الكتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل
المؤلف: الزمخشري
الجزء: ٢
الوفاة: ٥٣٨
المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٨٥ - ١٩٦٦ م
المطبعة:
الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ، عباس ومحمد محمود الحلبي وشركاهم - خلفاء
ردمك:
ملاحظات:

الكشاف
عن
حقائق التنزيل وعيون الأقاويل
في
وجوه التأويل
تأليف
أبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي
467 - 538
-
الجزء الثاني
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر
عباس ومحمد محمود الحلبي وشركاهم - خلفاء
1

الطبعة الأخيرة
1385 ه‍ = 1966 م
حقوق الطبع محفوظة للناشر
2

ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ
(قرآن كريم)
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأنعام
مكية، وهي مائة وخمس وستون آية
(بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا
3

بربهم يعدلون. هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده،
4

ثم أنتم تمترون. وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم
ما تكسبون. وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين. فقد كذبوا
بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون.
5

ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا
السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا
من بعدهم قرنا آخرين. ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال
الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين. وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي
الامر ثم لا ينظرون).
6

ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون. ولقد استهزئ برسل
من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون. قل سيروا في الأرض
ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين. قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله،
كتب على نفسه الرحمة
7

ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون.
وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. قل أغير الله اتخذ وليا فاطر
السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم، قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا
تكونن من المشركين
8

قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه
وذلك الفوز المبين. وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يمسسك بخير
فهو على كل شئ قدير. وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير. قل أي شئ
أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم،
9

وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ إنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى،
قل لا أشهد، قل إنما هو إله واحد وإنني برئ مما تشركون. الذين آتيناهم الكتاب
يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون. ومن أظلم ممن
افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون. ويوم نحشرهم جميعا ثم
نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون.
10

ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين. انظر كيف كذبوا على
أنفسهم، وضل عنهم ما كانوا يفترون. ومنهم من يستمع إليك، وجعلنا على
قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا)
11

وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها، حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن
هذا إلا أساطير الأولين وهم ينهون عنه وينأون عنه، وإن يهلكون إلا أنفسهم وما
يشعرون. ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا
ونكون من المؤمنين.
12

بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون.
وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين. ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال
أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا، قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون.
قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى
13

إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على
ظهورهم ألا ساء ما يزرون. وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير
للذين يتقون، أفلا يعقلون. قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون، فإنهم
لا يكذبونك،
14

ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون. ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على
ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا، ولا مبدل لكلمات الله، ولقد جاءك من نبأي
المرسلين. وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض
أو سلما في السماء فتأتيهم بآية)
15

ولو شاء الله لجمعهم على الهدى، فلا تكونن من الجاهلين. إنما يستجيب الذين
يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون. وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه،
قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم.
16

لا يعلمون. وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم، ما فرطنا في
الكتاب من شئ، ثم إلى ربهم يحشرون. والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في
الظلمات، من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم
17

قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين.
بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ولقد أرسلنا
إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلو لا إذ جاءهم بأسنا
18

تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون. فلما نسوا
ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا
هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين. قل أرأيتم
إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به؟ انظر
كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون. قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة
هل يهلك إلا القوم الظالمون. وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين.
19

فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين كذبوا بآياتنا يمسهم
العذاب بما كانوا يفسقون. قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا
أقول لكم إني ملك إن اتبع إلا ما يوحى إلي، قل هل يستوي الأعمى والبصير؟ أفلا
تتفكرون؟
20

وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم
يتقون. ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه
21

ما عليك من حسابهم من شئ وما حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من
الظالمين. وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا
22

أليس الله بأعلم بالشاكرين. وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم
كتب ربكم على نفسه الرحمة، إنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده
وأصلح فإنه غفور رحيم. وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين.
قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا
وما أنا من المهتدين. قل إني على بينة من ربي وكذبتم به،
23

ما عندي ما تستعجلون به، إن الحكم إلا لله يقضي الحق وهو خير الفاصلين. قل
لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الامر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين.
وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة
إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين
24

وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى
ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون. وهو القاهر فوق عباده ويرسل
عليكم حفظة، حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون. ثم ردوا
إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين. قل من ينجيكم من ظلمات
البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية
25

لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين. قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم
أنتم تشركون. قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت
أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض، انظر كيف نصرف الآيات
لعلهم يفقهون. وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل. لكل نبأ
مستقر وسوف تعلمون. وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى
يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين.
26

وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون. وذر الذين
اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس
لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها،)
27

أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا، لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون.
قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي
استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا، قل إن هدى
الله هو الهدى،)
28

وأمرنا لنسلم لرب العالمين. وأن أقيموا الصلاة واتقوه، وهو الذي إليه تحشرون.
وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق، ويوم يقول كن فيكون، قوله الحق،
وله الملك يوم ينفخ في الصور، عالم الغيب والشهادة، وهو الحكيم الخبير. وإذ
قال إبراهيم لأبيه آزر
29

أتتخذ أصناما آلهة؟ إني أراك وقومك في ضلال مبين. وكذلك نري إبراهيم
ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكبا
30

قال هذا ربي، فلما أفل قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي،
فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس
بازغة قال هذا ربي هذا أكبر، فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون. إني
وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين.
31

وحاجه قومه، قال أتحاجوني في الله وقد هدان؟ ولا أخاف ما تشركون به إلا أن
يشاء ربي وسع ربي كل شئ علما، أفلا تتذكرون؟ وكيف أخاف ما أشركتم
ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا
32

فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون. الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم
أولئك لهم الأمن وهم مهتدون. وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات
من نشاء إن ربك حكيم عليم. ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا، ونوحا هدينا
من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون، وكذلك نجزي
المحسنين. وزكرياء ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين. وإسماعيل واليسع
ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين. ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم
وهديناهم إلى صراط مستقيم. ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده، ولو
أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون. أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم
والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين
هدى الله فبهداهم اقتده، قل لا أسألكم عليه أجرا، إن هو إلا ذكرى للعالمين
33

وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ، قل من أنزل الكتاب
الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا
34

وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون. وهذا كتاب
أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها، والذين يؤمنون
بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون. ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا
أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله،
35

ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم
اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته
تستكبرون. ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم
وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء، لقد
تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون.
36

إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله
فأنى تؤفكون. فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا.
37

والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم. وهو الذي جعل لكم النجوم
لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم
38

يعلمون. وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات
لقوم يفقهون. وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شئ فأخرجنا
منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب
39

والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه، انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه، إن في
ذلكم لآيات لقوم يؤمنون. وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات
40

بغير علم، سبحانه وتعالى عما يصفون. بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد
ولم تكن له صاحبة وخلق كل شئ وهو بكل شئ عليم. ذلكم الله ربكم لا إله إلا
هو خالق كل شئ فاعبدوه، وهو على كل شئ وكيل. لا تدركه الابصار وهو يدرك
الابصار وهو اللطيف الخبير
41

قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وما أنا عليكم بحفيظ.
وكذلك نصرف الآيات وليقولوا دارست ولنبينه لقوم يعلمون. اتبع ما أوحي إليك
من ربك لا إله إلا هو
42

وأعرض عن المشركين. ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا، وما أنت
عليهم بوكيل. ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم،
كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون. وأقسموا
بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم
إنها إذا جاءت لا يؤمنون؟
43

ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون
44

ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا
ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون. وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا
شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك
ما فعلوه فذرهم وما يفترون. ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه
وليقترفوا ما هم مقترفون. أفغير الله أبتغي حكما
45

وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من
ربك بالحق فلا تكونن من الممترين. وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا لا مبدل
لكلماته، وهو السميع العليم. وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله،
إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون. إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو
أعلم بالمهتدين. فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين. وما لكم
ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه
46

وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم، إن ربك هو أعلم بالمعتدين. وذروا ظاهر
الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون. ولا تأكلوا مما
لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم
47

وإن أطعتموهم إنكم لمشركون. أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به
في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا
يعملون. وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا
بأنفسهم وما يشعرون. وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي
رسل الله الله أعلم
48

حيث يجعل رسالاته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا
يمكرون. فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل
صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون
وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون لهم دار السلام عند ربهم
وهو وليهم بما كانوا يعملون. ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من
الانس وقال أولياؤهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض
49

وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك
حكيم عليم. وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون. يا معشر الجن والإنس
ألم يأتكم رسل منكم
50

يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا شهدنا على أنفسنا، وغرتهم
الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين. ذلك أن لم يكن ربك مهلك
القرى
51

بظلم وأهلها غافلون. ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون. وربك
الغني ذو الرحمة، إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من
ذرية قوم آخرين. إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين. قل يا قوم اعملوا على
مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون.
وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما
كان لشركائهم فلا يصل إلى الله
52

وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون. وكذلك زين لكثير من
المشركين قتل أولادهم شركاؤهم
53

ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون. وقالوا
هذه أنعام وحرث حجر
54

لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله
عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون وقالوا ما في بطون هذه الانعام
خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء، سيجزيهم
وصفهم،
55

إنه حكيم عليم. قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم
الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين. وهو الذي أنشأ جنات معروشات
وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه
كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين.
ومن الأنعام حمولة وفرشا، كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه
لكم عدو مبين. ثمانية أزواج من الضأن اثنين
56

ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين؟ أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين
نبئوني بعلم إن كنتم صادقين. ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين
حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين، أم كنتم شهداء إذ وصاكم
الله بهذا، فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي
القوم الظالمين. قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون
ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا
57

أهل لغير الله به، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم. وعلى الذين
هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها إلا ما حملت
ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم، ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون. فإن
كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين. سيقول الذين أشركوا
58

لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى
ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم
إلا تخرصون. قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين. قل هلم شهداءكم
59

الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء
الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون. قل تعالوا أتل
60

ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم
من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن. ولا
تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون.
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل
والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى)
.
61

وبعهد الله أوفوا، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون. وأن هذا صراطي مستقيما
فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون.
ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شئ وهدى ورحمة
لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون. وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم
ترحمون. أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم
لغافلين. أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم
62

فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة، فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف
عنها، سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون. هل
ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم
يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت
في إيمانها خيرا
63

قل انتظروا إنا منتظرون. إن الذين فرقوا دينهم. كانوا شيعا لست منهم في شئ
إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون. من جاء بالحسنة فله عشر
أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون. قل إنني هداني ربي
إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. قل
إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت
وأنا أول المسلمين. قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب
كل نفس
64

(إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم
فيه تختلفون. وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات
ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم).
سورة الأعراف
مكية،. هي مائتان وخمس آيات
(بسم الله الرحمن الرحيم
آلمص. كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه
65

لتنذر به وذكرى للمؤمنين. اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من
دونه أولياء، قليلا ما تذكرون. وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا
66

أو هم قائلون. فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين. فلنسألن
الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين. فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين.
والوزن يومئذ الحق
67

فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين
خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون، ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا
لكم فيها معايش، قليلا ما تشكرون. ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا
للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين. قال ما منعك
ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين
68

قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين.
قال أنظرني إلى يوم يبعثون. قال إنك من المنظرين. قال فبما أغويتني
69

(لأقعدن لهم صراطك المستقيم).
70

ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم
شاكرين. قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم
أجمعين. ويا آدم
71

أسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا
من الظالمين. فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما روى عنهما من سوءاتهما وقال
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين.
وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين
72

فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق
الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما
عدو مبين؟. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من
الخاسرين. قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين
73

قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون. يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا
يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون.
يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما
ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم،
74

إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون. وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها
آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون.
قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين
كما بدأكم تعودون.
75

فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة، إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله
ويحسبون أنهم مهتدون. يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا
ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات
من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة لهم يوم القيامة، كذلك
76

نفصل الآيات لقوم يعلمون. قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها ما بطن
والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله
ما لا تعلمون. ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا
خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته.
أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين
ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا
77

وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين. قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من
الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت
أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار، قال لكل ضعف
ولكن لا تعلمون. وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا
العذاب بما كنتم تكسبون. إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم
أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط،
78

وكذلك نجزي المجرمين. لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي
الظالمين. والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب
الجنة هم فيها خالدون. ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار
وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل
ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها
79

بما كنتم تعملون. ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا
حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله
على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون.
80

وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن
سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون. وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب
النار قالوا ربنا لا تجعلنا من القوم الظالمين. ونادى أصحاب الأعراف رجالا
يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون. أهؤلاء
الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة، ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم
تحزنون. ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة
81

أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن اله حرمهما على الكافرين. الذين
اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء
يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون. ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى
ورحمة لقوم يؤمنون. هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه
من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل
غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون. إن ربكم
الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره
82

ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين. ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب
المعتدين. ولا يفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله
قريب من المحسنين. وهو الذي يرسل الرياح نشرا
83

(بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء
فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون. والبلد الطيب
يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات
لقوم يشكرون. لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله
84

غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم. قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال
مبين. قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين. أبلغكم
رسالات ربي
85

وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون. أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل
منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون. فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك
وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين. والى عاد أخاهم هودا قال
يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون؟
86

قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين
قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين. أبلغكم رسالات ربي
وأنا لكم ناصح أمين. أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم
واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا
آلاء الله لعلكم تفلحون. قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا
بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال قد وقع عليكم
87

من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله
بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين. فأنجيناه والذين معه برحمة منا
وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين
88

والى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم
بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها
89

تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم. واذكروا إذ جعلكم
خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال
بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين. قال الملأ الذين استكبروا
من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه
90

(قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون. قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون.
فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من
المرسلين. فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين. فتولى عنهم وقال
91

(يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين. ولوطا إذ
قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. أئنكم لتأتون
الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن
قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون.
92

فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان
عاقبة المجرمين. والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره
قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس
93

أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين.
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا
واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم، وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين. وإن كان
94

(طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا
وهو خير الحاكمين. قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب
والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا،
95

(قال أو لو كنا كارهين. قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا
الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا، وسع ربنا كل شئ علما،
على الله توكلنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين
96

وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون.
فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين. الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا
فيها، الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين. فتولى عنهم وقال يا قوم لقد
أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسي على قوم كافرين؟ وما
أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون وثم
بدلنا مكان السيئة الحسنة
97

حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون.
ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن
كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون. أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا
وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون. أفأمنوا مكر الله
98

فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها
أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون. تلك القرى
نقص عليك من أنبائها، ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات
99

فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين. وما
وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين. ثم بعثنا من بعدهم
موسى بآياتنا إلى فرعون وملأه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين.
وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين. حقيق على أن لا أقول على
الله إلا الحق، قد جئتكم ببينة من ربكم
100

فأرسل معي بني إسرائيل. قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين.
فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين. نزع يده فإذا هي بيضاء
101

للناظرين. قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم. يريد أن يخرجكم من
أرضكم فماذا تأمرون؟. قالوا أرجئه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين.
يأتوك بكل ساحر عليم. وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن
الغالبين. قال نعم وإنكم لمن المقربين. قالوا يا موسى إما أن تلقي
102

وإما أن نكون نحن الملقين. قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم
وجاءوا بسحر عظيم. وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون.
فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون. فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين. وألقي السحرة
103

ساجدين. قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون. قال فرعون أأمنتم به قبل
أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون.
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين. قالوا إنا إلى ربنا
منقلبون. وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا
وتوفنا مسلمين. وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض
ويذرك وآلهتك؟
104

قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون. قال موسى لقومه استعينوا
بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. قالوا أوذينا
من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا، قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم
في الأرض فينظر كيف تعملون. ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من
105

الثمرات لعلهم يذكرون. فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه، وإن تصبهم سيئة
يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون. وقالوا
مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين. فأرسلنا عليهم
106

الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم
107

آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين. ولما وقع عليهم الرجز قالوا
يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن
معك بني إسرائيل. فلما كشفنا عنهم الرجز
108

إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون. فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا
بآياتنا وكانوا عنها غافلين وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض
ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا
109

ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون. وجاوزنا ببني إسرائيل البحر
فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة
قال إنكم قوم تجهلون. إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون. قال أغير
الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين.
110

وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون
نساءكم، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم. وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها
بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح
ولا تتبع سبيل المفسدين. ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه
111

قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني
112

ولكن انظر إلى الجبل،
113

فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا
114

وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين قال موسى
115

إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.
وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ فخذها بقوة وامر
116

قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفاسقين. سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون
في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه
سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا، ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها
غافلين. والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا
ما كانوا يعملون. واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا)
117

(جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين.
ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا
لنكونن من الخاسرين. ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني
من بعدي أعجلتم أمر ربكم
118

وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا
يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين. قال رب اغفر لي
ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين. إن الذين اتخذوا العجل سينالهم
غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا، وكذلك نجزي
119

المفترين. الذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها
لغفور رحيم. ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة
120

للذين هم لربهم يرهبون. واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم
الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء
منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا
وارحمنا وأنت خير الغافرين. واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة
إنا هدنا إليك
121

قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ، فسأكتبها للذين يتقون
ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول النبي الأمي
الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم
عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم
والأغلال التي كانت عليهم، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا
النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون.
122

قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض
لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله
وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون. ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون
123

وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب
بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم
وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم
وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا
124

منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطاياكم سنزيد
المحسنين. فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم
رجزا من السماء بما كانوا يظلمون. واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة
البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون
لا تأتيهم،
125

كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون. وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله
مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون. فلما
نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب
126

(بئيس بما كانوا يفسقون. فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين.
وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك
لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم. وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون
ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون. فخلف من
بعدهم خلف
127

ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض
مثله يأخذوه، ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق
ودرسوا ما فيه، والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون. والذين يمسكون
بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين.
128

وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة
واذكروا ما فيه لعلكم تتقون. وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم
وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا
129

يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين. أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية
من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون. وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون.
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين.
ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه
130

فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم
الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون. ساء مثلا القوم الذين
كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون. من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل
فأولئك هم الخاسرون. ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب
لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها
131

أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون. ولله الأسماء الحسنى فادعوه
بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون.
132

وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون. والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم
من حيث لا يعلمون. وأملي لهم إن كيدي متين. أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة
إن هو إلا نذير مبين. أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من
شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون. من يضلل
الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون.
133

يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا
هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها،
قل إنما علمها عند الله
134

ولكن أكثر الناس لا يعلمون. قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو
كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء
135

إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون. هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل
منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت
دعوا الله ربهما
136

لئن آتيتنا صالحا لنكونن ممن الشاكرين. فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما
آتاهما فتعالى الله عما يشركون. أيشركون مالا يخلق شيئا وهم يخلقون. ولا يستطيعون
لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون. وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم
أدعوتموهم أم أنتم صامتون.
137

إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين.
ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم
آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاء كم ثم كيدون فلا تنظرون. إن وليي الله الذي
نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين. والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم
ولا أنفسهم ينصرون. وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك
وهم لا يبصرون. خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين.
138

وإما ينزغنك ممن الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم. إن الذين اتقوا إذا
مسهم طيف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون. وإخوانهم يمدونهم في الغى
ثم لا يقصرون. وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى
إلى من ربى هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. وإذا قرئ القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون. واذكر ربك
139

في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين.
إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون.
سورة الأنفال
مدنية وهى ست وسبعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
يسألونك عن الأنفال
140

قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن

(1) (قوله سعيد بن العاص) كذا نسخ الكشاف وأبى السعود، وبهامشه قال أبو عبيد: صوابه العاص بن سعيد كما في بعض
حواشي البيضاوي. والقبض: بفتحتين ما قبض من الغنائم اه‍ كتبه المصحح.
141

كنتم مؤمنين. إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم
آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون.
أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم. كما أخرجك
ربك
142

من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون. يجادلونك في الحق
143

بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون. وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين
أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته
144

ويقطع دابر الكافرين. ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون. إذ تستغيثون
ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين.
145

وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز
حكيم. إذ يغشاكم النعاس
146

أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان
وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام. إذ يوحى ربك إلى الملائكة
147

أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا، سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق
الأعناق واضربوا منهم كل بنان. ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله، ومن يشاقق الله
ورسوله فإن الله شديد العقاب. ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار. يا أيها
الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار. ومن يولهم يومئذ
148

دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم
وبئس المصير. فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن
الله رمى،
149

وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم. ذلكم وأن الله موهن كيد
الكافرين. إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا
نعد ولن تعنى عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين. يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون.
150

ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون. إن شر الدواب عند الله الصم البكم
الذين لا يعقلون. ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون.
يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم
151

لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون. واتقوا
فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
152

واعلموا أن الله شديد العقاب. واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون
أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم
تشكرون. يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم
تعلمون. واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة
153

وأن الله عنده أجر عظيم ويا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر
عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم. وإذ يمكر بك الذين كفروا
154

ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. وإذا
تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين.
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو
ائتنا بعذاب أليم. وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم
155

وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا
أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون. وما كان صلاتهم عند
البيت إلا مكاء وتصدية، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. إن الذين كفروا
ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها
156

ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون. ليميز
الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله
في جهنم أولئك هم الخاسرون. قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين. وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين
كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير.
157

وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير. واعلموا أنما غنمتم
من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
158

إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله
على كل شئ قدير. إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب
159

أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا.
ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم. إذ
يريكهم الله
160

في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم
إنه عليم بذات الصدور. وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في
أعينهم ليقضى الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور. يا أيها الذين آمنوا
إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا
161

لعلكم تفلحون. وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا
إن الله مع الصابرين. ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئآء الناس
ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط. وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم
وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، فلما تراءت الفئتان نكص
على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب.
162

إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله
فإن الله عزيز حكيم. ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم
وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق. ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام
للعبيد. كدأب آل فرعون والذين من قبلهم،
163

كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوى شديد العقاب. ذلك بأن الله لم
يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم.
كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا
آل فرعون وكل كانوا ظالمين. إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون.
الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون. فإما تثقفنهم
في الحرب فشرد بهم من خلفهم
164

لعلهم يذكرون. وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب
الخائنين. ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون. وأعدوا لهم ما استطعتم
من قوة ومن رباط الخيل
165

ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا
من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون. وإن جنحوا للسلم فاجنح لها
وتوكل على الله إنه هو السميع العليم. وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله، هو
الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين. وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا
ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم. يا أيها النبي حسبك
166

الله ومن اتبعك من المؤمنين. يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن
منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين
كفروا بأنهم قو لا يفقهون. الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا، فإن
يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله
والله مع الصابرين.
167

ما كان لنبي أن تكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله
يريد الآخرة، والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم
168

فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا، واتقوا الله إن الله غفور رحيم. يا أيها النبي قل
لمن في أيديكم من الأسارى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم
ويغفر لكم والله غفور رحيم. وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن
منهم والله عليم حكيم. إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم
في سبيل الله والذين آووا ونصروا
169

أولئك بعضهم أولياء بعض، والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ
حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم
ميثاق والله تعملون بصير. والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن
فتنة في الأرض وفساد كبير. والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين
آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم. والذين آمنوا من
بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب الله إن الله بكل شئ عليم.
170

سورة التوبة
مدنية. وهى مائة وثلاثون، وقيل تسع وعشرون آية
براءة من الله ورسوله
171

إلى الذين عاهدتم من المشركين. فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم
172

غير معجزي الله وأن الله مخزى الكافرين. وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج
الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله
173

فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا
بعذاب أليم. إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا
عليكم أحدا
174

فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم، إن الله يحب المتقين. فإذا انسلخ الأشهر الحرم
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد
فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم. وإن أحد
من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم
قوم لا يعلمون. كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله
175

إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن
الله يحب المتقين. كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم
بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون. اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا
عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون. لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم
176

المعتدون. فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين، ونفصل
الآيات لقوم يعلمون. وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا
أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون. ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا
بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة
177

أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين. قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم
ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب
الله على من يشاء والله عليم حكيم. أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين
جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير
بما تعملون. ما كان للمشركين أن يعمروا مسجد الله
178

شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم فيها خالدون.
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة
179

ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين. أجعلتم سقاية الحاج
وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله
لا يستوون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين. الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في
سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون. يبشرهم ربهم
180

برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم. خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر
عطيم. يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على
الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون. قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم
وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن
ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله
بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين. لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض
181

بما رحبت ثم وليتم مدبرين. ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين
وأنزل جنودا لم تروها
182

وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين. ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء
والله غفور رحيم. يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد
الحرام بعد عامهم هذا
183

وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم. قاتلوا
الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون
دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
184

وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله، ذلك قولهم بأفواههم
يضاهون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم الله أنى يؤفكون. اتخذوا أخبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم
185

وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون. يريدون أن
يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. هو الذي
أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل
ويصدون عن سبيل الله
186

والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم.
يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم
187

هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون. إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر
شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم
فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشكرين كافة كما يقاتلونكم كافة
188

واعلموا أن الله مع المتقين. إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا
يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم
سوء أعمالهم والله لا يهدى الكافرين. يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل
لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة
189

فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما
ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير. إلا تنصروه فقد
نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه
لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل
كلمة الذين كفروا السفلى
190

وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم. انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم
وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. لو كان عرضا قريبا
وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا
لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون.
191

عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين.
لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله
عليم بالمتقين. إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم
فهم في ريبهم
192

يترددون. ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم
وقيل اقعدوا مع القاعدين.
193

لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم
سماعون لهم والله عليم بالظالمين. لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور
حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون. ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني،
ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين. إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك
مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم
194

فرحون. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا، وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله
بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون. قل أنفقوا طوعا أو كرها
لن يتقبل منكم
195

إنكم كنتم قوما فاسقين. وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله
وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون. فلا
تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق
أنفسهم وهم كافرون. ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم
يفرقون. لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون. ومنهم
من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون.
196

ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله
إنا إلى الله راغبون. إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة
قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم
197

حكيم. ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن، قل أذن خير لكم يؤمن بالله
ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم
عذاب أليم.
198

يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين. ألم يعلموا
أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم.
199

يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم، قل استهزءوا إن الله
مخرج ما تحذرون. ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله
وآياته ورسوله كنتم تستهزءون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن يعف عن
طائفة منكم تعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين. المنافقون والمنافقات بعضهم من
بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن
المنافقين هم الفاسقون.
200

وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم
الله ولهم عذاب مقيم. كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا
فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم
وخضتم الذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم
الخاسرون. ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم
وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن
كانوا أنفسهم يظلمون.
201

والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله
عزيز حكيم. وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها
ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم.
يا أيها النبي جاهدا لكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير.
202

يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا
وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله، فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا
يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولى ولا نصير.
ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين. فلما آتاهم
من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون.
203

فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا
يكذبون. ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب. الذين
يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون
منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم. استغفر لهم أولا تستغفر لهم إن تستغفر
لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدى
القوم الفاسقين.
204

فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم
في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون.
فليضحكوا قليلا وليبكوا كيرا جزاءا بما كانوا يكسبون.
205

فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن
تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين. ولا تصل
على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره
206

إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون. ولا تعجبك أموالهم وأولادهم
إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون. وإذا أنزلت
سروة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن
مع القاعدين. رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون.
لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات
وأولئك هم المفلحون. أعد الله لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها
ذلك الفوز العظيم. وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا
الله ورسوله
207

سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم. ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا
على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل
والله غفور رحيم. ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه
تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون. إنما السبيل على الذين
يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم
لا يعلمون. يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا
الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة
فينبئكم بما كنتم تعملون. سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم
فأعرضوا عنهم
208

إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون. يحلفون لكم لترضوا عنهم
فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين. الأعراب أشد كفرا ونفاقا
وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم. ومن الأعراب
من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم.
ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله
209

وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور
رحيم. والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم
ورضوا عنه وأعدلهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك
الفوز العظيم.
210

وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم
نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين، ثم يردون إلى عذاب عظيم. وآخرون اعترفوا
بذنوبهم خلطوا
211

عملا " صالحا " وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم. خذ من
أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع
عليم. ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو
التواب الرحيم.
212

وقل اعملوا فسيرا الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب
والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون. وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما
يتوب عليهم والله عليم حكيم. والذين اتخذوا مسجدا

(1) (قوله وإما للعباد) كتب عليه يعني إما للشك وهو لا يجوز علي الله فهو إذا للعباد كأوفي أو يزيدون ولعل في - العلة يتذكر -
اه‍ كتيه المصلح.
213

ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل
وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون. لا تقم فيه أبدا لمسجد
أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا
والله يحب المطهرين. أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان
214

خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، والله لا يهدي
القوم الظالمين. لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم
والله عليم حكيم. إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة
215

(يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل
والقرآن ومن أو في بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز
العظيم. التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون
216

بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين. ما كان
للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد
ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم. وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن
موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم. وما
كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شئ
عليم. إن الله له ملك السماوات والأرض يحيى ويميت وما لكم من دون الله من ولى
ولا نصير.
217

لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة
من بعد ما كاد تزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم
وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت
عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله
218

هو التواب الرحيم. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. ما كان
لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله
219

ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة
في سبيل الله ولا يطئون ا موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم
به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين. ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة
ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعلمون.
220

وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا
في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم يحذرون. يا أيها الذين آمنوا
قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله
221

مع المتقين وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين
آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون. وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا
إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون. وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا
إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون. أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو
مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون وإذا ما أنزلت سورة نظر بعظهم إلى بعض هل
يراكم من أحد ثم انصرفوا
222

صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون. لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز
عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله
إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
سورة يونس
مكية، وهى مائة وتسع آيات
223

بسم الله الرحمن الرحيم
الر تلك آيات الكتاب الحكيم أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم
أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون
إن هذا لساحر مبين. إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام
224

ثم استوى على العرش يدبر الأمر مامن شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه
أفلا تذكرون إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزى
الذين آمنوا وعملوا الصالحات
بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب
أليم بما كانوا يكفرون. هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل
لتعلموا عدد السنين والحساب، ما خلق الله
225

ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون. إن في اختلاف الليل والنهار وما
خلق الله في السماوات والأض لآيات لقوم يتقون. إن الذين لا يرجون لقاءنا
ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون. أولئك مأواهم النار
بما كانوا يكسبون. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم
تجرى من تحتهم الأنهار في جنات النعيم. دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم
226

فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. ولو يعجل الله للناس الشر
استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم
يعمهون. وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه
227

ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ولقد
أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا
كذلك نجزى القوم المجرمين. ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر
كيف تعملون. وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت
بقرآن غير هذا أو بدله
228

قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلى إني أخاف إن
عصيت ربى عذاب يوم عظيم. قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به، فقد
لبثت فيكم عمرا من قبله
229

أفلا تعقلون. فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح
المجرمون ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا
عند الله، قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى
عما يشركون وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك
لقضي بينهم فيما فيه يختلفون. ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما
الغيب لله
230

فانتظروا إني معكم من المنتظرين وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا
لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون. هو الذي
يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا
بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج
231

من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين، لئن أنجيتنا من
هذه لنكونن من الشاكرين. فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق،
232

يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما
كنتم تعملون. إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات
الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن
أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن
بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون. والله يدعو إلى دار السلام
ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم. للذين أحسنوا الحسنى وزيادة،
233

ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون. والذين
كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما
أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ويوم
نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا
234

مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون. فكفى
بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين. هنالك تبلوا كل نفس
ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون. قل من يرزقكم
من السماء والأرض
235

أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي
ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون. فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد
الحق إلا الضلال فأنى تصرفون كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم
لا يؤمنون. قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم
يعيده فأنى تؤفكون. قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى
للحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى
236

إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغنى
من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون. وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون
الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين.
أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله
237

إن كنتم صادقين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك
كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ومنهم من يؤمن به ومنهم
من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم
بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون. ومنهم من يستمعون إليك
238

أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون؟ ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى
العمى ولو كانوا لا يبصرون؟ إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم
يظلمون. ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد
خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين. وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو
نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون. ولكل أمة رسول فإذا جاء
رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون.
239

ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين. قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا
ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. قل
أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون. أثم إذا ما وقع
آمنتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون.
240

ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون
ويستنبئونك أحق هو قل أي وربى إنه لحق وما أنتم بمعجزين. ولو أن لكل
نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى
بينهم بالقسط وهم لا يظلمون. ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله
حق ولكن أكثرهم لا يعلمون. هو يحيى ويميت وإليه ترجعون. يا أيها الناس قد
جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل
بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا
241

هو خير مما يجمعون. قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما
وحلالا قل: الله أذن لكم أم على الله. تفترون. وما ظن الذين يفترون على الله الكذب
يوم القيامة، إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون. وما تكون
في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون
فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء
242

ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين. ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم
ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون. لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى
الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ولا يحزنك قولهم إن
العزة لله جميعا
243

هو السميع العليم. ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين
يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون هو الذي جعل
لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون. قالوا
اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغنى له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من
سلطان بهذا
244

أتقولون على الله مالا تعلمون قل: إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون.
متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون
واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري
بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم
غمة ثم اقضوا إلى
245

ولا تنظرون. فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون
من المسلمين. فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا
الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين. ثم بعثنا من بعده رسلا إلى
قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على
قلوب المعتدين. ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملاه بآياتنا
فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين. فلما جاءهم الحق من عندنا
246

قالوا إن هذا لسحر مبين. قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح
الساحرون. قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في
الأرض وما نحن لكما بمؤمنين. وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم فلما جاء
السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون. فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر
247

إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين. ويحق الله الحق بكلماته ولو كره
المجرمون. فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون
248

وملاءيهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين. وقال موسى
يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين. فقالوا على الله توكلنا
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين. ونجنا برحمتك من القوم الكافرين
وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة
وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين.
249

وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا
عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا
العذاب الأليم. قال قد أجيبت دعوتكما
250

فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون * وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم
فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي
آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين. الآن وقد عصيت قبل وكنت من
المفسدين. فاليوم ننجيك
251

ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون. ولقد
بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم
إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. فإن كنت في شك مما
أنزلنا إليك
252

فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من
الممترين. ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين. إن الذين
حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب
الأليم. فلولا كانت قرية آمنت
253

فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا
ومتعناهم إلى حين. ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره
الناس حتى يكونوا مؤمنين. وما كان لنفس أن تؤمن
254

إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون. قل انظروا ماذا في السماوات
والأرض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون. فهل ينتظرون إلا مثل أيام
الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين. ثم ننجى رسلنا
والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين. قل يا أيها الناس إن كنتم في
شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم
وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين
255

حنيفا ولا تكونن من المشركين. ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك فإن
فعلت فإنك إذا من الظالمين. وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك
بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم. قل يا أيها
الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما
يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل. واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله
وهو خير الحاكمين.
256

سورة هود عليه السلام
مكية. وهى مائة وثلاث وعشرون آية
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت
257

من لدن حكيم خبير. ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير. وأن استغفروا
ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله
وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير. إلى الله مرجعكم وهو على كل شئ
قدير. ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم
258

يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور. وما من دابة في الأرض إلا على
الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين وهو الذي خلق السماوات
والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم
259

أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا
إن هذا إلا سحر مبين. ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن
ما يحبسه، أيوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون
ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤس كفور ولئن أذقناه
نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى إنه لفرح فخور إلا الذين
260

صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير. فلعلك تارك بعض
ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك
إنما أنت نذير، والله على كل شئ وكيل أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور
مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم
يستجيبوا لكم
261

فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون. من كان يريد
الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك
الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون
أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى
262

إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلاتك
في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون. ومن أظلم ممن
افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا
على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا
وهم بالآخرة هم كافرون. أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من
دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون
263

أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون. لا جرم أنهم في الآخرة
هم الأخسرون. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب
الجنة هم فيها خالدون. مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان
مثلا أفلا تذكرون ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين. أن لا تعبدوا
إلا الله
264

إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم. فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا
بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من
فضل بل نظنكم كاذبين. قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وآتاني
رحمة من عنده فعميت عليكم
265

أنلزمكموها وأنتم لها كارهون. ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجرى إلا على الله
وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون. ويا قوم
من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون. وقول لكم عندي خزائن الله ولا
أعلم الغيب
266

ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدرى أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما
في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين. قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا
بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين.
ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم
وإليه ترجعون. أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى اجرامي
267

وأنا برئ مما تجرمون. وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن
فلا تبتئس بما كانوا يفعلون. واصنع الفلك بأعيننا ووحينا وتخاطبني في
الذين ظلموا إنهم مغرقون. ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه
قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون. فسوف تعلمون
268

من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم. حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور
قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن،
وما آمن معه إلا قليل.
269

وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربى لغفور رحيم. وهى تجرى بهم
في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بنى اركب معنا ولا تكن مع
الكافرين. قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا
من رحم
270

وحال بينهما الموج فكان من المغرقين. وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي
وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين.
271

ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين.
قال يا نوح إنه ليس من أهلك
272

إنه عمل غير صالح، فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من
الجاهلين. قال رب إني أعوذ بك
273

أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين. قيل
يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم
يمسهم منا عذاب أليم. تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت
ولا قومك من قبل هذا فاصبر
274

إن العاقبة للمتقين. وإلى عاد أخاهم هودا، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله
غيره إن أنتم إلا مفترون. يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجرى إلا على الذي فطرني
أفلا تعقلون. ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا
ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن
بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين. إن نقول إلا اعتراك بعض
آلهتنا بسوء،
275

قال إني أشهد الله واشهدوا أنى برئ مما تشركون. من دونه فكيدوني جميعا ثم
لا تنظرون. إني توكلت على الله ربى وربكم مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها
276

إن ربى على صراط مستقيم. فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف
ربى قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربى على كل شئ حفيظ ولما جاء أمرنا
نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ. وتلك عاد جحدوا
بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد. وأتبعوا في هذه الدنيا
لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا
277

لعاد قوم هود. وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله
غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه، إن ربى
قريب مجيب. قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد
آباؤنا وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريب. قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة
من ربى وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته
278

فما تزيدونني غير تخسير. ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض
الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب. فعقروها فقال تمتعوا في داركم
ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب. فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا
معه برحمة منا ومن خزى يومئذ إن ربك هو القوى العزيز وأخذ الذين ظلموا
الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم
ألا بعدا لثمود.
279

ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل
حنيذ. فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف
280

إنا أرسلنا إلى قوم لوط. وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء
إسحاق يعقوب. قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشئ
عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه
حميد
281

مجيد. فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط. إن
إبراهيم لحليم أواه منيب. يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم
آتيهم عذاب غير مردود. ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال
هذا يوم عصيب. وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات
282

قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل
رشيد. قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد. قال لو أن
لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد. قالوا يا لوط

(1) (قوله سابرى) في المثل عرض سابرى: يقوله من يعرض عليه الشئ عرضا لا يبالغ فيه اه‍ من هامش الأصل.
283

إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم
أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب
فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود. مسومة
عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد. وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله
284

ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف
عليكم عذاب يوم محيط. ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا
الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين. بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين
285

وما أنا عليكم بحفيظ قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو
أن نفعل في أموالنا ما نشاء
286

إنك لأنت الحليم الرشيد. قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى ورزقني منه
رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت
287

وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن
يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم
ببعيد. واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربى رحيم ودود. قالوا يا شعيب ما نفقه
كثيرا مما تقول
288

وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز. قال يا قوم
أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا، إن ربى بما تعملون محيط
ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو
كاذب
289

وارتقبوا إني معكم رقيب. ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا
وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها
ألا بعدا لمدين
290

كما بعدت ثمود. ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وملائه
فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد. يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار
وبئس الورد المورود. وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود. ذلك
من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد. وما ظلمناهم ولكن ظلموا
291

أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شئ لما جاء أمر ربك
وما زادوهم غير تتبيب. وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه
أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس
وذلك يوم مشهود
292

وما نؤخره إلا لأجل معدود. يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقى وسعيد.
فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق. خالدين فيها ما دامت السماوات
والأرض
293

إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد. وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها
ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ. فلا تك في مرية مما
يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل
294

وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص. ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا
كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم وإنهم لفى شك منه مريب. وإن كلا لما
ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير. فاستقم كما أمرت ومن تاب معك
ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير.
295

ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم
لا تنصرون. وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل
296

إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين. واصبر فإن الله لا يضيع أجر
المحسنين. فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض
297

إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين. وما كان
ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون. ولو شاء ربك لجعل الناس أمة
واحدة ولا يزالون مختلفين. إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم
298

وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين. وكلا نقص عليك
من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين.
وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون. وانتظروا إنا منتظرون ولله
غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل
عما تعملون.
299

سورة يوسف
مكية. وهى مائة وإحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن
نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن
300

وإن كنت من قبله لمن الغافلين. إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر
كوكبا والشمس والقمر
301

رأيتهم لي ساجدين. قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك
302

فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين. وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك
من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك
من قبل
303

إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم. لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين.
إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفى ضلال مبين
304

اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما
صالحين. قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض
السيارة إن كنتم فاعلين. قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون
أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون
305

قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون. قالوا
لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون. فلما ذهبوا به وأجمعوا أن
يجعلوه في غيابت الجب

(1) (قوله الأمرين) في الصحاح: لقيت منه الأمرين بنون الجمع، هي الدواهي اه‍ كتبه مصححه.
306

وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون. وجاءوا أباهم عشاء يبكون.
قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت
307

بمؤمن لنا ولو كنا صادقين. وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم
أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. وجاءت سيارة فأرسلوا
واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى
308

هذا غلام وأسروه بضاعة. والله عليم بما يعملون. وشروه بثمن بخس دراهم معدودة
وكانوا فيه من الزاهدين. وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته
309

أكرمي مثواه، عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض
ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين: وراودته التي هو
في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربى أحسن
310

مثواي إنه لا يفلح الظالمون. ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه

(1) وقيل: أراد الله بقوله - ربى أحسن مثواي - كما هو ظاهر، كتبه مصحح.
311

كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين. واستبقا الباب
312

وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك
سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم. قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من
أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين. وإن كان قميصه
313

قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين. فلما رأى قميصه قد من دبر
314

قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم. يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك
إنك كنت من الخاطئين.
315

وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها
في ضلال مبين. فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل
واحدة منهن سكينا وقالت أخرج عليهن فلما رأينه
316

أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك
317

كريم. قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم
يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين. قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني
318

إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين. فاستجاب له
ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم. ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات
ليسجننه حتى حين. ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا
وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا
نراك من المحسنين.
319

قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني
ربى، إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون. واتبعت
ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب
320

ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن
أكثر الناس لا يشكرون. يا صاحبي السجن ء أرباب متفرقون خير أم الله الواحد
القهار. ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من
سلطان، إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر
الناس لا يعلمون. يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الآخر
فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذي فيه تستفتيان.
321

وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر فلبث في
السجن بضع سنين. وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع
سنبلات خضر وأخر يابسات
322

يا أيها الملا أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون.
323

قالوا: أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين. وقال الذي نجا منهما
وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون. يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع
بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى
الناس لعلهم يعلمون
324

قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون.
ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون. ثم يأتي
من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون. وقال الملك ائتوني به
325

فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربى
بكيدهن عليم. قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا
عليه من سوء قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه
وإنه لمن الصادقين.
326

ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدى كيد الخائنين. وما أبرئ نفسي إن
النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى
327

إن ربى غفور رحيم. وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال
إنك اليوم لدينا مكين أمين. قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم.
328

وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوء منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء
ولا نضيع أجر المحسنين. ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون.
329

وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون. ولما جهزهم بجهازهم
قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أنى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين. فإن
لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون. قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون.
وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم
لعلهم يرجعون. فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا
330

نكتل وإنا له لحافظون. قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله
خير حافظا وهو أرحم الراحمين. ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا
يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير
ذلك كيل يسير.
331

قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه
موثقهم قال الله على ما نقول وكيل. وقال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة
332

وما أغنى عنكم من الله من شئ إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون،
ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغنى عنهم من الله من شئ
إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس
لا يعلمون، ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس
بما كانوا يعملون. فلما جهزهم بجهازهم جعل
333

السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون. قالوا وأقبلوا
عليهم ماذا تفقدون. قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم.
قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما
جزاؤه إن كنتم كاذبين. قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى
334

الظالمين. فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك
كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات
من نشاء وفوق كل ذي علم عليم. قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل
335

فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون.
قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين.
قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون. فلما استيأسوا منه
خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل
336

ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبى أو يحكم الله لي وهو خير
الحاكمين. ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا
وما كنا للغيب حافظين. واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا
لصادقون.
337

قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا
إنه هو العليم الحكيم. وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه
من الحزن
338

فهو كظيم. قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين.
قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله
339

وأعلم من الله ما لا تعلمون. يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا
من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. فلما دخلوا عليه قالوا
يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا
إن الله يجزى المتصدقين. قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون.
340

قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه
341

من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن
كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين
اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبى
342

يأت بصيرا واتوني بأهلكم أجمعين. ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح
يوسف لولا أن تفندون. قالوا تالله إنك لفى ضلالك القديم فلما أن جاء البشير
ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون. قالوا
يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربى إنه هو
الغفور الرحيم.
343

فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. ورفع
أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها
ربى حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ
الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربى
344

لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم. رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من
تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني
مسلما وألحقني بالصالحين. ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم
إذ أجمعوا أمرهم
345

وهم يمكرون. وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين. وما تسألهم عليه من أجر إن هو
إلا ذكر للعالمين. وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها
معرضون. وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون. أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من
عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون. قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على
بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين. وما أرسلنا من قبلك إلا
رجالا نوحي إليهم من أهل
346

القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار
الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون. حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد
كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين. لقد
كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب
347

ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل. كل شئ وهدى
ورحمة لقوم يؤمنون.
سورة الرعد
مختلف فيها، وهى خمس وأربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس
348

والقمر كل يجرى لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون.
وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين
اثنين يغشى الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. وفى الأرض قطع
متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد
ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون. وإن تعجب
فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفى خلق جديد. أولئك الذين كفروا بربهم
وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. ويستعجلونك
بالسيئة قبل الحسنة
349

وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك
لشديد العقاب، ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر
ولكل قوم هاد.

(1) (قوله والمثلة لما بين) عبارة أبى السعود سميت بها لما بين الخ اه‍ مصححه.
350

الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار.
عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. سواء منكم من أسر القول ومن جهر به
ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار.
351

له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم
حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من
وال. هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ
352

السحاب الثقال. ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق
فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال
353

له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه
إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال. ولله يسجد من في
السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والأصال. قل من رب السماوات
354

والأرض؟ قل الله، قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا
ضرا، قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور أم جعلوا
لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد
القهار. أنزل من السماء ماء فسالت أودية
355

بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع
زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع
الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال. للذين استجابوا لربهم
الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به
أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد، أفمن يعلم
356

أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. الذين
يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق. والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل
ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب. والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا
الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة
357

أولئك لهم عقبى الدار. جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم
وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم
عقبى الدار. والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن
يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار
358

الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة
إلا متاع. ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من
يشاء ويهدى إليه من أناب الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله
تطمئن القلوب. الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب. كذلك
أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون
359

بالرحمن قل هو ربى لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب. ولو أن قرآنا سيرت
به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم يا يئس
الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا
360

تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف
الميعاد. ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله فكيف
كان عقاب. أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل
سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا)
361

مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد. لهم عذاب في الحياة
الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق. مثل الجنة التي وعد المتقون
تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين
النار. والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك، ومن الأحزاب من
ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه ادعوا وإليه مآب.
362

وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من
الله من ولي ولا واق. ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما
كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب. يمحو الله ما يشاء
ويثبت وعنده أم الكتاب. وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما
عليك البلاغ وعلينا الحساب. أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها
والله يحكم
363

لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب. وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا
يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار. ويقول الذين كفروا
لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب.
364

سورة إبراهيم عليه السلام
مكية. وهي إحدى وخمسون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى
صراط العزيز الحميد. الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين
من عذاب شديد.
365

الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا،
أولئك في ضلال بعيد. وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم
366

فيضل من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم. ولقد أرسلنا موسى بآياتنا
أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل
صبار شكور. وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون
يسومونكم سوء العذاب
367

ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم. وإذ تأذن
ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد. وقال موسى إن تكفروا
أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد. ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم
قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات
فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا
368

إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إلى مريب. قالت رسلهم أفي
الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل
مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا
369

بسلطان مبين. قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من
يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل
المؤمنون. وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى
الله فليتوكل المتوكلون. وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو
لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين. ولنسكننكم الأرض من
370

بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد. واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد.
من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد. يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل
مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ.
371

مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون
مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد. ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض
بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد. وما ذلك على الله بعزيز. وبرزوا لله
372

جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من
عذاب الله من شئ قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أو صبرنا ما لنا
من محيص.
373

وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما
كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم
ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت
374

بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم. وأدخل الذين آمنوا وعملوا
375

الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها
سلام. ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها
في السماء. تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم
يتذكرون. ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة
376

اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار. يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في
الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء * ألم تر إلى الذين
بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. جهنم يصلونها وبئس القرار.
377

وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار قل لعبادي
الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم
لا بيع فيه ولا خلال.
378

الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا
لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار. وسخر لكم
الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار. وآتاكم من كل ما سألتموه
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار. وإذ قال إبراهيم رب اجعل
هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام. رب إنهن أضللن كثيرا من الناس
379

فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم. ربنا إني أسكنت من ذريتي
بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس
تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون.
380

ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء.
الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء. رب
اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي
381

ربنا وتقبل دعاء. ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب. ولا يحسبن
الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. مهطعين مقنعي
رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. وأنذر الناس
382

يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك
ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال. وسكنتم في مساكن
الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال. وقد مكروا
مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال. فلا تحسبن الله
مخلف وعده رسله
383

إن الله عزيز ذو انتقام. يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله
الواحد القهار. وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد. سرابيلهم من قطران
384

وتغشى وجوههم النار. ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب.
هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب.
سورة الحجر
مكية. وهي تسع وتسعون آية
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين.
385

ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل
فسوف يعلمون.
386

وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم. ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون.
وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون. لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت
من الصادقين. ما تنزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا منظرين.
387

إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين.
وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون. كذلك نسلكه في قلوب المجرمين
لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين. ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه
يعرجون.
388

لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون. ولقد جعلنا في السماء بروجا
وزيناها للناظرين. وحفظناها من كل شيطان رجيم. إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب
مبين. والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شئ موزون. وجعلنا
لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين. وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله
إلا بقدر معلوم. وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما
أنتم له بخازنين. وإنا لنحن نحيي ونميت
389

ونحن الوارثون. ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين. وإن
ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم. ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ
مسنون. والجان خلقناه من قبل من نار السموم. وإذ قال ربك للملائكة إني خالق
بشرا من صلصال من حمإ مسنون. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له
ساجدين. فسجد الملائكة كلهم أجمعون. إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين.
قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين. قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من
390

صلصال من حمإ مسنون. قال فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك اللعنة إلى يوم
الدين. قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون. قال إنك من المنظرين. إلى يوم
الوقت المعلوم. قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين.
إلا عبادك منهم المخلصين. قال هذا صراط علي مستقيم. إن عبادي ليس لك عليهم
سلطان إلا من اتبعك من الغاوين. وإن جهنم لموعدهم أجمعين. لها سبعة أبواب
لكل باب منهم جزء مقسوم. إن المتقين في جنات وعيون.
391

ادخلوها بسلام آمنين. ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين.
لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين. نبئ عبادي إني أنا الغفور الرحيم. وأن عذابي
هو العذاب الأليم. ونبئهم عن ضيف إبراهيم. إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا
منكم وجلون. قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم. قال أبشرتموني على أن مسني
الكبر فبم تبشرون.
392

قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطيين. قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون.
قال فما خطبكم أيها المرسلون. قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين. إلا آل لوط إنا
لمنجوهم أجمعين. إلا امرأته
393

قدرنا إنها لمن الغابرين. فلما جاء آل لوط المرسلون. قال إنكم قوم منكرون. قالوا
بل جئناك بما كانوا فيه يمترون. وأتيناك بالحق وإنا لصادقون. فأسر بأهلك
بقطع من الليل.
394

واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون. وقضينا إليه ذلك
الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين. وجا أهل المدينة يستبشرون. قال إن هؤلاء
ضيفي فلا تفضحون. واتقوا الله ولا تخزون. قالوا أو لم ننهك عن العالمين. قال
395

هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين. لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون. فأخذتهم
الصيحة مشرقين. فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل. إن في
ذلك لآيات للمتوسمين. وإنها لبسبيل مقيم. إن في ذلك لآية للمؤمنين. وإن
كان أصحاب الأيكة لظالمين. فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين. ولقد كذب
أصحاب الحجر المرسلين. وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين. وكانوا ينحتون
من الجبال بيوتا آمنين. فأخذتهم الصيحة مصبحين. فما أغنى عنهم
396

ما كانوا يكسبون. وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة
لآتية فاصفح الصفح الجميل. إن ربك هو الخلاق العليم. ولقد آتيناك سبعا من
المثاني والقرآن العظيم. لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم
397

ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين. وقل إني أنا النذير المبين. كما
أنزلنا على المقتسمين. الذين جعلوا القرآن عضين.
398

فوربك لنسألنهم أجمعين. عما كانوا يعملون. فاصدع بما تؤمر وأعرض عن
المشركين. إنا كفيناك المستهزئين، الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون.
ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين.
وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين.

(1) (قوله الحرث بن قيس) كتب عليه: إنما يصح إذا كان الطلاطلة لقب
قيس وإلا فليس من المعدودين قبل اه‍. وعبارة أبي السعود
في اللف والحرث: بن قيس ابن الطلاطلة اه‍ كتبه مصححه.
399

سورة النحل
مكية. وهي مائة وثمان وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون. ينزل الملائكة بالروح
من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون. خلق السماوات
400

والأرض بالحق تعالى عما يشركون. خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين.
والأنعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون
وحين تسرحون. وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن
401

ربكم لرءوف رحيم. والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون.
402

وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين. هو الذي أنزل من
السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون. ينبت لكم به الزرع والزيتون
والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون. وسخر
403

لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات
لقوم يعقلون. وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم
يذكرون. وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية
تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. وألقى في
الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون. وعلامات
404

وبالنجم هم يهتدون. أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون. وإن تعدوا نعمة
الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم. والله يعلم ما تسرون وما تعلنون. والذين تدعون
من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون.
405

أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون. إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون
بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون. لا جرم أن الله يعلم من يسرون وما يعلنون إنه
لا يحب المستكبرين. وإذا قيل لهم ما ذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين. ليحملوا
أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون. قد
406

مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم
وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون. ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي
الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على
الكافرين. الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من
سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون. فأدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس
مثوى المتكبرين. وقيل للذين اتقوا ما ذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا
في هذه الدنيا حسنة
407

ولدار الآخرة خير ولنعم الدار المتقين. جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها
الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين. الذين تتوفاهم الملائكة
طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. هل ينظرون إلا أن
تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله
ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به
يستهزئون. وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا
408

ولا حرمنا من دونه من شئ كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ
المبين. ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى
الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين.
إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين. وأقسموا بالله
جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
409

ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين. إنما قولنا
لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون. والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا
لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون. الذين صبروا
410

وعلى ربهم يتوكلون. وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم فاسألوا أهل
الذكر إن كنتم لا تعلمون. بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس
ما نزل إليهم لعلهم يتفكرون. أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم
الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون. أو يأخذهم في تقلبهم فما هم
بمعجزين. أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم. أو لم يروا إلى
ما خلق الله
411

من شئ يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون. ولله يسجد ما في
السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون. يخافون ربهم من فوقهم
412

ويفعلون ما يؤمرون * وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون.
وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون. وما بكم من نعمة فمن
الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون. ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم
يشركون. ليكفروا بما آتيناهم
413

فتمتعوا فسوف تعلمون. ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما
كنتم تفترون. ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون. وإذا بشر أحدهم
بالأنثى ظل وجهه مسود وهو كظيم. يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه
على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون. للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل
السوء ولله المثل الأعلى
414

وهو العزيز الحكيم. ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم
إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. ويجعلون لله
ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم
مفرطون. تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم
اليوم ولهم عذاب أليم.
415

وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم
يؤمنون. والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية
لقوم يسمعون. وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث
ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين. ومن ثمرات النخيل والأعناب
416

تتخذون منه سكر ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون. وأوحى ربك إلى
النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الجشر ومما يعرشون.
417

ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف
ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون. والله خلقكم ثم يتوفاكم
ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا
418

إن الله عليم قدير. والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي
رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون؟. والله جعل لكم
من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات
أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون؟. ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم
رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون.
419

فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون. ضرب الله مثلا عبدا مملوكا
لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا
420

هل يستوون؟ الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون. وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم
لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن
يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم. ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة
إلا كلمح البصر أو هو أقرب
421

إن الله على كل شئ قدير. والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا يعلمون شيئا وجعل
لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون. ألم يروا إلى الطير مسخرات في
جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون. والله جعل لكم
من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم
ويوم إقامتكم، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين. والله جعل
لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا
422

وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم
لعلكم تسلمون. فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين. يعرفون نعمت الله ثم
ينكرونها وأكثرهم الكافرون. ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين
كفروا ولا هم يستعتبون. وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم
ولا هم ينظرون
423

وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من
دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون. وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم
ما كانوا يفترون. الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما
كانوا يفسدون. ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا
على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان
424

وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. وأوفوا
بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقصوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا
إن الله يعلم ما تفعلون. ولا تكونوا
425

كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة
هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون.
ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن
عما كنتم تعملون.
426

ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم
عن سبيل الله ولكن عذاب عظيم. ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله
هو خير لكم إن كنتم تعلمون. ما عندكم ينفد وما عند الله باق وليجزين
الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون. من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو
مؤمن فلنحيينه حياة طبية ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.
427

فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. إنه ليس له سلطان على الذين
آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به
مشركون. وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر
بل أكثرهم لا يعلمون. قل نزله روح القدس
428

من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين. ولقد نعلم
أنهم يقولون إنما يعمله بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي
مبين. إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم. إنما يفتري
الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون. من كفر
429

بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر
صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا
على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين: أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم
وأبصارهم وأولئك هم الغافلون. لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون. ثم إن ربك
للذين هاجروا من بعد فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها
430

لغفور رحيم. يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم
لا يظلمون. وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان
فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف
431

بما كانوا يصنعون. ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون.
فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون. إنما
حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا
عاد فإن الله غفور رحيم. ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام
432

لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. متاع قليل ولهم
عذاب أليم. وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن
كانوا أنفسهم يظلمون. ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد
ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم. إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا
433

ولم يك من المشركين. شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم. وآتيناه
في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين. ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة
إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه
434

وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. ادع إلى سبيل ربك
بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن بك هو أعلم بمن ضل
عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين. وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم
لهو خير للصابرين. واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في
ضيق مما يمكرون. إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
435

سورة الإسراء
مكية. وهي مائة وعشر آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الذي أسرى بعده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي
436

باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. وآتينا موسى الكتاب وجعلناه
هدى لبني إسرائيل
437

ألا يتخذوا من دوني وكيلا. ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا وقضينا
إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا. فإذا جاء
وعد أولاهما
438

بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا.
ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا. إن
أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم
وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا. عسى ربكم أن
يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا. إن هذا القرآن يهدي للتي
هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا.
439

وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما. ويدع الإنسان بالشر دعاءه
بالخير وكان الإنسان عجولا. وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل
وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب
وكل شئ فصلنا تفصيلا. وكل إنسان ألزمناه طائره
440

في عقنه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك
اليوم عليك حسيبا. من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا
تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.
441

وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها
تدميرا.
442

وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبير بصيرا. من
كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما
مدحورا. ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا.
كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا. انظر كيف
443

فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا. لا تجعل مع الله
إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا. وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا
إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما
444

قولا كريما. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما
ربياني صغيرا.
445

ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا. وآت
ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا. إن المبذرين كانوا إخوان
الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا. وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك
446

ترجوها فقل لهم قولا ميسورا. ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل
البسط فتقعد ملوما محسورا. إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده
447

خبيرا بصيرا. ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان
خطأ كبيرا. ولا تقربوا الزنا إن كان فاحشة وساء سبيلا. ولا تقتلوا النفس التي
حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل
إنه كان منصورا. ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا
بالعهد إن العهد كان مسؤولا.
448

وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا.
ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا
ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا.
449

كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها. ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة
ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا أفأصفاكم ربكم بالبنين
واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما. ولقد صرفنا في هذا القرآن
ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا. قل لو كان معه آلهة كما تقولون إذا
450

لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا. سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. تسبح له
السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون
تسبيحهم إنه كان حليما غفورا. وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين
لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا
451

وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن
وحده ولوا على أدبارهم نفورا. نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ
هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا. انظر كيف ضربوا لك
الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا. وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون
خلقا جديدا. قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون
من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة
452

فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا. يوم يدعوكم
فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا. وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن
إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا. ربكم أعلم بكم
إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا. وربك أعلم بمن
في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا.
453

قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا. أولئك
الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون
عذابه إن عذاب ربك كان محذورا. وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم
القيامة أو معذبوها عذابا شديدا، كان ذلك في الكتاب مسطورا. وما منعنا أن نرسل
بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل
بالآيات إلا تخويفا. وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس
454

وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن
ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا. وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا
455

إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا. قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن
أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا. قال اذهب فمن تبعك منهم فإن
جهنم جزاؤكم جزاء موفورا. واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد
456

وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى
بربك وكيلا. ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان
بكم رحيما. وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر
أعرضتم وكان الإنسان كفورا. أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر
457

أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا. أم أمنتم أن يعيدكم فيها تارة
أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا
به تبيعا. ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات
وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا.
458

يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا
يظلمون فتيلا. ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا.
459

وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك
خليلا. ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. إذا لأذقناك ضعف
الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا.
460

وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا.
461

سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا. أقم الصلاة لدلوك
الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا. ومن الليل
فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا. وقل رب أدخلني مدخل
صدق وأخرجني مخرج صدق
462

واجعل لي من لدنك سلطان نصيرا. وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين.
463

إلا خسارا. وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا.
قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا. ويسألونك عن
الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا. ولئن شئنا لنذهبن
بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا. إلا رحمة من ربك إن فضله
464

كان عليك كبيرا. قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن
لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن
من كل مثل فأبي أكثر الناس إلا كفورا. وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من
الأرض ينبوعا. أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا.
أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة
465

قبيلا. أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى
تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا. وما منع الناس أن
يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا. قل لو كان في الأرض
ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا.
466

قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا. ومن يهد الله فهو
المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم
عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا. ذلك جزاؤهم بأنهم
كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا. أولم يروا
أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا
لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا. قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا
467

لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا. ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات
فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا. قال
لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون
468

مثبورا. فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا. وقلنا من بعده
لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا. وبالحق أنزلناه
وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا. وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على
مكث ونزلناه تنزيلا. قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا
يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا. ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا
لمفعولا. ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا.
469

قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك
ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا. وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا.
470

سورة الكهف
مكية. وهى مائة وإحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. قيما
471

لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم
أجرا حسنا. ماكثين فيه ابدا. وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا. مالهم به من علم
ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.
472

فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا. إنا جعلنا
ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا. وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا
جرزا. أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا. إذ أوى الفتية
إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا. فضربنا على
آذانهم في الكهف سنين عددا. ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين
473

أحصى لما لبثوا أمدا. نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم
وزدناهم هدى. وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن
ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا. هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا.
474

وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ
لكم من أمركم مرفقا. وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين
وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله
فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. وتحسبهم أيقاظا وهم رقود
ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت
475

عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا. وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال
قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم
فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر
476

أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا. إنهم إن
يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا. وكذلك
أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها، إذ يتنازعون بينهم
أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن
عليهم مسجدا.
477

سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب
ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل.
478

فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا. ولا تقولن لشئ إني
فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله
479

واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشدا.
480

ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات
والأرض أبصر به وأسمع مالهم من دونه من ولى ولا يشرك في حكمه أحدا. واتل
ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا. واصبر
نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم
481

تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره
فرطا. وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين
نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه
482

بئس الشراب وساءت مرتفقا. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر
من أحسن عملا. أولئك لهم جنات عدن تجرى من تحتهم الأنهار يحلون فيها
من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على
الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا * وأضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما
جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا. كلتا الجنتين آتت
483

أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا. وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو
يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا. ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن
أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرا منها
منقلبا. قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة
ثم سواك رجلا. لكنا هو الله ربى ولا أشرك بربى أحدا. ولولا إذ دخلت جنتك قلت
484

ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا. فعسى ربى أن يؤتين خيرا
من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا. أو يصبح ماؤها
غورا فلن تستطيع له طلبا. وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهى
خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربى أحدا. ولم تكن له فئة ينصرونه من
485

دون الله وما كان منتصرا. هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا. واضرب
لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح
هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شئ مقتدرا. المال والبنون زينة الحياة الدنيا
والباقيات الصالحات
486

خير عند ربك ثوابا وخير أملا. ويوم تسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم
فلم نغادر منهم أحدا. وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة
بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا. ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما
فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها
ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا. وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا
إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه
487

أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا. ما أشهدتهم
خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا.
ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا
بينهم موبقا.
488

ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا. ولقد صرفنا في
هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شئ جدلا. وما منع الناس أن
يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب
قبلا. وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين، ويجادل الذين كفروا بالباطل
ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزؤا. ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه
فأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم
وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا. وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم
بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا. وتلك القرى
489

أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا. وإذا قال موسى لفتاه لا أبرح حتى
أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا. فلما بلغا مجمع بينهما
490

نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا. فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد
لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت
وما أنسانيه إلا الشيطان
491

أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا. فال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما
قصصا. فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما. قال
له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا. قال إنك لن تستطيع معي صبرا.
وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى
492

لك أمرا. قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذلك. فانطلقا
حتى إذا ركبا في السفينة خرقا قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا.
فال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا. قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني
من أمري عسرا. فانطلقا حتى إذا لقينا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زاكية بغير
نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن نستطيع معي صبرا.
493

قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا. فانطلقا حتى إذا
أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض
494

فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجرا. قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك
بتأويل مالم تستطع عليه صبرا. أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر
فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا.
495

وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا. فأردنا أن
يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في
المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما
ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل مالم تسطع عليه
صبرا. ويسألونك عن ذي القرنين أقل سأتلوا عليكم منه ذكرا. إنا مكنا له
في الأرض وآتيناه
496

من كل شئ سببا. فاتبع سببا. حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها
قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا.
قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا. وأما من آمن وعمل
صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له
497

من أمرنا يسرا. ثم اتبع سببا. حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على
قوم لم نجعل لهم من دونها سترا. كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا. ثم اتبع
سببا. حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا.
قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على
498

أن تجعل بيننا وبينهم سدا. قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم
وبينهم ردما. آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى
إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا. فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا
له نقبا. قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله دكا وكان وعد ربى حقا.
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا.
499

وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا. الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى
وكانوا لا يستطيعون سمعا. أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء
إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا. قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل
سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. أولئك الذين كفروا
بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا. ذلك جزاؤهم
جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزؤا. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات
كانت لهم جنات الفردوس نزلا. خالدين فيها لا يبغون عنها حولا. قل لو كان
البحر مدادا لكلمات ربى
500

لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا. قل إنما أنا بشر مثلكم
يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا
ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.
سورة مريم
مكية. وهى تسعون وثمان أو تسع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
501

كهيعص. ذكر رحمت ربك عبده زكرياء. إذ نادى ربه نداء خفيا. قال
رب إني وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكل بدعائك رب شقيا. وإني
خفت الموالى من وراءى وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا. يرثني ويرث من
502

آل يعقوب واجعله رب رضيا. يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل
له من قبل سميا. قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من
الكبر عتيا. قال كذلك قال ربك هو على هي
503

وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا. قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس
ثلاث ليال سويا. فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا.
يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا. وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا.
وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا. وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث
حيا. واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا. فاتخذت من
504

دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا. قالت إني أعوذ بالرحمن
منك إن كنت تقيا. قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا. قالت أنى
يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا. قال كذلك قال ربك هو على هين
ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا.
505

فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني
مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا.
506

فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا. وهزي إليك بجذع النخلة
تساقط عليك رطبا جنيا. فكلى واشربي وقرى عينا فإما ترين من البشر أحدا
فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا. فأتت به قومها تحمله
قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا
507

يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا. فأشارت إليه قالوا كيف
نكلم من كان في المهد صبيا. قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا
وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا. وبرا بوالدتي
ولم يجعلني جبارا شقيا. والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا
ذلك عيسى ابن مريم
508

قول الحق الذي فيه يمترون. ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا
فإنما يقول له كل فيكون. وأن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم *
فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيمه. أسمع بهم
وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين. وأنذرهم يوم الحسرة
إذ قضى الأمر
509

وهم في غفلة وهم لا يؤمنون. إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون.
واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا. إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد
510

ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا. يا أبت إني قد جاءني من العلم مالم
يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا. يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان
للرحمن عصيا. يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان
وليا. قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم: لئن لم تنته لأرجمنك
واهجرني مليا.
511

قال سلام عليك سأستغفر لك ربى إنه كان بي حفيا. وأعتزلكم وما تدعون
من دون الله وأدعو ربى عسى ألا أكون بدعاء ربى شقيا. فلما اعتزلهم وما يعبدون
من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا. ووهبنا لهم من رحمتنا
وجعلنا لهم لسان صدق عليا. واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا
نبيا. وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا.
512

ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا. واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق
الوعد وكان رسولا نبيا. وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا
واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا. ورفعناه مكانا عليا.
513

أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن
ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا
سجدا وبكيا. فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف
يلقون غيا. إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون
شيئا. جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده
514

مأتيا. لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا * تلك الجنة التي
515

نورث من عبادنا من كان تقيا. وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا
وما بين ذلك وما كان ربك نسيا. رب السماوات والأرض وما بينهما
516

فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا. ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف
أخرج حيا.
517

أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا. فوربك لنحشرنهم والشياطين
ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا. ثم لننزعن من كل شيعة
518

أيهم أشد على الرحمن عتيا. ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا
519

وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، ثم ننجى الذين اتقوا ونذر
الظالمين فيها جثيا. وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا
520

للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا. وكم أهلكنا قبلهم من قرن
هم أحسن أثاثا ورءيا. قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا
ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة
521

فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا. ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات
الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا. أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال
لأوتين مالا وولدا. أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا.
522

كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا. ونرثه ما يقول ويأتينا فردا.
واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا. كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون
عليهم ضدا. ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا. فلا تعجل عليهم
523

إنما نعد لهم عدا. يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا. ونسوق المجرمين إلى
جهنم وردا. لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا. وقالوا اتخذ
الرحمن ولدا. لقد جئتم شيئا.
524

إدا. تكاد السماوات ينفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا
525

أن دعوا للرحمن ولدا. وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا. إن كل من في السماوات
والأرض إلا آتي الرحمن عبدا. لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة
فردا. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن
526

ودا. فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا. وكم أهلكنا
قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا.
527

سورة طه
مكية. وهى مائة وأربع وثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
طه. ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى.
528

إلا تذكرة لمن يخشى. تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى. الرحمن
529

على العرش استوى. له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.
وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى. الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى.
وهل أتاك حديث موسى.
530

إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلى آتيكم منها بقبس أو أجد
على النار هدى. فلما أتاها نودي يا موسى. إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد
المقدس طوى. وأنا اخترتك فاستمع
531

لما يوحى. إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى. إن الساعة آتية
أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى. فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع
هواه فتردى.
532

وما تلك بيمينك يا موسى؟ قال هي عصاي أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولى
فيها مآرب أخرى. قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا حية تسعى. قال خذها ولا تخف
سنعيدها سيرتها الأولى. واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية
533

أخرى. لنريك من آياتنا الكبرى. اذهب إلى فرعون إنه طغى.
534

قال رب اشرح لي صدري. ويسر لي أمري. واحلل عقدة من لساني يفقهوا
قولي. واجعل لي وزيرا من أهلي. هارون أخي. أشدد به أزرى. وأشركه في أمري.
كي نسبحك كثيرا. ونذكرك كثيرا.
535

إنك كنت بنا بصيرا قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ولقد مننا عليك مرة أخرى.
إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى. أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم
بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عيني.
536

إذ تمشى أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها
ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين
ثم جئت على قدر يا موسى. واصطنعتك لنفسي. أذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا
في ذكرى. اذهبا إلى فرعون إنه طغى.
537

فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى. قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا
أو أن يطغى. قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى. فأتياه فقولا إنا رسولا ربك
فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم
538

قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى. إنا قد أوحى إلينا أن العذاب
على من كذب وتولى. قال فمن ربكما يا موسى؟ قال ربنا الذي أعطى كل شئ
خلقه ثم هدى. قال فما بال القرون الأولى. قال علمها عند ربى في كتاب لا يضل
ربى ولا ينسى.
539

الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا
به أزواجا من ثبات شتى. كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولى النهى.
منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
540

ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى. قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك
يا موسى. فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا
541

لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى قال. موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى.
فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى. قال لهم موسى ويلكم
542

لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى فتنازعوا أمرهم
بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذين لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم
بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى. فاجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح
اليوم من استعلى
543

قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون أول من ألقى. قال بل ألقوا فإذا حبالهم
وعصيهم يخيل إليه من سحر هم أنها تسعى. فأوجس في نفسه خيفة موسى. قلنا
لا تخف إنك أنت الأعلى. وألق ما في يمينك
544

تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى. فألقى السحرة
سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى. قال أأمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبير كم
545

الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع
النخل ولتعلمن أينا أشد وأبقى. قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات
والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا. إنا آمنا بربنا ليغفر
لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى. إنه من يأت ربه مجرما فإن
له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى. ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم
الدرجات العلى. جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من
تزكى. ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا.
546

لا تخاف دركا ولا تخشى. فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم. وأضل
فرعون قومه وما هدى. يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب
الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى. كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه
فيحل عليكم غضبى
547

ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى. وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا
ثم اهتدى. وما أعجلك عن قومك يا موسى. قالوا هم أولاء على أثرى
548

وعجلت إليك رب لترضى. قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري
فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال
عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي. قالوا
549

ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك
ألقى السامري. فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى
أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا. ولقد قال لهم هارون
من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري. قالوا لن
نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى. قال يا هارون ما منعك إذا رأيتهم
ضلوا. ألا تتبعن أفعصيت أمري. قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني
550

خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي. قال فما خطبك
يا سامري. قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها
وكذلك سولت لي نفسي. قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن
لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم
551

لننسفنه في اليم نسفا. إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ
علما. كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا. من
أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا. خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا.
يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا. يتخافتون بينهم إن لبثتم
إلا عشرا.
552

نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما. ويسألونك عن
الجبال فقل ينسفها ربى نسفا. فيذرها قاعا صفصفا. لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.
يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن
553

فلا تسمع إلا همسا. يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له
فولا. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما. وعنت الوجوه للحي
القيوم وقد خاب من حمل ظلما. ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف
ظلما ولا هضما. وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون
أو يحدث لهم ذكرا. فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى
554

إليك وحيه وقل رب زدني علما. ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له
عزما. وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى. فقلنا يا آدم
إن هذا عدولك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى.
555

إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى. وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى. فوسوس إليه
الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد
556

وملك لا يبلى. فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق
الجنة وعصى آدم ربه فغوى. ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. قال اهبطا منها
جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا
يشقى. ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة
557

ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى. قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا.
قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى. وكذلك نجزى من
أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى. أفلم يهد لهم كم
أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولى النهى
ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى.
558

فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن
آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى. ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به
أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا
559

لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى. وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك
رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى. وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أو لم تأتهم
بينة ما في الصحف الأولى. ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت
إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى. قل كل متربص فتربصوا
فستعلمون من أصحاب الصراط السوى ومن اهتدى.
560

سورة الأنبياء
مكية. وهى مائة واثنتا عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون. ما يأتيهم من ذكر من ربهم
561

محدث إلا استمعوه وهم يلعبون. لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا
هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون.
562

قال ربى يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم. بل قالوا أضغاث
أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون. ما آمنت قبلهم
من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون. وما أرسلنا قبلك إلا رجالا يوحى إليهم فاسألوا
أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. وما جعلناهم جسدا
563

لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين. ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء
وأهلكنا المسرفين. لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون. وكم قصمنا
من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين. فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها
يركضون. لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون.
564

قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين. فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين.
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين. لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه
من لدنا إن كنا فاعلين. بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق
565

ولكم الويل مما تصفون. وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون
عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون. أم اتخذوا آلهة
من الأرض هم ينشرون.
566

لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون.
567

لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم
568

هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون. وما
أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون. وقالوا اتخذ الرحمن
ولدا سبحانه بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين
أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون.
569

ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين. أولم
ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ
حي أفلا يؤمنون. وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا
لعلهم يهتدون.
570

وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون. وهو الذي خلق الليل
والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون. وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن
مت فهم الخالدون.
571

كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون. وإذا رآك
الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوأ أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن
هم كافرون. خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتي فلا تستعجلون. ويقولون متى هذا
الوعد إن كنتم صادقين.
572

لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم
ينصرون. بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون. ولقد
استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون. قل
من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون. أم لهم
آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون.
573

بل متعنا هؤلاء وآباؤهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتى الأرض
ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون. قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا
ما ينذرون. ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين. ونضع
الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل
574

أتينا بها وكفى بنا حاسبين. ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء وذكرا
للمتقين. الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون. وهذا ذكر مبارك
أنزلناه أفأنتم له منكرون. ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين.
إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون. قالوا وجدنا آباءنا لها
عابدين. قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين. قالوا أجئتنا بالحق أم أنت
من اللاعبين.
575

قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين.
وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين. فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم
إليه يرجعون. قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين. قالوا سمعنا فتى
يذكرهم يقال له إبراهيم.
576

قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون. قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا
يا إبراهيم. قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون. فرجعوا إلى أنفسهم
فقالوا إنكم أنتم الظالمون. ثم نكثوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون
من دون الله أفلا تعقلون. قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم
577

إن كنتم فاعلين. قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم. وأرادوا به كيدا
فجعلناهم الأخسرين. ونجيناه ولو طا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين. ووهبنا
له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين. وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا
578

وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين. ولوطا
آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا
قوم سوء فاسقين. وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين. ونوحا إذ نادى من قبل
فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم. ونصرناه من القوم الذين كذبوا
بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين. وداود وسليمان إذ يحكمان
في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين.
579

ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير
وكنا فاعلين. وعلمناه صنعة لبوس لكم ليحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون.
ولسليمان الريح عاصفة تجرى بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شئ
عالمين. ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين.
وأيوب إذ نادى ربه أنى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين. فاستجبنا له فكشفنا
ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين.
وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين. وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من
580

الصالحين. وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات
581

أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من
الغم وكذلك ننجى المؤمنين. وزكرياء إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت
خير الوارثين. فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون
في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين. والتي أحصنت فرجها
فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين. إن هذه أمتكم أمة واحدة
582

وأنا ربكم فاعبدون. وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون. فمن يعمل من
الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون. وحرام على قرية أهلكناها
أنهم لا يرجعون. حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج
583

وهم من كل حدب ينسلون. واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا
يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين. إنكم وما تعبدون من دون الله
حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون. لهم
فيها زفير وهم فيها لا يسمعون. إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون.
584

لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون. لا يحزنهم الفزع الأكبر
وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون. يوم نطوى السماء كطي
السجل للكتاب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين.
585

ولقد كتبنا في الزبر من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون. إن في
هذا لبلاغا لقوم عابدين. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. قل إنما يوحى إلى أنما
إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون. فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدرى
أقريب أم بعيد ما توعدون. إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون. وإن أدرى
لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين
586

قل رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون.
انتهى الجزء الثاني من تفسير الكشاف، ويليه الجزء الثالث وأوله:
سورة الحج
587