الكتاب: تفسير نور الثقلين
المؤلف: الشيخ الحويزي
الجزء: ٢
الوفاة: ١١١٢
المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة
تحقيق: تصحيح وتعليق : السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الطبعة: الرابعة
سنة الطبع: ١٤١٢ - ١٣٧٠ ش
المطبعة: مؤسسة إسماعيليان
الناشر: مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع - قم
ردمك:
ملاحظات:

الكتاب: تفسير نور الثقلين
المؤلف: الشيخ عبد علي بن جمعه العروسي الحويزي
الناشر: مؤسسة اسماعيليان قم - تليفون 25212
الطبعة: الرابعة
عدد المطبوع: / 1200 دوره (1 - 5)
الطباعة والتجليد مؤسسة اسماعيليان
تاريخ النشر: 1412 هجري قمري - 1370 هجري شمسي
القطع: وزيري
كتاب
تفسير نور الثقلين
لمؤلفه
المحدث الجليل العلامة الخبير الشيخ عبد علي بن
جمعة العروسي الحويزي قدس سره
المتوفى سنة 1112
صححه وعلق عليه وأشرف على طبعه
الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي
بنفقة
خادم الشريعة الحاج أبي القاسم المشتهر بسالك
وفقه الله تعالى لمرضاته
مؤسسة اسماعيليان
للطباعة والنشر والتوزيع
1

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
الأعراف في كل شهر كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال:
فان قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة، اما أن يكون فيها محكما
فلا تدعوا قرائتها فإنها تشهد يوم القيامة لمن قرأها.
2 - في مصباح الكفعمي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: من قرأها جعل الله بينه وبين إبليس
سترا، وكان آدم عليه السلام شفيعا له يوم القيامة.
3 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: والمص معناه انا الله المقتدر الصادق.
4 - وباسناده إلى سليمان بن الخصيب قال: حدثني الثقة قال: حدثنا أبو جمعة
رحمة بن صدقة قال: أتى رجل من بني أمية - وكان زنديقا - جعفر بن محمد عليهما السلام
فقال له: قول الله " المص " أي شئ أراد بهذا؟ وأي شئ فيه من الحلال والحرام؟ وأي
شئ مما ينتفع به الناس؟ قال: فاغتاظ من ذلك جعفر بن محمد عليهما السلام فقال: أمسك
ويحك! الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، كم معك؟
فقال الرجل: مأة واحدى وستون، فقال له جعفر بن محمد عليه السلام: فإذا انقضت سنة إحدى
وستين ومأة ينقضي ملك أصحابك، قال: فنظر فلما انقضت إحدى وستون ومأة عاشورا
دخل المسودة (1) الكوفة وذهب ملكهم.
5 - في تفسير العياشي خيثمة الجعفري عن أبي لبيد المخزومي قال: قال أبو -
جعفر عليه السلام: يا أبا لبيد انه يملك من ولد العباس اثنا عشر، يقتل بعد الثامن منهم أربعة،

(1) المسودة - بكسر الواو - اي لابسي سواد، والمراد أصحاب الدعوة العباسية
لأنهم كانوا يلبسون ثيابا سوداء.
2

فتصيب أحدهم الذبحة (1) فتذبحه، هم فئة قصيرة أعمارهم. قليلة مدتهم، خبيثة
سيرتهم منهم الفويسق الملقب بالهادي والناطق والغاوي، يا أبا لبيد ان في حروف القرآن
المقطعة لعلما جما، ان الله تبارك وتعالى أنزل " ألم ذلك الكتاب " فقام محمد صلى الله عليه وآله
حتى ظهر نوره وثبتت كلمته، وولد يوم ولد، وقد مضى من الألف السابع مأة سنة
وثلاث سنين، ثم قال: وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير
تكرار، وليس من حروف مقطعة حرف ينقضي أيامه الا وقائم من بني هاشم عند انقضائه
ثم قال: الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون والصاد تسعون، فذلك
مأة واحدى وستون، ثم كان بدو خروج الحسين بن علي عليه السلام ألم الله، فلما بلغت مدته
قام قائم ولد العباس عند " المص " ويقوم قائمنا عند انقضائها بالر فافهم ذلك وعه واكتمه (2)
6 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن
رئاب عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن حيى بن أخطب وأبا ياسر بن
أخطب ونفرا من اليهود من أهل نجران أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا له: أليس تذكر
ان فيما انزل إليك " ألم "؟ قال: بلى، قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال:
نعم، قالوا: لقد بعث الله أنبياء قبلك ما نعلم نبيا منهم خبر ما مدة ملكه وما أكل أمته
غيرك! قال: فأقبل حيى بن أخطب على أصحابه فقال لهم: الألف واحد واللام
ثلاثون، والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنة فعجب ممن يدخل في دين
مدة ملكه واكل أمته إحدى وسبعون سنة، قال: ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له:
يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: هات، قال: " المص " قال: هذا أثقل
وأطول، الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذا مأة و

(1) الذبحة - كهمزة -: وجع في الحلق من الدم، وقيل: قرحة تظهر فيه فينسد
معها وينقطع النفس ويسمى بالخناق
(2) لهذين الحديثين شرح طويل ذكرناه في ذيل تفسير العياشي وكذا غير ذلك مما
يرتبط بالحروف المقطعة فراجع ج 2: 3 - 9.
3

إحدى وستون سنة، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: هل مع هذا غيره؟ قال: نعم قال: هات، قال:
" الر " قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحد، واللام ثلاثون، والراء مأتان، فهل
مع هذا غيره؟ قالوا: نعم: قال: هات، قال: " المر " قال: هذا أثقل وأطول،
الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والراء مأتان، قال: فهل مع هذا
غيره؟ قال: نعم، قال: قد التبس علينا أمرك فما ندري ما أعطيت، ثم قاموا عنه، ثم
قال أبو ياسر لحيى أخيه: وما يدريك لعل محمدا قد جمع هذا كله وأكثر منه، فقال
أبو جعفر عليه السلام: ان هذه الآيات أنزلت " منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر
متشابهات " وهي تجري في وجوه أخر على غير ما تأول به حيى وأبو ياسر وأصحابه.
7 - في مجمع البيان فلا يكن في صدرك حرج منه: وقد روى في الخبر ان الله
تعالى لما انزل القرآن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اني أخشى أن يكذبني الناس ويثلغوا
رأسي (1) ويتركوه كالخبزة، فأزال الله الخوف عنه بهذه الآية.
8 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام في خطبته: قال الله: اتبعوا ما انزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما
تذكرون ففي اتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم، وفي تركه الخطأ المبين.
9 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يذكر فيه أحوال القيامة وفيه: فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي
حملوها إلى أممهم، فأخبروا أنهم قد أدوا ذلك إلى أممهم وتسأل الأمم فيجحدون،
كما قال: فلنسئلن الذين ارسل إليهم ولنسئلن المرسلين فيقولون: " ما جائنا من بشير
ولا نذير " فتشهد الرسل رسول الله صلى الله عليه وآله فيشهد بصدق الرسل وبكذب من جحدها من
الأمم، فيقول لكل أمة منهم: " بلى قد جائتكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير "
اي مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم.
10 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " فلنسئلن الذين ارسل إليهم ولنسئلن
المرسلين " قال: الأنبياء عما حملوا من الرسالة، قوله: فنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين

(1) ثلغ رأسه: شدخه وكسره.
4

قال: لم نغب عن أفعالهم.
11 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل وفيه: قال السائل: أوليس توزن الأعمال؟ قال عليه السلام: لا لان الأعمال ليست
بأجسام وانما هي صفة ما عملوا، وانما يحتاج إلى وزن الشئ من جهل عدد الأشياء ولا
يعرف ثقلها وخفتها، وان الله لا يخفي عليه شئ، قال: فما معنى الميزان؟ قال:
العدل، قال: فما معناه في كتابه: فمن ثقلت موازينه؟ قال: فمن رجح عمله.
12 - في مجمع البيان والوزن يومئذ الحق ذكر فيه أقوال إلى قوله: وثانيها
ان الله ينصب ميزانا له لسان وكفتان يوم القيامة فتوزن به أعمال العباد الحسنات والسيئات
إلى قوله: واما حسن القول الثاني فلمراعاة الخبر الوارد فيه والجري على ظاهره، و
يجوز أن يكون كل ميزان صنفا من أصناف أعماله ويؤيد هذا ما جاء في الخبر: ان
الصلاة ميزان فمن وفى استوفى.
13 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: فإذا أردت أن
تعلم أصادق أنت أم كاذب فانظر في قصد معناك وغور دعواك وغيرهما (1) بقسطاس من الله
عز وجل كأنك في القيامة قال الله تعالى: " والوزن يومئذ الحق " فإذا اعتدل معناك
بدعواك ثبت لك الصدق.
14 - في كتاب الخصال عن محمد بن موسى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
الخير ثقل على أهل الدنيا على قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة، وان الشر خف على أهل
الدنيا على قدر خفته في موازينهم يوم القيامة.
15 - عن أبي مسلم راعي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سمعت رسول الله يقول: خمس
ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والولد الصالح
يتوفى لمسلم فيصبر ويحتسب.
16 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " والوزن يومئذ الحق " قال: المجازاة
بالاعمال ان خيرا فخير وان شرا فشر، وهو قوله: فمن ثقلت موازينه فأولئك هم

(1) من العيار
5

المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون
قال: بالأئمة يجحدون. قوله: ولقد خلقناكم ثم صورناكم اي خلقناكم في أصلاب
الرجال، وصورناكم في أرحام النساء، ثم قال: وصور ابن مريم في الرحم دون الصلب
وإن كان مخلوقا في أصلاب الأنبياء ورفع وعليه مدرعة من صوف. (1)
17 - حدثنا أحمد بن جعفر عن عبد الله المحمدي قال حدثنا كثير بن عياش عن
أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " ولقد خلقناكم ثم صورناكم " قال:
اما " خلقناكم " فنطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما، واما " صورناكم " فالعين والأنف
والأذنين والفم واليدين والرجلين، صور هذا ونحوه ثم جعل الدميم والوسيم (2) والجسيم
والطويل والقصير وأشباه هذا.
18 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن
جعفر بن محمد عليهما السلام حديث طويل يقول في آخره: ان الله تعالى ذكره
لا يحمل على المقاييس، ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك وأهلك، ان أول معصية
ظهرت، الأنانية من إبليس اللعين حين أمر الله تعالى ذكره ملائكته بالسجود لآدم
فسجدوا، وأبى اللعين ان يسجد فقال الله عز وجل: ما منعك الا تسجد إذ أمرتك
قال: انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فطرده الله عز وجل عن جواره ولعنه
وسماه رجيما، وأقسم بعزته لا يقيس أحد في دينه الا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل
درك من النار.
19 - وباسناده إلى عيسى بن عبد الله القرشي رفع الحديث قال: دخل أبو حنيفة
على أبي عبد الله عليه السلام فقال له: يا أبا حنيفة بلغني انك تقيس! قال نعم أنا أقيس،
قال: لا تقس فان أول من قاس إبليس حين قال: " خلقتني من نار وخلقته من طين "
فقاس ما بين النار والطين، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فصل ما بين النورين،
وصفا أحدهما على الاخر ولكن قس لي رأسك، أخبرني عن اذنيك ما لهما مرتان؟ قال: لا أدري

(1) المدرعة عند اليهود: ثوب من كتان كان يلبسه عظيم أحبارهم.
(2) الدميم: القبيح المنظر والوسيم خلافه.
6

قال: فأنت لا تحسن تقيس رأسك فكيف تقيس الحلال والحرام قال يا بن رسول الله اخبرني
ما هو؟ قال إن الله عز وجل جعل الاذنين مرتين لئلا يدخلهما شئ الا مات، ولولا ذلك لقتل
ابن آدم الهوام، وجعل الشفتين عذبتين ليجد ابن آدم طعم الحلو والمر وجعل العينين
مالحتين لأنهما شحمتان ولولا ملوحتهما لذابتا، وجعل الانف بادرا سائلا لئلا يدع في
الرأس داء الا أخرجه، ولولا ذلك لثقل الدماغ وتدود.
20 - وباسناده إلى ابن شبرمة قال: دخلت انا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد عليهما
السلام فقال لأبي حنيفة: اتق الله ولا تقس الدين برأيك، فان أول من قاس إبليس
أمره الله عز وجل بالسجود لآدم فقال: انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
21 - وباسناده إلى ابن أبي ليلى قال: دخلت انا والنعمان على جعفر بن محمد
عليهما السلام فرحب بنا وقال: يا بن أبي ليلى من هذا الرجل، فقلت: جعلت فداك
هذا رجل من أهل الكوفة له رأي ونظر ونقاد، قال: فلعله الذي يقيس الأشياء
برأيه؟ ثم قال: يا نعمان إياك والقياس فان أبي حدثني عن آبائه ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: من قاس شيئا في الدين برأيه قرنه الله مع إبليس في النار، فإنه أول من قاس حين
قال: " خلقتني من نار وخلقته من طين " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
22 - وباسناده إلى أبي زهير شبيب بن انس عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة إذا ورد عليك شئ ليس في كتاب الله ولم تأت
به الآثار والسنة كيف تصنع؟ قال: أصلحك الله أقيس واعمل فيه برأيي، قال:
يا أبا حنيفة ان أول من قاس إبليس الملعون قاس على ربنا تبارك وتعالى فقال: " انا خير
منه خلقتني من نار وخلقته من طين " فسكت أبو حنيفة والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
23 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي بن
يقطين عن الحسين بن صباح عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن إبليس قاس نفسه
بآدم فقال: " خلقتني من نار وخلقته من طين " فلو قاس الجوهر الذي خلق منه آدم
7

بالنار كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار.
24 - وباسناده إلى داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الملائكة كانوا
يحسبون ان إبليس منهم وكان في علم الله انه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه بالحمية
فقال: " خلقتني من نار وخلقته من طين ".
25 - في كتاب علل الشرايع أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري
عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القبضة التي قبضها الله من الطين الذي خلق منه آدم
ارسل إليها جبرئيل عليه السلام أن يقبضها، فقالت الأرض: أعوذ بالله ان تأخذ مني
شيئا فرجع إلى ربه فقال: يا رب تعوذت بك مني، فأرسل إليها إسرافيل فقالت له
مثل ذلك، فأرسل إليها ميكائيل فقالت له مثل ذلك، فأرسل إليها عزرائيل فتعوذت
بالله منه ان يسبى (1) منها شيئا، فقال ملك الموت: وانا أعوذ بالله ان أرجع إليه حتى
اقبض منك، قال: وانما سمى آدم آدم لأنه خلق من أديم الأرض (2)
26 - وباسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سئل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
آدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ فقال: بل من الطين كله، ولو خلق من
طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة، قال: فلهم
في الدنيا مثل؟ قال: التراب فيه أبيض وفيه اخضر وفيه أشقر وفيه أغبر وفيه احمر
وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب، فلذلك صار الناس فيهم
لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم أصفر وأحمر وأصهب وأسود على ألوان
التراب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر (باب نوادر العلل) " يأخذ منها شيئا " وعن بعض
نسخه " يستثنى " بدل " يأخذ "
(2) " في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال عبد الله بن سلام: يا محمد أخبرني عن
آدم من أي الأرض خلق؟ قال: خلق رأسه ووجهه من موضع الكعبة، وخلق بدنه من بيت
المقدس " منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ)
8

27 - في أصول الكافي علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن
زيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق آدم عليه السلام بعث جبرئيل عليه السلام في
أول ساعة من يوم الجمعة فقبض بيمينه قبضة بلغت قبضته من السماء السابعة
إلى السماء الدنيا وأخذ من كل سماء تربة، وقبض قبضة أخرى من الأرض السابعة
العليا إلى الأرض السابعة القصوى فأمر الله عز وجل كلمته فأمسك القبضة الأولى
بيمينه والقبضة الأخرى بشماله، ففلق الطين فلقتين فذرا من الأرض ذروا (1) و
من السماوات ذروا، فقال للذي بيمينه: منك الرسل والأنبياء والأوصياء والصديقون
والمؤمنون والسعداء ومن أريد كرامته، فوجب لهم ما قال كما قال، وقال للذي بشماله:
منك الجبارون والمشركون والكافرون والطواغيت ومن أريد هوانه وشقوته، فوجب
لهم ما قال كما قال، ثم إن الطينتين خلطتا جميعا، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
28 - في تفسير علي بن إبراهيم حديث طويل عن العالم عليه السلام وفيه ثم
قال الله تبارك وتعالى: للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا له فأخرج إبليس ما كان في
قلبه من الحسد فأبى أن يسجد، فقال الله عز وجل: " ما منعك ان لا تسجد إذ أمرتك فقال
أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " قال الصادق عليه السلام: فأول من قاس إبليس
واستكبر والاستكبار هو أول معصية عصى الله بها، قال: فقال إبليس: يا رب اعفني من السجود لآدم
وانا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرب ولا نبي مرسل، فقال الله تبارك وتعالى:
لا حاجة لي إلى عبادتك انما أريد ان أعبد من حيث أريد لا من حيث تريد فأبى ان يسجد فقال
الله تبارك وتعالى: " اخرج منها فإنك رجيم وان عليك لعنتي إلى يوم الدين " فقال إبليس:
يا رب فكيف وأنت العدل الذي لا تجور فثواب عملي بطل؟ قال: لا ولكن سلني من أمر الدنيا
ما شئت ثوابا لعملك أعطيك، فأول ما سأل البقاء إلى يوم الدين، فقال الله: قد
أعطيتك، فقال: سلطني على أولاد آدم، قال: سلطتك، قال: أجرني فيهم مجرى الدم في العروق

(1) الفلق: الشق والفصل. والذرو: الا ذهاب والتفريق.
9

قال: قد أجريتك، قال: لا يولد لهم واحد الا ولد لي اثنان، وأراهم ولا يروني وأتصور لهم في
كل صورة شئت، فقال: قد أعطيتك، قال: يا رب زدني، قال: قد جعلت لك ولذريتك
صدورهم أوطانا، قال: رب حسبي فقال إبليس عند ذلك فبعزتك لأغوينهم أجمعين
الا عبادك منهم المخلصين ثم لاتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم
وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين.
29 - قال: وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لما اعطى الله تعالى إبليس ما أعطاه من القوة قال آدم عليه السلام: يا رب سلطت
إبليس على ولدي وأجريته فيهم مجرى الدم في العروق، وأعطيته ما أعطيته فمالي و
لولدي؟ فقال: لك ولولدك السيئة بواحدة، والحسنة بعشر أمثالها، قال رب زدني،
قال: التوبة مبسوطة إلى أن تبلغ النفس الحلقوم، فقال: يا رب زدني، قال: أغفر ولا
أبالي، قال: حسبي، قال: قلت له: جعلت فداك بماذا استوجب إبليس من الله ان
أعطاه ما أعطاه؟ فقال: بشئ كان منه شكره الله عليه، قلت: وما كان منه جعلت
فداك؟ قال ركعتين ركعهما في السماء في أربعة آلاف سنة.
30 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: الصراط الذي قال إبليس: لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين
أيديهم الآية وهو علي عليه السلام.
31 - في روضة الكافي ابن محبوب عن حنان وعلي بن رئاب عن زرارة قال: قلت
له قوله عز وجل: " لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم
وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " قال: فقال أبو جعفر عليه السلام يا
زرارة انما عمد لك ولأصحابك فاما الآخرون فقد فرغ منهم.
32 - في نهج البلاغة من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه وقد بلغه ان معاوية قد
كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه: وقد عرفت ان معاوية كتب إليك يستنزل لبك و
يستفل غربك فاحذره فإنما هو الشيطان يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه و
10

عن شماله، ليقتحم غفلته ويستلب غرته. (1)
33 - في مجمع البيان " ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم
وعن شمائلهم " قيل فيه أقوال إلى قوله: " وثالثها " ما روى عن أبي جعفر عليه السلام قال: " ثم
لاتينهم من بين أيديهم " معناه أهون عليهم أمر الآخرة، " ومن خلفهم " آمرهم بجمع
الأموال والبخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم، " وعن أيمانهم " أفسد عليهم أمر دينهم
بتزيين الضلالة وتحسين الشبهة " وعن شمائلهم " بتحبيب اللذات إليهم وتغليب الشهوات
على قلوبهم.
34 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس للرضا عليه السلام عند المأمون في عصمة
الأنبياء عليهم السلام، حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثني
أبي عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس
المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا بن رسول الله أليس من قولك: ان الأنبياء
معصومون؟ قال: بلى، قال: فما معنى قول الله عز وجل " وعصى آدم ربه فغوى " قال
عليه السلام: ان الله تعالى قال لآدم عليه السلام: أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث
شئتما ولا تقربا هذه الشجرة وأشار لهما إلى شجرة الحنطة فتكونا من الظالمين ولم
يقل ولا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسهما فلم تقربا تلك الشجرة وانما
اكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة
وانما نهاكما ان تقربا غيرها ولم ينهكما عن الاكل منها الا ان تكونا ملكين أو تكونا من
الخالدين وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين ولم يكن آدم وحوا شاهدا قبل ذلك
من يحلف بالله كاذبا فدلاهما بغرور فأكلا منها ثقة بيمينه بالله وكان ذلك من آدم
قبل النبوة، ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار، وانما كان من الصغاير
الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا
كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة، قال الله تعالى: " وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه

(1) قوله ليستزل لبك اه اللب: العقل والفل الكسر والغرب: الحد وقوله: ليقتحم
غفلته اي ليلج ويهجم عليه وهو غافل. والغرة: الغرور.
11

ربه فتاب عليه وهدى " وقال عز وجل: " ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل
عمران على العالمين ".
35 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل بن
عمر عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه قال عليه السلام: فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته
الجنة قال لهما " كلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة " يعني شجرة الحنطة " فتكونا
من الظالمين " فنظر إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام
بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقالا: ربنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل
جلاله: ارفعا رؤسكما إلى ساق العرش، فرفعا رؤسهما فوجدا أسماء محمد وعلي و
فاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله
الجبار جل جلاله فقالا: يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك وما أحبهم إليك وما
أشرفهم لديك، فقال الله جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما هؤلاء خزنة علمي وأمنائي على
سري، إياكما ان تنظرا إليهم بعين الحسد وتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي،
فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين، قالا: ربنا ومن الظالمون؟
قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق، قالا: ربنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى
نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك، فأمر الله تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من
ألوان النكال والعذاب، وقال عز وجل: مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في
أسفل درك منها كلما أرادوا أو يخرجوا منها أعيدوا فيها، وكلما نضجت جلودهم
بدلناهم جلودا غيرها ليذيقوا العذاب، يا آدم ويا حواء لا تنظرا إلى أنواري وحججي
بعين الحسد فأهبطكما عن جواري، وأحل بكما هواني فوسوس لهما الشيطان
ليبدي لهما ما وورى عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة
الا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين
فدلاهما بغرور وحملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى
اكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما اكلا شعيرا، فأصل الحنطة كلها مما لم
يأكلاه، وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه، فلما أكلا من الشجرة
12

طار الحلي والحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين وطفقا يخصفان عليهما من ورق
الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما ان الشيطان
لكما عدو مبين فقالا ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من
الخاسرين قال اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين
إلى أنفسهما في طلب المعاش.
36 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي رفعه قال: سئل الصادق عليه السلام
عن جنة آدم أمن جنان الدنيا كانت أم من جنان الآخرة؟ فقال: كانت من
جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر، ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها
ابدا، قال: فلما أسكنه الله الجنة اتى جهالة إلى الشجرة لأنه خلق خلقة لا تبقى الا بالأمر والنهي
والغذاء واللباس والاكنان (1) والتناكح ولا يدرك ما ينفعه مما يضره الا بالتوفيق
فجاء إبليس فقال له: إنكما ان أكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما
ملكين وبقيتما في الجنة ابدا وان لم تأكلا منها أخرجكما الله من الجنة وحلف لهما
انه لهما ناصح كما قال الله تعالى حكاية عنه: " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا
أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين " فقبل آدم
عليه السلام قوله، فأكلا من الشجرة وكان كما حكى الله " بدت لهما سوآتهما " وسقط
عنهما ما ألبسهما الله من لباس الجنة، واقبلا يستتران بورق الجنة " وناداهما ربهما ألم
أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين " فقالا كما حكى الله
عز وجل عنهما: " ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "
فقال الله لهما اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين
قال: إلى يوم القيمة.
37 - وروى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما اخرج الله آدم من الجنة نزل عليه
جبرئيل عليه السلام فقال: يا آدم أليس الله خلقك بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك
ملائكته وزوجك أمته حواء وأسكنك الجنة وأباحها لك ونهاك مشافهة أن

(1) الأكنان جمع الكن: البيت.
13

لا تأكل من هذه الشجرة فأكلت منها وعصيت الله؟ فقال آدم عليه السلام: يا جبرئيل ان
إبليس حلف لي بالله انه لي ناصح فما ظننت ان أحدا من خلق الله يحلف بالله كاذبا.
38 - في تفسير العياشي عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما قال
سئلته كيف أخذ الله آدم بالنسيان؟ فقال: انه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكره
ويقول له إبليس: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا أن تكونا ملكين أو تكونا
من الخالدين ".
39 - عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله ان موسى
سأل ربه أن يجمع بينه وبين آدم عليه السلام حيث عرج إلى السماء في أمر الصلاة ففعل
فقال له موسى عليه السلام: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد
لك ملائكته وأباح لك جنته وأسكنك جواره وكلمك قبلا ثم نهاك عن شجرة واحدة
فلم تصبر عنها حتى أهبطت إلى الأرض بسببها فلم تستطع ان تضبط نفسك عنها
حتى أغراك إبليس فأطعته، فأنت الذي أخرجتنا من الجنة بمعصيتك؟
فقال له آدم: ارفق بابيك يا بني محنة ما لقى عن أمر هذه الشجرة، يا بني ان
عدوي أتاني من وجه المكر والخديعة، فحلف لي بالله انه في مشورته علي لمن الناصحين
وذلك أنه قال منتصحا: اني لشأنك يا آدم لمغموم! قلت: وكيف؟ قال: قد كنت آنست
بك وبقربك مني وأنت تخرج مما أنت فيه إلى ما ستكرهه، فقلت: وما الحيلة؟ فقال: ان
الحيلة هوذا معك، أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فكلا منها أنت وزوجك فتصيرا
معي في الجنة أبدا من الخالدين، وحلف بالله كاذبا انه لمن الناصحين، ولم أظن يا
موسى ان أحدا يحلف بالله كاذبا، فوثقت بيمينه، فهذا عذري فأخبرني يا بني هل تجد
فيما أنزل الله إليك ان خطيئتي كائنة من قبل أن أخلق؟ قال له موسى: بدهر طويل،
قال رسول الله صلى الله عليه وآله فحج آدم موسى عليهما السلام، قال ذلك ثلثا.
40 - عن عبد الله بن سنان قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام وانا حاضر: كم
لبث آدم وزوجه في الجنة حتى أخرجتهما منها خطيئتهما؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى
نفخ في آدم روحه بعد زوال الشمس من يوم الجمعة ثم برأ زوجته من أسفل أضلاعه، ثم
14

اسجد له ملائكته وأسكنه جنته من يومه ذلك، فوالله ما استقر فيها الا ست ساعات من
يومه ذلك حتى عصى الله، فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس وما باتا فيها، وصيرا
بفناء الجنة حتى أصبحا، " فبدت لهما سوآتهما وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما
الشجرة " فاستحيى آدم من ربه وخضع وقال: " ربنا ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا
فاغفر لنا " قال الله لهما: اهبطا من سماواتي إلى الأرض فإنه لا يجاورني في جنتي عاص
ولا في سماواتي، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ان آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة ذكر
ما نهاه الله عنها فندم، فذهب ليتنحى من الشجرة فأخذت الشجرة برأسه فجرته إليها،
وقالت له: أفلا كان فراقي (1) من قبل أن تأكل مني.
41 - عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله " فبدت لهما سوآتهما "
قال: كانت سوآتهما لا تبدو لهما فبدت يعني كانت من داخل.
42 - عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله وأبي جعفر
عليهما السلام عن قوله: " يا بني آدم " قالا: هي عامة.
43 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري
سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير قال: لباس التقوى الثياب الأبيض.
44 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم
لباسا يواري سوآتكم وريشا " فاما اللباس فالثياب التي تلبسون، واما الرياش فالمتاع
والمال، واما لباس التقوى فالعفاف، ان العفيف لا تبدو له عورة وإن كان عاريا من الثياب،
والفاجر باد العورة وإن كان كاسيا من الثياب، يقول الله: ولباس التقوى ذلك خير
يقول: والعفاف خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون.
45 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمائة باب:
ألبسوا ثياب القطن فإنها لباس رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن يلبس الشعر والصوف الا من
علة، وقال: ان الله تعالى جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده
46 - عن أم الدرداء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أصبح معافى في جسده آمنا

(1) وفي المصدر " فرارك " بدل " فراقي "
15

في سربه (1) عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا، يا بن آدم يكفيك من الدنيا ما سد
جوعتك ووارى عورتك فان يكن لك بيت يكنك (2) فذاك وان يكن لك دابة
تركبها فبخ بخ، والخير وما الخير أو ما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب.
47 - عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي باسناده يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يكره السواد الا في ثلاثة: العمامة والخف والكساء.
48 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جده عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس لا أدعهن حتى الممات: الاكل على
الحضيض (3) مع العبيد وركوب الحمار مردفا، وحلب المعز (العنز خ ل) بيدي، ولبس
الصوف، والتسليم على الصبيان ليكون سنة من بعدي.
49 - في الكافي أحمد بن محمد بن سعيد عن جعفر بن عبد الله العلوي وأحمد بن
محمد الكوفي عن علي بن العباس عن إسماعيل بن إسحاق جميعا عن أبي روح فرج بن
قرة عن مسعدة بن صدقه قال: حدثني ابن أبي ليلى عن أبي عبد الرحمان السلمي قال.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: اما بعد فان الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة
أوليائه وسوغهم كرامة منه لهم، ونعمة ذخرها، والجهاد لباس التقوى ودرع الله
الحصينة وجنته الوثيقة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
في نهج البلاغة نحوه من غير حذف مغير للمعنى المقصود هنا.
قال عز من قائل انه يريكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم.
50 - في تفسير علي بن إبراهيم عن العالم عليه السلام حديث طويل وفيه ذكر طلب
إبليس من الله واجابته: ومن جملة الطلب قال عليه السلام: قال: ولا يولد لهم واحد الا ولد لي
اثنان، واراهم ولا يروني، وأتصور لهم في كل صورة شئت، فقال: قد أعطيتك.

(1) أي في حرمه وعياله. قال دعبل: " وآل رسول الله تسبى حريمهم * وآل زياد
آمنوا السربات ".
(2) كنه الشئ: ستره وغطاه وصانه من الشمس وغيره.
(3) الحضيض: القرار من الأرض.
16

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد كتبنا في هذه الصورة قريبا مطالبته وما
استحق به الإجابة إليها.
51 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن
سعيد عن أبي وهب عن محمد بن منصور قال: سئلته عن قول الله عز وجل: وإذا فعلوا
فاحشة قالوا وجدنا عليه آبائنا والله أمرنا بها قل ان الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون
على الله ما لا تعلمون قال: فقال: هل رأيت أحدا زعم أن الله أمر بالزنا وشرب
الخمر وشئ من هذه المحارم؟ فقلت: لا. قال: ما هذه الفاحشة التي يدعون ان الله
أمرهم بها؟ قلت: الله أعلم ووليه، فقال: فان هذا في أئمة الجور ادعوا ان الله أمرهم
بالايتمام بقوم لم يأمرهم الله بالايتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم، فأخبر انهم قد قالوا
عليه الكذب وسمى ذلك منهم فاحشة.
52 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن
حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زعم أن الله يأمر بالفحشاء
فقد كذب على الله، ومن زعم أن الخير والشر إليه فقد كذب على الله.
53 - في كتاب التوحيد أبي (ره) قال: حدثني علي بن إبراهيم عن محمد
بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمان عن جعفر بن قرط عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من زعم أن الله تبارك وتعالى يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
54 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليه
آبائنا والله أمرنا بها " قال: الذين عبدوا الأصنام فرد الله عليهم فقال قل لهم: " ان الله لا
يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون ".
55 - في تفسير العياشي عن الحسين بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله:
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد قال: يعني الأئمة.
56 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن الطاطري عن أبي حمزة عن ابن مسكان
17

عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئلته عن قول الله عز وجل: " وأقيموا وجوهكم
عند كل مسجد " قال: هذه القبلة.
57 - أيضا محمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن الحسن بن علي بن فضال عن
أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وأقيموا وجوهكم
عند كل مسجد " قال مساجد محدثة فأمروا ان يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام.
58 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
قوله: كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة قال: خلقهم حين خلقهم
مؤمنا وكافرا وسعيدا وشقيا، وكذلك يعودون يوم القيمة مهتد وضال
انهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون انهم مهتدون وهم
القدرية الذين يقولون: لا قدر، ويزعمون انهم قادرون على الهدى والضلال، وذلك
إليهم ان شاؤوا اهتدوا وان شاؤوا ضلوا وهم مجوس هذه الأمة وكذب أعداء الله، المشية
والقدرة لله كما بدأهم يعودون من خلقه الله شقيا يوم خلقه كذلك يعود إليه ومن خلقه سعيدا
يوم خلقه كذلك يعود إليه سعيدا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الشقي شقى
في بطن أمه، والسعيد سعيد في بطن أمه.
59 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي إسحاق الليثي عن الباقر
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام في آخره " كما بدأكم تعودون فريقا
هدى وفريقا حق عليهم الضلالة انهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله " يعني أئمة
دون أئمة الحق " ويحسبون انهم مهتدون ".
60 - في مجمع البيان " كما بدأكم تعودون " ويروى عن النبي صلى الله عليه وآله
يحشرون يوم القيمة عراة حفاة غرلا (1) " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا
فاعلين ".
61 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد
قال: في العيدين والجمعة يغتسل ويلبس ثيابا بياضا وروى أيضا المشط عند كل صلاة.

(1) الغرل جمع الاغرل وهو الأقلف.
18

62 - في من لا يحضره الفقيه وسئل أبو الحسن الرضا عليه السلام عن
قول الله عز وجل: " خذوا زينتكم عند كل مسجد " قال: من ذلك التمشط عند كل صلاة.
63 - في مجمع البيان " خذوا زينتكم عند كل مسجد " اي خذوا ثيابكم التي
تتزينون بها للصلاة في الجمعات والأعياد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
64 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: " خذوا
زينتكم عند كل مسجد " قال تمشطوا فان التمشط يجلب الرزق ويحسن الشعر وينجز
الحاجة ويزيد في ماء الصلب ويقطع البلغم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يسرح
تحت لحيته أربعين مرة ومن فوقها سبع مرات، ويقول إنه يزيد في الذهن ويقطع البلغم (1)
65 - في تفسير العياشي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا
عليه السلام في قول الله: " خذوا زينتكم عند كل مسجد " قال: وهي الثياب.
66 - عن الحسين بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
" خذوا زينتكم عند كل مسجد " قال: يعني الأئمة.
67 - عن خثيمة بن أبي خثيمة قال: كان الحسن بن علي عليهما السلام إذا قام إلى
الصلاة يلبس أجود ثيابه، فقيل له: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله تلبس أجود ثيابك؟ فقال:
ان الله جميل يحب الجمال، فأتجمل لربي وهو يقول: " خذوا زينتكم عند كل مسجد "
فأحب ان ألبس أجود ثيابي.
68 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئلته " خذوا زينتكم عند كل
مسجد " قال: هو المشط عند كل صلاة فريضة ونافلة
69 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه
عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام انه

(1) " في تهذيب الأحكام باسناده إلى محمد بن أحمد بن يحيى عن رجل عن الزبير بن
عقبة عن فضالة بن موسى النهدي عن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى:
خذوا زينتكم عند كل مسجد، قال: الغسل عند لقاء كل امام " منه عفى عنه ". (عن هامش بعض
النسخ).
19

قال: وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة
امره لم يطع الله ولا رسوله، وهو الاقرار بما أنزل من عند الله عز وجل: " خذوا زينتكم
عند كل مسجد " والتمسوا البيوت التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنه
أخبركم انهم " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة
يخافون يوما تنقلب فيه القلوب والابصار " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
70 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد
عن فضالة بن أيوب بن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل. " خذوا
زينتكم عند كل مسجد " قال: في العيدين والجمعة.
قال عز من قائل: كلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين.
71 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ليس شئ أبغض على الله من بطن ملئان.
72 - وباسناده قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام اتى أبو جحيفة النبي صلى الله عليه وآله وهو
يتجشأ فقال: اكفف جشاك، فان أكثر الناس في الدنيا شبعا أكثرهم جوعا يوم
القيمة قال: فما ملاء أبو جحيفة بطنه من طعام حتى لحق بالله تعالى.
73 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أبعد ما يكون العبد من
الله ذا كان همه فرجه وبطنه.
74 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لمؤمن يأكل في معاء
واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء.
75 - في كتاب علل الشرايع - باسناده إلى عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي -
طالب ان النبي صلى الله عليه وآله قال: مر أخي عيسى عليه السلام بمدينة وفيها رجل وامرأة يتصايحان
فقال: ما شأنكما؟ فقال: يا نبي الله هذه امرأتي وليس بها بأس صالحة ولكني أحب
فراقها، قال: فأخبرني على كل حال ما شأنها؟ قال: هي خلقة الوجه من غير الكبر
قال لها: يا امرأة أتحبين ان يعود ماء وجهك طريا؟ قالت: نعم، قال لها: إذا اكلت
فإياك ان تشبعي لان الطعام إذا تكاثر على الصدر فزاد في القدر ذهب ماء الوجه ففعلت
20

ذلك فعاد وجهها طريا.
76 - في الكافي سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن العباس بن هلال الشامي
مولى أبي الحسن عليه السلام عنه قال قلت له: جعلت فداك ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب
(1) ويلبس الخشن ويتخشع فقال: اما علمت أن يوسف نبي ابن نبي عليهما السلام كان
يلبس أقبية الديباج مزورة بالذهب، ويجلس مجالس آل فرعون يحكم فلم يحتج
الناس إلى لباسه وانما احتاجوا إلى قسطه، وانما يحتاج من الامام إلى أن إذا قال (2)
صدق: وإذا وعد انجز، وإذا حكم عدل، ان الله لم يحرم طعاما ولا شرابا
من حلال، وانما حرم الحرام قل أو كثر، وقد قال الله عز وجل: " من حرم زينة الله التي
اخرج لعباده والطيبات من الرزق ".
77 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان
عن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بعث أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله بن
عباس إلى ابن الكوا وأصحابه وعليه قميص رقيق وحلة، فلما نظروا إليه قالوا: يا ابن
عباس أنت خيرنا في أنفسنا وأنت تلبس هذا اللباس؟ فقال: وهذا أول ما أخاصمكم فيه.
" قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق " وقال عز وجل: " خذوا
زينتكم عند كل مسجد ".
78 - علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن علي رفعه قال:
مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله عليه السلام وعليه ثياب كثيرة
القيمة حسان، فقال: والله لأتينه ولأوبخنه، فدنا منه فقال: يا بن رسول الله ما لبس
رسول الله صلى الله عليه وآله مثل هذا اللباس ولا علي عليه السلام ولا أحد من آبائك
فقال له أبو عبد الله: كان رسول الله في زمان قتر مقتر (3) وكان يأخذ لقتره وقتاره (4)

(1) الجشب من الطعام: الغليظ الخشن، وقيل. ما لا أدم فيه.
(2) وفي المصدر: " في أن إذا قال ".
(3) القتر: الضيق في المعيشة.
(4) وفي المصدر " واقتداره " بدل " وقتاره ".
21

وان الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها (1) فأحق أهلها بها ابرارها، ثم تلا: " قل
من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق " فنحن أحق من اخذ منها ما
أعطاه الله، غير اني يا ثوري ما ترى علي من ثوب انما لبسته للناس، ثم اجتذب يد سفيان
فجرها ثم رفع الثوب الاعلى واخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا، فقال: هذا لبسته
لنفسي غليظا وما رأيته للناس، ثم اجتذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن، وداخل
الثوب لين، فقال: لبست هذا الاعلى للناس، ولبست هذا لنفسك تسرها.
79 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن
القداح قال: كان أبو عبد الله عليه السلام متكيا علي - أو قال على أبي - فلقيه عباد بن كثير وعليه
ثياب مروية (1) حسان، فقال: يا أبا عبد الله! انك من أهل بيت نبوة وكان أبوك
وكان؟ فما هذه الثياب المزينة عليك فلو لبست دون هذه الثياب؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام:
ويلك يا عباد من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق؟ وان الله
عز وجل إذا أنعم على عبده نعمة أحب ان يراها عليه ليس به بأس، ويلك يا عباد انما انا بضعة
من رسول الله صلى الله عليه وآله فلا تؤذني، وكان عباد يلبس ثوبين قطنين.
80 - في تفسير العياشي عن الحكم بن عيينة قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام و
عليه ازار أحمر، قال فأحددت النظر إليه (3) فقال: يا أبا محمد ان هذا ليست به بأس
ثم تلا: " قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق ".
81 - عن الوشاء عن الرضا عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام
يلبس الجبة والمطرف (4) من الخز والقلنسوة ويبيع المطرف ويتصدق بثمنه و

(1) العزالي جمع العزلاء: فم المزادة وأرخت اي أرسلت يقال أرخت السماء
عزاليها وهذا كناية عن شدة وقع لمطر وكأن المراد في الحديث فتحت أبوابها من كل جانب.
(2) اي المنسوب إلى مرو.
(3) أحد إليه النظر - بتشديد الدال -: بالغ في النظر إليه.
(4) المطرف: بضم الميم وفتحها - رداء من خز مربع ذو اعلام، قال الفراء:
أصله الضم لأنه مأخوذ من أطرف اي جعل في طرفيه العلمان
22

يقول: " قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق "
82 - عن يوسف بن إبراهيم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعلي جبة خز و
طليسان خز (1) فنظر إلي، فقلت: جعلت فداك علي جبة خز وطيلسان خز ما
تقول فيه؟ قال: ولا بأس بالخز، قلت: وسداه إبريسم (2) فقال: لا بأس به فقد أصيب
الحسين بن علي عليه السلام وعليه جبة خز.
83 - عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن عليه السلام قال: كان علي بن الحسين يلبس
الثوب بخمسمائة دينار والمطرف بخمسين دينارا يشتو فيه (3) فإذا ذهب الشتاء باعه
وتصدق بثمنه.
84 - وفي خبر عمر بن علي عن أبيه عن الحسين عليه السلام (4) انه كان يشتري
الكساء الخز بخمسين دينارا، فإذا صاف تصدق به لا يرى بذلك بأسا ويقول: " قل
من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق ".
85 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: واعلموا يا عباد الله ان المتقين جازوا عاجل الخير و
آجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم
الله في الدنيا ما كفاهم به وأغناهم، قال الله عز وجل: " قل من حرم زينة الله التي
أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هو للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم
القيمة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون " سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها
بأفضل ما أكلت، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون

(1) الطيلسان - بالفتح وتثليث اللام -: كساء مدور اخضر لا أسفل له يلبسه الخواص
من العلماء والمشايخ وهو من لباس العجم.
(2) السدى من الثوب: ما مد من خيوطه ويقال له بالفارسية " تار " وهو بخلاف اللحمة
" پود ".
(3) شتا يشتو بالبلد: أقام به شتاءا.
(4) وفي المصدر " عمر بن علي عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام) اه ".
23

وشربوا من طيبات ما يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون وسكنوا من أفضل ما
يسكنون، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل ما يركبون، و
أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا وهم غدا جيران الله، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون
لا ترد لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيب من اللذة، فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من
كان له عقل.
86 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن عبد الله
بن أحمد عن علي بن النعمان عن صالح بن حمزة عن أبان بن مصعب عن يونس بن
ظبيان أو المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما لكم من هذه الأرض؟
فتبسم ثم قال: إن الله تبارك تعالى بعث جبرئيل عليه السلام وأمره ان يخرق بابهامه ثمانية أنهار
في الأرض، منها سيحان وجيحان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش (1) و
مهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات فما سقت أو استقت فهو لنا، وما كان
لنا فهو لشيعتنا، وليس لعدونا منه شئ الا ما غصب عليه، وان ولينا لفي أوسع فيما
بين ذه إلى ذه يعني من السماء إلى الأرض، ثم تلا هذه الآية: " قل هي للذين آمنوا في الحياة
الدنيا " المغصوبين عليها " خالصة لهم يوم القيمة " بلا غصب.
87 - علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن
محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن زياد
حين لبس العبا وترك الملا وشكاه اخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام انه قد
غم أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام علي بعاصم بن زياد فجئ به
فلما رآه عبس في وجهه فقال له: اما استحييت من أهلك أما رحمت ولدك أترى الله
أحل لك الطيبات وهو يكره اخذك منها؟ أنت أهون على الله من ذلك، أوليس الله
يقول: " والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام " أوليس يقول:
" مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان " إلى قوله: " يخرج منهما اللؤلؤ
والمرجان " فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، وقد قال

(1) بلد بما وراء النهر.
24

عز وجل: " واما بنعمة ربك فحدث " فقال عاصم: يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت
في مطعمك على الجشوبة (1) وفى ملبسك على الخشونة؟ فقال: ويحك ان الله
عز وجل فرض على أئمة العدل ان يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ (2) بالفقير
فقره فألقى عاصم بن زياد العبا ولبس الملاء.
88 - في نهج البلاغة ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا وأنت إليها في الآخرة
كنت أحوج وبلى ان شئت بلغت بها الآخرة تقرى فيها الضيف وتصل فيها الرحم وتطلع منها
الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة، فقال له العلاء يا أمير المؤمنين أشكو إليك
أخي عاصم بن زياد قال: وما له؟ قال: قد لبس العباء وتخلى من الدنيا قال علي به فلما
جاء قال: يا عدي نفسه لقد استهام بك الخبيث (3) اما رحمت أهلك وولدك أترى الله أحل لك
الطيبات وهو يكره ان تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك، قال: يا أمير المؤمنين
هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك؟ قال: ويحك اني لست كانت ان الله
عز وجل فرض على أئمة العدل ان يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره.
89 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
عن أبي وهب عن محمد بن منصور قال: سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:
قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن قال: فقال: ان القرآن له ظهر
وبطن، فجميع ما حرم القرآن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله تعالى في
الكتاب هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الحق.
90 - في تفسير علي بن إبراهيم " قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها ما وبطن ".
قال: من ذلك أئمة الجور.
91 - في الكافي أبو علي الأشعري عن بعض أصحابنا وعلي بن إبراهيم عن أبيه
جميعا عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن علي بن يقطين قال: سأل المهدي

(1) مر معناه في ذيل حديث 76.
(2) التبيغ: الهيجان والغلبة.
(3) عدي تصغير عدو، واستهام بك الخبيث اي جعلك هائما ضالا والباء زائدة.
25

أبا الحسن عليه السلام عن الخمر هل محرمة في كتاب الله عز وجل؟ فان الناس انما
يعرفون النهي عنها ولا يعرفون التحريم لها، فقال له أبو الحسن عليه السلام: بل هي محرمة
في كتاب الله جل اسمه يا أمير المؤمنين، فقال له: في اي موضع محرمة في كتاب الله
جل اسمه يا أبا الحسن؟ فقال قول الله عز وجل: " قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر
منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق " فاما قوله " ما ظهر منها " يعني الزنا المعلن
ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية واما قوله عز وجل:
" وما بطن " يعني ما نكح من الاباء لان الناس كانوا قبل ان يبعث النبي صلى الله عليه وآله إذا كان للرجل
زوجة ومات تزوجها ابنه بعده إذا لم تكن أمة فحرم الله عز وجل ذلك واما الاثم فإنها
الخمر بعينها (1) وقد قال الله عز وجل في موضع آخر: " يسئلونك عن الخمر والميسر
قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس " فاما الاثم في كتاب الله فهي الخمر والميسر و
اثمهما كبير كما قال الله تعالى، فقال المهدي: يا علي بن يقطين هذه والله فتوى هاشمية
قال: فقلت له: صدقت والله يا أمير المؤمنين الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم
أهل البيت، قال: فوالله ما صبر المهدي ان قال لي: صدقت يا رافضي.
92 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد
بن الحنفية رضي الله عنه: يا بني لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كلما تعلم.
93 - في نهج البلاغة وقال عليه السلام: علامة الايمان ان تؤثر الصدق حيث يضرك
على الكذب حيث ينفعك، والا يكون في حديثك فضل عن علمك، وان تتقي الله
في حديث غيرك.
94 - في عيون الأخبار باسناده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماوات والأرض.
95 - في كتاب الخصال عن مفضل بن يزيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أنهاك عن
خصلتين فيما هلك الرجال، ان تدين الله بالباطل وتفتي الناس بما لا تعلم.
96 - عن عبد الرحمان بن الحجاج قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إياك وخصلتين

(1) وقال الشاعر: " شربت الاثم حتى ضل عقلي * كذاك الاثم يفعل بالعقول "
26

فيهما هلك من هلك إياك ان تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم.
97 - في كتاب التوحيد باسناده إلى جعفر بن سماعة عن غير واحد عن زرارة قال
سئلت أبا جعفر عليه السلام ما حجة الله على العباد؟ قال: إن يقولوا ما يعلمون. ويقفوا
عندما لا يعلمون.
98 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم " إلى قوله
" تعلمون " قال تعد السنين ثم تعد الشهور ثم تعد الأيام ثم تعد الساعات ثم تعد الأنفاس.
فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
99 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " ثم
قضى اجلا وأجل مسمى عنده " قال: الاجل الذي غير مسمى موقوف يقدم منه ما شاء
ويؤخر منه ما شاء، واما الاجل المسمى فهو الذي ينزل مما يريد أن يكون من ليلة القدر
إلى مثلها من قابل، فذلك قول الله: إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون
100 - عن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئلته عن قول
الله: " ثم قضى اجلا وأجل مسمى عنده " قال: المسمى ما يسمى لملك الموت في تلك
الليلة، وهو الذي قال الله: " إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون "
هو الذي يسمى لملك الموت في ليلة القدر، والاخر فيه المشية ان شاء قدمه وان شاء
أخره.
101 - في كتاب التوحيد حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال. حدثنا أحمد بن
يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال حدثنا علي بن زياد
قال: حدثنا مروان بن معاوية عن الأعمش عن أبن حيان التميمي عن أبيه وكان مع
علي عليه السلام يوم صفين وفيما بعد ذلك قال: بينما علي بن أبي طالب عليهما السلام
يفنى الكتائب يوم صفين ومعاوية مستقبلة على فرس له يتأكل تحته تاكلا وعلي عليه السلام
على فرس رسول الله صلى الله عليه وآله المرتجز، وبيده حربة رسول الله وهو
متقلد سيفه ذا الفقار، فقال رجل من أصحابه: احترس يا أمير المؤمنين فانا نخشى
27

أن يغتالك هذا الملعون، فقال علي عليه السلام: لئن قلت ذلك أنه غير مأمون علي دينه،
وانه لاشقى القاسطين وألعن الخارجين على الأئمة المهتدين، ولكن كفى بالأجل
حارسا ليس أحد من الناس الا ومعه ملائكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو
أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء فإذا حان اجله خلوا بينه وبين ما يصيبه وكذلك إذا حان أجلي
انبعث أشقاها فخضب هذه من هذا وأشار بيده إلى لحيته ورأسه - عهدا معهودا ووعدا غير
مكذوب.
102 - وباسناده إلى الأصبغ بن نباته قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام عدل من عند حائط
مايل إلى حايط آخر، فقيل له: يا أمير المؤمنين تفر من قضاء الله، قال: أفر من قضاء الله
إلى قدر الله عز وجل.
103 - وباسناده إلى عمرو بن جميع عن جعفر بن محمد قال: حدثني أبي عن
أبيه عن جده عليهم السلام قال: دخل الحسين بن علي عليهما السلام علي معاوية فقال له: ما
حمل أباك على أن قتل أهل البصرة ثم دار عشيا في طرقهم في ثوبين؟ فقال عليه السلام:
حمله على ذلك علمه ان ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال:
صدقت.
104 - قال: وقيل لأمير المؤمنين عليه السلام لما أراد قتال الخوارج لو احترزت
يا أمير المؤمنين! فقال عليه السلام:
اي يومي من الموت أفر * يوم ما قدر أو يوم قدر
يوم لم يقدر لا أخشى الردى * وإذا قدر لم يغن الحذر (1)

(1) " وفي كتاب المناقب لابن شهرآشوب: وكان مكتوبا على درع علي (عليه السلام):
اي يومي من الموت أفر * يوم لا يقدر أم يوم قدر
يوم لا أقدر لا اخشى الوغى * يوم قد قدر لا يغنى الحذر
وكان مكتوبا على علم أمير المؤمنين (عليه السلام):
الحرب ان باشرتها * فلا يكن منك الفشل
واصبر على أهوالها * لا موت الا بالأجل. منه عفى عنه "
(عن هامش بعض النسخ)
28

105 - وباسناده إلى عبد الرحمان بن جندب عن أبيه وغيره عن الحسن بن علي
عليهما السلام كلام طويل وفيه أن عليا عليه السلام في المحيى والممات والمبعث، عاش بقدر
ومات بأجل.
106 - وباسناده إلى يحيى بن كثير قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السلام:
الا نحرسك؟ قال: حرس كل امرء أجله.
107 - وباسناده إلى سعيد بن وهب قال: كنا مع سعيد بن قيس بصفين ليلا و
الصفان ينظر كل واحد منهما إلى صاحبه حتى جاء أمير المؤمنين عليه السلام فنزلنا
على قناة (1) فقال له سعيد بن قيس: أفي هذه الساعة يا أمير المؤمنين؟ أما خفت
شيئا؟ قال: وأي شئ أخاف؟ انه ليس من أحد الا ومعه ملكان موكلان به ان يقع في
بئر أو تضربه دابة أو يتردى من جبل حتى يأتي القدر، فإذا أتى القدر خلوا بينه وبينه.
108 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق
عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفر
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وما أضلنا الا المجرمون يعنون
المشركون الذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتبعوهم على شركهم وهم قوم محمد صلى الله
عليه وآله ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد وتصديق ذلك قول الله عز وجل: " كذبت
قبلهم قوم نوح " " كذب أصحاب الأيكة " كذب قوم لوط " ليس هم اليهود الذين قالوا
عزير ابن الله ولا النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله، سيدخل الله اليهود والنصارى النار
ويدخل قوم بأعمالهم وقولهم: وما أضلنا الا المجرمون، إذ دعونا إلى سبيلهم
ذلك قول الله عز وجل فيهم حين جمعهم إلى النار: قالت أوليهم لأخراهم ربنا هؤلاء أضلونا
فآتهم عذابا ضعفا من النار وقوله: " كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا
فيها جميعا " برئ بعضهم من بعض ولعن بعضهم بعضا يريد بعضهم ان يحج بعضا، رجاء الفلج
فيفلتوا (2) من عظيم ما نزل بهم، وليس بأوان بلوى ولا اختبار، ولا قبول معذرة ولا

(1) القناة: البئر.
(2) الفلج: الفوز والظفر. والافلات: التخلص من الشئ.
29

حين نجاة.
109 - في مجمع البيان: " قالت أولاهم لأخراهم ربنا هؤلاء أضلونا " قال
الصادق عليه السلام: يعني أئمة الجور.
110 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال أيضا: " وقالت أوليهم لأخراهم فما كان
لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون " قال شماتة بهم.
111 - في تفسير العياشي عن منصور بن يونس عن رجل عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله: " ان الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء
ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " نزلت في طلحة وزبير والجمل
جملهم.
112 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: " ان الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا
عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " فإنه حدثني
أبي عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن ضريس عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت هذه الآية
في طلحة والزبير وجملهم، قوله: ونزعنا ما في صدورهم من غل قال: العداوة تنزع
منهم اي من المؤمنين في الجنة.
113 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: تفتح أبواب السماء
في خمس مواقيت: عند نزول الغيث، وعند الزحف، وعند الاذان، وعند قراءة القرآن
مع زوال الشمس، وعند طلوع الفجر.
114 - وعن علي عليه السلام وقد سأله بعض اليهود عن مسائل: اما أقفال السماوات
فالشرك بالله، ومفاتيحها قول لا إله إلا الله.
115 - في مجمع البيان روى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: اما
المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم إلى السماء، فنفتح لهم أبوابها، واما الكافر
فيصعد بعمله وروحه حتى إذا بلغ إلى السماء نادى مناد: اهبطوا به إلى سجين وهو
واد بحضرموت يقال له برهوت.
116 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ونزعنا ما في صدورهم من غل "
30

قال: العداوة تنزع منهم اي من المؤمنين في الجنة.
117 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن أحمد
بن محمد عن ابن هلال عن أبيه عن أبي السفاتج عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل: الحمد لله الذي هدينا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدينا الله
فقال: إذا كان يوم القيمة دعى بالنبي صلى الله عليه وآله وبأمير المؤمنين وبالأئمة من ولده
عليهم السلام فينصبون للناس فإذا رأتهم شيعتهم قالوا: الحمد لله الذي هدينا لهذا وما كنا
لنهتدي لولا أن هدينا الله، يعني هدينا الله في ولاية أمير المؤمنين والأئمة من ولده
عليهم السلام.
118 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل فيه
خطبة الغدير وفيها: معاشر الناس سلموا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين وقولوا:
" الحمد لله الذي هدينا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدينا الله ".
119 - في مجمع البيان وعن عاصم بن حمزة عن علي عليه السلام انه ذكر أهل الجنة
فقال: يحيون ويدخلون فإذا أساس بيوتهم من حندل اللؤللؤ (1) وسرر مرفوعة
وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ولولا أن الله تعالى قدرها لهم
لالتمعت أبصارهم لما يرون، ويعانقون الأزواج، ويقعدون على السرر. ويقولون:
الحمد لله الذي هدينا لهذا.
120 - في الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن الدهقان عن
درست عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قال إذا ركب
الدابة: بسم الله لا حول ولا قوة الا بالله " الحمد لله الذي هدينا لهذا وما كنا لنهتدي "
الآية " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " حفظت له دابته ونفسه.
121 - في مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ما من أحد الا وله
منزل في الجنة ومنزل في النار، فاما الكافر فيرث المؤمن منزله من النار، والمؤمن
يرث الكافر منزله من الجنة، فذلك قوله: أورثتموها بما كنتم تعملون.

(1) الجندل: الحجارة.
31

122 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن أحمد
عمر الحلال قال: سئلت أبا الحسن عليه السلام عن قوله: فاذن مؤذن بينهم ان
لعنة الله على الظالمين قال: المؤذن أمير المؤمنين عليه السلام.
123 - في مجمع البيان " فاذن مؤذن بينهم " الآية روى الحاكم أبو القاسم
الحسكاني باسناده عن محمد بن الحنفية عن علي عليه السلام أنه قال: انا ذلك المؤذن.
124 - في كتاب معاني الأخبار خطبة لعلي عليه السلام يذكر فيها نعم الله عز وجل
عليه وفيها يقول عليه السلام: الا واني مخصوص في القرآن بأسماء، احذروا أن تغلبوا عليها
فتضلوا في دينكم، وانا المؤذن في الدنيا والآخرة قال الله عز وجل: " فاذن مؤذن
بينهم ان لعنة الله على الظالمين " انا ذلك المؤذن وقال: " واذان من الله ورسوله " وانا
ذلك الاذان.
125 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ان قد وجدنا
ما عدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فاذن مؤذن بينهم ان لعنة الله
على الظالمين حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: المؤذن
أمير المؤمنين صلوات الله عليه يؤذن اذانا يسمع الخلائق.
126 - وفيه وقال الصادق عليه السلام: كل أمة يحاسبها امام زمانها ويعرف الأئمة
أوليائهم وأعدائهم بسيماهم وهو قوله: وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم
فيعطوا أوليائهم كتابهم بيمينهم فيمروا إلى الجنة بلا حساب، ويعطوا أعدائهم كتابهم
بشمالهم فيمروا إلى النار بلا حساب.
127 - في كتاب معاني الأخبار خطبة لعلي عليه السلام يذكر فيها نعم الله عز وجل عليه
وفيها يقول عليه السلام: ونحن أصحاب الأعراف انا وعمي وأخي وابن عمي والله فالق الحب و
النوى لا يلج النار لنا محب ولا يدخل الجنة لنا مبغض، لقول الله عز وجل: " وعلى الأعراف
رجال يعرفون كلا بسيماهم ".
128 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور
عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الهيثم بن واقد عن صفوان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
32

يقول: جاء ابن الكوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين " وعلى الأعراف
رجال يعرفون كلا بسيماهم " فقال " نحن على الأعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم
ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله عز وجل الا بسبيل معرفتنا ونحن الأعراف يعرفنا لله
عز وجل يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنة الا من عرفنا وعرفناه ولا يدخل النار
الا من أنكرنا وأنكرناه.
129 - في كشف المحجة لابن طاوس (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل فيه: فالأوصياء قوام عليكم بين الجنة والنار، لا يدخل الجنة الا من عرفهم وعرفوه
ولا يدخل النار الا من أنكرهم وأنكروه، لأنهم عرفاء العباد عرفهم الله إياهم عند اخذ المواثيق
عليهم بالطاعة لهم، فوصفهم في كتابه فقال عز وجل: " وعلى الأعراف رجال يعرفون
كلا بسيماهم " وهم الشهداء على الناس والنبيون شهدائهم بأخذهم لهم مواثيق العباد
بالطاعة.
130 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن
أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: انا يعسوب المؤمنين، وانا أول السابقين وخليفة رسول
رب العالمين، وانا قسيم الجنة والنار وأنا صاحب الأعراف.
131 - عن هشام (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئلته عن قول الله عز وجل: " و
على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم " ما يعني بقوله: وعلى الأعراف رجال؟ قال:
ألستم تعرفون عليكم عرفا على قبايلكم لتعرفون من فيها من صالح أو طالح؟ قلت: بلى
قال: فنحن أولئك الرجال الذين يعرفون كلا بسيماهم.
132 - عن زاذان عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام
أكثر من عشر مرات: يا علي انك والأوصياء من بعدك أعراف بين الجنة والنار، ولا
يدخل الجنة الا من عرفكم وعرفتموه ولا يدخل النار الا من أنكركم وأنكرتموه.
133 - عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام في هذه الآية: " وعلى الأعراف
رجال يعرفون كلا بسيماهم " قال: يا سعد هم آل محمد عليهم السلام، لا يدخل الجنة

(1) كذا في النسخ وفي المصدر " علقام " بدل " هشام ".
33

الا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار الا من أنكرهم وأنكروه.
134 - عن الثمالي قال: سئل أبو جعفر عليه السلام " وعلى الأعراف رجال يعرفون
كلا بسيماهم " فقال أبو جعفر: نحن الأعراف الذين لا يعرف الله الا بسبب معرفتنا
ونحن الأعراف الذين لا يدخل الجنة الا من عرفنا وعرفناه ولا يدخل النار الا من أنكرنا
وأنكرناه، وذلك بان الله لو شاء ان يعرف الناس نفسه لعرفهم ولكن جعلنا سببه وسبيله
وبابه الذي يؤتى.
135 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: ولأهل التواضع سيماء يعرفه
أهل السماء من الملائكة، وأهل الأرض من العارفين، قال الله تعالى: " وعلى الأعراف
رجال يعرفون كلا بسيماهم ".
136 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
أيوب عن بريد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الأعراف كثبان (1) بين الجنة والنار، والرجال
الأئمة صلوات الله عليهم يقفون على الأعراف مع شيعتهم وقد سبق المؤمنون إلى الجنة،
فيقول الأئمة لشيعتهم من أصحاب الذنوب: انظروا إلى اخوانكم في الجنة قد سبقوا
إليها بلا حساب، وهو قول الله تبارك وتعالى: سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون
ثم يقال لهم: أنظروا إلى أعدائكم في النار وهو قوله: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء
أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ونادى أصحاب الأعراف
رجالا يعرفونهم بسيماهم في النار فقالوا ما اغنى عنكم جمعكم في الدنيا وما
كنتم تستكبرون ثم يقولون لمن في النار من أعدائهم: أهؤلاء شيعتي وإخواني الذين
كنتم أنتم تحلفون في الدنيا لا ينالهم الله برحمة ثم يقول الأئمة لشيعتهم: ادخلوا
الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.
137 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن
سليم مولى طربال قال حدثني هشام عن حمزة بن الطيار قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام:
الناس على ستة قسام قال: قلت: تأذن ان اكتبها؟ قال: نعم، قلت: ما اكتب؟

(1) الكثبان جمع الكثيب: التل من الرمل.
34

قال: اكتب أصحاب الأعراف، قال: قلت: وما أصحاب الأعراف؟ قال: قوم استوت
حسناتهم وسيئاتهم فان أدخلهم النار فبذنوبهم، وان أدخلهم الجنة فبرحمته والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
138 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن زرارة
قال: دخلت أنا وحمران أو انا وبكير على أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: انا نمد
المطمار قال: وما المطمار؟ قلت: التر (1) فمن وافقنا من علوي أو غيره توليناه، ومن
خالفنا من علوي أو غيره تبرينا منه، فقال لي: يا زرارة قول الله أصدق من قولك أين
الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، أين أصحاب الأعراف، أين المؤلفة قلوبهم؟
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
139 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن حماد
عن حمزة بن الطيار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الناس على ست فرق يؤلون (2)
كلهم إلى ثلث فرق: الايمان والكفر والضلال وهم أهل الوعيد، الذين وعدهم الله
الجنة والنار المؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون لأمر الله اما يعذبهم واما
يتوب عليهم والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وأهل الأعراف.
140 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام قال: اقبل علي فقال لي: ما تقول في أصحاب الأعراف؟ فقلت: ما هم الا مؤمنين
أو كافرين ان دخلوا الجنة فهم مؤمنون، وان دخلوا النار فهم كافرون، فقال: والله ما هم
بمؤمنين ولا كافرين ولو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون، ولو كانوا
كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون، ولكنهم قد استوت حسناتهم سيئاتهم، فقصرت

(1) المطمار: خيط للبناء يقدر به وكذا التر - بضم التاء - قال الفيض (ره) يعني
انا نضع ميزانا لتولينا الناس وبرائتنا منهم وهو ما نحن عليه من التشيع، فمن استقام معنا عليه
فهو ممن توليناه ومن مال عنه وعدل فنحن منه براء كائنا من كان.
(2) اي يرجعون.
35

بهم الأعمال. وانهم لكما قال الله عز وجل فقلت: أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار؟ فقال:
اتركهم حيث تركهم الله قلت: أفترجئهم؟ قال: نعم ارجئهم كما أرجأهم الله، ان شاء
ادخلهم الجنة برحمته، وان شاء ساقهم إلى النار بذنوبهم ولم يظلمهم، فقلت: هل يدخل
الجنة كافر؟ قال: لا قلت: فهل يدخل النار الا كافر؟ قال: فقال: لا الا ان يشاء الله، يا
زرارة انني أقول ما شاء الله وأنت لا تقول ما شاء الله، اما انك ان كبرت رجعت وتحللت
عنك عقدك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
141 - في تفسير العياشي عن كرام (1) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: إذا كان يوم القيمة اقبل سبع قباب من نور يواقيت خضر وأبيض
في كل قبة امام دهره قد أحف به أهل دهره برها وفاجرها حتى يقفون بباب
الجنة فيطلع أولها صاحب قبة اطلاعة فيميز أهل ولايته من عدوه، ثم يقبل على عدوه
فيقول: أنتم الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم اليوم
[يقوله] لأصحابه فتسود وجوه الظالمين فيمر أصحابه إلى الجنة وهم يقولون: " ربنا
لا تجعلنا مع القوم الظالمين " فإذا نظر أهل القبة الثانية إلى قلة من يدخل الجنة و
كثرة من يدخل النار خافوا ان لا يدخلوها وذلك قوله: " لم يدخلوها وهم يطمعون "
142 - في مجمع البيان وروى أن في قراءة عبد الله بن مسعود وسالم " وإذا قلبت
أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا عائذا بك ان لا تجعلنا مع القوم الظالمين " وروى
ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
143 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمة الله عليه " عن عبد الرحمان بن
عبد الله الزهري قال: حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكيا على يد
سالم مولاه ومحمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم جالس في المسجد، فقال له
سالم: يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين فقال هشام: المفتون به أهل العراق
؟ قال نعم، قال: اذهب إليه فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: ما الذي يأكل
الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيمة؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: يحشر الناس

(1) كرام لقب عبد الكريم بن عمرو الخثعمي.
36

على مثل قرصة النقي (1) فيها انهار منفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغ الناس
من الحساب، قال: فرأى هشام انه قد ظفر به فقال: الله أكبر اذهب إليه فقل له: ما
اشغلهم عن الأكل والشرب يومئذ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: هم في النار اشغل ولم يشتغلوا
عن أن قالوا: أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله فسكت هشام لا يرجع كلاما
144 - في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أحدهما عليهما السلام قال: إن
أهل النار يموتون عطاشا، ويدخلون قبورهم عطاشا، ويدخلون جهنم عطاشا، فترفع
لهم قراباتهم من الجنة فيقولون: " أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ".
145 - عن الزهري عن أبي عبد الله عليه السلام " يوم التناد " يوم ينادي أهل النار أهل الجنة
ان أفيضوا علينا من الماء.
146 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي
عن أبي الربيع قال سئل نافع مولى عمر بن الخطاب أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام
فقال: يا أبا جعفر اخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: " يوم تبدل الأرض غير
الأرض والسماوات " اي ارض تبدل؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: بخبزة بيضاء يأكلون
منها حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فقال نافع: انهم عن الاكل لمشغولون؟
فقال أبو جعفر عليه السلام: هم حينئذ اشغل أم هم في النار؟ فقال نافع؟ بل هم في النار، قال: فقد
قال الله: " ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة ان أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله "
ما شغلهم إذ دعوا الطعام فاطعموا الزقوم، ودعوا الشراب فسقوا الحميم، قال: صدقت
يا بن رسول الله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
147 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام حديث طويل، وفيه: وانما
يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم كما قال الله تعالى: " ولا تكونوا
كالذين نسوا الله فأنسيهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون " وقال عز وجل: فاليوم
ننسيهم كما نسوا لقاء يومهم هذا اي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا.
148 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام:

(1) قال ابن الأثير: يعني الخبز الحواري. والحواري: الدقيق الأبيض.
37

وقد سأله رجل، عما اشتبه عليه من آيات الكتاب، وكذلك تفسير قوله عز وجل: " اليوم
ننسيهم كما نسوا لقاء يومكم هذا " يعني بالنسيان انه لم يثبهم كما يثيب أولياءه
الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به وبرسله وخافوه بالغيب وقد
يقول العرب في باب النسيان: قد نسينا فلان فلا يذكرنا، اي انه لا يأمر لهم بخير ولا
يذكرهم به.
149 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله
فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها، قال: ذلك في قيام القائم عليه السلام ويوم القيمة
يقول الذين نسوه من قبل اي تركوه قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء
فيشفعوا لنا قال: هذا يوم القيمة أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم
وضل عنهم ما كانوا يفترون قوله إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض
في ستة أيام قال: في ستة أوقات.
150 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمة الله عليه " حديث طويل وفيه
واما قوله: " انما أعظكم بواحدة " فان الله جل ذكره انزل عزائم الشرائع و
آيات الفرائض في أوقات مختلفه، كما خلق السماوات والأرض في
ستة أيام، ولو شاء الله ان يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق، ولكنه جعل الأناة و
المداراة مثالا لأمنائه وايجابا للحجة على خلقه، وستسمع تتمة هذا الكلام عند قوله تعالى:
" قل انما أعظكم بواحدة " إن شاء الله تعالى.
151 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله خلق الشهور اثنى عشر
شهرا وهي ثلاثمائة وستون يوما فحجز منها ستة أيام خلق فيها السماوات والأرض فمن
ثم تقاصرت الشهور.
152 - عن بكر بن علي بن عبد العزيز عن أبيه قال: سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن السنة
كم هي يوما؟ قال: ثلاثمائة وستون يوما منها ستة أيام خلقها الله فيها السماوات والأرض
فطرحت من أصل السنة فصار السنة ثلاثمأة وأربعة وخمسين يوما.
153 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن
38

محمد بن بكر عن ابن الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال
من بات بأرض قفر فقرء هذه الآية: " ان ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة
أيام ثم استوى على العرش " إلى قوله: " تبارك الله رب العالمين " حرسته الملائكة و
تباعدت عنه الشياطين، قال: فمضى الرجل فإذا هو بقرية خراب فبات فيها ولم يقرء
هذه الآية فتغشاه الشياطين، فإذا هو آخذ بخطمه (1) فقال له صاحبه: أنظره و
استيقظ الرجل فقرء الآية فقال الشيطان لصاحبه: ارغم الله انفك أحرسه الآن حتى
يصبح، فلما أصبح رجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره وقال له: رأيت في كلامك
الشفاء والصدق، ومضى بعد طلوع الشمس فإذا هو بأثر شعر الشيطان مجتمعا في
الأرض، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
154 - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام. يا علي من يخاف
ساحرا أو شيطانا فليقرء: " ان ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض " الآية.
155 - في روضة الواعظين للمفيد " ره " وروى أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فسألته عن خلق السماوات والأرض؟ فقال: خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين، و
خلق الجبال وما فيهم يوم الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء المداين والعمران و
الخراب، وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر
والملائكة، قالت اليهود، ثم ماذا يا محمد؟ قال: ثم استوى على العرش.
156 - وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق الله الجنة يوم الخميس وسماه مؤنسا
157 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه قوله: الرحمن على العرش استوى يعني استوى تدبيره وعلا امره.
158 - وعن الحسن بن راشد قال: سئل أبو الحسن موسى عليه السلام عن قول الله:
" الرحمن على العرش استوى " فقال: استولى على ما دق وجل.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: ستسمع لهذه الآية مزيد بيان في هود عند
قوله تعالى: " وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام " وفي طه عند قوله:

(1) الخطم من كل دابة: مقدم أنفه وفمه.
39

تعالى: " الرحمان على العرش استوى ".
159 - في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى علي بن الحسين عليهما السلام
حديث طويل وفي آخره قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام: الأرض مسيرة خمس مأة
سنة، الخراب منها مسيرة أربعمائة عام، والعمران منها مسيرة مأة عام، والشمس ستون
فرسخا في ستين فرسخا، والقمر أربعون فرسخا في أربعين فرسخا، بطونهما يضيئان
لأهل السماء، وظهورهما لأهل الأرض، والكواكب كأعظم جبل على الأرض، وخلق
الشمس قبل القمر.
160 - وقال سلام بن المستنير قلت لأبي جعفر عليه السلام: لم صارت الشمس أحر من القمر؟
قال: إن الله تعالى خلق الشمس من نور النار وصفو الماء طبقا من هذا وطبقا من هذا حتى إذا
صارت سبعة اطباق ألبسها لباسا من نار، فمن هنالك صارت أحر من القمر، قلت:
فالقمر؟ قال: إن الله خلق القمر من ضوء نور النار وصفو الماء طبقا من هذا وطبقا
من هذا حتى إذا صارت سبعة أطباق ألبسها لباسا من ماء، فمن هنالك صار القمر أبرد
من الشمس.
161 - في الخرايج والجرايح قال أبو همام: سئل محمد بن صالح أبا محمد عليه السلام
عن قوله تعالى " لله الامر من قبل ومن بعد " فقال: له الامر من قبل ان يأمر به، وله
الامر من بعد ان يأمر به مما يشاء، فقلت في نفسي: هذا قول الله: الا له الخلق والامر
تبارك الله رب العالمين فأقبل علي وقال: هو كما أسررت في نفسك: " الا له الخلق
والأمر تبارك الله رب العالمين " (1)
162 - في مجمع البيان: ادعوا ربكم تضرعا وخيفة وروى أن النبي صلى الله عليه وآله كان في
غزاة، فأشرف على واد فجعل الناس يهللون ويكبرون ويرفعون أصواتهم، فقال
أيها الناس اربعوا على أنفسكم (2) اما انكم لا تدعون أصم ولا غايبا، انكم تدعون

(1) وزاد في المصدر بعد الآية قوله: " قلت أشهد انك حجة الله وابن حجته في عباده
وخلقه "
(2) أربع على نفسك اي توقف.
40

سميعا قريبا انه معكم.
163 - في أصول الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ودعاء
التضرع ان تحرك إصبعك السبابة مما يلي وجهك وهو دعاء الخيفة، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
164 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: واستعن بالله في جميع أمورك
متضرعا إليه آناء الليل والنهار، قال الله تعالى: " ادعوا ربكم تضرعا وخيفة انه
لا يحب المعتدين " والاعتداء من صفة قراء زماننا هذا وعلامتهم.
165 - في روضة الكافي باسناده إلى ميسر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت:
قول الله عز وجل: ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها قال: فقال: يا ميسر ان الأرض
كانت فاسدة فأصلحها الله عز وجل بنبيه صلى الله عليه وآله فقال: " ولا تفسدوا في الأرض
بعد اصلاحها ".
166 - في تفسير علي بن إبراهيم " ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها " قال:
اصلاحها برسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين عليه السلام،
قوله: والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه وهو مثل الأئمة عليهم السلام يخرج علمهم بإذن ربهم
والذي خبث مثل لأعدائهم لا يخرج علمهم الا نكدا اي كذبا فاسدا.
167 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب عن محاسن البرقي، قال عمرو بن
العاص للحسين عليه السلام: ما بال لحاكم أوفر من لحانا؟ فقال عليه السلام: " والبلد الطيب
يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا ".
168 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: و
بشر آدم بنوح عليه السلام فقال إن الله تبارك وتعالى باعث نبيا اسمه نوح عليه السلام، وانه يدعو
إلى الله عز ذكره ويكذبه قومه فيهلكهم الله بالطوفان وكان بين آدم وبين نوح
عليهما السلام عشرة آباء أنبياء وأوصياء كلهم، وأوصى آدم عليه السلام إلى هبة الله ان من أدركه
41

منكم فليؤمن به وليتبعه وليصدق به فإنه ينجو من الغرق، ثم آدم عليه السلام مرض المرضة
التي مات فيها إلى قوله: ثم إن هبة الله لما دفن أباه اتاه قابيل فقال: يا هبة الله اني قد
رأيت أبي آدم قد خصك من العلم بما لم أخص به أنا وهو العلم الذي دعا به أخوك
هابيل فتقبل قربانه، وانما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي
فيقولون نحن أبناء الذي تقبل قربانه وأنتم أبناء الذي ترك قربانه فإنك ان أظهرت
من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا قتلتك كما قتلت أخاك هابيل، فلبث
هبة الله والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والايمان والاسم الأكبر وميراث النبوة
وآثار علم النبوة حتى بعث الله نوحا صلى الله عليه وظهرت وصية هبة الله حين نظروا في
وصية آدم عليه السلام، فوجدوا نوحا نبيا قد بشر به آدم عليه السلام فآمنوا به واتبعوه وصدقوه.
وكان آدم عليه السلام وصى هبة الله ان يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون
يوم عيدهم، ويتعاهدون نوحا وزمانه الذي يخرج فيه، وكذلك جاء في وصية كل نبي
حتى بعث الله محمد صلى الله عليه وآله، وانما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم، وهو قول الله
عز وجل: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إلى آخر الآية وكان من بين آدم ونوح عليهما
السلام من الأنبياء مستخفين ولذلك خفى ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سمى من
استعلن من الأنبياء عليهم السلام.
169 - في مجمع البيان روى الشيخ أبو جعفر بن بابويه باسناده في كتاب النبوة
مرفوعا إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: لما ان بعث الله عز وجل نوحا دعا قومه علانية فلما
سمع عقب هبة الله من نوح تصديق ما في أيديهم من العلم وعرفوا ان العلم الذي في
أيديهم هو العلم الذي جاء به نوح عليه السلام صدقوه وسلموا له، فاما ولد قابيل فإنهم
كذبوه وقالوا: ان الجن كانت قبلنا، فبعث الله إليهم ملكا فلو أراد الله أن يبعث إلينا
لبعث إلينا ملكا من الملائكة.
قال مؤلف هذا الكتاب: ستسمع في سورة هود لقصة نوح عليه السلام مزيد بيان
انشاء الله تعالى.
170 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه قال:
42

قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام لما حضرت نوحا عليه السلام الوفاة دعى الشيعة
فقال لهم: اعلموا انه سيكون من بعدي غيبة يظهر فيها الطواغيت، وان الله عز وجل
سيفرج عنكم بالقائم من ولدي اسمه هود له سمت (1) وسكينة ووقار، يشبهني في
خلقي وخلقي.
171 - وباسناده إلى عبد الحميد بن أبي الديلم عن الصادق أبي عبد الله جعفر بن
محمد عليهما السلام قال: لما بعث الله عز وجل هودا عليه السلام سلم له العقب من ولد سام
واما الآخرون فقالوا: من أشد منا قوة فأهلكوا بالريح العقيم، وأوصاهم هود عليه السلام و
بشرهم بصالح عليه السلام.
172 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: وبشر
نوح ساما بهود عليهما السلام، فكان فيما بين نوح وهود من الأنبياء عليهم السلام وقال
نوح عليه السلام: ان الله باعث نبيا يقال له هود، وانه يدعوا قومه إلى الله عز وجل
فيكذبونه، وان الله عز وجل مهلكهم بالريح، فمن أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه فان الله
عز وجل ينجيه من عذاب الريح، وأمر نوح عليه السلام ابنه ساما ان يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل
سنة فيكون يومئذ عيدا لهم، فيتعاهدون فيه ما عندهم من العلم والايمان والاسم الأكبر
ومواريث العلم وآثار علم النبوة فوجدوا هودا نبيا وقد بشر به أبوهم نوح عليه السلام
فآمنوا به واتبعوه وصدقوه، فنجوا من عذاب الريح وهو قول الله عز وجل والى عاد
أخاهم هودا وقوله عز وجل: " كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود الا تتقون ".
173 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن
أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهم السلام حديث طويل
يقول فيه عليه السلام: وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة، اما هود فإنه أرسل إلى عاد
بنبوة خاصة.

(1) السمت: حسن النحو في مذهب الدين، يقال فلان حسن السمت اي حسن القصد
والمذهب في دينه ودنياه.
43

174 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن علي بن الحسين عليهما -
السلام حديث طويل وفيه: ولقد علمت صاحبة الجدب (1) والمستحفظون من آل
محمد ان أصحاب الجمل وأصحاب صفين وأصحاب النهروان لعنوا على لسان النبي
الأمي صلى الله عليه وآله وقد خاب من افترى، فقال شيخ من أهل الكوفة: يا علي بن
الحسين ان جدك كان يقول: اخواننا بغوا علينا؟ فقال علي بن الحسين: اما تقرء
كتاب لله: " والى عاد أخاهم هودا " فهم مثلهم نجا الله عز وجل هودا والذين معه وأهلك
عادا بالريح العقيم.
175 - في تفسير العياشي وقال سليمان: قال سفيان: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
[ما] يجوز أن يزكى الرجل نفسه؟ قال: نعم إذا اضطر إليه، أما سمعت قول يوسف:
" اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم " وقول العبد الصالح وانا لكم ناصح امين.
176 - في مجمع البيان: وزادكم في الخلق بسطة وقال أبو جعفر عليه السلام:
كانوا كأنهم النخل الطوال، وكان الرجل منهم ينجو الجبل بيده فيهدم منه قطعة.
177 - وفيه وروى أبو حمزة الثمالي عن سالم عن أبي جعفر عليه السلام قال إن الله تبارك
وتعالى بيت ريح يقفل عليه، لو فتحت لاذرت (2) ما بين السماء والأرض، ما ارسل
على قوم عاد الاقدر الخاتم، وكان هود وصالح وشعيب وإسماعيل ونبينا صلى الله عليه وآله
يتكلمون بالعربية.
178 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور
عن عبد الله بن عبد الرحمان عن الهيثم بن واقد عن أبي يوسف البزاز قال تلا أبو
عبد الله عليه السلام هذه الآية فاذكروا آلاء الله قال: أتدري ما آلاء الله؟ قلت: لا قال: هي
أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا.
179 - في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
قال: سمعته يقول؟ ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، اما سمعت قول العبد الصالح

(1) كذا في النسخ والمصدر ولعله كناية.
(2) أذرته الريح اذراءا: أطارته وأذهبته.
44

اني معكم من المنتظرين.
180 - عن يحيى بن المساور الهمداني عن أبيه جاء رجل من أهل الشام إلى
علي بن الحسين عليهما السلام فقال: أنت علي بن الحسين؟ قال: نعم قال أبوك الذي
قتل المؤمنين؟ فبكى علي بن الحسين عليه السلام ثم مسح عينيه فقال: ويلك كيف قطعت
على أبي انه قتل المؤمنين؟ قال: قوله: اخواننا قد بغوا علينا فقاتلناهم على بغيهم
فقال: ويلك اما تقرء القرآن؟ قال: بلى، قال فقد قال الله: والى مدين أخاهم
شعيبا، والى ثمود أخاهم صالحا فكانوا اخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم؟ قال له الرجل
لا بل عشيرتهم، قال: فهؤلاء اخوانهم في عشيرتهم وليسوا اخوانهم في الدين، قال:
فرجت عني فرج الله عنك.
181 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضيل عن
أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام حديث طويل وفيه ان
الأنبياء بعثوا خاصة وعامة، اما صالح فإنه ارسل إلى ثمود وهي قرية واحدة وهي لا
تكمل أربعين بيتا على ساحل البحر صغيرة.
182 - في مجمع البيان " وتنحتون الجبال بيوتا " يروى انهم لطول أعمارهم
يحتاجون إلى أن ينحتوا في الجبال بيوتا لان السقوف والأبنية كانت تبلى قبل
فناء أعمارهم
183 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى زيد
الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن صالحا عليه السلام غاب عن قومه زمانا وكان يوم
غاب عنهم كهلا مبدح البطن (1) حسن الجسم، وافر اللحية خميص البطن خفيف
العارضين مجتمعا ربعة (2) من الرجال، فلما رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته
فرجع إليهم وهم على ثلث طبقات، طبقة جاحدة لا ترجع ابدا، وأخرى شاكة
فيه، وأخرى على يقين، فبدأ عليه السلام حين رجع بالطبقة الشاكة فقال لهم: انا صالح

(1) المبدح بمعنى الموسع وفي المصدر: " مبدح واسع البطن "
(2) اي لا بالطويل ولا بالقصير بل بينهما.
45

فكذبوه وشتموه وزجروه، وقالوا برى الله منك ان صالحا كان في غير صورتك
قال. فأتى الجحاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشد النفور، ثم انطلق إلى
الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم: أنا صالح، فقالوا: أخبرتنا خبرا لا نشك
فيه معه انك صالح، فانا لا نمتري ان الله تبارك وتعالى الخالق ينقل ويحول في أي
صورة شاء وقد أخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء، وانما يصح عندنا
إذا أتى الخبر من السماء، فقال لهم: أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة، فقالوا صدقت
وهي التي نتدارس فما علامتها؟ فقال: لها شرب ولكم شرب يوم معلوم، قالوا:
آمنا بالله وبما جئتنا به، فعند ذلك قال تبارك وتعالى: ان صالحا مرسل من ربه
فقال: أهل اليقين انا بما ارسل به مؤمنون قال الذين استكبروا وهم الشكاك
انا بالذي آمنتم به كافرون قلت: هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به؟: قال الله
اعدل من أن يترك الأرض بلا عالم يدل على الله عز وجل، ولقد مكث القوم بعد
خروج صالح عليه السلام سبعة أيام على فترة لا يعرفون إماما غير أنهم على ما في أيديهم
من دين الله عز وجل كلمتهم واحدة، فلما ظهر صالح عليه السلام اجتمعوا عليه وانما مثل
القائم عليه السلام مثل الصالح.
184 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله " ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا ان اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون " يقول:
مصدق ومكذب، قال الكافرون منهم: " أتشهدون ان صالحا مرسل من ربه قال المؤمنون
انما بما ارسل به مؤمنون قال الكافرون منهم انا بالذي آمنتم به كافرون ".
185 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن
الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين
عليه السلام: فان هذا صالحا أخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة، قال علي عليه السلام: لقد كان
كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعطى ما هو أفضل من ذلك، ان ناقة صالح لم تكلم صالحا ولم
تناطقه ولم تشهد له بالنبوة، ومحمد صلى الله عليه وآله بينما نحن معه في بعض غزواته إذا هو
ببعير قد دنا ثم رقا فأنطقه الله عز وجل، ثم قال: يا رسول الله ان فلانا استعملني حتى
46

كبرت ويريد نحري فانا أستعيذ بك منه، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صاحبه فاستوهبه منه
فوهبه له وخلاه، ولقد كنا معه فإذا نحن بأعرابي معه ناقة يسوقها وقد استسلم للقطع لما زور
عليه من الشهود، فنطقت الناقة فقالت: يا رسول الله ان فلانا مني برئ وان الشهود
يشهدون عليه بالزور وان سارقي فلان اليهودي.
186 - في كتاب الخصال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله ذات يوم، وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام - وهو يقول: يا معشر الأنصار يا معشر
بني هاشم يا معشر بني عبد المطلب انا محمد رسول الله الا اني خلقت من طينة
مرحومة في أربعة من أهل بيتي: انا وعلي وحمزة وجعفر عليهم السلام فقال قائل: يا
رسول الله هؤلاء معك ركبان يوم القيمة؟ فقال: ثكلتك أمك انه لن يركب يومئذ
الا أربعة: أنا وعلي وفاطمة وصالح نبي الله، فاما أنا فعلى البراق، واما فاطمة ابنتي فعلى
ناقة العضباء! واما صالح فعلى ناقتي التي عقرت واما علي عليه السلام فعلى ناقة من نور زمامها
من ياقوت، عليه حلتان خضراوتان
187 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن
إبراهيم بن عمر اليماني عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس
الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال بنى الكفر على أربع دعائم إلى أن قال: ومن عتا (1)
عن أمر الله شك، ومن شك تعالى الله عليه فأذله سلطانه (2) وصغره بجلاله كما اغتر بربه
الكريم وفرط في امره.
188 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب
عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل جبرئيل عليه السلام
كيف كان مهلك قوم صالح؟ فقال يا محمد صلى الله عليه وآله ان صالحا بعث إلى قومه وهو
ابن ست عشرة سنة فلبث فيهم حتى بلغ عشرين ومأة سنة لا يجيبونه إلى خير،
قال: وكان لهم سبعون صنما يعبدونها من ون الله عز ذكره، فلما رأى ذلك منهم
قال: يا قوم بعثت إليكم وانا ابن ست عشرة سنة وقد بلغت مأة وعشرين سنة وانا اعرض

(1) العتو: الاستكبار.
(2) " تعالى الله عليه " اي استولى عليه، وأذله بتمكنه وقدرته.
47

عليكم أمرين ان شئتم فاسئلوني حتى أسئل الهي فيجيبكم فيما سألتموني الساعة،
وان شئتم سألت آلهتكم فان أجابتني بالذي اسألها خرجت عنكم فقد سئمتكم وسئمتموني (1)
قالوا: قد أنصفت يا صالح فاتعدوا ليوم يخرجون فيه، قال: فخرجوا بأصنامهم
إلى ظهرهم ثم قربوا طعامهم وشرابهم فأكلوا وشربوا، فلما أن فرغوا ادعوه فقالوا:
يا صالح سل فقال لكبيرهم: ما اسم هذا؟ قالوا فلان، فقال له صالح عليه السلام
يا فلان أجب فلم يجبه فقال صالح: ما له لا يجيب؟ قالوا: ادع غيره، قال: فدعاها
كلها فلم يجبه منها شئ، فاقبلوا على أصنامهم فقالوا لها: ما لك لا تجيبين صالحا؟ (2)
فلم تجب فقالوا تنح عنا ودعنا وآلهتنا ساعة، ثم نحوا بسطهم وفرشهم ونحوا ثيابهم وتمرغوا
على التراب (3) وطرحوا التراب على رؤسهم وقالوا لأصنامهم: لئن لن تجبن
صالحا لنفتضحن، قال: ثم دعوه فقالوا: يا صالح أدعها فدعاها فلم تجبه، فقال لهم:
يا قوم قد ذهب صدر النهار ولا أرى آلهتكم تجيبوني، فاسئلوني حتى أدعو الهي
فيجيبكم الساعة، فانتدب له (4) منهم سبعون رجلا منهم من كبرائهم والمنظور
إليهم منهم، فقالوا: يا صالح نحن نسألك فان أجابك ربك تبعناك وأجبناك ويبايعك
جميع أهل قريتنا، فقال لهم صالح عليه السلام: سلوني ما شئتم، فقالوا: تقدم بنا هذا
الجبل، وكان الجبل قريبا منهم، فانطلق معهم صالح عليه السلام فلما انتهوا إلى الجبل
قالوا: يا صالح ادع لنا ربك يخرج من هذا الجبل الساعة ناقة حمراء شقراء
وبراء عشراء (5) بين جنبيها ميل، فقال لهم صالح: لقد سألتموني شيئا يعظم علي و
يهون على ربي عز وجل وقال: فسأل الله تبارك وتعالى ذلك صالح، فانصدع الجبل

(1) اي مللتكم ومللتموني.
(2) وفي تفسير العياشي: " ما بالكن لا تجبن صالح "
(3) تمرغ في التراب: تقلب.
(4) ندبه للامر فانتدب له اي دعاه له فأجاب.
(5) شقراء اي شديد الحمرة، وبراء اي كثير الوبر، حشراء اي اتى على حملها
عشرة أشهر.
48

صدعا (1) كادت تطير منه عقولهم لما سمعوا دلك، ثم اضطرب ذلك الجبل اضطرابا
شديدا كالمرأة إذا اخذها المخاض، ثم لم يفجأهم الا رأسها قد طلع عليهم من ذلك
الصدع فما استتمت رقبتها حتى اجترت ثم خرج ساير جسدها ثم استوت قائمة على
الأرض فلما رأوا ذلك قالوا: يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك ادع لنا ربك يخرج لنا
فصيلتها (2) فسأل الله عز وجل فرمت به فدب حولها، فقال لهم: يا قوم أبقى شئ؟
قالوا: لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم بما رأينا ويؤمنون بك، قال: فرجعوا فلم
يبلغ السبعون إليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا: سحر وكذب، قال:
فانتهوا إلى الجميع فقال الستة: حق وقال الجميع كذب وسحر، فانصرفوا على ذلك
ثم ارتاب من الستة واحدا وكان فيمن عقرها، قال ابن محبوب: فحدثت بهذا الحديث
رجلا من أصحابنا يقال له سعد بن يزيد، فأخبرني انه رأى الجبل الذي خرجت
منه بالشام. قال فرأيناها جنبها قد حك الجبل، فاثر جنبها فيه وجبل آخر بينه
وبين هذا ميل.
189 علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل بذكر في قوم صالح ستقف عليه إن شاء الله
في هود يقول عليه السلام في آخره: فلما كان نصف الليل اتاهم جبرئيل عليه السلام فصرخ
عليهم صرخة خرقت تلك الصرخة اسماعهم، وفلقت قلوبهم وصدعت أكبادهم، وقد
كانوا في تلك الثلاثة الأيام قد تحنطوا وتكفنوا وعلموا ان العذاب نازل بهم فماتوا
أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم، فلم يبق لهم ثاغية ولا راغية (3) ولا شئ لا أهلكه الله

(1) اي انشق الجبل شقا.
(2) الفصيل: ولد الناقة.
(3) الثاغية: الشاة. والراغية: البعير. وقولهم " ماله ثاغية ولا راغية " اي ماله شاة
ولا ناقة، وفي بعض النسخ " فلم يبق لهم ناعقة ولا راغية، والنعيق: صوت الراعي نفسه قال
المجلسي (ره) في مرآة العقول: اي لم تبق منهم جماعة يأتي منهم النعيق والرعي، لكن
الأول أظهر وهو الموجود في روايات العامة أيضا في تلك القصة.
49

فأصبحوا في ديارهم وكانت مضاجعهم موتى أجمعين، ثم ارسل الله عليهم مع الصيحة
النار من السماء فأحرقتهم أجمعين.
190 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام
في قوم لوط " إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين " فقال: ان
إبليس أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث، عليه ثياب حسنة، فجاء إلى شبان منهم
فأمرهم أن يقعوا به ولو طلب إليهم أن يقع بهم لأبوا عليه ولكن طلب إليهم ان يقعوا به
فلما ان وقعوا به التذوه ثم ذهب عنهم وتركهم فأحال بعضهم على بعض (1) في الكافي
علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن أبي بصير
عن أحدهما عليهما السلام في قوم لوط: " انكم لتأتون الفاحشة " وذكر كما في علل
الشرايع سواء.
191 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل
عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وسأله عن أول من عمل
عمل قوم لوط؟ قال إبليس، فإنه أمكن من نفسه.
192 - وفي باب ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله
في العلل وعلة تحريم الذكران للذكران والإناث للإناث لما ركب في الإناث وما طبع عليه
الذكران، ولما في اتيان الذكران الذكران والإناث الإناث من انقطاع النسل وفساد
التدبير وخراب الدنيا.
193 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فما كان من شيعتنا
فلا يكون فيهم ثلاثة إلى قوله: ولا يكون فيهم من يؤتي في دبره.
194 - في مجمع البيان قصة لوط عليه السلام مع قومه وجملة أمرهم فيما

(1) " انما ذكرنا هذا الحديث هنا وإن كان محله العنكبوت لشرحه: ما سبقكم بها من
أحد من العالمين - وبيانه ما دعاهم إليه، وستقف في هود انشاء الله على أن الداعي لهم
إلى ذلك هو البخل، وستقف على هذا الحديث في محله من العنكبوت انشاء الله تعالى، منه عفى
عنه ". (عن هامش بعض النسخ).
50

روى عن أبي حمزة الثمالي وأبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام ان لوطا لبث في قومه
ثلثين سنة، وكان نازلا فيهم ولم يكن منهم، يدعوهم إلى الله وينهاهم عن الفواحش، و
يحثهم على الطاعة فلم يجيبوه ولم يطيعوه، وكانوا لا يتطهرون من الجنابة بخلاء أشحاء
على الطعام فأعقبهم البخل الداء الذي لا دواء له في فروجهم، وذلك انهم كانوا على
طريق السيارة إلى الشام ومصر، فكان ينزل بهم الضيفان، فدعاهم البخل إلى أن كانوا
إذا نزل بهم الضيف فضحوه وانما فعلوا ذلك لينكل النازلة عليهم من غير شهوة بهم إلى
ذلك فأوردهم البخل هذا الداء حتى صاروا يطلبونه من الرجال، ويعطون عليه الجعل، و
كان لوط عليه السلام سخيا كريما يقري الضيف إذا نزل به فنهوه عن ذلك وقالوا: لا تقرين
ضيفا جاء ينزل بك، فإنك ان فعلت فضحنا ضيفك فكان لوط إذا نزل به الضيف كتم
أمره مخافة ان يفضحه قومه. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وستسمع له تتمة
في هود عند مهلك قوم لوط انشاء الله.
195 - في تفسير العياشي عن يزيد بن ثابت قال: سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام
ان يؤتي النساء في ادبارهن؟ فقال: سفلت سفل الله بك اما سمعت الله يقول: " أتأتون
الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ".
196 - عن عبد الرحمان بن الحجاج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام ذكر عنده
اتيان النساء في ادبارهن؟ قال: ما اعلم آية في القرآن أحلت ذلك الا واحدة: " أإنكم
لتأتون الرجال شهوة من دون النساء " الآية.
197 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضيل عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل في آخره: وان الأنبياء بعثوا خاصة
وعامة، اما شعيب فإنه ارسل إلى مدين وهي لا تكمل أربعين بيتا.
198 - في تفسير العياشي عن يحيى بن المساور الهمداني عن أبيه جاء
رجل من أهل الشام إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال: أنت علي بن الحسين؟ قال: نعم،
قال: أبوك الذي قتل المؤمنين؟ فبكى علي بن الحسين عليهما السلام ثم مسح عينيه
فقال: ويلك كيف قطعت على أبي انه قتل المؤمنين؟ قال: قوله: اخواننا قد بغوا
51

علينا فقاتلناهم على بغيهم، فقال: ويلك أما تقرء القرآن؟ قال: بلى، قال: فقد
قال الله " والى مدين أخاهم شعيبا " " والى ثمود أخاهم صالحا " فكانوا اخوانهم في دينهم
أو في عشيرتهم؟ قال له الرجل: لا بل عشيرتهم؟ قال فهؤلاء اخوانهم في عشيرتهم وليسوا
اخوانهم في دينهم، قال: فرجت عني فرج الله عنك.
199 - في الخرايج والجرايح عن الحسين بن علي عليهما السلام حديث
طويل في الرجعة وفيه: ولتنزلن البركة من السماء والأرض حتى أن الشجرة لتصيف
بما يريد الله فيها من الثمرة وليؤكل ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء و
ذلك قوله تعالى " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و
الأرض ولكن كذبوا ".
200 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: أفأمنوا مكر الله قال: المكر من
الله العذاب.
201 - نهج البلاغة وقال عليه السلام، لا تأمنن على خير هذه الأمة عذاب الله
لقول الله سبحانه: فلا يامن مكر الله الا القوم الخاسرون.
202 - وفيه وقال عليه السلام: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم
يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله.
203 - في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال صليت خلف أبي عبد الله
عليه السلام ثم قال اللهم لا تؤمني مكرك ثم جهر فقال " فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون ".
204 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد
ابن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن عبد الرحمن بن محمد الجعفري
عن أبي جعفر عليه السلام وعن عقبة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله خلق الخلق فخلق ما
أحب مما أحب، وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، وخلق ما أبغض مما أبغض،
وكان ما أبغض ان خلقه من طينة النار. ثم بعثهم في الضلال فقلت: وأي شئ الضلال؟
قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس وليس بشئ، ثم بعث الله فيهم النبيين تدعوهم إلى
الاقرار بالله وهو قوله: " ولئن سئلتهم من خلقهم ليقولن الله " ثم دعاهم إلى الاقرار
52

بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثم دعاهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب، وأنكرها
من أبغض وهو قوله: وما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ثم قال أبو جعفر عليه السلام:
كان التكذيب ثم.
205 - في تفسير علي بن إبراهيم " وما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل " يعنى
في الذر الأول قال: لا يؤمنون في الدنيا بما كذبوا في الذر.
206 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله:
" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا
بلى " قلت: معاينة كان هذا؟ قال: نعم، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه،
ولولا دلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه، فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه،
فقال الله: " وما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ".
207 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن
الحسين بن الحكم قال: كتبت إلى العبد الصالح عليه السلام اخبره انى شاك وقد قال إبراهيم
عليه السلام: " رب أرني كيف تحيى الموتى " وانا أحب ان تريني شيئا، فكتب عليه السلام إليه:
ان إبراهيم كان مؤمنا وأحب ان يزداد ايمانا وأنت شاك والشاك لا خير فيه، وكتب
انما الشك ما لم يأت اليقين، فإذا جاء اليقين، لم يجز الشك، وكتب: ان الله عز وجل
يقول: وما وجدنا لأكثرهم من عهد وان وجدنا أكثرهم لفاسقين قال: نزلت
في الشاك.
208 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان
عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأبي بصير: انكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم
من ولايتنا: وانكم لم تبدلوا بنا غيرنا، ولو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم حيث يقول
جل ذكره: " وما وجدنا لأكثرهم من عهد وان وجدنا أكثرهم لفاسقين "
209 - في تفسير العياشي عن أبي داود قال: قال: والله ما صدق أحد ممن
اخذ ميثاقه فوفى بعهد الله غير أهل بيت نبيهم وعصابة قليلة من شيعتهم، وذلك قول الله:
" وما وجدنا لأكثرهم من عهد وان وجدنا أكثرهم لفاسقين " وقوله: " ولكن أكثر
53

الناس لا يؤمنون ".
210 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل يقول فيه: ثم إن الله تبارك وتعالى ارسل
الأسباط اثنى عشر بعد يوسف ثم موسى وهارون إلى فرعون وملأه إلى مصر وحدها.
211 - في تفسير العياشي عن عاصم بن المصري رفعه قال: إن فرعون بنى سبع مداين
يتحصن فيها من موسى عليه السلام، وجعل فيما بينها آجاما وغياضا (1) وجعل فيها الأسد
ليتحصن بها من موسى، فلما بعث الله موسى إلى فرعون فدخل المدينة فلما رآه الأسد
تبصبصت (2) وولت مدبرة، قال: ثم لم يأت مدينة الا انفتح له بابها حتى انتهى إلى
قصر فرعون الذي هو فيه قال: فقعد على بابه وعليه مدرعة من صوف (3) ومعه عصاه
فلما خرج الآذن قال له موسى: أستأذن لي على فرعون، فلم يلتفت إليه [قال:
فقال له موسى: " انى رسول رب العالمين " قال: فلم يلتفت إليه] قال: فمكث بذلك
ما شاء الله يسأله ان يستأذن له قال: فلما أكثر عليه قال له: اما وجد رب العالمين من يرسله
غيرك؟ قال: فغضب موسى عليه السلام فضرب الباب بعصاه فلم يبق بينه وبين فرعون باب الا انفتح
حتى نظر إليه فرعون وهو في مجلسه، فقال: أدخلوه قال فدخل إليه وهو في قبة له مرتفعة
كثيرة الارتفاع ثمانون ذراعا، قال: فقال: انى رسول رب العالمين إليك، قال: فقال:
فات بآية ان كنت من الصادقين قال: فألقى عصاه وكان له شفتان (4) فإذا هي
حية قد وقع إحدى الشفتين في الأرض والشفة الأخرى في أعلى القبه، قال فنظر فرعون
في جوفها وهي تلتهب نيرانا قال: وأهوت إليه فأحدث وصاح: يا موسى خذها.

(1) الآجام جمع الأجمة - محركة -: الشجر الكثير الملتف، وغياض جمع الغيضة
: مجتمع الشجر في مغيض ماء.
(2) بصبص الكلب وتبصبص: حرك ذنبه، والتبصبص: التملق.
(3) المدرعة: هو الثوب من الصوف يتدرع به.
(4) وفى المصدر وكذا المنقول عنه في البحار " شعبتان " بدل " شفتان " وكذا
فيما يأتي.
54

212 - في عيون الأخبار باسناده إلى أبى يعقوب البغدادي قال: قال ابن السكيت
لأبي الحسن الرضا عليه السلام: لماذا بعث الله تعالى موسى بن عمران بيده البيضاء والعصا
وآلة السحر، وبعث عيسى عليه السلام بالطب، وبعث محمدا صلى الله عليه وآله بالكلام والخطب
فقال له أبو الحسن عليه السلام: لما بعث موسى عليه السلام كان الأغلب على أهل عصره السحر فأتاهم من
عند الله بما لم يكن من عند القوم وفى وسعهم مثله، وبما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجة
عليهم. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وقد مضى عند قوله تعالى " فأتوا بسورة
من مثله ".
213 - وفى باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين
عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل، وفيه وسأله عن شئ شرب وهو حي واكل وهو
ميت؟ فقال: تلك عصا موسى " وفيه " فقال أخبرنا عن أول شجرة غرست في الأرض؟
فقال: العوسجة (1) ومنها عصى موسى عليه السلام.
214 - في تفسير العياشي يونس بن ظبيان قال: قال: إن موسى وهارون حين
دخلا على فرعون لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح، كانوا ولد نكاح كلهم و
لو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما فقالوا ارجه وأخاه وأمروه بالتأني والنظر، ثم
وضع يده على صدره قال: وكذلك نحن لا يسرع إلينا الا كل خبيث الولادة.
215 - عن موسى بن بكر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اشهد ان المرجئة على دين
الذين " قالوا ارجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين ".
216 - في أصول الكافي باسناده إلى محمد بن الفيض عن أبي جعفر عليه السلام قال:
كانت عصى موسى لآدم عليه السلام، فصارت إلى شعيب، ثم صارت إلى موسى عليه السلام وانها
لعندنا وان عهدي بها آنفا وهي خضر كهيئتها حين انتزعت من شجرتها، وانها لتنطق
إذا استنطقت أعدت لقائمنا يصنع بها ما كان يصنع موسى وانها لتروع وتلقف ما يأفكون (2)

(1) العوسجة واحدة العوسج: من شجر الشوك له ثمر مدور ويكون غالبا في السباخ
ويقال للمظيم منه الغرقد.
(2) لتروع أي لتخوف. وتلقف أي تلقم.
55

وتصنع ما تؤمر به، انها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون يفتح لها شفتان (1) إحديهما
في الأرض والأخرى في السقف، وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها
217 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن
محمد القاساني عمن ذكره عن عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن جده قال:
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليهم: كن لما لا ترجو أرحى منك لما ترحو إلى أن قال
عليه السلام: وخرجت سحرة فرعون يطلبون العزة بفرعون فرجعوا مؤمنين.
218 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد
عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: و
من ذهب يرى أن له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت له: انما يرى أن
له عليه فضلا بالعافية، إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال: هيهات هيهات فلعله أن
يكون غفر ما أتى وأنت موقوف تحاسب، أم تلوت قصة سحرة موسى صلوات الله عليه
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
219 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وقال الملاء من قوم فرعون أتذر موسى
وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال: كان فرعون يعبد الأصنام ثم
ادعى بعد ذلك الربوبية.
220 - في مجمع البيان روى عن علي عليه السلام: " ويذرك و
الهتك روى أنه كان يأمرهم أيضا بعبادة البقر ولذلك اخرج السامري لهم عجلا
جسدا له خوار وقال هذا إلهكم وإله موسى.
221 - في تفسير العياشي عن عمار الساباطي قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، قال: فما كان لله فهو لرسوله
وما كان لرسول الله فهو للامام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
222 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن هشام بن
سالم عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام قال. وجدنا في كتاب علي صلوات الله

(1) وفي المصدر " شعبتان " بدل " شفتان " كما مر عن تفسير العياشي.
56

عليه: " ان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " انا وأهل بيتي الذين
أورثنا الله الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا، فمن أحيى أرضا من المسلمين فليعمرها
وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي، وله ما أكل منها، فان تركها أو أبرجها
فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها
فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما اكل حتى يظهر القائم عليه السلام من أهل بيتي
بالسيف، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعها، الا ما كان
في أيدي شيعتنا يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم.
223 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط عن
صالح بن حمزة عن أبيه عن أبي بكر الحضرمي قال: لما حمل أبو جعفر عليه السلام إلى
الشام إلى هشام بن عبد الملك وصار ببابه قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أمية:
إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم
فليوبخه ثم أمر أن يؤذن له، فلما دخل عليه أبو جعفر عليه السلام قال بيده: السلام عليكم
فعمهم جميعا بالسلام ثم جلس، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة و
جلوسه بغير اذن، فاقبل يوبخه ويقول فيما يقول له: يا محمد بن علي لا يزال
الرجل منكم قد شقى عصى المسلمين ودعى إلى نفسه وزعم أنه
الامام سفها وقلة علم، ووبخه بما أراد أن يوبخه، فلما سكت أقبل عليه القوم رجل
بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم نهض عليه السلام قائما ثم قال:
أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم، بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم، فان
يكن لكم ملك معجل فان لنا ملكا مؤجلا، وليس بعد ملكنا ملك، لأنا أهل
العاقبة يقول الله عز وجل: والعاقبة للمتقين فأمر به إلى الحبس، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
224 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: قالوا أوذينا من قبل ان تأتينا ومن بعد
ما جئتنا قال: قال الذين آمنوا لموسى: قد أوذينا قبل مجيئك يا موسى بقتل الأولاد ومن بعد
ما جئتنا لما حبسهم فرعون لايمانهم بموسى، قوله: فإذا جائتهم الحسنة قالوا
57

لنا هذه قال: الحسنة هيهنا الصحة والسلامة والامن والسعة وان تصبهم سيئة قال:
السيئة هنا الجوع والخوف والمرض.
225 - في مجمع البيان: وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين
فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات
فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين " القصة " قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة
ومحمد بن إسحاق بن يسار ورواه علي بن إبراهيم باسناده عن أبي جعفر وأبي عبد الله
عليهما السلام دخل حديث بعضهم في بعض قالوا: لما آمنت السحرة فرجع فرعون مغلوبا
وأبى هو وقومه الا الإقامة على الكفر، قال هامان لفرعون: ان الناس قد آمنوا بموسى فانظر
من دخل في دينه فاحبسه، فحبس كل من آمن به من بني إسرائيل فتابع الله عليهم بالآيات
واخذهم بالسنين ونقص من الثمرات، ثم بعث عليهم الطوفان فخرب دورهم ومساكنهم حتى
خرجوا إلى البرية وضربوا الخيام، وامتلأت بيوت القبط ماءا ولم يدخل بيوت
بني إسرائيل من الماء قطرة وقام الماء على وجه الأرض لا يقدرون على أن يحرثوا فقالوا
لموسى: ادع لنا ربك أن يكشف عنا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا
ربه فكف عنهم الطوفان فلم يؤمنوا، وقال هامان لفرعون: لئن خليت بني إسرائيل
غلبك موسى وأزال ملكك وانبت الله لهم في تلك السنة من الكلاء والتمر والزرع والثمر
ما أعشبت به بلادهم وأخصبت، فقالوا: ما كان هذا الماء الا نعمة علينا وخصبا، فأنزل الله
عليهم في السنة الثانية عن علي بن إبراهيم وفي الشهر الثاني عن غيره من المفسرين الجراد
فجردت زروعهم وأشجارهم حتى كانت تجرد شعورهم ولحاهم وتأكل الأبواب والثياب و
الأمتعة، وكانت لا تدخل بيوت بني إسرائيل ولا يصيبهم من ذلك شئ فعجوا وضجوا و
جزع فرعون من ذلك جزعا شديدا وقال: يا موسى ادع لنا ربك أن يكف عنا الجراد حتى
أخلي عن بني إسرائيل، فدعا موسى ربه فكف عنه الجراد بعدما أقام عليه سبعة أيام
من السبت إلى السبت، وقيل: إن موسى عليه السلام برز إلى الفضاء فأشار بعصاه نحو
المشرق والمغرب فرجعت الجراد من حيث جاءت كأن لم يكن قط، ولم يدع فرعون
هامان أن يخلي عن بني إسرائيل، فأنزل الله عليهم في السنة الثالثة وفي رواية علي بن
58

إبراهيم وفي الشهر الثالث عن غيره من المفسرين القمل وهو الجراد الصغار لا أجنحة له و
هو شر ما يكون وأخبثه، فأتى على زروعهم كلها وأفناها من أصلها فذهبت زروعهم ولحس
الأرض كلها، وقيل أمر موسى عليه السلام أن يمشي على كثيب اعفر بقرية من قرى
مصر يدعي عين الشمس، فأتاه فضربه بعصاه فانثال عليهم (1) قملا فكان يدخل
بين ثوب أحدهم فبعضه وكان يأكل أحدهم الطعام فيمتلي قملا، قال سعيد بن جبير:
القمل السوس الذي يخرج من الحبوب فكان الرجل يخرج عشرة أقفزة إلى الرحا فيرد
منها ثلاثة أقفزة فلم يصابوا ببلاء كان أشد عليهم من القمل واخذت اشعارهم وابشارهم
(2) وأشفار عيونهم وحواجبهم، ولزمت جلودهم كأنه الجدري عليهم ومنعتهم النوم و
القرار فصرخوا وصاحوا فقال فرعون لموسى: ادع لنا ربك لئن كشفت عنا القمل لأكفن
عن بني إسرائيل، فدعا موسى عليه السلام حتى ذهب القمل بعدما أقام عندهم سبعة
أيام من السبت إلى السبت، فنكثوا فأنزل الله عليهم في السنة الرابعة وقيل في الشهر
الرابع الضفادع فكانت يكون في طعامهم وشرابهم وامتلأت منها بيوتهم وآنيتهم فلا
يكشف أحد ثوبا ولا اناء ولا طعاما ولا شرابا الا وجد فيه الضفادع، وكانت تثب في قدورهم
فتفسد عليهم وكان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع ويهم ان يتكلم فيثب الضفدع في فيه و
يفتح فاه لأكلة فيسبق الضفدع أكلته إلى فيه فلقوا منها اذى شديدا فلما رأوا ذلك بكوا و
شكوا إلى موسى عليه السلام وقالوا: هذه المرة نتوب ولا نعود، فادع الله أن يذهب عنا الضفادع فانا
نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل، فأخذ عهودهم ومواثيقهم ثم دعا ربه فكشف
عنهم الضفادع بعدما أقام عليهم سبعا من السبت إلى السبت ثم نقضوا العهد وعادوا
لكفرهم، فلما كانت السنة الخامسة أرسل عليهم الدم فسال ماء النيل عليهم دما،
فكان القبطي يراه دما والإسرائيلي يراه ماءا، فإذا شربه الإسرائيلي كان ماءا وإذا
شربه القبطي كان دما، وكان القبطي يقول للإسرائيلي: خذ الماء في فيك وصبه في
في فكان إذا صبه في فم القبطي تحول دما، وان فرعون اعتراه العطش حتى أنه ليضطر
إلى مضغ الأشجار الرطبة فإذا مضغها يصير ماءها في فيه دما، فمكثوا في ذلك سبعة

(1) اي انصب وعليهم. (2) جمع البشرة ظاهر وجلد الانسان.
59

أيام لا يأكلون الا الدم ولا يشربون الا الدم، قال زيد بن أسلم: الدم الذي سلط عليهم
كان كالرعاف فأتوا موسى عليه السلام فقالوا. ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم
فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل: فلما دفع الله عنهم الدم لم يؤمنوا ولم يخلوا عن
بني إسرائيل.
226 - في تفسير العياشي عن محمد بن قيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت:
ما الطوفان؟ قال: هو طوفان الماء والطاعون.
227 - عن محمد بن علي عن أبي عبد الله أنبأني عن سليمان عن الرضا عليه السلام في قوله:
لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك قال: الرجز هو الثلج ثم قال: خراسان بلاد رجز.
228 - في مجمع البيان روى عن أبي عبد الله عليه السلام انه أصابهم ثلج احمر ولم
يروه قبل ذلك، فماتوا فيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله.
229 - في تفسير علي بن إبراهيم فأرسل الله عز وجل عليهم الرجز وهو الثلج، ولم
يروه قبل ذلك فماتوا بما عهد عندك فيه وجزعوا جزعا شديدا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله، فقالوا:
يا موسى ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل
فدعى ربه فكشف عنهم الثلج فخلوا عن بني إسرائيل، فلما خلوا عنهم اجتمعوا إلى موسى
عليه السلام وخرج موسى من مصر واجتمع إليه من كان هرب من فرعون وبلغ فرعون
ذلك، وقال له هامان: قد نهيتك ان تخلي عن بني إسرائيل فقد استجمعوا إليه، فجزع
فرعون وبعث في المدائن حاشرين وخرج في طلب موسى عليه السلام.
230 - في أصول الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني
جميعا عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن
غياث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ان من صبر صبر قليلا وان من جزع جزع قليلا
إلى قوله عليه السلام: ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثنائه:
" وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " فعند ذلك قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: الصبر من الايمان كالرأس من الجسد، فشكر الله عز وجل ذلك له، فأنزل الله
عز وجل: وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع
60

فرعون وقومه وما كانوا يعرشون فقال صلى الله عليه وآله: انه بشرى وانتقام.
231 - في نهج البلاغة وقال له عليه السلام بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم؟
فقال له: انما اختلفنا عنه لا فيه، ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم:
اجعل لنا الها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون.
232 - في مجمع البيان وواعدنا موسى ثلثين ليلة وأتممناها بعشر ولم يقل
أربعين، لفايدة زايدة ذكر فيها وجوه إلى قوله: ثالثها ان موسى عليه السلام قال لقومه: اني
أتأخر عنكم ثلثين يوما ليتسهل عليكم، ثم زاد عليهم عشرا وليس في ذلك خلف، لأنه
إذا تأخر عنهم أربعين ليلة فقد تأخر ثلثين قبلها عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
233 - في أصول الكافي الحسين بن علي الخزاز عن عبد الكريم بن عمرو
الخثعمي عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: لهذا الامر وقت؟ فقال:
كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون ان موسى عليه السلام لما خرج وافدا إلى
ربه واعدهم ثلثين يوما، فلما زاده الله على الثلاثين عشرا قال قومه: قد أخلفنا موسى
فصنعوا ما صنعوا، فإذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله
وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله
توجروا مرتين.
334 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى شعيب عن أبيه عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: ذو القعدة ثلثون يوما لقول الله عز وجل: " وواعدنا موسى ثلثين ليلة "
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن
زياد عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث
طويل نحوه.
235 - في تفسير العياشي عن محمد بن علي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله:
" وواعدنا موسى ثلثين ليلة وأتممناها بعشر " قال: بعشر ذي الحجة.
236 - في أمالي شيخ الطايفة " قدس سره " باسناده إلى أبي سعيد
الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام في غزوة تبوك: اخلفني
61

في أهلي، فقال علي عليه السلام: يا رسول الله اني أكره أن تقول العرب: خذل ابن عمه 6
وتخلف عنه، فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ قال: بلى،
قال: فاخلفني.
237 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا بن
رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام وذكر حديثا طويلا فيه ذكر موسى وهارون
عليهما السلام وفيه: فقلت له: أخبرني عن الاحكام والقضايا والأمر والنهي كان
ذلك إليهما؟ قال: كان موسى الذي يناجي ربه ويكتب العلم ويقضي بين بني إسرائيل،
وهارون يخلفه إذا غاب عن قومه للمناجاة.
238 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة يقول عليه السلام
فيها بعد ان ذكر النبي صلى الله عليه وآله: واختصني بوصيته، واصطفاني بخلافته في أمته فقال
صلى الله عليه وآله وقد حشده (1) المهاجرون والأنصار وانغضت بهم المحافل (2) أيها الناس ان
عليا مني كهارون من موسى الا انه لا نبي بعدي فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول
إذ عرفوني اني لست بأخيه لأبيه وأمه، كما كان هارون أخاه لأبيه وأمه، ولا كنت
نبيا فاقتضى نبوة ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون صلى الله
عليهما حيث يقول: اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين.
239 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في
المسجد أيام خلافة عثمان: أنشدكم بالله أتعلمون اني قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله في
غزوة تبوك لم خلفتني؟ فقال: ان المدينة لا تصلح الا بي أو بك، وأنت مني بمنزلة
هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي؟ قالوا: اللهم نعم.
240 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام

(1) حشد عليه القوم: اجتمعوا.
(2) اي تضيقت بهم المحافل.
62

قالا: سئل موسى عليه السلام ربه تبارك وتعالى قال رب أرني انظر إليك قال لن
تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني قال: فلما صعد موسى عليه السلام
إلى الجبل فتحت أبواب السماء وأقبلت الملائكة أفواجا في أيديهم العمد، وفي رأسها
النور يمرون به فوجا بعد فوج، ويقولون: يا بن عمران أثبت فقد سألت عظيما قال:
فلم يزل موسى واقفا حتى تجلى ربنا جل جلاله فجعل الجبل دكا وخر موسى صعقا،
فلما ان رد الله إليه روحه أفاق قال سبحانك تبت إليك وانا أول المؤمنين
241 - قال ابن أبي عمير وغيره من أصحابنا: ان النار أحاطت به حتى لا يهرب لهول ما رأى.
242 - عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن موسى بن عمران
عليه السلام لما سئل ربه النظر إليه، وعده الله ان يقعد في موضع، ثم أمر الملائكة ان
تمر عليه موكبا موكبا بالبرق والرعد والريح والصواعق، فكلما مر به موكب من
المواكب ارتعدت فرايصه (1) فيرفع رأسه فيسأل: أفيكم ربي؟ فيجاب هو آت
وقد سألت عظيما يا بن عمران.
243 - عن حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قوله: فلما تجلى
ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا قال: ساخ الجبل في البحر (2) فهو يهوى
حتى الساعة.
244 - وفي رواية أخرى ان النار أحاطت بموسى عليه السلام لئلا يهرب لهول ما رأى،
وقال: لما خر موسى عليه السلام صعقا مات، فلما ان رد الله روحه افاق فقال: " سبحانك تبت
إليك وانا أول المؤمنين ".
245 - في كتاب بصاير الدرجات بعض أصحابنا عن أحمد بن محمد السياري
وقد سمعته انا من أحمد بن محمد قال: حدثني أبو محمد عبيد بن أبي عبد الله القاري

(1) الفرائص جمع الفريصة: اللحمة بين الجنب والكتف التي لا تزال ترعد من
الدابة كما عن الأصمعي، وقيل: الفريصة لحمة بين الثدي والكتف، يقال: ارتعدت
فريصته اي فزع.
(2) اي دخل فيه وغاب.
63

أو غيره، رفعوه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الأول،
جعلهم الله خلق العرش لو قسم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم. ثم قال: إن
موسى عليه السلام لما سئل ربه ما سئل أمر واحدا من الكروبيين فتجلى للجبل فجعله دكا.
246 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمة الله عليه " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال: واجده قد شهر هفوات أنبيائه
بتهجينه موسى، حيث قال. " رب أرني أنظر إليك قال لن تراني " الآية: واما هفوات
الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه، فان ذلك من أدل الدلايل على حكمة الله
عز وجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم
السلام وما بينه الله في كتابه، تكبر في صدور أممهم وان منهم من يتخذ بعضهم الها
كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي
انفرد به عز وجل.
247 - في مجمع البيان وقيل: إن تجلى بمعنى جلى، كقولهم: حدث وتحدث
وتقديره: جلى ربه امره للجبل ان أبرز في ملكوته للجبل ما تدكدكه به، ويؤيده
ما جاء في الخبر ان الله تعالى أبرز من العرش مقدار الخنصر فتدكدك به الجبل، وقيل:
صار الجبل ستة أجبل وقعت ثلاثة بالمدينة وثلاثة بمكة فالتي بالمدينة أجدو ورقان و
رضوى، والتي بمكة ثور وثبير وحرى، وروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وانا أول
المؤمنين بأنه لا يراك أحد من خلقك عن ابن عباس والحسن وروى مثله عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال معناه: انا أول من آمن وصدق بأنك لا ترى
248 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس لرضا عليه السلام عند المأمون
في عصمة الأنبياء عليهم السلام: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال:
حدثني أبي عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت
مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله أليس
من قولك: ان الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فما معنى قول الله عز وجل
إلى أن قال: " ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني انظر إليك قال لن تراني "
64

الآية كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران عليه السلام لا يعلم أن الله تعالى
ذكره لا تجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟ قال الرضا عليه السلام: ان كليم الله
موسى بن عمران عليه السلام علم أن الله تعالى منزه عن أن يرى بالابصار، ولكنه لما كلمه الله
عز وجل وقربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم ان الله تعالى كلمه وقربه وناجاه فقالوا:
لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعته، وكان القوم سبع مأة ألف رجل فاختار منهم
سبعين ألفا ثم اختار سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمأة، ثم اختار منهم سبعين رجلا
لميقات ربه فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل (1) وصعد موسى عليه السلام إلى
الطور وسأل الله عز وجل أن يكلمه ويسمعهم كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه
من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وامام، لان الله تعالى أحدثه في الشجرة ثم
جعله منبعثا منها حتى يسمعوه من جميع الوجوه، فقالوا: لن نؤمن بان هذا الذي
سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا
بعث الله عليهم صاعقة وأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا، فقال موسى: يا رب ما أقول
لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا انك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما
ادعيت في مناجاة الله عز وجل إياك؟ فأحياهم وبعثهم معه، فقالوا: انك لو سألت الله
أن يريك ننظر إليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف هو ونعرفه حق معرفته؟ فقال موسى
عليه السلام: يا قوم ان الله تعالى لا يرى بالابصار ولا كيفية له، وانما يعرف بآياته ويعلم
بأعلامه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله، فقال موسى عليه السلام: يا رب انك قد سمعت
مقالة بني إسرائيل وأنت اعلم بصلاحهم: فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى سلني ما
سئلوك فلن أؤاخذك بجهلهم، فعند ذلك قال موسى عليه السلام: " رب أرني انظر إليك
قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه وهو يهوى فسوف تراني " فلما تجلى ربه
للجبل " بآية من آياته " جعله دكا وخر موسى صعقا فلما افاق قال سبحانك تبت إليك "
يقول: رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي " وانا أول المؤمنين " منهم بأنك لا ترى
فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.

(1) اي أسفله.
65

248 - في كتاب التوحيد خطبة للرضا عليه السلام وفيها: متجلي لا باستهلال
رؤية. وفيه عن علي عليه السلام مثله.
249 - وفيه خطبة لنبي صلى الله عليه وآله وفيها: فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى و
هو بالمنظر الاعلى.
250 - وفيه حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما
اشتبه عليه من الآيات: وسأل موسى عليه السلام وجرى على لسانه من حمد الله عز وجل: " رب
أرني انظر إليك " فكانت مسئلته تلك أمرا عظيما، وسأل أمرا جسيما، فعوقب فقال
الله تبارك وتعالى: " لن تراني " في الدنيا حتى تموت فتراني في الآخرة، ولكن ان
أردت أن تراني في الدنيا فانظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني، فأبدى الله
سبحانه بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميما وخر موسى صعقا ثم
أحياه الله وبعثه (1) فقال عليه السلام " سبحانك تبت إليك وانا أول المؤمنين " يعني أول
من آمن بك (2) منهم انه لن يراك.
251 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله
عليه السلام كلام طويل يقول فيه عليه السلام: فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى و
هو يرى.
252 - وباسناده إلى عمر بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه السلام انه
سئل مما خلق الله عز وجل الذر الذي يدخل في كوة البيت (3)؟ فقال: ان موسى
عليه السلام لما قال: " رب أرني انظر إليك " قال لله عز وجل: ان استقر الجبل لنوري
فإنك ستقوى على أن تنظر إلي، وان لم يستقر فلا تطيق ابصاري لضعفك، فلما
تجلى الله تبارك وتعالى للجبل تقطع ثلث قطع، فقطعة ارتفعت في السماء وقطعة غاصت

(1) وفي المصدر بعد قوله: صعقا. يعني ميتا فكان عقوبته الموت ثم أحياه الله
وبعثه وتاب عليه فقال سبحانك.. اه.
(2) وفي المصدر: " أول مؤمن آمن بك.. اه ".
(3) الكوة: الخرق الصغير في الحائط.
66

في تحت الأرض، وقطعة بقيت، فهذا الذر من ذلك الغبار، غبار الجبل.
253 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: فرفع الله الحجاب ونظر إلى الجبل،
فساخ الجبل في البحر وهو يهوى حتى الساعة، ونزلت الملائكة وفتحت أبواب السماء،
فأوحى الله إلى الملائكة: أدركوا موسى لا يهرب، فنزلت الملائكة وأحاطت بموسى و
قالت: أتيت يا بن عمران فقد سألت الله عظيما، فلما نظر موسى إلى الجبل قد ساخ و
الملائكة قد نزلت وقع على وجهه فمات من خشية الله وهول ما رأى، فرد الله عليه روحه
فرفع رأسه وأفاق " وقال سبحانك تبت إليك وانا أول المؤمنين " اي أول من صدق
انك لا ترى، فقال الله تعالى له: يا موسى اني اصطفيتك على الناس برسالاتي و
بكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين فناداه جبرئيل عليه السلام: يا موسى
انا أخوك جبرئيل.
254 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن
يقطين عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى
عليه السلام ان يا موسى أتدري لما اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال: يا رب ولم ذاك؟ قال
فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا موسى اني قلبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا
أذل لي نفسا منك، يا موسى انك إذا صليت وضعت خدك على التراب، أو قال:
على الأرض.
255 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى محمد بن سنان عن إسحاق بن عمار
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن موسى عليه السلام احتبس عنه الوحي أربعين
أو ثلثين صباحا قال: فصعد على جبل بالشام يقال له أريحا، فقال: يا رب ان كنت
حبست عني وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل فغفرانك القديم، قال: فأوحى الله
عز وجل إليه: يا موسى بن عمران أتدري لما اصطفيتك لوحيي وكلامي دون خلقي؟
فقال: لا علم لي يا رب. فقال: يا موسى اني اطلعت إلى خلقي اطلاعة فلم أجد في
خلقي أشد تواضعا لي منك، فمن ثم خصصتك بوحيي وكلامي من بين خلقي، قال:
وكان موسى عليه السلام إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض والأيسر.
67

256 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمة الله عليه " محمد بن أبي عمير
الكوفي عن عبد الله بن الوليد السمان، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يقول الناس في
أولى العزم وصاحبكم أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: قلت: ما يقدمون على أولى العزم
أحدا، قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى قال لموسى عليه السلام:
وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة ولم يقل كل شئ وقال لعيسى عليه السلام
" ولابين لكم بعض الذي تختلفون فيه " ولم يقل كل شئ وقال لصاحبكم أمير المؤمنين
عليه السلام: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " وقال الله عز وجل:
" ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين " وعلم هذا الكتاب عنده.
257 - في بصاير الدرجات جعفر بن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن
عمرو عن عبد الله بن الوليد السمان، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا عبد الله ما تقول
الشيعة في علي وموسى وعيسى عليهم السلام؟ قلت: جعلت فداك وعن اي حالات
تسألني قال: أسألك عن العلم؟ قال: هو والله أعلم منهما ثم قال. يا عبد الله أليس
يقولون: ان لعلي عليه السلام ما لرسول الله من العلم؟ قلت: نعم قال: فخاصمهم فيه، ان
الله تبارك وتعالى قال لموسى: " وكتبنا له في الألواح من كل شئ " فأعلمنا انه لم يبين
له الامر كله، وقال تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وآله: " وجئنا بك على هؤلاء شهيدا و
نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ".
258 - علي بن إسماعيل عن محمد بن عمرو الزيات عن عبد الله بن الوليد قال قال
لي أبو عبد الله عليه السلام: اي شئ تقول الشيعة في عيسى وموسى وأمير المؤمنين عليهم السلام؟
قلت: يقولون: ان عيسى وموسى عليهما السلام أفضل من أمير المؤمنين
فقال: أتزعمون ان أمير المؤمنين عليه السلام قد علم ما علم رسول الله صلى الله عليه وآله؟
قلت: نعم ولكن لا يقدمون على أولى العزم من الرسل أحدا، قال أبو عبد الله عليه السلام:
فخاصمهم بكتاب الله، قلت: وفي أي موضع منه أخاصمهم؟ قال: قال الله تبارك
وتعالى لموسى: " وكتبنا له في الألواح من كل شئ " علمنا أنه لم يكتب لموسى
68

عليه السلام كل شئ، وقال الله تبارك وتعالى لعيسى عليه السلام: " ولابين لكم بعض الذي
تختلفون فيه " وقال تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وآله: " وجئنا بك على هؤلاء شهيدا و
نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ".
259 - في تفسير العياشي عن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام [قال:]
في الجفر ان الله تبارك وتعالى لما أنزل الألواح على موسى عليه السلام أنزلها عليه وفيها
تبيان كل شئ كان أو هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فلما انقضت أيام موسى عليه السلام
أوحى الله إليه: ان استودع الألواح وهي زبرجدة من الجنة جبلا يقال له زينة، فأتى
موسى الجبل فانشق له الجبل، فجعلت فيه الألواح ملفوفة، فلما جعلها فيه انطبق
الجبل عليها، فلم تزل في الجبل حتى بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله، فأقبل ركب من اليمن يريدون
الرسول صلى الله عليه وآله، فلما انتهوا إلى الجبل انفرج الجبل وخرجت الألواح ملفوفة كما
وضعها موسى عليه السلام، فأخذها القوم، فلما وقعت في أيديهم القى في قلوبهم ان لا ينظروا
إليها وهابوها حتى يأتوا بها رسول الله، وانزل جبرئيل عليه السلام على نبيه فأخبره
بأمر القوم وبالذي أصابوه، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وآله [سلموا عليه،] (1)
ابتدأهم فسألهم عما وجدوا فقالوا: وما علمك بما وجدنا؟ قال: أخبرني به ربي
وهو الألواح، قالوا نشهد انك لرسول الله، فأخرجوها فوضعوها إليه، فنظر إليها و
قولها وكتبها بالعبرانية، ثم دعا أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال صلى الله عليه وآله: دونك
هذه ففيها علم الأولين والآخرين وهي ألواح موسى عليه السلام وقد أمرني ربي ان أدفعها
إليك، فقال: لست أحسن قرائتها، قال: إن جبرئيل أمرني ان آمرك أن تضعها
تحت رأسك ليلتك هذه، فإنك تصبح وقد علمت قراءتها، قال: فجعلها تحت رأسه
فأصبح وقد علمه الله كل شئ فيها، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بنسخها فنسخها في جلد وهو
الجفر، وفيه علم الأولين والآخرين وهو عندنا، والألواح عندنا، وعصا موسى عليه السلام
عندنا، ونحن ورثنا النبيين صلى الله عليهم أجمعين قال: قال أبو جعفر عليه السلام: تلك
الصخرة التي حفظت ألواح موسى تحت شجرة في واد يعرف بكذا.

(1) ما بين المعقفتين غير موجود في المصدر.
69

260 - عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري قال: كان مما قال هارون
لأبي الحسن موسى عليه السلام حين دخل عليه: ما هذه الدار؟ قال: هذه دار الفاسقين،
قال وقرأ سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وان يروا سبيل
الغي يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا فقال له هارون: فدار
من هي؟ قال: هي لشيعتنا قرة ولغيرهم فتنه، قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟
قال: أخذت منهم عامرة ولا يأخذها الا معمورة.
261 - في تفسير علي بن إبراهيم " وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا " قال
إذا رأوا الايمان والصدق والوفاء والعمل الصالح لا يتخذوه سبيلا وان يروا الشرك
والزنا والمعاصي يأخذوا بها ويعملوا بها.
262 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جميل بن أنس قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: أكرموا البقر فإنها سيد البهائم، ما رفعت طرفها إلى السماء حياءا من الله عز وجل
منذ عبد العجل.
263 - في تفسير العياشي عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله تعالى: واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار
فقال موسى عليه السلام: يا رب ومن أخار الصنم؟ فقال الله: يا موسى انا أخرته فقال موسى:
ان هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء.
264 - عن ابن مسكان عن الوصاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن فيما ناجى الله موسى
عليه السلام ان قال: يا رب هذا السامري صنع العجل فالخوار من صنعه؟ قال: فأوحى
الله إليه يا موسى ان تلك فتنتي فلا تفحص عنها.
265 - في مجمع البيان وروى عن علي عليه السلام " ويذرك وآلهتك " وروى أنه كان
يأمرهم أيضا بعبادة البقر، ولذلك اخرج السامري لهم عجلا جسدا له خوار، وقال:
هذا إلهكم وإله موسى.
70

266 - في تفسير العياشي عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن الله تبارك وتعالى لما أخبر موسى ان قومه اتخذوا عجلا له خوار فلم يقع منه
موقع العيان، فلما رآهم اشتد غضبه فألقى الألواح من يده فقال أبو عبد الله عليه السلام:
وللرؤية فضل على الخبر.
267 - في مجمع البيان - والقى الألواح روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: رحم
الله أخي موسى عليه السلام ليس المخبر كالمعاين، لقد أخبره الله بفتنة قومه وقد علم أن
ما أخبره ربه حق، وانه على ذلك لمتمسك بما في يديه، فرجع إلى قومه ورآهم
فغضب وألقى الألواح.
268 - في بصاير الدرجات علي بن خالد عن يعقوب بن يزيد عن عباس الوران عن
عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن ليث المرادي انه حدثه عن سدير بحديث،
فاتيته فقلت: ان المرادي حدثني عنك بحديث، فقال: وما هو؟ قلت: جعلت فداك
حديث اليماني، قال: نعم كنت عند أبي جعفر عليه السلام: فمر بنا رجل من أهل اليمن،
فسأله أبو جعفر عليه السلام عن اليمن؟ فاقبل يحدث فقال له أبو جعفر: تعرف دار كذا
وكذا؟ قال: نعم ورأيتها فقال أبو جعفر: هل تعرف صخرة عندها في موضع
كذا وكذا؟ قال: نعم، أو رأيتها؟ قال: فقال له الرجل: ما رأيت رجلا اعرف بالبلاد منك
فلما قام الرجل قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا أبا الفضل تلك الصخرة التي حيث غضب موسى
عليه السلام فالقى الألواح، فما ذهب من التورية التقمته الصخرة، فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وآله أدته
إليه وهي عندنا.
269 - معاوية بن حكيم عن محمد بن شعيب عن غزوان عن رجل عن أبي جعفر
عليه السلام قال: دخل رجل من أهل بلخ عليه فقال له: يا خورستاني تعرف وادي كذا وكذا؟
قال: نعم قال: من ذلك الصدع يخرج الدجال، قال: ثم دخل عليه رجل من أهل
اليمن، فقال: يا يماني تعرف شعب كذا وكذا؟ قال: نعم، قال له: تعرف شجرة في
الشعب من صفتها كذا وكذا؟ قال: نعم، قال له تعرف صخرة تحت الشجرة؟ قال:
نعم قال: تلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى على محمد صلى الله عليه وآله.
71

270 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: أخبرني عن هارون لم قال لموسى عليه السلام: يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا
برأسي ولم يقل يا بن أبي؟ فقال: ان العداوات بين الاخوة أكثرها يكون إذا كانوا بني
علات (1) ومتى كانوا بني أم قلت العداوة بينهم، الا ان ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه، فقال
هارون لأخيه موسى عليهما السلام يا أخي الذي ولدته أمي ولم تلدني غير أمه لا تأخذ
بلحيتي ولا برأسي، ولم يقل يا بن أبي، لان بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبعد
العداوة بينهم الا من عصمه الله منهم، وانما تستبعد العداوة بين بني أم واحدة قال: قلت له:
فلم أخذ برأسه يجره إليه وبلحيته ولم يكن في اتخاذهم العجل وعبادته له ذنب؟ فقال: انما فعل
ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب
الا ترى أنه قال لهارون: ما منعك إذ رأيتهم ضلوا الا تتبعن أفعصيت أمري قال
هارون: لو فعلت ذلك لتفرقوا واني خشيت ان تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم
ترقب قولي.
271 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا بن
رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: فكان هارون أخاه موسى
لأبيه وأمه؟ قال: نعم، اما تسمع قول الله تعالى: " يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي "
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
272 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة يقول
فيها وقد ذكر موسى وهارون عليهما السلام: كان هارون أخاه لأبيه وأمه.
273 - وفيها خطبة له عليه السلام وهي الخطبة الطالوتية وفي آخرها: ثم خرج من
المسجد فمر بصيرة (1) فيها نحو من ثلثين شاة، فقال: والله لو أن رجالا ينصحون لله
عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياة لا زلت ابن آكلة الذبان (3) عن ملكه، فلما أمسى

(1) بنو علات - بفتح المهملة وتشديد اللام -: اي أولاد أمهات شتى من أب واحد.
(2) الصيرة: حظيرة تتخذ من الحجارة وأغصان الشجر للغنم والبقر.
(3) الذبان - بالكسر والتشديد -: جمع ذباب، قال الفيض (ره): وكنى بابن
آكلتها عن سلطان الوقت، فإنهم كانوا في الجاهلية يأكلون من كل خبيث نالوه.
72

بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اغدوا بنا إلى أحجار
الزيت محلقين، وحلق أمير المؤمنين عليه السلام فما وافى من القوم محلقا الا أبو ذر والمقداد
وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر، وجاء سلمان في آخر القوم، فرفع يده إلى السماء
فقال: ان القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل هارون عليه السلام.
274 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمة الله عليه، وفي رواية سليم بن
قيس الهلالي عن سلمان الفارسي حديث طويل وفيه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام
لأبي بكر وأصحابه: اما والله لو أن أولئك الأربعين الرجل الذين بايعوني وفوا لي
لجاهدتكم في الله حق جهاده، اما والله لا ينالها أحد من عقبكم إلى يوم القيمة، ثم نادى
قبل ان يبايع: " يا بن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ".
275 - وباسناده إلى محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: حج رسول الله صلى الله عليه وآله
من المدينة، وبلغ من حج مع رسول الله من أهل المدينة وأهل الأطراف والاعراب
سبعين الف انسان أو يزيدون، على نحو عدد أصحاب موسى عليه السلام السبعين ألفا
الذين أخذ عليهم بيعة هارون عليه السلام فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك اخذ
رسول الله صلى الله عليه وآله البيعة لعلي عليه السلام بالخلافة على عدد أصحاب موسى
عليه السلام فنكثوا البيعة واتبعوا العجل والسامري سنة بسنة ومثلا بمثل والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
276 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في مسجد
الكوفة فقالوا: ما لأمير المؤمنين لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير و
عايشة ومعوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه السلام فأمر ان ينادى: الصلاة جامعة، فلما اجتمعوا
صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا قالوا
صدق أمير المؤمنين عليه السلام قد قلنا ذلك، قال: إن لي بسنة الأنبياء أسوة فيما
فعلت، قال الله تعالى في محكم كتابه: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " قالوا
ومن هم يا أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: أولهم إبراهيم عليه السلام إلى أن قال: ولي بأخي
هارون عليه السلام أسوة إذ قال لأخيه: يا بن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني
73

فان قلتم لم يستضعفوه ولم يشرفوا على قتله فقد كفرتم، وان قلتم استضعفوه وأشرفوا
على قتله فلذلك سكت عنهم فالوصي أعذر.
277 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سلمان الفارسي
عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه لعلي عليه السلام
يا أخي أنت سيفي بعدي وستلقى من قريش شدة ومن تظاهرهم عليك و
ظلمهم لك. فان وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وان
لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنك مني بمنزلة هارون
من موسى عليه السلام، ولك بهارون أسوة، إذا استضعفه قومه وكادوا يقتلونه فاصبر
لظلم قريش وتظاهرهم عليك، فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه وهم بمنزلة العجل
ومن تبعه.
278 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن
المنقري عن سفيان بن عيينة عن السدي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما أخلص عبد الايمان
بالله أربعين يوما أو قال: ما أجمل عبد ذكر الله أربعين يوما الا زهده الله في الدنيا وبصره
داءها ودوائها، وأثبت الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، ثم تلا: ان الذين
اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي
المفترين فلا يرى صاحب بدعة الا ذليلا، ومفتريا على الله عز وجل وعلى رسوله
وأهل بيته صلى الله عليهم الا ذليلا.
279 - في تفسير العياشي عن داود بن فرقد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
عرضت لي إلى الله حاجة فهجرت (1) فيها إلى المسجد، وكذلك أفعل إذا عرضت
بي الحاجة فبينا انا أصلى في الروضة إذا رجل على رأسي، قال: قلت: ممن الرجل؟
فقال: من أهل الكوفة، قال قلت: ممن الرجل؟ قال: من أسلم، قال: قلت:
ممن الرجل؟ قال: من الزيدية، (2) قال: قلت يا أخا أسلم من تعرف منهم؟ قال:

(1) هجرت - بتشديد الجيم - اي خرجت وقت الهاجرة وهي شدة الحر.
(2) وفي بعض النسخ " من الزهرية " ولعله مصحف.
74

اعرف صبورهم (1) ورشيدهم وأفضلهم هارون بن سعد، قلت يا أخا أسلم ذلك من
العجلية كما سمعت الله يقول: " ان الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة
في الحياة الدنيا ".
280 - في بصاير الدرجات محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن
عبد الله بن القاسم عن صباح المزني عن الحرث بن الحضيرة عن حبة العرني قال:
سمعت عليا عليه السلام يقول: إن يوشع بن نون كان وصي موسى بن عمران، وكانت
ألواح موسى عليه السلام من زمرد أخضر، فلما غضب موسى عليه السلام ألقى الألواح من
يده فمنها ما تكسر ومنها ما بقي ومنها ما ارتفع، فلما ذهب عن موسى الغضب قال
يوشع بن نون: عندك تبيان ما في الألواح؟ قال: نعم نزل كذا توارثها رهط بعد
رهط حتى وقعت في أيدي أربعة رهط من اليمن، وبعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بتهامة و
بلغهم الخبر، فقالوا: ما يقول هذا النبي؟ قيل: ينهى عن الخمر والزنا ويأمر
بمحاسن الأخلاق وكرم الجوار، فقالوا: هذا أولى بما في أيدينا منا، فاتفقوا ان
يأتوه في شهر كذا وكذا، فأوحى الله إلى جبرئيل عليه السلام ان ائت النبي صلى الله عليه وآله
فأخبره الخبر، فأتاه فقال: ان فلانا وفلانا وفلانا وفلانا ورثوا ما كان في الألواح
ألواح موسى عليه السلام، وهم يأتونك في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا، فسهر
لهم تلك الليلة فجاء الركب، فدقوا عليه الباب وهم يقولون: يا محمد! قال: نعم
يا فلان بن فلان بن فلان بن فلان ويا فلان بن فلان بن فلان بن فلان أين الكتاب الذي
توارثتموه من يوشع بن نون وصي موسى بن عمران؟ قالوا: نشهد ان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وانك رسول الله والله ما اعلم به أحد قط منذ وقع عندنا أحد قبلك قال:
فأخذه النبي صلى الله عليه وآله وإذا هو كتاب بالعبرانية دقيق فدفعه إلي ووضعته عند رأسي فأصبحت
بالغداة وهو كتاب بالعبرانية (2) جليل فيه علم ما خلق الله منذ قامت السماوات

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا: " قال: اعرف خيرهم وسيدهم ورشيدهم
... اه ".
(2) وفي نسخة " بالعربية " عوض " بالعبرانية ".
75

والأرض إلى أن تقوم الساعة فعلمت ذلك.
281 - في مجمع البيان: واختار موسى قومه الآية هذا الميثاق هو الميعاد الأول
عن أبي علي الجبائي وأبي مسلم وجماعة من المفسرين وهو الصحيح، ورواه علي بن
إبراهيم في تفسيره.
282 - في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضا عليه السلام مع أصحاب المقالات
والأديان قال عليه السلام: فمتى اتخذتم عيسى عليه السلام ربا جاز لكم ان تتخذوا اليسع
وحزقيل، لأنهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى عليه السلام، إلى أن قال: ثم موسى بن
عمران عليه السلام وأصحابه السبعون الذين اختارهم وصاروا معه إلى الجبل فقالوا
له: انك قد رأيت الله فأرناه سبحانه كما رأيته فقال لهم: اني لم أره فقالوا: لن نؤمن لك
حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة واحترقوا عن آخرهم وبقي موسى وحيدا فقال:
يا رب اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل فجئت بهم وارجع وحدي فكيف يصدقني
قومي بما أخبرتهم به؟ فلو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا؟.
283 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمي
عن الحجة القائم عليه السلام حديث طويل وفيه: قلت: فأخبرني يا بن مولاي عن
العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم؟ قال: مصلح أم مفسد؟ قلت: مصلح قال:
فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد ان لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد
قلت: بلى قال: فهي العلة، وأوردها لك ببرهان ينقاد لك عقلك، ثم قال عليه السلام: اخبرني
عن الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل، وانزل عليهم الكتب وأيدهم بالوحي والعصمة
وهم اعلام الأمم اهدى إلى الاختيار منهم، مثل موسى وعيسى عليهما السلام، هل
يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذ هما بالاختيار ان تقع خيرتهما على المنافق
وهما يظنان انه مؤمن؟ قلت: لا قال. هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال
علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عز وجل
سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم واخلاصهم، فوقع خيرته على المنافقين قال الله
عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " إلى قوله: " لن نؤمن لك
76

حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم " فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله
عز وجل للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح، وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن
الاختيار لا يجوز الا لمن يعلم ما تخفى الصدور وما تكن الضمائر، ويتصرف عليه السرائر
وان لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما
أرادوا أهل الصلاح.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قد كتبنا قريبا عند قوله تعالى: " رب
أرني انظر إليك " عن الرضا عليه السلام حديثا طويلا وفيه بيان هذه الآية فليراجع.
284 - في تفسير العياشي عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن
أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم
عجلا جسدا له خوار " فقال موسى عليه السلام: يا رب ومن أخار الصنم؟ فقال الله: يا موسى أنا اخرته
فقال موسى: " ان هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء " (1)
285 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما ناجى موسى ربه أوحى الله
إليه: ان يا موسى قد فتنت قومك قال: وبماذا يا رب؟ قال: بالسامري، صاغ لهم من
حليهم عجلا، قال: يا رب ان حليهم لا يحتمل أن يصاغ منه عزال أو تمثال أو عجل فكيف
فتنتهم؟ قال: صاغ لهم عجلا فخار، قال: يا رب ومن أخاره؟ قال: انا، قال عندها
موسى عليه السلام: " ان هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ".
286 - في مجمع البيان: ورحمتي وسعت كل شئ وفي الحديث ان النبي
صلى الله عليه وآله قام في الصلاة فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا
أحد، فلما سلم صلى الله عليه وآله قال للاعرابي: لقد تحجرت (2) واسعا يريد رحمة الله عز وجل
أورده البخاري في الصحيح.
287 - في روضة الواعضين للمفيد " رحمه الله " قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

(1) وقد مر الحديث بعينه تحت رقم 269 ولعله كرره هنا لما بينه وبين الحديث
الآتي من المناسب في المعنى أو غير ذلك.
(2) تحجر ما وسعه الله اي ضيقه على نفسه.
77

أوحى الله إلى داود عليه السلام: يا داود كما لا يضيق الشمس على من جلس فيها، كذلك لا تضيق
رحمتي على من دخل فيها.
288 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل يقول عليه السلام فيه:
" ورحمتي وسعت كل شئ " يقول: علم الإمام ووسع علمه الذي هو من علمه كل شئ هم
شيعتنا، ثم قال: فسأكتبها للذين يتقون يعني ولاية غير الامام وطاعته.
289 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جعفر بن محمد الصوفي قال:
سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام فقلت: يا بن رسول الله لم سمى النبي
صلى الله عليه وآله الأمي؟ فقال: ما يقول الناس؟ قلت: يزعمون أنه انما سمى الأمي لأنه لم يحسن
أن يكتب فقال عليه السلام: كذبوا عليهم لعنة الله، انى ذلك والله يقول في محكم كتابه:
" وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب
والحكمة " فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن والله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يقرء ويكتب باثنين وسبعين أو قال بثلث وسبعين لسانا، وانما سمى الأمي لأنه كان
من أهل مكة ومكة من أمهات القرى، وذلك قول الله عز وجل: " ولتنذر به أم القرى
ومن حولها ".
290 - وباسناده إلى علي بن حسان وعلي بن أسباط وغيره رفعوه عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قلت: الناس يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكتب ويقرأ؟ فقال: كذبوا
لعنهم الله، انى ذلك وقد قال الله عز وجل: " وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو
عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة " أفيكون يعلمهم الكتاب والحكمة
وليس يحسن أن يقرء ويكتب؟ قال: قلت: فلم سمى النبي الأمي؟ قال: نسب
إلى مكة، وذلك قول الله عز وجل: لتنذر أم القرى ومن حولها " فأم القرى مكة
فقيل: أمي لذلك.
291 - وباسناده إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان مما من الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله انه كان يقرء ولا يكتب فلما
78

توجه أبو سفيان إلى أحد كتب العباس إلى النبي صلى الله عليه وآله فجائه الكتاب وهو في بعض
حيطان المدينة فقرأه ولم يخبر أصحابه. وأمرهم أن يدخلوا المدينة فلما دخلوا
المدينة أخبرهم.
292 - وحدثنا محمد بن الحسن الصفار " رضي الله عنه " قال حدثنا سعد بن عبد الله
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي
عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان النبي صلى الله عليه وآله
يقرء الكتاب ولا يكتب.
293 - أبى " رضي الله عنه " قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن
محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن الحسن بن زياد
الصيقل قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان مما من الله عز وجل به على نبيه صلى الله عليه وآله
انه كان أميا لا يكتب ويقرء الكتاب.
294 - في أمالي الصدوق " رحمة الله عليه " باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه يقول: قال يهودي لرسول الله صلى الله عليه وآله: اني قرأت
نعتك في التورية محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة وليس بفظ ولا غليظ و
لا صخاب ولا مترنن بالفحش ولا قول الخنا (1) وانا أشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله
وهذا مالي فاحكم فيه بما انزل الله
295 - في الخرايج والجرايح عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه:
فقال الرضا عليه السلام أنت يا جاثليق امن في ذمة الله وذمة رسوله لأنه لا يبدئك منا شئ
تكره مما تخافه وتحذره، فقال: اما إذا امنتني فان هذا النبي الذي اسمه محمد صلى الله عليه وآله و
هذا الوصي الذي اسمه علي عليه السلام وهذه البنت التي اسمها فاطمة عليها السلام وهذا
السبطان اللذان اسمهما الحسن والحسين عليهما السلام في التورية والإنجيل والزبور.
296 - في كتاب التوحيد وعيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام

(1) الفظ: السئ الخلق الخشن الكلام، وصخب الرجل: صات شديدا فهو صخاب
ورنن الرجل - بتشديد النون -: صاح، والخنى: الفحش في الكلام.
79

مع أصحاب الملل والمقالات قال الرضا عليه السلام لرأس الجالوت: تسألني أو أسئلك قال:
بل أسئلك، ولست أقبل منك حجة الا من التورية أو من الإنجيل أو من زبور داود بما في
صحف إبراهيم وموسى عليه السلام قال الرضا عليه السلام: لا تقبل مني حجة الا ما نطق به التورية
على لسان موسى بن عمران عليه السلام، والإنجيل على لسان عيسى بن مريم عليه السلام،
والزبور على لسان داود عليه السلام فقال رأس الجالوت: من أين ثبت نبوة محمد صلى الله عليه وآله
قال الرضا عليه السلام: شهد بنبوته موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليهما السلام و
داود عليه السلام خليفة الله في الأرض، فقال له ثبت قول موسى بن عمران عليه السلام، قال
الرضا عليه السلام: هل تعلم يا يهودي ان موسى عليه السلام أوصى بني إسرائيل فقال
لهم: انه سيأتيكم نبي هو من اخوانكم فيه (1) فصدقوا ومنه فاسمعوا فهل تعلم أن لبني
إسرائيل اخوة غير ولد إسماعيل ان كنت تعرف قرابة إسرائيل من إسماعيل
أو السبب الذي بينهما من قبل إبراهيم عليه السلام؟ فقال رأس الجالوت: هذا قول
موسى لا ندفعه، فقال له الرضا عليه السلام: هل جائكم من اخوة بني إسرائيل نبي
غير محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: لا، قال الرضا عليه السلام: أفليس قد صح هذا عندكم؟ قال
نعم ولكني أحب ان تصححه لي من التورية، فقال له الرضا عليه السلام: هل تنكر ان التورية
يقول: جائكم النور من جبل طور سيناء، وأضاء لنا من جبل ساعير واستعلن علينا
من جبل فاران؟ قال رأس الجالوت: اعرف هذه الكلمات وما اعلم تفسيرها، قال
الرضا عليه السلام: انا أخبرك به، اما قوله: جاء النور من جبل طور سيناء فذلك وحي
الله تبارك وتعالى الذي أنزله على موسى على جبل طور سيناء، واما قوله: وأضاء لنا
من جبل ساعير، فهو الجبل الذي أوحى الله تعالى إلى عيسى بن مريم وهو عليه
واما قوله: واستعلن علينا من جبل فاران، فذلك جبل من جبال مكة بينه وبينها
يوم، وقال شيعا النبي عليه السلام فيما تقول أنت وأصحابك في التورية: رأيت راكبين
أضاء لهما الأرض أحدهما على حمار والآخر على جمل، فمن راكب الحمار ومن
راكب الجمل؟ قال رأس الجالوت: لا أعرفهما، فأخبرني بهما قال: اما راكب الحمار

(1) كذا في النسخ واستظهر في هامش العيون ان الأصل " فيه " بالباء الموحدة.
80

فعيسى، واما راكب الجمل فمحمد صلى الله عليه وآله أتنكر هذا من التورية؟ قال: لا ما أنكره
ثم قال الرضا عليه السلام: هل تعرف حيقوق النبي؟ قال: نعم اني به لعارف قال فإنه
قال وكتابكم ينطق به: جاء الله بالبينات من جبل فاران، وامتلأت السماوات
من تسبيح احمد وأمته يحمل خيله في البحر كما يحمل في البر يأتينا بكتاب جديد
بعد خراب بيت المقدس يعني بالكتاب: القرآن أتعرف هذا وتؤمن به؟ قال رأس -
الجالوت: قد قال ذلك حيقوق ولا ننكر قوله، قال الرضا عليه السلام وقد قال داود في
زبوره وأنت تقرء: اللهم ابعث مقيم السنة بعد الفترة فهل تعرف نبيا أقام السنة بعد
الفترة غير محمد صلى الله عليه وآله؟ قال رأس الجالوت: هذا قول داود نعرفه ولا ننكره ولكن
عنى بذلك عيسى عليه السلام وأيامه هي الفترة، قال الرضا عليه السلام: جهلت ان عيسى
لم يخالف السنة وقد كان موافقا لسنة تورية حتى رفعه الله إليه، وفي الإنجيل مكتوب
ان ابن البرة ذاهب (1) والفار قليطا جاء من بعده، وهو الذي يحقق الاخبار و
يفسر لكم كل شئ ويشهد لي كما شهدت له، انا جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل
أتؤمن بهذا في الإنجيل؟ قال: نعم لا. أنكره.
297 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الرحمن بن الأسود عن جعفر
ابن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله صديقان يهوديان قد آمنا
بموسى رسول الله وأتيا محمدا صلى الله عليه وآله وسمعا منه، وقد كانا قرئا التورية وصحف
إبراهيم وموسى عليهما السلام وعلما علم الكتب الأولى، فلما قبض الله تبارك وتعالى
رسوله أقبلا يسئلان عن صاحب الامر بعده، وقالا: انه لم يمت نبي قط الا وله
خليفة يقوم بالامر في أمته من بعده، قريب القرابة إليه من أهل بيته، عظيم القدر،
جليل الشأن، فقال أحدهما لصاحبه: هل تعرف صاحب هذا الامر من بعد هذا النبي
صلى الله عليه وآله؟ قال الآخر: لا أعلمه الا بالصفة التي أجدها في التورية، وهو الأصلع المصغر

(1) برة على ما قيل: أصلها بارة اسم مريم عليها السلام: وقال الطريحي (ره):
برة - بالباء الموحدة التحتانية والراء المهملة المشددة على ما صح من النسخ -: أحد
أوصياء الأنبياء المتأخرين عن نوح (ع).
81

فإنه كان أقرب القوم من رسول الله صلى الله عليه وآله فلما دخلا المدينة وسألا عن الخليفة أرشدا
إلى أبي بكر، فلما نظر إليه قالا: ليس هذا صاحبنا، ثم قالا له: ما قرابتك من رسول الله
صلى الله عليه وآله؟ قال: اني رجل من عشيرته، وهو زوج ابنتي عايشة، قالا: هل غير هذا؟ قال:
لا: قالا: ليست هذه بقرابة فأخبرنا أين ربك؟ قال: فوق سبع سماوات، قالا: هل
غير هذا؟ قال: لا، قالا: دلنا على من هو أعلم منك فإنك لست بالرجل الذي نجد
صفته في التورية انه وصي هذا النبي صلى الله عليه وآله وخليفته، ثم أرشدهما إلى عمر، فلما أتياه
قالا: ما قرابتك من هذا النبي؟ قال: انا من عشيرته وهو زوج ابنتي حفصة قالا: هل غير ذلك؟
قال: لا قالا: ليست هذه بقرابة وليست هذه الصفة التي نجدها في التورية، ثم قالا له: فأين
ربك؟ قال: فوق سبع سماوات، قالا: هل غير هذا قال: لا، قالا: دلنا على من هو
اعلم منك فأرشدهما إلى علي عليه السلام، فلما جاءا فنظرا إليه قال أحدهما لصاحبه:
انه الرجل الذي نجد صفته في التورية انه وصي هذا النبي صلى الله عليه وآله وخليفته و
زوج ابنته وأبو السبطين والقايم بالحق من بعده، ثم قالا لعلي عليه السلام: أيها الرجل
ما قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال عليه السلام: هو أخي وانا وارثه ووصيه وأول من آمن به و
زوج ابنته فاطمة عليها السلام، قالا له: هذه قرابة الفاخرة والمنزلة القريبة وهذه الصفة
التي نجدها في التورية، قال اليهوديان: فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في
موضعك الذي أنت أهله فوالذي أنزل التورية على موسى عليه السلام انك لانت الخليفة
حقا نجد صفتك في كتبنا ونقرأه في كنائسنا، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
298 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى عهد إلى
آدم عليه السلام إلى أن قال: فلما أنزلت التورية على موسى بشر بمحمد صلى الله عليه وآله و
كان بين موسى ويوسف عليهما السلام أنبياء وكان وصي موسى بن عمران يوشع بن نون
عليهما السلام وهو فتاه الذي ذكره الله في كتابه، فلم تزل الأنبياء تبشر بمحمد صلى الله عليه
وآله حتى بعث الله تبارك وتعالى المسيح عيسى بن مريم، فبشر بمحمد صلى الله عليه وآله وذلك قوله
82

تعالى: يجدونه يعني اليهود والنصارى مكتوبا يعني صفة محمد صلى الله عليه وآله عندهم
في التورية والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وهو قول الله عز وجل
يخبر عن عيسى: " ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد " وبشر موسى وعيسى عليهما
السلام بمحمد كما بشر الأنبياء صلوات الله عليهم بعضهم ببعض.
299 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: يقول: ورحمتي وسعت كل شئ يقول: علم الإمام ووسع علمه الذي
هو من علمه كل شئ هم شيعتنا ثم قال: فسأكتبها للذين يتقون يعني ولاية غير
الامام وطاعته ثم قال: يجدونه مكتوبا عندهم في التورية والإنجيل يعني النبي
صلى الله عليه وآله والوصي والقائم يأمرهم بالمعروف إذا قام وينهاهم عن المنكر والمنكر من
أنكر فضل الإمام عليه السلام وجحده ويحل لهم الطيبات اخذ العلم من أهله ويحرم
عليهم الخبائث والخبائث قول من خالف ويضع عنهم إصرهم وهي الذنوب التي
كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام عليه السلام والأغلال التي كانت عليهم والأغلال: ما كانوا
يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام عليه السلام فلما عرفوا فضل الامام
وضع عنهم إصرهم والإصر: الذنب وهي الآصار ثم نسبهم فقال: الذين آمنوا به يعني
بالامام وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون
يعني الذين اجتنبوا الجبت والطاغوت ان يعبدوها والجبت والطاغوت فلان وفلان و
فلان والعبادة طاعة الناس لهم.
300 - علي بن إبراهيم باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
" الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التورية والإنجيل
يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " إلى
قوله: " واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون " قال: النور في هذا الموضع
أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.
301 - محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله بن جعفر عن الحسن بن طريف وعلي بن
83

محمد عن صالح بن أبي حماد عن بكر بن صالح عن عبد الرحمن بن سالم عن أبي بصير عن أبي
عبد الله ان أبا جعفر عليه السلام قرأ اللوح الذي أهداه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي فيه اسم النبي
وأسماء الأئمة عليهم السلام وفي آخره بعد ان ذكر علي بن محمد عليهما السلام
اخرج منه الداعي إلى سبيلي، والخازن لعلمي الحسن، وأكمل ذلك بابنه م ح م د
رحمة للعالمين، عليه كمال موسى، وبهاء عيسى عليهما السلام، وصبر أيوب، فيذل
أوليائي في زمانه ويتهادى رؤسهم كما يتهادى رؤس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون
ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم، ويفشوا الويل والرنة (1)
في شأنهم، أولئك أوليائي حقا، بهم ادفع كل فتنة عمياء حندس (2) وبهم أكشف
الزلازل وأدفع الآصار والأغلال، " أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك
هم المهتدون ".
302 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمر بن عثمان عن علي بن عيسى
رفعه قال: إن موسى عليه السلام ناجاه ربه تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: أوصيك يا موسى
وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم، ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر
الطيب الطاهر المطهر: فمثله في كتابك انه مهيمن على الكتب كلها، وانه راكع
ساجد راغب راهب، اخوانه المساكين وأنصاره قوم آخرون، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
303 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى:
" الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه " يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله " كما يعرفون أبنائهم " لان الله
عز وجل قد أنزل عليهم في التورية والإنجيل والزبور صفة محمد صلى الله عليه وآله وصفة أصحابه و
مبعثه ومهاجره، وهو قوله تعالى: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار
رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم

(1) الرنة: الصيحة.
(2) الحندس - بكسر الحاء -: المظلم.
84

من اثر السجود ذلك مثلهم في التورية ومثلهم في الإنجيل " فهذه صفة رسول الله
صلى الله عليه وآله في التورية والإنجيل وصفة أصحابه، فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب كما
قال جل جلاله: " فلما جائهم ما عرفوا كفروا به ".
304 - في تفسير العياشي عن أبي بصير في قول الله: " فالذين آمنوا به وعزروه
ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه " قال أبو جعفر عليه السلام: النور علي عليه السلام.
305 - عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله في قول الله: ومن قوم
موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون فقال: قوم موسى عليه السلام هم أهل الاسلام.
306 - عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله
استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا، خمسة عشر من قوم موسى الذين يقضون
بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف ويوشع وصى موسى، ومؤمن آل
فرعون وسلمان الفارسي، وأبا دجانة الأنصاري، ومالك الأشتر.
307 - عن أبي الصهبان البكري قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام ودعى رأس
الجالوت وأسقف النصارى فقال: اني سائلكما عن أمر وانا اعلم به منكما، يا رأس
الجالوت بالذي انزل التورية على موسى، وأطعمكم المن والسلوى، وضرب لكم في
البحر طريقا يبسا وفجر لكم من الحجر الطور اثنى عشر عينا لكل سبط من بني إسرائيل عينا
الا ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى عليه السلام؟ فقال: ولا الا فرقة واحدة،
فقال: كذبت والذي لا اله غيره، لقد افترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار
الا واحدة، فان الله يقول: " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ".
308 - في الكافي علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسغدة بن صدقة
عن أبي عبد الله عليه السلام وقال بعده: وبهذا الاسناد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يسأل
عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: أواجب هو على الأمة جميعا؟ فقال: لا
فقيل له: ولم؟ قال: انما هو على القوي المطاع، العالم بالمعروف من المنكر
لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى اي من اي، يقول من الحق إلى الباطل،
والدليل علي ذلك كتاب الله تعالى قوله: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون
85

بالمعروف وينهون عن المنكر " فهذا خاص غير عام كما قال الله تعالى: " ومن قوم
موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " ولم يقل على أمة موسى ولا على كل قومه و
هم يومئذ أمم مختلفة والأمة واحدة فصاعدا، كما قال الله سبحانه وتعالى: " ان إبراهيم
كان أمة قانتا لله " يقول: مطيعا لله تعالى والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
309 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " باسناده إلى الإمام محمد بن
علي الباقر عليهما السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه خطبة الغدير وفيها معاشر
الناس انا الصراط المستقيم الذي أمركم باتباعه، ثم علي (عليه السلام) من بعدي، ثم
ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون.
310 - وفيه عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: ولم يخل أرضه من
عالم بما يحتاج الخليقة إليه، ومتعلم على سبيل نجاة، أولئك هم الأقلون عددا، و
قد بين الله ذلك من أمم الأنبياء، وجعلهم مثلا لمن تأخر، مثل قوله فيمن آمن من
قوم موسى عليه السلام " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ".
311 - في مجمع البيان " ومن قوم موسى " الآية اختلف في هذه الأمة من هم؟
على أقوال، أحدها: انهم قوم من وراء الصين وبينهم وبين صين واد جار من الرمل لم يغيروا
ولم يبدلوا عن ابن عباس والسدي والربيع والضحاك وهو المروى عن أبي جعفر
الباقر عليه السلام قالوا وليس لاحد منهم مال دون صاحبه، يمطرون بالليل ويضحون بالنهار
ويزرعون، لا يصل إليهم منا أحد ولا منهم إلينا، وقيل: إن جبرئيل عليه السلام انطلق
بالنبي صلى الله عليه وآله ليلة المعراج إليهم، فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة، فآمنوا
به وصدقوه وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويترك السبت، وأمرهم بالصلاة والزكاة و
لم يكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا وروى أصحابنا انهم يخرجون مع قائم آل محمد
عليهم السلام وروى أن ذا القرنين رآهم وقال: لم أمرت بالمقام لسرني ان أقيم بين أظهركم.
312 - وفيه عند قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " وروى ابن جريح عن
النبي صلى الله عليه وآله قال: هي أمتي بالحق يأخذون، وبالحق يعطون، وقد اعطى القوم
بين أيديكم مثلها " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ".
86

313 - في كتاب الخصال عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن الحسن بن جعفر بن
الحسن بن علي عليهم السلام قال: سألت علي بن موسى بن جعفر عليه السلام عما يقول في بني
الأفطس فقال: ان الله أخرج من بني إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام
اثنى عشر سبطا ونشر من الحسن والحسين أبني أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة بنت رسول الله
صلى الله عليه وآله اثنى عشر سبطا ثم عدد الاثني عشر من ولد إسرائيل فقال: زيلون بن
يعقوب وشمعون بن يعقوب ويهود بن يعقوب وتشاخر بن يعقوب وريكون
بن يعقوب ويوسف بن يعقوب وبنيامين بن يعقوب وتفشال بن يعقوب وودان بن يعقوب
وسقط عن الحسن النسابة ثلاثة منهم، ثم عدد الاثني عشر من ولد الحسن والحسين
عليهما السلام فقال: اما الحسن فانتشر منه ستة ابطن، بنو الحسن بن زيد بن الحسن بن علي
وبنو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، وبنو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي
وبنو الحسن بن الحسن بن علي وبنو داود بن الحسن بن الحسن بن علي وبنو جعفر بن الحسن
بن الحسن بن علي فعقب الحسن عليه السلام من هذه الستة الا بطن، ثم عد بني الحسين عليه السلام فقال
بنو محمد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، وبنو عبد الله
الباهر بن علي، وبنو زيد بن علي بن الحسين بن علي، وبنو الحسين بن علي بن الحسين
بن علي وبنو عمر بن علي بن الحسين بن علي وبنو علي بن الحسين بن علي، فهؤلاء الستة
الا بطن نشر الله منهم ولد الحسين بن علي عليهما السلام.
314 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه السلام أنه قال: في قول الله عز وجل:
وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فقال: ان الله أعز وأمنع من أن يظلم و
ان ينسب نفسه إلى ظلم، ولكن الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته
ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه فقال: " وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "
قلت هذا تنزيل؟ قال: نعم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
315 - بعض أصحابنا عن محمد بن أبي عبد الله عن عبد الوهاب بن بشر عن موسى بن
قادم عن سليمان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئلته عن قول الله عز وجل: " وما
87

ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، قال: إن الله أعظم وأعز وأجل وامنع من أن
يظلم، ولكنه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته، حيث يقول: " انما وليكم
الله ورسوله والذين آمنوا " يعني الأئمة منا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
316 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين
عليه السلام حديث طويل فيه: واما قوله: " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "
فهو تبارك اسمه أجل وأعز من أن يظلم ولكنه قرن امنائه على خلقه بنفسه، وهو عرف
الخليقة جلالة قدرهم عنده، وان ظلمهم ظلمه بقوله: " وما ظلمونا " ببغضهم أوليائنا، ومعونة
أعدائهم عليهم " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " إذ حرموها الجنة وأوجبوا عليها
دخول النار.
317 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن
رئاب عن أبي عبيد عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه ان قوما من أهل أيلة (1) من قوم ثمود وان الحيتان كانت سبقت
إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك، فشرعت إليهم يوم سبتهم
في ناديهم (2) وقدام أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها،
فلبثوا في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم عنها الأحبار ولا يمنعهم العلماء من صيدها، ثم إن الشيطان
أوحى إلى طائفة منهم انما نهيتم عن اكلها يوم السبت ولم تنهوا عن صيدها، فاصطادوها
يوم السبت وأكلوها فيما سوى ذلك من الأيام، فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها فعتت
وانحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين فقالوا: ننهاكم عن عقوبة الله ان تتعرضوا لخلاف
أمره، واعتزلت طائفة أخرى منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم، فقالت للطائفة التي
وعظتهم: لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا فقالت الطائفة التي
وعظتهم معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون قال: فقال الله عز وجل: فلما نسوا ما ذكروا به

(1) أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، وقيل: آخر الحجاز وأول
الشام وحكى عن بعض انه: قال: سميت بايلة بنت مدين بن إبراهيم.
(2) النادي: مجلس القوم ومتحدثهم نهارا.
88

يعني لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة فقال الطائفة التي وعظتهم: لا والله
لا نجامعكم ولا نبايتكم (1) هذه الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله مخافة أن ينزل
بكم البلاء فيعمنا معكم، قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة ان تصيبهم البلاء فنزلوا
قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء، فلما أصبحوا أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا
ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها
حس أحد فوضعوا سلما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر
فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون فقال الرجل لأصحابه: يا قوم أرى والله عجبا. قالوا: وما ترى؟
قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون لها أذناب، فكسروا الباب قال: فعرفت القردة
أنسابهم من الانس ولم تعرف الانس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟ فقال
علي عليه السلام: والله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة اني لأعرف أنسابها من هذه الأمة لا ينكرون
ولا يغيرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا وقد قال الله: " فبعدا للقوم الظالمين " وقال
الله: أنجينا الذين ينهون عن السوء واخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا
يفسقون.
318 - في تفسير العياشي عن علي بن عقبة عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن اليهود أمروا بالامساك يوم الجمعة فتركوا يوم الجمعة فأمسكوا يوم السبت.
319 - عن هارون بن عبيد رفعه إلى أحدهم قال: جاء قوم إلى أمير المؤمنين
عليه السلام بالكوفة وقالوا: يا أمير المؤمنين ان هذه الجراري (2) تباع في أسواقنا؟ قال:
فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام ضاحكا به، ثم قال قوموا لأريكم عجبا ولا تقولوا في
وصيكم الا خيرا فقاموا معه فأتوا شاطئ بحر فتفل فيه تفلة وتكلم بكلمات فإذا
بجرية رافعة رأسها فاتحة فاها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: من أنت الويل
لك ولقومك؟ فقال: نحن من أهل القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يقول

(1) من البيتوتة
(2) الجراري جمع الجري - بتشديد الراء والياء كسكيت -: بمعنى الجريث: ضرب
من السمك يشبه الحيات، ويقال له بالفارسية " مار ما هي "
89

الله في كتابه: إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا الآية، فعرض الله علينا ولايتك
فقعدنا عنها فمسخنا الله فبعضنا في البر وبعضنا في البحر، فاما الذين في البحر فنحن
الجراري، واما الذين في البر فالضب واليربوع، قال: ثم التفت أمير المؤمنين
عليه السلام إلينا فقال: أسمعتم مقالتها؟ قلنا: اللهم نعم، قال: والذي بعث محمدا بالنبوة
لتحيض كما تحيض نساؤكم.
320 - عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام في قول الله
" فلما جاء أمرنا أنجينا الذين ينهون عن السوء " قال: افترق القوم ثلث فرق:
فرقة نهت واعتزلت، وفرقة أقامت ولم تقارف الذنوب (1) وفرقة قارفت الذنوب
فلم ينجو من العذاب الا من نهى، قال جعفر: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما صنع بالذين
أقاموا ولم يقارفوا الذنوب؟ قال: بلغني انهم صاروا ذرا.
321 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى: فلما نسوا ما ذكروا به
قال: كانوا ثلاثة أصناف، صنف ائتمروا وأمروا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا، وصنف
لم يأمروا ولم يأتمروا فهلكوا.
322 - في روضة الكافي سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن عبد الله بن المغيرة
عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا
الذين ينهون عن السوء " قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا وأمروا فنجوا، و
صنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرا وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا.
423 - في مجمع البيان ووردت الرواية عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان
الله لم يمسخ شيئا فجعل له نسلا وعقبا.
324 - في من لا يحضره الفقيه وقد روى أن المسوخ لم تبق أكثر من ثلاثة أيام
، وان هذه مثل لها فنهى الله عز وجل عن أكلها.
325 - في مجمع البيان: ليبعثن عليهم اي على اليهود إلى يوم القيمة من يسومهم
سوء العذاب اي من يذيقهم ويوليهم شدة العذاب بالقتل واخذ الجزية منهم والمعنى

(1) قارف الذنب: قاربه. خالطه.
90

به أمة محمد صلى الله عليه وآله عند جميع المفسرين وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام.
326 - في تفسير العياشي عن إسحاق بن عبد العزيز قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: خص الله هذه الأمة بآيتين من كتابه ان لا يقولوا ما لا يعلمون، ثم
قرء: ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب الآية وقوله: " بل كذبوا بما لم يحيطوا
بعلمه ولما يأتهم تأويله " إلى قوله " الظالمين ".
327 - عن أبي السفاتج قال قال أبو عبد الله عليه السلام: آيتين في كتاب الله خص الله
الناس ان لا يقولوا ما لا يعلمون قول الله: " ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ان لا يقولوا
على الله الا الحق " وقوله: " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله ".
328 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن يونس
عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خص عباده بآيتين من
كتابه أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما لم يعلموا، وقال عز وجل: " ألم يؤخذ
عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله الا الحق " وقال: " بل كذبوا بما لم يحيطوا
بعمله ".
329 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: " الذين يمسكون بالكتاب " إلى آخره قال: نزلت في آل محمد صلى الله عليه وآله و
أشياعهم.
330 - في نهج البلاغة ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه،
ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عيش العلم وموت
الجهل، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم، وصمتهم عن منطقهم (1) وظاهرهم
عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق وصامت
ناطق.
331 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله، وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا
انه واقع بهم قال الصادق عليه السلام: لما انزل الله التورية على بني إسرائيل لم يقبلوه،

(1) ولذلك قيل: صمت العارف أبلغ من نطق غيره.
91

فرفع الله عليهم جبل طور سيناء فقال لهم موسى عليه السلام: ان لم تقبلوه وقع عليكم الجبل
فقبلوه وطأطأوا رؤسهم.
332 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أبي عبد الله عليه السلام
حديث طويل وفيه قال السائل: أخبرني عن طائر طار مرة ولم يطر قبلها ولا بعدها
ذكره الله تعالى في القرآن ما هو؟ فقال: طور سيناء أطاره الله عز وجل على بني إسرائيل
حين أظلهم بجناح منه، فيه ألوان العذاب حتى قبلوا التورية، وذلك قول الله
عز وجل: " وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا انه واقع بهم " الآية.
333 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وسأل طاوس اليماني أبا جعفر الباقر
عليه السلام عن طاير طار مرة ولم يطير قبلها ولا بعدها قال عليه السلام: طور سيناء قوله
تعالى: " وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة ".
334 - في تفسير العياشي وفي رواية إسحاق بن عمار عنه في قول الله تعالى: خذوا ما
آتيناكم بقوة أقوة في الأبدان أم قوة في القلوب؟ قال: فيهما جميعا.
335 - عن محمد بن أبي حمزة عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله:
" خذوا ما آتيناكم بقوة " قال: السجود ووضع اليدين على الركبتين في الصلاة.
336 في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن
أبي الربيع القزاز عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت: لم سمى أمير المؤمنين؟ قال:
الله سماه، وهكذا أنزل في كتابه: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و
اشهدهم على أنفسهم الست بربكم وأن محمدا رسولي وان عليا أمير المؤمنين ".
337 - محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد الرحمان بن
كثير عن داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لما أراد الله ان يخلق الخلق نثرهم
بين يديه فقال لهم: من ربكم؟ فأول من نطق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والأئمة
عليهم السلام فقالوا: أنت ربنا فحملهم العلم والدين، ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة
ديني وعلمي وأمنائي في خلقي، وهم المسؤولون، ثم قال لبني آدم: أقروا لله
بالربوبية ولهؤلاء النفر بالولاية والطاعة، فقالوا: ربنا أقررنا فقال الله للملائكة
92

اشهدوا فقال الملائكة: شهدنا، قال علي عليه السلام: ان لا تقولوا غدا انا كنا عن هذا
غافلين أو تقولوا انما أشرك آبائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل
المبطلون يا داود ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق.
338 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي بصير
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كيف أجابوا وهم ذر؟ قال: جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه،
يعني في الميثاق.
339 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن عمير عن ابن أذينة عن
زرارة ان رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل وإذ أخذ ربك من بني آدم
من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى إلى آخر الآية فقال
وأبوه يسمع عليهما السلام: حدثني أبي ان الله عز وجل قبض قبضة من تراب التربة
التي خلق الله منها آدم. فصب عليها الماء العذب الفرات، ثم تركها أربعين صباحا
ثم صب عليها الماء المالح الأجاج (1) فتركها أربعين صباحا، فلما اختمرت الطينة
اخذها فعركها عركا شديدا فخرجوا كالذر من يمينه وشماله وأمرهم جميعا ان
يقعوا في النار فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا وسلاما، وأبى أصحاب
الشمال ان يدخلوها.
340 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن بكير بن
أعين قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: إن الله اخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر يوم
اخذ الميثاق على الذر بالاقرار له بالربوبية ومحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة وعرض الله عز وجل
على محمد أمته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق الله أرواح
شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفهم عليا و
نحن نعرفهم في لحن القول.
341 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن صالح بن سهل
عن أبي عبد الله عليه السلام ان بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأي شئ سبقت الأنبياء

(1) الأجاج: الشديد الملوحة.
93

وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال: اني كنت أول من آمن بربي وأول من أجاب
حين أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم " الست بربكم قالوا بلى " فكنت أنا
أول نبي قال: بلى، فسبقتهم بالاقرار بالله.
342 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن إسماعيل عن محمد بن
إسماعيل عن سعدان بن مسلم عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل رسول الله
صلى الله عليه وآله بأي شئ سبقت ولد آدم؟ قال: انني أول من أقر بربي ان الله اخذ ميثاق
النبيين " وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى " فكنت انا أول من أجاب.
343 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي
عن ابن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أول من سبق إلى بلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك أنه
كان أقرب الخلق إلى الله تبارك وتعالى، وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل عليه السلام
لما اسرى به إلى السماء: تقدم يا محمد فقد وطئت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي
مرسل، ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر ان يبلغه، وكان من
الله عز وجل كما قال " قاب قوسين أو أدنى " اي بل أدنى.
344 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم
عن داود العجلي عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى حيث
خلق الخلق خلق ماءا عذبا وماءا مالحا أجاجا فامتزج الماءان، فأخذ طينا من أديم الأرض
فعركه عركا شديدا، فقال لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام،
وقال لأصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم قال: " ألست بربكم قالوا بلى
شهدنا أن تقولوا يوم القيمة انا كنا عن هذا غافلين " ثم اخذ الميثاق على النبيين
فقال " ألست بربكم وان هذا محمد رسولي وان هذا علي أمير المؤمنين قالوا بلى "
فثبتت لهم النبوة وأخذ الميثاق على أولى العزم انني ربكم ومحمد صلى الله عليه وآله وعلي
أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي عليهم السلام، وان المهدي
أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وانتقم به من أعدائي وأعبد به طوعا وكرها قالوا:
أقررنا يا رب وشهدنا ولم يجحد آدم عليه السلام ولم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي
94

ولم يكن لآدم عزم على الاقرار به، وهو قول الله عز وجل: " ولقد عهدنا إلى آدم
من قبل فنسى ولم نجد له عزما " قال: انما هو فترك ثم أمر نارا فأججت (1) فقال
لأصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها وقال لأصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها
فكانت عليهم بردا وسلاما، فقال أصحاب الشمال: [يا رب] أقلنا فقال قد أقلتكم اذهبوا
فادخلوها فهابوها، فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية.
345 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته: عن قول الله عز وجل: " فطرة الله التي فطر
الناس عليها " ما تلك الفطرة؟ قال: هي الاسلام فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على
التوحيد، قال: ألست بربكم وفيه المؤمن والكافر.
346 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن صالح بن سهل
عن أبي عبد الله عليه السلام ان رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو مع أصحابه فسلم عليهم
ثم قال: انا والله أحبك وأتولاك! فقال له أمير المؤمنين: كذبت قال: بلى والله اني
لأحبك وأتولاك فقال له أمير المؤمنين: كذبت ما أنت كما قلت، ان الله خلق الأرواح
قبل الأبدان بألفي عام، ثم عرض علينا المحب لنا فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض
فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه.
347 - وفي رواية أخرى قال أبو عبد الله عليه السلام: كان في النار.
348 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى حبيب قال: حدثني الثقة عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق العباد وهم أظلة قبل الميلاد
فما تعارف من الأرواح ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
349 - وباسناده إلى حبيب عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما تقول في
الأرواح انها جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف قال: فقلت
انا نقول ذلك، قال: فإنه كذلك ان الله عز وجل اخذ من العباد ميثاقهم وهم أظلة
قبل الميلاد وهو قوله عز وجل: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و

(5) الأجيج: ملتهب النار.
95

اشهدهم على أنفسهم " إلى آخر الآية قال: فمن أقربه يومئذ جاءت ألفته هيهنا و
من أنكره يومئذ جاء خلافه هيهنا.
350 - أبي " رحمه الله " قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن
الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول
الله عز وجل: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم
الست بربكم قالوا بلى " قال: ثبتت المعرفة ونسوا الوقت وسيذكرونه
يوما، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ولا من رازقه.
351 - في كتاب التوحيد قال: أبي رحمه الله حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم
بن هاشم ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا عن ابن أبي عمير عن
عمر بن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " وإذ أخذ
ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى "
قال: اخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيمة، فخرجوا كالذر فعرفهم ورآهم صنعه
ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه.
352 - أبي " رحمه الله " قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد
عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن ابن مسكان عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام
أصلحك الله قول الله عز وجل في كتابه: " فطرة الله التي فطر الناس عليها " قال فطرهم على
التوحيد عند الميثاق، وعلى معرفته انه ربهم، قلت: وخاطبوه؟ قال: فطأطأ رأسه ثم
قال: لولا ذلك لم يعلموا من ربهم ولا من رازقهم.
353 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان
عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم
على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " قلت: معاينة كان هذا؟ قال: نعم فثبتت
المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه،
فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله: " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا
به من قبل ".
96

354 - في كتب التوحيد باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قلت له: اخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمن يوم القيمة؟ قال: نعم وقد رأوه
قبل يوم القيمة، فقلت: متى؟ قال: حين قال لهم: " الست بربكم قالوا بلى " ثم
سكت ساعة ثم قال: وان المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيمة ألست تره في وقتك
هذا؟ قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال: لا، فإنك إذا
حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول، ثم قدر ان ذلك تشبيه كفر وليست
الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون.
355 - في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن موسى عن العباس بن
معروف عن ابن أبي نجران عن عبد الله بن سنان عن ابن أبي يعفور عن أبي حمزة عن أبي
جعفر عليه السلام قال: قال له رجل: كيف سميت الجمعة جمعة؟ قال: إن الله عز وجل
جمع فيها خلقه للولاية محمد صلى الله عليه وآله ووصيه في الميثاق، فسماه يوم
الجمعة لجمعه فيه خلقه.
356 - في أمالي شيخ الطائفة باسناده إلى جابر عن أبي جعفر عليه السلام عن أبيه
عن جده عليهم السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: أنت الذي احتج الله بك في
ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحا فقال لهم: الست بربكم؟ قالوا: بلى قال: و
محمد صلى الله عليه وآله رسولي؟ قالوا: بلى قال: وعلي أمير المؤمنين وأبى الخلق جميعا الا
استكبارا وعتوا عن ولايتك الا نفر قليل وهم أقل القليل وهم أصحاب اليمين.
357 - في غوالي اللئالي وقال عليه السلام: اخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان (1) يعني
عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم وتلا: " الست
بربكم قالوا بلى ".
358 - في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلاة الغدير المسند إلى الصادق عليه السلام:
ومننت علينا بشهادة الاخلاص لك بموالاة أوليائك الهداة المهديين من بعد النذير

(1) قال الجوهري في الصحاح نعمان - بالفتح - واد في طريق الطائف يخرج
إلى عرفات.
97

المنذر، والسراج المنير. وأكملت الدين بموالاتهم والبراءة من عدوهم وأتممت علينا
النعمة التي جددت لنا عهدك، وذكرتنا ميثاقك، المأخوذ منا في مبدء خلقك إيانا،
وجعلتنا من أهل الإجابة، وذكرتنا العهد والميثاق ولم تنسنا ذكرك، فإنك قلت:
" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست
بربكم قالوا بلى " شهدنا بمنك ولطفك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت ربنا، ومحمد عبدك
ورسولك نبينا وعلي أمير المؤمنين والحجة العظمى وآيتك الكبرى والنبأ
العظيم الذي هم فيه مختلفون.
359 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن
أبي عميرة عن عبد الرحمان الحذاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين
عليهما السلام لا يرى بالعزل بأسا أتقرء هذه الآية " وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم
ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم الست بربكم قالوا بلى " فكل شئ اخذ الله منه الميثاق
فهو خارج وإن كان على صخرة صماء.
360 - في تفسير العياشي عن جابر قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا
جابر لو يعلم الجهال متى سمى أمير المؤمنين علي عليه السلام لم ينكروا حقه، قال: قلت:
جعلت فدك متى سمى؟ فقال لي: قوله: " وإذ اخذ ربك من بني آدم " إلى " الست بربكم و
ان محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله وان عليا أمير المؤمنين عليه السلام " قال: ثم قال لي: يا جابر
هكذا والله جاء بها محمد صلى الله عليه وآله.
361 - عن ابن مسكان عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله
صلى الله عليه وآله ان أمتي عرضت علي في الميثاق، فكان أول من آمن بي علي عليه السلام، وهو أول
من صدقني حين بعثت، وهو الصديق الأكبر، والفاروق يفرق بين الحق والباطل.
362 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " الست بربكم قالوا بلى "
قالوا بألسنتهم؟ قال: نعم، وقالوا بقلوبهم، فقلت: وأي شئ كانوا يومئذ؟ قال:
صنع منهم ما اكتفى به.
363 - عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى سمى أمير المؤمنين عليه السلام
98

أمير المؤمنين؟ قال: قال: والله أنزلت هذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله " وأشهدهم على
أنفسهم الست بربكم وأن محمدا رسول الله وان عليا أمير المؤمنين عليه السلام " فسماه الله
والله أمير المؤمنين.
364 - عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام قال: اتاه ابن الكوا فقال: يا أمير المؤمنين
أخبرني عن الله تبارك وتعالى هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى؟ فقال علي عليه السلام:
قد كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم وردوا عليه الجواب، فثقل ذلك على ابن الكوا
ولم يعرفه، فقال له: كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال له: أو ما تقرء
كتاب الله إذ يقول لنبيه: " وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على
أنفسهم الست بربكم قالوا بلى " فقد أسمعهم كلامه وردوا عليه الجواب كما تسمع في
قول الله يا بن الكوا، " وقالوا بلى " فقال لهم: اني انا الله لا اله الا أنا، وانا الرحمان فأقروا له
بالطاعة والربوبية وميز الرسل والأنبياء والأوصياء، وأمر الخلق بطاعتهم فأقروا
بذلك في الميثاق، فقال الملائكة عند اقرارهم: شهدنا عليكم يا بني آدم ان تقولوا
يوم القيمة انا كنا عن هذا غافلين.
365 - عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: " وإذ اخذ ربك من
بني آدم من ظهورهم ذريتهم " قال: نعم لله الحجة على جميع خلقه يوم الميثاق
هكذا - وقبض يده -.
366 - في الكافي محمد بن يحيى وغيره عن أحمد عن موسى بن عمر عن ابن
سنان عن أبي سعيد القماط عن بكير بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: لأي علة
وضع الله الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يوضع في غيره؟ ولأي علة يقبل؟ ولأي علة اخرج
من الجنة ولأي علة وضع ميثاق العباد فيه والعهد فيه ولم يوضع في غيره؟ وكيف
السبب في ذلك؟ تخبرني جعلني الله فداك فان تفكري فيه لعجب، قال: فقال سألت
وأعضلت في المسألة (1) واستقصيت فافهم الجواب وفرغ قلبك واصغ سمعك أخبرك
انشاء الله، ان الله تبارك وتعالى وضع الحجر الأسود وهي جوهرة أخرجت من الجنة

(1) اي جئت بمسألة معضلة مشكلة.
99

إلى آدم عليه السلام، فوضعت في ذلك الركن لعلة الميثاق، وذلك أنه لما أخذ من بني آدم من
ظهورهم ذريتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان وفي ذلك المكان ترائى لهم (1) و
في ذلك المكان (2) يهبط الطير على القائم عليه السلام، فأول من يبايعه ذلك الطاير، وهو والله
جبرئيل عليه السلام والى ذلك المقام يسند القائم ظهره وهو الحجة والدليل على القائم، و
هو الشاهد لمن وافى (3) في ذلك المكان، والشاهد على من أدى إليه الميثاق والعهد
الذي اخذ الله عز وجل على العباد، فاما القبلة والاستلام (4) فلعله العهد تجديدا
لذلك العهد والميثاق، وتجديدا للبيعة ليؤدوا إليه العهد الذي أخذ الله عليهم في الميثاق
فيأتوه في كل سنة ويؤدوا إليه ذلك العهد والأمانة الذين اخذ عليهم الا ترى انك
تقول (5): أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، ووالله ما يؤدي ذلك أحد
غير شيعتنا ولا حفظ ذلك العهد والميثاق أحد غير شيعتنا، وانهم ليأتوه فيعرفهم و
يصدقهم ويأتيه غيرهم فينكرهم ويكذبهم، وذلك أنه لم يحفظ ذلك غيركم فلكم والله يشهد
وعليهم والله يشهد بالخفر (6) والجحود والكفر، وهو الحجة البالغة من الله عليهم يوم القيمة
يجئ وله لسان ناطق، وعينان في صورته الأولى تعرفه الخلق ولا تنكره، يشهد لمن
وافاه وجدد الميثاق والعهد عنده يحفظ العهد والميثاق وأداء الأمانة، ويشهد على كل
من أنكر وجحد ونسي الميثاق بالكفر والانكار، فأما علة ما أخرجه الله من الجنة
فهل تدري ما كان الحجر؟ قلت: لا، قال: كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله فلما
اخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك فاتخذه لله أمينا على
جميع خلقه، فالقمه الميثاق وأودعه عنده، واستبعد الخلق ان يجددوا عنده في كل سنة

(1) اي ظهر لهم حتى رأوه.
(2) وفي المصدر: " ومن ذلك المكان ".
(3) وفي المصدر: " لمن وافاه ".
(4) وفي بعض النسخ " والالتماس " مكان " والاستلام ".
(5) اي في الدعاء عند استلام الحجر.
(6) انخفر: نقض العهد والغدر.
100

الاقرار بالميثاق والعهد الذي اخذ الله عز وجل عليهم، ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره
الميثاق ويجدد عنده الاقرار في كل سنة، فلما عصى آدم واخرج من الجنة أنساه الله العهد
والميثاق الذي اخذ الله عليه وعلى ولده لمحمد صلى الله عليه وآله ولوصيه عليه السلام وجعله تائها (1)
حيرانا، فلما تاب الله على آدم حول ذلك الملك في صورة بيضاء، فرماه من الجنة
إلى آدم وهو بأرض الهند، فلما نظر إليه انس إليه وهو لا يعرفه بأكثر من أنه
جوهرة وأنطقه الله عز وجل، فقال له: يا آدم أتعرفني؟ قال: لا قال: أجل استحوذ
عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك، ثم تحول إلى صورته التي كان مع آدم عليه
السلام في الجنة، فقال لآدم: أين العهد والميثاق، فوثب إليه آدم عليه السلام
وذكر الميثاق وبكى وخضع وقبله وجدد الاقرار بالعهد والميثاق
ثم حوله الله عز وجل إلى جوهرة الحجر درة بيضاء صافية تضئ، فحمله
آدم على عاتقه اجلالا له وتعظيما، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل عليه السلام
حتى وافى به مكة، فما زال يأنس به بمكة ويجدد الاقرار له كل يوم وليلة، ثم إن الله
عز وجل لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان لأنه تبارك وتعالى حين اخذ
الميثاق من ولد آدم أخذه في ذلك المكان، وفي ذلك المكان ألقم الله الملك الميثاق،
ولذلك وضع في ذلك الركن وتنحى آدم من مكان البيت إلى الصفا وحوا إلى
المروة، ووضع الحجر في ذلك الركن، فلما نظر آدم من الصفا وقد وضع الحجر
في الركن كبر الله وهلله ومجده، فلذلك جرت السنة بالتكبير واستقبال الركن
الذي فيه الحجر من الصفا، فان الله أودعه الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة،
لان الله عز وجل لما أخذ الميثاق له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة ولعلي عليه السلام بالوصية
اصطكت فرايص الملائكة (2) فأول من أسرع إلى الاقرار ذلك الملك ولم يكن
فيهم أشد حبا لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وعليهم منه، فلذلك اختاره الله من بينهم
وألقمه الميثاق، وهو يجئ يوم القيمة وله لسان ناطق وعين ناظرة، يشهد لكل من

(1) التائه: المتحير.
(2) اصطكت اي ارتعدت والفريصة: اللحمة بين الجنب والكتف وقد مر أيضا.
101

وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق.
367 - في تفسير العياشي عن سليمان اللبان قال: قال أبو جعفر
عليه السلام أتدري ما مثل المغيرة بن شعبة؟ (1) قال: قلت لا، قال: مثله مثل بلعم الذي أوتي
الاسم الأعظم قال الذي قال الله " آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين "
368 - في مجمع البيان وقال أبو جعفر عليه السلام الأصل في ذلك بلعم ثم
ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة.
369 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام انه اعطى بلعم بن باعور الاسم الأعظم، فكان يدعو به فيستجيب له فمال إلى فرعون
فلما مر فرعون في طلب موسى وأصحابه قال فرعون لبلعم ادع لله على موسى وأصحابه
ليحبسه علينا فركب حمارته ليمر في طلب موسى فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها
فأنطقها الله عز وجل، فقالت: ويلك على ماذا تضربني؟ أتريد ان أجئ معك لتدعو على
نبي الله وقوم مؤمنين؟ فلم يزل يضربها حتى قتلها وانسلخ الاسم من لسانه، وهو قوله:
فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد
إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث
وهو مثل ضربه الله، فقال الرضا عليه السلام فلا يدخل الجنة من البهائم الا ثلث: حمارة بلعم.
وكلب أصحاب الكهف والذئب، وكان سبب الذئب انه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا
ليحشر قوما من المؤمنين ويعذبهم وكان للشرطي ابن يحبه فجاء ذئب فاكل ابنه
فحزن الشرطي عليه فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما احزن الشرطي.
370 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: لهم قلوب لا

(1) مغيرة بن شبعة بن عامر بن مسعود الثقفي الكوفي صحابي مات سنة خمسين من
الهجرة النبوية وهو يومئذ بن سبعين سنة، ولاه عمر بن الخطاب البصرة ولم يزل عليها حتى
شهد عليه بالزنا فعزله ثم ولاه الكوفة، فلم يزل عليها حتى قتل عمر، فأقره عثمان عليها
ثم عزله وولاه معاوية الكوفة، فلم يزل عليها إلى أن مات وقد ورد في ذمه روايات كثيرة
ذكر بعضها في تنقيح المقال فراجع ان شئت.
102

يفقهون بها يقول: طبع الله عليها فلا تعقل ولهم أعين عليها غطاء عن الهدى
لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها جعل في آذانهم وقرا فلن يسمعوا
الهدى.
قال عز من قائل: أولئك كالانعام بل هم أضل.
371 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد
الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ان الله عز وجل ركب في الملائكة عقلا
بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب
عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم.
372 - في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري ومحمد بن يحيى جميعا
عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في
قوله الله عز وجل، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها قال: نحن والله الأسماء
الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملا الا بمعرفتنا.
373 - أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال: سألني
أبو قرة المحدث ان ادخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام فاستأذنته فأذن لي، فدخل
فسأله عن الحلال والحرام ثم قال له: أفتقر ان الله محمول؟ فقال أبو الحسن عليه السلام:
كل محمول مفعول به مضاف إلى غيره محتاج، والمحمول اسم نقص في اللفظ والحامل
فاعل وهو في اللفظ مدحة، وكذلك قول القائل: فوق وتحت وأعلى وأسفل،
وقد قال الله: " له الأسماء الحسنى فادعوه بها " ولم يقل في كتبه انه المحمول بل قال إنه
الحامل في البر والبحر والممسك السماوات والأرض ان تزولا، والمحمول ما
سوى الله، ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه: يا محمول.
374 - علي بن إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار ومحمد بن الحسن
عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام
أنه قال: إن الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه، وانى يوصف الذي تعجز
103

الحواس ان تدركه، والأوهام ان تناله، والخطرات أن تحده، والابصار عن الإحاطة،
به، جل عما يصفه الواصفون، وتعالى عما ينعته الناعتون، والحديثان طويلان أخذنا
منهما موضع الحاجة.
375 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الحسين بن سعيد الخزاز عن رجاله عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: الله غاية من غياه، والمغيي غير الغاية، توحد بالربوبية ووصف
نفسه بغير محدودية، فالذاكر لله غير الله، والله غير أسمائه وكل شئ وقع عليه
اسم شئ سواه فهو مخلوق، الا ترى إلى قوله: العزة لله، العظمة لله، وقال: " و
لله الأسماء الحسنى فادعوه بها " وقال: " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعو
فله الأسماء الحسنى " فالأسماء مضافة إليه وهو التوحيد الخاص.
376 - وباسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، وهو التي وصفها في الكتاب
فقال: " فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه " جهلا " بغير علم " فالذي يلحد
في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم، ويكفر به وهو يظن أنه يحسن، ولذلك قال: " وما يؤمن
أكثرهم بالله الا وهم مشركون " فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها
377 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " قال:
الرحمن الرحيم.
378 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء
عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: وممن خلقنا
أمة يهدون بالحق وبه يعدلون قال: هم الأئمة عليهم السلام.
379 - في تفسير العياشي عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: عز وجل
" وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " قال: هم الأئمة.
380 - وقال محمد بن عجلان عنه: نحن هم.
381 - أبي الصهبان البكري قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: والذي نفسي
بيده لتفترقن هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار الا فرقة " وممن خلقنا أمة
104

يهدون بالحق وبه يعدلون " فهذه التي تنجو من هذه الأمة
382 - عن يعقوب بن يزيد قال قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: " وممن خلقنا
أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " قال: يعني أمة محمد صلى الله عليه وآله.
383 - عن زيد بن أسلم عن انس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
تفرقت أمة موسى على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها في النار وواحدة في الجنة، وتفرقت
أمة عيسى على اثنين وسبعين فرقة. إحدى وسبعون فرقة في النار، وواحدة في الجنة، وتعلو
أمتي على الفرقتين جميعا بملة واحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار، قالوا
من هم يا رسول الله؟ قال: الجماعات، فقال يعقوب بن يزيد: كان علي بن أبي طالب
عليه السلام إذا حدث هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله تلا فيه قرآنا " ولو أن أهل الكتاب
آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم " إلى قوله: " ساء ما يعملون " وتلا أيضا: " وممن
خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " يعني أمة محمد صلى الله عليه وآله.
384 - في مجمع البيان وفي حديث غير أبي حمزة قال النبي صلى الله عليه وآله لما قرأ:
" وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " هذه لكم وقد أعطى الله قوم موسى مثلها
385 - وروى ابن جريح عن النبي صلى الله عليه وآله قال: هي لامتي بالحق يأخذون
وبالحق يعطون، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها و " من قوم موسى أمة يهدون
بالحق وبه يعدلون ".
386 - وقال الربيع بن أنس قرأ النبي صلى الله عليه وآله هذه الآية فقال: إن من أمتي قوما
على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم عليه السلام.
387 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن
الحكم عن عبد الله بن جندب عن سفيان بن السمط، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله
إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا اتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار، وإذا أراد بعبد شرا
فأذنب ذنبا اتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى بها (1) وهو قول الله عز وجل:

(1) تمادى في الامر: بلغ فيه المدى وتمادى في غيه: لج ودام على فعله.
105

سنستدرجهم من حيث لا يعلمون بالنعم عند المعاصي.
388 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان
عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " سنستدرجهم
من حيث لا يعلمون " قال: هو العبد يذنب الذنب فتجدد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة
عن الاستغفار عن ذلك الذنب.
389 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا
عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن بعض أصحابه قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الاستدراج؟
فقال: هو العبد يذنب الذنب فيملي له ويجدد له عنده النعم فيلهيه عن الاستغفار من
الذنوب، فهو مستدرج من حيث لا يعلم.
390 - علي بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن داود سليمان المنقري عن حفص بن
غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه وكم من مستدرج
يستر الله عليه، وكم من مفتون بثناء الناس عليه.
391 - في روضة الكافي خطبة طويلة مسندة إلى أمير المؤمنين عليه السلام يقول
فيها: ثم إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شئ أخفى من
الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله، إلى أن
قال: يدخل الداخل لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج
من الدين، ينتقل من دين ملك إلى دين ملك ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك ومن
طاعة ملك إلى طاعة ملك، ومن عهود ملك إلى عهود ملك، فاستدرجهم الله تعالى
من حيث لا يعلمون، وان كيده متين بالامل والرجاء.
392 - في نهج البلاغة انه من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا
فقد امن مخوفا.
393 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ومن يضلل الله فلا هادي له ويذرهم
في طغيانهم يعمهون قال: يكله إلى نفسه قوله: يسئلونك عن الساعة إيان مرساها
فان قريشا بعثت العاص بن وائل السهمي والنضر بن الحارث من كلدة وعقبة بن أبي معيط إلى
106

نجران ليتعلموا من علماء اليهود مسائل يسألونها رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان فيها: سلوا
محمدا متى يقوم الساعة فان ادعى علم ذلك فهو كاذب، فان قيام الساعة لم يطلع الله
عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا، فلما سئلوا رسول الله صلى الله عليه وآله متى تقوم الساعة؟ أنزل الله
تبارك وتعالى عليه: يسئلونك عن الساعة إيان مرساها قل انما علمها عند ربي
لا يجليها لوقتها الا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم الا بغتة يسئلونك
كأنك حفي عنها اي جاهل عنها قل لهم يا محمد (ص) انما علمها عند ربي ولكن
أكثر الناس لا يعلمون.
494 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام قال: ولقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه
عن علي عليهم السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال:
مثله مثل الساعة " لا يجليها لوقتها الا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم الا بغتة "
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
395 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى خلف بن حماد عن رجل عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى يقول: ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت
من الخير وما مسني السوء يعني الفقر.
396 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت
من الخير وما مسني السوء " قال: كنت اختار لنفسي الصحة والسلامة.
397 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء
(ع) حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه، قال: حدثني أبي عن حمدان بن
سليمان النيسابوري عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا
عليه السلام فقال له المأمون: يا بن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال:
بلى، قال: فما معنى قول الله عز وجل فلما آتيهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتيهما
قال له الرضا عليه السلام: ان حوا ولدت لآدم خمسمأة بطن في كل بطن ذكر وأنثى، وان
آدم وحوا عاهدا الله تعالى ودعواه وقالا: لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما
107

آتيهما صالحا من النسل خلقا سويا بريئا من الزمانة والعاهة كان ما آتيهما صنفين:
صنفا ذكرانا وصنفا إناثا، فجعل الصنفان لله تعالى ذكره " شركاء في ما آتيهما " ولم يشكراه
كشكر أبويهما له عز وجل قال الله تعالى: فتعالى الله عما يشركون فقال المأمون: اشهد
انك ابن رسول الله حقا.
398 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن
محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن الفضل عن أبي جعفر عليه السلام: في قول الله:
" فلما آتيهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتيهما " فقال: هو آدم وحوا، وانما كان
شركهما شرك طاعة ولم يكن شرك عبادة، فأنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وآله:
هو الذي خلقكم من نفس واحدة إلى قوله: فتعالى الله عما يشركون قال: جعلا للحارث
نصيبا في خلق الله ولم يكن شركاء إبليس في عبادة الله ثم قال: أيشركون ما لا يخلق شيئا
وهم يخلقون.
399 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن
بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما علقت حوا من آدم عليهما السلام وتحرك
ولدها في بطنها [فنجبت من ذلك وارتاعت] (1) فقالت لآدم عليه السلام: ان في بطني شيئا
يتحرك فقال لها آدم عليه السلام أبشري ان الذي في بطنك نطفة مني استقرت في رحمك
يخلق الله تعالى منها خلقا ليبلونا فيه فأتاها إبليس فقال لها: كيف أنتم؟ فقالت له:
اما اني قد علقت وفي بطني من آدم ولد يتحرك، فقال لها إبليس: اما انك ان نويت ان
تسميه عبد الحارث ولدتيه غلاما وبقي وعاش، وان لم تنوى ان تسميه عبد الحارث
مات بعد ما تلدينه بستة أيام، فوقع في نفسها مما قال لها شئ. فأخبرت بما قال لها آدم
عليه السلام، فقال لها آدم: قد جائك الخبيث لا تقبلي منه، فاني أرجو ان يبقى لنا ويكون
خلاف ما قال لك، ووقع في نفس آدم عليه السلام مثل ما وقع في نفس حوا من مقالة الخبيث،
فلما وضعته غلاما لم يعش الا ستة أيام حتى مات فقالت لآدم عليه السلام: قد جائك الذي قال

(1) كذا في النسخ وما بين المعقفتين غير موجود في المصدر ولا في المنقول عنه في
كتاب بحار الأنوار.
108

لنا الحارث فيه ودخلهما من قول الخبيث ما شكهما فلم تلبث ان علقت من آدم عليه السلام
حملا آخر فأتاها إبليس فقال لها: كيف أنتم؟ فقالت له: قد ولدت غلاما ولكنه مات
يوم السادس فقال لها الخبيث: اما انك لو كنت نويت ان تسميه عبد الحارث لعاش،
وان ما هو الذي في بطنك كبعض ما في بطون هذه الانعام التي بحضرتكم، اما بقرة و
اما ناقة واما ضأن واما معز فدخلها من قول الخبيث ما استمالها إلى تصديقه والركون إلى
ما اخبرها الذي كان تقدم إليها في الحمل الأول، فأخبرت بمقالته آدم عليه السلام، فوقع
في قلبه من قول الخبيث مثل ما وقع في قلب حوا، " فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتينا
صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتيهما صالحا " اي لم تلد ناقة أو بقرة أو ضأنا أو
معز فأتاها الخبيث فقال لها: كيف أنتم؟ فقالت له: قد أثقلت، وقربت ولادتي فقال:
اما انك ستلدين وترين من الذي في بطنك ما تكرهين، ويدخل آدم منك ومن ولدك
شئ لو قد ولدتيه ناقة أو بقرة أو ضأنا أو معزا لكان أحسن، فاستمالها إلى طاعته والقبول
لقوله ثم قال لها: اعلمي ان أنت نويت أن تسميه عبد الحارث وجعلت
لي فيه نصيبا ولدتيه غلاما سويا وعاش وبقي لكم، فقالت: فاني قد نويت ان أجعل
لك فيه نصيبا، فقال لها الخبيث: لا تدعين آدم حتى ينوي مثل ما نويت ويجعل لي فيه
نصيبا ويسميه عبد الحارث، فقالت له: نعم، فأقبلت على آدم فأخبرته بمقالة
الحارث وبما قال لها، فوقع في قلب آدم من مقالة إبليس ما خافه، فركن إلى مقالة
إبليس وقالت حوا لآدم لان أنت لم تنو أن تسميه عبد الحارث وتجعل للحارث نصيبا
لم أدعك تقربني ولا تغشاني، ولم يكن بيني وبينك مودة، فلما سمع ذلك منها آدم
عليه السلام قال لها: اما انك سبب المعصية الأولى وسيدليك بغرور قد تابعتك وأجبت إلى
أن أجعل للحارث فيه نصيبا، وان اسميه عبد الحارث فأسرا النية بينهما بذلك، فلما
وضعته سويا فرحا بذلك وأمنا ما كانا خافا من أن يكون ناقة أو بقرة أو ضأنا أو معزا، واملا
أن يعيش لهما ويبقى ولا يموت يوم السادس، فلما كان يوم السابع سمياه عبد الحارث.
400 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول:
" فلما آتيهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتيهما " قال: هو آدم عليه السلام وحوا، انهما كان
109

شركهما شرك طاعة، وليس شرك عبادة.
401 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم (محمد خ ل) عن علي بن العباس عن
علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: وقوله عز وجل:
" ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون " يعني قبض محمد وظهرت الظلمة فلم
يبصروا فضل أهل بيته وهو قوله عز وجل: " وان تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم
ينظرون إليك وهم لا يبصرون " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
402 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد
ابن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال
: والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شئ يطلبونه من
حرز من حرق أو غرق أو سرق أو افلات (1) دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق الا وهو في
القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين
اخبرني عما يؤمن من الحرق والغرق؟ فقال: اقرأ هذه الآيات الله ان وليي الله الذي
نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين و " ما قدروا الله حق قدره " إلى قوله: " سبحانه
وتعالى عما يشركون " فمن قرأها فقد أمن من الحرق والغرق، قال: فقرأ
رجل واضطرمت النار في بيوت جيرانه وبيته وسطها فلم يصبه شئ، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
403 - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي
أمان لامتي من الحرق " ان وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين " و " ما قدروا
الله حق قدره " الآية.
404 - في روضة الكافي عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد
عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (ع) قال: وقوله عز وجل: " ذهب الله بنورهم
وتركهم في ظلمات لا يبصرون " يعني قبض محمد صلى الله عليه وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا
فضل أهل بيته وهو قوله عز وجل وان تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتريهم

(1) الافلات والانفلات: التخلص من الشئ فجأة من غير تمكث.
110

ينظرون إليك وهم لا يبصرون والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
405 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن رجل من ثقيف قال: قال علي عليه السلام
إياك ان تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج أو تبيع دابة على درهم
فانا أمرنا ان نأخذ منه العفو.
406 - في عيون الأخبار باسناده إلى الحارث بن الدلهاث مولى الرضا عليه السلام
قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلث
خصال: سنة من ربه وسنة من نبيه، وسنة من وليه، إلى قوله: واما السنة من
نبيه فمداراة الناس فان الله أمر نبيه بمداراة الناس فقال: خذ العفو وامر بالعرف و
اعرض عن الجاهلين.
407 - في تفسير العياشي عن الحسين بن علي بن النعمان عن أبيه عمن سمع
أبا عبد الله عليه السلام وهو يقول: إن الله أدب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد " خذ
العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين " قال: خذ منهم ما ظهر وما تيسر، و
العفو الوسط.
408 - في مجمع البيان وروى أنه لما نزلت هذه الآية سئل رسول الله صلى الله عليه وآله
جبرئيل عليه السلام عن ذلك؟ فقال: لا أدرى حتى سئل العالم ثم اتاه فقال يا محمد ان الله يأمرك ان
تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك، واعرض عن الجاهلين.
409 - قال ابن زيد: لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وآله: كيف
يا رب الغضب؟ فنزل قوله: واما ينزغنك من الشيطان نزغ.
410 - في كتاب الخصال قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا وسوس
الشيطان إلى أحدكم فليستعذ بالله وليقل آمنت بالله وبرسوله مخلصا له الدين.
411 - في تفسير علي بن إبراهيم " واما ينزغنك من الشيطان نزغ " قال: إن
عرض في قلبك منه شئ وسوسة فاستعذ بالله انه سميع عليم ثم قال: " ان الذين اتقوا
إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " قال: إذا ذكرهم الشيطان
المعاصي وحملهم عليها يذكرون الله فإذا هم مبصرون.
111

412 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليهما السلام: في الوعظ
والزهد في الدنيا يقول فيه عليه السلام: واحذروا أيها الناس من الذنوب والمعاصي ما
قد نهاكم الله عنها وحذركموها في كتابه الصادق بالبيان الناطق، فلا تأمنوا مكر الله و
تحذيره عندما يدعوكم الشيطان اللعين إليه من عاجل الشهوات واللذات في هذه
الدنيا، فان الله عز وجل يقول: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا
فإذا هم مبصرون فاشعروا قلوبكم [لله أنتم] (1) خوف الله وتذكروا ما قد
وعدكم الله في مرجعكم إليه من حسن ثوابه كما قد خوفكم من شديد العقاب.
413 - في كتاب الخصال عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: ثلاثة
من أشد ما عمل: انصاف المؤمن نفسه ومواساة المواخاة، وذكر الله على كل حال، و
هو ان يذكر الله عند المعصية وهو قول الله عز وجل: " ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من
الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ".
414 - في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال
عن ثعلبة بن ميمون عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل:
" إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " قال: هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر
فيمسك، فذلك قوله: " تذكروا فإذا هم مبصرون ".
415 - في تفسير العياشي عن عبد الاعلى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئلته عن
قول الله: " ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون "
قال: هو الذنب يهم به العبد فيتذكر فيدعه.
416 - عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله:
" ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " ما ذلك
[الطائف]؟ فقال: هو السئ يهم به العبد ثم يذكر الله فيبصر ويقصر.
417 - أبو بصير عنه قال: هو الرجل يهم بالذنب ثم يتذكر فيدعه.

(1) كذا في النسخ وما بين المعقفتين غير موجود في المصدر وقوله: فأشعروا قلوبكم
خوف الله اي اجعلوا خوف الله شعار قلوبكم ملازما لها غير مفارق عنها.
112

418 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى جعفر بن محمد عليهما السلام
انه سئل عن القراءة خلف الإمام؟ فقال: إذا كنت خلف امام تتولاه وتثق به يجزيك
قرائته، وان أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه فإذا جهر فانصت، قال الله تعالى:
وانصتوا لعلكم ترحمون.
419 - الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سئلته عن الرجل يؤم القوم وأنت لا ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة؟
فقال: إذا سمعت كتاب الله يتلى فانصت له.
420 - في من لا يحضره الفقيه وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:
وان كنت خلف الامام فلا تقرأن شيئا في الأوليين وانصت لقرائته، ولا تقرأن شيئا
في الأخيرتين، فان الله عز وجل يقول للمؤمنين: وإذا قرئ القرآن يعني في الفريضة
خلف الامام فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون والأخيرتان تبعا للأوليين.
421 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم عن أبي
جعفر عليه السلام في خطبة يوم الجمعة الخطبة الأولى: الحمد لله نحمده ونستعينه إلى أن
قال عليه السلام: ان كتاب الله أصدق الحديث وأحسن القصص وقال الله عز وجل: " وإذا قرئ
القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون " فاسمعوا طاعة الله وانصتوا ابتغاء
رحمته.
422 - في تفسير العياشي عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يجب الانصات
للقرآن في الصلاة وفي غيرها وإذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الانصات والاستماع.
423 - عن أبي بصير (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قرأ ابن الكوا خلف
أمير المؤمنين عليه السلام: " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " فانصت
له أمير المؤمنين عليه السلام.
424 - عن إبراهيم بن عبد الحميد رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: واذكر ربك

(1) كذا في النسخ وفي المصدر " عن أبي كهمس " بدل " عن أبي بصير "
113

في نفسك (1) يعني مستكينا وخيفة يعني خوفا من عذابه ودون الجهر من القول يعني دون
الجهر من القراءة بالغدو والإيصال يعني بالغداة والعشي.
425 - عن الحسين بن المختار عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " واذكر ربك
في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال " قال: تقول
عند المساء " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى
وهو على كل شئ قدير " قلت: " بيده الخير "؟ قال: بيده الخير ولكن [قل] كما
أقول لك عشر مرات، " وأعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين وأعوذ بك
رب ان يحضرون ان الله هو السميع العليم " عشر مرات حين تطلع الشمس وعشر مرات
حين تغرب.
426 - عن محمد بن مروان عن بعض أصحابه قال: قال جعفر بن محمد عليه السلام
قل: " أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله ان يحضرون ان الله
هو السميع العليم " وقل: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى و
يميت ويميت ويحيى وهو على كل شئ قدير " فقال له رجل: مفروض هو؟ قال:
نعم مفروض هو محدود تقوله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب عشر مرات، فان
فاتك شئ منها فاقضه من الليل والنهار.
427 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن
زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: لا يكتب الملك الا ما سمع، وقال الله عز وجل
" واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة " فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله
عز وجل لعظمته.
428 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في آخر حديث و
دعاء التضرع ان تحرك إصبعك السبابة مما يلي وجهك وهو دعاء الخيفة.
429 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال رفعه قال: قال
الله تعالى لعيسى عليه السلام: يا عيسى اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي واذكرني في ملائك
أذكرك في ملاء خير من ملاء الآدميين.

(1) كذا في نسخ الكتاب والمصدر وكأنه سقط " تضرعا " من الموضع.
114

430 - وباسناده إلى أبي المغرا الخصاف رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
من ذكر الله عز وجل في السر فقد ذكر الله كثيرا، ان المنافقين كانوا يذكرون الله
علانية ولا يذكرونه في السر، فقال الله عز وجل: " يراؤن الناس ولا يذكرون الله
الا قليلا ".
431 - في مجمع البيان " واذكر ربك في نفسك " وروى زرارة عن أحدهما
عليهما السلام قال معناه: إذا كنت خلف امام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك فيما لا يجهر
الإمام عليه السلام فيه بالقراءة.
432 - في تفسير علي بن إبراهيم " واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة " قال:
في الظهر والعصر " ودون الجهر من القول بالغدو والآصال " قال: بالغداة ونصف النهار
" ولا تكن من الغافلين ".
433 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن
محمد عليهما السلام انه جاء إليه رجل فقال له: بأبي أنت وأمي عظني موعظة، فقال
عليه السلام: إن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
434 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل بن
دراج عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السلام قال: أيما مؤمن حافظ على الصلوات المفروضة
فصلاها لوقتها، فليس هذا من الغافلين.
435 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عمن أخبره عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان معه كفنه في بيته لم يكتب من الغافلين وكان مأجورا
كلما نظر إليه.
436 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه: يا بني
لكل شئ علامة يعرف بها ويشهد عليها إلى أن قال: وللغافل ثلث علامات: اللهو،
والسهو، والنسيان.
437 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين.
115

438 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني
عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل عن
الفارين، والمقاتل عن الفارين له الجنة.
439 - في تفسير علي بن إبراهيم: ان الذين عند ربك يعني الأنبياء والرسل و
الأئمة عليهم السلام لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون.
116

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من قرأ
براءة والأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق ابدا، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام
حقا، ويأكل يوم القيمة من موائد الجنة مع شيعته حتى يفرغ الناس من الحساب.
2 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة
الأنفال وسورة براءة في كل شهر لم يدخله النفاق ابدا، وكان من شيعة أمير المؤمنين
عليه السلام.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من قرأ سورة الأنفال
وبرائة فانا شفيع له وشاهد يوم القيمة انه برئ من النفاق، وأعطى من الاجر بعدد
كل منافق ومنافقة في دار الدنيا عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر
درجات وكان العرش وحملته يصلون عليه أيام حياته في الدنيا.
4 - وفيه قرأ علي بن الحسين وأبو جعفر محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد
الصادق عليهم السلام يسئلونك الأنفال.
5 - في تهذيب الأحكام محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد قال:
حدثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة أشياء: من الكنوز،
والمعدن، والغوص، والمغنم الذي يقاتل عليه ولم يحفظ الخامس، وما كان من فتح
لم يقاتل عليه ولم يوجف عليه بخيل ولا ركاب إلا أن أصحابنا يأتونه فيعاملون عليه
فكيف ما عاملهم عليه النصف أو الثلث أو الربع، أو ما كان يسهم له خاصة وليس لاحد
فيه شئ الا ما أعطاه هو منه، وبطون الأودية ورؤس الجبال والموات كلها هوله، وهو
قوله تعالى: " يسئلونك عن الأنفال " ان تعطيهم منه قال: قل الأنفال لله وللرسول
117

وليس هو يسئلونك عن الأنفال (1) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
6 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا،
أو قوم أعطوا بأيديهم، وكل ارض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وهو
للامام من بعده يضعه حيث يشاء.
7 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة
عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الأنفال هو النفل، وهو في سورة
الأنفال جدع الانف (2)
8 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن شعيب عن أبي الصباح قال: قال
لي أبو عبد الله عليه السلام: نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال ولنا صفو المال.
9 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن
محمد عن رفاعة عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يموت ولا وارث له ولا
مولى؟ قال: هو أهل هذه الآية " يسئلونك عن الأنفال ".
10 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل
عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمد الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " يسئلونك عن الأنفال " قال: من مات
ليس له مولى فماله من الأنفال.

(1) قال الفيض (ره): يعني ليس المعنى يسئلونك عن حقيقة الأنفال وانما المعنى
يسئلونك ان تعطيهم من الأنفال " انتهى " ويمكن أن يكون المراد - بقرينة ما مر من كتاب
مجمع البيان في حديث - 4 هو قراءة الآية وانها في قرائتهم عليهم السلام " يسئلونك الأنفال " لكن
توافقت النسخ حتى المصدر والوافي والوسائل على قوله " يسئلونك عن الأنفال " باثبات لفظة
" عن " قبيل هذا والله أعلم.
(2) جدعه: قطع انفه. ولعل الوجه في كلامه عليه السلام هو اشتمال السورة على ذكر
الخمس لذوي القربى، فهذا قطع أنف المخالفين الجاحدين لحقوقهم عليهم السلام.
118

11 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مات وليس له مولى فماله من الأنفال.
12 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد
جميعا عن ابن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: من مات و
ليس له وارث من قرابته ولا مولى عتاقه جريرته فماله من الأنفال.
13 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن فضالة بن أيوب عن أبان بن
عثمان عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأنفال فقال: هي القرى
التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول، وما كان للملوك فهو للامام، وما
كان من أرض خربة لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل أرض لا رب لها، و
المعادن، ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال.
وقال: نزلت يوم بدر لما انهزم الناس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله على ثلث
فرق: فصنف كانوا عند خيمة النبي صلى الله عليه وآله، وصنف أغاروا على النهب، وفرقة طلبت
العدو وأسروا وغنموا، فلما جمعوا الغنايم والأسارى تكلمت الأنصار في الأسارى
فأنزل الله تبارك وتعالى: " ما كان لنبي أن يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض " فلما
أباح الله لهم الأسارى والغنايم تكلم سعد بن معاذ وكان ممن قام عند خيمة النبي صلى الله عليه وآله
فقال: يا رسول الله ما منعنا ان نطلب العدو زهادة في الجهاد، ولا جبنا من العدو،
ولكنا خفنا ان يعرى موضعك فتميل عليك خيل المشركين، وقد أقام عند الخيمة
وجوه المهاجرين والأنصار ولم يشك أحد منهم والناس كثير يا رسول الله والغنايم
قليلة، ومتى تعطي هؤلاء لم يبق لأصحابك شئ، وخاف ان يقسم رسول الله صلى الله عليه وآله
الغنايم واسلاب القتلى بين من قاتل، ولا يعطي من تخلف على خيمة رسول الله صلى الله عليه وآله
شيئا، فاختلفوا فيما بينهم حتى يسئلوا رسول الله فقالوا: لمن هذه الغنائم فأنزل
الله: " ويسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول " فرجع الناس وليس لهم في الغنيمة
شئ ثم انزل الله بعد ذلك " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول و
لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " فقسمه رسول الله صلى الله عليه وآله بينهم، فقال
119

ابن أبي وقاص: يا رسول الله أتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف؟
فقال النبي صلى الله عليه وآله: ثكلتك أمك وهل تنصرون الا بضعفائكم؟ قال: فلم يخمس رسول الله
صلى الله عليه وآله ببدر وقسم بين أصحابه، ثم استقبل يأخذ الخمس بعد البدر، فأنزل الله قوله:
" ويسئلونك عن الأنفال " بعد انقضاء حرب بدر، فقد كتب ذلك في أول السورة وكتب
بعده خروج النبي صلى الله عليه وآله إلى الحرب.
14 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: قال الأنفال ما لم يوجف عليه
بخيل ولا ركاب.
15 - عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الأنفال؟ قال: هي
القرى التي جلى أهلها وهلكوا فخربت فهي لله وللرسول.
16 - عن أبي أسامة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الأنفال قال: هو
كل أرض خربة وكل ارض لم يوجف عليها خيل ولا ركاب.
17 - عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لنا الأنفال، قلت: وما
الأنفال؟ قال: منها المعادن، والآجام (1) وكل ارض لا رب لها، وكل ارض باد
أهلها (2) فهو لنا.
18 - عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول في الملوك الذين
يقطعون الناس هو من الفئ والأنفال وأشباه ذلك.
19 - وفي رواية أخرى عن الثمالي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله:
" يسئلونك عن الأنفال " [قال يسئلونك الأنفال] (3) قال: ما كان للملوك فهو للامام.
20 - عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الأنفال؟ قال: كل ارض خربة وأشياء
كانت تكون للملوك فذلك خاص للإمام عليه السلام، ليس للناس فيه سهم، قال: ومنها البحرين

(1) الآجام جمع الأجمة - بحركة -: الشجر الملتف الكثير ويقال له بالفارسية
" بيشه ".
(2) اي هلكوا أو انقرضوا.
(3) ما بين العلامتين غير موجود في المصدر.
120

لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
21 - عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما الأنفال؟ قال: بطون
الأودية ورؤس الجبال والآجام والمعادن، وكل أرض لم يوجف عليها خيل ولا
ركاب، وكل أرض ميتة قد جلى أهلها وقطايع الملوك.
22 - عن أبي مريم الأنصاري قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله: " يسئلونك
عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول " قال: سهم لله وسهم للرسول قال: قلت: فلمن
سهم الله؟ فقال: للمسلمين.
23 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم
فإنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأبا ذر وسلمان والمقداد رضي الله عنهم.
24 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
بن يزيد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: بتمام الايمان
دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله، و
بالنقصان دخل المفرطون النار.
25 - في مجمع البيان: كما أخرجك ربك من بيتك في حديث أبي حمزة
فالله ناصرك كما أخرجك من بيتك.
26 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر بعد ذلك الأنفال وقسمة الغنايم [و] خروج
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الحرب فقال: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا
من المؤمنون لكارهون يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت
وهم ينظرون وكان سبب ذلك ان عير القريش (1) خرجت إلى الشام فيها خزاينهم،
فأمر النبي صلى الله عليه وآله بالخروج ليأخذوها، فأخبرهم الله ان الله وعده إحدى الطائفتين اما
العير أو قريش ان ظفر بهم، فخرج في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فلما قارب بدرا كان
أبو سفيان في العير، فلما بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد خرج يتعرض للعير خاف خوفا

(1) العير: قافلة الحمير مؤنثة، ثم كثرت حتى سميت بها كل قافلة.
121

شديدا ومضى إلى الشام، فلما وافى النقرة (1) اكترى ضمضم بن عمرو الخزاعي بعشرة
دنانير وأعطاه قلوصا (2) وقال له: امض إلى قريش وأخبرهم ان محمدا والصباة (3) من
أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فأدركوا العير وأوصاه أن يخرم ناقته (4)
ويقطع أذنها حتى يسيل الدم ويشق ثوبه (5) من قبل ودبر، فإذا دخل مكة ولى
وجهه إلى ذنب البعير وصاح بأعلى صوته: يا آل غالب يا آل غالب! اللطيمة اللطيمة!
العير العير! أدركوا أدركوا وما أريكم تدركون! فان محمدا والصباة من أهل يثرب
قد خرجوا يتعرضون لعيركم، فخرج ضمضم يبادر إلى مكة.
ورأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كأن راكبا
قد دخل مكة فينادي يا آل غدر ويا آل فهر اغدوا إلى مصارعكم صبح ثالثه، ثم وافى
بجمله إلى أبي قبيس فأخذ حجرا فدهدهه (6) من الجبل، فما ترك دارا من قريش
الا أصابه منه فلذة، وكأن وادي مكة قد سال من أسفله دما فانتبهت ذعرة فأخبرت
العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعه، فقال عتبة، هذه مصيبة تحدث في قريش
وفشت الرؤيا في قريش وبلغ ذلك أبا جهل فقال: ما رأت عاتكة هذه الرؤيا، وهذه نبية
ثانية في بني عبد المطلب واللات والعزى لننظرن ثلاثة أيام فإن كان ما رأت حقا فهو
كما رأت، وإن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا: انه ما من أهل بيت من العرب أكذب
رجالا ونساء من بني هاشم، فلما مضى يوم قال أبو جهل: هذا يوم قد مضى، فلما كان

(1) النقرة - بفتح النون وسكون القاف أو كسرها: موضع في طريق مكة كما قاله
الحموي وفي المصدر " البهرة " بدل النقرة " قال الفيروزآبادي: البهرة - بالضم -:
موضع بنواحي المدينة.
(2) القلوص من الإبل: الشابة.
(3) صباة - كغلاة - جمع الصابئ وهو الذي خرج من دين إلى دين آخر.
(4) اي يشق وترة أنفه.
(5) وفي المصدر " ويستوثق به " والظاهر أنه مصحف.
(6) دهده الحجر: دحرجه.
122

اليوم الثاني قال أبو جهل هذان يومان قد مضيا.
فلما كان اليوم الثالث وافى ضمضم ينادي في الوادي: يا آل غالب اللطيمة
اللطيمة العير العير، أدركوا أدركوا ما وراكم وما أراكم تدركون، فان محمدا
والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم التي فيها خزائنكم، فتصايح
الناس بمكة وتهيئوا للخروج، وقام سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية وأبو البختري بن
هشام ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، ونوفل بن خويلد فقالوا: يا معشر قريش والله ما أصابكم
مصيبة أعظم من هذه أن يطمع محمد والصباة من أهل يثرب أن يتعرضوا لعيركم التي
فيها خزائنكم، فوالله ما قرشي ولا قرشية الأولى في هذه العير نش (1) فصاعدا، ان
هو الا الذل والصغار أن يطمع محمد في أموالكم، ويفرق بينكم وبين متجركم
فاخرجوا، وأخرج صفوان بن أمية خمسمأة دينار وجهز بها، واخرج سهيل بن عمرو و
ما بقي أحد من عظماء قريش الا اخرجوا مالا وحملوا وقودا وخرجوا على الصعب
والذلول لا يملكون أنفسهم كما قال الله تبارك وتعالى: " خرجوا من ديارهم بطرا
ورئاء الناس " وخرج معهم العباس بن عبد المطلب ونوفل بن حارث وعقيل بن أبي طالب
وأخرجوا معهم القينات (2) يشربون الخمر ويضربون بالدفوف.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فلما كان بقرب بدر على ليلة
منها بعث بشير بن أبي الزغباء ومجدي بن عمرو يتجسسان خبر العير فأتيا ماء بدر
وأناخا راحلتيهما واستعذباه من الماء وسمعا جاريتين قد تشبثت إحديهما بالأخرى تطالبها
بدرهم كان لها عليها، فقالت: عير قريش نزلت أمس في موضع كذا وهي تنزل غدا
هيهنا وانا أعمل لهم وأقضيك، فرجع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبراه بما سمعا، فاقبل
أبو سفيان بالعير، فلما شارف بدرا تقدم العير وأقبل وحده حتى انتهى إلى ماء بدر، و
كان بها رجل من جهينة يقال له كسب الجهني، فقال له: يا كسب هل لك علم بمحمد
صلى الله عليه وآله؟ قال: لا، قال: واللات والعزى لئن كتمتنا أمر محمد لا تزال قريش لك

(1) النش: نصف الأوقية، وكانت الأوقية عند العرب أربعين درهما.
(2) القينات جمع القينة، الأمة المغنية.
123

معادية آخر الدهر، فإنه ليس أحد من قريش الا وله في هذه العير نش فصاعدا فلا
تكتمني فقال: والله ما لي علم بمحمد وأصحابه بالتخبار الا اني رأيت في هذا اليوم راكبين
أقبلا واستعذبا من الماء وأناخا راحلتيهما ورجعا فلا أدري من هما؟ فجاء أبو سفيان إلى
موضع مناخ ابلهما ففت (1) ابعار الإبل بيده فوجد فيها النوى، فقال: هذه علايف
يثرب، هؤلاء والله عيون محمد، فرجع مسرعا وامر بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر
وتركوا الطريق ومروا مسرعين.
ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره ان العير قد أفلتت وان
قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها، وأمره بالقتال ووعده النصر، وكان نازلا بالصفراء
(2) فأحب ان يبلو الأنصار لأنهم انما وعدوه ان ينصروه في الدار، فأخبرهم ان العير قد
جازت وان قريشا أقبلت لتمنع عن عيرها، وان الله تبارك وتعالى قد أمرني بمحاربتهم
فجزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك وخافوا خوفا شديدا فقال
رسول الله أشيروا علي، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله انها قريش وخيلاها (3) ما
آمنت منذ كفرت ولا ذلت منذ عزت ولم نخرج على هيئة الحرب فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: اجلس فجلس، فقال أشيروا علي فقام عمر فقال مثل مقالة أبي
بكر، فقال: اجلس، ثم قام المقداد فقال: يا رسول الله انها قريش وخيلاها وقد
آمنا بك وصدقناك، وشهدنا ان ما جئت به حق من عند الله ولو امرتنا ان نخوض
جمر الغضا وشوك الهراس (4) لخضنا معك ولا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام
" اذهب أنت وربك فقاتلا انا هيهنا قاعدون " ولكنا نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا انا

(1) فت الشئ:: دقه وكسره بالأصابع.
(2) هي قرية بين جبلين
(3) الخيلاء: الكبر والاعجاب.
(4) الجمر: النار المتوقد والغضاة شجر عظيم وخشبه من أصلب الخشب وهو حسن
النار، وجمره يبقى زمانا طويلا لا ينطفئ والشوك: ما يخرج من النبات شبيها بالابر. و
الهراس: شجر كثير الشوك طويلة.
124

معكما مقاتلون، فجزاه النبي صلى الله عليه وآله خيرا ثم جلس، ثم قال: أشيروا علي، فقام
سعد بن معاذ فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله كأنك أردتنا؟ قال: نعم، قال: فلعلك
خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟ قال: نعم، قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وآله
اننا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا ان ما جئت به حق من عند الله فمرنا بما شئت وخذ من
أموالنا ما شئت واترك منه ما شئت والذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت منه، والله لو
أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضنا معك، ثم قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله والله ما أخذت
هذا الطريق قط ومالي به من علم وقد خلفنا بالمدينة قوما ليس نحن باشد جهادا لك
منهم، ولو علموا انه الحرب لما تخلفوا، ولكن نعد لك الرواحل ونلقي عدونا صبر
عند اللقاء أنجاد في الحرب (1) وانا لنرجو ان يقر الله عز وجل عينيك بنا فان يك ما تحب
فهو ذاك، وان لم يكن غير ذلك قعدت على رواحلك فلحقت بقومنا فقال رسول الله صلى الله
عليه وآله: أو يحدث الله غير ذلك؟ كأني بمصرع فلان هيهنا وبمصرع فلان هيهنا، و
بمصرع أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، فان الله قد
وعدني إحدى الطائفتين ولن يخلف الله الميعاد، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله
صلى الله عليه وآله بهذه الآية كما أخرجك ربك من بيتك بالحق إلى قوله ولو كره المجرمون
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالرحيل حتى نزل عشاء على ماء بدر وهي العدوة الشامية، و
أقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانية وبعثت عبيدها تستعذب من الماء فأخذهم
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وحبسوهم فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن عبيد قريش
قالوا: فأين العير؟ قالوا: لا علم لنا بالعير، فأقبلوا يضربونهم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
يصلي، فانفتل من صلاته (2) فقال: ان صدقوكم ضربتموهم وان كذبوكم
تركتموهم؟ علي بهم، فأتوا بهم فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: يا محمد نحن عبيد قريش
قال: كم القوم؟ قالوا: لا علم لنا بعددهم، قال: كما ينحرون في كل يوم جزورا (3)

(1) انجاد جمع نجد: الشجاع الماضي في ما يعجزه غيره، سريع الإجابة فيما دعى إليه.
(2) انفتل عن الصلاة: انصرف عنها.
(3) الجزور: الناقة التي تنحر.
125

قالوا: تسعة إلى عشرة، فقال صلى الله عليه وآله: القوم تسعمأة إلى ألف، قال: فمن فيهم من
بني هاشم؟ قالوا: العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بهم فحبسوا، فبلغ قريشا ذلك وخافوا خوفا شديدا.
ولقى عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام فقال له: اما ترى هذا البغي والله ما
أبصر موضع قدمي، خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت فجئنا بغيا وعدوانا والله ما أفلح
قوم قط بغوا، ولوددت ان ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله ولم نسر
هذا المسير، فقال له أبو البختري: انك سيد من سادات القريش وتحمل العير التي أصابها
محمد صلى الله عليه وآله وأصحابه بنخلة ودم ابن الحضرمي (1) فإنه حليفك فقال عتبة: أنت علي بذلك
(2) وما على أحد منا خلاف ذلك الا ابن الحنظلية يعني أبا جهل فسر إليه اني قد
تحملت العير التي قد أصابها محمد ودم ابن الحضرمي فقال أبو البختري: فقصدت
خباه (3) وإذا هو قد أخرج درعا له، فقلت له: ان أبا الوليد بعثني إليك برسالة
فغضب، ثم قال: اما وجد عتبة رسولا غيرك؟ فقلت: اما والله لو غيره أرسلني ما
جئت ولكن أبا الوليد سيد العشيرة فغضب غضبة أخرى فقال: تقول: سيد العشيرة
فقلت: أنا أقوله وقريش كلها تقول، انه قد تحمل العير ودم ابن الحضرمي؟ فقال:
ابن عتبة أطول الناس لسانا وأبلغهم في الكلام ويتعصب لمحمد فإنه من بني عبد مناف

(1) هذا إشارة إلى قصة عبد الله بن جحش وسريته التي سار فيها إلى نخلة وقتل فيها
عمرو بن الحضرمي - وكان حليف عتبة بن ربيعة وكان اخوه عامر بن الحضرمي في المشركين في
وقعة بدر - وقتال عبد الله مع المشركين في تلك السرية حتى غلبهم وأسر منهم عثمان بن عبد الله
والحكم بن كيسان وهزم الباقي، فأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله وكان ذلك في رجب فأنكر النبي صلى الله عليه وآله والناس ذلك منهم
وقال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام " فنزل يسئلونك عن الشهر الحرام.. اه " إلى
آخر ما ذكره المؤرخون فراجع النهاية والطبري والسيرة لابن هشام وغيرها.
(2) اي قد فعلت وأنت الشاهد على ذلك.
(3) الخباء: الخيمة إذا كانت من صوف أو وبر أو شعر.
126

وابنه معه يريد أن يحذر الناس، لا واللات والعزى حتى نقحم عليهم (1) بيثرب،
ونأخذهم أسارى فندخلهم مكة وتتسامع العرب بذلك، ولا يكون بيننا وبين متجرنا
أحد نكرهه.
وبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كثرة القريش ففزعوا فزعا شديدا وشكوا وبكوا و
استغاثوا فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم
اني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله الا بشرى لكم ولتطمئن به
قلوبكم وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم فلما امسى قابل رسول الله صلى الله عليه وآله
وجنه الليل (2) ألقى الله على أصحابه النعاس حتى ناموا، وأنزل الله تبارك وتعالى عليهم
السماء (3) وكان نزول رسول الله صلى الله عليه وآله في موضع لا يثبت فيه القدم، فأنزل عليهم
السماء ولبد الأرض (4) حتى ثبتت أقدامهم وهو قول الله تعالى: إذ يغشيكم النعاس أمنة
منه وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وذلك
أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله احتلم وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام وكان المطر
على قريش مثل العزالي (5) وكان على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله رذاذا (6) بقدر
ما لبد الأرض وخافت قريش خوفا شديدا، فأقبلوا يتحارسون يخافون البيات،
فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود فقال: ادخلا في القوم
وأتونا بأخبارهم فكانا يجولان في عسكرهم فلا يرون الا خائفا ذعرا إذا سمعوا صهل
الفرس وثبت على جحفلته (7) فسمعوا منبه بن الحجاج يقول:

(1) اي نهجم عليهم.
(2) جن عليه الليل وجنه: ستره وأظلم عليه.
(3) السماء هنا بمعنى المطر، وفي المصدر " الماء " بدل " السماء ".
(4) التلبيد: الالصاق.
(5) العزالي جمع العزلاء: مصيب الماء من الراوية، ومنه قولهم: أرخت السماء
عزاليها.
(6) الرذاذ. المطر الضعيف.
(7) صهل الفرس: صوت. الجحفلة لذي الحافر كالشفة للانسان.
127

لا يترك الجوع لنا مبيتا * لابد ان نموت أو نميتا
قال: قد والله كانوا أشباعا ولكنهم من الخوف قالوا هذا، والقى الله في قلوبهم
الرعب كما قال تبارك وتعالى " سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب " فلما أصبح
رسول الله صلى الله عليه وآله عبأ (1) أصحابه وكان في عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله فرسان: فرس للزبير
بن العوام وفرس للمقداد، وكان في عسكر أصحابه سبعون جملا يتعاقبون عليها، وكان
رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي على جمل
يتعاقبون عليه والجمل للمرثد، وكان في عسكر قريش أربعمأة فرس، فعبأ
رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بين يديه، فقال: غضوا أبصاركم ولا تبدوهم بالقتال ولا
يتكلمن أحد.
فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبو جهل: ما هم الا
اكلة رأس ولو بعثنا إليهم عبيدنا لاخذوهم اخذا باليد، فقال عتبة: أترى لهم كمينا و
مددا فبعثوا عمرو بن وهلب الجمحي وكان شجاعا فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول
الله صلى الله عليه وآله ثم صعد في الوادي وصوت ثم رجع إلى قريش فقال: ما لهم كمين ولا مدد، ولكن
نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع (2) أما ترونهم خرساء لا يتكلمون يتلمظون تلمظ
الأفعى (3) ما لهم ملجأ الا سيوفهم وما أراهم يولون حتى يقتلون، ولا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم
فارتأوا رأيكم؟ فقال أبو جهل: كذبت وجبنت وانتفخ سحرك (4) حين نظرت إلى سيوف أهل
يثرب وفزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حين نظروا إلى كثرة قريش وقوتهم، وانزل الله عز وجل
على رسوله: " وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " وقد علم الله عز وجل انهم لا
يجنحون ولا يجيبوا إلى السلم وانما أراد بذلك ليطيب قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فبعث رسول
الله إلى قريش، فقال: يا معشر قريش ما أجد من العرب أبغض إلي من أن أبدأ بكم فخلوني

(1) عبأ الجيش للحرب: جهزه وهيأه.
(2) النواضح: الإبل التي يستقى عليها الماء: والناقع: الثابت البالغ في الأفناء.
(3) تلمظ الحية: اخرج لسانها
(4) السحر: الرية، وانتفاخ السحر كناية عن الجبن
128

والعرب، فان أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا، وان أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب
(1) أمري فارجعوا فقال عتبة: والله ما أفلح قوم قط ردوا هذا، ثم ركب جملا له
أحمر فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله يجول في العسكر وينهى عن القتال فقال: ان يك
عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر ان يطيعوه يرشدوا فأقبل عتبة يقول: يا
معشر قريش اجتمعوا واسمعوا ثم خطبهم فقال: يمن مع رحب ورحب مع يمن
يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني الدهر، وارجعوا إلى مكة واشربوا
الخمور وعانقوا الحور فان محمدا له إل وذمة وهو ابن عمكم، فارجعوا فلا تردوا
رأيي، وانما تطالبون محمدا بالعير التي أخذها بنخلة ودم ابن الحضرمي وهو حليفي
وعلي عقله، فلما سمع أبو جهل ذلك غاظه وقال: ان عتبة أطول الناس لسانا وأبلغهم في
الكلام، ولئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر ثم قال: يا عتبة
نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب وجبنت وانتفخ سحرك، وتأمر الناس بالرجوع
وقد رأينا آثارنا بأعيننا، فنزل عتبة عن جمله وحمل على أبي جهل وكان على فرس وأخذ
بشعره فقال الناس: يقتله فعرقب فرسه (2) فقال: أمثلي يجبن؟ وستعلم قريش اليوم
أينا ألام وأجبن، وأينا المفسد لقومه لا يمشي الا أنا وأنت إلى الموت عيانا، ثم قال:
هذا جناي وخياره فيه * وكل جان يده إلى فيه (3)

(1) ذؤبان جمع الذئب.
(2) عرقبه: قطع عرقوبه، والعرقوب: عصب غليظ فوق عقب الانسان ومن الدابة
في رجلها.
(3) الجني: المجني، وأول من تكلم بهذا المثل عمرو بن عدي بن أخت
جذيمة، وذلك أن جذيمة خرج مبتديا بأهله وولده في سنة مكلئة وضربت ابنيته في
زهر وروضة فأقبل ولده يجتنون الكماة، فإذا أصاب بعضهم كماة جيدة أكلها، وإذا
أصابها عمرو خبأها في حجزته فأقبلوا يتعادون إلى جذيمة وعمرو يقول وهو صغير: " هذا
جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه " فضمه جذيمة إليه والتزمه وسر بقوله وفعله وأمر
ان يصاغ له طوق فكان أول عربي طوق، وكان يقال له عمرو ذو الطوق، وهو الذي قبل فيه
المثل المشهور " كبر عمرو عن الطوق " وتقدير المثل: هذا ما اجتنيته ولم آخذ لنفسي خير ما
فيه إذ كل جان يده مائلة إلى فيه يأكله، هذا وقد تمثل أمير المؤمنين عليه السلام بهذا الشعر
كما رواه العامة بعد ما كان يفرق بيت المال على مستحقة ويقول: يا صفراء غري غيري ويا
بيضاء غري غيري، ذكره الأربلي (ره) في كشف الغمة وغيره في غيره.
129

ثم اخذ بشعره يجره فاجتمع إليه الناس فقالوا: يا أبا الوليد الله الله! لا تفت في
أعضاد الناس تنهى عن شئ تكون أوله، فخلصوا أبا جهل من يده فنظر عتبة إلى أخيه شيبة
ونظر إلى ابنه الوليد فقال: قم يا بني ثم لبس درعه وطلبوا له بيضة تسع رأسه فلم يجدوها
لعظم هامته فاعتجر بعمامتين (1) ثم أخذ سيفه وتقدم هو وأخوه وابنه ونادى: يا محمد
أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار عوذ ومعوذ وعوف بني عفرا
فقال عتبة: من أنتم انتسبوا لنعرفكم؟ فقالوا: نحن بنو عفرا أنصار الله وأنصار رسول
الله صلى الله عليه وآله فقالوا: ارجعوا فانا لسنا إياكم نريد، انما نريد الأكفاء من قريش،
فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ان ارجعوا فرجعوا، وكره أن يكون أول الكرة بالأنصار
فرجعوا ووقفوا مواقفهم.
ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وكان له سبعون سنة
فقال له: قم يا عبيدة فقام بين يديه بالسيف، ثم نظر إلى حمزة بن عبد المطلب فقال له:
قم يا عم، ثم نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: قم يا علي، - وكان أصغر القوم - فاطلبوا
بحقكم الذي جعله الله لكم، فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها تريد أن تطفئ نور الله
ويأبى الله الا أن يتم نوره، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبيدة عليك بعتبة، وقال لحمزة:
عليك بشيبة، وقال لعلي عليه السلام: عليك بالوليد بن عتبة فمروا حتى انتهوا إلى القوم فقال
عتبة: من أنتم انتسبوا لنعرفكم؟ فقال: انا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فقال.
كفو كريم فمن هذان؟ فقال: حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب، فقال
: كفوان كريمان، لعن الله من أوقفنا وإياكم هذا الموقف، فقال شيبة لحمزة: من
أنت؟ فقال: أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، فقال له شيبة: لقد لقيت

(1) الهامة الرأس: والاعتجار: لف العمامة على الرأس.
130

أسد الحلفاء فانظر كيف تكون صولتك يا أسد الله فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه
ضربة فلق هامته: وضرب عتبة عبيدة على ساقه وقطعها وسقطا جميعا، وحمل حمزة على شيبة
فتضاربا بالسيفين حتى تثلما (1) وكل واحد منهما يتقي بدرقته (2)
وحمل أمير المؤمنين صلوات الله عليه على الوليد بن عتبة فضربه على حبل
عائقه فأخرج السيف من إبطه (3) فقال علي صلوات الله عليه: فأخذ يمينه المقطوعة
بيساره فضرب بها هامتي فظننت ان السماء قد وقعت على الأرض، ثم اعتنق حمزة وشيبة
فقال المسلمون: يا علي أما ترى الكلب قد بهر عمك (4) فحمل عليه علي عليه السلام فقال:
يا عم طأطئ رأسك وكان حمزة أطول من شيبة فادخل حمزة رأسه في صدره، فضربه أمير
المؤمنين على رأسه فطير نصفه، ثم جاء إلى عتبة وبه رمق فأجهز عليه وحمل عبيدة بين
حمزة وعلي عليه السلام حتى أتيا به رسول الله صلى الله عليه وآله، فنظر إليه رسول الله واستعبر (5)
فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ألست شهيدا؟ فقال: بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي
فقال: اما لو أن عمك حيا لعلم اني أولى بما قال منه، قال: وأي أعمامي تعني؟
قال: أبو طالب حيث يقول:
كذبتم وبيت الله نبرى محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل
وننصره حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل (6)
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله،
وابنه الاخر في جهاد الله تعالى بأرض الحبشة، فقال: يا رسول الله أسخطت علي في

(1) اي انكسرا.
(2) الدرقة - محركة -: الترس.
(3) حبل العاتق: عصب بين العنق ورأس الكتف والإبط: باطن المنكب.
(4) بهره: غلبه.
(5) اي بكى صلوات الله عليه.
(6) ناضله مناضلة: باراه في رمى السهام، وناضل عنه: حامى وجادل ودافع عنه
وصرعه: طرحه على الأرض شديدا، والحلائل جمع الحليلة: الزوجة.
131

هذه الحالة؟ فقال: ما سخطت عليك ولكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك.
وقال أبو جهل لقريش: لا تعجلوا ولا تبطروا كما عجل وبطر ابنا ربيعة،
عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا وعليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم
مكة فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها، وكانت فئة من قريش أسلموا بمكة فاحتبسهم
آباؤهم، فخرجوا مع قريش إلى بدر وهم على الشك والارتياب والنفاق، منهم قيس
بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكهة، والحارث بن ربيعة، وعلي بن أمية بن
خلف، والعاص بن المنبه، فلما نظروا إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا: مساكين
هؤلاء غرهم دينهم فيقتلون الساعة، فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله: " إذ يقول
المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فان الله
عزيز حكيم ".
وجاء إبليس إلى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم: أنا جاركم فادفعوا إلي،
أرايتكم فدفعوها إليه، وجاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، ويخيل إليهم
ويفزعهم، وأقبلت قريش يقدمها إبليس ومعه الراية، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: غضوا أبصاركم وعضوا على النواجذ (1) ولا تستلوا سيفا حتى آذن لكم،
ثم رفع يده إلى السماء وقال: يا رب ان تهلك هذه العصابة لم تعبد وان شئت ان لا تعبد
لا تعبد، ثم اصابه الغشى فسرى عنه وهو يسكب العرق (2) عن وجهه ويقول: هذا
جبرئيل عليه السلام قد أتاكم في ألف من الملائكة مردفين، قال: فنظرنا فإذا بسحابة
سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وقائل يقول:
أقدم حيزوم أقدم حيزوم (3) وسمعنا قعقعة السلاح من الجو.
ونظر إبليس عليه اللعنة إلى جبرئيل عليه السلام فتراجع ورمى باللواء فأخذ منبه

(1) النواجذ جمع الناجذ وهي أقصى الأضراس، أربعة وهي أضراس الحلم
لأنها تنبت بعد البلوغ وكمال العقل، والعض على النواجذ كناية عن الصبر.
(2) سكب الماء: صب. وفي بعض النسخ " يسلت " ومعناه يمسحه عن وجهه.
(3) حيزوم: اسم فرس جبرئيل اي أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء.
132

ابن الحجاج بمجامع ثوبه ثم قال: ويلك يا سراقة تفت في أعضاد الناس؟ فركله
إبليس ركلة في صدره (1) وقال: اني برئ منكم اني أرى ما لا ترون اني أخاف الله
وهو قول الله عز وجل: " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس
واني جار لكم فلما ترائت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم اني أرى
ما لا ترون اني أخاف الله والله شديد العقاب " ثم قال عز وجل: " ولو ترى إذ يتوفى الذين
كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق " وحمل
جبرئيل عليه السلام على إبليس لعنه الله فطلبه حتى غاص في البحر وقال: رب أنجز
لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم الدين.
وروى في الخبر ان إبليس التفت إلى جبرئيل عليه السلام وهو في الهزيمة فقال: يا هذا
بدالكم فيما أعطيتمونا؟ فقيل لأبي عبد الله عليه السلام أترى كان يخاف ان يقتله؟ فقال: لا ولكنه
كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيمة، وانزل الله على رسوله: إذ يوحى
ربك إلى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا
الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان قال: أطراف الأصابع،
فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها تريد ان تطفئ نور الله ويأبى الله الا ان يتم نوره.
وخرج أبو جهل من بين الصفين فقال: اللهم ان محمدا قطعنا الرحم واتانا بما لا نعرفه
فأحنه الغداة (2) فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله: ان تستفتحوا فقد جائكم
الفتح وان تنتهوا فهو خير لكم وان تعودوا نعد ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا
ولو كثرت وان الله مع المؤمنين ثم اخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كفا من حصاة فرمى به في
وجوه قريش وقال: شاهت الوجوه شاهت الوجوه، فبعث الله عز وجل رياحا تضرب
في وجوه قريش فكانت الهزيمة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم لا يغلبك فرعون هذه
الأمة: أبو جهل بن هشام فقتل منهم سبعون وأسر سبعون والتقى عمرو بن الجموح مع
أبي جهل فضرب عمرو أبا جهل على فخذه وضرب أبو جهل عمرو على يده فأبانها من

(1) الركل: الضرب برجل واحدة.
(2) أحنه اي أهلكه.
133

العضد، فتعلقت بجلده فاتكى عمرو على يده برجله ثم تراخى في السماء حتى انقطعت
الجلدة ورمى بيده.
وقال عبد الله بن مسعود: انتهيت إلى أبي جهل وهو يتشحط بدمه (1) فقلت:
الحمد لله الذي أخزاك، فرفع رأسه فقال: انما أخزى الله عبد بن أم عبد، لمن الدين
ويلك (2)؟ قلت: لله ولرسوله واني قاتلك، ووضعت رجلي على عنقه فقال: لقد
ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم، اما انه ليس شئ أشد من قتلك إياي في هذا اليوم
الا تولى قتلى رجلا من المطلبيين أو رجلا من الاحلاف؟ فانقلعت بيضة كانت على
رأسه فقتلته واخذت رأسه وجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: يا رسول الله البشرى
هذا رأس أبي جهل بن هشام فسجد لله عز وجل شكرا.
وأسر أبو يسر الأنصاري العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وجاء بهما
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: هل أعانك عليهما أحد؟ قال: نعم رجل عليه ثياب
بيض، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذاك من الملائكة، ثم قال رسول الله للعباس افد
نفسك وابن أخيك، فقال: يا رسول الله لقد كنت أسلمت ولكن القوم استكرهوني،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله اعلم باسلامك، ان يكن ما تذكر حقا، فان الله
عز وجل يجزيك عليه، فأما ظاهر امرك فقد كنت علينا ثم قال: يا عباس انكم خاصمتم الله
فخصمكم، ثم قال: أفد نفسك وابن أخيك وقد كان العباس اخذ معه أربعين أوقية
من ذهب فغنمها رسول الله فلما قال رسول الله للعباس: افد نفسك، قال: يا رسول الله
احسبها من فدائي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا ذاك شئ أعطانا الله منك فأفد نفسك
وابن أخيك، فقال العباس: ليس لي مال غير الذي ذهب مني، قال: بل المال الذي
خلفته عند أم الفضل بمكة فقلت لها: ان حدث علي حدث فاقسموه بينكم؟ فقال له:
أتتركني وانا اسأل الناس بكفي؟ فأنزل الله على رسوله في ذلك: " يا أيها النبي
قل لمن في أيديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ

(1) تشحط بالدم: تضرج به وتمرغ فيه.
(2) الدين: القهر والغلبة والاستعلاء، وفي السيرة لابن هشام: " لمن الدائرة.. اه ".
134

منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم " ثم قال الله تبارك وتعالى: " وان يريدوا خيانتك
فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم ".
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعقيل: قد قتل الله تبارك وتعالى يا أبا يزيد أبا جهل بن
هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، ونوفل بن خويلد،
وأسر سهيل بن عمرو والنضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط وفلان وفلان،
فقال عقيل: إذا لا تنازعوا في تهامة فان كنت قد اثخنت القوم والا فاركب
أكتافهم، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله وكان القتلى ببدر سبعين والاسرى سبعين،
قتل منهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه سبعة وعشرين ولم يؤسر أحدا فجمعوا
الأسارى وقرنوهم في الحبال وساقوهم على أقدامهم، وجمعوا الغنايم وقتل من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله تسعة رجال، منهم سعد بن خيثمة وكان
من النقباء فرحل رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل الأثيل عند غروب الشمس وهو من
بدر على ستة أميال، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عقبة بن أبي معيط والى النضر
ابن الحارث بن كلدة وهما في قرن واحد (1) فقال النضر لعقبة: يا عقبة انا وأنت
مقتولان، قال: عقبة من بين قريش؟ قال: نعم لان محمدا قد نظر إلينا نظرة
رأيت فيها القتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي علي بالنضر
وعقبة وكان النضر رجلا جميلا عليه شعر، فجاء علي فأخذ بشعره فجره إلى رسول الله
فقال النضر: يا محمد أسئلك بالرحم بيني وبينك الا أجريتني كرجل من
قريش ان قتلتهم قتلتني وان فاديتهم فاديتني وان أطلقتهم أطلقتني: فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: لا رحم بيني وبينك، قطع الله عز وجل الرحم بالاسلام قدمه يا علي
فاضرب عنقه، فقال عقبة: يا محمد ألم تقل لا تصبر قريش اي لا يقتلون صبرا؟ قال: و
أنت من قريش؟ انما أنت علج من أهل صفورية لانت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى
إليه ليس منها، قدمه يا علي فاضرب عنقه فقدمه فضرب عنقه.
فلما قتل رسول الله صلى الله عليه وآله النضر وعقبة خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلهم،

(1) القرن - محركة -: الحبل يجمع به البعيران.
135

فقاموا إلى رسول الله فقالوا: يا رسول الله قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين وهم قومك
وأساراك هبهم لنا يا رسول الله وخذ منهم الفداء وأطلقهم، فأنزل الله: " ما كان لنبي
أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله
عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم * فكلوا مما
غنمتم حلالا طيبا " فأطلق لهم ان يأخذوا الفداء ويطلقوهم، وشرط ان يقتل منهم
في عام قابل بعدد من يأخذوا منهم الفداء فرضوا منه بذلك، فلما كان يوم أحد قتل
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سبعون رجلا، فقال من بقي من أصحابه: يا رسول الله ما هذا
الذي أصابنا وقد كنت تعدنا بالنصر؟ فأنزل الله عز وجل فيهم: " أو لما أصابتكم مصيبة
قد أصبتم مثليها " ببدر قتلتم سبعين وأسرتم سبعين " قلتم انى هذا قل هو من عند أنفسكم "
بما اشترطتم.
رجع الحديث إلى تفسير الآيات التي لم تكتب قوله: وإذ يعدكم الله إحدى
الطائفتين انها لكم قال: العير أو قريش وقوله عز وجل: وتودون ان غير ذات
الشوكة تكون لكم قال: ذات الشوكة الحرب، قال: تودون العير لا الحرب
ويريد الله ان يحق الحق بكلماته قال: الكلمات الأئمة صلوات الله عليهم.
27 - في تفسير العياشي عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السلام
في قوله: " وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين انها لكم وتودون ان غير ذات الشوكة تكون
لكم " فقال: الشوكة التي فيها القتال.
28 - عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن تفسير هذه الآية في قول الله " يريد
الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين " قال أبو جعفر عليه السلام: تفسيرها في الباطن
" يريد الله " فإنه شئ يريده ولم يفعله بعد، واما قوله: " يحق الحق بكلماته " فإنه
يعني يحق حق آل محمد صلى الله عليه وآله واما قوله: " بكلماته " قال: كلماته في الباطن علي هو
كلمات الله في الباطن واما قوله: " ويقطع دابر الكافرين " فهو بني أمية هم الكافرون
يقطع الله دابرهم واما قوله " ليحق الحق " فإنه يعني ليحق حق آل محمد حين يقوم القائم
عليه السلام واما قوله: " ويبطل الباطل " يعني القائم فإذا قام يبطل باطل بني أمية وذلك ليحق
136

الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.
29 - في مجمع البيان " إذ تستغيثون ربكم " الآية قيل: إن النبي صلى الله عليه وآله لما نظر إلى
كثرة عدد المشركين وقلة عدد المسلمين استقبل القبلة وقال: اللهم انجز لي ما وعدتني،
اللهم ان تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض فما زال يهتف به مادا يديه حتى سقط رداؤه
من منكبه، فأنزل الله تعالى: " إذ تستغيثون ربكم " الآية وهو المروى عن أبي جعفر
عليه السلام، قال: ولما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله وجنه الليل ألقى الله على أصحابه النعاس و
كانوا قد نزلوا في موضع كثير الرمل لا يثبت فيه قدم، فأنزل الله عليهم المطر رذادا
حتى لبدوا وثبتت أقدامهم، وكان المطر على قريش مثل العزالي، والقى الله في قلوبهم
الرعب كما قال الله تعالى: سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قوله عز وجل: " بألف من الملائكة
مردفين " سبق في القصة عن علي بن إبراهيم له بيان، وقوله: " وينزل عليكم من السماء
ماءا " وقوله: " ويثبت به الاقدام " سبق لهما بيان في القصة، وفي ما نقلناه عن مجمع
البيان وقوله: " ويذهب عنكم رجز الشيطان " سبق له بيان في القصة.
30 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام اشربوا ماء السماء فإنه يطهر
البدن ويدفع الأسقام، قال الله تبارك وتعالى: " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم
به ويذهب عنكم رجز الشيطان ويثبت به الاقدام " وفي الكافي باسناده إلى أبي عبد الله
عليه السلام مثله.
31 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه
الآية في البطن " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان
وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام " فالسماء في الباطن رسول الله صلى الله عليه وآله، والماء
علي عليه السلام، جعل الله عليا عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله، فذلك قوله: " ماءا ليطهركم
به " [فذلك علي يطهر الله به] قلب من والاه، واما قوله: " ويذهب عنكم رجز الشيطان "
137

من والى عليا يذهب الرجز عنه ويقوي عليه (1) " ويربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام "
فإنه يعني عليا من والى عليا يربط الله على قلبه بعلي فيثبت على ولايته.
32 - عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " ويذهب عنكم رجز -
الشيطان " قال: لا يدخلنا ما يدخل الناس من الشك.
33 - عن محمد بن يوسف قال: اخبرني أبي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام
فقلت: إذ يوحى ربك إلى الملائكة اني معكم قال: القائم.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه " قوله عز وجل: " سألقى في قلوب الذين كفروا
الرعب " سبق له بيان في القصة وفيما نقلناه عن مجمع البيان: وقوله " واضربوا منهم كل
بنان " سبق له بيان في القصة.
34 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن
عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين عليه السلام كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين بكلمات:
يقول: تعاهدوا الصلاة إلى أن قال عليه السلام: ثم إن الرعب والخوف من جهاد المستحق
للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين، وسلب للدنيا مع الذل والصغار
وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة لقتال يقول الله تعالى: يا أيها الذين
آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار.
35 - أحمد بن محمد الكوفي عن ابن جمهور عن أبيه عن محمد بن سنان عن مفضل
ابن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام، وعن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم عن حريز عن محمد بن
مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه: إذا لقيتم عدوكم في
الحرب فأقلوا الكلام واذكروا الله عز وجل ولا تولوهم الادبار فتسخطوا الله تبارك
وتعالى وتستوجبوا غضبه.
36 - في عيون الأخبار في باب ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في
جواب مسائله في العلل: وحرم الله تعالى الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين
والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة عليهم السلام، وترك نصرتهم على الأعداء

(1) وفي المصدر " ويقوى قلبه ".
138

والعقوبة لهم على انكار ما دعوا إليه من الاقرار بالربوبية واظهار العدل وترك الجور
وإماتة الفساد (1) لما في ذلك من جرءة العدو على المسلمين وما يكون من السبي
والقتل وابطال دين الله عز وجل وغيره من الفساد.
37 - في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وتعدادها قال عليه السلام: واما
الثالثة والستون فاني لم أفر من الزحف قط، ولم يبارزني أحد الا سقيت الأرض من دمه.
38 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت: الزبير
شهد بدرا؟ قال: نعم ولكنه فر يوم الجمل، فإن كان قاتل المؤمنين فقد هلك بقتاله إياهم،
وإن كان قاتل كفارا فقد باء بغضب من الله حين ولاهم دبره.
39 - عن أبي جعفر عليه السلام: ما شأن أمير المؤمنين عليه السلام حين ركب منه ما ركب
لم يقاتل؟ فقال: للذي سبق في علمه (2) أن يكون ما كان لأمير المؤمنين عليه السلام
أن يقاتل وليس معه الا ثلاثة رهط، فكيف يقاتل؟ ألم تسمع قول الله عز وجل: " يا
أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا " إلى " وبئس المصير " فكيف يقاتل
أمير المؤمنين عليه السلام بعدها؟ فإنما هو يومئذ ليس معه مؤمن غير ثلاثة رهط.
40 - عن أبي أسامة زيد الشحام قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام جعلت فداك انهم
يقولون ما منع عليا إن كان له حق ان يقوم بحقه؟ فقال: ان الله لم يكلف هذا
أحدا الا نبيه عليه وآله السلام قال له: " قاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك " وقال
لغيره: " الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة " فعلي لم يجد فيه ولو وجد فيه لقاتل ثم
قال: لو كان جعفر وحمزة حيين انما بقي رجلان، (3) قال: " متحرفا لقتال أو متحيزا
إلى فئة " قال: متطردا (4) يريد الكرة عليهم، أو متحيزا يعني متأخرا إلى أصحابه
من غير هزيمة، فمن انهزم حتى يجوز صف أصحابه فقد باء بغضب من الله.
41 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب
عن الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان يقول. من فر من رجلين في الفتال.

(1) في نسخة " واماتته والفساد " (2) في المصدر " في علم الله " (3) للمجلسي (ره)
بيان فيه راجع البحار ج 8: 152. (4) الطرد - ويحرك -: الابعاد ومتطردا اي متباعدا.
139

من الزحف فقد فر، ومن فر من ثلاثة في القتال من الزحف فلم يفر.
42 - في تفسير العياشي عن محمد بن كليب الأسدي عن أبيه قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى قال علي عليه السلام:
ناول رسول الله صلى الله عليه وآله القبضة التي رمى بها.
43 - وفي خبر آخر عنه: ان عليا ناوله قبضة من تراب رمى بها.
44 - عن عمرو بن أبي المقدام عن علي بن الحسين قال: ناول رسول الله صلى الله عليه وآله
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قبضة من التراب التي رمى بها في وجوه المشركين
فقال الله: " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ".
45 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه وقال: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى "
فسمى فعل النبي فعلا له، الا ترى تأويله على غير تنزيله.
46 - في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين وتعدادها قال عليه السلام: واما
الخامسة والثلاثون فان رسول الله صلى الله عليه وآله وجهني يوم بدر فقال: أتيني بكف حصيات
مجموعة في مكان واحد، فأخذتها ثم شممتها فإذا هي طينة يفوح منها رايحة المسك،
فأتيته بها فرمى بها وجه المشركين، وتلك الحصيات أربع منها كن من الفردوس،
وحصاة من المشرق، وحصاة من المغرب، وحصاة من تحت العرش، مع كل
حصاة مأة الف ملك مددا لنا لم يكرم الله عز وجل بهذه الفضيلة أحدا قبلنا ولا بعدنا
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " سبق لهذه الآية بيان في القصة الطويلة
المنقولة عن علي بن إبراهيم.
47 - في مجمع البيان: ان تستفتحوا فقد جائكم الفتح وفي حديث
أبي حمزة قال أبو جهل: اللهم ربنا ديننا القديم ودين محمد الحديث فأي دينين
كان أحب إليك وارضى عندك فانصر أهله اليوم.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قد سبق لهذه أيضا بيان في القصة السابقة.
48 - في مجمع البيان: ان شر الدواب عند الله الصم الآيتين وقال الباقر
140

عليه السلام نزلت الآية في بني عبد الدار لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير و
حليف لهم يقال له سويط.
49 - في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن
القاسم بن الربيع عن عبيدة بن عبد الله بن أبي هاشم الصيرفي عن عمرو بن مصعب عن
سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من علم ما أوتينا تفسير القرآن
واحكامه وعلم تغيير الزمان وحدثانه، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ولو اسمع
من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع، ثم أمسك هنيئة ثم قال: ولو وجدنا أوعية
أو مستراحا لقلنا والله المستعان.
50 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد
ابن خالد والحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله
ابن مسكان عن زيد بن الوليد الخثعمي عن أبي الربيع الشامي قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا
دعاكم لما يحييكم قال: نزلت في ولاية علي عليه السلام.
51 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول
إذا دعاكم لما يحييكم " قال: الحياة الجنة.
52 - حدثنا أحمد بن محمد عن جعفر بن عبد الله عن كثير بن عياش عن أبي الجارود
عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم "
يقول: ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، فان اتباعكم إياه وولايته أجمع لامركم وأبقى
للعدل فيكم، واما قوله: واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه يقول: بين المؤمن
ومعصيته ان تقوده إلى النار، وبين الكافر وبين طاعته أن يستكمل بها الايمان، واعلموا
ان الأعمال بخواتيمها.
53 - في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد " رحمة الله
عليه " قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا قالا: حدثنا أيوب
ابن نوح عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
141

" واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه " قال: يحول بينه وبين ان يعلم أن الباطل حق
54 - في مجمع البيان وقيل: إنه سبحانه يملك تقليب القلوب من حال إلى حال
كما جاء في الدعاء: يا مقلب القلوب، وروى يونس بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام: معناه
لا يستيقن القلب ان الحق باطل أبدا، ولا يستيقن القلب ان الباطل حق ابدا.
55 - في تفسير العياشي عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله:
" يحول بين المرء وقلبه " قال هو ان يشتهي الشئ بسمعه وبصره ولسانه ويده. اما ان
هو غشى شيئا مما يشتهي فإنه لا يأتيه الا وقلبه منكر لا يقبل الذي يأتي، يعرف ان الحق
ليس فيه.
56 - عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام " واعلموا ان الله يحول بين المرء
وقلبه " قال: هو ان يشتهي الشئ بسمعه وبصره ولسانه ويده، واما انه لا يغشى شيئا منها
وإن كان يشتهيه فإنه لا يأتيه الا وقلبه منكر، لا يقبل الذي يأتي، يعرف ان الحق
ليس فيه.
57 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: هذا الشئ يشتهيه الرجل بقلبه وسمعه
وبصره لا تتوق (1) نفسه إلى غير ذلك فقد حيل بينه وبين قلبه الا ذلك الشئ.
58 - عن عبد الرحمن بن سالم عنه في قوله: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين
ظلموا منكم خاصة قال: أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه حتى تركوا عليا و
بايعوا غيره، وهي الفتنة التي فتنوا فيها، وقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله باتباع علي
والأوصياء من آل محمد عليهم السلام.
59 - عن إسماعيل السري عن النبي صلى الله عليه وآله: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم
خاصة " قال: أخبرت انهم أصحاب الجمل.
60 - في أصول الكافي باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام عن علي بن الحسين
عليهما السلام حديث طويل وفيه ثم قال في بعض كتابه: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين

(1) تاق توقا إليه: اشتاق.
142

ظلموا منكم خاصة " في انا أنزلناه في ليلة القدر (1) يقول: إن محمدا حين يموت
يقول أهل الخلاف لأمر الله عز وجل: مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله،
فهذه فتنة أصابتهم خاصة.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم
خاصة " فهذه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، قال الزبير يوم هرم أصحاب الجمل: لقد
قرأت هذه الآية وما احسب اني من أهلها حتى كان اليوم، لقد كنت أتقيها ولا أعلم
اني من أهلها.
62 - في مجمع البيان قرأ أمير المؤمنين وأبو جعفر الباقر عليهما السلام لتصيبن،
63 - عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية " واتقوا فتنة " قال النبي صلى الله عليه
وآله: من ظلم عليا عليه السلام مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي.
64 - في كشف المحجة لابن طاووس " عليه الرحمة " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه: فاما الآيات التي في قريش فهي قوله تعالى واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون
في الأرض تخافون ان يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من
الطيبات لعلكم تشكرون.
65 - في مجمع البيان - يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول و
تخونوا أماناتكم الآيتان قال الكلبي والزهري: أنزلت في أبي لبابة بن عبد
المنذر الأنصاري، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة
فسئلوا رسول الله صلى الله عليه وآله على ما صالح عليه اخوانهم من بني النظير على أن يسيروا إلى
اخوانهم إلى اذرعات وادي من ارض الشام، فأبى ان يعطهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله الا ان
ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فقالوا: ارسل إلينا أبا لبابة وكان مناصحا لهم لان
عياله وماله وولده كانت عندهم، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله فأتاهم فقالوا: ما ترى يا

(1) الحديث في " باب شأن انا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها " من كتاب أصول الكافي
(الحديث 4) يعني هذه الآية نزلت في انا أنزلناه في ليلة القدر، وتفسيره يعرف من كلامه
عليه السلام.
143

أبا لبابة أنزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه انه الذبح فلا تفعلوا
فاتاه جبرئيل عليه السلام فأخبره بذلك، قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من
مكانهما حتى عرفت اني قد خنت الله ورسوله، فنزلت الآية فيه، فلما نزلت شد
نفسه على سارية من سواري المسجد وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى خر
مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه فقيل له: يا أبا لبابة قد تيب عليك فقال: لا والله لا أحل
نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، ثم قال أبو -
لبابة: ان من تمام توبتي ان اهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وان انخلع من
مالي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يجزيك الثلث ان تصدق به وهو المروى عن أبي جعفر وأبي عبد الله
عليهما السلام.
66 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم
وأنتم تعلمون " فخيانة الله والرسول معصيتهما، واما خيانة الأمانة فكل انسان مأمون
على ما افترض الله عز وجل عليه.
67 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن
رئاب عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال و
كابرني عليه وحلف، ثم وقع له عندي مال فاخذه مكان مالي الذي اخذه واجحده
واحلف عليه كما صنع؟ فقال: ان خانك فلا تخنه، فلا تدخل فيما عبته عليه.
68 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن
ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
الرجل يكون لي عليه الحق فيجحدنيه ثم يستودعني مالا إلى أن آخذ مالي عنده؟
قال: لا، هذه خيانة.
69 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد عن ابن محبوب عن
سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل كان له على
رجل مال فجحده إياه وذهب به، ثم صار بعد ذلك للرجل الذي ذهب بماله مال قبله
144

أيأخذه منه مكان ماله الذي ذهب به منه ذلك الرجل؟ قال: نعم، ولكن لهذا كلام
يقول: " اللهم إني آخذ هذه المال مكان مالي الذي اخذه مني واني لم آخذ ما أخذت
منه خيانة ولا ظلما ".
70 - في مجمع البيان عن أمير المؤمنين عليه السلام لا يقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك
من الفتنة لأنه ليس أحد الا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات
الفتن فان الله سبحانه يقول: واعلموا انما أموالكم وأولادكم فتنة.
71 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب روى يحيى بن أبي كثير وسفيان بن
عيينة باسنادهما انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله بكاء الحسن والحسين عليهما السلام وهو
على المنبر، فقام فزعا ثم قال: أيها الناس ما الولد الا فتنة، لقد قمت إليهما وما
معي عقلي. وفي رواية بريدة وما أعقل.
72 - عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب على
المنبر فجاء الحسن والحسين عليهما السلام وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران
فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله من المنبر فحملهما ووضعهما على يديه ثم قال: صدق الله حيث
قال: " انما أموالكم وأولادكم فتنة " إلى آخر كلامه.
73 - وفي خبر آخر: أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض
74 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جابر بن عبد الله بن
حزام الأنصاري " رحمة الله عليه " قال: تمثل إبليس لعنه الله في أربع صور إلى قوله:
وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد وأشار إليهم
في النبي صلى الله عليه وآله بما أشار، فأنزل الله تعالى: وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك
أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
75 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أحدهما (ع)
ان قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس، ثم انطلقوا إلى دار الندوة ليشاوروا فيما
يصنعون برسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا هم بشيخ قائم على الباب فإذا ذهبوا إليه ليدخلوا قال:
ادخلوني معكم قالوا: ومن أنت يا شيخ؟ قال: أنا شيخ من بني مضر ولي رأي أشير به عليكم،
145

فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس، وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه، فقال:
ليس هذا لكم برأي ان أخرجتموه جلب عليكم الناس (1) فقاتلوكم، قالوا: صدقت
ما هذا برأي، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه، قال: ليس هذا بالرأي ان فعلتم
هذا ومحمد رجل حلو اللسان أفسد عليكم أبنائكم وخدمكم وما ينفع أحدكم إذا
فارقه أخوه وابنه أو امرأته، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه يخرجون من
كل بطن منهم بشاهر فيضربوه بأسيافهم جميعا عند الكعبة ثم قرأ هذه الآية " وإذ يمكر
بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك " إلى آخر الآية.
76 - عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قوله:
" والله خير الماكرين " قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان لقى من قومه بلاءا شديدا حتى
اتوه ذات يوم وهو ساجد حتى طرحوا عليه رحم شاة فأتته ابنته وهو ساجد لم يرفع
رأسه، فرفعت عنه ومسحته ثم أراه الله بعد ذلك الذي يحب انه كان ببدر وليس معه غير
فارس واحد، ثم كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا، ثم جعل أبو سفيان والمشركون
يستعينون، ثم لقى أمير المؤمنين عليه السلام من الشدة والبلاء والتظاهر عليه ولم يكن معه أحد
من قومه بمنزلته، اما حمزة عليه السلام فقتل يوم أحد واما جعفر عليه السلام فقتل يوم موتة.
77 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك
أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " فإنها نزلت بمكة قبل الهجرة
وكان سبب نزولها انه لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الدعوة بمكة قدمت عليه الأوس والخزرج
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: تمنعوني وتكونون لي جارا حتى اتلوا عليكم كتاب ربي و
ثوابكم على الله الجنة؟ فقالوا: نعم خذ لربك ولنفسك ما شئت، فقال لهم: موعدكم
العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق، فحجوا ورجعوا إلى منى وكان فيهم ممن
قد حج بشر كثير.
فلما كان يوم الثاني من أيام التشريق قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان الليل
فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة ولا تنبهوا نائما ولينسل واحد فواحد، فجاء

(1) اي اجمعهم عليكم.
146

سبعون رجلا من الأوس والخزرج فدخلوا الدار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله:
تمنعوني وتجيروني حتى اتلو عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله الجنة؟ فقال سعد بن
زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام: نعم يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك
ما شئت، فقال: اما ما اشترط لربي فان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، واشترط لنفسي
ان تمنعوني مما تمنعون أنفسكم وتمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم وأولادكم فقالوا:
فما لنا على ذلك؟ قال: الجنة في الآخرة وتملكون العرب وتدين لكم العجم في
الدنيا، [وتكونون ملوكا في الجنة] فقالوا: قد رضينا، فقال: اخرجوا إلي منكم
اثنى عشر نقيبا يكونون شهداء عليكم بذلك كما اخذ موسى من بني إسرائيل اثنى عشر
نقيبا، فأشار إليهم جبرئيل عليه السلام فقال: هذا نقيب، وهذا نقيب، تسعة من الخزرج،
وثلاثة من الأوس، فمن الخزرج سعد بن زرارة والبراء بن معرور، وعبد الله بن حزام،
وأبو جابر بن عبد الله، ورافع بن مالك، وسعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وعبد الله
ابن رواحة، وسعد بن الربيع، وعبادة بن الصامت، ومن الأوس أبو الهيثم بن التيهان و
هو من اليمن، وأسيد بن حضير وسعد بن خيثمة.
فلما اجتمعوا وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله صاح إبليس: يا معشر قريش والعرب هدا محمد
والصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم فأسمع أهل منى وهاجت قريش
فأقبلوا بالسلاح، وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله النداء، فقال للأنصار: تفرقوا فقالوا: يا رسول الله
ان أمرتنا ان نميل عليهم بأسيافنا فعلنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم أومر بذلك ولم يأذن الله لي
في محاربتهم، قالوا: فتخرج معنا؟ قال: أنتظر أمر الله، فجائت قريش على بكرة أبيها (1)
قد أخذوا السلاح، وخرج حمزة وأمير المؤمنين عليهما السلام ومعهما السيف فوقفا على
العقبة فلما نظرت قريش إليهما قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم له؟ فقال حمزة: ما اجتمعنا وما
هيهنا أحد، والله لا يجوز هذه العقبة أحد الا ضربته بسيفي، فرجعوا إلى مكة وقالوا لا
نأمن ان يفسد أمرنا ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد صلى الله عليه وآله، فاجتمعوا
في الندوة وكان لا يدخل دار الندوة الا من قد أتى عليه أربعون سنة فدخلوا أربعين رجلا من

(1) اي جميعا لم يتخلف منهم أحد
147

مشايخ قريش وجاء إبليس في صورة شيخ كبير، فقال له البواب: من أنت فقال: أنا
شيخ من أهل نجد، لا يعدمكم مني رأي صايب اني حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا
الرجل فجئت لأشير عليكم، فقال: ادخل، فدخل إبليس فلما أخذوا مجلسهم قال
أبو جهل: يا معشر قريش انه لم يكن أحد من العرب أعز منا، نحن أهل الله وتغدو إلينا
العرب في السنة مرتين ويكرمونا، ونحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع، فلم نزل
كذلك حتى فشا فينا محمد بن عبد الله فكنا نسميه الأمين لصلاحه وسكونه وصدق لهجته
حتى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه ادعى انه رسول الله وان اخبار السماء تأتيه فسفه أحلامنا
وسب آلهتنا، وافسد شبابنا وفرق جماعتنا، وزعم أنه من مات من أسلافنا
ففي النار، فلم يرد علينا شئ أعظم من هذا وقد رأيت فيه رأيا، قالوا: وما رأيت؟ قال:
رأيت أن يدس إليه رجل منا ليقتله فان طلبت بنو هاشم بديته أعطيناهم عشر ديات فقال الخبيث:
هذا رأي خبيث، قالوا: وكيف ذاك؟ قال: لان قاتل محمد مقتول لا محالة فمن هذا الذي
يبذل نفسه للقتل منكم؟ فإنه إذا قتل محمد تعصبت بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة، وان
بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمد على الأرض فتقع بينكم الحروب في حرمكم و
تتفانوا، وقال آخر منهم: فعندي رأي آخر، قال: وما هو؟ قال: ثبته في بيت ونلقى إليه
قوته حتى تأتي إليه ريب المنون فيموت كما مات زهير والنابغة وامرؤ القيس، فقال:
إبليس هذا أخبث من الآخر، قال: وكيف ذلك؟ قال: لان بني هاشم لا ترضى بذلك فإذا
جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا واجتمعوا بهم عليكم فأخرجوه، قال آخر منهم:
لا ولكنا نخرجه من بلادنا ونتفرغ نحن لعبادة آلهتنا فقال إبليس: هذا أخبث من
الرأيين المتقدمين، قالوا: وكيف ذلك؟ قال: لأنكم تعمدون إلى أصبح الناس
وجها وأنطق الناس لسانا وأفصحهم لهجة، فتحملوه إلى بوادي العرب فيخدعهم و
يسحرهم بلسانه فلا يفجأكم الا وقد ملاؤها عليكم خيلا ورجلا فبقوا حايرين، ثم
قالوا لإبليس: فما الرأي فيه يا شيخ؟ قال: ما فيه الا رأي واحد، قالوا: وما هو؟
قال: يجتمع من كل بطن من بطون قريش واحد ويكن معهم من بني هاشم رجل
فيأخذون سكينة أو حديدة أو سيفا فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة
148

حتى يتفرق دمه في قريش كلها فلا تستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا
فيه، فان سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثلث ديات، قالوا: نعم وعشر ديات، ثم
قالوا: الرأي رأي الشيخ النجدي فاجتمعوا ودخل معهم في ذلك أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وآله
ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره ان قريشا قد اجتمعت في دار الندوة
يدبرون عليك، وانزل الله في ذلك: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك
أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " واجتمعت قريش ان يدخلوا
عليه ليلا فيقتلوه وخرجوا إلى المسجد يصفرون ويصفقون ويطوفون بالبيت فأنزل الله:
وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية فالمكاء التصفير، والتصدية صفق اليدين
وهذه الآية معطوفة على قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا " وقد كتبت بعد آيات
كثيرة، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله جاءت قريش ليدخلوا عليه فقال أبو لهب:
لا أدعكم ان تدخلوا عليه بالليل فان في الدار صبيانا ونساءا ولا نأمن ان يقع بهم يد
خاطئة فنحرسه الليلة، فإذا أصبحنا دخلنا عليه، فناموا حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله
وامر رسول الله ان يفرش له، ففرش له فقال لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه: إفدني
بنفسك، قال: نعم يا رسول الله قال: نم على فراشي والتحف ببردتي، فنام على فراش
رسول الله صلى الله عليه وآله والتحف ببردته.
وجاء جبرئيل عليه السلام فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله فأخرجه على قريش وهم نيام
وهو يقرء عليهم: " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون "
وقال له جبرئيل عليه السلام: خذ على طريق ثور وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام
الثور، فدخل الغار وكان من امره ما كان، فلما أصبحت قريش وثبوا إلى الحجرة
وقصدوا الفراش فوثب علي في وجوههم فقال: ما شأنكم؟ قالوا له: أين محمد؟
قال: جعلتموني عليه رقيبا؟ ألستم قلتم نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم
فاقبلوا على أبي لهب يضربونه ويقولون: أنت تخدعنا منذ الليلة، فتفرقوا في
الجبال وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له أبو كرز يقفو الآثار فقالوا له: يا أبا
كرز اليوم اليوم فوقف بهم على باب حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: هذا قدم محمد و
149

الله لأنها أخت القدم التي في المقام، وكان أبو بكر استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فرده معه
وقال أبو كرز: وهذه قدم ابن أبي قحافة أو أبيه ثم قال: وهيهنا غير ابن أبي قحافة
فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار، ثم قال: ما جاوزوا هذا المكان اما ان
يكونوا صعدوا إلى السماء أو دخلوا تحت الأرض، وبعث الله العنكبوت فنسجت على
باب الغار، وجاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار ثم قال: ما في الغار أحد
فتفرقوا في الشعاب، وصرفهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله ثم اذن لنبيه
في الهجرة.
78 - قوله: وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية
فإنها نزلت لما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لقريش: ان الله بعثني ان أقتل جميع ملوك
الدنيا وأجر الملك إليكم فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه تملكوا بها العرب وتدين
لكم بها العجم، وتكونوا بها ملوكا في الجنة، فقال أبو جهل: " اللهم إن كان
هذا " الذي يقول محمد " هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء
أو ائتنا بعذاب اليم " حسدا لرسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: كنا وبني هاشم
كفرسي رهان (1) نحمل إذا حملوا، ونطعن إذا طعنوا، ونوقد إذا أوقدوا فلما استوى
بنا وبهم الركب، قال قائل منهم: منا نبي لا نرضى بذلك أن يكون في بني هاشم ولا
يكون في بني مخزوم، ثم قال: غفرانك اللهم، فأنزل الله في ذلك وما كان الله ليعذبهم
وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون حين قال: غفرانك اللهم، فلما هموا
بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله واخرجوه من مكة، قال الله: وما لهم الا يعذبهم الله
وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أوليائه يعني قريشا ما كانوا أولياء مكة
ان أولياؤه الا المتقون أنت وأصحابك يا محمد، فعذبهم الله بالسيف يوم بدر.
79 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن
أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا وذكر كلاما طويلا

(1) هذا مثل يضرب للشيئين المتساويين والمتقاربين في الفضل وغيره.
150

في فضل علي عليه السلام إلى أن قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال: " اللهم إن كان
هذا هو الحق من عندك " ان بني هاشم يتوارثون هرقل (1) " فأرسل علينا حجارة من
السماء أو ائتنا بعذاب اليم " فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية " وما كان
الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ثم قال له: يا ابن عمرو اما
تبت واما رحلت؟ فدعى براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة اتته جندلة فرضت
هامته (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لمن حوله من المنافقين انطلقوا إلى
صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عز وجل: " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد "
وحذفنا من الحديث أشياء ستقف عليها انشاء الله عند قوله: " ولما ضرب ابن مريم مثلا "
الآية وفي أول " سأل سائل ".
80 - في مجمع البيان باسناده إلى سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد الصادق عن
آبائه (ع) قال: لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم غدير خم فقال: من كنت مولاه
فعلي مولاه، طار ذلك في البلاد، فقدم على النبي صلى الله عليه وآله النعمان بن الحارث الفهري فقال:
أمرتنا من الله أن نشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحج
والصوم والصلاة والزكاة فقبلناها، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من
كنت مولاه، فعلي مولاه فهذا شئ منك أو أمر من عند الله؟ فقال: والله الذي لا إله إلا هو هذا
من الله، فولى النعمان بن الحارث وهو يقول: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك
فأمطر علينا حجارة من السماء " فرماه الله بحجر على رأسه فقتله.
81 - في روضة الكافي علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة وغير
واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان لكم في حيوتي خيرا وفي
مماتي خيرا، قال: فقيل: يا رسول الله اما حيوتك فقد علمنا فمالنا في وفاتك؟ فقال:
أما في حيوتي فان الله عز وجل يقول: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " واما في مماتي
فتعرض علي أعمالكم فأستغفر لكم.

(1) هرقل: اسم ملك الروم، أراد ان بني هاشم يتوارثون ملك بعد ملك.
(2) الجندلة واحدة الجندل: الحجارة ورضه: دقه والهامة: رأس كل شئ.
151

82 - في نهج البلاغة وحكى أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام
انه صلى الله عليه وآله قال: كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه، فرفع
أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به، اما الأمان الذي رفع فهو رسول الله صلى الله
عليه وآله واما الأمان الباقي فالاستغفار، قال الله جل من قائل: " وما كان الله ليعذبهم
وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "
83 - في من لا يحضره الفقيه وقال النبي صلى الله عليه وآله: حيوتي خير لكم ومماتي
خير لكم، فقالوا: يا رسول الله وكيف ذاك؟ فقال: اما حيوتي فان الله يقول. و
ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
84 - في كتاب ثواب الأعمال وعن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: الاستغفار لكم حصن حصين من العذاب، فمضى أكبر الحصنين وبقى الاستغفار
فأكثروا منه، فإنه ممحاة للذنوب قال الله عز وجل: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم
وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ".
85 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن محمد الجعفي قال: سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله والاستغفار حصنين حصينين لكم من العذاب
فمضى أكبر الحصنين وبقى الاستغفار فأكثروا منه فإنه ممحاة للذنوب، وان شئتم
فاقرأوا. " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيه وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ".
86 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد
الجعفي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام: لأي شئ يحتاج
إلى النبي والامام؟ فقال: لبقاء العالم على صلاحه وذلك أن الله عز وجل يرفع العذاب عن
أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو امام، قال الله عز وجل: " وما كان الله ليعذبهم وأنت
فيهم " وقال النبي صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا
ذهبت النجوم اتى أهل السماء ما يكرهون، وإذا ذهب أهل بيتي اتي أهل الأرض ما
يكرهون، يعني بأهل بيته الأئمة عليهم السلام الذين قرن الله عز وجل طاعتهم بطاعته.
87 - في أمالي شيخ الطائفة " قدس سره " باسناده إلى سدير عن أبي جعفر
152

عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في نفر من أصحابه: ان مقامي بين أظهركم خير
لكم، وان مفارقتي إياكم خير لكم، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال:
يا رسول الله اما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا، فكيف يكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟
فقال: اما مقامي بين أظهركم خير لكم لان الله عز وجل يقول: " وما كان الله ليعذبهم
وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " يعني يعذبهم بالسيف، فاما مفارقتي
إياكم فهو خير لكم لان أعمالكم تعرض علي كل اثنين وخميس، فما كان من حسن
حمدت الله عليه، وما كان من سئ استغفرت لكم.
88 - وباسناده إلى جعفر بن محمد عليهما السلام عن آبائه عن علي بن أبي طالب
عليه السلام أنه قال: أربع للمرء لا عليه، إلى قوله: والاستغفار فإنه قال: " وما كان الله
ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ".
89 - في مجمع البيان: وما كانوا أوليائه اي وما كان المشركين
أولياء مسجد الحرام وان سعوا في عمارته ان أوليائه الا المتقون معناه وما أولياء
المسجد الحرام الا المتقون وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " سبق لهذه الآية بيان فيما نقلناه قريبا عن علي
ابن إبراهيم.
90 - في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عمر اليماني عمن ذكره عن
أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أوليائه
يعني أولياء البيت يعني المشركين " ان أوليائه الا المتقون " حيث كانوا هم
أولى به من المشركين وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية قال: التصفير
والتصفيق (1).

(1) صفر صفرا وصفر تصفيرا: صوت بالنفخ من شفتيه وشبك أصابعه ونفيها، و
كثيرا ما يفعل ذلك للدابة عند دعائه للماء. وصفق بيديه: صوت بهما ضربا، قيل: وكانوا
يطوفون بالبيت عراة يشبكون بين أصابعهم ويصفرون فيها ويصفقون وكانوا يفعلون ذلك إذا قرء
رسول الله (ص) في صلاته يخلطون عليه.
153

91 - في عيون الأخبار قال الرضا عليه السلام: وسميت مكة مكة لان الناس كانوا يمكون
فيها، وكان يقال لمن قصدها: قد مكا، وذلك قول الله تعالى: " وما كان صلاتهم
عند البيت الا مكاء وتصدية " فالمكاء التصفير، والتصدية صفق اليدين.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قد سبق لهذه الآية بيان فيما نقلناه
قريبا عن علي بن إبراهيم
92 - في مجمع البيان وروى أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا صلى في المسجد الحرام
قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ورجلان عن يساره ويصفقان بأيديهما
فيخلطان عليه صلاته فقتلهم الله جميعا ببدر.
93 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ان الذين كفروا ينفقون أموالهم إلى
قوله: يحشرون قال: نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم وأخبرهم بخبر رسول الله
صلى الله عليه وآله في طلب العير، فاخرجوا أموالهم وحملوا وأنفقوا وخرجوا إلى محاربة رسول
الله صلى الله عليه وآله ببدر، فقتلوا وصاروا إلى النار، وكان ما أنفقوا حسرة عليهم.
قال مولف هذا الكتاب " عفى عنه ". مر في تفسيره عند قوله: " كما أخرجك
ربك " تسمية بعض المنفقين.
94 - في تفسير العياشي عن علي بن دراج الأسدي قال: دخلت على أبي جعفر
عليه السلام فقلت له: اني كنت عاملا لبني أمية فأصبت مالا كثيرا فظننت ان ذلك لا يحل
لي، قال: فسألت عن ذلك غيري؟ قال: قلت: قد سئلت فقيل لي: ان أهلك و
مالك وكل شئ لك حرام، قال: ليس كما قالوا لك، قلت: جعلت فداك فلى توبة؟
قال: نعم توبتك في كتاب الله قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف.
95 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن
أذينة عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: في قول الله عز ذكره:
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فقال: لم يجئ تأويل
هذه الآية بعد، ان رسول الله صلى الله عليه وآله رخص لهم لحاجته وحاجة أصحابه، فلو قد جاء
تأويلها لم يقبل منهم، ولكنهم يقتلون حتى يوحد الله عز وجل وحتى لا يكون شرك.
154

96 - في مجمع البيان " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " الآية وروى
زرارة وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لم يجئ تأويل هذه الآية، ولو قد قام
قائمنا بعد، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغن دين محمد
صلى الله عليه وآله ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى.
97 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن بن فضال عن محمد
ابن إسماعيل الزعفراني عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي
عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعته يقول كلاما
كثيرا ثم قال: وأعظم من ذلك كله سهم ذي القربى الذين قال الله تعالى:
ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان
نحن والله عنى بذي القربى والذين قرنهم الله بنفسه ونبيه فقال: فأن لله خمسه وللرسول
ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل منا خاصة ولم يجعل لنا في سهم الصدقة
نصيبا، أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا وساخ أيدي الناس.
98 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
أورمة ومحمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله تعالى: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول
ولذي القربى " قال: أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.
99 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن ابان عن محمد بن مسلم عن
أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه
وللرسول ولذي القربى " قال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله والخمس للرسول صلى الله عليه وآله ولنا.
100 - احمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: سئل عن
قول الله: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فقيل
له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله، وما كان لرسول الله فهو للامام
فقيل له: أرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقل ما يصنع به؟ قال: ذلك
إلى الامام أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يصنع؟ أليس انما كان يعطي على ما يرى؟
155

كذلك الامام.
101 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عبد الصمد بن
بشير عن حكيم مؤذن بن عيسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " و
اعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فقال أبو عبد الله عليه السلام
بمرفقيه على ركبتيه ثم أشار بيده (1) ثم قال: هي والله الإفادة يوما بيوم، الا ان
أبي جعل شيعته في حل.
102 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام يقول فيها: قد عملت
الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله. ولو حملت الناس على تركها وحولتها
إلى مواضعها والى ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لتفرق عني جندي حتى
أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله وسنة
رسول الله صلى الله عليه وآله أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم صلى الله عليه فرددته إلى الموضع الذي وضعه
فيه رسول الله (2) وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى الذي قال لله عز وجل: ان كنتم آمنتم
بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان فنحن والله عني بذلك القربى
الذي قرننا الله بنفسه وبرسوله صلى الله عليه وآله، فقال: " فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى و
المساكين وابن السبيل " فينا خاصة.
103 - علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن عاصم بن
حميد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: ان بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم
فقال لي: الكف عنهم أجمل ثم قال: والله يا أبا حمزة ان الناس كلهم أولاد بغايا ما
خلا شيعتنا. قلت: كيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال: يا أبا حمزة كتاب الله المنزل
يدل عليه. ان الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفئ، ثم قال
عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى و
اليتامى والمساكين وابن السبيل " فنحن أصحاب الخمس والفئ، وقد حرمنا على

(1) ركبتيه حال عن مرفقيه، والمعنى رفع مرفقيه وهما كاينتان على ركبتيه، و
العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام (عن هامش أصول الكافي).
(2) لهذا الحديث شرح ذكره في الروضة الطبعة الحروفية الصفحة 59 - 63 فراجع
156

جميع الناس ما خلا شيعتنا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
104 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن علي بن الحسين
عليهما السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين: فهل قرأت هذه الآية: " واعلموا
انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى "؟ فقال له الشامي: بلى فقال
له عليه السلام: فنحن ذو القربى.
105 - في تهذيب الأحكام سعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان
ابن يحيى عن عبد الله بن مسكان قال: حدثنا زكريا بن مالك الجعفي عن أبي عبد الله
عليه السلام انه سئله عن قول الله عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول
ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " فقال: اما خمس الله عز وجل
فللرسول يضعه في سبيل الله، واما خمس الرسول فلأقاربه، وخمس ذوي القربى فهم
أقرباؤه، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم، واما المساكين وابن
السبيل فقد عرفت انا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل.
106 - وعنه عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن عبد الله بن بكير عن
بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من
شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " قال:
خمس الله عز وجل للامام وخمس الرسول للامام، وخمس ذي القربى لقرابة الرسول
الامام، واليتامى يتامى آل الرسول والمساكين منهم، وأبناء السبيل منهم، فلا يخرج
منهم إلى غيرهم.
107 - في عوالي اللئالي ونقل عن علي عليه السلام انه قيل له: ان الله تعالى يقول:
" واليتامى والمساكين " فقال ايتامنا ومساكيننا
108 - وفي تفسير الثعلبي عن المنهال بن عمرو قال: سألت زين العابدين
عليه السلام عن الخمس؟ قال: هو لنا، فقلت: ان الله تعالى يقول: " واليتامى والمساكين "
قال: أيتامنا ومساكيننا.
109 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي بن
157

أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في وصية له: يا علي ان عبد المطلب سن في
الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الاسلام، إلى قوله: ووجد كنزا فأخرج منه
الخمس وتصدق به فأنزل الله تعالى: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه " الآية.
110 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق
بين العترة والأمة حديث طويل وفيه قالت العلماء له: فأخبرنا هل فسر الله تعالى
الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام فسر الاصطفاء في الظاهر دون الباطن في اثنى
عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك قوله عز وجل إلى أن قال: واما الآية الثامنة فقوله
عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فقرن
سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فهذا فصل أيضا بين الآل والأمة، لان الله
تعالى جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك، ورضى لهم ما رضى لنفسه، و
اصطفاهم فيه فبدأ بنفسه، ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى فكل ما كان من الفئ والغنيمة
وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه فرضيه لهم، فقال وقوله الحق: " واعلموا انما
غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فهذا تأكيد مؤكد وأثر قايم
لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
تنزيل من حكيم حميد، واما قوله: " واليتامى والمساكين " فان اليتيم إذا انقطع
يتمه خرج من الغنايم ولم يكن له فيها نصيب، وكذلك المسكين إذا انقطع مسكنته
لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قايم
فيهم للغني والفقير منهم، لأنه لا أحد أغنى من الله عز وجل ولا من رسوله صلى الله عليه
وآله، فجعل لنفسه منها سهما ولرسوله سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم، و
كذلك الفئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى كما اجراهم في الغنيمة،
فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم، وقرن سهمهم بسهمه وسهم رسوله وكذلك في
الطاعة قال: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم " فبدأ
بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته، وكذلك آية الولاية " انما وليكم الله ورسوله والذين
آمنوا " فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته، كما جعل سهمه مع سهم
158

الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ، فتبارك الله تعالى ما أعظم نعمته على
أهل هذا البيت، فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته
فقال: " انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم
وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله " فهل تجد في
شئ من ذلك أنه عز وجل سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه لما نزه نفسه
عن الصدقة ونزه رسوله نزه أهل بيته، لا بل حرم عليهم لان الصدقة محرمة على
محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ،
فلما ظهرهم واصطفاهم رضى لهم ما رضى لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه فهذه الثامنة.
111 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال:
سألته عن قول الله " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى "
قال: هم أهل قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله فسألته: منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل؟
قال: نعم.
112 - عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن نجدة
الحروري كتب إلى ابن عباس يسئله عن موضع الخمس لمن هو؟ فكتب إليه: اما الخمس
فانا نزعم انه لنا، ويزعم قومنا انه ليس لنا فصبرنا.
113 - عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير انهم قالوا له: ما حق الامام في أموال
الناس؟ قال: الفئ والأنفال والخمس، فكل ما دخل منه فئ أو أنفال أو خمس
أو غنيمة فان لهم خمسه فان الله تعالى يقول: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه
وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين " وكل شئ في الدنيا فان لهم
فيه نصيبا، فمن وصلهم بشئ مما يدعون له أكبر مما يأخذون منه.
114 - عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن
قول الله: " واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمس وللرسول ولذي القربى " قال:
الخمس لله وللرسول وهو لنا.
115 - عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل من أصحابنا في لوائهم فيكون
159

معهم فيصيب غنيمة قال: يؤدي خمسنا ويطيب له.
116 - عن إسحاق بن عمار أبي عبد الله عليه السلام قال: في تسعة عشر من شهر رمضان
يلتقي الجمعان، قلت ما معنى قوله: يلتقي الجمعان قال: يجمع فيها ما يريد من
تقديمه وتأخيره وارادته وقضائه.
117 - في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الغسل
في سبعة عشر موطنا، ليلة سبعة وعشرين من شهر رمضان وهي ليلة التقى
الجمعان ليلة بدر.
118 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى
يعني قريشيا حين نزلوا بالعدوة اليمانية ورسول الله صلى الله عليه وآله حين نزل بالعدوة الشامية
والركب أسفل منكم وهي العير التي أفلتت.
119 - في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " والركب أسفل منكم "
قال: أبو سفيان وأصحابه
120 - في كتاب مقتل الحسين (ع) لأبي مخنف ان الحسين عليه السلام بعد أن بلغه
قتل مسلم وهاني ونزوله بالعقبة قال له بعض من حضرنا: فأنشدك الله الا ما رجعت،
فوالله ما تقدم الا على أطراف الأسنة وحرارات السيوف، وان هؤلاء القوم الذين
بعثوا إليك لو كان فيهم صلاح، لكفوك مؤنة الحرب والقتال، وطيبوا لك الطريق،
ولكان الوصول إليهم رأيا سديدا، فالرأي عندنا ان ترجع عنهم ولا تقدم عليهم،
فقال له الحسين عليه السلام: صدقت يا عبد الله فيما تقول ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا
121 - في مصباح شيخ الطايفة خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب بها في يوم الغدير وفيها و
لم يدع الخلق في بهم صما ولا عميا بكما، بل جعل لهم عقولا ما زخت شواهدهم وتفرقت في
هياكلهم حفقها في نفوسهم واستعبد لها حواسهم، فقرر بها على أسماع ونواظر أفكار وخواطر
ألزمهم بها حجته واراهم بها محجته، وأنطقهم عما شهدته بالسن ذربة بما قام فيها من قدرته
وحكمته، وبين عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وان الله
لسميع عليم بصير شاهد خبير.
160

122 - في تفسير علي بن إبراهيم: " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي
عن بينة " قال: يعلم من بقي ان الله عز وجل نصره.
قال عز من قايل وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم الآية.
123 - في روضة الكافي باسناده إلى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان
إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار، ويكثر الكفار في أعين الناس فشد
عليه جبرئيل عليه السلام بالسيف فهرب منه وهو يقول: يا جبرئيل اني مؤجل حتى وقع
في البحر، قال: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: لأي شئ يخاف وهو مؤجل؟ قال: يقطع
بعض أطرافه.
124 - في مجمع البيان - وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم الآية واختلف في
ظهور الشيطان يوم بدر كيف كان؟ فقيل: ان قريشا لما اجتمعت المسير ذكرت
الذي بينها وبين بني بكر بن عبد مناف بن كنانة من الحرب (1) وكاد ذلك أن
يثنيهم (2) فجاء إبليس في جند من الشياطين فتبدي لهم في صورة سراقة بن مالك بن
جشعم الكناني ثم المدلجي وكان من اشراف كنانة وقال لا غالب لكم اليوم من
الناس واني جار لكم اي مجيركم من كنانة، فلما رأى إبليس الملائكة نزلوا
من السماء وعلم أنه لا طاقة له بهم نكص على عقبيه عن ابن عباس والسدي والكلبي
وغيرهم، وقيل: انهم لما التقوا كان إبليس في صف المشركين آخذا بيد الحارث
ابن هشام فنكص على عقبيه فقال له الحارث: يا سراقة أتخذلنا على هذه الحال؟
فقال له: اني أرى ما لا ترون فقال: والله ما نرى الا جعاسيس يثرب (3) فدفع
في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس، فلما قدموا مكة قالوا: هزم الناس

(1) وفي بعض النسخ " بن الحارث " مكان " من الحرب " ولا تخلو إحدى النسختين من
التصحيف.
(2) ثناه تثنية: جعله اثنين، وهذا كناية وأراد التفريق والتشتت إلى فرقتين أو أكثر.
(3) جعاسيس جمع الجعوس: القصير الدميم.
(4) القليب: البئر قبل أن تطوى.
161

سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم
فقالوا: انك أتيتنا يوم كذا فحلف لهم، فلما أسلموا علموا ان ذلك كان الشيطان
عن الكلبي وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " قد سبق لهذه الآية بيان عن علي بن إبراهيم
في القصة أوايل هذه السورة.
125 - في تفسير العياشي عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن علي بن
الحسين عليهما السلام قال: لما عطش القوم يوم بدر انطلق علي عليه السلام بالقربة
يستقي وهو على القليب إذ جاءت ريح شديدة ثم مضت، فلبث ما بدا له ثم جاءت ريح،
أخرى ثم مضت، ثم جائته أخرى كاد أن يشغله وهو على القليب، ثم جلس حتى مضى،
فلما رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أخبره بذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اما الريح الأول
جبرئيل مع ألف من الملائكة والثانية فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة والثالثة
فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة وقد سلموا عليك وهو مدد لنا، وهم الذين رآهم
إبليس فنكص على عقبيه يمشي القهقري حين يقول: " اني أرى ما لا ترون اني أخاف
الله والله شديد العقاب ".
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " قوله عز وجل إذ يقول المنافقون والذين
في قلوبهم مرض غير هؤلاء دينهم قد سبق له بيان عن علي بن إبراهيم في القصة
أوايل هذه السورة.
126 - في تفسير العياشي أو علي المحمودي عن أبيه رفعه في قول الله:
يضربون وجوههم وادبارهم قال: انما أرادوا استاههم (1) ان الله كريم يكنى.
127 - في مجمع البيان روى مجاهد ان رجل قال للنبي صلى الله عليه وآله اني حملت
على رجل من المشركين فذهبت لاضربه فندر (2) رأسه فقال: سبقك إليه الملائكة
قال عز من قائل ذلك بان الله لم يك مغيرا نعمة انعمها على قوم حتى يغيروا

(1) الاستاه جمع الاست.
(2) ندر الشئ: سقط
162

ما بأنفسهم.
128 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم
عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن الهيثم بن واقد الجزري قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: إن الله عز وجل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه وأوحى إليه ان قل لقومك انه ليس
من أهل قرية ولا ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحب إلى ما
اكره الا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون، وليس من أهل قرية ولا أهل بيت
كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضراء فتحولوا عما اكره إلى ما أحب الا تحولت لهم عما
يكرهون إلى ما يحبون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
129 - محمد بن يحيى وأبو علي الأشعري عن الحسين بن إسحاق عن علي بن
مهزيار عن حماد بن عيسى عن أبي عمرو المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
كان أبي عليه السلام يقول: إن الله قضى قضاءا حتما الا ينعم على العبد فيسلبها إياه حتى يحدث
العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة.
130 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن سماعة قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما أنعم الله على عبد بنعمة فسلبها إياه حتى يذنب ذنبا يستحق
بذلك السلب.
131 - في نهج البلاغة قال عليه السلام، وليس شئ ادعى إلى تغيير نعم الله وتعجيل نقمته
من إقامة على ظلم فان الله سميع دعوة المظلومين (1) وهو للظالمين بالمرصاد وقال
عليه السلام أيضا (2): إياك والدماء وسفكها بغير حلها، فإنه ليس شئ أدعى لنقمة ولا
أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها.
132 - في تفسير علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم
بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام

(1) وفي المصدر " فان الله يسمع دعوة المضطهدين ".
(2) هذا وما قبله من جملة ما كتبه عليه السلام إلى الأشتر النخعي رحمه الله لما ولاه على مصر و
هو أطول عهد لكتبه وأجمعه للمحاسن.
163

في قوله: ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون قال أبو جعفر عليه السلام:
نزلت في بني أمية فهم أشر خلق الله، هم الذين كفروا في باطن القرآن.
133 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه -
الآية " ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون " قال: نزلت في بني أمية هم
شر خلق الله هم الذين كفروا في بطن القرآن، وهم الذين لا يؤمنون هم شر خلق الله.
134 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: واما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم
على سواء قال: نزلت في معاوية لما خان أمير المؤمنين عليه السلام.
135 - في كشف المحجة لابن طاوس (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه: فقدمت البصرة وقد اتسقت إلي الوجوه كلها الا الشام، فأحببت ان
اتخذ الحجة واقضى العذر، وأخذت بقول الله: " واما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم
على سواء " فبعثت جرير بن عبد الله إلى معاوية معذرا إليه متخذا للحجة عليه، فرد
كتابي وجحد حقي في دفع بيعتي.
136 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلث من كن فيه كان منافقا
وان صام وصلى وزعم أنه مسلم، من إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا وعد
اخلف، ان الله عز وجل قال في كتابه: ان الله لا يحب الخائنين وقال: " ان لعنة الله
عليه إن كان من الكاذبين " وفي قوله تعالى: " واذكر في الكتاب إسماعيل انه كان
صادق الوعد وكان رسولا نبيا ".
137 - في الكافي محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن الحسن بن طريف
عن عبد الله بن المغيرة رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في قول الله عز وجل: واعدوا
لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل قال: الرمي.
138 - في من لا يحضره الفقيه وقال عليه السلام في قول الله عز وجل " واعدوا لهم
ما استطعتم من قوة " قال: منه الخضاب بالسواد.
139 - في تفسير العياشي عن محمد بن عيسى عمن ذكره عن أبي عبد الله
164

عليه السلام في قول الله: " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة " قال: سيف ونرس.
140 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
قال السلاح.
141 - في مجمع البيان وروى عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وآله
ان القوة رمى.
142 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله: وارتبطوا الخيل فان ظهورها لكم عز و
أجوافها كنز.
143 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
جمهور عن صفوان عن ابن مسكان عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل
وان جنحوا للسلم فاجنح لها قلت: ما السلم؟ قال: الدخول في أمرنا.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قد سبق لهذه الآية بيان عن علي بن إبراهيم
في القصة في أوايل هذه السورة.
144 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وان جنحوا للسلم فاجنح لها " قال:
هي منسوخة بقوله: " ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم " وقوله:
وان يريدوا ان يخدعوك فان حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين
والف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله
الف بينهم قال: نزلت في الأوس والخزرج.
145 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن هؤلاء قوم كانوا معه
من قريش، فقال الله: " فان حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين والف بين
قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم انه عزيز
حكيم " فهم الأنصار كان بين الأوس والخزرج حرب شديد وعداوة في الجاهلية،
فألف الله بين قلوبهم ونصر بهم نبيه فالذين ألف بين قلوبهم فهم الأنصار خاصة.
146 - في مجمع البيان " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين " وأراد بالمؤمنين
الأنصار وهم الأوس والخزرج عن أبي جعفر عليه السلام.
165

147 - في أمالي شيخ الطائفة باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المؤمن غر كريم، والفاجر خبث لئيم، وخير المؤمنين من
كان تألفه للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.
148 - قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: شرار الناس من يبغض المؤمنين وتبغضه
قلوبهم المشاؤن بالنميمة المفرقون بين الأحبة، الباغون للناس العيب أولئك لا ينظر
الله إليهم ولا يزكيهم يوم القيمة، ثم تلا صلى الله عليه وآله: " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف
بين قلوبهم ".
149 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وبلغ رسالات ربه فلم به الصدع، ورتق
به الفتق، والف [به الشمل] بين ذوي الأرحام بعد العداوة الواغرة في الصدور، و
الضغاين القادحة في القلوب (1).
150 - في تفسير العياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول
في آخره: وقد أكره على بيعة أبي بكر مغضبا: اللهم انك تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله قد
قال لي: ان تموا عشرين فجاهدهم، وهو قولك في كتابك ان يكن منكم عشرون
صابرون يغلبوا مأتين قال: وسمعته يقول: اللهم فإنهم لم يتموا عشرين حتى قالها
ثلثا ثم انصرف.
151 - عن فرات بن أحنف عن بعض أصحابه عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال
: ما نزل بالناس أزمة (2) قط الا كان شيعتي فيه أحسن حالا، وهو قول الله:
الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا.
152 - عن الحسين بن صالح قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان علي
صلوات الله عليه يقول: من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر من الزحف، و
من فر من ثلاثة رجال في القتال من الزحف فلم يفر.

(1) لم به: جمع. والصدع: الشق والعداوة الواغرة: ذات الوغرة وهي شدة
الحر: والضغائن: الأحقاد. والقادحة في القلوب كأنها تقدح النار فيها.
(2) الأزمة: الشدة. القحط.
166

153 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن
صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه: أما علمتم ان الله عز وجل قد فرض
على المؤمنين في أول الأمر ان يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين، ليس له ان
يولي وجهه عنهم، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوء مقعده من النار، ثم حولهم رحمة
منه لهم، فصار الرجل منهم عليه ان يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله
عز وجل للمؤمنين ففسح الرجلان العشرة.
154 - في مجمع البيان وعن ابن عباس قال: لما امسى رسول الله صلى الله عليه
وآله يوم بدر والناس محبوسون بالوثاق بات ساهرا أول الليل، فقال له أصحابه:
مالك لا تنام؟ قال: سمعت أنين عمي عباس في وثاقه فأطلقوه فسكت فنام رسول الله
صلى الله عليه وآله.
155 - وروى عبيدة السلماني (1) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لأصحابه
يوم بدر في الأسارى: ان شئتم قتلتموهم وان شئتم فاديتموهم واستشهد منكم بعدتهم،
وكانت الأسارى سبعين، فقالوا: بل نأخذ الفداء ونتمتع به ونتقوى به على عدونا
ويستشهد منا بعدتهم، قال عبيدة: طلبوا الخيرتين كلتيهما، فقتل منهم يوم أحد سبعون.
156 - وقال أبو جعفر عليه السلام: كان الفداء يوم بدر عن كل رجل من المشركين
بأربعين أوقية والأوقية أربعون مثقالا الا العباس، فان فدائه مائة أوقية، وكان
أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ذلك غنيمة ففاد نفسك
وابنى أخيك نوفلا وعقيلا فقال: ليس معي شئ، فقال أين الذهب الذي سلمته إلى
أم الفضل وقلت لها: ان حدث بي حدث فهو لك وللفضل وعبد الله وقثم؟ فقال: من أخبرك
بهذا؟ قال: الله تعالى، فقال: اشهد انك رسول الله، ما اطلع على هذا أحد الا الله تعالى
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " قوله عز وجل: ما كان لنبي أن يكون له

(1) وفي جملة من النسخ " أبو عبيدة " ولكن الصحيح ما اخترناه قال ابن حجر في
تهذيب التهذيب عبيدة بن عمرو السلماني المرادي وذكر وفاته سنة 73 وقيل 74. " انتهى " و
عن لب اللباب ان السلماني نسبة إلى سلمان مدينة بآذربيجان.
167

اسرى الآية نقلنا عن علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: " كما أخرجك ربك " له
زيادة بيان فليطلب هناك.
157 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول في هذه الآية: يا أيها النبي قل لمن في
أيديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم
قال: نزلت في العباس وعقيل ونوفل، وقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى يوم بدر ان
يقتل أحد من بني هاشم وأبو البختري، فاسروا فأرسل عليا عليه السلام فقال انظر من هيهنا
من بني هاشم، قال: فمر علي عليه السلام على عقيل بن أبي طالب كرم الله وجهه فحاد عنه (1)
فقال له: يا بن أم علي اما والله لقد رأيت مكاني، قال: فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال:
هذا أبو الفضل في يد فلان، وهذا عقيل في يد فلان وهذا نوفل بن حارث في يد فلان، فقام
رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى عقيل، فقال له: يا أبا يزيد قتل أبو جهل؟ قال:
اذن لا تنازعون في تهامة (2) فقال: ان كنتم أثخنتم القوم والا فاركبوا أكتافهم، قال:
فجئ بالعباس فقيل له: أفد نفسك وافد ابن أخيك، فقال: يا محمد تتركني
أسأل قريشا في كفي؟ فقال: اعط ما خلفت عند أم الفضل وقلت لها: ان أصابني في وجهي
هذا شئ فأنفقيه على ولدك ونفسك، فقال له: يا بن أخي من أخبرك بهذا؟ فقال:
اتاني جبرئيل من عند الله عز ذكره، فقال ومحلوفه (3) ما علم بهذا أحد الا انا وهي،
اشهد انك رسول الله، قال: فرجع الأسارى كلهم [مشركين] الا العباس وعقيل و
نوفل كرم الله وجوههم، وفيهم نزلت هذه الآية " قل لمن في أيديكم من الاسرى ان يعلم
الله في قلوبكم خيرا " إلى آخر الآية.
158 - في قرب الإسناد للحميري باسناده عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السلام
قال: اتى النبي صلى الله عليه وآله بمال، فقال للعباس: يا عباس ابسط رداءك وخذ من هذا المال

(1) حاد عنه: مال.
(2) من أسماء مكة المعظمة.
(3) ومحلوفه اي أقسم بالذي يقسم به في شرع محمد (ص) وحاصله " والله ".
168

طرفا (1) فبسط ردائه فأخذ منه طائفة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا من الذي قال الله
تبارك وتعالى: " يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا
يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم " (2)
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " قوله عز وجل وان يريدوا خيانتك فقد خانوا الله
من قبل فأمكن منهم الآية قد سبق فيما نقلنا عن علي بن إبراهيم من تفسير قوله عز وجل:
" كما أخرجك ربك من بيتك "
159 - في عيون الأخبار في باب جمل من اخبار موسى بن جعفر عليه السلام مع
هارون الرشيد ومع موسى بن المهدي حديث طويل بينه وبين هارون وفيه قال: فلم ادعيتم
انكم ورثتم النبي صلى الله عليه وآله والعم يحجب ابن العم وقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وقد توفى
أبو طالب عليه السلام قبله، والعباس عمه حي؟ فقلت له: ان رأى أمير المؤمنين ان يعفيني
من هذه المسألة ويسألني عن كل باب سواه يريد، فقال: لا أو تجيب فقلت: فآمني
قال: قد آمنتك قبل الكلام فقلت: ان في قول علي بن أبي طالب عليه السلام انه ليس مع
ولد الصلب ذكرا كان أو أنثى لاحد سهم الا للأبوين والزوج والزوجة، ولم يثبت للعم مع
ولد الصلب ميراث، ولم ينطق به الكتاب الا ان تيما وعديا (3) وبني أمية قالوا: العم
والد، رأيا منهم بلا حقيقة ولا اثر عن الرسول صلى الله عليه وآله إلى أن قال عليه السلام قال: زدني يا موسى،
قلت: المجالس بالأمانات وخاصة مجلسك؟ فقال: لا بأس عليك، فقلت: ان
النبي صلى الله عليه وآله لم يورث من لم يهاجر، ولا أثبت له ولاية حتى يهاجر، فقال: ما حجتك
فيه؟ فقلت قول الله تعالى: والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم
من شئ حتى يهاجروا وان عمي العباس لم يهاجر، فقال: أسئلك يا موسى هل أفتيت

(1) الطرف - محركة -: طائفة من الشئ.
(2) " في تفسير العياشي عن علي بن أسباط انه سمع أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: قال
أبو عبد الله عليه السلام: أتى النبي (ص) بمال وذكر إلى آخر ما في قرب الإسناد سواء. منه
عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
(3) المراد من التيم والعدي أبو بكر وعمر.
169

بذلك أحدا من أعدائنا أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة شئ؟ فقلت:
اللهم لا، وما سألني عنها الا أمير المؤمنين.
160 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر
وأبي عبد الله (ع) قال: سألتهما عن قوله: " والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكهم من ولايتهم
من شئ حتى يهاجروا "؟ قال: إن أهل مكة لا يولون (1) أهل المدينة.
161 - في مجمع البيان " ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وروى
عن أبي جعفر عليه السلام: انهم كانوا يتوارثون بالمواخاة الأولى.
162 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم
من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر الا
على قوم بينكم وبينهم ميثاق " فإنها نزلت في الاعراب، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله
صالحهم على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا إلى المدينة وعلى انه إذا أرادهم رسول الله
صلى الله عليه وآله غزا بهم، وليس لهم في الغنيمة شئ وأوجبوا على النبي صلى الله عليه وآله ان أرادهم
الاعراب من غيرهم أو دهاهم دهم (2) من عدوهم ان ينصرهم الا على قوم بينهم وبين
الرسول عهد وميثاق إلى مدة.
163 - في من لا يحضره الفقيه وروى محمد بن الوليد عن الحسين بن بشار
قال كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام في رجل خطب إلي؟ فكتب: من خطب إليكم فرضيتم
دينه وأمانته كاينا من كان فزوجوه والا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
164 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس
عن الحسين بن ثوير بن أبي فاخته عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تعود الإمامة في أخوين بعد
الحسن والحسين [ابدا]، انما جرت من علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى
وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فلا تكون بعد علي بن الحسين

(1) وفي المصدر " لا يرثون " بدل " لا يولون " ومرجع المعنى واحد.
(2) دهاه: أصابه. والدهم: الغائلة من أمر عظيم. والجماعة الكثيرة. ولعل الصحيح
" أو دهمهم دهم ".
170

الا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.
165 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلي بن محمد عن سهل
بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: فلما مضى علي عليه السلام كان الحسن أولى
بها لكبره، فلما توفى لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك، والله عز وجل
يقول: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فيجعلها في ولده إذا لقال
الحسين عليه السلام أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وبلغ في رسول الله صلى الله عليه وآله
كما بلغ فيك وفي أبيك، وأذهب الله عنى الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما
صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعى عليه كما كان هو
يدعى على أخيه وعلى أبيه، ولو أراد أن يصرفا الامر عنه ولم يكونا ليفعلا، ثم صارت
حتى أفضت (1) إلى الحسين عليه السلام فجرى تأويل هذه الآية " وأولوا الأرحام بعضهم
أولى ببعض في كتاب الله " ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من
بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي، وقال: الرجس هو الشك والله لا نشك بربنا أبدا.
166 - محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن صفوان بن
يحيى عن صباح الأزرق عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان رجلا من
المختارية لقيني فزعم أن محمد بن الحنفية امام، فغضب أبو جعفر عليه السلام ثم قال أفلا
قلت له: قال: قلت لا والله ما دريت ما أقول، قال: أفلا قلت له: ان رسول الله صلى الله عليه وآله
أوصى إلى علي والحسن والحسين عليهما السلام، فلما مضى علي أوصى إلى
الحسن والحسين عليهم السلام، ولو ذهب يزويها عنهما لقالا له: نحن وصيان مثلك
ولم يكن ليفعل ذلك، وأوصى الحسن إلى الحسين ولو ذهب يزويها عنه لقال له: انا
وصي مثلك من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن أبى ولم يكن ليفعل ذلك قال الله عز وجل: " وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض " هي فينا وفي أبنائنا.
167 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن قيس

(1) وفي المصدر " حين أفضت " مكان " حتى أفضت ".
171

عن ثابت الثمالي عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال فينا
نزلت هذه الآية: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ".
168 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الرحمان بن كثير قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: ما عنى الله عز وجل بقوله تعالى " يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت ويطهركم تطهيرا " قال: نزلت هذه الآية في النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين
والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، فلما قبض الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله كان
أمير المؤمنين عليه السلام ثم الحسن ثم الحسين عليهم السلام، ثم وقع تأويل هذه الآية: " و
أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " وكان علي بن الحسين عليه السلام، ثم جرت
في الأئمة من ولده الأوصياء عليهم السلام، فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عز وجل.
169 - وباسناده إلى عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
الله عز وجل خص عليا عليه السلام بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وما يصيبه له، فاقر الحسن و
الحسين بذلك، ثم وصيته للحسن وتسليم الحسين ذلك حتى أفض الامر إلى الحسين
لا ينازعه فيه أحد، لأنه ليس لأحد من السابقة مثل ما له، واستحقها علي بن الحسين
عليه السلام لقول الله عز وجل: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فلا يكون
بعد علي بن الحسين عليهما السلام الا في الأعقاب واعقاب الأعقاب.
170 - في نهج البلاغة من كتاب له عليه السلام إلى معاوية: وكتاب الله
يجمع لنا ما شذ عنا وهو قوله سبحانه: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله "
وقوله تعالى: " ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله
ولي المؤمنين " فنحن مرة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة.
171 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " وروى عبد الله بن
الحسن باسناده عن آبائه عليهم السلام انه لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك، و
بلغها ذلك جاءت إليه وقالت: يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله ان ترث أباك ولا ارث أبي
لقد جئت شيئا فريا؟ افعلى عمد تركتم كتاب الله وراء ظهوركم إذ يقول: " وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
172 - وفيه خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها قال الله عز وجل، " ان أولى
172

الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي " وقال عز وجل: " وأولوا الأرحام بعضهم
أولى ببعض في كتاب الله " فنحن أولى الناس بإبراهيم، ونحن ورثناه ونحن أولوا
الأرحام الذين ورثنا الكعبة ونحن آل إبراهيم.
173 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه
عليهم السلام قال: دخل علي عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه وقد أغمي عليه و
رأسه في حجر جبرئيل عليه السلام، وجبرئيل علي صورة دحية الكلبي، فلما دخل علي
عليه السلام قال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمك فأنت أحق به مني. لان الله يقول في
كتابه: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فجلس علي عليه السلام واخذ
رأس رسول الله صلى الله عليه وآله فوضعه في حجره، فلم يزل رأس رسول الله صلى الله عليه وآله في حجره
حتى غابت الشمس وان رسول الله صلى الله عليه وآله افاق فرفع رأسه، فنظر إلى علي
عليه السلام فقال: يا علي أين جبرئيل؟ فقال: يا رسول الله ما رأيت الا دحية
الكلبي دفع إلي رأسك وقال: يا علي دونك رأس ابن عمك فأنت أحق به مني، لان الله
تعالى يقول: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فجلست واخذت
رأسك فلم يزل في حجري حتى غابت الشمس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أفصليت
العصر؟ قال: لا، قال: فما منعك ان تصلي؟ فقال: قد أغمي عليك وكان
رأسك في حجري فكرهت ان أشق عليك يا رسول الله، وكرهت ان أقوم
وأصلي وأضع رأسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم ان عليا كان في طاعتك وطاعة
رسولك حتى فاتته صلاة العصر، اللهم فرد عليه الشمس حتى يصلي العصر في وقتها
قال: فطلعت الشمس فصارت في وقت العصر بيضاء نقية، ونظر إليها أهل المدينة
" وان عليا قام وصلى، فلما انصرف غابت الشمس وصلوا المغرب.
174 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال: " والذين آمنوا من بعد وهاجروا و
جاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " قال:
نسخت قوله: " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ".
175 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن
173

حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في خالة
جاءت تخاصم في مولى رجل، فقرأ هذه الآية: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
في كتاب الله " فدفع الميراث إلى الخالة ولم يعط المولى.
176 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن
سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان علي عليه السلام إذا مات مولى له وترك قرابة
له يأخذ من ميراثه شيئا ويقول: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ".
177 - في من لا يحضره الفقيه وروى أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن
سهل عن الحسن بن الحكم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في رجل ترك خالتيه ومواليه
قال: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " المال بين الخالتين.
178 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الحسن بن موسى الخياط عن
الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا والله ما ورث رسول الله صلى الله عليه وآله
العباس ولا علي ولا ورثته الا فاطمة عليها السلام، وما كان اخذ علي عليه السلام السلاح و
غيره الا لأنه قضى عنه دينه، ثم قال: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب الله ".
179 - في الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي
بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: الخال والخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد، ان الله يقول:
" وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ".
180 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهيب عن أبي بصير عن
أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الخال والخالة يرثان إذا لم يكن معهما أحد
يرث غيرهما، ان الله يقول: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله "
181 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: الخال
والخالة يرثون إذا لم يكن معهم أحد غيرهم، ان الله يقول: " وأولوا الأرحام بعضهم
أولى ببعض في كتاب الله " إذا التقت القرابات فالسابق أحق بالميراث من قرابته.
182 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قول الله عز وجل: " وأولوا الأرحام بعضهم
174

أولى ببعض في كتاب الله " ان بعضهم أولى بالميراث من بعض، لان أقربهم إليه أولى به.
183 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما اختلف علي بن أبي طالب عليه السلام و
عثمان بن عفان في الرجل يموت وليس له عصبة يرثونه وله ذو قرابة لا يرثونه ليس
له سهم مفروض؟ فقال علي عليه السلام: ميراثه لذوي قرابته لان الله تعالى يقول: " و
أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " وقال عثمان: اجعل ميراثه في بيت مال
المسلمين، ولا يرثه أحد من قرابته.
184 - عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام لا يعطي الموالي
شيئا مع ذي رحم سميت له فريضة أم لم تسم له فريضة وكان يقول: " وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ان الله بكل شئ عليم " قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع
أولى الأرحام حيث قال: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ".
175

سورة التوبة - شأن نزولها
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
الأنفال وسورة البراءة في كل شهر لم يدخله نفاق ابدا، وكان من شيعة أمير المؤمنين
عليه السلام.
2 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته
يقول من قرأ براءة والأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا، وكان من شيعة
أمير المؤمنين عليه السلام حقا، ويأكل يوم القيامة من موائد الجنة مع شيعته حتى يفرغ الناس
من الحساب.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من قرأ سورة
الأنفال والبراءة فأنا شفيع له وشاهد يوم القيمة، انه برئ من النفاق، وأعطى من
الاجر بعدد كل منافق ومنافقة في دار الدنيا عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات،
ورفع له عشر درجات، وكان العرش وحملته يصلون عليه أيام حياته في الدنيا.
4 - وقد روى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: الأنفال والبراءة واحد.
5 - 6 - ترك البسملة في أولها قراءة وكتابة وفيه أقوال: إلى قوله " وثانيها " انه
لم ينزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة براءة لان بسم الله الرحمن الرحيم
للأمان والرحمة ونزلت براءة لدفع الأمان والسيف عن علي بن أبي طالب عليه السلام.
" وإذا قيل ": كيف يجوز ان ينقض النبي ذلك العهد؟ " فالقول فيه " انه يجوز
ان ينقض صلى الله عليه وآله ذلك على ثلاثة أوجه " أحدها ". أن يكون العهد مشروطا بان يبقى
إلى أن يرفعه الله تعالى بوحي، واما يكون قد ظهر من المشركين خيانة، واما أن يكون
مؤجلا إلى مدة، وقد وردت الرواية بان النبي صلى الله عليه وآله شرط عليهم ما ذكرناه،
وروى أيضا ان المشركين كانوا قد نقضوا العهد وهموا بذلك، فأمر الله سبحانه ان
ينقض عهدهم.
176

7 - في تفسير العياشي عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
الفتح في سنة ثمان وبرائة في سنة تسع، وحجة الوداع في سنة عشر.
8 - عن أبي العباس عن أحدهما عليهما السلام قال: الأنفال وسورة براءة واحدة.
9 - في كتاب الخصال عن الحارث بن ثعلبة قال: قلت لسعد: أشهدت شيئا
من مناقب علي عليه السلام؟ قال: نعم شهدت له أربع مناقب، والخامسة شهدتها لان يكون
لي منهن واحدة أحب إلي من حمر النعم (1) بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر ببراءة
ثم أرسل عليا عليه السلام فأخذها منه، فرجع أبو بكر فقال: يا رسول الله أنزل في شئ؟
قال: لا الا انه لا يبلغ عني الا رجل مني.
10 - وفي احتجاج علي عليه السلام يوم الشورى على الناس قال: نشدتكم بالله هل فيكم
أحد أمر الله عز وجل رسوله أن يبعث ببراءة فبعث بها مع أبي بكر فأتاه جبرئيل
فقال: يا محمد انه لا يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك، فبعثني رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذتها
من أبي بكر فمضيت فأديتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله فأثبت الله على لسان رسول الله اني
منه، غيري؟ قالوا: لا.
11 - وفي مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وتعدادها قال عليه السلام: واما الخمسون فان
رسول الله صلى الله عليه وآله بعث ببراءة مع أبي بكر فلما مضى اتى جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد
لا يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك فوجهني على ناقته العضباء، فلحقته بذي الحليفة (2)
فأخذتها منه فخصني الله بذلك.
12 - عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد سأله رأس -
اليهود كم: تمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء وبعد وفاتهم؟ قال: يا أخا اليهود
ان الله تعالى امتحنني في حياة نبينا صلى الله عليه وآله في سبعة مواطن، فوجدني

(1) حمر النعم - بضم الحاء وسكون الميم -: الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب و
أقواها وأجلاها فجعلت كناية عن خير الدنيا كله.
(2) ذو الحليفة: موضع بينها وبين المدينة ستة أميال ومنها ميقات أهل المدينة وهي
المعروفة عندنا بمسجد الشجرة وفي وجه تسميتها خلاف ذكره الطريحي (ره) في المجمع.
177

فيها من غير تزكية لنفسي بنعمة الله له مطيعا قال: فيم وفيم يا أمير المؤمنين
قال: اما أوليهن إلى أن قال: واما السابعة يا أخا اليهود: فان رسول الله صلى الله
عليه وآله لما توجه لفتح مكة أحب ان يعذر إليهم ويدعوهم إلى الله آخرا
كما دعاهم أولا، فكتب إليهم كتابا يحذرهم فيه وينذرهم عذاب ربهم، ويعدهم
الصفح (1) وينذرهم ونسخ لهم في آخره سورة براءة لتقرأ عليهم، ثم عرض على
جميع أصحابه المضي به إليهم. فكل منهم يرى التثاقل فيه، فلما رأى ذلك ندب
منهم رجل فوجهه فيه. فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد انه لا يؤدي عنك الا
أنت أو رجل منك، فأنبأني رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك ووجهني بكتابه ورسالته إلى
أهل مكة، فأتيت مكة وأهلها من قد عرفتم ليس منهم أحد الا ولو قدر أن يضع على
كل جبل مني إربا (2) لفعل، ولو أن يبذل في ذلك نفسه وماله وأهله وولده فبلغتهم
رسالة النبي صلى الله عليه وآله وقرأت عليهم كتابه، فكل تلقاني بالتهديد والوعيد ويبدي
البغضاء ويظهر لي الشحناء (3) من رجالهم ونسائهم، فكان مني في ذلك ما قد
رأيتم، ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ فقالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
13 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى جميع بن عمر (4) قال: صليت
في المسجد الجامع فرأيت ابن عمر جالسا فجلست إليه فقلت: حدثني عن علي
عليه السلام، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر ببراءة، فلما أتى بها ذا الحليفة اتبعه علي
عليه السلام فأخذها منه قال أبو بكر: يا علي مالي أنزل في شئ؟ قال: لا ولكن رسول
الله قال: لا يؤدي عني الا انا أو رجل من أهل بيتي، قال: فرجع إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أنزل في شئ؟ قال: لا ولكن لا يؤدي عني الا انا أو

(1) الصفح: الاعراض عن الذنب وفي المصدر " ويعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة
ربهم وينسخ لهم في آخره سورة براءة. اه ".
(2) الإرب - بالكسر -: العضو.
(3) الشحناء: عداوة امتلأت منها النفس.
(4) والظاهر " عمير " كما في رجال العامة.
178

رجل من أهل بيتي. قال كثير: قلت لجميع: استشهد (1) علي بن عمر بهذا؟
قال: نعم ثلثا.
14 - وباسناده إلى ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أبا بكر
ببراءة ثم اتبعه علي عليه السلام فاخذها منه، فقال أبو بكر: يا
رسول الله خيف في شئ؟ قال: لا، الا انه لا يؤدي عني الا أنا أو علي وكان
الذي بعث به علي عليه السلام لا يدخل الجنة الا نفس في مؤمن مسلمة (2) ولا يحج بعد هذا
العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عهد
فهو إلى مدته.
15 - وباسناده إلى الحارث بن مالك قال: خرجت إلى مكة فلقيت سعد بن
مالك فقلت له: هل سمعت لعلي عليه السلام منقبة؟ قال: قد شهدت له أربعة لئن تكون لي
إحديهن أحب إلي من الدنيا أعمر فيها عمر نوح، إحديهما ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث
أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش فسار بها يوما وليلة، ثم قال لعلي عليه السلام: اتبع
أبا بكر فبلغها ورد أبا بكر، فقال: يا رسول الله انزل في شئ؟ قال: لا الا انه لا يبلغ
عنى الا انا أو رجل مني.
16 - وباسناده إلى أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وآله بعث ببراءة إلى أهل مكة
مع أبي بكر فبعث عليا عليه السلام وقال: لا يبلغها الا رجل من أهل بيتي.
17 - في تفسير العياشي عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس فنزل جبرئيل عليه السلام فقال:
لا يبلغ عنك الا علي عليه السلام، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا فأمره أن يركب ناقته العضباء
وأمره ان يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة ويقرأه على الناس بمكة، فقال أبو بكر:
اسخطة؟ فقال لا الا انه انزل عليه ان لا يبلغ الا رجل منك، فلما قدم علي عليه السلام مكة

(1) والظاهر " أتشهد " كما في بعض نسخ المصدر.
(2) وفي المصدر " الأنفس مسلمة ".
179

وكان يوم النحر بعد الظهر وهو اليوم الحج الأكبر، قام ثم قال: اني [رسول] (1) رسول
الله إليكم فقرأها عليهم براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين
فسيحوا في الأرض أربعة أشهر عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع -
الأول، وعشرين من شهر ربيع الاخر، وقال: لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة.
ولا مشرك الا من كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وآله فمدته إلى هذه الأربعة الأشهر (2)
18 - وفي خبر محمد بن مسلم فقال: يا علي هل نزل في شئ منذ فارقت رسول الله
صلى الله عليه وآله؟ قال: لا ولكن أبى الله أن يبلغ عن محمد الا رجل منه فوافي الموسم فبلغ
عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة ويوم النحر عند الجمار وفي أيام التشريق (3)
كلها ينادي: " براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في
الأرض أربعة أشهر " ولا يطوفن بالبيت عريان.
19 - عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا والله ما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله
أبا بكر ببراءة أهو كان يبعث بها معه ثم يأخذها منه؟ ولكنه استعمله على الموسم،
وبعث بها عليا بعدما فصل أبو بكر عن الموسم، فقال صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام حين بعثه: انه
لا يؤدي عني الا أنا وأنت (4)

(1) ما بين العلامتين انما هو في المصدر دون النسخ وسيأتي عن كتاب مجمع البيان
نظير الحديث مثل ما في نسخ الكتاب.
(2) " في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) حديث طويل وفيه: ومن كانت
له مدة فهو إلى مدته، ومن لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر وهو الصواب: منه عفى عنه " (عن هامش
بعض النسخ).
(3) أيام التشريق أيام منى وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بعد يوم النحر
واختلف في وجه التسمية على أقوال ذكره الطريحي (ره) في المجمع وفي بعض النسخ " ويوم
النحر عند الجمار بأيام التشريق " والظاهر هو المختار.
(4) " في مجمع البيان: أجمع المفسرون ونقلة الاخبار انه لما نزلت براءة دفعها
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر ثم أخذها منه ودفعها إلى علي (ع). انتهى منه عفى عنه "
(عن هامش بعض النسخ).
180

20 - في تفسير علي بن إبراهيم " براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من
المشركين " قال: حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك في
سنة تسع من الهجرة، قال: وكان رسول الله لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج
في تلك السنة وكان سنة من العرب في الحج انه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه
لم يحل له امساكها، وكانوا يتصدقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف، فكان من وافى
مكة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثم يرده، ومن لم يجد عارية اكترى ثيابا، ومن لم يجد
عارية ولا كرى ولم يكن له الا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا فجاءت امرأة من العرب
وسيمة جميلة وطلبت عارية وكرى فلم تجده، فقالوا لها: ان طفت في ثيابك
احتجت ان تتصدقي بها، فقالت: وكيف أتصدق وليس لي غيرها؟ فطافت بالبيت
عريانة، وأشرف لها الناس فوضعت إحدى يديها على قبلها والأخرى على
دبرها وقالت:
اليوم يبدو بعضه أو كله * فما بدا منه فلا أحله
فلما فرغت من الطواف خطبها جماعة فقالت: ان لي زوجا.
وكانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله قبل نزول سورة براءة ان لا يقاتل الا من قاتله
ولا يحارب الا من حاربه وأراده وقد كان نزل عليه في ذلك من الله عز وجل: " فان
اعتزلوكم ولم يقاتلوكم والقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا " وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه واعتزله حتى نزلت عليه سورة براءة وأمره بقتل
المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله، الا الذين قد كان عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم
فتح مكة إلى مدة، منهم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، فقال الله عز وجل: " براءة
من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ثم
يقتلون حيث ما وجدوا، فهذه أشهر السياحة عشرين من ذي الحجة الحرام والمحرم
وصفر وربيع الأول وعشرين من ربيع الآخر، فلما نزلت الآيات من أول براءة
دفعها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى
181

يوم النحر فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد
لا يؤدي عنك الا رجل منك، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام في طلبه فلحقه
بالروحا فأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أنزل
في شئ؟ فقال: لا ان الله أمرني ان لا يؤدي عني الا أنا أو رجل مني.
21 - قال وحدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني عن الله ان لا يطوف
بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام، وقرأ عليهم: " براءة
من الله ورسوله الا الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر "
فأجل الله المشركين الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم
ثم يقتلون حيث وجدوا.
22 - في مجمع البيان وروى أصحابنا ان النبي صلى الله عليه وآله ولاه أيضا
الموسم. وانه حين أخذ براءة من أبي بكر رجع.
23 - وروى عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: خطب علي عليه السلام
واخترط سيفه (1) فقال: لا يطوفن بالبيت عريان، ولا يحجن البيت مشرك و
من كانت له مدة فهو إلى مدته ومن لم تكن له مدة فمدته أربعة أشهر، وكان خطب
يوم النحر فكان عشرون من ذي الحجة ومحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من
ربيع الآخر.
24 - وروى أنه عليه السلام قام عند جمرة العقبة وقال: يا أيها الناس اني رسول الله إليكم
بأن لا يدخل كافر ولا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له
عهد عند رسول الله صلى الله عليه وآله فله عهده إلى أربعة أشهر ومن لا عهد له فله بقية
الأشهر الحرم، وقرأ عليهم سورة براءة وقيل. قرأ عليهم ثلاثة عشرة آية من أول براءة.
25 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
الحسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام لأي شئ صار الحاج لا يكتب عليه الذنب

(1) اخترط السيف: استله وأخرجه من غمده.
182

أربعة أشهر؟ قال: إن الله عز وجل أباح المشركين الحرم في أربعة أشهر إذ يقول:
فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ثم وهب لمن يحج من المؤمنين البيت الذنوب أربعة أشهر.
26 - علي بن إبراهيم باسناده قال: أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من
ذي الحجة وأشهر السياحة عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول و
عشر من شهر ربيع الآخر.
27 - في تفسير العياشي جعفر بن أحمد عن علي بن محمد بن شجاع قال:
روى أصحابنا لأبي عبد الله عليه السلام (!) بم صار الحاج لا يكتب عليه ذنب أربعة أشهر؟ قال: إن
الله جل ذكره أمر المشركين فقال فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ولم يكن يقصر
بوفده عن ذلك.
28 - عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
عن قول الله: " فسيحوا في الأرض أربعة أشهر " قال: عشرون من ذي الحجة والمحرم و
صفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر.
29 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي
أيوب عن سعد الإسكاف قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الحاج إذا اخذ في
جهازه إلى قوله: وكان ذا الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول أربعة أشهر تكتب
له الحسنات، ولا تكتب عليه السيئات، الا ان يأتي بموجبه فإذا مضت الأربعة الأشهر
خلط بالناس.
30 - في تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن فضالة بن أيوب عن أبان بن
عثمان عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسين عليهما السلام في قوله: واذان من الله
ورسوله قال: الاذان أمير المؤمنين عليه السلام.
31 - وفي حديث آخر قال أمير المؤمنين عليه السلام: كنت انا الاذان في الناس.
32 - في أمالي شيخ الطايفة " قدس سره " باسناده إلى عبد الرحمان بن أبي
ليلى قال: قال أبي: قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام في كلام طويل: أنت الذي انزل الله
فيه: " واذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ".
183

33 - في كتاب الخصال في احتجاج علي عليه السلام على أبي بكر قال: فأنشدك
بالله انا الاذان لأهل الموسم ولجميع الأمة بسورة براءة أم أنت؟ قال: بل أنت.
34 - في كتاب معاني الأخبار خطبة لعلي عليه السلام يذكر فيها نعم الله عز وجل
عليه وفيها يقول عليه السلام: ألا واني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها
فتضلوا في دينكم، انا المؤذن في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: " فأذن مؤذن بينهم ان لعنة
الله على الظالمين "، انا ذلك المؤذن، وقال: " وأذان من الله ورسوله " وأنا ذلك الاذان.
35 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن أسباط
عن سيف بن عميرة عن الحارث بن مغيرة النصرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن
قول الله عز وجل: " واذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر " فقال: اسم
نحله الله عز وجل عليا عليه السلام من السماء، لأنه الذي أدى عن رسوله براءة، وقد كان
بعث بها مع أبي بكر أولا فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد ان الله يقول لك: لا يبلغ عنك
الا أنت أو رجل منك، فبعث رسول الله عند ذلك عليا عليه السلام فلحق أبا بكر واخذ الصحيفة
من يده، ومضى إلى مكة فسماه الله تعالى " اذان من الله " انه اسم نحله الله من السماء لعلي.
36 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام
عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه لعلي: وقال عز وجل: " واذان من الله ورسوله
إلى الناس يوم الحج الأكبر " وكنت أنت المبلغ عن الله عز وجل ورسوله.
37 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى حفص بن غياث النخعي القاشي قال:
سألت أبا عبد الله عن قول الله عز وجل: " واذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج
الأكبر " قال: فقال أمير المؤمنين كنت انا الاذان في الناس، قلت فما معنى هذه اللفظة:
الحج الأكبر؟ قال: انما سمى الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها المسلمون و
المشركون، ولم يحج المشركون بعد تلك السنة.
38 - في تفسير العياشي عن جابر عن جعفر بن محمد وأبي جعفر (ع) في قول الله: " واذان
من الله ورسوله إلى الناس، يوم الحج الأكبر " قال: خروج القائم، واذان: دعوته إلى نفسه،
184

39 - عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في الاذان هو اسم في كتاب الله لا يعلم
ذلك أحد غيري.
40 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبي " رحمة الله عليه " قال: حدثنا سعد بن
عبد الله عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن فضيل بن عياض
(1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال، سألته عن الحج الأكبر؟ فقال: أعندك فيه شئ؟
فقلت: نعم كان ابن عباس يقول: الحج الأكبر يوم عرفة، يعني انه من أدرك يوم
عرفة إلى طلوع الشمس (الفجر خ ل) من يوم النحر فقد أدرك الحج، ومن فاته ذلك فقد
فاته الحج فجعل ليلة عرفة لما قبلها ولما بعدها والدليل على ذلك ان من أدرك
ليلة النحر إلى طلوع الشمس فقد أدرك الحج وأجزأ عنه من عرفة فقال أبو عبد الله:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: الحج الأكبر يوم النحر، واحتج بقول الله: عز وجل:
" فسيحوا في الأرض أربعة أشهر " فهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول
وعشر من شهر ربيع الاخر، ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة (2) أشهر
ويوما، واحتج بقول الله عز وجل: " واذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر؟
وكنت انا الاذان في الناس، فقلت له: فما معنى هذه اللفظة: " الحج الأكبر "؟
فقال: انما سمى الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها المسلمون والمشركون، ولم
يحج المشركون بعد تلك السنة.
41 - أبي " رحمه الله " قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن
صفوان بن يحيى عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحج الأكبر يوم النحر.
42 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن
الحسن الصفار عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن يوم الحج الأكبر؟ فقال: هو يوم النحر، والأصغر العمرة.
43 - أبي " رحمه الله " قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد الله

(1) وفي نسخة " فضيل بن غياث " لكن الظاهر هو المختار كما في المصدر.
(2) وفي المصدر " لكان السيح أربعة أشهر ويوما ".
185

ابن المغيرة عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحج الأكبر يوم الأضحى.
حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى بن عبيد عن النضر بن سويد
عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك.
44 - أبي " رحمه الله " قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن
مهزيار عن أخيه علي بن الحسين عن حماد بن عيسى عن شعيب عن أبي بصير، والنضر عن
ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحج الأكبر يوم الأضحى.
45 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن
عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن يوم الحج الأكبر؟ فقال: هو يوم النحر و
الأصغر العمرة.
46 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن ذريح عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: الأكبر يوم النحر.
47 - في تفسير العياشي عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يوم الحج
الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر العمرة.
48 - وفي رواية ابن سرحان عنه عليه السلام قال: الحج الأكبر يوم عرفة وجمع (1)
ورمى الجمار بمنى والحج الأصغر العمرة.
49 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة قال:
كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام بمسائل إلى قوله: وسألته عن قول الله تعالى: " الحج الأكبر "
ما يعني بالحج الأكبر؟ فقال: الحج الأكبر الوقوف بعرفة ورمى الجمار، والحج
الأصغر العمرة.

(1) قال الطريحي (ره) جمع - بالفتح فالسكون - المشعر الحرام، وهو أقرب
الموقفين إلى مكة المشرفة، ومنه حديث آدم (ع) ثم انتهى إلى جمع فجمع فيها بين المغرب و
العشاء، قيل: سمى به لان الناس يجتمعون فيه ويزدلفون إلى الله تعالى اي يتقربون إليه بالعبادة
والخير والطاعة، وقيل لان آدم اجتمع فيها مع حواء فازدلف ودنا منها، وقيل لأنه يجمع
فيها المغرب والعشاء.
186

50 - في مجمع البيان قال: وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام حديثا طويلا
وروى أنه (ع) لما نادى فيهم ان الله برئ من المشركين ورسوله قال المشركون: نحن نبرأ
من عهدك وعهد ابن عمك.
51 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم قال: هي يوم النحر
إلى عشر مضين من شهر ربيع الاخر.
52 - في كتاب الخصال عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه " منها أربعة حرم "
رجب مضر الذي بين جمادي وشعبان، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
53 - وعن محمد بن أبي عمير حديث يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام وفيه منها أربعة حرم
عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الاخر، و
ستقف على هذين الحديثين عند قوله تعالى: ان عدة الشهور عند الله الآية انشاء الله تعالى.
54 - في تهذيب الأحكام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل رجل أبي عن
حروب أمير المؤمنين عليه السلام وكان السائل من محبينا فقال له أبي: ان الله تعالى بعث
محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تضع الحرب أوزارها ولن
تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن
الناس كلهم في ذلك اليوم، فيومئذ لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت
في ايمانها خيرا، وسيف منها ملفوف وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا،
فاما السيوف الثلاثة الشاهرة فسيف على مشركي العرب قال الله تبارك وتعالى:
" اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل
مرصد فان تابوا " يعني فان آمنوا " فاخوانكم في الدين فهؤلاء لا يقبل منهم الا [السيف و]
القتل أو الدخول في الاسلام وما لهم في ذراريهم سبى على ما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنه
سبى وعفا، وقيل: الفداء.
55 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار
قال. أظنه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد
187

ان يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول: سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله و
على ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، لا تغلوا ولا تمثلوا (1) ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخا فانيا و
لا صبيا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرا الا ان تضطروا إليها، وأيما رجل من أدنى المسلمين أو
أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار (2) يسمع كلام الله، فان تبعكم فاخوكم
في الدين وان أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله عليه (3).
56 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال: وان أحد من المشركين استجارك
فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه قال: اقرأ عليه وعرفه ثم لا تتعرض
له حتى يرجع إلى مأمنه.
57 - في نهج البلاغة وانما كلامه سبحانه فعل منه، أنشأه ومثله لم يكن من
قبل ذلك كاينا، ولو كان قديما لكان لها ثانيا.
58 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم
الآية فإنها نزلت في أصحاب الجمل وقال أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل: ما قاتلت
هذه الفئة الناكثة الا بآية من كتاب الله يقول الله: " وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم و
طعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون "
59 - في مجمع البيان قرأ ابن عامر لا ايمان بكسر الهمزة ورواه ابن
عقدة باسناده عن جعفر بن محمد عليهما السلام.
60 - في قرب الإسناد للحميري حدثني محمد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن
محمد جميعا عن حنان بن سدير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: دخل علي أناس من
أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزبير؟ فقلت لهم: كانا من أئمة الكفر، ان عليا يوم

(1) الغلول: الخيانة، وأكثر ما يستعمل في الخيانة في الغنيمة، والتمثيل:
قطع الاذن والأنف وما أشبه ذلك.
(2) قوله عليه السلام: نظر إلى رجل من المشركين اي نظر اشفاق ورحمة. والجوار
- بالكسر -: أن تعطي الرجل ذمة فيكون بها جارك فتجيره اي تنقذه وتعيذه.
(3) قال الفيض (ره): اي على ايمانه أو قتله.
188

البصرة لما صف الخيول قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني وبين الله
عز وجل وبينهم، فقام إليهم فقال: يا أهل البصرة هل تجدون علي جورا في حكم الله؟
قالوا: لا، قال: فحيفا في قسم (1) قالوا: لا قال: فرغبت في دنيا اخذتها لي و
لأهل بيتي دونكم فنقمتم علي فنكثتم بيعتي؟ قالوا: لا، قال: فأقمت فيكم الحدود وعطلتها
عن غيركم؟ قالوا: لا، قال فما بال بيعتي تنكث وبيعة غيري لا تنكث؟ اني ضربت
الامر انفه وعينه فلم أجد الا الكفر أو السيف ثم ثنى إلى أصحابه فقال: ان الله تبارك و
تعالى يقول في كتابه: " وان نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا
أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون " فقال أمير المؤمنين عليه السلام والذي فلق
الحبة وبرئ النسمة واصطفى محمدا بالنبوة انهم لأصحاب هذه الآية وما قوتلوا منذ نزلت.
61 - في أمالي شيخ الطايفة " قدس سره " باسناده إلى أبي عثمان البجلي
مؤذن بني أقصى قال بكير اذن لنا أربعين سنة، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: " وان
نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم
ينتهون " ثم حلف حين قرأها انه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم، قال بكير:
فسألت عنها أبا جعفر عليهما السلام؟ فقال: صدق الشيخ هكذا قال علي عليه السلام
هكذا كان.
62 - في تفسير العياشي عن أبي الطفيل قال: سمعت عليا عليه السلام يوم الجمل وهو
يحض الناس على قتالهم يقول: والله ما رمى أهل هذه الآية بكنانة قبل اليوم:
قاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون فقلت لأبي الطفيل: ما الكنانة
قال: السهم يكون موضع الحديد فيه عظم تسميه بعض العرب الكنانة.
63 - عن الحسن البصري قال: خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام على هذا المنبر و
ذلك بعدما فرغ من أمر طلحة والزبير وعايشة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على
رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: [يا] أيها الناس والله ما قاتلت هؤلاء الا بآية تركتها في كتاب الله، ان
الله يقول: " وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر

(1) قسم - كعنب -: جمع القسمة.
189

انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون " اما والله لقد عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا علي
لتقاتلن الفئة الباغية والفئة الناكثة والفئة المارقة.
64 - عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من طعن في دينكم هذا فقد كفر قال الله
" وطعنوا في دينكم " إلى قوله " ينتهون ".
65 - عن الشعبي قال: قرأ عبد الله " وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم " إلى
آخر الآية ثم قال: ما قوتل أهلها بعد، فلما كان يوم الجمل قرأها علي عليه السلام ثم قال:
ما قوتل أهلها منذ يوم نزلت حتى كان اليوم.
66 - عن أبي عثمان مولى بني أقصى (1) قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: عذرني
الله من طلحة والزبير بايعاني طائعين غير مكرهين ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته،
والله ما قوتل أهل هذه الآية منذ نزلت حتى قاتلتهم " وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم و
طعنوا في دينكم " الآية.
67 - عن علي بن عقبة عن أبيه قال: دخلت انا والمعلى على أبي عبد الله عليه السلام فقال:
أبشروا أنتم (2) على إحدى الحسنين شفى الله صدوركم وأذهب غيظ قلوبكم،
وأنا لكم على عدوكم، وهو قول الله: ويشف صدور قوم مؤمنين وان مضيتم قبل ان
ان يروا ذلك مضيتم على دين الله الذي رضيه لنبيه صلى الله عليه وآله ولعلي عليه السلام.
68 - عن أبي الأغر اليمنى قال: اني لواقف يوم صفين إذا نظرت إلى العباس
ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب شاك في السلاح (3) على رأسه مغفر وبيده صفيحة
يمانية وهو على فرس أدهم (4) إذ هتف به هاتف من أهل الشام يقال له عرار بن أدهم
يا عباس هلم إلى البراز قال: ثم تكافحا بسيفيهما مليا (5) من نهارهما لا يصل واحد

(1) وفي المصدر " بنى قصي " بدل " بني أقصى " ولم أقف على اسمه ولا حاله في كتب الرجال
وقد مر عنه نظير هذه الرواية أيضا عن أمالي الشيخ.
(2) وفي المصدر " انكم "
(3) رجل شاك السلاح اي ذو شوكة وحدة في سلاحه.
(4) الصفيحة: السيف العريض. والأدهم الأسود.
(5) تكافحا اي تضاربا. والملئ: الساعة الطويلة من النهار. الزمان الطويل
190

منهما إلى صاحبه لكمال لامته إلى أن لاحظ العباس وهيأ (1) في درع الشامي فأهوى
إليه بالسيف فانتظم به جوانح الشامي (2) وخر الشامي صريعا بخده وأم في الناس
وكبر الناس تكبيرة ارتجت لها الأرض (3) فسمعت قائلا يقول: " قاتلوهم
يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ
قلوبهم ويتوب الله على من يشاء " فالتفت فإذا هو أمير المؤمنين عليه السلام والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
69 - عن ابن ابان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يا معشر الاحداث اتقوا
الله ولا تأتوا الرؤساء، دعوهم حتى يصيروا أذنابا، لا تتخذوا الرجال ولايج (4)
من دون الله انا والله خير لكم منهم، ثم ضرب بيده إلى صدره.
70 - عن أبي الصباح الكناني قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إياكم والولايج فان
كل وليجة دوننا فهي طاغوت - أو قال: ند -
71 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين
والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان، فأنشدكم الله عز وجل أتعلمون
حيث نزلت: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم " وحيث نزلت: " انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و
يؤتون الزكاة وهم راكعون " وحيث نزلت " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله
ولا المؤمنين وليجة قال الناس: يا رسول الله هذه خاصة لبعض المؤمنين أم عامة
لجميعهم؟ فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله ان يعلمهم ولاة أمرهم، وان يفسر

(1) اللامة الدرع والوهى: الشق في الشئ
(2) الجوانح جمع الجانحة: الأضلاع تحت الترائب مما يلي الصدر كالضلوع مما يلي الظهر
(3) ارتج البحر وغيره: اضطرب.
(4) الولايج جمع الوليجة: البطانة وخاصتك من الرجال أو من تتخذه معتمدا عليه من
غير أهلك.
191

لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم فنصبني للناس بغدير خم
إلى قوله: فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآيات خاصة لعلي؟ قال:
بلى فيه (1) وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، قالا: يا رسول الله بينهم لنا: قال:
علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي ثم ابني الحسن
ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين عليهم السلام واحد بعد واحد القرآن معهم وهم
مع القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا على حوضي؟ قالوا: اللهم نعم قد سمعنا
ذلك وشهدنا كما قلت سواء، والحديث بتمامه مذكور في النساء والمائدة عند
الآيتين.
72 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء
عن مثنى عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى. " أم حسبتم ان
تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين
وليجة " يعني بالمؤمنين الأئمة عليهم السلام لم يتخذوا الولايج من دونهم.
73 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد مرسلا قال: قال أبو جعفر
عليه السلام: لا تتخذوا من دون الله وليجة فلا تكونوا مؤمنين، فان كل سبب ونسب وقرابة
ووليجة وبدعة وشبهة منقطع الا ما أثبته القرآن.
74 - علي بن محمد ومحمد بن أبي عبد الله عن إسحاق بن محمد النخعي قال:
حدثني سفيان بن محمد الضبعي قال: كتبت إلى أبي محمد أسأله عن الوليجة وهو
قول الله: " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " وقلت في نفسي
لا في الكتاب: من يرى المؤمنين هيهنا فرجع الجواب: الوليجة الذي يقام دون
ولي الأمر، وحدثتك نفسك عن المؤمنين من هم في هذا الموضع، فهم الأئمة الذين
يؤمنون على الله فيجيز أمانهم.
75 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام

(1) وفي نسخة هكذا: " فقالا: يا رسول الله هذه الآيات خاصة؟ قال: بلى في وفي
أوصيائي.. اه ":
192

في قوله: " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " يعني بالمؤمنين
آل محمد صلى الله عليه وآله والوليجة البطانة قوله: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد
الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله
فإنه حدثني أبي عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال:
نزلت في علي وعباس وشيبة (1) قال العباس: أنا أفضل لان سقاية الحاج بيدي،
وقال شيبة أنا أفضل لان حجابة البيت بيدي وقال علي (ع): أنا أفضل فاني آمنت
قبلكما ثم هاجرت وجاهدت، فرضوا برسول الله صلى الله عليه وآله، فأنزل الله: " أجعلتم سقاية
الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله
لا يستوون عند الله " إلى قوله " ان الله عنده اجر عظيم ".
76 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) قال: نزلت هذه الآية في علي
ابن أبي طالب (ع) قوله: " كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون
عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ".
77 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي -
طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: في وصية له: يا علي ان عبد المطلب سن في
الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الاسلام، إلى قوله: ولما حفر زمزم سماه سقاية
الحاج، فأنزل الله تعالى: " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن
بالله واليوم الآخر ".
78 - في روضة الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان
ابن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز وجل:
" أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر " نزلت في
حمزة وعلي وجعفر والعباس وشيبة انهم فخروا بالسقاية والحجابة فأنزل الله عز ذكره:
" أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وكان علي و
حمزة وجعفر (ع) الذين آمنوا بالله واليوم الآخر وجاهدوا في سبيل الله لا يستوون عند الله.

(1) وفي المصدر " نزلت في علي (ع) وحمزة وعباس وشيبة.. اه "
193

79 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب: نشدتكم بالله هل فيكم أحد
أنزل الله تعالى فيه: " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله
واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله " غيري؟ قالوا: لا.
80 - في مجمع البيان قرأ محمد بن علي الباقر عليه السلام: سقاة الحاج وعمرة المسجد
الحرام قيل: إن عليا عليه السلام قال للعباس: يا عم ألا تهاجر؟ الا تلحق برسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
ألست في أعظم من الهجرة؟ أعمر المسجد الحرام وأسقى حاج بيت الله، فنزل: " أجعلتم
سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ".
81 - وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده عن ابن بريدة عن أبيه قال: بينا
شيبة والعباس يتفاخران إذ مر بهما علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: بماذا تتفاخران؟
فقال العباس: لقد أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد سقاية الحاج، وقال شيبة: أوتيت
عمارة المسجد الحرام، فقال علي عليه السلام: استحييت لكما فقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا
فقالا: وما أوتيت يا علي؟ فقال: ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله، فقام
العباس مغضبا يجر ذيله حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: أما ترى إلى ما استقبلني
به علي؟ فقال: ادعوا لي عليا، فدعي له فقال: ما دعاك إلى ما استقبلت به عمك؟ فقال
يا رسول الله صدمته (1) بالحق فمن شاء فليغضب ومن شاء فليرض، فنزل جبرئيل
وقال: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول: أتل عليهم: " أجعلتم سقاية الحاج "
الآيات، فقال العباس: انا قد رضينا، ثلث مرات.
82 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قيل لأمير المؤمنين
عليه السلام: يا أمير المؤمنين أخبرنا بأفضل مناقبك، قال: نعم كنت انا وعباس وعثمان بن
أبي شيبة في المسجد الحرام، قال عثمان بن أبي شيبة: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله الخزانة
يعني مفاتيح الكعبة، وقال العباس: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله
السقاية وهي زمزم ولم يعطك شيئا يا علي، قال: فأنزل الله: " أجعلتم سقاية الحاج

(1) صدمه: دفعه وضربه.
194

وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله
لا يستوون عند الله ".
83 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه الآية في قول الله يا أيها الذين
آمنوا لا تتخذوا آبائكم واخوانكم أولياء إلى قوله: " الفاسقين " فاما " لا تتخذوا
آبائكم واخوانكم أولياء ان استحبوا الكفر على الايمان " فان الكفر في الباطن في
هذه الآية ولاية الأول والثاني وهو كفر، وقوله على الايمان فالايمان ولاية علي بن
أبي طالب عليه السلام، قال: ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون.
83 - في مجمع البيان " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آبائكم واخوانكم "
الآية روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام انها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة
حيث كتب إلى قريش يخبرهم بخبر النبي صلى الله عليه اله لما أراد فتح مكة.
85 - في اعتقادات الامامية للصدوق رحمه الله ولما نزلت هذه الآية: " واتقوا
فتنة لا تصبين الذين ظلموا منكم خاصة " قال النبي صلى الله عليه وآله: من ظلم عليا مقعدي هذا
بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء عليهم السلام قبلي، ومن تولى ظالما
فهو ظالم، قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آبائكم واخوانكم أولياء ان
استحبوا الكفر على الايمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ".
86 - في نهج البلاغة ولقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نقتل آبائنا وأبنائنا واخواننا
وأعمامنا ما يزيدنا ذلك الا ايمانا وتسليما ومضيا على اللقم، وصبرا على مضض الألم
(1) وجدا على جهاد العدد (2).

(1) لقم الطريق: الجادة الواضحة: والمضض، لذع الألم وحرقته.
(2) وهذه الخطبة من عجائب خطبه (ع) حيث قال بعد طرف من الكلام: " فلما رأى
الله صدقنا انزل بعدونا الكبت وانزل علينا النصر. اه " فمنه يعلم أن نصر الله عز وجل بعد
المجاهدة الصادقة وان الفتح عقيب الصبر على اللاواء والشدائد والصدق في الايمان الاستقامة
حتى أنه لو اقتضى الذب عن الدين وترويج الشريعة إلى قتل الآباء والأبناء لفعل ثم لا يزيده ذلك
الا ايمانا وتسليما، قال المحقق البحراني (ره) وقوله: " فلما رأى الله صدقنا، إلى قوله: النصر " *
195

87 - في تفسير العياشي يوسف بن السخت قال: اشتكى المتوكل شكاة
شديدة فنذر الله ان شافاه الله يتصدق بمال كثير، فعوفي من علته فسأل أصحابه عن ذلك
فأعلموه ان أباه تصدق بثمانية ألف ألف درهم وان أراه تصدق بخمسة ألف ألف درهم،
فاستكثر ذلك فقال يحيى بن أبي منصور المنجم: لو كتبت إلى ابن عمك يعنى
أبا الحسن عليه السلام؟ فامر أن يكتب له فيسأله، فكتب أبو الحسن: تصدق بثمانين درهما
فقالوا: هذا غلط سلوه من أين قال هذا؟ فكتب: قال الله لرسوله: لقد نصركم الله في
مواطن كثيرة والمواطن التي نصر الله رسوله عليه وآله السلام ثمانون موطنا، فثمانون
درهما من حله مال كثير.
88 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال:
حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد
ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل نذر أن يتصدق
بمال كثير فقال: الكثير ثمانون فما زاد، لقول الله تبارك وتعالى: " لقد نصركم الله
في مواطن كثيرة " وكانت ثمانين موطنا.
89 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني محمد بن عمير (عمر و خ ل) قال: كان المتوكل
اعتل علة شديدة، فنذر ان عافاه الله ان يتصدق بدنانير كثيرة أو قال: بدراهم كثيرة،
فعوفي فجمع العلماء فسألهم عن ذلك فاختلفوا عليه، قال أحدهم: عشرة آلاف، وقال بعضهم
مأة فلما اختلفوا قال له عياده: ابعث إلى ابن عمك محمد بن علي الرضا عليه السلام، فاسأله
فبعث إليه فسأله فقال: الكثير ثمانون، فقالوا: رد إليه الرسول فقل: من أين
قلت ذلك؟ فقال: من قول الله تبارك وتعالى: " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة "

فيه تنبيه على أن الجود الإلهي لا بخل فيه ولا منع من جهته وانما هو عام الفيض على كل قابل استعد
لرحمته وأشار برؤية الله صدقهم إلى علمه باستحقاقهم واستعدادهم بالصبر الذي أعدهم به، وبانزال
النصر عليهم والكبت لعدوهم إلى افاضته على كل منهم ما استعد له " انتهى " رزقنا الله وجميع المؤمنين
الثبات في الدين والاستقامة في ترويج شريعة سيد المرسلين وطريقة الأئمة المعصومين وجعلنا من
المستعدين لانزال مواهبه آمين يا رب العالمين.
196

وكانت المواطن ثمانين موطنا.
90 - في الكافي علي بن إبراهيم عن بعض أصحابه ذكره قال: لما سم
المتوكل نذر: ان عوفي أن يتصدق بمال كثير، فلما عوفي سأل الفقهاء عن حد
المال الكثير فاختلفوا عليه، فقال بعضهم: مأة الف وقال بعضهم: عشرة آلاف
فقالوا فيه أقاويل مختلفة فاشتبه عليه الامر، فقال رجل من ندمائه يقال له صنعان:
الا تبعث إلى هذا الأسود فتسأل منه؟ فقال له المتوكل: فمن تعني ويحك؟ فقال له
ابن ابن الرضا عليه السلام؟ فقال له: وهو يحسن من هذا شيئا؟ فقال له: ان أخرجك من
هذا فلى عليك كذا وكذا، والا فاضربني مأة مقرعة (1) فقال المتوكل: قد رضيت، يا
جعفر بن محمود صر إليه وسل عن حد المال الكثير، وصار جعفر بن محمود إلى
أبي الحسن علي بن محمد (ع) فسأله عن حد المال الكثير فقال له: الكثير ثمانون
فقال له جعفر: يا سيدي انه يسئلني عن العلة فيه؟ فقال أبو الحسن عليه السلام ان الله عز
وجل يقول: " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة " فعددنا المواطن فكانت ثمانين.
91 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ويوم حنين إذ أعجبتكم
كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين
فإنه كان سبب غزوة حنين انه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فتح
مكة أظهر انه يريد هوازن وبلغ الخبر هوازن فتهيأوا وجمعوا الجموع والسلاح
واجتمعوا واجتمع رؤساء هوازن إلى مالك بن عوف النضري فرأسوه عليهم (2) و
خرجوا وساقوا معهم أموالهم ونسائهم وذراريهم ومروا حتى نزلوا بأوطاس (3)
وكان دريد بن الصمة الخيثمي في القوم وكان شيخا كبيرا قد ذهب بصره من الكبر
فلمس الأرض بيده فقال: في أي واد أنتم؟ قالوا: بوادي أوطاس، قال: نعم مجال

(1) المقرعة: السوط.
(2) اي جعلوه رئيسا.
(3) أوطاس: واد في ديار هوازن، كانت فيه وقعة حنين وفيها قال النبي (ص):
الان حمى الوطيس وذلك حين استعرت الحرب وهي من الكلم التي لم يسبق النبي (ص) إليها.
197

الخيل! لا حزن ضرس ولا سهل دهس (1) مالي اسمع رغاء البعير ونهيق الحمار و
خوار البقر وثغاء الشاة وبكاء الصبي؟ فقالوا له: ان مالك بن عوف ساق مع الناس
أموالهم ونسائهم وذراريهم ليقاتل كل امرء عن نفسه وماله وأهله، فقال دريد: راعي
ضأن ورب الكعبة ماله وللحرب؟ ثم قال: ادعوا لي مالكا، فلما جاء قال له: يا
مالك ما فعلت؟ قال: سقت مع الناس أموالهم ونسائهم وأبناءهم ليجعل كل رجل أهله وماله
وراء ظهره فيكون أشد لحربه، فقال: يا مالك انك أصبحت رئيس قومك وانك
تقاتل رجلا كريما، وهذا اليوم لما بعده ولم تصنع في تقدمة بيضة (2) هوازن إلى
نحور الخيل شيئا ويحك وهل يلوى المنهزم على شئ؟ (3) أردد بيضة هوازن إلى
عليا بلادهم وممتنع محالهم، فألق الرجال على متون الخيل، فإنه لا ينفعك الا رجل
بسيفه وفرسه، فإن كان لك لحق بك من ورائك، وإن كان عليك لا تكون قد فضحت
في أهلك وعيالك، فقال له مالك: انك قد كبرت وكبر علمك [وعقلك] فلم يقبل من دريد،
فقال دريد: ما فعلت كعب وكلاب؟ قالوا: لم يحضر منهم أحد، قال. غاب الحد والحزم
لو كان يوم علاء وسعادة ما كانت تغيب كعب ولا كلاب، فمن حضرها من هوازن؟
قالوا: عمرو بن عامر وعوف بن عامر، قال: ذانك الجذعان (4) لا ينفعان ولا يضران،
ثم تنفس دريد وقال: حرب عوان (5).
يا ليتني فيها جذع * أخب فيها وأضع

(1) الحزن: المرتفع من الأرض. والضرس: الذي فيه حجارة محددة. والدهس:
اللين الكثير التراب.
(2) بيضة هوازن: جماعتهم.
(3) وفي السيرة لابن هشام " وهل يرد المنهزم شئ؟ "
(4) الجذع من البهائم: الشاب الحدث. يريد انهما ضعيفان في الحرب، بمنزلة
الجذع في سنه.
(5) الحرب العوان: أشد الحروب.
198

أقود وطفاء الزمع * كأنها شاة صدع (1)
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله اجتماع هوازن بأوطاس فجمع القبايل ورغبهم في الجهاد
ووعدهم النصر، وان الله قد وعده ان يغنمه أموالهم ونساءهم وذراريهم، فرغب الناس
وخرجوا على راياتهم، وعقد اللواء الأكبر ودفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام وكل
من دخل مكة براية أمره ان يحملها، وخرج في اثني عشر الف رجل، عشرة آلاف
ممن كانوا معه وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام وكان معه من بني سليم الف
رجل رئيسهم عباس بن مرداس السلمي، ومن مزينة الف رجل.
رجع الحديث إلى علي بن إبراهيم قال: فمضوا حتى كان من القوم على مسيرة
ليلة قال: وقال مالك بن عوف لقومه: ليصير كل رجل منكم أهله وماله خلف ظهره،
واكسروا جفون سيوفكم واكمنوا في شعاب هذا الوادي وفي الشجر فإذا كان في
غلس الصبح (2) فاحملوا حملة رجل واحد وهدوا القوم (3) فان محمدا لم يلق أحدا يحسن
الحرب فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الغداة انحدر في وادي حنين وهو واد له انحدار بعيد و
كانت بنو سليم على مقدمته، فخرج عليهم كتائب هوازن من كل ناحية فانهزمت
بنو سليم وانهزم من ورائهم ولم يبق أحد الا انهزم، وبقى أمير المؤمنين عليه السلام يقاتلهم في
نفر قليل ومر المنهزمين برسول الله صلى الله عليه وآله لا يلوون على شئ (4) وكان العباس اخذ
بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله عن يمينه وأبو سفيان بن حارث بن عبد المطلب عن يساره، فأقبل
رسول الله صلى الله عليه وآله ينادي: يا معشر الأنصار إلى أين المفر انا رسول الله فلم يلو أحد عليه،
وكانت نسيبة بنت كعب المازنية تحثو في وجوه المنهزمين التراب وتقول: إلى أين

(1) الجذع: الشاب، والخبب والوضع: ضربان من السير. والوطفاء: الطويلة
الشعر. والزمع: الشعر الذي فوق مربط قيد الدابة، يريد فرسا صفتها هكذا، وهو محمود
في وصف الخيل والشاة هنا: الوعل وصدع اي وعل بين الوعلين ليس بالعظيم ولا بالحقير.
(2) الغلس: ظلمة آخر الليل.
(3) هد الشئ: كسره
(4) اي لا يلتفتون ولا يعطفون عليه.
199

تفرون عن الله وعن رسوله؟ ومر بها عمر فقالت له: ويلك ما هذا الذي صنعت؟
فقال لها هذا من الله، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله الهزيمة ركض نحوم (1) على بغلته
وقد شهر سيفه فقال: يا عباس اصعد هذا الظرب (2) وناد: يا أصحاب البقرة ويا أصحاب
الشجرة (3) إلى أين تفرون؟ هذا رسول الله، ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وآله يده فقال: اللهم
لك الحمد واليك المشتكى وأنت المستعان، فنزل إليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا رسول الله
دعوت بما دعى به موسى حين فلق الله له البحر ونجا من فرعون، ثم قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لأبي سفيان بن الحارث: ناولني كفا من حصى فناوله فرماه وجوه المشركين ثم
قال: شاهت الوجوه (4) ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم ان تهلك هذه العصابة لم تعبد و
ان شئت ان لا تعبد لا تعبد، فلما سمعت الأنصار نداء العباس عطفوا وكسروا جفون (5)
سيوفهم وهم يقولون: لبيك، ومروا برسول الله صلى الله عليه وآله واستحيوا ان يرجعوا إليه
ولحقوا بالراية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للعباس: من هؤلاء يا أبا الفضل، فقال: يا
رسول الله هؤلاء الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الآن حمى الوطيس (6) ونزل النصر
من السماء وانهزمت هوازن، وكانوا يسمعون قعقعة السلاح (7) في الجو وانهزموا
في كل وجه وغنم الله رسوله أموالهم ونسائهم وذراريهم، وهو قول الله: " لقد نصركم
الله في مواطن كثيرة ويوم حنين ".

(1) كذا في النسخ وفي نسخة " بحرم " وفي المصدر " ركض نحو على بغلته " وهو أيضا غير
صحيح والكل مصحف ويمكن أن يكون صحيح اللفظة " بجذم " والجذم: بقية السوط بعد ذهاب
طرفه وركض اي ضرب قال الله تعالى " اركض برجلك " والمعنى: ضرب بسوط على بغلته.
(2) الظرب: التل من الرمل.
(3) وفي مجمع البيان " يا أصحاب سورة البقرة، ويا أهل بيعة الشجرة ".
(4) شاه وجهه: قبح.
(5) جمع الجفن: غمد السيف.
(6) الوطيس. وحمى الوطيس اي اشتد الحرب.
(7) القعقعة: حكاية صوت السلاح.
200

92 - في تفسير العياشي عن عجلان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " ويوم
حنين إذ أعجبتكم كثرتكم " إلى: " ثم وليتم مدبرين " فقال: أبو فلان.
93 - عن الحسن بن علي بن فضال قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام للحسن
ابن أحمد: اي شئ السكينة عندكم؟ قال: لا أدري جعلت فداك أي شئ هو؟
فقال: ريح من الجنة تخرج طيبة لها صورة كصورة وجه الانسان، فتكون مع الأنبياء.
94 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام حديث طويل وفي آخره قال علي بن أسباط: وسألته فقلت: جعلت فداك
ما السكينة؟ قال: ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان أطيب ريحها من المسك و
هي التي أنزلها الله على رسوله صلى الله عليه وآله بحنين فهزم المشركين.
95 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود ثم أنزل الله سكينته
على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا
وهو القتل وذلك جزاء الكافرين قال: وقال رجل من بني نضر بن معاوية يقال
له شجرة بن ربيعة للمؤمنين وهو أسير في أيديهم: أين الخيل البلق والرجال عليهم
الثياب البيض فإنما كان قتلنا بأيديهم وما كنا نراكم فيهم الا كهيئة الشامة (1) قالوا:
تلك الملائكة.
96 - في روضة الكافي حميد بن زياد عن عبد بن أحمد الدهقان عن علي بن الحسن
الطاطري عن محمد بن زياد بياع السابري عن أبان عن عجلان أبي صالح قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: قتل علي بن أبي طالب عليه السلام بيده يوم حنين أربعين.
97 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا
عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن الفضيل بن عياض إلى أن قال: و
باسناده عن المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل رجل أبي عن حروب أمير
المؤمنين عليه السلام وكان السائل من محبينا فقال له أبو جعفر عليه السلام: بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة
أسياف ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها.

(1) الشامة: بمعنى الخال.
201

حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم إلى قوله عليه السلام
والسيف الثاني على أهل الذمة لشمس قال الله تعالى: " وقولوا للناس حسنا " ثم نسخها قوله تعالى:
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا
يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
فمن كان منهم في دار الاسلام فلن يقبل منهم الا الجزية أو القتل وما لهم في ذراريهم
سبى فإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم وحرمت أموالهم وحلت لنا
مناكحتهم، ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم وأموالهم، ولم تحل لنا
مناكحتهم ولم يقبل منهم الا الدخول في دار الاسلام أو الجزية أو القتل.
98 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا
قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن المجوس أكان لهم نبي؟ فقال: نعم أما بلغك كتاب رسول الله
صلى الله عليه وآله إلى أهل مكة ان أسلموا والا فأذنوا بحرب من الله، فكتبوا إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله أن خذ منا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان، فكتب إليهم النبي: اني لست آخذ الجزية
الا من أهل الكتاب، فكتبوا إليه - يريدون بذلك تكذيبه -: زعمت أنك لا تأخذ الجزية
الا من أهل الكتاب ثم أخذت الجزية من مجوس هجر (1) فكتب إليهم النبي صلى الله عليه وآله: ان
المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكتاب احرقوه، اتاهم نبيهم بكتابهم في اثنى عشر
الف جلد ثور.
99 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الزهري عن علي بن الحسين
عليهما السلام قال: سألته عن النساء كيف سقطت الجزية ورفعت عنهن؟ فقال: لان
رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب الا ان تقاتل، وان قاتلت
أيضا فامسك عنها ما أمكنك ولم تخف خللا فلما نهى عن قتلهن في دار الحرب كان
ذلك في دار الاسلام أولى، وان امتنعت ان تؤدي الجزية لم يمكن قتلها، فلما لم
يمكن قتلها، رفعت الجزية عنها، ولو منع الرجال وأبوا ان يؤدوا الجزية كانوا
ناقضين للعهد وحلت دمائهم وقتلهم، لان قتل الرجال مباح في دار الشرك، وكذلك

(1) هجر - محركة -: بلدة باليمن واسم لجميع أرض البحرين.
202

المقعد من أهل الشرك والذمة والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في ارض
الحرب فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية.
100 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن
محمد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن المغيرة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
جرت السنة ألا تؤخذ الجزية من المعتوه (1) ولا من المغلوب على عقله.
101 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حد الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شئ موظف
لا ينبغي ان يجوزوا إلى غيره؟ فقال: ذلك إلى الامام يأخذ من كل انسان منهم ما شاء
على قدر ماله بما يطيق انما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية
تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له ان يأخذهم به حتى يسلموا، فان الله تبارك وتعالى
قال: " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " وكيف يكون صاغرا وهو لا
يكترث (2) لما يؤخذ منه، حتى يجد ذلا لما اخذ منه، فيألم لذلك فيسلم.
102 - قال وقال ابن مسلم: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أرأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا
الخمس (3) من ارض الجزية ويأخذ من الدهاقين جزية رؤسهم اما عليهم في ذلك
شئ موظف؟ فقال: كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم، وليس للامام أكثر من
الجزية ان شاء الامام وضع ذلك على رؤسهم وليس على أموالهم شئ، وان شاء فعلى
أموالهم وليس على رؤسهم شئ، فقلت: فهذا الخمس؟ فقال: انما هذا شئ كان صالحهم
عليه رسول الله صلى الله عليه وآله (4)

(1) المعتوه: الذي ذهب عقله من غير جنون.
(2) اي لا يبالي.
(3) قال المجلسي (ره) في مرآة العقول، اي من الذي وضع عمر على نصارى تغلب من
تضعيف الزكاة ورفع الجزية.
(4) وقال (ره) في بيان هذا الكلام: الظاهر أنه عليه السلام بين أولا ان الخمس من
البدع، فلما لم يفهم السائل وأعاد السؤال غير عليه السلام الكلام تقية، أو يكون هذا
إشارة إلى ما مر سابقا من أمر الجزية.
203

103 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في أهل الجزية يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شئ
سوى الجزية؟ قال: لا.
104 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله قال أبو محمد
العسكري: قال الصادق عليهما السلام: ولقد حدثني أبي عن جدي علي بن الحسين
زين العابدين عليهم السلام عن الحسين بن علي سيد الشهداء عن علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين صلوات الله عليهم انه اجتمع يوما عند رسول الله صلى الله عليه وآله أهل خمسة أديان:
اليهود والنصارى والدهرية والثنوية ومشركوا العرب. فقالت اليهود: نحن نقول:
عزير ابن الله وقد جئناك يا محمد للنظر ما تقول فان أتبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك
وأفضل، وان خالفتنا خصمناك، وقالت النصارى: نحن نقول: إن المسيح ابن الله اتحد
به وقد جئناك للنظر ما تقول؟ فان أتبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك وأفضل، وان
خالفتنا خصمناك.
ثم قال صلى الله عليه وآله لليهود: أجئتموني لاقبل قولكم بغير حجة؟ قالوا: لا قال: فما
الذي دعاكم إلى القول بان عزيرا ابن الله؟ قالوا لأنه أحيا لبني إسرائيل التورية بعد
ما ذهبت ولم يفعل بها هذا الا لأنه ابنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كيف صار عزير ابن الله
دون موسى وهو الذي جائهم بالتورية ورأوا منه من المعجزات ما قد علمتم؟ فإن كان
عزيرا ابن الله لما ظهر من الكرامة من احياء (1) التورية فلقد كان موسى بالنبوة أحق
وأولى، ولئن كان هذا المقدار من اكرامه لعزير يوجب انه ابنه فاضعاف هذه الكرامة
لموسى توجب له منزلة أجل من النبوة، وان كنتم انما تريدون بالنبوة الدلالة (2)
على سبيل ما تشاهدون في دنياكم هذه من ولادة الأمهات الأولاد بوطي آبائهم لهن فقد
كفرتم بالله وشبهتموه بخلقه، وأوجبتم فيه صفات المحدثين، ووجب عندكم أن يكون
محدثا مخلوقا، وأن يكون له خالق صنعه وابتدعه قالوا: لسنا نعني هذا فان هذا كفر

(1) في المصدر وكذا في المنقول عن تفسير الامام " باحياء التوراة ".
(2) وفي المنقول عن تفسير الامام " الولادة " بدل " الدلالة ".
204

كما ذكرت ولكنا نعني انه ابنه على معنى الكرامة وان لم يكن هناك ولادة، كما قد يقول
بعض علمائنا لمن يريد اكرامه وابانته بالمنزلة عن غيره: يا بني، وانه ابني لا على
اثبات ولادته منه. ولأنه قد يقول ذلك لمن هو أجنبي لانسب بينه وبينه وكذلك لما فعل الله
بعزير ما فعل كان قد اتخذه ابنا على الكرامة لا على الولادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
فهذا ما قلته لكم: انه ان وجب على هذا الوجه أن يكون عزير ابنه فان هذه المنزلة لموسى
أولى وان الله يفضح كل مبطل باقراره ويقلب عليه حجته، لان ما احتججتم به يؤديكم إلى ما
هو أكبر مما ذكرته لكم. لأنكم قلتم: ان عظيما من عظمائكم قد يقول لأجنبي لا نسب بينه
وبينه: يا بني وهذا ابني لا على طريق الولادة فقد تجدون أيضا هذا العظيم يقول لأجنبي
آخر، هذا اخى ولآخر: هذا شيخي وأبي، ولآخر: هذا سيدي ويا سيدي على سبيل الاكرام،
وان من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول فإذا يجوز عندكم أن يكون موسى أخا الله أو
شيخا له أو أبا أو سيدا، لأنه قد زاده في الاكرام مما لعزير، كما أن من زاد رجلا في الاكرام
قال له: يا سيدي ويا شيخي ويا عمي ويا رئيسي على طريق الاكرام وان من زاده في الكرامة
زاده في مثل هذا القول أفيجوز عندكم أن يكون موسى أخا الله أو شيخا أو عما أو رئيسا أو سيدا
أو أميرا لأنه قد زاده في الاكرام على من قال له: يا شيخي أو يا سيدي أو يا أميري أو يا عمي
أو يا رئيسي، قال: فبهت القوم وتحيروا وقالوا: يا محمد أجلنا نفكر فيما قلته لنا، فقال:
انظروا فيه بقلوب معتقدة للانصاف يهدكم الله ثم اقبل صلى الله عليه وآله على النصارى فقال: وأنتم قلتم:
ان القديم عز وجل اتحد بالمسيح عليه السلام ابنه، فما الذي أردتموه بهذا القول؟ أردتم ان
القديم صار محدثا لوجود هذا المحدث الذي هو عيسى؟ أو المحدث الذي هو
عيسى عليه السلام صار قديما لوجود القديم الذي هو الله؟ أو معنى قولكم: انه اتحد به انه
اختصه بكرامة لم يكرم بها أحدا سواه؟ فان أردتم ان القديم صار محدثا فقد أبطلتم، لان
القديم محال ان ينقلب فيصير محدثا، وان أردتم ان المحدث صار قديما فقد احلتم لان
المحدث أيضا محال ان يصير قديما وان أردتم انه تحد به بان اختصه واصطفاه على ساير عباده
فقد أقررتم بحدوث عيسى وبحدوث المعنى الذي اتحد به من اجله، لأنه إذا كان عيسى
محدثا وكان الله قد اتحد به بان أحدث به معنى صار به أكرم الخلق عنده فقد صار عيسى وذلك
205

المعنى محدثين، وهذا خلاف ما بدأتم تقولونه، فقالت النصارى: يا محمد ان الله لما أظهر على
يد عيسى من الأشياء العجيبة ما أظهر فقد اتخذه ولدا على جهة الكرامة، فقال لهم رسول الله
صلى الله عليه وآله: فقد سمعتم ما قلته لليهود في هذا المعنى الذي ذكرتموه: ثم أعاد صلى الله عليه وآله
ذلك كله فسكتوا الا رجلا واحدا منهم قال له: يا محمد أولستم تقولون: ان إبراهيم
خليل الله؟ قال: قد قلنا ذلك، فقال: إذا قلتم ذلك فلم منعتمونا ان نقول: إن عيسى
ابن الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انهما لن يشتبها (1) لان قولنا ان إبراهيم خليل الله
فإنما هو مشتق من الخلة (2) والخلة انما معناها الفقر والفاقة وقد كان خليلا إلى ربه
فقيرا، واليه منقطعا وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا، وذلك لما أريد قذفه في النار
فرمى به في المنجنيق فبعث الله تعالى جبرئيل عليه السلام فقال له: أدرك عبدي، فجائه فلقيه في
الهواء فقال: كلمني ما بدالك فقد بعثني الله لنصرتك، فقال: بل حسبي الله ونعم الوكيل
اني لا أسئل غيره ولا حاجة لي الا إليه فسمى خليله اي فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عمن
سواه، وإذا جعل معنى ذلك من الخلة (3) وهو انه قد تخلل معانيه ووقف على أسرار لم
يقف عليها غيره، كان [الخليل] معناه العالم به وبأموره ولا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه،
الا ترون انه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله، وإذا لم يعلم باسراره لم يكن خليله، وان
من يلده الرجل وان أهانه وأقصاه (4) لم يخرج عن أن يكون ولده، لان معنى الولادة
قائم، ثم إن وجب لأنه قال لإبراهيم خليلي (5) أن تقيسوا أنتم كذلك فتقولوا: ان
عيسى ابنه وجب أيضا أن تقولوا له لموسى ابنه، [فان الذي معه من المعجزات لم يكن

(1) وفي المنقول عن تفسير الامام " لم يشتبها ".
(2) وفي المنقول عن تفسير الامام " من الخلة أو الخلة " اي بالفتح أو بالضم وهو الصحيح
لما سيأتي في كلام الإمام عليه السلام من التفصيل.
(3) اي بالضم.
(4) اي ابعده.
(5) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر لكن في أكثر النسخ هكذا: " ثم إن من أوجب أن يقول
على قول إبراهيم خليله.. اه ".
206

بدون ما كان مع عيسى فقولوا إن موسى أيضا ابنه] (1) وانه يجوز أن تقولوا على هذا
المعنى انه شيخه وسيده وعمه ورئيسه وأميره كما قد ذكرته لليهود، فقال بعضهم لبعض:
وفي الكتب المنزلة ان عيسى قال: أذهب إلى أبي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان كنتم
بذلك الكتاب تعلمون فان فيه: أذهب إلى أبي وأبيكم فقولوا: ان جميع الذين خاطبهم
عيسى كانوا أبناء الله كما كان عيسى ابنه من الوجه الذي كان عيسى ابنه: ثم إن ما في هذا
الكتاب يبطل عليكم هذا الذي زعمتم ان عيسى من جهة الاختصاص كان ابنا له، لأنكم
قلتم انما قلنا إنه ابنه لأنه اختصه بما لم يختص به غيره، وأنتم تعلمون ان الذي خص به
عيسى لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى: أذهب إلى أبي وأبيكم، فبطل أن يكون
الاختصاص بعيسى لأنه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص
عيسى، وأنتم انما حكيتم لفظة عيسى وتأولتموها على غير وجهها، لأنه إذا قال: أبي
وأبيكم فقد أراد غير ما ذهبتم إليه ونحلتموه (2) وما يدريكم لعله عنى: أذهب إلى آدم
أبي وأبيكم أو إلى نوح ان الله يرفعني إليهم ويجمعني معهم، وآدم أبي وأبيكم وكذلك
نوح، بل ما أراد غير هذا، قال: فكست النصارى وقالوا: ما رأينا كاليوم مجادلا و
لا مخاصما وسننظر في أمورنا.
والحديث طويل اتخذنا منه موضع الحاجة وتتمته وهي الرد على الفرق الثلاثة
الباقية مضى أول سورة الأنعام وفي آخر الحديث وقال الصادق عليه السلام: فوالذي بعثه
بالحق نبيا ما أتت على جماعتهم الا ثلاثة أيام حتى اتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلموا وكانوا خمسة
وعشرين رجلا من كل فرقة خمسة وقالوا: ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد انك
رسول الله صلى الله عليه وآله.
105 في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن الحسين
ابن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا سئل علي بن أبي طالب عليه السلام قال: اخبرني عما
ليس لله، وعما ليس عند الله: وعما لا يعلمه الله؟ فقال علي عليه السلام: اما ما لا يعلمه الله فذاك

(1) بين العلامتين انما هو في المصدر دون النسخ.
(2) نحل فلانا القول: أضاف إليه قولا قاله غيره وادعاه عليه.
207

قولكم يا معشر اليهود ان عزيرا ابن الله والله لا يعلم له ولد، واما قولك ما ليس عند الله فليس
عند الله ظلم للعباد، واما قولك ما ليس لله فليس لله شريك، فقال اليهودي: أشهد أن لا إله
إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.
106 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن
الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام أنه قال: إن الشجر لم يزل حصيدا كله حتى دعى
للرحمان ولد، عز الرحمان وجل أن يكون له ولد، فعند ذلك اقشعر الشجر (1)
وصار له شوك حذارا ان ينزل به العذاب.
107 - في تفسير العياشي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، واشتد غضب الله
على النصارى حين قالوا: المسيح ابن الله، واشتد غضب الله على من أراق دمي وآذاني
في عترتي.
108 - عن يزيد بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لن يغضب الله شئ
كغضب الطلح (2) والسدر ان الطلح كانت كالأترج والسدر كالبطيخ فلما قالت
اليهود: يد الله مغلولة تقبض حملها فصغر فصار له عجم واشتد العجم، فلما ان قالت
النصارى: المسيح بن الله خرج لهما هذا الشوك وتقبض حملهما وصار النبق (3) إلى هذا
الحمل وذهب حمل الطلح فلا يحمل حتى يقوم قائمنا، ثم قال: من سقى طلحة أو سدرة
فكأنما سقى مؤمنا من ظمأ.
109 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه وقال: قاتلهم الله انى يؤفكون اي لعنهم الله انى يؤفكون فسمى اللعنة قتالا.

(1) اقشعر النبات: لم يصب ريا وتخشن وتغير لونه.
(2) لطلح: شجر حجازية ومنابتها بطون الأودية ولها شوك كثير ويقال لها أم غيلان
أيضا تأكل الإبل منها اكلا كثيرا.
(3) كذا في النسخ وفي المصدر " وصار الشوك إلى هذا الحمل " وهو الظاهر والنبق:
حمل شجر السدر.
208

110 - في مجمع البيان وروى الثعلبي باسناده عن عدي بن حاتم قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وفي عنقي صليب، فقال، يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك
قال: فطرحته ثم أتيت إليه وهو يقرء من سورة براءة هذه الآية: اتخذوا أحبارهم و
رهبانهم أربابا حتى فرغ منها فقلت له: انا لسنا نعبدهم، قال: أليس يحرمون
ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه؟ قال: فقلت: بلى، قال:
فتلك عبادتهم.
111 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
أبيه عن عبد الله بن يحيى عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله "
فقال: اما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم، ولكن
أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون.
112 - علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد وعلي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير
عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أطاع رجلا في معصية الله فقد عبده.
113 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى:
" اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " قال: اما والله ما صاموا لهم ولا صلوا
ولكنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم.
114 - وقال في خبر آخر عنه: ولكنهم أطاعوهم في معصية الله.
115 - عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله: " اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله " قال: اما انهم لم يتخذوهم آلهة الا انهم أحلوا حلالا و
أخذوا به وحرموا حراما فاخذوا به (1) فكانوا أربابهم من دون الله.
116 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في

(1) كذا في النسخ وفي بعض نسخ المصدر كرواية الكليني (ره) في الكافي " أحلوا
حراما فأخذوا به وحرموا حلال فأخذوا به " ولعله الأصح وان لا يخلوا ما في النسخ أيضا من
وجه صحيح كما لا يخفى.
209

قوله: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم " اما المسيح
فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا انه اله وانه ابن الله، وطائفة منهم قالوا: ثالث
ثلثه، وطائفة منهم قالوا: هو الله، واما أحبارهم ورهبانهم فإنهم أطاعوا واخذوا بقولهم
واتبعوه ما أمروهم به، ودانوا بما دعوهم إليه، فاتخذوهم أربابا بطاعتهم لهم وتركهم
أمر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم، وما أمرهم به الأحبار والرهبان اتبعوه و
أطاعوهم وعصوا الله ورسوله، وانما ذكر هذا في كتابنا لكي نتعظ بهم، فعير الله
تبارك وتعالى بني إسرائيل بما صنعوا، يقول الله تبارك وتعالى: " وما أمروا الا ليعبدوا
الها واحدا لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون ".
117 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه وقد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله: يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم
ويأبى الله الا ان يتم نوره يعني انهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على
الخليقة فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوه فيه وحرفوا منه.
وفيه وجعل أهل الكتاب المقيمين به والعالمين بظاهره وباطنه من " شجرة أصلها
ثابت وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها " اي يظهر مثل هذا العلم المحتملة
في الوقت بعد الوقت وجعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا اطفاء نور الله
بأفواههم فأبى الله الا أن يتم نوره.
118 - في كتاب الغيبة لشيخ الطايفة " قدس سره " وروى محمد بن أحمد بن
يحيى عن بعض أصحابنا عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان قال: ذكر
علي بن أبي حمزة (1) عند الرضا عليه السلام فلعنه، ثم قال: إن علي بن أبي حمزة أراد ان
لا يعبد الله في سمائه وارضه، ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره المشركون، ولو كره
اللعين المشرك، قلت: المشرك! قال: نعم والله وان رغم انفه كذلك هو في كتاب الله:

(1) هو علي بن أبي حمزة سالم البطائني من أصحاب الكاظم عليه السلام ثم وقف بعد وفاته
عليه السلام وهو أحد عمد الواقفة، ذكر ترجمته وما ورد في ذمه من الروايات الكثيرة وما يمكن
ان يدفع به عنها وغير ذلك في تنقيح المقال فراجع.
210

" يريدون ان يطفؤا نور الله بأفواههم " وقد جرت فيه وفي أمثاله أنه أراد ان يطفئ نور الله.
119 - وباسناده إلى الصادق عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقد ذكر شق فرعون
بطون الحوامل في طلب موسى عليه السلام كذلك بنو أمية وبنو العباس لما أن وقفوا على أن زوال
ملكة الامر والجبابرة منهم على يدي القائم عليه السلام ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم
في قتل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وابادة نسله (1) طمعا منهم في الوصول إلى قتل
القائم عليه السلام، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو
كره المشركون.
في كتاب كمال الدين وتمام النعمة مثله سواء.
12 - في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد قال: وقف علي أبو الحسن الثاني
عليه السلام في بني زريق فقال لي وهو رافع صوته: يا أحمد! قلت: لبيك، قال: إنه لما
قبض رسول الله صلى الله عليه وآله جهد الناس على اطفاء نور الله فأبى الله الا أن يتم نوره
بأمير المؤمنين.
121 - في قرب الإسناد للحميري معاوية بن حكيم عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر قال: وعدنا أبو الحسن الرضا عليه السلام ليلة إلى مسجد دار معاوية فجاء فسلم فقال:
ان الناس قد جهدوا على اطفاء نور الله حين قبض الله تبارك وتعالى رسول الله صلى الله عليه وآله و
أبى الله الا أن يتم نوره وقد جهد علي بن أبي حمزة على اطفاء نور الله حين قبض أبو الحسن
فأبى الله الا ان يتم نوره، وقد هداكم الله لأمر جهله الناس فاحمدوا الله على ما من
عليكم به.
122 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير قال قال
أبو عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين
الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فقال: والله ما نزل تأويلها بعد
ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام، فإذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم
ولا مشرك بالامام الا كره خروجه، حتى لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت:

(1) الإبادة بمعنى الاهلاك.
211

يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله
123 - وباسناده إلى سليط قال: قال الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: منا
اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وآخرهم التاسع
من ولدي وهو القائم بالحق، يحيى الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به الدين الحق
على الدين كله ولو كره المشركون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
124 - وباسناده إلى محمد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن
علي عليهما السلام يقول: القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر، تطوى له الأرض وتظهر
له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عز وجل دينه على الدين كله
ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب الا عمر، وينزل روح الله عيسى بن
مريم عليه السلام فيصلي خلفه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
125 - في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: قلت: " هو الذي ارسل رسوله
بالهدى ودين الحق " قال: هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه، والولاية هي دين
الحق، قلت: " ليظهره على الدين كله " قال: يظهر على جميع الأديان عند قيام
القائم قال: يقول الله: " والله متم " ولاية القايم " ولو كره الكافرون " بولاية علي قلت
هذا تنزيل؟ قال: نعم اما هذا الحرف فتنزيل، واما غيره فتأويل والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
126 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه: وغاب صاحب هذا الامر بايضاح العذر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب
حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها، و
يظهر دين نبيه صلى الله عليه وآله على يديه على الدين كله ولو كره المشركون.
127 - في تفسير العياشي عن أبي المقدام عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله:
" ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " يكون أن لا يبقى أحد، الا أقر بمحمد صلى الله عليه وآله.
128 - في مجمع البيان قال المقداد بن الأسود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
212

لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر الا أدخله الله كلمة الاسلام، اما بعز عزيز
أو بذل ذليل اما يعزهم فيجعلهم الله من أهله فيقروا به واما يذلهم فيدينون له.
129 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن
معاذ بن كثير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما
في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتيه به،
فيستعين به على عدوه وهو قول الله عز وجل في كتابه: والذين يكنزون الذهب والفضة
ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم.
130 - في أمالي شيخ الطائفة " قدس سره " باسناده لما نزلت هذه الآية " والذين
يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم " قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: كل مال تؤدي زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين، وكل مال
لا تؤدي زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض.
131 - في مجمع البيان وروى عن علي عليه السلام ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز
أدى زكاته أو لم يؤدها وما دونها فهي نفقة فبشرهم بعذاب اليم.
132 - وروى سالم بن أبي الجعد ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزلت هذه
الآية قال: تبا للذهب، تبا للفضة يكررها ثلثا فشق ذلك على أصحابه، فسأله عمر
فقال: يا رسول الله اي المال نتخذ فقال: لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة مؤمنة تعين
أحدكم على دينه.
133 - في تفسير علي بن إبراهيم حديث طويل وفيه: نظر عثمان بن عفان إلى
كعب الأحبار فقال له: يا أبا إسحاق ما تقول في رجل أدى زكاة ماله المفروضة هل يجب
عليه فيما بعد ذلك شئ؟ فقال: لا، ولو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شئ
فرفع أبو ذر رضي الله عنه عصاه فضرب بها رأس كعب ثم قال له: يا بن اليهودية الكافرة ما
أنت والنظر في احكام المسلمين؟ قول الله: أصدق من قولك حيث قال: " والذين
يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم " الآية.
134 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " والذين يكنزون
213

الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم " فان الله حرم كنز الذهب و
الفضة وأمر بانفاقه في سبيل الله. وقوله: يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم
وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون قال: كان
أبو ذر الغفاري يغدو كل يوم وهو بالشام فينادي بأعلى صوته: بشر أهل الكنوز بكي في
الجباه (1) وكي بالجنوب وكي بالظهور ابدا حتى يتردد الحر في أجوافهم.
135 - في من لا يحضره الفقيه عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يذكر فيه
الكباير وفيه: ومنع الزكاة المفروضة لان الله عز وجل يقول: " يوم يحمى عليها
في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما
كنتم تكنزون "
136 - في كتاب الخصال عن الحارث قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: الدينار والدرهم اهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم.
137 - عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران رفع الحديث قال: الذهب والفضة
حجران ممسوخان فمن أحبهما كان معهما.
138 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عمرو الشامي
عن أبي عبد الله (ع) قال: إن الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات
والأرض فغرة الشهور شهر الله عز ذكره وهو شهر رمضان وقلب شهر رمضان ليلة
القدر ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشهر بالقرآن.
139 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان
جميعا عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة قال: كنت قاعدا إلى جنب أبي
جعفر عليه السلام وهو محتب (2) مستقبل الكعبة فقال: اما ان النظر إليها عبادة، فجائه رجل من

(1) الكي: احراق الجلد بحديدة ونحوها.
(2) الاحتباء: هو أن يضم الانسان رجليه إلى بطنه يجمعهما به مع ظهره ويشده عليهما
وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب.
214

بجيلة (1) يقال له عاصم بن عمر، فقال لأبي جعفر عليه السلام: ان كعب الأحبار كان يقول إن
الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة، فقال أبو جعفر عليه السلام: فما تقول فيما قال
كعب؟ فقال: صدق، القول ما قال كعب، فقال أبو جعفر عليه السلام: كذبت وكذب كعب
الأحبار معك وغضب، قال زرارة: ما رأيته استقبل أحدا يقول كذبت غيره، ثم
قال: ما خلق الله بقعة في الأرض أحب إليه منها، ثم اومى بيده نحو الكعبة - ولا
أكرم على الله تعالى منها، لها حرم الله لأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات و
الأرض ثلاثة متوالية للحج: شوال وذو القعدة وذو الحجة وشهر مفرد للعمرة رجب.
140 - في كتاب الغيبة لشيخ الطايفة " قدس سره " روى جابر الجعفي قال:
سئلت أبا جعفر عليه السلام عن تأويل قول الله عز وجل: " ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر
شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم
فلا تظلموا فيهن أنفسكم " قال: فتنفس سيدي الصعداء (2) فقال: يا جابر اما السنة
فهي جدي رسول الله صلى الله عليه وآله، وشهورها اثنى عشر شهرا فهو أمير المؤمنين عليه السلام إلي والى
ابني جعفر وابنه موسى، وابنه علي، وابنه محمد، وابنه علي، والى ابنه الحسن،
والى ابنه محمد الهادي المهدي اثنا عشر إماما حجج الله في خلقه وامناؤه على وحيه
وعلمه، والأربعة الحرم الذين هم الدين القيم أربعة منهم يخرجون باسم واحد، علي
أمير المؤمنين عليه السلام، وأبي علي بن الحسين، وعلي بن موسى، وعلي بن
محمد، فالاقرار بهؤلاء هو الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم، اي قولوا بهم
جميعا تهتدوا.
141 - في تفسير العياشي عن أبي خالد الواسطي عن أبي جعفر عليه السلام قال:
حدثني أبي علي بن الحسين عن أمير المؤمنين عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما ثقل في مرضه
قال: أيها الناس ان السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثم قال بيده: رجب مفرد،
وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلث متواليات، الا وهذا الشهر المفروض رمضان،

(1) بجيلة: حي من اليمن.
(2) الصعداء: تنفس طويل من هم أو حزن.
215

فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإذا خفى الشهر فأتموا العدة: شعبان ثلثين و
صوموا الواحد والثلثين، وقال بيده: الواحد والاثنين والثلاثة، ثم ثنى ابهامه ثم
قال: إنها (1) شهر كذا وشهر كذا.
142 - في كتاب الخصال عن محمد بن أبي عمير يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل: " ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق
السماوات والأرض " قال: المحرم وصفر وربيع الأول وربيع الاخر وجمادي الأول
وجمادي الاخر. ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذو القعدة وذو الحجة، منها
أربعة حرم، عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من
شهر ربيع الاخر.
143 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تعالى خلق الشهور اثنى عشر شهر وهي ثلاثمائة
وستون يوما، فحجز منها ستة أيام خلق فيها السماوات والأرض فمن ثم تقاصرت الشهور.
144 - عن عبد الله بن عمر قال: نزلت هذه السورة " إذا جاء نصر الله " على رسول الله صلى الله عليه وآله
في أوسط أيام التشريق فعرف انه الوداع فركب راحلته العضباء فحمد الله وأثنى عليه ثم قال.
يا أيها الناس إلى قوله عليه السلام: و " ان عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا في كتاب الله
يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم " رجب مضر (2) الذي بين جمادي و
شعبان، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم.
145 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله عز وجل: قاتلوا المشركين كافة يقول: جميعا كما يقاتلونكم كافة.
146 - وقال علي بن إبراهيم " رحمه الله ": في قوله عز وجل: انما النسئ

(1) وفي المصدر " أيها الناس " بدل " انها ".
(2) مضر: اسم قبيلة. قال ابن الأثير: ومنه الحديث: رجب مضر الذي بين جمادي
وشعبان، أضاف رجبا إلى مضر لأنهم كانوا يعظمونه خلاف غيرهم، وقوله بين جمادي وشعبان
تأكيد للبيان وايضاح لأنهم كانوا ينسئونه ويؤخرونه من شهر إلى شهر فيتحول عن موضعه المختص
به فبين لهم انه الشهر الذي بين جمادي وشعبان لا ما كانوا يسمونه على حساب النسئ.
216

زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا
عدة ما حرم الله فإنه كان سبب نزولها ان رجلا من كنانة كان يقف في المواسم
فيقول: قد أحللت دماء المحلين طي وخثعم في شهر المحرم وأنسأته وحرمت بدله
صفر، فإذا كان العام القابل يقول: قد أحللت صفرا وأنسأته وحرمت بدله شهر المحرم،
فأنزل الله عز وجل: " انما النسئ زيادة في الكفر " إلى قوله تعالى: " زين لهم
سوء أعمالهم ".
147 - في كتاب الخصال عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله كلام من خطبة له نقلناه
قريبا ويتصل بآخره أعني: " فلا تظلموا فيهن أنفسكم " فان النسئ زيادة في الكفر
يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله، وكانوا
يحرمون المحرم عاما ويستحلون صفر عاما ويحرمون صفر عاما ويستحلون المحرم،
أيها الناس ان الشيطان قد يئس ان يعبد في بلادكم.
148 - في مجمع البيان وقرأ أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام النسئ
يخفف على وزن الهدى، وقال مجاهد: كان المشركون يحجون في كل شهر عامين
فحجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين
وكذلك في الشهور حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة،
ثم حج النبي صلى الله عليه وآله في العام القابل حجة الوداع، فوافقت ذا الحجة فذلك حين
قال النبي صلى الله عليه وآله في خطبته: الا ان الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات
والأرض، السنة اثنى عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة
والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان، أراد عليه السلام بذلك ان الأشهر الحرم
رجعت إلى مواضعها وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسئ.
149 - في نهج البلاغة قال عليه السلام انفروا رحمكم الله إلى قتال عدوكم ولا تثاقلوا
إلى الأرض فتقروا بالخسف، وتبوؤا بالذل (1) ويكون نصيبكم الأخس، ان أخا الحرب

(1) الخسف: الاذلال والضيم. فتقروا بالخسف اي تعترفوا بالضيم وتصبروا له. و
تبوؤا بالذل اي ترجعوا به.
217

الارق (1) ومن نام لم ينم عنه
150 - في كتاب الخصال عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن علي عليهم السلام
أنه قال: وقد سأله رأس اليهود عما امتحن الله به الأوصياء في حياة الأنبياء وبعد
وفاتهم: يا أخا اليهود ان الله تعالى امتحنني في حياة نبينا صلى الله عليه وآله في سبعة مواطن
فوجدني فيها من غير تزكية لنفسي - بنعمة الله له مطيعا، قال: فيم وفيم يا أمير
المؤمنين؟ قال: اما أولهن إلى أن قال: واما الثانية يا أخا اليهود فان قريشا لم
تزل تجيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبي صلى الله عليه وآله حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك
في يوم الدار دار الندوة، وإبليس الملعون حاضر في صورة أعور ثقيف فلم تزل تضرب
أمرها ظهرا وبطنا حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب (2) من كل فخذ من قريش
رجل، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه ثم يأتي النبي صلى الله عليه وآله وهو نائم على فراشه فيضربونه
جميعا بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلونه، فإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم
تسلمها فيمضي دمه هدرا فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه بذلك وأخبره
بالليلة التي يجتمعون فيها وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار فأنبأني
رسول الله صلى الله عليه وآله بالخبر، وأمرني ان اضطجع في مضجعه وأقيه بنفسي فأسرعت
إلى ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي ان اقتل دونه فمضى عليه السلام لوجهه واضطجعت في مضجعه
وأقبلت رجال من قريش موقنة في أنفسها بقتل النبي صلى الله عليه وآله فلما استووا في البيت (3) الذي
انا فيه ناهضتهم بسيفي فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والله (5) ثم قبل على أصحابه
فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
151 - وفي احتجاجه عليه السلام على أبي بكر قال: فأنشدك بالله انا وقيت

(1) الارق: الذي لا ينام.
(2) انتدبه لأمر: اي دعاه له.
(3) وفي المصدر فلما استوى بي وبهم البيت. اه ".
(4) وفي المصدر " والناس " بدل " والله "
218

رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسي يوم الغار أم أنت؟ قال: بل أنت.
152 - وفي احتجاجه عليه السلام على الناس يوم الشورى قال: فأنشدكم بالله
هل فيكم أحد وقى رسول الله صلى الله عليه وآله حيث جاء المشركون يريدون قتله فاضطجعت
في مضجعه وذهب رسول الله صلى الله عليه وآله نحو الغار، وهم يرون اني انا هو، فقالوا: أين ابن
عمك؟ فقلت: لا أدري فضربوني حتى كادوا يقتلونني غيري؟ قالوا: اللهم لا.
153 - وفي مناقبه عليه السلام وتعدادها قال: واما السابعة ان رسول الله صلى الله عليه وآله
أنامني على فراشه حيث ذهب إلى الغار، وسجاني ببرده فلما جاء المشركون
ظنوني محمدا فأيقظوني وقالوا: ما فعل صاحبك؟ فقلت: ذهب في حاجة فقالوا:
لو كان هرب لهرب هذا معه.
154 في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب: نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان
يبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الطعام وهو في الغار ويخبره الاخبار غيري؟ قالوا: لا.
155 - وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي
عليهم السلام ان عليا قال ليهودي في أثناء كلام طويل: ولئن كان يوسف ألقى في
الجب فلقد حبس محمد نفسه مخافة عدوه في الغار، حتى قال لصاحبه: لا تحزن
ان الله معنا، ومدحه الله في كتابه.
156 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن مروان عن
أبي عبد الله قال: إن أبا طالب أظهر الكفر وستر الايمان، فلما حضرته الوفاة أوحى الله
عز وجل إلى الرسول: أخرج منها فليس لك بها ناصر.
157 - في روضة الكافي حميد بن زياد عن محمد بن أيوب عن علي بن أسباط
عن الحكم بن مسكين عن يوسف بن صهيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت أبا جعفر
عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقبل يقول لأبي بكر في الغار: أسكن فان الله معنا
وقد أخذته الرعدة وهو لا يسكن، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله حاله قال له: تريد ان
أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون، فأريك جعفر وأصحابه في البحر
219

يغوصون؟ قال: نعم فمسح رسول الله صلى الله عليه وآله بيده على وجهه فنظر إلى الأنصار يتحدثون
ونظر إلى جعفر وأصحابه في البحر يغوصون، فأضمر تلك الساعة انه ساحر.
158 - محمد بن أحمد عن ابن فضال عن الرضا عليه السلام فأنزل الله سكينته على
رسوله وأيده بجنود لم تروها قلت: هكذا؟ قال: هكذا نقرأها وهكذا تنزيلها.
159 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد الله
عليه السلام قال: لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار قال لأبي بكر: كأني انظر
إلى سفينة جعفر وأصحابه تقوم في البحر، وأنظر إلى الأنصار محتبين في أفنيتهم (1)
فقال أبو بكر: وتريهم يا رسول الله؟ قال: نعم قال: فأرنيهم، فمسح على عينه
فرآهم، فقال في نفسه: الان صدقت انك ساحر، فقال له رسول الله: أنت الصديق
وهو قول الله عز وجل: وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا قول
رسول الله صلى الله عليه وآله والله عزيز حكيم.
160 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن محمد الحجال قال: كنت عند أبي
الحسن الثاني عليه السلام ومعي الحسن بن الجهم، فقال له الحسن: انهم يحتجون علينا بقول الله
تبارك وتعالى: ثاني اثنين إذ هما في الغار قال: وما لهم في ذلك فوالله لقد قال الله
فأنزل الله سكينته على رسوله وما ذكره فيها بخير قال: قلت له انا: جعلت
فداك وهكذا تقرؤنها؟ قال: هكذا قد قرأتها.
161 - قال زرارة: قال أبو جعفر عليه السلام: فأنزل الله سكينته على رسوله الا ترى ان
السكينة انما نزلت على رسوله وجعل كلمة الذين كفروا السفلى قال: هو الكلام
الذي يتكلم به عتيق رواه الحلبي عنه.
162 في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمي عن
الحجة القائم عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: يا سعد وحين ادعى خصمك ان
رسول الله صلى الله عليه وآله ما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار الا علما منه ان الخلافة
له من بعده، وانه هو المقلد أمور التأويل، والملقى إليه أزمة الأمة وعليه المعول

(1) الأفنية جمع الفناء: الصيد وهو ساحة امام البيت.
220

في لم الشعث وسد الخلل، وإقامة الحدود وتسرية الجيوش لفتح بلاد الكفر، فلما
أشفق على نبوته أشفق على خلافته، وإذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري ان يروم
الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه، وانما أبات عليا عليه السلام
على فراشه لما لم يكترث له ولم يحفل به (1) به لاستثقاله إياه وعلمه انه ان قتل لم يتعذر
عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها، فهلا نقضت دعواه بقولك: أليس
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الخلافة بعدي ثلثون سنة، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة
الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم، وكان لا يجد بدا من قوله لك: بلى، قلت له
حينئذ: أليس كما علم رسول الله صلى الله عليه وآله ان الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنها من بعد
أبي بكر لعمر: ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعلي عليه السلام فكان أيضا لا يجد
بدا من قوله لك: نعم، ثم كنت تقول له: فكان الواجب على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرجهم
جميعا على الترتيب إلى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ولا يستخف بقدر هؤلاء
الثلاثة بتركه إياهم، وتخصيصه أبا بكر واخراجه مع نفسه دونهم.
163 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في
مسجد الكوفة فقالوا: ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة و
الزبير وعايشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه السلام فأمر ان ينادي: الصلاة الجامعة، فلما
اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر الناس انه بلغني عنكم كذا
وكذا؟ قالوا: صدق أمير المؤمنين عليه السلام قد قلنا ذلك، قال: إن لي بسنة الأنبياء
قبلي أسوة فيما فعلت، قال الله تعالى في محكم كتابه: " لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة " قالوا: ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال: أولهم إبراهيم عليه السلام إلى أن قال:
ولي بمحمد صلى الله عليه وآله أسوة حين فر من قومه ولحق بالغار من خوفهم وأنامني على فراشه،
فان قلتم فر من قومه بغير خوف منهم فقد كفرتم وان قلتم: خافهم وأنامني على فراشه
ولحق بالغار من خوفهم فالوصي اعذر.
164 - في تفسير علي بن إبراهيم انفروا خفافا وثقالا قال شبانا وشيوخا يعني

(1) فلان لا يكترث لهذا الامر: لا يعبأ به وكذا قولهم " ما أحفل بفلان " اي ما أبالي به.
221

إلى غزوة تبوك.
165 - في كتاب التوحيد حدثني أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا:
حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال الأسدي
عن ثعلبة بن ميمون عن عبد الاعلى بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام في هذه الآية لو كان
عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله
لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون انهم كانوا
يستطيعون وقد كان في العلم انه لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لفعلوا.
166 - حدثني أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا:
حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن عبد الله عن أحمد بن محمد
البرقي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا
معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون " قال: أكذبهم الله عز وجل في قولهم:
" لو استطعنا لخرجنا معكم " وقد كانوا مستطيعين للخروج.
167 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن
أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قول الله: " لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا
لاتبعوك " الآية انهم يستطيعون وقد كان في علم الله لو كان عرضا قريبا وسفرا
قاصدا لفعلوا.
168 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود في قوله: " لو كان
عرضا قريبا " يقول: غنيمة قريبة لاتبعوك.
169 - وقال علي بن إبراهيم: في قوله: " ولكن بعدت عليهم الشقة " يعني إلى
تبوك وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يسافر سفرا أبعد منه ولا أشد منه، وكان سبب
ذلك ان الضيافة كانوا يقدمون المدينة من الشام معهم الدرموك والطعام وهم
الأنباط (1) فأشاعوا بالمدينة ان الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله صلى الله عليه وآله في

(1) الدرموك: الدقيق الخالص. والأنباط جمع النبط: جيل ينزلون بالبطائح بين
العراقين أو السواد على خلاف ذكره ابن منظور في اللسان.
222

عسكر عظيم، وان هرقل قد سار في جنوده وجلب معهم غسان وجذام وبهراء وعاملة
(1) وقد قدم عساكره البلقاء ونزل هو حمص (2) فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله التهيؤ
إلى تبوك وهي من بلاد البلقاء وبعث إلى القبائل حوله والى مكة والى من أسلم من خزاعة
ومزينة وجهينة وحثهم على الجهاد، وامر رسول الله صلى الله عليه وآله بعسكره فضرب في ثنية
الوداع، وامر أهل الجدة ان يعينوا من لا قوة به ومن كان عنده شئ أخرجه، وحملوا
وقووا وحثوا على ذلك، وخطب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
أيها الناس ان أصدق الحديث كتاب الله وذكر الخطبة بتمامها، قال: فرغب الناس لما
سمعوا هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وقدمت القبايل من العرب من استنفرهم وقعد عنه
قوم من المنافقين وغيرهم، ولقى رسول الله صلى الله عليه وآله الجد بن قيس فقال له: يا أبا وهب
الا تنفر معنا في هذه الغزاة لعلك ان تحتفد من بنات الأصفر؟ (3) فقال: يا رسول الله
ان قومي ليعلمون انه ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء مني، وأخاف ان خرجت معك
ان لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتني وائذن لي أن أقيم، وقال لجماعة من قومه:
لا تخرجوا في الحر، فقال ابنه: ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وتقول ما تقول؟ ثم تقول
لقومك لا تنفروا في الحر؟ والله لينزلن الله في هذا قرآنا يقرؤه الناس إلى يوم القيمة،
فأنزل الله على رسوله في ذلك: ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني الا في الفتنة
سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين ثم قال الجد بن قيس أيطمع محمد ان حرب
الروم مثل حرب غيرهم؟ لا يرجع من هؤلاء أحد أبدا.
170 - في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال:
حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا بن رسول الله أليس من

(1) أسماء قبائل
(2) قال الحموي: البلقاء: كورة من اعمال دمشق بين الشام ووادي القرى. وحمص:
بلد معروف بالشام.
(3) حفد فلانا: خدمه واحتفد بمعنى حفد. وبنو الأصفر: الروم وقيل: سموا
بذلك لان أباهم الأول كان اصفر اللون، وهو روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم.
223

قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فما معنى قول الله عز وجل إلى أن قال
فأخبرني عن قول الله عز وجل: عفا الله عنك لم أذنت لهم قال الرضا عليه السلام: هذا مما
نزل بإياك أعني واسمعي يا جاره (1) خاطب الله تعالى بذلك نبيه صلى الله عليه وآله وأراد به أمته، و
كذلك قول الله عز وجل: " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " و
قوله: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " قال: صدقت يا بن
رسول الله.
171 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله عز وجل: " عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا ويعلم الكاذبين "
يقول: لتعرف أهل العذر والذين جلسوا بغير عذر.
172 - وفي رواية علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: لا يستأذنك
الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ان يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم
بالمتقين إلى قوله تعالى ولا وضعوا خلالكم اي لهربوا عنكم.
قال عز من قائل فهم في ريبهم يترددون
173 - في كتاب الخصال عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل يقول فيه: ومن تردد في الريب سبقه الأولون وأدركه الآخرون وقطعته
سنابك الشياطين (2).
174 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: ومن تردد في الريب وطأته سنابك الشياطين
175 - في تفسير العياشي عن المغيرة قال: سمعته يقول في قول الله:
ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عدة قال: يعني بالعدة النية، يقول: لو كان لهم نية

(1) هذا من أمثال العرب يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره، وقيل: إن أول
من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري ويذكر قصته الميداني في مجمع الأمثال (ج 1: ص 50 - 51.
ط مصر)
(2) سنابك جمع سنبك - كقنفذ -: طرف مقدم الحافر، وفي الرواية مبني على
الاستعارة.
224

لخرجوا.
176 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إذا أردتم الحج
فتقدموا في شراء الحوائج ببعض ما يقوتكم على السفر فان الله يقول: " ولو أرادوا
الخروج لاعدوا له عدة ".
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " قوله: ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني
الآية قد سبق بيانه وفيمن نزل في تفسير قوله تعالى: " لو كان عرضا قريبا " عن علي
ابن إبراهيم قدس سره.
177 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
ان تصبك حسنة تسؤهم وان تصبك مصيبة اما الحسنة فالغنيمة والعافية، واما المصيبة
فالبلاء والشدة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون قل لن يصيبنا الا ما
كتب الله لنا هو مولينا وعلى الله فليتوكل المؤمنون وقوله عز وجل: قل هل
تربصون بنا الا إحدى الحسنيين يقول: الغنيمة والجنة إلى قوله: انا معكم متربصون.
178 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن عباس عن الحسن بن عبد
الرحمان عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: قوله
عز وجل. " هل تربصون بنا الا إحدى الحسنيين " قال: اما موت في طاعة الله أو ادراك
ظهور امام " ونحن نتربص " بهم مع ما نحن فيه من الشدة " ان يصيبهم الله بعذاب من
عنده " قال: هو المسخ " وبأيدينا " وهو القتل، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " قل تربصوا
فانا معكم متربصون " والتربص انتظار وقوع البلاء بأعدائهم.
179 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة
ينتظر إحدى الحسنيين اما داعي الله فما عند الله خير له، واما رزق الله فإذا هو ذو أهل و
مال ومعه دينه وحسبه.
180 - في روضة الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن
الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن أبي أمية يوسف بن ثابت بن أبي سعيد عن
أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حديث طويل: والله لو أن رجلا صام النهار وقام الليل ثم لقى الله
225

عز وجل بغير ولايتنا أهل البيت للعنه الله وهو عنه غير راض أو ساخط عليه، ثم قال: و
ذلك قول الله عز وجل: وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله و
برسوله ولا يأتون الصلاة الا وهم كسالى ولا ينفقون الا وهم كارهون فلا
تعجبك أموالهم ولا أولادهم انما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق
أنفسهم وهم كافرون ثم قال: وكذلك الايمان لا يضر معه العمل، وكذلك الكفر
لا ينفع معه العمل.
181 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه: فكل عمل يجري على غير أيدي الأصفياء (الأوصياء خ ل) وحدودهم و
عهودهم وشرايعهم وسننهم ومعالم دينهم مردود غير مقبول، وأهله بمحل كفر وان شملتهم
صفة الايمان ألم تسمع إلى قول الله تعالى: " وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا
بالله وبرسوله " فمن لم يهتد من أهل الايمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه ايمانه بالله
مع دفع حق أوليائه، وحبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.
182 - في أصول الكافي محمد بن عيسى عن يونس عن ابن بكير عن أبي أمية
يوسف بن ثابت قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يضر مع الايمان عمل، ولا ينفع مع
الكفر عمل، ألا ترى أنه قال: " وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله
ورسوله وماتوا وهم كافرون ".
183 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن ثعلبة عن
أبي أمية يوسف بن ثابت بن أبي سعدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الايمان لا يضر معه عمل
وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل.
184 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لا يقومن أحدكم
في الصلاة متكاسلا ولا ناعسا، ولا ينكرن في نفسه فإنه بين يدي الله عز وجل، وانما
للعبد من صلاته ما اقبل عليه منها.
185 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي
ابن الحكم عن أبي المغرا عن زيد الشحام عن عمرو بن سعيد بن هلال عن أبي عبد الله
226

عليه السلام قال: قال أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والورع والاجتهاد واعلم أنه
لا ينفع اجتهاد لا ورع معه، وإياك أن تطمح نفسك (1) إلى من فوقك، وكفى بما
قال الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وآله: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
186 - في مجمع البيان أو مدخلا قيل أسرابا (2) في الأرض عن ابن عباس
وأبي جعفر عليه السلام.
187 - أبو سعيد الخدري قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم قسما - وقال ابن
عباس: كانت غنايم هوازن يوم حنين إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي وهو حرقوص
ابن زهير أصل الخوارج فقال: اعدل يا رسول الله. فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم
أعدل؟ فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: دعه فان
له أصحابا يحتقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصومهم مع صومه (3) يمرقون من
الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر في قذذه فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر في رصافه
فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شئ (4) وقد سبق الفرث والدم
صاحب رايتهم رجل اسود في أحدى قدميه (5) - أو قال في إحدى يديه - مثل ثدي
المرأة أو مثل البضعة تدردر (6) يخرجون على فترة من الناس - وفي حديث آخر
فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم - فنزلت: ومنهم من يلمزك الآية

(1) طمح بصره إلى فلان: ارتفع ونظره شديدا.
(2) أسراب جمع سرب - محركة -: حجر الوحش، الحفير تحت الأرض.
(3) وفي المصدر " وصيامه مع صيامهم ".
(4) مرق من الدين: خرج منه ببدعة أو ضلالة. والقذذ: ريش السهم. والنصل:
حديدته والرصاف، العقب الذي يلوى على مدخل النصل.
(5) وفي المصدر " ثدييه " مكان " قدميه ".
(6) البضعة، القطعة من اللحم. وتدردر اي تمزمز وترجرج تجئ وتذهب و
الأصل تتدردر فحذفت إحدى التائين تخفيفا، قاله في النهاية.
227

قال أبو سعيد الخدري: أشهد انى سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله. وأشهد ان
عليا عليه السلام حين قتلهم وانا معه جئ بالرجل على النعت الذي نعته رسول الله صلى الله عليه وآله. رواه
الثعلبي باسناده في تفسيره.
188 - في أصول الكافي علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن
عبد الحميد عن إسحاق بن غالب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كم ترى أهل هذه الآية:
ان أعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها إذا هم يسخطون قال: ثم قال: هم أكثر
من ثلثي الناس.
189 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان
عن صباح بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيما مؤمن أو
مسلم مات وترك دينا ولم يكن في فساد ولا اسراف فعلى الامام أن يقضيه فإن لم يقضيه
فعليه اثم ذلك ان الله تبارك وتعالى يقول: انما الصدقات للفقراء والمساكين
الآية فهو من الغارين وله سهم عند الامام فان حبسه فاثمه عليه.
190 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن
زرارة ومحمد بن مسلم انهما قالا لأبي عبد الله عليه السلام: أرأيت قول الله عز وجل: " انما
الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلبهم وفى الرقاب والغارمين
وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله " اكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف؟ فقال:
ان الامام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم يقرون له بالطاعة، قال: قلت: فان كانوا لا يعرفون؟
فقال: يا زرارة لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع، وانما
يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، فاما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك
الا من يعرف. فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس ثم قال: سهم
المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام (1) والباقي خاص، قال: قلت: فإن لم يوجدوا؟
قال: لا يكون فريضة فرضها الله عز وجل لا يوجد لها أهل قال: قلت: فإن لم تسعهم
الصدقات؟ فقال: ان الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم، ولو علم أن ذلك

(1) وفي بعض النسخ " عام عام ".
228

لا يسعهم لزادهم انهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله، ولكن أوتوا (1) من منع من منعهم حقهم
لا مما فرض الله لهم ولو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عايشين بخير.
191 - علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن عبد الله بن يحيى
عن عبد الله مسكان عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله عز وجل: " انما
الصدقات للفقراء والمساكين " قال: الفقير الذي لا يسأل الناس، والمسكين أجهد منه،
والبائس أجهدهم، فكل ما فرض الله عز وجل عليك فاعلانه أفضل من اسراره، وكل ما كان
تطوعا فاسراره أفضل من اعلانه، ولو أن رجلا حمل زكاة ماله فقسمها علانية كان
ذلك حسنا جميلا.
192 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة عن
عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال: كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام بمكة إذ دخل عليه
أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد إلى أن قال: قال: عليه السلام لعمرو بن عبيد: ما تقول
في الصدقة؟ فقرأ عليه الآية: " انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها "
إلى آخر الآية، قال نعم فكيف تقسمها؟ قال: أقسمها على ثمانية أجزاء، فاعطي
كل جزء من الثمانية جزءا قال: وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلا
واحدا أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد ما جعلت للعشرة آلاف؟ قال نعم، قال: و
تجتمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي وتجعلهم فيها سواء؟ قال: نعم قال: فقد خالفت
رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ما قلت في سيرته، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا الوافي وغيره " أتوا " بدون الواو قال الفيض
(ره): قوله: " أتوا " على المجهول من الاتيان بمعنى المجئ يعنى ان الفقراء لم يصابوا بالفقر
والمسكنة من قلة قدر الفريضة المقدرة لهم في أموال الأغنياء، وانما يصابون بالفقر والذلة، و
يدخل عليهم ذلك في جملة ما دخل عليهم من البلاء من منع الأغنياء عنهم الفريضة المقدرة لهم
في أموالهم " انتهى " وقال بعض المحشين: " أتوا " من أتى يأتي اتيانا، أتى عليه الدهر: أهلكه
لا من آتاه بمعنى أعطاه، قال: والمعنى انهم لم يهلكوا بالآجال الحتمية من الله بل انما هلكوا
بسبب منع من منعهم حقهم.
229

في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسمه بينهم بالسوية وانما يقسمه
على قدر ما يحضره منهم وما يرى، وليس في ذلك شئ موقت موظف، وانما يصنع ذلك بما
يرى على قدر ما يحضره منهم فإن كان في نفسك مما قلت شئ فالق فقهاء أهل البصرة فإنهم
لا يختلفون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله كذا كان يصنع.
193 - في مجمع البيان قيل: إن الفقير هو المتعفف الذي لا يسأل، والمسكين
الذي يسأل عن ابن عباس والحسن والزهري ومجاهد ذهبوا إلى أن المسكين مشتق
من المسكنة بالمسألة وروى ذلك عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
194 - وقيل: إن الفقير الذي يسأل والمسكين الذي لا يسأل، وجاء في الحديث ما
يدل على ذلك فقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ليس المسكين الذي ترده الأكلة والاكلتان
والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى فيغنيه، ولا يسأل الناس شيئا
ولا يفطن به فيتصدق عليه.
195 - في تفسير علي بن إبراهيم وبين الصادق عليه السلام من هم؟ فقال: الفقراء هم
الذين لا يسألون وعليهم مؤنات من عيالهم والدليل على أنهم هم الذين لا يسألون قول الله
عز وجل في سورة البقرة: " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا
في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس الحافا "
والمساكين هم أهل الزمانة من العميان والعرجان (1) والمجذومين وجميع أصناف
الزمني الرجال والنساء والصبيان " والعاملين عليها " السعاة والجباة في أخذها
وجمعها وحفظها حتى يؤدوها إلى من يقسمها " والمؤلفة قلوبهم " قوم وحدوا الله ولم
تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم و
يعلمهم كيما يعرفوا، فجعل الله عز وجل لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا
196 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: المؤلفة قلوبهم أبو
سفيان بن حرب بن أمية، وسهيل بن عمرو وهو من بني عامر بن لوي، وهمام بن عمرو وأخوه و

(1) جمع الأعرج.
230

صفوان بن أمية بن خلف القرشي ثم الجمحي والأقرع بن حابس التميمي، ثم أحد بن
حازم (1) وعيينة بن حصين الفزاري، ومالك بن عوف وعلقمة بن علاثة بلغنا ان
رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعطي الرجل منهم مأة من الإبل ورعاتها وأكثر من ذلك وأقل.
197 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن
الحكم عن موسى بن بكر وعلي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل
جميعا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المؤلفة قلوبهم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة
من دون الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله يتألفهم ويعرفهم لكي ما يعرفوا ويعلمهم.
198 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " والمؤلفة " قال: هم قوم وحدوا الله عز وجل وخلعوا
عبادة من يعبد من دون الله، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله و
هم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله، فامر الله عز وجل نبيه أن يتألفهم
بالمال والعطاء لكي يحسن اسلامهم ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به ان رسول
الله صلى الله عليه وآله يوم حنين تألف رؤوساء العرب من قريش وساير مضر، منهم أبو سفيان بن
حرب وعيينة بن حصين الفزاري وأشباههم من الناس، فغضبت الأنصار واجتمعت إلى
سعد بن عبادة فانطلق بهم إلى رسول الله بالجعرانة (2) فقال: يا رسول الله
أتأذن لي في الكلام؟ فقال: نعم فقال: إن كان هذا الامر من هذه الأموال التي
قسمت بين قومك شيئا أنزله الله رضينا، وإن كان غير ذلك لم ترض قال زرارة وسمعت

(1) كذا في النسخ وفي المصدر " ثم عمر أحد بني حازم " وفي البرهان " والأقرع بن حابس
التميمي أحد بني حازم " والكل لا تخلو عن السقط أو التصحيف والظاهر هكذا: " الأقرع بن حابس
التميمي أحد بني دارم ".
(2) في القاموس: الجعرانة: موضع بين طائف ومكة، وفي المصباح: على سبعة أميال
من مكة. " انتهى " وهي أحد حدود الحرم وميقات سميت للاحرام، باسم ريطة بنت سعد وكانت
تلقب بالجعرانة وهي التي أشار إليها قوله تعالى " كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ".
231

أبا جعفر عليه السلام يقول فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر الأنصار اكلكم على قول سيدكم
سعد؟ فقالوا: سيدنا الله ورسوله، ثم قالوا في الثالثة: نحن على مثل قوله ورأيه فقال
زرارة فسمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: فحط الله نورهم وفرض للمؤلفة قلوبهم سهما
في القرآن.
199 - علي عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:
المؤلفة قلوبهم لم يكونوا قط أكثر منهم اليوم.
200 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن حسان عن موسى بن بكر عن
رجل قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ما كانت المؤلفة قلوبهم قط أكثر منهم اليوم وهم قوم
وحدوا الله وخرجوا من الشرك ولم تدخل معرفة محمد صلى الله عليه وآله قلوبهم وما جاء به،
فتألفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وتألفهم المؤمنون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
لكيما يعرفوا.
201 - في تفسير علي بن إبراهيم قال بعد ان قال: وبين الصادق عليه السلام من هم إلى آخر
رواية أبي الجارود أعني قوله وأكثر من ذلك وأقل رجع إلى تفسير علي بن إبراهيم (ره)
" وفي الرقاب " قوم قد لزمهم كفارات في قتل الخطأ وفي الظهار وقتل الصيد في
الحرم وفي الايمان، وليس عندهم ما يكفرون وهم مؤمنون، فجعل الله عز وجل لهم
سهما في الصدقات ليكفر عنهم.
202 - في كتاب من لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه السلام عن مكاتب عجز عن
مكاتبته وقد أدى بعضها؟ قال: يؤدي عنه من مال الصدقة، ان الله عز وجل يقول في
كتابه: " وفي الرقاب ".
203 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن
موسى بن بكر قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: من طلب هذا الرزق من حله ليعود به
على نفسه وعياله كان كالمجاهد في سبيل الله. فان غلب عليه فليستدن على الله و
على رسوله صلى الله عليه وآله ما يقوت به عياله، فان مات ولم يقضه كان على الامام قضائه فإن لم يقضه
كان عليه وزره، ان الله عز وجل يقول: " انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين
232

عليها " إلى قوله: " والغارمين " فهو فقير مسكين مغرم.
204 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سليمان عن رجل
من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد قال: سأل الرضا عليه السلام رجل وانا اسمع فقال له:
جعلت فداك ان الله تبارك وتعالى يقول: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة " أخبرني
عن هذه النظرة التي ذكرها الله في كتابه لها حد يعرف إذا صار هذا المعسر لابد له من أن
ينظر وقد أخذ مال هذا الرجل وانفقه على عياله، وليس له غلة ينتظر ادراكها،
ولا دين ينتظر محله، ولا مال غايب ينتظر قدومه؟ قال: ينتظر بقدر ما ينتهي خبره
إلى الامام فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين، إذا كان أنفقه في طاعة لله فإن كان
أنفقه في معصية الله فلا شئ له على الامام، قلت: فمال هذا الرجل الذي ائتمنه وهو لا
يعلم فيما أنفقه في طاعة الله أم في معصيته؟ قال: يسعى له في ماله فيرده وهو صاغر.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قد نقلت في أول بيان هذه الآية عن
أصول الكافي حديثا فيه ذكر الغارمين.
205 - في تفسير علي بن إبراهيم قال متصلا بآخر ما نقلناه عنه عند قوله " وفي
الرقاب ": [أعني] ليكفر عنهم " والغارمين " قوم قد وقعت عليهم ديون انفقوها في طاعة
الله عز وجل من غير اسراف، فيجب على الامام ان يقضي ذلك عنهم ويفكهم من مال
الصدقات. " وفي سبيل الله " قوم يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما ينفقون، أو قوم
من المسلمين ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل الخير فعلى الامام ان يعطيهم
من مال الصدقات حتى ينفقونه على الحج والجهاد.
206 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى الحسين بن عمر قال: قلت لأبي -
عبد الله عليه السلام: ان رجلا أوصى إلي في السبيل؟ قال اصرفه في الحج قال قلت: انه أوصى
إلي في السبيل؟ قال اصرفه في الحج فاني لا اعرف سبيلا من سبله أفضل من الحج.
207 حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن أحمد
ابن يحيى بن عمران الأشعري عن محمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن راشد قال:
سألت أبا الحسن العسكري عليه السلام بالمدينة عن رجل أوصى بمال في سبيل الله؟ قال:
233

سبيل الله شيعتنا.
208 - في تفسير علي بن إبراهيم قال - متصلا بقوله على الحج والجهاد وابن
السبيل " أبناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعة الله فيقطع عليهم ويذهب
مالهم، فعلى الامام ان يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات، والصدقات: تتجزى
ثمانية اجزاء، فيعطي كل انسان من هذه الثمانية على قدر ما يحتاجون إليه بلا اسراف
ولا تقتير (1) مفوض ذلك إلى الامام يعمل بما فيه الصلاح.
209 - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السلام كلام طويل في الفرق بين العترة
والأمة يقول فيه عليه السلام في شأن ذي القربى فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم قاله عليه السلام
بعد ان ذكر قوله عز وجل: " واعلموا انما غنمتم " الآية ثم قال عليه السلام: وكذلك ما رضيه
منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى كما أجراهم في الغنيمة، فبدأ بنفسه جل جلاله
ثم برسوله ثم بهم وقرن سهمهم بسهمه وسهم رسوله، وكذلك في الطاعة قال: " يا
أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم " فبدأ بنفسه ثم برسوله
ثم بأهل بيته، وكذلك آية الولاية: " انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " فجعل
ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته، كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا
بسهمه في الغنيمة والفئ فتبارك الله وتعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت، فلما
جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته فقال: " انما الصدقات للفقراء
والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله
وابن السبيل فريضة من الله " فهل تجد في شئ من ذلك أنه عز وجل سمى لنفسه أو لرسوله
أو لذي القربى؟ لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله نزه أهل بيته، لا بل حرم
عليهم لان الصدقة محرمة على محمد وآله، وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم لأنهم طهروا
من كل دنس ووسخ، فلما طهرهم واصطفاهم رضى لهم ما رضى لنفسه، وكره لهم
ما كره لنفسه.
210 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: لا تحل الصدقة لبني

(1) التقتير: التضييق على العيال في النفقة.
234

هاشم الا في وجهين ان كانوا عطاشا فأصابوا ماء فشربوا، وصدقة بعضهم على بعض.
211 - في من لا يحضره الفقيه: وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل
عن رجل يوصي بسهم من ماله؟ فقال: السهم واحد من ثمانية لقول الله عز وجل:
" انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب
والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ".
212 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد
ابن عيسى عن صفوان بن يحيى قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل أوصى بسهم من
ماله ولا ندري السهم أي شئ هو؟ فقال: ليس عندكم فيما بلغكم عن جعفر وأبي
جعفر عليهما السلام فيها شئ؟ قلت له: جعلت فداك ما سمعنا أصحابنا يذكرون شيئا في هذا
عن آبائك عليهم السلام قال: السهم واحد من ثمانية، فقلت: جعلت فداك كيف صار
واحدا من ثمانية؟ فقال: ما تقرأ كتاب الله عز وجل؟ فقلت: جعلت فداك اني لاقرأه
ولكن لا أدري أين موضعه فقال: قول الله عز وجل: " انما الصدقات للفقراء والمساكين
والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل "
ثم عقد بيده ثمانية، قال: وكذلك قسمها رسول الله صلى الله عليه وآله على ثمانية أسهم والسهم
واحد من ثمانية.
213 - في تهذيب الأحكام محمد بن يعقوب عن أحمد بن إدريس عن محمد
ابن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان بن يحيى عن
عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله
فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله تعالى
للعاملين عليها فنحن أولى به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب ان الصدقة
لا تحل لي ولا لكم، ولكني قد وعدت الشفاعة، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: اشهد لقد وعدها
فما ظنكم يا بني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة باب الجنة أتروني مؤثرا عليكم غيركم؟
214 - سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن عن محمد بن عبد الحميد عن المفضل
ابن صالح عن أبي أسامة زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الصدقة التي
235

حرمت عليهم؟ فقال: هي الزكاة المفروضة، ولم يحرم علينا صدقة بعضنا على بعض
215 - محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد عن الحسين عن النضر
عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تحل الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم
من بني هاشم.
216 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " باسناده إلى محمد بن
علي الباقر (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه وقد ذكر عليا عليه السلام وما
أوصى الله فيه: وذكر المنافقين والآثمين والمستهزئين بالاسلام وكثرة اذاهم لي حتى
سموني اذنا، وزعموا اني كذلك لكثرة ملازمته إياي واقبالي عليه حتى انزل الله
عز وجل في ذلك: ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن على الذين
يزعمون أنه اذن خير لكم الآية، ولو شئت ان اسمي بأسمائهم لسميت وان أومى إليهم
بأعيانهم لأومأت، وان أدل عليهم لدللت، ولكني والله في أمورهم قد تكرمت.
217 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون
هو اذن " فإنه كان سبب نزولها ان عبد الله بن نفيل كان منافقا، وكان يقعد إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فيسمع كلامه وينقله إلى المنافقين وينم عليه، فنزل جبرئيل عليه السلام
على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ان رجلا ينم عليك وينقل حديثك إلى
المنافقين، فقال رسول الله: من هو؟ فقال: الرجل الأسود الكثير شعر الرأس ينظر
بعينين كأنهما قدران، وينطق بلسان الشيطان، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره فحلف
انه لم يفعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قد قبلت ذلك منك فلا تقعد، فرجع إلى أصحابه
فقال: ان محمدا اذن اخبره الله اني انما عليه وانقل اخباره فقبل، وأخبرته اني لم
افعل ذلك فقبل، فأنزل الله على نبيه: " ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو
اذن قل اذن خير لكم يؤمن بالله " اي يصدق الله فيما يقول له ويصدقك فيما تعتذر إليه
في الظاهر ولا يصدقك في الباطن، وقوله عز وجل: " ويؤمن للمؤمنين " يعني المقرين
بالايمان من غير اعتقاد.
218 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن حماد بن
236

عيسى عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام لابنه إسماعيل: يا
بني ان الله عز وجل يقول في كتابه: يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين يقول: يصدق الله
ويصدق للمؤمنين، فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم.
219 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان
عن حماد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اني أردت ان استبضع بضاعة إلى اليمن
فأتيت أبا جعفر عليه السلام فقلت له: اني أريد ان استبضع فلانا فقال لي: اما علمت أنه يشرب
الخمر؟ فقلت: قد بلغني من المؤمنين انهم يقولون ذلك، فقال لي: صدقهم فان الله
عز وجل يقول: " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " (1).
220 في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام مثل الحديث الأخير وزاد فيه فقال:
يعني يصدق الله ويصدق المؤمنين، لأنه كان رؤوفا رحيما بالمؤمنين.
221 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة
تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا ان الله مخرج ما تحذرون قال: كان قوم من
المنافقين لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى تبوك يتحدثون فيما بينهم ويقولون: أيرى محمد
ان حرب الروم مثل حرب غيرهم لا يرجع منهم أحد ابدا، فقال بعضهم: ما اخلفه ان يخبر الله
محمدا بما كنا فيه وبما في قلوبنا وينزل عليه بهذا قرآنا يقرأه الناس، وقالوا هذا
على حد الاستهزاء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمار بن ياسر: الحق القوم فإنهم قد احترقوا،
فلحقهم عمار فقال: ما قلتم؟ قالوا: ما قلنا شيئا انما كنا نقول شيئا على حد اللعب والمزاح
فأنزل الله: ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسله
كنتم تستهزؤون.
222 - في مجمع البيان " يحذر المنافقون ان تنزل " الآيات " " النزول " قيل: نزلت في

(1) وفي هذه الرواية انه خالف أباه واستبضعه فضيعها إلى غير ذلك مما لا يناسب شأن
الإمام عليه السلام ولذلك قال الفيض (ره) في الوافي وقد مر في معنى هذا الخبر حديث آخر
الا انه نسب هناك هذا الاستبضاع إلى إسماعيل بن جعفر والنهى عنه إلى أبيه وكأنه الأصح لتنزه
الإمام عليه السلام عن مخالفة أبيه.
237

اثنى عشر رجلا وقفوا على العقبة ليقتلوا رسول الله صلى الله عليه وآله عند رجوعه من تبوك، فأخبر
جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك فأمره ان يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم
فضربها حتى نحاهم، فلما نزل قال لحذيفة: من عرفت من القوم؟ فقال: لم أعرف
منهم أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انه فلان بن فلان حتى عددهم (1) فقال حذيفة
ألا تبعث إليهم فنقتلهم؟ فقال: أكره أن تقول العرب لما ظفر بأصحابه اقبل يقتلهم عن
ابن كيسان وروى عن أبي جعفر عليه السلام مثله، الا أنه قال: ائتمروا بينهم ليقتلوه،
وقال بعضهم لبعض: ان فطن نقول: " انما كنا نخوض ونلعب " وان لم يفطن نقتله.
223 - في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما
أنزل الله من السماء كتابا الا وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم، وانما كان يعرف انقضاء
السورة بنزول بسم الله الرحمان الرحيم ابتداء للأخرى.
224 - عن جابر الجعفي قال أبو جعفر عليه السلام: نزلت هذه الآية: " ولئن سألتهم ليقولن
انما كنا نخوض ونلعب " إلى قوله " نعذب طائفة " قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام تفسير هذه
الآية؟ قال: تفسيرها والله ما نزلت آية قط الا ولها تفسير، ثم قال: نعم نزلت في
عدد بني أمية والعشرة معها (2) انهم اجتمعوا اثنى عشر فكمنوا لرسول الله صلى الله عليه وآله ليقتل
(3) فأنزل الله هذه الآية: " ولئن سئلتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب " قال الله لنبيه
" قل أبالله وآياته ورسوله " يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم " كنتم تستهزؤن * لا تعتذروا قد
كفرتم بعد ايمانكم ان نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ".
225 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: " لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم " قال: هؤلاء قوم كانوا مؤمنين صادقين،

(1) وفي المصدر " حتى عدهم كلهم ".
(2) وفي المصدر " نزلت في التيمي والعدوي والعشرة معهما " والموجود هنا موافق
لبعض نسخ المصدر أيضا كما حكى في ذيله.
(3) وفي المصدر " فكمنوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وائتمروا بينهم ليقتلوه فقال بعضهم
لبعض: ان فطن نقول: انما كنا نخوض ونلعب وان لم يفطن لنقتلنه فأنزل الله.. اه ".
238

ارتابوا وشكوا ونافقوا بعد ايمانهم، وكانوا أربعة نفر، وقوله: " ان نعف عن طائفة
منكم " كان أحد الأربعة مخشي بن الحمير (1) فاعترف وتاب وقال: يا رسول الله
أهلكني اسمي فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله بن عبد الرحمان، فقال: يا رب اجعلني شهيدا
حيث لا يعلم أحد أين أنا، فقتل يوم اليمامة ولم يعلم أين قتل، فهو الذي عفى الله عنه.
226 - في مجمع البيان " ان نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة " ويروى ان هاتين
الطائفتين كانوا ثلاثة نفر، فهزأ اثنان وضحك واحد، وهو الذي تاب من نفاقه واسمه
مخشى بن حمير فعفى الله عنه.
227 - في عيون الأخبار باسناده إلى عبد العزيز بن مسلم قال: سألت الرضا عليه السلام
عن قول الله تعالى: نسوا الله فنسيهم فقال: ان الله لا يسهو ولا ينسى، وانما ينسى و
يسهو المخلوق والمحدث، الا تسمعه عز وجل يقول: " وما كان ربك نسيا " وانما
يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم. كما قال تعالى: " ولا تكونوا كالذين
نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون " وقال عز وجل: " فاليوم ننسيهم كما
نسوا لقاء يومهم هذا " اي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا. وفي
كتاب التوحيد مثله سواء.
228 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول
فيه عليه السلام: وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من آيات الكتاب: اما قوله: " نسوا الله
فنسيهم " انما يعني نسوا الله في دار الدنيا لم يعملوا بطاعته فنسيهم في الآخرة، اي لم
يجعل لهم في ثوابه شيئا، فصاروا منسيين من الخير، وقد يقول العرب في باب النسيان
قد نسينا فلان فلا يذكرنا، اي انه لم يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به.
229 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام " نسوا الله " قال:

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر ولما سيأتي من رواية الطبرسي (ره) في المجمع
لكن في الأصل " مختبر " بدل " مخشى " ومع ذلك فقد اختلف التراجم في اسم الرجل ففي بعضها
" مخشن " بالنون وفي آخر " مخشى " كما في الكتاب. راجع أسد الغابة ج 4: 338 والإصابة
ج 3: 382. وسيرة ابن هشام ج 2: 524 وغيرها.
239

تركوا طاعة الله " فنسيهم " قال: فتركهم.
230 - عن أبي معمر السعدي قال: قال علي عليه السلام في قول الله: " نسوا الله
فنسيهم " فإنما يعنى انهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا بالطاعة ولم يؤمنوا به و
برسوله فنسيهم في الآخرة اي لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا، فصاروا منسيين من الخير
231 - في الكافي علي بن إبراهيم عن علي بن الحسين عن علي بن أبي
حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: والمؤتفكات أتتهم رسلهم
بالبينات قال: أولئك قوم لوط ايتفكت عليهم انقلبت عليهم.
232 - في من لا يحضره الفقيه روى جويرية بن مسهر أنه قال: اقبلنا مع
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا في ارض بابل
حضرت صلاة العصر فنزل أمير المؤمنين ونزل الناس، فقال علي عليه السلام: أيها الناس
ان هذه الأرض ملعونة قد عذبت في الدهر ثلث مرات، وفي خبر آخر: مرتين، وهي
تتوقع الثالثة وهي إحدى المؤتفكات والحديثان طويلان أخذنا منهما
موضع الحاجة.
233 - في تفسير العياشي عن صفوان الجمال قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام
بأبي أنت وأمي تأتيني المرأة المسلمة قد عرفتني بعملي وعرفتها باسلامها وحبها
إياكم وولايتها لكم وليس لها محرم قال: فإذا جائتك المرأة المسلمة فاحملها، فان
المؤمن محرم المؤمنة وتلا هذه الآية والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض.
234 - عن يونس (1) عن علي بن الحسين عليهما السلام قال إذا صار أهل الجنة في
الجنة ودخل ولي الله جناته ومساكنه، واتكى كل مؤمن منهم على أريكته حفته خدامه
وتهدلت عليه الثمار (2) وتفجرت حوله العيون وجرت من تحته الأنهار، وبسطت له
الزرابي، وصففت له النمارق (3) وأتنه الخدام بما شاءت شهوته من قبل ان يسألهم

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر " ثوير " يدل " يونس " ويحتمل التصحيف.
(2) تهدلت الثمرة: تدلت اي تعلقت واسترسلت.
(3) الزرابي - بتشديد الياء - جمع الزريبة: البساط ذو الخمل وحكى عن المؤرج *
240

ذلك، قال: ويخرج عليهم الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله، ثم إن
الجبار يشرف عليهم فيقول: أوليائي وأهل طاعتي وسكان جنتي في جواري! الا هل
أنبئكم بخير مما أنتم فيه؟ فيقولون: ربنا وأي شئ خير مما نحن فيه نحن فيما اشتهت أنفسنا
ولذت أعيننا من النعم في جوار الكريم، قال: فيعود عليهم بالقول، فيقولون: ربنا
نعم يا ربنا رضاك عنا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لأنفسنا، ثم قرأ علي بن الحسين عليهما السلام
هذه الآية: وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار
خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو
الفوز العظيم.
235 - في كتاب الخصال في احتجاج علي عليه السلام على الناس يوم الشورى قال:
نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره ان يحيى حيوتي ويموت
مماتي ويسكن جنتي التي وعدني الله ربي جنات عدن قضيب غرسه الله بيده ثم قال له كن
فيكون فليوال علي بن أبي طالب وذريته من بعده إلى قوله: غيري؟ قالوا: اللهم لا.
236 - في مجمع البيان روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: عدن دار الله التي لم ترها عين
ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة: النبيين والصديقين والشهداء، يقول الله:
طوبى لمن دخلك.
237 - وروى في قراءة أهل البيت (ع) " جاهد الكفار بالمنافقين " قالوا لان
النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يقاتل المنافقين، ولكن كان يتألفهم، ولان المنافقين
لا يظهرون الكفر وعلم الله بكفرهم لا يبيح قتلهم إذا كانوا يظهرون الايمان.
238 - وفيه في سورة التحريم وروى عن أبي عبد الله عليه السلام انه قرأ
" جاهد الكفار بالمنافقين " قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله، لم يقاتل منافقا قط، انما
كان يتألفهم.

* أنه قال: في قوله تعالى: " وزرابي مبثوثة " قال: زرابي النبت: إذا اصفر واحمر وفيه خضرة
وقد ازرب، فلما رأوا الألوان في البسط والفرش شبهوها بزرابي النبت. والنمارق: الوسائد
واحدتها النمرقة بكسر النون وفتحها.
241

239 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين و
أغلظ عليهم " قال: انما نزلت: " يا أيها النبي جاهد الكفار بالمنافقين وأغلظ عليهم "
لان النبي صلى الله عليه وآله لم يجاهد المنافقين بالسيف.
240 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " جاهد
الكفار والمنافقين " بالزام الفرائض.
241 - وفيه في سورة التحريم أخبرني الحسين بن محمد عن معلى بن محمد
عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن سليمان الكاتب عن بعض أصحابه عن
أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين " قال: هكذا نزلت،
فجاهد رسول الله صلى الله عليه وآله الكفار، وجاهد علي عليه السلام المنافقين، فجهاد علي عليه السلام جهاد
رسول الله صلى الله عليه وآله.
242 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى ابن عباس قال: لما نزلت " يا
النبي جاهد الكفار والمنافقين " قال النبي صلى الله عليه وآله: لأجاهدن العمالقة يعني الكفار،
وأتاه جبرئيل عليه السلام قال: أنت أو علي عليه السلام.
243 - في مجمع البيان: يحلفون بالله ما قالوا الآية قيل: نزلت في
أهل العقبة، فإنهم أضمروا (1) أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وآله في عقبة عند مرجعهم من تبوك
وأرادوا أن يقطعوا أنساع راحلته (2) ثم يبطشوا به فاطلعه الله على ذلك، وكان من جملة
معجزاته لأنه لا يمكن معرفة ذلك الا بوحي من الله، فبادر رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة وحده
وعمار وحذيفة أحدهما يقود ناقته والاخر يسوقها، وامر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي، و
كان الذين هموا بقتله اثنى عشر رجلا أو خمسة عشر رجلا على الخلاف فيهم، عرفهم رسول
الله صلى الله عليه وآله وسماهم بأسمائهم واحدا واحدا عن الزجاج والواقدي والكلبي والقصة مشروحة
في كتاب الواقدي، وقال الباقر عليه السلام: كانوا ثمانية أربعة منهم من قريش وأربعة من العرب
244 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " يحلفون بالله ما قالوا ولقد

(1) وفي المصدر " ائتمروا " بدل " اضمروا ".
(2) الأنساع جمع النسع - بكسر النون -: حبل طويل تشد به الرحال.
242

قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم " قال: نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة ان
لا يردوا هذا الامر في بني هاشم فهي كلمة الكفر، ثم قعدوا لرسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة و
هموا بقتله وهو قوله: وهموا بما لم ينالوا ".
245 - وفيه قوله: " يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم " قال:
إذا كان يوم القيمة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أعمالهم، فيحلفون
له انهم لم يعملوا منها شيئا، كما حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا حين حلفوا أن يردوا
الولاية من بني هاشم وحين هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة، فلما اطلع الله نبيه
وأخبره حلفوا له انهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به، حتى أنزل الله على رسوله: " يحلفون
بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا
الا ان أغناهم الله ورسوله من فضله فان يتوبوا يك خيرا لهم " قال: إذا عرض الله عز وجل
ذلك عليهم في القيمة ينكرونه ويحلفون له كما حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله، وهو قوله:
" يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ".
246 - في تفسير العياشي عن جابر بن أرقم عن أخيه زيد بن أرقم قال: لما
أقام النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام، بغدير خم وبلغ فيه عن الله عز وجل ما بلغ ثم نزل انصرفنا
إلى رحالنا، وكان إلى جانب خبائي خباء نفر (1) من قريش وهم ثلاثة ومعي حذيفة
اليمان فسمعنا أحد الثلاثة وهو يقول: والله ان محمدا لأحمق إن كان يرى أن الامر يستقيم
لعلي من بعده، وقال الآخرون: أتجعله أحمق ألم تعلم أنه مجنون قد كاد انه يصرع عند
امرأة ابن أبي كبشة؟ (2) وقال الثالث: دعوه ان شاء أن يكون أحمق وان شاء أن يكون
مجنونا، والله ما يكون ما يقول ابدا، فغضب حذيفة من مقالتهم فرفع جانب
الخباء فأدخل رأسه إليهم، وقال: فعلتموها ورسول الله بين أظهركم ووحي الله ينزل
إليكم؟ والله لأخبرنه بكرة مقالتكم، فقالوا له: يا أبا عبد الله وانك لهيهنا وقد سمعت ما

(1) الخباء: الخيمة من شعر أو غيره.
(2) كان المشركون ينسبون النبي صلى الله عليه وآله إلى أبي كبشة، وكان أبو كبشة رجلا
من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان فلما خالفهم النبي صلى الله عليه وآله في عبادة الأوثان شبهوه
به وقيل: هو نسبة إلى جد النبي لامه.
243

قلنا؟ اكتم علينا فان لكل جوار أمانة، فقال لهم: ما هذا من جوار الأمانة ولا مجالسها،
ما نصحت الله ورسوله ان انا طويت عنه هذا الحديث، فقالوا له: يا أبا عبد الله فاصنع ما
شئت فوالله لنحلفن انا لم نقل وانك قد كذبت علينا افتراه يصدقك ويكذبنا ونحن ثلاثة
فقال لهم: اما انا فلا أبالي إذا أديت النصيحة إلى الله والى رسوله فقولوا ما شئتم ان
تقولوا، ثم مضى حتى اتى رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام إلى جانب محتب بحمايل سيفه (1)
فأخبره بمقالة القوم، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله فأتوه فقال لهم: ماذا قلتم؟ فقالوا:
والله ما قلنا شيئا فان كنت أبلغت عنا شيئا فمكذوب علينا. فهبط جبرئيل عليه السلام بهذه الآية:
" يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم " وقال علي عليه السلام عند
ذلك: ليقولوا ما شاؤوا والله ان قلبي بين أضلاعي وان سيفي لفي عنقي، ولان هموا لأهمن
فقال جبرئيل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وآله: أخبر الامر الذي هو كائن، فأخبر
النبي صلى الله عليه وآله عليا بما أخبر به جبرئيل عليه السلام، فقال: إذا اصبر للمقادير.
247 - عن جعفر بن محمد الخزاعي عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
لما قال النبي صلى الله عليه وآله ما قال في غدير خم وصار بالأخبية، مر المقداد بجماعة منهم [وهم
يقولون: والله ان كنا وقيصر لكنا في الخز والوشي (2) والديباج والنساجات، وانا
معه في الأخشنين نأكل الخشن ونلبس الخشن حتى] (3) إذا دنا موته وفنيت أيامه
وحضر اجله أراد ان يولينا عليا من بعده، اما والله ليعلمن، قال: فمضى المقداد
وأخبر النبي صلى الله عليه وآله به فقال: الصلاة جامعة قال: فقالوا: قد رمانا
المقداد فقوموا نحلف عليه: قال: فجاؤوا حتى جثو بين يديه (4) فقالوا: بآبائنا و

(1) احتبى احتباءا: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند إذ لم يكن للعرب
في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها.
(2) الوشى: نقش الثوب ويكون من كل لون ونوع من الثياب الموشية تسمية بالمصدر
يقال: " هو يلبس الوشى ".
(3) ما بين العلامتين انما هو في المصدر دون النسخ.
(4) اي جلسوا واجتمعوا.
244

أمهاتنا يا رسول الله والذي بعثك بالحق والذي كرمك بالنبوة ما قلنا ما بلغك والذي
اصطفاك على البشر، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله: " بسم الله الرحمن الرحيم يحلفون بالله
ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم وهموا " بك يا محمد ليلة العقبة
" وما نقموا الا أن أغناهم الله من فضله " كان أحدهم يبيع الرؤس والآخر يبيع الكراع
ويفتل القرامل (1) فأغناهم الله برسوله ثم جعلوا أحدهم عليه (2) قال أبان بن
تغلب: لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم غدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي
مولاه، فهم رجلان من قريش رؤسهما (3) والله لا نسلم له ما قال ابدا، فأخبر النبي
صلى الله عليه وآله فسئلهما عما قالا فكذبا وحلفا بالله ما قالا شيئا، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله
صلى الله عليه وآله: " يحلفون بالله ما قالوا " الآية قال أبو عبد الله عليه السلام لقد توليا وماتا.
248 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر البخلاء وسماهم منافقين وكاذبين،
فقال: ومنهم من عاهد الله إلى قوله: يكذبون وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر
عليه السلام قال: هو ثعلبة بن خاطب بن عمرو بن عوف كان محتاجا فعاهد الله عز وجل، فلما
آتاه الله بخل به.
249 - في مجمع البيان " ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله " الآيات قيل: نزلت
في ثعلبة بن خاطب وكان من الأنصار قال للنبي صلى الله عليه وآله: ادع الله أن يرزقني مالا،
فقال: يا ثعلبه قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، أما لك في رسول الله أسوة
حسنة، والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معي ذهبا وفضه لسارت، ثم أتاه
بعد ذلك فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا والذي بعثك بالحق لئن رزقني

(1) الكراع من الدابة: مستدق الساق. وقيل: الكراع من الدواب ما دون الكعب
ومن الانسان: ما دون الركبة. والقرامل: ما تشد المرأة في شعرها من الخيوط. وفي نسخة
" ويقتل القوامل " بدل " ويقتل القرامل ".
(2) كذا في النسخ لكن في المصدر والمنقول عنه في البرهان " ثم جعلوا حدهم وحديدهم
عليه " وهو الظاهر.
(3) وفي نسخة " أحدهما " بدل " رؤسهما ". و " قال " مكان: " فهم ".
245

مالا لأعطين كل ذي حق حقه، فقال: اللهم ارزق ثعلبة مالا، قال: فاتخذ غنما فنمت
كما ينمى الدود فضاقت عليه المدينة، فتنحى منها فنزل واديا من أوديتها ثم كثرت
حتى تباعد عن المدينة، فاشتغل بذلك عن الجمعة والجماعة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله
المصدق ليأخذ الصدقة فأبى وبخل، وقال ما هذه الا أخت الجزية، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة فأنزل الله عز وجل الآيات، عن أبي أمامة الكاهلي
وروى ذلك مرفوعا.
قال عز من قائل: فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما
وعدوه وبما كانوا يكذبون.
250 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه وقد
سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: وذكره المؤمنين " الذين يظنون أنهم ملاقوا
ربهم " وقوله لغيرهم: " إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه " إلى أن قال عليه السلام:
فاللقاء هيهنا ليس بالرؤية واللقاء هو البعث. فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه
فإنه يعني بذلك البعث.
251 - في كتاب الخصال عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أربع من كن
فيه فهو منافق، فإن كانت فيه واحدة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها،
من إذا حدث كذب، وإذا وعد اخلف وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر.
252 - في مجمع البيان وقد صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: للمنافق ثلث
علامات: إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا أتمن خان.
253 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين
في الصدقات والذين لا يجدون الا جهدهم فيسخرون منهم فجاء سالم بن عمير
الأنصاري بصاع من تمر فقال: يا رسول الله كنت ليلتي اجر الجرير (1) حتى عملت بصاعين
من تمر فاما أحدهما فأمسكته واما الآخر فأقرضته ربي فأمر رسول الله ان ينثره في

(1) قال الجزري في النهاية: وفي الحديث: ان رجلا كان يجر الجرير فأصاب صاعين
من ثمر فتصدق بأحدهما، يريد انه كان يستقى الماء بالحبل.
246

الصدقات، فسخر منه المنافقون وقالوا: والله ان [كان] الله تعالى لغنى عن هذا الصاع
ما يصنع الله بصاعه شيئا، ولكن أبا عقيل (1) أراد ان يذكر نفسه ليعطي من الصدقات
فقال الله: سخر الله منهم ولهم عذاب اليم.
254 - في مجمع البيان: " والذين لا يجدون الا جهدهم " وروى عن النبي صلى الله عليه وآله انه
سئل فقيل: يا رسول الله اي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل (2).
255 - في عيون الأخبار باسناده إلى الحسن بن علي بن فضال عن الرضا عليه السلام
أنه قال في كلام طويل: ان الله تعالى لا يسخر ولا يستهزء ولا يمكر ولا يخادع، ولكنه
تعالى يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة، تعالى عما
يقول الظالمون علوا كبيرا.
256 - في تفسير العياشي عن أبي الجارود عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: الذين
يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات قال: ذهب علي أمير المؤمنين عليه السلام فآجر
نفسه على أن يستقى كل دلو بتمرة فأتى به النبي (3) وعبد الرحمان بن عوف على
الباب، فلمزه اي وقع فيه فأنزلت هذه الآية: " الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين
في الصدقات " إلى قوله: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن
يغفر الله لهم [فاستغفر لهم مأة مرة] (4)
257 - عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال إن الله تعالى قال
لمحمد صلى الله عليه وآله: " ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " فاستغفر لهم مأة مرة

(1) الظاهر من الكلام ان أبا عقيل كنية سالم بن عمير المذكور في صدر الحديث
لكن في الإصابة وكذا أسد الغابة: ذكر أبا عقيل صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون ثم قال: إنه
مختلف في اسمه ولم يذكر فيما عده من الأسماء سالم بن عمير والله أعلم.
(2) اي قدر ما يحتمله حال القليل المال قاله الجزري في النهاية.
(3) وفي المصدر " كل دلو بتمرة يختارها، فجمع تمرا فأتى به النبي.. اه ".
(4) ما بين المعقفتين في نسخة الأصل فقط دون ساير النسخ وغير موجود في المصدر أيضا
والظاهر أنه من زيادة النساخ.
247

ليغفر لهم فأنزل الله: " سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم " و
قال: " لا تصل على أحد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره " فلم يستغفر لهم بعد ذلك،
ولم يقم على قبر واحد منهم (1).
258 - في مجمع البيان: " ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " الوجه في
تعليق الاستثناء بسبعين مرة المبالغة لا العدد المخصوص، ويجري ذلك مجرى قول القائل،
لو قلت لي الف مرة ما قبلت، والمراد اني لا اقبل منك فكذا الآية المراد فيها نفي
الغفران جملة، وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: والله لأزيدن على السبعين فإنه
خبر واحد، لا يعول عليه، ولأنه يتضمن ان النبي صلى الله عليه وآله يستغفر للكفار وذلك غير
جايز بالاجماع، وقد روى أنه قال: لو علمت أنه لو زدت على السبعين مرة غفر
لهم لفعلت.
259 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم
ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " قال علي بن إبراهيم: انها نزلت لما رجع
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة ومرض عبد الله بن أبي (2) وكان ابنه عبد الله بن عبد الله
مؤمنا، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وأبوه يجود بنفسه، فقال: يا رسول الله بأبي أنت
وأمي انك ان لم تأت أبي كان ذلك عارا علينا، فدخل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله والمنافقون
عنده، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله: يا رسول الله استغفر له، فاستغفر له فقال عمر:
ألم ينهك الله يا رسول الله ان تصلي عليهم أو تستغفر لهم؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله
فأعاد عليه، فقال له: ويلك اني خيرت فاخترت، ان الله يقول: " استغفر لهم أو لا
تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " فلما مات عبد الله جاء ابنه

(1) في معنى هذا الحديث أقوال ذكرناها في ذيل العياشي راجع ج 2: 101 ان شئت.
(2) عبد الله أبي بن أبي سلول هو رئيس منافقي المدينة، وهو الذي قال: " ليخرجن الأعز
منها الأذل " ونزلت سورة المنافقين في ذلك، وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وآله حين
ورد المدينة: يا هذا اذهب إلى الذين غروك وخدعوك ولا تغشنا في دارنا فسلط الله على دورهم الذر
فخرب ديارهم وقصة كيده لقتل رسول الله صلى الله عليه وآله ورده عليه مشهورة.
248

إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ان رأيت أن
تحضر جنازته؟ فحضر رسول الله صلى الله عليه وآله وقام على قبره، فقال له عمر:
يا رسول الله ألم ينهك الله ان تصلي على أحد منهم ابدا وان تقم على قبره؟ فقال له رسول الله
صلى الله عليه وآله: ويلك وهل تدري ما قلت؟ انما قلت: اللهم احش قبره نارا
وجوفه نارا واصله النار، فبدا من رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يكن يحب.
260 - وفيه في قصة غزوة تبوك ولقى رسول الله صلى الله عليه وآله الحر بن قيس (1)
فقال له: يا أبا وهب الا تنفر معنا في هذه الغزاة لعلك ان تحتفد من بنات الأصفر فقال:
يا رسول الله والله ان قومي ليعلمون انه ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء مني، و
أخاف ان خرجت معك ان لا اصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتني، وائذن لي ان أقيم،
وقال لجماعة من قومه. لا تخرجوا في الحر فقال ابنه: ترد على رسول الله صلى الله
عليه وآله وتقول ما تقول؟ ثم تقول لقومك: لا تنفروا في الحر، والله لينزلن الله
تعالى في هذا قرآنا يقرأه الناس إلى يوم القيمة، فأنزل الله تبارك وتعالى على
رسوله صلى الله عليه وآله في ذلك: " ومنهم من يقول ائذن لي " إلى قوله: ونزل أيضا
في الحر بن قيس في رواية علي بن إبراهيم لما قال لقومه: لا تخرجوا في الحر:
فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا ان يجاهدوا بأموالهم و
أنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون.
إلى قوله تعالى: وماتوا وهم فاسقون. ففضح الله تعالى الحر بن قيس وأصحابه.
261 - في مجمع البيان: فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا وروى انس بن
مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا و
لبكيتم كثيرا.
262 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن
مهاجر عن أمه أم سلمة قالت: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على

(1) كذا في النسخ لكن المضبوط في كتب السير والتواريخ كسيرة ابن هشام وغيرها " جد
بن قيس " بالجيم والدال. وقد مر أيضا.
249

ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الأنبياء، ثم كبر ودعا للمؤمنين، ثم كبر الرابعة
ودعا للميت ثم كبر وانصرف، فلما نهاه الله عز وجل عن الصلاة على المنافقين كبر و
تشهد ثم كبر وصلى على النبيين صلى الله عليهم، ثم كبر ودعا للمؤمنين، ثم كبر الرابعة
وانصرف ولم يدع للميت.
263 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان وهشام بن سالم عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم خمسا وعلى قوم آخرين
أربعا، وإذا كبر على رجل أربعا اتهم يعني بالنفاق
264 - في تفسير العياشي عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن
النبي صلى الله عليه وآله قال لابن عبد الله بن أبي: إذا فرغت من أبيك فأعلمني، وقد كان توفى
فأتاه فأعلمه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله نعليه للقيام فقال له عمر: أليس قد قال الله:
" ولا تصل على أحد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره "؟ فقال له: ويحك - أو ويلك - انما
أقول: اللهم املاء قبره نارا واملاء جوفه نارا واصله يوم القيمة نارا.
265 - عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام توفى رجل من المنافقين
فأرسل إلى ابنه ان: إذا أردتم ان تخرجوا فأعلموني فلما حضر امره أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وآله
فأقبل عليه السلام نحوهم حتى اخذ بيد ابنه في الجنازة فمضى، قال: فتصدى له عمر ثم
قال: يا رسول الله اما نهاك ربك عن هذا ان تصلي على أحد منهم مات ابدا ولا تقم على
قبره، فلم يجبه النبي صلى الله عليه وآله، قال: فلما كان قبل ان ينتهوا به إلى القبر قال عمر أيضا
لرسول الله صلى الله عليه وآله: اما نهاك الله عن أن تصلي على أحد منهم مات ابدا أو تقوم
على قبره؟ " ذلك بأنهم كفروا بالله وبرسوله وماتوا وهم كافرون " فقال النبي
صلى الله عليه وآله لعمر عند ذلك: ما رأيتنا صلينا له على جنازة ولا قمنا له على قبر،
ثم قال: إن ابنه رجل من المؤمنين وكان يحق علينا أداء حقه، وقال له عمر: أعوذ بالله
من سخط الله وسخطك يا رسول الله! (1).
266 - في مجمع البيان روى أنه صلى الله عليه وآله صلى على عبد الله بن أبي

(1) وللفيض (ره) بان في هذا الحديث راجع تفسير الصافي ج 1: 720.
250

والبسه قميصه قبل ان ينهي عن الصلاة على المنافقين عن ابن عباس وجابر وقتل، و
قيل: إنه أراد ان يصلي عليه فاخذ جبرئيل بثوبه وتلي عليه: " ولا تصل على أحد منهم "
الآية وقيل: إنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: لم وجهت بقميصك إليه يكفن
فيه وهو كافر؟ فقال: ان قميصي لن يغني عنه من الله شيئا، واني أؤمل من الله ان
يدخل بهذا السبب في الاسلام خلق كثير، فروى أنه أسلم الف من الخزرج لما رأوه
يطلب الاستشفاء بثوب رسول الله صلى الله عليه وآله، ذكره الزجاج، قال: والأكثر
في الرواية انه لم يصل عليه.
267 - في عوالي اللئالي وروى أن النبي صلى الله عليه وآله صلى على عبد الله
ابن أبي فقال له عمر: أتصلي على عدو الله وقد نهاك الله ان تصلي على المنافقين؟
فقال له: وما يدريك ما قلت له؟ فاني قلت: اللهم احش قبره نارا وسلط عليه الحيات
والعقارب.
قال مؤلف هذا الكتاب: قد سبق عن علي بن إبراهيم عند قوله تعالى: " استغفر
لهم أو لا تستغفر لهم " بيان لهذه الآية.
268 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: رضوا
بان يكونوا مع الخوالف فقال: النساء (1) انهم قالوا: " ان بيوتنا عورة " وكان
بيوتهم في أطراف البيوت حيث ينفرد الناس، فأكذبهم الله قال: " وما هي بعورة ان
يريدون الا فرارا " وهي رفيعة السمك حصينة (2).
269 - في تفسير علي بن إبراهيم في قصة غزوة تبوك وجاء البكاؤن إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله وهم سبعة من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير وقد شهد بدرا لا اختلاف
فيه، ومن بني واقف هرمي بن عمير (3) ومن بني حارثة علبة بن زيد وهو الذي

(1) وفي المصدر بعد قوله: النساء هكذا " عن عبد الله الحلبي قال: سئلته عن قوله:
" رضوا بأن يكونوا مع الخوالف " فقال: النساء، انهم قالوا. اه ".
(2) السمك: السقف.
(3) وفي السيرة " هرمي بن عبد الله ".
251

تصدق بعرضه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بالصدقة، فجعل الناس يأتون بها فجاء علبة فقال
يا رسول الله والله ما عندي ما أتصدق به وقد جعلت عرضي حلا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله:
قد قبل الله تعالى صدقتك ومن بني مازن بن نجار أبو ليلى عبد الرحمان بن كعب، ومن بني
سلمة عمرو بن غنيمة ومن بني زريق سلمة بن صخر ومن بني العزما ضرة بن سارية
السلمي (1) هؤلاء جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يبكون فقالوا: يا رسول الله ليس
بنا قوة أن نخرج معك، فأنزل الله عز وجل فيهم: ليس على الضعفاء ولا على
المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله
ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على الذين إذا ما اتوك لتحملهم قلت
لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا الا يجدوا ما ينفقون
قال وانما سال هؤلاء البكاؤن نعلا يلبسونها، ثم قال جل ذكره: انما السبيل على
الذين يستأذنوك وهم أغنياء رضوا بان يكونوا مع الخوالف والمستأذنون
ثمانون رجلا من قبائل شتى والخوالف النساء.
270 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد
عن علي بن الحكم عن ابان الأحمر عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال: وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق، ولم تجد أحدا
الا والله عليه الحجة ولله فيه المشية، ولا أقول إنهم ما شاؤوا صنعوا ثم قال: إن الله يهدي
ويضل، وقال: وما أمروا الا بدون سعتهم، وكل شئ أمر الناس فهم يسعون له وكل
شئ لا يسعون له فهو موضوع عنهم ولكن الناس لا خير فيهم ثم تلا عليه السلام " ليس على
الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج " فوضع عنهم " ما
على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم * ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم " فوضع
عنهم لأنهم لا يجدون.
271 - في من لا يحضره الفقيه قال الصادق عليه السلام: شفاعتنا لأهل الكباير
من شيعتنا، فاما التائبون فان الله عز وجل يقول: " ما على المحسنين من سبيل ".

(1) في تسمية بعض البكائين خلاف فليراجع السير والتواريخ.
252

272 - في كتاب الخصال عن تميم الداري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من يضمن
لي خمسا اضمن له الجنة قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: النصيحة لله عز وجل و
النصيحة لرسوله، والنصيحة لكتاب الله والنصيحة لدين الله، والنصيحة لجماعة المسلمين.
273 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن حرب قال: لما اقبل الناس مع
أمير المؤمنين من صفين أقبلنا معه حتى إذا جزنا النخيلة ورأينا أبيات الكوفة، إذا
شيخ جالس في ظل بيت على وجهه اثر المرض، فأقبل إليه أمير المؤمنين عليه السلام ونحن
معه حتى سلم عليه وسلمنا معه فرد بنا حسنا قال له أمير المؤمنين عليه السلام: فهل شهدت معنا
غزاتنا هذه؟ فقال: لا لقد أردتها ولكن ما ترى في من طب الحمى (1) خذلتني عنها.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: " ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون "
إلى آخر الآية والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
274 - عن عبد الرحمان بن كثير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا عبد الرحمان شيعتنا
والله لا يتختم البيوت (2) والخطايا، هم صفو الله الذين اختارهم لدينه. وهو قول الله:
" ما على المحسنين من سبيل ".
275 عن الحلبي وزرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله
عليهما السلام حديث طويل وفي آخره: ولا على الذين إذا ما اتوك لتحملهم
الآية قال عبد الله بن يزيد بن ورقاء الخزاعي (3) أحدهم.
276 - في مجمع البيان: فان ترضوا عنهم فان الله لا يرضى عن القوم الفاسقين
جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه
وارضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط

(1) الطب: العادة. الشأن. وفي بعض النسخ " طلب " مكان " طب "
(2) كذا في النسخ وفي المصدر " الذنوب " مكان " البيوت ".
(3) كذا في النسخ لكن الصحيح " بديل " بدل " يزيد " ويمكن التصحيف أيضا وهو عبد الله
بن بديل بن ورقاء الخزاعي من التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم وهو من أجلاء أصحاب
أمير المؤمنين عليه السلام وقتل بصفين وكان أمير الرجالة رضوان الله تعالى عليه.
253

عليه الناس.
قال عز من قائل: الاعراب أشد كفرا ونفاقا الآية.
277 - في أصول الكافي علي بن محمد بن عبد الرحمان عن أحمد بن محمد
ابن خالد عن عثمان بن عيسى عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه في الدين فهو اعرابي (1) ان الله يقول في كتابه:
" ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ".
278 - الحسين بن محمد عن جعفر بن محمد عن القاسم بن الربيع عن المفضل
ابن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالتفقه في دين الله، ولا تكونوا
اعرابا فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيمة ولم يزك له عملا.
279 - في روضة الكافي سهل عن يحيى بن المبارك عن عبد الرحمان بن جبلة
عن إسحاق بن عمار أو غيره قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: نحن بنو هاشم وشيعتنا العرب،
وساير الناس الاعراب.
280 - في تفسير العياشي عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن قوله: ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات
عند الله أيثيبهم عليه؟ قال: نعم.
281 - وفي رواية أخرى عنه: يثابون عليه؟ قال: نعم.
282 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ان للايمان
درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال: نعم قلت: صف لي رحمك الله
حتى افهمه، قال: إن الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان (2) ثم
فضلهم على درجاتهم في السبق إليه: فجعل كل امرء منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من

(1) الاعرابي منسوب إلى الاعراب ولا واحد له نص عليه الجوهري والمراد الذين يسكنون
البادية ولا يتعلمون الأحكام الشرعية.
(2) الرهان: المسابقة على الخيل.
254

حقه، ولا يتقدم مسبوق سابقا، ولا مفضول فاضلا، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها و
لو لم يكن للسابق إلى الايمان فضل على المسبوق إذا للحق أواخر هذه الأمة أولها
نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الايمان الفضل على من ابطأ عنه ولكن بدرجات
الايمان قدم الله السابقين وبالابطاء عن الايمان أخر الله المقصرين لأنا نجد من
المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين وأكثرهم صلاة وصوما وحجا
وزكاة وجهادا وانفاقا ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله
لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين ولكن أبى الله عز وجل ان يدرك
آخر درجات الايمان أولها ويقدم فيها من آخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله قلت:
أخبرني عما ندب الله عز وجل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الايمان؟ فقال: قول الله
عز وجل: والسابقون الأولون من المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم باحسان
رضي الله عنهم ورضوا عنه فبدأ بالمهاجرين الأولين والأنصار على درجة سبقهم، ثم ثنى
بالأنصار، ثم ثلث بالتابعين لهم باحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم
عنده، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
283 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في
المسجد أيام خلافة عثمان: فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت: " والسابقون الأولون
من المهاجرون والأنصار والسابقون السابقون أولئك المقربون " سئل عنها رسول الله
صلى الله عليه وآله؟ فقال: أنزلها الله تعالى في الأنبياء وأوصيائهم، فانا أفضل أنبياء الله ورسله و
علي بن أبي طالب أفضل الأوصياء؟ قالوا: اللهم نعم.
284 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر السابقين فقال: " والسابقون الأولون
من المهاجرون والأنصار " وهم النقباء أبو ذر والمقداد وسلمان وعمار ومن آمن وصدق
وثبت على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.
285 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أبي
المقدام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: خرجت انا وأبي حتى إذا كنا بين القبر
255

والمنبر إذا هو بأناس من الشيعة فسلم عليهم ثم قال: اني والله لأحب رياحكم و
أرواحكم فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد، واعلموا ان ولايتنا لا تنال الا بالورع
والاجتهاد، ومن ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله، وأنتم
السابقون الأولون والسابقون الآخرون السابقون في الدنيا والسابقون في الآخرة
إلى الجنة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
286 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: لا يقع اسم الهجرة على أحد الا بمعرفة
الحجة في الأرض، فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر.
287 - في مجمع البيان واختلف في أول من أسلم من المهاجرين فقيل: ان
أول من أسلم خديجة بنت خويلد ثم علي بن أبي طالب وهو قول ابن عباس وجابر بن
عبد الله وأنس وزيد بن أرقم ومجاهد وقتادة وابن اسحق وغيرهم، قال أنس: بعث النبي
صلى الله عليه وآله يوم الاثنين وصلى علي وأسلم يوم الثلاثاء وقال مجاهد وابن اسحق: انه أسلم و
هو ابن عشر سنين وكان مع رسول الله صلى الله عليه وآله اخذه من أبي طالب وضمه إلى نفسه يربيه
في حجره، وكان معه حتى بعث نبيا وروى أن أبا طالب قال لعلي عليه السلام اي بني ما
هذا الدين؟ ما هذا الذي أنت عليه؟ قال: يا أبه آمنت بالله وبرسوله وصدقته فيما جاء
به وصليت معه لله، فقال له: الا ان محمدا لا يدعو الا إلى خير فالزمه.
288 - وروى عبد الله بن موسى عن العلا بن صالح عن المنهال بن عمرو عن عباد بن
عبد الله قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: انا عبد الله وأخو رسوله، وانا الصديق الأكبر
لا يقولها بعدي الا كذاب مفتر، صليت قبل الناس بسبع سنين.
289 - وفي مسند السيد أبي طالب الهروي مرفوعا إلى أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
صلت الملائكة علي وعلى علي عليه السلام سبع سنين وذلك أنه لم يصل فيها أحد غيري وغيره.
290 - وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده مرفوعا إلى عبد الرحمان بن
عوف في قوله سبحانه: " والسابقون الأولون " قال: هم عشرة من قريش أولهم اسلاما
علي بن أبي طالب عليه السلام.
291 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط
256

عن سليم مولى طربال قال: حدثني هشام عن حمزة بن الطيار قال: قال لي أبو عبد الله
عليه السلام: الناس على ستة أصناف، قال: قلت: تأذن ان اكتبها؟ قال: نعم، قلت: ما
اكتب؟ قال: اكتب وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا
قال: من هؤلاء؟ قال وحشي منهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
292 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن حسان عن موسى بكر عن رجل
قال قال أبو جعفر عليه السلام: " الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " فأولئك قوم
مؤمنون يحدثون في ايمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون ويكرهونها، فأولئك
عس الله ان يتوب عليهم.
293 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وقال الحسن عليه السلام لحبيب بن
مسلمة الفهري: رب مسير لك في غير طاعة قال: اما مسيري إلى أبيك فلا، قال: بلى و
لكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك
فلو كنت إذا فعلت شرا قلت خيرا كنت كما قال الله عز وجل: " خلطوا عملا صالحا و
آخر سيئا " ولكنك كما قال: " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ".
294 - في تفسير العياشي عن محمد بن خالد بن الحجاج الكرخي عن بعض
أصحابه رفعه إلى خيثمة قال قال أبو جعفر عليه السلام في قول الله: " خلطوا عملا صالحا و
آخر سيئا " (1) قال: قوم اجترحوا ذنوبا (2) مثل قتل حمزة وجعفر الطيار ثم تابوا ثم
قال: ومن قتل مؤمنا لم يوفق للتوبة الا ان الله لا يقطع طمع العباد فيه ورجاهم منه
وقال هو [أ] وغيره ان عسى من الله واجب.
295 - عن أبي بكر الحضرمي قال: قال محمد بن سعيد: سل أبا عبد الله عليه السلام: فاعرض
عليه كلامي وقل له: اني أتولاكم وابرأ من عدوكم وأقول بالقدر وقولي فيه قولك؟

(1) وفي المصدر بعد قوله تعالى: وآخر سيئا هكذا: " عسى الله أن يتوب عليهم
وعسى من الله واجب وانما نزلت في شيعتنا المذنبين (المؤمنين خ ل) عن أحمد بن محمد بن أبي نصر
رفعه إلى الشيخ في قوله عملا تعالى: خلطوا صالحا وآخر سيئا، قال قوم. اه ".
(2) اجترح: اكتسب.
257

قال: فعرضت كلامه على أبي عبد الله عليه السلام فحرك يده ثم قال: " خلطوا عملا صالحا
وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم " قال: ما اعرفه من موالي أمير المؤمنين.
296 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام عن قول الله: " وآخرون اعترفوا
بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " قال: أولئك قوم مذنبون يحدثون في
ايمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون ويكرهها، " فأولئك عسى الله ان
يتوب عليهم ".
297 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: من وافقنا من علوي أو غيره
توليناه ومن خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره؟ قال: يا زرارة قول الله أصدق من
قولك، أين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا.
298 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم
خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم " نزلت في أبي
لبابة بن عبد المنذر وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لما حاصر بني قريضة قالوا له: ابعث إلينا أبا لبابة
نستشيره في أمرنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ايت حلفاءك ومواليك فأتاهم فقالوا له:
يا أبا لبابة ما ترى أننزل على ما حكم محمد؟ فقال: أنزلوا واعلموا ان حكمه
فيكم هو الذبح وأشار إلى حلقه، ثم ندم على ذلك فقال: خنت الله ورسوله، ونزل
من حصنهم ولم يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، ومر إلى المسجد وشد في عنقه حبلا ثم شده
إلى الأسطوانة التي تسمى أسطوانة التوبة، وقال: لا أحله حتى أموت أو يتوب الله
علي، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك فقال: اما لو أتانا لاستغفرنا له الله، فاما إذا قصد
إلى ربه فالله أولى به، وكان أبو لبابة يصوم النهار ويأكل بالليل ما يمسك به نفسه،
فكانت بنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة، فلما كان بعد ذلك ورسول الله صلى الله عليه وآله
في بيت أم سلمة نزلت توبته، فقال: يا أم سلمة قد تاب الله على أبي لبابة، فقالت:
يا رسول الله أفأؤذنه بذلك؟ فقال: لتفعلن، فأخرجت رأسها من الحجرة فقالت:
يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك، فقال: الحمد لله فوثب المسلمون ليحلوه، فقال:
لا والله حتى يحلني رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء رسول الله فقال: يا أبا لبابة قد تاب الله
258

عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك فقال: يا رسول الله أفأتصدق بمالي كله؟
قال: لا، قال: فبثلثيه؟ قال: لا قال فبنصفه؟ قال: لا، قال فبثلثه؟ قال:
نعم، فأنزل الله: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى
الله أن يتوب عليهم ان الله غفور رحيم * خذ من أموالهم صدقة إلى قوله: ان الله هو يقبل
التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم ".
299 - في مجمع البيان روى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام انها نزلت في أبي لبابة
ولم يذكر معه غيره، وسبب نزولها فيه ما جرى في بني قريضة حين قال: إن نزلتم
على حكمه فهو الذبح.
300 - في عوالي اللئالي وروى أن الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك لما
نزل في حقهم: " وعلى الثلاثة الذين خلفوا " الآية وتاب الله عليهم قالوا: خذ من أموالنا
صدقة يا رسول الله وتصدق بها وطهرنا من الذنوب، فقال عليه السلام: ما أمرت ان آخذ من
أموالكم شيئا، فنزل: " خذ من أموالهم صدقة " فأخذ منهم الزكاة المقررة شرعا.
301 - في تهذيب الأحكام محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد وعبد الله
ابن محمد عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر عليه السلام وقرأت انا كتابه إليه في
طريق مكة قال: الذي أوجبت في سنتي هذه، وهذه سنة عشرين ومأتين فقط، لمعنى
من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفا من الانتشار وسأفسر لك بعضه انشاء الله، ان
موالي - اسأل الله صلاحهم أو بعضهم - قصروا فيما يجب عليهم، فعلمت ذلك فأحببت ان
أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس، قال الله تعالى: " خذ من
أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم والله سميع عليم
* ألم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم *
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة
فينبئكم بما كنتم تعلمون " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
302 - في تفسير العياشي عن علي بن حسان الواسطي عن بعض أصحابه عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها "
259

جارية هي في الامام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم.
303 - عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له قوله: " خذ من أموالهم صدقة
تطهرهم وتزكيهم بها " أهو قوله: " وآتوا الزكاة "؟ قال قال: الصدقات في النبات
والحيوان، والزكاة في الذهب والفضة وزكاة الصوم.
304 - في أصول الكافي الحسين بن محمد بن عامر باسناده رفعه قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: من زعم أن الامام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، انما الناس
يحتاجون أن يقبل منهم الإمام قال الله عز وجل: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها "
305 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اني لاخذ من أحدكم الدرهم، واني لأكثر أهل المدينة
مالا أريد بذلك الا ان تطهروا.
306 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا
عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما نزلت آية الزكاة:
" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " وأنزلت في شهر رمضان، فأمر رسول
الله صلى الله عليه وآله مناديه في الناس: ان الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة
ففرض الله عز وجل عليهم من الذهب والفضة، وفرض عليهم الصدقة من الإبل والبقر
والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب، فنادى بهم بذلك في شهر رمضان وعفى
لهم عما سوى ذلك، قال: ثم لم يعرض بشئ من أموالهم حتى حال عليهم الحول من
قابل، فصاموا وأفطروا فأمر مناديه فنادى في المسلمين: أيها المسلمون زكوا
أموالكم تقبل صلاتكم، قال: ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق (1).
307 - في مجمع البيان: " وصل عليهم " وروى عن النبي صلى الله واله انه كان إذا أتاه قوم
بصدقتهم قال: اللهم صلى عليهم، قال عبد الله بن أبي أوفى وكان من أصحاب الشجرة
فأتاه أبي بصدقته، فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى أورده البخاري ومسلم في الصحيح.
308 - في كتاب الخصال عن حفص بن غياث النخعي قال: قال أبو عبد الله

(1) الطسق - كفلس -: الوظيفة من اخراج الأرض المقررة عليها فارسي معرب.
260

عليه السلام: لا خير في الدنيا الا لاحد رجلين رجل يزداد في كل يوم احسانا، ورجل
يتدارك ذنبه بالتوبة، وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه
الا بولايتنا أهل البيت.
309 - عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: وإذا ناولتم السائل شيئا فسلوه
أن يدعو لكم، فإنه يجاب له فيكم ولا يجاب في نفسه، لأنهم يكذبون وليرد الذي يناوله
يده إلى فيه فيقبلها، فان الله عز وجل يأخذها قبل أن تقع في يده كما قال عز وجل:
ألم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات.
310 - في كتاب التوحيد باسناده إلى سليمان بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام
حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: والقبض منه عز وجل في وجه آخر الاخذ، والاخذ
في وجه القبول منه كما قال: " ويأخذ الصدقات " اي يقبلها من أهلها ويثيب عليها.
311 - في كتاب ثواب الأعمال وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي بن أبي طالب
عليه السلام: تصدقت يوما بدينار فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما علمت يا علي ان الصدقة
لا تخرج من يده حتى تفك عنها من لحيى (1) سبعين شيطانا كلهم يأمره بأن لا يفعل
وما تقع في يد السائل حتى تقع في يد الرب جل جلاله، ثم تلا هذه الآية: " ألم يعلموا ان الله
هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم ".
312 - في تهذيب الأحكام محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد
ابن محمد بن خالد عن سعدان بن مسلم عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الله لم يخلق شيئا الا وله خازن يخزنه الا الصدقة، فان الرب يليها بنفسه وكان أبي
إذا تصدق بشئ وضعه في يد السائل ثم ارتده منه فقبله وشمه ثم رده في يد السائل،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
313 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنه من
صلوتي وصدقتي من يدي إلى يد السائل فإنها تقع في يد الرب.

(1) اللحيان " العظمان اللذان تنبت اللحية على بشرتهما ويلتقيان لملتقاها الذقن.
261

314 - عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: كان علي بن الحسين صلوات الله
عليهما إذا أعطى السائل قبل يد السائل فقيل له: لم تفعل ذلك؟ قال: لأنها تقع في
يد الله قبل يد العبد، وقال: ليس من شئ الا وكل به ملك الا الصدقة فإنها تقع في
يد الله، قال الفضل: أظنه يقبل الخبز والدرهم.
315 - عن مالك بن عطية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: علي بن الحسين صلوات الله عليه:
ضمنت على ربي ان الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرب، وهو قوله: " وهو
يقبل الصدقات ".
316 - عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: سئل عن الأعمال هل تعرض على
رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: ما فيه شك، قيل له: أرأيت قول الله: وقل اعملوا فسيرى
الله عملكم ورسوله والمؤمنون قال: الله شهد في أرضه (1)
317 - عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " اعملوا فسيرى الله
عملكم ورسوله والمؤمنون "؟ قال تريد ان يروون علي هو الذي في نفسك.
318 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ان أبا الخطاب كان يقول: إن رسول الله
صلى الله عليه وآله تعرض عليه اعمال أمته كل خميس، فقال أبو عبد الله عليه السلام: هو هكذا، ولكن
رسول الله صلى الله عليه وآله تعرض عليه أعمال أمته كل صباح ومساء ابرارها وفجارها فاحذروا،
وهو قول الله تبارك وتعالى: " فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " قال: تعرض على
رسول الله صلى الله عليه وآله أعمال أمته كل صباح ابرارها وفجارها فاحذروا.
319 - عن زرارة عن بريد العجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام في قول الله " اعملوا
فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " فقال: ما من مؤمن يموت ولا كافر يوضع
في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي فهلم إلى آخر من فرض الله
طاعته على العباد.
320 - وقال أبو عبد الله عليه السلام. والمؤمنون هم الأئمة.
321 - عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله

(1) وفي المصدر " قال: لله شهداء في أرضه ".
262

قال: إن لله شاهدا في ارضه وان اعمال العباد تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله.
322 - عن محمد بن حسان الكوفي عن محمد بن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه (ع)
قال: إذا كان يوم القيمة نصب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة، ويجئ علي
بن أبي طالب عليه السلام وبيده لواء الحمد، فيرتقيه ويذكره (1) ويعرض الخلايق عليه، فمن
عرفه دخل الجنة ومن أنكره دخل النار وتفسير ذلك في كتاب الله: " قل اعملوا فسيرى الله
عملكم ورسوله والمؤمنون ".
323 - في أمالي شيخ الطائفة " قدس سره " باسناده إلى عمر بن أذينة قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: جعلت فداك قوله عز وجل: " وقل اعملوا فسيرى
الله عملكم ورسوله والمؤمنون " قال: إيانا عنى.
324 - في أصول الكافي احمد عن عبد العظيم عن الحسين بن صباح عمن اخبره
قال: قرأ رجل عند أبي عبد الله عليه السلام: " قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "
فقال: ليس هكذا هي، انما هي " والمأمونون " فنحن المأمونون.
325 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن
محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تعرض الأعمال
على رسول الله صلى الله عليه وآله اعمال العباد كل صباح أبرارها وفجارها فاحذروها، وهو قول الله
عز وجل: " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله " وسكت.
326 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن
النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد الطائي عن يعقوب بن شعيب
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " اعملوا فسيرى الله عملكم و
رسوله والمؤمنون " قال: هم الأئمة.
327 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سمعته يقول: مالكم تسوؤن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال له رجل: كيف نسوئه
فقال: أما تعلمون ان أعمالكم تعرض عليه؟ فإذا رأى فيها معصية سائه ذلك فلا تسوؤا

(1) وفي المصدر " ويركبه ".
263

رسول الله صلى الله عليه وآله وسروه.
328 - علي عن أبيه عن القاسم بن محمد الزيات عن عبد الله بن ابان الزيات وكان
مكينا عند الرضا عليه السلام قال: قلت للرضا عليه السلام: ادع الله لي ولأهل بيتي، فقال: أولست
أفعل؟ والله ان أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة، قال: فاستعظمت ذلك
فقال: اما تقرء كتاب الله عز وجل: " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "
قال: هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام (1).
329 - أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن أبي عبد الله الصامت عن يحيى
بن مساور عن أبي جعفر عليه السلام انه ذكر هذه الآية " فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "
قال: هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام.
330 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء قال: سمعت الرضا
عليه السلام يقول: إن الأعمال تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله ابرارها وفجارها.
331 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن حنان بن سدير عن أبيه عن
أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مقامي بين أظهركم خير لكم، فان الله يقول
" وما كان ليعذبهم وأنت فيهم " ومفارقتي إياكم خير لكم، فقالوا: يا رسول الله
مقامك بين أظهرنا خير لنا فكيف يكون مفارقتك خير لنا؟ فقال: اما مفارقتي
إياكم خير لكم فلانه يعرض علي كل خميس واثنين أعمالكم، فما كان من حسنة
حمدت الله عليها، وما كان من سيئة استغفرت لكم.
332 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى أبي ذر رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا أبا ذر تعرض اعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى
الجمعة في يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن الا عبدا كانت بينه وبين
أخيه شحناء (2).
333 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن ابان عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن

(1) يعني عليا وأولاده الأئمة عليهم السلام قاله الفيض (ره) في الوافي
(2) الشحناء: البغض والعداوة.
264

يحيى عن حجر بن زايدة عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل
" الا المستضعفين " قال: هم أهل الولاية. قلت: وأي ولاية؟ قال: إنها ليست بولاية في
الدين، لكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة، وهم ليسوا بالمؤمنين
ولا بالكفار وهم المرجون لأمر الله.
334 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
عن فضالة بن أيوب عن عمر بن ابان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستضعفين؟
فقال: هم أهل الولاية فقلت: وأي ولاية؟ قال: اما انها ليست بالولاية في الدين، و
لكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار
ومنهم المرجون لأمر الله عز وجل.
335 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن
بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى: وآخرون مرجون لأمر الله
قال: قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم إنهم
دخلوا في الاسلام فوحدوا الله وتركوا الشرك ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم،
فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب
لهم النار فهم على تلك الحال إما يعذبهم واما يتوب عليهم.
336 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن يحيى بن عمران عن يونس
عن أبي الطيار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين
قتلوا حمزة، وذكر كما قلنا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام سواء.
337 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن حسان
عن موسى بن بكر الواسطي عن رجل قال: قال أبو جعفر عليه السلام: المرجون قوم
مشركون فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين، ثم إنهم بعد دخلوا
في الاسلام فوحدوا وتركوا الشرك ولم يكونوا يؤمنون فيكونوا من المؤمنين ولم
يؤمنوا فتجب لهم الجنة ولم يكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال مرجون لأمر الله.
338 - في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " و
265

آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " وبعد: " وآخرون مرجون
لأمر الله " قال: هم قوم من المشركين أصابوا دماء من المسلمين ثم أسلموا فهم
المرجون لأمر الله.
339 - عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
قالا: المرجون هم قوم قاتلوا يوم بدر واحد ويوم حنين وسلوا المشركون ثم أسلموا
بعد تأخره فاما يعذبهم واما يتوب عليهم.
340 - قال حمران: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستضعفين؟ قال: هم ليسوا
بالمؤمن ولا بالكافر وهم المرجون لأمر الله.
341 - وعن ابن الطيار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الناس على ست فرق يؤلون
إلى ثلث فرق: الايمان والكفر والضلال وهم أهل الوعد الذين وعدوا الجنة والنار،
وهم المؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون لأمر الله اما يعذبهم واما يتوب
عليهم، والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، وأهل الأعراف.
342 - عن الحارث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته بين الايمان والكفر منزلة؟
فقال: نعم ومنازل لو يجحد شيئا منها أكبه الله في النار، وبينهما آخرون مرجون
لأمر الله، وبينهما المستضعفون وبينهما آخرون خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وبينهما
قوله: وعلى الأعراف رجال.
343 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين
فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما، ثم دخلوا بعد في الاسلام فوحدوا الله وتركوا
الشرك، ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة، ولم
يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النار، فهم على تلك الحال إما يعذبهم و
إما يتوب عليهم، قال أبو عبد الله عليه السلام: يرى فيهم رأيه؟ قال: قلت: جعلت فداك
من أين يرزقون؟ قال: من حيث شاء الله وقال أبو إبراهيم عليه السلام: هؤلاء قوم يوقفهم
حتى يتبين فيهم رأيه.
344 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: والذين اتخذوا مسجدا ضرارا و
266

كفرا فلانه كان سبب نزولها انه جاء قوم من المنافقين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا
رسول الله أتأذن لنا فبنى مسجدا في بني سالم للعليل والليلة المطيرة (1) والشيخ الفاني
فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على الخروج إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله لو
أتيتنا فصليت فيه؟ فقال: انا على جناح الطير فإذا وافيت انشاء الله أتيته فصليت فيه،
فلما اقبل رسول الله صلى الله عليه وآله من تبوك نزلت هذه الآية في شأن المسجد وأبي عامر الراهب
وقد كانوا حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله انهم يبنون ذلك للصلاح والحسنى، فأنزل الله
عز وجل على رسوله: " والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين
المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل " يعني أبا عامر الراهب كان
يأتيهم فيذكر رسول الله صلى الله عليه وآله، وليحلفن ان أردنا الا الحسنى والله يشهد
انهم لكاذبون * لا تقم فيه ابدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم يعني مسجد قبا
أحب ان تقوم فيه، فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المتطهرين قال كانوا
يتطهرون بالماء.
345 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عيسى
عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المسجد الذي أسس على التقوى؟
قال: مسجد قبا.
346 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر
وأبي عبد الله عليهما السلام عن قوله: " لمسجد أسس على التقوى من أول يوم " قال:
مسجد قبا، واما قوله: " أحق ان تقوم فيه " قال: يعني من مسجد النفاق فسألته: هل
كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي في مسجد قبا؟ قال: منزله على سعد بن خيثمة الأنصاري،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
347 - في مجمع البيان " لمسجد أسس على التقوى " الآية وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
هو مسجدي هذا، " فيه رجال، يحبون ان يتطهروا " قيل يحبون ان يتطهروا بالماء من
الغايط والبول وهو المروى عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام.

(1) اي التي فيها مطر.
267

348 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأهل قبا: ماذا تفعلون في طهركم
فان الله عز وجل قد أحسن عليكم الثناء؟ قالوا: نغسل أثر الغائط، فقال: أنزل الله
فيكم: " والله يحب المتطهرين ".
349 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر
عليه السلام قال: مسجد الضرار الذي أسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم.
350 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام وكل عبادة مؤسسة على غير
التقوى فهي هباء منثور، قال الله عز وجل: أفمن أسس بنيانه على تقوى
من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم
الآية وتفسير التقوى ترك ما ليس بأخذه باس حذرا عما به بأس.
351 - في أمالي شيخ الطائفة باسناده إلى حبش بن المعتمر قال: دخلت على
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله كيف
أمسيت؟ قال أمسيت محبا لمحبنا مبغضا لمبغضنا و أمسي محبنا مغتبطا برحمة من الله كان منتظرها،
و أمسي عدونا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم.
352 - وباسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ليس عبد من عباد الله ممن
امتحن الله قلبه بالايمان الا وهو يجد مودتنا على قلبه فهو محبنا، وليس عبد من
عباد الله ممن سخط لله عليه الا وهو يجد بغضنا على قلبه فهو مبغضنا، فأصبح محبنا
ينتظر الرحمة وكان أبواب الرحمة قد فتحت له، وأصبح مبغضنا على شفا جرف
هار فانهار به في نار جهنم، فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم وهنيئا (1) لأهل النار مثواهم.
353 - وباسناده إلى صالح بن ميثم التمار رحمة الله عليه السلام، قال: وجدت
في كتاب ميثم رضي الله عنه يقول: تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
فقال لنا: ليس من عبد امتحن الله قلبه بالايمان الا أصبح يجد مودتنا على قلبه،
ولا أصبح عبد سخط الله عليه الا يجد بغضنا على قلبه فأصبحنا نفرح بحب المحب لنا

(1) لعله تصحيف " تعسا " كما في الحديث الآتي ويمكن أن يكون من باب قوله تعالى: فبشرهم
بعذاب اليم.
268

ونعرف بغض المبغض لنا، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم، و
أصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار
جهنم، وكان أبواب الرحمة قد فتحت لأهل أصحاب الرحمة فهنيئا لأصحاب الرحمة
رحمتهم وتعسا لأهل النار مثواهم.
354 - في تفسير علي بن إبراهيم قال علي بن إبراهيم: قوله
عز وجل: لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم الا ان تقطع قلوبهم
الا في موضع حتى يعني حتى يتقطع قلوبهم والله عليم حكيم فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله
مالك بن دخشم الخزاعي وعامر بن عدي أخا بني عمرو بن عوف على أن يهدموه
ويحرقوه فجاء مالك فقال لعامر: انتظرني حتى أخرج نارا من منزلي، فدخل و
جاء بنار واشتعل في سعف النخل (1) ثم اشتعله في المسجد وتفرقوا، فقعد زيد بن
حارثة حتى احترقت البنية ثم أمر بهدم حائطه.
355 - في مجمع البيان وقراءة يعقوب وسهل " إلى أن " على أنه حرف الجر
وهو قراءة الحسن ورواه البرقي عن أبي عبد الله عليه السلام وروى أنه ارسل عمار بن ياسر و
وحشيا فحرقاه أمر بان يتخذ كناسة يلقى فيها الزبل والجيف.
356 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن
محبوب عن بعض أصحابه قال: كتب أبو جعفر عليه السلام في رسالة إلى بعض خلفاء بني
أمية ومن ذلك من ضيع الجهاد الذي فضله الله تعالى على الأعمال وفضل عامله على
العمال تفضيلا في الدرجات والمغفرة والرحمة، لأنه ظهر به الدين وبه يدفع عن
الدين، وبه اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة بيعا مفلحا منجحا اشترط
عليهم فيه حفظ الحدود، وأول ذلك الدعاء إلى طاعة الله عز وجل من طاعة العباد و
إلى عبادة الله من عبادة العباد، والى ولاية الله من ولاية العباد، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة
357 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي

(1) السعف: جريد النخل.
269

عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: اخبرني عن الدعاء إلى الله
والجهاد في سبيل الله أهو لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم به الا من كان منهم أم
هو مباح لكل من وحد الله عز وجل وآمن برسوله صلى الله عليه وآله، ومن كان كذا فله أن
يدعو إلى الله عز وجل والى طاعته، وان يجاهد في سبيله؟ فقال: ذلك لقوم
لا يحل الا لهم ولا يقوم بذلك الا من كان منهم، قلت: من أولئك؟ قال: من قام بشرايط
الله تعالى في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله تعالى ومن
لم يكن قائما بشرايط الله في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد ولا
إلى الدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه ما اخذ الله عليه من شرايط الجهاد، قلت
فبين لي يرحمك الله قال: إن الله تبارك وتعالى أخبر في كتابه الدعاء إليه ووصف
الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا ويستدل ببعضها على بعض فأخبر
انه تبارك وتعالى أول من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتباع أمره إلى قوله: ثم
ذكر من اذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال: " ولتكن منكم أمة
يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون "
ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هي وانها من ذرية إبراهيم ومن ذرية إسماعيل من سكان
الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط، الذين وجبت لهم دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل
المسجد، الذين أخبر عنهم في كتابه انه أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا الذين
وصفناهم قبل هذا في صفة إبراهيم عليه السلام (1) الذين عناهم الله تبارك وتعالى
في قوله: " ادعوا إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني " يعني أول من اتبعه على الايمان
به والتصديق له وبما جاء به من عند الله عز وجل من الأمة التي بعث فيها ومنها واليها
قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط، ولم يلبس ايمانه بظلم وهو الشرك، ثم ذكر
اتباع نبيه صلى الله عليه وآله واتباع هذه الأمة التي وصفها في كتابه بالامر بالمعروف والنهي
عن المنكر، وجعلها داعية إليه، واذن له في الدعاء إليه فقال: " يا أيها النبي حسبك
الله ومن اتبعك من المؤمنين " ثم وصف اتباع نبيه صلى الله عليه وآله من المؤمنين فقال: " محمد

(1) وفي بعض النسخ " في صفة أمة محمد ".
270

رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون
فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التورية و
مثلهم في الإنجيل " وقال: " يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين
أيديهم وبايمانهم " يعني أولئك المؤمنين وقال: " قد أفلح المؤمنون " ثم حلاهم و
وصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم الا من كان منهم فقال فيما حلاهم به ووصفهم:
" الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون " إلى قوله: " أولئك
هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " وقال في صفتهم وحليتهم أيضا:
" الذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون
ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا " ثم أخبر
انه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم " أنفسهم وأموالهم بان
لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التورية والإنجيل
والقرآن " ثم ذكر وفاهم له بعهده ومبايعته فقال: " ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا
ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " فلما نزلت هذه الآية ان الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا نبي الله
أرأيتك الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل الا انه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو؟ فأنزل الله
عز وجل على رسوله: التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون
الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين
ففسر النبي صلى الله عليه وآله المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة و
الجنة، وقال: " التائبون " من الذنوب " العابدون " الذين لا يعبدون الا الله
ولا يشركون به شيئا " الحامدون " الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء
و " السائحون " الصائمون " الراكعون الساجدون " الذين يواظبون على الصلوات
الخمس الحافظون لها والمحافظون عليها بركوعها وسجودها والخشوع فيها وفي
أوقاتها " الآمرون بالمعروف " بعد ذلك والعاملون به " والناهون عن المنكر "
والمنتهون عنه، قال: فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشرائط بالشهادة والجنة والحديث
271

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
358 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لقى عباد البصري علي بن الحسين عليهما السلام في طريق مكة فقال له: يا
علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينته ان الله تعالى يقول: إن
الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله
فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التورية والإنجيل والقرآن ومن أوفى
بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم
فقال له علي بن الحسين صلوات الله عليهما: أتم الآية فقال: " التائبون
العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون
عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين " فقال علي بن الحسين عليهما السلام
إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج.
359 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبيه
الميمون عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام كان إذا أراد القتال قال هذه
الدعوات: اللهم انك أعلمت سبيلا من سبلك جعلت فيه رضاك وندبت إليه أوليائك و
جعلته أشرف سبلك عندك ثوابا وأكرمها لديك مآبا وأحبها إليك مسلكا ثم اشتريت
فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون
وعدا عليك حقا فاجعلني ممن اشترى فيه منك نفسه ثم وفى لك ببيعه الذي بايعك عليه غير
ناكث ولا ناقض عهدا ولا مبدلا تبديلا، والدعاء طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
360 - في نهج البلاغة قال عليه السلام ألا حر يدع هذه اللماظة لأهلها (1) انه ليس
لأنفسكم ثمن الا الجنة فلا تبيعوها الا بها.
361 - وفيه فلا أموال بذلتموها للذي رزقها ولا أنفس خاطرتم بها للذي

(1) هذا هو الصحيح الموافق لنسخ نهج البلاغة لكن في نسخ الكتاب " المماطلة " و
اللماظة - بفتح اللام -: ما تبقى في الفم من الطعام ولمظ الرجل: إذا تتبع بلسانه بقية الطعام
في فمه وأخرج لسانه فمسح به شفتيه وكذلك التلمظ.
272

خلقها (1)
362 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن
قول الله: " ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " الآية قال:
يعني في الميثاق: ثم قرأت عليه: " التائبون العابدون " فقال أبو جعفر: لا ولكن
اقرأها التائبين العابدين إلى آخر الآية، وقال: إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هؤلاء اشترى
منهم أنفسهم وأموالهم يعني في الرجعة.
363 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " ان الله اشترى من المؤمنين
أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة " قال: نزلت في الأئمة صلوات الله عليهم
364 - حدثني أبي عن بعض رجاله قال: لقى الزهري علي بن الحسين عليهما السلام
في طريق الحج فقال له: يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج و
لينته ان الله تبارك وتعالى يقول: " ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم
الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التورية والإنجيل والقرآن
ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " فقال له
علي بن الحسين عليهما السلام: انما هم الأئمة صلوات الله عليهم، فقال: " التائبون
العابدون الحامدون السائحون " إلى قوله: " وبشر المؤمنين " فقال له علي بن الحسين
صلوات الله عليهما: إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج.
365 - في مجمع البيان " أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " انما اشترى من
المؤمنين أنفسهم يبذلونها بالجهاد في سبيل الله، والجهاد قد يكون بالسيف وقد يكون
باللسان وربما كان جهاد اللسان أبلغ لان سبيل الله دينه والدعاء إلى الدين يكون أولا
باللسان وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لئن يهدى الله على يديك نسمة خير مما طلعت عليه الشمس

(1) قال ابن أبي الحديد: انتصاب الأموال بفعل مقدر دل عليه بذلتموها وكذلك
أنفس، يقول: لم تبذلوا أموالكم في رضا من رزقكم إياها، ولم تخاطروا بأنفسكم في رضا
الخالق لها، والأولى بكم أن تبذلوا المال في رضا رازقه، والنفس في رضا خالقها لأنه ليس
أحد أحق منه بالمال والنفس وبذلهما في رضاه.
273

وكان الصادق عليه السلام يقول: يامن ليست له همة انه ليست لأبدانكم ثمن الا الجنة فلا تبيعوها
الا بها (1)
366 - " السائحون " روى مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: سياحة أمتي الصيام.
367 - وفي قراءة أبي وعبد الله بن مسعود والأعمش " التائبين العابدين "
بالياء إلى آخرها وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
368 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن
الحكم عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: تلوت:
" التائبون العابدون "، فقال: لا، اقرأ " التائبين العابدين " إلى آخرها فسئل
عن العلة في ذلك؟ فقال: اشترى من المؤمنين التائبين العابدين.
369 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن
عيسى عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من اخذ سارقا فعفى عنه فذاك له فان
رفعه إلى الامام قطعه، فان قال الذي سرق له: انا أهب له لم يدعه الامام حتى يقطعه
إذا رفعه إليه، وانما الهبة قبل أن يرفع إلى الامام، وذلك قول الله عز وجل: والحافظون
لحدود الله فان انتهى الحد إلى الامام فليس لأحد ان يتركه.
370 - في تفسير العياشي عن إبراهيم بن أبي البلاد عن بعض أصحابه قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يقول الناس في قول الله عز وجل: وما كان استغفار إبراهيم
لأبيه الا عن موعدة وعدها إياه قلت: يقولون: إبراهيم وعد أباه ليستغفر له، قال:
ليس هو هكذا وان إبراهيم وعده ان يسلم فاستغفر له فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه.
371 - أبو إسحاق الهمداني عن الخليل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صلى رجل
إلى جنبي فاستغفر لأبويه وكانا ماتا في الجاهلية فقلت: تستغفر لأبويك وقد ماتا في

(1) وذكر الطبرسي (ره) ان الأصمعي أنشد للصادق عليه السلام هذه الأبيات:
اتأمن بالنفس النفيسة ربها * فليس لها في الخلق كلهم ثمن
بها نشترى الجنات ان أنا بعتها * بشئ سواها ان ذلكم غبن
إذا ذهبت نفسي بدنيا أصبتها * فقد ذهب الدنيا وقد ذهب الثمن
274

الجاهلية؟ قال: فقد استغفر إبراهيم لأبيه فلم ادر ما أرد عليه، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله
فأنزل الله: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له انه عدو لله
تبرء منه " قال: لما مات تبين انه عدو لله فلم يستغفر له.
372 - عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " ربنا اغفر لي ولوالدي "
قال: هذه كلمة صحفها الكتاب انما كان استغفاره لأبيه عن موعدة وعدها إياه، و
انما كان: " ربنا اغفر لي ولوالدي " [يعني] إسماعيل واسحق، والحسن والحسين والله ابنا
رسول الله صلى الله عليه وآله.
373 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الا
عن موعدة وعدها إياه " قال: قال إبراهيم لأبيه: ان لم تعبد الأصنام استغفرت لك.
فلما لم يدع الأصنام تبرأ منه إبراهيم، ان إبراهيم لأواه حليم اي دعاء
374 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: الأواه المتضرع إلى الله
في صلاته وإذا خلا في قفرة (1) من الأرض وفي الخلوات.
375 - في مجمع البيان ثم بين سبحانه الوجه في استغفار إبراهيم لأبيه
مع كونه كافرا سواء كان أباه الذي ولده أو جده لامه أو عمه على ما رواه أصحابنا
" ان إبراهيم لأواه " اي دعاء كثير الدعاء وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام، وقيل:
هو الخاشع المتذلل رواه ابن شداد عن النبي صلى الله عليه وآله. وقيل هو المتأوه شفقا
وفرقا المتضرع يقينا بالإجابة ولزوما للطاعة عن أبي عبيدة، قال الزجاج وقد انتظم
قول أبي عبيدة أكثر ما روى في الأواه.
376 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قلت: " ان إبراهيم لأواه حليم " قال: الأواه هو الدعاء.
377 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج
قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: أرأيت ان احتجت إلى متطبب (2) وهو نصراني

(1) القفرة: الخلاء من الأرض لا ماء به ولا نبات.
(2) المتطبب: المتعاطي علم الطب.
275

ان أسلم عليه أو ادعوا له؟ قال: نعم لا ينفعه دعائك.
378 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن
عبد الرحمان بن الحجاج قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: أرأيت ان احتجت إلى الطبيب
وهو نصراني أسلم إليه وأدعوا له؟ قال: نعم لا ينفعه دعاؤك.
379 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى بن عبيد
عن محمد بن عرفة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: كيف أدعو
لليهودي والنصراني؟ قال: تقول له: بارك الله لك في دنياك.
380 - علي بن محمد عن إسحاق بن محمد عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال:
كتب إلي أبو الحسن في كتاب: أردت ان تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر عليه السلام وقلقت
لذلك، فلا تغتم فان الله عز وجل لا يضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون،
وصاحبكم بعدي أبو محمد ابني، وعنده ما تحتاجون إليه يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما
يشاء، ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها، قد كتبت بما فيه بيان وقناع
لذي عقل يقظان.
381 - في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن
أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن حمزة بن الطيار
عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين
لهم ما يتقون قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.
في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال
عن ثعلبة بن ميمون عن حمزة بن محمد الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام مثله سواء.
382 - في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله
عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار عن
يونس بن عبد الرحمن عن حماد بن عبد الأعلى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل: " وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون "؟ قال: حتى
يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.
276

383 - في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد
ابن أبي نصر قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول إلى أن قال: وعنه عن أحمد بن محمد بن
أبي نصر قال: دخلت عليه بالقادسية فقلت له: جعلت فداك اني أريد ان أسئلك عن
شئ وانا اجلك (1) والخطب فيه جليل، وانما أريد فكاك رقبتي من النار فرآني
وقد زمعت (2) وقال: لا تدع شيئا تريد ان تسألني عنه الا سألتني عنه، قلت:
جعلت فداك اني سئلت أباك وهو نازل في هذا الموضع عن خليفته من بعده، فدلني
عليك، وقد سألتك مرة منذ سنين وليس لك ولد عن الإمامة فيمن يكون من بعدك؟
فقلت: في ولدي، وقد وهب الله لك ابنين فأيهما عندك بمنزلتك [التي] كانت عند
أبيك؟ فقال لي: هذا الذي سألت عنه ليس هذا وقته، فقلت له: جعلت فداك قد رأيت
ما ابتلينا به في أبيك ولست آمن الاحداث فقال: كلا انشاء الله لو كان الذي تخاف
كان مني في ذلك حجة احتج بها عليك وعلى غيرك، اما علمت أن الامام الفرض عليه
والواجب من الله إذا خاف الفوت على نفسه ان يحتج في الامام من بعده، والحجة
معروفة مبينة، ان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: " وما كان الله ليضل قوما بعد إذ
هديهم حتى يبين لهم ما يتقون " فطب نفسا وطيب نفس أصحابك، فان الامر يجئ على غير
ما تحذرون انشاء الله.
384 - في تفسير العياشي علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان
أباك أخبرنا بالخلف من بعده فلو خبرتنا به؟ قال: فأخذ بيدي فهزها ثم قال: " ما كان الله
ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون ".
385 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: " لقد تاب الله بالنبي على
المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة " قال الصادق عليه السلام: هكذا نزلت،
وهو أبو ذر وأبو خيثمة وعميرة بن وهب الذين تخلفوا ثم لحقوا برسول الله صلى الله عليه وآله.
386 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله

(1) أجله اجلالا: عظمه.
(2) زمع بمعنى دهش. وفي هامش المصدر " دمعت خ ل ".
277

عليه السلام انه قرأ: " لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والأنصار " قال ابان: فقلت له:
يا بن عم رسول الله ان العامة لا تقرأ كما عندك؟ قال: وكيف تقرأ يا ابان؟ قال:
قلت: انها تقرأ: " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار " فقال: ويلهم وأي
ذنب كان لرسول الله صلى الله عليه وآله حتى تاب الله عليه منه انما تاب الله به على أمته والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
387 - في مجمع البيان وقد روى عن الرضا علي بن موسى عليهما السلام انه
قرأ: " ولقد تاب الله بالنبي على المهاجرين وعلى الثلاثة الذين خلفوا " وقراءة علي بن
الحسين زين العابدين وأبي جعفر محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق " خالفوا "
388 - في تفسير العياشي عن فيض بن المختار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
كيف تقرأ هذه الآية في التوبة: وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم
قال: قلت " خلفوا " قال لو خلفوا لكانوا في حال طاعة، وزاد الحسين بن المختار
عنه: لو كان خلفوا ما كان عليهم من سبيل ولكنهم خالفوا عثمان وصاحباه، اما
والله ما سمعوا صوت كافر ولا قعقعة حجر (1) الا قالوا أتانا فسلط الله عليهم الخوف
حتى أصبحوا، قال صفوان: قال أبو عبد الله عليه السلام: كان أبو لبابة أحدهم، يعني في
" وعلى الثلاثة الذين خلفوا ".
389 - عن سلام عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ثم تاب عليهم ليتوبوا قال:
أقالهم فوالله ما تابوا.
390 - في تفسير علي بن إبراهيم في قصة غزوة تبوك وقد كان تخلف عن رسول
الله صلى الله عليه وآله قوم من المنافقين وقوم من المؤمنين مستبصرين لم يعثر عليهم في نفاق: منهم
كعب بن مالك الشاعر، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية الواقفي، فلما تاب الله
عز وجل عليهم قال كعب: ما كنت قط أقوى مني في ذلك الوقت الذي خرج رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) الققعة: حكاية صوت السلاح وصوت الرعد والترسة ونحوها وفي تفسير البرهان و
كذا في رواية الكليني " حافر " بدل " كافر ". وفي بعض النسخ " حجة " مكان " حجر " والظاهر أنه
تصحيف.
278

إلى تبوك وما اجتمعت لي راحلتان قط الا في ذلك اليوم، فكنت أقول: أخرج غدا،
أخرج بعد غد، فاني مقوى وتوانيت وبقيت بعد خروج النبي صلى الله عليه وآله أياما ادخل السوق
فلا أقضي حاجة، فلقيت هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وقد كانا تخلفا أيضا فتوافقنا
أن نبكر إلى السوق ولم نقض حاجة، فما زلنا نقول: نخرج غدا وبعد غد حتى بلغنا
اقبال رسول الله صلى الله عليه وآله، فندمنا فلما وافى رسول الله استقبلناه نهنيه بالسلامة فسلمنا
عليه فلم يرد علينا السلام وأعرض عنا، وسلمنا على اخواننا فلم يردوا علينا السلام،
فبلغ ذلك أهلونا فقطعوا كلامنا، وكنا نحضر المسجد فلا يسلم علينا أحد ولم يكلمنا
فجاءت نساؤنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلن: قد بلغنا سخطك على أزواجنا أفنعتزلهم؟ فقال
رسول الله: لا تعتزلوهم ولكن لا يقربوكن، فلما رأى كعب بن مالك وصاحباه ما
قد حل لهم، قال: ما يقعدنا بالمدينة ولا يكلمنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا اخواننا ولا أهلونا؟
فهلموا نخرج إلى هذا الجبل فلا نزال فيه حتى يتوب الله علينا أو نموت، فخرجوا إلى
ذناب جبل بالمدينة وقد كانوا يصومون وكان أهلوهم يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية.
ثم يولون عنهم فلا يكلمونهم، فبقوا على هذه الحالة أياما كثيرة يبكون بالليل والنهار
ويدعون الله عز وجل أن يغفر لهم، فلما طال عليهم الامر قال لهم كعب: قد سخط الله
عز وجل علينا ورسوله صلى الله عليه وآله قد سخط علينا، واخواننا قد سخطوا علينا، وأهلونا قد
سخطوا علينا فلا يكلمنا أحد، فلم لا يسخط بعضنا على بعض؟ فتفرقوا في الليل وحلفوا
أن لا يكلم أحد منهم صاحبه حتى يموت أو يتوب الله عز وجل عليه، فبقوا على هذه ثلاثة أيام
كل واحد منهم في ناحية من الجبل لا يرى أحد منهم صاحبه ولا يكلمه، فلما
كان في الليلة الثالثة ورسول الله صلى الله عليه وآله في بيت أم سلمة نزلت توبتهم على رسول
الله صلى الله عليه وآله.
ثم قال في هؤلاء الثلاثة: " وعلى الثلاثة الذين خلفوا " فقال العالم عليه السلام: انما
أنزل الله: " وعلى الثلاثة الذين خالفوا " ولو خلفوا لم يكن عليهم عتب " حتى إذا ضاقت
عليهم الأرض بما رحبت " حيث لم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا اخوانهم ولا أهلوهم، فضاقت
المدينة عليهم حتى خرجوا منها " وضاقت عليهم أنفسهم " حتى حلفوا ان لا يكلم بعضهم
279

بعضنا، فتفرقوا وتاب الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم.
391 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى علي بن عقبة عن أبيه عن أبي
عبد الله عليه السلام في قول الله: عز وجل " ثم تاب عليهم " قال: هي الإقالة.
392 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب جابر الأنصاري عن الباقر عليه السلام
في قوله: " وكونوا مع الصادقين " اي آل محمد.
393 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن
أحمد بن عائذ عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي قال: سئلت أبا جعفر عليه السلام عن
قول الله عز وجل: اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال: إيانا عنى.
394 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال: سئلته عن قول الله عز وجل " واتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال:
الصادقون هم الأئمة والصديقون بطاعتهم. (1)
395 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه:
وقد جعل الله للعلم أهلا وفرض الله طاعتهم بقوله: " واتقوا الله وكونوا مع الصادقين "
396 - في مجمع البيان في مصحف عبد الله وقراءة ابن عباس " من الصادقين "
وروى ذلك أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام.
397 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سليم بن قيس
الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين و
الأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان: أسألكم بالله أتعلمون ان الله عز وجل لما انزل:
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " فقال سلمان: يا رسول الله عامة
هذه الآية أم خاصة؟ فقال عليه السلام: اما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، واما
الصادقون فخاصة لأخي علي عليه السلام وأوصيائي من بعده إلى يوم القيمة؟ قالوا: اللهم نعم.
389 - في كتاب معاني الأخبار خطبة لعلي عليه السلام يذكر فيها نعم الله

(1) قال الفيض (ره): لعل المراد ان الصادقين صنفان صنف منهم الأئمة
المعصومون صلوات الله عليهم، والاخر المصدقون بان طاعتهم مفترضة من الله تعالى كمال
التصديق، أو كل من صدق بالحق غاية التصديق بطاعة لربه أو بطاعته إياهم.
280

عز وجل عليه وفيها يقول عليه السلام: الا واني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا
عليها فتضلوا في دينكم، يقول الله عز وجل: " ان الله مع الصادقين " ان ذلك الصادق
399 - في أمالي شيخ الطائفة " قدس سره " باسناده إلى جابر عن أبي جعفر
عليه السلام في قوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال: مع علي
ابن أبي طالب عليه السلام.
400 - في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلاة الغدير المسند إلى الصادق
عليه السلام: ربنا انك امرتنا بطاعة ولاة امرك وامرتنا ان تكونوا مع الصادقين فقلت: " أطيعوا
الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم " وقلت: " واتقوا الله وكونوا مع الصادقين " فسمعنا
وأطعنا ربنا فثبت أقدامنا وتوفنا مسلمين مصدقين لأوليائك، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.
401 - في تفسير العياشي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت:
أصلحك الله اي شئ إذا أنا عملته استكملت حقيقة الايمان؟ قال: توالي أولياء الله
محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ثم انتهى الامر إلينا ثم
ابني جعفر وأومى إلى جعفر وهو جالس، فمن والى هؤلاء فقد والى أولياء الله وكان مع
الصادقين كما امره الله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (1).
402 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله: وقوله

(1) " في كتاب سعد السعود لابن طاووس رحمه الله، فصل فيما نذكره من مجلد قالب
الثمن عتيق عليه مكتوب: الأول من تفسير أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليه
رواية أبي الجارود عنه، وقال بعد هذا: فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الباقر
عليه السلام من وجهة ثانية من ثاني سطر بلفظه: وأما قوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و
كونوا مع الصادقين "، يقول: كونوا مع علي بن أبي طالب وآل محمد، قال الله: " من المؤمنين
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه - وهو حمزة بن عبد المطلب - ومنهم من
ينتظر - وهو علي بن أبي طالب - يقول الله: وما بدلوا تبديلا " وقال الله: " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "
وهم هيهنا آل محمد، منه عفى عنه " كذا في هامش بعض النسخ وكتاب سعد السعود غير موجود عندي
والعبارة لا تخلو من التصحيف.
281

عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال: هم الأئمة
عليهم السلام، وقوله ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الا كتب
لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون قال: كلما فعلوا من ذلك جازاهم الله عليه.
403 - في أصول الكافي علي بن محمد بن عبد الله ن أحمد بن محمد بن خالد
عن عثمان بن عيسى عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: تفقهوا
في الدين فإنه من لم يتفقه منكم في الدين فهو اعرابي، ان الله يقول في كتابه:
ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون.
404 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن يعقوب بن شعيب
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إذا حدث على الامام حدث كيف يصنع الناس؟ قال:
أين قول الله عز وجل: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و
لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون "؟ قال: هم في عذر ما داموا في الطلب،
وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم.
405 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن قال: حدثنا
حماد عن عبد الاعلى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول العامة: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من
مات وليس له امام مات ميتة جاهلية؟ قال: الحق والله، قلت: فان امام هلك و
رجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال: لا يسعه ان الامام إذا هلك وقعت
حجة وصيه على من هو معه في البلد، وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم
ان الله عز وجل يقول: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا
قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
406 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن النضر بن
سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: أصلحك الله بلغنا شكواك واشفقنا فلو أعلمتنا [أو علمتنا] من؟ فقال: ان
عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم الا بقي من بعده من يعلم مثل
علمه أو ما شاء الله، قلت: أفيسع الناس إذا مات العالم ان لا يعرفوا الذي بعده فقال
282

اما أهل هذه البلدة فلا، يعني المدينة، واما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم ان الله
عز وجل يقول: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم
طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
407 - في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان انه سمعها من
الرضا عليه السلام فان قال: فلم أمر بالحج؟ قيل: لعلة لوفادة وطلب الزيادة إلى أن قال: مع ما فيه
من النفقة ونقل اخبار الأئمة عليهم السلام إلى كل صقع وناحية (1) كما قال الله عز وجل:
" فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا
إليهم لعلهم يحذرون * وليشهدوا منافع لهم ".
408 - في كتاب علل الشرايع حدثنا علي بن أحمد " رحمه الله " قال: حدثنا
محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن أبي الخير صالح بن أبي حماد عن أحمد بن هلال عن
محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن المؤمن الأنصاري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان قوما
يروون ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اختلاف أمتي رحمة؟ فقال: صدقوا، فقلت: إن كان اختلافهم
رحمة فاجتماعهم عذاب؟ قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، انما أراد قول الله عز وجل:
" فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم
لعلهم يحذرون " فأمرهم ان ينفروا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويختلفوا إليه فيتعلموا
ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، انما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافا في دين الله
انما الدين واحد.
409 - وباسناده إلى عبد الجبار عمن ذكره عن يونس بن يعقوب عن عبد الاعلى
قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان بلغنا وفات الامام كيف نصنع؟ قال: عليكم النفير
قلت: النفير جميعا؟ قال: إن الله يقول: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا
في الدين " الآية، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
410 - في تفسير العياشي عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

(1) الصقع - بالضم - بمعنى الناحية أيضا.
283

قلت له: إذا حدث للامام حدث كيف يصنع الناس؟ قال: يكونون كما قال الله: " فلولا
نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين " إلى قوله: " يحذرون " قال: قلت:
فما حالهم؟ قال: هم في عذر.
411 - وعنه أيضا في رواية أخرى ما تقول في قوم هلك امامهم كيف يصنعون؟
قال فقال لي: أما تقرأ كتاب الله: " فلولا نفر من كل فرقة " إلى قوله: " يحذرون "؟
قلت: جعلت فداك فما حال المنتظرين حتى يرجع المتفقهون؟ قال فقال لي: رحمك
الله أما علمت أنه كان بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وآلهما خمسون ومأتا سنة،
فمات قوم على دين عيسى انتظارا لدين محمد فأتاهم الله أجرهم مرتين.
412 - عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كتب إلي: انما شيعتنا
من تابعنا ولم يخالفنا، فإذا خفنا خاف، وإذا أمنا امن، قال الله: " فاسئلوا أهل الذكر
ان كنتم لا تعلمون " " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة " الآية فقد فرضت عليكم
المسألة والرد إلينا ولم يفرض علينا الجواب.
413 - عن عبد الاعلى قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام؟ بلغنا وفاة الامام؟ قال: عليكم
النفر قلت: جميعا؟ قال إن الله يقول: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا "
الآية قلت: نفر فمات بعضنا في الطريق؟ قال: فقال: " ومن يخرج من بيته مهاجرا
إلى الله ورسوله " إلى قوله: " اجره على الله " والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
414 - عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: تفقهوا فإنه من لم يتفقه منكم فإنه
أعرابي، ان الله يقول في كتابه " ليتفقهوا في الدين " إلى قوله: " يحذرون ".
415 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن جعفر بن محمد عن القاسم بن
الربيع عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالتفقه في دين
الله ولا تكونوا أعرابا فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيمة ولم
يزك له عملا.
416 - محمد بن إسماعيل عن المفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج
284

عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال. لوددت ان أصحابي ضربت رؤسهم بالسياط
حتى يتفقهوا.
417 - علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عمن رواه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل: جعلت فداك رجل عرف هذا الامر لزم بيته ولم يتعرف
إلى أحد من اخوانه: قال: فقال: وكيف يتفقه هذا في دينه؟
418 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن إسماعيل عن الفضل
ابن شاذان النيسابوري جميعا عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إن
من علامات الفقه الحلم والصمت.
419 - في كتاب الخصال عن موسى بن أكيل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: لا يكون الرجل فقيها حتى لا يبالي أي ثوبيه ابتذل وبما سد فروة الجوع.
420 - عن الحارث الأعور قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ثلث بهن يكمل المسلم:
التفقه في الدين والتقدير في المعيشة والصبر على النوائب (1)
421 - في تفسير العياشي عن عمران بن عبد الله التيمي عن جعفر بن محمد
عليهما السلام في قول الله تبارك وتعالى: قاتلوا الذين يلونكم من الكفار قال: الديلم.
422 - في تفسير علي بن إبراهيم " يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من
الكفار وليجدوا فيكم غلظة " قال: يجب على كل قوم أن يقاتلوا ممن يليهم ممن
يقرب من بلادهم ولا يجوزوا ذلك الموضع، والغلظة اي غلظوا لهم القول والقتل.
423 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد
قال: حدثنا أبو عمر والزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا وفيه بعد أن قال عليه السلام:
ان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها، وفرقه فيها وبين
ذلك قلت قد فهمت نقصان الايمان وتمامه فمن أين جاءت زيادته؟ قال: قول الله عز وجل:
وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه ايمانا فاما الذين آمنوا فزادتهم
ايمانا وهم يستبشرون * واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم

(1) النوائب: المصائب.
285

وقال: " نحن نقص عليك نبأهم بالحق انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " ولو كان
كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان لم يكن لاحد منهم فضل على أخيه ولاستوت النعم
فيه، ولا استوى الناس وبطل التفضيل، ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة
وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمن بالدرجات عند الله، وبالنقصان دخل
المفرطون النار.
424 - في نهج البلاغة ومن حديثه عليه السلام: ان الايمان يبدو لمظة (1) في القلب
كلما ازداد الايمان ازدادت اللمظة.
425 - في تفسير العياشي عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام: " واما
الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم " يقول: شكا إلى شكهم.
426 - عن ثعلبة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى
لقد جائكم رسول من أنفسكم قال فينا عزيز عليه ما عنتم قال: فينا حريص عليكم قال
فينا بالمؤمنين رؤوف رحيم قال: شركنا المؤمنين في هذه الرابعة وثلاثة لنا.
427 - عن عبد الله بن سليمان عن أبي جعفر عليه السلام قال: تلا هذه الآية " لقد
جاءكم رسول من أنفسكم " قال: من أنفسنا قال: " عزيز عليه ما عنتم " قال: ما
عنتنا (2) قال: " حريص عليكم " علينا " بالمؤمنين رؤوف رحيم " [قال: بشيعتنا
رؤوف رحيم] فلنا ثلاثة أرباعها ولشيعتنا ربعها.
428 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن
محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قام
إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين ان أرضي ارض مسبعة وان السباع تغشى منزلي
ولا تجوز حتى تأخذ فريستها (3) فقال: اقرأ: " لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز
عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فان تولوا فقل حسبي الله لا اله

(1) اللمظة النقطة من البياض.
(2) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر لكن في الأصل " ما عندنا " وهو مصحف
(3) ارض مسبعة: تكثر فيها السباع وفريسة الأسد: التي تكسرها.
286

الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " فقرأها الرجل فاجتنبته السباع، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
429 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن
مبارك عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هكذا انزل الله
عز وجل: " لقد جاءنا رسول من أنفسنا عزيز عليه ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين
رؤوف رحيم ".
430 - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي: عليه السلام: يا علي من خاف من
السباع فليقرأ: " لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم " إلى آخر السورة
431 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن معمر بن شداد قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثم وصفني الله تعالى بالرأفة والرحمة
وذكر في كتابه: " لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم
بالمؤمنين رؤوف رحيم " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة
432 - في مجمع البيان: " لقد جائكم رسول من أنفسكم " قيل: معناه انه من نكاح
لم يصبه شئ من ولادة الجاهلية عن الصادق عليه السلام.
433 - وقرأ ابن عباس وابن علية وابن محيصن والزهري " أنفسكم " بفتح الفاء
وقيل: إنها قراءة فاطمة عليها السلام.
434 - في جوامع الجامع وقرء من " أنفسكم " اي من أشرفكم وأفضلكم و
قيل: هي قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة عليهما السلام.
435 - في تفسير علي بن إبراهيم ويقرأ: من أنفسكم " اي من أشرفكم.
436 - في كتاب التوحيد حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق " رحمه
الله " قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي
قال: حدثنا الحسين بن الحسن قال: حدثني أبي عن حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن العرش والكرسي فقال: ان للعرش صفات كثيرة مختلفة، له في
287

كل سبب وضع (1) في القرآن صفة على حدة. فقوله: رب العرش العظيم يقول:
الملك العظيم، وقوله: " الرحمان على العرش استوى " يقول: على الملك احتوى
وهذا ملك الكيفوفية في الأشياء، ثم العرش في الوصل منفرد من الكرسي لأنهما
بابان من أكبر أبواب الغيوب، وهما جميعا غيبان وهما في الغيب مقرونان، لان
الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلها والعرش
هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والحمد والقدر والأين والمشية
وصفة الإرادة وعلم الألفاظ والحركات والترك وعلم العود والبدأ. فهما في العلم بابان
مقرونان، لان ملك العرش سوى ملك الكرسي، وعلمه أغيب من علم الكرسي، فمن
ذلك قال: " رب العرش العظيم " اي صفته أعظم من صفة الكرسي وهما في ذلك
مقرونان.
437 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد " رحمه الله " قال حدثنا محمد بن
الحسن الصفار عن علي بن إسماعيل عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي
الطفيل عن أبي جعفر عن علي بن الحسين عليهم السلام قال: إن الله عز وجل خلق العرش
أرباعا لم يخلق قبله الا ثلاثة أشياء الهوا والقلم والنور، ثم خلقه من أنوار مختلفة فمن ذلك
النور نور اخضر اخضرت منه الخضرة، ونور اصفر اصفرت منه الصفرة، ونور احمر
احمرت منه الحمرة، ونور أبيض وهو نور الأنوار، ومنه ضوء النهار، ثم جعله
سبعين الف طبق: غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين ليس من ذلك طبق
الا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة، والسنة غير مشتبهة، ولو اذن للسان منها
فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمداين والحصون، ولخسف البحار ولأهلك ما
دونه، له ثمانية أركان على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم الا الله عز وجل،
يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولو حس شئ مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين بينه و

(1) وفي المصدر " وصنع " بدل " وضع ".
288

بين الاحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة والعلم، وليس وراء
هذا مقال (1)

(1) " في كتاب طب الأئمة (ع) عن الشعيري عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أراده انسان بسوء فأراد ان يحجز الله بينه وبينه فليقل حين
براءة (يراه ظ): أعوذ بحول الله وقوته من حول خلقه وقوتهم وأعوذ برب الفلق من شر ما خلق
ثم يقول: ما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت
وهو رب العرش العظيم، صرف الله عنه كيد كل كائد، ومكر كل ماكر، وحسد كل حاسد
ولا يقولن هذه الكلمات الا في وجهه فان الله يكفيه بحوله. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
289

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في تفسير العياشي عن أبان بن عثمان عن محمد قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اقرأ
قلت: من اي شئ اقرأ؟ قال: اقرأ من السورة السابعة (1) قال: فجعلت التمسها فقال: اقرأ
سورة يونس فقرأت حتى انتهيت إلى " الذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوهم قتر ولا
ذلة " ثم قال: حسبك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اني لاعجب كيف لا أشيب إذا قرأت
القرآن.
2 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
يونس في كل شهرين أو ثلاثة لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين وكان يوم القيمة
من المقربين.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأها اعطى
من الاجر عشر حسنات بعدد من صدق بيونس وكذب به، وبعدد من غرق مع فرعون.
4 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: و " الر " معناه: أنا الله الرؤف.
5 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: " الر " هو حرف من حروف الاسم الأعظم
المنقطع في القرآن، فإذا ألفه الرسول أو الامام فدعا به أجيب.
6 - في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل ذكرناه بتمامه أول آل
عمران وأول الأعراف وفي آخره: وليس من حروف مقطعة حرف ينقضي أيامه الا و
قائم من بني هاشم عند انقضائه إلى قوله: ثم كان بدو خروج الحسين بن علي عليهما السلام

(1) الظاهر أن السابعة تصحيف، وانما هو التاسعة بجعل الأنفال وبراءة سورة واحدة
وفي أصول الكافي " التاسعة " وستقف عليه عند قوله عز وجل " للذين أحسنوا الحسنى الآية
" منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
290

" ألم " فلما بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند " المص " ويقوم قائمنا عند انقضائها
" بالمر " فافهم ذلك وعه واكتمه (1)

(1) قد مر بعض الأحاديث المأثورة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام في الحروف المقطعة
فواتح السور في أول سورة آل عمران والأعراف وذكرنا بعض ما يتعلق بها في الذيل، وهنا حديث
لم أره فيما نقله المؤلف (ره) في الكتاب ولا المحدث البحراني (قده) في البرهان في مظانه، نبهني
بذلك صاحب كتاب مستدرك السفينة دامت بركاته العالية، وهو ما نقله المحدث الجليل المولى
محمد باقر المجلسي طاب ثراه في البحار (ج 18: 866 - 867)، في باب أدعية عيد
الفطر عن كتاب الاقبال، قال: روينا بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري
رضي الله عنه باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنت
بالمدينة وقد ولاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية وكان شهر رمضان فلما كان
في آخر ليلة منه أمر مناديه ان ينادي في الناس بالخروج إلى البقيع لصلاة العيد، فغدوت
من منزلي أريد إلى سيدي علي بن الحسين عليهما السلام غلسا، فما مررت بسكة من سكك المدينة
الا لقيت أهلها خارجين إلى البقيع فيقولون: إلى أين تريد يا جابر؟ فأقول: إلى مسجد رسول
الله صلى الله عليه وآله حتى أتيت المسجد فدخلته، فما وجدت فيه الا سيدي علي بن الحسين عليهما السلام
قائما يصلي صلاة الفجر وحده، فوقفت وصليت بصلاته فلما أن فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر
ثم إنه جلس يدعو وجعلت آمن على دعائه، فما أتى إلى آخر دعائه حتى بزغت الشمس فوثب
قائما على قدميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم إنه رفع يديه حتى
صارتا بإزاء وجهه وقال: " الهي وسيدي أنت فطرتني.. " - وذكر الدعاء إلى قوله عليه السلام -
: " مننت بمن هديتني به من الضلالة واستنقذتني به من الهلكة واستخلصتني به من الحيرة وفككتني
به من الجهالة وهو حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله - إلى أن قال (ع): - فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته و
قرنت القرآن معه فما في كتابك من شاهد قسم والقرآن مردف به الا وهو اسمه وذلك شرف شرفته
به وفضل بعثته إليه تعجز الألسن والافهام عن وصف مرادك به وتكل عن علم ثنائك عليه فقلت عز
جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء فيه: " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق " وقلت عزيت و
جليت: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وقلت في عامة ابتدائه " الر تلك آيات الكتاب الحكيم
الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت، الر تلك آيات الكتاب المبين. الر تلك آيات الكتاب *
291

7 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن
جمهور عن يونس قال: اخبرني من رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: بشر الذين
آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.
8 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن
عمر اليماني عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: قدم صدق عند ربه قال: هو رسول الله صلى الله عليه وآله
في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر
اليماني عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام مثله سواء.
9 - في مجمع البيان " ان لهم قدم صدق عند ربهم " قيل: إن معنى قدم صدق
شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام، وقيل: هو تقديم الله إياهم في
البعث يوم القيمة بيانه قوله عليه السلام: نحن الآخرون السابقون يوم القيمة.
10 - في تفسير العياشي عن الصباح بن سيابه عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله
خلق السنة اثنى عشر شهرا وهي ثلاثمائة وستون يوما، فحجر (1) منها ستة أيام
خلق فيها السماوات والأرض، فمن ثم تقاصرت الشهور.
11 - عن أبي جعفر عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق السماوات
والأرض في ستة أيام، فالسنة تنقص ستة أيام.
12 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: [ان الله]
جل ذكره وتقدست أسماؤه خلق الأرض قبل السماء ثم استوى على العرش لتدبير الأمور.
13 - في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه قوله:

* المر كتاب أنزلناه إليك. الر تلك آيات الكتاب. ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه " وفي أمثالها
من السور والطواسين والحواميم، في كل ذلك ثنيت بالكتاب مع القسم الذي هو اسم من اختصصته
بوحيك واستودعته سر غيبك.. " إلى آخر الدعاء.
ثم ذكر (ره) ما صورته اختيار ابن الباقي وجنة الأمان عن جابر مثله، ثم عقبه ببيان
طويل فراجع ان شئت.
(1) وفي المصدر " فخرج " بدل " فحجر ".
292

" الرحمن على العرش استوى " يقول: على الملك احتوى، وقد فسر بتمامه آخر براءة.
قال عز من قائل: يدبر الامر.
14 - في كتاب التوحيد خطبة للرضا عليه السلام وفيها: مدبر لا بحركة.
15 - وفيه باسناده إلى انس عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليه السلام عن الله تبارك
وتعالى حديث طويل وفيه: وان من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة
فأكفه عنه لئلا يدخله العجب فيفسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح
ايمانه الا بالفقر ولو أغنيته لأفسده، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح ايمانه الا
بالغنى ولو افقرته لأفسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح ايمانه الا بالسقم ولو
صححت جسمه لأفسده ذلك وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح ايمانه الا بالصحة ولو
أسقمته لأفسده ذلك اني أدبر عبادي لعلمي بقلوبهم فاني عليم خبير.
16 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن
عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: فضرب مثل محمد صلى الله عليه وآله الشمس و
مثل الوصي القمر، وهو قول الله عز وجل: جعل الشمس ضياء والقمر نورا والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
17 - في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد (النوفلي
خ) عن إسماعيل بن مسلم قال: حدثنا أبو نعيم البلخي عن مقاتل بن حنان عن عبد الرحمان
بن ذريح عن أبي الغفاري رحمه الله قال: كنت آخذا بيد النبي صلى الله عليه وآله ونحن نتماشى جميعا،
فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت فقلت: يا رسول الله أين تغيب؟ قال: في السماء ثم ترفع
من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابعة حتى تكون تحت العرش فتخر ساجدة فتسجد
معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب من أين تأمرني ان أطلع امن مغربي أم من مطلعي
فذلك قوله عز وجل: " والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم " يعني بذلك
صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه، قال: فيأتيها جبرئيل عليه السلام بحلة ضوء من نور العرش
على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف وفي قصره في الشتاء ما بين ذلك في الخريف
293

والربيع، قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثوبه، ثم تنطلق بها في جو
السماء حتى تطلع من مطلعها، قال النبي صلى الله عليه وآله: فكأني بها قد حبست مقدار ثلث
ليال ثم لا تكسى ضوءا وتؤمر ان تطلع من مغربها، فذلك قوله عز وجل: " إذا الشمس
كورت * وإذا النجوم انكدرت " والقمر كذلك مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه
وارتفاعه إلى السماء السابعة، ويسجد تحت العرش ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور
الكرسي فذلك قوله عز وجل: " جعل الشمس ضياءا والقمر نورا ".
18 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ان الذين لا يرجون لقائنا اي لا يؤمنون
به ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون قال:
الآيات أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام، والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام
ما لله آية أكبر مني.
19 - في كتاب التوحيد حدثني علي بن عبد الله الوراق ومحمد بن علي السناني
وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قالوا: حدثنا أبو العباس
أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا
تميم بن بهلول عن أبيه عن جعفر بن سليمان النضري عن عبد الله بن الفضل الهاشمي
قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول الله عز وجل: " من
يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا " فقال: ان الله تبارك وتعالى يضل
الظالمين يوم القيمة عن دار كرامته ويهدي أهل الايمان والعمل الصالح إلى جنته
كما قال: " ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء " وقال عز وجل: ان الذين آمنوا وعملوا
الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجرى من تحتهم الأنهار في جنات النعيم.
20 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده
الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل في تفسير سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وفي آخره قال صلى الله عليه وآله: وإذا قال الحمد لله أنعم الله
عليه بنعم الدنيا موصولا بنعم الآخرة، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا
دخلوها، وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا الحمد، وذلك قوله
294

عز وجل: دعويهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعويهم ان
الحمد لله رب العالمين.
21 - في تفسير العياشي عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئلته عن
التسبيح؟ فقال: هو اسم من أسماء الله ودعوى أهل الجنة.
22 - في روضة الكافي باسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام
حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقد ذكر الشيعة وقربهم من الله عز وجل: أنتم أهل
تحية الله بسلامة.
23 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفر
عليه السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله ونقل عنه حديثا طويلا يقول فيه صلى الله عليه وآله حاكيا حال أهل الجنة:
أراد المؤمن شيئا، انما دعواه إذا أراد أن يقول: " سبحانك اللهم " فإذا قالها تبادرت
إليه الخدام بما اشتهى من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به، وذلك قول الله عز وجل:
" دعويهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام " يعني الخدام، قال: " وآخر دعويهم
ان الحمد لله رب العالمين " يعني بذلك عندما يقضون من لذاتهم من الجماع والطعام والشراب
يحمدون الله عز وجل عند فراغهم.
24 - وفيها خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام مسندة وفي آخرها: والجنة لأهلها مأوى
دعويهم فيها أحسن الدعاء " سبحانك اللهم " دعاهم المولى على ما آتيهم " وآخر دعويهم
ان الحمد لله رب العالمين ".
25 - في مصباح الشريعة وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ان أطيب شئ في
الجنة وألذه حب الله والحب في الله والحمد لله، قال الله عز وجل " وآخر دعويهم ان
الحمد لله رب العالمين " وذلك انهم إذا عاينوا ما في الجنة من النعيم هاجت المحبة في
قلوبهم فينادون عند ذلك: الحمد لله رب العالمين.
26 - في مجمع البيان وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى من علي بفاتحة
الكتاب إلى قوله: والحمد لله رب العالمين دعوى أهل الجنة حين شكروا منه حسن الثواب
27 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم
295

بالخير لقضى إليهم أجلهم قال: لو عجل الله لهم الشر كما يستعجلون الخير لقضى
إليهم أجلهم اي فرغ من أجلهم قوله عز وجل: وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه
أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه قال: دعانا لجنبه العليل
الذي لا يقدر ان يجلس أو قاعدا الذي لا يقدر ان يقوم أو قائما قال: الصحيح وقوله عز وجل:
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقائنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله
قل ما يكون لي ان أبدله من تلقاء نفسي ان اتبع الا ما يوحى إلي فان قريشا قالت لرسول
الله صلى الله عليه وآله: ائتنا بقرآن غير هذا فان هذا شئ تعلمته من اليهود والنصارى، قال الله عز وجل
قل لهم: لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدريكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا
تعقلون اي قد لبثت فيكم أربعين سنة قبل ان يوحى إلي لم آتكم بشئ منه حتى أوحى
إلي. قوله عز وجل: " أو بدله " فإنه حدثني الحسن بن علي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن
أبي السفاتج عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ائت بقرآن غير هذا أو بدله " يعني
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام " قل ما يكون لي ان أبدله من تلقاء نفسي ان اتبع
الا ما يوحى إلي " يعني في علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
28 - في تفسير العياشي عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " وإذا تتلى عليهم
آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقائنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي
ان أبدله من تلقاء نفسي " قالوا: لو بدل مكان علي أبو بكر أو عمر اتبعناه.
29 - في أصول الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن أحمد بن الحسين عن
عمر بن يزيد عن محمد بن جمهور عن محمد بن سنان عن مفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " ائت بقرآن غير هذا أو بدله " قال: قالوا: أو
بدل عليا.
30 - في تفسير العياشي عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: ما ترك (1) رسول الله صلى الله عليه وآله: اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم " حتى

(1) وفي المصدر " لم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: اني أخاف.. " ومرجع
المعنى واحد.
296

نزلت سورة الفتح فلم يعد إلى ذلك الكلام.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قوله عز وجل: " قل لو شاء الله ما تلوته عليكم " سبق
قريبا عن علي بن إبراهيم له بيان.
31 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا
ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعائنا عند الله قال: كانت قريش يعبدون الأصنام ويقولون
انما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، فانا لا نقدر على عبادة الله، فرد الله عليهم فقال:
قل لهم يا محمد: أتنبؤن الله بما لا يعلم اي ليس فوضع حرفا مكان حرف، اي
ليس له شريك يعبد.
32 - في تفسير العياشي عن الزهري قال: أتى رجل أبا عبد الله عليه السلام فسأله عن
شئ فلم يجبه، فقال له الرجل: فان كنت ابن أبيك فأنت من أبناء عبدة الأصنام؟
فقال له: كذبت ان الله أمر إبراهيم ان ينزل إسماعيل بمكة ففعل فقال إبراهيم: " رب
اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما
قط، ولكن العرب عبدة الأصنام وقالت بنو إسماعيل: " هؤلاء شفعائنا " وكفرت ولم
تعبد الأصنام.
33 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضيل عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن شئ من الفرج قال: أليس انتظار الفرج من
الفرج ان الله عز وجل قال: فانتظروا اني معكم من المنتظرين.
34 - وباسناده إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال الرضا عليه السلام: ما أحسن الصبر و
انتظار الفرج أما سمعت قول الله عز وجل " فارتقبوا اني معكم رقيب " وقوله عز وجل
" فانتظروا اني معكم من المنتظرين " فعليكم بالصبر فإنه انما يجئ الفرج على اليأس
فقد كان الذي من قبلكم أصبر منكم.
قال عز من قائل: وجاءهم الموج من كل مكان الآية.
35 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أسباط ومحمد بن أحمد عن موسى
ابن القاسم البجلي عن أبي الحسن عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: فان اضطرب بك
297

البحر فاتك على جانبك الأيمن وقل: بسم الله أسكن بسكينة الله وقر بوقار الله
واهدأ (1) بإذن الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
36 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه الذي كتب
إلى شيعته ويذكر فيه خروج عايشة إلى البصرة وعظم خطأ طلحة والزبير فقال: وأي
خطيئة أعظم مما أتيا: أخرجا زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله من بيتها، وكشفا عنها حجابا
ستره الله عليها وصانا حلائلهما في بيوتهما، ما انصفا لا لله ولا لرسوله من أنفسهما ثلث
خصال مرجعها على الناس في كتاب الله: البغي والمكر والنكث، قال الله يا أيها
الناس انما بغيكم على أنفسكم وقال: " ومن نكث فإنما ينكث على نفسه " وقال:
" ولا يحيق المكر السيئ الا باهله " وقد بغيا علينا ونكثا بيعتي ومكرا بي.
37 - في تفسير العياشي عن منصور بن يونس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: [ثلث]
يرجعن على صاحبهن: النكث والبغي والمكر قال [الله]: " يا أيها الناس انما
بغيكم على أنفسكم ".
38 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليهما السلام في الوعظ والزهد في
الدنيا يقول فيه عليه السلام: فازهدوا فيما زهدكم الله عز وجل فيه من عاجل الدنيا، فان الله
عز وجل يقول وقوله الحق: انما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط
به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها
وازينت وظن أهلها انهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها
حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون فكونوا عباد الله
من القوم الذين يتفكرون.
39 - وفيها خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها: فاجعلوا عباد الله اجتهادكم في
هذه التزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل، فإنها دار عمل والآخرة دار القرار
والجزاء فتجافوا عنها، فان المغتر من اغتر بها، لن تعدو الدنيا إذا تناهت إليه أمنية
أهل الرغبة فيها المحبين لها المطمئنين إليها المفتونين بها أن تكون كما قال الله

(1) اي أسكن.
298

عز وجل: كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام.
40 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبيه عن
أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك بلغنا ان لآل جعفر راية ولآل العباس
رايتين فهل انتهى إليك من علم ذلك شئ؟ قال: اما آل جعفر فليس بشئ ولا إلى شئ
واما آل العباس فان لهم ملكا مبطيا يقربون فيه البعيد ويبعدون فيه القريب وسلطانهم
عسر ليس فيه يسر حتى إذا أمنوا مكر الله وأمنوا عقابه صيح فيهم صيحة لا يبقى لهم منال
يجمعهم ولا آذان يسمعهم وهو قول الله عز وجل: " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها
وازينت " الآية.
41 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد
ابن موسى بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي
ابن أبي طالب عليهم السلام قال: وجدت في كتاب أبي رضي الله عنه: قال حدثنا محمد بن
أحمد الطوال عن أبيه عن الحسين (الحسن خ ل) بن علي الطبرسي عن أبي جعفر محمد بن
علي بن إبراهيم بن مهزيار قال: سمعت أبي يقول: سمعت جدي علي بن إبراهيم (1) يقول:
قال لي صاحب الزمان يا بن مهزيار كيف خلفت اخوانك في العراق؟ قلت في ضنك
عيش وهناة (2) قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان (3) فقال: قاتلهم الله أنى
يؤفكون، كأني بالقوم قد قتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربهم ليلا ونهارا، قلت: متى

(1) كذا في النسخ وفي البحار: علي بن مهزيار وفي المصدر هكذا: " سمعت جدي
إبراهيم بن مهزيار.. " وقال المجلسي (ره) في بيان الحديث: الأظهر ان علي بن مهزيار هو
علي بن إبراهيم بن مهزيار نسب إلى جده وهو ابن أخي علي بن مهزيار المشهور إذ يبعد ادراكه
لهذا الزمان ويؤيده ما في سند هذا الخبر من نسبة محمد إلى جده ان لم يسقط الابن بين الكنية والاسم.
أقول: وروى الشيخ (ره) في كتاب الغيبة عند ذكر من رآه عليه السلام مثله عن علي بن
إبراهيم بن مهزيار.
(2) الضنك: الضيق. والهناة: الداهية.
(3) كناية عن بني عباس كما ذكره غير واحد من شراح الحديث.
299

يكون ذلك يا بن رسول الله؟ قال: إذا حيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لا خلاق لهم
والله ورسوله منهم براء، وظهرت الحمرة في السماء ثلثا فيها أعمدة كأعمدة اللجين
يتلألأ نورا ويخرج الشروسي من إرمينة وآذربيجان يريدون الجبل الأسود المتلاحم
(1) بالجبل الأحمر لزيق جبال طالقان، فيكون بينه وبين المروزي وقعة صليمانية
(2) يشيب فيها الصغير ويهرم منها الكبير، ويظهر القتل بينهما فعندها توقعوا خروجه
إلى الزوراء فلا يلبث بها حتى يوافي ماهان (3) ثم يوافي واسط العراق فيقيم بها سنة
أو دونها، ثم يخرج إلى كوفان فتكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغري
وقعة شديدة تذهل منها العقول، فعندها يكون بوار الفئتين وعلى الله حصاد الباقين
ثم تلا: " بسم الله الرحمن الرحيم أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن
بالأمس " فقلت: سيدي يا بن رسول الله فما الامر؟ قال: نحن أمر الله عز وجل وجنوده
قلت: سيدي يا بن رسول الله حان الوقت؟ قال: " واقتربت الساعة وانشق القمر "
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
42 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى العلا بن عبد الكريم قال: سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله عز وجل: والله يدعو إلى دار السلام قال: إن السلام
هو الله عز وجل وداره التي خلقها لعباده ولأوليائه الجنة.
43 - وباسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام: والسلام اسم من أسماء الله عز وجل.
44 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد
عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: فأخبر انه تبارك
وتعالى أول من دعا إلى نفسه، ودعا إلى طاعته واتباع امره، فبدأ بنفسه فقال: " والله
يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ".

(1) تلاحم الشئ: تلائم بعد إن كان متباينا.
(2) الصيلم: الامر الشديد ووقعة صيلمة: مستأصلة.
(3) ماهان: الدينور ونهاوند. قاله المجلسي (ره) في البحار.
300

45 - في مجمع البيان: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ذكر في ذلك وجوه
إلى قوله: وثالثها: ان الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب عن علي بن
أبي طالب عليه السلام.
46 - في أمالي شيخ الطائفة " قدس سره " باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل يقول فيه عليه السلام: قال الله تعالى: " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " والحسنى
هي الجنة والزيادة هي الدنيا.
47 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " قال:
النظر إلى رحمة الله تعالى (1) وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
" للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " قال: اما الحسنى فالجنة، واما الزيادة فالدنيا ما
أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ويجمع لهم ثواب الدنيا والآخرة.
يقول الله: ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون.
48 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن ابان
ابن ميمون القداح قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: اقرأ قلت: من اي شئ أقرأ؟ قال:
من السورة التاسعة، قال: قال، فجعلت التمسهما، فقال: اقرأ من سورة
يونس، قال: فقرأت: " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة "
قال حسبك، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اني لاعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن.
49 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن يونس عن محمد بن مروان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من شئ الا وله كيل ووزن الا الدموع، فان القطرة تطفي
بحارا من نار، فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهها قتر ولا ذلة (2) فإذا فاضت
حرمه الله على النار، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا.
50 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن أبي جميلة ومنصور بن

(1) وفي المصدر وجه الله " عوض " رحمة الله ".
(2) اغرورقت عيناه: دمعتا كأنهما غرقتا في دمعهما ولم يفضا ورهق بمعنى لحق وغشى.
والقتر: الغبار، وفي الغريب: ترهقها قترة: يعلوها سواد كالدخان.
301

يونس عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال في حديث طويل: ولا فاضت عين على
خده فرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة.
51 - في مجمع البيان وروى الفضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من عين ترقرقت (1) بمائها الا حرم الله ذلك الجسد على النار فان
فاضت من خشية الله لم يلحق ذلك الوجه قتر ولا ذلة، وفي تفسير العياشي نحوه.
52 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله
عز وجل: " ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة " قال: القتر الجوع والفقر، والذلة الخوف.
53 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل:
والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم
قال: هؤلاء أهل البدع والشبهات والشهوات يسود الله وجوههم ثم يلقونه، يقول
الله تبارك وتعالى: كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما
يسود الله وجوههم يقوم القيمة ويلبسهم الذلة والصغار يقول الله عز وجل: أولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون.
54 - في روضة الكافي يحيى الحلبي عن المثنى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
في قوله عز وجل: " كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما " قال: أما ترى البيت إذا
كان الليل كان أشد سوادا من خارج، فكذلك هم يزدادون سوادا.
55 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين
أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم قال: يبعث الله عز وجل نارا تزيل
بين الكفار والمؤمنين.
56 - في نهج البلاغة: فكيف لو تناهت بكم الأمور بعثرت القبور، هنالك
تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله موليهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون.
57 - في روضة الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن
فضال والحجال جميعا عن ثعلبة عن عبد الرحمان بن مسلمة الجريري قال: قلت

(1) ترقرق عينه: دمعت.
302

لأبي عبد الله عليه السلام يوبخونا ويكذبونا انا نقول إن صبيحتين تكونان يقولون: من أين
تعرف المحقة من المبطلة إذا كانتا؟ قال: فماذا تردون عليهم؟ قلت ما نرد عليهم
شيئا، قال: قولوا يصدق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل ان الله عز وجل
يقول: أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى فما لكم كيف
تحكمون.
58 - عنه عن محمد عن ابن فضال والحجال عن داود بن فرقد: قال سمع رجل من
العجلية (1) هذا الحديث قوله: ينادي مناد الا ان فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون أول
النهار، وينادي آخر النهار: الا ان عثمان وشيعته هم الفائزون، قال: وينادي أول
النهار منادى آخر النهار، فقال الرجل فما يدرينا أيما الصادق من الكاذب؟ فقال:
يصدقه عليها من كان يؤمن بها قبل ان ينادي ان الله عز وجل يقول: " أفمن يهدى إلى
الحق أحق ان يتبع أمن لا يهدى الا ان يهدى " الآية.
59 - في كشف المحجة لابن طاوس " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: اسمعوا قولي يهدكم الله إذا قلت وأطيعوا أمري إذا
أمرت فوالله لئن أطعتموني لا تغووا، وان عصيتموني لا ترشدوا، قال الله تعالى:
" أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون ".
60 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وصف الإمامة والامام
وذكر فضل الامام ورتبته حديث طويل يقول فيه الرضا عليه السلام: ان الأنبياء والأئمة
يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق
كل علم أهل زمانهم في قوله عز وجل " أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى
الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: " أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى " فمالكم
كيف تحكمون " فاما من يهدى إلى الحق فهو محمد آل محمد من بعده واما " من لا يهدى
فهو من خالف من قريش وغيرهم أهل بيته.

(1) عجل: قبيلة من ربيعة وهو عجل بن لجيم بن صعب، والعجلية من ينسب إلى عجل " مجمع البحرين.
303

62 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن عمرو بن عثمان
عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لقد قضى
أمير المؤمنين عليه السلام بقضية ما قضى بها أحد كان قبله، وكانت أول قضية قضى بها بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وأفضى الامر إلى أبي بكر اتى
رجل قد شرب الخمر، فقال له أبو بكر: أشربت الخمر؟ فقال الرجل: نعم، فقال:
ولم شربتها وهي محرمة؟ فقال: انني أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم (1)
يشربون الخمر ويستحلونها، ولو أعلم انه حرام اجتنبتها، قال فأتلفت أبو بكر إلى
عمر فقال: ما تقول يا أبا حفص في أمر هذا الرجل؟ فقال معضلة وأبو الحسن لها!
فقال أبو بكر: يا غلام ادع لنا عليا فقال عمر: بل يؤتى الحكم في منزله فأتوه ومعه
سلمان الفارسي فأخبروه بقضية الرجل، فاقتص عليه قصته فقال علي عليه السلام لأبي بكر:
ابعث من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار، فمن كان تلا عليه آية التحريم
فليشهد عليه، ففعل أبو بكر ما قال علي عليه السلام، فلم يشهد عليه أحد فخلا سبيله، فقال
سلمان لعلي عليه السلام، لقد أرشدتهم، فقال علي عليه السلام: انما أردت ان أجدد تأكيد هذه
الآية في وفيهم " أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى فما لكم
كيف تحكمون ".
63 - في تفسير العياشي عن عمرو بن القاسم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام و
ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ثم قرأ " أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع " إلى قوله:
" تحكمون " فقلنا: من هو أصلحك الله؟ فقال: بلغنا ان ذلك علي عليه السلام.
64 - عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الأمور العظام التي
تكون مما لم تكن فقال: لم يأن أوان كشفها بعد، وذلك قوله: بل كذبوا بما لم
يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله.
65 - عن حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الأمور العظام من الرجعة وغيرها؟

(1) يقال هو نازل بين ظهرانيهم وبين أظهرهم اي وسطهم ومعظمهم.
304

فقال: ان هذا الذي تسألوني عنه لم يأت أوانه قال الله: " بل كذبوا بما لم يحيطوا
بعلمه ولما يأتيهم تأويله ".
66 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن يونس
عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خص عباده بآيتين
من كتابه أن لا يقولوا حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا وقال عز وجل: " ألم
يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله الا الحق " وقال: بل كذبوا بما لم
يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله ".
67 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: " بل كذبوا
بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم " قال: نزلت
في الرجعة كذبوا بها اي انها لا تكون.
68 - في أمالي شيخ الطائفة باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قلت: أربع
انزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه إلى قوله: قلت فمن شيئا عاداه (1) فأنزل الله
" بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ".
69 - في تفسير العياشي عن إسحاق بن عبد العزيز قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: خص الله هذه الأمة بآيتين من كتابه الا يقولوا ما لا يعلمون ثم قرأ: " ألم
يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب " الآية وقوله: " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم
تأويله " إلى قوله " الظالمين ".
70 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: ومنهم من لا يؤمن به فهم أعداء محمد وآل محمد من بعده وربك اعلم
بالمفسدين والفساد المعصية لله ولرسوله.
71 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية
ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون
قال: تفسيرها في البطن ان لكل قرن من هذه الأمة رسولا من آل محمد يخرج إلى

(1) كذا في النسخ ولم أظفر على الحديث فيما عندي من نسخة الأمالي.
305

القرن الذي هو إليهم رسول، وهم الأولياء وهم الرسل، واما قوله: " فإذا جاء
رسولهم قضى بينهم بالقسط " فان معناه ان رسل الله يقضون بالقسط وهم لا يظلمون
كما قال الله.
72 - عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: إذا جاء اجلهم
لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون قال: هو الذي سمى لملك الموت عليه (1) في
ليلة القدر.
73 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام: في قوله قل
أرأيتم ان أتاكم عذابه بياتا يعني ليلا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون فهذا عذاب
ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم.
74 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد الجوهري عن
بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ويستنبؤنك أحق هو ما يقول محمد
في علي عليه السلام قل اي وربي انه الحق وما أنتم بمعجزين.
75 - في أمالي الصدوق " رحمه الله حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال:
حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد القاساني عن سليمان بن داود المنقري
عن يحيى بن سعيد عن أبي عبد الله الصادق عن أبيه عليهما السلام في قول الله تبارك
وتعالى: " ويستنبؤنك أحق هو قل اي وربي انه لحق " قال: يستنبئك يا محمد أهل مكة
عن علي بن أبي طالب أإمام هو؟ قل اي وربي انه لحق.
76 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال ولو أن لكل نفس ظلمت آل محمد
صلوات الله عليهم حقهم ما في الأرض جميعا لافتدت به في ذلك الوقت يعني الرجعة.
77 - وحدثني محمد بن جعفر قال: حدثني محمد بن أحمد عن أحمد بن الحسين
عن صالح بن أبي حماد عن الحسن بن موسى الخشاب عن رجل عن حماد بن عيسى
عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن قوله: وأسروا الندامة لما رأوا العذاب
قال: قيل له ما ينفعهم اسرار الندامة وهم في العذاب؟ قال كرهوا شماتة الأعداء.

(1) وفي نسخة: " عليه السلام ".
306

78 - في روضة الكافي باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل
يقول فيه صلى الله عليه وآله: وشر الندامة ندامة يوم القيمة.
79 - في كتاب الإهليلجة قال الصادق عليه السلام: وأنزل عليكم كتابا فيه شفاء لما
في الصدور من أمراض الخواطر ومشتبهات الأمور.
80 - في أصول الكافي علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن
آبائه عليهم السلام قال: شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وجعا في صدره، فقال: استشف
بالقرآن فان الله عز وجل يقول: وشفاء لما في الصدور.
81 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن
عيسى رفعه قال: إن موسى عليه السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: يا موسى
لا يطول في الدنيا أملك وذكر حديثا قدسيا طويلا يقول فيه عز من قائل - وقد ذكر
محمدا صلى الله عليه وآله -: ولا نزلن عليه قرآنا فرقانا شفاء لما في الصدور من نفث الشيطان.
82 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وتعلموا القرآن فإنه ربيع القلوب واستشفوا
بنوره فإنه شفاء لما في الصدور.
83 - في تفسير علي بن إبراهيم رجع إلى رواية علي بن إبراهيم بن هاشم قال: ثم
قال جل ذكره: " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور
وهدى ورحمة للمؤمنين " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والقرآن ثم قال: قل لهم يا محمد
بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون قال: الفضل رسول الله
صلى الله عليه وآله ورحمته أمير المؤمنين عليه السلام: وبذلك فليفرحوا، قال: فليفرح شيعتنا هو
خير مما أعطوا أعدائنا من الذهب والفضة.
84 - في مجمع البيان وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من هداه الله للاسلام
وعلمه القرآن ثم شكى الفاقة كتب الله الفاقة بين عينيه إلى يوم القيمة، ثم تلا " قل
بفضل الله وبرحمته " الآية وقال أبو جعفر عليه السلام فضل الله رسوله ورحمته علي بن أبي طالب.
85 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز
عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال: قلت له: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك
307

فليفرحوا هو خير مما يجمعون " قال: بولاية محمد وآل محمد عليهم السلام هو خير
مما يجمع هؤلاء من دنياهم.
86 - في أمالي الصدوق (رحمه الله) باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله حديث
طويل وفيه يقول صلى الله عليه وآله لعلي: عليه السلام: والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما آمن بي
من أنكرك، ولا أقر بي من جحدك، ولا آمن بالله من كفر بك وان فضلك لمن
فضلي وان فضلي لفضل الله وهو قول الله عز وجل " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو
خير مما يجمعون " ففضل الله نبوة نبيكم ورحمته ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام " فبذلك "
قال: بالنبوة والولاية " فليفرحوا " يعني الشيعة " هو خير مما يجمعون " يعني مخالفيهم
من الأهل والمال والولد في دار الدنيا.
87 - في تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله:
" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا " قال: فليفرح شيعتنا هو خير مما اعطى
عدونا من الذهب والفضة.
88 - عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: " بفضل الله وبرحمته فبذلك
فليفرحوا هو خير مما يجمعون " قال: الاقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وآله والايتمام بأمير المؤمنين
عليه السلام هو خير مما يجمع هؤلاء في دنياهم.
89 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن
مخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وما تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وآله إذا قرأ هذه الآية بكى بكاءا شديدا (1).
90 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه
عليه من الآيات: واما قوله: وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض في ولا في السماء
كذلك ربنا لا يعزب عنه شئ وكيف يكون من خلق الأشياء لا يعلم ما خلق وهو
الخلاق العليم.

(1) " في مجمع البيان: قال الصادق عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا قرأ
هذه الآية بكا بكاءا شديدا. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
308

91 - في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عن بعض الفقهاء
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ثم قال: تدرون من أولياء الله؟ قالوا: من هم يا أمير المؤمنين؟ فقال: هم نحن
وأتباعنا ممن تبعنا من بعدنا، طوبى لنا وطوبى لهم أفضل من طوبى لنا، قالوا: يا
أمير المؤمنين ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا؟ ألسنا نحن وهم على أمر؟ قال:
لا، انهم حملوا ما لم تحملوا عليه وأطاقوا ما لم تطيقوا.
92 - عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي بن الحسين
عليهما السلام: " ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " إذا أدوا فرايض الله، واخذوا
بسنن رسول الله صلى الله عليه وآله، وتورعوا عن محارم الله، وزهدوا في عاجل زهرة الدنيا،
ورغبوا فيما عند الله، واكتسبوا الطيب من رزق الله، لا يريدون التفاخر والتكاثر،
ثم انفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الذين بارك الله لهم فيما اكتسبوا و
يثابون على ما قدموا لآخرتهم.
93 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: إن
الله تبارك وتعالى اخفى أربعة في أربعة اخفى وليه في عباده (1) فلا تستصغرن عبدا
من عبيد الله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
94 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير قال: قال
الصادق عليه السلام: يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين
له في ظهوره أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
95 - في من لا يحضره الفقيه واتى رسول الله صلى الله عليه وآله رجل من أهل البادية له
جسم وجمال، فقال: يا رسول الله اخبرني عن قول الله عز وجل: الذين آمنوا و
كانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة فقال: اما قوله: " لهم
البشرى في الحياة الدنيا " فهي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن فيبشر بها في دنياه،
واما قوله عز وجل: " في الآخرة " فإنها بشارة المؤمن يبشر بها عند موته ان الله عز وجل

(1) هذا موافق للمصدر وفي نسخة " في عداوه " وهو مصحف.
309

قد غفر لك ولمن يحملك إلى قبرك.
96 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد
ابن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في قوله تعالى: " لهم البشرى
في الحياة الدنيا وفي الآخرة " الامام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم
وبالنجاة في الآخرة والورود على محمد صلى الله عليه وآله الصادقين على الحوض، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
97 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن علي بن
عقبة عن أبيه قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيامة الا
هذا الامر الذي أنتم عليه وما بين أحدكم وبين ان يرى ما تقر به عينه (1) الا ان
تبلغ نفسه إلى هذه ثم اهوى بيده إلى الوريد (2) ثم اتكى وكان معي المعلى فغمزني
(3) ان سله، فقلت يا بن رسول الله فإذا بلغت نفسه هذه اي شئ يرى؟ فقلت له
بضعة عشرة مرة: أي شئ؟ فقال في كلها: يرى لا يزيد عليها، ثم جلس في آخرها
فقال يا عقبة فقلت: لبيك وسعديك، فقال: أبيت الا أن تعلم، فقلت: نعم يا بن
رسول الله انما ديني مع دينك فإذا ذهب ديني كان ذلك (4) كيف لي بك يا بن
رسول الله كل ساعة، وبكيت فرق لي فقال: يراهما والله، قلت: بأبي وأمي من
هما؟ قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام، يا عقبة لن تموت نفس مؤمنة ابدا حتى تراهما،

(1) قرة العين: برودتها وانقطاع بكائها ورؤيتها ما كانت مشتاقة إليه، والقر - بالضم -
: ضد الحر، والعرب تزعم أن دمع الباكي من شدة السرور بارد ودمع الباكي من الحزن حار
فقرة العين كناية عن الفرح والسرور والظفر بالمطلوب.
(2) الوريد: عرق في الفتق ويقال له حبل الوريد.
(3) غمزه: عصره وكبسه بيده.
(4) قال في الوافي: " كان " تامة اي إذا ذهب ديني تحقق تخلفي عنك ومفارقتي إياك
وعدم اكتراثي بالجهل بما تعلم " انتهى " وفي تفسير العياشي والمنقول عن المحاسن " انما ديني مع
دمي فإذا ذهب ديني كان ذلك " وعليه فالمعنى ان ديني مقرون بحياتي فمع عدم الدين فكأني لست بحي.
310

قلت فإذا نظر إليهما المؤمن أيرجع إلى الدنيا؟ فقال: لا يمضي امامه إذا نظر إليهما
مضى امامه فقلت له: يقولان شيئا؟ قال: نعم يدخلان جميعا على المؤمن فيجلس
رسول الله صلى الله عليه وآله عند رأسه وعلي عليه السلام عند رجله، فيكب (1) عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول
يا ولي الله أبشر أنا رسول الله اني خير لك مما تركت من الدنيا، ثم ينهض رسول الله صلى الله عليه وآله
فيقوم علي عليه السلام حتى يكب عليه فيقول: يا ولي الله أبشر أنا علي بن أبي طالب الذي كنت
تحبه اما لانفعتك، ثم قال: إن هذا في كتاب الله عز وجل، فقلت: أين جعلني الله
فداك هذا من كتاب الله؟ قال في يونس قول الله عز وجل هيهنا " الذين آمنوا وكانوا
يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو
الفوز العظيم ".
98 - أبان بن عثمان عن عقبة انه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الرجل إذا وقعت
نفسه في صدره يرى، قلت: جعلت فداك وما يرى؟ قال: يرى رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول
له رسول الله صلى الله عليه وآله: انا رسول الله أبشر، ثم يرى علي بن أبي طالب عليه السلام فيقول له: أنا علي
ابن أبي طالب الذي كنت تحبه تحب ان أنفعك اليوم؟ قال: قلت له: أيكون أحد
من الناس يرى هذا ثم يرجع إلى الدنيا؟ قال: إذا رأى هذا أبدا مات وأعظم ذلك (2)
قال: وذلك في القرآن قول الله عز وجل: " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى
في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ".
99 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن أبي المستهل
عن محمد بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك حديث سمعته من بعض
شيعتك ومواليك يرويه عن أبيك؟ قال: وما هو؟ قلت: زعموا انه كان يقول: أغبط
ما يكون امرء بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه، فقال: نعم إذا كان ذلك اتاه نبي

(1) أكب عليه: أقبل إليه ولزمه.
(2) قال في الوافي اي مات موتا دائما لا رجعة بعده، أو المعنى ما رأى هذا قط الا مات
" وأعظم " اي عد سؤالي عظيما، ولنا أن نجعل قوله: " وأعظم ذلك " عطفا على قوله " مات " يعني مات
وعد ما رأى وما بشر به عظيما لم يرد معهما رجوعا إلى الدنيا.
311

الله وأتاه علي وأتاه جبرئيل وأتاه ملك الموت عليهم السلام فيقول ذلك الملك لعلي عليه السلام
يا علي ان فلانا كان مواليا لك ولأهل بيتك، فيقول: نعم كان يتوالانا ويتبرء من عدونا
فيقول ذلك نبي الله لجبرئيل عليه السلام، فيرفع ذلك جبرئيل إلى الله عز وجل.
100 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي
عن ابن أبي يعفور قال: كان خطاب الجهني خليطا لنا وكان شديد النصب لآل محمد
وكان يصحب نجدة الحروري (1) قال: فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية فإذا
هو مغمى عليه في حد الموت، فسمعته يقول: مالي ولك يا علي؟ فأخبرت بذلك
أبا عبد الله عليه السلام فقال أبو عبد الله عليه السلام: رآه ورب الكعبة رآه ورب الكعبة.
101 - سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن عبد
الحميد بن عواض قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا بلغت نفس أحدكم هذه
قيل له: اما ما كنت تحذر من هم الدنيا وحزنها فقد امنت منه، ويقال له: رسول الله
صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة عليهما السلام امامك.
102 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد
عن الرضا عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أصبح قال لأصحابه: هل من مبشرات
يعني به الرؤيا.
103 - عنه عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفر
عليه السلام قال: قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله في قول الله عز وجل: " لهم البشرى
في الحياة الدنيا " قال هي الرؤيا الحسنة يرى المؤمن فيبشر بها في دنياه.
104 - في تفسير العياشي عن عبد الرحيم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: انما
أحدكم حين تبلغ نفسه هيهنا ينزل عليه ملك الموت فيقول: اما ما كنت ترجو فقد
أعطيته، واما ما كنت تخافه فقد أمنت منه ويفتح له باب إلى منزله من الجنة ويقال له:
انظر إلى مسكنك من الجنة وانظر هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين عليهم السلام

(1) الحرورية طائفة من الخوارج منسوبة إلى حروراء وهي قرية بالكوفة، ونجدة:
رئيسهم.
312

رفقاؤك وهو قول الله: " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا
وفي الآخرة ".
105 - عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يصنع بأحد عند
الموت؟ قال: اما والله يا أبا حمزة ما بين أحدكم وبين أن يرى مكانه من الله ومكانه
منا الا ان تبلغ نفسه هيهنا، ثم أهوى يده إلى نحره، الا أبشرك يا أبا حمزة؟ فقلت:
بلى جعلت فداك، فقال: إذا كان ذلك أتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام معه قعد
عند رأسه فقال له إذا كان ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله أما تعرفني؟ أنا رسول الله هلم إلينا فما
امامك خير لك مما خلفت اما ما كنت تخاف فقد أمنته، واما ما كنت ترجو فقد هجمت
عليه أيتها الروح أخرجي إلى روح الله ورضوانه، فيقول له علي عليه السلام مثل قول
رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال: يا أبا حمزة ألا أخبرك بذلك في كتاب الله قول الله: " الذين
آمنوا وكانوا يتقون " الآية.
106 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن
إسماعيل عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمد الجعفي وعقبة جميعا عن أبي جعفر عليه السلام
قال: إن الله عز وجل خلق الخلق، فخلق من أحب مما أحب، فكان ما أحب ان
خلقه من طينة الجنة، وخلق من أبغض مما أبغض فكان ما أبغض ان خلقه
من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال فقلت: وأي شئ الظلال؟ فقال: ألم تر إلى
ظلك في الشمس شيئا وليس بشئ ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الاقرار بالله عز وجل
وهو قوله عز وجل: " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله " ثم دعوهم إلى الاقرار بالنبيين
فأقر بعضهم ثم دعوهم إلى ولايتنا فاقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض، وهو قوله:
ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ثم قال أبو جعفر عليه السلام: كان
التكذيب ثم.
107 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
قال: إن الله خلق الخلق وهم أظلة فأرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وآله فمنهم من آمن به
ومنهم من كذبه، ثم بعثه في الخلق الاخر فآمن به من كان آمن به في الأظلة وجحده
313

من جحد به يومئذ، فقال: " ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ".
108 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " ثم بعثنا من بعده رسلا إلى
قومهم " إلى قوله: " كذبوا من قبل " قال: بعث الله الرسل إلى الخلق وهم في أصلاب
الرجال وارحام النساء، فمن صدق حينئذ صدق بعد ذلك، ومن كذب حينئذ كذب
بعد ذلك.
109 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله عز وجل: وقال موسى لقومه يا قوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم
مسلمين وقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين فان قوم موسى
استعبدهم آل فرعون وقالوا: لو كان لهؤلاء على الله كرامة كما يقولون ما سلطنا
عليهم فقال موسى لقومه: " يا قوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين "
إلى قوله: " من القوم الكافرين ".
110 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم في قوله: " ربنا
لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين " قال: لا تسلطهم علينا فتفتنهم بنا.
111 - في تهذيب الأحكام في دعاء مروى عنهم عليهم السلام ودعاك المؤمنون
فقالوا: " ربنا لا تجعلنا فتنه للقوم الظالمين ".
112 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق
بين العترة والأمة حديث طويل وفيه: قالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء
في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر
موطنا وموضعا، فأول ذلك قوله عز وجل إلى أن قال عليه السلام: واما الرابعة فاخراجه
صلى الله عليه وآله الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس فقال:
يا رسول الله تركت عليا وأخرجتنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما تركته وأخرجتكم
ولكن الله عز وجل تركه وأخرجكم، وفي هذا تبيان قوله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: أنت
مني بمنزلة هارون من موسى، قالت العلماء: وأين هذا من القرآن؟ قال أبو الحسن
عليه السلام: أوجدكم في ذلك قرآنا وأقرأه عليكم، قالوا: هات قال قول الله عز وجل
314

وأوحينا إلى موسى وأخيه ان تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم
قبلة ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى، وفيها أيضا منزلة علي عليه السلام
من رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا دليل ظاهر في قول رسول الله صلى الله عليه وآله حين قال: الا ان هذا
المسجد لا يحل لجنب الا لمحمد وآله، قالت العلماء: يا أبا الحسن هذا الشرح وهذا
البيان لا يوجد الا عندكم معشر أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: ومن ينكر لنا ذلك و
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: انا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها
ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره
معاند، ولله تعالى الحمد على ذلك فهذه الرابعة.
113 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي رافع قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
خطب الناس فقال: أيها الناس ان الله عز وجل أمر موسى وهارون ان يبنيا لقومهما
بمصر بيوتا وأمرهما ان لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقرب فيه النساء الا هارون و
ذريته، وان عليا عليه السلام مني بمنزلة هارون من موسى فلا يحل لاحد أن يقرب النساء
في مسجدي ولا يبيت فيه جنبا الا علي وذريته فمن ساءه ذلك فهيهنا وضرب بيده نحو الشام.
114 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا جعفر بن
محمد بن مالك عن عباد بن يعقوب عن محمد بن يعقوب عن جعفر الأحول عن منصور عن
أبي إبراهيم عليه السلام قال: لما خافت بنو إسرائيل جبابرتها أوحى الله تعالى إلى موسى و
هارون عليهما السلام " ان تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة " قال:
أمروا أن يصلوا في بيوتهم.
115 - حدثنا أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن
أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: فكان هارون أخا موسى لأبيه وأمه؟ قال: نعم، إلى
قوله: قلت: وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: كان الوحي ينزل على موسى
وموسى يوحيه إلى هارون.
116 - في كتاب الخصال عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: أملى الله (1)

(1) اي أمهله.
315

تعالى لفرعون ما بين الكلمتين أربعين سنة ثم اخذه الله نكال الآخرة والأولى، وكان بين
ان قال الله عز وجل لموسى وهارون: " قد أجيبت دعوتكما " وبين ان عرفه الإجابة
أربعون ثم قال: قال جبرئيل عليه السلام: نازلت ربي في فرعون منازلة شديدة، فقلت:
يا رب تدعه وقد قال: انا ربكم الاعلى؟ فقال: انما يقول مثل هذا عبد مثلك.
117 - في أصول الكافي ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
بين قول الله عز وجل: " قد أجيبت دعوتكما " وبين اخذ فرعون، أربعين عاما.
118 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: دعى موسى وأمن هارون عليهما السلام وأمنت الملائكة
فقال الله تعالى: " قد أجيبت دعوتكما فاستقيما " ومن غزا في سبيل الله استجبت له كما
استجبت لكما يوم القيمة.
119 - في عيون الأخبار باسناده إلى إبراهيم بن محمد الهمداني قال:
قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: لأي علة غرق الله تعالى فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده
قال: لأنه آمن عند رؤية البأس، والايمان عند رؤية البأس غير مقبول، وذلك حكم الله
تعالى ذكره في السلف والخلف، قال الله تعالى: " فلما رأوا باسنا قالوا آمنا بالله وحده و
كفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا باسنا " وقال عز وجل: " يوم
يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها
خيرا " وهكذا فرعون لما أدركه الغرق قال آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو
إسرائيل وانا من المسلمين فقيل له الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين
فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية. وقد كان فرعون من
قرنه إلى قدمه في الحديد قد لبسه على بدنه فلما غرق ألقاه الله تعالى على نجوة
(1) من الأرض ببدنه ليكون لمن بعده علامة فيرونه مع تثقله بالحديد على
مرتفع من الأرض، وسبيل الثقل أن يرسب ولا يرتفع، فكان ذلك آية وعلامة،
ولعلة أخرى أغرقه الله تعالى وهي انه استغاث بموسى لما أدركه الغرق و

(1) النجوة: ما ارتفع من الأرض.
316

لم يستغث بالله، فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى لم تغث فرعون لأنك لم تخلقه ولو
استغاث بي لأغثته.
120 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن أبي عمير عن موسى بن جعفر
عليهما السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: اما قوله: " لعله يتذكر أو يخشى " فإنما قال
ليكون أحرص لموسى على الذهاب، وقد علم الله عز وجل ان فرعون لا يتذكر ولا
يخشى الا عند رؤية البأس، ألا تسمع الله عز وجل يقول: " حتى إذا أدركه الغرق قال
آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وانا من المسلمين " فلم يقبل الله ايمانه
وقال: " الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين "
121 - في مجمع البيان " الآن وقد عصيت " الآية وروى عن أبي جعفر عليه السلام
" ألان " بالقاء حركة الهمزة على اللام وحذف الهمزة.
122 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فاتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا إلى
قوله: " وانا من المسلمين " فان بني إسرائيل قالوا: يا موسى ادع الله تعالى ان يجعل لنا
مما نحن فيه فرجا فدعى فأوحى الله إليه: ان سر بهم قال: يا رب البحر امامهم؟ قال: امض
فاني آمره ان يطيعك فينفرج لك فخرج موسى ببني إسرائيل واتبعهم فرعون حتى
إذا كاد أن يلحقهم ونظروا إليه قد أظلهم، قال موسى للبحر: انفرج لي قال: ما كنت
لافعل، وقالت بنو إسرائيل لموسى: غررتنا وأهلكتنا فليتك تركتنا يستعبدنا آل
فرعون ولم نخرج الان نقتل قتلة؟ " قال كلا ان معي ربي سيهدين " واشتد على موسى
ما كان يصنع به عامة قومه، " وقالوا يا موسى انا لمدركون " زعمت أن البحر ينفرج
لنا حتى نمضى ونذهب وقد رهقنا (1) فرعون وقومه وهم هؤلاء تريهم قد دنوا منا،
فدعا موسى ربه فأوحى الله إليه: ان اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق البحر، فمضى موسى
وأصحابه حتى قطعوا البحر وادركهم آل فرعون فلما نظروا إلى البحر قالوا لفرعون: ما
تعجب مما ترى؟ قال انا فعلت هذا فمروا وامضوا فيه، فلما توسط فرعون ومن معه أمر الله

(1) اي لحقنا.
317

البحر فاطبق عليهم فغرقهم أجمعين، فلما أدرك فرعون الغرق " قال آمنت انه لا اله الا الذي
آمنت به بنو إسرائيل وانا من المسلمين " يقول الله عز وجل: " ألآن وقد عصيت قبل وكنت
من المفسدين " يقول: كنت من العاصين " فاليوم ننجيك ببدنك " قال: إن قوم فرعون
ذهبوا أجمعين في البحر فلم ير منهم أحد في البحر هووا إلى النار فاما فرعون فنبذه
الله عز وجل وحده فألقاه بالساحل لينظروا إليه ليعرفوه ليكون لمن خلفه آية
ولئلا يشك أحد في هلاكه، انهم كانوا اتخذوه ربا فأراهم الله عز وجل إياه جيفة ملقاة
بالساحل ليكون لمن خلفه عبرة وعظة، يقول الله " وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ".
123 - قال علي بن إبراهيم قال الصادق عليه السلام: ما اتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله الا كئيبا
حزينا ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون، فلما أمره الله بنزول هذه الآية " الان
وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " نزل عليه وهو ضاحك مستبشر، فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: ما أتيتني يا جبرئيل الا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة؟ قال: نعم
يا محمد لما غرق الله فرعون " قال آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وانا
من المسلمين " فأخذت حمأة (1) فوضعتها في فيه، ثم قلت له: " الان وقد عصيت
قبل وكنت من المفسدين " وعملت ذلك من غير أمر الله عز وجل خفت أن يلحقه
الرحمة من الله عز وجل ويعذبني الله على ما فعلت، فلما كان الان وأمرني الله عز وجل
ان أؤدي إليك ما قلته انا لفرعون أمنت وعلمت ان ذلك كان لله تعالى رضا.
124 - في تفسير العياشي عن أبي عمرو عن بعض أصحابنا يرفعه قال:
لما صار موسى في البحر، اتبعه فرعون وجنوده، قال: فتهيب فرس فرعون ان يدخل
البحر، فتمثل له جبرئيل عليه السلام على رمكة (2) فلما رأى فرس فرعون الرمكة اتبعها،
فدخل البحر هو وأصحابه فغرقوا.
125 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " فاليوم ننجيك ببدنك "
فان موسى عليه السلام أخبر بني إسرائيل ان الله عز وجل قد أغرق فرعون فلم يصدقوه،
فأمر الله عز وجل البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتا، وقوله عز وجل:

(1) الحمأة: الطين الأسود المنتن (2) الرمكة: لاثني من البراذين والفرس تتخذ للنسل.
318

ولقد بؤنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم قال: ردهم إلى مصر وغرق فرعون.
126 - في كتاب علل الشرايع حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه
قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا علي بن عبد الله عن بكر
بن صالح عن أبي الخير عن محمد بن حسان عن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل الدارمي
عن محمد بن سعيد الأذخري وكان ممن يصحب موسى بن محمد بن علي الرضا
ان موسى اخبره ان يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل فيها: وأخبرني عن
قول الله عز وجل: فان كنت في شك مما نزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك
من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب به النبي صلى الله عليه وآله ليس قد شك فيما انزل الله
عز وجل إليه، وإن كان المخاطب به غيره فعلى غيره إذا انزل الكتاب؟ قال موسى:
فسألت أخي علي بن محمد عليه السلام عن ذلك قال: اما قوله: " فان كنت في شك مما
أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " فان المخاطب بذلك رسول الله
صلى الله عليه وآله ولم يكن في شك مما انزل الله عز وجل، ولكن قالت الجهلة: كيف لا يبعث
إلينا نبيا من الملائكة انه لم يفرق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب
والمشي في الأسواق، فأوحى الله عز وجل إلى نبيه صلى الله عليه وآله: فاسئل الذين يقرؤن
الكتاب من قبلك بمحضر من الجهلة هل بعث الله رسولا قبلك الا وهو يأكل الطعام
ويمشي في الأسواق ولك بهم أسوة وانما قال: " وان كنت في شك " ولم يكن ولكن
ليتبعهم كما قال له عليه السلام: " فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا و
أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " ولو قال تعالى نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم
يكونوا يجيبون للمباهلة وقد عرف ان نبيه عليه السلام مؤد عنه رسالته وما هو من الكاذبين، و
كذلك عرف النبي صلى الله عليه وآله انه صادق فيما يقول، ولكن أحب ان ينصف من نفسه.
127 - وباسناده إلى إبراهيم بن عمير رفعه إلى أحدهما عليهما السلام في قول الله
عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " فان كنت في شك مما نزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب
من قبلك " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا شك ولا أشك (1)

(1) كذا في النسخ وفي المصدر " لا شك ولا أشك " وفي المنقول عن كتاب العلل في تفسير *
319

128 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن عمرو بن سعيد الراشدي
عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء وأوحى
إليه في علي ما أوحى من شرفه ومن عظمته عند الله، ورد إلى البيت المعمور وجمع
له النبيين وصلوا خلفه عرض في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله من عظم ما أوحى إليه في علي
عليه السلام، فأنزل الله: " فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب
من قبلك " يعني الأنبياء فقد أنزلنا إليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك لقد
جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا
بآيات الله فتكون من الخاسرين فقال الصادق عليه السلام: فوالله ما شك وما سأل.
129 - في تفسير العياشي عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله:
" فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " قال: لما
اسرى بالنبي صلى الله عليه وآله ففرغ من مناجاة ربه رد إلى البيت المعمور وهو بيت في السماء
الرابعة بحذاء الكعبة، فجمع الله له النبيين والمرسلين والملائكة، ثم أمر جبرئيل
فاذن وأقام الصلاة، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بهم، فلما فرغ التفت إليهم فقال له:
" فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك لقد جائك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين "
فسألهم يومئذ النبي صلى الله عليه وآله ثم نزل (1).
130 - في الخرايج والجرايح في روايات الخاصة ان أبا جعفر عليه السلام قال إن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما اسرى بي نزل جبرئيل بالبراق وهو أصغر من البغل وأكبر من
الحمار مضطرب الاذنين عيناه في حوافره خطاه مد البصر، وله جناحان يجريان به من خلفه
عليه سرج من ياقوت فيه من كل لون أهدب العرف الأيمن (2) فوقفه على باب خديجة و

* الصافي " لا أشك ولا اسئل " وهو الظاهر كما استظهره في هامش العلل أيضا زميلنا الفاضل المحقق
دامت توفيقاته. وسيأتي نظيره في الحديث الآتي.
(1) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا " فلما فرغ التفت إليه فقال: " فاسئل الذين
يقرؤن الكتاب من قبلك " إلى قوله " مهتدين " ثم ذكر الحديث الآتي عن أبي عبيدة الحذاء.
(2) العرف - بالضم -: شعر عنق الفرس. وأهدب العرف اي طويله وكثيره مرسلا من
الجانب الأيمن.
320

دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله فمرح البراق (1) فخرج إليه جبرئيل وقال: أسكن فإنما
يركبك أحب خلق الله إليه، فسكن فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فركب ليلا فتوجه نحو بيت
المقدس فاستقبله شيخ فقال جبرئيل: هذا أبوك إبراهيم فثنى رجله وهم بالنزول فقال
جبرئيل: كما أنت فجمع ما شاء من الأنبياء في بيت المقدس، فأذن جبرئيل وتقدم
رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بهم ثم قال أبو جعفر عليه السلام: في قوله تعالى: " فان كنت في
شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " هؤلاء الأنبياء الذين
جمعوا " فلا تكونن من الممترين " قال فلم يشك رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يسأل.
131 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: ان الذين حقت عليهم كلمة
ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم قال: الذين جحدوا
أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقوله تعالى: " ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا
يؤمنون " قال: عرضت عليهم الولاية وقد فرض الله تعالى عليهم الايمان بها فلم يؤمنوا.
132 - في تفسير العياشي عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام كتب
أمير المؤمنين عليه السلام قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله ان جبرئيل عليه السلام حدثه ان يونس
ابن متى بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلثين سنة وكان رجلا تعتريه الحدة (2) وكان قليل
الصبر على قومه والمداراة لهم عاجزا عما حمل من ثقل حمل أوقار النبوة واعلامها وانه
تفسخ تحتها كما يتفسخ الجذع تحت حمله (3) وانه أقام فيهم يدعوهم إلى الايمان بالله
والتصديق به واتباعه ثلثا وثلثين سنة، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه الا رجلان اسم
أحدهما روبيل والآخر تنوخا، وكان روبيل من أهل بيت العلم والنبوة والحكمة و
كان قديم الصحبة ليونس بن متي من قبل ان يبعثه الله بالنبوة، وكان تنوخا رجلا
مستضعفا عابدا زاهدا منهمكا في العبادة (4) وليس له علم ولا حكم. وكان روبيل

(1) المرح: شدة النشاط والفرح.
(2) اي يصيبه البأس والغضب.
(3) تفسخ الربع تحت الحمل: ضعف وعجز ولم يطقه.
(4) انهمك في الامر: جد فيه ولج.
321

صاحب غنم يرعاها ويتقوت منها، وكان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه و
يأكل من كسبه، وكان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم روبيل و
حكمته وقديم صحبته، فلما رأى يونس ان قومه لا يجيبونه ولا يؤمنون ضجر وعرف
من نفسه قلة الصبر فشكى ذلك إلى ربه، وكان فيما شكى ان قال: يا رب انك بعثتني
إلى قومي ولي ثلثون سنة، فلبثت فيهم ادعوهم إلى الايمان بك والتصديق برسالتي
وأخوفهم عذابك ونقمتك ثلثا وثلثين سنة فكذبوني ولم يؤمنوا بي وجحدوا نبوتي
واستخفوا برسالتي وقد تواعدوني وخفت ان يقتلوني فأنزل عليهم عذابك فإنهم قوم
لا يؤمنون.
قال: فأوحى الله إلى يونس ان فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير
والمرأة الضعيفة والمستضعف المهين، وانا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبي لا أعذب
الصغار بذنوب الكبار من قومك، وهم يا يونس عبادي وخلقي وبريتي في بلادي وفي عيلتي
أحب ان اتأناهم (1) وارفق بهم وانتظر توبتهم، وانما بعثتك إلى قومك لتكون حيطا عليهم
تعطف عليهم سخاء الرحمة الماسة منهم وتأناهم برأفة النبوة فاصبر معهم بأحلام الرسالة
وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوي العالم بمداواة الدواء فخرجت بهم ولم تستعمل قلوبهم
بالرفق ولم تسهم بسياسه المرسلين، ثم سألتني مع سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر
منك، وعبدي نوح كان أصبر منك على قومه، وأحسن صحبة وأشد تأنيا في الصبر
عندي وأبلغ في العذر، فغضبت له حين غضب لي وأجبته حين دعاني.
فقال يونس: يا رب انما غضبت عليهم فيك، وانما دعوت عليهم حين غضبوك،
فوعزتك لا انعطف عليهم برأفة ابدا ولا انظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم وتكذيبهم
إياي وجحد نبوتي، فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون ابدا، فقال الله: يا يونس
انهم مأة الف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي، ومحبتي ان أتاناهم
للذي سبق من علمي فيهم وفيك، وتقديري وتدبيري غير علمك وتقديرك، وأنت المرسل
وانا الرب الحكيم، وعلمي فيهم يا يونس باطن في الغيب عندي لا يعلم ما منتهاه، وعلمك

(1) من التأني اي الرفق والمداراة.
322

فيهم ظاهر لا باطن له يا يونس قد أجبتك إلى ما سألت من انزال العذاب عليهم، وما ذلك يا
يونس بأوفر لحظك عندي ولا أحمد لشأنك وسيأتيهم العذاب في شوال يوم الأربعاء وسط
الشهر بعد طلوع الشمس فأعلمهم ذلك.
قال: فمر يونس ولم يسؤه ولم يدر ما عاقبته فانطلق يونس إلى تنوخا العابد
فأخبره بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم وقال له: انطلق حتى
اعلمهم بما أوحى الله إلي من نزول العذاب، فقال تنوخا: فدعهم في غمرتهم ومعصيتهم
حتى يعذبهم الله فقال له يونس: بل نلقى روبيل فنشاوره فإنه رجل عالم حكيم من أهل بيت
النبوة فانطلقا إلى روبيل فأخبره يونس بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على
قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فقال له: ما ترى انطلق
بنا حتى اعلمهم ذلك؟ فقال له روبيل: ارجع إلى ربك رجعة نبي حكيم ورسول كريم و
أسأله ان يصرف عنهم العذاب فإنه غنى عن عذابهم وهو يحب الرفق بعباده، وما ذلك، بأضر
لك عنده ولا أسوء لمنزلتك لديه ولعل قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم و
جحودهم يؤمنون يوما فصابرهم وتأناهم، فقال له تنوخا: ويحك ياروبيل ما أشرت
على يونس وأمرته به بعد كفرهم بالله وجحدهم لنبيه وتكذيبهم إياه، واخراجهم إياه
من مساكنه وما هموا به من رجمه فقال روبيل لتنوخا: اسكت فإنك رجل عابد لا علم
لك ثم اقبل على يونس فقال: أرأيت يا يونس إذا انزل الله العذاب على قومك أنزله
فيهلكهم جميعا أو يهلك بعضا ويبقى بعض؟ فقال له يونس: بل يهلكهم جميعا وكذلك
سألته، ما دخلتني لهم رحمة تعطف فأراجع الله فيهم واسأله ان يصرف عنهم، فقال له
روبيل: أتدري يا يونس لعل الله إذا انزل عليهم العذاب فأحسوا به ان يتوبوا
إليه ويستغفروه فيرحمهم، فإنه ارحم الراحمين ويكشف عنهم العذاب من بعد
ما أخبرتهم عن الله انه ينزل عليهم العذاب يوم الأربعاء فتكون بذلك
عندهم كذابا؟ فقال له تنوخا: ويحك ياروبيل لقد قلت عظيما يخبرك النبي المرسل
ان الله أوحى إليه ان العذاب ينزل عليهم فترد قول الله وتشك فيه وفي قول رسوله،
اذهب فقد حبط عملك، فقال روبيل لتنوخا: لقد فسد رأيك ثم اقبل على يونس فقال:
323

أنزل الوحي والامر من الله فيهم على ما أنزل عليك فيهم من انزال العذاب عليهم وقوله
الحق، أرأيت إذا كان ذلك فهلك قومك كلهم وخربت قريتهم أليس يمحو الله اسمك
من النبوة وتبطل رسالتك وتكون كبعض ضعفاء الناس ويهلك على يدك مأة ألف
من الناس.
فأبى يونس أن يقبل وصيته فانطلق ومعه تنوخا إلى قومه فأخبرهم ان الله أوحى
إليه انه منزل العذاب عليهم يوم الأربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس،
فردوا عليه قوله وكذبوه وأخرجوه من قريتهم اخراجا عنيفا (1) فخرج يونس و
معه تنوخا من القرية وتنحيا عنهم غير بعيد وأقاما ينتظران العذاب. وأقام روبيل مع
قومه في قريتهم حتى إذا دخل عليهم شوال صرخ روبيل (2) بأعلى صوته في رأس
الجبل إلى القوم: انا روبيل الشفيق عليكم الرحيم بكم إلى ربه، قد أنكرتم عذاب الله
هذا شوال قد دخل عليكم وقد أخبركم يونس نبيكم ورسول ربكم ان الله أوحى إليه:
ان العذاب ينزل عليكم في شوال في وسط الشهر يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس ولن
يخلف الله وعده رسله فانظروا ماذا أنتم صانعون؟
فأفزعهم كلامه فوقع في قلوبهم تحقيق نزول العذاب فأجفلوا (3) نحو
روبيل وقالوا له: ماذا أنت مشير به علينا يا روبيل؟ فإنك رجل عالم حكيم لم نزل
نعرفك بالرقة علينا والرحمة لنا وقد بلغنا ما أشرت به على يونس فمرنا بأمرك وأشر
علينا برأيك؟ فقال لهم روبيل: فاني أرى لكم وأشير عليكم ان تنظروا وتعمدوا إذا
طلع الفجر يوم الأربعاء في وسط الشهر أن تعزلوا الأطفال عن الأمهات في أسفل الجبل
في طريق الأودية، وتقفوا النساء في سفح الجبل (4) ويكون هذا كله قبل طلوع
الشمس، فعجوا عجيج الكبير منكم والصغير بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله والتوبة إليه

(1) العنف: ضد الرفق والعنيف: الشديد من القول والسير.
(2) صراخ صراخا: صاح شديدا.
(3) اي أسرعوا نحوه بالذهاب.
(4) السفح: أسفل الجبل.
324

والاستغفار له، وارفعوا رؤسكم إلى السماء وقولوا: ربنا ظلمنا وكذبنا نبيك وتبنا
إليك من ذنوبنا وان لا تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين المعذبين فاقبل
توبتنا وارحمنا يا أرحم الراحمين، ثم لا تملوا من البكاء والصراخ والتضرع إلى الله
والتوبة إليه حتى توارى الشمس بالحجاب أو يكشف الله عنكم العذاب قبل ذلك.
فاجمع رأي القوم جميعا على أن يفعلوا ما أشار به عليهم روبيل، فلما كان
يوم الأربعاء الذي توقعوا العذاب تنحى روبيل عن القرية حيث يسمع صراخهم ويرى
العذاب إذا نزل، فلما طلع الفجر يوم الأربعاء فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به
فلما بزغت الشمس (1) أقبلت ريح صفراء مظلمة مسرعة لها صرير وحفيف (2)
فلما رأوها عجوا جميعا بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله وتابوا إليه واستغفروه
وصرخت الأطفال بأصواتها تطلب أمهاتهم، وعجت سخال البهائم (3) تطلب الثدي
وعجت الانعام تطلب الرعا، فلم يزالوا بذلك ويونس وتنوخا يسمعان صيحتهم و
صراخهم ويدعوان الله عليهم بتغليظ العذاب عليهم وروبيل في موضعه يسمع صراخهم
وعجيجهم ويرى ما نزل وهو يدعو الله بكشف العذاب عنهم.
فلما أن زالت الشمس وفتحت أبواب السماء وسكن غضب الرب تعالى
رحمهم الرحمن فاستجاب دعاؤهم وقبل توبتهم وأقالهم عثرتهم، وأوحى إلى إسرافيل
عليه السلام ان اهبط إلى قوم يونس فإنهم قد عجوا إلي بالبكاء والتضرع وتابوا إلي و
استغفروني فرحمتهم وتبت عليهم، وانا الله التواب الرحيم أسرع إلى قبول توبة عبدي
التائب من الذنوب، وقد كان عبدي يونس ورسولي سألني نزول العذاب على قومه
وقد أنزلته عليهم وأنا الله أحق من وفى بعهده وقد أنزلته عليهم ولم يكن اشترط
يونس حين سألني أن أنزل عليهم العذاب ان أهلكهم فاهبط إليهم فاصرف عنهم ما قد

(1) بزغت الشمس: طلعت.
(2) الصرير: الصوت الشديد. وحفيف الريح: صوتها في كل ما مرت به.
(3) السخال: جمع السخلة: ولد الشاة.
325

نزل بهم من عذابي، فقال إسرافيل: يا رب ان عذابك قد بلغ أكتافهم وكاد ان
يهلكهم وما أراه الا وقد نزل بساحتهم فإلى أين اصرفه؟ فقال الله: كلا اني قد أمرت ملائكتي
ان يصرفوه ولا ينزلوه عليهم حتى يأتيهم أمري فيهم وعزيمتي، فأهبط يا إسرافيل
عليهم واصرفه عنهم، واصرف به إلى الجبال بناحية مفاوض العيون ومجاري السيول
في الجبال العاتية (1) العادية المستطيلة على الجبال، فأذلها به ولينها حتى تصير
ملتئمة حديدا جامدا، فهبط إسرافيل فنشر أجنحته فاستاق بها (2) ذلك العذاب
حتى ضرب بها تلك الجبال التي أوحى الله إليه ان يصرفه إليها، قال أبو جعفر عليه السلام:
وهي الجبال التي بناحية الموصل اليوم فصارت حديدا إلى يوم القيمة.
فلما رأى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم من رؤس
الجبال وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم وحمدوا الله على ما صرف عنهم، و
أصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه لا يشكان ان العذاب
قد نزل بهم وأهلكهم جميعا لما خفيت أصواتهم عنهما، فاقبلا ناحية القرية يوم
الخميس مع طلوع الشمس ينظران إلى ما صار إليه القوم فلما دنوا من القوم و
استقبلتهم الحطابون والحماة والرعاة بأعناقهم ونظروا إلى أهل القرية مطمئنين قال
يونس لتنوخا: يا تنوخا كذبني الوحي (3) وكذبت وعدي لقومي لا وعزة ربي
لا يرون لي وجها ابدا بعد ما كذبني الوحي، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا
لربه ناحية بحر أيلة (4) مستنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه فيقول له: يا
كذاب، فلذلك قال الله: " وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه " الآية و

(1) الجبال العاتية: الكبيرة الطويلة.
(2) استاق الماشية: حثها على السير من خلف، عكس قادها.
(3) اي باعتقاد القوم.
(4) قال المجلسي (ره): قوله " مغاضبا لربه " اي على قومه لربه تعالى، اي كان غضبه
لله تعالى لا للهوى، أو خائفا عن تكذيب قومه لما تخلف عنه من وعد ربه " انتهى " وايلة: مدينة
على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، وقيل آخر الحجاز وأول الشام.
326

رجع تنوخا إلى القرية، فلقى روبيل فقال له يا تنوخا: اي الرأيين كان أصوب
وأحق؟ أرأيي أو رأيك؟ فقال له تنوخا: بل رأيك كان أصوب ولقد كنت أشرت
برأي العلماء والحكماء، وقال له تنوخا: اما اني لم أزل أرى اني أفضل منك
لزهدي وفضل عبادتي حتى استبان فضلك لفضل علمك، وما أعطاك الله ربك
من الحكمة مع التقوى أفضل من الزهد والعبادة بلا علم، فاصطحبا فلم يزالا
مقيمين مع قومهما ومضى يونس على وجهه مغاضبا لربه، فكان من قصته ما أخبر الله في
كتابه إلى قوله: " فآمنوا فمتعناهم إلى حين ".
قال أبو عبيدة: قلت لأبي جعفر عليه السلام كم كان غاب يونس عن قومه حتى
رجع إليهم بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه؟ قال: أربعة أسابيع سبعا منها في
ذهابه إلى البحر، وسبعا في بطن الحوت، وسبعا تحت الشجرة بالعراء وسبعا منها
في رجوعه إلى قومه فقلت له: وما هذه الأسابيع شهورا وأيام أو ساعات فقال: يا أبا عبيدة ان
العذاب اتاهم يوم الأربعاء في النصف من شوال، وصرف عنهم من يومهم ذلك، فانطلق يونس
مغاضبا فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره إلى البحر، وسبعة أيام في بطن الحوت،
وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء وسبعة أيام في رجوعه إلى قومه، فكان ذهابه ورجوعه
ثمانية وعشرين يوما، ثم أتاهم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه فلذلك قال: فلولا كانت
قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في
الحياة الدنيا ومتعناهم.
133 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أظل قوم يونس العذاب دعوا الله
فصرفه عنهم، قلت: كيف ذلك؟ قال: كان في العلم انه يصرف عنهم.
134 - عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن يونس لما آذاه قومه دعى الله
عليهم فأصبحوا أول يوم صفر، وأصبحوا اليوم الثاني ووجوههم سود، قال: وكان
الله أوعدهم أن يأتيهم العذاب حتى نالوه برماحهم، ففرقوا بين النساء وأولادهن، والبقر
وأولادها ولبسوا المسوح (1) والصوف ووضعوا الحبال في أعناقهم، والرماد

(1) المسوح جمع المسح - بالكسر -: الكساء من شعر.
327

على رؤسهم، وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم، وقالوا: آمنا باله يونس، قال: فصرف الله عنهم
العذاب إلى جبال آمد (1) قال: وأصبح يونس وهو يظن أنهم هلكوا، فوجدهم في عافية.
135 - عن معمر قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ان يونس لما أمره الله بما أمره فأعلم
قومه فأظلهم العذاب فرقوا بينهم وبين أولادهم وبين البهايم وأولادها، ثم عجوا إلى الله
وضجوا فكشف الله العذاب عنهم. وهذان الحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.
136 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن أحمد
بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن كثير النوا عن أبي جعفر عليه السلام
أنه قال وقد ذكر يوم عاشورا: وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس.
137 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لأي علة صرف الله عز وجل العذاب عن قوم يونس وقد أظلهم ولم يفعل
ذلك بغيرهم من الأمم؟ فقال: لأنه كان في علم الله عز وجل انه سيصرفه عنهم لتوبتهم وانما
ترك اخبار يونس بذلك لأنه عز وجل أراد ان يفرغه لعبادته في بطن الحوت فيستوجب بذلك
ثوابه وكرامته.
138 - وباسناده إلى سماعة انه سمعه عليه السلام وهو يقول: ما رد الله العذاب عن قوم
قد أظلهم الا قوم يونس، فقلت: أكان قد أظلهم؟ فقال: نعم حتى نالوه بأكفهم، قلت:
فكيف كان ذلك؟ قال: كان في العلم المثبت عند الله عز وجل الذي لم يطلع عليه أحد انه
سيصرفه عنهم.
139 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال: قال
لي أبو عبد الله عليه السلام: ما رد الله عز وجل العذاب الا عن قوم يونس وكان يونس عليه السلام يدعوهم
إلى الاسلام فيأبوا ذلك، فهم ان يدعوا عليهم وكان فيهم رجلان: عابد وعالم. وكان اسم
أحدهما مليخا والآخر اسمه روبيل، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم وكان
العالم ينهاه، ويقول: لا تدعو عليهم فان الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده، فقبل
قول العابد ولم يقبل قول العالم، فدعى عليهم فأوحى الله إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا

(1) قال الحموي: آمد - بكسر الميم - أعظم ديار بكر.
328

وكذا في شهر كذا وكذا في يوم كذا وكذا، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد
وبقى العالم فيهم، فلما كان ذلك اليوم نزل العذاب فقال العالم لهم: يا قوم افزعوا إلى الله عز وجل
فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم، فقالوا: كيف نصنع؟ قال اجتمعوا وأخرجوا إلى
المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد وبين الإبل وأولادها، وبين البقر وأولادها وبين الغنم
وأولادها ثم ابكوا وادعوا، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا، فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب
وفرق العذاب على الجبال وقد كان نزل وقرب منهم، فاقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله
فرأى الزارعون يزرعون في أرضهم، قال لهم ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له ولم يعرفوه: ان
يونس دعا عليهم فاستجاب الله عز وجل له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا ودعوا فرحمهم
الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال، فهم اذن يطلبون يونس ليؤمنوا به
فغضب يونس ومر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله تعالى والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
140 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبث يونس في بطن حوت
ثلاثة أيام ونادى في الظلمات ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر: " لا إله إلا أنت
سبحانك اني كنت من الظالمين " فاستجاب الله له فأخرجه الحوت إلى الساحل ثم قذفه
فألقاه إلى الساحل وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهو القرع، فكان يمصه ويستظل به و
بورقه، وكان تساقط شعره ورق جلده، وكان يونس يسبح ويذكر الله بالليل والنهار فلما
ان قوى واشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع فذبلت القرعة ثم يبست، فشق
ذلك على يونس فظل حزينا، فأوحى الله إليه: مالك حزينا يا يونس؟ قال: يا رب هذه
الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست؟ قال: يا يونس أحزنت بشجرة
لم تزرعها ولم تسقها ولم تعن بها أن يبست حين استغنيت عنها، ولم تحزن لأهل نينوى
أكثر من مأة ألف أردت ان ينزل عليهم العذاب، ان أهل نينوى آمنوا واتقوا فارجع
إليهم، فانطلق يونس إلى قومه فلما دنى من نينوى استحيى أن يدخل، فقال لراع
لقيه: إئت أهل نينوى فقل لهم: ان يونس قد جاء، قال الراعي: أتكذب أما تستحيي
ويونس قد غرق في البحر وذهب؟ قال له يونس: اللهم ان هذه الشاة تشهد لك أني
329

يونس، فأنطقت الشاة له بأنه يونس، فلما أتى الراعي قومه وأخبرهم أخذوه وهموا
بضربه، فقال: لي بينة بما أقول، قالوا: من يشهد؟ قال: هذه الشاة تشهد، فشهدت
انه صادق وان يونس قد رده الله إليهم، فخرجوا يطلبونه فوجدوه فجاؤوا به وآمنوا
وحسن ايمانهم فمتعهم الله إلى حين وهو الموت وأجارهم من ذلك العذاب.
141 - وعن علي عليه السلام حديث طويل يقول في آخره: وأنبت الله عليه شجرة
من يقطين وهي الدبا فأظلته من الشمس فسكن، ثم أمر الشجرة فتنحت عنه ووقع
الشمس عليه فجزع، فأوحى الله إليه: يا يونس لم لم ترحم مأة ألف أو يزيدون وأنت
تجزع ساعة؟ فقال: رب عفوك عفوك، فرد الله بدنه ورجع إلى قومه وآمنوا به وهو
قوله: " فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم
عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ".
142 - في الكافي باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام:
ان جبرئيل استثنى في هلاك قوم يونس ولم يسمعه يونس.
143 - في روضة الكافي عنه عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله
ابن سنان عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل رياح رحمة
ورياح عذاب، فان شاء ان يجعل الرياح من العذاب رحمة فعل، قال: ولن يجعل
الرحمة من الريح عذابا قال: وذلك أنه لم يرحم قوما قط أطاعوه فكانت طاعتهم
إياه وبالا عليهم الا من بعد تحولهم عن طاعته، قال: وكذلك فعل بقوم يونس لما
آمنوا رحمهم الله بعد ما قد كان قدر عليهم العذاب وقضاه، ثم تداركهم برحمته
فجعل العذاب المقدر عليهم رحمة، فصرفه عنهم وقد أنزله عليهم وغشيهم، وذلك لما
آمنوا به وتضرعوا إليه.
144 - فيمن لا يحضره الفقيه وفي العلل التي ذكرها الفضل بن شاذان
" رحمه الله " عن الرضا عليه السلام قال: انما جعل للكسوف صلاة لأنه من آيات الله عز وجل
لا يدري الرحمة ظهرت أم لعذاب؟ فأحب النبي صلى الله عليه وآله ان تفزع أمته إلى خالقها و
راحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس حين
330

تضرعوا إلى الله عز وجل.
145 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار في
التوحيد حدثنا عبد الله بن تميم القرشي قال حدثنا أبي عن أحمد بن علي الأنصاري عن
أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى
الرضا عليه السلام عن قول الله جل ثناؤه: ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا
أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس ان تؤمن الا بإذن الله
فقال الرضا عليه السلام: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن
علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عليهم السلام
قال: إن المسلمين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله: لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من
الناس على الاسلام لكثر عددنا وقوتنا على عدونا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كنت لألقى الله
تعالى ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا وما انا من المتكلفين، فأنزل الله تبارك وتعالى عليه
يا محمد ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا على سبيل الالجاء والاضطرار في
الدنيا كما يؤمن عند المعاينة ورؤية البأس وفي الآخرة ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني
ثوابا ولا مدحا ولكني أريد منهم ان يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني
الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا
مؤمنين " واما قوله: " وما كان لنفس ان تؤمن الا بإذن الله " فليس ذلك على سبيل تحريم
الايمان عليها، ولكن على معنى انها ما كانت لتؤمن الا بإذن الله واذنه امره لها بالايمان
ما كانت مكلفة متعبدة، وإلجاؤه إياها إلى الايمان عند زوال التكليف والتعبد عنها فقال
المأمون: فرجت عني فرج الله عنك.
146 - في كتاب التوحيد أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري
عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا
يصعد إلى الله، لا تخاصموا الناس لدينكم، فان المخاصمة ممرضة للقلب، ان الله
عز وجل قال لنبيه: " انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " وقال: " أفأنت
331

تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " ذروا الناس فان الناس أخذوا عن الناس وانكم
أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله، واني سمعت أبي يقول: إن الله عز وجل إذا كتب على عبد
ان يدخل في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره (1).
147 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن
محمد بن عبد الله عن أحمد بن هلال عن أمية بن علي عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون
قال: الآيات هم الأئمة والنذر هم الأنبياء عليهم السلام.
148 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم
عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " وما تغنى الآيات
والنذر عن قوم لا يؤمنون " قال: لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله اتاه جبرئيل بالبراق
فركبها، فأتى بيت المقدس فلقى من لقى من اخوانه من الأنبياء صلوات الله عليهم
أجمعين ثم رجع، فحدث أصحابه اني أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة وقد جاءني
جبرئيل بالبراق فركبتها، وآية ذلك اني مررت بعير لأبي سفيان على ماء لبني
فلان، وقد أضلوا جملا لهم أحمر، وقد هم القوم في طلبه فقال بعضهم لبعض:
انما جاء الشام وهو راكب سريع، ولكنكم قد أتيتم الشام وعرفتموها فاسئلوه
عن أسواقها وأبوابها وتجارها، فقالوا: يا رسول الله كيف الشام وكيف أسواقها؟
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا سئل عن الشئ لا يعرفه شق عليه حتى يرى ذلك في
وجهه، قال: فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل عليه السلام فقال: يا رسول الله هذه الشام
قد رفعت لك فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتجارها،
فقال: أين السائل عن الشام؟ فقال له: فلان وفلان، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وآله في
كل ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم الا قليل: وهو قول الله تبارك وتعالى: " وما تغنى
الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: نعوذ بالله ان لا نؤمن بالله

(1) الوكر: عش الطائر.
332

149 - في تفسير العياشي عن محمد بن الفضل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
سألته عن شئ في الفرج؟ فقال: أوليس تعلم أن انتظار الفرج من الفرج؟ ان الله
يقول: انتظروا اني معكم من المنتظرين.
150 - عن مصقلة الطحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يمنعكم ان تشهدوا على من
مات منكم على هذا الامر انه من أهل الجنة ان الله يقول: كذلك حقا علينا ننج المؤمنين.
333

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي محمد بن علي عليهما السلام قال:
من قرأ سورة هود في كل جمعة بعثه الله عز وجل يوم القيمة في زمرة النبيين ولم يعرف
له خطيئة عملها يوم القيمة.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله من قرأها اعطى من الاجر
عشر حسنات بعدد من صدق بنوح وكذب به وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم و
موسى، وكان يوم القيمة من السعداء.
3 - وروى الثعلبي باسناده عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة قال: قيل: يا رسول الله
قد أسرع إليك الشيب؟ قال: - شيبتني هود وأخواتها.
4 - في كتاب الخصال عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله
قد أسرع إليك الشيب؟ قال شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتسائلون.
5 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام:
الر كتاب أحكمت آياته قال: هو القرآن من لدن حكيم خبير قال: من عند حكيم خبير
وان استغفروا ربكم يعنى المؤمنين وقوله تعالى: ويؤت كل ذي فضل فضله فهو
علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وقوله عز وجل: وان تولوا فاني أخاف عليكم عذاب
يوم كبير قال: الدخان والصيحة قوله عز وجل: الا انهم يثنون صدورهم ليستخفوا
منه يقول: يكتمون ما في صدورهم من بغض علي عليه السلام وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان
آية المنافق بغض علي عليه السلام وكان قوم يظهرون المودة لعلي عند النبي ويسرون بغضه فقال جل
ذكره: الا حين يستغشون ثيابهم فإنه كان إذا حدث بشئ من فضل علي صلوات الله عليه
أو تلا عليهم ما انزل الله فيه نفضوا ثيابهم ثم قاموا، يقول الله عز وجل: يعلم ما يسرون
وما يعلنون حين قاموا انه عليم بذات الصدور.
334

6 - في روضة الكافي ابن محبوب عن جميل بن صالح عن سدير عن أبي
جعفر عليه السلام قال أخبرني جابر بن عبد الله ان المشركين كانوا إذا مروا برسول
الله صلى الله عليه وآله حول البيت طأطأ أحدهم ظهره ورأسه هكذا، وغطى رأسه بثوبه حتى لا يراه
رسول الله صلى الله عليه وآله، فأنزل الله عز وجل: " الا انهم يثنون صدورهم لستخفوا منه
الا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ".
7 - في مجمع البيان روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر محمد بن علي و
جعفر بن محمد " يثنوني صدورهم " على يفعوعل.
8 - في تفسير العياشي عن محمد بن الفضيل عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال:
اتى رسول الله صلى الله عليه وآله رجل من أهل البادية فقال: يا رسول الله ان لي بنين وبنات واخوة و
أخوات وبني بنين وبني بنات وبني اخوة وبني أخوات، والمعيشة علينا خفيفة (1) فان رأيت
يا رسول الله ان تدعو الله أن يوسع علينا؟ قال: وبكى، فرق له [المسلمون فقال] رسول الله:
ما من دابة في الأرض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين
من كفل بهذه الأفواه المضمونة على الله رزقها صب الله عليه الرزق صبا كالماء المنهمر
ان قليل فقليلا وان كثير فكثيرا، قال: ثم دعى رسول الله صلى الله عليه وآله وأمن له المسلمون
قال: قال أبو جعفر عليه السلام فحدثني من رأى الرجل في زمن عمر فسأله عن حاله فقال: من
أحسن من حوله (2) حالا وأكثرهم مالا.
9 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: قسم أرزاقهم وأحصى آثارهم وأعمالهم وعدد
أنفاسهم وخائنة أعينهم وما تخفى صدورهم من الضمير ومستقرهم ومستودعهم من
الأرحام والظهور إلى أن تتناهى بهم الغايات.
10 - في عيون الأخبار حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي قال: حدثنا أبي
عن أحمد بن علي الأنصاري عن أبي الصلت عبد الله بن صالح الهروي قال: سئل المأمون أبا

(1) لعله مصحف " ضيقة ".
(2) في المصدر " خوله " بالخاء المعجمة. و " حلالا " بدل " حالا " وهو من خوله الله المال:
أعطاه إياه متفضلا وملكه إياه.
335

الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: وهو الذي خلق السماوات
والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا فقال: ان
الله تعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والأرض فكانت الملائكة
تستدل بأنفسها وبالعرش والماء على الله تعالى، ثم جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك
قدرته للملائكة فتعلم انه على كل شئ قدير، ثم رفع العرش بقدرته ونقله فجعله
فوق السماوات السبع ثم خلق السماوات [السبع] والأرض في ستة أيام وهو مستول على عرشه
وكان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين ولكنه عز وجل خلقها في ستة أيام ليظهر للملائكة
ما يخلقه منها شيئا بعد شئ فيستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى مرة بعد مرة، ولم يخلق
الله العرش لحاجة به إليه، لأنه غني عن العرش وعن جميع ما خلق لا يوصف بالكون
على العرش، لأنه ليس بجسم تعالى عن صفة خلقه علوا كبيرا، واما قوله عز وجل:
" ليبلوكم أيكم أحسن عملا " فإنه عز وجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته
على سبيل الاحتمال والتجربة، لأنه لم يزل عليما بكل شئ، فقال المأمون: فرجت
عني يا أبا الحسن فرج الله عنك.
11 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن إسماعيل عن
بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تعالى خلق الدنيا في ستة أيام ثم اختزلها (1)
عن أيام السنة والسنة ثلاثمائة وأربع وخمسون يوما.
12 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه:
واما قوله: " انما أعظكم بواحدة " فان الله جل ذكره أنزل عزايم الشرايع وآيات
الفرائض في أوقات مختلفة، كما خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ولو شاء أن يخلقها في
أقل من لمح البصر لخلق، ولكنه جعل الأناة والمداراة مثالا لأمنائه وايجابا للحجة على خلقه.
13 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: " وهو الذي خلق السماوات
والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء " وذلك في مبدأ الخلق، ان الرب تبارك و
تعالى خلق الهواء ثم خلق القلم فأمره أن يجري، فقال: يا رب بما أجري؟ فقال:

(1) اختزل الشئ: حذفه وقطعه.
336

بما هو كائن، ثم خلق الظلمة من الهواء وخلق النور من الهواء وخلق الماء من الهواء وخلق
العرش من الهواء وخلق العقيم من الهواء وهو الريح الشديد. وخلق النار من الهواء، وخلق
الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء، فسلط العقيم على الماء فضربته
فأكثرت الموج والزبد وجعل يثور دخانه في الهواء، فلما بلغ الوقت الذي أراد
قال للزبد: اجمد فجمد، وقال للموج: اجمد فجمد، فجعل الزبد أرضا وجعل الموج
جبالا رواس للأرض، فلما أجمدها قال للروح والقدرة: سويا عرشي إلى السماء، فسويا
عرشه إلى السماء، وقال للدخان: اجمد فجمد ثم قال له: ازفر (1) فزفر فناداها
" والأرض جميعا ائتيا طوعا أو كرها قالتا آتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين ومن
الأرض مثلهن " فلما اخذ في رزق خلقه خلق السماء وجنانها والملائكة يوم الخميس، وخلق الأرض يوم الأحد، وخلق دواب البر والبحر يوم الاثنين، وهما اليومان اللذان
يقول الله عز وجل: " أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين " وخلق الشجر ونبات
الأرض وأنهارها وما فيها والهوام في يوم الثلاثاء وخلق الجان وهو أبو الجن يوم السبت (2)
وخلق الطير في يوم الأربعاء، وخلق آدم في ست ساعات في يوم الجمعة، ففي هذه الستة
الأيام خلق الله السماوات والأرض وما بينهما.
14 - في روضة الكافي عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
الله خلق الخير يوم الأحد، وما كان ليخلق الشر قبل الخير وفي يوم الأحد والاثنين
خلق الأرضين، وخلق أقواتها يوم الثلاثاء، وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس
وخلق أقواتها يوم الجمعة، وذلك قول الله عز وجل " خلق السماوات والأرض وما بينهما
في ستة أيام ".
15 - في كتاب التوحيد حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق
رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل البرمكي:

(1) زفر النار: سمع صوت لتوقدها.
(2) قال المجلسي (ره): " يوم السبت " ليس في بعض النسخ وهو أظهر، ثم ذكر وجوها
على تقديره فراجع البحار ج 14: 17 ان شئت.
337

قال: حدثنا جذعان بن نصر أبو نصر الكندي قال: حدثنا سهل بن زياد الادمي عن الحسن بن
محبوب عن عبد الله بن كثير عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:
" وكان عرشه على الماء " فقال لي: ما يقولون؟ قلت: يقولون إن العرش كان على
الماء والرب فوقه، فقال: كذبوا، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوقين
ولزمه ان الشئ الذي يحمله أقوى منه، قلت: بين لي جعلت فداك، فقال: ان الله
عز وجل حمل علمه ودينه الماء قبل أن يكون سماء أو ارض أو انس أو جن أو شمس أو
قمر فلما أراد ان يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم: من ربكم؟ فكان أول من
نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم، فقالوا: أنت ربنا فحملهم
العلم والدين، ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة علمي وديني وأمنائي في خلقي وهم
المسؤولون، ثم قيل لبني آدم: أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة فقالوا: نعم
ربنا أقررنا فقال للملائكة: اشهدوا، فقالت الملائكة: " شهدنا على أن لا يقولوا انا
كنا عن هذا غافلين * أو يقولوا انما أشرك آبائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما
فعل المبطلون " ان ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق.
16 - في أصول الكافي محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن
عبد الرحمن بن كثير عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله عز وجل:
" وكان عرشه على الماء " فقال: ما يقولون؟ قلت: يقولون: ان العرش كان على الماء
والرب فوقه، فقال: كذبوا، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة
المخلوق ولزمه ان الشئ الذي يحمله أقوى، قلت: بين لي جعلت فداك، فقال: ان الله
حمل دينه وعلمه الماء قبل أن يكون سماء أو ارض، أو جن أو انس أو شمس أو قمر.
17 - محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب
عن علي بن رئاب عن سدير الصيرفي قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليه السلام
عن قول الله عز وجل: " بديع السماوات " فقال أبو جعفر عليه السلام: ان الله عز وجل ابتدع
الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن
قبلهن سماوات ولا أرضون، اما تسمع لقوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " والحديث
338

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
18 - في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن
محمد بن عمران العجلي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي شئ كان موضع البيت
حيث كان الماء في قول الله تعالى: " وكان عرشه على الماء "؟ قال: كان مهاة
بيضاء يعني درة.
19 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة
عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج هشام بن عبد الملك حاجا و
معه الأبرش الكلبي (1) فلقيا أبا عبد الله عليه السلام في المسجد الحرام، فقال هشام للأبرش
تعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه، فقال
الأبرش: لأسألنه عن مسألة لا يجيبني فيها الا نبي أو وصي نبي، فقال هشام: وددت انك
فعلت ذلك، فلقى الأبرش أبا عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله أخبرني عن قول الله:
" أو لم ير الذين كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما " بما كان رتقهما و
بما كان فتقهما؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبرش هو كما وصف نفسه، كان عرشه
على الماء، والماء على الهواء والهواء لا يحد ولم يكن يومئذ خلق غيرهما والماء عذب
فرات، فلما أراد أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم أزبد
فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحى الأرض
من تحته، فقال الله تبارك وتعالى: " ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا " ثم
مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور
حتى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار،
فخلق منه السماء، وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر، وأجراها في

(1) قال المحدث القمي (ره) في الكنى والألقاب: الأبرش الكلبي أبو مجاشع بن الوليد
القضاعي الذي ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق كان في عصر هشام بن عبد الملك وبقى إلى عصر
المنصور، ويظهر من الروايات والتواريخ انه كان من خواص هشام، ثم ذكر له قصة طريفة
مع منصور فراجع ان شئت.
339

الفلك وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر، وكانت الأرض غبراء على
لون الماء العذب والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وستقف عليه بتمامه
عند قوله تعالى: " أولم ير الذين كفروا " الآية انشاء الله تعالى.
20 - حدثني أبي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل
عن أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام أنه قال: وقد ارسل إليه ابن عباس يسأله
عن مسائل: واما ما سئل عنه من العرش مم خلقه الله؟ فان الله خلقه أرباعا لم يخلق قبله
الا ثلاثة أشياء: الهواء والقلم والنور ثم خلقه الله ألوانا مختلفة، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
21 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن سلام بن
المستنير عن ثوير بن أبي فاختة وذكر حديثا طويلا ستقف عليه آخر الزمر انشاء الله تعالى
وفيه يقول عليه السلام: " وتبدل الأرض غير الأرض " يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب
، بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة، ويعيد عرشه على الماء كما
كان أول مرة مستقلا بعظمته وقدرته.
22 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن المنقري عن
سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ليبلوكم أيكم أحسن عملا "
قال: ليس يعني أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا، وانما الإصابة خشية الله والنية
الصادقة والخشية، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
23 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: الا ان الله قد كشف الخلق كشفة لا انه جهل
ما اخفوه من مضمون اسرارهم ومكنون ضمائرهم، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن
عملا فيكون الثواب جزاء والعقاب بواء (1).
24 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى عن علي بن محمد العسكري
عليهما السلام ان أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: إن الله خلق الخلق
فعلم ما هم إليه صائرون، فأمرهم ونهاهم فما أمرهم به من شئ فقد جعل لهم

(1) البواء: المكافاة.
340

السبيل إلى الاخذ به، وما نهاهم عنه من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا
يكونون آخذين ولا تاركين الا باذنه، وما جبر الله أحدا من خلقه على معصيته بل
اختبرهم بالبلوى كما قال: " ليبلوكم أيكم أحسن عملا ".
قوله عليه السلام: ولا يكونون آخذين ولا تاركين الا باذنه " اي بتخليته وعلمه " انتهى "
قال مؤلف هذا الكتاب: قد سبق عن الرضا عليه السلام في كتاب عيون الأخبار بيان
لقوله عز وجل " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " فليراجع (1).
25 - في تفسير العياشي عن أبان بن مسافر عن أبي عبد الله عليه السلام في
قول الله: ولئن اخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة يعني عدة كعدة بدر
ليقولن ما يحبسه الا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم قال: العذاب.
26 - عن عبد الاعلى الحلبي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: أصحاب القائم عليه السلام
الثلثمأة والبضعة عشر رجلا، هم والله الأمة المعدودة التي قال الله في كتابه: " ولئن
اخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة " قال: يجتمعون له في ساعة واحدة قزعا
كقزع الخريف (2).
27 - عن الحسين عن الخزاز عن أبي عبد الله عليه السلام: " ولئن اخرنا عنهم العذاب
إلى أمة معدودة " قال: هو القائم وأصحابه.
28 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن
منصور بن يونس عن إسماعيل بن جابر عن أبي خالد عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله
عز وجل: " فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا " قال: الخيرات الولاية
وقوله تبارك وتعالى: " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا " يعني أصحاب القايم الثلثمأة و
البضعة عشر رجلا، قال: وهم والله الأمة المعدودة، قال: يجتمعون والله في ساعة
واحدة قزع كقزع الخريف.

(1) اي في الحديث العاشر من هذه السورة.
(2) القزع - محركة - قطع من السحاب متفرقة صغار، قيل: " وانما خص الخريف
لأنه أول الشتاء، والسحاب فيه يكون متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض.
341

29 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ولئن اخرنا عنهم العذاب إلى أمة
معدودة " قال: إن متعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم عليه السلام فنردهم ونعذبهم
" ليقولن ما يحبسه " اي يقولوا لا يقوم القائم ولا يخرج على حد الاستهزاء، فقال الله:
" الا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن "، أخبرنا أحمد بن
إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن حسان عن
هشام بن عمار عن أبيه وكان من أصحاب علي عليه السلام عن علي عليه السلام في قوله: " ولئن أخرنا عنهم
العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه " قال: الأمة المعدودة أصحاب القائم
الثلثمأة والبضعة عشر، وقوله ولئن أذقنا الانسان منا رحمة ثم نزعناها منه
انه ليؤس كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني
انه لفرح فخور. قال إذا اغنى الله العبد ثم افتقر اصابه الأياس والجزع والهلع (1) وإذا
كشف عنه فرح، وقال: " ذهب السيئات عني انه لفرح فخور " ثم قال: الا الذين صبروا
وعملوا الصالحات قال: صبروا في الشدة، وعملوا الصالحات في الرخاء.
3 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد والحسين
بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن عمار بن سويد قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في هذه الآية: فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق
به صدرك أم يقولوا لولا انزل عليه كنزا وجاء معه ملك فقال: ان رسول الله
صلى الله عليه وآله لما نزل قديد (2) لعلي عليه السلام: يا علي اني سألت ربي أن يوالي بيني
وبينك ففعل، وسألت ربي أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك
وصيي ففعل، فقال رجلان من قريش: والله لصاع من تمر في شن بال (3) أحب
إلينا مما سئل محمد ربه، فهلا سئل ربه ملكا يعضده على عدوه أو كنزا يستغنى به

(1) الهلع أيضا بمعنى الجزع.
(2) قديد: اسم موضع قرب مكة.
(3) الشن: القربة البالية.
342

عن فاقته؟ والله ما دعاه إلى حق ولا باطل الا اجابه إليه (1) فأنزل الله تبارك وتعالى:
" فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك " إلى آخر الآية.
31 - في تفسير العياشي عن جابر بن أرقم عن أخيه زيد بن أرقم قال: إن جبرئيل
الروح الأمين نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام عشية عرفة
فضاق بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله مخافة تكذيب أهل الإفك والنفاق، فدعى قوما أنا فيهم
فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم فلم ندر ما نقول له، وبكى صلى الله عليه وآله فقال له جبرئيل
عليه السلام: يا محمد أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل ولكن قد علم ربي ما لقيت
من قريش، إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادهم وأهبط إلي جنودا من السماء
فنصروني فكيف يقرون لعلي من بعدي؟ فانصرف عنه جبرئيل فنزل عليه: " فلعلك
تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك ".
32 - عن عمار بن سويد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في هذه الآية: " فلعلك تارك
بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك " وذكر نحو ما نقلنا عن روضة الكافي وبعد
تمامه قال: ودعا رسول الله لأمير المؤمنين عليه السلام في آخر صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس
يقول: اللهم هب لعلي المودة في صدور المؤمنين والهيبة والعظمة في صدور المنافقين
فأنزل الله: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فإنما يسرناه
بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا " بني أمية، قال ركع (2) والله لصاع من
تمر في شن بال أحب إلي مما سأل محمد ربه، أفلا سأله ملكا يعضده أو كنزا
يستظهر به على فاقته؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها: " فلعلك تارك بعض
ما يوحى إليك " إلى " أم يقولون افتراه ولاية علي قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات "
إلى: " فإن لم يستجيبوا لك في ولاية علي فاعلم أنه انما انزل إليك بعلم الله وان لا اله

(1) " هذه الرواية في تفسير علي بن إبراهيم وفيها: فوالله ما دعا عليا قط إلى حق أو باطل
الا اجابه. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
(2) كذا في النسخ لكن في المصدر والبحار والبرهان " رمع " بالميم وهو اسم مقلوب
كما ذكرناه في ذيل العياشي، ولم أجد لركع هيهنا معنى يناسب المقام.
343

الا هو فهل أنتم مسلمون لعلي ولاية من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها " يعني فلان
وفلان وفلان " نوف إليهم أعمالهم فيها "، " أفمن كان على بينة من ربه " رسول الله صلى الله عليه وآله
" ويتلوه شاهد منه " أمير المؤمنين عليه السلام ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة " قال:
كان ولاية علي عليه السلام في كتاب موسى " أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب
فالنار موعده فلا تك في مرية منه في ولاية علي انه الحق من ربك " إلى قوله
" ويقول الاشهاد " وهم الأئمة عليهم السلام " هؤلاء الذين كذبوا على ربهم " إلى قوله:
" هل يستويان مثلا أفلا تذكرون ".
33 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا
عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف فقال: أترى يخيب الله هذا الخلق كله؟
فقال أبي: ما وقف أحد الا غفر له مؤمنا كان أو كافرا، الا انهم في مغفرتهم على
ثلث منازل: مؤمن غفر الله له إلى أن قال: وكافر وقف هذا الموقف يريد زينة الحياة
الدنيا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ان تاب من الشرك فيما بقي من عمره، وان لم يتب
وفاه أجره ولم يحرمه اجر هذا الموقف، وذلك قوله عز وجل: من كان يريد الحياة
الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس
لهم في الآخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون.
34 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف
إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك " الآية قال: من عمل الخير على أن
يعطيه الله ثوابه في الدنيا أعطاه الله ثوابه في الدنيا وكان له في الآخرة النار.
35 - في مجمع البيان وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله قال: بشر أمتي بالسناء
والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عملا للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب.
36 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن
علي عن أحمد بن عمر الحلال قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عز وجل:
أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه فقال: أمير المؤمنين الشاهد على رسول الله،
344

ورسول الله صلى الله عليه وآله على بينة من ربه.
37 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن عبد الله بن حماد عن أبي الجارود
عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين: والله ما نزلت آية في كتاب الله
في ليل أو نهار الا وقد علمت فيمن أنزلت ولامر على رأسه المواسي (1) الا وقد
أنزلت عليه آية من كتاب الله تسوقه إلى الجنة أو إلى النار، فقام إليه رجل، فقال:
يا أمير المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك؟ قال له: أما سمعت الله يقول: " أفمن كان
على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " فرسول الله صلى الله عليه وآله على بينة من ربه وانا الشاهد له
فيه وأتلوه معه.
38 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد
منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة " فقال الصادق عليه السلام: انما انزل " أفمن كان
على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه امام ورحمة ومن قبله كتاب موسى ".
39 - حدثني أبي عن يحيى بن عمران عن يونس عن أبي بصير والفضيل عن
أبي جعفر عليه السلام قال: انما أنزلت " أفمن كان على بينة من ربه " يعني رسول الله صلى الله عليه وآله
" ويتلوه شاهد منه إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى أولئك يؤمنون به " فقدموا و
أخروا في التأليف.
40 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام انه إذا كان
يوم الجمعة يخطب على المنبر فقال: والذي فلق الحبة وبرئ النسمة ما من رجل من
قريش جرت عليه المواثيق الا وقد نزلت فيه آية من كتاب الله عز وجل أعرفها
كما أعرفه فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين ما آيتك التي نزلت فيك؟ فقال: إذا
سألت فافهم ولا عليك الا تسأل عنها غيري، أقرأت سورة هود؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين
قال أفسمعت الله عز وجل يقول: " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه "؟ قال
نعم (قال ظ): فالذي على بينة من ربه محمد صلى الله عليه وآله والذي يتلوه شاهد منه وهو الشاهد
وهو منه وأنا علي بن أبي طالب وأنا الشاهد، وانا منه صلى الله عليه وآله

(1) المواسى جمع الموسى: الآلة التي يحلق بها. واللفظ كناية.
345

41 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
وفيه يقول عليه السلام لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده يخبرانه يتلو نبيه شاهد منه وكان
الذي تلاه عبد الأصنام برهة من دهره، واما قوله: " ويتلوه شاهد منه " فذلك حجة الله
أقامها الله على خلقه وعرفهم انه لا يستحق مجلس النبي صلى الله عليه وآله الا من يقوم مقامه، ولا
يتلوه الا من يكون في الطهارة مثله بمنزلته لئلا يتسع لمن ماسه رجس الكفر في وفت
من الأوقات انتحال الاستحقاق لمقام الرسول، وليضيق العذر على من يعينه على
إثمه وظلمه إذ كان الله قد حظر على من مسه الكفر تقلد ما فوضه إلى أنبيائه وأوليائه
بقوله لإبراهيم: " لا ينال عهدي الظالمين " اي المشركين لأنه سمى الشرك ظلما بقوله:
" ان الشرك لظلم عظيم " فلما علم إبراهيم عليه السلام ان عهد الله تبارك وتعالى اسمه بالإمامة
لا ينال عبدة الأصنام قال: " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " واعلم أن من آثر المنافقين
على الصادقين. والكفار على الأبرار فقد افترى على الله اثما عظيما، إذ كان قد بين في
كتابه الفرق بين المحق والمبطل، والطاهر والنجس، والمؤمن والكافر، وانه
لا يتلو النبي عند فقده الا من حل محله صدقا وعدلا وطهارة وفضلا.
42 - وقال سليم بن قيس: سأل رجل، علي بن أبي طالب عليه السلام فقال وأنا اسمع:
اخبرني بأفضل منقبة لك؟ قال: ما انزل الله في كتابه، قال: وما انزل الله فيك؟
قال: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " انا الشاهد من رسول الله صلى الله عليه وآله
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
43 - في تفسير العياشي عن بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال:
الذي على بينة من ربه رسول الله صلى الله عليه وآله، والذي تلاه من بعده الشاهد منه أمير المؤمنين
عليه السلام ثم أوصياؤه واحد بعد واحد.
44 - عن جابر عن عبد الله بن يحيى قال: سمعت عليا عليه السلام وهو يقول: ما من رجل
من قريش الا وقد أنزل فيه آية أو آيتان من كتاب الله، فقال له رجل من القوم: فما
نزل فيك يا أمير المؤمنين؟ فقال: أما تقرء الآية التي في هود: " أفمن كان على
بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " محمد صلى الله عليه وآله وسلم على بينة من ربه وأنا الشاهد.
346

45 - في مجمع البيان وقيل، شاهد من الله تعالى محمد صلى الله عليه وآله روى ذلك عن
الحسين بن علي عليهما السلام.
46 - وقيل الشاهد منه علي بن أبي طالب عليه السلام يشهد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو منه وهو
المروى عن أبي جعفر وعلي بن موسى الرضا عليهم السلام ورواه الطبري باسناده
عن جابر بن عبد الله عن علي عليه السلام.
47 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيها
بعد أن ذكر النبي صلى الله عليه وآله: وفي التولي عنه والاعراض محادة الله وغضبه وسخطه والبعد منه
مسكن النار وذلك قوله: ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده يعني الجحود والعصيان له
48 - في مجمع البيان " ومن يكفر به " الآية وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله قال:
لا يسمع بي أحد من الأمة لا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي الا كان من أهل النار.
49 - في تفسير علي بن إبراهيم عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
قول الله عز وجل: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم إلى
قوله: ويبغونها عوجا فقال: هم أربعة ملوك من قريش يتبع بعضهم بعضا.
50 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ومن أظلم ممن افترى على الله
كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم "
يعني بالاشهاد الأئمة عليهم السلام " الا لعنة الله على الظالمين آل محمد حقهم ".
51 - في كتاب المناقب لأبي شهرآشوب عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى:
ويقول الاشهاد قال: نحن الاشهاد.
52 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها
عوجا يعني يصدون عن طريق الله وهي الإمامة " ويبغونها عوجا " يعني حرفوها إلى
غيره، قوله: ما كانوا يستطيعون السمع قال: ما قدروا ان يسمعوا بذكر
أمير المؤمنين (ع) أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم اي بطل عنهم ما كانوا يفترون
يعني يوم القيمة بطل الذي دعوه غير أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
53 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد
347

عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت
له: ان عندنا رجلا يقال له كليب فلا يجئ عنكم شئ الا قال: انا أسلم، فسميناه كليب
تسليم، قال: فترحم عليه ثم قال: أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا فقال: هو والله
الاخبات قول الله عز وجل الذين آمنوا وعملوا الصالحات واخبتوا إلى ربهم.
54 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن
محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى عهد إلى
آدم وذكر حديثا طويلا يذكر فيه وصية آدم إلى هبة الله وأشياء كثيرة وفيه: وبشر آدم
بنوح عليهما السلام فقال: ان الله تبارك وتعالى باعث نبيا اسمه نوح وانه يدعو إلى الله
عن ذكره ويكذبه قومه فيهلكهم الله بالطوفان، وكان بين آدم وبين نوح عليه السلام عشرة آباء
أنبياء وأوصياء كلهم، وأوصى آدم عليه السلام إلى هبة الله ان من أدركه منكم فليؤمن به
وليتبعه وليصدق به، فإنه ينجو من الغرق، إلى أن قال: فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين
بما عندهم من العلم والايمان والاسم الأكبر ميراث النبوة وآثار علم النبوة حتى بعث الله
نوحا صلى الله عليه وآله، وظهرت وصية هبة الله حين نظروا في وصية آدم فوجدوا نوحا صلى الله عليه نبيا
قد بشر به آدم عليه السلام فآمنوا به واتبعوه وصدقوه، وقد كان آدم وصى هبة الله ان يتعاهد
هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يوم عيدهم ويتعاهدون نوحا وزمانه الذي يخرج فيه
وكذلك جاء في وصية كل نبي حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله، وانما عرفوا نوحا بالعلم الذي
عندهم وهو قول الله عز وجل: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إلى آخر الآية.
55 - في تفسير علي بن إبراهيم وروى في الخبر ان اسم نوح عبد الغفار، و
انما سمى نوحا لأنه كان ينوح على نفسه.
56 - في تفسير العياشي عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال:
كانت شريعة نوح أن يعبد الله بالتوحيد والاخلاص وخلع الأنداد، وهي الفطرة التي
فطر الناس عليها، وأخذ ميثاقه على نوح عليه السلام والنبيين ان يعبدوا الله ولا يشركوا
به شيئا، وأمر بالصلاة والأمر والنهي والحرام والحلال ولم يفرض عليه احكام حدود
ولا فرض مواريث فهذه شريعته وفي روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد
348

ابن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام نحوه،
الا ان فيها والامر بالمعروف والنهي عن المنكر صريحا.
57 - في تفسير العياشي عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل وفيه: يا مفضل وكان منزل نوح وقومه في قرية على متن الفرات مما
يلي غربي الكوفة.
58 - عن سلمان الفارسي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في حديث له في فضل
مسجد الكوفة: فيه نجر نوح سفينته وفيه فار التنور وبه كان بيت نوح ومسجده.
59 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أيوب بن راشد عن
رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كانت أعمار قوم نوح عليه السلام ثلاثمائة سنة.
60 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا مع المأمون في الفرق بين العترة والأمة
حديث طويل وفيه قالت العلماء له: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال
الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا، فأول
ذلك قوله عز وجل إلى أن قال: والآية السادسة قول الله عز وجل: " قل لا أسئلكم
عليه اجرا الا المودة في القربى " وهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله إلى يوم القيمة و
خصوصية للآل دون غيرهم - وذلك أن الله تعالى حكى ذكر نوح عليه السلام في كتابه:
يا قوم لا أسئلكم عليه مالا ان أجري الا على الله وما انا بطارد الذين آمنوا انهم
ملاقوا ربهم ولكني أريكم قوما تجهلون وحكى عز وجل عن هود صلى الله عليه أنه قال:
" لا أسألكم عليه أجرا ان أجري الا على الذي فطرني أفلا تعقلون " وقال عز وجل لنبيه
محمد صلى الله عليه وآله: " قل " يا محمد " لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى " ولم يفترض الله
مودتهم الا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين ابدا ولا يرجعون إلى الضلالة أبدا.
61 - في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر
عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: وقال نوح عليه السلام: ولا ينفعكم نصحي ان أردت
ان انصح لكم إن كان الله يريد ان يغويكم قال: الامر إلى الله يهدي من يشاء.
62 - في تفسير العياشي عن ابن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
349

قال: قال الله في نوح: " ولا ينفعكم نصحي ان أردت ان انصح لكم إن كان الله يريد
ان يغويكم " قال: الامر إلى الله يهدي ويضل.
63 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن
عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام
أنه قال: وقد ذكر عبد الله بن عباس: واما قوله: " ولا ينفعكم نصحي " الآية نزلت
في أبيه وفي تفسير العياشي نحوه الا ان فيه بدل أبيه العباس صريحا.
64 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال أوحى الله عز وجل إليه
انه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يعملون
فلذلك قال نوح عليه السلام: " ولا يلدوا الا فاجرا كفارا " فأوحى الله عز وجل إليه: " ان اصنع
الفلك " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
65 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا أحمد بن محمد بن موسى قال: حدثنا
محمد بن حماد عن علي بن إسماعيل التيمي عن فضيل الرسان عن صالح بن ميثم قال
قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما كان علم نوح حين دعى على قومه انهم لا يلدوا الا فاجرا
كفارا؟ فقال: أما سمعت قول الله لنوح: " انه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن "
66 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى حنان بن سدير عن أبيه قال: قلت
لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت نوحا حين دعى على قومه فقال: " رب لا تذر على الأرض من
الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا " قال عليه السلام:
لا ينجب من بينهم أحد، قال: قلت: وكيف علم ذلك؟ قال: أوحى الله إليه: " انه
لن يؤمن من قومك الا من قد آمن " فعند ذلك دعى عليهم بهذا الدعاء.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: بقي نوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم إلى الله عز وجل فلم يجيبوه فهم ان
يدعو عليهم فوافاه عند طلوع الشمس اثنا عشر الف قبيل من قبايل ملائكة السماء الدنيا و
هم العظماء من الملائكة فقال لهم نوح: ما أنتم؟ فقالوا: نحن اثنا عشر الف قبيل من قبائل
السماء الدنيا وان غلظ مسيرة السماء الدنيا خمسمأة عام، ومن السماء الدنيا إلى
350

الدنيا مسيرة خمسمأة عام وخرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك في هذا الوقت فنسألك
ان لا تدعو على قومك، فقال نوح عليه السلام قد أجلتهم ثلاثمائة سنة فلما أتى عليهم ستمأة
سنة ولم يؤمنوا هم أن يدعو عليهم فوافاه اثنى عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية
فقال نوح: من أنتم؟ قالوا: نحن اثنى عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية
وغلظ السماء الثانية مسيرة خمسمأة عام، ومن السماء الثانية إلى السماء الدنيا مسيرة
خمسمأة عام، وغلظ السماء الدنيا مسيرة خمسمأة عام، ومن السماء الدنيا إلى
الدنيا مسيرة خمسمأة عام، خرجنا عند طلوع الشمس ووافيناك ضحوة نسألك أن
لا تدعو على قومك، فقال نوح عليه السلام: قد أجلتهم ثلاثمائة سنة، فلما أتى عليهم تسعمأة
سنة ولم يؤمنوا هم ان يدعو عليهم فأنزل الله عز وجل: " انه لن يؤمن من قومك الا من
قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون " فقال نوح عليه السلام: " رب لا تذر على الأرض من
الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا " فأمره الله عز وجل
أن يغرس النخل فأقبل يغرس النخل، فكان قومه يمرون به ويسخرون منه ويستهزؤن
به ويقولون: شيخ قد اتى له تسعمأة سنة يغرس النخل، وكانوا يرمونه بالحجارة.
فلما أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه، فسخروا منه وقالوا:
بلغ النخل مبلغه وهو قوله عز وجل: وكلما مر عليه ملاء من قومه سخروا
منه قال إن تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون فأمره الله أن
يتخذ السفينة وامر جبرئيل عليه السلام أن ينزل عليه ويعلمه كيف يتخذها، فقدر طولها في
الأرض ألفا ومأتي ذراع، وعرضها ثمانمائة ذراع، وطولها في السماء ثمانون
ذراعا فقال: يا رب من يعينني على اتخاذها، فأوحى الله عز وجل إليه: ناد في قومك:
من أعانني عليها ونجر منها شيئا صار ما ينجره ذهبا وفضة، فنادى نوح عليه السلام فيهم بذلك
فأعانوه عليه وكانوا يسخرون منه ويقولون: يتخذ سفينة في البر.
68 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفي عن
أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: واما ابطاء نوح عليه السلام فإنه لما استنزل
العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرئيل الروح الأمين معه سبع
351

نوايات (1) فقال: يا نبي الله ان الله تبارك وتعالى يقول لك: ان هؤلاء خلايقي و
عبادي لست أبيدهم (2) بصاعقة من صواعقي الا بعد تأكيد الدعوة والزام الحجة
فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فاني مثيبك عليه، واغرس هذا النوى فان لك في
نباتها وبلوغها وادراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشر بذلك من اتبعك من
المؤمنين، فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وأغصنت وزهى الثمر على ما كان (3)
بعد زمان طويل استنجز من الله العدة، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك
الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه فامر بذلك الطوايف التي آمنت
به، فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف،
ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بان يغرسها مرة بعد أخرى
إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين يرتد منهم
طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه
عند ذلك وقال: يا نوح الان أسفر الصبح عن الليل يعينك عن صرح الحق محضه (4)
وصفا الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة، فلو اني أهلكت الكفار وأبقيت من
قد ارتد من الطوايف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين
الذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوتك، فاني استخلفهم في الأرض
وأمكن لهم دينهم وأبدلهم خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من
قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل [الخوف] بالأمن مني لهم مع
ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت

(1) النواة: عجمة التمر ونحوه اي حبه والجمع نويات ولعل الألف زائدة.
(2) أباده الله: أهلكه.
(3) تأزر الزرع: قوى بعضه بعضا فالتف وتلاصق واشتد وسوق الشجر: صار ذا ساق.
وأغصنت الشجرة: نبتت أغصانها. وزهى الثمر: ظهر وفي البحار " عليها " مكان " على ما كان ".
(4) كذا في النسخ وفي البحار " الان أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن
محضه.. ".
352

نتائج النفاق وشيوخ الضلالة (1) فلو انهم تنسموا من الملك الذي أرى المؤمنين وقت
الاستخلاص إذا أهلكت أعداءهم [لنشقوا] روائح صفاته (2) ولاستحكمت سرائر
نفاقهم وثارت جبال ملالة قلوبهم (3) ولكاشفوا اخوانهم بالعداوة وحاربوهم على
طلب الرياسة والتفرد بالأمر والنهي (4) وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار
الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وايقاع الحروب، كلا " فاصنع الفلك بأعيننا
ووحينا ".
69 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام
الخراساني عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك في كم عمل
نوح عليه السلام سفينته حتى فرغ منها؟ قال: في دورين، قلت: وكم الدور؟ قال: ثمانين
سنة، قلت: ان العامة يقولون: عملها في خمسمأة عام؟ فقال: كلا كيف كان؟ والله
يقول: " ووحينا " (5).
70 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن الحسن بن صالح
الثوري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومأتي ذراع، و
عرضها ثمانمأة ذراع، وطولها في السماء ثمانين.
71 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سئل عنه

(1) وفي نسخة " سنوح " وفي البحار " شبوح " قال المجلسي (ره) شبوح الضلالة جمع شبح -
بالتحريك - وهو الشخص، أو بالسين المهملة والنون بمعنى الظهور، أو بالخاء المعجمة جمع
سنخ - بالكسر - بمعنى الأصل أو بمعنى الرسوخ وفي بعض النسخ " شيوخ " جمع الشيخ وعلى التقادير
لا يخلو من تكلف.
(2) تنسم النسيم: تشممه. ونشقه: شمه.
(3) وفي البحار " وتأبد خبال ضلالة قلوبهم ".
(4) قال المجلسي (ره): والحاصل ان هذه الفتن لتخليص المؤمنين عن المنافقين و ظهور ما
كتموه من الشرك والفساد لكي لا يفسدوا في الأرض بعد ظهور دولة الحق باختلاطهم بالمؤمنين.
(5) لعل المراد ان ما أوحاه الله تعالى وأمره لا يناسب هذا التأخير (عن هامش الروضة).
وقد ذكرنا أيضا في ذيل العياشي ج 2: 145 أقوال الشراح فراجع.
353

أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: وسأله عن سفينة نوح عليه السلام ما كان عرضها و
طولها؟ فقال: كان طولها ثمانمأة ذراع، وعرضها خمسمأة ذراع، وارتفاعها
في السماء ثمانين ذراعا.
72 - في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه السلام عن الواحد إلى
المأة قال: فما التسعون؟ قال: الفلك المشحون، اتخذه نوح عليه السلام فيه تسعين
بيتا للبهايم.
73 - في مجمع البيان وروى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: مسجد
كوفان روضة من رياض الجنة الصلاة فيه تسعين صلاة: صلى فيه ألف نبي وسبعون
نبيا، فيه فار التنور ونجرت السفينة وهو سرة بابل (1) ومجمع الأنبياء.
74 - في تفسير العياشي عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يقول فيه: وان نوحا لبث في قومه ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم إلى الهدى،
فيمرون به ويسخرون منه فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال: " رب لا تذر على الأرض من
الكافرين ديارا " إلى قوله: " الا فاجرا كفارا " قال: فأوحى الله إليه: يا نوح " ان
اصنع الفلك " وأوسعها وعجل عملها " بأعيننا ووحينا " فعمل نوح سفينته في مسجد الكوفة
بيده يأتي بالخشب من بعد حتى فرغ منها.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد سبق في تفسير علي بن إبراهيم عند قوله تعالى:
" انه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن " بيان لصنعة الفلك فليراجع.
قال عز من قائل: ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون
75 - في عيون الأخبار باسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا: قال
قلت له: يا بن رسول الله لأي علة أغرق لله تعالى الدنيا كلها في زمن نوح وفيهم الأطفال وفيهم
من لا ذنب له؟ فقال: ما كان فيهم الأطفال لان الله تعالى أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم
أربعين عاما، فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل فيهم، وما كان الله تعالى ليهلك بعذابه من لا ذنب
له، واما الباقون من قوم نوح عليه السلام فأغرقوا لتكذيبهم لنبي الله نوح عليه السلام، وسايرهم أغرق

(1) سرة بابل اي وسطه الحقيقي وبابل: اسم موضع بالعراق.
354

برضاهم بتكذيب المكذبين، ومن غاب عن أمر فرضى به كان كمن شهد.
76 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله عز وجل هلاك قوم نوح عليه السلام عقم أرحام النساء أربعين سنة
فلم يلد فيهم مولود، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد سبق في تفسير علي بن إبراهيم عند قوله تعالى:
" انه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن " بيان لقوله عز وجل: " وكلما مر عليه ملاء من
قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون " فليراجع
77 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا
عن الحسن بن علي عن عمر بن أبان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن نوحا
صلى الله عليه لما غرس النوى مر عليه قومه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون: قد قعد
غراسا، حتى إذا طال النخل وكان جبارا طوالا قطعه ثم نحته (1) فقالوا: قد قعد نجارا
ثم ألفه فجعله سفينة فمروا عليه فجعلوا يضحكون ويسخرون ويقولون: قد قعد ملاحا
في فلاة من الأرض حتى فرغ منها (2).
78 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام الخراساني عن المفضل
ابن عمر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك اخبرني عن قول الله عز وجل:
حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور فأين كان موضعه وكيف كان؟ فقال: كان
التنور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد، فقلت له: فان ذلك موضع
زاوية باب الفيل اليوم، ثم قلت له: وكان بدو خروج الماء من ذلك التنور؟ فقال:

(1) الجبار من النخل: ما طال والطوال - بالضم -: الطويل ونحت العود: براء.
(2) " في كتاب المناقب لابن شهرآشوب حديث طويل ذكرناه عند قوله تعالى: " وذا النون
الآية، وفيه: ان من قبل من الأنبياء ولاية أهل البيت عليهم السلام سلم وتخلص، ومن توقف
عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم من النار
وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، وما لقى داود من الخطيئة، إلى أن بعث الله
يونس منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
355

نعم، ان الله عز وجل أحب ان يرى قوم نوح آية ثم إن الله تبارك وتعالى ارسل عليهم
المطر يفيض فيضا، وفاض الفرات فيضا، والعيون كلهن فيضا، فغرقهم الله عز وجل
وانجى نوحا ومن معه في السفينة.
79 - في الكافي محمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن الحسن بن علي بن أبي حمزة
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: نعم المسجد مسجد الكوفة، صلى فيه ألف
نبي وألف وصي ومنه فار التنور، وفيه نجرت السفينة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة
80 - في مجمع البيان وروى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال:
مسجد كوفان روضة من رياض الجنة الصلاة فيه بسبعين صلاة، صلى فيه ألف نبي وسبعون
نبيا فيه فار التنور ونجرت السفينة وهو سرة بابل ومجمع الأنبياء (1)
81 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن نوحا لما كان أيام
الطوفان دعا مياه الأرض فأجابته الا الماء المر والكبريت.
82 - في تفسير العياشي عن الأعمش يرفعه إلى علي عليه السلام في قوله: " حتى إذا جاء
أمرنا وفار التنور " فقال: اما والله ما هو تنور الخبر ثم أومى بيده إلى الشمس فقال: طلوعها.
83 - عن الحسن بن علي عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاءت
امرأة نوح إليه وهو يعمل السفينة فقالت له: ان التنور قد خرج منه ماء فقام إليه مسرعا
حتى جعل الطبق عليه فختمه بخاتمه، فقام الماء، فلما فرغ نوح من السفينة جاء إلى
خاتمه ففضه وكشف الطبق ففار الماء
84 - عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله أمر نوحا ان يحمل في
السفينة من كل زوجين اثنين فحمل الفحل والعجوة فكانا زوجا والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
85 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام: فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره
الله تعالى إلى أن ينادي بالسريانية: لا يبقى بهيمة ولا حيوان الا حضر، فادخل من كل جنس

(1) مضى الحديث بعينه قريبا تحت رقم 73 ووجه التكرار غير معلوم.
356

من أجناس الحيوان زوجين السفينة. وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانون رجلا
فقال الله عز وجل: احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك الا من سبق عليه القول
ومن آمن وما آمن معه الا قليل وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة فلما كان اليوم الذي
أراد الله عز وجل هلاكهم كانت امرأة نوح عليه السلام تخبز في الموضع الذي يعرف بفار التنور
في مسجد الكوفة، وكان نوح عليه السلام اتخذ لكل ضرب من أجناس الحيوان موضعا في السفينة
وجمع لهم فيها ما يحتاجون إليه من الغذاء، فصاحت امرأته لما فار التنور فجاء نوح إلى
التنور فوضع عليها طينا (1) وختمه حتى ادخل جمع الحيوان السفينة، ثم جاء إلى التنور
ففض الخاتم ورفع الطين وانكسفت الشمس وجاء من السماء ماء منهمر صب بلا قطر و
تفجرت الأرض عيونا وهو قوله عز وجل: " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا
الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ".
86 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: وليس كل من في
الأرض من بني آدم من ولد نوح، قال الله في كتابه: " احمل فيها من كل زوجين اثنين
وأهلك الا من سبق عليه القول منهم ومن آمن وما آمن معه الا قليل " وقال: " ذرية
من حملنا مع نوح ".
87 - في كتاب معاني الأخبار أبي رحمه الله قال: حدثني محمد بن يحيى
العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى عن موسى بن عمر عن جعفر بن محمد بن يحيى عن
غالب عن أبي خالد عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " وما آمن
معه الا قليل " قال: كانوا ثمانية.
88 - في مجمع البيان وروى الشيخ أبو جعفر في كتاب النبوة باسناده عن
حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: آمن مع نوح من قومه ثمانية نفر.
89 - في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال قال لي
أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام ثم مدح الله القلة وقال: " ومن آمن وما آمن
معه الا قليل ".

(1) وفي نسخة " طبقا " وهو موافق لما مر من تفسير العياشي.
357

90 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل و
فيه يقول: ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة إليه ومتعلم على سبيل نجاة
أولئك هم الأقلون عددا، وقد بين الله ذلك من أمم الأنبياء، وجعلهم مثلا لمن تأخر
مثل قوله في قوم نوح: " وما آمن معه الا قليل ".
91 - في روضة الكافي محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن
سنان عن إسماعيل الجعفي وعبد الكريم بن عمر وعبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لما حمل نوح في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله عز وجل: " ثمانية
أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين " فكان من الضأن
اثنين زوج داجنة يربيها الناس (1) والزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشية
أحل لهم صيدها، ومن المعز اثنين زوج داجنة يربيها الناس، والزوج الآخر الظباء التي
تكون في المفاوز ومن الإبل اثنين البخاتي والعراب (2) ومن البقر اثنين زوج داجنة
للناس الزوج والآخر البقر الوحشية وكل طير طيب وحشي وانسي، ثم غرقت الأرض.
92 - في مجمع البيان وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله هلاك قوم نوح عليه السلام عقم أرحام النساء أربعين سنة،
فلم يلد لهم مولود، ولما فرغ نوح عليه السلام من اتخاذ السفينة أمر الله ان ينادي بالسريانية
ان يجتمع جميع الحيوانات، فلم يبق حيوان الا وحضر، فأدخل من كل جنس من
أجناس الحيوان زوجين ما خلا الفار والسنور وانهم لما شكوا إليه من سرقين الدواب و
القذر دعا بالخنزير فمسح جبينه فعطس فسقط من انفه زوج فار فتناسل فلما كثروا شكوا
إليه منهم فدعا بالأسد فمسح جبينه فعطس فسقط من انفه زوج سنور، وفي حديث آخر
انهم شكوا العذرة فامر الله الفيل فعطس فسقط الخنزير.
93 - في تفسير العياشي عن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام ان نوحا حمل الكلب
في السفينة ولم يحمل ولد الزنا.

(1) اي مقيمة عند الناس أهلية غير وحشية.
(2) البخاتي - بتقديم الباء - الإبل الخراساني، والعراب خلافه.
358

94 - عن عبيد الله الحلبي عنه قال: ينبغي لولد الزنا ان لا تجوز له شهادة ولا يؤم
بالناس، لم يحمله نوح في السفينة، وقد حمل فيها الكلب والخنزير.
95 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبير الشامي وما سأله
عنه أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: وسأله ما بال الماعز مرفوعة الذنب بادية الحياء
والعورة (1) فقال: لان المعز عصت نوحا عليه السلام لما أدخلها السفينة، فدفعها
فكسر ذنبها والنعجة (2) مستورة الحياء والعورة، لان النعجة بادرت بالدخول إلى
السفينة فمسح عليه السلام يده على حياءها وذنبها فاستوت الالية.
96 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبان بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام
عن أبيه عن جده عليهم السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ان النبي صلى الله عليه وآله لما حضرته
الوفاة دفع إلى علي ميراثه من الدواب وغيرها، وفي آخره قال أبو عبد الله عليه السلام:
ان أول شئ مات من الدواب الحمار اليعفور توفى ساعة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قطع
خطامه مر (3) يركض حتى اتى بئر بني حطيم بقبا فرمى نفسه فيها، فكانت قبره
ثم قال أبو عبد الله: ان يعفور كلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: بأبي أنت وأمي ان أبي حدثني
عن أبيه عن جده انه كان مع نوح في السفينة فنظر إليه يوما نوح عليه السلام ومسح يده على
وجهه ثم قال: يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم، والحمد لله
الذي جعلني ذلك الحمار.
في أصول الكافي وروى أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن ذلك الحمار كلم رسول الله
صلى الله عليه وآله وذكر نحوه.

(1) الماعز: واحد المعز، للذكر والأنثى، وقيل: يقال للذكر ماعز وللأنثى
ماعزة. وقوله، " مرفوعة الذنب " في بعض النسخ " معرقبة " وفي آخر " معرفقة " والظاهر الموافق
للمصدر ما اخترناه. والحياء بالمد وقد يقصر: الفرج من ذوات الخف والظلف والسباع. قاله
في القاموس.
(2) النعجة: الأنثى من الضأن.
(3) الخطام: حبل يجعل في عنق البعير.
359

97 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا وفيه يقول عليه السلام: فقال الله عز وجل: اركبوا فيها
بسم الله مجريها ومرسيها يقول مجريها اي مسيرها ومرسيها اي موقفها.
98 - في تفسير العياشي عن عبد الحميد بن أبي الديلم قال: لما ركب نوح
في السفينة قيل بعدا للقوم الظالمين.
99 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مثل
أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجى ومن تخلف عنها زخ في النار. (1)
100 - في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وتعدادها قال عليه السلام:
واما الثاني عشر فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي مثلك في أمتي كمثل سفينة
نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق.
101 - عن أبي عبد الله عليه السلام ان نوحا عليه السلام ركب السفينة أول يوم من رجب فأمر
من معه أن يصوموا ذلك اليوم وقال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة
عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن نوحا عليه السلام ركب السفينة وذكر مثله.
102 - وفيما علم أمير المؤمنين أصحابه: من خاف منكم الغرق فليقرأ " بسم الله
مجريها ومرسيها ان ربي لغفور رحيم بسم الله الملك القوى وما قدروا الله حق قدره
والأرض جميعا قبضته يوم القيمة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما
يشركون ".
103 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب عن أبي
عبد الله عليه السلام حديث طويل يذكر فيه القائم عليه السلام وفيه: فإذا نشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله
انحط إليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر ملكا كلهم ينظرون القائم عليه السلام وهم الذين
كانوا مع نوح عليه السلام في السفينة.
104 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أسباط ومحمد بن أحمد عن

(1) قال ابن الأثير في النهاية: في الحديث مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف
عنها زخ في النار اي دفع ورمى.
360

موسى بن القاسم البجلي عن علي بن أسباط قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام جعلت فداك
ما ترى آخذ برا أو بحرا فأن طريقنا مخوف شديد الخطر، فقال: اخرج برا ولا
عليك أن تأتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وتصلي ركعتين في غير وقت فريضة، ثم تستخير
الله مأة مرة ومرة، ثم تنظر فان عزم الله لك على البحر فقل الذي قال الله عز وجل:
" وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها ان ربي لغفور رحيم " والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
105 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
قال: إن ركبت البحر فإذا صرت في السفينة فقل: " بسم الله مجريها ومرسيها ان ربي
لغفور رحيم " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
106 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أبي يوسف يعقوب بن عبد الله من
ولد أبي فاطمة عن إسماعيل بن زيد مولى عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام عن
أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يذكر فيه مسجد الكوفة وفيه يقول: ومنه سارت
سفينة نوح.
107 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله عز وجل هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا وفيه يقول
عليه السلام: فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحا ومن الأرض العيون حتى ارتفعت
السفينة فمسحت السماء.
108 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن
علي عن داود بن يزيد عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ارتفع الماء على كل جبل و
على كل سهل خمسة عشر ذراعا.
قال عز من قائل: وهي تجري بهم في موج كالجبال
109 - في عيون الأخبار باسناده إلى الحسين بن خالد الصيرفي عن أبي الحسن الرضا
عليه السلام قال: إن نوحا لما ركب السفينة أوحى الله عز وجل إليه: يا نوح ان خفت الغرق
فهللني ألفا ثم اسألني النجاة أنجك من الغرق ومن آمن معك، قال: فلما استوى و
361

من معه في السفينة ورفع القلس عصفت الريح عليهم (1) فلم يأمن نوح عليه السلام
[الغرق] وأعجلته الريح فلم يدرك ان يهلل الف مرة، فقال بالسريانية هيلويا (2)
ألفا ألفا يا ماريا يا ماريا اتقن، قال: فاستوى القلس واستمرت السفينة (3) فقال
نوح عليه السلام: ان كلاما نجاني الله به من الغرق لحقيق ان لا يفارقني، قال: فنقش في
خاتمه لا إله إلا الله الف مرة يا رب اصلحني.
وفي كتاب الخصال - عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى بن
جعفر عليه السلام قال: إن نوحا لما ركب في السفينة أوحى الله عز وجل إليه وذكر نحو ما
في عيون الأخبار.
110 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " وعن معمر بن راشد قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان نوحا لما ركب السفينة وخاف
الغرق قال: اللهم إني أسئلك بمحمد وآل محمد لما انجيتني من الغرق فنجاه الله
عز وجل والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
111 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى سهل بن زياد الآدمي قال: حدثني
عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: سمعت علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول: عاش
نوح عليه السلام الفين وخمسمأة سنة، وكان يوما في السفينة نائما فهبت الريح فكشفت
عورته فضحك حام ويافث فزجرهما سام عليه السلام ونهاهما عن الضحك، وكلما كان
غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث، فانتبه نوح عليه السلام فرآهم وهم يضحكون
فقال: ما هذا؟ فأخبره سام بما كان. فرفع نوح يده إلى السماء يدعو ويقول اللهم
غير ماء صلب حام حتى لا يولد له ولد الا السودان، اللهم غير ماء صلب يافث فغير الله
ماء صلبيهما، فجميع السودان حيث كانوا من حام، وجميع الترك والصقالب و
يأجوج ماجوج والصين من يافث حيث كانوا، وجميع البيض سواهم من سام، و

(1) القلس: حبل للسفينة ضخم من ليف وقيل من غيره، وعصفت الريح: اشتدت (2) وفي المصدر " هيلوليا ".
(3) وفي المصدر واستقرت السفينة " وهو الظاهر.
362

قال نوح عليه السلام لحام ويافث: جعل الله ذريتكما خولا (1) لذرية سام إلى يوم القيمة
لأنه برني وعققتماني، فلا زالت سمة عقوقكما لي في ذريتكما ظاهرة، وسمة البربي في
ذرية سام ظاهرة ما بقيت الدنيا.
112 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:
ونادى نوح ابنه قال: انما في لغة طي " ابنه " بنصب الألف يعني ابن امرأته.
113 - عن موسى عن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " ونادى نوح
ابنه " قال: ليس بابنه انما هو ابن امرأته وهو لغة طي يقولون لابن امرأته ابنه.
114 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول نوح: يا بني اركب معنا قال: ليس
ابنه قال: قلت: ان نوحا قال: يا بني؟ قال: فان نوحا قال ذلك وهو لا يعلم.
115 - في مجمع البيان وروى عن علي بن أبي طالب عليه السلام وأبي جعفر محمد
بن علي وأبي عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام ونادى نوح ابنه (2)
116 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن أبي حمزة عن أبي نعيم عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن النجف كان جبلا وهو الذي قال ابن نوح: سآوي إلى
جبل يعصمني من الماء ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه، فأوحى الله عز وجل
إليه: يا جبل أيعتصم بك مني؟ فتقطع قطعا إلى بلاد الشام وصار رملا دقيقا وصار بعد
ذلك بحرا عظيما وكان يسمى ذلك البحر بحر " ني " ثم جف بعد ذلك فقيل نيجف فسمى
بنجف ثم صار الناس بعد ذلك يسمونه نجف لأنه كان أخف على ألسنتهم.
117 - في من لا يحضره الفقيه روى صفوان بن مهران الجمال عن الصادق جعفر
بن محمد عليهما السلام قال: سار وانا معه في القادسية حتى أشرف على النجف، فقال: هو
الجبل الذي اعتصم به ابن جدي نوح فقال: " سآوي إلى جبل يعصمني من الماء فأوحى الله
عز وجل إليه: يا جبل أيعتصم بك مني أحد؟ فغار في الأرض وتقطع إلى الشام.
118 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لما أراد الله هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام: فقال الله

(1) الخول جمع الخولي: العبيد والإماء. (2) يعني مخفف " ابنها " راجع المجمع ج 3: 160.
363

عز وجل: " اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها " يقول: مجريها اي مسيرها و
مرساها اي موقفها، فدارت السفينة ونظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم: فقال له: " يا بني
اركب معنا ولا تكن مع الكافرين " فقال ابنه: كما حكى الله عز وجل: " سآوي
إلى جبل يعصمني من الماء " فقال نوح عليه السلام " لا عاصم اليوم من الله الا من رحم "
ثم قال نوح عليه السلام: " رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين "
فقال الله عز وجل " يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك
به علم اني أعظك أن تكون من الجاهلين " فقال نوح عليه السلام كما حكى الله عز وجل
رب اني أعوذ بك ان أسئلك ما ليس لي به علم والا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين
فكان كما حكى الله عز وجل وحال بينهما الموج فكان من المغرقين فقال أبو عبد الله
عليه السلام: " فدارت السفينة وضربتها الأمواج حتى وافت مكة، وطافت
ثم بالبيت وغرق جميع الدنيا الا موضع البيت، وانما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من
الغرق، فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحا، ومن الأرض العيون حتى ارتفعت
السفينة فمسحت السماء، قال: فرفع نوح عليه السلام يده فقال: " يا رهمان انفر " وتفسيرها
يا رب احبس، فأمر الله عز وجل الأرض ان تبلع ماءها وهو قوله عز وجل: يا ارض
ابلعي مائك ويا سماء اقلعي اي امسكي وغيض الماء وقضى الامر واستوت على
الجودى فبلعت الأرض ماؤها فأراد ماء السماء ان يدخل في الأرض فامتنعت الأرض
من قبولها: وقالت: انما امرني الله عز وجل ان ابلع مائي فبقي ماء السماء على وجه الأرض واستوت السفينة على جبل الجودى وهو بالموصل جبل عظيم، فبعث الله عز وجل
جبرئيل فساق الماء إلى بحار حول الدنيا.
119 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام
حديث طويل يقول فيه: ان الله عز وجل أوحى إلى نوح عليه السلام وهو في السفينة ان يطوف بالبيت
أسبوعا، فطاف بالبيت كما أوحى إليه، ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه
عظام آدم عليه السلام، فحمله في جوف السفينة حتى طاف ما شاء الله ان يطوف، ثم ورد إلى باب
الكوفة في وسد مسجدها، ففيها قال الله تعالى للأرض: " ابلعي ماءك " فبلعت ماءها
364

من مسجد الكوفة كما بدء الماء منه، وتفرق الجمع الذي كان مع نوح عليه السلام
في السفينة.
120 - في تفسير العياشي إبراهيم بن أبي العلا عن غير واحد عن أحدهما قال:
لما قال الله " يا ارض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي " قال الأرض: انما أمرت ان أبلع
مائي أنا فقط ولم أؤمر أن ابلع ماء السماء قال: فبلعت الأرض مائها وبقى ماء السماء
فصير بحرا حول الدنيا.
121 - عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " يا ارض ابلعي
مائك " قال: نزلت بلغة الهند اشربي.
122 - وفي رواية عباد عنه: " يا ارض ابلعي مائك " حبشية.
123 - عن أبي بصير عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال: يا أبا محمد ان الله أوحى
إلى الجبال اني مهرق سفينة نوح على جبل منكن في الطوفان فتطاولت وشمخت
وتواضع جبل عندكم بالموصل يقال له الجودى، فمرت السفينة تدور في الطوفان
على الجبال كلها أشرفت إلى الجودى فوقفت عليه، فقال نوح: بارات قنى بارات قنى
(1) قال: قلت: جعلت فداك اي شئ هذا الكلام؟ فقال: اللهم أصلح، اللهم أصلح.
124 - عن أبي بصير عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: كان نوح في السفينة فلبث فيها
ما شاء الله فكانت مأمورة فخلى سبيلها نوح، فأوحى الله إلى الجبال اني واضع سفينة عبدي
نوح على جبل منكن فتطاولت الجبال وشمخت غير الجودى وهو جبل بالموصل،
فضرب جؤجؤ السفينة (2) الجبل فقال نوح عند ذلك رب اتقن وهو بالعربية:
رب أصلح.
125 - وروى كثير النوا عن أبي جعفر عليه السلام يقول: سمع نوح صرير السفينة على
الجودى فخاف عليها فأخرج رأسه من كوة (3) كانت فيها فرفع يده وأشار بإصبعه

(1) وفي المصدر " ياراتقي ياراتقي ".
(2) جؤجؤ السفينة: صدرها.
(3) الكوة: الخرق في الحائط.
365

وهو يقول: رهمان (1) اتقن، تأويلها رب أحسن.
126 - في مجمع البيان " وقيل يا أرض ابلعي مائك " قيل: إنها لم تبتلع ماء السماء
لقوله: " مائك " وان ماء السماء صار بحارا وأنهارا وهو المروى عن أئمتنا عليهم السلام
127 - في أصول الكافي أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن علي بن الحكم رفعه عن
أبي بصير قال: دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام في السنة التي قبض فيها أبو عبد الله
عليه السلام فقلت: جعلت فداك ما لك ذبحت كبشا ونحر فلان بدنة؟ فقال: يا أبا محمد ان
نوحا عليه السلام كان في السفينة وكان فيها ما شاء الله وكانت السفينة مأمورة فطافت بالبيت
وهو طواف النساء وخلا سبيلها نوح فأوحى الله عز وجل إلى الجبال اني واضع سفينة نوح
عبدي على جبل منكن، فتطاولت وشمخت وتواضع الجودى وهو جبل عندكم، فضربت
السفينة بجؤجؤها الجبل، قال: فقال نوح عند ذلك: يا بار اتقن (2) وهو بالسريانية:
رب أصلح، قال فظننت ان أبا الحسن عليه السلام عرض بنفسه.
128 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام الخراساني
عن المفضل بن عمر قال: قلت له: كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء، وخرجوا
منها؟ فقال: لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها، فطافت بالبيت أسبوعا ثم استوت على
الجودى وهو فرات الكوفة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
129 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن الحسن بن صالح الثوري عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن سفينة نوح سعت بين الصفا والمروة، وطافت بالبيت سبعة
أشواط ثم استوت على الجودى.
130 - في الكافي محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن الوشاء عن علي بن أبي
حمزة قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: ان سفينة نوح كانت مأمورة فطافت بالبيت
حيث غرقت الأرض ثم أتت مني في أيامها، ثم رجعت السفينة وكانت مأمورة وطافت
بالبيت طواف النساء.

(1) وفي نسخة " رهان " وقد مر نظيره وفي المصدر " ربعمان ".
(2) وفي نسخة: " ياماري اتقن ". وتوافقه المصدر أيضا.
366

131 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن أحمد
بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن كثير النوا عن أبي جعفر
عليه السلام قال: لزقت السفينة يوم عاشورا على الجودى فامر نوح عليه السلام من معه من الجن والإنس
ان يصوموا ذلك اليوم.
132 - في تفسير العياشي عن عبد الحميد بن أبي الديلم قال: لما ركب نوح
عليه السلام في السفينة " قيل بعدا للقوم الظالمين ".
133 - في مجمع البيان ويروى ان كفار قريش أرادوا ان يتعاطوا معارضة القرآن
فعكفوا على الباب البر ولحوم الضان وسلاف الخمر (1) أربعين يوما لتصفو أذهانهم
فلما أخذوا فيما أرادوا سمعوا هذه الآية فقال بعضهم لبعض: هذا كلام لا يشبه كلام
المخلوقين وتركوا ما أخذوا فيه وافترقوا.
134 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا وفيه ثم " قال نوح: " رب ان
ابني من أهلي " إلى قوله: " من الخاسرين " وقد سبق مع قوله: " يا بني اركب معنا " فيه أيضا.
135 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن
الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين
عليه السلام: فهذا نوح صبر في ذات الله عز وجل واعذر قومه إذ كذب؟ قال له علي عليه السلام:
لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله صبر في ذات الله واعذر قومه إذ كذب وشرد وحصب
بالحصى، وعلاه أبو لهب بسلا ناقة، (2) فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل ملك الجبال
ان شق الجبال، وانته إلى أمر محمد صلى الله عليه وآله، فأتاه فقال له: اني أمرت لك بالطاعة
فان أمرت ان أطبقت عليهم الجبال فأهلكتهم بها؟ قال عليه السلام: انما بعثت رحمة،
رب اهد أمتي فإنهم لا يعلمون، ويحك يا يهودي ان نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم

(1) السلاف: ما تحلب وسال قبل العصر وهو أفضل الخمر.
(2) السلى: الجلدة التي يكون فيه الولد من الناس والمواشي وان انقطع في البطن
هلكت الام وهلك الولد.
367

رقة القرابة وأظهر عليهم شفقة، فقال: " رب ابني من أهلي " فقال الله تبارك وتعالى
اسمه: " انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح " أراد جل ذكره أن يسليه بذلك، و
محمد صلى الله عليه وآله لما علنت من قومه المعاندة (1) شهر عليهم سيف النقمة ولم تدركه
فيهم رقة القرابة ولم ينظر إليهم بعين مقة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
136 - وعن أمير المؤمنين حديث طويل وفيه يقول عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد
قال: وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بتكذيبه نوحا لما قال: " ان ابني من أهلي " بقوله:
" انه ليس من أهلك ": واما هفوات الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه فان ذلك
من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة،
لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم، وان منهم من يتخذ
بعضهم الها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكرها دلالة علي تخلفهم عن الكمال
الذي تفرد به عز وجل.
137 - في مجمع البيان وروى علي بن مهزيار عن الحسن بن علي الوشاء
عن الرضا عليه السلام قال: قال أبو عبد الله: ان الله تعالى قال لنوح: " انه ليس من أهلك "
لأنه كان مخالفا له وجعل من اتبعه من أهله.
138 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى إسحاق بن يعقوب قال:
سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي
فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الدار عليه السلام: اما ما سألت عنه أرشدك الله
وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا، فاعلم أنه ليس بين الله عز
وجل وبين أحد قرابة، ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح.
139 - في عيون الأخبار حدثني أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء عن الرضا عليه السلام قال:
سمعته يقول: قال أبي: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله عز وجل " قال يا نوح
انه ليس من أهلك " لأنه كان مخالفا له، وجعل من اتبعه من أهله، قال: وسألني

(1) وفي نسخة " لما غلبت من قومه المعاندة ".
368

كيف يقرؤن هذه الآية في ابن نوح؟ فقلت: يقرؤها الناس على وجهين: انه عمل
غير صالح، وانه عمل غير صالح (1) فقال: كذبوا هو ابنه ولكن الله عز وجل نفاه عنه
حين خالفه في دينه.
140 - في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق بين
العترة والأمة حديث طويل يقول فيه الرضا عليه السلام: اما علمتم وقعة الوراثة
والطهارة على المصطفين المهتدين دون سايرهم؟ قالوا: ومن أين يا أبا الحسن؟
قال: من قول الله عز وجل: " ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة و
الكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون " فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين
دون الفاسقين، أما علمتم ان نوحا حين سأل ربه عز وجل فقال: " رب ان ابني من
أهلي وان وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين " وذلك أن الله عز وجل وعده أن
ينجيه وأهله فقال ربه عز وجل " يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح فلا
تسألن ما ليس لك به علم اني أعظك أن تكون من الجاهلين ".
141 - في باب قول الرضا عليه السلام لأخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه
باسناده إلى الحسن بن موسى الوشا البغدادي قال: كنت بخراسان مع علي بن موسى
الرضا (ع) في مجلس وزيد بن موسى حاضر قد اقبل على جماعة في المجلس يفتخر
عليهم ويقول: نحن، وأبو الحسن عليه السلام مقبل على قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت
إليه فقال: يا زيد أغرك قول ناقلي الكوفة ان فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله تعالى
ذريتها على النار، والله ما ذاك الا للحسن والحسين عليهما السلام وولد بطنها خاصة، واما أن يكون
موسى بن جعفر عليه السلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ثم تجيئان
يوم القيمة سواء لانت أعز على الله عز وجل منه، ان علي بن الحسين كان يقول:
لمحسننا كفلان من الاجر، ولمسيئنا ضعفان من العذاب، قال الحسن الوشا: ثم
التفت إلي فقال: يا حسن كيف تقرؤن هذه الآية: " قال يا نوح انه ليس من أهلك

(1) على نصب " غير " وأن يكون " عمل " فعل ماض في الأول، و " عمل " اسم مرفوع منون
و " غير " بالرفع في الثاني أو بالعكس.
369

انه عمل غير صالح "؟ فقلت: من الناس من يقرء " انه عمل غير صالح " ومنهم من
يقرء " انه عمل غير صالح " فمن قرء انه عمل غير صالح نفاه عن أبيه فقال عليه السلام: كلا لقد كان
ابنه ولكن لما عصى الله عز وجل نفاه عن أبيه، كذا من كان منا لم يطع الله عز وجل فليس
منا وأنت إذا أطعت الله فأنت منا أهل البيت.
142 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه ومحمد بن موسى المتوكل
وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنهم، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن
هاشم قال: حدثني ياسر انه خرج زيد بن موسى أخو أبي الحسن عليه السلام بالمدينة وأحرق
وقتل وكان يسمى زيد النار فبعث إليه المأمون فاسر وحمل إلى المأمون فقال المأمون:
اذهبوا به إلى أبي الحسن، قال ياسر: فلما ادخل إليه قال له أبو الحسن الرضا عليه السلام يا
زيد أغرك قول سفلة أهل الكوفة ان فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله تعالى ذريتها على
النار؟ ذلك للحسن والحسين عليهما السلام خاصة، ان كنت ترى انك تعصى الله وتدخل الجنة
وموسى بن جعفر أطاع الله ودخل الجنة فأنت إذا أكرم على الله تعالى من موسى بن جعفر
ما ينال أحد ما عند الله الا بطاعته وزعمت انك تناله بمعصيته فبئس ما زعمت فقال
له زيد: انا أخوك وابن أبيك؟ فقال له أبو الحسن عليه السلام: أنت أخي ما أطعت الله عز وجل
ان نوحا عليه السلام " قال: إن ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين " فقال
الله عز وجل: " انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح " فأخرجه الله عز وجل من أن يكون
من أهله بمعصيته.
143 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله عز وجل هلاك قوم نوح عليه السلام وذكر حديثا طويلا وفي
آخره: وانزل الله على نوح: يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن
" معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم " فنزل نوح بالموصل من
السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكان لنوح ابنة ركبت معه السفينة فتناسل
الناس منها، وذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: نوح أحد الأبوين.
144 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما هبط نوح عليه السلام
370

من السفينة اتاه إبليس عليه اللعنة فقال: ما في الأرض أعظم منة علي منك، دعوت
على هؤلاء الفساق فأرحتني منهم الا أعلمك خصلتين؟: إياك والحسد فهو الذي عمل بي
ما عمل وإياك والحرص فهو الذي عمل بآدم ما عمل.
145 - في الكافي عنه عن القاسم بن الريان عن أبان بن عثمان عن موسى بن
العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما حسر الماء (1) عن عظام الموتى فرأى ذلك نوح عليه السلام
جزع جزعا شديدا واغتم لذلك، فأوحى الله عز وجل هذا عملك بنفسك أنت دعوت
عليهم، فقال: يا رب اني استغفرك وأتوب إليك: فأوحى الله عز وجل إليه ان: كل
العنب الأسود ليذهب غمك.
146 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الحميد بن أبي
الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بقي نوح بعد النزول من السفينة خمسين سنة ثم أتاه
جبرئيل عليه السلام فقال له: يا نوح قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك، فانظر الاسم الأكبر
وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معك فادفعها إلى ابنك سام، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
147 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم
عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عاش نوح ألفي سنة وثلثمأة سنة منها
ثمانمأة وخمسين سنة قبل أن يبعث، وألف سنة الا خمسين عاما وهو في قومه
يدعوهم وخمسمأة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء (2) فمصر الأمصار
وأسكن ولده البلدان، ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس، فقال: السلام عليك
فرد عليه نوح صلى الله عليه، فقال: ما جاء بك يا ملك الموت؟ قال: جئتك لأقبض
روحك، قال: دعني ادخل من الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم: فتحول فقال:
يا ملك الموت ما مر بي من الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل (3).

(1) حسر الشئ: كشفه يقال حسرت الجارية خمارها كشفته عن وجهها.
(2) نضب الماء: غار في الأرض وسفل.
(3) " في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن داود عن محمد بن تمام قال أخبرنا محمد بن *
371

148 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في
الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفيه: قالت العلماء له: فأخبرنا هل فسر الله
تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن
في اثني عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك إلى قوله: والآية السادسة قول الله عز وجل:
قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى، وهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله إلى يوم
القيمة وخصوصية للآل دون غيرهم وذلك أن الله تعالى حكى ذكر نوح عليه السلام في كتابه:
" يا قوم لا أسئلكم عليه مالا ان أجري الا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا انهم
ملاقوا ربهم ولكني أريكم قوما تجهلون " وحكى عز وجل عن هود صلى الله عليه أنه قال:
لا أسئلكم عليه اجرا ان أجري الا على الذي فطرني أفلا تعقلون وقال
عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وآله: " قل يا محمد لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى "
ولم يفترض الله تعالى مودتهم الا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون
إلى الضلال ابدا.
149 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال علي بن إبراهيم ثم حكى الله عز وجل
خبر هود صلى الله عليه وهلاك قومه فقال: " والى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله
ما لكم من اله غيره ان أنتم الا مفترون * يا قوم لا أسئلكم عليه اجرا إن أجري الا على
الذي فطرني أفلا تعقلون " قال إن عادا كانت بلادهم في البادية من الشقوق إلى
الاجفر (1) أربعة منازل، وكان لهم زرع ونخيل كثير ولهم اعمار طويلة وأجسام طويلة
فعبدوا الأصنام وبعث الله إليهم هودا يدعوهم إلى الاسلام وخلع الأنداد فأبوا ولم يؤمنوا

* محمد عن علي بن محمد قال حدثني أحمد بن ميثم الطلحي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه
عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أين دفن أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: دفن
في قبر أبيه نوح، قلت: وأين قبر نوح؟ الناس يقولون إنه في المسجد؟ قال: لا ذاك في ظهر
الكوفة. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
(1) الشقوق - بضم الشين -: منزل بطريق مكة بعد واقصة من الكوفة، والاجفر -
بضم الفاء -: أيضا منزل بطريق مكة بين الخزيمة وفيد.
372

بهود وآذوه، فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا، وكان هود زارعا وكان
يسقى الزرع، فجاء قوم إلى بابه يريدونه فخرجت عليهم امرأة شمطاء عوراء فقالت
من أنتم، قالوا: نحن من بلاد كذا وكذا أجدبت بلادنا (1) فجئنا إلى هود نسأله
ان يدعو الله حتى نمطر وتخصب بلادنا، فقالت: لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد
احترق زرعه لقلة الماء، قالوا: فأين هود؟ قالت: هو في موضع كذا وكذا،
فجاؤوا إليه فقالوا: يا نبي الله أجدبت بلادنا ولم نمطر فسل الله أن تخصب بلادنا ونمطر
فتهيأ للصلاة وصلى ودعا لهم، فقال لهم: ارجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم فقالوا
يا نبي الله انا رأينا عجبا قال: وما رأيتم؟ قالوا رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء فقالت لنا من
أنتم ومن تريدون؟ فقلنا: جئنا إلى هود ليدعو الله لنا فنمطر فقالت: لو كان هود داعيا لدعى
لنفسه فان زرعه قد احترق؟ فقال هود ذاك أهلي وانا أدعو الله لها بطول البقاء
فقالوا: وكيف ذلك؟ قال: لأنه ما خلق الله مؤمنا الا وله عدو يؤذيه وهي عدوتي
فلان يكون عدوي ممن أملكه خير من أن يكون عدوي ممن يملكني، فبقي هود في
قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن عبادة الأصنام حتى تخصب بلادهم وانزل الله تعالى
عليهم المطر وهو قوله عز وجل: يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء
عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين فقالوا كما حكى الله:
يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين
إلى آخر الآية، فلما لم يؤمنوا ارسل الله عليهم الريح الصرصر يعني الباردة وهو
قوله في سورة اقتربت " كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر انا أرسلنا عليهم ريحا
صرصرا في يوم نحس مستمر " وحكى في سورة الحاقة فقال: " واما عاد فاهلكوا
بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " قال: كان القمر
منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيام، قال: فحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن
عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السلام قال: الريح العقيم تخرج
من تحت الأرضين السبع: وما خرج منها شئ قط الا على قوم عاد حين غضب الله عليهم فأمر

(1) أجدب القوم: أصابهم الجدب اي المحل وهو انقطاع المطر ويبس الأرض.
373

الخزان ان يخرجوا منها مثل سعة الخاتم، فعصت على الخزنة فخرج منها مثل مقدار
منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، فضج الخزنة إلى الله من ذلك فقالوا: يا ربنا
انها قد عصت علينا ونحن نخاف ان يهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بلادك، فبعث الله
جبرئيل فردها بجناحه وقال لها: أخرجي على ما أمرت به، فخرجت على ما أمرت به،
فأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم.
150 - في تفسير العياشي عن ابن معمر قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام
في قوله: ان ربي على صراط مستقيم يعني انه على حق يجزي بالاحسان احسانا
وبالسئ سيئا ويعفو عمن يشاء ويغفر سبحانه وتعالى.
151 - في مجمع البيان وروى جابر بن عبد الله الأنصاري ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما
نزل الحجر في غزوة تبوك قام فخطب الناس وقال: أيها الناس لا تسئلوا نبيكم الآيات،
هؤلاء قوم صالح عليه السلام سألوا نبيهم ان يبعث لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج فتشرب
مائهم يوم ورودها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يشربون من مائها يوم غبها (1)
فعتوا عن أمر ربهم فقال: " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام " فذلك وعد من الله غير مكذوب
ثم جائتهم الصيحة فأهلك الله من كان في مشارق الأرض ومغاربها منهم الا رجلا كان في
حرم الله، فمنعه حرم الله من عذاب الله تعالى يقال له أبو زعال، قيل: يا رسول الله من
أبو زعال؟ قال: أبو ثقيف.
152 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل
عنه أمير المؤمنين في جامع الكوفة حديث طويل وفيه ثم قام إليه آخر فقال: يا
أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله وأي أربعاء هو؟ قال آخر
أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى أن قال عليه السلام: ويوم
الأربعاء عقروا الناقة.
153 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن

(1) الغب - بالكسر -: من أوراد الإبل أن ترد الماء يوما وتدعه يوما ثم تعود.
374

عبد الرحمان عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل
يذكر فيه قصة صالح عليه السلام وقومه وفيه قال: يا قوم انكم تصبحون غدا ووجوهكم مصفرة
واليوم الثاني ووجوهكم محمرة، واليوم الثالث ووجوهكم مسودة، فلما كان
أول يوم أصبحوا ووجوههم مصفرة، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا: قد جائكم ما قال
لكم صالح، فقال العتاة منهم: لا نسمع قول صالح ولا نقبل قوله وإن كان عظيما
فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرة فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: يا قوم
قد جائكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم: لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح
ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها ولم يتوبوا ولم يرجعوا، فلما كان اليوم
الثالث أصبحوا ووجوههم مسودة، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا: يا قوم أتاكم ما قال
لكم صالح، فقال العتاة منهم: قد أتانا ما قال لنا صالح، فلما كان نصف الليل أتاهم
جبرئيل فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم، وفلقت قلوبهم وصدعت
أكبادهم وقد كانوا في تلك الثلاثة الأيام قد تحنطوا وتكفنوا وعلموا ان العذاب نازل
بهم، فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم، فلم يبق منهم ناعقة ولا راغية
(1) ولا شئ الا أهلكه الله، فأصبحوا في ديارهم وكانت مضاجعهم موتى أجمعين
ثم أرسل عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين.
154 - في أصول الكافي محمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري قال:
كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى
له أسماء وصفات في كتابه وأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفر عليه السلام ان لهذا الكلام
وجهين إلى قوله: وكذلك سمينا ربنا قويا، لا بقوة البطش المعروف من المخلوق
ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه، ولاحتمل الزيادة
وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم، وما كان غير

(1) النعيق: صوت الراعي بغنمه قال المجلسي (ره): اي لم يبق منهم من يتأتى منه النعيق.
" انتهى " وحكى عن بعض نسخ الروضة " فلم يبق لهم ثاغية ولا راغية " وهو الظاهر. والثاغية:
الشاة. والراغية: البعير.
375

قديم كان عاجزا.
155 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن
سعيد قال: أخبرني زكريا بن محمد عن أبيه عن عمرو عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان قوم
لوط من أفضل قوم خلقهم الله، فطلبهم إبليس الطلب الشديد وكان من فضلهم وخيرتهم
انهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم وكان إبليس
يعتادهم (1) فكانوا إذا رجعوا خرب إبليس ما كانوا يعملون، فقال بعضهم لبعض
تعالوا: نرصد هذا الذي يخرب متاعنا فرصدوه فإذا هو غلام أحسن ما يكون من
الغلمان، فقالوا له: أنت الذي تخرب متاعنا مرة بعد مرة؟ فاجتمع رأيهم على أن
يقتلوه فبيتوه عند رجل، فلما كان الليل صاح فقال له: مالك؟ فقال كان أبي ينومني على بطنه
فقال له: تعال فنم على بطني، قال: فلم يزل يدلك الرجل حتى علمه انه يفعل بنفسه،
فأولا علمه إبليس والثانية علمه هو ثم انسل (2) ففر منهم وأصبحوا، فجعل الرجل
يخبر بما فعل بالغلام ويعجبهم منه وهم لا يعرفونه، فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى
الرجال بالرجال بعضهم ببعض ثم جعلوا يرصدون مارة الطريق فيفعلون بهم حتى
تنكب مدينتهم الناس، ثم تركوا نساءهم واقبلوا على الغلمان، فلما رأى أنه قد
أحكم امره في الرجال جاء إلى النساء فصير نفسه امرأة ثم قال: إن رجالكن يفعل
بعضهم ببعض؟ قلن: نعم، قد رأينا ذلك وكل ذلك يعظهم لوط ويوصيهم وإبليس
يغويهم، حتى استغنى النساء بالنساء فلما كملت عليهم الحجة بعث الله جبرئيل و
ميكائيل وإسرافيل في زي غلمان، عليهم أقبية، فمروا بلوط وهو يحرث، فقال:
أين تريدون ما رأيت أجمل منكم قط؟ قالوا: أرسلنا سيدنا إلى رب هذه المدينة.
قال: أولم يبلغ سيدكم ما يفعل أهل هذه المدينة؟ يا بني انهم والله يأخذون الرجال

(1) قال المجلسي (ره) اي يعتاد المجئ إليهم كل يوم أو ينتابهم كلما رجعوا أقبل
إبليس، قال الفيروزآبادي: العود انتياب الشئ كالاعتياد، وفى محاسن البرقي: " فلما حسدهم
إبليس لعادتهم كانوا إذا رجعوا.. اه " وفي ثواب الأعمال: " فأتى إبليس عبادتهم ".
(2) انسل: انطلق في استخفاء.
376

فيفعلون بهم حتى يخرج الدم، فقالوا: أمرنا سيدنا ان نمر وسطها، قال: فلي
إليكم حاجة، قالوا: وما هي؟ قال: تصبرون ههنا إلى اختلاط الظلام قال: فجلسوا
قال: فبعث ابنته فقال: جيئ لهم بخبز وجيئ لهم بماء في القرعة (1) وجيئ لهم
بما يتغطون بها من البرد، فلما ان ذهبت الابنة اقبل المطر والوادي، فقال لوط:
الساعة يذهب بالصبيان الوادي قوموا حتى نمضي وجعل لوط يمشي في أصل الحائط
وجعل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل يمشون وسط الطريق فقال: يا بني امشوا ههنا فقالوا:
أمرنا سيدنا ان نمر في وسطها وكان لوط يستغنم الظلام ومر إبليس واخذ من حجر
امرأة صبيا فطرحه في البئر فتصايح أهل المدينة كلهم على باب لوط فلما ان نظروا
إلى الغلمان في منزل لوط قالوا: يا لوط قد دخلت في عملنا؟ فقال: هؤلاء ضيفي
فلا تفضحون في ضيفي، قالوا: هم ثلاثة خذوا واحدا وأعطنا اثنين، قال: فأدخلهم
الحجرة وقال [لوط]: لو أن لي أهل بيت يمنعوني منكم، قال: وتدافعوا على
الباب وكسروا باب لوط وطرحوا لوطا، فقال له جبرئيل: انا رسل ربك لن يصلوا
إليك فاخذ كفا من البطحاء (2) فضرب بها وجوههم وقال: شاهت الوجوه (3)
فعمى أهل المدينة كلهم، قال لهم لوط: يا رسل ربي فما أمركم ربي فيهم؟
قالوا: أمرنا ان نأخذهم بالسحر قال: فلي إليكم حاجة قالوا: وما حاجتك؟ قال:
تأخذونهم الساعة فاني أخاف ان يبدو لربي فيهم، فقالوا: يا لوط ان موعدهم الصبح
أليس الصبح بقريب لمن يريد ان يأخذ فخذ أنت بناتك وامض ودع امرأتك.
فقال أبو جعفر عليه السلام: رحم الله لوطا لو يدري من معه في الحجرة لعلم انه
منصور حيث يقول: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد اي ركن أشد من
جبرئيل معه في الحجرة فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله: وما هي من الظالمين ببعيد

(1) القرعة: الجراب الصغير. وقال في الوافي: القرعة واحدة القرع. حمل اليقطين.
(2) البطحاء: مسيل واسع فيه دقاق الحصى.
(3) شاهت الوجوه اي قبحت.
377

من ظالمي أمتك ان عملوا ما عمل قوم لوط قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ألح في
وطي الرجال لم يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه.
156 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن فرقد عن أبي يزيد الحمار
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل بعث أربعة املاك في اهلاك قوم لوط: جبرئيل
وميكائيل وإسرافيل وكروبيل، فمروا بإبراهيم عليه السلام وهم معتمون، فسلموا عليه
فلم يعرفهم ورأى هيئة حسنة، فقال: لا يخدم هؤلاء الا أنا بنفسي وكان صاحب ضيافة،
فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قربه إليهم، فلما وضعه بين أيديهم رأى أيديهم
لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة فلما رأى ذلك جبرئيل عليه السلام حسر العمامة
عن وجهه فعرفه إبراهيم عليه السلام فقال: أنت هو؟ قال: نعم، ومرت سارة امرأته فبشرها بإسحاق
ومن رواء اسحق يعقوب، فقالت: ما قال الله عز وجل، فأجابوها بما في الكتاب،
فقال لهم إبراهيم عليه السلام: لماذا جئتم؟ قالوا: في اهلاك قوم لوط، فقال: إن كان فيهم
مأة من المؤمنين أتهلكونهم؟ فقال جبرئيل لا، قال: فإن كان فيها خمسون؟
قال: لا قال: فإن كان فيها ثلاثون؟ قال: لا قال: فإن كان فيها عشرون؟ قال: لا قال:
فإن كان فيها عشرة؟ قال: لا قال: فإن كان فيها خمسة؟ قال: لا قال: فإن كان فيها واحد قال:
لا، قال: فان فيها لوطا قالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت
من الغابرين " قال الحسن بن علي: (1) لا أعلم هذا القول الا وهو يستبقيهم، وهو قول الله
عز وجل: يجادلنا في قوم لوط فأتوا لوطا وهو في زراعة قرب القرية فسلموا عليه
وهم معتمون، فلما رأى هيئة حسنة عليهم ثياب بيض وعمائم بيض فقال لهم: المنزل؟
فقالوا: نعم، فتقدمهم ومشوا خلفه، فندم على عرضه المنزل عليهم فقال: أي شئ
صنعت؟ آتي بهم قومي وانا أعرفهم؟ فالتفت إليهم فقال: انكم لتأتون شرارا من خلق الله، قال
جبرئيل لا نعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلث مرات، فقال جبرئيل عليه السلام: هذه واحدة ثم مشى

(1) فيه كلام طويل ذكره المجلسي (ره) في مرآة العقول فراجع. ونقله في ذيل الكافي
ج 5: 547.
378

ساعة ثم التفت إليهم فقال: انكم لتأتون شرارا من خلق الله، فقال جبرئيل عليه السلام: هذه
ثنتان، ثم مشى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال: انكم لتأتون شرارا من خلق
الله، فقال جبرئيل عليه السلام: هذه الثالثة، ثم دخل ودخلوا معه حتى دخل منزله، فلما
رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة فصعدت فوق السطح فصفقت فلم يسمعوا فدخنت فلما
رأوا الدخان اقبلوا يهرعون (1) حتى جاؤوا إلى الباب فنزلت إليهم فقالت: عنده
قوم ما رأيت قوما قط أحسن منهم هيئة فجاؤوا إلى الباب ليدخلوا فلما رآهم لوط قام
إليهم فقال لهم: يا قوم اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد و
قال هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فدعاهم إلى الحلال فقالوا ما لنا في بناتك من
حق وانك لتعلم ما نريد فقال لهم: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد
فقال جبرئيل: لو يعلم اي قوة له؟ قال: فكابروه حتى دخلوا البيت، فصاح بهم
(2) جبرئيل عليه السلام وقال: يا لوط دعهم يدخلون، فلما دخلوا اهوى جبرئيل عليه السلام
بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم وهو قوله عز وجل: " فطمسنا على أعينهم " ثم ناداه
جبرئيل عليه السلام فقال له: انا رسل ربك لن يصلوا إليك فاسر باهلك بقطع من الليل
وقال له جبرئيل: انا بعثنا في اهلاكهم، فقال: يا جبرئيل عجل، فقال: ان
موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب فأمره ان يتحمل ومن معه الا امرأته، ثم اقتلعها
يعني المدينة جبرئيل بجناحيه من سبعة أرضين، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح
الكلاب وصراخ الديكة: ثم قلبها وامطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل.
157 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن
أبي حمزة عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام في قول لوط عليه السلام: " هؤلاء بناتي هن
أطهر لكم " قال: عرض عليهم التزويج.
158 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن سعيد عن محمد بن سليمان عن ميمون
البان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقرء عنده آيات من هود، فلما بلغ:

(1) الهرع: المشي باضطراب وسرعة.
(2) وفي المصدر " فصاح به " ولعله أوفق بالسياق.
379

وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد
قال: فقال: من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الأحجار،
فيكون فيه منيته.
159 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أمكن من نفسه طائعا يلعب به ألقى الله
عليه شهوة النساء.
160 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن عبيد الله (1) الدهقان عن
درست بن ابن منصور عن عطية أخي أبي الغرام قال: ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام المنكوح
من الرجال، فقال ليس يبلى الله بهذا البلاء أحدا وله فيه حاجة، ان في ادبارهم أرحاما
منكوسة وحياء ادبارهم كحياء المرأة (2) قد شرك فيهم ابن لإبليس يقال له زوال، فمن
شرك فيه من الرجال كان منكوحا ومن شرك فيه (3) من النساء كانت من
الموارد والعامل على هذا من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه وهم بقية سدوم اما
اني لست أعني به بقيتهم انهم ولدهم ولكن من طينتهم، قال: قلت: سدوم التي قلبت؟
قال: هي أربع مداين سدوم وصريم ولدما وعميرا (4) اتاهن جبرئيل عليه السلام وهن مقلوعات
إلى تخوم (5) الأرض السابعة فوضع جناحه تحت السفلى منهن ورفعهن جميعا حتى
سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم ثم قلبها.
161 - محمد عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الرحمان العزرمي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان لله عبادا لهم في أصلابهم أرحام

(1) وفي المصدر " عبد الله ".
(2) الحياء: فرج المرأة.
(3) وفي بعض النسخ: شارك فيه
(4) وفي المصدر " لدماء وعميراء " ممدودا.
(5) التخوم: الحدود.
380

كارحام النساء، قال: فسئل: فما لهم لا يحملون؟ فقال: انها منكوسة ولهم في أدبارهم
غدة كغدة الجمل والبعير، فإذا هاجت هاجوا وإذا سكنت سكنوا.
162 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد ومحمد بن
يحيى عن موسى بن الحسن عن عمر بن علي بن عمر بن يزيد [عن محمد بن عمر عن أخيه
الحسين عن أبيه عمر بن يزيد] قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده رجل فقال له:
جعلت فداك اني أحب الصبيان، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فتصنع ماذا؟ قال: أحملهم
على ظهري، فوضع أبو عبد الله عليه السلام يده على جبهته وولى وجهه عنه، فبكى الرجل
فنظر إليه أبو عبد الله عليه السلام كأنه رحمه فقال: إذا أتيت بلدك فاشتر جزورا (1) سمينا
وأعقله عقالا شديدا وخذ السيف واضرب السنام ضربة تقشر عنه الجلدة واجلس عليه
بحرارته، قال عمر: قال الرجل: فأتيت بلدي واشتريت جزورا فعقلته عقالا شديدا و
أخذت السيف فضربت السنام ضربة وقشرت عنه الجلد وجلست عليه بحرارته فسقط
مني على ظهر البعير شبة الوزغ أصغر من الوزغ وسكن ما بي.
163 - محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن الهيثم النهدي رفعه قال: شكى
رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام الابنة، فمسح أبو عبد الله عليه السلام ظهره فسقطت منه دودة
حمراء فبرء.
164 - الحسين بن محمد عن محمد بن عمران عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق
ابن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هؤلاء المخنثون مبتلون بهذا البلاء فيكون
المؤمن مبتلا والناس يزعمون أنه لا يبتلى به أحد لله فيه حاجة؟ فقال: نعم، قد يكون
مبتلى به فلا تكلموهم، فإنهم يجدون لكلامكم راحة، قلت: جعلت فداك فإنهم ليس
يصبرون؟ قال: هم يصبرون ولكن يطلبون بذلك اللذة.
165 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه
قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن

(1) الجزور: من الإبل خاصة.
381

محبوب عن هشام بن سالم عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يتعوذ من البخل؟ فقال: نعم يا أبا محمد في كل صباح ومساء ونحن نتعوذ بالله من
البخل لقول الله: " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " وسأخبرك عن عاقبة البخل
ان قوم لوط كانوا أهل قرية أشحاء على الطعام فأعقبهم البخل داء لا دواء له في فروجهم
فقلت: وما اعقبهم؟ فقال: ان قرية قوم لوط كانت على طريق السيارة إلى الشام و
مصر، فكانت السيارة تنزل بهم فيضيفونهم، فلما كثر ذلك عليهم ضاقوا بذلك ذرعا
بخلا (1) ولؤما، فدعاهم البخل إلى أن كانوا إذا نزل بهم الضيف فضحوه من غير
شهوة لهم إلى ذلك، وانما كانوا يفعلون ذلك بالضيف حتى ينكل الناس (2) عنهم
فشاع أمرهم في القرية وحذرهم النازلة فأورثهم البخل بلاء لا يستطيعون دفعه عن
أنفسهم عن غير شهوة بهم إلى ذلك حتى صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد، ويعطونهم
عليه الجعل ثم قال: فأي داء أدوى من البخل ولا أضر عاقبة ولا أفحش عند الله
عز وجل، قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك فهل كان أهل قرية لوط كلهم هكذا
يعملون؟ فقال: نعم الا أهل بيت منهم من المسلمين، أما تسمع لقوله تعالى: " فأخرجنا
من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " ثم قال أبو جعفر عليه السلام:
ان لوطا لبث في قومه ثلثين سنة يدعوهم إلى الله عز وجل ويحذرهم عذابه، وكانوا
قوما لا يتنظفون من الغائط ولا يتطهرون من الجنابة، وكان لوط ابن خالة إبراهيم، و
كانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط، وكان لوط وإبراهيم نبيين مرسلين منذرين وكان لوط
رجلا سخيا كريما يقري الضيف إذا نزل به ويحذرهم قومه، قال: فلما رأى قوم لوط ذلك منه
قالوا: انا ننهاك عن العالمين لا تقري ضيفا ينزل بك ان فعلت فضحنا ضيفك الذي ينزل بك
وأخزيناك، فكان لوط إذا نزل به الضيف يكتم أمره مخافة ان يفضحه قومه، وذلك أنه لم
يكن للوط عشيرة، وقال: ولم يزل لوط وإبراهيم يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط،
فكانت لإبراهيم وللوط منزلة من الله عز وجل شريفة، وان الله عز وجل كان إذا أراد

(1) ضاق بالامر ذرعا إذا لم يقدر عليه.
(2) نكل عن الشئ: نكص وجبن.
382

عذاب قوم لوط أدركته مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيؤخر عذابهم.
قال أبو جعفر عليه السلام: فلما اشتد اسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضى أن يعوض
إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم فيسلي به مصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله
رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف ان يكونوا
سراقا، فلما رأته الرسل فزعا مذعورا " قالوا سلاما قال سلام انا منكم وجلون قالوا: لا
توجل انا " رسل ربك " نبشرك بغلام عليم " قال أبو جعفر عليه السلام: والغلام العليم هو
إسماعيل بن هاجر فقال إبراهيم للرسل: " أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون
قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين " فقال إبراهيم: فما خطبكم بعد البشارة
قالوا انا أرسلنا إلى قوم مجرمين قوم لوط انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب
العالمين، قال أبو جعفر عليه السلام: فقال إبراهيم للرسل: " ان فيها لوطا قالوا نحن اعلم
بمن فيها لننجينه وأهله أجمعين الا امرأته قدرنا انها من الغابرين " قال: " فلما جاء
آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما كانوا فيه " قومك من
عذاب الله " يمترون وآتيناك بالحق " لتنذر قومك العذاب " وانا لصادقون فاسر
باهلك " يا لوط إذا مضى لك من يومك هذا سبعة أيام ولياليها، " بقطع من الليل " إذا مضى
" نصف الليل ولا يلتفت منكم أحد الا امرأتك انه مصيبها ما أصابهم وامضوا " في تلك الليلة
" حيث تؤمرون ".
قال أبو جعفر عليه السلام: فقضوا ذلك الامر إلى لوط ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين
قال: قال أبو جعفر عليه السلام: فلما كان اليوم الثامن من طلوع الفجر قدم الله عز وجل
رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط وذلك قوله:
ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ
يعني ذكيا مشويا نضيجا فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس
منهم خيفة قالوا لا تخف انا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فبشروها
بإسحاق ومن وراء اسحق يعقوب فضحكت يعني فتعجبت من قولهم، قالت يا ويلتي
383

أألد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشئ عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله
رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد.
قال أبو جعفر عليه السلام: فلما جاءت إبراهيم البشارة بإسحاق وذهب عنه الروع أقبل يناجي
ربه في قوم لوط يسئله كف البلاء عنهم فقال الله عز وجل: يا إبراهيم اعرض عن هذا
انه قد جاء أمر ربك وانهم آتيهم عذاب بعد طلوع الفجر من يومك مختوم وغير مردود.
166 وبهذا الاسناد عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي
عن أبي جعفر عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله سئل جبرئيل كيف كان مهلك قوم لوط؟ فقال: ان
قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظفون من الغائط ولا يتطهرون من الجنابة بخلاء أشحاء
على الطعام، وان لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة، وانما كان نازلا عليهم ولم يكن منهم ولا
عشيرة له فيهم ولا قوم، وانه دعاهم إلى الله عز وجل والى الايمان به واتباعه، ونهاهم
عن الفواحش وحثهم على طاعة الله فلم يجيبوه ولم يطيعوه: وان الله عز وجل لما أراد عذابهم
بعث إليهم رسلا منذرين عذرا [و] نذرا فلما عتوا عن امره بعث إليهم ملائكة ليخرجوا من
كان في قريتهم من المؤمنين، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين فأخرجوهم منها وقالوا
للوط: أسر باهلك من هذه القرية بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد، وامضوا حيث
تؤمرون، فلما انتصف الليل سار لوط ببناته وتولت امرأته مدبرة، فانقطعت إلى قومها تسعى
بلوط وتخبرهم ان لوطا قد سار ببناته واني نوديت من تلقاء العرش لما طلع الفجر: يا
جبرئيل حق القول من الله، تحتم عذاب قوم لوط فاهبط إلى قرية قوم لوط وما حوت
فاقلعها من تحت سبع أرضين ثم اعرج بها إلى السماء فأوقفها حتى يأتيك أمر الجبار
في قلبها ودع منها آية بينة من منزل لوط عبرة للسيارة فهبطت على أهل القرية الظالمين
فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى
عليه غربها فاقتلعتها يا محمد من تحت سبع أرضين الا منزل لوط آية للسيارة ثم
عرجت بها في خوافي جناحي حتى أوقفتها حيث يسمع أهل السماء زقاء ديوكها
(1) ونباح كلابها فلما طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش: يا جبرئيل اقلب

(1) الخوافي: ريشات من الجناح إذا ضم الطائر جناحيه خفيت والزقاء: الصياح.
384

القرية على القوم فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها وامطر الله عليها حجارة من سجيل
مسومة عند ربك وما هي من الظالمين من أمتك ببعيد قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
يا جبرئيل وأين كانت قريتهم من البلاد؟ فقال جبرئيل: كان موضع قريتهم في
موضع بحيرة طبرية اليوم، وهي في نواحي الشام، قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله
أرأيتك حين قلبتها عليهم في اي موضع من الأرضين وقعت القرية وأهلها؟ فقال:
يا محمد وقعت فيما بين بحر الشام إلى مصر فصارت تلولا (1) في البحر.
167 - أبي " رحمه الله " قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد
بن محمد بن أبي نصر عن ابان عن أبي بصير وغيره عن أحدهما عليهما السلام قال: إن
الملائكة لما جاءت في هلاك قوم لوط قالوا انا مهلكوا أهل هذه القرية قالت سارة وعجبت
من قلتهم وكثرة أهل القرية فقالت: ومن يطيق قوم لوط؟ فبشروها بإسحاق ومن وراء اسحق
يعقوب فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم، وهي يومئذ ابنة تسعين سنة وإبراهيم ابن عشرين و
مائة سنة، فجادل إبراهيم عنهم وقال: " ان فيها لوطا "؟ قال جبرئيل " نحن أعلم بمن فيها "
فزاده إبراهيم فقال جبرئيل: " يا إبراهيم اعرض عن هذا انه قد جاء أمر ربك وانهم آتيهم عذاب
غير مردود " قال: وان جبرئيل لما أتى لوطا في هلاك قومه فدخلوا عليه وجاءه قومه يهرعون
إليه فقام ووضع يده على الباب ثم ناشدهم فقال: " اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي قالوا
أولم ننهك عن العالمين " ثم أعرض عليهم بناته نكاحا " قالوا مالنا في بناتك من حق
وانك لتعلم ما نريد قال فما منكم رجل رشيد " قال: فأبوا " قال لو أن لي بكم قوة أو
آوي إلى ركن شديد " قال: وجبرئيل ينظر إليهم فقال: لو يعلم أي قوة له ثم دعاه فأتاه،
ففتحوا الباب ودخلوا فأشار إليهم جبرئيل بيده فرجعوا عميانا يلتمسون الجدار
بأيديهم يعاهدون الله لان أصحبنا لا نستبقي أحدا من آل لوط، قال: فلما قال جبرئيل
" انا رسل ربك " قال له لوط: يا جبرئيل عجل، قال: نعم، قال: يا جبرئيل عجل
قال: " ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب " ثم قال جبرئيل: يا لوط اخرج منها
أنت وولدك حتى تبلغ موضع كذا، قال: يا جبرئيل ان حمري ضعاف " قال:

(1) التلول جمع التل.
385

ارتحل فاخرج منها، قال: فارتحل حتى إذا كان السحر نزل إليها جبرئيل فادخل
جناحه تحتها حتى إذا استعلت قلبها عليهم ورمى جدران المدينة بحجارة من سجيل، و
سمعت امرأة لوط الهدة (1) فهلكت منها.
168 - وباسناده إلى الحسن بن محبوب عن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قيل له:
كيف كان يعلم قوم لوط انه قد جاء لوطا رجل؟ قال: كانت امرأته تخرج فتصفر
فإذا سمعوا التصفير جاؤوا فلذلك كره التصفير.
169 - في كتاب معاني الأخبار أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام في
قول الله عز وجل. " فضحكت فبشرناها بإسحاق " قال: حاضت.
170 - وفيه ان الصادق عليه السلام سلم على رجل فقال الرجل: وعليكم السلام و
رحمة الله وبركاته ورضوانه، فقال: لا تجاوزوا بنا قول الملائكة لأبينا إبراهيم عليه السلام
" رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد ".
171 - في أصول الكافي أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل عن أبي -
عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام بقوم فسلم عليهم فقالوا:
عليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام:
لا تجاوزا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم انما قالوا: " رحمة الله وبركاته عليكم
أهل البيت ".
172 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد
عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: " توقد من شجرة مباركة " فأصل
الشجرة المباركة إبراهيم صلى الله عليه، وهو قول الله عز وجل: " رحمة الله وبركاته عليكم
أهل البيت انه حميد مجيد " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
173 - في تفسير العياشي عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن علي
بن أبي طالب عليه السلام مر بقوم فسلم عليهم فقالوا وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته

(1) الهدة: صوت وقع الحائط ونحوه.
386

ورضوانه، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: لا تجاوزوا بنا ما قالت الأنبياء لأبينا إبراهيم
انما قالوا: " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد ". وروى الحسن بن
محمد مثله غير أنه قال: ما قالت الملائكة لأبينا عليهم السلام.
174 - عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " ان
إبراهيم لحليم أواه منيب " قال: دعاء. عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن
أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام مثله.
175 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: " ان إبراهيم لاواه حليم " قال الأواه
هو الدعاء.
176 - في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن عبد الملك
والحسين بن علي بن يقطين وموسى بن عبد الملك عن رجل قال سألت أبا الحسن
الرضا عليه السلام عن اتيان الرجل المراة من خلفها؟ قال: أحله آية من كتاب الله عز وجل
قول لوط: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " وقد علم أنهم لا يريدون الفرج.
في تفسير العياشي عن الحسين بن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عن
اتيان الرجل المرأة من خلفها وذكر مثله.
قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " قد سبق في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال
: عرض عليهم التزويج.
177 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: ما كان قول لوط: " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد "
الا تمنيا لقوة القائم عليه السلام، ولا ذكر [ركن] الا شدة أصحابه، لان الرجل منهم يعطي
قوة أربعين رجلا وان قلبه لأشد من زبر الحديد، ولو مروا بجبال الحديد لقطعوها
لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجل.
178 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في مسجد
الكوفة فقالوا ما بال أمير المؤمنين لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعايشة
387

ومعاوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه السلام فأمر أن ينادي الصلاة الجامعة، فلما اجتمعوا صعد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا؟ قالوا
صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك، قال: إن لي بسنة الأنبياء أسوة فيما فعلت، قال الله
تعالى في محكم كتابه: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " قالوا: ومن يا
أمير المؤمنين؟ قال أولهم إبراهيم عليه السلام إلى أن قال: ولي بابن خالته لوط أسوة
إذ قال لقومه: " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " فان قلتم ان لوطا كانت له بهم
قوة فقد كفرتم وان قلتم لم يكن له بهم قوة فالوصي أعذر.
179 - في تفسير علي بن إبراهيم محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن أحمد عن
محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام
قال في قوله " قوة " قال: القوة لقائم عليه السلام، و " الركن الشديد " ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا.
180 - اخبرني الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض
أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما بعث الله نبيا بعد لوطا الا في عز من قومه.
181 - في تفسير العياشي عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه في قول الله
" انا رسل ربك لن يصلوا إليك فاسر باهلك بقطع من الليل مظلما " قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: وهكذا قرئه أمير المؤمنين عليه السلام (1)
182 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل

(1) " في تفسير علي بن إبراهيم وكان في قوم لوط رجل عالم، فقال لهم: يا قوم قد جائكم الذي
كان يعدكم لوط، فاحرسوه، ولا تدعوه يخرج من بينكم فإنه ما دام فيكم لا يأتيكم العذاب، فاجتمعوا
حول داره يحرسونه، فقال جبرئيل: يا لوط اخرج من بينهم فقال: كيف اخرج وقد اجتمعوا
حول داري؟ فوضع بين يديه عمودا من نور فقال له: اتبع هذ العمود ولا يلتفت منكم أحد،
فخرجوا من القرية من تحت الأرض فالتفت امرأته فأرسل الله عليها صخرة فقتلتها، فلما طلع الفجر
صارت الملائكة الأربعة كل واحد في طرف من قريتهم فقلعوها من سبع أرضين إلى تخوم الأرض
ثم رفعوها في الهواء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصراخ الديكة ثم قلبوها عليهم " منه
عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
388

عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: ثم قام إليه آخر فقال
يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله وأي أربعاء هو؟ قال
آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى أن قال عليه السلام: و
يوم الأربعاء جعل الله عز وجل قوم لوط عاليها سافلها، ويوم الأربعاء أمطر عليهم
حجارة من سجيل.
183 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن سليمان الديلمي عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضودة مسومة
قال: ما من عبد يخرج من الدنيا يستحل عمل قوم لوط الا رمى الله كبده من
تلك الحجارة يكون منيته فيها ولكن الخلق لا يرونه.
184 - في تفسير العياشي عن السكوني عن جعفر عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لما
عمل قوم لوط ما عملوا بكت الأرض إلى ربها حتى بلغ دموعها العرش، فأوحى الله عز وجل
إلى السماء ان احصبيهم (1) وأوحى إلى الأرض ان إخسفي بهم.
185 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر عز وجل هلاك أهل مدين فقال:
والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ولا تنقصوا
المكيال والميزان اني أريكم بخير واني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ويا قوم
أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض
مفسدين قال: بعث الله عز وجل شعيبا إلى مدين وهي قرية على طريق الشام فلم
يؤمنوا به.
186 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن أحمد
ابن محمد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابان عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس ان أدركتموهن فتعوذوا بالله منهن، إلى أن قال:
ولم ينقصوا المكيال والميزان الا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان.
187 - علي بن إبراهيم وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب

(1) اي أمطر عليهم الحصباء وهو الحصى.
389

عن مالك بن عطية عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب رسول الله
صلى الله عليه وآله فإذا طفف المكيال والميزان اخذهم الله بالسنين والنقص والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
188 - في من لا يحضره الفقيه وقال عليه السلام في قول الله عز وجل: " اني أريكم بخير "
قال: كان سعرهم رخيصا.
189 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد البرقي
عن سعد بن سعد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن قوم يصغرون القفزان يبيعون بها، قال:
أولئك الذين يبخسون الناس أشياءهم.
190 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن حفص بن محمد قال: حدثني
إسحاق بن إبراهيم الدينوري عن عمر بن زاهر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله رجل عن
القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام، لم يسم به
أحد قبله ولا يتسمى به بعده الا كافر، قلت: جعلت فداك كيف يسلم؟ قال: يقولون
السلام عليك يا بقية الله، ثم قرأ: بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين.
191 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط عن صالح بن
حمزة عن أبيه عن أبي بكر الحضرمي قال: لما حمل أبو جعفر عليه السلام إلى الشام إلى
هشام بن عبد الملك وصار ببابه قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أمية إذا رأيتموني قد
وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه، ثم أمر أن
يؤذن له فلما دخل عليه أبو جعفر عليه السلام قال بيده: السلام عليكم فعمهم جميعا بالسلام ثم جلس
فازداد هشام عليه حنقا (1) بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير اذن، فاقبل يوبخه
ويقول فيما يقول له: يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين و
دعا إلى نفسه وزعم أنه الامام سفها وقلة علم ووبخه بما أراد أن يوبخه، فلما سكت اقبل
عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم نهض عليه السلام
قائما ثم قال: أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم؟ بنا هدى الله أولكم وبنا يختم

(1) الحنق: الغيظ الذي يلازم الانسان ويلتصق به.
390

آخركم، فان يكن لكم ملك معجل فان لنا ملكا مؤجلا وليس بعد ملكنا ملك
لأنا أهل العاقبة: يقول الله عز وجل ": والعاقبة للمتقين " فأمر به إلى الحبس فلما صار
إلى الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل الا ترشفه وحن إليه (1) فجاء صاحب
الحبس إلى هشام فقال له يا أمير المؤمنين اني خائف عليك من أهل الشام ان يحولوا
بينك وبين مجلسك هذا، ثم اخبره بخبره فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه
ليردوا إلى المدينة، وامر ان لا يخرج لهم الأسواق وحال بينهم وبين الطعام والشراب
فساروا ثلثا لا يجدون طعاما ولا شرابا حتى انتهوا إلى مدين، فأغلق باب المدينة
دونهم، فشكى أصحابه الجوع والعطش، قال: فصعد جبلا يشرف عليهم فقال
بأعلى صوته: يا أهل المدينة الظالم أهلها انا بقية الله يقول الله " بقية الله خير لكم ان كنتم
مؤمنين وما انا عليكم بحفيظ " قال: وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال لهم: يا قوم
هذه والله دعوة شعيب النبي، والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن
من فوقكم ومن تحت أرجلكم، فصدقوني في هذه المرة وأطيعوني وكذبوني
فيما تستأنفون فاني ناصح لكم، فبادروا فاخرجوا إلى محمد بن علي وأصحابه
بالأسواق، فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به
192 - في عيون الأخبار في باب ذكر مولد الرضا عليه السلام حدثنا تميم بن
عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثني أبي عن أحمد بن علي الأنصاري
عن علي بن ميثم عن أبيه قال: سمعت أمي تقول: سمعت نجمة أم الرضا عليه السلام تقول: لما
حملت بابني علي لم أشعر بثقل الحمل، وكنت اسمع في منامي تسبيحا وتهليلا و
تمجيدا من بطني، فيفزعني ذلك ويهولني. فإذا انتبهت لم اسمع شيئا، فلما وضعته وقع
إلى الأرض واضعا يده على الأرض رافعا رأسه إلى السماء يحرك شفتيه كأنه يتكلم، فدخل

(1) الترشف بمعنى المص قال الفيض (ره) وتصحيحه في هذا المقام لا يخلو من تكلف
وظني انه بالسين المهملة يعني مشى إليه مشى المقيد يتحامك برجله مع القيد " انتهى " وفي
هامش الكافي: ترشفه: اي مصه وهو كناية عن المبالغة في اخذ العلم عنه. وحن إليه:
اشتاق.
391

إليه أبوه موسى بن جعفر عليه السلام فقال لي: هنيئا لك يا نجمة كرامة ربك، فناولته إياه في
خرقة بيضاء فاذن في اذنه الأيمن وأقام في الأيسر ودعى بماء الفرات فحنكه به (1)
ثم رده إلي وقال. خذيه فإنه بقية الله عز وجل في ارضه.
193 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدثنا علي بن عبد الله الوراق
قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال: خرج أبو محمد
الحسن بن علي عليه السلام علينا وعلى عاتقه غلام كان وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلث
سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ما عرضت
عليك ابني هذا، انه سمى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال: فنطق الغلام عليه السلام بلسان
عربي فصيح فقال. انا بقية الله في ارضه والمنتقم من أعدائه، ولا تطلب اثرا بعد عين،
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
194 - وباسناده إلى محمد بن مسلم الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر
عليهما السلام حديث طويل يذكر فيه القائم عليه السلام يقول فيه: فإذا خرج أسند ظهره إلى
الكعبة واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فأول ما ينطق به هذه الآية " بقية الله خير
لكم ان كنتم مؤمنين " ثم يقول: انا بقية الله وحجته وخليفته عليكم فلا يسلم إليه مسلم
الا قال: السلام عليك يا بقية الله في ارضه.
195 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل يقول فيه عليه السلام وقد ذكر الحجج: هم بقية الله يعني المهدي عليه السلام الذي يأتي عند
انقضاء هذه النظرة، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
196 - في تفسير علي بن إبراهيم: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك ان
نترك ما يعبد آبائنا إلى قوله، الحليم الرشيد قال: قالوا: انك لانت السفيه
الجاهل فكنى الله عز وجل قولهم (2) فقالوا انك لانت الحليم الرشيد "
197 - في نهج البلاغة من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا قال فيه عليه السلام بعد ان

(1) اي دلك أعلى داخل فمه به.
(2) وفي بعض النسخ " فحكى الله عز وجل قولهم ".
392

ذكر عثمان وقتله: " وما كنت لاعتذر من اني كنت انقم عليه احداثا فإن كان الذنب
إليه ارشادي وهدايتي له فرب ملوم لا ذنب له وقد يستفيد ظنة المتنصح وما أردت الا الاصلاح
وما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت.
198 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله
عليه السلام حديث طويل وفيه فقلت: قوله عز وجل: وما توفيقي الا بالله وقوله عز وجل:
" ان ينصركم الله فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن الذي ينصركم من بعده " فقال: إذا فعل العبد ما أمره الله عز وجل به من الطاعة كان فعله وفقا لأمر الله
عز وجل، وسمى العبد به موفقا، وإذا أراد العبد أن يدخل في شئ من معاصي الله
فحال الله تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها كان تركه لها بتوفيق الله تعالى
ذكره، ومتى خلى بينه وبين المعصية فلم يخله بينه وبينها حتى يرتكبها فقد خذله ولم
ينصره ولم يوفقه.
199 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد
ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول
عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه لأصحابه:
ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا ثم يستغفروا الله فيستغفر لهم
ان المؤمن مفتن تواب، اما سمعت قول الله عز وجل: " ان الله يحب التوابين ويحب
المتطهرين " وقال: استغفروا ربكم ثم توبوا إليه.
200 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله أربع خصال من كن فيه كان في نور الله الأعظم إلى أن قال: ومن إذا أصاب خطيئة
قال: استغفر الله وأتوب إليه.
201 - في تفسير العياشي عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن
انتظار الفرج من الفرج؟ قال: إن الله تبارك وتعالى يقول: وارتقبوا اني معكم رقيب
202 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أحمد بن محمد بن أبي
نصر قال: قال الرضا عليه السلام: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج أما سمعت قول الله عز وجل يقول:
393

" فارتقبوا اني معكم رقيب " وقوله عز وجل: " فانتظروا اني معكم من المنتظرين "
فعليكم بالصبر فإنه انما يجيئ الفرج على اليأس، فقد كان الذي من قبلكم أصبر منكم.
203 - في مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: كان شعيب عليه السلام خطيب
الأنبياء.
204 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل
عن أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه ثم قام إليه آخر فقال: يا
أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله وأي أربعاء هو؟ قال: آخر أربعاء في
الشهر وهو المحاق وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى أن قال عليه السلام ويوم الأربعاء أخذتهم الصيحة
205 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قرأ " فمنها قائما و
وحصيدا " بالنصب ثم قال: يا أبا محمد لا يكون الحصيد الا بالحديد، وفي رواية أخرى
فمنها قائما وحصيدا يكون الحصيد بالحديد.
206 - في مجمع البيان: وكذلك اخذ ربك إذ اخذ القرى وهي ظالمة ان
اخذه اليم شديد وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله يمهل الظالم حتى إذا
أخذه لم يفلته.
207 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس
عن محمد بن أحمد بن يحيى ومحمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى بن عبيد
عن صفوان بن يحيى عن إسماعيل بن جابر عن رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله
عز وجل: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود قال: الشهود يوم عرفة،
والمجموع له الناس يوم القيمة.
208 - وباسناده إلى محمد بن هاشم عمن روى عن أبي جعفر عليه السلام قال:
سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عز وجل: " وشاهد ومشهود " فقال أبو جعفر عليه السلام:
ما قيل لك؟ فقال: قالوا: شاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة فقال أبو جعفر عليه السلام
ليس كما قيل لك، الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم القيمة اما تقرأ القرآن قال الله
عز وجل: " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ".
394

209 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال في قول الله ذلك يوم
مجموع له الناس وذلك يوم مشهود فدلك يوم القيمة وهو اليوم الموعود.
210 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليه السلام في الوعظ والزهد في الدنيا
وفيه: واعلم يا بن آدم ان من وراء هذا أعظم وأفضع وأوجع للقلوب يوم القيمة ذلك يوم
مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " يجمع الله عز وجل فيه الأولين والآخرين.
211 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن
سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليه السلام في خطبة يوم الجمعة الخطبة الأولى: الحمد لله نحمده ونستعينه
ونستغفره ونستهديه إلى أن قال عليه السلام: وقد أخبركم الله من منازل من آمن وعمل
صالحا ومن منازل من كفر وعمل في غير سبيله، وقال: " ذلك يوم مجموع له الناس
وذلك يوم مشهود وما نؤخره الا لأجل معدود يوم يأتي لاتكلم نفس الا باذنه فمنهم
شقى وسعيد * فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت
السماوات والأرض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد * واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين
فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك عطاء " غير مجذوذ " نسأل الله الذي جمعنا
لهذا الجمع ان يبارك لنا في يومنا هذا، وان يرحمنا جميعا انه على كل شئ قدير.
212 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: اخبرني أيعذب الله عز وجل خلقا بلا حجة؟
فقال: معاذ الله، قلت: فأولاد المشركين في الجنة أم في النار، فقال: الله تبارك و
تعالى أولى بهم انه إذا كان يوم القيمة وجمع الله عز وجل الخلايق لفصل القضاء يأتي
بأولاد المشركين فيقول لهم: عبيدي وإمائي من ربكم وما دينكم وما أعمالكم قال:
فيقولون: اللهم ربنا أنت خلقتنا ولم نخلق شيئا، وأنت أمتنا ولم نمت شيئا، ولم
تجعل لنا ألسنة تنطق ولا اسماعا تسمع، ولا كتابا نقرأه ولا رسولا فنتبعه، ولا علم لنا
الا ما علمتنا، قال فيقول لهم عز وجل: عبيدي وإمائي ان أمرتكم بأمر تفعلونه؟
395

فيقولن: السمع والطاعة لك يا ربنا: قال: فيأمر الله عز وجل نارا يقال له الفلق أشد شئ في
جهنم عذابا. فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال فيأمرها لله عز وجل أن
تنفخ في وجوه الخلايق نفخة، فتنفخ فمن شدة نفختها تنقطع السماء وتنطمس النجوم وتجمد
البحار وتزول الجبال وتظلم الابصار وتضع الحوامل حملها، وتشيب الولدان من هولها يوم
القيمة ثم يأمر الله تبارك وتعالى أطفال المشركين ان يلقوا أنفسهم في تلك النار، فمن سبق
له في علم الله عز وجل أن يكون سعيدا القى نفسه فيها فكانت عليه بردا وسلاما كما كانت
على إبراهيم عليه السلام ومن سبق له في علم الله عز وجل أن يكون شقيا امتنع فلم يلق نفسه في
النار، فيأمر الله تبارك وتعالى النار فتلتفظ لتركه أمر الله وامتناعه من الدخول فيها
فيكون تبعا لآبائه في جهنم وذلك قول الله عز وجل: فمنهم شقي وسعيد فاما الذين
شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض
الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد * واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين
فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك عطاءا غير مجذوذ.
213 - حدثنا الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن
الحسن بن علي بن أبي طالب قال: حدثنا محمد بن قتيبة النيسابوري عن الفضل بن شاذان
عن محمد بن أبي عمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن معنى قول رسول
الله صلى الله عليه وآله: الشقي من شقى في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه، فقال: الشقي
من علم الله عز وجل وهو في بطن أمه انه سيعمل عمل الأشقياء، والسعيد من علم الله وهو
في بطن أمه انه سيعمل عمل السعداء.
214 - في أصول الكافي محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن
يحيى عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق السعادة والشقاوة
قبل ان يخلق خلقه، فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه ابدا وان عمل شرا أبغض عمله ولم
يبغضه ابدا وإن كان شقيا لم يحبه أبدا وان عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه
فإذ أحب الله شيئا لم يبغضه ابدا وإذا أبغض شيئا لم يحبه ابدا.
215 - علي بن محمد رفعه عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير قال: كنت بين
396

يدي أبي عبد الله عليه السلام جالسا وقد سأله سائل فقال: جعلت فداك يا بن رسول الله من أين
لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟ فقال أبو عبد الله
عليه السلام: أيها السائل حكم الله عز وجل لا يقوم له أحد من خلقه بحقه، فلما حكم بذلك وهب
لأهل محبته القوة على معرفته، ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله، ووهب لأهل
المعصية القوة على معصيتهم لسبق فيهم، ومنعهم إطاقة القبول منه، فواقعوا
ما سبق لهم في علمه ولم يقدروا ان يأتوا حالا تنجيهم من عذابه، لان علمه أولى بحقيقة
التصديق، وهو معنى شاء ما شاء وهو سره (1).
216 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد
عن يحيى بن عمران الحلبي عن معلى بن عثمان عن علي بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام
أنه قال: يسلك بالسعيد في طريق الأشقياء حتى يقول الناس: ما أشبهه بهم بل هو منهم، ثم
تتداركه السعادة، وقد يسلك بالشقي طريق السعداء حتى يقول الناس: ما أشبهه بهم
بل هو منهم ثم يتداركه الشقاء، ان من كتبه الله سعيدا وان لم يبق من الدنيا الا فواق
ناقة ختم له بالسعادة.
217 - في كتاب التوحيد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن الله تعالى ينقل
العبد من الشقاء إلى السعادة، ولا ينقله من السعادة إلى الشقاء.
218 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى محمد بن عبد الله بن زرارة عن
علي بن عبد الله عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام:
تحول النطفة في الرحم أربعين يوما، فمن أراد ان يدعو الله عز وجل ففي تلك الأربعين قبل
ان تخلق، ثم يبعث الله عز وجل ملك الأرحام فيأخذها فيصعد بها إلى الله عز وجل فيقف ما
شاء الله فيقول: يا الهي أذكر أم أنثى؟ فيوحي الله عز وجل ما يشاء ويكتب الملك
ثم يقول: الهي أشقي أم سعيد؟ فيوحى الله عز وجل من ذلك ما يشاء ويكتب الملك

(1) لهذا الحديث بيان طويل للعلامة الأستاذ الطباطبائي دام ظله ذكره في ذيله في الكافي
ج 1: 153 ويظهر منه معنى الحديث الآتي أيضا فراجع.
397

219 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرجاني
قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي الناصر عن أبيه عن محمد
ابن علي عن أبيه الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد
ابن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عليهم السلام قال: قيل لأمير المؤمنين
عليه السلام: صف لنا الموت، فقال علي عليه السلام: على الخبير سقطتم، هو أحد أمور ثلاثة يرد
عليها، اما بشارة بنعيم أبدا، واما بشارة بعذاب أبدا، واما تخويف وتهويل وامر مبهم
لا يدري من أي الفريقين هو، فاما ولينا المطيع لامرنا فهو المبشر بنعيم الأبد واما عدونا
المخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد، واما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله
فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤل إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما محزنا ثم لن
يسويه الله عز وجل بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا وأطيعوا ولا تنكلوا
ولا تستصغروا عقوبة الله عز وجل، فان من المسرفين من لا يلحق شفاعتنا الا بعد عذاب
ثلاثمائة ألف سنة.
220 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام أنه قال:
حقيقة السعادة أن يختم للرجل عمله بالسعادة، وحقيقة الشقاوة أن يختم للمرء
عمله بالشقاوة.
221 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله من علامات الشقاء جمود العينين وقسوة القلب وشدة الحرص في طلب الرزق،
والإصرار على الذنب.
222 - وبالاسناد عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي أربع خصال من
الشقاء جمود العين وقساوة القلب وبعد الأمل وحب البقاء.
223 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة قال قص أبو عبد الله عليه السلام قصص
أهل الميثاق من أهل الجنة وأهل النار فقال في صفات أهل الجنة: فمنهم من لقى الله
شهيدا لرسله ثم من في صفتهم حتى بلغ من قوله: ثم جاء الاستثناء من الله في الفريقين
جميعا، فقال الجاهل بعلم التفسير: ان هذا الاستثناء من الله انما هو لمن دخل الجنة
398

والنار، وذلك أن الفريقين جميعا يخرجان منها وليس فيهما أحد، وكذبوا، انما
عنى بالاستثناء ان ولد آدم كلهم وولد الجان معهم على الأرض والسماوات تظلهم فهو
ينقل المؤمنين حتى يخرجهم إلى ولاية الشياطين وهي النار، فذلك الذي عنى الله في
أهل الجنة والنار ما دامت السماوات والأرض، يقول في الدنيا، والله تبارك وتعالى
ليس مخرج أهل الجنة منها ولاكل أهل النار منها ابدا، كيف يكون ذلك وقد قال الله في
كتابه: " ماكثين فيها ابدا " ليس فيها استثناء وكذلك قال أبو جعفر: من دخل في ولاية
آل محمد دخل الجنة ومن دخل في ولاية عدوهم دخل النار، وهذا الذي على الله تفسير
من الاستثناء في الخروج من الجنة والنار والدخول.
224 - عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام في قول الله: واما الذين سعدوا
ففي الجنة إلى آخر الآيتين قال: هاتان الآيتان في غير أهل الخلود من أهل
الشقاوة والسعادة، إن شاء الله يجعلهما حين (1) ولا تزعم يا زرارة اني ازعم ذلك.
225 - حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام قلت: جعلت فداك قول الله:
خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك لأهل النار، أفرأيت قوله لأهل
الجنة " خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك " قال: نعم ان شاء جعل
لهم دنيا فردهم وما شاء، وسئل عن قول الله: " خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض
الا ما شاء ربك " فقال: هذه في الذين يخرجون من النار.
226 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " فمنهم شقي وسعيد " قال: في
ذكر أهل النار استثنى وليس في ذكر أهل الجنة استثناء " اما الذين سعدوا ففي الجنة
خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ " (2) وفي رواية
حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام عطاء غير مجذوذ بالذال (3).

(1) كذا في النسخ ولا يخلو عن التصحيف وفي المصدر " يجعلهم خارجين " وهو الظاهر.
(2) في البحار " غير مجدود " بالدال المهملة وهو الصحيح بحسب السياق
(3) للمجلسي (ره) في تلك الأخبار بيان طويل راجع ج 3 ط كمباني ص 392.
399

227 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد
الرحمن عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل:
ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه. قال: اختلفوا كما اختلف هده الأمة في
الكتاب وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره ناس
كثير، فيقدمهم فيضرب أعناقهم، واما قوله: " ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم و
ان الظالمين لهم عذاب اليم " قال: لولا ما تقدم فيهم من الله عز ذكره ما أبقى القائم
منهم أحدا.
228 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وان كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم
قال: في القيمة ولا تركنوا إلى الذين ظلموا قال: ركون مودة ونصيحة وطاعة
229 - في مجمع البيان وروى عنهم عليهم السلام ان الركون المودة والنصيحة
والطاعة.
230 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار قال: هو الرجل
يأتي السلطان فيحب بقاءه إلى أن يدخل يده كيسه فيعطيه.
231 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليهما السلام في الوعظ و
الزهد في الدنيا: ولا تركنوا إلى الدنيا فان الله عز وجل قال لمحمد صلى الله عليه وآله:
" ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ".
232 - في كتاب الخصال وعن الحسين بن علي عليهما السلام قال: إن رسول الله
صلى الله عليه وآله أوصى علي بن أبي طالب عليه السلام فيما كان أوصى به ان قال: لا تركن إلى ظالم وإن كان
حميما قريبا
233 - في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
فتمسكم النار " قال: اما انه لم يجعلها خلودا ولكن تمسكم فلا تركنوا إليهم.
234 - في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى عن حماد عن حريز
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه: وقال في ذلك: أقم الصلاة طرفي
400

النهار وطرفاه المغرب والغداة وزلفا من الليل وهي صلاة العشاء الآخرة.
234 - في الكافي محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى
عن إبراهيم بن عمر اليماني عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
ان الحسنات يذهبن السيئات قال: صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من
ذنب النهار.
235 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن
الحكم عن فضيل بن عثمان المرادي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن الا هالك (1) يهم العبد بالحسنة فيعملها
فان هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته وان هو عملها كتب الله له عشرا، ويهم بالسيئة
ان يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شئ، وان هو عملها أجل سبع ساعات وقال صاحب
الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى ان يتبعها بحسنة تمحوها
فان الله عز وجل يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات " أو الاستغفار فان هو قال:
استغفر الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذا
الجلال والاكرام وأتوب إليه، لم يكتب عليه شئ، وان مضت سبع ساعات ولم يتبعها
بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات. اكتب على الشقي المحروم.
236 - في مجمع البيان وروى أصحابنا عن ابن محبوب عن إبراهيم الكرخي
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: واعلم أنه ليس شئ أضر عاقبة ولا أسرع ندامة من
الخطيئة، وانه ليس شئ أشد طلبا ولا أسرع دركا للخطيئة من الحسنة، اما انها
لتدرك الذنب العظيم القديم المنسي عند صاحبه فنحته وتسقطه وتذهب به بعد اثباته و
ذلك قوله سبحانه: " ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ".
237 - وروى عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أحدهما عليهما السلام يقول: إن عليا
قال: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أرجى آية في كتاب الله " أقم الصلاة طرفي

(1) في هذه العبارة احتمالات بل أقوال ذكرها المجلسي (ره) في مرآة العقول ونقله عنه
في ذيل أصول الكافي ج 2: 429 من الطبعة الحديثة فراجع.
401

النهار " وقرأ الآية كلها، قال: يا علي والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا ان أحدكم
ليقوم إلى وضوئه فتساقط عن جوارحه الذنوب، فإذا استقبل الله بقلبه ووجهه لم ينفتل
(1) وعليه من ذنوبه شئ كما ولدته أمه، فان أصاب شيئا بين الصلاتين كان له مثل ذلك
حتى عد الصلوات الخمس ثم قال: يا علي انما منزلة الصلوات الخمس لامتي كنهر
جار على باب أحدكم، فما يظن أحدكم إذا كان في جسده درن ثم اغتسل في ذلك النهر
خمس مرات كان يبقى في جسده درن؟ فكذلك والله الصلوات الخمس لامتي.
238 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل يقول فيه: وان الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة، قال الله عز وجل: " ان
الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ".
239 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يغرك الناس من
نفسك فان الامر يصل إليك من دونهم، ولا تقطع النهار بكذا وكذا فان معك من
يحفظ عليك، ولم أر شيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة المحدثة للذنب
القديم، ولا تصغر شيئا من الخير فإنك تراه غدا حيث يسرك ولا تصغر شيئا من الشر
فإنك تراه غدا حيث يسوءك ان الله عز وجل يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات
ذلك ذكرى للذاكرين ".
240 - في تفسير العياشي عن إبراهيم الكرخي قال: كنت عند أبي عبد الله
عليه السلام فدخل عليه مولى له فقال: يا فلان متى جئت؟ فسكت فقال أبو عبد الله عليه السلام: جئت
من هيهنا ومن هيهنا انظر بما تقطع به يومك، فان معك ملكا موكلا يحفظ عليك
ما تعمل، فلا تحتقر سيئة وإن كانت صغيرة فإنها ستسوءك يوما ولا تحتقر حسنة فإنه
ليس شئ أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة، انها لتدرك الذنب العظيم القديم
فتذهب به، وقال الله في كتابه: " ان الحسنات يذهبن السيئات " [قال]: قال صلاة
الليل تذهب بذنوب النهار، وقال: تذهب بما جرحتم (2)

(1) انفتل من صلاته: انصرف عنها.
(2) جرح الرجل الذنب: اكتسب.
402

241 - عن إبراهيم عن عمر رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " أقم الصلاة
طرفي النهار " إلى " السيئات " فقال: صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من
ذنب بالنهار.
242 - عن سماعة بن مهران قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام رجل من أهل الجبال
عن رجل أصاب مالا من اعمال السلطان فهو يتصدق به ويصل قرابته ويحج ليغفر له
ما اكتسب وهو يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات "؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: (1)
إن كان خلط مع الحرام حلالا فاختلط جميعا فلم يعرف الحلال من الحرام فلا بأس.
234 - وعنه في رواية المفضل بن سويد أنه قال: انظر ما أصبت فعد به على
اخوانك، فان الله يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات " قال المفضل: كنت خليفة
أخي على الديوان قال: وقد قلت: جعلت فداك قد ترى مكاني من هؤلاء القوم فما
يرى لي؟ قال: لو لم يكن كنت.
244 - عن المفضل بن مزيد الكاتب قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وقد
أمرت ان اخرج لبني هاشم جوائز فلم اعلم الا وهو على رأسي وانا مستخل فوثبت
إليه فسألني عما أمر لهم فناولتهم الكتاب فقال: ما أرى لإسماعيل هيهنا شيئا؟ فقلت:
هذا الذي خرج إلينا، ثم قلت له: جعلت فداك قد ترى مكاني من هؤلاء القوم فقال:
لي: انظر ما أصبت فعد به على اخوانك فان الله يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات ".
245 - عن ابن خراش عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ان الحسنات يذهبن السيئات "
قال: صلاة الليل يكفر ما عمل به من ذنوب النهار.
246 - في مجمع البيان: وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها
مصلحون وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " وأهلها مصلحون " ينصف بعضهم بعضا
247 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن

(11) وفي المصدر هكذا: " فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة
ولكن الحسنة تكفر الخطيئة، ثم قال اجر عبد الله عليه السلام: إن كان خلط الحلال. اه ".
403

الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن
قول الله عز وجل: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من
رحم ربك ولذلك خلقهم فقال: كانوا أمة واحدة فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة.
248 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة وقول
الناس؟ فقال: وتلا هذه الآية: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم "
يا أبا عبيدة! الناس مختلفون في إصابة القول وكلهم هالك، قال: قلت: قوله: " الا من
رحم ربك " قال: هم شيعتنا ولرحمته خلقهم، وهو قوله: " ولذلك خلقهم " يقول: لطاعة الامام
الرحمة التي يقول: " ورحمتي وسعت كل شئ " يقول: علم الإمام وسع علمه الذي
هو من علمه كل شئ هو شيعتنا (1) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
249 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الله
ابن سنان قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: " ولو شاء ربك لجعل
الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك " فقال: وكانوا أمة واحدة
فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة.
250 - في كتاب التوحيد باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم
ربك ولذلك خلقهم " قال: خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمة الله فيرحمهم.
251 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال:
" لا يزالون مختلفين " في الدين " الا من رحم ربك ولذلك خلقهم " يعني آل محمد و
اتباعهم، يقول الله: " ولذلك خلقهم " يعني أهل رحمة لا يختلفون في الدين.
252 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن علي عليه السلام قال: لما خطب أبو بكر
قام أبي بن كعب فقال: يا معشر المهاجرين الذين - إلى قوله: ويا معاشر الأنصار
- إلى قوله -: أخبرنا باختلافكم فقال: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك و

(1) وفي المصدر " هم شيعتنا ".
404

لذلك خلقهم " اي الرحمة وهم آل محمد. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
253 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن رجل قال سألت علي بن
الحسين عليهما السلام عن قول الله: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك " قال: عنى
بذلك من خالفنا من هذه الأمة مخالف بعضهم بعضا في دينهم واما قوله: " الا من رحم ربك و
لذلك خلقهم " فأولئك أوليائنا من المؤمنين " ولذلك خلقهم " من الطينة طيبا، اما
تسمع لقول إبراهيم: " رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن
منهم بالله " قال: إيانا عنى وأوليائه وشيعته وشيعة وصيه، قال: " ومن كفر فأمتعه
قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار " قال: عنى بذلك من جحد وصيه ولم يتبعه من أمته،
وكذلك والله حال هذه الأمة.
254 - عن سعيد بن المسيب عن علي بن الحسين عليهما السلام في قوله: " ولا
يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم " فأولئك هم أولياؤنا من المؤمنين
ولذلك خلقهم من الطينة طيبا إلى آخر ما سبق.
225 - عن يعقوب بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله: " وما خلقت
الجن والإنس الا ليعبدون " قال: خلقهم للعبادة قال: قلت وقوله: " ولا يزالون
مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم "؟ فقال: نزلت هذه بعد تلك.
256 - في مجمع البيان: ولله غيب السماوات والأرض وقد وجدت بعض المشايخ
ممن يتسم بالعدل والتشنيع قد ظلم الشيعة الإمامية في هذا الموضع من تفسيره، فقال:
هذا يدل على أن الله سبحانه يختص بعلم الغيب خلافا لما يقوله الرافضة: ان الأئمة
يعلمون الغيب، ولا شك انه عنى بذلك من يقول بامامة الاثني عشر ويدين بأنهم أفضل
الأنام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فان هذا دأبه وديدنه فيهم يشنع في مواضع كثيرة من
كتابه عليهم وينسب القبايح والفضايح إليهم، ولا نعلم أن أحدا منهم استجاز
الوصف بعلم الغيب لاحد من الخلق، وانما يستحق الوصف بذلك من يعلم جميع
المعلومات لا بعلم مستفاد وهذه صفة القديم سبحانه العالم لذاته لا يشركه فيها أحد من
المخلوقين، ومن اعتقد ان غير الله سبحانه يشركه في هذه الصفة فهو خارج عن ملة
405

الاسلام. واما ما نقل عن أمير المؤمنين عليه السلام ورواه عنه الخاص والعام من الاخبار
بالغايبات في خطب الملاحم وغيرها.
مثل قوله يؤمى إلى صاحب الزنج (1): كأني به يا أحنف وقد سار بالجيش
الذي ليس له غبار ولا لجب ولا قعقعة لجم (2) ولا صهيل خيل يثيرون الأرض باقدامهم
كأنها أقدام النعام.
وقوله يشير إلى مروان بن الحكم: اما ان له امرة كلعقة الكلب انفه هو أبو
الأكبش الأربعة (3) وستلقى الأمة منه ومن ولده يوما احمر (4)
وما نقل من هذا الفن عن أئمة الهدى عليهم السلام مثل ما قاله أبو عبد الله لعبد الله بن
الحسن وقد اجتمع هو وجماعة من العلوية والعباسية ليبايعوا ابنه محمدا: والله ما هي
إليك ولا إلى ابنك ولكنها لهم - وأشار إلى العباسية - وان ابنيك لمقتولان ثم قام و

(1) صاحب الزنج هو رجل ظهر في فرات البصرة سنة 255 وزعم أنه علي بن محمد
ابن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام. قال ابن أبي الحديد:
وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصا الطالبيين وجمهور النسابين اتفقوا على أنه من عبد القيس
إلى أن قال: وذكر المسعودي في كتابه المسمى بمروج الذهب ان أفعال علي بن محمد صاحب
الزنج تدل على أنه لم يكن طالبيا " انتهى ". والزنج الذين أشار إليهم كانوا عبيدا لدهاقين البصرة
وبناتها ولم يكونوا ذوي زوجات وأولاد، بل كانوا على هيئة الشطار عزابا فلا نادبة لهم.
(2) اللجب: الصوت. القعقعة: تحرك الشئ اليابس مع صوت، واللجم - بضمتين
جمع اللجام.
(3) الامرة - بالكسرة -: الولاية ولعق الشئ لعقة: لحسه اي اكله بلسانه.
وأراد عليه السلام بهذا القول قصر مدة ملكه وكذلك كانت مدة خلافة مروان فإنه ولي تسعة أشهر.
والأكبش الأربعة بنو عبد الملك: الوليد وسليمان ويزيد وهشام ولم يل الخلافة من بني أمية ولا من
غيرهم أربعة اخوة الا هؤلاء.
(4) يقال لليوم الشديد: يوم أحمر.
406

توكأ على يد عبد العزيز بن عمران الزهري، فقال له: أرأيت صاحب الرداء الأصفر
يعني أبا جعفر المنصور؟ قال: نعم، قال: والله انا نجده يقتله فكان كما قال.
ومثل قول الرضا عليه السلام: بورك قبر بطوس وقبران ببغداد، فقيل له: قد عرفنا
واحدا فمن الآخر؟ فقال: ستعرفونه، ثم قال: قبري وقبر هارون هكذا وضم إصبعيه
وقوله في القصة المشهورة لأبي حبيب البناجي (1) وقد ناوله قبضة من التمر:
لو زادك رسول الله صلى الله عليه وآله لزدناك.
وقوله في حديث علي بن أحمد الوشاء حين قدم مرو من الكوفة: معك حلة في
السفط (2) الفلاني دفعتها إليك ابنتك وقالت لك: اشتر لي بثمنها فيروزجا والحديث
مشهور، إلى غير ذلك مما روى عنهم عليهم السلام فان جميع ذلك متلقى عن الرسول صلى الله عليه وآله
مما اطلعه الله تعالى عليه، فلا معنى لنسبة من روى عنهم هذه الأخبار المشهورة إلى أن
يعتقد كونهم عالمين للغيب، وهل هذا الا سبب قبيح وتضليل، بل تكفير ولا يرتضيه
من هو بالمذهب خبير، والله يحكم بينه وبينهم واليه المصير.

(1) بناج ككتاب: قرية بالبادية كما قاله الفيروزآبادي وقصة أبي حبيب على ما ذكره
الصدوق (ره) في كتاب عيون الأخبار في باب دلالات الرضا عليه السلام: أنه قال: رأيت رسول
الله صلى الله عليه وآله في المنام وقد وافى البناج ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاج في كل
سنة، وكأني مضيت إليه وسلمت عليه ووقفت بين يديه ووجدت عنده طبقا من خوص - وهو ورق
النخل - نخل المدينة فيه تمر صيحاني، فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني منه فعددته فكان
ثمانية عشرة تمرة، فتأولت اني أعيش بعدد كل تمرة سنة، فلما كان بعد عشرين يوما كنت في ارض
تعمر بين يدي للزراعة حتى جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة
ونزوله ذلك المسجد، ورأيت الناس يسعون إليه، فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع
الذي كنت رأيت فيه النبي صلى الله عليه وآله وتحته حصير مثل ما كان تحته، وبين يديه طبق
خوص فيه تمر صيحاني، فسلمت عليه فرد السلام علي واستدناني، فناولني قبضة من ذلك التمر
فعددته فإذا عدده مثل ذلك التمر الذي ناولني رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت له:
زدني منه يا بن رسول الله، فقال: لو زادك رسول الله صلى الله عليه وآله سلم لزدناك.
(2) السفط: الوعاء الذي يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء.
407

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
يوسف في كل يوم وفي كل ليلة بعثه الله يوم القيمة وجماله على جمال يوسف، ولا يصيبه
فزع يوم القيمة، وكان من اخيار عباد الله الصالحين، وقال: كانت في التوراة مكتوبة.
2 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن عمه
يعقوب بن سالم رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تعلموا نساءكم سورة يوسف ولا
تقرأوهن إياها، فان فيها الفتن، وعلموهن سورة النور فان فيها المواعظ.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: علموا أرقاءكم (1)
سورة يوسف فإنه أيما مسلم قرأها وعلمها أهله وما ملكت يمينه هون الله تعالى عليه
سكرات الموت وأعطاه الدرجة (2).
4 - في كتاب الخصال عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن
علي الباقر عليه السلام: يقول ليس على النساء اذان إلى أن قال: ويكره لهن تعلم سورة يوسف.
5 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة قال: قال جعفر بن محمد: قال
والدي عليه السلام: والله اني لاصانع بعض ولدي واجلسه على فخذي وأكثر له المحبة (3)
وأكثر له الشكر، وان الحق لغيره من ولدي ولكن مخالفة عليه (4) منه ومن غيره
لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف اخوته، وما انزل الله سورة يوسف الا أمثالا لكيلا يحسد
بعضنا بعضا كما حسد يوسف اخوته وبغوا عليه، فجعلها حجة (رحمة خ) على من
تولانا ودان بحبنا وجحد أعدائنا، أعني من نصب لنا الحرب والعداوة.

(1) أرقاء جمع رقيق المملوك يطلق على الذكر والأنثى.
(2) وفي المصدر: " وأعطاه القوة ان لا يحسد مسلما ".
(3) وفي بعض النسخ " وأنكر له المحبة ".
(4) كذا في النسخ وفي المصدر " محافظة عليه " وهو الظاهر.
408

6 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تعلموا العربية فإنها كلام الله
الذي تكلم به خلقه.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم خطبة له صلى الله عليه وآله وفيها: وأحسن القصص هذا القرآن.
8 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها: ثم إن أحسن القصص
وأبلغ الموعظة وأنفع التذكر كتاب الله عز ذكره.
9 - في الكافي خطبة مسندة إلى أبي جعفر عليه السلام وفيها: وان كتاب الله أصدق
الحديث وأحسن القصص.
10 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: الأنبياء على خمسة
أنواع: منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة فيعلم ما عنى به، ومنهم من ينبأ
في منامه مثل يوسف وإبراهيم، ومنهم من يعاين، ومنهم من ينكت في قلبه ويوقر
في اذنه.
11 - في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله الأنصاري في قوله تعالى
حكاية عن يوسف: اني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين
فقال في تسمية النجوم: وهو الطارق، وخوبان، والذيال، وذو الكتفان وقابس
ووثاب وعموران، وفيلق، ومصبح، والصدع، وذو القروع، والضياء: والنور
يعني الشمس والقمر، وكل هذه الكواكب محيطة بالسماء.
12 - وعن جابر بن عبد الله قال: أتى النبي رجل من اليهود يقال له بشأن اليهودي
فقال: يا محمد اخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف انها ساجدة له فما أسماءها؟
فلم يجبه نبي الله صلى الله عليه وآله يومئذ في شئ، قال: فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبر النبي
صلى الله عليه وآله بأسمائها، قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بشأن فلما ان جاءه قال النبي صلى الله عليه وآله
هل أنت مسلم ان أخبرتك بأسمائها؟ قال: نعم، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: خوبان و
الطارق والذيال وذو الكتفان وقابس ووثاب وعموران والفيلق والصبيح والصدوح وذو
القروع والضياء والنور رآها في أفق السماء ساجدة له، فلما قصها يوسف عليه السلام
409

قال يعقوب: هذا أمر متشتت يجمعه الله عز وجل من بعد، فقال بشأن: والله ان هذه
لأسماؤها ثم أسلم.
13 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
قال: تأويل هذه الرؤيا انه سيملك مصر ويدخل عليه أبواه واخوته، اما الشمس فأم
يوسف راحيل، والقمر يعقوب، واما الأحد عشر كوكبا فاخوته فلما دخلوا عليه
سجدوا شكرا لله وحده حين نظروا إليه وكان ذلك السجود لله تعالى.
14 - حدثني أبي عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام انه كان من
خبر يوسف عليه السلام انه كان له أحد عشر أخا وكان له من أمه أخ واحد يسمى بنيامين، و
كان يعقوب إسرائيل الله اي خالص الله بن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله، فرأى
يوسف هذه الرؤيا وله تسع سنين، فقصها على أبيه فقال يعقوب: يا بني لا تقصص
رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا ان الشيطان للانسان عدو مبين.
15 - في روضة الكافي بعض أصحابنا عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد
الرحمان عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن الأحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق
وانما حدثت، فقلت: وما العلة في ذلك؟ فقال: ان الله عز ذكره بعث رسولا إلى
أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته فقالوا: إن فعلنا ذلك فما لنا؟ فوالله ما أنت
بأكثرنا مالا ولا بأعزنا عشيرة، فقال: ان أطعتموني أدخلكم الله الجنة وان عصيتم
أدخلكم الله النار، فقالوا: وما الجنة والنار؟ فوصف لهم ذلك، فقالوا: متى نصير
إلى ذلك؟ فقال: إذا متم، فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما ورفاتا، فازدادوا
له تكذيبا وبه استخفاف، فأحدث الله عز وجل فيهم الأحلام، فاتوه فأخبروه بما رأوا
وما أنكروا من ذلك، فقال: ان الله عز ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا، هكذا تكون
أرواحكم إذا متم، وان بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان.
16 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سمعته يقول: رأى المؤمن ورؤياه في آخر الزمان على سبعين جزءا من
أجزاء النبوة.
410

17 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال:
حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن
محبوب عن مالك بن عطية عن الثمالي قال: صليت مع علي بن الحسين عليهما السلام الفجر
بالمدينة يوم جمعة فلما فرغ من صلاته وسبحته نهض إلى منزله وانا معه، فدعا
مولاة له تسمى سكينة فقال لها: لا يعبر على بابي سائل الا أطعمتموه، فان اليوم يوم
الجمعة، قلت له: ليس كل من يسأل مستحق، فقال: يا ثابت أخاف أن يكون بعض
من يسألنا محقا فلا نطعمه ونرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله أطعموهم
أطعموهم، ان يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه، و
ان سائلا مؤمنا صواما محقا، له عند الله منزلة وكان مجتازا غريبا اعتر (1) على
باب يعقوب عشية جمعة عند أوان افطاره يهتف على بابه: اطعموا السائل المجتاز
الغريب الجائع من فضل طعامكم يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه وقد جهلوا
حقه ولم يصدقوا قوله، فلما يئس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر (2)
وشكى جوعه إلى الله عز وجل وبات طاويا (3) وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا لله،
وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم.
قال: فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب
عبدي ذلة استحدثت (4) بها غضبي، واستوجبت بها أدبي ونزول عقوبتي وبلواي عليك
وعلى ولدك، يا يعقوب ان أحب أنبيائي إلي وأكرمهم علي من رحم مساكين عبادي وقربهم
إليه وأطعمهم، وكان لهم مأوى وملجئا، يا يعقوب اما رحمت ذميال (5) عبدي
المجتهد في عبادته القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند

(1) الاعترار: اتيان الفقير للمعروف من غير أن يسئل.
(2) استعبر: بكى حتى جرى دمعه.
(3) الطاوي: الجائع.
(4) وفي المصدر: " استجررت ".
(5) الظاهر أن ذميال اسم ذلك الرجل.
411

أوان افطاره، وهتف بكم: أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع فلم تطعموه شيئا
فاسترجع واستعبر وشكى ما به إلي، وبات طاويا حامدا لي صابرا وأصبح
صائما، وأنت يا يعقوب وولدك شباعا، وأصبحت وعندكم فضلة من طعامكم؟ أوما
علمت يا يعقوب ان العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي؟ وذلك
حسن النظر مني لأوليائي واستدراج مني لأعدائي؟ اما وعزتي لأنزل بك بلوائي
ولأجعلنك وولدك غرضا لمصائبي وللأؤدبنك بعقوبتي فاستعدوا لبلواي وارضوا بقضائي و
اصبروا للمصائب.
فقلت لعلي بن الحسين عليهما السلام: جعلت فداك متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال في
تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعا، وبات فيها ذميال طاويا جائعا،
فلما رأى يوسف الرؤيا وأصبح فقصها على أبيه يعقوب فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف
الرؤيا مع ما أوحى الله عز وجل إليه ان استعد للبلاء، فقال يعقوب ليوسف: لا تقصص
رؤياك هذه على اخوتك فاني أخاف ان يكيدوا لك كيدا، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها
على اخوته، قال علي بن الحسين عليهما السلام: وكانت أول بلوى نزلت بيعقوب وآل
يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا، قال: فاشتدت رقة يعقوب على يوسف و
خاف أن يكون ما أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصة فاشتدت
رقته عليه من بين ولده، فلما رأى اخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف من تكرمته إياه و
ايثاره إياه عليهم، اشتد ذلك عليهم وبدا البلاء فيهم، فنؤامروا (1) فيما بينهم
وقالوا: ان يوسف وأخاه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة ان أبانا لفي ضلال مبين
اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين
اي تتوبون فعند ذلك قالوا: يا ابانا مالك لا تأمنا على يوسف وانا له لناصحون أرسله معنا
غدا يرتع الآية فقال يعقوب: اني ليحزنني ان تذهبوا به وأخاف ان يأكله الذئب
فانتزعه حذرا عليه منه أن يكون البلوى من الله على يعقوب في يوسف خاصة لموقعه من
قلبه وحبه له.

(1) اي تشاوروا.
412

قال: فغلبت قدرة الله وقضائه ونافذ أمره في يعقوب ويوسف واخوته، فلم يقدر
يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ولا عن يوسف وولده، فدفعه إليهم وهو لذلك كاره
متوقع للبلوى من الله في يوسف، فلما خرجوا من منزلهم لحقهم مسرعا فانتزعه من
أيديهم فضمه إليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم
ولا يدفعه إليهم، فلما أيقنوا به أتوا به غيضة أشجار (1) فقالوا: نذبحه ونلقيه تحت
هذه الشجرة فيأكله الذئب الليلة، فقال كبيرهم: لا تقتلوا يوسف ولكن القوة
في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة ان كنتم فاعلين فانطلقوا به إلى الجب و
ألقوه فيه وهم يظنون أنه يغرق فيه، فلما صار في قعر الجب ناداهم: يا ولد رومين اقرأوا
يعقوب السلام مني، فلما رأوا كلامه قال بعضهم لبعض: لا تزالوا من ههنا حتى تعلموا
انه قد مات، فلم يزالوا بحضرته حتى آيسوا ورجعوا إلى أبيهم عشاءا يبكون وقالوا: يا
ابانا انا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب، فلما سمع مقالتهم استرجع
واستعبر وذكر ما أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء فصبر واذعن
للبلوى، فقال لهم: " بل سولت لكم أنفسكم أمرا " وما كان الله ليطعم لحم يوسف
للذئب من قبل ان أرى تأويل رؤياه الصادقة.
قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين عليهما السلام عند هذا
فلما كان من الغد غدوت عليه فقلت له: جعلت فداك انك حدثتني أمس بحديث
ليعقوب وولده ثم قطعته فما كان من قصة اخوة يوسف وقصة يوسف بعد ذلك؟ فقال إنهم
لما أصبحوا قالوا: انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حي؟ فلما
انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة وقد أرسلوا واردهم وادلى دلوه، إذ هو
بغلام متعلق بدلوه فقال لأصحابه: " يا بشرى هذا غلام " فلما أخرجوه اقبلوا إليهم
اخوة يوسف فقالوا: هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب وجئنا اليوم
لنخرجه فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية فقالوا له: إما ان تقر لنا انك
عبدنا فنبيعك بعض هذه السيارة أو نقتلك فقال لهم يوسف: لا تقتلوني واصنعوا

(1) الغيضة: مجتمع الشجر في مغيض ماء. الاحمة. ويقال له بالفارسية " جنكل ".
413

ما شئتم، فأقبلوا به إلى السيارة فقالوا: أمنكم من يشتري منا هذا العبد؟ فاشتراه
رجل منهم بعشرين درهما وكان اخوته فيه من الزاهدين، وسار به الذي اشتراه من
البدو حتى ادخله مصر، فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر وذلك قول الله
عز وجل: " وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى ان ينفعنا أو نتخذه
ولدا " قال أبو حمزة " فقلت لعلي بن الحسين عليهما السلام: ابن كم كان يوسف يوم ألقوه
في الجب؟ فقال: كان ابن تسع سنين، فقلت: كم كان بين منزل يعقوب يومئذ
وبين مصر؟ فقال: مسيرة اثنى عشر يوما، قال: وكان يوسف من أجمل أهل زمانه
فلما راهق يوسف (1) راودته امرأة الملك عن نفسه فقال لها: معاذ الله انا من أهل
بيت لا يزنون فغلقت الأبواب عليها وعليه وقالت: لا تخف وألقت نفسها عليها فأفلت
(2) منها هاربا إلى الباب ففتحته فلحقته فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه
فأفلت يوسف منها في ثيابه " وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك
سوءا الا ان يسجن أو عذاب اليم " قال: فهم الملك بيوسف ليعذبه فقال له يوسف: وإله
يعقوب ما أردت بأهلك سوءا بل هي راودتني عن نفسي فسل هذا الصبي أينا راود صاحبه
عن نفسه؟ قال: وكان عندها صبي من أهلها زائر لها فانطق الله الصبي لفصل القضاء
فقال: أيها الملك انظر إلى قميص يوسف فإن كان مقدودا من قدامه فهو الذي راودها؟
وإن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتص
أفزعه ذلك فزعا شديدا فجئ بالقميص فنظر إليه فلما رآه مقدودا من خلفه قال
لها: " انه من كيدكن ان كيدكن عظيم " وقال ليوسف: اعرض عن هذا ولا
يسمعه منك أحد واكتمه قال: فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة حتى قلن نسوة
منهن: " امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه " فبلغها ذلك فأرسلت إليهن وهيئت
لهن طعاما ومجلسا ثم أتتهن بأترج " وآتت كل واحدة منهن سكينا " ثم قالت
ليوسف: " اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن " وقلن ما قلن، فقالت

(1) راهق الغلام: قارب الاحتلام.
(2) أفلت اي خلص.
414

لهن: " هذا الذي لمتنني فيه " يعني في حبه، وخرجن النسوة من عندها فأرسلت
كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صاحبتها تسأله الزيارة، فأبى عليهن وقال:
" الا تصرف عني كيدهن أصب إليهن واكن من الجاهلين " فصرف الله عنه كيدهن
فلما شاع أمر يوسف وامر امرأة العزيز والنسوة في مصر بدا للملك بعدما سمع
قول الصبي ليسجنن يوسف فسجنه في السجن ودخل السجن مع يوسف فتيان و
كان من قصتهما وقصة يوسف ما قصه الله في الكتاب قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن
الحسين صلوات الله عليه.
18 - في تفسير العياشي عن أبي حديفة (1) عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
انما ابتلى يعقوب بيوسف انه ذبح كبشا سمينا ورجل من أصحابه يدعى بقوم محتاج
لم يجد ما يفطر عليه، فاغفله ولم يطعمه فابتلى بيوسف، وكان بعد ذلك كل
صباح مناديه ينادي: من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب فإذا كان المساء نادى:
من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب.
19 - في مجمع البيان " قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف " قيل: هو لاوي، رواه
علي بن إبراهيم في تفسيره.
20 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن بني يعقوب لما سألوا أباهم يعقوب ان يأذن ليوسف في الخروج معهم قال
لهم " اني أخاف ان يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون " قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: قرب
يعقوب لهم العلة اعتلوا بها في يوسف.
21 - في مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا تلقنوا الكذب
فتكذبوا، فان بني يعقوب لم يعلموا ان الذئب يأكل الانسان حتى لقنهم أبوهم.
22 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن الحسن
ابن عمار الدهان عن مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما طرح اخوة يوسف، يوسف
في الجب اتاه جبرئيل عليه السلام فدخل عليه فقال: يا غلام ما تصنع ههنا؟ فقال: ان

(1) وفي المصدر " أبو خديجة " بدل " أبو حذيفة ".
415

اخوتي ألقوني في الجب، قال: فتحب أن تخرج منه؟ قال: ذاك إلى الله عز وجل
ان شاء أخرجني، قال: فقال له: ان الله يقول لك: ادعني بهذا الدعاء حتى أخرجك
من الجب فقال له: وما الدعاء؟ قال: قل: اللهم إني أسئلك بان لك الحمد لا إله إلا أنت
المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام ان تصلي على محمد وآل محمد
وان تجعل لي مما انا فيه فرجا ومخرجا قال: ثم كان من قصته ما ذكر الله في كتابه.
23 - في تفسير علي بن إبراهيم نحوه سندا ومتنا وزاد بعد قوله: " ومخرجا "
وارزقني من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب، فدعا ربه فجعل له من الجب فرجا و
من كيد المرأة مخرجا، واتاه ملك مصر من حيث لا يحتسب (1)
24 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبي بصير قال. قلت لأبي عبد الله
الصادق عليه السلام: ما كان دعاء يوسف في الجب، فانا قد اختلفنا فيه؟ فقال: ان يوسف
عليه السلام لما صار في الجب وأيس من الحياة قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد
أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا ولن تستجيب لي دعوة فاني أسئلك بحق
الشيخ يعقوب فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه فقد علمت رقته علي وشوقي إليه (2)
25 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: لتنبئنهم
بأمرهم هذا وهم لا يشعرون يقول: لا يشعرون انك أنت يوسف اتاه جبرئيل فأخبره بذلك.
26 - في تفسير العياشي عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله:
" لننبأنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون " قال كان ابن سبع سنين
27 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:

(1) " وفي كتاب المناقب لابن شهرآشوب حديث طويل ذكرناه عند قوله تعالى:
وذا النون. الآية وفيه ان من قبل من الأنبياء ولاية أهل البيت عليهم السلام سلم وتخلص، ومن
توقف عنها وتتعتع في حملها لقى ما لقى آدم من المصيبة، وما لقى نوح من الغرق، وما لقى إبراهيم
من النار، وما لقى يوسف من الجب، وما لقى أيوب من البلاء، وما لقى داود من الخطيئة، إلى أن
بعث إليه يونس. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
(2) " لهذا الحديث تتمة ستقف عليها عند قوله تعالى: انما أشكو بثي الآية. منه عفى عنه "
(عن هامش بعض النسخ).
416

وجاؤا على قميصه بدم كذب قال: إنهم ذبحوا جديا (1) على قميصه
28 - في تفسير العياشي عن أبي جميلة عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما
أوتي بقميص يوسف إلى يعقوب فقال: اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشق القميص،
قال: وكان به نضح من دم (2)
29 - في مجمع البيان وروى أنه لقى ثوبه على وجهه وقال: يا يوسف لقد
اكلك ذئب رحيم، أكل لحمك ولم يشق قميصك (3)

(1) الجدي من أولاد المعز وهو الذكر في السنة الأولى والأنثى العناق.
(2) " في تفسير علي بن إبراهيم: وقال علي بن إبراهيم: رجع اخوته فقالوا: نعمد على
قميصه فنلطخه بالدم، ونقول لأبينا: ان الذئب أكله، فلما فعلوا ذلك قال لهم لاوي: يا قوم
ألسنا بني يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله أفتظنون ان الله عز وجل يكتم
هذا الخبر عن أنبيائه؟ فقالوا: وما الحيلة؟ قال: نقوم ونغتسل ونصلي جماعة ونتضرع إلى الله
تعالى أن يكتم ذلك عن أنبيائه فإنه جواد كريم، فقاموا واغتسلوا وكان في سنة إبراهيم وإسحاق
ويعقوب انهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا إحدى عشر رجلا، فيكون واحد منهم امام وعشرة
يصلون خلفه قالوا: كيف نصنع وليس لنا امام؟ فقال لاوي: نجعل الله امامنا، فصلوا وتضرعوا
وبكوا وقالوا: يا رب اكتم علينا هذا.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: في كتاب سعد السعود لابن طاووس رحمه الله من كتاب
تفسير عن أهل البيت صلوات الله عليهم ما هذا لفظه: وفي حديث علي بن إبراهيم بن هاشم عن رجاله
رفعه إلى الصادق عليه السلام انه لما رجع اخوة يوسف إلى أبيهم بقميصه ملطخا بالدم وقالوا: نقول إن
الذئب أكله فقال لهم أخوهم لاوي. وذكر كما نقلنا عن علي بن إبراهيم سواء. منه عفى عنه "
(عن هامش بعض النسخ).
(3) " في كتاب سعد السعود لابن طاووس رحمه الله نقله من تفسير أبي العباس بن عقدة
عن عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما الصبر الجميل؟ قال
ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس منه عفى عنه " كذا في هامش بعض النسخ، أقول: ولهذا الحديث
تتمه ذكرها المجلسي (ره) في البحار ج 5: 147، وذكر هناك أحاديث أخرى في تفسير قوله
تعالى: " فصبر جميل " بمثل ما نقله المؤلف (ره) عن كتاب سعد السعود فراجع.
417

30 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان في قميص يوسف ثلاث
آيات في قوله تعالى: " وجاؤا على قميصه بدم كذب " وقوله تعالى: " إن كان قميصه
قد من قبل " وقوله تعالى ": اذهبوا بقميصي هذا ".
31 - في سؤال بعض اليهود عليا عليه السلام عن الواحد إلى المأة فما العشرون؟
قال: بيع يوسف بعشرين درهما.
32 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن
أبي نصر عن الرضا عليه السلام في قول الله: وشروه بثمن بخس دراهم معدودة
قال: كانت عشرين درهما، والبخس النقص وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل كان قيمته
عشرين درهما.
33 - في مجمع البيان وكانت الدراهم عشرين درهما وهو المروى عن علي
ابن الحسين عليه السلام، قال: وكانوا عشرة اقتسموها درهمين درهمين.
34 - في عيون الأخبار في بابا ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأله
عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وسئله عن أول من وضع سكة
الدنانير والدراهم؟ فقال: نمرود بن كنعان.
35 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى محمد بن يعقوب عن علي بن محمد
باسناده رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لبعض اليهود - وقد سأله عن مسائل -: وانما سمى
الدرهم درهما لأنه دراهم من جمعه ولم ينفقه في طاعة الله أورثه النار.
36 - في تفسير العياشي عن الحسن عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " و
شروه بثمن بخس دراهم معدودة " قال: كانت عشرين درهما.
37 - عن عبد الله بن سليمان عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قد كان
يوسف بين أبويه مكرما، ثم صار عبدا حتى بيع اخس وأوكس الثمن (1) ثم لم يمنع الله
ان بلغ به حتى صار ملكا.
38 - عن ابن حصين عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة "

(1) الأوكس: الأنقص.
418

قال كانت دراهم ثمانية عشر درهما.
39 - وبهذا الاسناد عن الرضا عليه السلام قال: كانت الدراهم عشرين درهما وهي
قيمة كلب الصيد إذا قل، والبخس النقص.
40 - في مجمع البيان وروى عن علي عليه السلام هيت لك بالهمز وضم التاء.
41 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون
مع أهل الملل والمقالات وما أجاب به علي بن الجهم في عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم
حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: واما قوله في يوسف عليه السلام: ولقد همت به وهم بها
فإنها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها ان أجبرته لعظم ما تداخله، فصرف الله عنه قتلها
والفاحشة، وهو قوله: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء يعني القتل والزنا.
42 - وفي باب مجلس آخر للرضا عليه السلام عند المأمون في عصمة الأنبياء باسناده إلى
علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له
المأمون: يا بن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال:
فما معنى قول الله عز وجل إلى أن قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: " ولقد همت به وهم
بها ولولا أن رأى برهان ربه " فقال الرضا عليه السلام: لقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم
بها كما همت به لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه ولقد حدثني أبي عن
الصادق عليه السلام: أنه قال: همت بأن تفعل وهم بان لا يفعل، فقال المأمون: لله درك يا
أبا الحسن.
43 - وفي باب آخر فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة، وبهذا الاسناد
عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال في قول الله عز وجل: " لولا أن رأى برهان ربه " قال:
قامت امرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف. ما هذا؟ فقالت: أستحيي
من الصنم أن يرانا، فقال لها يوسف: أتستحين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه ولا يأكل ولا
يشرب ولا استحي انا ممن خلق الانسان وعلمه؟ فذلك قوله تعالى: " لولا أن رأى برهان ربه "
44 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لعلقمة: ان
رضا الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله
419

وحجج الله عليهم السلام، ألم ينسبوا يوسف عليه السلام إلى أنه هم بالزنا والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
45 - في تفسير العياشي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما همت
به وهم بها قالت له: كما أنت (1) قال: ولم؟ قالت: حتى أغطي وجه الصنم لا يرانا
فذكر الله عند ذلك وقد علم أن الله يراه ففر منها.
46 - عن محمد بن قيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن يوسف
لما حل سراويله رأى مثال يعقوب عاضا على إصبعه (2) وهو يقول له: يوسف! قال:
فهرب ثم قال أبو عبد الله عليه السلام لكني والله ما رأيت عورة أبي قط، ولا رأى أبي عورة جدي
قط، ولا رأى جدي عورة أبيه قط، قال: وهو عاض على إصبعه فوثب فخرج الماء
من ابهام رجله (3).

(1) اي كن على ما أنت عليه من الحال.
(2) عض على إصبعه: أمسكه بأسنانه.
(3) هذا الحديث وما يضاهيه محمول على التقية كما يظهر من الحديث الآتي وقد ذكرناه في
ذيل العياشي أيضا وذكره غير واحد من شراح الحديث، والا ففيه ما يخالف عقائد الإمامية وان
شئت تحقيق الكلام في ذلك وتفصيله فراجع تنزية الأنبياء: 60 - 68. والبحار ج 5. 198 -
200 ولقد أجاد المحدث المحقق المولى محسن الفيض (قده) في المقام قال في الصافي بعد نقل
جملة من الروايات في الباب ما لفظه:
وقد نسبت العامة خذلهم الله إلى يوسف في هذا المقام أمورا، ورووا بها روايات مختلفة
لا يليق للمؤمن نقلها فكيف باعتقادها! ونعم ما قيل: إن الذين لهم تعلق بهذه الواقعة هم يوسف
والمرأة وزوجها والنسوة والشهود ورب العالمين وإبليس، وكلهم قالوا ببراءة يوسف عن الذنب
فلم يبق لمسلم توقف في هذا الباب.
اما يوسف فقوله: " هي راودتني عن نفسي " وقوله: " رب السجن أحب إلي مما يدعونني
إليه " واما المرأة فلقولها: " ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " وقالت: " الان حصحص الحق انا
راودته عن نفسه " واما زوجها فلقوله: " انه من كيدكن ان كيدكن عظيم " واما النسوة فلقولهن: *
420

47 - عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اي شئ يقول الناس في قول الله
عز وجل: " لولا أن رأى برهان ربه "؟ قلت: يقولون: رأى يعقوب عاضا على إصبعه، فقال:
لا، ليس كما يقولون، فقلت: فأي شئ رأى؟ قال: لما همت به وهم بها قامت إلى
صنم معها في البيت، فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف: ما صنعت؟ قالت: طرحت عليه
ثوبا استحيي ان يرانا، قال: فقال يوسف: فأنت تستحين من صنمك وهو لا يسمع ولا
يبصر، ولا أستحي أنا من ربي؟.
48 - عن إسحاق بن بشار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن الله بعث إلى يوسف
وهو في السجن: يا بن يعقوب ما أسكنك مع الخطائين؟ قال: جرمي فاعترف بمجلسه
منها مجلس الرجل من أهلها.
49 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
يقول فيه عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله في
يوسف: " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ": واما هفوات الأنبياء عليهم السلام وما
بينه الله في كتابه فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة وقدرته
القاهرة وعزته الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم ولان
منهم يتخذ بعضهم الها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكرها دلالة على تخلفهم
عن الكمال الذي انفرد به عز وجل.
50 - في مجمع البيان " لولا أن رأى برهان ربه " اختلف فيه على وجوه إلى قوله.
ثالثها: انه النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش والحكمة الصارفة عن القبايح روى

* " امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا انا لنريها في ضلال مبين " وقولهن: " حاش لله ما
علمنا عليه من سوء " واما الشهود قوله تعالى: " شهد شاهد من أهلها " واما شهادة الله بذلك فقوله
عز من قائل: " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين " واما اقرار إبليس بذلك
فلقوله: " فبعزتك لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين " فقد أقر إبليس بأنه لم يغوه، وعند
هذا نقول: إن هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف الفضيحة ان كانوا من اتباع دين الله فليقبلوا
شهادة الله بطهارته، وان كانوا من اتباع إبليس وجنوده فليقبلوا شهادة إبليس بطهارته.
421

ذلك عن الصادق عليه السلام.
51 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى خلف بن حماد عن رجل عن أبي
عبد الله عليه السلام أنه قال: قال الله عز وجل " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء " يعني ان
يدخل في الزنا (1)
52 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن بعض رجاله رفعه قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: لما همت به وهم بها قامت إلى صنم في بيتها فألقت فيه ملائة (2) لها فقال لها يوسف ما
تعملين؟ قالت: ألقي على هذا الصنم ثوبا لا يرانا فاني أستحيي منه، فقال يوسف: فأنت
تستحين من صنم لا يسمع ولا يبصر ولا أستحي أنا من ربي؟ فوثب وعدا وعدت من خلفه و
أدركهما العزيز على هذه الحالة وهو قول الله عز وجل: واستبقا الباب وقدت
قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب فبادرت امرأة العزيز فقالت ما جزاء من
أراد باهلك سوء الا ان يسجن أو عذاب اليم فقال يوسف للعزيز: هي راودتني عن
نفسي وشهد شاهد من أهلها فألهم الله عز وجل يوسف ان قال للملك: سل هذا
الصبي في المهد فإنه سيشهد انها راودتني عن نفسي، فقال العزيز للصبي فانطق الله
الصبي في المهد ليوسف حتى قال: إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من
الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى
العزيز قميص يوسف قد تخرق من دبر قال لامرأته: انه من كيدكن ان كيدكن عظيم ثم
قال ليوسف: اعرض عن هذا واستغفري لذنبك انك كنت من الخاطئين.
53 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان في قميص يوسف
ثلاثا آيات في قوله تعالى: " وجاءوا على قميصه بدم كذب " وقوله تعالى: " إن كان
قميصه قد من قبل " الآية وقوله تعالى: " اذهبوا بقميصي هذا " الآية.

(1) " في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى جابر الجعفي عن الباقر عليه السلام قال:
وقال جل جلاله: " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ".
فالسوء هيهنا الزنا، منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
(2) الملائة: كل ثوب لين رقيق.
422

54 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام
في قوله: قد شغفها حبا يقول: قد حجبها حبه عن الناس فلا تعقل غيره، والحجاب
هو الشغاف والشغاف هو حجاب القلب.
55 - في مجمع البيان روى عن علي عليه السلام وعلي بن الحسين ومحمد بن علي و
جعفر بن محمد عليهم السلام " قد شعفها " بالعين.
56 - ان هذا الا ملك كريم وروى عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وآله وهو يصف يوسف حين رآه في السماء الثانية. رأيت رجلا صورته صورة
القمر ليلة البدر، قلت: يا جبرئيل من هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف.
57 - في تفسير العياشي عن محمد بن مروان عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن
يوسف خطب امرأة جميلة كانت في زمانه، فردت عليه: أيا عبد الملك (1) إياي
تطلب؟ قال: فطلبها إلى أبيها فقال له أبوها: ان الامر أمرها، قال: فطلبها إلى
ربه وبكى، فأوحى الله إليه: اني قد زوجتكها، ثم ارسل إليها اني أريد ان أزوركم
فأرسلت إليه ان: تعال، فلما دخل عليها أضاء البيت لنوره فقالت: ما هذا الا ملك
كريم، فاستسقى فقامت إلى الطاس لتسقيه، فجعل يتناول الطاس من يدها فتناوله
فاها، فجعل يقول لها: انتظري ولا تعجلي قال: فتزوجها.
58 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في مسجد
الكوفة فقالوا: ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير
وعائشة ومعوية؟ فبلغ ذلك عليا عليه السلام فأمر ان ينادي الصلاة الجامعة، فلما اجتمعوا
صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا
قالوا: صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك، قال: إن لي بسنة الأنبياء أسوة فيما
فعلت، قال الله تعالى في محكم كتابه: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة "
قالوا: ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال. أولهم إبراهيم عليه السلام إلى أن قال: ولي
بيوسف أسوة إذ قال: رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه فان قلتم ان يوسف دعى

(1) وفي المصدر والمنقول عنه في البحار " ان عبد الملك.. اه ".
423

ربه وسأله السجن بسخط ربه فقد كفرتم، وان قلتم: انه أراد بذلك لئلا يسخط ربه عليه
واختار السجن فالوصي اعذر
59 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن العباس بن هلال عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال: قال السجان ليوسف: اني لأحبك، فقال يوسف عليه السلام: ما أصابني الا من
الحب، إن كانت خالتي أحبتني سرقتني، وإن كان أبي أحبني حسدني اخوتي، وإن كانت
امرأة العزيز أحبتني حبستني، قال: وشكى في السجن إلى الله فقال: يا رب بما
استحققت السجن؟ فأوحى الله إليه أنت اخترته حين قلت: " رب السجن أحب إلي مما
يدعونني إليه " هلا قلت: العافية أحب إلي مما يدعونني إليه؟
60 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ثم بدا لهم من
بعدما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين والآيات شهادة الصبي والقميص المخرق من دبر و
استباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب، فلما عصاها لم تزل مولعة
بزوجها حتى حبسه.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: سبق قريبا عن تفسير العياشي استحقاقه
الحبس بجرمه واعترافه بذلك فلذلك لم نعده.
61 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل
عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه فقال: يا أمير المؤمنين
أخبرني عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأي أربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر أربعاء في
الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى أن قال: ويوم الأربعاء ادخل يوسف
عليه السلام السجن.
62 - في كتاب الخصال عن محمد بن سهل البحراني يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام
قال: البكاؤن خمسة إلى أن قال: واما يوسف فبكى على يعقوب عليه السلام حتى تأذى به
أهل السجن فقالوا له: اما ان تبكي الليل وتسكت بالنهار واما ان تبكي النهار وتسكت
بالليل فصالحهم على واحد منهما.
63 - في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بكى أحد
424

بكاء ثلاثة إلى قوله: واما يوسف فإنه كان يبكي على أبيه يعقوب وهو في السجن فتأذى به
أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوما ويسكت يوما.
64 - في أصول الكافي علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن
سيف بن عميرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: جاء جبرئيل عليه السلام إلى يوسف وهو في
السجن فقال له يا يوسف قل في دبر كل صلاة: اللهم اجعل لي فرجا ومخرجا وارزقني
من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب.
65 - في تفسير العياشي عن طربال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أمر الملك بحبس
يوسف في السجن ألهمه الله علم تأويل الرؤيا، فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم وان
فتيين ادخلا معه السجن يوم حبسه، فلما باتا أصبحا فقالا له: انا رأينا رؤيا فعبرها
لنا، فقال: وما رأيتما؟ فقال أحدهما اني أراني احمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير
منه وقال الآخر اني رأيت أن أسقى الملك خمرا، فعبر لهما رؤياهما على ما في الكتاب
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
66 - ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام: قال الآخر " اني أراني احمل فوق رأسي
خبزا " قال: احمل فوق رأسي جفنة (1) فيها خبز تأكل الطير منه.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم قال أبو عبد الله عليه السلام في قوله: انا نريك من
المحسنين قال: كان يقوم على المريض ويلتمس للمحتاج ويوسع على المحبوس.
68 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن ذكره
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " انا نريك من المحسنين " قال: كان يوسع
المجلس ويستقرض للمحتاج ويعين الضعيف.
69 - في مجمع البيان وقيل: " من المحسنين " اي ممن يحسن تأويل الرؤيا،
قال: وهذا دليل على أن أمر الرؤيا صحيح، وانها لم تزل في الأمم السابقة، وفي
الحديث: ان الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة وتأويله ان الأنبياء يخبرون
بما سيكون والرؤيا تدل على ما سيكون، فيكون معنى الآية: انا نعلمك ونظنك

(1) الجفنة: القصعة الكبيرة منبسطة تشبع الخمسة.
425

ممن يعرف الرؤيا، ومن ذلك قول أمير المؤمنين: عليه السلام قيمة كل امرء ما يحسنه.
70 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى الحسن بن علي عليه السلام حديث
طويل وفيه يقول عليه السلام: من لم يعرفني فانا الحسن بن محمد النبي صلى الله عليه وآله ثم تلا هذه
فقال يوسف عليه السلام: واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحق ويعقوب.
71 - في مجمع البيان " اما أحدكما فيسقى ربه خمرا " الآية فروى أنه قال
: اما العناقيد الثلاثة (1) فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن ثم يخرجك الملك اليوم
الرابع وتعود إلى ما كنت عليه.
72 - وقيل: إن المصلوب منهما كان كاذبا والآخر صادقا عن أبي مجلز ورواه
علي بن إبراهيم أيضا في تفسيره عنهم عليهم السلام.
73 - في تفسير العياشي عن طربال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أمر الملك
بحبس يوسف إلى قوله: ثم قال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك قال
ولم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه فلذلك قال الله: فأنساه الشيطان ذكر ربه
فلبث في السجن بضع سنين قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف
من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ فقال: أنت يا ربي قال: فمن حببك إلى أبيك؟ قال:
أنت يا ربي، قال: فمن وجه السيارة إليك، قال: أنت يا ربي؟ قال: فمن علمك
الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا؟ قال أنت يا ربي، قال: فمن
جعل لك من كيد المرأة مخرجا؟ قال: أنت يا ربي، قال: فمن أنطق لسان الصبي
بعذرك؟ قال: أنت يا ربي، قال: فمن صرف [عنك] كيد امرأة العزيز والنسوة؟
قال: أنت يا ربي، قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا ربي، قال: فكيف
استغثت بغيري ولم تستغث بي وتسألني ان أخرجك من السجن واستغثت وأملت
عبدا من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي ولم تفزع إلي؟! البث في

(1) ذكر الطبرسي (ره) قبل ذلك ان المعنى قال أحدهما وهو الساقي رأيت أصل حبلة
عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته إياها، ثم قال بعد كلام طويل:
ما نقله المؤلف (ره) من قوله: " فروى أنه قال: اما العناقيد.. اه ".
426

السجن بذنبك بضع سنين بارسالك عبدا إلى عبد.
74 - عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله ليوسف: الست
حببتك إلى أبيك وفضلتك على الناس بالحسن؟ أولست الذي بعثت إليك السيارة
وأنقذتك وأخرجتك من الجب؟ أولست الذي صرفت عنك كيد النسوة؟ فما حملك
على أن ترفع رغبتك أو تدعو مخلوقا دوني! فالبث لما قلت في السجن بضع سنين.
75 - عن عبد الله بن عبد الرحمان عمن ذكره عنده قال قال: لما قال للفتى: " اذكرني
عند ربك " اتاه جبرئيل عليه السلام فضربه برجله حتى كشط له عن الأرض السابعة (1) فقال له:
يا يوسف انظر ماذا ترى؟ فقال: أرى حجرا صغيرا، ففلق الحجر فقال: ماذا ترى؟ قال:
أرى دودة صغيرة، قال: فمن رازقها؟ قال: الله، قال: فان ربك يقول: لم انس هذه
الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرض السابعة أظننت اني أنساك حتى تقول للفتى:
" اذكرني عند ربك "؟ لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين قال: فبكى يوسف
عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان، قال: فتأذى به أهل السجن، فصالحهم على أن
يبكي يوما ويسكت يوما، فكان في اليوم الذي يسكت أسوء حالا.
76 - عن يعقوب بن يزيد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: فلبث في
السجن بضع سنين قال سبع سنين.
77 - في مجمع البيان وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: عجبت من أخي
يوسف كيف استغاث بالمخلوق دون الخالق؟.
78 - وروى أنه عليه السلام قال: لولا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث.
79 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن إسماعيل بن
عمر عن شعيب العقرقوفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن يوسف أتاه جبرئيل عليه السلام فقال له:
يا يوسف ان رب العالمين يقرئك السلام ويقول لك: من جعلك أحسن خلقه؟ قال:
فصاح ووضع خده على الأرض، ثم قال، أنت يا رب، ثم قال له: ويقول لك: من حببك
إلى أبيك دون اخوتك؟ قال: فصاح ووضع خذه على الأرض وقال: أنت يا رب، قال

(1) كشط الغطاء عن الشئ: كشفه عنه.
427

ويقول لك: من أخرجك من الجب بعد ان طرحت فيها وأيقنت بالهلكة؟ قال: فصاح
ووضع خده على الأرض ثم قال: أنت يا رب، قال: فان ربك قد جعل لك عقوبة في
استغاثتك بغيره فالبث في السجن بضع سنين، قال: فلما انقضت المدة واذن الله له في
دعاء الفرج وضع خده على الأرض ثم قال: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك
فاني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب، ففرج الله
عنه قلت: جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال: ادع بمثله: اللهم إن كانت
ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فاني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد وعلي وفاطمة
والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام.
80 - وفيه وقال: ولما أمر الملك بحبس يوسف في السجن الهمه الله تأويل
الرؤيا فكان يعبر لأهل السجن، فلما سألاه الفتيان الرؤيا وعبر لهما " وقال للذي ظن أنه
ناج منهما اذكرني عند ربك " ولم يفزع في تلك الحالة إلى الله أوحى الله إليه: من
أراك الرؤيا التي رايتها؟ فقال يوسف: أنت يا رب، قال: فمن حببك إلى أبيك؟ قال:
أنت يا رب، قال: فمن وجه تلك السيارة التي رايتها؟ قال: أنت يا رب، قال: فمن
علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟ قال أنت يا رب، قال:
فمن أنطق لسان الصبي بعذرك؟ قال: أنت يا رب، قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال:
أنت يا رب، قال: فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي، وأملت عبدا من عبيدي ليذكرك إلى
مخلوق من خلقي. وفي قبضتي ولم تفزع إلي؟ البث في السجن بضع سنين، فقال يوسف؟
أسألك بحق آبائي عليك الا فرجت عني، فأوحى الله إليه: يا يوسف وأي حق لابائك
وأجدادك علي إن كان أبوك آدم خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي وأسكنته جنتي وأمرته
ان لا يقرب شجرة منها فعصاني وسألني فتبت عليه، وإن كان أبوك نوح انتجبته من بين
خلقي وجعلته رسولا إليهم، فلما عصوا دعاني فاستجبت له وغرقتهم وأنجيته ومن معه
في الفلك، وإن كان أبوك إبراهيم اتخذته خليلا وأنجيته من النار وجعلتها عليه
بردا وسلاما، وإن كان يعقوب وهبت له اثنى عشر ولدا فغيبت عنه واحدا فما زال
يبكي حتى ذهب بصره وقعد على الطريق يشكوني إلى خلقي، فأي حق لآبائك علي؟
428

قال: فقال له جبرئيل عليه السلام: قل يا يوسف: أسألك بمنك العظيم واحسانك القديم
فقالها فرأى الملك الرؤيا وكان فرجه فيها.
81 - في مجمع البيان وقرأ جعفر بن محمد عليهما السلام " وسبع سنابل "
82 - في تفسير العياشي عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقرأ
" سبع سنابل خضرة ".
83 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سعد بن أبي
خلف عن أبي عبد الله عليه السلام قال. الرؤيا على ثلاثة وجوه: بشارة من الله للمؤمن وتحذير
من الشيطان، وأضغاث أحلام.
84 - في أمالي شيخ الصدوق رحمه الله باسناده إلى النوفلي قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: المؤمن يرى الرؤيا فتكون الرؤيا كما يراها وربما رأى الرؤيا فلا تكون
شيئا؟ فقال. ان المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة إلى السماء، فكلما رآه
المؤمن في ملكوت السماوات في موضع التقدير والتدبير فهو الحق، وكلما رآه في الأرض
فهو أضغاث أحلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
85 - وباسناده إلى علي عليه السلام، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الرجل ينام فيرى
الرؤيا فربما كانت حقا وربما كانت باطلا؟ فقال رسول الله عليه السلام: انه ما من عبد ينام الا عرج
بروحه إلى رب العالمين فما رأى عند رب العالمين فهو حق، ثم إذا أمر العزيز الجبار
برد روحه إلى جسده فصارت الروح بين السماء والأرض، فما رأته فهو أضغاث أحلام
86 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رأت فاطمة
في النوم كأن الحسن والحسين ذبحا أو قتلا فأحزنها ذلك، فأخبرت به رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: يا رؤيا فتمثلت بين يديه قال: أرأيت فاطمة هذا البلاء؟ قالت: لا قال: يا
أضغاث أرأيت فاطمة هذه البلاء؟ قالت: نعم، يا رسول الله قال: فما أردت بذلك؟
قالت: أردت ان أحزنها، فقال لفاطمة: اسمعي ليس هذا بشئ.
87 - في مجمع البيان وقرأ جعفر بن محمد عليهما السلام " قربتم لهن " وقرا
أيضا " يعصرون " بياء مضمومة وصاد مفتوحة.
429

88 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال الصادق عليه السلام: انما انزل ما قربتم لهن
وقال أبو عبد الله عليه السلام قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام: ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه
يغاث الناس وفيه يعصرون فقال: ويحك أي شئ يعصرون؟ قال الرجل: يا
أمير المؤمنين كيف اقرأها؟ فقال: انما نزلت " عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون "
اي يمطرون بعد المجاعة والدليل على ذلك قوله: " وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا "
89 - في تفسير العياشي عن محمد بن علي الصيرفي عن رجل عن أبي
عبد الله عليه السلام " عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " بالياء يمطرون، ثم قال: أما سمعت
قوله: " وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا "
90 - عن علي بن معمر عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام عن قول الله: " عام فيه يغاث
الناس وفيه يعصرون " مضمومة ثم قال: وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا.
91 - في روضة الكافي الحسين بن أحمد بن هلال عن ياسر الخادم قال: قلت
لأبي الحسن الرضا عليه السلام: رأيت في النوم كأن قفصا (1) فيه سبعة عشر قارورة إذ وقع القفص
فتكسرت القوارير؟ فقال: ان صدقت رؤياك يخرج رجل من أهل بيتي يملك سبعة
عشر يوما ثم يموت، فخرج محمد بن إبراهيم (2) بالكوفة مع أبي السرايا فمكث سبعة
عشر يوما ثم مات.
92 - إسماعيل بن عبد الله القرشي قال: أتى إلى أبي عبد الله عليه السلام رجل فقال له
يا بن رسول الله رأيت في منامي كأني خارج من مدينة الكوفة في موضع أعرفه وكأن
شبحا من خشب أو رجلا منحوتا من خشب على فرس من خشب يلوح بسيفه وأنا أشاهده

(1) القفص: محبس الطير.
(2) هو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل وهو طباطبا بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي
بن أبي طالب عليه السلام، وأبو السرايا اسمه سرى بن منصور وكان من امراء مأمون ثم بايع محمد
محمد بن إبراهيم وسبب خروج محمد بن إبراهيم وكيفيته وبيعة أبي السرايا وغير ذلك مما يرتبط
بهذه القصة مذكور في كتاب مقاتل الطالبيين ص 176 - 185 ط طهران سنة 1307 ومن
شاء الوقوف عليها تفصيلا فليراجع.
430

فزعا مرعوبا؟ فقال له عليه السلام: أنت رجل تريد اغتيال رجل في معيشته، فاتق الله الذي
خلقك ثم يميتك، فقال الرجل: أشهد انك قد أوتيت علما واستنبطته من معدته
أخبرك يا بن رسول الله عما فسرت لي، ان رجلا من جيراني جاءني وعرض علي ضيعته
فهممت ان أملكها بوكس كثير (1) لما عرفت انه ليس لها طالب غيري، فقال
أبو عبد الله عليه السلام: وصاحبك يتولانا ويتبرء من عدونا؟ فقال: نعم يا بن رسول الله رجل جيد
البصيرة مستحكم الدين، وانا تائب إلى الله عز ذكره واليك مما هممت به ونويته فأخبرني
لو كان ناصبيا حل لي اغتياله؟ فقال: أد الأمانة لمن ائتمنك وأراد منك النصيحة ولو
إلى قاتل الحسين عليه السلام.
93 - في مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لقد عجبت من يوسف وكرمه و
صبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم
حتى اشترط ان يخرجوني.
94 - في تفسير العياشي عن ابان عن محمد بن مسلم عنهما قالا: ان رسول الله
صلى الله عليه وآله قال: لو كنت بمنزلة يوسف حين ارسل إليه الملك يسئله عن رؤياه ما حدثته
حتى اشترط عليه أن يخرجني من السجن، وتعجبت لصبره عن شأن امرأة الملك
حتى أظهر الله عليه (2)
95 - عن سماعة قال: سألته عن قول الله: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة
قال: يعني العزيز.
96 - في مجمع البيان عن النبي صلى الله عليه وآله متصلا بما سبق أعنى قوله: يخرجوني و
لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين أتاه الرسول فقال: ارجع إلى ربك
ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث لأسرعت الإجابة وبادرتهم الباب وما ابتغيت
العذر انه كان لحليما ذا أناة (3)

(1) الوكس: النقصان.
(2) كذا في النسخ وفي المصدر " حتى أظهر الله عذره " وهو الظاهر.
(3) الأناة: الحلم والوقار.
431

97 - وروى أن يوسف لما خرج من السجن دعى لهم وقال: اللهم اعطف عليهم بقلوب
الأخيار ولا تعم عليهم الاخبار، فلذلك يكون أصحاب السجن أعرف الناس بالاخبار في
كل بلدة، وكتب على بابا السجن: هذا قبور الاحياء وبيت الأحزان وتجربة
الأصدقاء وشماتة الأعداء.
98 - وروى عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: رحم الله أخي
يوسف لو لم يقل: اجعلني على خزائن الأرض لولاه من ساعته، ولكنه أخر ذلك سنة.
99 - في عيون الأخبار حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه
قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن الريان بن الصلت الهروي قال: دخلت
على علي بن موسى الرضا عليه السلام فقلت له: يا بن رسول الله ان الناس يقولون: انك قبلت
ولاية العهد مع اظهارك الزهد في الدنيا؟ فقال عليه السلام: قد علم الله كراهتي لذلك فلما
خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا ان
يوسف عليه السلام كان نبيا ورسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز " قال
اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم " ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على
اكراه واجبار بعد الاشراف على الهلاك، على اني ما دخلت في هذا الامر الا دخول
خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان.
100 - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال
حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه قال: حدثنا محمد بن نصير عن
الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا عن الرضا عليه السلام أنه قال له رجل: أصلحك الله
كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون وكأنه أنكر ذلك عليه؟ فقال له أبو الحسن
الرضا عليه السلام: يا هذا أيهما أفضل النبي أو الوصي؟ فقال: لا، بل النبي، قال:
فأيهما أفضل مسلم أو مشرك؟ قال: لا بل مسلم، قال: فان العزيز عزيز مصر كان
مشركا وكان يوسف عليه السلام نبيا، وان المأمون مسلم وانا وصي، ويوسف سأل العزيز
ان يوليه حين قال: " اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم " وانا أجبرت على
ذلك وقال عليه السلام في قوله: " اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم " قال: حافظ
432

لما في يدي عالم بكل لسان.
101 - في الخرائج والجرائح عن محمد بن زيد الرازي قال: كنت في خدمة الرضا عليه السلام
لما جعله المأمون ولي عهده فأتاه رجل من الخوارج في كمه مدية (1) مسمومة وقد قال
لأصحابه: والله لآتين هذا الذي يزعم أنه ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وقد دخل لهذا الطاغية ما دخل،
فأسأله عن حجته فإن كان له حجة والا أرحت الناس منه، فأتاه واستأذن عليه عليه السلام فأذن له،
فقال له أبو الحسن عليه السلام: أجيبك عن مسألتك على شريطة توفي لي بها، فقال: وما هذه
الشريطة؟ قال: إن أجبتك بجواب يقنعك وترضاه تكسر الذي في كمك وترمي به،
فبقي الخارجي متحيرا وأخرج المدية وكسرها، ثم قال: أخبرني عن دعواك مع هذا
الطاغية فيما دخلت له وهم عندك كفار وأنت ابن رسول لله ما حملك على هذا؟
فقال أبو الحسن عليه السلام: أرأيتك هؤلاء أكفر عندك أم عزيز مصر وأهل مملكته؟
أليس هؤلاء على حال يزعمون أنهم موحدون وأولئك لم يوحدوا الله ولم يعرفوه، و
ان يوسف بن يعقوب نبي ابن نبي وقال لعزيز مصر وهو كافر: " اجعلني على خزائن
الأرض اني حفيظ عليم " وكان يجالس الفراعنة، وانا رجل من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله
اجبرني على هذا الامر واكرهني عليه فما الذي أنكرت ونقمت علي؟ فقال: لا عتب
عليك اشهد انك ابن نبي الله وانك صادق.
102 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول يوسف عليه السلام: " اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم " قال: حفيظ
بما تحت يدي، عليم بكل لسان.
103 - في تفسير العياشي وقال سليمان: قال سفيان: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
ما يجوز أن يزكي الرجل نفسه؟ قال: نعم إذا اضطر إليه أما سمعت قول يوسف: " اجعلني
على خزائن الأرض اني حفيظ عليم " وقول العبد الصالح: " وانا لكم ناصح أمين ".
104 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن
صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام لأقوام يظهرون الزهد ويدعون

(1) المدية - بالتثليث -: السكين العظيمة العريضة.
433

الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (1) وأخبروني أين أنتم عن
سليمان بن داود عليهما السلام ثم يوسف النبي، حيث قال لملك مصر: " اجعلني على خزائن
الأرض اني حفيظ عليم " فكان من امره الذي كان ان اختار مملكة الملك وما حولها إلى
اليمن، وكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم، وكان يقول الحق ويعمل
به، فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه.
105 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عبد الرحمان بن حماد
عن يونس بن يعقوب عن سعد عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما صارت الأشياء
ليوسف بن يعقوب عليهما السلام جعل الطعام في بيوت وامر بعض وكلائه، فكان يقول: بع
بكذا وكذا والسعر قائم، فلما علم أنه يزيد في ذلك اليوم كره ان يجري الغلاء على
لسانه، فقال له: اذهب وبع ولم يسم له سعرا فذهب الوكيل غير بعيد ثم رجع إليه فقال
له: اذهب فبع، وكره ان يجري الغلاء على لسانه فذهب الوكيل فجاء أول
من اكتال، فلما بلغ دون ما كان بالأمس بمكيال قال المشتري: حسبك انما
أردت بكذا وكذا، فعلم الوكيل انه قد غلى بمكيال، ثم جاءه آخر فقال له: كل لي
فكال، فلما بلغ دون الذي كال للأول بمكيال قال له المشتري: حسبك
انما أردت بكذا وكذا، فعلم الوكيل انه قد غلا بمكيال حتى صار إلى واحد واحد (2)
106 - في تفسير العياشي عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
سبق يوسف الغلاء الذي [سبق] (3) أصاب الناس ولم يتمن الغلاء لاحد قط، قال:
فاتاه التجار فقالوا: بعنا، فقال: اشتروا، فقالوا: نأخذ كذا بكذا، فقال: خذوا

(1) التقشف: رثاثة الهيئة وسوء الحال وضيق العيش.
(2) وفي المصدر " واحد بواحد " وللمجلسي (ره) في مرآة العقول في هذا الحديث و
ساير ما ورد في باب الأسعار في الكافي بيان طويل فراجع ان شئت ج 3: 403 ونقله في ذيل الكافي
ج 5: 163 من الطبعة الحديثة أيضا.
(3) غير موجود في المصدر.
434

وأمر فكالوهم، فحملوا ومضوا حتى دخلوا المدينة فلقيهم قوم تجار، فقالوا لهم:
كيف أخذتم؟ فقالوا: كذا بكذا وأضعفوا الثمن قال: وقدموا أولئك على يوسف فقالوا:
بعنا، فقال: اشتروا كيف تأخذون؟ قالوا: بعنا كما بعت كذا بكذا، فقال: ما
هو كما يقولون ولكن خذوا فأخذوا ثم مضوا حتى دخلوا المدينة فلقيهم آخرون
فقالوا: كيف أخذتم؟ فقالوا: كذا بكذا، وأضعفوا الثمن، قال: فعظم الناس ذلك
الغلاء وقالوا: اذهبوا بنا حتى نشتري، قال: فذهبوا إلى يوسف فقالوا: بعنا،
فقال: اشتروا فقالوا: بعنا كما بعت، فقال: وكيف بعت؟ قالوا كذا بكذا، فقال
ما هو كذلك ولكن خذوا، قال: فأخذوا ورجعوا إلى المدينة وأخبروا الناس فقالوا
فيما بينهم: تعالوا حتى نكذب في الرخص كما كذبنا في الغلاء، قال: فذهبوا إلى
يوسف فقالوا له: بعنا، فقال: اشتروا فقالوا: بعنا كما بعت، قال: وكيف بعت؟
قالوا كذا بكذا بالحط من السعر الأول، فقال: ما هو هكذا ولكن خذوا فأخذوا و
ذهبوا إلى المدينة، فلقيهم الناس فسألوهم: بكم اشتريتم؟ فقالوا: كذا بكذا بنصف
الحط الأول، فقال الآخرون: اذهبوا بنا حتى نشتري فذهبوا إلى يوسف فقالوا: بعنا
فقال اشتروا فقالوا: بعنا كما بعت، فقال: وكيف بعت؟ فقالوا: بكذا وكذا بالحط من
النصف، فقال: ما هو كما يقولون ولكن خذوا، فلم يزالوا يتكاذبون حتى رجع
السعر إلى الأمر الأول كما أراد الله.
107 - في مجمع البيان في كتاب النبوة بالاسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن الحسن بن علي بن بنت الياس قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: وأقبل يوسف على
جمع الطعام فجمع في السبع السنين المخصبة فكبسه في الخزائن، فلما مضت تلك
السنون وأقبلت السنون المجدبة أقبل يوسف على بيع الطعام فباعهم في السنة الأولى
بالدراهم والدنانير حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم الا صار في ملكية يوسف
(1) وباعهم في السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق بمصر وما حولها حلي و
لا جوهر الا صار في ملكية يوسف، وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي حتى

(1) وفي المصدر " مملكة يوسف " بدل " ملكية يوسف " في الجميع.
435

لم يبق بمصر وما حولها دابة ولا ماشية الا صار في ملكية يوسف، وباعهم في السنة الرابعة
بالعبيد والإماء حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا أمة الا صار في ملكية يوسف، وباعهم
في السنة الخامسة بالدور والعقار حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار الا صار في ملكية
يوسف، وباعهم في السنة السادسة بالمزارع والأنهار حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر
ولا مزرعة الا صار في ملكية يوسف، وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر
وما حولها عبد ولا حر الا صار عبد يوسف، فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم وقال
الناس: ما رأينا ولا سمعنا بملك أعطاه الله من الملك ما أعطا هذا الملك حكما وعلما
وتدبيرا، ثم قال يوسف للملك: أيها الملك ما ترى فيما خولني ربي (1) من ملك مصر
وأهلها أشر علينا برأيك، فاني لم أصلحهم لأفسدهم، ولم أنجهم من البلاء ليكون وبالا عليهم،
ولكن الله نجاهم على يدي، قال له الملك: الرأي رأيك، قال يوسف: اني أشهد الله وأشهدك
أيها الملك اني قد أعتقت أهل مصر كلهم، ورددت إليهم أموالهم وعبيدهم، ورددت إليك
أيها الملك خاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير الا بسيرتي، ولا تحكم الا بحكمي،
قال له الملك، ان ذلك لشرفي وفخري لا أسير الا بسيرتك ولا أحكم الا بحكمك،
ولولاك ما قويت عليه ولا اهتديت له، ولقد جعلت سلطاني عزيزا ما يرام، وانا أشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وانك رسوله فأقم على ما وليتك فإنك لدينا مكين امين
108 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه
عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
الحر حر على جميع أحواله ان نابته نائبة (2) صبر لها، وان تداكت عليه
المصائب (3) لم تكسره وان أسر وقهر واستبدل بالعسر يسرا كما كان (4) يوسف
الصديق الأمين عليه السلام لم يضرر حريته ان استعبد وقهر وأسر، ولم يضرره ظلمة الجب

(1) خوله الله مالا: أعطاه إياه متفضلا.
(2) نابه الامر: اصابه. والنائبة: المصيبة والنازلة.
(3) تداكت: تداقت عليه مرة بعد أخرى.
(4) وفي المصدر " باليسر عسرا " وهو الأظهر بالسياق.
436

وحشته وما ناله ان من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد إن كان [له] مالكا فأرسله
ورحم به أمة، وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا.
109 - في تفسير العياشي عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ملك يوسف
مصر وبراريها، لم يجاوزها إلى غيرها.
110 - في عيون الأخبار في باب الاخبار التي رويت في صحة وفاة أبي إبراهيم
موسى بن جعفر عليهما السلام حديث طويل وفيه فقال لي: يا مسيب ان هذا الرجس السندي
ابن هاشك سيزعم انه يتولى غسلي ودفني هيهات هيهات أن يكون ذلك ابدا فإذا حملت
إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدوني بها ولا ترفعوا قبري فوق أربع
أصابع مفرجات، ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به فان كل تربة لنا محرمة الا تربة
جدي الحسين بن علي عليهما السلام فان الله تعالى جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا قال: ثم رأيت
شخصا أشبه الاشخاص به جالسا إلى جانبه وكان عهدي بسيدي الرضا عليه السلام وهو غلام
فأردت سؤاله فصاح بي سيدي موسى بن جعفر عليه السلام وقال: أليس قد نهيتك يا مسيب
فلم أزل صابرا حتى مضى وغاب الشخص ثم أنهيت الخبر إلى الرشيد فوافى السندي
ابن شاهك فوالله لقد رايتهم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم إليه ويظنون
انهم يحنطونه ويكفنونه واراهم لا يصنعون به شيئا ورأيت ذلك الشخص يتولى غسله
وتحنيطه وتكفينه وهو يظهر المعاونة لهم وهم لا يعرفونه فلما فرغ من أمره قال لي
ذلك الشخص: يا مسيب مهما شككت فيه فلا تشكن في فاني امامك ومولاك وحجة
الله عليك بعد أبي مثلي مثل يوسف الصديق عليه السلام ومثلهم مثل اخوته حين دخلوا عليه
فعرفهم وهم له منكرون ثم حمل حتى دفن في مقابر قريش ولم يرفع قبره أكثر
مما أمر به ثم رفعوا قبره بعد ذلك وبنوا عليه.
111 - في تفسير علي بن إبراهيم فأمر يوسف عليه السلام ان يبني له كناديج من
صخر وطينها بالكلس (1) ثم أمر بزروع مصر فحصدت ودفع إلى كل انسان حصة و

(1) كناديج جمع الكندوج: شبه مخزن من تراب أو خشب توضع فيه الحنطة ونحوها. و
الكلس - بالكسر -: الصاروج.
437

ترك الباقي في سنبله لم يدسه، فوضعها في الكناديج، ففعل ذلك سبع سنين، فلما جاء
سني الجدب (1) كان يخرج السنبل فيبيع بما شاء، وكان بينه وبين أبيه ثمانية -
عشر يوما وكان في بادية، وكان الناس من الآفاق يخرجون إلى مصر ليمتاروا
طعاما (2) وكان يعقوب وولده عليهم السلام نزولا في بادية فيها مقل (3) فاخذوا اخوة
يوسف من ذلك المقل وحملوه إلى مصر ليمتاروا به، وكان يوسف عليه السلام يتولى البيع
بنفسه، فلما دخل اخوته عليه عرفهم ولم يعرفوه كما حكى الله عز وجل وهم له منكرون.
112 - في تفسير العياشي عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدث
قال: لما فقد يعقوب يوسف عليهما السلام اشتد حزنه عليه وبكاؤه حتى ابيضت عيناه من
الحزن، واحتاج حاجة شديدة وتغيرت حاله، قال وكان يمتار القمح (4) من مصر في
السنة مرتين في الشتاء والصيف وانه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رفقة
خرجت فلما دخلوا على يوسف وذلك بعد ما ولاه العزيز مصر فعرفهم يوسف ولم
يعرفه اخوته لهيبة الملك وعزته فقال لهم: هلموا بضاعتكم قبل الرفاق وقال
لفتيانه: عجلوا لهؤلاء الكيل وأوفوهم فإذا فرغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم
ولا تعلموهم بذلك ففعلوا ثم قال لهم يوسف: قد بلغني ان لكم اخوان لأبيكم فما فعلا؟ قالوا:
اما الكبير منهما فان الذئب اكله واما الصغير فخلفناه عند أبيه وهو به ضنين (5)
وعليه شفيق قال: فاني أحب ان تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتارون
فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون قالوا سنراود عنه أباه وانا لفاعلون
فلما رجعوا إلى أبيهم فتحوا متاعهم فوجدوا بضاعتهم فيه، قالوا يا ابانا ما نبغي

(1) الجدب: القحط.
(2) أمتار الطعام لعياله: اتاهم بميرة وهي طعام يمتاره الانسان اي يجلبه من بلد إلى بلد.
(3) المقل: الكندر. وثمر لشجر الدوم ينضبح ويؤكل، والدوم: شجرة تشبه النخلة
في حالاتها.
(4) القمح: البر.
(5) الضنين: البخيل.
438

هذه بضاعتنا قد ردت إلينا وكيل لنا كيل قد زاد حمل بعير فأرسل معنا أخانا نكتل
وانا له لحافظون قال هل آمنكم عليه الا كما امنتكم على أخيه من قبل فلما احتاجوا إلى
الميرة بعد ستة شهر بعثهم يعقوب وبعث معهم بضاعة يسيرة وبعث معهم ابن ياميل (1)
فاخذ عليهم بذلك موثقا من الله لتأتنني به الا ان يحاط بكم أجمعين، فانطلقوا مع الرفاق
حتى دخلوا على يوسف فقال لهم: معكم ابن ياميل؟ قالوا: نعم في الرحل، قال
لهم: فأتوني به، فأتوه به وهو في دار الملك قد خلا وحده (2) فأدخلوه عليه فضمه
إليه يوسف وبكى وقال له: أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بما تراني أعمل واكتم بما أخبرك
به، ولا تحزن ولا تخف ثم أخرجه إليهم وامر فتيته ان يأخذوا بضاعتهم ويعجلوا لهم الكيل
فإذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل ابن ياميل، ففعلوا به ذلك وارتحل القوم مع
الرفقة فمضوا، فلحقهم يوسف وفتيته فنادوا فيهم: أيتها العير انكم لسارقون قالوا
واقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وانا به
زعيم قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما
جزائه ان كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه قالوا هو جزاؤه قال
فبدء بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه قالوا إن يسرق
فقد سرق أخ له من قبل فقال لهم يوسف: ارتحلوا عن بلادنا قالوا يا أيها
العزيز ان له أبا شيخ كبيرا وقد اخذ عليه موثقا من الله لنرده إليه فخذ أحدنا مكانه انا
نريك من المحسنين ان فعلت، قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده
فقال كبيرهم: اني لست أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي، ومضى اخوة
يوسف حتى دخلوا على يعقوب فقال لهم: أين ابن ياميل؟ قالوا: ابن ياميل سرق
مكيال الملك فأخذه الملك بسرقته فحسبه عنده، فسل أهل القرية والعير حتى يخبروك
بذلك، فاسترجع واستعبر واشتد حزنه حتى تقوس ظهره.

(1) كذا في النسخ والمصدر والظاهر أنه مصحف: " ابن يامين " بالنون كما في ساير
الروايات.
(2) وفي المصدر " فقال: فأدخلوه وحده ".
439

أبو حمزة الثمالي عن أبي بصير عنه ذكر فيه ابن يامين ولم يذكر ابن ياميل.
113 - في مجمع البيان " فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين " وورد في الخبر
ان الله سبحانه قال: فبعزتي لأردنهما إليك بعدما توكلت علي.
114 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى يعقوب بن سويد عن أبي جعفر
عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك لم سمى أمير المؤمنين أمير المؤمنين؟ قال: لأنه
يميرهم العلم (1) اما سمعت كتاب الله عز وجل: " ونمير أهلنا ".
في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى يعقوب بن سويد بن بريد الحارثي عن
عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام مثله سواء.
115 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء
عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام لم سمى أمير المؤمنين عليه السلام قال:
لأنه يميرهم العلم، أما سمعت في كتاب الله عز وجل ونمير أهلنا؟.
116 - في مجمع البيان لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة
وأنكر الجبائي العين وذكر انه لم تثبت بحجة وجوزه كثير من المحققين ورووا فيه
الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله ان العين حق والعين تستنزل الحالق والحالق المكان المرتفع
من الجبل وغيره، فجعل عليه السلام العين كأنها تحط ذروة الجبل من قوة اخذها و
شدة بطشها.
117 - وروى في الخبر انه كان يعوذ الحسن والحسين بأن يقول: أعيذكما
بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة (2) وروى أن إبراهيم
عليه السلام عوذا بنيه وان موسى عوذا بني هارون بهذه العوذة.
118 - وروى أن بني جعفر بن أبي طالب عليه السلام كانوا غلمانا بيضا فقالت أسماء بنت
عميس يا رسول الله ان العين إليهم سريعة أفأسترقي لهم (3) من العين؟ فقال صلى الله عليه وآله: نعم

(1) مر معناه تحت رقم 111.
(2) اللامة - بتشديد الميم -: العين المصيبة بسوء.
(3) استرقاه اي طلب ان يرقيه. والرقية: العوذة.
440

119 - وروى أن جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه الرقية " بسم الله أرقيك
من كل عين حاسد الله يشفيك ".
120 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لو كان شئ يسبق القدر لسبقته العين
121 - وقد روى عنه عليه السلام ما يدل على أن الشئ إذا عظم في صدور العباد وضع الله
قدره وصغره.
122 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن القداح عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين رقا النبي صلى الله عليه وآله حسنا وحسينا فقال: أعيذكما
بكلمات الله التامة ومن شر كل عين لامة، ومن شر حاسد إذا حسد، ثم التفت النبي صلى الله عليه وآله
إلينا فقال: هكذا يعوذ إبراهيم إسماعيل واسحق عليهم السلام.
123 - في تفسير العياشي عن علي بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: وقد كان هيأ لهم طعاما فلما دخلوا إليه قال: ليجلس كل بني أم على مائدة قال
فجلسوا وبقى ابن يامين قائما فقال له يوسف: ما لك لا تجلس؟ قال له: انك قلت ليجلس كل
بني أم على مائدة وليس لي فيهم ابن أم فقال يوسف أما كان لك ابن أم؟ قال له ابن يامين: بلى،
قال يوسف: فما فعل قال زعم هؤلاء ان الذئب أكله، قال: فما بلغ من حزنك عليه؟ قال:
ولد لي أحد عشر ابنا كلهم اشتققت له اسما من اسمه، فقال له يوسف عليه السلام: أراك قد عانقت
النساء وشممت الولد من بعده؟ قال له ابن يامين: ان لي أبا صالحا وانه قال تزوج لعل الله
أن يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح، فقال له: تعال فاجلس معي على مائدتي
فقال اخوة يوسف: لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته
124 - عن ابان الأحمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما دخل اخوة يوسف عليه
وقد جاؤوا بأخيهم معهم وضع لهم الموائد ثم قال: يمتار كل واحد منكم مع أخيه لامه
على الخوان، فجلسوا وبقي اخوه قائما، فقال: ما لك لا تجلس مع اخوتك؟ قال
ليس لي فيهم أخ من أمي، قال: فلك أخ من أمك زعم هؤلاء ان الذئب أكله؟ قال
نعم، قال: فاقعد وكل معي، قال: فترك اخوته الاكل وقالوا: انا نريد أمرا و
يأبى الله الا أن يرفع ولد يامين علينا، قال: ثم حين فرغوا من جهازهم أمر أن يضع
441

الصاع في رحل أخيه، فلما فعلوا نادى مناد: " أيتها العير انكم لسارقون " قال: فرجعوا
فقالوا " ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك " إلى قوله: " جزاؤه من وجد في رحله فهو
جزاؤه " يعنون السنة التي تجري فيهم ان يحبسه " فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها
من وعاء أخيه فقالوا ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل " قال الحسن بن علي الوشاء
فسمعت الرضا عليه السلام يقول يعنون المنطقة (1).
125 - عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: " صواع " قال:
كان قدحا من ذهب وقال: كان صواع يوسف إذ كيل به قال: لعن الله أن تخونوا به
بصوت حسن (2)
126 - في تفسير علي بن إبراهيم فخرجوا وخرج معهم ابن يامين فكان لا
يؤاكلهم ولا يجالسهم ولا يكلمهم، فلما وافوا مصر ودخلوا على يوسف عليه السلام وسلموا
فنظر يوسف إلى أخيه فعرفه فجلس منهم بالبعد، فقال يوسف عليه السلام أنت أخوهم؟
قال: نعم، قال: فلم لا تجلس معهم؟ قال: لأنهم اخرجوا أخي من أمي وأبي ثم
رجعوا ولم يردوه وزعموا أن الذئب اكله فآليت على نفسي ان لا اجتمع معهم على
أمر ما دمت حيا قال، فهل تزوجت؟ قال: بلى قال: فهل ولد لك ولد؟ قال: بلى، قال: كم
ولد لك؟ قال: ثلث بنين، قال: فما سميتهم؟ قال: سميت واحدا منهم الذئب وواحدا
القميص وواحدا الدم، قال: وكيف اخترت هذه الأسماء؟ قال: لئلا انسى أخي
كلما دعوت واحدا من ولدي ذكرت أخي، قال لهم يوسف: اخرجوا وحبس ابن
يامين، فلما خرجوا من عنده قال يوسف لأخيه: انا أخوك يوسف فلا تبتئس
بما كانوا يعملون، ثم قال له أحب أن تكون عندي، فقال: لا يدعني اخوتي فان أبي

(1) المنطقة: ما يشد به الوسط ويقال له بالفارسية: " كمر بند ".
(2) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا:
عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: صواع الملك طاس الذي يشرب فيه.
وعن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قوله: " صواع الملك "
قال: كان قدحا.. اه " وفي آخره: لعن الله الخوان لا تخونوا به بصوت حسن.
442

قد أخذ عليهم عهد الله وميثاقه ان يردوني إليه، قال: فانا احتال بحيلة فلا تنكر إذا رأيت
شيئا ولا تخبرهم، فقال: لا، فلما جهزهم بجهازهم وأعطاهم وأحسن إليهم قال لبعض
قوامه: اجعلوا هذا الصاع في رحل هذا وكان الصاع الذي يكيلون به من ذهب، فجعلوه
في رحله من حيث لم يقف عليه اخوته، فلما ارتحلوا بعث إليهم يوسف وحبسهم ثم أمر
مناديا ينادي: " أيتها العير انكم لسارقون " فقال اخوة يوسف: " ماذا تفقدون * قالوا
نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم " اي كفيل فقال اخوة يوسف ليوسف
عليه السلام: " تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين * قال " يوسف عليه السلام " فما جزاؤه
ان كنتم كاذبين * قالوا جزاؤه من وجد في رحله " فاحبسه " فهو جزاؤه كذلك نجزي
الظالمين * فبدء بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه " فتشبثوا بأخيه واجلسوه
وهو قول الله عز وجل " كذلك كدنا ليوسف اي احتلنا له كان ليأخذ أخاه في دين
الملك الا ان يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم فسئل الصادق عليه السلام
عن قوله عز وجل: " أيتها العير انكم لسارقون " قال: ما سرقوا وما كذب يوسف فإنما عنى
سرقتم يوسف من أبيه.
127 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان
ابن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: التقية من دين الله، قلت من
دين الله؟ قال: اي والله من دين الله ولقد قال يوسف: " أيتها العير انكم لسارقون " والله
ما كانوا سرقوا شيئا ولقد قال إبراهيم: " اني سقيم " والله ما كان سقيما.
128 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان
عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انا قد روينا عن أبي جعفر عليه السلام في قول
يوسف: " أيتها العير انكم لسارقون " فقال: والله ما سرقوا وما كذب وقال إبراهيم:
" بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون " فقال: والله ما فعلوا وما كذب قال
فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما عندكم فيها يا صيقل؟ قلت: ما عندنا فيها الا التسليم قال فقال إن
الله أحب اثنين وأبغض اثنين: أحب الخطر (1) فيما بين الصفين وأحب الكذب

(1) الخطر: التبختر في المشي.
443

في الاصلاح، وأبغض الخطر في الطرقات وأبغض الكذب في غير الاصلاح ان إبراهيم
عليه السلام انما قال: " بل فعله كبيرهم هذا " إرادة الاصلاح، ودلالة على أنهم لا يفعلون
وقال يوسف عليه السلام إرادة الاصلاح
129 - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن معمر بن
عمرو عن عطا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا كذب على مصلح
ثم تلا: " أيتها العير انكم لسارقون " ثم قال: والله ما سرقوا وما كذب، ثم تلا " بل
فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون " ثم قال: والله ما فعلوه وما كذب.
130 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن بعض
أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكلام ثلاثة: صدق وكذب واصلاح بين الناس.
131 - في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن
الوشاء عن أبان بن عثمان عن أبي منصور عن أبي بصير قال: قيل لأبي جعفر عليه السلام وانا
عنده: ان سالم بن أبي حفصة وأصحابه يروون عنك انك تكلم على سبعين وجها لك
منها المخرج، فقال: ما يريد سالم مني؟ أيريد ان أجئ بالملائكة والله ما جاءت
بهذا النبيون، ولقد قال يوسف عليه السلام: " أيتها العير انكم لسارقون " والله ما كانوا
سارقين وما كذب.
132 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر
عليه السلام يقول: لا خير فيمن لا تقية له، ولقد قال يوسف: " أيتها العير انكم لسارقون " وما سرقوا.
133 - وباسناده إلى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول يوسف: " أيتها
العير انكم لسارقون " قال: ما سرقوا وما كذب.
134 - وباسناده إلى صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سألته عن قول الله عز وجل في يوسف: " أيتها العير انكم لسارقون " قال: إنهم
سرقوا يوسف من أبيه الا ترى أنه قال لهم حين قالوا: " ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع
الملك " ولم يقولوا سرقتم صواع الملك، انما عنى انكم سرقتم يوسف من أبيه.
135 - في الخرايج والجرايح وروى سعيد بن عبد الله عن محمد بن الحسن
444

ابن ميمون عن داود بن قاسم الجعفري قال: سئل أبو محمد عليه السلام عن قوله تعالى " ان
يسرق فقد سرق أخ له من قبل " والسائل رجل من قم وأنا حاضر فقال عليه السلام:
ما سرق يوسف انما كان ليعقوب منطقة ورثها من إبراهيم عليه السلام وكانت تلك
المنطقة لا يسرقها أحد الا استعبد، فكان إذا سرقها انسان نزل جبرئيل عليه السلام فأخبره
بذلك، فأخذت منه وصار عبدا، وان المنطقة كانت عند سارة بنت إسحاق بن إبراهيم
وكانت سمية أمه، وان سارة أحبت يوسف وأرادت ان تتخذه ولدا لها، وانها أخذت
المنطقة فربطتها في وسطه ثم سدلت عليه سرباله وقالت ليعقوب: ان المنطقة سرقت
فأتاه جبرئيل فقال: يا يعقوب ان المنطقة مع يوسف ولم يخبره بخبر ما صنعت سارة
لما أراد الله، فقام يعقوب ليوسف ففتشه وهو يومئذ غلام يافع (1) واستخرج
المنطقة فقالت سارة بنت اسحق: مني سرقها يوسف فانا أحق به فقال لها يعقوب: فإنه
عبدك على أن لا تبيعيه ولا تهيبيه، قالت: فانا اقبله على أن لا تأخذه مني وأعتقه الساعة
فأعطاها إياه فاعتقته، ولذلك قال اخوة يوسف: ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل قال
أبو هاشم: فجعلت أخيل هذا في نفسي أفكر وأتعجب من هذا الامر مع قرب يعقوب
من يوسف وحزن يعقوب عليه حتى ابيضت عيناه من الحزن والمسافة قريبة، فأقبل
علي أبو محمد عليه السلام فقال يا أبا هاشم تعوذ بالله مما جرى في نفسك من ذلك، فان الله لو شاء
يرفع الساتر من الأعلى ما بين يعقوب ويوسف حتى كان يراه لفعل، ولكن له أجل
هو بالغه ومعلوم ينتهي إليه ما كان من ذلك فالخيار من الله لأوليائه.
136 - في تفسير العياشي عن العباس بن هلال قال: سمعت أبا الحسن الرضا
عليه السلام يقول: إن يوسف النبي قال له السجان: اني لأحبك، فقال له يوسف: لا تقل
هكذا فان عمتي أحبتني فسرقتني، وان أبي أحبني فحسدني اخوتي فباعوني، وان
امرأة العزيز أحبتني فسجنت.
137 - عن إسماعيل بن همام قال: قال الرضا عليه السلام في قول الله: " ان يسرق فقد
سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم " قال: كانت لإسحاق النبي

(1) يفع الغلام: ناهز البلوغ.
445

منطقة يتوارثها الأنبياء والأكابر، وكانت عند عمة يوسف، وكان يوسف عندها و
كانت تحبه، فبعث إليها أبوه أن ابعثيه إلي وأرده إليك، فبعثت إليه أن دعه عندي
الليلة أشمه، ثم أرسله إليك غدوة، فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطته في حقوه (1) وألبسته قميصا وبعثت به إليه، وقالت: سرقت المنطقة، فوجدت عليه وكان
إذا سرق أحد في ذلك الزمان دفع إلى صاحب السرقة، فأخذته فكان عندها.
138 - في عيون الأخبار باسناده إلى إسماعيل بن همام عن الرضا عليه السلام نحوه
حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن
مسعود عن أبيه عن عبيد الله بن محمد بن خالد قال: حدثنا الحسن بن علي الوشاء قال
سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: كانت الحكومة في بني إسرائيل إذا سرق
أحد شيئا استرق به وكان يوسف عند عمته وهو صغير وكانت تحبه وكانت لإسحاق
منطقة ألبسها إياه يعقوب، فكانت عند ابنته، وان يعقوب طلب يوسف يأخذه من عمته
فاغتمت لذلك وقالت: دعه حتى أرسله إليك، فأرسلته واخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت
الثياب، فلما اتى يوسف أباه جاءت فقال: سرقت المنطقة ففتشته فوجدتها في وسطه، فلذلك
قال اخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه فقال لهم يوسف: " ما جزاء من وجد في
رحله قالوا هو جزاؤه " كما جرت السنة التي تجري فيهم " فبدء بأوعيتهم قبل وعاء
أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه " ولذلك قال اخوة يوسف: " ان يسرق فقد سرق
أخ له من قبل " يعنون المنطقة " فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ".
139 - في تفسير العياشي عن الحسن بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر
بني يعقوب قال: كانوا إذا غضبوا اشتد غضبهم حتى تقطر جلودهم دما اصفر وهم
يقولون: " خذ أحدنا مكانه " يعني جزاؤه فأخذ الذي وجد الصاع عنده.
140 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه " فخذ أحدنا مكانه
انا نريك من المحسنين " ان فعلت وقد سبق بتمامه.
141 - في كتاب علل الشرايع: أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله

(1) الحقو: معقد الإزار ويسمى بالخصر.
446

عن محمد بن أحمد السياري قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي قال:
حدثني حنان بن سدير عن أبيه عن أبي إسحاق الليثي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن
علي الباقر عليه السلام: يا بن رسول الله اني لأجد من شيعتكم من يشرب الخمر، ويقطع الطريق،
ويخيف السبيل، ويزني ويلوط ويأكل الربا، ويرتكب الفواحش، ويتهاون بالصلاة
والصيام والزكاة، ويقطع الرحم ويأتي بالكبائر، فكيف هذا ولم ذلك؟ فقال يا إبراهيم:
هل يختلج في صدرك شئ غير هذا؟ قلت: نعم يا بن رسول الله أخرى أعظم من ذلك
فقال: وما هو يا أبا إسحاق؟ قال: فقلت: يا بن رسول الله وأجد من أعدائكم ومن
ناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة،
ويحض على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام، ويقضي حقوق اخوانه،
ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وساير الفواحش مم ذلك
ولم ذاك؟ وفسره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبيننه فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي
وضاق ذرعي.
قال: فتبسم صلوات الله عليه ثم قال: يا إبراهيم خذ إليك بيانا شافيا فيما
سألت، وعلما مكنونا من خزائن علم الله وسره، اخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما؟
قلت: يا بن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من
أفعالهم لو أعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة ان يزول عن ولايتكم
لما فعل ولا عن محبتكم إلى موالاة غيركم والى محبتهم ما زال ولو ضربت خياشيمه (1)
بالسيوف فيكم ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع عن محبتكم وولايتكم، وارى
الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحدهم ما بين المشرق و
المغرب ذهبا وفضة أن يزول عن محبته للطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل
ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم، ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع، وإذا سمع
أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه، ورأى كراهية ذلك في وجهه و
بغضا لكم ومحبة لهم، قال فتبسم الباقر عليه السلام ثم قال: يا إبراهيم هيهنا هلكت العاملة

(1) خياشيم جمع الخيشوم: أقصى الانف، وفي بعض النسخ " خواشيمه " والظاهر تصحيفه.
447

الناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية ومن ذلك قال عز وجل: " وقدمنا إلى ما
عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا " ويحك يا إبراهيم أتدري ما السبب والقصة
في ذلك وما الذي قد خفى على الناس منه؟ قلت: يا بن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه.
قال: يا إبراهيم ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من
شئ، ومن زعم أن الله عز وجل خلق الأشياء من شئ فقد كفر، لأنه لو كان ذلك
الشئ الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك الشئ أزليا،
بل خلق عز وجل الأشياء كلها لا من شئ، ومما خلق الله عز وجل أرضا طيبة ثم
فجر منها ماء عذبا زلالا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها فأجرى ذلك الماء
عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء عنها (1) فأخذ من صفوة ذلك
الطين طينا فجعله طين الأئمة عليهم السلام ثم اخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ولو ترك
طينتكم يا إبراهيم كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئا واحدا قلت: يا بن رسول الله
فما فعل بطينتنا؟ قال: أخبرك يا إبراهيم خلق الله عز وجل بعد ذلك أرضا سبخة
خبيثة منتنة [ثم] فجر منها ماءا أجاجا آسنا (2) مالحا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت
فلم تقبلها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء عنها ثم
اخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأممهم (3) ثم مزجه بثفل طينتكم ولو ترك
طينتهم على حاله ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا
ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا أمانة، ولا أشبهوكم في الصور، وليس شئ
على المؤمن (4) أن يرى صورة عدوه مثل صورته، قلت: يا بن رسول الله فما صنع
بالطينتين؟ قال: مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني، ثم عركهما عرك الأديم (5)

(1) نضب الماء: غار
(2) الاسن: المتغير الطعم.
(3) وفي المصدر " وأئمتهم ". ويمكن تصحيح المعنى على كلتا النسختين.
(4) وفي المصدر " وليس شئ أكبر على المؤمن. اه ".
(5) عرك الأديم " دلكه، والأديم: الجلد المدبوغ.
448

ثم أخذ من ذلك قبضة فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي، وأخذ قبضة أخرى وقال: هذه
إلى النار ولا أبالي، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المؤمن (1) وطينته على سنخ الكافر
وطينته، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته، فما رأيته من شيعتنا
من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صيام أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر
فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد خرج فيه، لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته
اكتساب المآثم والفواحش والكباير، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلاة و
الصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد
مزج فيه، لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير
واجتناب المآثم، فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز وجل قال: انا الله عدل
لا أجور، ومنصف لا أظلم، وحكم لا أحيف ولا أميل ولا اشطط (2) ألحقوا الأعمال
السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته، وألحقوا الأعمال الحسنة التي
اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردوها كلها إلى أصلها، فاني انا الله لا اله الا انا
عالم السر واخفى وانا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ولا الزم أحدا الا ما
عرفته منه قبل ان اخلقه.
ثم قال الباقر عليه السلام يا إبراهيم اقرأ هذه الآية، قلت: يا بن رسول الله أية آية؟ قال: قوله
تعالى: قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا إذا لظالمون وهو في الظاهر
ما تفهمونه، هو والله في الباطن هذا بعينه، يا إبراهيم ان للقرآن ظاهرا وباطنا و
محكما ومتشابها وناسخا ومنسوخا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (3)

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وللبحار في باب الطينة والميثاق ولما رواه الفيض
(ره) في الوافي عن بعض مشايخه (قده) في باب الطينة لكن في الأصل " شبح " بدل " سنخ " في
المواضع. والسنخ بمعنى الأصل.
(2) الحيف: الجور والظلم. ومال الحاكم في حكمه: جار وظلم. وشطط الرجل:
أفرط وتباعد عن الحق.
(3) هذ الحديث من الأحاديث المشكلة وللمجلسي وكذا الفيض قدس سرهما الشريف
بيان فيه فليراجع.
449

142 - في تفسير علي بن إبراهيم فلما اجتمعوا إلى يوسف وجلودهم تقطر دما
أصفر وكانوا يجادلونه في حبسه، وكان ولد يعقوب إذا غضبوا خرج من ثيابهم شعر و
يقطر من رؤسهم (1) دم اصفر وهم يقولون: يا أيها العزيز ان له أبا شيخا كبيرا فخذ
أحدنا مكانه انا نريك من المحسنين فأطلق عن هذا، فلما رأى يوسف ذلك
قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده ولم يقل الا من سرق متاعنا
انا إذا لظالمون فلما استيأسوا منه وأرادوا الانصراف إلى أبيهم قال لهم لاوي بن يعقوب:
ألم تعلموا ان أباكم قد اخذ عليكم موثقا من الله في هذا ومن قبل ما فرطتم في يوسف
فارجعوا أنتم إلى أبيكم فأما انا فلا أرجع إليه حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو
خير الحاكمين.
143 - في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لما استيأس اخوة يوسف من أخيهم قال لهم يهودا وكان أكبرهم: " لن
أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين " قال:
ورجع إلى يوسف يكلمه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا وكان إذا
غضب يهودا قامت شعرة في كتفه وخرج منها الدم، قال: وكان بين يديي يوسف
ابن له صغير معه رمانة من ذهب، وكان الصبي يلعب بها قال: فأخذها يوسف من
الصبي فدحرجها نحو يهودا، قال: وحبا الصبي (2) ليأخذها فمس يهودا فسكن
يهودا، ثم عاد إلى يوسف فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا
وقامت الشعرة وسال منها الدم، فأخذ يوسف الرمانة من الصبي فدحرجها نحو يهودا
وحبا الصبي نحو يهودا فسكن يهودا، فقال يهودا: ان في البيت معنا لبعض ولد يعقوب
قال: فعند ذلك قال لهم يوسف: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون
144 - وفي رواية هشام بن سالم عنه قال: لما اخذ يوسف أخاه اجتمع عليه إخوته
فقالوا له: " خذ أحدنا مكانه " وجلودهم تقطر دما اصفر وهم يقولون: خذ أحدنا

(1) كذا في النسخ والمصدر لكن في المنقول عنه في البحار " ورؤسها " وهو الظاهر.
(2) اي دنا.
450

مكانه، قال: فلما ان أبى عليهم وأخرجوا من عنده قال لهم يهودا: " قد علمتم ما
فعلتم بيوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين "
قال: فرجعوا إلى أبيهم وتخلف يهودا، قال: فدخل على يوسف يكلمه في أخيه
حتى ارتفع الكلام بينه وبينه وغضب، وكان على كتفه شعرة إذا غضب قامت الشعرة
فلا تزال تقذف بالدم حتى يمسه بعض ولد يعقوب، قال: فكان بين يدي يوسف ابن له
صغير في يده رمانة من ذهب يلعب بها، فلما رآه يوسف قد غضب وقامت الشعرة
تقذف بالدم اخذ الرمانة من يد الصبي ثم دحرجها نحو يهودا واتبعها الصبي ليأخذها
فوقعت يده على يهودا قال: فذهب غضبه، قال: فارتاب يهودا ورجع الصبي بالرمانة
إلى يوسف ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب وقامت الشعرة فجعلت تقذف بالدم، فلما
رأى يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا واتبعها الصبي ليأخذها فوقعت يده على يهودا
فسكن غضبه، قال: فقال يهودا: ان في البيت لمن ولد يعقوب حتى صنع ذلك
ثلاث مرات.
145 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: فرجع اخوة يوسف إلى أبيهم وتخلف
يهودا فدخل على يوسف فكلمه حتى ارتفع الكلام بينه وبينه، وذكر مثل ما نقلنا
عن تفسير العياشي إلى قوله ثلاث مرات.
146 - وباسناده إلى علي بن محمد الهادي عليه السلام حديث طويل وفيه فنزل جبرئيل
عليه السلام فقال له: يا يوسف اخرج يدك فأخرجها، فخرج من بين أصابعه نور فقال يوسف:
ما هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذه النبوة أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم لأبيك فحط
الله نوره ومحى النبوة من صلبه، وجعلها في ولد لاوي أخي يوسف، وذلك لأنهم لما
أرادوا قتل يوسف قال: " لا تقتلوا يوسف والقوه في غيابت الجب " فشكره الله على ذلك
ولما أرادوا ان يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه قال: " لن أبرح
الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين " فشكر الله له ذلك فكان
أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي، وكان موسى من ولده وهو موسى بن عمران
ابن يهصر بن واهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وستقف على الحديث
451

بتمامه انشاء الله تعالى عن قريب.
147 - في أمالي شيخ الطائفة: قدس سره بالاسناد في قوله عز وجل في
قول يعقوب " فصبر جميل " قال " بلا شكوى.
148 - في تفسير العياشي عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رحمك الله ما
الصبر الجميل؟ قال: فذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس.
149 - في تفسير علي بن إبراهيم وسئل أبو عبد الله عليه السلام: ما بلغ من حزن
يعقوب على يوسف؟ قال: حزن سبعين ثكلى على أولادها، وقال: ان يعقوب
لم يعرف الاسترجاع فمنها قال: وا أسفا على يوسف.
150 - في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له
بعض أصحابنا: ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال: حزن سبعين ثكلى حراء.
151 - وبهذا الاسناد عنه قال: قيل له: كيف يحزن يعقوب على يوسف وقد
أخبره جبرئيل انه لم يمت وانه سيرجع إليه؟ فقال: انه نسي ذلك.
152 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: كان
علي بن الحسين عليهما السلام يصلي في اليوم والليلة الف ركعة إلى أن قال: ولقد بكى على
أبيه الحسين عشرين سنة ما وضع بين يديه طعام الا بكى، حتى قال له مولى له: يا بن رسول الله
اما آن لحزنك ان ينقضي؟ فقال له: ويحك ان يعقوب النبي عليه السلام كان له اثنا عشر ابنا
فغيب الله عنه واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه، واحدودب ظهره (1) من
الغم، وكان ابنه حيا في الدنيا، وانا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل
بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟
153 - عن محمد بن سهل النجراني يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال:
البكاؤن خمسة آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وعلي بن الحسين عليه السلام، فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال
الأودية، واما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره حتى قيل له: تاالله تفتؤ

(1) حدب واحدودب اي خرج ظهره ودخل صدره وبطنه.
452

تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين.
154 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن
الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين:
فان يعقوب قد صبر على فراق ولده حتى كاد يحرض من الحزن؟ قال له علي عليه السلام:
لقد كان كذلك وقد كان حزن يعقوب حزنا بعده تلاق ومحمد صلى الله عليه وآله قبض ولده إبراهيم
قرة عينه في حياة منه وخصه بالاختيار ليعظم له الادخار، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: تحزن
النفس ويجزع القلب وانا عليك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول ما يسخط الرب
في كل ذلك يؤثر الرضا عن الله عز وجل والاستسلام له في جميع الفعال.
155 - في تفسير علي بن إبراهيم ان يوسف عليه السلام دعى وهو في السجن فقال:
أسألك بحق آبائي عليك وأجدادي الا فرجت عني فأوحى الله إليه: يا يوسف وأي
حق لآبائك وأجدادك علي؟ إلى قوله عز وجل: وإن كان يعقوب وهبت له اثنى عشر
ولدا فغيبت عنه واحدا فما زال يبكي حتى ذهب بصره وقعد على الطريق يشكوني إلى
خلقي، وقد تقدم بتمامه.
156 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: المحزون غير المتفكر لان
المتفكر متكلف والمحزون مطبوع والحزن يبدء من الباطن والفكر يبدء من رؤية
المحدثات وبينهما فرق، قال الله عز وجل في قصة يعقوب عليه السلام: انما أشكو بثي و
حزني إلى الله واعلم من الله ما لا تعلمون بسبب ما تحت الحزن بعلم مخصوص به من الله
دون العالمين (1)
157 - في تفسير العياشي الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
انما أشكوا بثي وحزني إلى الله منصوبة.
158 - عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام ان يعقوب أتى ملكا يسئله
الحاجة فقال له الملك: أنت إبراهيم؟ قال: لا، قال: وأنت إسحاق بن إبراهيم؟

(1) كذا في النسخ وفي المصدر هكذا: " فبسبب ما تحت الحزن علم خص به من الله دون
العالمين.
453

قال: لا، قال: فمن أنت قال: [أنا] يعقوب بن إسحاق قال: فما بلغ ما أرى
بك مع حداثة السن؟ قال: الحزن على يوسف، قال: لقد بلغ بك الحزن يا
يعقوب كل مبلغ فقال: انا معشر الأنبياء أسرع شئ البلاء إلينا ثم الأمثل فالأمثل
من الناس، فقضى حاجته فلما جاوز صغير بابه هبط إليه جبرئيل فقال: يا يعقوب
ربك يقرئك السلام ويقول لك: شكوتني إلى الناس؟ فعفر وجهه في التراب
(1) وقال: يا رب زلة أقلنيها فلا أعود بعد هذا أبدا، ثم عاد إليه جبرئيل فقال
له: يا يعقوب إرفع رأسك ربك يقرئك السلام ويقول لك: قد أقلتك فلا تعود
تشكوني إلى خلقي، فما رأى ناطقا بكلمة مما كان فيه حتى حصل بنوه (2) فضرب
وجهه إلى الحائط وقال: انما أشكوا بثي وحزني إلى الله واعلم من الله ما لا تعلمون "
159 - وفي حديث آخر عنه جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة، فلما رآه وثب عليه و
كان أشبه الناس بإبراهيم، فقال له: أنت إبراهيم خليل الرحمان؟ قال: لا، الحديث.
160 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى ابن معاوية الأشتر قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: من شكى إلى مؤمن فقد شكى إلى الله عز وجل.
161 - في تفسير علي بن إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ومن شكى مصيبة نزلت
به فإنما يشكو ربه.
162 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما
يشكو ربه.
163 - في مجمع البيان " انما أشكوا بثي وحزني إلى الله " وروى عن النبي ان
جبرئيل أتاه فقال: يا يعقوب ان الله يقرء عليك السلام ويقول: ابشر وليفرح قلبك
فوعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك اصنع طعاما للمساكين، فان أحب عبادي إلي
المساكين أو تدري لم أذهبت بصرك وقوست ظهرك؟ لأنكم ذبحتم شاة وأتاكم فلان
المسكين وهو صائم فلم تطعموه شيئا، فكان يعقوب بعد ذلك إذا أراد الغداء أمر

(1) اي دلكه ومرغه ودسه فيه.
(2) وفي المصدر " حتى أتاه بنوه ".
454

مناديا فنادى: الا من أراد الغداء من المساكين فليتغد مع يعقوب، وإذا كان صائما
أمر مناديا ينادي: من كان صائما فليفطر مع يعقوب، رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه.
164 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط
عن عمه يعقوب بن سالم عن إسحاق بن عمار عن الكاهلي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: إن يعقوب عليه السلام لما ذهب منه بنيامين نادى: يا رب أما ترحمني أذهبت عيني و
أذهبت ابني؟ فأوحى الله تبارك وتعالى: لو أمتهما لأحييتهما لك حتى أجمع
بينك وبينهما، ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلت وفلان وفلان إلى
جانبك صائم لم تنله منها شيئا؟.
165 - وفي رواية أخرى قال: فكان بعد ذلك يعقوب عليه السلام ينادي مناديه
كل غداة من منزله على فرسخ: الا من أراد الغداء فليأت إلى يعقوب وإذا
امسى نادى: الا من أراد العشاء فليأت إلى يعقوب.
166 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة وقال الصادق عليه السلام: ان يعقوب
قال لملك الموت: اخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ قال: بل
متفرقة، قال: فهل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح؟ فقال: لا
فعند ذلك قال لبنيه: " يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ".
167 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى حنان بن سدير عن أبيه قال قلت
لأبي جعفر عليه السلام: اخبرني عن يعقوب حين قال لولده: " اذهبوا فتحسسوا من يوسف
وأخيه " أكان علم أنه حي وقد فارقه من عشرين سنة وذهبت عيناه من الحزن؟ قال
نعم علم أنه حي، قلت: وكيف علم؟ قال، انه دعى في السحر ان يهبط عليه ملك
الموت فهبط عليه تريال وهو ملك الموت فقال له تريال: ما حاجتك يا يعقوب؟ قال
اخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ فقال: بل متفرقة روحا روحا
قال: فمر بك روح يوسف؟ قال: لا فعند ذلك علم أنه حي، فقال لولده: " اذهبوا
فتحسسوا من يوسف وأخيه ".
168 - في روضة الكافي ابن محبوب عن حنان بن سدير عن أبي جعفر عليه السلام
455

مثله، الا ان فيها بريال بالباء الموحدة نقطا مكان تريال بالمثناة من فوق كذلك.
في تفسير العياشي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام مثله أيضا الا
ان فيه قوبال وفيه وفي خبر آخر تبرابل وهو ملك الموت وذكر نحوه.
169 - في الخرايج والجرايح وعن الصادق عليه السلام ان أعرابيا اشترى من يوسف
طعاما فقال له: إذا مررت بوادي كذا فناد: يا يعقوب فإنه يخرج إليك شيخ وسيم، فقل
له: اني رأيت بمصر رجلا يقرؤك السلام ويقول: ان وديعتك عند الله محفوظة لن تضيع،
فلما بلغه الاعرابي خر يعقوب مغشيا عليه فلما افاق قال: هل لك من حاجة؟ قال: لي
ابنة عم وهي زوجتي لم تلد، فدعى له فرزق منها أربعة أبطن، في كل بطن اثنان.
170 - في نهج البلاغة قال: ولا تيأس لشر هذه الأمة من روح الله لقوله سبحانه:
انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون.
171 - وفيه وقال: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤيسهم
من روح الله ولم يؤمنهم مكر الله.
172 - في من لا يحضره الفقيه في باب معرفة الكبائر التي أوعد الله عز وجل
عليها النار عن أبي عبد الله حديث طويل يذكر فيه الكبائر يقول فيه عليه السلام بعد ان
ذكر الشرك بالله: وبعده اليأس من روح الله، لان الله عز وجل يقول: " انه لا ييأس من
روح الله الا القوم الكافرون ".
173 - في تفسير العياشي متصلا بآخر ما نقلناه عنه سابقا أعني وذكر نحوه
عنه: عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام عاد إلى الحديث الأول قال: واشتد حزنه
يعني يعقوب حتى تقوس ظهره، وأدبرت الدنيا عن يعقوب وولده حتى احتاجوا حاجة
شديدة، وفنيت ميرتهم فعند ذلك قال يعقوب لولده: " اذهبوا فتحسسوا من يوسف
وأخيه ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون " فخرج
منهم نفر وبعث منهم ببضاعة يسيرة، وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطفه على نفسه
وولده، وأوصى ولده ان يبدؤا بدفع كتابه قبل البضاعة، فكتب: بسم الله الرحمن
الرحيم إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
456

خليل الله صاحب نمرود الذي جمع لإبراهيم الحطب والنار ليحرقه بها فجعلها الله عليه
بردا وسلاما وأنجاه منها، أخبرك أيها العزيز انا أهل بيت قديم لم يزل البلاء سريعا إلينا
من الله ليبلونا بذلك عند السراء والضراء، وان مصائبي تتابعت علي منذ عشرين سنة، أولها
انه كان لي ابن سميته يوسف وكان سروري من بين ولدي وقرة عيني وثمرة فؤادي وان اخوته
من غير أمه سألوني ان أبعثه معهم يرتع ويلعب، فبعثته معهم بكرة وانه جاؤني عشاء يبكون
وجاؤني على قميصه بدم كذب، فزعموا أن الذئب أكله فاشتد لفقده حزني وكثر على فراقه
بكائي حتى ابيضت عيناي من الحزن، وانه كان له أخ من خالته وكنت له معجبا عليه رفيقا
وكان لي أنيسا، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري فيسكن بعض ما أجد في صدري
وان اخوته ذكروا لي انك أيها العزيز سألتهم عنه وأمرتهم ان يأتوك به وان لم يأتوك
به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا فرجعوا إلي
وليس هو معهم، وذكروا انه سرق مكيال الملك، ونحن أهل بيت لا نسرق وقد حبسته
وفجعتني به، وقد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري، وعظمت به مصيبتي
مع مصايب متتابعات علي، فمن علي بتخلية سبيله واطلاقه من محبسه، وطيب لنا
القمح واسمح لنا في السعر، وعجل بسراح آل يعقوب (1)
فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه نزل جبرئيل على يعقوب فقال
له: يا يعقوب ان ربك يقول لك: من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها إلى عزيز مصر؟
قال يعقوب: بلوتني بها عقوبة منك وأدبا، قال الله: فهل كان يقدر على صرفها عنك
أحد غيري؟ قال: يعقوب اللهم لا، قال: فما استحييت مني حين شكوت مصائبك
إلى غيري ولم تستغث بي وتشكو ما بك إلي؟ فقال يعقوب: استغفرك يا الهي وأتوب
إليك وأشكو بثي وحزني إليك، فقال الله تبارك وتعالى: قد بلغت بك يا يعقوب و
بولدك الخاطئين العناية في أدبي، ولو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك إلي عند نزولها بك و
استغفرت وتبت إلي من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديري إياها عليك، ولكن الشيطان أنساك
ذكري فصرت إلى القنوط من رحمتي، وانا الله الجواد الكريم أحب عبادي المستغفرين

(1) سمح بكذا: جاد. والسراح: التسهيل والاطلاق.
457

التائبين الراغبين إلي فيما عندي، يا يعقوب انا راد إليك يوسف وأخاه ومعيد إليك ما ذهب من
مالك ولحمك ودمك، وراد إليك بصرك ومقوم لك ظهرك وطب نفسا وقر عينا، وان الذي
فعلته بك كان أدبا مني لك فاقبل أدبي.
قال: ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر حتى دخلوا على يوسف في دار المملكة،
فقالوا: أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فاوف لنا الكيل و
تصدق علينا بأخينا ابن يامين، وهذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره يسئلك تخلية
سبيله، وان تمن به عليه، قال: فأخذ يوسف كتاب يعقوب فقبله ووضعه على عينيه و
بكى وانتحب (1) حتى بلت دموعه القميص الذي عليه، ثم أقبل عليهم فقال:
هل علمتم ما فعلتم بيوسف من قبل وأخيه من بعد قالوا أإنك لانت يوسف قال انا يوسف و
هذا أخي قد من الله علينا قالوا تالله لقد آثرك الله علينا فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم
واغفر لنا قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم.
وفي رواية أخرى عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام نحوه.
174 - عن عمرو بن عثمان عن بعض أصحابنا قال: لما قال اخوة يوسف: " يا
أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر " قال: قال يوسف: لا صبر على ضر آل يعقوب، فقال
عند ذلك: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه " الآية.
175 - عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن قوله:
" وجئنا ببضاعة مزجاة " قال المقل، وفي هذه الرواية " وجئنا ببضاعة مزجاة " قال: كانت
المقل (2) وكانت بلادهم بلاد المقل وهي البضاعة.
قال مؤلف هذا الكتاب: قد سبق في تفسير العياشي عند قوله: " لن أبرح الأرض حتى
يأذن لي أبي " بيان لقوله عز وجل: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون "
176 - في مجمع البيان وفي كتاب النبوة بالاسناد عن الحسن بن محبوب عن
إسماعيل الفراء عن طربال عن أبي عبد الله عليه السلام في خبر طويل: ان يعقوب كتب إلى

(1) انتحب: تنفس شديدا. بكى شديدا.
(2) المقل: الكندر الذي تدخن به اليهود وحبه يجعل في الدواء، وصمغ شجرة.
458

يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل، من
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صاحب نمرود الذي جمع له النار ليحرقه
بها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها، أخبرك أيها العزيز انا أهل بيت لم يزل
البلاء إلينا سريعا من الله ليبلونا عند السراء والضراء، وان مصائب تتابعت علي منذ
عشرين سنة، أولها انه كان لي ابن سميته يوسف وكان سروري من بين ولدي وقرة عيني
وثمرة فؤادي، وان اخوته من غير أمه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب، فبعثته
معهم بكرة فجاؤني عشاءا يبكون وجاؤا على قميصه بدم كذب وزعموا أن الذئب أكله،
فاشتد لفقده حزني وكثر على فراقه بكائي، حتى ابيضت عيناي من الحزن وانه كان
له أخ وكنت به معجبا وكان لي أنيسا، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري
فسكن بعض ما أجد في صدري وان اخوته ذكروا انك سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك
به فإن لم يأتوك به منعتهم الميرة فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا، فرجعوا إلي وليس
هو معهم، وذكروا انه سرق مكيال الملك ونحن أهل بيت لا نسرق، وقد حبسته
عني وفجعتني به، وقد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري، وعظمت به
مصيبتي مع مصائب تتابعت علي، فمن علي بتخليه سبيله واطلاقه من حبسك، وطيب
لنا القمح واسمح لنا في السعر، وأوف لنا الكيل، وعجل سراح آل إبراهيم، قال
فمضوا بكتابه حتى دخلوا على يوسف في دار الملك " وقالوا يا أيها العزيز مسنا و
أهلنا الضر " إلى آخر الآية وتصدق علينا بأخينا ابن يامين، وهذا كتاب أبينا يعقوب
أرسله إليك في امره يسئلك تخلية سبيله فمن به علينا، فاخذ يوسف كتاب يعقوب و
قبله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب حتى بل دموعه القميص الذي عليه، ثم اقبل
عليهم وقال: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه ".
177 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: في القائم شبه من يوسف عليه السلام قلت: كأنك تذكر خبره أو
غيبته؟ فقال لي: ما تنكر من ذلك هذه الأمة أشباه الخنازير؟ ان اخوة يوسف
كانوا أسباطا وأولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وهم اخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه
459

حتى قال لهم: انا يوسف، فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز وجل في وقت من
الأوقات يريد ان يبين حجته، لقد كان يوسف عليه السلام ملك مصر وكان بينه وبين والده
مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد الله عز وجل ان يعرفه مكانه لقدر على ذلك والله لقد
سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه
الأمة أن يكون الله عز وجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف، ان يسير في أسواقهم ويطأ
بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز وجل ان يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف حتى
قال لهم: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا أإنك لانت يوسف
قال إن يوسف وهذا أخي ".
في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن الحسين عن ابن أبي نجران عن
فضالة بن أيوب عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في صاحب
هذا الامر شبها من يوسف، وذكر كما نقلنا عن كتاب كمال الدين وتمام النعمة بتغيير
يسير وبدل هل علمتم إلى آخره بعض: " قالوا أئنك لانت يوسف قال انا يوسف ".
178 - في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كل ذنب عمله
العبد وإن كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه، فقد حكى الله
سبحانه قول يوسف لاخوته: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون "
فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.
179 - في تفسير العياشي عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس
رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من الدنيا حتى يقر للامام بإمامته كما أقر ولد
يعقوب ليوسف حين قالوا: " تالله لقد آثرك الله علينا ".
180 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن أبي عبد الله
عليه السلام لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست
فأخذ بعضادتي الباب فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده و
هزم الأحزاب وحده، ماذا تقولون وما تظنون؟ قالوا: نظن خيرا، أخ كريم وابن
أخ كريم وقد قدرت! قال: فاني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم
460

يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
181 - في تفسير العياشي عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا رفعه قال:
كتب يعقوب النبي صلى الله عليه وآله إلى يوسف: من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمان
إلى عزيز مصر، اما بعد فانا أهل بيت لم يزل البلاء سريعا إلينا ابتلى جدي إبراهيم
فالقى في النار، ثم ابتلى أبي إسحاق الذبيح، وكان لي ابن وكان قرة عيني وكنت
أسر به فابتليت بأن أكله الذئب فذهب بصري حزنا عليه من البكاء، وكان له أخ و
كنت أسر إليه بعده، فأخذته في سرق وانا أهل بيت لم نسرق قط ولا يعرف لنا السرق
فان رأيت أن تمن علي به فعلت؟ فلما أوتي يوسف بالكتاب فتحه وقرأه فصاح
ثم قام فدخل منزله فقرأه وبكى، ثم غسل وجهه ثم خرج إلى اخوته ثم عاد فقرأه فصاح
وبكى، ثم قام فدخل منزله فقرأه وبكى ثم غسل وجهه وعاد إلى اخوته فقال: " هل
علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون " وأعطاهم قميصه وهو قميص إبراهيم وكان
يعقوب بالرملة (1) فلما فصلوا بالقميص من مصر قال يعقوب: اني لأجد ريح يوسف
لولا أن تفندون قالوا تالله انك لفي ضلالك القديم.
182 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبي جعفر محمد بن علي
الباقر عليه السلام قال: فلما كان من أمر اخوة يوسف ما كان كتب يعقوب إلى يوسف و
هو لا يعلم أنه يوسف: بسم الله الرحمان الرحيم من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل
الله عز وجل إلى عزيز آل فرعون سلام عليك فاني احمد إليك الله لا إله إلا هو، اما بعد فانا
أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء، كان جدي إبراهيم عليه السلام ألقى في النار في طاعة ربه فجعلها الله
عز وجل بردا وسلاما، وأمر الله جدي أن يذبح أبي ففداه بما فداه به، وكان لي ابن
فكان من أعز الناس علي فقدته فاذهب حزني عليه نور بصري، وكان له أخ من أمه
فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري، فأذهب عني بعض وجدي
وهو المحبوس عندك في السرقة، فاني أشهدك اني لم أسرق ولم ألد سارقا، فلما قرأ
يوسف الكتاب بكى وصاح وقال: " اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا

(1) قال الحموي: الرملة: واحدة الرمل: مدينة عظيمة بفلسطين وكانت قصبتها قد خربت
الآن وكانت رباطا للمسلمين.
461

وأتوني بأهلكم أجمعين " والحديث طويل، أخذنا منه موضع الحاجة.
183 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان في قميص يوسف
ثلاث آيات في قوله تعالى: " وجاؤا على قميصه بدم كذب " وقوله تعالى: " إن كان
قميصه قد من قبل " الآية وقوله تعالى: " اذهبوا بقميصي هذا ".
184 - في تفسير العياشي عن مقرن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كتب عزيز
مصر إلى يعقوب: اما بعد فهذا ابنك يوسف اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة واتخذته
عبدا وهذا ابنك ابن يامين أخذته قد سرق فأخذته عبدا، قال: فما ورد على يعقوب شئ
أشد عليه من ذلك الكتاب فقال للرسول: قف مكانك حتى أجيبه، فكتب إليه يعقوب:
اما بعد فقد فهمت كتابك انك أخذت ابني بثمن بخس واتخذته عبدا، وانك اتخذت
ابني ابن يامين وقد سرق واتخذته عبدا، فانا أهل بيت لا نسرق ولكنا أهل بيت نبتلى
وقد ابتلى أبونا بالنار فوقاه الله، وابتلى أبونا اسحق بالذبح فوقاه الله، واني قد ابتليت
بذهاب بصري وذهاب ابني وعسى الله ان يأتيني بهم جميعا قال: فلما ولى الرسول عنه
رفع يده إلى السماء ثم قال: يا حسن الصحبة يا كريم المعونة يا خير كلمة (1) أتيني
بروح [منك] وفرج من عندك، قال: فهبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال ليعقوب: الا
أعلمك دعوات يرد الله عليك بها بصرك ويرد عليك ابنيك؟ فقال له: بلى، فقال:
قل يامن لا يعلم أحد كيف هو وحيث هو وقدرته الا هو، يامن سد الهواء بالسماء وكبس
الأرض على الماء (2) واختار لنفسه أحسن الأسماء أتيني بروح منك وفرج من عندك، فما
القى عمود الصبح حتى اتى بالقميص وطرح على وجهه فرد الله بصره ورد عليه ولده.
185 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا تثريب عليكم اليوم
يغفر الله لكم اذهبوا بقميصي هذا " الذي بلته دموع عيني " فألقوه على وجه أبي
يرتد بصيرا " لو قد شم ريحي " وأتوني بأهلكم أجمعين " وردهم إلى يعقوب

(1) وفي المصدر " ياخيرا كله ".
(2) قال الطريحي: في الدعاء " يامن كبس الأرض على الماء اي أدخلها فيه، من قولهم:
كبس رأسه في ثوبه: أخفاه وادخله فيه، أو جمعها فيه.
462

في ذلك اليوم، وجهزهم بجميع ما يحتاجون إليه، فلما فصلت عيرهم من مصر
وجد يعقوب ريح يوسف فقال لمن بحضرته من ولده: " اني لأجد ريح يوسف لولا أن
تفندون " قال: وأقبل ولده يحثون السير بالقميص فرحا وسرورا بما رأوا من حال
يوسف والملك الذي أعطاه الله، والعز الذي صاروا إليه في سلطان يوسف، وكان
مسيرهم من مصر إلى بدو يعقوب تسعة أيام فلما أن جاء البشير القى القميص على
وجهه فارتد بصيرا، وقال لهم: ما فعل ابن يامين؟ قالوا خلفناه عند أخيه صالحا
قال: فحمد الله يعقوب عند ذلك وسجد لربه سجدات الشكر ورجع إليه بصره و
تقوم له ظهره، وقال لولده: تحملوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم، فساروا
إلى يوسف ومعهم يعقوب وخالة يوسف ياميل فأحثوا السير فرحا وسرورا فصاروا
تسعة أيام إلى مصر.
186 - عن أخي رزام (1) عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وما فصلت العير " قال
وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم حين فصلت العير من مصر وهو بفلسطين.
187 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى مفضل بن عمر عن
أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول: أتدري ما كان قميص يوسف قال: قلت
لا قال: إن إبراهيم عليه السلام لما أوقدت له النار نزل إليه جبرئيل عليه السلام بالقميص والبسه
إياه، فلم يضر معه حر ولا برد فلما حضرته الوفاة جعله في تميمة (2) وعلقه على اسحق وعلقه
اسحق على يعقوب عليه السلام، فلما ولد له يوسف عليه السلام علقه عليه، وكان في عضده حتى كان من
امره ما كان، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله عز وجل
حكاية عنه اني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون فهو ذلك القميص الذي انزل من
الجنة، قلت: جعلت فداك فإلى من صار هذا القميص؟ قال: إلى أهله، ثم يكون
مع قائمنا إذا خرج، ثم قال: كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمد وآله.

(1) وفي المصدر " أخو مرازم " ولم أظفر عليه باختلافه في كتب الرجال فلعلهما تصحيف
" أخو دارم " وهو محمد بن عبد الله القلائي.
(2) التميمة " العوذة على صغار الانسان مخافة العين.
463

في الكافي مثله سواء
188 - في تفسير علي بن إبراهيم بعد المساواة فيما ذكر، وكان يعقوب
بفلسطين وفصلت العير من مصر، فوجد يعقوب ريحه وهو من ذلك القميص الذي اخرج
من الجنة ونحن ورثته صلى الله عليه وآله.
189 - في تفسير العياشي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع رفعه باسناده قال: إن
يعقوب وجد ريح قميص يوسف من مسيرة عشرة ليال، وكان يعقوب ببيت المقدس
ويوسف بمصر، وهو القميص الذي نزل على إبراهيم من الجنة فدفعه إبراهيم إلى
اسحق، واسحق إلى يعقوب ودفعه يعقوب إلى يوسف عليهم السلام.
190 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى إبراهيم بن أبي البلاد عمن ذكره
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان القميص الذي نزل على إبراهيم من الجنة في قصبة
من فضة، وكان إذا لبس كان واسعا كبيرا، فلما فصلوا ويعقوب بالرملة ويوسف
بمصر قال يعقوب: " اني لأجد ريح يوسف " يعني ريح الجنة حين فصلوا بالقميص
لأنه كان من الجنة.
191 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة وروى أن القائم عليه السلام إذا خرج يكون
عليه قميص يوسف ومعه عصا موسى وخاتم سليمان عليهم السلام.
192 - في تفسير العياشي عن نشيط بن صالح البجلي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
أكان اخوة يوسف صلوات الله عليه أنبياء؟ قال: لا ولا بررة أتقياء كيف وهم يقولون لأبيهم
يعقوب: تالله انك لفي ضلالك القديم؟.
عن نشيط عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.
193 - عن سليمان بن عبد الله الطلحي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حال بني يعقوب
هل خرجوا من الايمان؟ فقال: نعم، قلت: فما تقول في آدم؟ قال: دع آدم.
194 - عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن بني يعقوب بعد ما صنعوا
بيوسف أذنبوا فكانوا أنبياء؟! (1)

(1) استفهام على الانكار كما قاله المجلسي (ره).
464

195 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى هشام بن سالم عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قدم أعرابي على يوسف ليشتري منه طعاما فباعه، فلما فرغ قال له
يوسف؟ أين منزلك؟ قال له: بموضع كذا وكذا قال فقال له: فإذا مررت بوادي
كذا وكذا فقف فناد: يا يعقوب، فإنه سيخرج إليك رجل عظيم وسيم جميل، فقل
له: لقيت رجلا بمصر وهو يقرئك السلام ويقول لك: ان وديعتك عند الله عز وجل
لن تضيع، قال: فمضى الاعرابي حتى انتهى إلى الموضع فقال لغلمانه: احفظوا
على الإبل، ثم نادي: يا يعقوب [يا يعقوب]، فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم
جميل يتقي الحائط بيده حتى أقبل، فقال له الرجل: أنت يعقوب؟ قال: نعم
فأبلغه ما قال له يوسف، قال: فسقط مغشيا عليه ثم أفاق فقال له: يا أعرابي ألك
حاجة إلى الله عز وجل؟ فقال له: نعم اني رجل كثير المال ولي ابنة عم وليس لي بولد
منها فأحب ان تدعو الله ان يرزقني ولدا، قال: فتوضى يعقوب وصلى ركعتين ثم دعى
الله عز وجل فرزق أربعة أبطن - أو قال: ستة أبطن - في كل بطن اثنين، فكان
يعقوب عليه السلام يعلم أن يوسف حي لم يمت، وان الله تعالى ذكره سيظهر له بعد غيبته، وكان
يقول لبنيه: " اني اعلم من الله ما لا تعلمون " وكان أهله وأقربائه يفندونه على ذكره
ليوسف حتى أنه لما وجد ريح يوسف " قال إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا
تالله انك لفي ضلالك القديم فلما ان جاءه البشير " وهو يهودا ابنه والقى قميص يوسف
على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم اني اعلم من الله ما لا تعلمون.
196 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال
قلت لجعفر بن محمد عليه السلام: اخبرني عن يعقوب عليه السلام لما قال له بنوه:
يا ابانا استغفر لنا ذنوبنا انا كنا خاطئين قال سوف استغفر لكم ربي
فأخر الاستغفار لهم، ويوسف عليه لما قالوا له: " تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين
قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين "؟ قال: لان قلب الشاب
أرق من قلب الشيخ، وكانت جناية ولد يعقوب على يوسف، وجنايتهم على يعقوب
انما كانت بجنايتهم على يوسف، فبادر يوسف إلى العفو عن حقه، واخر يعقوب
465

العفو لان عفوه انما كان عن حق غيره فأخرهم إلى السحر ليلة الجمعة.
197 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
شريف بن سابق عن المفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
خير وقت دعوتم الله فيه الأسحار، وتلا هذه الآية في قول يعقوب عليه السلام: " سوف
استغفر لكم ربي " وقال: أخرهم إلى السحر.
198 - في من لا يحضره الفقيه وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول:
يعقوب لبنيه " سوف استغفر لكم ربي " فقال: أخرهم إلى السحر ليلة الجمعة.
199 - في تفسير العياشي عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي
عبد الله عليه السلام في قوله: " سوف استغفر لكم ربي " فقال أخرهم إلى السحر قال: يا رب انما
ذنبهم فيما بيني وبينهم فأوحى الله: اني قد غفرت لهم.
200 - في روضة الكافي عن حنان عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: ما كان ولد يعقوب أنبياء؟ قال: لا ولكنهم كانوا أسباط أولاد الأنبياء، ولم يكن
يفارقوا الدنيا الا سعداء تابوا وتذكروا ما صنعوا، وان الشيخين فارقا الدنيا ولم
يكن يتوبا ولم يذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة و
الناس أجمعين.
201 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن مروك بن
عبيد عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن يوسف لما قدم عليه الشيخ يعقوب عليه السلام دخله عز
الملك فلم ينزل إليه، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا يوسف ابسط راحتك فخرج منها نور
ساطع فصار في جو السماء فقال يوسف: يا جبرئيل ما هذا النور الذي خرج من راحتي؟
فقال: نزعت النبوة من عقبك عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب، فلا يكون من عقبك نبي.
202 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى يعقوب بن يزيد عن غير واحد
رفعوه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: لما تلقى يوسف يعقوب ترجل له يعقوب ولم يترجل
له يوسف، فلم ينفصلا من العناق حتى أتاه جبرئيل فقال له: يا يوسف ترجل لك
الصديق ولم تترجل له؟ ابسط يدك فبسطها فخرج نور من راحته، فقال له يوسف:
466

ما هذا؟ قال: لا يخرج من عقبك نبي.
203 - وباسناده إلى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أقبل يعقوب
إلى مصر خرج يوسف عليه السلام ليستقبله فلما رآه يوسف هم بان يترجل ليعقوب، ثم
نظر إلى ما هو فيه من الملك فلم يفعل، فلما سلم على يعقوب نزل عليه جبرئيل
عليه السلام فقال له: يا يوسف ان الله تبارك وتعالى يقول لك: ما منعك أن تنزل إلى عبدي
الصالح ما أنت فيه؟ ابسط يدك فبسطها فخرج من بين أصابعه نور فقال: ما هذا يا
جبرئيل؟ فقال: انه لا يخرج من صلبك نبي أبدا عقوبة لك بما صنعت بيعقوب إذ لم
تنزل إليه.
204 - في تفسير العياشي عن الحسن بن أسباط قال: سألت أبا الحسن عليه السلام
في كم دخل يعقوب من ولده على يوسف؟ قال في أحد عشر ابنا له، فقيل له: أسباط؟
قال: نعم، وسألته عن يوسف وأخيه لامه أكان أخا لامه أم ابن خالته؟ فقال: ابن خالته
205 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: فلما دخلوا على يوسف في
دار الملك اعتنق أباه وبكى ورفعه ورفع خالته على سرير الملك، ثم دخل على
منزله فادهن واكتحل ولبس ثياب العز والملك، ثم خرج إليهم فلما رأوه سجدوا
جميعا له اعظاما له وشكرا لله، فعند ذلك قال: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل
إلى قوله: بيني وبين اخوتي قال: ولم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن ولا
يكتحل ولا يتطيب ولا يضحك ولا يمس النساء حتى جمع الله بيعقوب شمله، وجمع
بينه وبين يعقوب واخوته.
206 - عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله:
ورفع أبويه على العرش قال: العرش السرير، وفي قوله: وخروا له سجدا قال:
كان سجودهم ذلك عبادة لله.
207 - في تفسير علي بن إبراهيم فلما وافى يعقوب وأهله وولده مصر قعد يوسف
على سريره ووضع تاج الملك على رأسه، فأراد ان يراه أبوه على تلك الحالة، فلما
دخل أبوه لم يقم له فخروا له كلهم سجدا، فقال يوسف: " يا أبت هذا تأويل رؤياي
467

من قبل قد جعلها ربي حقا إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد ان نزغ
الشيطان بيني وبين اخوتي ان ربي لطيف لما يشاء انه هو الحكيم العليم ".
208 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما دخلوا عليه
سجدوا شكرا لله وحده حين نظروا إليه، وكان ذلك السجود لله.
209 - حدثني محمد بن عيسى ان يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد بن علي
ابن موسى مسائل فعرضها على أبي الحسن وكان أحدها: أخبرني عن قول الله عز وجل:
" ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا " سجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء،
فأجاب أبو الحسن عليه السلام: اما سجود يعقوب وولده فإنه لم يكن ليوسف وانما كان من
يعقوب وولده طاعة لله وتحية ليوسف، كما كان السجود من الملائكة لادم ولم يكن لآدم
وانما كان منهم ذلك طاعة لله وتحية لآدم، فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله
لاجتماع شملهم، ألم تر أنه يقول في شكره ذلك الوقت: رب قد آتيتني من الملك
وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة
توفني مسلما والحقني بالصالحين فنزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا يوسف!
اخرج يدك فاخرجها فخرج من بين أصابعه نور، فقال يوسف: ما هذا يا جبرئيل؟
فقال هذه النبوة أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم إلى أبيك فحط الله نوره ومحى
النبوة من صلبه، وجعلها في ولد لاوي أخي يوسف وذلك لأنهم لما أرادوا قتل
يوسف قال: لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب " فشكره الله على ذلك، و
لما أرادوا ان يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه قال: لن أبرح الأرض
حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين " فشكر الله له ذلك وكانوا أنبياء بني إسرائيل
من ولد لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، وكان موسى من
ولده، وهو موسى بن عمران بن يهصر بن واهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام
فقال يعقوب لابنه: يا بني أخبرني ما فعل بك اخوتك حين أخرجوك من عندي؟ قال: يا
أبت اعفني من ذلك، قال: فأخبرني ببعضه، قال: إنهم لما ادنوني من الجب قالوا:
انزع القميص، فقلت لهم: يا اخوتي اتقوا الله ولا تجردوني فسلوا علي السكين، وقالوا:
468

لئن لم تنزع لنذبحنك، فنزعت القميص والقوني في الجب عريانا، قال: فشهق
يعقوب شهقة وأغمى عليه، فلما افاق قال: يا بني حدثني، قال: يا أبت أسئلك باله
إبراهيم واسحق ويعقوب الا أعفيتني فأعفاه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة
وستقف على تتمته انشاء الله تعالى.
210 - في مجمع البيان وروى أن يوسف قال ليعقوب: يا أبت لا تسئلني عن
صنيع اخوتي واسئل عن صنيع الله بي.
211 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن موسى بن جعفر
عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم
قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فان هذا يوسف قاسى (1) مرارة الفرقة وحبس في السجن توقيا
للمعصية والقى في الجب وحيدا؟ فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله قاسى
مرارة الغربة وفراق الأهل والأولاد والمال، مهاجرا من حرم الله تعالى وامنه فلما رأى الله
عز وجل كآبته (2) واستشعاره الحزن أراه تبارك اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف في
تأويلها، وأبان للعالمين صدق تحقيقها، فقال: لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن
المسجد الحرام انشاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون " ولئن
كان يوسف حبس في السجن فلقد حبس رسول الله صلى الله عليه وآله نفسه في الشعب ثلث سنين
وقطع منه أقاربه وذوو الرحم وألجأوه إلى أضيق المضيق، ولقد كادهم الله عز وجل كيدا
مستبينا إذ بعث أضعف خلقه فأكل عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه، ولئن
كان يوسف القى في الجب فلقد حبس محمد صلى الله عليه وآله نفسه مخافة عدوه في الغار حتى
قال لصاحبه: " لا تحزن ان الله معنا " ومدحه الله بذلك في كتابه.
212 - في تفسير العياشي عن إسحاق بن بشار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن الله
بعث إلى يوسف وهو في السجن يا بن يعقوب ما أسكنك مع الخاطئين؟ قال: جرمي
فاعترف بمجلسه منها مجلس الرجل من أهله فقال له: ادع بهذا الدعاء: يا كبير

(1) اي تحمل.
(2) الكأبة: الغم والحزن.
469

كل كبير، يامن لا شريك له ولا وزير، يا خالق الشمس والقمر المنير، يا عصمة
المضطر الضرير، يا قاصم كل جبار مبير، يا مغني البائس الفقير، يا جابر العظم
الكسير، يا مطلق المكبل (1) الأسير أسئلك بحق محمد وآل محمد أن تجعل لي من
أمري فرجا ومخرجا، وترزقني من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب، قال: فلما
أصبح دعا به الملك فخلى سبيله وذلك قوله وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن.
213 - في روضة الكافي علي عن أبيه عن الحسن بن علي عن أبي جعفر الصائغ
عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعنده أبو حنيفة فقلت له: جعلت
فداك رأيت رؤيا عجيبة، فقال: يا بن مسلم هاتها، فان العالم بها جالس وأومى بيده
إلى أبي حنيفة، قال: فقلت: رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي
فكسرت جوزا كثيرا ونثرته علي، فتعجبت من هذه الرؤيا! فقال أبو حنيفة: أنت رجل تخاصم وتجادل لئاما في مواريث أهلك، فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها
انشاء الله تعالى، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أصبت والله يا أبا حنيفة، قال: ثم خرج أبو -
حنيفة من عنده فقلت: جعلت فداك اني كرهت تعبير هذا الناصب فقال: يا بن مسلم
لا يسؤك الله، فما يواطي تعبيرهم تعبيرنا، ولا تعبيرنا تعبيرهم، وليس التعبير كما عبره
قال: فقلت له: جعلت فداك فقولك أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ؟ قال: نعم
حلفت على أنه أصاب الخطأ قال قلت له: فما تأويلها؟ قال يا بن مسلم انك تتمتع بامرأة
فتعلم بها أهلك فتمزق عليك ثيابا جددا، فان القشر كسوة اللب، قال ابن مسلم
فوالله ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا الا صبيحة الجمعة، فلما كان غداة الجمعة
أنا جالس بالباب إذ مرت بي جارية فأعجبتني فأمرت غلامي فردها، ثم ادخلها داري
فتمتعت بها فأحست بي وبها أهلي، فدخلت علينا البيت، فبادرت الجارية نحو الباب
وبقيت أنا فمزقت علي ثيابا كنت ألبسها في الأعياد.
214 - وجاء موسى الزوار العطار إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال له: يا بن رسول الله
صلى الله عليه وآله رأيت رؤيا هالتني! رأيت صهرا لي ميتا وقد عانقني وقد خفت أن يكون الاجل

(1) المكبل: المقيد بالكبل وهو القيد.
470

قد اقترب؟ فقال له: يا موسى توقع الموت صباحا ومساء فإنه ملاقينا، ومعانقة الأموات
للاحياء أطول لاعمارهم، فما كان اسم صهرك؟ قال: حسين، فقال: اما ان رؤياك تدل على
بقائك وزيارتك أبا عبد الله عليه السلام، فان كل من عانق سمى الحسين عليه السلام يزوره انشاء الله.
215 - في مجمع البيان وفي كتاب النبوة باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
عليه السلام قال: قلت له: كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر؟ قال: عاش حولين، قلت:
فمن كان الحجة لله في الأرض يعقوب أم يوسف؟ قال: كان يعقوب، وكان الملك ليوسف
فلما مات يعقوب حمله يوسف في تابوت إلى ارض الشام فدفن في بيت المقدس، فكان
يوسف بعد يعقوب الحجة، قلت: فكان يوسف رسولا نبيا؟ قال: نعم، اما تسمع قوله
عز وجل: " لقد جائكم يوسف من قبلي بالبينات ".
216 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن
أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام حديث طويل وفي آخره
يقول عليه السلام: اما يعقوب فكانت نبوته بأرض كنعان، ثم هبط إلى مصر فتوفى فيها، ثم
حمل بعد ذلك جسده حتى دفن بأرض كنعان والرؤيا التي رأى يوسف الأحد عشر كوكبا
والشمس والقمر له ساجدين، وكانت نبوته في ارض بدوها.
217 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عبد الله بن المغيرة عمن ذكره عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: استأذنت زليخا على يوسف فقيل لها: انا نكره ان نقدم بك عليه لما
كان منك إليه قالت: اني لا أخاف من يخاف الله فلما دخلت قال لها: يا زليخا مالي أراك قد
تغير لونك؟ قالت: الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا، وجعل العبيد بطاعتهم
ملوكا فقال لها: ما الذي دعاك إلى ما كان منك؟ قالت: حسن وجهك يا يوسف، فقال: كيف
لو رأيت نبيا يقال له محمد صلى الله عليه وآله يكون في آخر الزمان أحسن مني وجها، وأحسن مني
خلقا، وأسمح مني كفا؟ قالت: صدقت، قال: وكيف علمت اني صدقت؟ قال:
لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي، فأوحى الله عز وجل إلى يوسف: انها قد صدقت
واني قد أجبتها لحبها محمدا، فأمره الله تبارك وتعالى أن يتزوجها.
218 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني محمد بن عيسى ان يحيى بن أكثم
471

سأل موسى بن محمد بن علي بن موسى مسائل، فعرضها على أبي الحسن وكان أحدها:
أخبرني عن قول الله عز وجل: " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا " وقد سبق
أكثر الحديث عند هذه الآية ويتصل بآخر ما سبق قال: ولما مات العزيز في السنين الجدبة
افتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتى سألت، فقالوا لها: لو قعدت للعزيز وكان يوسف
سمى العزيز وكل ملك كان لهم سمى بهذا الاسم، فقالت: استحي منه، فلم يزالوا بها
حتى قعدت له، فأقبل يوسف في موكبه فقامت إليه فقالت: سبحان الذي جعل الملوك
بالمعصية عبيدا، وجعل العبيد بالطاعة ملوكا، فقال لها يوسف: أنت تيك؟ فقالت:
نعم وكان اسمها زليخا، فقال لها: هل لك في؟ قالت: دعني بعدما كبرت أتهزء بي قال
لا، قالت: نعم، فأمر بها فحولت إلى منزله وكانت هرمة، فقال لها: ألست فعلت
بي كذا وكذا؟ فقالت: يا نبي الله لا تلمني فاني بليت ببلية لم يبل بها أحد، قال: و
ما هي؟ قالت: بليت بحبك ولم يخلق الله لك في الدنيا نظيرا وبليت بأنه لم يكن بمصر
امرأة أجمل مني ولا أكثر مالا مني، فنزعا مني وبليت بزوج عنين، فقال لها يوسف: فما
تريدين؟ فقالت: تسأل الله أن يرد علي شبابي، فسأل الله فرد عليها شبابها فتزوجها
وهي بكر.
219 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبي جعفر محمد بن
علي الباقر عليه السلام قال: لما أصابت امرأة العزيز الحاجة قيل لها: لو أتيت يوسف بن
يعقوب عليهما السلام فشاورت في ذلك، فقيل لها: انا نخافه عليك، قالت: كلا اني
لا أخاف من يخاف الله، فلما دخلت عليه فرأته في ملكه، قالت: الحمد لله الذي جعل
العبيد ملوكا بطاعته، وجعل الملوك عبيدا بمعصيته فتزوجها فوجدها بكرا، فقال:
أليس هذا أحسن؟ أليس هذا أجمل؟ فقال: اني كنت بليت منك بأربع خصال:
كنت أجمل أهل زماني، وكنت أجمل زمانك، وكنت بكرا، وكان زوجي عنينا.
220 - في تفسير العياشي عن عباس بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول
بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس، في أهل بيته إذ قال: أحب يوسف ان يعومن نفسه (1) قال

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر ونسخة البحار " ان يستوثق لنفسه ".
472

فقيل: بماذا يا رسول الله؟ قال: لما عجل (1) له عزيز مصر لبس ثوبين جديدين أو قال
نظيفين وخرج إلى فلاة من الأرض فصلى ركعات، فلما فرغ رفع رأسه إلى السماء فقال:
رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض
أنت وليي في الدنيا والآخرة قال: فهبط إليه جبرئيل فقال له ما حاجتك؟ فقال: توفني مسلما
والحقني بالصالحين فقال أبو عبد الله عليه السلام: خشي الفتن.
221 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة
ابن صدقة عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل يذكر فيه يوسف وفيه: فكان من امره الذي
كان ان احتاز مملكة الملك وما حولها إلى اليمن.
222 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لم -
يبعث أنبياء ملوكا في الأرض الا أربعة إلى.. واما يوسف فملك مصر وبراريها ولم يتجاوزها
إلى غيرها.
223 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن جعفر عن
أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عاش يعقوب بن إسحاق مأة وأربعين سنة وعاش
يوسف بن يعقوب عليه السلام مأة وعشرين سنة.
224 - في مجمع البيان وفي كتاب النبوة بالاسناد عن محمد بن مسلم إلى
قوله: وبالاسناد عن أبي خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل يوسف السجن وهو ابن
اثنى عشرة سنة ومكث فيه ثماني عشرة سنة، وبقى بعد خروجه ثمانين سنة، فذلك مأة
سنة وعشر سنين.
225 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل بن صالح
عن يزيد الكناسي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان نزل على رجل بالطائف
قبل الاسلام فأكرمه، فلما ان بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله إلى الناس قيل للرجل: أتدري
من الذي أرسله الله عز وجل إلى الناس؟ قال: لا، قال: هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله يتيم
أبي طالب وهو الذي كان نزل بالطائف يوم كذا وكذا فأكرمته، قال: فقدم الرجل

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر والمنقول عنه في البحار " لما عزل له. اه ".
473

على رسول الله صلى الله عليه وآله فسلم عليه وأسلم ثم قال له: تعرفني يا رسول الله؟ قال: ومن أنت؟
قال: أنا رب المنزل الذي نزلت به بالطائف في الجاهلية يوم كذا وكذا فأكرمتك
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: مرحبا بك سل حاجتك، قال: أسئلك مأتي شاة برعاتها، فأمر له
رسول الله صلى الله عليه وآله بما سأل، ثم قال لأصحابه: ما كان على هذا الرجل ان يسألني
سؤال عجوز بني إسرائيل لموسى عليه السلام، فقالوا: وما سئلت عجوز بني إسرائيل
فقال: ان الله عز وجل أوحى إلى موسى ان احمل عظام يوسف من مصر قبل أن يخرج
منها إلى الأرض المقدسة بالشام، فسأل موسى عليه السلام عن قبر يوسف عليه السلام فجاء شيخ فقال:
إن كان أحد يعرف قبره ففلانة، فأرسل موسى عليه السلام إليها، فلما جاءته قال: تعلمين
قبر يوسف؟ قالت: نعم، قال فدليني عليه ولك ما سألت، قالت: لا أدلك عليه
الا بحكمي، قال: فلك الجنة، قالت: لا الا بحكمي عليك، فأوحى الله عز وجل إلى
موسى: لا يكبر عليك أن تجعل لها حكمها، فقال لها موسى: فلك حكمك قالت:
فان حكمي ان أكون معك في درجتك التي تكون فيها يوم القيامة في الجنة، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان على هذا لو سألني ما سألت عجوز بني إسرائيل؟.
226 - في من لا يحضره الفقيه قال الصادق عليه السلام: ان الله عز وجل أوحى
إلى موسى بن عمران: ان أخرج عظام يوسف عليه السلام من مصر ووعده طلوع القمر فأبطأ
القمر عليه فسأل عمن يعلم موضعه؟ فقيل له: ههنا عجوز تعلم فبعث إليها فأتى
بعجوز مقعدة عمياء فقال: تعرفين قبر يوسف عليه السلام؟ قالت: نعم قال فأخبريني
بموضعه فقالت: لا أفعل حتى تعطيني خصالا تطلق رجلي وتعيد إلي بصري وترد
إلي شبابي وتجعلني معك في الجنة، فكبر ذلك على موسى عليه السلام فأوحى الله إليه انما
تعطي علي فاعطها ما سألت ففعل فدلته على قبر يوسف عليه السلام فاستخرجه من شاطئ
النيل في صندوق مرمر فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام، فلذلك يحمل
أهل الكتاب موتاهم إلى الشام، وهو يوسف بن يعقوب وما ذكر الله عز وجل يوسف
في القرآن غيره.
227 - في تفسير علي بن إبراهيم: وكأين من آية في السماوات والأرض
474

يمرون عليها وهم عنها معرضون قال: الكسوف والزلزلة والصواعق.
228 - أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن علي بن
الحكم عن موسى بن بكر عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تبارك وتعالى:
وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون قال: شرك طاعة وليس شرك عبادة، والمعاصي
التي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان، فاشركوا بالله في الطاعة لغيره، و
ليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير الله.
229 - في كتاب التوحيد باسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث
طويل يقول فيه: وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى لها غيره وهي التي وصفها في الكتاب
فقال: " فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه " جهلا بغير علم فالذي يلحد في
أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم، ويكفر به وهو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: " و
ما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون " فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها
غير مواضعها.
230 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن
المبارك عن عبد الله بن جبلة عن سماعة عن أبي بصير وإسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل: " وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون " قال: يطيع الشيطان
من حيث لا يعلم فيشرك.
231 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن بكر عن ضريس عن
أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون " قال
شرك طاعة وليس شرك عبادة.
232 - في تفسير العياشي عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله:
وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون " قال: من ذلك قول الرجل: لا وحياتك.
233 - عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال: شرك لا يبلغ به الكفر.
234 - أبو بصير عن أبي إسحاق قال: هو قول الرجل: لولا الله وأنت ما فعل
بي كذا وكذا، ولولا الله وأنت ما صرف عني كذا وكذا وأشباه ذلك.
475

235 - عن مالك بن عطية عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وما يؤمن أكثرهم
بالله الا وهم مشركون " قال: هو الرجل يقول: لولا فلان لهلكت، ولولا فلان لأصبت
كذا وكذا، ولولا فلان لضاع عيالي، الا ترى انه قد جعل لله شريكا في ملكه يرزقه
ويدفع عنه، قال: قلت: فيقول: لولا أن من الله علي بفلان لهلكت؟ قال: نعم لا بأس بهذا.
236 - عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهم -
السلام قالوا: سألناهما! فقالا: شرك النعم.
237 - في مجمع البيان اختلف في معناه على أقوال: أحدها انهم مشركوا
قريش، كانوا يقرون بالله خالقا ومحييا ومميتا، ويعبدون الأصنام ويدعونها آلهة، مع أنهم
كانوا يقولون: الله ربنا والهنا يرزقنا وكانوا مشركين بذلك وثانيها انها نزلت
في مشركي العرب إذا سئلوا: من خلق السماوات والأرض وينزل القطر؟ قالوا:
الله ثم هم يشركون وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، الا شريك هو
لك تملكه وما ملك وثالثها انهم أهل الكتاب آمنوا بالله واليوم الآخر والتوراة و
الإنجيل ثم أشركوا بانكار القرآن وانكار نبوة نبينا صلى الله عليه وآله وهذا القول مع ما تقدمه
رواه دارم ابن قبيصة عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده أبي عبد الله عليهم السلام.
238 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: قل هذه سبيلي ادعو
إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني قال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام،
والأوصياء من بعدهم.
239 - علي بن إبراهيم عن أبيه قال: قال علي بن حسان لأبي جعفر: يا سيدي
ان الناس ينكرون عليك حداثة سنك فقال: وما ينكرون؟ ذلك قول الله عز وجل لقد قال
لنبيه: " قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني " فوالله ما تبعه الا علي عليه السلام
وله تسع سنين، وانا ابن تسع سنين.
240 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال الباقر عليه السلام: " قل هذه سبيلي
ادعو إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني " قال: علي اتبعه.
476

241 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد
عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: اخبرني عن الدعاء إلى الله و
الجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم به الا من كان منهم، أم هو مباح لكل
من وحد الله عز وجل وآمن برسول الله صلى الله عليه وآله ومن كان كذا فله ان يدعو إلى الله عز وجل و
إلى طاعته وان يجاهد في سبيله؟ فقال: ذلك لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم بذلك الا من
كان منهم قلت: من أولئك؟ قال: من قام بشرائط الله عز وجل في القتال والجهاد على
المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عز وجل، ومن لم يكن قائما بشرائط الله في
الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدعاء إلى الله، حتى يحكم في
نفسه ما اخذ الله عليه من شرائط الجهاد، قلت: فبين لي يرحمك الله ان الله تبارك و
تعالى أخبر في كتابه الدعاء إليه ووصف الدعاة إليه إلى أن قال: ثم أخبر عن هذه الأمة و
ممن هي وانها من ذرية إبراهيم ومن ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله
قط، الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر
عنهم في كتابه أنه اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، الذين وصفناهم قبل هذا في
صفة أمة إبراهيم عليه السلام، الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله: " ادعو إلى الله على
بصيرة انا ومن اتبعني " يعني أول من اتبعه على الايمان به والتصديق له وبما جاء به من
عند الله عز وجل، من الأمة التي بعث فيها ومنها واليها قبل الخلق، ممن لم يشرك بالله
قط، ولم يلبس ايمانه بظلم وهو الشرك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
242 - في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلاة يوم الغدير المسند إلى
الصادق عليه السلام: ربنا آمنا واتبعنا مولانا وولينا وهادينا وداعينا وداعي الأنام وصراطك
المستقيم السوي وحجتك وسبيلك الداعي إليك على بصيرة هو ومن اتبعه وسبحان الله
عما يشركون بولايته وبما يلحدون وباتخاذ الولايج دونه.
243 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: " قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني " يعني نفسه، ومن تبعه
علي بن أبي طالب وآل محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
477

244 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس
عن هشام بن الحكم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سبحان الله فقال: انفة الله (1).
245 - أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن علي بن أسباط عن
سليمان مولى طربال عن هشام الجواليقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
" سبحان الله " ما يعني به؟ قال: تنزيه.
246 - في الكافي علي عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة قال: قلت: لأبي -
عبد الله عليه السلام ما تفسير " سبحان الله "؟ قال: انفة لله، أما ترى الرجل إذا عجب من الشئ
قال: سبحان الله.
247 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت حديث
طويل تقدم مسندا عند قوله تعالى: " واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان " الآيات
يقول فيه عليه السلام: أولست تعلم أن الله عز وجل لم يخل الدنيا قط من نبي أو امام من البشر؟
أوليس الله يقول: وما أرسلنا قبلك يعني إلى الخلق الا رجالا نوحي إليهم من أهل
القرى فأخبر انه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمة أو حكاما، وانما
أرسلوا إلى أنبياء الله.
248 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم
قد كذبوا جاءهم نصرنا فإنه حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: وكلهم إلى أنفسهم فظنوا أن الشياطين قد تمثلت لهم في
صورة الملائكة.
249 - في تفسير العياشي عن ابن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وكلهم إلى
أنفسهم أقل من طرفة عين.
250 - عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كيف لم يخف رسول الله صلى الله عليه وآله فيما
يأتيه من قبل الله أن يكون ذلك ما ينزغ به الشيطان؟ قال: فقال: ان الله إذا اتخذ عبدا

(1) يعني تنزيه لذاته الأحدية عن كل ما لا يليق بجنابه، يقال: أنف من الشئ إذا استنكف
عنه وكرهه وشرف نفسه عنه. " قاله في الوافي ".
478

رسولا انزل عليه السكينة والوقار، وكان يأتيه من قبل الله مثل الذي يراه بعينه.
251 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام عند المأمون في عصمة
الأنبياء عليهم السلام حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثنا أبي عن
حمدان بن سليمان النيسابوري عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون
وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا بن رسول الله أليس من قولك: ان الأنبياء معصومون
قال: بلى، قال: فما معنى قول الله عز وجل إلى أن قال: فأخبرني عن قول الله
تعالى: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " قال الرضا عليه السلام:
يقول الله تعالى: " حتى إذا استيأس الرسل من قومهم فظن قومهم ان الرسل قد كذبوا
جاء الرسل نصرنا، فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.
479

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من أكثر
قراءة سورة الرعد لم يصبه الله بصاعقة ابدا ولو كان ناصبيا وإذا كان مؤمنا دخل
الجنة بلا حساب، ويشفع في جميع من يعرفه من أهل بيته واخوانه.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة الرعد
اعطى من الاجر عشر حسنات بعدد كل سحاب مضى، وكل سحاب يكون إلى يوم القيمة
وكان يوم القيمة من المؤمنين بعهد الله.
3 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: " والمر " معناه: انا الله المحيي المميت الرازق.
4 - في تفسير العياشي عن أبي لبيد عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا أبا لبيد ان
لي في حروف القرآن المقطعة لعلما جما ان الله تبارك وتعالى انزل " ألم ذلك الكتاب "
فقام محمد صلى الله عليه وآله حتى ظهر نوره وثبتت كلمته، وولد يوم ولد وقد مضى من الألف السابع
مأة سنة وثلاث سنين، ثم قال: وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة، إذا
عددتها من غير تكرار، وليس من حروف مقطعة حرف تنقضي أيامه الا وقائم من بني
هاشم عند انقضائه، ثم قال: الألف واحد، واللام ثلثون، والميم أربعون، والصاد
تسعون فذلك مأة واحد وستون، ثم كان بدو خروج الحسين بن علي عليهما السلام
" ألم " فلما بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند " المص " ويقوم قائمنا عند انقضائها
بالمر فافهم ذلك وعه واكتمه (1)
5 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي
الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن قوله تعالى: " والسماء ذات الحبك "

(1) وقد مر بعض ما ورد من الروايات في الحروف المقطعة في أمثال هذه السورة التي
ثنيت بلفظ الكتاب في أول سورة يونس فراجع.
480

فقال: هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه، فقلت: كيف يكون محبوكة إلى
الأرض والله يقول: " رفع السماء بغير عمد ترونها؟ فقال: سبحان الله، أليس يقول
" بغير عمد ترونها "؟ فقلت: بلى، قال: فثم عمد ولكن لا ترونها والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة، وستقف عليه بتمامه أول الذاريات وآخر الطلاق
انشاء الله تعالى.
6 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات
(1) بلا عمد، قائمات بلا سند.
7 - وفيه كلام له عليه السلام يذكر فيه خلق السماوات: جعل سفلاهن موجا
مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا، بغير عمد تدعمها ولا دسار ينتظمها (2).
8 - في كتاب الإهليلجة قال الصادق عليه السلام فنظرت العين إلى خلق مختلف
متصل بعضه ببعض، ودلها القلب على أن لذلك خالقا وذلك أنه فكر حيث دلته العين على أن
ما عاينت من عظم السماء وارتفاعها في الهواء بغير عمد ولا دعامة تمسكها وانها لا تتأخر
فتنكشط (3) ولا تتقدم فتزول، ولا تهبط مرة فتدنوا ولا ترتفع فلا ترى.
9 - في تفسير العياشي عن الخطاب الأعور رفعه إلى أهل العلم والفقه من
آل محمد صلى الله عليه وآله قال: في الأرض قطع متجاورات يعني هذه الأرض الطيبة مجاورة
لهذه الأرض المالحة، وليست منها كما يجاور القوم القوم وليسوا منهم.
10 - في مجمع البيان وروى عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله بقول لعلي عليه السلام: الناس
من شجرة شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة ثم قرأ: " وفي الأرض قطع متجاورات وجنات
من أعناب " الآية " صنوان وغير صنوان " قيل الصنو المثل والصنوان الأمثال، ومنه قوله
عم الرجل صنو أبيه.
11 - في نهج البلاغة قال: واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء

(1) وطد الشئ: دام وثبت ورسا.
(2) الدسار واحد الدسر: المسامير.
(3) اي تنقطع.
481

الافعال وذميم الأعمال، فتذكروا [في الأمم] في الخير والشر أحوالهم، واحذروا ان
تكونوا أمثالهم.
12 - وفيه قال عليه السلام: فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس
الله وصولاته ووقايعه ومثلاته، واتعظوا بمثاوي (1) خدودهم ومصارع جنوبهم.
13 - في كتاب التوحيد حدثنا أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي بنيسابور
سنة اثنين وخمسين وثلثمأة، قال: أخبرنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا
أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم العباسي يقول: كنا في مجلس الرضا عليه السلام: فتذاكروا
الكبائر وقول المعتزلة فيها انها لا تغفر، فقال الرضا عليه السلام: قال أبو عبد الله عليه السلام قد نزل
القرآن بخلاف قول المعتزلة قال الله جل جلاله: وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم.
14 - في مجمع البيان وروى سعيد بن المسيب قال: لما نزلت هذه الآية قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد بعيش، ولولا وعيد الله وعقابه لاتكل
كل واحد.
15 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى عباد بن عبد الله قال: قال علي
عليه السلام: ما نزلت من القرآن آية الا وقد علمت أين نزلت وفيمن نزلت وفي اي شئ نزلت
وفي سهل نزلت أو في جبل نزلت، قيل: فما نزل فيك؟ قال: لولا انكم سألتموني ما
أخبرتكم، نزلت في هذه الآية " انما أنت منذر ولكل قوم هاد " فرسول الله صلى الله عليه وآله المنذر،
وأنا الهادي إلى ما جاء به.
16 - في مجمع البيان عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي، يا علي بك يهتدي المهتدون.
17 - وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل
بالاسناد عن أبي بردة الأسلمي قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله بالطهور وعنده علي بن أبي
طالب عليه السلام، فأخذ رسول الله بيد علي عليه السلام بعد ما تطهر فألزقها بصدره، ثم قال
" انما أنت منذر " ثم ردها إلى صدر علي ثم قال: " ولكل قوم هاد " ثم قال: انك منارة الأنام

(1) المثاوى جمع المثوى: المنزل.
482

وغاية الهدي وأمير القرى، اشهد على ذلك انك كذلك.
18 - في كشف المحجة لابن طاوس " عليه الرحمة " عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل وفيه: قال الله تعالى لنبيه: " انما أنت منذر ولكل قوم هاد " فالهادي
بعد النبي صلى الله عليه وآله هاد لامته على ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله، فمن عسى أن يكون الهادي
الا الذي دعاكم إلى الحق وقادكم إلى الهدى.
19 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن مسلم قال قلت
لأبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " انما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال: كل امام
هادي كل قوم في زمانه.
20 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن
سعيد عن النضر بن سويد وفضالة بن أيوب عن موسى بن بكر عن الفضيل قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " ولكل قوم هاد " فقال: كل امام هاد للقرن
الذي هو فيهم.
21 - علي بن إبراهيم عن محمد بن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد
العجلي عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " انما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال:
رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله، ثم الهداة
من بعده علي ثم الأوصياء واحدا بعد واحد.
22 - الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن محمد
ابن إسماعيل عن سعدان عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " انما أنت منذر ولكل
قوم هاد " فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر، وعلي الهادي، يا أبا محمد هل من هاد اليوم؟
قلت: بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد من بعد هاد حتى دفعت إليك، فقال: رحمك
الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات
الكتاب، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما يجري فيمن مضى.
23 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن منصور
عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " انما أنت منذر
483

ولكل قوم هاد " فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر، وعلي الهادي، اما والله ما ذهبت منا و
ما زالت فينا إلى الساعة.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: المنذر رسول الله صلى الله عليه وآله، والهادي أمير المؤمنين، وبعده الأئمة عليهم السلام
وهو قوله: " ولكل قوم هاد " في كل زمان هاد مبين، وهو رد على من ينكر ان في كل
أوان وزمان إماما، وانه لا تخلو الأرض من حجة كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تخلو
الأرض من قائم بحجة الله اما ظاهر مشهور واما خائف مغمور لئلا تبطل حجج
الله وبيناته.
25 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: فينا نزلت هذه الآية " انما أنت منذر ولكل قوم هاد "
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انا المنذر وأنت الهادي يا علي فهنا الهادي والنجاة والسعادة
إلى يوم القيمة.
26 - عن عبد الرحيم القصير قال: كنت يوما من الأيام عند أبي جعفر عليه السلام فقال:
يا عبد الرحيم، قلت: لبيك، قال: قول الله: " انما أنت منذر ولكل قوم هاد " إذ
قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا المنذر وعلي الهادي ومن الهادي اليوم؟ قال: فمكثت
طويلا ثم رفعت رأسي فقلت: جعلت فداك هي فيكم توارثوها رجل فرجل حتى انتهت
إليك، فأنت جعلت فداك الهادي، قال: صدقت يا عبد الرحيم ان القرآن حي لا
يموت " والآية حية لا تموت.
27 - وقال عبد الرحيم: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان القرآن لم يمت وانه يجري كما
يجري الليل والنهار، وكما يجري الشمس والقمر، ويجري على آخرنا كما
يجري على أولنا.
28 - عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول في قول الله
تبارك وتعالى: " انما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر وعلي
الهادي، وكل امام هاد للقرن الذي هو فيه.
484

29 - جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: انا المنذر وعلي الهادي إلى أمري.
30 - في روضة الكافي محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن
إسماعيل بن جابر وعبد الملك بن عمرو وعبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
عاش نوح عليه السلام خمسمأة سنة، ثم أتاه جبرئيل عليه السلام فقال: يا نوح قد انقضت نبوتك و
استكملت أيامك فانظر الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معك، فادفعها إلى
ابنك سام، فاني لا أترك الأرض الا وفيها عالم تعرف به طاعتي ويعرف به هداي ويكون نجاة
فيما بين مقبض النبي عليه السلام ومبعث النبي الآخر، ولم اترك الأرض بغير حجة إلى وداع
إلي وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري، فاني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به
السعداء، ويكون حجة لي على الأشقياء قال. فدفع نوح صلى الله عليه الاسم الأكبر وميراث
العلم وآثار علم النبوة إلى سام، واما حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به.
31 - في الكافي عنه عن أحمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن حريز
عمن ذكره عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز وجل يعلم ما تحمل كل أنثى وما
تغيض الأرحام وما تزداد قال: الغيض كل حمل دون تسعة أشهر، " وما تزداد " كل
شئ يزداد على تسعة أشهر، وكلما رأت المراة الدم الخالص في حملها فإنها تزداد
بعدد الأيام التي زاد فيها في حملها من الدم.
32 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر أو أبي عبد الله عليهما السلام في قوله:
" ما تحمل كل أنثى " يعني الذكر والأنثى " وما تغيض الأرحام " قال: الغيض ما كان أقل من
الحمل " وما تزداد " ما زاد من الحمل، فهو كلما زاد من الدم في حملها.
33 - محمد بن مسلم وحمران وزرارة عنهما عليهما السلام قالا: " وما تحمل كل
أنثى " وأنثى أو ذكر، " وما تغيض الأرحام " التي لا تحمل " وما تزداد " من أنثى أو ذكر.
34 - عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: " ما تحمل
كل أنثى وما تغيض الأرحام " قال: ما لم يكن حملا " وما تزداد " قال: الذكر
والأنثى جميعا.
35 - زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " يعلم ما تحمل كل أنثى " قال الذكر
485

والأنثى " وما تغيض الأرحام " قال: ما كان من دون التسعة وهو غيض، " وما تزداد "
قال: ما رأت الدم في حال حملها ازداد به على التسعة الأشهر.
36 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: سواء منكم من أسر القول ومن جهر به يعني فالسر والعلانية عنده سواء.
37 - في تفسير العياشي عن شريك العجلي قال: سمعني أبو عبد الله عليه السلام وأنا
اقرأ: له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله فقال: مه وكيف يكون
المعقبات من بين يديه؟ انما يكون المعقبات من خلفه انما أنزلها الله: " له رقيب من
بين يديه ومعقبات من خلفه يحفظونه بأمر الله ".
38 - عن فضيل بن عثمان [سكره] (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال في هذه الآية:
" له معقبات من بين يديه " الآية قال: هو المقدمات المؤخرات (2) المعقبات
الباقيات الصالحات.
39 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب حمران قال: قال لي أبو جعفر
عليه السلام وقد قرأت: " له معقبات من بين يديه ومن خلفه " قال: وأنتم عرب يكون
المعقبات بين يديه؟ قلت: كيف تقرأها؟ قال: " له معقبات من خلفه ورقيب من
بين يديه يحفظونه بأمر الله من أمر الله ".
40 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " له معقبات من بين يديه ومن خلفه
يحفظونه من أمر الله " فقال أبو عبد الله عليه السلام: كيف يحفظ الشئ من أمر الله وكيف
يكون المعقب من بين يديه؟ فقيل له: وكيف ذلك يا بن رسول الله؟ فقال: انما
أنزلت: " له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله ".
41 - وفيه قوله: " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله "
فإنها قرئت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال لقاريها ألستم عربا فكيف يكون المعقبات من
بين يديه وانما المعقب من خلفه؟ فقال الرجل: جعلت فداك كيف هذا؟ فقال:

(1) ما بين العلامتين غير موجود في المصدر.
(2) وفي المصدر: " من المقدمات المؤخرات ".
486

انما أنزلت " له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله " ومن ذا
الذي يقدر ان يحفظ الشئ من أمر الله وهم الملائكة الموكلون بالناس.
42 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " له معقبات من
من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله " يقول: بأمر الله من أن يقع في
ركي (1) أو يقع عليه حائط أو يصيبه شئ حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه،
يدفعونه إلى المقادير، وهما ملكان يحفظانه بالليل وملكان بالنهار يتعاقبانه.
43 - في مجمع البيان وروى عن علي عليه السلام " يحفظونه بأمر الله " واختلف في المعقبات
على أقوال: " أحدها ": انها الملائكة يتعاقبون تعقب ملائكة الليل ملائكة النهار،
وملائكة النهار ملائكة الليل، وهم الحفظة يحفظون على العبد عمله، عن الحسن
وسعيد بن جبير وقتادة والجبائي، وقال الحسن: هم أربعة املاك يجتمعون عند صلاة
الفجر وهو معنى قوله: ان قرآن الفجر كان مشهودا " وقد روى ذلك عن الأئمة عليهم السلام.
44 - والثاني انهم ملائكة يحفظونه من المهالك حتى ينتهوا به إلى المقادير
فيخلون بينه وبين المقادير عن علي عليه السلام.
45 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبي خالد الكابلي قال: سمعت
زين العابدين عليه السلام يقول: الذنوب التي تغير النعم البغي على الناس والزوال عن العادة
في الخير، واصطناع المعروف وكفران النعم وترك الشكر، قال الله عز وجل:
ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
46 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل
ابن صالح عن سدير قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " قالوا
ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم " الآية فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة
ينظر بعضهم إلى بعض، وأنهار جارية، وأموال ظاهرة فكفروا نعم الله عز وجل و
غيروا ما بأنفسهم من عافية الله، فغير الله ما بهم من نعمة، وان الله لا يغير ما بقوم حتى
يغيروا ما بأنفسهم، فأرسل عليهم سيل العرم فغرق قراهم، وخرب ديارهم، وأذهب

(1) الركى جمع الركية: البئر.
487

بأموالهم وأبدلهم مكان جناتهم " جنتين ذواتي اكل خمط واثل وشئ من سدر قليل "
ثم قال: " ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازى الا الكفور ".
47 - في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي
نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول في قول الله تبارك وتعالى:
" ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له " فقال:
ان القدرية يحتجون بأولها وليس كما يقولون، الا ترى ان الله تبارك وتعالى يقول:
وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وقال نوح صلى الله عليه: " ولا ينفعكم نصحي ان أردت ان
انصح لكم إن كان الله يريد ان يغويكم " قال: الامر إلى الله يهدي من يشاء.
48 - في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام عن
قول الله: " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد
له " فصار الامر إلى الله تعالى.
49 - عن سليمان بن عبد الملك قال: كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام قاعدا
فأتى بامرأة قد صار وجهها قفاها، فوضع يده اليمنى في جبينها ويده اليسرى من خلف
ذلك ثم عصر وجهها عن اليمين، ثم قال: " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
فرجع وجهها فقال: احذري ان تفعلين كما فعلت (1).
50 - عن أبي عمرو المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أبي كان يقول: إن
الله قضى قضاءا حتما لا ينعم على عبده نعمة فيسلبها إياه قبل ان يحدث العبد ذنبا يستوجب
بذلك الذنب سلب تلك النعمة، وذلك قول الله: " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا
ما بأنفسهم ".
51 - عن الحسين بن سعيد المكفوف كتب إليه في كتاب له: جعلت فداك يا
سيدي علم مولاك ما معنى " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فكتب صلوات

(1) وبعده: " قالوا يا بن رسول الله وما فعلت؟ فقال: ذلك مستور الا أن تتكلم به
فسألوها فقالت: كانت لي ضرة فقمت أصلي فظننت ان زوجي معها، فالتفت إليها فرأيتها قاعدة
وليس هو معها فرجع وجهي على ما كان ".
488

الله عليه: اما التغيير فإنه ليس إليهم حتى يتولوا ذلك بأنفسهم بخطاياهم وارتكابهم
ما نهى عنه، وفي الحديث أشياء غير هذا سؤالا وجوابا انتزعنا منه موضع الحاجة.
52 - في عيون الأخبار حديث طويل وفيه وقال الرضا عليه السلام في قول الله عز وجل:
هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا قال: خوفا للمسافر وطمعا للمقيم.
53 - في تفسير العياشي يونس بن عبد الرحمان ان داود قال: كنا عنده فارتعدت
السماء فقال له أبو بصير: جعلت فداك ان للرعد كلاما؟ فقال: يا محمد سل عما يعنيك
فقال له أبو بصير: جعلت فداك ان للرعد كلاما؟ فقال: يا أبا محمد سل عما يعنيك
ودع عما لا يعنيك.
54 - في من لا يحضره الفقيه وروى أن الرعد صوت ملك أكبر من الذباب
وأصغر من الزنبور.
55 - وسأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام عن الرعد أي شئ هو؟ قال: إنه بمنزلة
الرجل يكون في الإبل فيزجرها هاي هاي كهيئة ذلك، قال: قلت: جعلت فداك فما
حال البرق؟ قال: تلك مخاريق الملائكة (1) تضرب السحاب فتسوقه إلى الموضع
الذي قضى الله عز وجل فيه المطر، وهذان الحديثان تقدما أول البقرة.
56 - في مجمع البيان وكان صلى الله عليه وآله إذا سمع صوت الرعد قال: سبحان من
يسبح الرعد بحمده.
57 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن ربكم سبحانه يقول: لو أن عبادي أطاعوني
لاسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولم أسمعهم صوت الرعد.
58 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وآله
بعث رجلا إلى فرعون من فراعنة العرب يدعوه إلى الله عز وجل، فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله:
أخبرني عن الذي تدعوني إليه أمن فضة هو أم من ذهب أم من حديد؟ فرجع إلى النبي
صلى الله عليه وآله فأخبره بقوله فقال النبي: ارجع إليه فادعه قال: يا نبي الله انه أغنى من ذلك، قال:

(1) قال الطريحي: في الحديث البرق مخاريق الملائكة هي جمع مخراق وهو في
الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا يعني البرق آلة تزجر الملائكة بها السحاب وتسوقه.
489

ارجع إليه، فقال كقوله فبينا هو يكلمه إذ رعدت سحابة رعدة فأبقت على رأسه صاعقة
ذهبت بقحف رأسه (1) فأنزل الله جل ثناؤه: ويرسل الصواعق فيصيب بها من
يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال.
59 - في الصحيفة السجادية في دعائه عليه السلام في الصلاة على حملة العرش
والذي بصوت زجره يسمع زجل الرعود وإذا سبحت به حفيفة السحاب التمعت
صواعق البروق.
60 - في مجمع البيان " وهو شديد المحال " اي شديد الاخذ عن علي عليه السلام.
61 - وروى سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا سمع صوت
الرعد والصواعق قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا
قبل ذلك.
62 - وروى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ان الصواعق تصيب المسلم وغير المسلم
ولا تصيب ذاكرا.
63 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد
ابن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
يموت المؤمن بكل ميتة الا الصاعقة وهو يذكر الله عز وجل.
64 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن
معاوية العجلي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الصواعق لا تصيب ذاكرا، قال: قلت:
وما الذاكر؟ قال: من قرأ مأة آية.
65 - حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهيب بن حفص عن
أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ميتة المؤمن، قال: يموت المؤمن بكل
ميتة غرقا، ويموت بالهدم، ويبتلي بالسبع، ويموت بالصاعقة ولا تصيب ذاكرا
لله عز وجل.
66 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن أبيه عمن ذكره عن أبي عبد الله

(1) القحف: العظم فوق الدماغ.
490

عليه السلام أنه قال: لا تملوا من قراءة " إذا زلزلت الأرض زلزالها " فإنه من كانت
قرائته بها في نوافله لم يصبه الله عز وجل بزلزلة ابدا، ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة
من آفات الدنيا حتى يموت، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ الا كباسط كفيه إلى الماء
ليبلغ فاه وما هو ببالغه فهذا مثل ضربه للذين يعبدون الأصنام، والذين يعبدون
آلهة من دون الله، فلا يستجيبون لهم بشئ ولا ينفعهم الا كباسط كفيه إلى الماء
ليتناوله من بعيد ولا يناله.
68 - وحدثني أبي عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر
عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله رأيت أمرا عظيما، فقال
وما رأيت؟ قال: كان لي مريض ونعت له ماء من بئر بالأحقاف يستشفي به في برهوت
قال: فتهيأت ومعي قربة وقدح لآخذ من مائها واصب في القربة، إذا بشئ قد
هبط في جو السماء كهيئة السلسلة وهو يقول: يا هذا اسقني الساعة أموت
فرفعت رأسي إليه ورفعت إليه القدح لأسقيه فإذا رجل في عنقه سلسلة، فلما ذهبت
أناوله القدح اجتذب حتى علق بالشمس، ثم أقبلت على الماء اغرف إذ أقبل الثانية
وهو يقول: العطش العطش يا هذا اسقني الساعة أموت فرفعت القدح لأسقيه فاجتذب
حتى علق بالشمس حتى فعل ذلك الثالثة وشددت قربتي ولم اسقه، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: ذاك قابيل بن آدم قتل أخاه وهو قوله عز وجل: " والذين يدعون من دونه لا
يستجيبون لهم بشئ الا كباسط كفيه " إلى قوله " الا في ضلال ".
69 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عن غالب بن عبد الله
عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: وضلالهم بالغدو والآصال قال: هو
الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وهي ساعة إجابة.
70 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ولله يسجد من في السماوات والأرض
طوعا وكرها وضلالهم بالغدو والآصال قال: بالعشي قال: ظل المؤمن يسجد طوعا،
491

وظل الكافر يسجد كرها، هو نموهم وحركتهم وزيادتهم ونقصانهم.
71 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " ولله يسجد من في
السماوات والأرض طوعا وكرها " الآية قال: اما من يسجد من أهل السماوات طوعا
فالملائكة يسجدون لله طوعا، ومن يسجد من أهل الأرض، فمن ولد في الاسلام فهو
يسجد له طوعا، واما من يسجد له كرها فمن جبر على الاسلام، واما من لم يسجد
فظله يسجد له بالغداة والعشي.
72 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: فتبارك الذي يسجد له من في السماوات والأرض
طوعا وكرها ويعفر له خدا ووجها ويلقى بالطاعة إليه سلما وضعفا ويعطي له القياد
رهبة وخوفا.
73 - وقال عليه السلام: وسجدت له بالغدو والآصال الأشجار.
74 - في كتاب اعتقادات الامامية للصدوق (ره) وروى عن زرارة أنه قال: قلت
للصادق عليه السلام ان رجلا من ولد عبد الله بن سنان يقول بالتفويض قال: وما التفويض؟
قلت: يقول: إن الله عز وجل خلق محمدا وعليا ثم فوض إليهما فخلقا ورزقا و
أحييا وأماتا فقال: كذب عدو الله وإذا رجعت إليه فاقرأ عليه الآية التي في سورة الرعد:
أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو
الواحد القهار فانصرفت إلى الرجل فأخبرته وكأنما ألقمته حجرا أو قال: فكأنما خزى.
75 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه: وقد بين الله تعالى قصص المغيرين فضرب مثلهم بقوله فاما الزبد فيذهب
جفاء واماما ينفع الناس فيمكث في الأرض فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين
الذين أثبتوه في القرآن فهو يضمحل ويبطل، ويتلاشى عند التحصيل، والذي ينفع
الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والقلوب
تقبله، والأرض في هذا الموضع فهي محل العلم وقراره، وليس يسوغ مع عموم
التقية التصريح بأسماء المبدلين، ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقاءهم في
الكتاب لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل والكفر والملل المنحرفة، و
492

ابطال هذا العلم الظاهر الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على
الايتمار له والرضا بهم، ولان أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عدد من أهل الحق
، ولان الصبر على ولاة الامر مفروض لقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: فاصبر
كما صبر أولوا العزم من الرسل " وايجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله:
" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ".
76 - في مجمع البيان: أولئك لهم سوء الحساب في الحديث: من نوقش
في الحساب عذب، وقيل: هو ان لا يقبل لهم حسنة ولا تغفر لهم سيئة وروى ذلك
عن أبي عبد الله عليه السلام.
77 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله وبئس المهاد قال: يمهدون في النار.
78 - في تفسير العياشي عن عقبة بن خالد قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
فاذن لي وليس هو في مجلسه، فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه وليس
عليه جلباب، فلما نظر إلينا رحب بنا ثم جلس (1) ثم قال: أنتم أولوا الألباب
في كتاب الله قال الله: انما يتذكر أولوا الألباب.
79 - عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تفكر ساعة خير من عبادة سنة
انما يتذكر أولوا الألباب.
80 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن
أبي الحسن عليه السلام قال: إن رحم آل محمد معلقة بالعرش، تقول: اللهم صل من وصلني
واقطع من قطعني، وهي تجري في كل رحم ونزلت هذه الآية في آل محمد وما
عاهدهم عليه وما أخذ عليهم من الميثاق في الذر من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام و
الأئمة عليهم السلام بعده وهو قوله: الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق الآية.
81 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن
علي الوشاء عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول إن
الرحم معلقة بالعرش تقول: اللهم صلى من وصلني واقطع من قطعني، وهي

(1) وفي المصدر: " فلما نظر إلينا قال: أحب لقائكم ثم جلس ".
493

رحم آل محمد وهو قول الله عز وجل: الذين يصلون ما أمر الله به ان يوصل ورحم
كل ذي رحم.
82 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن صفوان
الجمال قال: وقع بين أبي عبد الله عليه السلام وبين عبد الله بن الحسن كلام حتى وقعت الضوضاء
بينهم (1) فاجتمع الناس فافترقا عشيتهما بذلك وغدوت في حاجة، فإذا انا بأبي
عبد الله عليه السلام على باب عبد الله بن الحسن وهو يقول: يا جارية قولي لأبي محمد، قال:
فخرج فقال: يا أبا عبد الله ما بكر بك؟ قال: اني تلوت آية من كتاب الله عز وجل
البارحة فأقلقتني، قال: وما هي؟ قال: قول الله عز وجل: " الذين يصلون ما أمر
الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " فقال: صدقت لكأني لن اقرأ
هذه الآية من كتاب الله قط فاعتنقا وبكيا.
83 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن ابن فضال عن ابن بكير عن عمر
ابن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " الذين يصلون ما أمر الله
به ان يوصل " فقال: قرابتك.
84 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان وهشام بن الحكم
ودرست بن أبي منصور عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " الذين يصلون ما أمر
الله به ان يوصل " فقال: نزلت في رحم آل محمد صلى الله عليه وآله وقد يكون في قرابتك، ثم قال.
فلا تكونن ممن يقول للشئ انه في شئ واحد.
85 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن
سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ومما فرض الله تعالى أيضا في المال من
غير الزكاة قوله تعالى: " الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل " والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
86 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن جميل بن
صالح عن هشام بن أحمر، وعلي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن

(1) الضوضاء: أصوات الناس في الحرب.
494

شاذان عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد جميعا عن سلمة مولاة أبي عبد الله عليه السلام
قالت: كنت عند أبي عبد الله حين حضرته الوفاة فأغمى عليه، فلما أفاق قال: أعطوا
الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الأفطس سبعين دينارا، وأعطوا فلانا كذا، وفلانا
كذا فقلت: أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة؟ فقال: ويحك اما تقرئين القرآن؟
قلت: بلى، قال: أما سمعت قول الله عز وجل: " الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل
ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ".
قال ابن محبوب في حديثه حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟ فقال: تريدين
على أن لا أكون من الذين قال الله تبارك وتعالى: " الذين يصلون ما أمر الله به أن
يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب "؟ نعم يا سلمة ان الله خلق الجنة وطيبها و
طيب ريحها، وان ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم.
87 - في تفسير العياشي عن العلا بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الرحم
معلقة بالعرش يقول: اللهم صلى من وصلني واقطع من قطعني، وهي رحم آل محمد
ورحم كل مؤمن، وهو قول الله: " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ".
88 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بر الوالدين
وصلة الرحم يهونان الحساب، ثم تلا هذه الآية: " والذين يصلون ما أمر الله به أن
يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ".
89 - عن محمد بن الفضل قال: سمعت العبد الصالح يقول: " الذين يصلون
ما أمر الله به أن يوصل " قال: هي رحم آل محمد معلقة بالعرش يقول: اللهم صل من
وصلني واقطع من قطعني، وهي تجري في كل رحم.
90 - عن الحسين بن موسى قال: روى أصحابنا قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام
عن قول الله عز وجل: " الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل " فقال: هو صلة الامام
في كل سنة بما قل أو كثر، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام وما أريد بذلك الا تزكيتكم.
91 - في مجمع البيان وروى الوليد بن ابان عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
قلت له: هل على الرجل في ماله سوى الزكاة؟ قال: نعم أين ما قال الله: " والذين
495

يصلون " الآية؟.
92 - في كتاب معاني الأخبار أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن
أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن يحيى عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام
أنه قال لرجل: يا فلان مالك ولأخيك؟ قال: جعلت فداك كان لي عليه شئ
فاستقصيت عليه في حقي، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أخبرني عن قول الله عز وجل:
ويخافون سوء الحساب أتراهم يخافون أن يظلمهم أو يجور عليهم؟ لا ولكنهم خافوا
الاستقصاء والمداقة.
93 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر
المسلمين إياكم والزنا فان فيه ست خصال: ثلث في الدنيا فإنه يذهب البهاء ويورث الفقر
وينقص العمر، واما التي في الآخرة فإنه يوجب سخط الرب عز وجل وسوء الحساب
والخلود في النار.
94 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي
عن حماد بن عثمان قال: دخل رجل على أبي عبد الله عليه السلام فشكى إليه رجلا من
أصحابه، فلم يلبث ان جاء المشكو، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما لفلان يشكوك؟
فقال له: يشكوني اني استقصيت منه حقي، قال: فجلس أبو عبد الله عليه السلام مغضبا ثم
قال: كأنك إذا استقصيت حقك لم تسئ؟ أرأيتك ما حكى الله عز وجل فقال: " و
يخافون سوء الحساب " ترى أنهم خافوا الله جل وعز أن يجور عليهم؟ لا والله ما
خافوا الا الاستقصاء، فسماه الله جل وعز سوء الحساب، فمن استقصى فقد أساء.
95 - في تفسير العياشي عن أبي أسحق قال: سمعته يقول في " سوء الحساب "
لا تقبل حسناتهم ويؤخذون بسيئاتهم.
96 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله " يخافون سوء الحساب "
قال تحسب عليهم السيئات وتحسب لهم الحسنات وهو الاستقصاء.
97 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله " يخافون سوء الحساب "
قال الاستقصاء والمداقة، وقال: تحسب عليهم السيئات ولا تحسب لهم الحسنات.
496

98 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام لو لم يكن للحساب مهولة
الاحياء العرض على الله وفضيحة هتك الستر على المخفيات لحق للمرء ان لا يهبط
من رؤس الجبال ولا يأوى إلى عمران، ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام الا عن اضطرار
متصل بالتلف.
99 - في مجمع البيان: ويدرؤن بالحسنة السيئة اي ينفون بفعل الطاعة
المعصية قال ابن عباس: يدفعون بالعمل الصالح الشر من العمل، كما روى عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال لمعاذ بن جبل: إذا عملت السيئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها.
100 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن حماد عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إذا عملت سيئة فاتبعها
بحسنة تمحها سريعا، وعليك بصنايع الخير فإنها تدفع مصارع السوء.
101 - قوله: جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم و
ذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى
الدار قال: نزلت في الأئمة عليهم السلام وشيعتهم الذين صبروا.
102 - وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نحن
صبر وشيعتنا اصبر منا لأنا صبرنا بعلم وصبروا على ما لا يعلمون.
103 - في كتاب الخصال في احتجاج علي عليه السلام على الناس يوم الشورى قال:
نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن يحيى حيوتي ويموت
مماتي ويسكن جنتي التي وعدني الله ربي جنات عدن قضيب غرسه الله بيده ثم قال له كن
فكان، فليوال علي بن أبي طالب وذريته من بعده، فهم الأئمة وهم الأوصياء أعطاهم الله
علمي وفهمي، لا يدخلونكم في باب ضلال ولا يخرجونكم من باب هدى، لا تعلموهم
فهم أعلم منكم يزول الحق معهم أينما زالوا، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
104 - وعن علي عليه السلام انه سئله بعض اليهود فقال: أين يسكن نبيكم من الجنة؟
قال: في أعلاها درجة وأشرفها مكانا، في جنات عدن، قال: صدقت والله انه بخط
497

هارون واملاء موسى.
105 - في أصول الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن
أبي أسامة عن هشام ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن هشام بن
سالم عن أبي حمزة عن أبي إسحاق قال: حدثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام
انهم سمعوا أمير المؤمنين عليه السلام يقول في خطبة له: اللهم واني لاعلم ان العلم لا يأزر
كله ولا تنقطع مواده، وانك لا تخلى أرضك من حجة لك على خلقك ظاهر ليس بالمطاع
أو خائف مغمور (1) كي لا تبطل حجتك ولا يضل أوليائك بعد إذ هديتهم، بل أين هم
وكم [هم]؟ أولئك الأقلون عددا، والأعظمون عند الله جل ذكره قدرا، المتبعون
لقادة الدين، الأئمة الهادين، الذين يتأدبون بآدابهم، وينهجون نهجهم، فعند ذلك يهجم
بهم العلم على حقيقة الايمان فتستجيب أرواحهم لقادة العلم ويستلينون من حديثهم ما
استوعر (2) على غيرهم، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون وأباه المسرفون،
أولئك اتباع العلماء صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى ولأوليائه،
ودانوا بالتقية على دينهم والخوف من عدوهم، فأرواحهم معلقة بالمحل الاعلى
فعلماؤهم واتباعهم خير من صمت في دولة الباطل منتظرون لدولة الحق، وسيحق الله
الحق بكلماته ويمحق الباطل، هاها طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال
هدنتهم، ويا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم وسيجمعنا الله وإياهم
في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.
106 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن فضالة
ابن أيوب عن أبي المغرا عن محمد بن سالم عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أراد ان يحيى حيوتي ويموت ميتتي ويدخل
جنة عدن التي غرسها الله بيده فليتوال علي بن أبي طالب عليه السلام، وليتول وليه
وليعاد عدوه، وليسلم للأوصياء من بعده فإنهم عترتي من لحمي ودمي، أعطاهم الله

(1) وفي نسخة " مغمود " بالدال.
(2) اي استصعب.
498

فهمي وعلمي، إلى الله أشكو من أمتي المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي، و
أيم الله لتقتلن ابني لا أنالهم الله شفاعتي.
107 - في من لا يحضره الفقيه في خبر بلال عن النبي صلى الله عليه وآله الذي
يذكر فيه صفة الجنة قال: فقلت لبلال: هل وسطها غيرها؟ قال نعم جنة عدن وهي
في وسط الجنان، واما جنة عدن فسورها ياقوت احمر وحصاها اللؤلؤ.
108 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أطعم ثلاثة نفر من
المؤمنين أطعمه الله من ثلاث جنات، ملكوت السماء الفردوس وجنة عدن وطوبى، وهي
شجرة من جنة عدن غرسها ربي بيده.
109 - في مجمع البيان وروى العياشي بالاسناد عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني عن الرجل المؤمن له امرأة مؤمنة يدخلان
الجنة يتزوج أحدهما الآخر؟ فقال: يا أبا محمد ان الله حكم عدل إذا كان أفضل منها
خيره الله فان اختارها كانت من أزواجه، وإن كانت هي خير منه خيرها، فان اختارته
كان زوجا لها.
110 - في كتاب الخصال عن موسى بن إبراهيم عن أبيه رفعه باسناده
رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ان أم سلمة قالت له: بأبي أنت وأمي، المرأة يكون لها زوجان
فيموتان فيدخلان الجنة لأيهما تكون؟ فقال: يا أم سلمة تخير أحسنهما خلقا و
خيرهما لأهله، يا أم سلمة ان حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة.
111 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد
ابن إسحاق عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يصف فيه حال المؤمن إذا
دخل جنته وغرفه، وفيه، ثم يبعث الله له ألف ملك يهنونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء،
فينتهون إلى أول باب من جنانه فيقولون للملك الموكل بأبواب الجنان: استأذن
لنا على ولي الله، فان الله قد بعثنا مهنين فيقول الملك: حتى أقول للحاجب فيعلمه
مكانهم، قال: فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان حتى
499

ينتهي إلى أول باب فيقول للحاجب: ان على باب العرصة (1) الف ملك أرسلهم
رب العالمين جاؤوا يهنون ولي الله وقد سألوا أن أستأذن لهم عليه، فيقول له الحاجب:
انه ليعظم علي ان استأذن لاحد على ولي الله وهو مع زوجته، قال: وبين الحاجب
وبين ولي الله جنتان، فيدخل الحاجب على القيم فيقول له: ان على باب العرصة
ألف ملك أرسلهم رب العالمين يهنون ولي الله فأستأذن، فيقول القيم إلى الخدام
فيقول لهم: ان رسل الجبار على باب العرصة وهم الف ملك أرسلهم يهنون ولي الله
فأعلموه مكانهم، قال: فيعلمون الخدام مكانهم قال: فيؤذن لهم فيدخلون على
ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف بابا وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به فإذا
اذن للملائكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الذي قد وكل به، فيدخل
كل ملك من باب من أبواب الغرفة فيبلغونه رسالة الجبار وذلك قول الله:
والملائكة يدخلون عليهم من كل باب يعني من أبواب الغرفة سلام عليكم بما صبرتم
فنعم عقبى الدار.
في روضة الكافي مثله سندا ومتنا.
112 - في الصحيفة السجادية في دعائه عليه السلام في الصلاة على حملة العرش
قال عليه السلام: بعد أن عد أصنافا من الملائكة والذين يقولون: " سلام عليكم بما صبرتم
فنعم عقبى الدار ".
113 - في تفسير العياشي عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد عن أبي عبد الله
عليه السلام حديث طويل وفيه ثم قال: إن طائفة من الملائكة عابوا ولد آدم في اللذات و
الشهوات أعني لكم الحلال ليس الحرام، قال: فأنف الله للمؤمنين (2) من ولد
آدم من تعيير الملائكة لهم قال: فألقى الله في همة (3) أولئك الملائكة اللذات
والشهوات كي لا يعيبون المؤمنين، قال: فلما أحسوا ذلك عجوا إلى الله من ذلك

(1) وفي نسخة: " الغرفة " بدل " العرصة " في المواضع الثلاثة.
(2) أنف من الشئ: استنكف
(3) وفي المصدر " في همم " على لفظ الجمع.
500

فقالوا: ربنا عفوك عفوك! ردنا إلى ما خلقتنا له واخترتنا عليه، فانا نخاف أن نصير
في أمر مريج (1) قال: فنزع الله ذلك، قال: فإذا كان يوم القيمة وصار أهل
الجنة في الجنة استأذن أولئك الملائكة على أهل الجنة فيؤذن لهم، فيدخلون عليهم
فيسلمون عليهم ويقولون لهم: " سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " قال: يعني
الشهداء (2).
114 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى أبي ذر
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: وما نال الفوز في القيمة الا الصابرون، ان الله
يقول: " انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب " قال: " والملائكة يدخلون عليهم
من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ".
115 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عمرو
ابن عثمان عن محمد بن عذافر عن بعض أصحابه عن محمد بن مسلم وأبي حمزة
عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: يا بني إياك ومصاحبة
القاطع لرحمه، فاني وجدته ملعونا في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع قال:
الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به ان يوصل أولئك لهم
اللعنة ولهم سوء الدار.
116 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه عند قوله تعالى:
" والذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ثم ذكر أعداءهم فقال: " والذين ينقضون
عهد الله من بعد ميثاقه " يعني في أمير المؤمنين وهو الذي أخذ الله عليهم في الذر، و
أخذ عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم.
117 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام حديث طويل في تعداد

(1) أمر مريج: مختلط أو ملتبس.
(2) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا: " سلام عليكم بما صبرتم " في الدنيا عن اللذات
والشهوات الحلال. عن محمد بن الهيثم عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام: " سلام عليكم بما
صبرتم " على الفقر في الدنيا " فنعم عقبى الدار " قال: يعني الشهداء.
501

الكباير وبيانها من كتاب الله وفيه عن الصادق عليه السلام: ونقض العهد وقطيعة الرحم،
لان الله تعالى يقول: " أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ".
118 - في تفسير العياشي عن خالد بن نجيح عن جعفر بن محمد عليه السلام في
قوله: الا بذكر الله تطمئن القلوب فقال: بمحمد صلى الله عليه وآله تطمئن وهو ذكر الله
وحجابه.
119 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله
قال: " الذين آمنوا " الشيعة، " وذكر الله " أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.
120 - عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه يقول: دخلت الجنة وإذا شجرة
لو أرسل طائر في أصلها ما دارها سبعمأة عام، وليس في الجنة منزل الا وفيها
شجر منها، فقلت: ما هذه يا جبرئيل؟ فقال: هذه شجرة طوبى، قال الله تعالى
طوبى لهم وحسن مآب.
121 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: طوبى شجرة في الجنة في دار أمير المؤمنين عليه السلام وليس أحد من شيعته
الا وفي داره غصن من أغصانها، وورقة من أوراقها تستظل تحتها أمة من الأمم.
122 - وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام،
فأنكرت ذلك عايشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عايشة اني لما اسرى بي إلى السماء
دخلت الجنة فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى، وناولني من ثمارها فأكلته،
فحول الله ذلك ماء في ظهري فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة،
وكلما اشتقت إلى الجنة قبلتها وما قبلتها قط الا وجدت رائحة شجرة طوبى فهي حوراء انسية
123 - حدثني أبي عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما
دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار علي عليه السلام، وما في الجنة قصر
ولا منزل الا وفيها فتر منها (1) أعلاها اسفاط (2) حلل من سندس وإستبرق يكون

(1) الفتر بمعنى القطع وفي بعض نسخ المصدر " القتر " بالقاف.
(2) الأسفاط جمع السفط: ما يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. وعاء كالقفة
أو الجوالق.
502

للعبد المؤمن ألف ألف سفط، في كل سفط مأة ألف حلة، ما فيها حلة تشبه الأخرى على
ألوان مختلفة، وهو ثياب أهل الجنة، ووسطها ظل ممدود، عرض الجنة كعرض
السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله، يسير الراكب في ذلك الظل
مسيرة مأتي عام فلا يقطعه، وذلك قوله: " وظل ممدود " وأسفلها ثمار أهل الجنة
وطعامهم متذلل في بيوتهم، يكون في القضيب منها مأة لون من الفاكهة مما رأيتم
في دار الدنيا ومما لم تروه، وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها، وكلما يجتني منها
شئ أنبتت مكانها أخرى " لا مقطوعة ولا ممنوعة " ويجري نهر في أصل تلك الشجرة
ينفجر منه الأنهار الأربعة، نهر من ماء غير آسن، ونهر من لبن لم يتغير طعمه، ونهر من
خمر لذة للشاربين، ونهر من عسل مصفى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
124 - في أصول الكافي عنه (1) عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان لأهل الدين علامات يعرفون بها: صدق
الحديث وأداء الأمانة، ووفاء بالعهد، وصلة الأرحام، ورحمة الضعفاء، وقلة المراقبة للنساء
- أو قال قلة الموافاة للنساء - وبذل المعروف، وحسن الخلق، وسعة الخلق واتباع العلم
وما يقرب إلى الله عز وجل زلفى طوبى لهم وحسن مآب، وطوبى شجرة في الجنة أصلها في
دار النبي صلى الله عليه وآله (2)، وليس مؤمن الا وفي داره غصن منها، لا يخطر على قلبه شهوة شئ
الا أتاه به ذلك، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مأة عام ما خرج منه، ولو طار في أسفلها
غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما، الا ففي هذه فارغبوا ان المؤمن من نفسه في شغل
والناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل افترش وجهه وسجد لله عز وجل بمكارم بدنه
يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، الا فهكذا كونوا.

(1) قبله: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى. اه " منه عفى عنه ".
(عن هامش بعض النسخ).
(2) قد مر في الحديث السابق ان أصلها في دار علي عليه السلام وسيأتي عن كتاب مجمع البيان
حديث في ذلك فانتظر.
503

125 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عليه السلام أنه قال: ولقد حدثني
أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في " أ ب ت ث " قال: الألف آلاء الله
إلى أن قال عليه السلام: فالطاء طوبى للمؤمنين وحسن مآب.
126 - وباسناده إلى الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أنت المظلوم بعدي، وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة
أصلها في دارك وأغصانها في دار شيعتك ومحبيك، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
127 - في كتاب الخصال عن محمد بن سالم رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال:
قال عثمان بن عفان: يا رسول الله ما تفسير أبجد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: تعلموا تفسير
أبجد إلى أن قال عليه السلام: واما " حطى " فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر
وما نزل به جبرئيل مع الملائكة إلى مطلع الفجر، واما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب
وهي شجرة غرسها الله تبارك وتعالى بيده، ونفخ فيها من روحه، وان أغصانها لترى من
وراء سور الجنة، تنبت بالحلى والحلل والثمار متدلية على أفواههم.
128 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رزقه الله حب
الأئمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة، فلا يشكن أحد انه في الجنة،
فان في حب أهل بيتي عشرين خصلة، عشرة منها في الدنيا، وعشرة منها في الآخرة،
فاما التي في الدنيا: فالزهد والحرص على العلم، إلى أن قال عليه السلام بعد تعدادها: فطوبى
لمحبي أهل بيتي.
129 - في احتجاج علي عليه السلام يوم الشورى على الناس قال: نشدتكم بالله هل فيكم
أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ان الله خصك بأمر وأعطاكه، ليس من الأعمال
شئ أحب إليه ولا أفضل منه عنده الزهد في الدنيا، فليس تنال منها شيئا ولا تناله
منك وهو زينة الأبرار عند الله عز وجل يوم القيمة، فطوبى لمن أحبك وصدق عليك،
وويل لمن أبغضك وكذب عليك غيري؟ قالوا: اللهم لا.
504

وفي هذا الاحتجاج أيضا قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله
كما قال لي: ان طوبى شجرة في الجنة أصلها في دار علي ليس من مؤمن الا وفي داره
غصن من أغصانها غيري؟ قالوا: اللهم لا.
130 - عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طوبى لمن رآني ثم آمن بي،
وطوبى ثم طوبى، يقولها سبع مرات لمن لم يرني وآمن بي.
131 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى مروان بن مسلم عن
أبي بصير قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا
فلم يزغ قلبه بعد الهداية، فقيل له: جعلت فداك وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة
أصلها في دار علي بن أبي طالب عليه السلام، وليس مؤمن الا وفي داره غصن من أغصانها، وذلك
قول الله عز وجل: " طوبى لهم وحسن مآب ".
132 - وباسناده إلى أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتم به في غيبته قبل قيامه، ويتولى أوليائه و
يعادي أعداءه، ذلك من رفقائي وذوي مودتي، وأكرم أمتي علي يوم القيمة.
133 - في تفسير العياشي عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر محمد بن
علي عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس ذات يوم إذ دخلت أم
أيمن في ملحفتها شئ (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا أم أيمن اي شئ في ملحفتك؟
فقالت: يا رسول الله فلانة بنت فلانة املكوها (2) فنثروا عليها واخذت من نثارها
شيئا، ثم إن أم أيمن بكت، فقال لها رسول الله: ما يبكيك؟ فقالت: فاطمة زوجتها
فلم تنثر عليها شيئا! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تبكين فوالذي بعثني بالحق بشيرا و
نذيرا لقد شهد املاك فاطمة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في ألوف من الملائكة، ولقد
أمر الله طوبى فنثرت عليهم من حللها وسندسها واستبرقها ودرها وزمردها وياقوتها

(1) الملحفة: الملاءة التي تلتحف بها المرأة.
(2) أملك امرأة: تزوجها.
505

وعطرها، فأخذوا منه حتى ما دروا ما يصنعون به، ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة،
فهي في دار علي بن أبي طالب.
134 - عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: طوبى هي شجرة تخرج من جنة
عدن غرسها ربنا بيده.
135 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن المؤمن إذا لقى أخاه و
تصافحا لم تزل الذنوب تتحات عنهما (1) ما داما متصافحين كتحات الورق عن الشجر
فإذا افترقا قال ملكاهما: جزاكما الله خيرا عن أنفسكما، فان التزم كل واحد
منهما صاحبه ناداهما مناد: طوبى لكما وحسن مآب. وطوبى شجرة في الجنة
أصلها في دار أمير المؤمنين وفرعها في منازل أهل الجنة، فإذا افترقا ناداهما
ملكان كريمان: ابشر يا ولي الله بكرامة الله والجنة من ورائكما.
136 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أطعم ثلاثة نفر
من المؤمنين أطعمه الله من ثلاث جنان، ملكوت السماء الفردوس، وجنة عدن
وطوبى، وهي شجرة من جنة عدن غرسها ربنا بيده.
137 - في مجمع البيان وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالاسناد عن
موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: سئل رسول الله عن طوبى؟ قال شجرة
أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة، ثم سئل عنها مرة أخرى فقال: في دار علي
عليه السلام، فقيل له في ذلك؟ فقال: ان داري ودار علي في الجنة بمكان واحد.
138 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره
عن محمد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن
الأول عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك اخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله ورث النبيين
كلهم؟ قال: نعم، قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: ما
بعث الله نبيا الا ومحمد صلى الله عليه وآله اعلم منه، قال: قلت: ان عيسى بن مريم كان يحيى

(1) تحات الورق عن الشجر: تناثر.
506

الموتى بإذن الله؟ قال: صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير، وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله يقدر على هذه المنازل، قال: فقال: ان سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده
وشك في أمره " فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين " حين فقده وغضب عليه
فقال: " لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " وانما غضب لأنه كان
يدله على الماء، فهذا وهو طاير قد اعطى ما لم يعط سليمان، وقد كانت الريح و
النمل والانس والجن والشياطين المردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء، وكان
الطير يعرفه، وان الله يقول في كتابه: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض
أو كلم به الموتى وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان
ويحيى به الموتى، ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وان في كتاب الله لايات ما يراد بها أمر
الا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون، جعله الله لنا في أم الكتاب، ان
الله يقول: " وما من غائبة في السماء والأرض الا في كتاب مبين " ثم قال: " ثم أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا " فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل وأورثنا هذا الكتاب فيه
تبيان كل شئ.
139 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو
قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا " قال: لو كان شئ من القرآن
كذلك لكان هذا.
140 - في مجمع البيان قرأ علي وعلي بن الحسين وجعفر بن محمد عليهم السلام
" أفلم يتبين ".
141 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله:
ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة؟ وهي النقمة أو تحل قريبا من دارهم
فتحل بقوم غيرهم فيرون ذلك ويسمعون به والذين حلت بهم عصاة كفار مثلهم ولا ينقض
بعضهم ببعض ولن يزالوا كذلك حتى يأتي وعد الله الذي وعد المؤمنين من النصر و
يخزي الله الكافرين.
507

142 - في أصول الكافي علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
قال: اعلم علمك الله الخير، ان الله تبارك وتعالى قديم إلى أن قال: وهو قائم ليس على
معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء، ولكن قائم يخبر انه حافظ
كقول الرجل، القائم بأمر فلان، والله هو القائم على كل نفس بما كسبت والقائم
أيضا في كلام الناس الباقي، والقائم أيضا يخبر عن الكفاية، كقولك للرجل: قم بأمر
بني فلان، اي أكفهم والقائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم ولم يجتمع المعنى.
في عيون الأخبار حدثنا علي بن أحمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا
محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان، عن محمد بن عيسى
عن الحسن بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: اعلم علمك الله الخير و
ذكر نحوه.
143 - في نهج البلاغة قال عليه السلام وقائم لا بعمد.
144 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في
قوله: أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أن تنبؤنه
بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول الظاهر من القول هو الرزق.
145 - وقال علي بن إبراهيم في قوله: وما لهم من الله من واق اي دافع وعقبى
الكافرين النار اي عاقبة ثوابهم النار قال أبو عبد الله عليه السلام: ان ناركم هذه جزء من سبعين
جزء من نار جهنم وقد أطفيت سبعين مرة بالماء ثم التهبت، ولولا ذلك ما استطاع
آدمي أن يطفيها وانها ليؤتى بها يوم القيمة حتى توضع على النار فتصرخ صرخة لا يبقى
ملك مقرب ولا نبي مرسل الا جثى على ركبتيه (1) فزعا من صرختها.
146 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: والذين آتيناهم
الكتاب يفرحون بما انزل إليك اي فرحوا بكتاب الله إذا يتلى عليهم وإذا تلوه تفيض
أعينهم دمعا من الفزع والحزن، وهو علي بن أبي طالب، وهو في قراءة ابن مسعود: " و
الذي انزل إليك الكتاب هو الحق فمن يؤمن به علي بن أبي طالب يؤمن به ومن الأحزاب

(1) جثى الرجل: جلس على ركبتيه.
508

من ينكر بعضه " أنكروا من تأويله ما أنزله في علي وآل محمد وآمنوا ببعضه فاما
المشركون فأنكروه كله أوله وآخره وانكروا ان محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله.
147 - في روضة الكافي سهل عن الحسن بن علي عن عبد الله بن الوليد الكندي
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال وقد قال الله عز وجل في كتابه: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك
وجعلنا لهم أزواجا وذرية فنحن ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله، والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.
148 - في تفسير العياشي عن معاوية بن وهب قال: سمعته يقول: الحمد لله
الذي قدح عند آل عمر، فقال: كان في بيت حفصة فيأتيه الناس وفودا فلا يعاب
ذلك عليهم ولا يقبح عليهم، وان أقواما يأتونا صلة لرسول الله صلى الله عليه وآله فيأتونا خائفين
مستخفين يعاب ذلك ويقبح عليهم، لقد قال الله في كتابه: " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك
وجعلنا لهم أزواجا وذرية " فما كان رسول الله صلى الله عليه وآله الا كأحد أولئك، جعل الله له
أزواجا وجعل له ذرية، لم يسلم مع أحد من الأنبياء [مثل] من أسلم مع رسول الله
من أهل بيته أكرم الله بذلك رسوله صلى الله عليه وآله.
149 - عن بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما آتي الله أحدا من المرسلين
شيئا الا وقد آتاه محمدا صلى الله عليه وآله وقد آتاه الله كما آتي المرسلين من قبله، ثم تلا هذه
الآية: " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ".
150 - عن علي بن عمر بن ابان الكلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اشهد على أبي
انه كان يقول: ما بين أحدكم وبين ان يغبط ويرى ما تقر به عينه الا ان تبلغ نفسه هذه،
واهوى إلى حلقه، قال الله في كتابه: " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية "
فنحن ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله خلق الله الخلق قسمين: فالقى قسما وأمسك قسما، ثم قسم
ذلك القسم على ثلاثة اثلاث، فالقى ثلثين وامسك ثلثا، ثم اختار من ذلك الثلث قريشا، ثم
اختار من قريش بني عبد المطلب، ثم اختار من بني عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وآله فنحن
ذريته، فان قالت الناس: ليس لرسول الله ذرية جحدوا، ولقد قال الله: " ولقد أرسلنا
رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية " فنحن ذريته، قال: فقلت: انا اشهد انكم
509

ذريته ثم قلت له: ادع الله لي جعلت فداك ان يجعلني معك في الدنيا والآخرة فدعا لي
بذلك، قال: فقبلت باطن يده.
151 - وفي رواية شعيب عنه أنه قال: نحن ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله ما أدري (1)
على ما يعادوننا الا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله.
152 - في محاسن البرقي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في آخر كلام له: " ولقد
أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية " فجعل لرسول الله صلى الله عليه وآله
من الأزواج والذرية مثل ما جعل للرسل من قبله فنحن عقب رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته
أجرى الله لآخرنا مثل ما أجرى لأولنا.
153 - في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد
عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي قال:
سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: يا ثابت ان الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الامر في السبعين
فلما ان قتل الحسين عليه السلام اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومأة
فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا
ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب قال أبو حمزة: فحدثت بذلك أبا عبد الله
عليه السلام فقال: قد كان ذلك.
154 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحفص بن
البختري وغيرهما عن أبي عبد الله عليه السلام قال في هذه الآية: " يمحو الله ما يشاء ويثبت "
قال: فقال: وهل يمحى الا ما كان ثابتا؟ وهل يثبت الا ما لم يكن؟.
155 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه
عن خلف بن حماد عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله عز وجل عرض عن
آدم ذريته عرض العين في صور الذر، نبيا فنبيا وملكا فملكا ومؤمنا فمؤمنا،
وكافرا فكافرا فلما انتهى إلى داود عليه السلام قال: من هذا الذي مكنته وكرمته وقصرت عمره؟
قال: فأوحى الله عز وجل إليه: هذا ابنك داود عمره أربعون سنة، فاني قد كتبت الآجال

(1) وفي المصدر " والله ما أدري "
510

وقسمت الأرزاق وانا امحو ما أشاء وأثبت وعندي أم الكتاب، فان جعلت له شيئا من عمرك
أثبته له، قال: يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المأة، قال: فقال الله عز وجل
لجبرئيل وميكائيل وملك الموت: اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى، فكتبوا عليه كتابا
وختموه بأجنحتهم من طينة عليين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
156 - في تفسير العياشي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله
عرض على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم، قال: فمر آدم باسم داود النبي عليه السلام وإذا عمره
أربعون سنة فقال: يا رب ما أقل عمر داود وأكثر عمري؟ يا رب ان انا زدت داود من
عمري ثلثين سنة أينفذ ذلك له؟ قال: نعم يا آدم، قال: فاني قد زدته من عمري
ثلثين سنة فانفذ ذلك له وأثبتها له عندك واطرحها من عمري، قال فأثبت الله لداود من
عمره ثلثين سنة ولم يكن عند الله مثبتة ومحى من عمر آدم ثلثين سنة وكانت له عند الله مثبتة
فقال أبو جعفر عليه السلام: فذلك قول الله: يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " قال: يمحو
الله ما كان عنده مثبتا لآدم، وأثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتا، قال: فلما دنى عمر
آدم عليه السلام هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه فقال له آدم: يا ملك الموت قد بقي من
عمري ثلثون سنة؟ فقال له ملك الموت: ألم تجعلها لابنك داود النبي وطرحتها من
عمرك حيث عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك وعرض عليك أعمارهم وأنت يومئذ بوادي
دحنا (1) فقال آدم: يا ملك الموت ما أذكر هذا، فقال له ملك الموت: يا آدم لا تجهل
ألم تسئل الله أن يثبتها لداود ويمحوها من عمرك فأثبتها لداود في الزبور ومحاها من
عمرك من الذكر، قال: فقال آدم: فاحضر الكتاب حتى أعلم ذلك قال أبو جعفر عليه السلام:
فمن ذلك اليوم (2) أمر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا وتعاملوا إلى أجل مسمى
لنسيان آدم وجحده ما جعل على نفسه.

(1) دحنا: واد بين الطائف ومكة، قال ياقوت: دحنا: بفتح أوله وسكون ثانيه ونون
والف يروى فيها القصر والمد: وهي أرض خلق الله تعالى منها آدم.
(2) كذا في النسخ وفي المصدر زيادة وهي: " قال أبو جعفر: وكان آدم صادقا لم يذكر
قال أبو جعفر: فمن ذلك اليوم... اه " وزاد في رواية الصدوق في العلل " لم يذكر ولم يجحد.. ".
511

157 - عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن قول الله: " يمحو الله ما
يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " قال: إن ذلك الكتاب كتاب يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت فمن
ذلك الذي يرد الدعاء القضاء، وذلك الدعاء مكتوب عليه: الذي يرد به القضاء حتى إذا
صار إلى أم الكتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا.
158 - عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام عن
قوله: " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم " قال كتبها لهم ثم محاها.
159 - عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام: انه سئل عن قول الله: " ادخلوا
الأرض المقدسة التي كتب الله لكم " قال: كتبها لهم ثم محاها ثم كتبها لأبنائهم فدخلوها
والله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
160 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول:
لولا آية في كتاب الله لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيمة، فقلت له: أية آية؟
قال: قول الله: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ".
161 - عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: يمحو الله ما يشاء و
يثبت وعنده أم الكتاب " قال: هل يثبت الا ما لم يكن وهل يمحو الا ما كان.
162 - عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " يمحو الله
ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " فقال: يا حمران انه إذا كان ليلة القدر ونزلت
الملائكة الكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يقضي في تلك السنة من أمر، فإذا
أراد الله أن يقدم شيئا أو يؤخره أو ينقص منه أو يزيد، أمر الملك فمحا ما شاء، ثم أثبت
الذي أراد، قال: فقلت له عند ذلك: فكل شئ يكون وهو عند الله في كتاب؟ قال:
نعم، قلت: فيكون كذا وكذا ثم كذا وكذا حتى ينتهي إلى آخره؟ قال: نعم
قلت: فأي، شئ يكون بعده؟ قال: سبحان الله، ثم يحدث الله أيضا ما شاء
تبارك وتعالى.
163 - عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: يا
أبا حمزة ان حدثناك بأمر انه يجئ من ههنا فان الله يصنع ما يشاء، وان حدثناك اليوم
512

بحديث وحدثناك غدا بخلافه فان الله يمحو ما يشاء ويثبت.
164 - عن إبراهيم بن أبي يحيى (1) عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: ما من
مولود يولد الا وإبليس من الأبالسة بحضرته فان علم الله انه من شيعتنا حجبه من ذلك
الشيطان، وان لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان بإصبعه السبابة في دبره وكان
مأنوثا وذلك الذكر يخرج للوجه، وإن كانت امرأة أثبت في فرجها فكانت فاجرة،
فعند ذلك يبكي الصبي بكاءا شديدا إذا هو خرج من بطن أمه والله بعد ذلك يمحو ما يشاء و
يثبت وعنده أم الكتاب.
165 - عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله إذا أراد فناء قوم أمر
الفلك فأسرع الدور بهم، فكان ما يريد من النقصان، وإذا أراد بقاء قوم أمر الفلك فأبطأ
الدور بهم فكان ما يريد من الزيادة فلا تنكروا، فان الله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده
أم الكتاب.
166 - عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: إن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما
يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، وقال: لكل أمر يريده الله فهو في
علمه قبل أن يصنعه، وليس شئ يبدو له الا وقد كان في علمه ان الله لا يبدو له من جهل.
167 - في قرب الإسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال أبو عبد الله، وأبو جعفر وعلي بن الحسين، والحسين بن
علي والحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: والله لولا آية في كتاب الله لحدثناكم
بما يكون إلى أن تقوم الساعة: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ".
168 - في الخرايج والجرايح روى عن أبي حمزة الثمالي عن أبي إسحاق
السبيعي عن عمرو بن الحمق قال: دخلت على علي عليه السلام حين ضرب الضربة بالكوفة،
فقلت: ليس عليك بأس انما هو خدش، قال: لعمري اني لمفارقكم، ثم قال: إلى
السبعين بلاء، قالها ثلثا، قلت: فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يجبني وأغمى عليه فبكت

(1) وفي البرهان " ابن ميثم بن أبي يحيى " ولم أظفر على ترجمة الرجل (على اختلاف
النسخ) في كتب الرجال.
513

أم كلثوم فلما افاق قال: لا تؤذيني يا أم كلثوم فإنك لن ترى ما أرى ان الملائكة من
السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيون يقولون: يا علي انطلق فما امامك خير لك مما
أنت فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين انك قلت إلى السبعين بلاء فهل بعد السبعين رخاء؟
قال: نعم، وان بعد البلاء رخاء " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب "
قال أبو حمزة قلت لأبي جعفر: ان عليا قال: إلى السبعين بلاء وقال بعد السبعين
رخاء وقد مضت السبعون ولم نر رخاء؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: ان الله قد كان وقت هذا
الامر في السبعين، فلما قتل الحسين عليه السلام غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى الأربعين و
مائة سنة، فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم القناع فأخره الله، ولا يجعل له بعد
ذلك وقتا والله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، قال أبو حمزة: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
وكان ذلك؟ فقال: قد كان ذلك.
169 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى سماعة انه سمعه عليه السلام وهو يقول:
ما رد الله العذاب عن قوم قد أظلهم الا قوم يونس، فقلت: أكان قد أظلهم؟ فقال: نعم
حتى نالوه بأكفهم قلت: فكيف كان ذلك؟ قال: كان في العلم المثبت عند الله
عز وجل الذي لم يطلع عليه أحدا انه سيصرفه عنهم.
170 - في كتاب الخصال عن علي عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: و
بنا يمحو الله ما يشاء وبنا يثبت.
171 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام
حديث طويل يقول فيه: ولولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون
وبما هو كائن إلى يوم القيمة، وهي هذه الآية: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده
أم الكتاب ".
172 - وباسناده إلى إسحاق بن عمار عمن سمعه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في قول الله
عز وجل: " قالت اليهود يد الله مغلولة " لم يعنوا انه هكذا، ولكنهم قالوا قد فرغ من
الامر فلا يزيد ولا ينقص، وقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم: " غلت أيديهم ولعنوا
514

بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء " ألم تسمع الله عز وجل يقول: " يمحو الله
ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ".
173 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع سليمان المروزي قال
الرضا عليه السلام بعد كلام طويل لسليمان: ومن أين قلت ذلك وما الدليل على أن
ارادته علمه وقد يعلم ما لا يريده أبدا وذلك قوله تعالى: " ولئن شئنا لنذهبن بالذي
أوحينا إليك " فهو يعلم كيف يذهب به ولا يذهب به أبدا؟ قال سليمان: لأنه قد فرغ
من الامر فليس يزيد فيه شيئا، قال الرضا عليه السلام: هذا قول اليهود فكيف قال: " ادعوني
استجب لكم "؟ قال سليمان: أنما عنى بذلك انه قادر عليه، قال: أفيعد بما لا يفي
به؟ فكيف قال: " يزيد في الخلق ما يشاء " وقال عز وجل: " يمحو الله ما يشاء و
يثبت وعنده أم الكتاب " وقد فرغ من الامر؟ فلم يجر جوابا (1)
وفي هذا المجلس أيضا قال الرضا عليه السلام: يا سليمان ان من الأمور
أمورا موقوفة عند الله تعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء، يا سليمان ان عليا
عليه السلام كان يقول: العلم علمان فعلم علمه الله ملائكته ورسله فإنه يكون ولا يكذب
نفسه ولا ملائكته ورسله، وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، يقدم منه
ما يشاء ويؤخر ما يشاء، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء.
174 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي
عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة
والروح والكتبة إلى سماء الدنيا، فكتبوا ما يكون من قضاء الله تبارك وتعالى في
تلك الليلة، فإذا أراد الله ان يقدم شيئا أو يؤخره أو ينقص شيئا أمر الملك أن يمحو
ما يشاء، ثم أثبت الذي أراد، قلت: وكل شئ هو عند الله مثبت في كتاب؟ قال:
نعم، قلت: فأي شئ يكون بعده؟ قال: سبحان الله، ثم يحدث الله أيضا ما يشاء
تبارك وتعالى.

(1) لم يحر جوابا اي لم يرد.
515

175 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
الحجال عن أبي إسحاق ثعلبة عن زرارة بن أعين عن أحدهما عليهما السلام قال: ما
عبد الله بشئ مثل البداء.
176 - وفي رواية ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما عظم
الله بمثل البداء: (1)
177 - علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الاقرار له بالعبودية
وخلع الأنداد، وان الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء.
178 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال: سئل العالم عليه السلام: كيف
علم الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى فامضى ما قضى وقضى ما قدر و
قدر ما أراد، فبعلمه كانت المشية، وبمشيته كانت الإرادة، وبإرادته كان التقدير،
وبتقديره كان القضاء وبقضائه كان الامضاء، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية
والإرادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء، فلله تبارك وتعالى البداء
فيما علم متى شاء وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء
فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشية في المنشأ قبل عينه، والإرادة في المراد
قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا، والقضاء
بالامضاء هو المبرم من المعقولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذي لون
وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من انس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك
بالحواس فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك
فلا بداء والله يفعل ما يشاء.
179 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن
محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بدا لله في شئ الا كان في

(1) في هذا الحديث بيان للعلامة الأستاذ الطباطبائي دام ظله ذكره في ذيله في أصول الكافي
ج 1: 146 من الطبعة الحديثة فراجع.
516

علمه قبل أن يبدو له.
180 - عنه عن أحمد عن الحسن بن علي بن فضال عن داود بن فرقد عن عمر بن
عثمان الجهني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله لم يبدو له من جهل.
181 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن منصور بن حازم قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال: لا من قال
هذا فأخزاه الله، قال: قلت أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيمة أليس في علم الله؟
قال: بلى قبل ان يخلق الخلق.
182 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن محمد بن
عمر الكوفي أخي يحيى عن مرازم بن حكيم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما
تنبأ نبي قط حتى يقر لله بخمس: بالبداء والمشية والسجود والعبودية والطاعة.
183 وبهذا الاسناد عن أحمد بن محمد عن جعفر بن محمد عن يونس عن جهم
ابن أبي جهم عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل أخبر محمدا صلى الله عليه وآله بما
كان منذ كانت الدنيا، وبما يكون إلى انقضاء الدنيا، وأخبره بالمحتوم من ذلك و
استثنى عليه فيما سواه.
184 - في مجمع البيان وروى عمران بن حصين (1) عن النبي صلى الله عليه وآله قال: هما
كتابان كتاب سوى أم الكتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت، وأم الكتاب لا يغير منه.
185 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن ليلة القدر؟
فقال: ينزل الله فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون من أمر
السنة وما يصيب العباد، وامر عنده (2) موقوف له فيه المشية، فيقدم منه ما يشاء و
يؤخر ما شاء ويمحو ويثبت وعنده أم الكتاب.
186 وروى زرارة عن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هما أمران موقوف ومحتوم،

(1) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي بعض النسخ " عمر بن حفص " مكان " عمران
بن حصين ".
(2) وفي المصدر " وأمر ما عنده ".
517

فما كان من محتوم أمضاه، وما كان من موقوف فله فيه المشية يقضي فيه ما يشأ.
187 - في من لا يحضره الفقيه وروى أحمد بن إسحاق بن سعد عن عبد الله بن
ميمون عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: قال الفضل بن العباس: قال لي
رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا سألت فاسئل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله عز وجل، قد مضى العلم
بما هو كائن، فلو جهد الناس ان ينفعوك بأمر لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه، ولو جهدوا
ان يضروك بأمر لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه.
188 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى يحيى بن أبي العلاء الرازي عن
أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول عليه السلام في آخره وقد سئل عن قوله عز وجل: " ن
والقلم وما يسطرون " واما " ن " فكان نهرا في الجنة أشد بياضا من الثلج واحلى من العسل
قال الله عز وجل: كن مدادا فكان مدادا ثم اخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال: واليد القوة
وليس حيث تذهب إليه المشبهة، ثم قال لها: كوني قلما، ثم قال له: اكتب فقال له: يا
رب وما اكتب؟ قال: ما هو كائن إلى يوم القيمة ففعل ذلك، ثم ختم عليه وقال لا تنطقن
إلى يوم الوقت المعلوم.
189 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق
عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: واما " ن " فهو نهر في الجنة قال الله عز وجل اجمد فجمد،
فصار مدادا، ثم قال عز وجل للقلم: اكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان و
ما هو كائن إلى يوم القيمة.
190 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحيم
القصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن: " ن والقلم " قال: إن الله خلق القلم من شجرة
في الجنة يقال لها الخلد، ثم قال لنهر في الجنة: كن مدادا فجمد النهر وكان أشد بياضا
من الثلج وأحلى من الشهد، ثم قال للقلم: اكتب، قال: يا رب ما اكتب؟ قال: اكتب ما كان
وما هو كائن إلى يوم القيمة فكتب القلم في رق (1) أشد بياضا من الفضة وأصفى

(1) الرق - بالفتح -: الصحيفة البيضاء.
518

من الياقوت، ثم طواه فجعله في ركن العرش، ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد
ولا ينطق أبدا، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها، أو لستم عربا فكيف
لا تعرفون معنى الكلام وأحدكم يقول لصاحبه: انسخ ذلك الكتاب؟ أوليس انما
ينسخ من كتاب آخر من الأصل وهو قوله: " انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ".
191 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أول
ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيمة.
192 - في مجمع البيان قيل: " ن " هو نهر في الجنة قال الله له كن مدادا فجمد
وكان أبيض من اللبن وأحلى من الشهد، ثم قال للقلم: اكتب فكتب القلم ما كان
وما هو كائن إلى يوم القيمة عن أبي جعفر عليه السلام.
193 - في تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله
كتب كتابا فيه ما كان وما هو كائن فوضعه بين يديه، فما شاء منه قدم وما شاء منه اخر
وما شاء منه محى، وما شاء منه أثبت، وما شاء منه كان وما لم يشأ منه لم يكن.
194 - في أصول الكافي محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن
عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلم علمه
ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون لا يكذب نفسه وملائكته ولا
رسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويثبت ما يشاء.
195 - وبهذا الاسناد عن حماد عن ربعي عن الفضيل قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقول: من الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء ويؤخر منها ما يشاء.
196 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن جعفر
ابن عثمان عن سماعة عن أبي بصير ووهب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
لله علمين: علم مكنون مخزون لا يعلمه الا هو، من ذلك يكون البداء، وعلم علمه
ملائكته ورسله وأنبيائه فنحن نعلمه.
519

197 - في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضا عليه السلام مع سليمان المروزي
قال الرضا عليه السلام: لقد أخبرني أبي عن آبائه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله عز وجل أوحى
إلى نبي من أنبيائه ان أخبر فلان الملك اني متوفيه إلى كذا وكذا، فأتاه ذلك النبي
فأخبره، فدعى الله الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير، فقال: يا رب أجلني
حتى يشب طفلي وأقضي أمري، فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي: ان ائت فلان الملك
فأعلمه اني قد أنسيت في أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة، فقال ذلك النبي: يا رب
انك لتعلم اني لم أكذب قط! فأوحى الله عز وجل إليه: انما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك
والله لا يسئل عما يفعل.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: تأمل في هذا الحديث وما يحذو حذوه من
الأحاديث السابقة وفيما سلف عن من لا يحضره الفقيه من قوله عليه السلام: فقد مضى القلم بما هو
كائن وما شابهه، والجمع بينها وبين غيرها من الاخبار، وعليك بامعان النظر في هذا المقام
فإنه من مزال الاقدام وبالله الاعتصام.
198 - في مجمع البيان قيل في المحو والاثبات أقوال إلى قوله: " السابع "
انه يمحو ما يشاء من القرون ويثبت ما يشاء منها، كقوله: " ثم أنشأنا من بعدهم قرنا
آخرين " وقوله: " وكم أهلكنا قبلهم من القرون " روى ذلك عن علي عليه السلام.
199 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن علي عمن
ذكره عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين يقول: إنه يسخى
نفسي (1) في سرعه الموت والقتل فينا قول الله: أولم يروا انا نأتى الأرض ننقصها من
أطرافها وهو ذهاب العلماء.
200 - في من لا يحضره الفقيه وسئل عن قول الله عز وجل: " أولم يروا أنا
نأتي الأرض ننقصها من أطرافها " فقال: فقد العلماء.
201 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث

(1) قال الفيض (ره): يعني مفاد هذه الآية يجعل نفسي سخية في سرعة الموت أو القتل
فينا أهل البيت فتجود نفسي بهذه الحياة اشتياقا إلى لقاء الله تعالى.
520

طويل يقول فيه عليه السلام وقال: أولم يروا انا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها " يعني بذلك
ما يهلك من القرون فسماه اتيانا.
202 - في مجمع البيان اختلف في معناه على أقوال إلى قوله: " ثانيها " ننقصها
بذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
203 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا
قال: المكر من الله هو العذاب.
204 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) محمد بن أبي عمير الكوفي عن عبد الله
ابن الوليد السمان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يقول الناس في أولى العزم وصاحبكم
أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: قلت: ما يقدمون على أولى العزم أحدا قال: فقال أبو عبد الله
عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى قال لموسى: " وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة " و
لم يقل: كل شئ موعظة، وقال لعيسى عليه السلام: " وليبين لكم بعض الذي يختلفون فيه " ولم يقل
كل، وقال لصاحبكم أمير المؤمنين عليه السلام: قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم و
من عنده علم الكتاب وقال عز وجل: " ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين " وعلم هذا -
الكتاب عنده.
205 - عن سليم بن قيس قال: سأل رجل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له - وانا اسمع -:
اخبرني بأفضل منقبة لك، قال: ما انزل الله في كتابه، قال: وما انزل الله فيك؟
قال: قوله: " ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن
عنده علم الكتاب " إياي عنى بمن عنده علم الكتاب.
206 - في مجمع البيان وفي الشواذ قراءة النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام بكسر الميم و
الدال (1) وقراءة علي عليه السلام ومن عنده علم الكتاب (2).
207 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن محمد
ابن الحسين عمن ذكره جميعا عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية قال: قلت

(1) اي كسر ميم " من " ودال " عند ".
(2) اي قراءة " علم " بصيغة المجهول.
521

لأبي جعفر عليه السلام " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " قال: إيانا عنى و
علي أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله.
في الخرايج والجرايح عن سعد عن محمد بن يحيى عن عبيد بن معروف (1)
عن عبيد الله بن الوليد السمان عن الباقر عليه السلام مثله.
208 - في أصول الكافي أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن عن عباد بن سليمان
عن محمد بن سليمان عن أبيه عن سدير قال: كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير
في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج علينا وهو مغضب، فلما أخذ مجلسه قال: يا عجبا لأقوام
يزعمون انا نعلم الغيب ما يعلم الغيب الا الله عز وجل، لقد هممت بضرب جاريتي
فلانة فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي؟ قال سدير: فلما أن قام من
مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسر فقلنا له: جعلنا فداك سمعناك
وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك
إلى علم الغيب؟ قال: فقال: يا سدير ألم تقرء القرآن؟ قلت: بلى، قال: فهل
وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل: " قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك
به قبل ان يرتد إليك طرفك "؟ قال: قلت: جعلت فداك قد قرأته، قال: فهل
عرفت الرجل وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: أخبرني به
قال: قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟ قال
قلت: جعلت فداك ما أقل هذا قال: فقال: يا سدير ما أكثر هذا (2) ان ينسبه
الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به، يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب
الله عز وجل أيضا: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " قال

(1) وفي نسخة " معمر " بدل " معروف ".
(2) قال في مرآة العقول: لعل هذا رد لما يفهم من كلام سدير من تحقير العلم الذي أوتى
آصف عليه السلام بأنه وإن كان قليلا بالنسبة إلى علم كل الكتاب، فهو في نفسه عظيم كثير لانتسابه
إلى علم الكتاب، وفي بصائر الدرجات هكذا: " ما أكثر هذا لمن ينسبه الله عز وجل.. اه ".
522

قلت: قد قرأته جعلت فداك، قال: فمن عنده علم الكتاب كله أفهم، أم من عنده
علم الكتاب بعضه؟ قلت: لا بل من عنده علم الكتاب كله، قال: فأومى بيده
إلى صدره وقال: علم الكتاب والله كله عندنا، علم الكتاب والله كله عندنا.
209 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين عليه السلام وسئل عن
الذي عنده علم من الكتاب اعلم أم الذي عنده علم الكتاب، فقال: ما كان علم الذي عنده
علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب الا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر
210 - وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الا ان العلم الذي هبط به آدم
من السماء إلى الأرض وجميع ما فضلت به النبييون إلى خاتم النبيين، في عترة
خاتم النبيين.
211 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى أبي سعيد الخدري قال: سألت
رسول الله صلى الله عليه وآله عن قول الله جل ثناؤه: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن
عنده علم الكتاب " قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب.
212 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن عطا قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: هذا ابن
عبد الله بن سلام يزعم أن أباه الذي يقول الله: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده
علم الكتاب " قال: كذب، هو علي بن أبي طالب.
213 - عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله: " قل
كفى بالله " فقال: نزلت في علي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وفي الأئمة بعده، وعلي عنده
علم الكتاب.
214 - عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ومن عنده
علم الكتاب " قال: نزلت في علي عليه السلام انه عالم هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله.
215 - عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام عن قول الله: " قل كفى بالله
شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " فلما رآني أتتبع هذا وأشباهه من الكتاب
523

قال: حسبك كل شئ في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا فهو في الأئمة
عنى به.
216 - في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال الباقر عليه السلام: " ومن عنده علم
الكتاب " علي بن أبي طالب عنده علم الكتاب الأول والاخر.
217 - قال أبو سعيد الخدري: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن قول الله عز وجل: " قل
كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.
218 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن محمد بن
الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: يقول في قول الله تبارك وتعالى:
" ومن عنده علم الكتاب " هو علي عليه السلام.
219 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن
سليمان عن جابر قال: قال أبو جعفر عليه السلام في هذه الآية: " قل كفى بالله شهيدا بيني و
بينكم ومن عنده علم الكتاب " هو علي بن أبي طالب.
220 - حدثني يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عنده فذكروا سليمان وما اعطى من العلم، وما أوتي
من الملك، فقال لي: وما أعطي سليمان بن داود انما كان عنده حرف واحد من الاسم
الأعظم وصاحبكم الذي قال الله: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم
الكتاب " وكان والله عند علي عليه السلام علم الكتاب، فقلت: صدقت والله جعلت فداك.
524

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة
إبراهيم والحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة لم يصبه فقر أبدا ولا جنون ولا بلوى.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ
سورة إبراهيم اعطى من الاجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام، وبعدد من
لم يعبدها.
3 - في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول
فيه: ومن علي ربي فقال: يا محمد قد أرسلت كل رسول إلى أمته بلسانها وأرسلتك
إلى كل أحمر وأسود من خلقي.
4 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى مسلم بن خالد المكي عن جعفر بن
محمد عن أبيه عليهما السلام قال: ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا الا بالعربية فكان
يقع في مسامع الأنبياء عليهم السلام بألسنة قومهم وكان يقع في مسامع نبينا صلى الله عليه وآله بالعربية
فإذا كلم به قومه كلمهم بالعربية، فيعق في مسامعهم بلسانهم وكان أحد لا يخاطب
رسول الله صلى الله عليه وآله بأي لسان خاطبه الا وقع في مسامعه بالعربية كل ذلك يترجم جبرئيل
عليه السلام عنه تشريفا من الله عز وجل له صلى الله عليه وآله.
5 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا علي بن جعفر قال: حدثني محمد بن
عبد الله الطائي قال: حدثنا محمد بن أبي عمير قال: حدثنا حفص الكناسي قال:
سمعت عبد الله بن بكير الرجائي قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: أخبرني
عن الرسول صلى الله عليه وآله كان عاما للناس، أليس قد قال الله في محكم كتابه: " وما أرسلناك الا
كافة للناس " لأهل الشرق والغرب، وأهل السماء والأرض، من الجن والإنس، هل
بلغ رسالته إليهم كلهم قلت: لا أدري؟ قال: يا ابن بكير ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يخرج
525

من المدينة فكيف بلغ أهل الشرق والغرب؟ قلت: لا أدري، قال: إن الله تبارك و
تعالى أمر جبرئيل فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لمحمد صلى الله عليه وآله وكانت بين
يديه مثل راحته في كفه ينظر إلى أهل المشرق والمغرب، ويخاطب كل قوم بألسنتهم
ويدعوهم إلى الله والى نبوته بنفسه، فما بقيت قرية ولا مدينة الا دعاهم النبي صلى الله عليه وآله بنفسه.
6 - في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عمرو عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام في
قول الله: وذكرهم بأيام الله قال: بآلاء الله يعني بنعمه.
7 - في كتاب الخصال عن مثنى الحناط قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أيام
الله يوم يقوم القائم ويوم الكرة ويوم القيمة.
8 - في تفسير علي بن إبراهيم " وذكرهم بأيام الله " قال: أيام الله ثلاثة: يوم
القائم صلوات الله عليه، ويوم الموت، ويوم القيمة.
9 - في أمالي شيخ الطايفة قدس سره باسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال: حدثني
عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري ان النبي صلى الله عليه وآله قال: في قوله عز وجل:
" وذكرهم بأيام الله ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور " أيام الله نعماؤه، وبلائه ببلائه
سبحانه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
10 - في مجمع البيان " وذكرهم بأيام الله " فيه أقوال إلى قوله " الثاني " ان
المعنى وذكرهم بنعم الله سبحانه في ساير أيامه، وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
11 - في كتاب الخصال عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا
معاوية من أعطى ثلاثة لم يحرم ثلاثة: من اعطى الدعاء أعطى الإجابة، ومن أعطى
الشكر أعطى الزيادة، ومن أعطى التوكل أعطى الكفاية، فان الله عز وجل يقول
في كتابه: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " ويقول " لئن شكرتم لأزيدنكم و
يقول: " ادعوني أستجب لكم ".
12 - في تفسير علي بن إبراهيم قال أبو عبد الله عليه السلام: أيما عبد أنعم الله عليه
بنعمة فعرفها بقلبه وحمد الله عليها بلسانه، لم تنفذ حتى يأمر الله له بالزيادة، وهو
526

قوله " ولئن شكرتم لأزيدنكم ".
13 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن
سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن من
عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله عز وجل قبل ان يظهر شكرها على لسانه
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
14 - سهل عن عبيد الله عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن الرضا
عليه السلام انا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة فقلت له: جعلت فداك انا كنا في سعة من الرزق
وغضارة من العيش (1) فتغيرت الحال بعض التغير، فادع الله عز وجل ان يرد ذلك
إلينا، فقال: اي شئ تريدون تكونون ملوكا؟ أيسرك أن تكون مثل طاهر
وهرثمة (2) وانك على خلاف ما أنت عليه؟ قلت: لا والله ما يسرني ان لي الدنيا بما
فيها ذهبا وفضة واني على خلاف ما انا عليه، قال: فقال: فمن أيسر منكم فلتشكر
الله، ان الله عز وجل يقول: " ولئن شكرتم لأزيدنكم " والحديث طويل أخذنا منه
موضع الحاجة.

(1) الغضارة: طيب العيش.
(2) الطاهر هو أبو الطيب أو أبو طلحة طاهر بن الحسين المعروف بذو اليمينين والى
خراسان، كان من أكبر قواد المأمون والمجاهدين في تثبيت دولته، وهو الذي سيره المأمون
من خراسان إلى محاربة أخيه الأمين محمد بن زبيدة، وقصة محاربته علي بن عيسى بالري وكسر
جيشه وقتله وقتل الأمين بعد دخوله بغداد وغيره معروفة مذكورة في كتب التواريخ. وكان
طاهر من أصحاب الرضا عليه السلام وكان متشيعا، وينسب التشيع إلى آل طاهر أيضا، وكان طاهر
هو الذي أسس دولة آل طاهر في خراسان وما والاها من سنة 205 إلى 259 وله عهد إلى ابنه وهو
من أحسن الرسائل.
واما هرثمة فهو هرثمة بن أعين الذي يروى عن الرضا عليه السلام كثيرا وهو أيضا من قواد
مأمون وفي خدمته، وكان مشهورا بالتشيع ومحبا لأهل البيت عليهم السلام، وهو من أصحاب
الرضا عليه السلام بل من خواصه وأصحاب سره كما يظهر من كتاب العيون وغيره.
527

15 - في تفسير العياشي عن أبي عمرو المدايني قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: أيما عبد أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه - وفي رواية أخرى
فأقر بها بقلبه - وحمد الله عليها بلسانه، لم ينفد كلامه حتى يأمر الله له بالزيادة.
16 - وفي رواية أبي إسحاق المدايني حتى يأذن الله له بالزيادة، وهو قوله:
" لئن شكرتم لأزيدنكم ".
17 - وعن أبي ولاد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أرأيت هذه النعمة الظاهرة
علينا من الله أليس ان شكرناه عليها وحمدناه زادنا كما قال الله في كتابه: " لئن
شكرتم لأزيدنكم "؟ فقال: نعم، ومن حمد الله على نعمه وشكره وعلم أن ذلك منه
لا من غيره (1).
18 - في أمالي شيخ الطايفة قدس سره باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه قال
: تلقوا النعم يا سدير بحسن مجاورتها، واشكروا من أنعم عليكم، وانعموا
على [من] شكركم، فإنكم إذا كنتم كذلك استوجبتم من الله الزيادة، ومن اخوانكم
المناصحة، ثم تلا: " لئن شكرتم لأزيدنكم "
19 - في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان
عن إسحاق بن عمار عن رجلين سمعاه من أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أنعم الله على عبد من
نعمة فعرفها بقلبه وحمد الله ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر له بالمزيد.
20 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن
عميرة عن أبي بصير قال: لأبي عبد الله عليه السلام: هل للشكر حد إذا فعله العبد كان
شاكرا؟ قال: نعم، قلت: ما هو؟ قال: يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال
وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
21 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد قال:
سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: من حمد الله على النعمة فقد شكره، وكان الحمد

(1) كذا في النسخ وزاد في بعض النسخ المصدر بعد ذلك قوله: " زاده الله نعمه ".
528

أفضل من تلك النعمة.
22 - محمد عن أحمد عن علي بن الحكم عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال لي: ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال: الحمد لله الا
أدى شكرها.
23 - أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيوب عن علي بن مهزيار عن القاسم بن
محمد عن إسماعيل بن أبي الحسن عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أنعم الله عليه
بنعمة فعرفها بقلبه فقد أدى شكرها.
24 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن
محمد بن هشام عن ميسر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شكر النعمة اجتناب المحارم، و
تمام الشكر قول الرجل: الحمد لله رب العالمين.
25 - في كتاب الخصال عن سعد بن علاقة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام
يقول: شكر النعم يزيد في الرزق، والحديث طويل أخذنا منه موضح الحاجة.
26 - في أمالي شيخ الطايفة قدس سره باسناده إلى مالك بن أعين الجهني
قال: أوصى علي بن الحسين بعض ولده فقال: يا بني اشكر الله فمن أنعم عليك وانعم
على من شكرك فإنه لا زوال للنعمة إذا شكرت ولا بقاء لها إذا كفرت، والشاكر بشكره
أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه الشكر لها، وتلا يعنى علي بن الحسين عليهما السلام
قول الله تعالى: " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم " إلى آخر الآية.
27 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن الحسن بن علي بن فضال عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: السجدة بعد الفريضة شكر الله تعالى ذكره على ما وفق
العبد من أداء فرائضه، وأدنى ما يجزي فيها من القول إن يقال: شكرا لله شكرا لله شكرا
لله ثلاث مرات قلت: فما معنى قوله، شكرا لله؟ قال: يقول هذه السجدة مني
شكرا لله على ما وفقني له من خدمته وأداء فرضه، والشكر موجب للزيادة
فإن كان في الصلاة تقصير تم بهذه السجدة.
28 - في مجمع البيان قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا أقبلت عليكم أطراف النعم
529

فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر.
29 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
بن يزيد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الوجه الثالث من الكفر كفر
النعم، قال: " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد " والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
30 - في تفسير العياشي عن الحسن بن طريف عن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله: وعلى الله فليتوكل المؤمنون قال: الزارعون.
31 - في مجمع البيان وروى الواقدي باسناده عن أبي الدرداء قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا آذاك البراغيث فخذ قدحا من ماء فاقرأ عليه سبع مرات:
وما لنا ان لا نتوكل على الله " الآية " فان كنتم آمنتم بالله فكفوا شركم واذاكم عنا،
ثم ترش الماء حول فراشك، فإنك تبيت تلك الليلة آمنا من شرها.
32 - في من لا يحضره الفقيه وسئل عليه السلام عن قول الله عز وجل: " وعلى الله
فليتوكل المتوكلون " قال: الزارعون.
33 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: من آذى جاره
طمعا في مسكنه ورثه الله داره، وهو قوله: وقال الذين كفروا إلى قوله: فأوحى إليهم
ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم.
34 - في مجمع البيان جاء في الحديث: من آذى جاره ورثه الله داره.
35 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي وفي خبر آخر عن ابن مسعود
قال: لما نزلت هذه الآية: " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها
الناس والحجارة " تلاها رسول الله صلى الله عليه وآله على أصحابه فخر فتى مغشيا عليه، فوضع
النبي صلى الله عليه وآله يده على فؤاده فوجده يكاد يخرج من مكانه، فقال: يا فتى قل لا إله إلا الله،
فتحرك الفتى فقالها، فبشره النبي صلى الله عليه وآله بالجنة، فقال القوم: يا رسول الله من
بيننا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: اما سمعتم الله تعالى يقول: ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد.
36 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن
530

سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا إذ اقبل
أمير المؤمنين عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان فيك شبها من عيسى بن مريم لولا أن يقول
فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمر
بملاء من الناس الا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة، قال:
فغضب الأعرابيان، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك
منه يصدون وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك الا جدلا بل هم قوم خصمون ان هو
الا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو شئنا لجعلنا منكم " يعني من بني
هاشم " ملائكة في الأرض يخلسون " قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال:
" اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا " ان بني هاشم يتوارثون هرقلا
بعد هرقل (1) " فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " فأنزل الله عليه
مقالة الحارث ونزلت هذه الآية " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم
وهم يستغفرون " ثم قال له: يا عمرو اما تبت واما رحلت؟ فقال: يا محمد بل تجعل
لساير قريش شيئا مما في يديك فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم؟ فقال
له النبي صلى الله عليه وآله ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك وتعالى، فقال: يا محمد قلبي
ما يتابعني على التوبة ولكن أرحل عنك، فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر
المدينة اتته جندلة فرضت هامته (2) ثم اتى الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: " سأل
سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذي المعارج " قال: قلت: جعلت
فداك انا لا نقرأها هكذا، فقال، هكذا انزل الله بها جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله وهكذا
هو والله مثبت في مصحف فاطمة عليها السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لمن حوله من المنافقين
: انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به قال الله عز وجل: واستفتحوا وخاب
كل جبار عنيد.

(1) هرقل: اسم ملك الروم، أراد ان بني هاشم يتوارثون ملك بعد ملك.
(2) الجندلة: واحدة الجندل: الصخر العظيم. ورض الشئ: دقه وجرشه. والهامة
بعض الرأس.
531

37 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الحسن بن الصباح قال: حدثني انس عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: " كل جبار عنيد " من أبى أن يقول: لا إله إلا الله.
38 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال:
العنيد المعرض عن الحق.
39 في مجمع البيان: ويسقى من ماء صديد اي ويسقى مما يسيل من الدم
والقيح من فروج الزواني في النار عن أبي عبد الله عليه السلام.
40 - وروى أبو امامة عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله: " ويسقى من ماء صديد " قال
يقرب إليه فيتكرهه، فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه (1) فإذا شرب قطع
أمعاؤه حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل: " وسقوا ماءا حميما فقطع امعائهم "
ويقول: " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه ".
41 - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما فان
مات وفي بطنه شئ من ذلك كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل
النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار " فيصهر به
ما في بطونهم والجلود " رواه شبيب بن واقد عن الحسين بن يزيد عن الصادق عن آبائه
عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله.
42 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت
من كل مكان وما هو بميت قال: يقرب إليه فيكرهه، وإذا أدنى منه شوى وجهه
ووقعت فروة رأسه فإذا شرب تقطعت أمعائه ومزقت تحت قدميه، وانه يخرج من أحدهم
مثل الوادي صديدا وقيحا، ثم قال: وانهم ليبكون حتى تسيل دموعهم ووجوههم جداول،
ثم تنقطع الدموع فتسيل الدماء حتى لو أن السفن أجريت فيها لجرت، وهو قوله:
" وسقوا ماء حميما فقطع امعاءهم ".
43 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان أهل النار لما غلى الزقوم والضريع

(1) الفروة: جلدة الرأس.
532

في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب فاتوا بشراب غساق وصديد (1) " يتجرعه ولا
يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ " وحميم
يغلي به جهنم منذ خلقت " كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ".
44 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن
يحيى عن علا بن رزين عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اعلم يا محمد ان
أئمة الجور واتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها
كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو
الضلال البعيد والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
45 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم
كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف " قال: من لم يقر بولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه
بطل عمله مثله مثل الرماد الذي تجئ الريح فتحمله.
46 - في مصباح شيخ الطايفة قدس سره خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب
بها يوم الغدير وفيها يقول عليه السلام: وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه
ولا تمسكوا بعصم الكوافر ولا يخلج بكم الغي فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك
الذين ضلوا وأضلوا، قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه: " انا
أطعنا سادتنا وكبرائنا " إلى قوله عليه السلام وقال الله تعالى: وإذ يتحاجون في النار فيقول
الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من
شئ قالوا لو هدينا الله لهديناكم أفتدرون الاستكبار ما هو؟ هو ترك الطاعة لمن
أمروا بطاعته، والترفع على من ندبوا إلى متابعته، والقرآن ينطق من هذا عن كثير
ان تدبره متدبر زجره ووعظه.

(1) روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الضريع شئ يكون في النار يشبه الشوك أمر من الصبر
وأنتن من الجيفة، وأشد حرا من النار " انتهى " والغساق - بالتشديد والتخفيف - ما يغسق من
صديد أهل النار اي يسيل، يقال: غسقت العين: إذا سالت دموعها، والصديد: قيح ودم، وقيل:
هو القيح كأنه الماء في رقته والدم في شكله وقيل: هو ما يسيل من جلود أهل النار.
533

47 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وقال الشيطان لما قضى الامر اي
لما فرغ من أمر الدنيا قال علي بن إبراهيم عن أبي جعفر عليه السلام كلما في القرآن " وقال -
الشيطان " يريد به الثاني من أوليائه.
48 - في تفسير العياشي عن حريز عمن ذكره عن أبي جعفر عليه السلام في قول
الله: " وقال الشيطان لما قضى الامر " قال: هو الثاني وليس في القرآن شئ " وقال -
الشيطان " الا وهو الثاني.
49 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه إذا كان يوم القيمة يؤتى بإبليس في
سبعين غلا وسبعين كبلا (1) فينظر الأول إلى زفر في عشرين ومأة كبل وعشرين ومأة
غل، فينظر إبليس فيقول: من هو الذي أضعف الله له العذاب وأنا أغويت هذا الخلق
جميعا؟ فيقال: هذا زفر، فيقول: بما جدد له هذا العذاب؟ فيقول: ببغيه على
علي عليه السلام فيقول له إبليس: ويل لك وثبور لك، أما علمت أن الله أمرني بالسجود لآدم
عليه السلام فعصيته، وسألته أن يجعل لي سلطانا على محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته وشيعته
فلم يجبني إلى ذلك، وقال: ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين
وما عرفتهم من استثنائهم إذ قلت: " ولا تجد أكثرهم شاكرين " فمنتك به نفسك غرورا
فيوقف بين يدي الخلايق فقال له: ما الذي كان منك إلى علي والى الخلق الذي اتبعوك
على الخلاف؟ فيقول الشيطان وهو زفر لإبليس: أنت أمرتني بذلك فيقول له إبليس:
فلم عصيت ربك وأطعتني؟ فيرد زفر عليه ما قال الله: ان الله وعدكم وعد الحق و
وعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الآية.
50 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: دعاهم ربهم فتفرقوا ولو دعاهم الشيطان
فاستجابوا واقبلوا.
51 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم
ابن يزيد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: والوجه الخامس من الكفر
كفر البراءة. قال: يذكر إبليس وتبريه من أوليائه من الانس يوم القيمة اني كفرت

(1) الكبل: القيد.
534

بما أشركتمون من قبل والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
52 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه
عليه السلام وقد ذكر قوله تعالى: " يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا: " والكفر
في هذه الآية البراءة يقول: فيبرء بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان
" اني كفرت بما أشركتمون من قبل " وقول إبراهيم خليل الرحمن: " كفرنا بكم
يعني تبرأنا منكم.
53 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن سيف
عن أبيه عن عمرو بن حريث قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله كشجرة طيبة أصلها
ثابت وفرعها في السماء قال: فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله أصلها وأمير المؤمنين عليه السلام
فرعها، والأئمة من ذريتهما أغصانها، وعلم الأئمة ثمرها، وشيعتهم المؤمنون ورقها،
هل فيها فضل؟ قال: قلت: لا والله، قال: والله ان المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها، وان
المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها.
54 - في كتاب الخصال عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق
الناس من شجرة شتى، وخلقت انا وابن أبي طالب من شجرة واحدة أصلي علي
وفرعي جعفر.
55 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الرحمن بن
حماد عن عمر بن صالح السابري قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هذه الآية: " أصلها ثابت
وفرعها في السماء " قال: أصلها رسول الله صلى الله عليه وآله، وفرعها أمير المؤمنين، والحسن
والحسين ثمرها وتسعة من ولد الحسين عليه السلام أغصانها، والشيعة ورقها، والله ان الرجل
منهم ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة، قلت، قوله: تؤتى اكلها كل حين بإذن
ربها قال: ما يخرج من علم الإمام إليكم في كل سنة من كل فج عميق.
56 - في الخرايج والجرايح وروى عن الحلبي عن الصادق عليه السلام عن أبيه و
ذكر حديثا طويلا وفي آخره يقول الباقر عليه السلام: واخبركم عما أردتم ان تسئلوا عنه في
قوله تعالى: " شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء " نحن نعطي شيعتنا ما نشاء من العلم.
535

57 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى السكوني عن جعفر بن محمد عن
أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال في رجل نذر ان يصوم زمانا، قال: الزمان خمسة أشهر،
والحين ستة أشهر، لان الله عز وجل يقول: " تؤتى اكلها كل حين بإذن ربها " في الكافي
مثله سواء.
58 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال: حدثنا
محمد بن عبد العزيز بن يحيى قال: حدثني عبد الله بن محمد الضبي قال: حدثنا محمد
ابن هلال (1) قال حدثنا نائل بن نجيح قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر
الجعفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام عن قول الله عز وجل:
" كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى اكلها كل حين بإذن ربها " قال:
اما الشجرة فرسول الله صلى الله عليه وآله، وفرعها علي عليه السلام، وغصن الشجرة فاطمة بنت رسول الله
صلى الله عليه وآله وثمرها أولادها عليهم السلام وورقها شيعتنا، ثم قال: إن المؤمن من شيعتنا
ليموت فتسقط من الشجرة ورقة، وان المولود من شيعتنا ليولد فتورق الشجرة
ورقة.
59 - في مجمع البيان " كشجرة طيبة " الآية روى انس عن النبي صلى الله عليه وآله ان هذه
الشجرة الطيبة النخل.
60 - وروى عن ابن عباس قال: قال: جبرئيل للنبي صلى الله عليه وآله: أنت الشجرة و
علي غصنها، وفاطمة ورقها، والحسن والحسين ثمارها.
61 - " كل حين " اي في كل ستة أشهر عن أبي جعفر عليه السلام.
62 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن خالد
بن حريز عن أبي الربيع عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل قال: لله علي ان أصوم
حينا وذلك في شكر؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: قد اتى علي عليه السلام في مثل هذا فقال:
صم ستة أشهر، فان الله عز وجل يقول: " تؤتى اكلها كل حين بأذن ربها " يعني
ستة أشهر

(1) وفي نسخة " عبد الله بن هلال " ولكن الظاهر الموافق للمصدر ما اخترناه.
536

63 - محمد بن يحيى رفعه عن أحدهما عليهما السلام قال: تقول: إذا غرست
أو زرعت: " ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها
كل حين بإذن ربها ".
64 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل
وفيه: وجعل أهل الكتاب القائمين به والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة أصلها
ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها، اي يظهر مثل هذا العلم
المحتملة في الوقت بعد الوقت ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه
الآيات التي بينت لك تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا.
65 - في تفسير العياشي عن محمد بن علي الحلبي عن زرارة وحمران عن أبي
جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قول الله: " ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة
أصلها ثابت وفرعها في السماء " قال: يعني النبي صلى الله عليه وآله الأصل الثابت، والفرع الولاية
لمن دخل فيها.
66 - عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام: " ضرب الله
مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة " الآيتين قال: هذا مثل ضربه الله لأهل بيت نبيه لمن عاداهم
هو مثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.
67 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله تعالى
" مثل كلمة طيبة " الآية قال: الشجر رسول الله صلى الله عليه وآله، ونسبه ثابت في بني هاشم وفرع
الشجرة علي بن أبي طالب وغصن الشجرة فاطمة عليها السلام، وثمرتها الأئمة من ولد علي
وفاطمة عليهما السلام والأئمة من أولادها أغصانها، وشيعتها (1) ورقها، وان المؤمن
من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة، وان المؤمن ليولد فتورق الشجرة، قلت:
أرأيت قوله: " تؤتى اكلها كل حين بإذن ربها "؟ قال: يعني بذلك ما يفتون به الأئمة

(1) وفي المصدر " وشيعتهم " على لفظ الجمع.
537

شيعتهم في كل حج وعمرة من الحلال والحرام (1) ثم ضرب الله لأعداء آل محمد صلى الله عليه وآله
فقال: " ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ".
68 - وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: كذلك الكافرون لا
تصعد أعمالهم إلى السماء وبنو أمية لا يذكرون الله في مسجد ولا في مجلس، ولا تصعد
أعمالهم إلى السماء الا قليل منهم.
69 - في جوامع الجامع واما الشجرة الخبيثة فكل شجرة لا يطيب ثمرها
كشجرة الحنظل والكشوث (2) وعن الباقر عليه السلام بنو أمية.
70 - في مصباح الكفعمي عن علي عليه السلام من به الثؤلول (3) فليقرأ عليها
هذه الآيات سبعا في نقصان الشهر " ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق
الأرض ما لها من قرار " " وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا ".
71 - في الكافي علي بن إبراهيم عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا عن سهل
ابن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا عن أبي جميلة مفضل بن
صالح عن جابر عن عبد الاعلى، وعلي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن
إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان ابن
آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، مثل له ماله
وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله اني كنت عليك جريصا شحيحا (4)

(1) " في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد عن الحسن بن محبوب عن الأحول عن سلام بن
المستنير عن أبي جعفر عليه السلام مثله، غير أن في آخره قال: قلت له: جعلت فداك قوله تعالى:
" تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها " قال: هو ما يخرج من الامام من الحلال والحرام في كل سنة إلى
شيعته، منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
(2) الكشوث: نبات يلتف على الشوك والشجر لا أصل له ولا ورق.
(3) الثؤلول: خراج يكون بجسد الانسان ناتئ، صلب: مستدير. ويقال له بالفارسية
" زگيل ".
(4) الشحيح: البخيل.
538

فمالي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك، قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله اني
كنت لكم محبا، واني كنت عليكم محاميا فماذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى
حفرتك نواريك فيها، قال: فيلتفت إلى عمله فيقول: والله اني كنت فيك لزاهدا و
ان كنت علي لثقيلا فماذا عندك؟ فيقول: انا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى اعرض
انا وأنت على ربك قال: فإن كان لله وليا اتاه أطيب الناس ريحا، وأحسنهم منظرا، و
أحسنهم رياشا (1) فيقول: ابشر بروح وريحان وجنة نعيم، ومقدمك خير مقدم،
فيقول له: من أنت؟ فيقول: انا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وانه
ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يعجله، فإذا ادخل قبره اتاه ملكا القبر يجران اشعارهما
ويخدان الأرض بأقدامهما أصواتهما كالرعد القاصف، وابصارهما كالبرق الخاطف.
فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي، وديني الاسلام،
ونبيي محمد صلى الله عليه وآله فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى وهو قول الله عز وجل:
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فالحياة الدنيا وفي الآخرة ثم يفسحان له (2)
في قبره مد بصره، ثم يفتحان بابا إلى الجنة يقولان له: نم قرير العين نوم الشاب الناعم
قال الله عز وجل: " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا " والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
72 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن
القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
المؤمن إذا خرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره، يزدحمون عليه، حتى إذا انتهى
به إلى قبره، قالت له الأرض: مرحبا بك واهلا، اما والله لقد كنت أحب ان يمشي
علي مثلك لترين ما اصنع به، فيوسع له مد بصره، ويدخل عليه في قبره ملكا
القبر وهما قعيدا (3) القبر منكر ونكير، فيلقيان فيه الروح إلى حقويه (4)

(1) الرياش: اللباس الفاخر.
(2) فسح له في المجلس: وسع وفرج له عن مكان يسعه.
(3) القعيد بمعنى المقاعد كالجليس. (4) الحقو: الخصر.
539

فيقعدانه ويسئلانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: الله، فيقولان: ما دينك؟ فيقول:
الاسلام فيقولان ومن نبيك؟ فيقول: محمد فيقولان: ومن امامك؟ فيقول: فلان
قال: فينادي مناد من السماء صدق عبدي افرشوا له في قبره من الجنة وافتحوا
بابا إلى الجنة والبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا وما عندنا خير له ثم يقال
له: نم نومة عروس نم نومة لا حلم فيها (1) قال: وإن كان كافرا خرجت الملائكة
تشيعه إلى قبره يلعنونه حتى إذا انتهى إلى قبره، قالت له الأرض: لا مرحبا بك و
لا أهلا، اما والله لقد كنت أبغض ان يمشي علي مثلك لا جرم لترين ما اصنع بك
اليوم فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه (2) قال: ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا
القبر منكر ونكير، قال أبو بصير: قلت: جعلت فداك يدخلان على المؤمن و
الكافر في صورة واحدة؟ قال: لا، قال: فيقعدانه ويلقيان فيه الروح إلى حقويه
فيقولان: من ربك؟ فيتلجلج (3) فيقول: قد سمعت الناس يقولون، فيقولان له:
لا دريت، ويقولان له: ما دينك؟ فيتلجلج فيقولان له: لا دريت، ويقولان له: من
نبيك؟ فيقول قد سمعت الناس يقولون فيقولان له: لا دريت، ويسئل عن امام زمانه،
قال: وينادي مناد من السماء: كذب عبدي افرشوا في قبره من النار، والبسوه من
ثياب النار، وافتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا وما عندنا شر له، ويضربانه بمرزبة (4)
ثلاث ضربات، ليس منها ضربة الا يتطاير قبره نارا، لو ضرب بتلك المزربة جبال
تهامة (5) لكانت رميما.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: ويسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا (6) والشيطان

(1) الحلم - بالضم -: ما يراه النائم في نومه، لكنه قد غلب على ما يراه من الشر و
القبيح، كما غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والحسن.
(2) الجوانح: الأضلاع التي تحت الترائب وهي مما يلي الصدر كالضلوع مما يلي الظهر.
(3) التلجلج: التردد في الكلام.
(4) المرزبة: عصاة كبيرة من حديد تتخذ لتكسير المدر
(5) تهامة: من أسماء مكة المكرمة.
(6) نهشه الحية أو العقرب: لسعته، عضته، وأخذته بأضراسها.
540

يغمه غما، قال: ويسمع عذابه من خلق الله الا الجن والإنس، وانه ليسمع خفق نعالهم
ونفض أيديهم وهو قوله الله عز وجل: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة
الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ".
73 - في من لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه السلام: ان الشيطان ليأتي الرجل
من أوليائنا عند موته عن يمينه وعن شماله ليضله عما هو عليه، فيأبى الله عز وجل له
ذلك، وذلك قول الله عز وجل: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا
وفي الآخرة ".
74 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي -
جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: إذا وضع الرجل في قبره اتاه ملكان ملك عن يمينه و
ملك عن يساره، وأقيم الشيطان بين يديه عيناه من نحاس، فيقال: ما تقول في هذا الرجل
الذي خرج بين ظهرانيكم يزعم أنه رسول الله فيفزع لذلك فزعة ويقول إن كان مؤمنا:
محمد صلى الله عليه وآله رسول الله، فيقال له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها، ويفسح له في قبره
تسعة أذرع ويرى مقعده من الجنة، وهو قول الله: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول
الثابت " وإن كان كافرا قالوا: من هذا الرجل الذي كان بين ظهرانيكم يقول إنه
رسول الله؟ فيقول: ما أدري، فيخلى بينه وبين الشيطان.
75 - عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا وضع الرجل في قبره اتاه
ملكان، ملك عن يمينه وملك عن شماله، وأقيم الشيطان بين يديه عيناه من نحاس،
فيقال له: كيف تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ قال: فيفزع لذلك
فيقول إن كان مؤمنا: عن محمد تسئلاني؟ فيقولان له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها
ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مقعده من الجنة، وإن كان كافرا قيل له:
ما تقول في هذا الرجل الذي بين ظهرانيكم؟ فيقول: ما أدري ويخلى بينه وبين
الشيطان ويضرب بمرزبة من حديد يسمع صوته كل شئ، وهو قول الله: " يثبت الله
الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين و
يفعل الله ما يشاء ".
541

76 - في عيون الأخبار عن محمد بن سنان قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام
قبل ان يحمل إلى العراق بسنة، وعلي ابنه عليه السلام بين يديه، فقال لي: يا محمد! قلت:
لبيك، قال: إنه سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع منها، ثم أطرق ونكت بيده
إلى الأرض ورفع رأسه إلي وهو يقول: " ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء " قلت:
وما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه وجحد إمامته من بعدي، كان كمن
ظلم علي بن أبي طالب عليه السلام حقه وجحد إمامته من بعد محمد صلى الله عليه وآله، والحديث طويل
أخذنا منه موضع الحاجة.
77 - وباسناده إلى الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما بعث الله
عز وجل نبيا الا بتحريم الخمر، وان يقر له بان الله يفعل ما يشاء، وأن يكون من
تراثه الكندر.
78 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سئلت
أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول الله عز وجل: " من يهدى الله فهو المهتد
ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا " فقال: ان الله تبارك وتعالى يضل الظالمين يوم
القيمة عن دار كرامته، ويهدي أهل الايمان والعمل الصالح إلى جنته كما قال عز وجل:
" ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء " وقال عز وجل: " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات
يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتها الأنهار في جنات النعيم ".
79 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن بسطام بن مرة
عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد الإسكاف عن
الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وعدلوا
عن وصيه لا يتخوفون ان ينزل بهم العذاب؟ ثم تلا هذه الآية: ألم تر إلى الذين بدلوا
نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم ثم قال: نحن النعمة التي أنعم الله بها
على عباده، وبنا يفوز من فاز يوم القيمة.
80 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد بن أورمة عن علي بن حسان عن
عبد الرحمان بن كثير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " ألم تر إلى
542

الذين بدلوا نعمة الله كفرا " الآية قال: عنى قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله صلى الله عليه وآله
ونصبوا له الحرب وجحدوا وصيه.
81 - في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد
عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن الحارث النضري، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام
عن قول الله عز وجل: " الذين بدلوا نعمة الله كفرا " قال: ما يقولون في ذلك؟
قلت: يقولون هم الافجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة، قال: ثم قال: هي والله
قريش قاطبة، ان الله تبارك وتعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال: اني فضلت قريشا على
العرب وأتممت عليكم نعمتي، وبعثت إليهم رسولا (رسولي خ) فبدلوا نعمتي
كفرا وأحلوا قومهم دار البوار (1).
82 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن عثمان
ابن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " ألم تر إلى الذين بدلوا
نعمة الله كفرا "، قال: نزلت في الأفجرين من قريش بني أمية وبني المغيرة، فاما
بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر، واما بنو أمية فمتعوا إلى حين، ثم قال:
ونحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده وبنا يفوز من فاز.
83 - حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن
علي عليه السلام أنه قال: إن الشجر لم يزل حصيدا كله حتى دعى للرحمن ولد عز الرحمن و
جل أن يكون له ولد (2) فكادت السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال
هدا، فعند ذلك اقشعر الشجر وصار له شوك، حذار ان ينزل به العذاب، فما بال

(1) " في اسناد الصحيفة السجادية عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقد ذكر بني أمية:
أخبر الله نبيه بما يلقى أهل بيت محمد وأهل مودتهم وشيعتهم منهم في أيامهم وملكهم، قال: و
أنزل الله تعالى فيهم: " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها
وبئس القرار " ونعمة الله: محمد وأهل بيته، حبهم ايمان يدخل الجنة، وبغضهم نفاق يدخل النار.
منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
(2) وفي نسخة: " جل الرحمن أن يكون له ولد " ثلاث مرات.
543

أقوام غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر إلى آخر ما نقلنا عن أصول -
الكافي سواء.
84 - في تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة قال أمير المؤمنين عليه السلام في
قول الله: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ". قال: نحن نعمة الله التي أنعم بها
على العباد.
85 - وفي رواية زيد الشحام عنه قال قلت له: بلغني ان أمير المؤمنين عليه السلام
سئل عنها فقال عنى بذلك الافجران من قريش أمية ومخزوم، اما مخزوم فقتله الله
يوم بدر، واما أمية فمتعوا إلى حين، فقال أبو عبد الله عليه السلام: عنى الله والله بها قريشا
قاطبة، الذين عادوا الله ونصبوا له الحرب.
86 - عن ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول جاء ابن الكوا إلى
أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن قول الله " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا و
أحلوا قومهم دار البوار " قال: تلك قريش بدلوا نعمة الله كفرا وكذبوا نبيهم يوم بدر.
87 - عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري قال: مما قال هارون لأبي الحسن
موسى عليه السلام حين ادخل عليه: ما هذه الدار ودار من هي؟ قال: لشيعتنا فترة ولغيرهم
فتنة، قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: أخذت منه عامرة ولا يأخذها الا
معمورة، فقال: أين شيعتك؟ فقرأ له أبو الحسن عليه السلام " لم يكن الذين كفروا من
أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة " قال: فنحن كفار؟ قال: لا
ولكن كما قال الله: " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار "
فغضب عند ذلك وغلظ عليه.
88 - عن مسلم المشوف عن علي بن أبي طالب عليه السلام في قوله: " وأحلوا قومهم دار
البوار " قال: هما الافجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة.
89 - في مجمع البيان واختلف في المعنى بالآية فعن أمير المؤمنين عليه السلام
انهم كفار قريش كذبوا نبيهم ونصبوا له الحرب والعداوة، وسئل رجل أمير المؤمنين عليه السلام
عن هذه فقال: هما الافجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة، فأما بنو الأمية فمتعوا
544

إلى حين، واما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر.
90 - في تفسير العياشي عن زرعة عن سماعة قال: إن الله فرض للفقراء في
مال الأغنياء فريضة لا يحمدون بأدائها وهي الزكاة، منها (1) حقنوا دماءهم وبها سموا
مسلمين، ولكن الله فرض في الأموال حقوقا غير الزكاة وقد قال الله تبارك وتعالى:
وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية.
91 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: والشمس والقمر دائبين في مرضاته
يبليان كل جديد ويقربان كل بعيد.
92 - في تفسير العياشي عن حسين بن هارون شيخ من أصحاب أبي جعفر عن
أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقرأ هذه الآية وآتاكم من كل ما سألتموه قال: ثم قال
أبو جعفر عليه السلام: الثوب والشئ [الذي] لم تسئله إياه أعطاك.
93 - في مجمع البيان قرأ محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق
عليهما السلام " من كل ما سألتموه " بالتنوين.
94 - في روضة الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه رفعه قال: كان
علي بن الحسين عليهما السلام إذا قرأ هذه الآية وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها يقول:
سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه الا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما
لم يجعل في أحد من معرفة ادراكه أكثر من العلم انه لا يدركه فشكر عز وجل معرفة
العارفين بالتقصير عن معرفة شكره، فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا كما علم
علم العالمين انهم لا يدركونه فجعله ايمانا، علما منه انه وسع العباد فلا يتجاوز ذلك،
فان شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته وكيف يبلغ مدى عبادته من لا مدى له ولا
كيف؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
95 - في تهذيب الأحكام سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن محمد
بن سنان عن أبي إسماعيل القماط عن بشار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان معسرا
فلم يتهيأ له حجة الاسلام فليأت قبر أبي عبد الله عليه السلام فليعرف عنده، فذلك يجزيه عن

(1) وفي المصدر " بها " مكان " منها ".
545

حجة الاسلام، اما اني لا أقول يجزي ذلك عن حجة الاسلام الا لمعسر، فاما الموسر
إذا كان قد حج حجة الاسلام فأراد ان يتنفل بالحج والعمرة فمنعه من ذلك شغل
دنياه أو عائق فاتى الحسين بن علي عليهما السلام في يوم عرفة أجزأه ذلك عن أداء حجته
وعمرته، وضاعف الله له بذلك أضعافا مضاعفة قلت: كما تعدل حجة وكم تعدل عمرة؟
قال: لا يحصى ذلك، قلت: مأة؟ قال: ومن يحصى ذلك، قلت: ألف؟ قال: و
أكثر، ثم قال: " وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ".
96 - في تفسير العياشي عن الزهري قال: اتى رجل أبا عبد الله عليه السلام فسأله
عن شئ فلم يجبه، فقال له الرجل: فان كنت ابن أبيك فإنك من أبناء عبدة الأصنام
فقال له: كذبت ان الله أمر إبراهيم ان ينزل إسماعيل بمكة ففعل فقال إبراهيم:
رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني ان نعبد الأصنام فلم يعبد أحد من ولد
إسماعيل صنما ولكن العرب عبدة الأصنام، وقالت بنو إسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا وكفرت
ولم تعبد الأصنام.
97 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث
طويل وفيه يقول عليه السلام: قد حظر على من مسه الكفر تقلد ما فوضه إلى أنبيائه وأوليائه
يقول لإبراهيم: " لا ينال عهدي الظالمين " اي المشركين لأنه سمى الشرك ظلما
بقوله " ان الشرك لظلم عظيم " فلما علم إبراهيم عليه السلام ان عهد الله تبارك وتعالى بالإمامة
لا ينال عبدة الأصنام قال: واجنبني وبني ان نعبد الأصنام.
98 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى عبد الله بن مسعود قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا دعوة أبي إبراهيم، قلنا: يا رسول الله وكيف صرت دعوة
أبيك إبراهيم؟ قال: أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم: " اني جاعلك للناس إماما "
فاستحق إبراهيم الفرح فقال: يا رب " ومن ذريتي " أئمة مثلي فأوحى الله عز وجل ان
يا إبراهيم اني لا أعطيك عهدا لا أوفي لك به، قال: يا رب ما العهد الذي لا تفي
لي به قال: لا أعطيك لظالم من ذريتك، قال: يا رب ومن الظالم من ولدي
546

الذي لا ينال عهدك؟ قال: من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما ابدا، ولا يصح أن
يكون إماما، قال إبراهيم: " واجنبني وبني ان نعبد الأصنام رب انهن أضللن كثيرا
من الناس " قال النبي صلى الله عليه وآله: فانتهت الدعوة إلي والى أخي علي، لم يسجد أحد
منا لصنم قط، فاتخذني الله نبيا، وعليا وصيا.
99 - في روضة الكافي ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن
المسيب قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين
عليه السلام فقال: أخبرني ان كنت عالما عن الناس، وعن أشباه الناس، وعن النسناس؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا حسين أجب الرجل، فقال الحسين عليه السلام: اما قولك
أشباه الناس فهم شيعتنا وهم موالينا وهم منا، ولذلك قال إبراهيم عليه السلام: فمن تبعني
فإنه مني والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. (1)
100 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها
قال الله عز وجل: " ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي وقال عز وجل:
" وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فنحن أولى الناس بإبراهيم عليه السلام و
نحن ورثناه، ونحن أولوا الأرحام الذين ورثنا الكعبة، ونحن آل إبراهيم.
أفترغبون عن ملة إبراهيم وقد قال الله تعالى: " ومن تبعني فإنه مني ".
101 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى عمر بن يزيد قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: يا بن يزيد أنت والله منا أهل البيت، قلت: جعلت فداك من آل

(1) " في محاسن البرقي عنه عن علي بن الحكم عن سعد بن أبي خلف عن جابر عن أبي جعفر
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ونقل كلاما طويلا، وفيه: من أحب علي بن
أبي طالب ووالاه وائتم به وأقر بفضله وتولى الأوصياء من بعده حق علي أن أدخلهم في شفاعتي، و
حق على ربي أن يستجيب لي فيهم وهم أتباعي، ومن تبعني فإنه مني جرى في مثل إبراهيم عليه السلام
وفي الأوصياء.
وفي أصول الكافي عن أبي جعفر عليه السلام نحوه الا قوله: جرى إلى آخره. منه عفى عنه "
(عن هامش بعض النسخ).
547

محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: اي والله من أنفسهم، قلت: من أنفسهم جعلت فداك؟ قال: اي
والله من أنفسهم، يا عمر أما تقرأ كتاب الله عز وجل: " ان أولى الناس بإبراهيم
للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين " أوما تقرأ قول الله عز
اسمه: " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ".
102 - في تفسير العياشي عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أحبنا فهو منا
أهل البيت، قلت: جعلت فداك منكم؟ قال: منا والله، اما سمعت قول إبراهيم عليه السلام
" من تبعني فإنه مني ".
103 - عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من اتقى الله منكم وأصلح
فهو منا أهل البيت، قال: منكم أهل البيت؟ قال: منا أهل البيت، قال فيها إبراهيم
" فمن تبعني فإنه مني " قال عمر بن يزيد: قلت له: من آل محمد؟ قال: اي والله من آل
محمد [اي والله من آل محمد] من أنفسهم، أما تسمع الله يقول: " ان أولى الناس بإبراهيم
للذين اتبعوه " وقول إبراهيم: " فمن تبعني فإنه مني ".
104 - عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من تولى آل محمد
وقدمهم على جميع الناس بما قدمهم من قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله فهو من آل محمد بمنزلة آل
محمد لا انه من القوم بأعيانهم، وانما هو منهم بتوليه إليهم واتباعه إياهم، وكذلك حكم الله
في كتابه " ومن يتوله منكم فإنه منهم " وقول إبراهيم: " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني
فإنك غفور رحيم ".
105 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن النضر بن سويد عن هشام عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن إبراهيم عليه السلام كان نازلا في بادية الشام، فلما ولد له من هاجر
إسماعيل اغتمت سارة من ذلك غما شديدا، لأنه لم يكن له منها ولد، وكانت تؤذي
إبراهيم في هاجر وتغمه، فشكا إبراهيم عليه السلام ذلك إلى الله عز وجل، فأوحى الله إليه:
انما مثل المرأة مثل الضلع العوجاء ان تركتها استمتعت بها، وان أقمتها كسرتها، ثم
أمره أن يخرج إسماعيل وأمه عنها فقال: يا رب إلى أي مكان؟ قال: إلى حرمي وامني
548

وأول بقعة خلقتها من الأرض وهي مكة، فأنزل الله عليه جبرئيل عليه السلام بالبراق، فحمل
هاجر وإسماعيل وإبراهيم عليه السلام عليها، وكان إبراهيم لا يمر بموضع حسن فيه شجر و
نخل وزرع الا وقال: يا جبرئيل إلى ههنا إلى ههنا؟ فيقول جبرئيل: لا، امض امض حتى
وافى مكة، فوضعه في موضع البيت، وقد كان إبراهيم عليه السلام عاهد سارة الا ينزل حتى
يرجع إليها، فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجرة فألقت هاجر على ذلك الشجر
كساء كان معها، فاستظلوا تحته، فلما سرحهم إبراهيم، ووضعهم وأراد
الانصراف عنهم إلى سارة، قالت له هاجر: يا إبراهيم لم تدعنا في موضع ليس به
أنيس ولا ماء ولا زرع؟ فقال إبراهيم: الله الذي امرني ان أضعكم في هذا المكان
حاضر عليكم، ثم انصرف عنهم فلما بلغ كدى وهو جبل بذي طوى، التفت
إليهم إبراهيم فقال: ربنا اني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم
ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات
لعلهم يشكرون ثم مضى وبقيت هاجر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
106 - حدثني أبي عن حنان عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " ربنا اني أسكنت " الآية
قال: نحن والله بقية تلك العترة.
107 - في تفسير العياشي عن رجل ذكره عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله " اني
أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم " إلى قوله: " يشكرون " قال:
فقال أبو جعفر: نحن هم ونحن بقية تلك الذرية.
108 - عن الفضل بن موسى الكاتب عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: إن
إبراهيم عليه السلام لما أسكن إسماعيل عليه السلام وهاجر مكة ودعهما لينصرف عنهما بكيا،
فقال لهما إبراهيم: ما يبكيكما فقد خلفتكما في أحب الأرض إلى الله وفي حرم الله؟
فقالت له هاجر: يا إبراهيم ما كنت أرى ان نبيا مثلك يفعل ما فعلت؟ قال: وما فعلت؟ قالت:
انك خلفت امرأة ضعيفة وغلاما ضعيفا لا حيلة لهما بلا أنيس من بشر ولا [ماء] يظهر ولا زرع
قد بلغ ولا ضرع يحلب؟ قال: فرق إبراهيم ودمعت عيناه عندما سمع منهما، فأقبل
549

حتى انتهى إلى باب بيت الله الحرام، فأخذ بعضادتي الكعبة ثم قال: " اللهم إني أسكنت
من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس
تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " قال أبو الحسن: فأوحى الله إلى
إبراهيم: ان اصعد أبا قبيس فناد في الناس: يا معشر الخلايق ان الله يأمركم بحج هذا
البيت الذي بمكة محرما من استطاع إليه سبيلا فريضة من الله، فمد الله لإبراهيم في
صوته حتى اسمع به أهل المشرق والمغرب وما بينهما من جميع ما قدر الله وقضى في
أصلاب الرجال من النطف وجميع ما قدر الله وقضى في أرحام النساء إلى يوم القيمة، فهناك
يا فضل وجب الحج على جميع الخلايق، والتلبية من الحاج في أيام الحاج هي إجابة
لنداء إبراهيم عليه السلام يومئذ بالحج عن الله.
109 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن
الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة فقال: هكذا كانوا
يطوفون في الجاهلية، انما أمروا ان يطوفوا بها ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم، و
يعرضوا علينا نصرتهم ثم قرأ هذه الآية: " واجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم ".
110 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن
أبيه عن محمد بن سنان عن زيد الشحام قال: قال أبو جعفر عليه السلام لقتادة (1): من
خرج من بيته بزاد وراحلة وكرى حلال يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه
كما قال الله عز وجل: " واجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم " ولم يعن البيت فيقول
إليه، فنحن والله دعوة إبراهيم صلى الله عليه وآله التي من هوانا قلبه قبلت حجته، والا فلا
يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيمة، والحديث طويل أخذنا
منه موضع الحاجة.
111 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها: و

(1) قتادة بن دعامة من مشاهير محدثي العامة ومفسريهم روى عن أنس بن مالك وأبي
الطفيل وسعيد بن المسيب والحسن البصري وغيرهم.
550

الأفئدة من الناس تهوى إلينا، وذلك دعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال: " واجعل أفئدة
من الناس تهوى إليهم ".
112 - في مجمع البيان وقرء علي عليه السلام وأبو جعفر الباقر وجعفر بن محمد
الصادق عليهما السلام " تهوى إليهم " بفتح الواو.
113 - في تفسير العياشي عن أبي جعفر عليه السلام " أفئدة من الناس تهوى إليهم " اما
انه لم يعن الناس كلهم، أنتم أولئك ونظراؤكم، وانما مثلكم في الناس مثل الشعرة
البيضاء في الثور الأسود أو مثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض.
114 - عن ثعلبة بن ميمون عن ميسر عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن ابانا إبراهيم
كان مما اشترط على ربه فقال: " رب اجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم ".
115 - وفي رواية أخرى عنه عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن ابانا إبراهيم صلوات الله
عليه كان فيما اشترط على ربه ان قال: " اجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم " اما انه
لم يعن الناس كلهم، أنتم أولئك رحمكم الله ونظراؤكم، انما مثلكم في الناس مثل
الشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض.
116 - في بصائر الدرجات عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن علي
ابن معبد عن جعفر بن عبد الله عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي عمرو عن معاوية بن
وهب، قال: استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام فاذن لي فسمعته يقول في كلام له: يامن خصنا
بالوصية، وأعطانا علم ما مضى وما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوى إلينا وجعلنا
ورثة الأنبياء.
117 - في كتاب عوالي اللئالي وقال الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: " وارزقهم
من الثمرات ": هو ثمرات القلوب.
118 - وقال الباقر عليه السلام: ان الثمرات تحمل إليهم من الآفاق وقد استجاب الله
له حتى لا يوجد في بلاد الشرق والغرب ثمرة لا توجد فيها، حتى حكى انه يوجد فيها
في يوم واحد فواكه ربيعية وصيفية وخريفية وشتائية.
551

119 - في تفسير العياشي عن السرى قال: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول ربنا
انك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شئ شأن إسماعيل، وما اخفى
أهل البيت.
120 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله
الفراء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه، و
لكنه يحب أن تبث إليه الحوائج فإذا دعوت فسم حاجتك.
121 - وفي حديث آخر قال: قال إن الله عز وجل يعلم حاجتك وما تريد ولكن
يحب ان تبث إليه الحوائج.
122 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ربنا اغفر لي ولوالدي قال: انما نزلت:
" لولدي " إسماعيل واسحق.
123 - في مجمع البيان وقرأ الحسين بن علي وأبو جعفر محمد بن علي
" ولولدي ".
124 - في تفسير العياشي عن حريز عن عبد الله عمن ذكره عن أحدهما انه قرأ
" رب اغفر لي ولولدي " يعني إسماعيل واسحق.
125 - وفي رواية أخرى عمن ذكره عن أحدهما عليهما السلام: انه قرا " ربنا
اغفر لي ولوالدي " قال: آدم وحوا.
126 - عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " ربنا اغفر لي ولوالدي "
قال هذه كلمة صحفها الكتاب، انما كان استغفاره لأبيه عن موعدة وعدها إياه وانما كان
" ربنا اغفر لي ولولدي " يعني إسماعيل واسحق، والحسن والحسين والله ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله
127 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون
انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار قال: تبقى أعينهم مفتوحة من هول جهنم، لا يقدرون
ان يطرفوها (1) قوله: وأفئدتهم هواء قال: قلوبهم تنصدع من الخفقان.

(1) طرف عينه: أطبق أحد جفنيه على الاخر.
552

128 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان
عن أبي الصباح بن عبد الحميد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: والله الذي
صنعه الحسن بن علي عليهما السلام كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس
ووالله لقد نزلت هذه " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا
الزكاة " انما هي طاعة الامام وطلبوا القتال، " فلما كتب عليهم القتال مع الحسين
عليه السلام " قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب نجب دعوتك و
نتبع الرسل " أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السلام.
129 - في تفسير العياشي عن سعد بن عمر عن غير واحد من حضر أبا عبد الله
عليه السلام ورجل يقول: قد بنيت دار صالح ودار عيسى بن علي، ذكر دور العباسيين
فقال رجل: أراناها الله خرابا، أو خربها بأيدينا، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: لا تقل
هكذا، بل تكن مساكن القائم وأصحابه اما سمعت الله يقول: وسكنتم في مساكن
الذين ظلموا أنفسهم.
130 - عن جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وإن كان
مكرهم لتزول منه الجبال وإن كان مكر بني عباس بالقائم لتزول منه قلوب الرجال.
131 - عن الحارث عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: إن نمرود أراد ان ينظر
إلى ملك السماء، فأخذ نسورا أربعة (1) فرباهن حتى كن نشاكم (2) وجعل
تابوتا من خشب وادخل فيه رجلا، ثم شد قوائم النسور بقوائم التابوت ثم أطارهن
ثم جعل في وسط التابوت عمودا وجعل في رأس العمود لحما فلما رأى النسور اللحم
طرن وطرن بالتابوت والرجل، فارتفعن إلى السماء، فمكث ما شاء الله، ثم إن

(1) النسور جمع النسر: طائر حاد البصر وأشد الطيور وأرفعها طيرانا " وأقواها جناحا
وليس في سباع الطير أكبر جثة منه، ويقال له: " أبو الطير " ويقال له بالفارسية " كركس ".
(2) كذا في النسخ وفي المصدر " نشاطا ". وقوله " حتى كن نشاكم " غير موجود في
نسخة البحار.
553

الرجل اخرج من التابوت رأسه فنظر فإذا هي على حالها، ونظر إلى الأرض فإذا
هو لا يرى شيئا (1) فلما يرى سفل العمود وطلب النسور اللحم وسمعت الجبال هدة
النسور فخافت من أمر السماء، وهو قول الله: وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال "
132 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال: " وإن كان مكرهم لتزول منه
الجبال " قال: مكر بني فلان.
133 - في مجمع البيان في الشواذ عن علي عليه السلام " وان كاد مكرهم لتزول
منه الجبال "
134 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " ره " وعن ثوبان قال: إن يهوديا جاء
إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد أسئلك فتخبرني، فركضه ثوبان برجله (2) وقال
قل: يا رسول الله، فقال: لا ادعوه الا بما سماه أهله، فقال: أرأيت قوله عز وجل:
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات أين الناس يومئذ؟ قال: في الظلمة دون
المحشر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. (3)
135 - في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقول: لقد خلق الله تعالى في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين، إلى أن قال: لعلكم
ترون انه إذا كان يوم القيمة وصير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة و
صير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار ان الله تبارك وتعالى لا يعبد في بلاده و
لا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه؟ بلى والله ليخلقن خلقا من غير
فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه، ويخلق لهم أرضا تحملهم، وسماء

(1) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا البحار زيادة في الموضع غير مخلة بالمعنى
من شاء فليراجع المصدر ج 2: 236 أو البحار ج 5: 123.
(2) اي ضربه بها.
(3) " في الكافي أحمد بن عبد الله عن جده عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن
عبد الرحمن بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ارض القيامة
نار ما خلا ظل المؤمن فان صدقته تظله، منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
554

تظلهم. أليس الله يقول: " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " وقال الله عز وجل:
" أفعيينا بالخلق الأول ل هم في لبس من خلق جديد ".
136 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن
بن محبوب عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبو منصور عن أبي الربيع قال: حججنا
مع أبي جعفر عليه السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك، وكان معه نافع
مولى عمر بن الخطاب، فقال نافع: يا بن رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل:
" يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " اي ارض تبدل يومئذ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام:
" ارض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز وجل من الحساب، فقال له نافع: انهم
عن الاكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: أهم يومئذ أشغل أم إذ هم في النار فقال: بل
إذ هم في النار قال: فوالله ما شغلهم إذا دعوا بالطعام فاطعموا الزقوم، ودعوا بالشراب فسقوا
الحميم، قال: صدقت يا بن رسول الله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. (1)
137 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عز وجل: " يوم تبدل
الأرض غير الأرض والسماوات " قال: تبدل خبزة يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب،
قال الأبرش: ان الناس لفي شغل من الاكل؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: هم في النار لا
يشتغلون عن اكل الضريع وشرب الحميم وهم في العذاب فكيف يشغلون عنه في الحساب.
138 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن القاسم بن
عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " يوم
تبدل الأرض غير الأرض " قال: تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغوا من
الحساب، فقال له قائل: انهم لفي شغل يومئذ عن الأكل والشرب؟ فقال: ان الله

(1) " في أصول الكافي باسناده إلى أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: المتحابون في الله عز وجل يوم القيامة على ارض زبرجدة خضراء
في ظل عرشه عن يمينه، وكلتا يديه يمين. الحديث. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ).
555

عز وجل خلق ابن آدم أجوف لابد له من الطعام والشراب، أهم أشد شغلا يومئذ أم في
النار؟ فقد استغاثوا والله عز وجل يقول: " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى
الوجوه بئس الشراب ".
139 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي
حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال: سأل نافع مولى عمر بن الخطاب أبا جعفر محمد بن
علي عليه السلام فقال: يا أبا جعفر اخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: " يوم تبدل الأرض غير الأرض و
السماوات " اي أرض تبدل؟ فقال أبو جعفر عليه السلام بخبزة بيضاء يأكلون منها حتى يفرغ الله من
حساب الخلايق، فقال نافع: انهم عن الاكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: حينئذ
اشغل أم هم في النار؟ قال نافع: بل هم في النار، قال: فقد قال الله: " ونادى أصحاب النار
أصحاب الجنة ان أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " ما شغلهم إذ دعوا الطعام
فاطعموا الزقوم، ودعوا الشراب فسقوا الحميم، فقال: صدقت يا بن رسول الله، و
الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
140 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن نعمان الأحول عن سلام بن
المستنير عن ثوير بن أبي فاختة عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: سئل عن النفختين كم
بينهما؟ قال: ما شاء الله إلى أن قال عليه السلام: فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي
السماوات فلا يبقى في السماوات ذو روح الا صعق ومات، الا إسرافيل، قال فيقول لإسرافيل:
مت، فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر الله السماوات فتمور،
ويأمر الجبال فتسير، وهو قوله: " يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا " يعني
تبسط " وتبدل الأرض غير الأرض " يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب، بارزة ليس
عليها الجبال ولا نبات كما دحاها أول مرة.
141 - في تفسير العياشي عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " يوم تبدل الأرض غير الأرض " يعني تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من
الحساب، قال الله: " ما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ".
556

143 - عن محمد بن هاشم عمن أخبره عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال له
الأبرش الكلبي: بلغني انك قلت في قول الله: " يوم تبدل الأرض " انها تبدل خبزة؟
فقال أبو جعفر عليه السلام. صدقوا تبدل الأرض خبزة نقية في الموقف يأكلون منها،
فضحك الأبرش وقال: اما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز؟ فقال: ويحك في اي
المنزلتين هم أشد شغلا وأسوء حالا إذا هم في الموقف أو في النار يعذبون؟ فقال:
لا في النار فقال: ويحك وان الله يقول: " لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها
البطون * ثم إنهم لشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم " قال: فسكت.
143 - في مجمع البيان وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال يبدل الله الأرض
غير الأرض والسماوات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا،
ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى، ما
كان في بطنها كان في بطنها، وما كان في ظهرها كان على ظهرها.
144 - وفي تفسير أهل البيت عليهم السلام بالاسناد عن زرارة ومحمد بن مسلم
وحمران بن أعين عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: تبدل الأرض خبزة
نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ الناس من الحساب، قال الله تعالى: " وما جعلناهم
جسدا لا يأكلون الطعام ".
145 - وروى سهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يحشر الناس يوم
القيمة على ارض بيضاء عفراء كقرصة النقي (1) ليس فيها معلم لاحد.
146 - وروى عن أبي أيوب الأنصاري قال: اتى النبي صلى الله عليه وآله حبر من اليهود فقال:
أرأيت إذ يقول الله في كتابه: " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " فأين الخلق عند
ذلك؟ فقال: أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه.
147 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله " يوم تبدل الأرض غير الأرض " قال: تبدل
خبزة بيضاء نقية في الموقف يأكل منها المؤمنون، وترى المجرمين يومئذ مقرنين

(1) النقي: الحواري وهو الدقيق الأبيض وهو لباب الدقيق.
557

في الأصفاد قال: مقيدين بعضهم إلى بعض سرابيلهم من قطران قال: السرابيل
القمص، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " سرابيلهم من قطران "
هو الصفر الحار الذائب يقول الله: انتهى حره، وتغشى وجوههم النار سربلوا
ذلك الصفر فتغشى وجوههم النار.
148 - حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله قال جبرئيل عليه السلام: لو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء
والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه (1) والحديث طويل أخذنا منه موضع
الحاجة.
149 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: والبسهم سرابيل القطران ومقطعات النيران
في عذاب قد اشتد حره وباب قد أطبق على أهله.
150 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان النايحة إذا لم تتب قبل موتها، تقوم يوم القيمة وعليها سربال
من قطران ودرع من جرب.

(1) الوهج: حرارة النار.
558

قد تم الجزء الثاني تصحيحا وتعليقا حسب تجزئتنا من هذا الجزء
في الخامس والعشرين من شهر شعبان المعظم سنة 1383 على يد العبد
المذنب الفاني السيد هاشم بن السيد حسين الحسيني المحلاتي المشتهر
برسولي عفى عنه وعن والديه بحق محمد وآله
559