، ثم يوكل
بروحه ثلاثمأة شيطان كلهم يبزق في وجهه ويتأذى بروحه، فإذا وضع في قبره فتح
له باب من أبواب النار فيدخل عليه من قيحها ولهبها (2) والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
63 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن عيسى عن الحسن بن
علي بن غالب بن عثمان عن بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يجيئ الملكان
منكر ونكير إلى الميت حين يدفن إلى أن قال: وإذا كان من الرجل كافرا دخلا عليه و
أقيم الشيطان بين يديه عيناه من نحاس، فيقولون له: من ربك وما دينك وما يقول في
هذا الرجل الذي قد خرج من بين ظهرانيكم؟ فيقول: لا أدرى، فخليا بينه وبين
الشيطان، فيسلط عليه في قبره تسعة وتسعين تنينا (3) لو أن تنينا واحدا منها نفخ
في الأرض ما أنبتت شجرا أبدا، ويفتح له باب إلى النار ويرى مقعده فيها.
64 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن
عبد الله بن عبد الرحمان عن عبد الله بن القاسم عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي جعفر
أصلحك الله من المسؤولون في قبورهم؟ قال: من محض الايمان ومن محض الكفر،
قال: قلت: فبقية هذا الخلق؟ قال: يلهى والله عنهم وما يعبأ بهم قال: قلت وعما
يسئلون؟ قال: عن الحجة القائمة بين أظهركم، فيقال للمؤمن: ما تقول في فلان بن

(1) ما بين العلامتين انما هو في المصدر دون النسخ الموجودة عندي من الكتاب.
(2) القيح: سطوة الحر وفورانه. واللهب: اشتعال النار إذا خلص من دخان.
(3) التنين كسكين الحية العظيمة.
524

فلان؟ فيقول: ذلك امامي فيقول: نم أنام الله عينك ويفتح له باب من الجنة، فما يزال
يتحفه من روحها إلى يوم القيامة، ويقال للكافر: ما تقول في فلان بن فلان؟ قال:
فيقول: قد سمعت به وما أدرى ما هو، قال: فيقال له: لا دريت (1) قال: ويفتح له باب
من النار فلا يزال يتحفه من حرها إلى يوم القيامة.
65 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي
البلاد عن بعض أصحابه عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: يقال للمؤمن في قبره:
من ربك؟ إلى أن قال ويقال للكافر من ربك؟ فيقول: الله ربى، فيقال: من نبيك؟
فيقول: محمد صلى الله عليه وآله، فيقال: ما دينك؟ فيقول: الاسلام، فيقال: من أين علمت
ذلك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون فقلت، فيضر بأنه بمرزبة (2) لو اجتمع عليها
الثقلان الإنس والجن لم يطيقوها، قال: فيذوب كما يذوب الرصاص، ثم يعيدان
فيه الروح فيوضع قلبه بين لوحين من نار، فيقول: يا رب أخر قيام الساعة.
66 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن
أبيه جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن ضريس الكناسي قال: قال أبو جعفر
عليه السلام: ان لله تعالى نارا في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار ويأكلون من زقومها
ويشربون من حميمها ليلهم، فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن يقال له برهوت
أشد حرا من نيران الدنيا كانوا فيه يتلاقون ويتعارفون، فإذا كان المساء عادوا إلى
النار، فهم كذلك إلى يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
67 - في مجمع البيان وعن نافع عن ابن عمر، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن
أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، فإن كان من أهل الجنة فمن الجنة و
إن كان من أهل النار فمن النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة، أورده
البخاري والمسلم في الصحيح.

(1) قال المجلسي (ره): (دريت) الظاهر أنه دعاء عليه ويحتمل أن يكون استفهاما على
الانكار أي علمت وتمت لك الحجة في الدنيا، وانما جحدت لشقاوتك، أو كان عدم العلم لتقصيرك.
(2) المرزبة: عصية من حديد.
525

68 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب
بها يوم الغدير وفيها يقول عليه السلام: وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه
ولا تمسكوا بعصم الكوافر، ولا يخلج بكم الغى فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك
الذين ضلوا وأضلوا، قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه: (انا أطعنا
سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا) إلى قوله وقال تعالى: وإذ يتحاجون في النار
فيقول الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار
من عذاب الله من شئ (قالوا لو هدانا الله لهديناكم) أفتدرون الاستكبار ما هو؟
هو ترك الطاعة لمن أمروا بطاعته، والترفع على من ندبوا إلى متابعته، والقرآن
ينطق من هذا كثير ان تدبره متدبر زجره ووعظه.
69 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد
عن عمر بن عبد العزيز عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت قول الله تبارك وتعالى:
انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد قال: ذلك
والله في الرجعة، اما علمت أن أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا وقتلوا، وأئمة من بعدهم
قتلوا ولم ينصروا، وذلك في الرجعة.
70 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن ابن عيينة عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى ليمن على عبده المؤمن يوم القيامة فيأمره ان
يدنو منه يعنى من رحمته فيدنو حتى يضع كتفه عليه ثم يعرفه ما أنعم به عليه يقول له
ألم تدعني يوم كذا وكذا بكذا وكذا فأجبت دعوتك؟ ألم تسئلني يوم كذا وكذا
فأعطيتك مسألتك؟ ألم تستغث بي يوم كذا وكذا وبك ضر كذا وكذا فكشفت ضرك
ورحمت صوتك؟ ألم تسئلني مالا فملكتك؟ ألم تستخدمني فأخذتك؟ ألم تسئلني
أن أزوجك فلانة وهي منيعة عند أهلها فزوجناكها؟ قال: فيقول العبد: بلى يا رب
أعطيتني كلما سألتك، وكنت أسئلك الجنة؟ فيقول الله له: فانى واهب لك ما سألتنيه
الجنة لك مباحا أرضيتك؟ فيقول المؤمن: نعم يا رب أرضيتني وقد رضيت فيقول الله
عبدي انى كنت أرضى لك أحسن الجزاء فان أفضل جزائي عندك ان أسكنتك الجنة
526

وهو قوله عز وجل: ادعوني استجب لكم.
71 - حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام: قال له
رجل: جعلت فداك ان الله يقول: (أدعوني استجب لكم) وانا ندعو فلا يستجاب
لنا؟ قال: لأنكم لا توفون لله بعهده وان الله يقول: (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم) والله
لو وفيتم لله لوفى لكم.
72 - في نهج البلاغة من أعطى الدعاء لم يحرم الإجابة، قال الله عز وجل
(أدعوني استجب لكم).
73 - في من لا يحضره الفقيه خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب بها يوم
الجمعة وفيها: وأكثروا فيه التضرع والدعاء ومسألة الرحمة والغفران، فان الله
عز وجل يستجيب لكل من دعاه، ويورد النار من عصاه، وكل مستكبر عن عبادته.
قال الله عز وجل: أدعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون
جهنم داخرين.
74 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه
قال السائل: ألست تقول: يقول الله تعالى: (أدعوني استجب لكم) وقد نرى المضطر يدعوه
فلا يجاب له؟ والمطيع (1) يستضره على عدوه فلا ينصره قال: ويحك ما يدعوه أحد الا
استجاب له، أما الظالم فدعاؤه مردود إلى أن يتوب إليه، واما المحق فإنه إذا دعاه
استجاب له وصرف عنه البلاء من حيث لا يعلم، أو ادخر له ثوابا جزيلا ليوم حاجته إليه،
وان لم يكن الامر الذي سأل العبد خيرا له ان أعطاه أمسك عنه، والمؤمن العارف بالله
ربما عز عليه أن يدعوه فيما لا يدرى أصواب ذلك أم خطأ.
75 - في أدعية الصحيفة السجادية وقلت: (أدعوني أستجب لكم ان الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) فسميت دعاءك عبادة، وتركه استكبارا
وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين.
76 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى أبى عبد الله عن أبيه عليهما السلام

(1) وفى المصدر وكذا المنقول عنه في نسخة البحار (والمظلوم). مكان (والمطيع).
527

على النبي صلى الله عليه وآله قال: مما أعطى الله أمتي وفضلهم به على ساير الأمم، أعطاهم ثلاث
خصال لم يعطها الا نبي، إلى قوله: كان إذا بعث نبيا قال له: إذا أحزنك أمر تكرهه
فاد عنى استجب لك، وان الله تعالى اعطى أمتي ذلك حيث يقول: (ادعوني
استجب لكم).
77 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى حفص بن غياث النخعي
قال سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إذا أراد أحدكم ان لا يسأل ربه تعالى
شيئا الا أعطاه فلييأس من الناس كلهم ولا يكون له رجاءا الا عند الله عز وجل، فإذا علم الله
تعالى ذلك من قلبه لم يسأله شيئا الا أعطاه.
78 - في مجمع البيان وقد روى معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
جعلني الله فداك ما تقول في رجلين دخلا المسجد جميعا كان أحدهما أكثر صلاة والآخر
أكثر دعاءا فأيهما أفضل؟ قال: كل حسن قلت: قد علمت ولكن أيهما أفضل؟ قال:
أكثرهما دعاءا أما تسمع قول الله تعالى: (أدعوني أستجب لكم) إلى آخر الآية، وقال:
هي العبادة الكبرى.
79 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في هذه الآية قال: هو الدعاء، وأفضل
العبادة الدعاء.
80 - في أصول الكافي باسناده إلى المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله عز وجل: من استذل عبدي المؤمن فقد بارزني بالمحاربة
إلى قوله عز وجل: وأنه ليدعوني في الامر فاستجيب له بما هو خير له.
81 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي -
جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل يقول: (ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون
جهنم داخرين) قال: هو الدعاء وأفضل العبادة الدعاء.
82 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن إسماعيل وابن محبوب
جميعا عن حنان بن سدير عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أي العبادة أفضل؟ فقال:
ما شئ أفضل عند الله عز وجل من أن يسأل ويطلب ما عنده، وما من أحد أبغض إلى الله
528

عز وجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسئل ما عنده.
83 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته
يقول: ادع ولا تقل قد فرغ من الامر، فان الدعاء هو العبادة ان الله عز وجل يقول:
(إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) وقال: (أدعوني
استجب لكم).
84 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر
بن سويد عن القاسم بن سليمان عن عبيد بن زرارة عن أبيه عن رجل قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: الدعاء هو العبادة التي قال الله عز وجل: (ان الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين) ادع الله عز وجل ولا تقل إن الله قد فرغ منه قال زرارة: انما
يعنى لا يمنعك ايمانك بالقضاء والقدر أن تبالغ بالدعاء وتجتهد فيه - أو كما قال -.
85 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: آيتان في كتاب الله عز وجل أطلبهما فلا أجدهما؟ قال: وما هما؟ قلت: قول الله
عز وجل: (ادعوني استجب لكم) فندعوه ولا نرى إجابة؟ قال أفترى الله عز وجل
أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فمم ذلك؟ قلت: لا أدرى، قال: لكني أخبرك من أطاع
الله عز وجل فيما أمره ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه، قلت: وما جهة الدعاء؟ قال:
تبدء فتحمد الله وتذكر نعمه عندك، ثم تشكره ثم تصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم تذكر ذنوبك
فتقر بها ثم تستعيذ منها، فهذا جهة الدعاء والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
86 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن ابن بكير عن محمد
بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام ان المدحة قبل المسألة،
فإذا دعوت الله عز وجل فمجده قلت: كيف أمجده؟ قال: تقول: يا من هو أقرب إلي
من حبل الوريد يا فعالا لما يريد يا من يحول بين المرء وقلبه يا من هو بالمنظر الاعلى يا من
ليس كمثله شئ.
87 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي عن حماد بن عثمان
عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا أردت ان تدعو فمجد الله
529

عز وجل واحمده وسبحه وهلله واثن عليه، وصل على محمد وآله صلى الله عليه وآله، ثم سل تعط.
88 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن عيص بن القاسم
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربه وليمدحه، فان
الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه، فإذا
طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه واثنوا عليه، تقول: (يا أجود من
اعطى ويا خير من سئل يا ارحم من استرحم يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم
يكن له كفوا أحد يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد
ويقضى ما أحب، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من
ليس كمثله شئ، يا سميع يا بصير. وأكثر من أسماء الله عز وجل فان أسماء الله
كثيرة، وصل على محمد وآله وقل: اللهم أوسع على من رزقك الحلال ما اكف به
وجهي وأؤدي به عن أمانتي وأصل به رحمي، ويكون عونا لي في الحج والعمرة)
وقال: إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عز وجل: فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: عجل العبد ربه، وجاء آخر فصلى ركعتين ثم اثنى على الله عز وجل وصلى
على النبي صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: سل تعط.
89 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عمن ذكره عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من سره أن تستجاب دعوته فليطب مكسبه.
90 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان العبد الولي لله يدعو الله عز وجل في الامر ينوبه (1)
فقال للملك الموكل: اقض لعبدي حاجته ولا تعجلها فانى أشتهي ان اسمع نداءه وصوته، و
ان العبد العدو لله ليدعو الله عز وجل في الامر ينوبه فيقال للملك الموكل: اقض حاجته
وعجلها فانى أكره أن اسمع نداءه وصوته، قال: فيقول الناس: ما اعطى هذا الا
لكرامته، ولا منع هذا الا لهوانه.

(1) نابه الامر وانتابه: أصابه. وفى بعض النسخ (ينويه) بالياء في الموضعين.
530

91 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن
سالم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يزال المؤمن بخير ورجاء، رحمة من
الله عز وجل ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول
قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الإجابة.
92 - الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم عن إسحاق
ابن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن المؤمن ليدعو الله عز وجل في حاجته فيقول الله
عز وجل: أخروا اجابته شوقا إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل:
عبدي! دعوتني فأخرت اجابتك وثوابك كذا وكذا، دعوتني في كذا وكذا فأخرت
اجابتك وثوابك كذا وكذا، قال: فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا
مما يرى من حسن الثواب.
93 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد وآل محمد (1).
94 - علي بن محمد عن ابن جمهور عن أبيه عن رجاله قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
من كانت له إلى الله عز وجل حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآله ثم يسئل حاجته، ثم يختم
بالصلاة على محمد وآل محمد، فان الله عز وجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع
الوسط، إذا كانت (2) الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه.
95 - في الكافي الحسين بن محمد على معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن
عثمان عن الحسن بن الحارث بن المغيرة أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن فضل الدعاء
بعد الفريضة على الدعاء بعد النافلة كفضل الفريضة على النافلة، قال: ثم قال: ادعه ولا
تقل قد فرغ من الامر، فان الدعاء هو العبادة ان الله عز وجل يقول: (إن الذين يستكبرون

(1) وللمحدث الكاشاني (ره) بيان لطيف في معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
من الله تعالى ومن ملائكته عز وجل الناس وكيفيته ولا يسعنا ايراده لطوله فراجع ج 2 صفحة 226
من كتاب الوافي.
(6) وفى بعض النسخ (إذ) مكان (إذا).
531

عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) وقال: (أدعوني أستجب لكم) وقال: إذا أردت ان
تدعو فمجده واحمده وسبحه وهلله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله، ثم سل تعط.
96 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع سليمان المروزي عليه السلام
حديث طويل وفيه قال الرضا عليه السلام: يا جاهل فإذا علم الشئ فقد أراده قال سليمان:
أجل، قال: فإذا لم يرده لم يعلمه، قال سليمان: أجل، قال: من أين قلت ذاك
وما الدليل على أن ارادته علمه؟ وقد يعلم ما لا يريده أبدا وذلك قوله تعالى: (و
لئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) فهو يعلم كيف يذهب به ولا يذهب به أبدا؟
قال سليمان: لأنه قد فرغ من الامر فليس يزيد فيه شيئا، قال الرضا عليه السلام: هذا قول اليهود
فكيف قال: (ادعوني أستجب لكم)؟ قال سليمان: انما عنى بذلك أنه قادر عليه، قال:
أفيعد ما لا يفي به فكيف قال: (يزيد في الخلق ما يشاء) وقال عز وجل: (يمحو الله ما يشاء
ويثبت وعنده أم الكتاب) وقد فرغ من الامر؟ فلم يحر جوابا (1)
97 - في كتاب الخصال عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عنده
وعنده جفنة من رطب، فجاء سائل فأعطاه، ثم جاء سائل فأعطاه ثم جاء سائل آخر فقال: وسع
الله عليك، ثم قال: إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألفا ثم شاء ان لا يبقى
منه شئ الا قسمه في حق فعل، فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم
عليهم قال: قلت: جعلت فداك من هم؟ قال: من رزقه الله مالا فأنفقه في وجوهه ثم قال:
يا رب ارزقني، ورجل دعا على امرأته وهو ظالم لها، فيقال له: ألم اجعل أمرها بيدك
ورجل جلس في بيته وترك الطلب يقول: يا رب ارزقني فيقول عز وجل: ألم اجعل لك السبيل
إلى الطلب للرزق.
98 - عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا معاوية من أعطى ثلاثة لم
يحرم ثلاثة، من أعطى الدعاء اعطى الإجابة، ومن أعطى الشكر اعطى الزيادة، ومن
أعطى التوكل اعطى الكفاية، فان الله عز وجل يقول في كتابه: (ومن يتوكل على الله
فهو حسبه) ويقول: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ويقول: (ادعوني استجب لكم).

(1) أي سكت ولم يتكلم.
532

99 - عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال في وصيته له: يا علي
أربعة لا ترد لهم دعوة: امام عادل، ووالد لولده، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب،
والمظلوم، يقول الله جل جلاله: وعزتي وجلالي لأنتصرن لك ولو بعد حين.
100 - عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة:
اخفى اجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه، فربما وافق اجابته وأنت لا تعلم.
101 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمسة لا يستجاب لهم،
رجل جعل الله بيده طلاق امرأته فهي تؤذيه وعنده ما يعطيها ولم يخل سبيلها، ورجل
أبق مملوكه ثلاث مرات ولم يبعه، ورجل مر بحائط مايل وهو يقبل إليه ولا يسرع
المشي حتى سقط عليه، ورجل أقرض رجلا مالا فلم يشهد عليه، ورجل جلس في بيته
وقال: اللهم ارزقني ولم يطلب.
102 - عن نوف عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: يا نوف إياك
أن تكون عشارا أو شاعرا أو شرطيا أو عريفا (1) أو صاحب عرطبة وهي الطنبور،
أو صاحب كوبة وهو الطبل، فان نبي الله صلى الله عليه وآله خرج ذات ليلة فنظر إلى السماء فقال:
انها الساعة التي لا ترد فيها دعوة الا دعوة عريف أو دعوة شاعر أو دعوة عاشر أو شرطي أو
صاحب عرطبة أو صاحب كوبة.
103 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى علي بن أسباط يرفعه إلى أمير المؤمنين
عليه السلام قال: من قرء مأة آية من القرآن من أي القرآن شاء ثم قال: يا الله سبع مرات
فلو دعا على الصخرة لقلعها إن شاء الله.
104 - في كتاب التوحيد باسناده إلى موسى بن جعفر عليه السلام قال: قال قوم
للصادق عليه السلام: ندعوه فلا يستجاب لنا؟ قال: لأنكم تدعون من لا تعرفونه.
105 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى الحسين بن علي بن أبي
حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال

(1) العريف: القيم بأمر القوم الذي عرف بذلك وشهر وقيل: النقيب وهو دون الرئيس
وقيل: العريف يكون على نفير والمنكب يكون على خمسة عرفاء ونحوها، ثم الأمير فوق هؤلاء.
533

رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال من علم أنه لا اله الا انا
وحدي وانك محمد عبدي ورسولي، وان علي بن أبي طالب خليفتي والأئمة من ولده
حججي أدخله الجنة برحمتي، وأنجيه من النار بعفوي، وأوجبت له كرامتي،
وأتممت عليه نعمتي، وجعلته من خاصتي وخالصتي، ان ناداني لبيته وان سألني
أعطيته، وان سكت ابتدأته، وان أساء رحمته، وان فر منى دعوته، وان رجع إلى
قبلته، وان قرع بابى فتحته، ومن لم يشهد ان لا اله الا انا وحدي أو شهد بذلك و
لم يشهد ان محمدا عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد ان علي بن أبي طالب خليفتي،
أو شهد بذلك ولم يشهد ان الأئمة من ولده حججي، فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي و
كفر بآياتي وكتبي ان قصدني حجبته وان سألني حرمته، وان ناداني لم أسمع ندائه
وان دعاني لم أستجب دعاءه، وان رجاني خيبته، وذلك جزاؤه منى وما انا بظلام
للعبيد، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
106 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبى خالد الكابلي قال: سمعت
زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام يقول: الذنوب التي ترد الدعاء سوء النية
وخبث السريرة والنفاق مع الاخوان، وترك التصديق بالإجابة، وتأخير الصلوات
المفروضات حتى تذهب أوقاتها، وترك التقرب إلى الله عز وجل بالبر والصدقة، و
استعمال البذاء (1) والفحش في القول، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
107 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان
ابن داود رفعه قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: إذا قال أحدكم لا إله إلا الله فليقل:
الحمد لله رب العالمين، فان الله يقول: هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له
الدين الحمد لله رب العالمين
قال عز من قائل: ثم لتكونوا شيوخا.
108 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يؤتى بالشيخ يوم القيمة
فيدفع إليه كتابه ظاهره مما يلي الناس فلا يرى الا مساوى، فيطول ذلك عليه فيقول:

(1) بذا: سفه وأفحش في منطقه.
534

يا رب أتأمرني إلى النار؟ فيقول الجبار جل جلاله: يا شيخ انى أستحيى أن أعذبك و
قد كنت تصلى لي في دار الدنيا، اذهبوا بعبدي إلى الجنة.
109 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا إلى قوله كذلك يضل الله الكافرين
فقد سماهم الله كافرين مشركين بأن كذبوا بالكتاب، وقد أرسل الله عز وجل رسله
بالكتاب وبتأويله، فمن كذب بالكتاب أو كذب بما ارسل به رسله من تأويل الكتاب
فهو مشرك كافر.
110 - في بصائر الدرجات علي بن عباس بن عامر عن أبان عن بشير النبال عن أبي
جعفر عليه السلام قال: كنت خلف أبى وهو على بغلة فنفرت بغلته فإذا شيخ في عنقه سلسلة
ورجل يتبعه، فقال: يا علي بن الحسين اسقني، فقال الرجل: لا تسقه لاسقاه الله وكان
الشيخ م ع وى ه.
111 - الحجال عن الحسن بن الحسين عن ابن سنان عن عبد الملك القمي عن
إدريس أخيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بينا انا وأبى متوجهان إلى مكة
وأبى قد تقدمني في موضع يقال له ضجنان، إذ جاء رجل في عنقه سلسلة يجرها فقال له: اسقني
اسقني، قال: فصاح بي أبى: لا تسقه لا سقاه الله، ورجل يتبعه حتى جذب سلسلته و
طرحه في أسفل درك من النار.
112 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن علي بن
المغيرة قال: نزل أبو جعفر عليه السلام ضجنان فقال ثلاث مرات: لا غفر الله لك ثم قال
لأصحابه: أتدرون لم قلت ما قلت؟ فقالوا: لم قلت جعلنا الله فداك؟ قال: مر م ع وى ه
يجر سلسلة قد أدلى لسانه يسألني ان أستغفر له، وأنه يقال: إن هذا واد من أودية جهنم
113 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي
ابن رئاب عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك ما حال
الموحدين المقرين بنبوة محمد صلى الله عليه وآله من المسلمين المذنبين الذين يموتون و
ليس لهم امام ولا يعرفون ولايتكم؟ فقال: أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون
535

منها، فمن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها
الله بالمغرب فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة، حتى يلقى الله ويحاسبه
بحسناته [وسيئاته] فاما إلى الجنة واما إلى النار، فهؤلاء الموقون (1) لأمر الله قال:
وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم
وأما النصاب من أهل القبلة فإنهم يخد لهم خد إلى النار، التي خلقها الله في المشرق،
فيدخل عليهم اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيمة، ثم بعد ذلك
مصيرهم إلى الجحيم في النار يسجرون ثم قيل أينما كنتم تشركون من دون الله
أي أين امامكم الذين اتخذتموه دون الامام الذي جعله الله إماما ثم قال لنبيه
صلى الله عليه وآله: فاصبر ان وعد الله حق فاما نرينك بعض الذي نعدهم يعنى من العذاب
أو نتوفينك فالينا يرجعون.
114 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد وعلى
ابن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب قالوا: قال أبو جعفر عليه السلام
ان لله نارا في المشرق إلى أن قال عليه السلام: فاما النصاب من أهل القبلة فإنهم يخد لهم خد
إلى النار التي خلقها في المشرق فيدخل عليهم منها اللهب والشرر والدخان وفورة
الحميم إلى يوم القيامة. ثم مصيرهم إلى الجحيم، (ثم في النار يسجرون ثم قيل لهم
أين ما كنتم تدعون من دون الله) أي أين امامكم الذي اتخذتموه دون الامام الذي
جعله الله للناس إماما، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
115 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
قال: الفرح والمرح والخيلاء (2) كل ذلك في الشرك والعمل في الأرض بالمعصية.
116 - في كتاب الخصال عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
وشعب الطمع أربع: الفرح والمرح واللجاجة والتكبر والفرح مكروه عند الله تعالى
والمرح خيلاء، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. وفى أصول الكافي مثله.

(1) كذا في الأصل والظاهر أنه مصحف (المرجون) وفى نسخة (الموقوفون لأمر الله) ويوافقه المصدر
(2) مرح الرجل: اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال، والخيلاء: العجب والكبر.
536

117 - في مجمع البيان: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك
ومنهم من لم نقصص عليك وروى عن علي عليه السلام أنه قال: بعث الله نبيا أسود
لم يقص علينا قصته، واختلف الاخبار في عدد الأنبياء، فروى في بعضها ان عددهم
مأة الف وأربعة وعشرون ألفا، وفى بعضها ان عددهم ثمانية آلاف نبي، أربعة آلاف
من بني إسرائيل، وأربعة آلاف من غيرهم.
118 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: كان
في المدينة رجل بطال يضحك الناس، فقال: قد أعياني هذا الرجل أن أضحكه - يعنى
علي بن الحسين عليه السلام - قال: فمر عليه السلام وخلفه موليان له فجاء الرجل حتى انتزع
رداءه من رقبته، ثم مضى فلم يلتفت إليه علي عليه السلام فاتبعوه وأخذوا الرداء منه، فجاؤوا
به فطرحوه عليه، فقال لهم: من هذا؟ فقالوا: هذا رجل بطال يضحك أهل المدينة،
فقال: قولوا له ان لله يوما يخسر فيه المبطلون.
119 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من العلل باسناده إلى
إبراهيم بن محمد الهمداني قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: لأي علة غرق الله تعالى
فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال لأنه آمن عند رؤية البأس والايمان عند رؤية
البأس غير مقبول، وذلك حكم الله تعالى ذكره في السلف والخلف، قال الله عز وجل:
فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم
ايمانهم لما رأوا بأسنا وقال عز وجل: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها
لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا) وهكذا فرعون وملأه لما أدركه الغرق
(قال آمنت أنه لا اله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) فقيل له: (الآن وقد
عصيت قبل وكنت من المفسدين) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
120 - في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن جعفر بن رزق الله أو
رجل عن جعفر بن رزق الله قال: قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة، فأراد
أن يقيم عليه الحد فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: قد هدم إيمانه شركه وفعله، وقال بعضهم:
يضرب ثلاثة حدود، وقال بعضهم: يفعل به كذا وكذا، فأمر المتوكل بالكتاب و
537

أرسله إلى أبى الحسن الثالث عليه السلام وسؤاله عن ذلك، فلما قرأ الكتاب كتب: يضرب
حتى يموت، فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر ذلك، وقالوا: يا أمير المؤمنين
نسأل عن هذا فإنه شئ لم ينطق به كتاب ولم تجئ به سنة، فكتب إليه: ان فقهاء المسلمين
قد أنكروا هذا وقالوا: لم تجئ به سنة ولم ينطق به كتاب فبين لنا لم أوجبت عليه الضرب
حتى يموت؟ فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم (فلما أحسوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده
وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت
في عباده وخسر هنالك المبطلون) فأمر به المتوكل فضرب حتى مات.
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: من قرأ حم
السجدة كانت له نورا يوم القيمة مد بصره، وسرورا وعاش في الدنيا محمودا مغبوطا.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله ومن قرأ: حم السجدة أعطى
بعدد كل حرف منها عشر حسنات.
3 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العزايم أربع: إقرأ باسم
ربك الذي خلق، والنجم، والم تنزيل السجدة، وحم السجدة.
4 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه السلام
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وأما حم فمعناه الحميد المجيد.
5 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: (لهم قلوب لا يفقهون بها) يقول: طبع الله عليها فلا تعقل (ولهم أعين) عليها غطاء
عن الهدى (لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها) جعل في آذانهم وقر فلن يسمعوا
الهدى.
6 - أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي جميلة
عن أبان بن تغلب قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبان أترى ان الله عز وجل طلب
538

من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون به حيث يقول وويل للمشركين الذين
لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون قلت له: جعلت فداك فسره لي، فقال:
ويل للمشركين الذين أشركوا بالامام الأول، وهم بالأئمة الآخرين كافرون يا
أبان انما دعا الله العباد إلى الايمان به، فإذا آمنوا بالله وبرسوله افترض عليهم الفرايض
ثم خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال: قل لهم يا محمد: أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض
في يومين أي وقتين ابتداء الخلق وانقضاؤه وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها
وقدر فيها أقواتها أي لا نزول ولا تفنى في أربعة أيام سواء للسائلين يعنى في أربعة
أوقات، وهي التي يخرج الله عز وجل فيها أقوات العالم من الناس والبهائم والطير
وحشرات الأرض وما في البر والبحر من الخلق من الثمار والنبات والشجر، وما يكون
فيه معاش الحيوان كله، وهو الربيع والصيف والخريف والشتاء، إلى قوله: (سواء
للسائلين) يعنى المحتاجين، لان كل محتاج سائل، وفى العالم من خلق الله من لا
يسئل ولا يقدر عليه من الحيوان كثير، فهم سائلون وان لم يسألوا.
7 - في روضة الكافي باسناده إلى عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
الله خلق الخير يوم الأحد، وما كان ليخلق الشر قبل الخير، وفى يوم الأحد والاثنين
خلق الأرضين وخلق أقواتها يوم الثلاثاء، وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس وخلق
أقواتها يوم الجمعة، وذلك قول الله عز وجل: (خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام).
8 - في مجمع البيان وروى عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن
الله تعالى خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء، وخلق
الشجر والماء والعمران والخراب يوم الأربعاء، فتلك أربعة أيام، وخلق يوم الخميس
السماء وخلق يوم الجمعة الشمس والقمر والنجوم والملائكة وآدم.
9 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة
عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج هشام بن الحكم حاجا و
معه الأبرش الكلبي فلقيا أبا عبد الله عليه السلام في المسجد الحرام، فقال هشام للأبرش: تعرف
هذا؟ قال: لا. قال: هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه، فقال الأبرش:
539

لاسئلنه عن مسألة لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى نبي، فقال هشام: وددت أنك فعلت
ذلك، فلقى الأبرش أبا عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله أخبرني عن قول الله: (أو لم
ير الذين كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) بما كان رتقهما وبما كان
فتقهما؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبرش هو كما وصف نفسه: (كان عرشه على الماء)
والماء على الهواء والهواء لا يحد ولم يكن يومئذ خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب
فرات، فلما أراد ان يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا، ثم أزبد
فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحى الأرض
من تحته، فقال الله تبارك وتعالى: (ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا)
ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء، فلما أراد ان يخلق السماء أمر الرياح فضربت
البحور حتى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار،
فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر وأجراها في الفلك، و
كانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب
وكانتا مرتوقتين ليس لها أبواب ولم يكن للأرض أبواب وهو النبت، ولم تمطر السماء
عليها فتنبت ففتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات وذلك قوله: (أو لم ير الذين كفروا أن
السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) فقال الأبرش: والله ما حدثني بمثل هذا الحديث
أحد قط، أعده على، فأعاد عليه وكان الأبرش ملحدا فقال: أنا اشهد أنك ابن نبي ثلاث مرات
10 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
عن محمد بن داود عن محمد بن عطية عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: وخلق الشئ الذي
جميع الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه، فجعل نسب كل شئ إلى الماء،
ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه، وخلق الريح من الماء، ثم سلط الريح على الماء،
فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء أن يثور، فخلق من
ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع ولا ثقب، ولا صعود ولا هبوط ولا شجرة ثم
طواها فوضعها فوق الماء ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء
دخان على قدر ما شاء الله ان يثور فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع
540

ولا ثقب وذلك قوله: (والسماء بنيها) الآية والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
11 - محمد عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم
والحجال عن العلاء عن محمد بن مسلم قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: كان كل شئ ماء
وكان عرشه على الماء فأمر جل وعز الماء فاضطرم نارا، ثم أمر النار فخمدت فارتفع
من خمودها دخان، فخلق السماوات من ذلك الدخان، وخلق الأرض من الرماد.
12 - في تفسير علي بن إبراهيم وقد سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام عمن كلم الله
لا من الجن ولا من الانس؟ فقال: السماوات والأرض في قوله: ائتيا طوعا وكرها
قالتا أتينا طائعين.
13 - في نهج البلاغة - فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد،
قائمات بلا سند، دعاهن فأجبن طائعات مذعنات غير متلكئات ولا مبطيات، ولولا
اقرارهن له بالربوبية واذعانهن له بالطواعية (1) لما جعلهن موضعا لعرشه،
ولا مسكنا لملائكته ولا مصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من خلقه.
14 - وفيه: وذلل للهابطين بأمره والصاعدين بأعمال خلقه حزونة معراجها و
ناداها بعد إذ هي دخان فالتحمت عرى أشراجها (2)
قال عز من قائل: فقضاهن سبع سماوات في يومين
أقول: قد سبق في روضة الكافي ومجمع البيان فيما نقلناه عنهما بيان لذلك.
قال عز من قائل: وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا.
15 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى فضيل الرسان قال: كتب
محمد بن إبراهيم إلى أبى عبد الله عليه السلام أخبرنا ما فضلكم أهل البيت؟ فكتب إليه أبو -
عبد الله عليه السلام: ان الكواكب جعلت أمانا لأهل السماء، فإذا ذهبت نجوم السماء جاء أهل

(1) المتلكئ: المتوقف. والطواعية بمعنى الطاعة.
(2) الحزونة ضد السهولة. واشراج جمع شرج: عرى العيبة وأشرجت العيبة أي
أقفلت اشراجها قال الشارح المعتزلي: وتسمى مجرة السماء شرجا تشبيها بشرج العيبة واشراج
الوادي: ما اتسع منه.
541

السماء ما كانوا يوعدون وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: جعل أهل بيتي أمانا لامتي فإذا ذهب
أهل بيتي جاء أمتي ما كانوا يوعدون.
16 - وباسناده إلى أبان بن سلمة عن أبيه يرفعه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله النجوم
أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لامتي.
17 - وباسناده إلى هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء،
وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض.
18 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: إذ جاءتهم الرسل من بين
أيديهم يعنى نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى والنبيون صلوات الله عليهم ومن خلفهم أنت.
19 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الحميد بن أبي الديلم
عن الصادق أبى عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لما بعث الله عز وجل هودا سلم
له العقب من ولد سام، وأما الآخرون فقالوا: من أشد منا قوة فأهلكوا بالريح العقيم
وأوصاهم هود وبشرهم بصالح عليه السلام.
20 - في نهج البلاغة واتعظوا فيها بالذين قالوا (من أشد منا قوة) حملوا
إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا فلا يدعون ضيفانا، وجعل لهم من الصفيح
أجنان، ومن التراب أكفان ومن الرفات جيران. (1)
21 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل: فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا والصرصر الريح الباردة في أيام نحسات
أي أيام مياشيم.
22 - في كتاب التوحيد باسناده إلى حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام في
قوله عز وجل: وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى قال عرفناهم
فاستحبوا العمى على الهدى وهم يعرفون.

(1) الصفيح: الحجارة. والاجنان: القبور. والاكنان جمع كن وهو السترة.
والرفات: العظام البالية.
542

23 - في اعتقادات الامامية للصدوق رحمه الله وقال الصادق عليه السلام في قوله
عز وجل: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) قال: وجوب الطاعات و
تحريم المعاصي وهم يعرفون.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم
سمعهم وابصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون فإنها نزلت في قوم تعرض عليهم
أعمالهم فينكرونها فيقولون: ما عملنا شيئا منها، فتشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم
أعمالهم، قال الصادق عليه السلام: فيقولون لله: يا رب هؤلاء ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون بالله
ما فعلوا من ذلك شيئا منها، وهو قول الله عز وجل: (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما
يحلفون لكم) وهو الذين غصبوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فعند ذلك يختم الله عز وجل
على ألسنتهم وينطق جوارحهم فيشهد السمع بما سمع مما حرم الله عز وجل، ويشهد
البصر بما نظر إلى ما حرم الله عز وجل، وتشهد اليدان بما أخذتا وتشهد الرجلان
بما سعتا فيما حرم الله عز وجل، ويشهد الفرج بما ارتكب مما حرم الله عز وجل ثم
أنطق الله عز وجل ألسنتهم فيقولون هم لجلودهم: لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله
الذي أنطق كل شئ وهو خلقكم أول مرة واليه ترجعون وما كنتم تستترون
أي من الله ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم والجلود الفروج ولكن
ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون.
25 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام
حاكيا حال أهل المحشر: ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون
والله ربنا ما كنا مشركين، فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ويستنطق الأيدي و
الأرجل والجلود فتشهد بكل معصية كانت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون
لجلودهم: (لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ).
26 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن آدم بن إسحاق عن
عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام:
543

حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على
من حقت عليه كلمة العذاب، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، قال الله عز وجل:
(فأما من أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا).
27 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد قال: حدثنا أبو -
عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام بعد أن قال: إن
الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح بن آدم وقسمه عليها وقرنه فيها: ثم
نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في الآية الأخرى فقال: (وما كنتم
تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم) يعنى بالجلود الفروج
والأفخاذ.
28 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد
ابن الحنفية: يا بنى لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كلما تعلم، فان الله تبارك وتعالى قد
فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة، إلى قوله وقال عز وجل:
(وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم) يعنى بالجلود
الفروج.
29 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن
ابن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: حديث يرويه الناس فيمن يؤمر به آخر
الناس إلى النار، فقال لي: اما انه ليس كما يقولون، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان آخر
عبد يؤمر به إلى النار فإذا أمر به التفت فيقول الجبار جل جلاله: ردوه فيردونه،
فيقول له: لم التفت إلى؟ فيقول: يا رب لم يكن ظني بك هذا، فيقول: وما كان
ظنك بي؟ فيقول: يا رب كان ظني بك ان تغفر لي خطيئتي وتسكنني جنتك، قال:
فيقول الجبار: يا ملائكتي لا وعزتي وجلالي وآلائي وعلوي وارتفاع مكاني ما ظن بي
عبدي هذا ساعة من خير قط، ولو ظن بي ساعة من خير ما ودعته بالنار، أجيزوا له
كذبه وادخلوه الجنة، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس من عبد يظن بالله عز
وجل خيرا الا كان عند ظنه به، وذلك قوله عز وجل: وذلكم ظنكم الذي ظننتم
544

بربكم أرديكم فأصبحتم من الخاسرين.
30 - في مجمع البيان قال الصادق عليه السلام: ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه
يشرف على النار، ويرجوه رجاءا كأنه من أهل الجنة، ان الله تعالى يقول: (وذلكم
ظنكم الذي ظننتم بربكم) الآية ثم قال: إن الله عند ظن عبده ان خيرا فخير وان شرا فشر،
31 - في نهج البلاغة وصارت الأجساد شحبة، بعد بضتها: والعظام نخرة بعد
قوتها، والأرواح مرتهنة بثقل أعبائها، موقنة بغيب أبنائها، لا تستزاد من صالح
عملها ولا تستعتب من سيئ زللها (1)،
32 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وقال الذين كفروا ربنا
أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس قال العالم (ع): من الجن إبليس الذي
دل على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله في دار الندوة، وأضل الناس بالمعاصي، وجاء بعد وفاة
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبى بكر فبايعه، ومن الانس فلان نجعلهما تحت اقدامنا ليكونا
من الأسفلين.
33 - في روضة الكافي محمد بن أحمد القمي عن عبد الله بن الصلت عن يونس
ابن عبد الرحمان عن عبد الله بن سنان عن حسين الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام في قول
الله تبارك وتعالى (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا
ليكونا من الأسفلين) قال: هما، ثم قال: وكان فلان شيطانا.
24 - يونس عن سورة بن كليب عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى:
(ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)
قال: يا سورة هما والله هما، ثلاثا والله يا سورة، انا لخزان علم الله في السماء، وانا
لخزان علم الله في الأرض.
35 - في مجمع البيان (ربنا أرنا الذين أضلانا) الآية يعنون إبليس الأبالسة و
قابيل بن آدم أول من أبدع المعصية، روى ذلك عن علي عليه السلام.
36 - في بصائر الدرجات عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن الحسن بن

(1) (شحبة) أي هالكة (نخرة) أي بالية والأعباء: الأثقال.
545

على قال: حدثنا عبد الله بن سهيل الأشعري عن أبيه عن اليسع قال: دخل حمران بن
أعين على أبى جعفر عليه السلام فقال له: جعلت فداك يبلغنا ان الملائكة تنزل عليكم؟ قال:
أي والله لتنزل علينا فتطأ فرشنا، أما تقرأ كتاب الله تبارك وتعالى: ان الذين قالوا
ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة
التي كنتم توعدون.
37 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
جمهور عن فضالة بن أيوب عن الحسين بن عثمان عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) فقال
أبو عبد الله عليه السلام: استقاموا على الأئمة واحدا بعد واحد، (تتنزل عليهم الملائكة ألا
تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون).
38 - وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: بينا أبى جالس وعنده نفر إذ استضحك حتى
أغر ورقت عيناه دموعا (1) ثم قال: هل تدرون ما أضحكني؟ قال: فقالوا: لا،
قال، زعم ابن عباس انه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، فقلت له: هل رأيت
الملائكة يا بن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة مع الامن من الخوف
والحزن؟ قال: فقال: ان الله تبارك وتعالى يقول: (انما المؤمنون اخوة) قد دخل
في هذا جميع الأمة، فاستضحك ثم قلت: صدقت يا بن عباس، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
39 - في نهج البلاغة وانى متكلم بعدة الله وحجته قال الله تعالى: (ان الذين
قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة
التي كنتم توعدون) وقد قلتم ربنا الله فاستقيموا على كتابه وعلى منهاج أمره وعلى
الطريقة الصالحة من عبادته، ثم لا تمرقوا منها (2) ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها
فان أهل المروق منقطع بهم يوم القيمة.

(1) اغرورقت عيناه: دمعتا كأنهما غرقتا في دمعهما.
(2) مرق السهم: إذا خرج من الرمية.
546

40 - في مجمع البيان (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) الآية روى عن
انس قال: قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآية، ثم قال: قد قالها ناس ثم كفر أكثرهم
فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام عليها.
41 - وروى محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الاستقامة،
فقال: هي والله ما أنتم عليه.
42 - (تتنزل عليهم الملائكة) يعنى عند الموت عن مجاهد والسدي وروى ذلك
عن أبي عبد الله عليه السلام.
43 - (في تفسير أهل البيت عليهم السلام عن أبي بصير قال قلت: لأبي جعفر عليه السلام
قول الله: (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) قال: هي والله ما أنتم عليه (1)
44 - في الخرايج والجرائح باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام في قوله تعالى:
(ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا)
فقال: اما والله لربما وسدناهم الوسائد في منزلنا قيل له: الملائكة تظهر لكم فقال:
هم الطف بصبياننا منا بهم، وضرب بيده إلى مسور (2) في البيت فقال: والله لطالما اتكأت
عليها الملائكة، وربما التقطنا من زغبها. (3)
45 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين
صلوات الله عليه فقال: (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) قال على ولاية أمير المؤمنين
عليه السلام (تتنزل عليهم الملائكة) قال: عند الموت (الا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة
التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا قال: كنا نحرسكم من الشياطين
وفي الآخرة أي عند الموت ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون يعنى في

(1) (في أصول الكافي باسناده إلى الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال يا حسين - وضرب إلى مساور في البيت - طالما اتكأت عليها لملائكة وربما التقطنا
من زغبها. منه (ره).
(2) المسور: المتكأ من جلد.
(3) الزغب: صغار ريش الطائر.
547

الجنة نزلا من غفور رحيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: ما يموت موال لنا مبغض لأعدائنا الا ويحضره رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين
والحسن والحسين عليهم السلام، فيرونه ويبشرونه، وإن كان غير موال لنا يراهم
بحيث يسوءه والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام للحارث الهمداني:
يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا
46 - في مجمع البيان (نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفى الآخرة) قيل:
نحن أوليائكم في الحياة الدنيا أي نحرسكم في الدنيا وعند الموت في الآخرة عن أبي
جعفر عليه السلام.
قال عز من قائل: (ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون)
47 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن
إسحاق المدني عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر حديثا طويلا يقول
فيه صلى الله عليه وآله حاكيا حال أهل الجنة: والثمار دانية منهم، وهو قوله عز وجل: (و
دانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا) من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي
يشتهيه من الثمار بعينه وهو متكئ، وان الأنواع من الفاكهة ليقلن لولى الله: يا ولى
الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي، قال: وليس من مؤمن في الجنة الا وله جنان كثيرة
معروشات وغير معروشات، وأنهار من خمر وانهار من ماء غير آسن وانهار من لبن وانهار
من عسل، فإذا دعى ولى الله بغذائه اتى بما تشتهى نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن
يسمى شهوته.
48 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن عبد الرحمن بن أبي نجران
عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك انى أردت أن أسئلك
عن شئ أستحيى منه هل في الجنة غناء؟ قال: إن في الجنة شجرا يأمر الله رياحها فتهب
فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلايق مثلها حسنا، ثم قال: هذا عوض لمن
ترك السماع للغناء في الدنيا مخافة الله.
49 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى عبد الله بن عباس
548

رحمة الله عليه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: إن الجنة ليتخذ وترين (1) من الحول إلى
الحول لدخول شهر رمضان، فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت
العرش يقال لها المبشرة فتصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع فيسمع لذلك طنين لم
يسمع السامعون أحسن منه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
50 - في تفسير العياشي عن جابر قال: قلت لمحمد بن علي عليهما السلام: قول الله
تبارك وتعالى في كتابه (الذين آمنوا ثم كفروا) قال: هما والثالث والرابع وعبد الرحمان
وطلحة وكانوا سبعة عشر رجلا، قال: لما وجه النبي صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام و
عمار بن ياسر رحمه الله إلى أهل مكة قالوا: بعث هذا الصبي ولو بعث غيره يا حذيفة إلى
أهل مكة، وفى مكة صناديدها، وكانوا يسمون عليا الصبي لأنه كان اسمه في كتاب
الله الصبي لقول الله: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وهو صبي و
قال انني من المسلمين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
51 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم أدب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله فقال:
ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن قال ادفع سيئة من أساء
إليك بحسنتك، حتى يكون الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم.
52 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا
عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال
قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا، ثم
قال: عليك بالصبر في جميع أمورك فان الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله فأمره بالصبر
والرفق، فقال تبارك وتعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه
عداوة كأنه ولى حميم * وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقيها الا ذو حظ عظيم) فصبر حتى
نالوه بالعظائم ورموه بها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
53 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله عز وجل: (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة) قال الحسنة التقية، والسيئة
الإذاعة، وقوله عز وجل: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) قال: التي هي أحسن

(1) كذا في النسخ والظاهر أنه مصحف لتتحلى وتتزين
549

التقية، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم.
54 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى عبد الله بن وهب بن زهير قال: وفد
العلا بن الحضرمي على النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن لي أهل بيت أحسن إليهم فيسيئون
وأصلهم فيقطعون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه
عداوة كأنه ولى حميم) فقال العلاء بن الحضرمي: إني قد قلت شعرا هو أحسن من هذا
قال: وما قلت؟ فأنشده:
وحى ذوي الأضغان تسب قلوبهم * تحيتك العظمى فقد يرفع النغل (1)
فان أظهروا خيرا فجاز بمثله * وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل (2)
فان الذي يؤذيك منه سماعه * فان الذي قالوا وراءك لم يقل
فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن من الشعر لحكما، وإن من البيان لسحرا، وإن شعرك
لحسن، وإن كتاب الله أحسن.
55 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب
مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: صافح عدوك وإن كره فإنه مما أمر الله به عباده يقول
(ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم * وما يلقيها إلا الذين
صبروا وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم) ما تكافى عدوك بشئ أشد من أن تطيع الله فيه، و
حسبك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله.
56 - في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه السلام: وما يلقيها إلا كل ذي حظ
عظيم.
57 - في تفسير علي بن إبراهيم: واما ينزغنك من الشيطان نزغ أي عرض
لقلبك نزغ (3) من الشيطان فاستعذ بالله والمخاطبة لرسول الله والمعنى للناس (4)

(1) الأضغان جمع الضغن: الحقد. والنغل - محركة -، الافساد بين القوم.
(2) خنس عنه: رجع وتنحى.
(3) النزغ: الاغراء والافساد ونزغ الشيطان: وساوسه ونخسه في القلب بما يسول
للانسان من المعاصي.
(4) وقد مر نظير ذلك كثيرا فهو من باب إياك أعني واسمعي يا جارة كما ورد في أحاديث
عديدة ان القرآن نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة.
550

58 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب
مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليستعذ بالله وليقل:
آمنت بالله مخلصا له الدين.
59 - في مجمع البيان والمروى عن ابن عباس وقتادة وابن المسيب ان موضع
السجود عند قوله وهم لا يسأمون وعن ابن مسعود والحسن عند قوله: ان كنتم إياه
تعبدون وهو اختيار أبى عمرو بن [أبى] العلا وهو المروى عن أئمتنا عليهم السلام.
60 - في جوامع الجامع وموضع السجدة عند الشافعي (تعبدون) وهو المروى
عن أئمتنا عليهم السلام وعند أبي حنيفة (يسأمون).
61 - فيمن لا يحضره الفقيه قد روى أنه يقول في سجدة العزايم: لا إله إلا الله
حقا حقا لا إله إلا الله ايمانا وتصديقا لا إله إلا الله عبودية ورقا سجدت لك يا رب تعبدا
ورقا لا مستنكفا ولا مستكبرا بل أنا عبد ذليل خائف مستجير، ثم يرفع رأسه
ثم يكبر.
62 - في عيون الأخبار (1) باسناده إلى علي بن الحسن بن علي بن فضال عن
أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: لم خلق الله عز وجل الخلق على أنواع
شتى ولم يخلقه نوعا واحدا؟ قال: لئلا يقع في الأوهام انه عاجز، فلا تقع صورة في
وهم ملحد الا وقد خلق الله عز وجل عليها خلقا، ولا يقول قائل: هل يقدر الله تعالى
على أن يخلق على صورة كذا وكذا الا وجد ذلك في خلقه تبارك وتعالى فيعلم بالنظر إلى
أنواع خلقه أنه على كل شئ قدير.
63 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة: وأما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي صلى الله عليه وآله
والإزراء به والتأنيب له (2) مع ما أظهره الله تبارك وتعالى في كتابه من تفضيله إياه على

(1) ذكره في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من العلل. (منه ره)
(2) ازرى عليه: عابه وعاتبه. والتأنيب: للوم.
551

ساير أنبيائه فان الله عز وجل جعل لكل نبي عدوا من المشركين كما قال في كتابه
وبحسب جلالة منزلة نبينا صلى الله عليه وآله عند ربه كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاذ منه في
حال شقاقه ونفاقه، وكل أذى ومشقة لدفع نبوته وتكذيبه إياه وسعيه في مكارهه
وقصده لنقض كل ما أبرمه، واجتهاده ومن مالاه على كفره وعناده ونفاقه والحاده
في ابطال دعوته وتغيير ملته ومخالفة سنته، ولم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم
عن موالاة وصيه وإيحاشهم منه وصدهم عنه واغرائهم بعداوته، والقصد لتغيير الكتاب
الذي جاء به، واسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل وكفر ذوي الكفر، منه وممن وافقه
على ظلمه وبغيه وشركه، ولقد علم الله ذلك منهم فقال: ان الذين يلحدون في آياتنا
لا يخفون علينا وقال: (يريدون ان يبدلوا كلام الله) ولقد أحضروا الكتاب مكملا
مشتملا على التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، لم يسقط
منه حرف الف ولا لام، فلما وقفوا على ما بينه الله من أسماء أهل الحق والباطل، وان
ذلك ان ظهر ما عقدوه، قالوا: لا حاجة لنا فيه نحن مستغنون عنه بما عندنا، و
لذلك قال: (فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون) ثم دفعهم الاضطرار
بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه وتأليفه وتضمينه من تلقائهم ما
يقيمون به دعائم كفرهم، فصرخ مناديهم: من كان عنده شئ من القرآن فليأتنا به
ووكلوا تأليفه ونظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء الله فألفه على اختيارهم،
وما يدل للمتأمل على اختلال تمييزهم وافترائهم وتركوا منه ما قدروا انه لهم وهو
عليهم، وزادوا فيه ما ظهر تناكره وتنافره، وعلم الله أن ذلك يظهر ويبين، فقال:
(ذلك مبلغهم من العلم) وانكشف لأهل الاستبصار عوارهم وافترائهم، والذي بدا في
الكتاب من الازراء على النبي صلى الله عليه وآله من فرية الملحدين ولذلك قال: (انهم يقولون
منكرا من القول وزورا) فيذكر جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وآله ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده
بقوله: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله
ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته) يعنى انه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعانيه من
نفاق قومه وعقوقهم والانتقال إلى دار الإقامة الا القى الشيطان المعرض لعداوته عند
552

فقده في الكتاب الذي أنزل عليه ذمه والقدح فيه والطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب
المؤمنين فلا تقبله ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين، ويحكم الله آياته
بأن يحمى أوليائه من الضلال والعدوان ومشايعة أهل الكفر والعدوان والطغيان
الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالانعام، حتى قال: (بل هم أضل سبيلا) فافهم هذا و
اعمل به، وأعلم انك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر مما سألت، وانى
قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير لعدم حملة العلم وقلة الراغبين في التماسه، وفى
دون ما بينت لك البلاغ لذوي الألباب.
قال عز من قائل: أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة.
64 - في كتاب الخصال عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله تبارك
وتعالى: وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا
أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة
65 - في نهج البلاغة وانما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف
الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق (1) 66 - في الكافي علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لبعض جلسائه: الا أخبرك بشئ يقرب من الله ويقرب من
الجنة ويباعد من النار؟ فقال: بلى فقال: عليك بالسخاء فان الله خلق خلقا برحمته
لرحمته، فجعلهم للمعروف أهلا وللخير موضعا وللناس وجها يسعى إليهم، لكي يحيونهم
كما يحيى المطر الأرض المجدبة أولئك هم المؤمنون الآمنون يوم القيامة.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: ان الذين كفروا بالذكر لما جاءهم يعنى القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه

(1) قوله عليه السلام (أروضها بالتقوى) من الرياضة قال ابن أبي الحديد: يقول
عليه السلام: تقللي واقتصاري من المطعم والملبس على الجشب والخشن رياضة لنفسي لان ذلك
انما اعمله خوفا من الله أن أنغمس في الدنيا فالرياضة بذلك هي رياضة في الحقيقة بالتقوى لا بنفس
التقلل والتقشف (انتهى). والمزلق: موضع الزلق لا يثبت عليه قدم.
553

قال لا يأتيه الباطل من قبل التوراة ولا من قبل الإنجيل والزبور ولا من خلفه أي لا
يأتيه من بعده كتاب يبطله.
68 - في مجمع البيان: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) قيل فيه
أقوال إلى قوله: ثالثها معناه أنه ليس في اخباره عما مضى باطل [ولا في اخباره عما
يكون في المستقبل باطل] بل أخباره كلها موافقة لمخبراتها، وهو المروى عن أبي
جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام (1)
69 - في كتاب طب الأئمة باسناده إلى أبي بصير قال: شكى رجل إلى أبى -
عبد الله عليه السلام وجع السرة فقال له. اذهب فضع يدك على الموضع الذي تشتكي وقل: (و
انه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)
ثلثا فإنك تعافى بإذن الله.
70 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما سبق أعنى قوله: (كتاب يبطله) وقوله
عز وجل: لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قال: لو كان هذا القرآن أعجميا لقالوا:
كيف نتعلمه ولساننا عربي، واتيتنا بقرآن أعجمي، فأحب الله عز وجل ان ينزله
بلسانهم وقد قال الله عز وجل: (وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه).

(1) أقول: وروى الصدوق (ره) في عيون الأخبار عن الحسين بن أحمد البيهقي قال حدثنا
محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا محمد بن موسى الرازي قال حدثني أبي قال ذكر الرضا عليه السلام
يوما القرآن فعظم الحجة فيه والآية والمعجزة في نظمه، قال: هو حبل الله المتين وعروته الوثقى
وطريقته المثلى المؤدى إلى الجنة والمنجى من النار لا يخلق على الأزمنة ولا يغث على الألسنة لأنه لم
يجعل لزمان دون زمان بل جعل دليل البرهان والحجة على كل انسان (لا يأتيه الباطل من بين
يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). (انتهى) وروى أيضا في باب ما كتبه الرضا عليه السلام
للمأمون في محض الاسلام وشرايع الدين وفيه: والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي (لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) وانه المهيمن على الكتب كلها وانه حق
من فاتحته إلى خاتمته، نؤمن محكمه ومتشابهه وخاصه وعامه ووعده ووعيده وناسخه ومنسوخه وقصصه
وأخباره لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله... إلى آخر الحديث.
554

71 - في عيون الأخبار باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: سألت
أبا الحسن الرضا عليه السلام إلى أن قال، وسألته عن الله عز وجل هل يجبر عباده على المعاصي
فقال: لا، بل يخيرهم ويمهلهم حتى يتوبوا، قلت: فهل كلف عباده ما لا يطيقون؟
فقال: كيف يفعل ذلك وهو يقول: وما ربك بظلام للعبيد؟ ثم قال عليه السلام: حدثني أبي
موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عليهم السلام أنه قال: من زعم أن الله يجبر
عباده على المعاصي أو يكلفهم ما لا يطيقون فلا تأكلوا ذبيحته ولا تقبلوا شهادته ولا
تصلوا وراءه ولا تعطوه من الزكاة شيئا.
72 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: لا يسأم الانسان من دعاء
الخير أي لا يمل ولا يعيى من أن يدعو لنفسه بالخير وان مسه الشر فيؤس قنوط أي
يائس من روح الله وفرجه.
73 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله روى عن موسى بن جعفر عن
أبيه عن آبائه عن الحسن بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم
قال لعلي عليه السلام: فان هذا موسى بن عمران قد أرسله الله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أرسله الله إلى فراعنة شتى مثل أبى جهل بن
هشام وعتبة بن ربيعة، وشيبة وأبى البختري، والنضر بن الحرث وأبى بن خلف،
ومنبه ونبيه ابني الحجاج، والى الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي،
والعامر بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب،
والحارث ابن الطلا طلة، فأراهم الآيات في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق.
74 - في روضة الكافي سهل بن زياد عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن
الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: سنريهم آياتنا في الآفاق وفى
أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق قال: خسف ومسخ وقذف، قال: قلت:
(حتى يتبين لهم) قال: دع ذا، ذاك قيام القائم.
75 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن علي عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى:
555

(سنريهم آياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) قال: نريهم في أنفسهم
المسخ، ونريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم، فيرون قدرة الله عز وجل في أنفسهم
وفى الآفاق، قلت له: (حتى يتبين لهم أنه الحق) قال: خروج القائم هو الحق عند الله
عز وجل تراه الخلق لابد منه.
76 - في ارشاد المفيد علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن موسى عليه السلام في قوله
(سنريهم آياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) قال: الفتن في آفاق
الأرض، والمسخ في أعداء الحق.
77 - في مصابيح الشريعة قال الصادق عليه السلام: العبودية جوهرة كنهها الربوبية
فما فقد من العبودية وجد في الربوبية، وما خفى في الربوبية أصيب في العبودية،
قال الله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف
بربك أنه على كل شئ قدير) أي موجود في غيبتك وحضرتك.
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله قال، من قرء حم عسق
بعثه الله يوم القيمة ووجهه كالثلج أو كالشمس حتى يقف بين يدي الله عز وجل، فيقول:
عبدي أدمنت قراءة حم عسق ولم تدر ما ثوابها، أما لو دريت ما هي وما ثوابها لما مللت
قراءتها ولكن سأجزيك جزاك، أدخلوه الجنة وله فيها قصر من ياقوتة حمراء أبوابها
وشرفها ودرجها منها، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، وألف غلام من
الغلمان المخلدين الذين وصفهم الله عز وجل.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله من قرء سورة حم عسق كان
ممن تصلى عليه الملائكة ويستغفرون له ويسترحمون.
3 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن
الصادق عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وأما حم عسق فمعناه الحكيم المثبت
556

العالم السميع القادر القوى.
4 - في تفسير علي بن إبراهيم (حم عسق) هو حروف من أسماء الله الأعظم المقطوع
يؤلفه الرسول صلى الله عليه وآله والامام صلوات الله عليه فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعى الله
به أجاب. حدثنا أحمد بن علي وأحمد بن إدريس قالا: حدثنا محمد بن أحمد
العلوي عن العمركي عن محمد بن جمهور قال. حدثنا سليمان بن سماعة عن عبد الله
ابن القاسم عن يحيى بن ميسرة الخثعمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: حم
عسق عدد سنى القائم صلوات الله عليه، وقاف جبل محيط بالدنيا من زمردة خضراء
فخضرة السماء من ذلك الجبل، وعلم كل شئ في عسق (1).
5 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل. تكاد السماوات يتفطرن
من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض قال:
للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة، ولفظ الآية عام ومعناه خاص.
6 - في جوامع الجامع (ويستغفرون لمن في الأرض) قال الصادق عليه السلام: لمن
في الأرض من المؤمنين.
7 - في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه السلام: والملائكة ومن حول العرش
يسبحون بحمد ربهم لا يفترون ويستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين.
8 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: (يتفطرن من فوقهن) أي يتصدعن.
9 - وقوله عز وجل: لتنذر أم القرى مكة ومن حولها ساير الأرض وفيه وقوله:
(وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها) قال: أم القرى مكة
سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله عز وجل من الأرض، لقوله عز وجل (ان أول
بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا).
10 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جعفر بن محمد الصوفي عن محمد
ابن علي الرضا عليهما السلام حديث طويل وفيه يقول عليه وانما سمى يعنى النبي صلى الله عليه وآله

(1) في بعض النسخ: (وعلم علي عليه السلام كله في عسق) منه (ره).
557

الأمي لأنه كان من أهل مكة، ومكة من أمهات القرى، وذلك قول الله عز وجل: (لتنذر
أم القرى ومن حولها).
11 - وباسناده إلى علي بن حسان وعلي بن أسباط وغيره رفعه عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قلت: فلم سمى النبي صلى الله عليه وآله الأمي؟ قال: نسب إلى مكة، وذلك قول الله عز وجل:
(لتنذر أم القرى ومن حولها) فأم القرى مكة فقيل أمي لذلك.
12 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي
سعيد البجلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله عن آبائه صلوات الله عليهم حديث
طويل يذكر فيه مضى الإمام الحسن بن علي عليهما السلام إلى ملك الروم وجوابات
الإمام عليه السلام للملك عما سئل عنه وفى أواخر الحديث: ثم سئله عن أرواح المؤمنين
أين تكون إذا ماتوا؟ قال: تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة جمعة وهو
عرش الله الأدنى، منها يبسط الله عز وجل الأرض، واليها يطويها، ومنها المحشر ومنها
استوى ربنا إلى السماء أي استوى على السماء والملائكة، ثم سئل عن أرواح الكفار
أين تجتمع فقال: تجتمع في وادى حضرموت وراء مدينة اليمن. ثم يبعث الله عز وجل
نارا من المشرق ونارا من المغرب ويتبعها بريحين شديدين فيحشر الناس عند صخرة
بيت المقدس، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ويزلف المعتبر، وتصير جهنم عن
يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة وفيها الفلق والسجين، فتتفرق الخلايق من
عند الصخرة، فمن وجبت له الجنة دخلها، وذلك قوله: فريق في الجنة وفريق
في السعير.
13 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: سئل
رجل يقال له بشر بن غالب أبا عبد الله الحسين (ع) فقال: يا بن رسول الله أخبرني عن قول الله
عز وجل: (يوم ندعو كل أناس بامامهم) قال: امام دعا إلى هدى فأجابوه إليه وامام
دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، وهو قوله عز وجل:
(فريق في الجنة وفريق في السعير) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
14 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن سيف عن أبيه
558

عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس ثم رفع يده اليمنى قابضا
على كفه ثم قال: أتدرون أيها الناس ما في كفى؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: فيها أسماء أهل
الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة، ثم رفع يده الشمال فقال: أيها الناس
أتدرون ما في كفى؟ قالوا: الله ورسوله اعلم فقال: أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم
إلى يوم القيامة ثم قال: حكم الله وعدل، حكم الله وعدل (فريق في الجنة وفريق في السعير).
15 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن محمد
ابن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه السلام قال: حدثني أبي عمن ذكره
قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وفى يده اليمنى كتاب، وفى يده اليسرى كتاب
فنشر الكتاب الذي في يده اليمنى فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم كتاب لأهل الجنة
بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم لا يزاد فيهم واحد ولا ينقص منهم واحد، قال:
ثم نشر الذي بيده اليسرى فقرأ: كتاب من الله الرحمن الرحيم لأهل النار بأسمائهم
وأسماء آبائهم وقبائلهم لا يزاد فيهم واحد ولا ينقص منهم واحد.
16 - في تفسير علي بن إبراهيم وأما قوله: ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة قال:
لو شاء ان يجعلهم كلهم معصومين مثل الملائكة بلا طباع لقدر عليه، (ولكن يدخل
من يشاء في رحمته والظالمون لآل محمد صلوات الله عليهم مالهم من ولى ولا نصير)
وقوله عز وجل وما اختلفتم فيه من شئ من المذاهب واخترتم لأنفسكم من الأديان
فحكم ذلك كله إلى الله يوم القيامة.
17 - في أصول الكافي سهل عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى
الرجل عليه السلام: ان من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم يقول جسم و
منهم من يقول صورة، فكتب بخطه: سبحان من لا يحد ولا يوصف ليس كمثله شئ
وهو السميع البصير.
18 - سهل عن علي بن محمد القاساني قال: كتبت إليه ان من قبلنا قد اختلفوا
في التوحيد، قال: فكتب. سبحان من لا يحد ولا يوصف ليس كمثله شئ وهو
السميع البصير.
559

19 - سهل عن بشر بن بشار النيشابوري قال: كتبت إلى الرجل عليه السلام ان من
قبلنا قد اختلفوا في التوحيد فمنهم من يقول: جسم، ومنهم من يقول: صورة، فكتب
إلي: سبحان من لا يحد ولا يوصف ولا يشبهه شئ، وليس كمثله شئ وهو السميع
البصير.
20 - محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن حمزة بن محمد قال: كتبت إلى
أبى الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم والصورة، فكتب: سبحان من ليس كمثله
شئ لا جسم ولا صورة.
21 - في مصباح شيخ الطائفة قدس سره خطبة مروية عن أمير المؤمنين و
فيها: ليس كمثله شئ إذ كان الشئ من مشيته، فكان لا يشبه مكونه.
22 - في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها
أنه سمعها من الرضا عليه السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ، فان قال: فلم وجب عليهم
الاقرار بأنه ليس كمثله شئ؟ قيل: لعلل منها ان لا يكونوا قاصدين (1) نحوه
بالعبادة والطاعة دون غيره، غير مشتبه عليهم أمر ربهم وصانعهم ورازقهم، ومنها أنهم لو لم
يعلموا أنه ليس كمثله شئ لم يدروا لعل ربهم وصانعهم هذه الأصنام التي نصبها لهم
آباؤهم والشمس والقمر والنيران إذا كان جايزا أن يكون عليهم مشتبه، وكان يكون
في ذلك الفساد وترك طاعاته كلها وارتكاب معاصيه كلها على قدر ما يتناهى من أخبار
هذه الأرباب وأمرها ونهيها، ومنها أنه لو لم يجب عليهم أن يعرفوا أنه ليس كمثله
شئ لجاز عندهم ان يجرى عليه ما يجرى على المخلوقين من العجز والجهل والتغير
والزوال والفناء والكذب والاعتداء، ومن جازت عليه هذه الأشياء لم يؤمن فناؤه و
لم يوثق بعدله، ولم يحقق قوله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه. وفى ذلك
فساد الخلق وابطال الربوبية.
23 - في كتاب التوحيد خطبة لعلى عليه السلام يقول فيها: ولا له مثل فيعرف بمثله.

(1) كذا فيما حضرني من النسخ التي لا يخلو بعضها من الصحة والاعتماد والظاهر أن
لا زائدة (منه ره).
560

24 - وخطبة أخرى يقول عليه السلام، فيها: حد الأشياء كلها عند خلقه إياها إبانة
لها من شبهه وأبانه له من شبهها.
25 - وخطبة أخرى يقول عليه السلام فيها: ولا يخطر ببال أولى الرويات خاطرة
من تقدير جلال عزته لبعده من أن يكون في قوى المحدودين لأنه خلاف خلقه.
فلا شبه له في المخلوقين، وانما يشبه الشئ في بعديله، فاما ما لا عديل له فكيف يشبه
بغير مثاله.
26 - وباسناده إلى طاهر بن حاتم بن ماهويه قال: كتبت إلى الطيب يعنى أبا الحسن
عليه السلام: ما الذي لا يجتزى في معرفة الخالق بدونه؟ فكتب ليس كمثله شئ لم يزل سميعا
وعليما وبصيرا وهو الفعال لما يريد.
27 - وباسناده إلى أبى عبد الرحمن بن أبي نجران قال: سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام
عن التوحيد، فقلت: أتوهم شيئا؟ فقال: نعم غير معقول ولا محدود، فما وقع وهمك
عليه من شئ فهو خلافه لا يشبهه شئ ولا تدركه الأوهام، كيف تدركه الأوهام
وهو خلاف ما يعقل وخلاف ما يتصور في الأوهام، انما يتوهم شئ غير معقول و
لا محدود.
28 - وباسناده إلى محمد بن عيسى بن عبيد أنه قال: قال الرضا عليه السلام: للناس في
التوحيد ثلاثة مذاهب: نفى وتشبيه واثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، و
مذهب التشبيه لا يجوز، لان الله تعالى لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريق الثالثة
اثبات بلا تشبيه.
29 - وباسناده إلى الحسين بن سعيد قال: سئل أبو جعفر عليه السلام: يجوز أن يقال
لله انه شئ؟ فقال: نعم تخرجه عن الحدين حد التشبيه وحد التعطيل.
30 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار في التوحيد
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وقلنا إنه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش
إلى الثرى من الذرة إلى أكبر منها في برها وبحرها ولا يشتبه عليه لغاتها، فقلنا عند
561

ذلك سميع لا بأذن، وقلنا انه بصير لا ببصر، لأنه يرى أثر الذرة السحماء (1) في
الليلة الظلماء على الصخرة السوداء، ويرى دبيب النمل في الليلة الدجنة (2)
ويرى مضارها ومنافعها وأثر سفادها (3) وفراخها ونسلها فقلنا عند ذلك: انه بصير
لا كبصر خلقه.
قال عز من قائل: انه بكل شئ عليم
31 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة قال
عليه السلام فيها: فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن، ويكون فيها لا على وجه الممازجة
وعلمها لا بأداة لا يكون العلم الا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان
عالما بمعلومه.
32 - في بصائر الدرجات عبد الله بن عامر (مهران خ ل) عن عبد الرحمن بن أبي -
نجران قال: كتب أبو الحسن الرضا عليه السلام وسأله أقرأنيها قال: علي بن الحسين عليهما -
السلام ان محمدا صلى الله عليه وآله كان أمين الله في أرضه، فلما قبض محمد صلى الله عليه وآله كنا أهل
البيت ورثته، فنحن أمناء الله في أرضه إلى قوله: ونحن الذين شرع الله لنا دينه، فقال
في كتابه: شرع لكم يا آل محمد من الدين ما وصى به نوحا قد وصينا بما وصى به نوحا
والذي أوحينا إليك يا محمد وما وصينا به إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب و
موسى وعيسى فقد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم ونحن ورثة الأنبياء ونحن
ورثة أولى العزم من الرسل ان أقيموا الدين يا آل محمد ولا تتفرقوا فيه وكونوا على
جماعة كبر على المشركين من أشرك بولاية علي عليه السلام ما تدعوهم إليه من ولاية على أن
الله يا محمد يهدى إليه من ينيب من يجيبك إلى ولاية علي عليه السلام، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.

(1) الذرة: صغار النمل. والسحماء: السوداء.
(2) الدبيب: المشي كالحية. أو على اليدين والرجلين كالطفل والدجنة: الظلمة.
وفى بعض النسخ (الدجية) بالياء وهو بمعنى الدجنة أيضا.
(3) السفاد: الجماع.
562

33 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن عبد الله بن إدريس
عن محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام في قول الله عز وجل: (كبر على المشركين ما تدعوهم
إليه يا محمد من ولاية على) هكذا في الكتاب محفوظة (مخطوطة خ ل).
34 - علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران
عن الحسين ابن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل بعث
نوحا إلى قومه أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون، ثم دعاهم إلى الله وحده وأن يعبدوه ولا
يشركوا به شيئا، ثم بعث الأنبياء عليهم السلام إلى أن بلغوا محمد صلى الله عليه وآله فدعاهم إلى أن
يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، وقال: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي
أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر
على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب) فبعث الأنبياء
عليهم السلام إلى قومهم بشهادة أن لا إله إلا الله والاقرار بما جاء من عند الله عز وجل،
فمن آمن مخلصا ومات على ذلك أدخله الله الجنة بذلك، وذلك أن الله جل وعز ليس
بظلام للعبيد، وذلك أن الله جل وعز لم يكن يعذب عبدا حتى يغلظ عليه في القتل والمعاصي
التي أوجب الله جل وعز عليه بها النار لمن عمل بها، فلما استجاب لكل نبي من استجاب
له من قومه من المؤمنين جعل لكل نبي منهم شرعة ومنهاجا، والشرعة والمنهاج
سبيل وسنة.
35 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر وعدة من أصحابنا عن
أحمد بن محمد بن خالد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن محمد بن مروان جميعا عن أبان بن
عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أعطى محمدا صلى الله عليه وآله شرايع
نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام التوحيد والاخلاص وخلع الأنداد والفطرة
الحنفية السمحة لا رهبانية ولا سياحة، أحل فيها الطيبات وحرم فيها الخبائث، ووضع
عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، ثم افترض عليه الصلاة والزكاة والصيام
والحج والامر بالمعروف والنهى عن المنكر والحلال والحرام والمواريث والحدود
والفرائض والجهاد في سبيل الله، وزاده الوضوء وفضله بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة
563

البقرة والمفصل، وأحل له المغنم والفئ ونصره بالرعب، وجعل له الأرض مسجدا و
طهورا، وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود والجن والانس. وأعطاه الجزية وأسر
المشركين وفداهم، ثم كلف ما لم يكلف أحدا من الأنبياء، أنزل عليه سيف من السماء
في غير غمد وقيل له: قاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك.
36 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر
عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كانت شريعة نوح عليه السلام
أن يعبدوا الله بالتوحيد والاخلاص وخلع الأنداد، وهو الفطرة التي فطر الناس عليها
وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين صلوات الله عليهم أجمعين أن يعبدوا الله تعالى، ولا
يشركوا به شيئا، وأمره بالصلاة والامر بالمعروف والنهى عن المنكر والحلال و
الحرام، ولم يفرض عليه أحكام حدود ولا فرائض مواريث فهذه شريعته.
37 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال:
دخلت على سيدي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين
ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام فلما بصر بي قال لي: مرحبا بك يا أبا القاسم أنت
ولينا حقا، قال: فقلت له: يا بن رسول الله انى أريد ان أعرض عليك ديني فإن كان
مرضيا ثبت عليه حتى القى الله عز وجل، فقال: هاتها يا أبا القاسم فقلت: انى أقول: إن
الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شئ، خارج من الحدين حد الابطال وحد التشبيه
وانه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور،
وخالق الاعراض والجواهر، ورب كل شئ ومالكه وجاعله ومحدثه، وأن محمدا عبده
ورسوله وخاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيمة وأقول ان الامام والخليفة وولى الامر بعده
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي
ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا مولاي،
فقال عليه السلام: ومن بعدى الحسن ابني، فكيف الناس بالخلف من بعده قال: فقلت: و
كيف ذاك يا مولاي؟ قال: لأنه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج، فيملأ
الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، قال: فقلت: أقررت وأقول ان وليهم ولى
564

الله وعدوهم عدو الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، وأقول إن المعراج
حق والمسألة في القبر حق، وان الجنة حق والنار حق، والصراط حق والميزان
حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأقول: ان الفرائض
الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والامر بالمعروف و
النهى عن المنكر، فقال علي بن محمد عليهما السلام: يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي
ارتضاه لعباده، فأثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة.
38 - وباسناده إلى الريان بن الصلت عن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن
آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله جل جلاله:
ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على ديني من استعمل
القياس في ديني.
39 - وباسناده إلى داود بن سليمان الفراء عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن
آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: التوحيد نصف الدين.
40 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل دينكم الورع.
41 - عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: أفضل العبادة الفقه، وأفضل
الدين الورع.
42 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين
ابن سعيد عن بعض أصحابنا عن عبيد بن زرارة قال: حدثني حمزة بن حمران قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الاستطاعة فلم يجبني، فدخلت عليه دخلة أخرى فقلت: أصلحك
الله انه قد وقع في قلبي منها شئ لا يخرجه الا شئ أسمعه منك، قال: فإنه لا يضرك ما
كان في قلبك، قلت: أصلحك الله إني أقول إن الله تبارك وتعالى لم يكلف العباد ما لا
يستطيعون، ولم يكلفهم الا ما يطيقون، وانهم لا يصنعون شيئا من ذلك الا بإرادة الله و
مشيته وقضائه وقدره؟ قال: فقال: هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي أو كما قال.
565

43 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور إلى قوله عنه
عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان عن إسماعيل الجعفي قال: دخل رجل على أبى -
جعفر عليه السلام ومعه الصحيفة فقال أبو جعفر عليه السلام: هذه صحيفة مخاصم سأل عن الدين
الذي يقبل فيه العمل، فقال: رحمك الله هذا الذي أريد، فقال أبو جعفر عليه السلام شهادة
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وتقر بما جاء به من
عند الله، والولاية لنا أهل البيت والبراءة من عدونا والتسليم لامرنا، والورع و
التواضع وانتظار قائمنا فان لنا دولة إذا شاء الله جاء بها.
44 - علي بن إبراهيم عن أبيه وأبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار
جميعا عن صفوان بن يحيى عن عمرو بن حريث قال: دخلت على أبى عبد الله عليه السلام و
هو في منزل أخيه عبد الله بن محمد فقلت له: جعلت فداك ما حولك إلى هذا المنزل؟
قال: طلب النزهة (1)، فقلت: جعلت فداك الا أقص عليك ديني؟ فقال: بلى.
قلت: أدين الله بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله و
أن الساعة آتية لا ريب فبها، وأن الله يبعث من في القبور، وأقام الصلاة وايتاء الزكاة
وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلى أمير المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و
الولاية للحسن والحسين، والولاية لعلي بن الحسين والولاية لمحمد بن علي ولك
من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وانكم أئمتي، عليه أحيى وعليه أموت وأدين الله به
فقال: يا عمرو هذا دين الله ودين آبائي الذي أدين الله به في السر والعلانية، فاتق
الله وكف لسانك الا من خير، ولا تقل انى هديت نفسي بل الله هداك فأد شكر ما أنعم
الله عز وجل به عليك، ولا تكن ممن إذا أقبل طعن في عينه، وإذا أدبر طعن في
قفاه (2) ولا تحمل الناس على كاهلك فإنك أوشك ان حملت الناس على كاهلك ان

(1) النزهة: البعد عن الناس.
(2) قال المجلسي (ره): أي كن من الاخبار ليمدحك الناس في وجهك وقفاك ولا تكن
من الأشرار الذين يذمهم الناس في حضورهم وغيبتهم، أو أمر بالتقية من المخالفين أو حسن
المعاشرة مطلقا.
566

يصدعوا شعب كاهلك (1)
45 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن مهزيار عن بعض أصحابنا
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (أن أقيموا الدين) قال: الامام (ولا تتفرقوا فيه) كناية
عن أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال: (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) من أمر ولاية
على (الله يجتبى إليه من يشاء) كناية عن علي عليه السلام (ويهدى إليه من ينيب).
46 - وفيه قوله عز وجل: (شرع لكم من الدين) مخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله
(ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك) يا محمد (وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى
أن أقيموا الدين) أي تعلموا الدين يعنى التوحيد، وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم
شهر رمضان وحج البيت والسنن والاحكام التي في الكتب والاقرار بولاية أمير المؤمنين
عليه السلام (ولا تتفرقوا فيه) أي لا تختلفوا فيه (كبر على المشركين ما تدعوهم إليه) من ذكر
هذه الشرايع ثم قال: (الله يجتبى إليه من يشاء) أي يختار (ويهدى إليه من ينيب) وهم
الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين الذين اختارهم واجتباهم قال جل ذكره: وما تفرقوا
الا من بعد ما جائهم العلم بغيا بينهم قال: لم يتفرقوا بجهل ولكنهم تفرقوا لما
جائهم العلم وعرفوه فحسد بعضهم بعضا، وبغى بعضهم على بعض لما رأوا من تفاضل أمير -
المؤمنين بأمر الله فتفرقوا في المذاهب وأخذوا بالآراء والأهواء، ثم قال عز وجل:
ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم قال: لولا أن الله قد قدر ذلك أن
يكون في التقدير الأول لقضى بينهم إذا اختلفوا وأهلكهم ولم ينظرهم ولكن أخرهم إلى أجل
مسمى المقدر وان الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفى شك منه مريب كناية
عن الذين نقضوا (2) أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال جل ذكره: فلذلك فادع واستقم

(1) الكاهل، مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق أو موصل العنق في الصلب والشعب: بعد
ما بين المنكبين، قال في مرآة العقول أي لا تسلط الناس على نفسك بترك التقية أو لا تحملهم
على نفسك بكثرة المداهنة والمداراة معهم بحيث تتضرر بذلك كأن يضمن لهم ويحمل عنهم ما لا
يطيق أو يطمعهم في أن يحكم بخلاف الحق أو يوافقهم فيما لا يحل وهذا أفيد وإن كان الأول أظهر.
(2) وفى المصدر (عنى عن الذين نقضوا... اه).
567

يعنى هذه الأمور والدين الذي تقدم ذكره، وموالاة أمير المؤمنين عليه السلام فادع واستقم
كما أمرت.
47 - وفيه متصل بآخر الحديث الذي نقلناه عنه أولا أعنى قوله: (ويهدى إليه من
ينيب) ثم قال جل ذكره: (فلذلك فادع واستقم كما أمرت) يعنى إلى ولاية أمير المؤمنين
صلوات الله عليه.
قال عز من قائل: وقل آمنت بما انزل الله من كتاب.
48 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى مسلم بن خالد المكي عن جعفر
ابن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا الا
بالعربية، فكان يقع في مسامع الأنبياء عليهم السلام بألسنة قومهم، وكان يقع في
مسامع نبينا صلى الله عليه وآله بالعربية، فإذا كلم به قومه كلمهم بالعربية فيقع في مسامعهم بلسانهم
وكان أحد لا يخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله بأي لسان خاطبه الا وقع في مسامعه بالعربية.
كل ذلك يترجم جبرئيل عليه السلام عنه تشريفا من الله عز وجل له صلى الله عليه وآله.
49 - في مجمع البيان: لا عدل بينكم وفى الحديث: ثلاث منجيات وثلاث
مهلكات، فالمنجيات العدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وخشية
الله في السر والعلانية، والمهلكات شح مطاع (1) وهوى متبع، واعجاب المرء
بنفسه.
50 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال عز وجل: الله الذي أنزل الكتاب بالحق
والميزان قال: الميزان أمير المؤمنين صلوات الله عليه. والدليل على ذلك قوله
عز وجل في سورة الرحمن: (والسماء رفعها ووضع الميزان) قال: يعنى الإمام عليه السلام
51 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن
عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: الله لطيف

(1) الشح: البخل مع حرص. قال بعض العارفين: الشح في نفس الانسان ليس بمذموم
لأنه طبيعة خلقها الله تعالى في النفوس كالشهوة والحرص للابتلاء ولمصلحة عمارة العالم وانما
المذموم ان يستولى سلطانه على القلب فيطاع (انتهى) وكأن هذا هو المراد من هذا الحديث
568

بعباده يرزق من يشاء قال: ولاية أمير المؤمنين، فقلت: من كان يريد حرث الآخرة قال:
معرفة أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة نزد له في حرثه قال: نزيده منها قال: يستوفى نصيبه
من دولتهم ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب قال:
ليس له في دولة الحق مع الامام نصيب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
52 - الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء
عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أراد الحديث لمنفعة
الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا
والآخرة.
53 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن المنقري عن
حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له
في الآخرة نصيب.
54 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمان بن أبي
نجران عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن يحيى بن عقيل عن حسن قال: خطب
أمير المؤمنين صلوات الله عليه فحمد الله وأثنى عليه وقال: اما بعد إلى أن قال عليه السلام:
ان المال والبنين حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة، وقد يجمعهما الله
لأقوام فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه، واخشوه خشية ليست بتعذير، واعملوا
في غير رياء ولا سمعة.
55 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: المال والبنون حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة،
وقد يجمعهما الله لأقوام.
56 - في مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من كانت نيته الدنيا فرق الله
عليه أمره وجعل الفقر بين عينيه، ولم يأته من الدنيا الا ما كتب له، ومن كانت
نيته الآخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة.
57 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن
569

عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (ولقد آتينا
موسى الكتاب فاختلف فيه) قال: اختلفوا كما اختلفت هذه الأمة في الكتاب وستختلفون
في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير فيقدمهم فيضرب
أعناقهم، واما قوله: ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم وان الظالمين لهم عذاب اليم
قال: لولا ما تقدم فيهم من الله عز ذكره ما أبقى القائم منهم أحدا.
58 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (ولولا كلمة الفصل لقضى
بينهم) قال: الكلمة الامام، والدليل على ذلك قوله عز وجل: (وجعلها كلمة باقية
في عقبه لعلهم يرجعون) يعنى الإمامة ثم قال عز وجل: (وان الظالمين) يعنى الذين
ظلموا هذه الكلمة (لهم عذاب اليم) ثم قال عز وجل: ترى الظالمين يعنى الذين ظلموا
آل محمد صلوات الله عليه وعليهم حقهم مشفقين مما كسبوا أي خائفين مما ارتكبوا و
عملوا وهو واقع بهم مما يخافونه، ثم ذكر الله عز وجل الذين آمنوا بالكلمة واتبعوها
فقال: والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤن عند ربهم
ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا بهذه الكلمة
وعملوا الصالحات مما أمروا به.
59 - في قرب الإسناد للحميري باسناده إلى أبى عبد الله عن آبائه عليهم
السلام أنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله: قل لا أسئلكم عليه اجرا الا
المودة في القربى قام رسول الله فقال: أيها الناس ان الله تبارك وتعالى قد فرض لي
عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ قال: فلم يجبه أحد منهم، فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم
فقال مثل ذلك، ثم قام فيهم فقال مثل ذلك في اليوم الثالث فلم يتكلم أحدا، فقال: أيها
الناس انه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب، قالوا: فألقه إذا، قال: إن الله تبارك
وتعالى انزل على (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى) فقالوا: أما هذه فنعم
فقال أبو عبد الله عليه السلام: فوالله ما وفى بها الا سبعة نفر: سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد
ابن الأسود الكندي وجابر بن عبد الله الأنصاري ومولى لرسول الله يقال له
570

الثبت (1) وزيد بن أرقم.
60 - في جوامع الجامع وروى أن المشركين قالوا فيما بينهم: أترون أن
محمدا يسأل على ما يتعاطاه اجرا؟ فنزلت: (قل لا أسئلكم) الآية.
61 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عمن حدثه عن إسحاق بن عمار عن محمد
ابن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الرجل يحب الرجل ويبغض ولده
فأبى الله عز وجل الا ان يجعل حبنا مفترضا اخذه من اخذه، وتركه من تركه واجبا
فقال: (قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى).
62 - عنه عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير قال:
سئلت أبا جعفر عن قوله تعالى: (قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى) فقال:
هم والله من نصيبه من الله على العباد لمحمد صلى الله عليه وآله في أهل بيته.
63 - عنه عن الهيثم بن عبد الله النهدي عن العباس بن عامر القصير عن حجاج
الخشاب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لأبي جعفر الأحول: ما يقول من عندكم
في قول الله تبارك وتعالى: (قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى)؟ فقال:
كان الحسن البصري يقول: في القربى من العرب، فقال أبو عبد الله عليه السلام لكني أقول
لقريش الذين عندنا هيهنا خاصة، فيقولون: هي لنا ولكم عامة، فأقول: خبروني عن
النبي صلى الله عليه وآله إذا نزلت به شديدة من خص بها؟ أليس إيانا خص بها حين أراد ان
يلاعن أهل نجران أخذ بيد على وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ويوم بدر
قال لعلي وحمزة وعبيدة بن الحارث قال: فأبوا يقرؤن لي، أفلكم الحلو ولنا المر؟.
64 - عنه عن الحسن بن علي الخزاز عن مثنى الحناط عن عبد الله بن عجلان
قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا
المودة في القربى) قال: هم الأئمة الذين لا يأكلون الصدقة ولا تحل لهم.
65 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن
الحكم عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يقول أهل البصرة في هذه

(1) وفى بعض النسخ (الثبيت) بزيادة الياء بين الموحدة التحتانية والمثناة الفوقانية.
571

الآية (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى)؟ قلت: جعلت فداك انهم تقولون
انها لأقارب رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: كذبوا انما نزلت فينا خاصة أهل البيت في علي
وفاطمة والحسن والحسين وأصحاب الكساء عليهم السلام.
66 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن علي بن الحسين عليهما -
السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين: اما قرأت هذه الآية: (قل لا أسئلكم
عليه اجرا ألا المودة في القربى)؟ قال: بلى، قال علي عليه السلام: فنحن أولئك.
67 - في مجمع البيان قل لا أسألكم عليه أجرا الآية اختلف في معناه على
أقوال إلى قوله وثالثها ان معناه الا ان تودوا قرابتي وعترتي وتحفظوني فيهم. عن
علي بن الحسين عليه السلام وهو المروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
68 - وباسناده إلى ابن عباس قال: لما نزلت (قل لا أسئلكم عليه اجرا) الآية
قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم؟ قال: على وفاطمة وولدها.
69 - وباسناده إلى أبى القاسم الحسكاني مرفوعا إلى أبى امامة الباهلي قال:
قال رسول الله صلى الله عيله واله: ان الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى وخلقت أنا وعلى
من شجرة واحدة فأنا أصلها وعلى فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمارها
وأشياعنا أوراقها فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ عنها هوى، ولو أن
عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم الف عام حتى يصير كالشن البالي ثم لم
يدرك محبتنا كبه الله على منخريه في النار، ثم تلى: (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا
المودة في القربى)،
70 - وروى زاذان عن علي عليه السلام قال: فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا
الا كل مؤمن، ثم قرء هذه الآية والى هذا أشار الكميت في قوله:
وجدنا لكم في آل حم آية * تأولها منا تقى ومعرب (1)
71 - وصح عن الحسن بن علي عليه السلام أنه خطب الناس فقال في خطبته: انا من
أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال: (قل لا أسئلكم عليه أجرا

(1) التقى: صاحب التقية والمعرب: المظهر لمذهبه علانية.
572

الا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) فاقتراف الحسنة مودتنا
أهل البيت.
72 - في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشا
عن مثنى عن زرارة عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (قل لا أسئلكم
عليه أجرا الا المودة في القربى) قال: هم الأئمة عليهم السلام.
73 - الحسين بن محمد وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى و
محمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن
عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال في حديث طويل: فلما
رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع وقدم المدينة أتته الأنصار فقالوا: يا رسول الله
ان الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا، فقد فرح الله
صديقنا وكبت عدونا (1) وقد تأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو،
فنحب ان تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم، فلم يرد
رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه، فنزل جبرئيل عليه السلام وقال:
(قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى) ولم يقبل أموالهم، فقال المنافقون:
ما أنزل الله هذا على محمد وما يريد الا أن يرفع بضبع ابن عمه (2) ويحمل علينا أهل
بيته، يقول أمس: من كنت مولاه فعلى مولاه، واليوم: (قل لا أسئلكم عليه أجرا
الا المودة في القربى).
74 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى إسحاق بن إسماعيل النيشابوري أن
العالم كتب إليه يعنى الحسن بن علي عليهما السلام ان الله عز وجل فرض عليكم لأوليائه
حقوقا أمركم بأدائها إليهم ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم و
مأكلكم ومشربكم: ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة، وليعلم من يعطيه
منكم بالغيب، وقال تبارك وتعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى)

(1) كبته الله: أذله وأخزاه.
(2) الضبع: العضد وقيل: الإبط.
573

فاعلموا ان من بخل فإنما يبخل على نفسه، ان الله هو الغنى وأنتم الفقراء إليه لا إله إلا هو
، فاعملوا من بعد ما شئتم فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ثم تردون إلى
عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين.
75 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى ابن عباس قال: كنا جلوسا
مع النبي صلى الله عليه وآله إذ هبط عليه الأمين جبرئيل عليه السلام ومعه جام من البلور مملو مسكا و
عنبرا، وكان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب وولداه الحسن والحسين،
إلى أن قال: فلما صارت الجام في كف الحسين عليه السلام قالت: بسم الله الرحمن الرحيم
قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى.
76 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق
بين العترة والأمة حديث طويل وفيه: قالت العلماء له: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء
في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر
موضعا وموطنا، فأول ذلك قوله عز وجل إلى قوله عليه السلام والآية السادسة: قول الله:
(قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى) وهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله إلى يوم
القيامة، وخصوصية للآل دون غيرهم، وذلك أن الله تعالى حكى ذكر نوح عليه السلام
في كتابه: (يا قوم لا أسئلكم عليه مالا ان أجرى الا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا
انهم ملاقوا ربهم ولكني أريكم قوما تجهلون) وحكى عز وجل عن هود عليه السلام أنه قال:
(لا أسألكم عليه أجرا ان أجرى الا على الذي فطرني أفلا تعقلون) وقال عز وجل لنبيه
محمد صلى الله عليه وآله: (قل يا محمد لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى) ولم يفترض الله
تعالى مودتهم الا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين ابدا، ولا يرجعون إلى ضلال أبدا
وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض ولده وأهل بيته عدوا له، فلا يسلم
له قلب الرجل، فأحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله على المؤمنين
شئ ففرض عليهم مودة ذي القربى، فمن أخذ بها وأحب رسول الله صلى الله عليه وآله وأحب
أهل بيته لم يستطع رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبغضه، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل
بيته فعلى رسول الله ان يبغضه، لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله عز وجل، فأي فضل
574

وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه، فأنزل الله عز وجل هذه الآية على نبيه: (قل لا أسئلكم
عليه أجرا الا المودة في القربى) فقام رسول الله صلى الله عليه وآله في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه
وقال: يا أيها الناس ان الله قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد
(فقال: أيها الناس ليس بذهب ولا فضة ولا مأكول ولا مشروب، فقالوا: هات إذا،
فتلى عليهم هذه الآية فقالوا: اما هذه فنعم، فما وفى بها أكثرهم، وما بعث الله نبيا الا و
أوحى إليه: ان لا يسأل قومه اجرا لان الله عز وجل يوفيه أجر الأنبياء ومحمد صلى الله عليه وآله
فرض الله عز وجل طاعته ومودة قرابته على أمته وأمره أن يجعل أمرهم (1) فيهم
ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز وجل لهم، فان المودة انما تكون
على قدر معرفة الفضل، فلما أوجب الله ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة، فتمسك بها قوم قد
أخذ الله تعالى ميثاقهم على الوفاء، وعاند أهل الشقاوة والنفاق، وألحدوا في ذلك
فصرفوه عن حده الذي حده الله عز وجل. فقالوا: القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته
فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة، فأقربهم من النبي صلى الله عليه وآله
أولاهم بالمودة، فكلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها، وما أنصفوا
نبي الله صلى الله عليه وآله في حيطته ورأفته، وما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف
الشكر عليه أن لا يودوه في ذريته وأهل بيته، وأن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين
من الرأس حفظا لرسول الله صلى الله عليه وآله فيهم وحبا لهم فكيف والقرآن ينطق به ويدعو إليه
والاخبار ثابتة بأنهم أهل المودة والذين فرض الله تعالى مودتهم ووعد الجزاء عليها،
فما وفى أحد بها فهذه المودة لا يأتي بها أحد مؤمنا مخلصا الا استوجب الجنة، لقول
الله تعالى في هذه الآية: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما
يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا و
عملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى) مفسرا ومبينا.
77 - وفيه ووجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحبا والشرط من الرضا عليه السلام
إلى العمال في شأن الفضل بن سهل وأخيه ولم أرو ذلك عن أحد: أما بعد فالحمد لله البدئ

(1) كذا في النسخ وفى المصدر (أجره فيهم) مكان (أمرهم فيهم).
575

البديع إلى أن قال: الحمد لله الذي أورث أهل بيته مواريث النبوة، واستودعهم العلم
والحكمة وجعلهم معدن الإمامة والخلافة، وأوجب ولايتهم وشرف منزلتهم، فأمر
رسوله بمسألة أمته مودتهم إذ يقول: (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى) و
ما وصفهم به من اذهابه الرجس عنهم وتطهيره إياهم في قوله: (انما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
78 - في كتاب الخصال عن عبد الله بن العباس قال: قام رسول الله صلى الله عليه
وآله فينا خطيبا فقال في آخر خطبته: ونحن الذين أمر الله لنا بالمودة فماذا بعد الحق الا
الضلال فانى تصرفون.
79 - عن أبي رافع عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يحب
عترتي فهو لاحدى ثلاث: اما منافق، واما لزنية، واما امرء حملت به أمه
في غير طهر.
80 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن
أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ومن يقترف
حسنة نزد له فيها حسنا قال: الإقتراف التسليم لنا والصدق علينا وألا يكذب علينا.
81 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن
عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (ومن يقترف حسنة
نزد له فيها حسنا) قال: من تولى الأوصياء من آل محمد واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية
من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم عليه السلام، والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد سبق في مجمع البيان في خطبته عليه السلام بيان
لاختلاف الحسنة (1)
82 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن
حميد عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله عز وجل: (قل

(1) راجع رقم 71.
576

لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى) يعنى في أهل بيته، قال: جاءت الأنصار إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: انا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على
ما نابك (1) فأنزل الله عز وجل: (قل لا أسئلكم عليه أجرا) يعنى على النبوة (الا المودة
في القربى) أي في أهل بيته، ثم قال: ألا ترى ان الرجل يكون له صديق وفى نفس ذلك
الرجل شئ على أهل بيته فلا يسلم صدره، فأراد الله عز وجل أن لا يكون في نفس رسول الله
صلى الله عليه وآله شئ على أمته، ففرض الله عليهم المودة في القربى، فان أخذوا أخذوا مفروضا
وان تركوا تركوا مفروضا، قال: فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول: عرضنا عليه
أموالنا فقال: [لا] قاتلوا عن أهل بيتي من بعدى وقالت طائفة: ما قال هذا رسول
الله وجحدوه وقالوا كما حكى الله عز وجل: أم يقولون افترى على الله كذبا فقال
عز وجل: فان يشأ الله يختم على قلبك قال: لو افتريت ويمح الله الباطل يعنى يبطله
ويحق الحق بكلماته يعنى بالأئمة والقائم من آل محمد صلى الله عليه وآله انه عليم بذات الصدور.
83 - في عيون الأخبار متصل بقوله عليه السلام سابقا مفسرا ومبينا ثم قال أبو الحسن
عليه السلام: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال
اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله فقالوا: إن لك يا رسول الله مؤنة في نفقتك
وفى من يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم [فيها] بارا مأجورا،
أعط ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج، قال: فأنزل الله عز وجل عليه الروح
الأمين فقال: (قل يا محمد لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى) يعنى أن تودوا
قرابتي من بعدى، فخرجوا فقال المنافقون: ما حمل رسول الله صلى الله عليه وآله على ترك ما
عرضنا عليه الا ليحثنا على قرابته من بعده ان هو الا شئ افتراه محمد في مجلسه
وكان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله تعالى هذه الآية (أم يقولون افتراه قل ان
افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم
وهو الغفور الرحيم) فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وآله فقال هل من حدث؟ فقالوا: أي والله يا رسول الله
لقد قال بعضنا كلاما عظيما كرهناه، فتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله الآية فبكوا واشتد

(1) نابه الامر: أصابه.
577

بكاؤهم فأنزل الله عز وجل: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات
ويعلم ما تفعلون
84 - في مجمع البيان وذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره حدثني عثمان بن
عمير عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله حين قدم المدينة و
استحكم الاسلام قالت الأنصار فيما بينها: نأتى رسول الله صلى الله عليه وآله فنقول له ان تعرك
(1) أمور فهذه أموالنا تحكم فيها غير حرج ولا محظور عليك فأتوه في ذلك، فنزلت
(قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى) فقرأها عليهم وقال: تودون قرابتي
من بعدى. فخرجوا من عنده مسلمين لقوله فقال المنافقون: ان هذا شئ افتراه في
مجلسه أراد ان يذللنا لقرابته من بعده. فنزلت: (أم يقولون افترى على الله كذبا) فأرسل
إليهم فتلاها فبكوا واشتد عليهم فأنزل الله: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) الآية
فأرسل في أثرهم فبشرهم وقال: ويستجيب الذين آمنوا وهم الذين سلموا لقوله.
85 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن
عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل
التكذيب والانكار: (قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) يقول متكلفا
أن أسئلكم ما لستم بأهله، فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمدا
أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا؟! فقالوا:
ما أنزل الله هذا وما هو الا شئ يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا، ولئن قتل
محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبدا، وأراد الله عز ذكره ان
يعلم نبيه صلى الله عليه وآله الذي أخفوا في صدورهم وأسروا به، فقال في كتابه عز وجل: (أم
يقولون افترى على الله كذبا فان يشأ الله يختم على قلبك) يقول: لو شئت حبست
عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم، وقد قال الله عز وجل. (ويمح الله
الباطل ويحق الحق بكلماته) يقول الحق لأهل بيتك الولاية (إنه عليم بذات الصدور)
يقول بما ألقوه في صدروهم من العداوة لأهل بيتك، والظلم بعدك، والحديث

(1) عرا فلانا أمر: أصابه وعرض له.
578

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
86 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم
عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تبارك و
تعالى: ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله قال: هو
المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب، فيقول له الملك: آمين، ويقول العزيز الجبار ولك
مثلا ما سألت بحبك إياه.
87 - في مجمع البيان وروى [عن أبي] عبد الله [عليه السلام] قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: (ويزيدهم من فضله) الشفاعة لمن وجبت له النار ممن أحسن إليهم في الدنيا.
88 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في
الأرض قال الصادق عليه السلام: لو فعل لفعلوا ولكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض، واستعبدهم
بذلك، ولو جعلهم أغنياء لبغوا ولكن ينزل بقدر ما يشاء مما يعلم أنه يصلحهم في
دينهم ودنياهم انه بعباده خبير بصير.
89 - حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي عن عبد الملك
ابن هارون عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه صلوات الله عليهم عن الإمام الحسن بن علي
عليهما السلام أنه قال في حديث طويل بعد مضيه إلى ملك الروم وأجوبة الإمام عليه السلام
عما سأله عنه الملك ثم سأله عن أرزاق الخلائق؟ فقال الحسن عليه السلام: أرزاق
الخلائق في السماء الرابعة تنزل بقدر وتبسط بقدر.
90 - في مجمع البيان روى أنس عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن الله جل ذكره
ان من عبادي من لا يصلحه الا السقم ولو صححته لأفسده، وان من عبادي من لا يصلحه
الا الصحة ولو أسقمته لأفسده، وان من عبادي من لا يصلحه الا الغنى ولو أفقرته
لأفسده، وان من عبادي من لا يصلحه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده، وذلك انى أدبر
عبادي لعلمي بقلوبهم.
91 - في جوامع الجامع بقدر أي بتقدير وفى الحديث أخوف ما أخاف على
أمتي زهرة الدنيا وكثرتها.
579

92 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وهو الذي ينزل الغيث من
بعد ما قنطوا أي أيسوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد
قال: حدثني أبي عن العزرمي عن أبيه عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن
أمير المؤمنين عليه السلام قال: سئل عن السحاب أين يكون؟ قال على شجر كثيف على ساحل البحر
فإذا أراد الله أن يرسله أرسل ريحا فأثاره ووكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق وهو
البرق فيرتفع.
93 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود
عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه: وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة (1)
94 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن
يونس عن أبي حمزة عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: انى سمعته
يقول: انى أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم أن يعيه (2) ثم اقبل علينا فقال: ما
عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا الا كان الله أحلم وأجود وأمجد من أن يعود في
عقابه يوم القيامة. ثم قال: وقد يبتلى الله عز وجل المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله أو
ولده أو أهله ثم تلا هذه الآية: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا
عن كثير وحثا بيده ثلاث مرات.
95 - قال الصادق عليه السلام: لما دخل علي بن الحسين عليهما السلام على يزيد نظر
إليه ثم قال له: يا علي (ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) فقال علي بن
الحسين صلوات الله عليهما: كلا، ما هذه فينا نزلت انما نزل فينا: (ما أصاب من مصيبة
في الأرض ولا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك على الله يسير لكيلا
تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) فنحن لا نأسى على ما فاتنا من أمر
الدنيا ولا نفرح بما أوتينا.

(1) وفى نسخة (وينشر رحمته)
(2) وعى الحديث: حفظه.
580

96 - في أصول الكافي عنه (1) عن أبيه عن النضر بن سويد عن هشام بن
سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال، اما انه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا
مرض الا بذنب وذلك قول الله عز وجل في كتابه: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت
أيديكم ويعفوا عن كثير) قال: ثم قال: وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به.
97 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله
ابن عبد الرحمان عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين
عليه السلام: في قول الله عز وجل: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن
كثير) ليس من التواء عرق ولا نكبة حجر، ولا عثرة قدم، ولا خدش عود، الا بذنب
ولما يعفو الله أكثر، فمن عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا فان الله أجل وأكرم وأعظم
من أن يعود في عقوبته في الآخرة.
98 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن
ابن محبوب عن علي بن رئاب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وما
أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته عليهم السلام من بعده
أهو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتوب
إلى الله ويستغفر في كل يوم وليلة مأة مرة من غير ذنب، ان الله يخص أولياءه بالمصائب
ليأجرهم عليها من غير ذنب.
99 - في قرب الإسناد للحميري محمد بن الوليد عن عبد الله بن بكير قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)
فقال: هو (ويعفو عن كثير) قال: قلت: ما أصاب عليا وأشياعه من أهل بيته من ذلك؟
فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتوب إلى الله تعالى عز وجل كل يوم سبعين مرة من غير
ذنب.
100 - في مجمع البيان روى عن علي عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير
آية في كتاب الله هذه الآية، يا علي ما من خدش عود ولا نكبة قدم الا بذنب وما عفى الله

(1) لم يتقدم الا عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى (منه ره).
581

عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعود فيه وما عاقب عليه في الدنيا فهو أعدل من أن يثنى
على عبده.
101 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب
مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: توقوا الذنوب، فما من نكبة ولا نقص رزق الا بذنب
حتى الخدش والكبوة (1) والمصيبة، قال الله تعالى: (فما أصابكم من مصيبة فبما
كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم، فما زالت نعمة ولا نضارة
عيش الا بذنوب اجترحوها (2) ان الله ليس بظلام للعبيد، ولو أنهم استقبلوا ذلك
بالدعاء والإنابة لما نزلت، ولو أنهم إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم فزعوا إلى الله
عز وجل بصدق من نياتهم ولم ينهوا ولم يسرفوا لأصلح لهم كل فاسد ولرد عليهم
كل صالح.
102 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من أخبار هذه المجموعة
وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي كرامة المؤمن على الله أنه لم يجعل لأجله
وقتا حتى يهم ببائقة (3) فإذا هم ببائقة قبضه إليه.
103 - قال: وقال جعفر بن محمد عليهما السلام تجنبوا البوائق يمد لكم في الأعمار.
104 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن الفضيل
ابن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما من نكبة تصيب العبد الا بذنب، وما يعفو الله
عنه أكثر.
105 - عنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي أسامة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: تعوذوا بالله من سطوات الله بالليل والنهار،
قال: قلت: وما سطوات الله؟ قال: الاخذ على المعاصي.
106 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن ابان عن الفضيل بن

(1) كبا كبوا: انكب على وجهه والكبوة: المرة
(2) نضارة العيش: حسنه ورونقه. واجترح الذنب: اكتسبه.
(3) البائقة: الشر.
582

يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن العبد ليذنب الذنب فيزوى (1) عنه الرزق.
107 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة عن
سليمان بن ظريف عن ابن محبوب محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن
الذنب يحرم العبد الرزق.
108 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه
قضائها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطئ فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى
للملك: لا تقض حاجته واحرمه إياها فإنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان منى.
109 - الحسين بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن عمرو بن عثمان عن
رجل عن أبي الحسن عليه السلام قال: حق على الله أن لا يعصى في دار الا أضحاها للشمس
حتى تطهرها.
قال عز من قائل: وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون
110 - في محاسن البرقي عنه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل بن أبي
زياد السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من أحب ان يعلم ما له عند الله فليعلم ما لله عنده.
111 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وإذا ما غضبوا هم يغفرون
قال أبو جعفر عليه السلام: من كظم غيظا وهو يقدر على امضائه حشا الله قلبه أمنا وايمانا
يوم القيامة، قال: ومن ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب حرم الله جسده على النار.
112 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الله
ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبة: ألا أخبركم
بخير خلايق (2) الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك وتصل من قطعك، والاحسان
إلى من أساء إليك، واعطاء من حرمك.

(1) أي يمنع.
(2) جمع الخليقة: الطبيعة والسجية.
583

113 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي
خالد القماط عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: الندامة على العفو أفضل و
أيسر من الندامة على العقوبة.
114 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران
عن سيف بن عميرة قال: حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: من كظم غيظا ولو
شاء ان يمضيه أمضاه ملاء الله قلبه يوم القيمة رضاه.
115 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حفص بياع السابري
عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب السبيل
إلى الله عز وجل جرعتان: جرعة غيظ تردها بحلم، وجرعة مصيبة تردها بصبر.
116 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن زرارة عن أبي
جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إنه ليعجبني الرجل أن
يدركه حلمه عند غضبه.
117 - في تفسير علي بن إبراهيم: والذين استجابوا لربهم قال: في
إقامة الامام.
118 - في مجمع البيان: وأمرهم شورى بينهم وفى هذه الآية دلالة على
فضل المشاورة في الأمور. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ما من رجل يشاور أحدا
الا هدى إلى الرشد.
119 - في من لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن داود المنقري عن حماد بن
عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم
في أمرك وأمورهم إلى قوله: واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت و
تنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلى وأنت مستعمل
فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله
رأيه ونزع عنه الأمانة.
120 - في تفسير علي بن إبراهيم (وأمرهم شورى بينهم) أي يقبلون ما أمروا به
584

ويشاورون الامام فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم.
121 - في مجمع البيان: فمن عفى وأصلح فأجره على الله روى عن النبي صلى الله عليه وآله
قال: إذا كان يوم القيمة نادى مناد: من كان أمره على الله فليدخل الجنة فيقال: من
ذا الذي أجره على الله؟ فيقال: العافون عن الناس فيدخلون الجنة بغير حساب.
122 - في أصول الكافي باسناده إلى أبى حمزة الثمالي عن علي بن الحسين
عليهما السلام قال: سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين
والآخرين في صعيد واحد ثم ينادى مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من
الناس فتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا
ونعطى من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة.
123 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن جهم بن الحكم المدايني
عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
عليكم بالعفو، فان العفو لا يزيد العبد الا عزا فتعافوا يعزكم الله.
124 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاث من كن فيه فقد
استكمل خصال الايمان، من صبر على الظلم وكظم غيظه واحتسب وعفى وغفر، كان
ممن يدخله الله الجنة بغير حساب، ويشفعه في مثل ربيعة ومضر.
125 - وفيه في الحقوق المروية عن علي بن الحسين عليهما السلام: وحق من أساءك
ان تعفو عنه، وان علمت أن العفو يضر انتصرت، قال الله تبارك وتعالى: ولمن انتصر
بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل.
126 - عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة
ان لم تظلمهم ظلموك: السفلة والزوجة والمملوك.
127 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا عبد -
الكريم عن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي
جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: (ولمن انتصر بعد ظلمه) يعنى القائم صلوات الله عليه و
أصحابه (فأولئك ما عليهم من سبيل) والقائم إذا قام انتصر من بنى أمية والمكذبين والنصاب
585

هو وأصحابه، وهو قول الله تبارك وتعالى: انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون
في الأرض بغير الحق إلى قوله: وترى الظالمين لآل محمد صلى الله عليه وآله حقهم لما رأوا العذاب
وعلى صلوات الله هو العذاب في هذه الرجعة يقولون هل إلى مرد من سبيل فنوالي عليا
صلوات الله عليه وتريهم يعرضون عليها خاشعين من الذل لعلى ينظرون إلى علي
من طرف خفى وقال الذين آمنوا يعنى آل محمد صلوات الله عليه وعليهم وشيعتهم
ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة الا ان الظالمين لآل محمد
حقهم في عذاب مقيم قال: والله يعنى النصاب الذين نصبوا العداوة لأمير المؤمنين و
ذريته صلوات الله عليه وعليهم والمكذبين وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله
ومن يظلل الله فما له من سبيل
128 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل:
يهب لمن يشاء إناثا يعنى ليس معهن ذكور ويهب لمن يشاء الذكور يعنى ليس معهم أنثى
أو يزوجهم ذكرانا وإناثا أي يهب لمن يشاء ذكرانا وإناثا جميعا يجمع له البنين والبنات
أي يهبهم جميعا لواحد.
129 - حدثني أبي عن المحمودي ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن
إسماعيل الرازي عن محمد بن سعيد، ان يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد عن مسائل
وفيها: أخبرنا عن قول الله عز وجل (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) فهل يزوج الله عباده
الذكران وقد عاقب قوما فعلوا ذلك؟ فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري صلوات
الله عليه، وكان من جواب أبى الحسن عليه السلام أما قوله عز وجل: (أو يزوجهم ذكرانا و
إناثا) فان الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور العين، وإناث
المطيعات من الانس من ذكران المطيعين، ومعاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست
على نفسك تطلب الرخصة لارتكاب المآثم، (فمن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب
يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) ان لم يتب.
130 - في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن
سنان في جواب مسائله في العلل وعلة تحليل مال الولد لوالده بغير إذنه وليس ذلك للولد
586

لان الولد موهوب للوالد في قول الله تعالى يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور مع أنه
المأخوذ بمؤنته صغيرا أو كبيرا والمنسوب إليه والمدعو له لقوله عز وجل: (ادعوهم لآبائهم
هو أقسط عند الله) وقول النبي صلى الله عليه وآله: أنت ومالك لأبيك، وليس الوالدة كذلك، لا تأخذ
من ماله الا باذنه أو بإذن الأب لأنه مأخوذ بنفقة الولد ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها.
131 - في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى إلى أن قال: وعنه عن محمد
ابن الحسين عن أبي الجوزاء عن الحسين بن علوان عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم
السلام قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله رجل فقال: يا رسول ان أبى عمد إلى مملوك لي فاعتقه
كهيئة المضرة لي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت ومالك من هبة الله لأبيك، أنت سهم من
كنانته (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ويجعل من يشاء عقيما) جازت عتاقة
أبيك يتناول والدك من مالك وبدنك. وليس لك أن تتناول من ماله ولا من بدنه شيئا
الا باذنه.
قال عز من قائل: ويجعل من يشاء عقيما.
132 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله قال أبو محمد الحسن
العسكري عليه السلام: سئل عبد الله بن صوريا رسول الله فقال: أخبرني عمن لا يولد له ومن
يولد له؟ فقال صلى الله عليه وآله: إذا اصفرت النطفة لم يولد له أي إذا احمرت وكدرت، وإذا
كانت صافية ولد له، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
133 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وما كان لبشر ان يكلمه الله
الا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء قال: وحى مشافهة
ووحي الهام، وهو الذي يقع في القلب أو من وراء حجاب، كما كلم الله نبيه صلى الله عليه وآله وكما
كلم الله عز وجل موسى عليه السلام من الناس، أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء، قال:
وحى مشافهة يعنى إلى الناس.
134 - في كتاب توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في
الرد على الدهرية قال عليه السلام بعد أن ذكر الله عز وجل والعجز عن أن يدرك: فان قالوا
ولم استتر؟ قيل لهم ما يستتر بحيلة يخلص إليها كمن يحتجب عن الناس بالأبواب و
587

الستور، وانما معنى قولنا استتر أنه لطف على مدى ما تبلغه الأوهام، كما لطف النفس
وهي خلق من خلقه، وارتفعت عن ادراكها بالنظر.
135 - في كتاب التوحيد عن الرضا عليه السلام كلام طويل في التوحيد وفيه لا تشمله
المشاعر ولا يحجبه الحجاب فالحجاب بينه وبين خلقه لامتناعه مما يمكن في ذواتهم
ولامكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته، ولافتراق الصانع والمصنوع والرب والمربوب
والحاد والمحدود.
136 - وفيه عن الرضا عليه السلام أيضا كلام وفيه قال الرجل: فلم احتجب؟ فقال
أبو الحسن عليه السلام: ان الحجاب على الخلق لكثرة ذنوبها، فاما هو فلا تخفى عليه خافية
في آناء الليل والنهار.
137 - وفيه حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه
عليه من الآيات: فأما قوله: (وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب)
ما ينبغي لبشر ان يكلمه الله الا وحيا، وليس بكائن الا من وراء حجاب أو يرسل رسولا
فيوحى باذنه ما يشاء كذلك قال الله تبارك وتعالى علوا كبيرا قد كان الرسول يوحى
إليه من رسل السماء فتبلغ رسل السماء رسل الأرض وقد كان الكلام بين رسل أهل الأرض
وبينه من غير أن يرسل الكلام مع رسل أهل السماء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل
هل رأيت ربك؟ فقال جبرئيل: ان ربى لا يرى فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أين تأخذ الوحي
فقال: آخذه من إسرافيل فقال: ومن أين يأخذه إسرافيل؟ قال يأخذه من ملك فوقه
من الروحانيين قال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال يقذف في قلبه قذفا فهذا وحى
وهو كلام الله عز وجل وكلام الله ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل ومنه ما
قذفه في قلوبهم ومنه رؤيا يراها الرسل ومنه وحى وتنزيل يتلى ويقرأ فهو كلام الله
فاكتف بما وصفت لك من كلام الله فان معنى كلام الله ليس بنحو واحد فان منه ما تبلغ
به رسل السماء رسل الأرض.
138 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام لبعض الزنادقة وقد جاء إليه مستدلا بآي من القرآن متوهما
588

فيها التناقض والاختلاف وأما قوله تعالى: ما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا و
ليس بكاين الا من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء كذلك قال
الله تعالى قد كان الرسول يوحى إليه وذكر نحو ما نقلنا من كتاب التوحيد الا أنه
ليس هنا (فاكتف إلى آخره).
139 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن
سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي الصباح الكناني عن أبي بصير قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: وكذلك أوحينا إليك روحا من
أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال: خلق من خلق الله عز وجل
أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره ويسدده وهو مع الأئمة
من بعده.
140 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن أسباط بن
سالم قال: سئله رجل من أهل هيت (1) وأنا حاضر عن قول الله عز وجل: (وكذلك
أوحينا إليك روحا من أمرنا) فقال: منذ أنزل الله عز وجل ذلك الروح على محمد
ما صعد إلى السماء وانه لفينا.
141 - محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن علي بن
أسباط عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العلم أهو
شئ يتعلمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرؤنه فتعلمون منه؟ قال:
الامر أعظم من ذلك وأوجب أما سمعت قول الله عز وجل: (وكذلك أوحينا إليك روحا
من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان) ثم قال: أي شئ يقول أصحابكم في
هذه الآية أيقولون: (2) انه كان في حال لا يدرى ما الكتاب ولا الايمان؟ فقلت: لا
أدرى جعلت فداك ما يقولون؟ فقال: بلى قد كان في حال لا يدرى ما الكتاب و
لا الايمان حتى بعث الله عز وجل الروح التي ذكر في الكتاب، فلما أوحاها إليه علم بها

(1) هيت: بلد بالعراق.
(2) وفى المصدر (أيقرؤن) بدل (أيقولون).
589

العلم والفهم وهي الروح التي يعطيها الله عز وجل من شاء، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم.
142 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن علي بن الحكم عن
معاوية بن وهب عن زكريا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت
على أبى عبد الله عليه السلام فقلت: انى كنت على النصرانية وانى أسلمت، فقال: وأي شئ
رأيت في الاسلام؟ قلت: قول الله عز وجل: (ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان و
لكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء) فقال: لقد هداك الله، ثم قال: اللهم اهده ثلاثا
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
143 - في مجمع البيان: (روحا من أمرنا) يعنى الوحي بأمرنا إلى قوله: و
قيل: هو ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله عن أبي جعفر
وأبى عبد الله عليهما السلام، قالا: ولم يصعد إلى السماء وانه لفينا.
144 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن
بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقال
في نبيه صلى الله عليه وآله: وانك لتهدى إلى صراط مستقيم يقول تدعو.
145 - في بصائر الدرجات عبد الله بن عامر عن أبي عبد الله البرقي عن الحسين
ابن عثمان عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تبارك
وتعالى (ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) قال: تفسيرها
في بطن القرآن (من يكفر بولاية على) وعلى هو الايمان، إلى قوله: واما قوله: (وإنك
لتهدى إلى صراط مستقيم) يعنى إنك لتأمر بولاية على وتدعو إليها وهو الصراط المستقيم
146 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم كنى عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه
فقال: (ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا) والدليل على أن النور أمير
المؤمنين صلوات الله عليه قوله عز وجل: (واتبعوا النور الذي أنزل معه) الآية حدثنا جعفر
ابن أحمد قال حدثنا عبد الكريم بن الرحيم قال: حدثنا محمد بن علي عن محمد بن الفضيل
عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: (ما كنت تدرى ما
الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا) يعنى عليا، وعلى صلوات الله عليه هو النور
590

فقال: (نهدى به من نشاء من عبادنا) يعنى عليا هدى به من هدى من خلقه، قال: وقال
الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: (وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم) يعنى انك لتأمر بولاية
على وتدعو إليها، وعلى هو الصراط المستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات و
ما في الأرض يعنى عليا انه جعل خازنه على ما في السماوات وما في الأرض من شئ
وائتمنه عليه الا إلى الله تصير الأمور
147 - في أصول الكافي عنه عن الحسين عن النضر عن القاسم بن سليمان عن أبي
مريم الأنصاري عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: وقع مصحف في
البحر فوجدوه وقد ذهب ما فيه الا هذه الآية (الا إلى الله تصير الأمور).
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أدمن قراءة
حم الزخرف آمنه الله في قبره من هوام الأرض وضغطة القبر حتى يقف بين يدي الله
عز وجل ثم جاءت حتى تدخله الجنة بأمر الله تبارك وتعالى.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء سورة الزخرف
كان ممن يقال له يوم القيامة: يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ادخلوا
الجنة بغير حساب.
3 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وأما حم فمعناه الحميد المجيد.
4 - في تفسير علي بن إبراهيم (حم) حرف من الاسم الأعظم وقوله
عز وجل: وانه في أم الكتاب لدينا لعلى حكيم يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه
مكتوب في الفاتحة في قول الله عز وجل: (اهدنا الصراط المستقيم) قال أبو عبد الله
عليه السلام هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
5 - في تهذيب الأحكام في الدعاء المنقول بعد صلاة يوم الغدير عن أبي -
591

عبد الله عليه السلام ربنا آمنا واتبعنا مولانا وولينا وهادينا وداعينا وداعي الأنام وصراطك
المستقيم السوي وحجتك وسبيلك الداعي إليك على بصيرة هو ومن اتبعه سبحان الله
عما يشركون بولايته وبما يلحدون باتخاذ الولائج دونه، فاشهد يا الهى انه الإمام الهادي
المرشد الرشيد على أمير المؤمنين الذي ذكرته في كتابك، فقلت: وانه في
أم الكتاب لدينا لعلى حكيم لا أشركه إماما ولا اتخذ من دونه وليجة.
6 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أحمد بن عبد الله بن إبراهيم بن هاشم
رحمه الله قال حدثنا أبي عن جدي عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله
عز وجل: (اهدنا الصراط المستقيم) قال: هو أمير المؤمنين ومعرفته، والدليل
على أنه أمير أمير المؤمنين قوله عز وجل: (وانه في أم الكتاب لدينا لعلى حكيم) وهو
أمير المؤمنين (ع) في أم الكتاب في قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم).
7 - في مجمع البيان: ثم تذكروا نعمة ربكم وروى العياشي باسناده عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: ذكر النعمة ان تقول: الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا القرآن
ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله، وتقول بعده: سبحان الذي سخر لنا هذا إلى آخره.
8 - وروى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا استوى على بعيره خارجا
في سفر كبر ثلاثا وقال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا
لمنقلبون) اللهم انا نسئلك في سفرنا هذا البر والتقوى والعمل بما ترضى، اللهم هون
علينا سفرنا وأطوعنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني
أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب (1) وسوء المنظر في الأهل والمال، وإذا
رجع قال: آئبون تائبون لربنا حامدون أورده مسلم في الصحيح.
9 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب
مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: إذا ركبتم الدواب فاذكروا الله تعالى، وقولوا
(سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا لمنقلبون).
10 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل

(1) الوعثاء: المشقة والتعب والكآبة: الحزن الشديد والغم.
592

ابن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل للشكر
حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: نعم، قلت: ما هو؟ قال: يحمد الله على كل نعمة
عليه في أهل ومال وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه، ومنه قوله عز وجل:
(سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
11 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أسباط ومحمد بن أحمد عن
موسى بن القاسم البجلي عن علي بن أسباط عن أبي الحسن عليه السلام حديث طويل نقول
فيه عليه السلام وإن خرجت برا فقل الذي قال الله عز وجل: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما
كنا له مقرنين وانا إلى ربنا لمنقلبون) فان أنه ليس من عبد يقولها عند ركوبه فيقع من بعير
أو دابة فيصيبه شئ بإذن الله.
12 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل عن الفضل
ابن شاذان عن ابن أبي عمير عن صفوان بن يحيى جميعا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقل: الحمد لله الذي هدينا للاسلام
ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله، (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا
لمنقلبون والحمد لله رب العالمين) اللهم أنت الحامل على الظهر والمستعان على الامر،
اللهم بلغنا بلاغا يبلغ إلى خير، بلاغا إلى مغفرتك ورضوانك، اللهم لا طير الا طيرك
(1) ولا خير الا خيرك ولا حافظ غيرك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
13 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
قال: فان ركبت الظهر فقل (الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا
لمنقلبون).
14 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن الدهقان عن درست عن إبراهيم
ابن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ركب الرجل
إلى أن قال: وقال: من قال إذا ركب الدابة: بسم الله لا حول ولا قوة الا بالله (الحمد

(1) الطير: الاسم من التطير وهو ما يتشأم به الانسان من الفال الردى، قال الفيض (ره):
وهذا كما يقال: لا أمر الا امرك، يعنى لا يكون الا ما تريد.
593

لله الذي هدينا لهذا وما كنا لنهتدي) الآية (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له
مقرنين) حفظت له دابته ونفسه حتى ينزل.
15 - في من لا يحضره الفقيه وسئل سعد بن سعد الرضا عليه السلام عن سجدة
الشكر فقال: أرى أصحابنا يسجدون بعد الفريضة سجدة واحدة ويقولون: هي سجدة
الشكر، فقال: انما الشكر إذا أنعم الله عز وجل على عبده أن يقول: (سبحان الذي
سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين).
16 - وكان الصادق عليه السلام إذا وضع رجله في الركاب يقول: (سبحان الذي
سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) ويسبح الله سبعا ويحمد الله سبعا ويهلل سبعا.
17 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم)
إلى قوله (وما كنا مقرنين) قال: فإنه حدثني أبي عن ابن فضال عن الفضل بن صالح عن سعد
ابن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال: أمسكت لأمير المؤمنين صلوات الله عليه بالركاب
وهو يريد أن يركب، فرفع رأسه ثم تبسم فقلت له: يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت
رأسك ثم تبسمت؟ قال: نعم يا اصبغ أمسكت أنا لرسول الله صلى الله عليه وآله كما أمسكت أنت
لي الركاب فرفع رأسه ثم تبسم فسألته عن تبسمه كما سألتني، وسأخبرك كما أخبرني
رسول الله صلى الله عليه وآله أمسكت لرسول الله صلى الله عليه وآله بغلته الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم
فقلت: يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت لماذا؟ فقال: يا علي ليس من
أحد يركب فيقرأ آية الكرسي ثم يقول: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم
الحي القيوم وأتوب إليه اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب الا أنت، الا قال
السيد الكريم: يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري، اشهدوا أنى قد غفرت
له ذنوبه.
18 - حدثني أبي عن علي بن أسباط قال: حملت متاعا إلى مكة فكسد على فجئت إلى
المدينة فدخلت إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام فقلت: جعلت فداك إني قد حملت متاعا
إلى مكة وكسد على وقد أردت مصرا فأركب بحرا أو برا؟ فقال: مصر الحتوف
يقبض إليها، وهم أقصر الناس أعمارا قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تغسلوا رؤسكم بطينها،
594

ولا تشربوا في فخارها، فإنه يورث الذلة ويذهب بالغيرة، ثم قال: لا عليك أن تأتى
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وتصلى فيه ركعتين، وتستخير الله عز وجل مأة مرة [ومرة]
فإذا عزمت على شئ وركبت البر فإذا استويت (1) على راحلتك فقل: (سبحان
الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا لمنقلبون) فإنه ما ركب أحد
ظهرا فقال هذا وسقط الا لم يصبه كسر ولا ونى ولا وهن، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
وقوله عز وجل: أو من ينشؤ في الحلية أي ينشؤ في الذهب وهو في الخصام
غير مبين قال إن موسى عليه السلام أعطاه الله عز وجل من القوة ان أرى فرعون صورته على
فرس من ذهب رطب عليه ثياب من ذهب رطب فقال فرعون (أو من ينشؤ في الحلية) أي
ينشؤ بالذهب (وهو في الخصام غير مبين) قال: لا يبين الكلام ولا يتبين من الناس، ولو
كان نبيا لكان خلاف الناس.
19 - في بصائر الدرجات أحمد بن الحسين عن أبيه عن بكر بن صالح عن
عبد الله بن إبراهيم بن عبد العزيز بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الجعفري قال:
حدثنا يعقوب بن جعفر قال: كنت مع أبي الحسن عليه السلام بمكة فقال له رجل انك لتفسر
من كتاب الله ما لم يسمع، فقال: علينا نزل قبل الناس، ولنا فسر قبل أن يفسر في الناس
فنحن نعرف حلاله وحرامه، وناسخه ومنسوخه، ومتفرقه وحضرته وفى أي ليلة نزلت
من آية وفيمن نزلت وفيما أنزلت، فنحن حكماء الله في أرضه، وشهداؤه على خلقه،
وهو قول الله تبارك وتعالى: ستكتب شهادتهم ويسئلون فالشهادة لنا والمسألة
للمشهود عليه، فهذا علم قد أنهيته.
20 - في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: كتب
يحيى بن عبد الله بن الحسن إلى موسى بن جعفر عليه السلام: اما بعد فانى أوصى نفسي بتقوى
الله وبها أوصيك فإنها وصية الله في الأولين ووصيته في الآخرين: خبرني من ورد على من

(1) كذا في النسخ ولكن في المصدر (فإذا عزمت على شئ وركبت البحر أو إذا استويت
على راحلك... اه).
595

أعوان الله على دينه ونشر طاعته بما كان من تحننك (1) مع خذلانك، وقد شاورت في
الدعوة للرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك (2) وقديما
ادعيتم ما ليس لكم وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله فاستهويتم وأضللتم وأنا محذرك ما
حذرك الله من نفسه، فكتب إليه أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: من موسى بن عبد الله
ابن جعفر وعلى مشتركين في التذلل لله وطاعته، إلى يحيى بن عبد الله بن الحسن اما بعد فانى
أحذرك الله ونفسي وأعلمك اليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته، وأوصيك ونفسي
بتقوى الله فإنها زين الكلام، وتثبيت النعم اتاني كتابك تذكر فيه انى مدع وأبى من
قبل وما سمعت ذلك منى و (ستكتب شهادتهم ويسألون)
21 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن الصادق
عليه السلام حديث طويل وفى آخره قال هشام: قلت: فهل يكون الإمامة في الآخرين
بعد الحسن والحسين؟ قال: لا انما هي جارية في عقب الحسين عليه السلام كما قال الله عز وجل:
وجعلها كلمة باقية في عقبه ثم هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة.
22 - وباسناده إلى محمد بن قيس عن ثابت الثمالي عن علي بن الحسين بن علي
ابن أبي طالب عليهم السلام أنه قال: فينا نزلت هذه الآية: (وجعلها كلمة باقية في عقبه)
والإمامة في عقب الحسين عليه السلام إلى يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
23 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله

(1) أي ترحمك على واشفاقك من قتلى مع خذلانك وعدم نصرتك لي قاله المجلسي (ره)
(2) وقال (ره) هنا: لعل فيه حذفا وايصالا ان احتجبت بها والضمير للمشورة
كناية عما هو مقتضى المشورة من الإجابة إلى البيعة، أو الضمير راجع إلى البيعة بقرينة
المقام والدعوة أي اجابتها أو المعنى شاورت الناس في الدعوة فاحتجبت عن مشاورتي ولم
تحضرها وصار ذلك سببا لتفرق الناس عنى (واحتجبها أبوك) أي عند دعوة محمد بن عبد الله
(انتهى) وقصة محمد بن عبد الله مذكورة في أصول الكافي قبل هذا بحديث فراجع باب ما يفصل
به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة ان شئت.
596

عز وجل: (وجعلها كلمة باقية في عقبه) قال: في عقب الحسين عليه السلام، فلم يزل هذا
الامر منذ أفضى إلى الحسين ينقل من ولد إلى ولد لا يرجع إلى أخ وعم، ولم يتم بعلم
أحد منهم الا وله ولد وان عبد الله خرج من الدنيا ولا ولد له ولم يمكث بين ظهراني
أصحابه الا شهرا.
24 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي -
بصير قال: سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وجعلها كلمة باقية في عقبه)
قال: هي الإمامة جعلها الله عز وجل في عقب الحسين عليه السلام باقية إلى يوم القيامة.
25 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
يقول فيه في خطبة الغدير: معاشر الناس القرآن يعرفكم ان الأئمة من بعده ولده،
وعرفتكم أنه منى وأنا منه حيث يقول الله عز وجل: (كلمة باقية في عقبه) وقلت: لن
تضلوا ما ان تمسكتم بهما.
26 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب الأعرج عن أبي هريرة قال: سئلت
رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله: (وجعلها كلمة باقية في عقبه) قال: جعل الإمامة في عقب
الحسين، يخرج من صلبه تسعة من الأئمة منهم مهدى هذه الأمة.
27 - المفضل بن عمر قال: سئلت الصادق عليه السلام عن هذه الآية قال: يعنى بذلك
الإمامة جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة، فقلت: كيف صارت في ولد الحسين
عليه السلام دون ولد الحسن عليه السلام؟ فقال: ان موسى وهارون كانا نبيين ومرسلين أخوين
فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، ثم ساق الحديث إلى قوله: هو
الحكيم في أفعاله لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون.
28 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وعن أبي محمد الحسن
العسكري عليه السلام عن أبيه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة إذ
قال له عبد الله بن أمية المخزومي: لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما
بيننا مالا وأحسنه حالا فهلا نزل هذا القران الذي تزعم أن الله أنزله عليك وانبعثك به
رسولا على رجل من القريتين عظيم: إما الوليد بن المغيرة بمكة وإما عروة بن مسعود
597

الثقفي بالطائف، فقال صلى الله عليه وآله: أما قولك لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين
عظيم الوليد بن المغيرة بمكة أو عروة بالطايف، فان الله ليس يستعظم مال الدنيا كما
تستعظم أنت، ولا خطر له عنده كما له عندك، بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح
بعوضة ما سقى كافرا به مخالفا شربة ماء، وليس قسمة رحمة الله إليك بل الله القاسم
للرحمات والفاعل لما يشاء في عبيده وإمائه، وليس هو عز وجل ممن يخاف أحدا كما
تخافه أنت لما له وحاله، فعرفته بالنبوة لذلك، ولا ممن يطمع في أحد في ماله
أو حاله كما تطمع أنت فتخصه بالنبوة لذلك، ولا ممن يحب أحدا محبة الهوى كما
تحب فيقدم من لا يستحق التقديم، وانما معاملته بالعدل، فلا يؤثر لافضل مراتب
الدين وخلاله الا الأفضل في طاعته والاجد في خدمته، وكذا لا يؤخر في مراتب
الدين وجلاله الا أشدهم تباطئا عن طاعته، وإذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال
ولا إلى حال، بل هذا المال والحال من تفضله، وليس لاحد اكراهه من عباده عليه
ضريبة لازب (1) فلا يقال له: إذا تفضلت بالمال على عبد فلا بد ان تتفضل عليه بالنبوة أيضا
لأنه ليس لأحد اكراهه على خلاف مراده، ولا الزامه تفضلا، لأنه تفضل قبله
بنعمة الا ترى يا عبد الله كيف أغنى واحدا وقبح صورته، وكيف حسن صورة
واحد وأفقره، وكيف شرف واحدا وأفقره، وكيف أغنى واحدا ووضعه. ثم ليس
لهذا الغنى أن يقول: هلا أضيف إلى يسارى جمال فلان. ولا للجميل أن يقول: هلا
أضيف إلى جمالي مال فلان؟ ولا للشريف أن يقول: هلا أضيف إلى شرفي مال فلان؟
ولا للوضيع أن يقول: هلا أضيف إلى مالي شرف فلان؟ ولكن الحكم الله يقسم كيف
يشاء. ويفعل كما يشاء. وهو حكيم في أفعاله محمود في أعماله، وذلك قوله: و
قالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم قال الله أهم يقسمون رحمة
ربك يا محمد نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا فأحوجنا بعضا إلى بعض
أحوج هذا إلى مال ذلك وأحوج ذلك إلى سلعة هذا والى خدمته فترى أجل الملوك وأغنى
الأغنياء محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب اما سلعة، معة ليست

(1) الضريبة: الجزية. واللازب: الثابت.
598

معه، واما خدمة يصلح لها يتهيأ لذلك الملك أن يستغنى الا به، وإما باب من العلوم والحكم
هو فقير إلى أن يستفيدها من هذا الفقير الذي يحتاج إلى مال ذلك الملك الغنى، و
ذلك الملك يحتاج إلى علم هذا الفقير أو رأيه أو معرفته، ثم ليس للملك أن يقول:
هلا اجتمع إلى مالي علم هذا الفقير؟ ولا للفقير أن يقول: هلا اجتمع إلى رأيي ومعرفتي
وعلمي وما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الملك الغنى؟
29 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: لو حلف القانع بتملكه على
الدارين لصدقه الله عز وجل بذلك ولابره، لعظم شأن مرتبته في القناعة، ثم
كيف لا يقنع العبد بما قسم الله عز وجل له وهو يقول: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في
الحياة الدنيا) فمن أذعن وصدقه بما شاء ولما شاء بلا غفلة وأيقن بربوبيته أصاف تولية
الأقسام إلى نفسه بلا سبب، ومن قنع بالمقسوم استراح من الهم والكرب والتعب.
30 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله متصل بآخر ما نقلنا عنه أعنى
قوله مال هذا الملك الغنى، ثم قال: ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ
بعضهم بعضا سخريا ثم قال: يا محمد ورحمة ربك خير مما يجمعون أي ما
يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
31 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ولولا أن يكون الناس أمة
واحدة أي على مذهب واحد لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة و
معارج عليها يظهرون قال: المعارج الذي يظهرونها ولبيوتهم أبوابا وسررا
عليها يتكئون وزخرفا قال: البيت المزخرف بالذهب، قال الصادق عليه السلام: لو فعل
الله ذلك لما آمن أحد، ولكنه جعل في المؤمنين أغنياء وفى الكافرين فقراء وجعل
في الكافرين أغنياء وفى المؤمنين فقراء ثم امتحنهم بالامر والنهى، والصبر والرضا.
32 - في كتاب علل الشرايع أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب
قال: سألت علي بن الحسين عليه السلام عن قول الله عز وجل: (ولولا أن يكون الناس أمة
599

واحدة) قال: عنى بذلك أمة محمد أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم (لجعلنا
لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون) ولو فعل ذلك بأمة
محمد صلى الله عليه وآله لحزن المؤمنين وغمهم ذلك ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم.
33 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن
عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسين عليهما السلام وذكر
كما نقلنا عن كتاب العلل إلى قوله: (ومعارج عليها يظهرون) فإنه ليس في أصول
الكافي.
34 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى منصور بن يونس قال قال أبو عبد الله عليه السلام:
قال الله عز وجل: لولا أن يجد عبدي المؤمن في نفسه (1) لعصبت الكافر بعصابة
من ذهب.
35 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد
ابن سنان عن العلا عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن فقراء المؤمنين يتقلبون
في رياض الجنة قبل أغنيائهم أربعين خريفا (2)، قال: سأضرب لك مثل ذلك، انما مثل
ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر (3) فنظر في إحديهما فلم ير فيها شيئا فقال:
أسربوها (4) ونظر في الأخرى فإذا هي موقرة (5) فقال احبسوها.
36 - وباسناده قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لولا الحاح المؤمنين على الله في
طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها.
37 - وباسناده إلى سعدان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله عز وجل يلتفت يوم -

(1) أي يخطر بباله شئ.
(2) الخريف: سبعون سنة كما في رواية الصدوق (قده) في معاني الأخبار وقيل: أربعون
سنة كما في النهاية. وفسره صاحب المعالم (ره) في المحكى عنه بأكثر من سبعين أيضا.
(3) العاشر: من يأخذ العشر.
(4) (أسربوها) أي خلوا سبيلها.
(5) أي مملوة.
600

القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم، فيقول: وعزتي وجلالي ما أفقرتكم
في الدنيا من هوان بكم على ولترون ما اصنع بكم اليوم فمن زود منكم في دار الدنيا
معروفا فخذوا بيده وادخلوه الجنة، قال: فيقول رجل منهم: يا رب ان أهل الدنيا
تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ولبسوا الثياب اللينة، وأكلوا الطعام وسكنوا
الدور وركبوا المشهور من الدواب، فأعطني مثل ما أعطيتهم، فيقول تبارك وتعالى:
لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى انقضت الدنيا
سبعون ضعفا.
38 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة عن إسماعيل بن سهل
وإسماعيل بن عباد جميعا يرفعانه إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن
الا فقيرا ولا كافر الا غنيا حتى جاء إبراهيم عليه السلام فقال: (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين
كفروا) فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة، وفى هؤلاء أموالا وحاجة.
39 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عمن ذكره
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل موسر (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله نقى الثوب فجلس
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء رجل معسر درن الثوب (2) فجلس إلى جنب الموسر، فقبض
الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخفت أن يمسك من فقره
شئ؟ قال: لا، قال: فخفت أن يصيبه من غناك شئ؟ قال: لا، قال: فخفت أن
يوسخ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله ان لي قرينا
يزين لي كل قبيح، ويقبح لي كل حسن (3) وقد جعلت له نصف مالي، فقال رسول الله

(1) الموسر. الغنى.
(2) قوله (ع): (إلى رسول الله) قال الشيخ البهائي (قده) في المحكى عنه (إلى) بمعنى
مع كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى (من أنصاري إلى الله) أو بمعنى عند كما في قول الشاعر
(أشهى إلى من الرحيق السلسل) ويجوز ان يضمن جلس معنى توجه أو نحوه (انتهى) ودرن
الثوب درنا: وسخ.
(3) قال المجلسي (ره): أي ان لي شيطانا يغويني ويجعل القبيح حسنا في نظري
والحسن قبيحا وهذا الصادر منى من جملة اغوائه، ويمكن ان يراد به النفس الامارة التي طغت
وبغت بالمال.
601

صلى الله عليه وآله للمعسر، أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: ولم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك
40 - وباسناده إلى حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال في مناجاة موسى عليه السلام
إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل
ذنب عجلت عقوبته.
41 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال النبي صلى الله عليه وآله: طوبى للمساكين بالصبر، وهم الذين يرون ملكوت السماوات
[والأرض].
42 - وباسناده قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: يا معشر المساكين طيبوا نفسا وأعطوا
الله الرضا من قلوبكم يثبكم الله عز وجل على فقركم، فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم.
43 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن إبراهيم الحذاء عن محمد
ابن صغير، عن جده شعيب عن مفضل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لولا الحاح هذه الشيعة
على الله في طلب الرزق. لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق.
44 - وباسناده إلى مفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل
ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه، فيقول: و
عزتي وجلالي ما أحوجتك في الدنيا من هوان كان بك على فارفع هذا السجف (1)
فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا، فيرفع فيقول: ما ضرني ما منعتني مع ما عوضتني.
45 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن
مبارك غلام شعيب قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول: إن الله عز وجل يقول: انى
لم أغن الغنى لكرامة به على، ولم أفقر الفقير لهوان به على، وهو مما ابتليت به الأغنياء
بالفقراء، ولولا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنة.
46 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عمن ذكره عن أبي -

(1) السجف: الستر.
602

عبد الله عليه السلام قال: الفقر الموت الأحمر، فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: الفقر من الدينار و
الدرهم؟ فقال: لا، ولكن من الدين.
47 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة
باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: من تصدى بالاثم أعشى عن ذكر الله تعالى (1)
من ترك الاخذ عن أمر الله بطاعته قيض (2) له شيطان فهو له قرين.
48 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة يقول
فيها عليه السلام: ولئن تقمصها دوني الاشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها
ضلالة واعتقلاها جهالة فلبئس ما عليه وردوا ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما
ويتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين
فبئس القرين فيجيب الأشقى على رثوثة (3) (يا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني
عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للانسان خذولا) فانا الذكر الذي عنه صد.
49 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم
ابن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي -
جعفر عليه السلام قال: نزلت هاتين الآيتين هكذا قول الله عز وجل: (حتى إذا جاءنا)
يعنى فلانا وفلانا يقول أحدهما لصاحبه حين يراه (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين
فبئس القرين) فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: (قل لفلان وفلان واتباعهما لن ينفعكم
اليوم إذ ظلمتم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم حقهم انكم في العذاب مشتركون)
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله: أفأنت تسمع الصم أو تهدى العمى ومن كان في ضلال مبين فاما
نذهبن بك فانا منهم منتقمون يعنى من فلان وفلان.
50 - حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن
سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فاما نذهبن بك الآية يا محمد صلى الله عليه وآله من مكة إلى

(1) أي أعرض عنه.
(2) قيض له أي قدر وهيأ له. مأخوذ من المقايضة وهي المعاوضة ثم استعمل في الاستيلاء.
(3) رث الشئ رثاثة ورثوثة: بلى يقال فلان رث الهيئة أي باليها وخلقها.
603

المدينة فانا رادوك إليها ومنتقمون منهم بعلى بن أبي طالب عليه السلام.
51 - في مجمع البيان (فاما نذهبن بك) الآية روى أنه صلى الله عليه وآله أرى ما تلقى أمته
بعده فما زال منقبضا ولم ينبسط ضاحكا حتى لقى الله تعالى.
52 - وروى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: انى لأدناهم من رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة
الوداع بمنى، حتى قال لألفينكم ترجعون بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وأيم الله
لئن فعلتموها لتعرفنني في الكتيبة التي تضاربكم، ثم التفت إلى خلفه فقال: أو على أو
على ثلاث مرات فرأينا أن جبرئيل عليه السلام غمزه، فأنزل الله على أثر ذلك (فاما نذهبن
بك فانا منهم منتقمون بعلى بن أبي طالب).
53 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن النضر بن
شعيب عن خالد بن ماد عن محمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوحى
الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله فاستمسك بالذي أوحى إليك انك على صراط مستقيم قال: إنك
على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم.
54 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي
جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون قال
أبو جعفر عليه السلام: نحن قومه ونحن المسؤولون.
55 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة عن علي بن حسان
عن عمه عبد الرحمان بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: في قوله: (وانه لذكر لك
ولقومك وسوف تسئلون) قال: إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.
56 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن
سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (وانه
لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) فرسول الله صلى الله عليه وآله الذكر وأهل بيته عليهم السلام
المسؤولون وهم أهل الذكر.
57 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن ربعي عن الفضيل عن أبي
عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون)
604

قال: الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤولون.
58 - محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى و
محمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن
عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام ونقل حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام: وسمى الله
عز وجل القرآن ذكرا وقال: انه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون.
59 - علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن أبان بن عثمان
عن أبي بصير قال: سئلت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة ولد الزنا تجوز؟ فقال: لا، فقلت:
ان الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز؟ فقال: اللهم لا تغفر ذنبه، ما قال الله للحكم (انه
لذكر لك ولقومك) فليذهب الحكم يمينا وشمالا. فوالله لا يؤخذ العلم الا من أهل
بيت نزل عليهم جبرئيل عليه السلام.
60 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا يحيى بن
زكريا عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له
قوله: (وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) فقال: الذكر القرآن، ونحن قومه
ونحن المسؤولون.
61 - في بصائر الدرجات العباس بن معروف عن حماد بن عيسى عن عمر بن
يزيد قال: قال أبو جعفر عليه السلام: في قوله تعالى: (وانه لذكر لك ولقومك وسوف
تسئلون) قال: الذكر رسول الله، وأهل بيته أهل الذكر وهم المسؤولون.
62 - يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي -
جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: (وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) قال:
انما عنانا بها، نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.
63 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال: حججت مع أبي جعفر عليه السلام في السنة التي حج فيها هشام
ابن عبد الملك وكان معه نافع بن الأزرق مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى
أبى جعفر عليه السلام في ركن البيت وقد اجتمع إليه الناس، فقال: يا أمير المؤمنين من
605

هذا الذي تتكافى عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة محمد بن علي بن الحسين
ابن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال نافع: لأتينه فلاسئلنه عن مسائل لا يجيبني فيها الا
نبي أو وصى نبي أو ابن وصى فقال هشام: فاذهب إليه فاسأله فلعلك أن تخجله فجاء نافع
فاتكى على الناس ثم أشرف على أبى جعفر عليه السلام، فقال: يا محمد بن علي انى قرأت
التورية والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت حلالها وحرامها وقد جئتك أسئلك
عن مسائل لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى أو ابن وصى نبي، فرفع إليه أبو جعفر
عليه السلام رأسه فقال له: سل، فقال: أخبرني كم بين عيسى ومحمد من سنة؟ فقال
أخبرك بقولي أم بقولك؟ قال: أخبرني بالقولين جميعا. قال: أما قولي فخمسمأة
سنة، وأما قولك فستمأة سنة، قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل: واسأل من أرسلنا
قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمان آلهة يعبدون من ذا الذي سأل محمد و
كان بينه وبين عيسى خمسمأة سنة؟ قال: فتلا أبو جعفر عليه السلام هذه الآية: (سبحان
الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله
لنريه من آياتنا) فكان من الآيات التي أراها الله محمدا حين أسرى به إلى البيت
المقدس أن حشر الله له الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثم أمر جبرئيل
عليه السلام فأذن شفعا وأقام شفعا، ثم قال في اقامته: حي على خير العمل ثم تقدم محمد
صلى الله عليه وآله فصلى بالقوم، فأنزل الله عليه (واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من
دون الرحمن آلهة يعبدون) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: على ما تشهدون و
ما كنتم تعبدون؟ فقالوا: نشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وانك رسول الله
أخذت على ذلك مواثيقنا وعهودنا، قال نافع: صدقت يا بن رسول الله يا أبا جعفر
أنتم والله أوصياء رسول الله وخلفاءه في التورية، وأسماءكم في الإنجيل وفى الزبور
وفى القرآن، وأنتم أحق بالامر من غيركم.
في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن
محبوب عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبى منصور عن أبي ربيع مثله إلى
قوله قال نافع: صدقت من غير تغيير وحذف مغير للمعنى.
606

64 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: وأما قوله: (واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا) فهذا من براهين
نبينا صلى الله عليه وآله التي آتاه الله إياها وأوجب به الحجة على ساير خلقه، لأنه لما ختم
به الأنبياء وجعله الله رسولا إلى جميع الأمم وساير الملل خصه بالارتقاء إلى السماء
عند المعراج، وجمع له يومئذ الأنبياء، فعلم منهم ما أرسلوا به، وحملوه من عزائم الله
وآياته وبراهينه. فأقروا أجمعين بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من
بعده، وفضل شيعة وصيه من المؤمنين والمؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم
ولم يستكبروا عن أمرهم وعرف من أطاعهم وعصاهم من أممهم وساير من مضى ومن
غبر (1) أو تقدم أو تأخر.
65 - في تفسير علي بن إبراهيم: ولا يكاد يبين قال: لم يبين الكلام.
66 - في نهج البلاغة ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون عليهما السلام
على فرعون وعليهما مدارع الصوف وبأيديهما العصى فشرطا له إن أسلم بقاء ملكه و
دوام عزه، فقال: الا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز وبقاء الملك وهما مما
ترون من حال الفقر والذل فهلا ألقى عليهما أساور من ذهب؟ إعظاما للذهب وجمعه،
واحتقارا للصوف ولبسه ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم ان يفتح لهم كنوز
الذهبان ومعادن العقيان (2) ومغارس الجنان وأن يحشر معهم طيور السماء ووحوش
الأرضين لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الانباء (3) ولما وجب
للقابلين أجور المبتلين، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء
معانيها (4) ولكن الله سبحانه جعل رسله أولى قوة في عزائمهم وضعفة فيما ترى الأعين

(1) غبر: ذهب ومضى. مكث وبقى. وهو من الأضداد.
(2) العقيان بمعنى الذهب أيضا.
(3) اضمحلت الانباء أي فنيت والأنباء جمع نيأ: الخبر أي لسقط الوعد والوعيد وبطلا.
(4) أي من يسمى مؤمنا أو مسلما حينئذ فان تسميته مجاز لا حقيقة له لأنه ليس بمؤمن ايمانا
من فعله وكسبه بل يكون ملجئا إلى الايمان مما يشاهده من الآيات العظيمة.
607

من حالاتهم، مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى، وخصاصة تملأ الابصار والاسماع
اذى، ولو كانت الأنبياء عليهم السلام أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام، وملك تمد نحوه
أعناق الرجال وتشد إليه عقد الرحال لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار وأبعد
لهم من الاستكبار، ولامنوا عن رهبة قاهرة لهم، أو رغبة مائلة بهم، وكانت النيات
مشتركة والحسنات مقتسمة، ولكن الله سبحانه أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق
بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لامره والاستسلام لطاعته أمورا له خاصة لا يشوبها
من غيرها شائبة، وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء اجزل.
67 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أحمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبى عبد الله
عليه السلام في قول الله عز وجل: فلما آسفونا انتقمنا منهم قال: إن الله تبارك وتعالى لا يأسف
كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون، وهم مخلوقون مدبرون، فجعل
رضاءهم لنفسه رضى، وسخطهم لنفسه سخطا، وذلك لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء
عليه، فلذلك صاروا كذلك وليس ان ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه ولكن
هذا معنى ما قال من ذلك، وقد قال أيضا: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة
ودعاني إليها، وقال أيضا: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وقال أيضا: (ان الذين
يبايعونك انما يبايعون الله) وكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب
وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك، ولو كان يصل إلى المكون الأسف والضجر
وهو الذي أحدثهما وأنشأهما لجاز لقائل أن يقول: إن المكون يبيد يوما، لأنه إذا
دخله الضجر والغضب دخله التغيير، فإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة (1) و
لو كان ذلك كذلك لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور، ولا الخالق
من المخلوقين، تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا
كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم ذلك انشاء الله.
68 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن
إسماعيل بن بزيع عن عمه حمزة بن بزيع عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:

(1) الإبادة: الاهلاك.
608

(فلما آسفونا انتقمنا منهم) فقال: ان الله عز وجل لا يأسف كأسفنا، ولكنه خلق
أولياء لنفسه يأسفون ويرضون، وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه، و
سخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة وذكر إلى آخر ما نقلنا عن كتاب التوحيد
من غير تغيير وحذف مغير للمعنى المراد.
69 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن وكيع عن الأعمش عن سلمة بن
كهيل عن أبي الصادق عن أبي الأغر عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: بينما رسول
الله صلى الله عليه وآله جالس في أصحابه إذ قال: إنه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم،
فخرج بعض من كان جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ليكون هو الداخل، فدخل علي بن أبي طالب
عليه السلام فقال الرجل: لبعض أصحابه اما رضى محمد ان فضل عليا علينا حتى
يشبهه بعيسى بن مريم، والله لآلهتنا التي كنا نعبدها في الجاهلية أفضل منه، فأنزل الله
في ذلك المجلس: ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يضجون فحرفوها يصدون
وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك الاجد لا بل هم قوم خصمون ان على
الا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبنى إسرائيل فمحى اسمه عن هذا الموضع.
70 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
رحمه الله قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن الحسين بن
يزيد النوفلي عن اليعقوبي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده قال: قال النبي
صلى الله عليه وآله: في قوله عز وجل: (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) قال:
الصدود في العربية الضحك.
71 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن
سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين
عليه السلام فقال له رسول الله: ان فيك شبها من عيسى بن مريم، لولا أن تقول فيك طوايف
من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملاء من الناس
الا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة، قال: فغضب الأعرابيان
والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضى أن يضرب لابن عمه مثلا
609

الا عيسى بن مريم، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله: (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك
منه يصدون * وقالوا آلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك الا جدلا بل هم قوم خصمون * ان
هو الا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبنى إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم) يعنى من
بني هاشم (ملائكة في الأرض يخلفون) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
72 - في كتاب الخصال في احتجاج علي عليه السلام على الناس يوم الشورى قال:
نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: احفظ الباب فان زوارا من الملائكة
يزورني فلا تأذن لاحد فجاء عمر فرددته ثلاث مرات وأخبرته ان رسول الله صلى الله عليه وآله
محتجب وعنده زوار من الملائكة، وعدتهم كذا وكذا، ثم أذن له فدخل فقال: يا
رسول الله انى قد جئتك ثلاث مرات غير مرة وكل ذلك يردني على ويقول: ان رسول الله
صلى الله عليه وآله محتجب وعنده زوار من الملائكة وعدتهم كذا وكذا، فكيف علم بالعدة أعاينهم
فقال: يا علي كيف علمت بعدتهم؟ قلت: اختلفت على التحيات وسمعت الأصوات
فأحصيت العدد، قال: صدقت فان فيك شبها من أخي عيسى، فخرج عمر وهو
يقول: ضربه لابن مريم مثلا فأنزل الله تعالى: (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك
منه يصدون) قال يضجون (وقالوا أآلهتنا خير أم هو مما ضربوه لك الا جدلا بل هم
قوم خصمون * ان هو الا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبنى إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا
منكم ملائكة في الأرض يخلفون) غيري؟ قالوا: اللهم لا.
73 - في مجمع البيان (ولما ضرب ابن مريم مثلا) الآية اختلف في المراد
به على وجوه إلى قوله: ورابعا، ما رواه سادة أهل البيت عن علي عليه السلام قال: جئت
إلى النبي صلى الله عليه وآله يوما فوجدته في ملاء من قريش فنظر إلى ثم قال: يا علي انما مثلك
في هذه الأمة كمثل عيسى ابن مريم عليه السلام، أحبه قوم فافرطوا في حبه فهلكوا وأبغضه
قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا واقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم وضحكوا و
قالوا: يشبهه بالأنبياء والرسل، فنزلت هذه الآية.
74 - في تهذيب الأحكام في الدعاء المروى عن أبي عبد الله عليه السلام بعد ركعتي
صلاة الغدير: ربنا قد أجبنا داعيك النذير المنذر محمدا صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك إلى
610

علي بن أبي طالب عليه السلام الذي أنعمت عليه، وجعلته مثلا لبنى إسرائيل انه أمير المؤمنين
ومولاهم ووليهم إلى يوم القيمة يوم الدين، فإنك قلت: (ان هو الا عبد أنعمنا عليه و
جعلناه مثلا لبنى إسرائيل).
75 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وقال النبي صلى الله عليه وآله: يدخل من هذا الباب
رجل أشبه الخلق بعيسى فدخل علي عليه السلام فضحكوا من هذا القول، فنزل: (ولما ضرب
ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) الآيات.
76 - في مجمع البيان: وانه لعلم الساعة يعنى أن نزول عيسى عليه السلام من اشراط
الساعة يعلم به قربها فلا تمترن بها قال ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر
ابن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم:
تعال صل بنا، فيقول: لا ان بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأمة،
أورده مسلم في الصحيح، وفى حديث آخر: كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم و
امامكم منكم.
77 - في تفسير علي بن إبراهيم: واتبعون هذا صراط مستقيم يعنى أمير -
المؤمنين عليه السلام.
78 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله محمد بن أبي عمير الكوفي عن
عبد الله بن الوليد السمان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يقول الناس في أولى العزم
وصاحبكم أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: قلت: ما يقدمون على أولى العزم أحدا قال:
فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى قال لموسى عليه السلام: (وكتبنا له في الألواح
من كل شئ موعظة) ولم يقل كل شئ موعظة، وقال لعيسى عليه السلام: ولابين لكم بعض
الذي تختلفون فيه ولم يقل كل شئ، وقال لصاحبكم أمير المؤمنين عليه السلام: (قل كفى
بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) وقال عز وجل: (ولا رطب ولا يابس الا
في كتاب مبين) وعلم هذا الكتاب عنده.
79 - في بصائر الدرجات علي بن إسماعيل عن محمد بن عمرو الزيات عن عبد الله
ابن وليد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: أي شئ يقول الشيعة في عيسى وموسى و
611

أمير المؤمنين؟ قلت: يقولون: ان عيسى وموسى أفضل من أمير المؤمنين، قال:
أيزعمون ان أمير المؤمنين قد علم ما علم رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قلت: نعم ولكن لا يقدمون
على أولى العزم من الرسل أحدا، قال أبو عبد الله عليه السلام: فخاصمهم بكتاب الله، قلت:
وفى أي موضع منه أخاصمهم؟ قال: قال الله تبارك وتعالى لموسى: (وكتبنا له في
الألواح من كل شئ) علمنا أنه لم يكتب لموسى كل شئ وقال الله تبارك وتعالى لعيسى:
(ولابين لكم بعض الذي تختلفون فيه) وقال تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وآله (وجئنا بك
على هؤلاء شهيدا ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ).
80 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض
عدو الا المتقين يعنى الأصدقاء يعادى بعضهم بعضا وقال الصادق عليه السلام: الا كل خلة
كانت في الدنيا في غير الله عز وجل فإنها تصير عداوة يوم القيامة، وقال أمير المؤمنين
عليه السلام: وللظالم غدا يكفيه عضه يديه، وللرجل وشيك (1) وللاخلاء ندامة
الا المتقين.
81 - أخبرنا محمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد
ابن عيسى عن شعيب بن يعقوب عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عليه السلام قال: في الخليلين
مؤمنين وخليلين كافرين ومؤمن غنى ومؤمن فقير، وكافر غنى وكافر فقير، فاما
الخليلان المؤمنان فتخالا في حياتهما في طاعة الله تبارك وتعالى وتباذلا عليها وتوادا
عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله منزلته في الجنة يشفع لصاحبه فيقول: يا رب خليلي
فلان كان يأمرني بطاعتك ويعينني عليها، وينهاني عن معصيتك، فثبته على ما ثبتني عليه
من الهدى حتى تراه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيا عند الله عز وجل، فيقول كل واحد
منهما لصاحبه: جزاك الله من خليل خيرا، كنت تأمرني بطاعة الله وتنهاني عن معصيته، وأما
الكافران فتخالا بمعصية الله وتباذلا عليها وتوادا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله
تبارك وتعالى منزلته في النار، فقال: يا رب خليلي فلان كان يأمرني بمعصيتك و
تنهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تراه ما أريتني من العذاب،

(1) الوشيك: السريع.
612

فيلتقيان عند الله يوم القيامة يقول كل واحد منهما لصاحبه: جزاك الله من خليل شرا
كنت تأمرني بمعصية الله وتنهاني عن طاعة الله، قال: ثم قرأ (الأخلاء يومئذ بعضهم
لبعض عدو إلا المتقين) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
82 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان
عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض
عدو الا المتقين) والله أراد بهذا غيركم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
83 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: واطلب مواخاة الأتقياء ولو في
ظلمات الأرض، وأن أفنيت عمرك في طلبهم، فان الله عز وجل لم يخلق أفضل منهم على
وجه الأرض بعد النبيين صلوات الله عليهم، وما أنعم الله تعالى على عبد بمثل ما أنعم به
من التوفيق لصحبتهم، قال الله تعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين)
وأظن أن من طلب في زماننا هذا صديقا بلا عيب بقي بلا صديق.
84 - في تفسير علي بن إبراهيم في قوله عز وجل: الذين آمنوا بآياتنا يعنى
الأئمة صلوات الله عليهم وكانوا مسلمين أدخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون أي
تكرمون.
85 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان
عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد صرتم عند أهل هذا العالم
شرار الناس وأنتم والله في الجنة تحبرون وفى النار تطلبون، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
86 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن عبد الله بن جبلة عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا أبا محمد أنتم في الجنة تحبرون
وبين أطباق النار تطلبون فلا توجدون والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
87 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن الحجة القائم عليه السلام وفيه أنه
سئل عليه السلام عن أهل الجنة هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا؟ فأجاب عليه السلام: ان الجنة
613

لا حمل فيها للنساء ولا ولادة ولا طمث ولا نفاس ولا شقاء بالطفولية (1) وفيها
ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين كما قال الله سبحانه فإذا اشتهى المؤمن ولدا خلقه الله
عز وجل بغير حمل ولا ولادة على الصورة التي يريد كما خلق آدم (ع) عبرة.
88 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرني أبي عن الحسن بن محبوب عن يسار
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيام الدنيا ويأكل
في أكلة واحدة بمقدار أكله في الدنيا.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد كتبنا سابقا في حم السجدة أحاديث عند
قوله عز وجل: (ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم) الآية فلتراجع (2)
89 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر الله ما أعده لأعداء آل محمد صلى الله عليه وآله فقال:
ان المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون
أي آيسون من الخير، فذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام: وأما أهل النار فخلدهم (3)
في النار وأوثق منهم الاقدام، وغل منهم الأيدي إلى الأعناق، والبس أجسادهم سرابيل
القطران، وقطعت لهم منها مقطعات من النار، هم في عذاب قد اشتد حره ونار قد أطبق
على أهلها، فلا يفتح عنهم ابدا، ولا يدخل عليهم ريح أبدا، ولا ينقضى منهم عمر أبدا
العذاب ابدا شديد والعقاب ابدا جديد، لا الدار زايلة فتفنى ولا آجال القوم تقضى.
90 - في مجمع البيان وفى الشواذ (يا مال) (4) وروى ذلك عن علي عليه السلام.
91 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم حكى نداء أهل النار فقال جل جلاله:
ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال: أي نموت فيقول مالك: انكم ماكثون
ثم قال الله عز وجل: لقد جئناكم بالحق يعنى بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولكن أكثرهم
للحق كارهون يعنى لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه والدليل على أن

(1) الشقاء - بالمد والقصر -: العسر والشدة.
(2) راجع صفحة 547 من هذا الجزء.
(3) وفى المصدر (أهل المعصية). وفى نسخة (الدار) بدل (النار) والظاهر أنه تصحيفه.
(4) أي قراءة (يا مال) بكسر اللام مرخما في قوله تعالى: (يا مالك ليقض علينا ربك).
614

الحق ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قوله عز وجل: (وقل الحق من ربكم) يعنى ولاية علي عليه
السلام (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين) يعنى ظالمي آل محمد
صلوات الله عليه وعليهم (نارا) ثم ذكر على أثر هذا خبرهم وما تعاهدوا عليه في الكعبة
ان لا يردوا الامر في أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال جل ذكره: أم أبرموا أمرا
فانا مبرمون إلى قوله تعالى: لديهم يكتبون.
92 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
أورمة وعلي بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله تعالى: (ان الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) فلان
وفلان وفلان ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قلت: قوله تعالى:
(ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر) قال: نزلت
فيهما والله وفى أتباعهما وهو قول الله عز وجل: الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد
صلى الله عليه وآله (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله في علي عليه السلام سنطيعكم في بعض
الامر) قال: دعوا بنى أمية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الامر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله و
لا يعطونا من الخمس شيئا، وقالوا: ان أعطيناهم [إياه] لم يحتاجوا إلى شئ، ولم
يبالوا أن لا يكون الامر فيهم، فقالوا: سنطيعكم في بعض الامر الذي دعوتمونا
إليه وهو الخمس، أن لا نعطيهم منه شيئا وقوله: (كرهوا ما نزل الله) والذي نزل الله
ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، وكان معهم أبو عبيدة وكان
كاتبهم، فأنزل الله: (أم أبرموا أمرا فانا مبرمون أم يحسبون انا لا نعلم سرهم و
نجويهم) الآية.
93 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن علي بن الحسين عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (ما يكون من نجوى
ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر الا وهو معهم
أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ان الله بكل شئ عليم) قال: نزلت هذه الآية في
فلان وفلان وفلان وأبى عبيدة الجراح وعبد الرحمان بن عوف وسالم مولى أبى
615

حذيفة والمغيرة بن شعبة، حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتواثقوا لئن مضى
محمد لا يكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا، فأنزل الله عز وجل فيهم
هذه الآية، قال: قلت: قوله عز وجل: (أم أبرموا أمرا فانا مبرمون أم يحسبون
انا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) قال: وهاتان الآيتان نزلتا
فيهم ذلك اليوم، قال أبو عبد الله عليه السلام: لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب
الكتاب الا يوم قتل الحسين عليه السلام وهكذا كان في سابق علم الله عز وجل الذي أعلمه
رسول الله صلى الله عليه وآله ان إذا كتب الكتاب قتل الحسين عليه السلام وخرج الملك من بني هاشم،
فقد كان ذلك كله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
94 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن أبان بن عثمان عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله
عز وجل لما أراد أن يخلق آدم عليه السلام أرسل الماء على الطين، ثم قبض قبضة فعركها ثم
فرقها فرقتين بيده ثم ذراهم فإذا هم يدبون ثم رفع لهم نارا فأمر أهل الشام ان
يدخلوها فذهبوا إليها فهابوها ولم يدخلوها، ثم أمر أهل اليمين ان يدخلوها فذهبوا
فدخلوها، فأمر الله عز وجل النار فكانت عليهم بردا وسلاما. فلما رأى ذلك أهل
الشمال قالوا: ربنا أقلنا فأقالهم، ثم قال لهم: أدخلوها فذهبوا فقاموا عليها ولم
يدخلوها، فأعادهم طينا وخلق منها آدم عليه السلام وقال أبو عبد الله عليه السلام: فلن يستطيع هؤلاء
ان يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء ان يكونوا من هؤلاء، قال: فيرون ان رسول الله
صلى الله عليه وآله أول من دخل تلك النار فذلك قوله عز وجل: قل إن كان للرحمن ولد فانا أول
العابدين.
95 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام قوله: (إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) أي الجاحدين
والتأويل في هذا القول باطنه مضاد لظاهره.
96 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (إن كان للرحمن ولد فأنا
أول العابدين) يعنى أول القائلين لله عز وجل أن يكون له ولد.
616

97 - في كتاب التوحيد باسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام في
حديث طويل ذكر فيه العرش وقال: ان للعرش صفات كثيرة مختلفة في كل سبب
وضع في القرآن صفته على حده يقول فيه فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك و
تعالى: رب العرش عما يصفون وهما وصف العرش الوحدانية لان قوما أشركوا كما
قلت لك قال تبارك وتعالى: رب العرش رب الوحدانية عما يصفون، وقوم وصفوه بيدين
فقالوا (يد الله مغلولة) وقوم وصفوه بالرجلين، فقال: وضع رجله على صخرة
بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء وقوم وصفوه بالأنامل فقالوا: إن محمدا
قال: انى وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال: (رب العرش عما
يصفون) يقول: رب المثل الاعلى عما به مثلوه، ولله المثل الاعلى الذي لا يشبهه شئ
ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الاعلى.
98 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن
الحكم قال: قال أبو شاكر الديصاني: ان في القرآن آية هي قولنا، قلت: وما هي؟
فقال: وهو الذي في السماء اله وفى الأرض اله فلم أدر بما أجيبه، فججت فخبرت
أبا عبد الله عليه السلام فقال: هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل: ما اسمك بالكوفة
فإنه يقول: فلان، فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان فقل كذلك الله ربنا
في السماء اله، وفى الأرض اله، وفى البحار اله وفى القفار اله، وفى كل مكان اله،
قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال: هذه نقلت من الحجاز.
99 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن
الحسين عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن منصور عن أبي أسامة قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وهو الذي في السماء اله وفى الأرض اله) فنظرت
والله إليه وقد لزم الأرض وهو يقول: والله عز وجل الذي هو والله ربى في السماء اله،
وفى الأرض اله وهو الله عز وجل.
100 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه قوله: (وهو الذي في السماء اله وفى الأرض إله) وقوله: (وهو معكم أينما
617

كنتم) وقوله: (ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم) فإنما أراد بذلك استيلاء أمنائه
بالقدرة التي ركبها فيهم على جميع خلقه، وان فعله فعلهم.
101 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل:
ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة قال: هم الذين عبدوا في الدنيا لا يملكون
الشفاعة لمن عبدهم. قال عز من قائل: الا من شهد بالحق وهم يعلمون.
102 - فيمن لا يحضره الفقيه قال الصادق عليه السلام: القضاة أربعة، ثلاثة في النار
وواحد في الجنة، رجل قضى بجور وهو يعلم أنه جور فهو في النار، ورجل قضى بجور و
هو لا يعلم أنه جور، فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى
بالحق وهو يعلم فهو في الجنة.
103 - في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد و
محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا عن أبي هاشم الجعفري قال: سألت
أبا جعفر الثاني عليه السلام ما معنى الواحد؟ فقال: اجماع الألسن عليه بالوحدانية، لقوله:
ولئن سئلتهم من خلقهم ليقولن الله.
104 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع
عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمد الجعفري عن أبي جعفر عليه السلام. قال: إن
الله عز وجل خلق الخلق فخلق ما أحب مما أحب، وكان ما أحب أن خلقه من
طينة الجنة، وخلق ما أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ثم
بعثهم في الظلال، فقلت: وأي شئ الظلال؟ قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شئ و
ليس بشئ، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعوهم إلى الاقرار بالله وهو قوله (ولئن سئلتهم من
خلقهم ليقولن الله) ثم دعاهم إلى الاقرار بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثم دعاهم
إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض وهو قوله: (وما كانوا ليؤمنوا
بما كذبوا به من قبل) ثم قال أبو جعفر عليه السلام كان التكذيب ثم.
105 - محمد بن الحسن وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى و
محمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو
618

عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حديث طويل ثم أنزل الله
جل ذكره: أن أعلن فضل وصيك فقال: رب ان العرب قوم جفاة لم يكن فيهم كتاب
ولم يبعث إليهم نبي، ولا يعرفون فضل نبوات الأنبياء ولا شرفهم، ولا يؤمنون بي ان
أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي؟ فقال الله جل ذكره: (ولا تحزن عليهم) وقل سلام
فسوف يعلمون فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم.
106 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن
سويد عن عبد الصمد بن بشير قال: ذكر أبو عبد الله عليه السلام بدو الاذان وقصته في اسراء
النبي صلى الله عليه وآله حتى قال: حتى انتهى إلى سدرة المنتهى قال: فقالت السدرة: ما جازني
مخلوق قبل، قال: (ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما
أوحى) قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، إلى قوله: وفتح
صحيفة أصحاب الشمال فإذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبايلهم، قال: فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: رب ان هؤلاء قوم لا يؤمنون؟ قال الله تعالى: فاصفح عنهم وقل
سلام فسوف يعلمون.
107 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بما سبق من قوله: لمن عبدهم، ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: يا رب ان هؤلاء قوم لا يؤمنون؟ فقال الله عز وجل: (فاصفح عنهم وقل
سلام فسوف يعلمون).
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السلام:
من أدمن قراء سورة الدخان في فرائضه ونوافله بعثه الله عز وجل من الآمنين يوم القيمة
وظلله تحت عرشه وحاسبه حسابا يسيرا، وأعطاه كتابه بيمينه.
2 - في مجمع البيان وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ
سورة الدخان في فرائضه ونقل مثل ما نقلنا عن ثواب الأعمال سواء، أبي بن كعب
619

عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرء سورة الدخان في ليلة الجمعة غفر له.
3 - أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ سورة الدخان في ليلة أصبح يستغفر
له سبعون ألف ملك.
4 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأها في ليلة جمعة أصبح مغفورا له.
5 - أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة الدخان ليلة الجمعة أو يوم
الجمعة بنى الله له بيتا في الجنة.
6 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه السلام
حديث طويل وفيه قال السائل: يا بن رسول الله كيف أعرف ان ليلة القدر يكون في
كل سنة قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرء سورة الدخان في كل ليلة مأة مرة، فإذا
أتت ليلة ثلاث عشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه.
7 - في مجمع البيان: انا أنزلناه في ليلة مباركة أي أنزلنا القرآن، و
الليلة المباركة هي ليلة القدر، وهو المروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
8 - في تفسير علي بن إبراهيم (انا أنزلناه) يعنى القرآن (في ليلة مباركة انا
كنا منذرين) وهي ليلة القدر أنزل الله عز وجل القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة
ثم نزل من البيت المعمور على رسول الله صلى الله عليه وآله في طول عشرين سنة، فيها يفرق
يعنى في ليلة القدر كل أمر حكيم أي يقدر الله عز وجل كل أمر من الحق والباطل
وما يكون في تلك السنة، وله فيه البداء والمشية، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من
الآجال والأرزاق والبلايا والاعراض والأمراض، ويزيد فيه ما يشاء وينقص ما
يشاء، ويلقيه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ويلقيه أمير المؤمنين
إلى الأئمة عليهم السلام، حتى ينتهى ذلك إلى صاحب الزمان عليه السلام، ويشترط له فيه
البداء والمشية والتقديم والتأخير، قال: حدثني بذلك أبى عن ابن أبي عمير عن
عبد الله بن مسكان عن أبي جعفر وأبى عبد الله وأبى الحسن عليهم السلام.
9 - قال: وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن يونس عن داود بن فرقد عن أبي
المهاجر عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا أبا لمهاجر لا تخفى علينا ليلة القدر ان الملائكة
620

يطوفون بنا فيها.
10 - في أصول الكافي باسناده إلى أبى جعفر الباقر عليه السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: فان قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقل: من لا يختلف في علمه فان
قالوا: فمن هو ذاك؟ فقل: كان رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب ذلك فهل بلغ أو لا؟ فان
قالوا: قد بلغ، فقل: فهل مات صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف
فان قالوا: لا، فقل: ان خليفة رسول الله مؤيد ولا يستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله الا
من يحكم بحكمه والا من يكون مثله الا النبوة، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف
في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده، فان قالوا: فان
علم رسول الله صلى الله عليه وآله كان من القرآن (1) فقل: (حم والكتاب المبين انا أنزلناه
في ليلة مباركة) إلى قوله (انا كنا مرسلين) فان قالوا لك: لا يرسل الله عز وجل
الا إلى نبي (2) فقل: أهذا الامر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح
التي تنزل من سماء إلى سماء أو من سماء إلى الأرض، فان قالوا: من سماء إلى
سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فان قالوا: من سماء إلى أرض
وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك، فقل: فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه؟ فان
قالوا: فان الخليفة هو حكمهم فقل: (3) (الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى

(1) قال المحدث الكاشاني (ره): هذا ايراد سؤال على الحجة، تقريره: ان علم
رسول الله صلى الله عليه وآله لعله كان من القرآن فحسب ليس ما يتجدد في شئ؟ فأجاب بان
الله سبحانه يقول: (فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا انا كنا مرسلين) فهذه الآية تدل
على تجدد الفرق والارسال في تلك الليلة المباركة بانزال الملائكة والروح فيها من السماء إلى
الأرض دائما، فلابد من وجود من يرسل إليه الامر دائما.
(2) قال المجلسي (ره) هذا سؤال آخر تقريره انه يلزم مما ذكرتم جواز ارسال الملك
إلى غير النبي مع أنه لا يجوز ذلك فأجاب عنه بمدلول الآية التي لا مرد لها.
(3) يعنى فقل: إذا لم يكن الخليفة مؤيدا محفوظا من الخطاء فكيف يخرجه الله و
يخرج به عباده من الظلمات إلى النور وقد قال الله سبحانه: (الله ولى الذين آمنوا... اه).
621

النور) إلى قوله (خالدون) ولعمري ما في الأرض ولا في السماء ولى لله عز ذكره الا وهو
مؤيد ومن أيد لم يخط، وما في الأرض عدو لله عز ذكره الا وهو مخذول، ومن خذل لم يصب
كما أن الامر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك لابد من وال
فان قالوا: لا نعرف هذا، فقل لهم قالوا: ما أحببتم أبى الله عز وجل بعد محمد صلى الله عليه وآله
أن يترك العباد ولا حجة عليهم.
11 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال قال الله عز وجل في ليلة القدر: (فيها
يفرق كل أمر حكيم) يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين انما
هو شئ واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عز وجل، ومن
حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، انه لينزل في ليلة
القدر إلى ولى الله (1) تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا. و
في أمر الناس بكذا وكذا، وانه ليحدث لولى الامر سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل
الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الامر ثم قرأ:
(ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات
الله ان الله عزيز حكيم).
12 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة انا
أنزلناه تفلحوا فوالله انها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
وانها لسيدة دينكم وانها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا (بحم والكتاب المبين
انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين) فإنها لولاة الامر خاصة بعد رسول الله
صلى الله عليه وآله يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى: (وان من أمة الا خلا فيها نذير) قيل: يا
أبا جعفر نذيرها محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: صدقت فهل كان نذير وهو حي من البعثة في
أقطار الأرض؟ فقال السائل: لا، قال أبو جعفر عليه السلام: أرأيت بعيثه أليس نذيره
كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله في بعثته من الله عز وجل نذير؟ فقال: بلى قال: فكذلك لم يمت
محمد الا وله بعيث نذير، قال: فان قلت: لا، فقد ضيع رسول الله صلى الله عليه وآله من في أصلاب

(1) وفى المصدر (ولى الامر) مكان (ولى الله).
622

الرجال من أمته، قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلى ان وجدوا له مفسرا، قال: وما
فسره رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: بلى قد فسره لرجل واحد، وفسر للأمة شأن ذلك
الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
13 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن محمد عن سهل بن زياد جميعا عن ابن
محبوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قبض أمير المؤمنين عليه السلام قام الحسن بن علي
في مسجد الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال: أيها الناس
انه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، والله لقد قبض
في الليلة التي قبض فيها وصى موسى يوشع بن نون، والليلة التي عرج فيها بعيسى بن
مريم، والليلة التي نزل فيها القرآن، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
14 - أحمد بن مهران وعلي بن إبراهيم جميعا عن محمد بن علي عن الحسن
بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال: كنت عند أبي الحسن موسى بن جعفر
عليه السلام إذ أتاه رجل نصراني فقال: انى أسئلك أصلحك الله فقال: سل، فقال: اخبرني
عن كتاب الله الذي انزل على محمد صلى الله عليه وآله ونطق به ثم وصفه بما وصفه فقال: (حم والكتاب
المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منزلين) ما تفسيرها في الباطن؟ فقال:
أما حم فهو محمد صلى الله عليه وآله، وهو في كتاب هود الذي أنزل عليه، وهو منقوص الحروف
وأما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين علي عليه السلام، واما الليلة ففاطمة صلوات الله عليها
واما قوله: (فيها يفرق كل أمر حكيم) يقول: يخرج منها خير كثير، فرجل حكيم
ورجل حكيم ورجل حكيم، فقال الرجل: صف لي الأول والاخر من هؤلاء الرجال
فقال: ان الصفات تشتبه ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله وانه عندكم
لفى الكتب التي نزلت عليكم، ان لم تغيروا وتحرفوا وتكفروا وقديما ما فعلتم،
قال له النصراني: لا استر عنك ما علمت ولا أكذبك وأنت تعلم ما أقول في صدق ما
أقول وكذبه، والله لقد أعطاك الله من فضله وقسم عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون
ولا يستره الساترون، ولا يكذب فيه من كذب، فقولي لك في ذلك الحق كلما ذكرت
فهو كما ذكرت، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
623

15 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة
عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن حمران أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله
تعالى: (انا أنزلناه في ليلة مباركة) قال: نعم ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر
رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن الا في ليلة القدر قال الله تعالى: (فيها
يفرق كل أمر حكيم) قال: يقدر في ليلة القدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها
من قابل خير وشر، وطاعة ومعصية، ومولود وأجل ورزق، فما قدر في تلك السنة وقضى
فهو المحتوم ولله تعالى فيه المشية، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وستقف
عليه بتمامه في سورة القدر إن شاء الله تعالى.
16 - محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله المؤمن عن
إسحاق بن عمار قال: سمعته يقول وناس يسئلونه يقولون: الأرزاق تقسم ليلة النصف من
شعبان؟ قال: فقال: لا والله ما ذلك الا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان واحدى وعشرين
وثلاث وعشرين فان في تسعة عشر يلتقى الجمعان، وفى ليلة إحدى وعشرين يفرق كل أمر
حكيم، وفى ليلة ثلاث وعشرين يمضى ما أراد الله تعالى من ذلك، وهي ليلة القدر التي قال الله
تعالى: (خير من ألف شهر) قال: قلت: ما معنى قوله: يلتقى الجمعان؟ قال: يجمع الله
فيها ما أراد من تقديمه وتأخيره وارادته وقضائه، قال: قلت: فما معنى يمضيه في ثلاث
عشرين؟ قال: إنه يفرقه في ليلة إحدى وعشرين أمضاه ويكون له فيه البداء فإذا كانت ليلة
ثلاث وعشرين أمضاه فيكون من المحتوم الذي لا يبدو له فيه تبارك وتعالى.
17 - محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن الحسين بن علي عن عمرو بن سعيد
عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا كان
أول ليلة من شهر رمضان فقل: اللهم إلى أن قال: واجعل فيما تقضى وتقدر من الامر
المحتوم فيما يفرق من الامر الحكيم في ليلة القدر من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل ان
تكتبني من حجاج بيتك.
18 - في روضة الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد الكندي عن أحمد
بن عديس عن ابان عن يعقوب بن شعيب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يفرق في كل ليلة القدر
624

ما كان من شدة أو رخاء أو مطر يقدر ما يشاء عز وجل ان يقدر إلى مثلها من قابل.
18 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال:
في ليلة تسع عشرة يكتب وفد الحاج، وفيها يفرق كل أمر حكيم، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
19 - أبو الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان ليلة القدر وفيها
يفرق كل أمر حكيم نادى مناد في تلك الليلة من بطنان العرش: إن الله تعالى قد غفر
لمن أتى قبر الحسين عليه السلام في هذه الليلة.
20 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن يونس
عن الحارث بن المغيرة البصري [عن عمرو] عن ابن أبي عمير عمن رواه عن هشام قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله تبارك وتعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم)؟ قال: تلك
ليلة القدر يكتب فيها وفد الحاج، وما يكون فيها من طاعة أو معصية أو حياة أو ممات،
ويحدث الله في الليل والنهار ما يشاء ثم يلقاه إلى صاحب الأرض قال ابن الحارث: فقلت: ومن صاحب الأرض؟ قال: صاحبكم.
21 - العباس بن معروف عن سعدان بن مسلم عن عبد الله بن سنان قال: سئلته عن
النصف من شعبان؟ فقال: ما عندي فيه شئ، ولكن إذا كانت ليلة تسع عشرة من شهر
رمضان قسم فيها الأرزاق وكتب فيها الآجال وخرج فيها صكاك الحاج (1) واطلع الله إلى
عباده فغفر الله لهم الا شارب الخمر مسكر، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين فيها يفرق كل أمر
حكيم، ثم ينهى ذلك ويمضى ذلك، قلت: إلى من؟ قال: إلى صاحبكم ولولا ذلك لم يعلم.
22 - في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها
أنه سمعها من الرضا عليه السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ، فان قيل: فلم جعل الصوم في
شهر رمضان دون ساير الشهور؟ قيل: لان شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل الله تعالى
فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وفيه نبئ محمد صلى الله عليه وآله، وفيه

(1) الصكاك جمع الصك: الكتاب. والصكاك بمعنى الأرزاق أيضا.
625

ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيها يفرق كل أمر حكيم، وفيه رأس السنة يقدر
فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل، ولذلك سميت
بليلة القدر.
23 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن
سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من نام في الليلة التي يفرق كل أمر حكيم لم يحج تلك السنة
وهي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، لان فيها يكتب وفد الحاج وفيها تكتب الأرزاق
والآجال وما يكون من السنة إلى السنة.
24 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام في
حديث طويل وفيه بعد ان ذكر عليه السلام الحجج قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم
رسول الله صلى الله عليه وآله ومن حل محله من أصفياء الله الذين قرنهم الله بنفسه ورسوله، وفرض
على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم ميثاقا لنفسه، وهم ولاة الامر الذين قال الله
فيهم: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقال فيهم: (ولو ردوه إلى
الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) قال السائل: ما ذاك الامر؟
قال عليه السلام: الذي تنزل به الملائكة في الليلة التي يفرق كل أمر حكيم من رزق و
أجل وعمل وحياة وموت وعلم غيب السماوات والأرض، والمعجزات التي لا تنبغي
الا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه وهم وجه الله الذي قال: (فأينما تولوا فثم وجه
الله) هم بقية الله يعنى المهدي عليه السلام الذي يأتي عند انقضاء هذه لنظرة فيملأ الأرض
قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ومن آياته الغيبة والاكتتام عند عموم الطغيان
وحلول الانتقام، ولو كان هذا الامر الذي عرفتك بيانه للنبي صلى الله عليه وآله دون غيره لكان
الخطاب يدل على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ولقال نزلت الملائكة وفرق كل أمر
حكيم، ولم يقل: (تنزل الملائكة ويفرق كل أمر حكيم).
25 - في جوامع الجامع فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين واختلف
في الدخان فقيل إنه دخان يأتي من السماء قبل قيام الساعة يدخل في اسماع الكفرة حتى
626

يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ (1) ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام، و
تكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص (2) يمد ذلك أربعين يوما وروى ذلك
عن علي وابن عباس والحسن.
26 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: (فارتقب) أي اصبر (يوم تأتى السماء
بدخان مبين) قال: ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر يغشى الناس كلهم الظلمة،
فيقولون: هذا عذاب اليم ربنا اكشف عنا العذاب انا موقنون فقال الله ردا عليهم:
انى لهم الذكرى في ذلك اليوم وقد جاءهم رسول مبين أي رسول قد بين لهم
ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون قال: قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول الله
صلى الله عليه وآله فأخذه الغشى، فقالوا هو مجنون ثم قال عز وجل: انا كاشفوا العذاب قليلا
انكم عائدون يعنى إلى يوم القيامة، ولو كان قوله عز وجل: (يوم تأتى السماء
بدخان مبين) في القيامة لم يقل: (انكم عائدون) لأنه ليس بعد الآخرة والقيامة حالة
يعودون إليها وقوله عز وجل: ومقام كريم أي حسن ونعمة كانوا فيها فاكهين
قال: النعمة في الأبدان، وقوله فاكهين أي فاكهين للنساء كذلك وأورثناها قوما
آخرين يعنى بني إسرائيل فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين
27 - قال حدثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد الله بن الفضل الهمداني عن
أبيه عن جده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: مر عليه رجل عدو لله ولرسوله
فقال: (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) ثم مر عليه الحسين بن علي
عليه السلام فقال: لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض، وما بكت السماء والأرض
الا على يحيى بن زكريا، وعلى الحسين بن علي عليهما السلام.
28 - قال: وحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل

(1) الحنيذ (كما في أكثر النسخ وكذا في المصدر ومجمع البيان والمنقول عنه في البحار)
المشوى من قولهم: حنذ اللحم إذا شواه وانضجه بين حجرين.
(2) الخصاص - بفتح الخاء -: الفرجة والخلة.
627

الحسين بن علي عليه السلام دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنه احقابا (1)
وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى يسيل على خديه لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله
عز وجل مبوء صدق في الجنة، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه
على خديه من مضاضة (2) ما أوذى فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة
من سخطه والنار.
29 - وحدثني أبي عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ذكرنا أو ذكرنا
عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.
30 - في مجمع البيان وروى زرارة بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: بكت
السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي عليهما السلام أربعين صباحا قلت: فما
بكاءها؟ قال: كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء.
31 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب - الباقر عليه السلام في قوله تعالى: (فما
بكت عليهم السماء والأرض) يعنى علي بن أبي طالب عليه السلام وذلك أن عليا عليه السلام خرج قبل
الفجر متوكئا على عنزة (3) والحسين خلفه يتلوه حتى أتى حلقة رسول الله صلى الله عليه وآله
[فرمى بالعنزة] (4) ثم قال: إن الله تعالى ذكر أقواما فقال: (فما بكت عليهم السماء
والأرض) والله ليقتلنه ولتبكين السماء عليه.
32 - وقال الصادق عليه السلام: بكت السماء على الحسين عليه السلام أربعين يوما بالدم.
33 - عن إسحاق الأحمر عن الحجة عليه السلام حديث طويل وفى أواخره وذبح يحيى
عليه السلام كما ذبح الحسين ولم تبك السماء والأرض الا عليهما.

(1) الأحقاب جمع حقب وهو ثمانون سنة من سنين الآخرة وقيل: الأحقاب ثلاثة و
أربعون حقبا كل حقب سبعون خريفا، كل خريف سبعمأة سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما كل
يوم الف سنة قاله الطريحي (ره) في مجمع البحرين.
(2) المضاضة: وجع المصيبة.
(3) العنزة - محركة -: شبيه العكازة أطول من العصا وأقصر من الرمح.
(4) ما بين العلامتين غير موجود في المصدر.
628

34 - في مجمع البيان وروى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما مؤمن الا وله
باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه، فإذا مات بكيا عليه.
35 - فيمن لا يحضره الفقيه بعد ان نقل حديثا عن الصادق عليه السلام قال (ع): إذا
مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله عز وجل فيها، والباب الذي
كان يصعد منه عمله وموضع سجوده.
قال عز من قائل: ولقد اخترناهم على علم على العالمين.
26 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت قال
الإمام الحسن بن علي عليهما السلام: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن الرضا عن
آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عز وجل اختارنا معاشر
آل محمد واختار النبيين واختار الملائكة المقربين، وما اختارهم الا على علم منه
بهم أنهم لا يواقعون ما يخرجون به عن ولايته، وينقطعون به عن عصمته، وينقمون به إلى
المستخفين بعذابه ونعمته.
37 - في مجمع البيان: أهم خير أم قوم تبع وروى سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: لا تسبوا تبعا، فإنه كان قد أسلم.
38 - وروى الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن تبعا قال للأوس والخزرج:
كونوا هيهنا حتى يخرج هذا النبي صلى الله عليه وآله أما أنا فلو أدركته لخدمته وخرجت معه.
39 - في أصول الكافي أحمد بن مهران رحمه الله عن عبد العظيم بن عبد الله
الحسنى عن علي بن أسباط عن إبراهيم بن عبد الحميد عن زيد الشحام قال: قال لي أبو
عبد الله عليه السلام ونحن في الطريق في ليلة الجمعة: اقرأ فإنها ليلة الجمعة قرآنا فقرأت:
ان يوم الفصل ميقاتهم أجمعين يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون
الا من رحم الله فقال أبو عبد الله عليه السلام: نحن والله الذي استثنى الله فكنا نغنى عنهم.
40 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن
سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد والله ما استثنى الله عز ذكره
بأحد من أوصياء الأنبياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين وشيعته فقال في كتابه وقوله
629

الحق (يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون الا من رحم الله) يعنى بذلك عليا
عليه السلام وشيعته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
41 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (يوم لا يغنى مولى عن مولى
شيئا) قال: من وإلى غير أولياء الله لا يغنى بعضهم عن بعض، ثم استثنى من والى آل محمد
فقال: (الا من رحم الله انه هو العزيز الرحيم) ثم قال: إن شجرة الزقوم طعام الأثيم
نزلت في أبى جهل بن هشام وقوله عز وجل: كالمهل قال: المهل الصفر المذاب
يغلى في البطون كغلى الحميم وهو الذي قد حمى وبلغ المنتهى.
42 - في مجمع البيان وروى أن أبا جهل اتى بتمر وزبد فجمع بينهما وأكل و
قال: هذا هو الزقوم الذي يخوفنا محمد به.
43 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي -
يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أشبع مؤمنا وجبت له
الجنة، ومن أشبع كافرا كان حقا على الله أن يملأ جوفه من الزقوم، مؤمنا كان أو كافرا.
44 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال: خذوه فاعتلوه أي فأضغطوه من كل
جانب ثم أنزلوا به إلى سواء الجحيم ثم يصب عليه ذلك الحميم ثم يقال له:
ذق انك أنت العزيز الكريم فلفظه خبر ومعناه حكاية عمن يقول له ذلك، وذلك
أن أبا جهل كان يقول أنا العزيز الكريم فيعير بذلك في النار.
45 - في جوامع الجامع روى أن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: ما بين
جبليها أعز ولا أكرم منى.
46 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال أيما عبد أقبل قبل ما يحب الله
عز وجل اقبل الله قبل ما يحب، ومن اعتصم بالله عصمه الله، ومن أقبل الله قبله وعصمه
لم يبال لو سقطت السماء على الأرض أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بلية،
كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية (1) أليس الله عز وجل يقول: إن المتقين

(1) قال المجلسي (ره) بعد ذكر الخبر في كتاب بحار الأنوار ما لفظه: بيان في القاموس
وإذا قبل قبلك بالضم اقصد قصدك وقبالته بالضم: تجاهه، والقبل - محركة -: المحجة
الواضحة، ولى قبله بكسر القاف أي عنده انتهى والمراد اقبال العبد نحو ما يحبه الله وكون ذلك
مقصوده دائما، واقبال الله نحو ما يحبه العبد توجيه أسباب ما يحبه العبد من مطلوبات الدنيا
والآخرة. والاعتصام بالله: الاعتماد والتوكل عليه.
(ومن اقبل الله الخ) هذه الجمل تحتمل وجهين (الأول) أن يكون (لم يبال) خبرا
للموصول وقوله: (لو سقطت) جملة أخرى استينافية، أو قوله (كان في حزب الله) جزاء الشرط
(الثاني) أن يكون (لم يبال) جزاء الشرط ومجموع الشرط والجزاء خبر الموصول، وقوله
(كان في حزب الله) استينافا.
(فشملتهم بلية) بالنصب على التمييز أو بالرفع ان شملتهم بلية بسبب النازلة أو يكون من قبيل
وضع الظاهر موضع المضمر. (بالتقوى) أي بسببه كما هو ظاهر الآية، فقوله: (من كل بلية) متعلق
بمحذوف أي محفوظا من كل بلية أو الباء للملابسة و (من كل) متعلق بالتقوى أي بقية من كل
بلية والأول أظهر.
630

في مقام امين.
قال عز من قائل: وزوجناهم بحور عين.
47 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل ابن زياد عن محمد بن سنان
عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: إذا دخل أهل الجنة
الجنة وأهل النار النار بعث رب العزة عليا عليه السلام، فأنزلهم منازلهم من الجنة
فزوجهم، فعلى والله الذي يزوج أهل الجنة في الجنة، وما ذاك إلى أحد غيره كرامة
من الله عز ذكره، وفضلا فضله الله ومن به عليه، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
48 - أحمد بن محمد عن علي بن الحسن التيمي عن محمد بن عبد الله عن زرارة
عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لرجل من الشيعة:
أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء، وكل مؤمن صديق، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
631

49 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي نصر عن الحسين بن خالد
وعلي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان الخزاز عن رجل عن الحسين بن خالد
قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن مهر السنة كيف صار خمسمأة؟ فقال: ان الله تبارك
وتعالى أوجب على نفسه ان لا يكبره مؤمن مأة تكبيرة، ويسبحه مأة تسبيحة، ويحمده
مأة تحميدة، ويهلله مأة تهليلة، ويصلى على محمد وآل محمد مأة مرة، ثم يقول:
اللهم زوجني من الحور العين، الا زوجه الله حورا، وجعل ذلك مهرها، ثم أوحى الله
إلى نبيه صلى الله عليه وآله أن سن مهور المؤمنات خمسمأة درهم ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، وأيما
مؤمن خطب إلى أخيه حرمته فقال خمسمأة درهم فلم يزوجه، فقد عقه واستحق من الله
عز وجل ألا يزوجه حورا.
50 - في صحيفة الرضا وباسناده قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الذي يسقط من
المائدة مهور الحور العين.
51 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة أوتوا سمع الخلايق
(1) النبي صلى الله عليه وآله، والحور العين، والجنة، والنار، فما من عبد يصلى على النبي
صلى الله عليه وآله أو يسلم عليه الا بلغه ذلك وسمعه، وما من أحد قال: اللهم زوجني من الحور
العين الا سمعته وقلن: يا رب ان فلانا خطبنا إليك فزوجنا منه، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
52 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: المؤمن يزوج ثمانمأة عذراء، وألف ثيب، وزوجتين من
الحور العين، قلت: جعلت فداك ثمانمأة عذراء؟ قال: نعم، ما يفترش منهن شيئا
الا وجدها كذلك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
53 - في مجمع البيان عن زيد بن أرقم قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال:
والذي نفسي بيده ان الرجل ليؤتى قوة مأة رجل في الأكل والشرب والجماع، و

(1) أي أوتوا سمعا يسمعون بها كلام الخلائق كلهم.
632

الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
54 - في روضة الكافي باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه
عليه السلام: ان خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش،
عليه منازل الأوصياء وشيعتهم، على حافتي ذاك النهر جواري نابتات، كلما قلعت
واحدة نبتت أخرى.
55 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل وفيه قال السائل: فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها زوجها عذراء؟ قال: خلقت من الطيب لا تعتريها عاهة، ولا يخالط جسمها آفة، ولا يجرى في ثقبها شئ،
ولا يدنسها حيض، فالرحم ملتزقة إذ ليس فيه لسوى الإحليل مجرى قال: فهي تلبس
سبعين حلة ويرى زوجها مخ ساقها من وراء حللها وبدنها؟ قال: نعم كما يرى أحدكم
الدرهم إذا ألقى في ماء صاف قدره قيد رمح (1)
56 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم وصف ما أعده للمتقين من شيعة أمير المؤمنين
صلوات الله عليه فقال: (ان المتقين في مقام أمين) إلى قوله تعالى: (الا الموتة
الأولى) يعنى في الجنة غير الموتة التي في الدنيا ووقاهم عذاب الجحيم إلى قوله تعالى:
فارتقب انهم مرتقبون أي انتظر انهم منتظرون.
57 - في أصول الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن
عبد الرحمن عن سفيان الحريري عن أبيه عن سعد الخفاف عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال
حاكيا عن القرآن: يأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف
فيقوم بين يديه فيقول: ما تعرفني؟ فينظر إليه الرجل فيقول: ما أعرفك يا عبد الله،
قال: فيرجع في صورته التي كانت في الخلق الأول، فيقول: ما تعرفني؟ فيقول:
نعم، فيقول القرآن: انا الذي أسهرت ليلك وأنصبت عيشك، وفى سمعت الأذى، و
رجمت بالقول في، الا وان كل تاجر قد استوفى تجارته وانا وراءك اليوم، قال:
فينطلق به إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقول: يا رب عبدك وأنت أعلم به قد كان نصبا

(1) القيد - بالفتح والكسر: القدر.
633

في (1) مواظبا على يعادى لسببي، ويحب في ويبغض، فيقول الله عز وجل: أدخلوا
عبدي جنتي واكسوه حلة من حلل الجنة، وتوجوه بتاج، فإذا فعل به ذلك عرض على
القرآن، فيقال له: هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول: يا رب انى أستقل هذا له فزده
مزيد الخير كله، فيقول عز وجل: وعزتي وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني. لأنحلن
له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان بمنزلته، ألا انهم شباب لا يهرمون، وأصحاء
لا يسقمون، وأغنياء لا يفتقرون، وفرحون لا يحزنون، وأحياء لا يموتون، ثم تلا
هذه الآية: (لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الأولى) والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
س

(1) نصب الرجل نصبا - بالكسر -: تعب
634

قد تم الجزء الرابع حسب تجزئتنا ويتلوه الجزء الخامس انشاء الله
تعالى وقد فرغت من تصحيحه والتعليق عليه في اليوم الرابع والعشرين
من شهر شعبان المعظم سنة 1384 من الهجرة النبوية والحمد لله أولا وآخرا
وظاهرا وباطنا
وانا العبد الفاني:
السيد هاشم الرسولي المحلاتي
635